إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الشهيد السيد محمد باقر الصدر يفضح الفلسفة - بقلم العارف المتأله

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #46
    وهذا مصير من ينتقد الفلسفه والعرفان في بلاده خميني

    تعليق


    • #47
      بسم الله الرحمن الرحيم

      أخي المكرم (ياسر عبد الله)

      أولا اسمح لي أن أضع أرقاما في مشاركتكم حتى أرد عليها بوضوح:


      المشاركة الأصلية بواسطة ياسر عبدالله
      الاخ الفاضل أنوار الملكوت:

      1- لقد استخدمنا مصطلح واجب الوجود من باب التسامح معكم، ولا نقصد به اسماً لله تعالى ولا صفة لحرمة اطلاق أسماء وصفات على الله تعالى لم يسم أو يصف بها نفسه.

      2- ثم أن القرينة العقلية التي تفضلت بذكرها في مسألة القديم والحادث هي مسألة بديهية ( عقل فطري ) وليست من العقل النظري في شئ.

      3- وأما رأي القائلين بقدم العالم فهو خلاف ما ذكرت وراجع برهانهم في العلة والمعلول، قالوا : يستحيل صدور الحادث عن قديم مطلقاً، وبما أن علة صدور العالم قديمة وأن المعلول يتبع العلة فإن العالم قديم، بمعنى أنهم جعلوا سنخية بين الخالق والمخلوق وقالوا بمماثلة المخلوق للخالق وهذا خلاف القرآن الكريم.

      والله يرعاك.

      ياسر عبدالله
      1- اعتراضي عليك في استخدامك لمصطلح (واجب الوجود) ليس من باب الإشكال الشرعي الذي ذكرتموه، بل من باب أننا نتناقش في: أن فهم الحكماء المسلمين لكلام أهل البيت عليهم السلام هل هو أفضل من غيرهم و ادق أم لا؟ و أنه هل الاستفادة من الفلسفة في فهم كلامهم خطأ م لا؟ و أنت (الذي تقول بأنه لا ينبغي إسقاط الفلسفة على الروايات) استفدت من إحدى الأفكار الفلسفية بامتياز و هي فكرة الوجوب و الإمكان. والإشكال مايزال على حاله لأن الكلام عن الفكرة الفلسفية وليس اللفظ.

      هذا من ناحية ، و من ناحية ثانية ، أنا أشكلت عليكم أيضاً بأن هذا المعنى يخالف الظهور العرفي للفظة القديم الواردة في الروايات، فلماذا تحمل كلام أهل البيت عليهم السلام على غير ظهوره العرفي؟

      2- كيف اعتبرت أن بحث الوجوب و الإمكان من الأمور البديهية؟!! الأمور البديهية هي التي لا نحتاج فيها إلى دليل و برهان لإثباتها، و لو كانت مسألة واجب الوجود من الأمور البديهية لما وجدت كل هؤلاء الملحدين و النقاش معهم، و لما كان هناك معنى لكل هذه الأدلة التي نقيمها على وجود الله و وحدانيته.

      هذا من ناحية و من ناحية ثانية، بأي دليل تقولون بأن الحجة في العقل هو البديهيات فقط، بل بالعكس إن الدليل قائم على أن العقل مطلقا حجة، بل هناك أدلة واضحة بأن للعقل مراتب، و أن الناس ليسوا في مستوى واحد من العقل، و أن الله يحتج على كل واحد بمقدار عقله !!! يعني كلما زاد العقل زادت حجيته، وليس كما ذكرتم من أن الحجة هو العقل الذي يدرك البديهيات فقط يعني مستوى أضعف الناس عقلاً. أرجو أن توضحوا دليلكم على هذا المدّعى.

      3- هذا الكلام المنقول عن الفلاسفة بصراحة غير مترابط و لم أفهمه وبصراحة أنا لم أجد هذا الكلام عند الحكماء، فأرجو أن تدلني على المصدر الذي يقولون فيه ما ذكرتم حتى أراجعه.

      فأنا قد بحثت و وجدت كلاماً لهم يقول بأنه مصطلح (القديم) له معنيان : قديم زماني وقديم ذاتي، القديم الذاتي مختص بواجب الجود سبحانه، و أما القديم الزماني فيمكن أن يكون للمخلوقات الممكنة.
      و حيث أنكم تقولون أن معنى القديم في الروايات هو القديم الذاتي و ليس القديم الزماني فلا إشكال عليهم فيما قالوا. (راجع هذه المشاركة لمزيد من التفصيل).

      حفظكم الله و رعاكم

      تعليق


      • #48
        الأخ الفاضل أنوار الملكوت:

        لكل مطلق الحرية عزيزي المؤمن في ما تراه مناسباً ويخدم النقاش، ولكن دعني في البداية أسجل اعترافاً وهو أنني قضيت وقت فراغي في السفر بالنقاش معك، وقد كان – وما يزال– نقاشاً جميلاً، وفي عرف النقاشات الجميلة أنها تتشعب، فليس غريباً أن يتشعب النقاش إلى هذا الحد وربما إلى ما هو أكثر، وأرجو منك سيدي الكريم أن تعذرني إن اختصرت مشاركاتي، فظروف الحياة وكثرة المشاغل تمنعني من الإطالة وتوضيح الواضحات لبصير مثلك.

        1- لست بحاجة للفلسفة حتى أستفيد أموراً بديهية، كنت أناقشك بمصطلحاتك، وأنا أؤمن بالوجودالحق وهو حقاً أنه لا إله إلا الله، والوجود المقيد، وأنا ضد تسمية الله بأسماء لم يسم بها نفسه، أو وصفه بصفات لم يصف بها نفسه، من قبيل ( واجب الوجود ) أو أصفه بأنه ( علة ) سواء كانت علة تامة فاعلة بالإجبار لا يتخلف عنها المعلول، أو علة ناقصة تحتاج إلى المعلول، لعدم قيام الدليل عليهما. ولا تعنيني تفاصيل ما شط إليه العقل النظري حول واجب الوجود بالذات، أو واجب الوجود بالغير، ولا افترض المستحيل وأضيع الوقت في توضيح الواضحات من قبيل نقاش ( ممتنع الوجود ) لأثبت التوحيد، لأن هذاالممتنع عدم، والعدم ليس بذي لون، ولا رائحة، ولا طعم، ولا وجود، فهو ليس ضداً لشئ، بل إنه مخلوق لأنه أمر اعتباري ( كل ما ميزتموه بأوهامكم فهو مخلوق مثلكم ) فإن قلت بأن الأمور الاعتبارية غير مخلوقة فقد جعلتها قديمة شريكة لله في صفات، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

