أرجو قراءة ما سأقول بتمعن وإنصاف ..
بداية والله أستغرب من الذي يريد أن يعرف ويعلم ولايطلع بنفسه ويقرأ ويبحث ؟
البعض يريد العلم والايمان دون جهاد وبحث وتنقيب ..
فوالله المطلع العارف الذي نور الله قلبه بالايمان يرى أن هذه الاسئلة من البديهيات والتي لايجب أن يقف عندها مسلم
ويرى أن أي جواب مهما كان مفصلاً سوف يكون ظالماً ومختصراً ولايعطي الحقيقة حقها ولايفي السائل جوابه كما لو اطلع بنفسه وعرف ..
لذلك أنا سأكتب هذا الرد المختصر وأرجو ان يطلع عليه الشيعي قبل أي شخص آخر لان هناك بعض الشيعة يحتاجون فعلاً الى توعية وتثقيف أكثر من غيرهم وهذا ليس عيباً طبعاً إنما هو حث على الجهاد في طلب العلم والاستمرار في السؤال دون شك أو هوادة ؟
عموماً وياختصار شديد جداً
الرسول أعلن الاتحاد النوراني بينه وبين الحسين عليه السلام بقوله
حسين مني وأنا من حسين ...
هذه الجملة ليست مقولة عابرة قالها الرسول الأكرم صلوات الله عليه لحفيده الصغير الذي لم يتجاوز من العمر ساعتها ست سنوات على أبعد التقادير ..؟!
بل كانت قاعدة دينية متأصلة أعلنها للخلق يؤكد من خلالها أن نهج الحسين عليه السلام بعد الرسول وعلى مدى حياته سيكون هو نهج الرسول وهو إحياء للدين الصحيح
حسين منه ليس لحمة ودماً فحسب بل روحاً ونهجاً وعقيدة ..فلا قيمة للقرابة أمام النهج والعقيدة فكما لم ينفع ابن نوح رحمه ما كان لينفع الحسين رحمه من رسول الله لو أنه شذ والعياذ بالله عن نهجه وقد تجلى ذلك بقول الحسين عليه السلام:
- لن تشذ عن رسول الله لحمته -
وأنا من حسين ؟كيف يكون الرسول من الحسين ؟
إلا للدلالة على أن الرسول ونهجه يولد من جديد من خلال الحسين ومن خلال الأئمة من ولده فكأن كل إمام يأتي من ذرية الحسين هو ميلاد جديد للرسول الكريم فكان الرسول يولد بنهجه ورسالته من الحسين مراراً ..
وعليه نرى أن الحسين هو الرسول والرسول هو الحسين
فحديث حسين مني وانا من حسين ..فيه دلالة واضحة كون المصطفى صفوة الرسل والانبياء وبالتالي الحسين الذي هو بضعة من ذات الرسول هو ايضاً صفوة الرسل والانبياء فالقبس من النور نور والجزء من الجوهر جوهر ..
ثانياً أهل الكساء هم نور واحد وهم الذين طهرهم الله تطهيرا وأذهب عنهم الرجس ولأجلهم خلق الله الخلق وليس أي مخلوق يدرك مكانتهم وعلو منزلتهم وهم محط اختبار كل الأنبياء والرسل ..
والحسين عليه السلام وارث علم الأنبياء وعلم الأولين والآخرين لأن علمه علم أبيه وعلم أبيه علم رسول الله صلى الله عليه وآله والذي لم يحصله نبي قبله ولايوجد نبي بعده وبالتالي ماعند الحسين عليه السلام لايوجد عند غيره من الأنبياء ..
وكل شيعي يقرأ دعاء زيارة وارث ( وهو عن الحسين عليه السلام ) وفيه جواب وشفاء لمن أراد المعرفة دون تعنت ولاجهل ؟
قال الامام الباقر عليه السلام لجابر الجعفي:
ياجابر كان الله ولاشيء غيره ولامعلوم ولامجهول فأول ماابتدأ من خلق خلقه محمداً وخلقنا اهل البيت معه من نوره وعظمته فأوقفنا اظلة خضراء بين يديه حيث لاسماء ولاأرض ولامكان ولاليل ولانهار ولاشمس ولاقمر نورنا من نور ربنا كشعاع الشمس من الشمس نسبح الله ونقدسه ونحمده ونعبده حق عبادته "
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله :" نحن اهل بيت لايقاس بنا أحد "
وكلمة لايقاس بنا احد فيها اطلاق يعني لابشر ولا ملك ولانبي ولامرسل
ثالثاً لو أخذنا موقف الحسين عليه السلام وحده في كربلاء وطريقة شهادته ومبلغ تضحيته لكفى وحده شاهداً أنه مامن نبي من الأنبياء ضحى تضحيته وتحمل ماتحمله وعانى ماعاناه رغم كل المصائب التي حلت بهم والتضحيات التي قدموها ..
