بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّل فَرَجَهم
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ ، وَ اجْعَلْنِي لَهُمْ قَرِيناً ، وَ اجْعَلْنِي لَهُمْ نَصِيراً ،
وَ امْنُنْ عَلَيَّ بِشَوْقٍ إِلَيْكَ ، وَ بِالْعَمَلِ لَكَ بِمَا تُحِبُّ وَ تَرْضَى ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَ ذَلِكَ عَلَيْكَ يَسِيرٌ
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ
هذا حوار ومناقشة مع ابن تيمية حول رسالة من رسائله وهي بعنوان
( فضل أبي بكر الصِّديق رضي الله عنه تأليف شيخ الإسلام أحمد بن عبد
الحليم ابن تيمية النميري المتوفى سنة 728هـ
تحقيق د. عبد العزيز بن محمد الفريح
الأستاذ المساعد في كلية الحديث الجامعة الإسلامية
الناشر : مجلة جامعة أم القرى لعلوم الشريعة
الطبعة : المجلد 13، العدد 22، ربيع الأول 1422هـ / مايو (أيار)
2001م ).
قال ابن تيمية :
( الحمد لله [1/أ] رب العالمين. يجب أن نعلم أولاً أن التفضيل إنما يكون إذا
ثبت للفاضل من الخصائص ما لا يوجد للمفضول، فإذا استويا في أسباب
الفضل وانفرد أحدهما بخصائص لم يشركه فيها الآخر كان أفضل منه، وأمّا
ما كان مشتركا بين الرجل وغيره من المحاسن فتلك مناقب وفضائل ومآثر
لكن لا توجب تفضيله على غيره، وإذا كانت مشتركة فليست من خصائصه.
وإذا كانت كذلك ففضائل الصديق - رضي الله عنه - الذي ميّز بها خصائص
لم يشركه فيها أحد، وأما فضائل علي - رضي الله عنه - فمشتركة بينه
وبين الناس غيره . )
قلتُ :
الاختصاص بالفضائل وحده لا يعني الأفضلية على الغير فقد يختص الإنسان
بفضيلة عن غيره لكنها قد تكون ذات شأن وفضل قليل وقد يشترك الإنسان
مع غيره في فضيلة يكون أفضلهم في هذه الفضيلة هو الأفضل كما قال الله
عز وجل في سورة الحجرات ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) وتفسيرها ( إن
أرفعكم منزلة عند الله فى الدنيا والآخرة أتقاكم له )( إن أكرمكم عند الله
أشدكم اتقاءً له )( فأكرمهم عند الله، أتقاهم، وهو أكثرهم طاعة وانكفافاً عن
المعاصي ) .
فصفة التقوى مشتركة بين المؤمنين لكن أفضل المؤمنين فيها هو أكثرهم
تقوى لله عز وجل وهو أفضلهم عند الله عز وجل .
كذلك عند المقارنة بين شخصين في الفضائل فإنها قد تكون لأحد الشخصين
ومشتركة مع غيره من الناس لكن غير موجودة في الشخص الآخر المقارن
معه ، فلو قلنا أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام له فضائل
وهذه الفضائل مشتركة مع غيره من الصحابة فعند المقارنة بينهما تكون
نتيجة المقارنة بينهما هي المساواة في التفضيل عند التساوي في هذه
الفضائل ، لكن لو كانت هذه الفضائل غير موجودة في الصحابي المقارن معه
فهذه الفضائل تكون مفضلة لعلي بن أبي طالب عليه السلام على هذا الصحابي
الذي ليس له تلك الفضائل ، فهي بالنسبة للصحابي المشارك له في هذه
الفضائل فضائل ، لكن بالنسبة للصحابي الذي لم يشاركه معه هذه الفضائل
فهي فضائل اختص بها دونه ، فيكون أفضل منه بهذه الفضائل التي اختص
بها دونه عند المقارنة بينهما مع كون هذه الفضائل من الفضائل الكثيرة
الفضل والشأن .
وتوجد لعلي بن أبي طالب عليه السلام فضائل اختص بها دون غيره من
الصحابة وليس كما يدعي ابن تيمية بأنها مشتركة بينه وبين الناس .
**********
قال ابن تيمية :
( وذلك أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لو كنت متخذاً من أهل الأرض
خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلا، لا تبقين في المسجد خوخة (48) إلا سدت إلا
خوخة أبي بكر، إن أمنّ الناس عليَّ في صحبته لي وذات يده أبو بكر)) (49)
، أخرجاه في الصحيحين من حديث أبي سعيد (50) (51) ، وقصة الخلة في
الصحيح من وجوه متعددة (52) .
وهذا الحديث فيه ثلاث خصائص لم يشرك أبا بكر فيها غيره:
قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن أمنّ الناس علينا في صُحبته وذات يده
أبو بكر)) بيّن فيه أنه ليس لأحد من الصحابة عليه من حق في صحبته وماله
مثل ما لأبي بكر رضي الله عنه.) .