        2- هل تقصد أننا نحتاج إلى العقل النظري لنثبت أن الأثر يدل على وجودالمؤثر، وأن خالق هذا الكون عالم مبدع حكيم خبير؟

        لقد شط العقل النظري ببعضهم للقول بأن إله هذا العالم هو ( الرياضيات ) ..!! ولو أنهم جنحوا إلى الحجة الباطنة ( بداهة العقول ) لعلموا باستحالة أن يحيط المحدود ( المخلوق ) باللا محدود ( الخالق ) وأن المعرفة بصفاته وأفعاله هي معرفة بسيطة سطحية ساذجة وستظل كذلك مهما تعمق العقل البشري، هذا إن لم يشط نحو الإلحاد، وأمانه من هذا الشطط هو اتباع الحجة الظاهرة للخالق ( الأنبياء والرسل ) لأن استطلاع الغيب من مصادره يعصم عن الوقوع في مثل هذه التخبطات والترهات.

        3- وأما تفاوت إدراك العقول فيعود إلى ضغط النفوس وغلبة الأهواء، فالعقل مرشد، والنفس عالمة متمردة ( ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها ).

        4- بإمكانك يا عزيزي أن تقرأ حول فلسفة ابن رشد وقوله بقدم العالم وأدلته على ذلك : دليل العلة، ودليل الزمان، ودليل الإمكان، ودليل المادة. ومن الطبيعي أن تكون فكرته غير مترابطة، لأن نتيجته غير صحيحة. وكان مما قاله في دليل العلة أن العدم غير موجود فكيف يصدر الوجود من العدم؟ هذا دليل على أن العالم قديم!!!

        والله يرعاك.

        ياسر عبدالله
        التعديل الأخير تم بواسطة ياسر عبدالله; الساعة 03-06-2012, 04:42 PM.

        تعليق


        • #49
          بسم الله الرحمن الرحيم

          الأخ (ياسر عبدالله)

          1- أسعدنا الحوار معكم كثيراً، رغم الاختلاف في الرأي، و الحقيقة أن اسلوبكم الراقي يجعل الحوار سلساً هادئاً، بحيث يتحول النقاش إلى بحث عن الحقيقة من الطرفين، و هذا الأسلوب يجعل كل واحد من الطرفين يتقبل بسهولة رأي الطرف الآخر. فنتمنى أن تقضي إجازة سعيدة، و أن لا تحرمنا من المشاركة كلما حانت لك فرصة. على الرغم من أن هذا الفقير قد يبتعد قريباً عن المشاركة بدوره أو يقللها، و لكن بصراحة المنتدى بحاجة لأمثالكم.

          2- و حتّى لا نطيل الاستطراد في الموضوع الجانبي ( أعني مسألة القديم و الحادث) اسمح لي أن أحيلكم و القراء الكرام على موضوع: ضرورة دراسة الفلسفة لطلاب العلوم الدينية ـ الدليل الأول: ضرورتها للبحوث العقائدية ، فقد بينا هناك الحاجة لدراسة الفلسفة مفصلاً، كما ضربنا مثالين عمليين يوضحان هذه الحاجة: أحدهما عن القدم و الأزل و الحدوث الزماني ، و قد تناقشنا مع الإخوة في مسألة القديم و الحادث أيضاً، فمن أحب فليراجع هناك. كما أننا بصدد إكمال الموضوع الثاني : ضرورة دراسة الفلسفة لطلاب العلوم الدينية (2): ضرورتها لفهم كلمات أهل البيت ع عن قريب إن شاء الله.

          3- بالنسبة لآراء ابن رشد، فأنا بكل صراحة قليل الاطلاع عليها، لأن أكثر اهتمامي و دراستي مركّزة على دراسة بحوث الفلاسفة الشيعة لما رأيته من استفادتهم من تراث أهل البيت الرائع، فحتى ابن سينا (و هو الملقب بالشيخ الرئيس) لم يتمكن من الوصول إلى عُشْر ما وصل إليه الحكماء بسبب استفادتهم من مدرسة أهل البيت عليهم السلام، و يكفينا تراث العلامة الطباطبائي قدس سره الذي ترك لنا تراثاً رائعاً من شروح القرآن الكريم و روايات المعصومين صلوات الله عليهم بشكل عميق و رائع. وقد بينت رأيهم في المسألة.
          ولكن إذا حانت فرصة، فسوف اراجع أبحاثه إن شاء الله، و لعل الحق يكون معك.

          4- بالنسبة لمسألة العقل النظري و البديهي، فأنا أختلف معكم في أن الاستفادة من الأدلة النظرية يسبب الانحراف، بل اسمح لي أن ألفت نظرك إلى نقطة لعلها غائبة عنكم و هي أن القضايا البديهية هي القضايا التي ندركها بدون تفكير، و بدون إعمال العقل، فلو زعمنا أن الحجة منحصرة في القضايا البديهية لما بقي للعقل دور حقيقي !!!

          و الغرض من علم المنطق هو وضع القواعد العامة التي يمكن لنا من خلالها تصحيح التفكير، و التأكد من صحة الأدلة، فإن كان الدليل مطابقاً لهذه القواعد فإن النتائج ستكون قطعية و هي حجة لا محالة.

          هذا من ناحية، و من ناحية أخرى، فقد سلك البعض طريق الاعتماد على النصوص مع تعطيل العقل فوصل إلى نتائج خاطئة. والصواب هو الاعتماد على كلا الحجتين التي نصبهما الله لنا.

          5- ثم إن المسائل العقائدية ليست جميعاً ببساطة مسألة الاثر و المؤثر، فبعضها أشد تعقيداً من هذا بكثير كمسألة العدل الإلهي، و مسألة الصفات الإلهية، و العديد من المسائل التوحيدية التي وقع فيها الخلاف الشديد، وكذلك بعض مسائل المعاد و الإمامة و النبوة خصوصاً المسائل الفرعية منها ... كل هذه تحتاج إلى أدلة نظرية و ليست بديهية. بل حتّى مسألة وجود الله تعالى التي تعتبر من الأمور الوجدانية الفطرية قد صارت من المسائل النظرية بعد أن طرح الملحدون كل هذه الإشكالات و الشبهات.