ولكن ماصبر عليه الحسين كان كاف ليكون جامعاً لكل مصائب الأنبياء والرسل وكل هذا لأجل الدين وفي سبيل الله وفي سبيل رسالته ..
ولامبالغة ولاغلو كمايزعم بعض الجهلة في القول أنه لولا الحسين لاندرست آثار الرسالة فالقول أن الله سبحانه وتعالى قد تكفل بحفظ الرسالة لايناقض القول بأن الحسين عليه السلام ضحى بنفسه وأهل بيته لأجل حفظ الرسالة فالحفظ يكون بسبب ومسبب
كما أن الله أظهر رسالته على يد نبيه فهو قد حفظ رسالته على يد وليه ..فلو أن الحسين كان من القاعدين كباقي المسلمين الضعفاء المستكينين عن الجهاد والمواجهة في تلك الفترة ورضي بما رضوا به وتقبل ظلم يزيد وجوره وتحريفه لأحكام الشريعة ولسنة النبي الاعظم وبايع طاغوت عصره لصارت هذه سنة من بعده ولاقتدى كل المسلمين به وآثروا السكوت والخنوع على الجهاد في سبيل إعلاء كلمة الحق والنبي يقول أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ..وهل أحق من الحسين من أن يكون أول المجاهدين ؟
لذلك نجده لم يأبه بكل من دعاه الى الخنوع والسكوت وعدم الخروج لأجل سلامة نفسه رغم معرفته ان خروجه هو طريق استشهاده
لكنه هو لم يكن كالباقين ولم يفضل سلامته على سلامة الدين ..
ولذلك قال فيماقال "....ونفوس أبيه وأنوف حميه من أن نفضل موت الكرام على العيش مع اللئام "
وقال :" موت في عز خير من حياة في ذل .."
وقال :" إن كان دين محمد لم يستقم الابقتلي فياسيوف خذيني " وهذا أكبر شعار رفعه الحسين للدلالة على ان خروجه وتضحيته واستشهاده هو في سبيل اقامة الدين وحفظه ولهذا كان الاسلام محمدي الوجود حسيني البقاء
وبالعودة للفكرة الأساسية وهي قولنا ان تضحية الحسين عليه السلام وحدها وطريقة استشهاده وحجم تضحياته ومبلغ جهاده كاف لئن تعطيه منزلة اعلى من منزلة كل الأنبياء ..فلسنتدل بذلك على أقوال من هم ليسوا بشيعة ..حتى تكون الحجة أقوى والفكرة أكمل ..ثم نحكم العقل في صحة القول ونقارنه مع الواقع لنجده صحيحاً وموافقاً لماورد في أحاديث الائمة وفي زيارة وارث
وطبعاً نحن عندما نستشهد بآراء علماء وادباء وباحثين في التاريخ الاسلامي من مختلف الاديان لانه كمايقال الفضل مادانت به الاعداء
وللدلالة ان الحق عندما يسطع ويصل الى اوج نوره لاينكره الا الاعمى وقد يكون الاعمى مسلم والبصير غير مسلم ؟ لان الحق وقوله لايقتصر على طائفة او مذهب بل على الانسان ونفاذ بصيرته ومدى سعيه للحق :
فمثلاً يقول احد كبار المفكرين المسيحيين انطون بارا مبيناً حجم التضحية التي قدمها الحسين والمصائب التي تحملها مما لم تمر على نبي من الانبياء رغم تاريخهم الحافل بالمصائب والتضحيات :
" فأي رسول زرع في جسده اكثر من مئة نبلة وأكثر من أربعين طعنة وأي نبي قتله العطش مثل مافعل بالحسين؟ وهاهو قائد الشهداء وسيدهم يرمى بسهم بجبهته ويضرب بحجر فيها ويطعن على قلبه بسهم ذي ثلاث شعب ويرمى في حلقه ويضرب على عاتقه ويطعن في ترقوته وبصدره ونحره وبجنبه ويسلب وتقطع اصبعه من اجل خاتم وتقطع يده اليمنى ثم اليسرى من اجل تكة سروال ويحتز رأسه الشريف ويوطأ بعشر من الخيل صدراً وظهراً ثم يحمل رأسه على سن ورمح الى دمشق حيث يوضع بمهانة أمام الفاسق يزيد لينكث ثناياه بالقضيب ويعلق في سوق الصيارفة ويشرب الخمر حوله ويقال الكفر أمام كرامته ..