قلتُ :
قال ابن عباس ( وَشَرَى عَلِيٌّ نَفْسَهُ لَبِسَ ثَوْبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ
نَامَ مَكَانَهُ ) ويقصد هنا أن علي بن أبي طالب عليه السلام بات مكان النبي
صلى الله عليه وآله وسلم وقت الهجرة النبوية وباع نفسه فداءً للنبي صلى
الله عليه وآله وسلم كما قال الله عز وجل في سورة البقرة ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ
يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (207))
والحديث الذي ذكره ابن تيمية رواه أيضاً البخاري وأبي داود بلفظ قال فيه
الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ( إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ
وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ ) ففي هذا اللفظ يوجد حرف الجر ( من ) وهي تفيد التبعيض
وأنه فرد من جماعة ، فهذه الفضيلة فيها مشاركة بين أبي بكر وغيره من
الصحابة ، كما أن الرواية التي لم يذكر فيها حرف الجر ( من ) قد دلت أيضاً
على المشاركة وعدم الإختصاص وقد بين ذلك شراح هذا الحديث فقالوا :
1 ـ قال ابن حجر العسقلاني :
( قَوْلُهُ إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ أَكْثَرُهُمْ جُودًا لَنَا بِنَفْسِهِ
وَمَالِهِ )
(وَقَالَ بن بَرِّيٍّ يَجُوزُ الرَّفْعُ إِذَا جَعَلْتَ مِنْ صِفَةً لِشَيْءٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ إِنَّ رَجُلًا
أَوْ إِنْسَانًا مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ فَيَكُونُ اسْمُ إِنَّ مَحْذُوفًا وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ فِي مَوْضِعِ
الصِّفَةِ وَقَوْلُهُ أَبُو بَكْرٍ الْخَبَرُ وَقَوْلُهُ أَمَنَّ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ مِنَ الْمَنِّ بِمَعْنَى الْعَطَاءِ
وَالْبَذْلِ بِمَعْنَى إِنَّ أَبْذَلَ النَّاسِ لِنَفْسِهِ وَمَالِهِ لَا مِنَ الْمِنَّةِ الَّتِي تُفْسِدُ الصَّنِيعَةَ وَقَدْ
تَقَدَّمَ تَقْرِيرُ ذَلِكَ فِي بَابِ الْخَوْخَةِ وَأَغْرَبَ الدَّاوُدِيُّ فَشَرَحَهُ عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْمِنَّةِ
وَقَالَ تَقْدِيرُهُ لَوْ كَانَ يَتَوَجَّهُ لِأَحَدٍ الِامْتِنَانُ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لَتَوَجَّهَ لَهُ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَقَوْلُهُ امن النَّاس فِي رِوَايَة الْبَاب مايوافق حَدِيث بن
عَبَّاسٍ بِلَفْظِ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَمَنَّ عَلَيَّ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَقَوْلُهُ
امن النَّاس فِي رِوَايَة الْبَاب مايوافق حَدِيث بن عَبَّاسٍ بِلَفْظِ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ
أَمَنَّ عَلَيَّ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا مِنْ فَإِنْ قُلْنَا
زَائِدَةٌ فَلَا تَخَالُفَ وَإِلَّا فَتُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ لِغَيْرِهِ مُشَارَكَةً مَا فِي الْأَفْضَلِيَّةِ
إِلَّا أَنَّهُ مُقَدَّمٌ فِي ذَلِكَ بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ السِّيَاقِ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ مَا لِأَحَدٍ عِنْدَنَا يَدٌ إِلَّا كَافَأْنَاهُ عَلَيْهَا مَا خَلَا
أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا يَدًا يُكَافِئُهُ اللَّهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ (1) فَإِنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى
ثُبُوتِ يَدٍ لِغَيْرِهِ إِلَّا أَنَّ لِأَبِي بَكْرٍ رُجْحَانًا فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ أَطْلَقَ أَرَادَ أَنَّهُ
أَرْجَحُهُمْ فِي ذَلِكَ وَحَيْثُ لَمْ يُطْلِقْ أَرَادَ الْإِشَارَةَ إِلَى مَنْ شَارَكَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ
ذَلِكَ )
ـ
____________
(1) قال الألباني " ضعيف " . ضعيف الجامع رقم : 5130 .
ـ فتح الباري شرح صحيح البخاري ج 1 ، ج 7 ـ
2 ـ قال القسطلاني :
(إن من أمن الناس عليّ في صحبته وماله) بفتح الهمزة والميم وتشديد النون
فعل تفضيل من المنّ بمعنى العطاء والبذل أي أن من أبذل الناس لنفسه وماله
)
ـ إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري ج 6 ـ
3 ـ قال جلال الدين السيوطي :
( إن أمن الناس علي أي أكثرهم جودا وسماحة لي )
ـ الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج ـ
5 ـ قال الملا على القاري :
( قال التوربشتي يريد أن من أبذلهم وأسمحهم )
ـ مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ج 17 ـ
فهذه الأقوال السابقة تبين أن هذه الفضيلة ليست من خصائص الصحابي أبي
بكر بل يشترك معه فيها غيره من الصحابة وقد كان منهم أمير المؤمنين علي
بن أبي طالب عليه السلام ، وبهذا يتبين خطأ ابن تيمية في تخصيصه لأبي
بكر بهذه الفضيلة وأنه لم يشركه فيها غيره .