          فأنت لو أردت أن تدعو الناس في الغرب إلى دين الله (وهذه إحدى وظائف علماء الدين) قد تجد البعض يقبل منك بالدليل الفطري و الوجداني على وجود الله تعالى، و لكن النسبة الأكبر ستبدأ بإلقاء الإشكالات عليك ولن تقبل بدون دليل محكم.

          على كلّ حال لعلنا نقدم مزيداً من البيان للمسألة مع أمثلة واقعية في الموضايع التي طرحناها لبيان ضرورة دراسة الفلسفة لطلاب العلوم الدينية إن شاء الله خصوصاً عندما نطرح مسألة العلاقة بين العقل و أهل البيت صلوات الله عليهم.

          6- ختاماً أودّ أن أؤكّد على مسألة ذكرتها مراراً، و هي أن الفلسفة ليست أمراً نقرؤه كالمجلات و الجرائد اليومية بل هي بحوث دقيقة تحتاج إلى أستاذ ماهر، و بالتالي ليست دعوتنا لدراسة الفلسفة موجهة لعامة الناس بل لخصوص طلاب العلم و من كانت له رغبة في اتقان المباحث العقائدية بفروعها، و كل ذلك مشروط بوجود الأستاذ الماهر و المخلص و المؤمن.

          أجدد أمنياتي لكم بإجازة جميلة، و أدعو الله أن يسدد خطاكم و يوفقنا و إياكم لما يحب و يرضى و يثبتنا على ولاية أهل البيت صلوات الله عليهم فهم منبع الحق يدور معهم حيثما داروا.

          و الحمد الله رب العالمين.

          تعليق


          • #50
            الأخ الفاضل أنوار الملكوت:

            تحية طيبة لشخصك الكريم، ولعلها المرة الأولى التي أطيل فيها المكوث بالشبكة احتراماً لشخصكم الكريم، ولكن الإنشغالات الحياتية، وآه من هذه الإنشغالات.

            1- لا يخفى أن الخلاف واقع بين الفلاسفة في الكليات والجزئيات، ودليل هذا تنوع مدارسهم، وإختلاف آرائهم، فلو كانت الفلسفة من أدوات قراءة النص الشرعي فلماذا وقع الخلاف والتباين الشديد حول الكليات والجزئيات بين الفلاسفة؟

            وحتى ابن سينا فقد وجدت جمعاً كبيراً من مريدي الفلسفة والعرفان الشيعي يقولون بتشيعه، رغم أنه صرح بعقيدته الإسماعيلية، وأنه تولى منصب القضاء على أحد المذاهب السنية الأربعة، ويصفونه بالشيخ العابد الورع رغم ما نقل عنه من ارتياده لمجالس اللهو وتناوله المنكرات، فهذه الجوانب النفسية قد تغلبت على العقل الذي أعمله بعض مريدي الفلسفة الشيعة في ما يتعلق بابن سينا على سبيل المثال، وهذا دليل على عدم صلاحية العقل الفلسفي النظري لتناول النص الشرعي.

            بل وذهب بعضهم إلى تشيع السهروردي لأن صلاح الدين الأيوبي قتله!!! وهذا من عجائب العقل النظري.

            وحتى العلامة الطباطبائي - رضوان الله عليه - ولو أنني أكره تناول الرجال لأن الكثير من أهل زماننا يعرفون الحق بالرجال ولا يعرفون الرجال بالحق، إلا أنني وجدت دراسات في مجلة نصوص معاصرة تتحدث عن كونه رمزاً من رموز المدرسة التفكيكية، وهي مدرسة ضد الفلسفة كما تعلم، ولعل رأيكم في مخالفته لآراء الفلاسفة غير الشيعة يعتبر من القرائن على ما ذهبوا إليه، رغم عدم بحثي وإطلاعي على أمره قدس سره الشريف، نعم نقل بعض الثقات أنه على خلاف نظرية صدر المتألهين في مسألة المعاد الجسماني، وقد أكد له رضوان الله تعالى عليه ذلك بشكل مباشر، ولعل هذه قرينة ثانية على أن الرجل ضد المنهج الفلسفي والله أعلم،. ومما ينهض كدليل على ذلك أيضاً أنه من مدرسة تتعالى على الفلسفة ولا تنحدر إليها كما يدعون والله أعلم، نعم قد لا يكون هذا الرأي مقنعاً، ولكنه جدير بالبحث والمطالعة والإثبات أو التفنيد، فتضاد الآراء ليس أمراً سلبياً، بل إنه يقوي الآراء ويوضحها.

            2- تقدم في حدثينا عن علم المنطق وأن البعض تبنى منهج الشك لما رأى أنه من خلال هذا العلم الأرسطي تصدر نتائج صحيحة من مقدمات خاطئة، وضربنا لكم مثالاً مضمونه : كل جماد إنسان، وكل إنسان ناطق، فإذا كان زيد جماداً، فإنه إنسان ناطق. وهذا دليل على سقوط العقل النظري.

            3- أما تعقيد المسائل العقائدية كمسألة العدل الإلهي، فإنها تشابهت لما وقع الناس في مرض الجربزة والجهل المركب، وشطوا بالعقل النظري إلى البعيد، وإلا فإن مسألة الأمر بين الأمرين واضحة وهي عين الاعتدال، فأنت مخير في كل شئ، ولكنك مجبر على الثواب والعقاب، ووجودك في هذا العالم التكويني راجع إلى اختيارك من عالم الذر، وهذه المسائل من أنباء الغيب لا تتحصل عليها بالفلسفة اليونانية ولا بالمنطق الأرسطي، ولا بالكشف الصوفي، بل من مصادر الوحي صلوات الله عليهم أجمعين.

            4- أنني أتفق معكم في ضرورة دراسة الفلسفة ولكن ليس لاتخاذها منهجاً، بل للرد على الفلاسفة بنفس مبانيهم، ولو أهملت دراستها فما أكثر الشبهات التي سيقودها العقل الننظري على الناس.

            شاكراً ومقدراً لك سعة صدرك ومجاراتك لهذا الفقير.

            والله يحفظك ويرعاك.

            ياسر عبدالله
            التعديل الأخير تم بواسطة ياسر عبدالله; الساعة 07-06-2012, 11:59 AM.

            تعليق


            • #51
              بسم الله الرحمن الرحيم

              أخي العزيز (ياسر عبد الله)

              1- مهما كان الإنسان مشغولاً، فإنه قادر على اقتطاع بعض الوقت للسياحة في عقول الرجال.