فهل يبقى للمقارن المتمعن في هذه الميتة الاليمة تردد في وضع شهادة الحسين في المقام الاول بين كل الشهادات التي ذكرها التاريخ هي شهادة أكبر في مقياس المعاناة من شهادة عيسى وإذا تذكرتها العقول فإن لذكراها رنة حزن وأسى تحفر في الحنايا والصدور وأخاديد عميقة وأثلاماً لاتندمل"
طبعاً هو اعتبر شهادة الحسين اكبر معاناة من شهادة عيسى كونهم يعتقدون بشهادة عيسى ويرون ان آلامه تفوق آلالام كل البشرية ..
ونحن نضيف على كلام المفكر بارا إضافة الى كل ذلك ونقول :
:
أي نبي قتل كل أولاده وأخوته واهل بيته امام عينيه ثم يقتل طفله الرضيع في حجره ويقتل كل اصحابه ويبقى وحيداً امام آلالاف من البغاة ولم يتراجع ولم يتوانى ولم يستكن ثم يقتل كما تم الوصف سابقاً وتسبى حرمه ونسائه وبناته الصغيرات حتى تموت ابنته الصغيرة رقية عليها السلام قهراً ؟
ويقول المفكر بارا أيضاً:
" إن ثورة ريحانة النبي هي اعظم الثورات قاطبة وشهادته متممة لكل الشهادات التي سبقتها إذ أن الثورة قبلت قرباناً لها الشيخ والمرأة والطفل الرضيع وكانوا كلهم في ميدان واحد مشاهدي مجزرة ومتحملي نتائجها فهي ثورة جعلت من مشعل أوارها وارث آدم صفوة الله ووارث نوح نبي الله ووارث عيسى روح الله ووارث محمد حبيب الله .."
وقال أيضاً :" لم يسجل التاريخ شبيهاً لاستشهاد الحسين " من كتاب الحسين في الفكر المسيحي ..
وقال الدكتور المطران برتلماوس عجمي :
"إن الامام الحسين الذي سطر ملحمة كربلاء لم يكن من خلال ثورته الا بمثابة صوت الرحمن في ضمير الانسان فهو ودمه الطاهر الميراث الذي لايمكن للمسلمين أن يستأثروا به دون المسيحيين أو حتى أن يستأثروا به دون بقية الاديان والمذاهب في هذا الوجود"
وهذا غيض من فيض الاقوال والآثار التي تركتها فاجعة كربلاء والتي جعلت رسالة الاسلام تنفذ الى قلوب الناس اجمع لتجعل منها رسالة عالمية ليست مقتصرة على المسلمين فحسب كما قد قال عجمي واعتبر ان ثورة الحسين هي ميراث انساني عالمي للضمير الحي الباحث عن صوت الحق والضمير وصوت الله في ذاته ..
فاجعة كربلاء التي تعد إحدى المناحات الثلاث في تاريخ الانسانية اجمع هي المناحة الوحيدة التي أخذت منحىً واقعياً بينما كانت الاخريتان مناحات من صنع خيال الانسان ..وهذا معروف لدى اهل الأدب ..والمناحة هي الفواجع الاكثر دموية ومدعاة للتعاطف الانساني والبكاء على مر تاريخ الانسانية الطويل ..
إن زيت المصباح الحسيني هو الميراث الروحي والمعرفي الذي ورثه الامام الحسين عن كل الرسل والانبياء وعن كل الائمة والاوصياء فعنده صار صفوة العلم وكل العلم فهو الوعاء الطاهر الشفاف الذي اراد الله له ان يرث الزيت المقدس وان يختزنه في ذاته من اجل ان يعكسه نوراً وهداية لكل من اراد ان يلقي السمع وهو شهيد
وأخيراً أقول لايلتفت احدكم لكلام أهل التقصير ممن لاتستوعب مداركهم وقلوبهم وعقولهم مكانه اهل البيت فهم على مر العصور كذبوا بمالم يحيطوا به علماً وهم على نهج من حسد اهل البيت وحاربوهم وكتموا فضائلهم لانهم لم يتقبلوها ولم يستوعبوها فمالوا الى التقصير والتفريط ..