*********
قال ابن تيمية :
( الثاني: [1/ب] قوله: ((لا تبقين في المسجد خوخة إلا سدت إلا خوخة أبي
بكر)) ، وهذا تخصيصٌ له دون سائر الصحابة، وقد أراد بعض الكذابين أن
يروي لعلي - رضي الله عنه - مثل ذلك، لكن الصحيح الثابت لا يعارض
بالضعيف الموضوع (53) .
____________
(53) قال ابن الجوزي: طرقه كلها باطلة، وقال: هذه الأحاديث من وضع
الرافضة قابلوا به حديث أبي بكر في الصحيح. (انظر: الفوائد المجموعة
للشوكاني ص316) بينما يرى الحافظ ابن حجر في القول المسدد ص16-
18 أن الأحاديث في هذا الباب صحيحة بل بمجموعها يقطع بصحتها.
وقال عبد الرحمن بن يحيى المعلمي في تعليقه على الفوائد المجموعة
ص317 ما نصه: ((وتصدى الحافظ ابن حجر في القول المسدد والفتح
للدفاع عن بعض روايات الكوفيين، وفي كلامه تسامح، والحق أنه لا تسلم
رواية منها عن وهن)) .
قلت: وأقرب هذه الروايات إلى الصحة ما رواه الإمام النسائي عن طريق
شعبة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس قال: أمر رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - بأبواب المسجد فسُدّت إلا باب علي رضي الله عنه.
وإسناده صحيح. الخصائص ص50 (41) .
وهو مخرج في جامع الترمذي 5/641 رقم 3732 كتاب المناقب باب مناقب
علي. ) .
قلتُ :
1 ـ إدعاء ابن تيمية بأن حديث سد الأبواب إلا باب علي بن أبي طالب عليه
السلام ضعيف موضوع ورده للأحاديث الصحيحة أمر ليس بجديد عليه ،
وقد قال الشيخ الألباني رداً عليه في حديث آخر ـ وسيأتي في هذه الرسالة
ـ ( رأيت شيخ الإسلام بن تيمية ، قد ضعف الشطر الأول من الحديث ، و أما
الشطر الآخر ، فزعم أنه كذب ! و هذا من مبالغته الناتجة في تقديري من
تسرعه في تضعيف الأحاديث قبل أن يجمع طرقها و يدقق النظر فيها .)
ـ السلسلة الصحيحة للألباني ج 4 ـ
2 ـ كما هو واضح بهامش هذه الرسالة فقد قام المحقق الدكتور عبد العزيز
بن محمد الفريح بذكر الأقوال الواردة في هذا الحديث ثم صحح إسناد الرواية
المذكورة في كتاب ( خصائص علي ) للنسائي كما هو واضح في الهامش ،
وأضيف على هذا الكلام الأقوال الآتية :
قال ابن حجر العسقلاني
( فَهَذِهِ طَرِيقَةٌ لَا بَأْسَ بِهَا فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ وَبِهَا جَمَعَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ
الْمَذْكُورَيْنِ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ فِي مُشْكِلِ الْآثَارِ وَهُوَ فِي أَوَائِلِ الثُّلُثِ الثَّالِثِ
مِنْهُ وَأَبُو بَكْرٍ الْكَلَابَاذِيُّ فِي مَعَانِي الْأَخْبَارِ )
ـ فتح الباري شرح صحيح البخاري ج 7 الناشر: دار المعرفة - بيروت،
1379رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه: محمد فؤاد عبد الباقي
قام بإخراجه وصححه وأشرف على طبعه: محب الدين الخطيب ـ
قال القسطلاني القتيبي
( وقد وقع في حديث سعد بن أبي وقاص عند أحمد والنسائي بإسناد قوي
أمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بسدّ الأبواب الشارعة في المسجد
وترك باب علي.
وفي رواية للطبراني في الأوسط برجال ثقات من الزيادة فقالوا: يا رسول الله
سددت أبوابها فقال: "ما أنا سددتها ولكن الله سدها". ونحوه عند أحمد
والنسائي والحاكم ورجاله ثقات عن زيد بن أرقم وابن عباس وزاد: فكان
يدخل المسجد وهو جنب ليس له طريق غيره، رواه أحمد والنسائي ورجاله
ثقات، ونحوه من حديث جابر بن سمرة عند الطبراني.