              2- أتفق معك تماماً أن هذه المواضيع لا يصح الاعتماد فيها على التقليد، و لو كان العالم المنظور عملاقاً كالسيد العلامة الطباطبائي رضوان الله عليه. أقول هذا مع التأكيد أن سماحته لم يكن أبداً من أنصار مدرسة التفكيك، و إنما هي دعاية حاول أتباع هذه المدرسة تسويقها، و لكنها سرعان ما انقلبت عليهم (و انقلبوا عليها فسددوا سهامهم للسيد العلامة و تلامذته)

              على كلّ حال، بما أننا متفقون على عدم التقليد في هذه المسألة فدعنا من النقاش في الأسماء.

              3- أجد أن اعتراضك على مدرسة الحكمة يتمثل في النقاط التالية:

              أ - نفس الفلاسفة مختلفون بينهم، فكيف نعتمد على أي نتيجة تعطينا إياها الفلسفة.
              ب- المسائل التي يبحث عنها الفلاسفة هي من الأمور التي اختصّ بها الغيب، و هم يحاولون الوصول إليها بعقولهم.
              جـ - الفلسفة تعتمد على العقل النظري و هو يقود إلى الزلل، بينما نحن مأمورون بالأخذ بالعقل الفطري البديهي و هو لا يقود إلا إلى الحق.

              أعتقد أن هذه هي خلاصة إشكالاتكم. و إليك الجواب باختصار لأنني سأتعرض بالتفصيل لهذه الإشكالات و غيرها في موضوع خاص عن الشبهات المطروحة ضد الفلسفة و الحكمة إن شاء الله:

              أ - نفس الفلاسفة مختلفون بينهم، فكيف نعتمد على أي نتيجة تعطينا إياها الفلسفة.
              الجواب: و كذلك الفقهاء و المحدثون و الأصوليون و غيرهم من علماء الدين. فهل كل اختلاف يعني أن نترك العلم الذي وقع الخلاف فيه. و هل تظن أننا لو تركنا الاعتماد على الفلسفة فسوف ينتفي الخلاف ؟!! هذا الجواب بالنقض.
              و أما الجواب بالحلّ: فيكفيك أننا لا نقلد أحدا من الفلاسفة، بل ننظر إلى الآراء بكل تجرد و ننظر إلى أدلتها و نحاكم هذه الأدلة فنتوصل إلى الحق منها فنأخذ به. و هذا ما حصل فعلاً و لذلك تجد أن الكثير من المسائل الفلسفية صارت موضعاً للاتفاق بين الجميع اليوم لأن أدلتها قد تنقحت، و الإشكالات قد ارتفعت. فما المانع من الأخذ بها بعد ذلك؟ و لهذا الجواب الحلي تتمة تأتي في الموضوع الخاص بها.


              ب- المسائل التي يبحث عنها الفلاسفة هي من الأمور التي اختصّ بها الغيب، و هم يحاولون الوصول إليها بعقولهم.
              الجواب: هذا زعم بغير دليل. نعم هناك بعض الأمور التي لا تنال بالبرهان العقلي، و هنا فإن العقل يعرف حدوده بنفسه. و لكن ما أكثر المسائل العقائدية التي يمكن إقامة البرهان عليها. و قد ذكرنا قائمة طويلة ببعض هذه المواضيع في موضعنا الأول عن ضرورة دراسة الفلسفة. كما ضربنا مثالين تفصيليين لذلك. فراجع.

              هذا من ناحية و من ناحية ثانية، فحتّى ما وردنا عن أهل البيت من أخبار فإن الكثير منها يحتاج إلى دراسة الفلسفة لكي نفهمها بشكل صحيح ، و أجد هذه المسألة غير مقبولة عند كثيرمن الإخوة و لذلك فقد خصصنا لها موضوعا خاصا و بإذن الله فسوف نوضحها بالتفصيل هناك.


              جـ - الفلسفة تعتمد على العقل النظري و هو يقود إلى الزلل، بينما نحن مأمورون بالأخذ بالعقل الفطري البديهي و هو لا يقود إلا إلى الحق.
              الجواب: يبدو لي أن هناك خلطاً في معنى العقل النظري و العقل البديهي، فالذي ظهر لي من كلام الإخوة الذين يدافعون عن مدرسة التفكيك و ينتقدون مدرسة الحكمة أنهم يفهمون العقل النظري بأنه: آراء الإنسان النابعة من تجاربه و قناعاته الشخصية و التي يمكن أن تؤثر عليها الأهواء النفسانية.
              أما العقل البديهي فهو عندهم: ذلك العقل الفطري الصافي الذي أودعه الله في داخل كل واحد منا ليميز به الحق من الباطل.

              فإذا كان هذا هو ما تقصدون فنحن متفقون، و لكن هذا لا يكون إشكالاً على مدرسة الحكمة أبداً !! و السبب أن هذا ليس هو المقصود عندهم.
              و للتوضيح نقول: إن العقل لا ينقسم إلى بديهي و نظري، بل ينقسم إلى نظري و عملي. ثم إن كلا منهما يدرك أموراً بديهية و أخرى نظرية.

              و المقصود من البديهيات هي التي الأمور التي يدركها الإنسان بدون تفكير أبداً، و مثاله علمه بأن الشمس طالعة بعد أن يراها في كبد السماء، فهو لا يحتاج إلى تفكير ليصل هذه النتيجة. والبديهيات لها أقسام قليلة و هي محدودة جدا، ولكنها تمثل رأس المال بالنسبة للفكر البشري.

              و أما الامور النظرية فهي التي يصل إليها الإنسان بالتفكير. و نقصد بالتفكير هي تلك العمليات التي يجريها العقل و يستفيد فيها من المعلومات التي عنده ليولّد معلومات جديدة. و مثاله أن يضم الإنسان المعلومة التي تقول بأن هناك نظاماً حاكماً على الكون، ثم يضم إليها معلومة ثانية تقول أن النظام لا يمكن أن يتحقق بدون منظم و مدبر، فيستنتج أنه لا بد له أن يكون هناك مدبر لهذا الكون. فهذه المعلومة الأخيرة تسمى معلومة نظرية لأن الإنسان لا يحصل عليها بدون تفكير و الطريق الذي توصّل به العقل إلى هذه المعلومة يسمى دليلاً وبرهانا.