فاجعلوا الحاكم عقلكم وقلبكم ودعكم عن أهل التقصير فمن لم يجعل الله له نوراً فماله من نور..
وكل انسان منصف باحث عن الحق بانصاف لابد ان تسوقه علومه ومطالعاته وقراءاته بالنهاية الى الاعتراف بالحق أياً كان دينه ومذهبه ولهذا نجد معظم العلماء والادباء والباحثين المنصفين ينزعون بعد بحثهم واطلاعهم الى الفكر الشيعي وفكر اهل البيت عليهم السلام لأنه لايستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون
وأقول كلمة قالها صاحب كتاب فاجعة كربلاء في الضمير العالمي الحديث مخاطباً الامام الحسين عليه السلام
ماأصعب العيش في مجتمع يجهلك أو يتجاهلك
وليطلع كل طالب للعلم على هذا الكتاب ( فاجعة كربلاء في الضمير العالمي الحديث) ليرى الأثر العالمي الكبير والعميق والبالغ الأثر الذي احدثته ثورة الحسين في العالم أسره بمختلف مذاهبه ومشاربه وكيف انه كان عنوان كل الثوار وشعلة حق لكل سائر على الطريق حتى انطبق عليه فعلاً قول جبران خليل جبران
" ان الحسين مصباح هداية لجميع الاديان " ..اي ليس للمسلمين فحسب ..
ولتدركوا عظم التضحية التي قدمها الحسين وكم كان لثورته من الاهمية والفائدة الكبرى على الرسالة الاسلامية والانسانية بشكل عام مماجعل الاعداء يقروا بها قبل الأصدقاء
وختاماً شكراً للأخ شيعي منصف وأرجو أن تخبر صديقك أن لايترك عقله وقلبه في ظلمة الجهل ويحكم بناء على تلك الظلمة ..
بل ان يمسك قنديلاً في يده ويهتدي الى الطريق ثم يكون الحكم وتقييم الامور شرط ان لايكون قنديله سراباً !
بداية والله أستغرب من الذي يريد أن يعرف ويعلم ولايطلع بنفسه ويقرأ ويبحث ؟
البعض يريد العلم والايمان دون جهاد وبحث وتنقيب ..
فوالله المطلع العارف الذي نور الله قلبه بالايمان يرى أن هذه الاسئلة من البديهيات والتي لايجب أن يقف عندها مسلم
ويرى أن أي جواب مهما كان مفصلاً سوف يكون ظالماً ومختصراً ولايعطي الحقيقة حقها ولايفي السائل جوابه كما لو اطلع بنفسه وعرف ..
لذلك أنا سأكتب هذا الرد المختصر وأرجو ان يطلع عليه الشيعي قبل أي شخص آخر لان هناك بعض الشيعة يحتاجون فعلاً الى توعية وتثقيف أكثر من غيرهم وهذا ليس عيباً طبعاً إنما هو حث على الجهاد في طلب العلم والاستمرار في السؤال دون شك أو هوادة ؟
عموماً وياختصار شديد جداً
الرسول أعلن الاتحاد النوراني بينه وبين الحسين عليه السلام بقوله
حسين مني وأنا من حسين ...
هذه الجملة ليست مقولة عابرة قالها الرسول الأكرم صلوات الله عليه لحفيده الصغير الذي لم يتجاوز من العمر ساعتها ست سنوات على أبعد التقادير ..؟!
بل كانت قاعدة دينية متأصلة أعلنها للخلق يؤكد من خلالها أن نهج الحسين عليه السلام بعد الرسول وعلى مدى حياته سيكون هو نهج الرسول وهو إحياء للدين الصحيح
حسين منه ليس لحمة ودماً فحسب بل روحاً ونهجاً وعقيدة ..فلا قيمة للقرابة أمام النهج والعقيدة فكما لم ينفع ابن نوح رحمه ما كان لينفع الحسين رحمه من رسول الله لو أنه شذ والعياذ بالله عن نهجه وقد تجلى ذلك بقول الحسين عليه السلام:
- لن تشذ عن رسول الله لحمته -
وأنا من حسين ؟كيف يكون الرسول من الحسين ؟
إلا للدلالة على أن الرسول ونهجه يولد من جديد من خلال الحسين ومن خلال الأئمة من ولده فكأن كل إمام يأتي من ذرية الحسين هو ميلاد جديد للرسول الكريم فكان الرسول يولد بنهجه ورسالته من الحسين مراراً ..