وبالجملة فهي كما قاله الحافظ ابن حجر أحاديث يقوّي بعضها بعضًا وكل
طريق منها صالح للاحتجاج فضلاً عن مجموعها )
ـ إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري ج 6 الناشر: المطبعة الكبرى
الأميرية، مصر الطبعة: السابعة، 1323 هـ ـ
قال محمد أنور الكشميري
( وفي حديث قوي الإِسناد «أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلّم أَمَرَ بسدِّ الأبوابِ
غير باب علي رضي الله عنه» وحكم عليه ابن الجوزي بالوضع ولم يُسَلِّمه
الحافظ، ونَقَل عن الطَّحاوي من «مشكلِهِ» أنَّ هذين الحديثين محولان على
الوقتين، فكان الأمر أوَّلا كما في الحديث المار ثم أمر بسد باب عليّ رضي الله
عنه أيضًا وصار الأمر كما في حديث الباب.
وحاصلهُ: أن استثناء باب عليّ رضي الله عنه متقدم، واستثناء خَوْخَة أبي
بكر رضي الله عنه في مرض وفاتِهِ صلى الله عليه وسلّم وقد مرَّ أنَّ استثناءَ
باب عليّ رضي الله عنه كان لاِخْتِصَاصِهِ ببعضِ أحكام المسجد، كالمرور في
المسجد جنبًا، وقد مَرَّ أَنَّ موسى وهرون عليهما الصَّلاة والسَّلام أيضًا كانا
مُخْتَصَّيْن ببعضِ الأحكامِ، وقال النَّبي صلى الله عليه وسلّم «أنت مني بمنزلة
هرون من موسى»، وقد مرَّ تقريره مبسوطًا )
ـ فيض الباري شرح البخاري ج 2 ـ
قال محمد عبد الرؤوف المناوي
( قال ابن حجر في موضع بأسانيد قوية وفي آخر برجال ثقات من الأمر بسد
كل باب في المسجد إلا باب علي وفي بعضها للطبراني : " قالوا : يا رسول
الله سددت أبوابنا فقال : ما أنا سددتها ولكن الله سدها " ولأحمد والنسائي
والحاكم : " سدوا هذه الأبواب إلا باب علي فتكلم ناس في ذلك فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : إني والله ما سددت شيئا ولا فتحته ولكن أمرت
بشئ فاتبعته " قال ابن حجر : ورجال الكل ثقات ، وللطبراني عن ابن سمرة "
أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسد الأبواب كلها غير باب علي فربما
مر فيه وهو جنب : وللنسائي من طريق العلاء بن عرار قلت لابن عمر
أخبرني عن علي وعثمان فذكر الحديث وفيه : " وأما علي فلا تسأل عنه أحدا
وانظر إلى منزلته من رسول الله صلى الله عليه وسلم سد أبوابنا في المسجد
وأقر بابه " قال ابن حجر : ورجاله رجال الصحيح إلا العلاء.
وقد وثقه ابن معين وغيره قال : فهذه أحاديث كل طريق منها صالح
للاحتجاج فضلا عن مجموعها.
وقد أورد ابن الجوزي الحديث في الموضوعات بتوهمه معارضتها لحديث أبي
بكر مع أنه قد جمع جمع منهم البزار والكلاباذي والطحاوي بأن سد الأبواب
وقع مرتين ففي الأولى استثنى باب علي لأن بابه كان إلى جهة المسجد ولم
يكن لبيته غيره فلما أمروا بسدها سدوها وأحدثوا خوخا يستقربون الدخول
للمسجد منها فأمروا بعد بسدها غير خوخة أبي بكر (عم) وكذا الديلمي وابن
مردويه (عن ابن عباس).
قال في الفتح : رجاله ثقات.)
ـ فيض القدير شرح الجامع الصغير ج 1 ضبطه وصححه أحمد عبد السلام
جميع الحقوق محفوظة لدار الكتب العلمية بيروت - لبنان الطبعة الاولى
1415 ه - 1994 م ـ
قال ابن حجر الهيتمي الأنصاري
( قَالَ الْعُلَمَاءُ : وَلَا يُعَارِضُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الْأُخْرَى الْكَثِيرَةُ الْمُتَوَاتِرَةُ أَيْضًا
الْمُصَرِّحَةُ بِسَدِّ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا حَتَّى بَابِ أَبِي بَكْرٍ إلَّا بَابَ عَلِيٍّ ؛ لِأَنَّهُمَا قَضِيَّتَانِ
فَقَضِيَّةُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَتْ مُتَقَدِّمَةً وَهِيَ فِي سَدِّ الْأَبْوَابِ الشَّارِعَةِ ،
وَقَدْ كَانَ أَذِنَ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يَمُرَّ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ جُنُبٌ .)
ـ الفتاوى الفقهية الكبرى ج 3 الناشر: المكتبة الإسلامية ـ
قال محمد بن جعفر الكتاني
( (حديث الأمر بسد الأبواب في المسجد إلا باب علي والخوخ إلا خوخة أبي
بكر).