              وبالتالي فإن الاعتماد على العقل لا يعني إلا الاعتماد على النتائج النظرية التي نتوصل إليها بالتفكير، و إذا أردنا الأخذ بالقضايا البديهية فقط فهذا يعني إبطال الفكر البشري كله حتى الديني منه. وهذا أمر لا يمكن قبوله لأنه خلاف الوجدان تماما فنحن نجد أنفسنا نقبل النتائج النظرية المبنية على الدليل كل يوم.

              و إذا عرفنا أن الحكمة تشترط أن يكون الدليل الذي تقبله مبنياً على البديهيات القطعية، فحينئذٍ بأي حق يمكننا أن نردّ هذه الأدلة؟ و هل يعني ذلك إلا إبطال الأديان بل الإنسانية ؟؟!!
              إن الحكمة لا تعتمد في أدلتها العقلية على موروث من أي جهة، ولذا تجدهم يقبلون الدليل إذا كان صحيحاً حتّى لو لم يعرف قائله، ويردون القول إذا كان دليله ضعيفاً حتّآ لو كان القائل ابن سينا ، فالعبرة عندهم بالدليل لا بصاحبه.

              و أما عامل الأهواء النفسانية فلو أراد الانسان اتباعه فإنه سيشكك حتّآ في البديهيات.

              4- و اما علم المنطق، فهو العلم الذي يهدف إلى تحديد القواعد التي يمكننا من خلالها أن نتأكد أن تفكيرنا كان صحيحاً. فنحن عندما نفكر نقوم بعمليات عقلية ، و هي عادة صحيحة، و لكننا قد نخطئ أحياناً، فكيف نتأكد من صحة تفكيرنا ؟؟ بالرجوع إلى قواعد المنطق.

              مثلاً أنتم ذكرتم هذا الاستدلال:

              كل جماد إنسان، وكل إنسان ناطق، فإذا كان زيد جماداً، فإنه إنسان ناطق.
              و هذا الاستدلال خاطئ و يمكن لكل من درس علم المنطق أن يكشف الاخطاء فيه، فمنها مثلاً أنّه غير مطابق لأي شكل من أشكال الاستدلال الصحيحة، ولذا لا يمكن الاعتماد عليه، فعلم المنطق قد حدد طرق الاستدلال الصحيحة و بين شروطها، و هذا لا ينطبق على أي منها.
              هذا من ناحية شكل هذا الاستدلال و أما من ناحية المادة (يعني نفس المقدمات) فإن البرهان يشترط فيه أن تكون مقدماته صحيحة أيضاً، فهذا مشكلتان في هذا الدليل الذي ذكرتموه اكتشفناها من خلال علم المنطق.

              ولكن الطريف يا أخي العزيز أنك تحاول الاستدلال على بطلان علم المنطق والأدلة النظرية بدليل منطقي نظري!! فمحصّل كلامك في إبطال علم المنطق هو دليل من نوع القياس الاستثنائي باصطلاح علم المنطق، و يمكن صياغته هكذا:

              لو كان علم المنطق صحيحاً لما أمكن أن يعطينا نتيجة صحيحة من مقدمات خاطئة.
              و لكنه قد أعطانا فعلاً نتيجة صحيحة من مقدمات خاطئة (لو سلمنا صحة المثال)
              النتيجة : إذاً فعلم المنطق ليس صحيحاً بل هو باطل.

              ولو أبطلنا علم المنطق و الاستدلال النظري لبطل استدلالك أيضاً.

              ******

              أعتقد أننا أشبعنا الكلام في هذه المسألة، و من أحب الاستزادة من الإخوة فنحيله على المواضيع التفصيلية التي فتحناها و سنفتحها بإذن الله لإثبات ضرورة دراسة الفلسفة لطالب العلوم الدينية و الرد على الشبهات المذكورة على ذلك.

              وفقنا الله و إياكم لما يحب و يرضى.



              تعليق


              • #52
                الأخ الفاضل المؤمن أنوار الملكوت:

                ما زلت ايها العزيز أأنس بصحبتك وأستفيد من مدادك. وقبل أن ألج في الرد دعني في البداية أنوه إلى أمر هام، وهو أنه مهما بلغ الخلاف الفكري بين رجلين يؤمنان بعصمة 14 معصوماً صلوات الله عليهم أجمعين، وغيبة القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف، فلا يجوز تحت أي مبرر أو ذريعة أن يكفر أحدهما صاحبه أو يفسقه، بل يحمله على حسن الظن، ويأخذ بظاهره ( الإيمان )، ويقول باشتباهه، أقول هذا بعدما رأيت مواضيعاً في هذه الشبكة لا يحمل أطرافها غرمائهم الفكريين على محامل حسن الظن، والله العاصم.

                1- لقد أحسنت في تلخيص نقاط إشكالاتي، ولكن ولكثرة المشاركات فقد سها عليك أخي العزيز أن تلحظ أمرين فيما سبق وشاركت به :

                الأول : أن الفلسفة كانت في مقام رد الفعل على السفسطة، وشتان ما بين الفعل ورد الفعل خصوصاً في المجالات الفكرية. فما بالك ورد الفعل هذا لم يصدر عن معصوم بل عن بشر خطاء؟

                الثاني : إشكالية ترجمة الفلسفة، وانتقائية المنقول منها، فالفلسفة اليونانية لم تصل إلينا بترجمة صحيحة، ولا بشكل كامل مفصل، هكذا يزعم خصوم الفلسفة ولم نجد رداً من أنصارها على إشكالهم.

                2- تحدثت أيها العزيز عن أن الخلاف بين الفلاسفة لا يعني فساد الفلسفة لأن الخلاف واقع في كل علم كعلم الأصول وعلم الفقه، والحق أن الفلسفة منهج عقلي نظري ، وأما الأصول فهي علم له مذهب وعللل وغاية، والفقه علم كذلك له مذهب وعلل وغاية، والفلسفة مذهب عقلي نظري كما تقدم، فلا تجوز المقارنة بينهم هذا من جهة.

                من جهة أخرى أن الفقهاء يعمدون إلى الاستباط بالدليل الشرعي، وأفتوا بالظن وعملوا بالاحتياط،، فهم معذورون عند الاختلاف خصوصاً وأنهم لم يخالفوا الضروريات.