وعليه نرى أن الحسين هو الرسول والرسول هو الحسين
فحديث حسين مني وانا من حسين ..فيه دلالة واضحة كون المصطفى صفوة الرسل والانبياء وبالتالي الحسين الذي هو بضعة من ذات الرسول هو ايضاً صفوة الرسل والانبياء فالقبس من النور نور والجزء من الجوهر جوهر ..
ثانياً أهل الكساء هم نور واحد وهم الذين طهرهم الله تطهيرا وأذهب عنهم الرجس ولأجلهم خلق الله الخلق وليس أي مخلوق يدرك مكانتهم وعلو منزلتهم وهم محط اختبار كل الأنبياء والرسل ..
والحسين عليه السلام وارث علم الأنبياء وعلم الأولين والآخرين لأن علمه علم أبيه وعلم أبيه علم رسول الله صلى الله عليه وآله والذي لم يحصله نبي قبله ولايوجد نبي بعده وبالتالي ماعند الحسين عليه السلام لايوجد عند غيره من الأنبياء ..
وكل شيعي يقرأ دعاء زيارة وارث ( وهو عن الحسين عليه السلام ) وفيه جواب وشفاء لمن أراد المعرفة دون تعنت ولاجهل ؟
قال الامام الباقر عليه السلام لجابر الجعفي:
ياجابر كان الله ولاشيء غيره ولامعلوم ولامجهول فأول ماابتدأ من خلق خلقه محمداً وخلقنا اهل البيت معه من نوره وعظمته فأوقفنا اظلة خضراء بين يديه حيث لاسماء ولاأرض ولامكان ولاليل ولانهار ولاشمس ولاقمر نورنا من نور ربنا كشعاع الشمس من الشمس نسبح الله ونقدسه ونحمده ونعبده حق عبادته "
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله :" نحن اهل بيت لايقاس بنا أحد "
وكلمة لايقاس بنا احد فيها اطلاق يعني لابشر ولا ملك ولانبي ولامرسل
ثالثاً لو أخذنا موقف الحسين عليه السلام وحده في كربلاء وطريقة شهادته ومبلغ تضحيته لكفى وحده شاهداً أنه مامن نبي من الأنبياء ضحى تضحيته وتحمل ماتحمله وعانى ماعاناه رغم كل المصائب التي حلت بهم والتضحيات التي قدموها ..
ولكن ماصبر عليه الحسين كان كاف ليكون جامعاً لكل مصائب الأنبياء والرسل وكل هذا لأجل الدين وفي سبيل الله وفي سبيل رسالته ..
ولامبالغة ولاغلو كمايزعم بعض الجهلة في القول أنه لولا الحسين لاندرست آثار الرسالة فالقول أن الله سبحانه وتعالى قد تكفل بحفظ الرسالة لايناقض القول بأن الحسين عليه السلام ضحى بنفسه وأهل بيته لأجل حفظ الرسالة فالحفظ يكون بسبب ومسبب
كما أن الله أظهر رسالته على يد نبيه فهو قد حفظ رسالته على يد وليه ..فلو أن الحسين كان من القاعدين كباقي المسلمين الضعفاء المستكينين عن الجهاد والمواجهة في تلك الفترة ورضي بما رضوا به وتقبل ظلم يزيد وجوره وتحريفه لأحكام الشريعة ولسنة النبي الاعظم وبايع طاغوت عصره لصارت هذه سنة من بعده ولاقتدى كل المسلمين به وآثروا السكوت والخنوع على الجهاد في سبيل إعلاء كلمة الحق والنبي يقول أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ..وهل أحق من الحسين من أن يكون أول المجاهدين ؟
لذلك نجده لم يأبه بكل من دعاه الى الخنوع والسكوت وعدم الخروج لأجل سلامة نفسه رغم معرفته ان خروجه هو طريق استشهاده
لكنه هو لم يكن كالباقين ولم يفضل سلامته على سلامة الدين ..
ولذلك قال فيماقال "....ونفوس أبيه وأنوف حميه من أن نفضل موت الكرام على العيش مع اللئام "
وقال :" موت في عز خير من حياة في ذل .."