أمره عليه السلام بسد الأبواب في المسجد إلا باب علي وبسد الخوخ والمراد
بها طاقات كانت في المسجد يستقربون الدخول منها إلا خوخة أبي بكر أما
سد الأبواب إلا باب علي فممن رواه (1) سعد بن أبي وقاص (2) وزيد بن
أرقم (3) وابن عباس (4) وجابر بن سمرة (5) وابن عمر (6) وعلي (7)
وجابر بن عبد الله (8) وأنس بن مالك (9) وبريدة الأسلمي وأما سد الخوخ
إلا خوخة أبي بكر فممن روأيضا (1) أبو سعيد الخدري (2) وابن عباس (3)
وجندب (4) وأبو الحويرث وقد أورد في الحاوي بعض طرقهما وقال ثبت
بهذه الأحاديث الصحيحة بل المتواترة أنه صلى الله عليه وسلم منع من فتح
باب شارع إلى المسجد ولم يأذن في ذلك لأحد ولا لعمه العباس ولا لأبي بكر
إلا لعلي لمكان ابنته منه ومن فتح خوخة صغيرة أو طاقة أو كوة ولم يأذن
في ذلك لأحد ولا لعمر ولا لأبي بكر خاصة لمكان الخلافة ولكونه أفضل الناس
يدا عنده اه.
وقد أورد ابن الجوزي في الموضوعات حديث سد باب علي مقتصرا على
مختصرا بعض طرقه وأعله ببعض من تكلم فيه من رواته وليس ذلك بقادح
وأعله أيضا بمخالفته للأحاديث الصحيحة في باب أبي بكر وزعم أنه من وضع
الرافضة قابلوا به حديث أبي بكر في الصحيح قال الحافظ ابن حجر وقد أخطأ
في ذلك خطئا شنيعا لرده الأحاديث الصحيحة بتوهم المعارضة مع إمكان
الجمع وفي اللألي المصنوعة للسيوطي قال شيخ الإسلام في القول المسدد
في الذب عن مسند أحمد قول ابن الجوزي في هذا الحديث أنه باطل وأنه
موضوع دعوى لم يستدل عليها إلا بمخالفة الحديث الذي في الصحيحين وهذا
إقدام على رد الأحاديث الصحيحة بمجرد التوهم ولا ينبغي الإقدام على حكم
بالوضع إلا عند إمكان الجمع ولا يلزم من تعذر الجمع في الحال أنه لا يمكن
بعد ذلك لأن فوق كل ذي علم عليم وطريق الورع في مثل هذا أن لا يحكم
على الحديث بالبطلان بل يتوقف فيه إلى أن يظهر لغيره ما لم يظهر له وهذا
الحديث من هذا الباب هو حديث مشهور له طرق متعددة كل طريق منها على
انفرادها لا تقصر عن رتبة الحسن ومجموعها مما يقطع بصحته على طريقة
كثير من أهل الحديث اه والمراد منه.)
ـ نظم المتناثر من الحديث المتواتر ص 191 المحقق: شرف حجازي الطبعة
الثانية دار الكتب السلفية للطباعة والنشر بمصر ـ
قال محمد طاهر الفتني
( " سدوا الأبواب إلا باب علي " أورده من حديث سعد وعمر وزيد ابن أرقم
وابن عباس وأعله بمخالفة الحديث المتفق على صحته إلا باب أبي بكر وأنه
من وضع الرافضة ، وفي أسانيده كذاب أو مجهول أو لا شئ أو منكر قلت
قال ابن حجر هذا أقدام على رد الأحاديث الصحيحة بمجرد التوهم ، وفي
اللآلئ هو حديث مشهور له طرق متعددة كل طريق لا يقصر عن رتبة الحسن
وبمجموعها يقطع بصحته ، وفي الوجيز وقد جمع الطحاوي بينه وبين حديث
الصحيحين بأن قصة علي في الأبواب الشارعة وكان إذن له بالمرور في
المسجد جنبا وقصة أبي بكر في مرض الوفاة في سد طاقة كانوا يستقربون
الدخول منها ومن طعن فيهم أما متابع أو وثقه آخرون ولبعضها طريق آخر
صحيح وصحح الحاكم حديث سعد (1) وأخرجه غير واحد.)
ـ تذكرة الموضوعات ص 95 ـ
قال محمد بن علي الشوكاني
( وبالجملة فالحديث ثابت لا يحل لمسلم أن يحكم ببطلانه وله طرق كثيرة جدا
قد أوردها صاحب اللآلىء وقد صحح حديث زيد بن أرقم في المستدرك وكذلك
الضياء في المختارة وإعلاله بميمون غير صحيح فقد وثقه غير واحد وصحح
له الترمذي وأما حديث ابن عمر فقد رواه أحمد في المسند بإسناد رجاله ثقات
وليس فيه هشام بن سعد والكلام على رد ما قاله ابن الجوزي يطول وفيما
ذكرناه كفاية إن شاء الله تعالى )
ـ الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ص 361 الناشر : المكتب
الإسلامي - بيروت الطبعة الثالثة ، 1407تحقيق : عبد الرحمن يحيى
المعلمي ـ
قال الألباني
( وقال العقيلي عقبه :
" وقد روي من طريق أصلح من هذا ، وفيها لين أيضا " .