                وأما الفلاسفة الإسلاميين فقد أعملوا العقل النظري وإن أضفوا على نتائجه نكهة إسلامية تقعد النصوص على الهوى، ولم يخجلوا من مخالفة الضرورات، حتى قال بعضهم باستحالة المعاد الجسماني ، والاعتقاد به من الضروريات، قال المرحوم السبزواري - وكان من شدة تقواه وزهده ينسب إليه الإكسير - في المنظومة:

                وإعادة المعدوم مما امتنعا .. وبعضهم فيه الضرورة ادعى

                وقد وجدت من يستشهد بهذا البيت ليزعم استحالة رجوع المعدوم، وأن المعاد سيكون بجسم آخر غير الجسم الدنيوي الذي عُدم.

                وقد كان هناك إجماع من متقدمي الإمامية على أن المشيئة من صفات الأفعال للبارئ جل شأنه، ولكن المتأخرين قالوا بأنها من صفات الذات، والإمام الرضا صلوات الله عليه يقول : المشيئة من صفات الأفعال، فمن زعم أن الله لم يزل مريداً شائياً فليس بموحد.

                ولا أريد الاستطراد في الأمثلة بل أتيت بهذين المثالين لأثبت أن الفلسفة وهي رد فعل بشري ناقص أدت إلى مخالفة الضرورات. ولا أقول بأن المشتبهين والمخطئين بأنهم معاندين أو كفرة والعياذ بالله، بل أنهم لو علموا الحق لما توانوا عنه لحظة، وكل ابن آدم معرض للاشتباه.

                3- أخي العزيز في قوله تعالى : " والشمس تجري لمستقر لها " نجد أن العلم الحديث قد أثبت أن الأرض تدور حول الشمس، وأن الشمس تسير في هذا الكون إلى حيث مستقرها ( الثقب الأسود ) وقد عبر القرآن الكريم عن الثقوب السوداء وهي مكانس النجوم بقوله تعالى : " الجوار الكنس ". فما هي نظرية أرسطو في جريان الشمس؟

                كان أرسطو يعتقد بأن الأرض تدور حول الشمس وهو مصيب، ولكنه كان يعتقد بثبات الشمس خلافاً للقرآن الكريم، فهل تصلح الفلسفة أو المنطق الأرسطي لفهم النص القرآني؟

                وهناك الكثير من الأمور التي يظنها العقل في حدوده وهي خارج نطاقه، ومن أمثلة ذلك المرض، ففي مناظرة الصادق صلوات الله عليه مع الزنديق لما سأله : " فيما استحق الطفل الصغير ما يصيبه من الأوجاع والأمراض بلا ذنب عمله، ولا جرم سلف منه؟ "

                فأجابه : " إن المرض على وجوه شتى : مرض بلوى، ومرض عقوبة، ومرض جعل علة للفناء، وأنت تزعم أن ذلك من أغذية ردية، وأشربة وبية، أو من علة كانت بأمه، وتزعم أن من أحسن السياسة لبدنه وأجمل النظر في أحوال نفسه وعرف الضار مما يأكل من النافع لم يمرض، وتميل في قولك إلى من يزعم أنه لا يكون المرض والموت إلا من المطعم والمشرب؟ قد مات أرساطا طاليس معلم الأطباء، وأفلاطون رئيس الحكماء، وجالينوس شاخ ودق بصره، وما دفع الموت حين نزل بساحته ... ".

                4- ما ذكرته يا عزيزي من مثال التفكر في أن للكون خالقاً مبدعاً فهذا من الأمور الفطرية البديهية وليست النظرية، وأما المنطق الشكلي لأرسطو الذي يعنى بالصورة الذهنية لا الحقيقة الخارجية فقد جاءت العقول النظرية بعدما جنحت إلى الشك لما أدت المقدمات الخاطئة إلى نتائج صحيحة برد فعل قاس عليه وهو المنطق التجريبي الذي يعنى بالحقائق الخارجية، ولكن المجتمعات الشرقية جامدة لم توليه اهتماماً. فما أبطل المنطق الذهني إلا الذهن، وهو تجربة بشرية لا يجوز ادعاء العصمة لها. ونحن يا أخي العزيز أتينا بمثال من داخله، ولما ندينه بفمه فهذا لا يعني أننا نتبناه، ولا نلغيه، بل نقول أننا بحاجة إلى تطويره، وما الموجودين في الساحة إلا شراح وليسوا مطورين.

                شاكراً ومقدراً لك لطفك، والله يحفظك ويرعاك.

                ياسر عبد الله
                التعديل الأخير تم بواسطة ياسر عبدالله; الساعة 10-06-2012, 11:35 AM.

                تعليق


                • #53
                  بسم الله الرحمن الرحيم

                  الأخ المكرم (ياسر عبدالله)

                  أولا أعتذر عن التأخر في الرد، فمشاغل الحياة أخذتني في الأسبوع الماضي.

                  1- إن الكلام الذي افتتحت به مشاركتك الأخيرة كلام من ذهب، و ينبغي أن يكون شعار أي حوار شيعي - شيعي، و لجماله اسمح لي ان أقتبسه:

                  وقبل أن ألج في الرد دعني في البداية أنوه إلى أمر هام، وهو أنه مهما بلغ الخلاف الفكري بين رجلين يؤمنان بعصمة 14 معصوماً صلوات الله عليهم أجمعين، وغيبة القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف، فلا يجوز تحت أي مبرر أو ذريعة أن يكفر أحدهما صاحبه أو يفسقه، بل يحمله على حسن الظن، ويأخذ بظاهره ( الإيمان )، ويقول باشتباهه، أقول هذا بعدما رأيت مواضيعاً في هذه الشبكة لا يحمل أطرافها غرمائهم الفكريين على محامل حسن الظن، والله العاصم.
                  2- و أما بالنسبة للإشكالين الذين فاتا منّي في التلخيص السابق فهذا جوابهما:

                  الأول : أن الفلسفة كانت في مقام رد الفعل على السفسطة، وشتان ما بين الفعل ورد الفعل خصوصاً في المجالات الفكرية. فما بالك ورد الفعل هذا لم يصدر عن معصوم بل عن بشر خطاء؟
                  الجواب: لم تكن الفلسفة في مقام رد فعل على السفسطة بل علم المنطق هو الذي كان كذلك. و نشوء العلم كردّة فعل لا يمثّل أي منقصة لا في الفلسفة و لا المنطق، فميزان هذه العلوم هو صحتها بذاتها بغض النظر عن سبب نشأتها. و هذا حال أكثر العلوم التي جاءت تلبية للحاجة الواقعية.

                  الثاني : إشكالية ترجمة الفلسفة، وانتقائية المنقول منها، فالفلسفة اليونانية لم تصل إلينا بترجمة صحيحة، ولا بشكل كامل مفصل، هكذا يزعم خصوم الفلسفة ولم نجد رداً من أنصارها على إشكالهم.