وقال :" إن كان دين محمد لم يستقم الابقتلي فياسيوف خذيني " وهذا أكبر شعار رفعه الحسين للدلالة على ان خروجه وتضحيته واستشهاده هو في سبيل اقامة الدين وحفظه ولهذا كان الاسلام محمدي الوجود حسيني البقاء
وبالعودة للفكرة الأساسية وهي قولنا ان تضحية الحسين عليه السلام وحدها وطريقة استشهاده وحجم تضحياته ومبلغ جهاده كاف لئن تعطيه منزلة اعلى من منزلة كل الأنبياء ..فلسنتدل بذلك على أقوال من هم ليسوا بشيعة ..حتى تكون الحجة أقوى والفكرة أكمل ..ثم نحكم العقل في صحة القول ونقارنه مع الواقع لنجده صحيحاً وموافقاً لماورد في أحاديث الائمة وفي زيارة وارث
وطبعاً نحن عندما نستشهد بآراء علماء وادباء وباحثين في التاريخ الاسلامي من مختلف الاديان لانه كمايقال الفضل مادانت به الاعداء
وللدلالة ان الحق عندما يسطع ويصل الى اوج نوره لاينكره الا الاعمى وقد يكون الاعمى مسلم والبصير غير مسلم ؟ لان الحق وقوله لايقتصر على طائفة او مذهب بل على الانسان ونفاذ بصيرته ومدى سعيه للحق :
فمثلاً يقول احد كبار المفكرين المسيحيين انطون بارا مبيناً حجم التضحية التي قدمها الحسين والمصائب التي تحملها مما لم تمر على نبي من الانبياء رغم تاريخهم الحافل بالمصائب والتضحيات :
" فأي رسول زرع في جسده اكثر من مئة نبلة وأكثر من أربعين طعنة وأي نبي قتله العطش مثل مافعل بالحسين؟ وهاهو قائد الشهداء وسيدهم يرمى بسهم بجبهته ويضرب بحجر فيها ويطعن على قلبه بسهم ذي ثلاث شعب ويرمى في حلقه ويضرب على عاتقه ويطعن في ترقوته وبصدره ونحره وبجنبه ويسلب وتقطع اصبعه من اجل خاتم وتقطع يده اليمنى ثم اليسرى من اجل تكة سروال ويحتز رأسه الشريف ويوطأ بعشر من الخيل صدراً وظهراً ثم يحمل رأسه على سن ورمح الى دمشق حيث يوضع بمهانة أمام الفاسق يزيد لينكث ثناياه بالقضيب ويعلق في سوق الصيارفة ويشرب الخمر حوله ويقال الكفر أمام كرامته ..
فهل يبقى للمقارن المتمعن في هذه الميتة الاليمة تردد في وضع شهادة الحسين في المقام الاول بين كل الشهادات التي ذكرها التاريخ هي شهادة أكبر في مقياس المعاناة من شهادة عيسى وإذا تذكرتها العقول فإن لذكراها رنة حزن وأسى تحفر في الحنايا والصدور وأخاديد عميقة وأثلاماً لاتندمل"
طبعاً هو اعتبر شهادة الحسين اكبر معاناة من شهادة عيسى كونهم يعتقدون بشهادة عيسى ويرون ان آلامه تفوق آلالام كل البشرية ..
ونحن نضيف على كلام المفكر بارا إضافة الى كل ذلك ونقول :
:
أي نبي قتل كل أولاده وأخوته واهل بيته امام عينيه ثم يقتل طفله الرضيع في حجره ويقتل كل اصحابه ويبقى وحيداً امام آلالاف من البغاة ولم يتراجع ولم يتوانى ولم يستكن ثم يقتل كما تم الوصف سابقاً وتسبى حرمه ونسائه وبناته الصغيرات حتى تموت ابنته الصغيرة رقية عليها السلام قهراً ؟
ويقول المفكر بارا أيضاً:
" إن ثورة ريحانة النبي هي اعظم الثورات قاطبة وشهادته متممة لكل الشهادات التي سبقتها إذ أن الثورة قبلت قرباناً لها الشيخ والمرأة والطفل الرضيع وكانوا كلهم في ميدان واحد مشاهدي مجزرة ومتحملي نتائجها فهي ثورة جعلت من مشعل أوارها وارث آدم صفوة الله ووارث نوح نبي الله ووارث عيسى روح الله ووارث محمد حبيب الله .."