قلت : ولعله يشير إلى حديث أبي بلج : حدثنا عمرو بن ميمون عن ابن
عباس مرفوعا مختصرا بلفظ :
" سدوا أبواب المسجد غير باب علي " . قال : " فيدخل المسجد جنبا وهو
طريقه ، ليس له طريق غيره " .
أخرجه أحمد ( 1/330 - 331 و 331 ) عن أبي عوانة ، والترمذي (
2/301 ) ، والنسائي في " الخصائص " ( 63/42 ) عن شعبة عنه نحوه ؛
دون دخول المسجد وقال :
" حديث غريب " .
قلت : وإسناده جيد ، رجاله ثقات رجال الشيخين ؛ غير أبي بلج - وهو
الفزاري الكوفي - وهو صدوق ربما أخطأ كما في " التقريب " .
وهذا القدر من الحديث صحيح له شواهد كثيرة يقطع الواقف عليها بصحته ،
فراجع " اللآلي المصنوعة " للسيوطي ( 1/346 - 352 ) ، و " الفتح " (
7/14 - 15 ) .)
ـ السلسلة الضعيفة ج 6 ـ
( سنن الترمذي )
3732 حدثنا محمد بن حميد الرازي حدثنا إبراهيم بن المختار عن شعبة عن
أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم أمر بسد الأبواب إلا باب علي قال أبو عيسى هذا حديث غريب لا نعرفه
عن شعبة بهذا الإسناد إلا من هذا الوجه .
تحقيق الألباني :
صحيح الضعيفة تحت الحديث ( 4932 و 4951 )
ـ صحيح وضعيف سنن الترمذي ج 8 ـ
وأضيف أيضاً على ما سبق
( 8692 - ابن عباس: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمرَ بسدِ
الأبوابِ إلاَّ بابَ عليٍّ. هي للترمذي (1).
_________
(1) الترمذي (3732)، وقال: غريب. وصححه الألباني في صحيح الترمذي
(2935).
ـ جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزَّوائِد لمؤلفه محمد بن محمد
الردواني المغربي المالكي تحقيق وتخريج: أبو علي سليمان بن دريع الناشر:
مكتبة ابن كثير، الكويت - دار ابن حزم، بيروتالطبعة: الأولى، 1418 هـ -
1998 م ـ
((40) أخبرنا زكريا بن يحيى السجستاني قال: حدثنا عبد الله بن عمر، قال:
أخبرنا محمد بن وهب ( بن أبي كريمة الحراني) قال: أخبرنا مسكين قال:
حدثنا شعبة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس قال: أمر
رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبواب المسجد فسدت ، إلا باب علي رضي
الله عنه .
(41) أخبرنا محمد بن المثنى قال: حدثنا يحيى بن حماد، قال: حدثنا أبو
وضاح قال: أخبرنا يحيى، حدثنا عمرو بن ميمون، قال: قال ابن عباس: وسد
أبواب المسجد غير باب علي رضي الله عنه، فكان يدخل المسجد وهو جنب
،وهو طريقه ، ليس له طريق غيره .
___________
(40) إسناده حسن .
تعليق أحمد ميرين البلوشي ( 42 / 108 ) : إسناده حسن .
(41) إسناده حسن .
تعليق أحمد ميرين البلوشي ( 43 / 109 ) : إسناده حسن . رجاله رجال
الشيخين سوى يحيى بن سليم وهو صدوق .)
ـ تهذيب خصائص الإمام علي للإمام النسائي حققه وخرجه أبو إسحاق
الحويني الأثري حجازي بن محمد بن شريف دار الكتب العلمية بيروت لبنان
الطبعة الأولى 1405 هـ - 1984 م ـ
خلاصة القول من هذا الكلام
الحديث صحيح على عكس ما يزعم ابن تيمية من أنه ضعيف موضوع ، و
بثبوت صحة هذا الحديث لا يكون هناك تخصيص بهذا الحديث لأبي بكر دون
غيره كما قال ابن تيمية بل شاركه وسبقه به أمير المؤمنين علي بن أبي
طالب عليه السلام .
*******
قال ابن تيمية
( الثالث: قوله: ((لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا))
فإنه نص أنه لا أحد (54) من البشر يستحق الخلة لو كانت ممكنة إلا أبو
بكر، ولو كان غيره أفضل منه لكان أحق بالخلة لو كانت واقعة.)