                  و الجواب: قد تقدّم أن قيمة الفلسفة ليست مستندة إلى صاحب الرأي، بل إلى صحة الدليل الذي يستند عليه الرأي. فلو أن رأيا فلسفيا استند على دليل صحيح و مطابق لقواعد البرهان لكان مقبولاً حتّى لو كان مجهول المصدر.
                  و لتوضيح هذه المسألة الحساسة بشكل أكبر نقول: إن ما نعتمد عليه من الآراء ينبغي أن يستند إلى حجّة و إلى مصدر موثوق يؤكّد لنا صحة هذا الرأي و أنه مطابق للواقع، و هذا الاستناد له عدة مصادر أحدها أن يقف الإنسان بنفسه على حقيقة المسألة و يراها بعينه، كمن يشك بأن النبي عيسى عليه السلام قادر على إحياء الموتى فيذهب بنفسه و يشاهد هذه المعجزة بأم عينه.
                  و أما الطريق الثاني فهو الإخبار أو النقل، و هذا الطريق لا يمكن الاعتماد عليه إلا إذا كان المخبر معصوماً مائة بالمائة.
                  و أما الطريق الثالث فهو طريق العقل، و ذلك بأن يكون هذا الرأي الذي بين أيدينا مستنداً على دليل عقلي قويم و هو ما يسمى بالبرهان. و هذا الطريق لا يعتمد أبداً على قائل الكلام بل هو حجة بذاته، و هذا الطريق هو من أهم الطرق لأنه وسيلة للتفاهم و الحوار مع المخالف و بدونه لا تبقى حجة بين الناس. فحتّى المعصوم عليه السلام عندما يتحاور و يجادل خصمه يعتمد على هذا الطريق و ليس على الطريق الثاني. و من هنا يتبين الجواب على الكثيرمن الإشكالات على الفلسفة من كونها يونانية أو غير مستمدة من المعصومين أو ان الترجمة لم تكن دقيقة، فكل هذه الأمور لا قيمة لها إن كان الدليل صحيحاً.

                  3- و أما ما زعمتم من مخالفة الفلاسفة للضروريات فهذا ما لا نسلّم به أبداً، و قد تتبعنا الكثير من هذه الدعاوي و وجدنا أنها غير دقيقة أبداً. فمثلاً مسألة المعاد من الضرورات القطعية و أما خصوصيات المعاد و كيفيته فليست كذلك، و الخلاف قائم فيها بين كل العلماء. و الحكماء لا ينكرون المعاد أبداً بل يثبتونه و يذكرون خصوصياته. و ولطنهم يقولون أن المعاد هو ليس من باب إعادة المعدوم بعينه، وهذا لا إشكال فيه و ليس من إنكار الضروريات فالإنسان عندما يموت لا يعدم بل ينتقل من دار إلى دار.
                  وحتّى الملاّ هادي السبزواري رضوان الله عليه الذي نقلت عنه قوله في المنظومة:
                  وإعادة المعدوم مما امتنعا .. وبعضهم فيه الضرورة ادعى

                  يؤكّد ما نقول خلافاً لما تصورتم، فهو يقول في هذا البيت أن إعادة المعدوم بعينه مستحيل ممتنع، و قد وقع الخلاف في أن هذه الاستحالة هل هي أمر بديهي ضروري كما ذهب إليه ابن سينا أم هو أمر غير بديهي، فبعض الحكماء كالشيخ نصير الدين الطوسي يوافقونه على استحالة المعدوم أيضا و لكن يقولون بأن الأمر ليس بديهيا بل يحتاج إلى إقامة الدليل، و لهذا يقدمون ثلاثة أدلة على المسألة.

                  وبعبارة أخرى أغلب الحكماء يقولون باستحالة إعادة المعدوم بعينه و الخلاف إنما هو في أن هذه الاستحالة أمر بديهي أم يحتاج إلى دليل!! و هذا معنى البيت الذي نقلته يا أخي. و لكن للأسف المخالفين للفلسفة حاولوا أن يتهموا الفلاسفة بأنهم ينكرون المعاد من خلال هذه المسألة، و الحال أنهم يثبتون المعاد و يقولون أن الموت و المعاد ليس من باب إعادة المعدوم بل هو نوع استكمال و انتقال من دار إلى دار.

                  4- و أما مسألة الآراء الفلكية لبعض الفلاسفة فلا علاقة لها بما نحن فيه، فهؤلاء العلماء كانوا باحثين في امور كثيرة منها الفلسفة و الرياضيات و الفيزياء و الفلك و السياسة و الأخلاق، و لا علاقة لبحوثهم في أحد العلوم بالعلم الآخر.

                  5- ألاحظ أن كثيرا من انتقاداتكم و كذلك انتقادات بعض الإخوة على الفلسفة سببها عدم اطلاعهم على علم المنطق الذي يعتبر أحد ركائز الفلسفة، و لذا أدعوهم بتأكيد أن يبذلوا بعض الجهد في التعرف على هذا العلم بصورة أدق حتّى يكون البحث أكثر تركيزا و لا يكون خلافنا لفظياً صرفاً لأنني ألاحظ مفاهيم مغلوطة لدى الكثير من الإخوة...
                  و قد فتح الأخ (جابر الجعفي) موضوعاً بعنوان :
                  علم المنطق لغير المتخصّصين (لمحة عامّة ومبسّطة) وبدأ فيه بداية موفقة، فهذه فرصة جيدة لمعرفة أساسيات هذا العلم و المناقشة فيها ...

                  أسأل الله لكم السداد و التوفيق بحق محمد و آله الأطهار.

                  تعليق


                  • #54
                    الفاضل المؤمن أنوار الملكوت:

                    تحية طيبة لشخصك الكريم، وشكر عظيم على سعة صدرك وتحملك لسطور هذا الفقير وحسن ظنك بمجاراته. وأود إفادتك بالآتي:

                    1- راجع المنهج الجديد في تعليم الفلسفة لآية الله الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي، فقد ذكر مقدمة في تاريخ الفلسفة، وأثبت أنها كانت ردت فعل على السفسطة، وليس كما تفضلتم.