وقال أيضاً :" لم يسجل التاريخ شبيهاً لاستشهاد الحسين " من كتاب الحسين في الفكر المسيحي ..
وقال الدكتور المطران برتلماوس عجمي :
"إن الامام الحسين الذي سطر ملحمة كربلاء لم يكن من خلال ثورته الا بمثابة صوت الرحمن في ضمير الانسان فهو ودمه الطاهر الميراث الذي لايمكن للمسلمين أن يستأثروا به دون المسيحيين أو حتى أن يستأثروا به دون بقية الاديان والمذاهب في هذا الوجود"
وهذا غيض من فيض الاقوال والآثار التي تركتها فاجعة كربلاء والتي جعلت رسالة الاسلام تنفذ الى قلوب الناس اجمع لتجعل منها رسالة عالمية ليست مقتصرة على المسلمين فحسب كما قد قال عجمي واعتبر ان ثورة الحسين هي ميراث انساني عالمي للضمير الحي الباحث عن صوت الحق والضمير وصوت الله في ذاته ..
فاجعة كربلاء التي تعد إحدى المناحات الثلاث في تاريخ الانسانية اجمع هي المناحة الوحيدة التي أخذت منحىً واقعياً بينما كانت الاخريتان مناحات من صنع خيال الانسان ..وهذا معروف لدى اهل الأدب ..والمناحة هي الفواجع الاكثر دموية ومدعاة للتعاطف الانساني والبكاء على مر تاريخ الانسانية الطويل ..
إن زيت المصباح الحسيني هو الميراث الروحي والمعرفي الذي ورثه الامام الحسين عن كل الرسل والانبياء وعن كل الائمة والاوصياء فعنده صار صفوة العلم وكل العلم فهو الوعاء الطاهر الشفاف الذي اراد الله له ان يرث الزيت المقدس وان يختزنه في ذاته من اجل ان يعكسه نوراً وهداية لكل من اراد ان يلقي السمع وهو شهيد
وأخيراً أقول لايلتفت احدكم لكلام أهل التقصير ممن لاتستوعب مداركهم وقلوبهم وعقولهم مكانه اهل البيت فهم على مر العصور كذبوا بمالم يحيطوا به علماً وهم على نهج من حسد اهل البيت وحاربوهم وكتموا فضائلهم لانهم لم يتقبلوها ولم يستوعبوها فمالوا الى التقصير والتفريط ..
فاجعلوا الحاكم عقلكم وقلبكم ودعكم عن أهل التقصير فمن لم يجعل الله له نوراً فماله من نور..
وكل انسان منصف باحث عن الحق بانصاف لابد ان تسوقه علومه ومطالعاته وقراءاته بالنهاية الى الاعتراف بالحق أياً كان دينه ومذهبه ولهذا نجد معظم العلماء والادباء والباحثين المنصفين ينزعون بعد بحثهم واطلاعهم الى الفكر الشيعي وفكر اهل البيت عليهم السلام لأنه لايستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون
وأقول كلمة قالها صاحب كتاب فاجعة كربلاء في الضمير العالمي الحديث مخاطباً الامام الحسين عليه السلام
ماأصعب العيش في مجتمع يجهلك أو يتجاهلك
وليطلع كل طالب للعلم على هذا الكتاب ( فاجعة كربلاء في الضمير العالمي الحديث) ليرى الأثر العالمي الكبير والعميق والبالغ الأثر الذي احدثته ثورة الحسين في العالم أسره بمختلف مذاهبه ومشاربه وكيف انه كان عنوان كل الثوار وشعلة حق لكل سائر على الطريق حتى انطبق عليه فعلاً قول جبران خليل جبران
" ان الحسين مصباح هداية لجميع الاديان " ..اي ليس للمسلمين فحسب ..
ولتدركوا عظم التضحية التي قدمها الحسين وكم كان لثورته من الاهمية والفائدة الكبرى على الرسالة الاسلامية والانسانية بشكل عام مماجعل الاعداء يقروا بها قبل الأصدقاء
وختاماً شكراً للأخ شيعي منصف وأرجو أن تخبر صديقك أن لايترك عقله وقلبه في ظلمة الجهل ويحكم بناء على تلك الظلمة ..
بل ان يمسك قنديلاً في يده ويهتدي الى الطريق ثم يكون الحكم وتقييم الامور شرط ان لايكون قنديله سراباً !
تعليق