قلتُ
قد خص الله عز وجل علي بن أبي طالب عليه السلام بما هو أعلى من الخلة
فجعله نفس النبي صلى الله عليه وآله وسلم في القرآن الكريم فقال الله عز
وجل في سورة آل عمران
بسم الله الرحمن الرحيم
( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ
وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ
(61) )
ورد في تفسيرها
32 - (2404) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ قَالَا
حَدَّثَنَا حَاتِمٌ وَهُوَ ابْنُ إِسْمَعِيلَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مِسْمَارٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي
وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَمَرَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ سَعْدًا فَقَالَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسُبَّ
أَبَا التُّرَابِ فَقَالَ أَمَّا مَا ذَكَرْتُ ثَلَاثًا قَالَهُنَّ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَلَنْ أَسُبَّهُ لَأَنْ تَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَهُ خَلَّفَهُ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ فَقَالَ
لَهُ عَلِيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ خَلَّفْتَنِي مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا
نُبُوَّةَ بَعْدِي وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ قَالَ فَتَطَاوَلْنَا لَهَا فَقَالَ ادْعُوا لِي عَلِيًّا فَأُتِيَ بِهِ أَرْمَدَ فَبَصَقَ
فِي عَيْنِهِ وَدَفَعَ الرَّايَةَ إِلَيْهِ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ
{ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ } [آل عمران: 61]
دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا فَقَالَ اللَّهُمَّ
هَؤُلَاءِ أَهْلِي .
ـ صحيح مسلم ج 4 المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي
الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت ـ
فهذا الصحابي سعد بن أبي وقاص يقول " لَأَنْ تَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ
مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ "
وحمر النعم كما قال علماء الحديث
( هِيَ أَنْفُسُ أَمْوَال الْعَرَب ، يَضْرِبُونَ بِهَا الْمَثَل فِي نَفَاسَةِ الشَّيْء ، وَأَنَّهُ لَيْسَ
هُنَاكَ أَعْظَم مِنْهُ )
فهذا المثل يبين مدى عظمة هذه الفضائل التي اختص بها علي بن أبي طالب
عليه السلام دون غيره من الصحابة .
قال أبو بكر الآجُرِّيُّ البغدادي
( وأمر الله عز وجل نبيه بالمباهلة لأهل الكتاب لما دعوه إلى المباهلة ، فقال
الله عز وجل : ( قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا
وأنفسكم (1) ) فأبناؤنا وأبناؤكم : فالحسن والحسين رضي الله عنهما
ونساؤنا ونساؤكم : فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنفسنا
وأنفسكم : علي بن أبي طالب رضي الله عنه )
ـ الشريعة تحقيق الوليد بن محمد بن نبيه ـ
قال الحسن بن محمد النيسابوري
( نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ أي يدع كل منا ومنكم أبناءه ونساءه ويأت هو بنفسه
وبمن هو كنفسه إلى المباهلة. وإنما يعلم إتيانه بنفسه من قرينة ذكر النفس
ومن إحضار من هم أعز من النفس، ويعلم إتيان من هو بمنزلة النفس من
قرينة أن الإنسان لا يدعو نفسه.)
ـ تفسيرغرائب القرآن ورغائب الفرقان ج 2 المحقق: الشيخ زكريا عميرات
الناشر: دار الكتب العلميه - بيروت الطبعة: الأولى - 1416 هـ ـ
فعلي بن أبي طالب عليه السلام نفس النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو
بهذه الخصوصية أفضل من أبي بكر وغيره من الصحابة .
*********
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّل فَرَجَهم
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ ، وَ اجْعَلْنِي لَهُمْ قَرِيناً ، وَ اجْعَلْنِي لَهُمْ نَصِيراً ،
وَ امْنُنْ عَلَيَّ بِشَوْقٍ إِلَيْكَ ، وَ بِالْعَمَلِ لَكَ بِمَا تُحِبُّ وَ تَرْضَى ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَ ذَلِكَ عَلَيْكَ يَسِيرٌ
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ
هذا حوار ومناقشة مع ابن تيمية حول رسالة من رسائله وهي بعنوان
( فضل أبي بكر الصِّديق رضي الله عنه تأليف شيخ الإسلام أحمد بن عبد
الحليم ابن تيمية النميري المتوفى سنة 728هـ
تحقيق د. عبد العزيز بن محمد الفريح
الأستاذ المساعد في كلية الحديث الجامعة الإسلامية
الناشر : مجلة جامعة أم القرى لعلوم الشريعة
الطبعة : المجلد 13، العدد 22، ربيع الأول 1422هـ / مايو (أيار)
2001م ).
قال ابن تيمية :
( الحمد لله [1/أ] رب العالمين. يجب أن نعلم أولاً أن التفضيل إنما يكون إذا
ثبت للفاضل من الخصائص ما لا يوجد للمفضول، فإذا استويا في أسباب
الفضل وانفرد أحدهما بخصائص لم يشركه فيها الآخر كان أفضل منه، وأمّا
ما كان مشتركا بين الرجل وغيره من المحاسن فتلك مناقب وفضائل ومآثر
لكن لا توجب تفضيله على غيره، وإذا كانت مشتركة فليست من خصائصه.