                    2- الواقع من انتقائية التراث اليوناني هو استحسان بعض آرائه وبراهينها، إلى درجة جمود العقول عليها، فأصبح كبير فلاسفة اليوم شارحاً لها لا مطوراً وناقداً وباحثاً. ولو كان كامل التراث اليوناني منقولاً بترجمة صحيحة لكانت للعقول نظرة دقيقة وعمل فاحص في تناقض الفلاسفة اليونان في الضرورات، واختلافهم في تحديد المنطلقات الفلسفية ( مبدأ أصالة الوجود أم أصالة الماهية مثال على ذلك ). ولكن الانتقائية والجمود دليل على الاستحسان لا التعقل.

                    3- بالنسبة لمسألة مخالفة المعاد الجسماني فقد أقررت لنا بوقوع البعض في مخالفة الضرورة ( إعادة المعدوم ) وقد أقر السبزواري رحمه الله بأن غير المتأثرين بالفلسفة يقولون بأن إعادة المعدوم ضرورة، وذلك وفقاً للقرآن الكريم في قصة عزير ( ع ) وسؤال إبراهيم لربه ( ربي أرني كيف تحيي الموتى ). وما ورد عن أهل البيت صلوات الله عليهم : " عن الصادق (عليه السلام) أنه " سئل عن الميت هل يبلى جسده؟ قال: نعم حتى لا يبقى له لحم ولا عظم إلا طينته التي خلق منها، فإنها لا تبلى بل تبقى في القبر مستديرة حتى يخلق منها كما خلق أول مرة " " .

                    أولم يبلغك يا أخي العزيز قول كبير الفلاسفة الشيعة : " فكل جوهر نفساني مفارق يلزم شبحاً مثاليًّا ينشأ منه بحسب ملكاته وأخلاقه وهيئاته النفسانية بلا مدخلية الاستعدادات وحركات المواد كما في هذا العالم شيئاً فشيئاً " إلى أن قـــــــــــــال : " فإن قلت: النصوص القرآنية دالة على أنّ البدن الأخروي لكل إنسان هو بعينه هذا البدن الدنياوي له، قلنا: نعم ولكن من حيث الصورة لا من حيث المادة، وتمام كلّ شيء بصورته لا بمادته ". وهو صريح في إنكار المعاد الجسماني جملة وتفصيلاً؟

                    4- أما الآراء االفلكية لأرسطو فخطأها دليل على أننا لا نستطيع تفسير القرآن الكريم وفهم روايات المعصومين صلوات الله عليهم بفلسفته ومنطقه، وضربنا لك بحركة الشمس مثالاً في التباين بينه وبين القرآن الكريم.

                    5- سلمنا أن عدم اقتناعنا بالفلسفة عائد إلى عدم مطالعتنا لعلم المنطق، فهل تظن يا أخي العزيز بأن الكثير من القامات العلمية الفارعة ممن تنبذ الفلسفة لم تدرس المنطقة وتدرسه؟

                    وهل ترى المدرسين والمقتنعين بعلم المنطق اليوم هم شراح أم ناقدين ومطورين؟

                    والأهم : هل ترى أن علم المنطق علم معصوم لا يجري عليه الباطل أبداً؟

                    إننا على يقين أن كلام المعصوم صلوات الله عليهم دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوق، بل هو وحي من السماء منزل باللغة العربية، فغدت دراسة علوم اللغة ( النحو والأدب والبلاغة ) من العلوم النافعة في فهم مفردات النص الشرعي، فهل كانت الفلسفة اليونانية تعتمد على اللغة العربية لنتخذها أداة من أدوات فهم النص الشرعي؟

                    كما أن كلام المعصوم صلوات الله عليهم فيه ظاهر وباطن، ومحكم ومتشابه، فهل أحاطت الفلسفة اليونانية بتراث أهل البيت صلوات الله عليهم لتعطينا مفاتيح معرفة المحكم من المتشابه، واستنطاق البواطن من الروايات كرواية : " وروح القدس في جنان الصاقورة ذاق من حدائقنا الباكورة "؟

                    ثم هل كان كلام المعصوم صلوات الله عليه يحتوي على مصطلحات فلسفية خصوصاً وأن بعض المعصومين صلوات الله عليهم كان قد عاصر الفلسفة وآثارها فناقش الزنادقة والملحدين وأصحاب المنهج المشائي الفلسفي العقلي ( المعتزلة )؟

                    أضع هذه الأسئلة بقصد الاستفادة من شخصك الكريم والانتفاع بمعرفته لا بقصد التعجيز والتحدي ولي طلب بسيط يا أخي العزيز، وهو أنني أتقدم لك بجزيل الشكر والتقدير على الإحالات القيمة لبعض المواضيع في هذا المنتدى المبارك، ولكن ضيق الوقت وكثرة الانشغالات تمنعني عن متابعة غير هذا الموضوع، فأرجو أن لا تلزمني بمتابعة أو قراءة ما تحيلني عليه، والله يحفظك ويرعاك.

                    ياسر عبدالله

                    تعليق


                    • #55
                      الفلسفة

                      السلام عليكم...... ان الفسلفة من اكثر العلوم دقة واستوعاب وقد اشار القران الكريم لذلك حيث قال (من اوتي الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا) وان الفلسفة تريد اثبات الحق والموجود بماهو موجود من خلال المدركات العقلية السليمة ولهذا ورد (كل شي يدل عليك) وكذلك(يامن دل ع ذاته بذاته) فهنا عندما نريد البحث الفلسفي هذا لايعني اهمال احاديث اهل البيت والتخلي عن القران بل العكس تمامنا لان كل القياس من المعارف يكون عن طريق اهل البيت والقران لانهما اصحاب الكشف الاتم الذي بهم يعرف الاشياء ولكن عندما نصيغها بدليل البرهان تكون اوضح للمتلقي وها انتم تريد ان تنفوا الفلسفة بكلام قلسفي بحتا اليس هذا من الدور ثم هل يوجد احاديث عن اهل البيت او ايات تنفي دور العقل والتعقل وتقول خذوا كلامنا ولا تفكرون (مالكم كيف تحكمون

                      تعليق

                      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                      حفظ-تلقائي
                      x

                      رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                      صورة التسجيل تحديث الصورة

                      اقرأ في منتديات يا حسين

                      تقليص

                      المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                      أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 09:44 PM
                      استجابة 1
                      10 مشاهدات
                      0 معجبون
                      آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                      بواسطة ibrahim aly awaly
                       
                      أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 07:21 AM
                      ردود 2
                      12 مشاهدات
                      0 معجبون
                      آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                      بواسطة ibrahim aly awaly
                       
                      يعمل...
                      X