وإذا كانت كذلك ففضائل الصديق - رضي الله عنه - الذي ميّز بها خصائص
لم يشركه فيها أحد، وأما فضائل علي - رضي الله عنه - فمشتركة بينه
وبين الناس غيره . )
قلتُ :
الاختصاص بالفضائل وحده لا يعني الأفضلية على الغير فقد يختص الإنسان
بفضيلة عن غيره لكنها قد تكون ذات شأن وفضل قليل وقد يشترك الإنسان
مع غيره في فضيلة يكون أفضلهم في هذه الفضيلة هو الأفضل كما قال الله
عز وجل في سورة الحجرات ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) وتفسيرها ( إن
أرفعكم منزلة عند الله فى الدنيا والآخرة أتقاكم له )( إن أكرمكم عند الله
أشدكم اتقاءً له )( فأكرمهم عند الله، أتقاهم، وهو أكثرهم طاعة وانكفافاً عن
المعاصي ) .
فصفة التقوى مشتركة بين المؤمنين لكن أفضل المؤمنين فيها هو أكثرهم
تقوى لله عز وجل وهو أفضلهم عند الله عز وجل .
كذلك عند المقارنة بين شخصين في الفضائل فإنها قد تكون لأحد الشخصين
ومشتركة مع غيره من الناس لكن غير موجودة في الشخص الآخر المقارن
معه ، فلو قلنا أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام له فضائل
وهذه الفضائل مشتركة مع غيره من الصحابة فعند المقارنة بينهما تكون
نتيجة المقارنة بينهما هي المساواة في التفضيل عند التساوي في هذه
الفضائل ، لكن لو كانت هذه الفضائل غير موجودة في الصحابي المقارن معه
فهذه الفضائل تكون مفضلة لعلي بن أبي طالب عليه السلام على هذا الصحابي
الذي ليس له تلك الفضائل ، فهي بالنسبة للصحابي المشارك له في هذه
الفضائل فضائل ، لكن بالنسبة للصحابي الذي لم يشاركه معه هذه الفضائل
فهي فضائل اختص بها دونه ، فيكون أفضل منه بهذه الفضائل التي اختص
بها دونه عند المقارنة بينهما مع كون هذه الفضائل من الفضائل الكثيرة
الفضل والشأن .
وتوجد لعلي بن أبي طالب عليه السلام فضائل اختص بها دون غيره من
الصحابة وليس كما يدعي ابن تيمية بأنها مشتركة بينه وبين الناس .
**********
قال ابن تيمية :
( وذلك أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لو كنت متخذاً من أهل الأرض
خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلا، لا تبقين في المسجد خوخة (48) إلا سدت إلا
خوخة أبي بكر، إن أمنّ الناس عليَّ في صحبته لي وذات يده أبو بكر)) (49)
، أخرجاه في الصحيحين من حديث أبي سعيد (50) (51) ، وقصة الخلة في
الصحيح من وجوه متعددة (52) .
وهذا الحديث فيه ثلاث خصائص لم يشرك أبا بكر فيها غيره:
قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن أمنّ الناس علينا في صُحبته وذات يده
أبو بكر)) بيّن فيه أنه ليس لأحد من الصحابة عليه من حق في صحبته وماله
مثل ما لأبي بكر رضي الله عنه.) .
قلتُ :
قال ابن عباس ( وَشَرَى عَلِيٌّ نَفْسَهُ لَبِسَ ثَوْبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ
نَامَ مَكَانَهُ ) ويقصد هنا أن علي بن أبي طالب عليه السلام بات مكان النبي
صلى الله عليه وآله وسلم وقت الهجرة النبوية وباع نفسه فداءً للنبي صلى
الله عليه وآله وسلم كما قال الله عز وجل في سورة البقرة ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ
يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (207))
والحديث الذي ذكره ابن تيمية رواه أيضاً البخاري وأبي داود بلفظ قال فيه
الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ( إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ
وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ ) ففي هذا اللفظ يوجد حرف الجر ( من ) وهي تفيد التبعيض
وأنه فرد من جماعة ، فهذه الفضيلة فيها مشاركة بين أبي بكر وغيره من
الصحابة ، كما أن الرواية التي لم يذكر فيها حرف الجر ( من ) قد دلت أيضاً
على المشاركة وعدم الإختصاص وقد بين ذلك شراح هذا الحديث فقالوا :
1 ـ قال ابن حجر العسقلاني :
( قَوْلُهُ إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ أَكْثَرُهُمْ جُودًا لَنَا بِنَفْسِهِ
وَمَالِهِ )
(وَقَالَ بن بَرِّيٍّ يَجُوزُ الرَّفْعُ إِذَا جَعَلْتَ مِنْ صِفَةً لِشَيْءٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ إِنَّ رَجُلًا
أَوْ إِنْسَانًا مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ فَيَكُونُ اسْمُ إِنَّ مَحْذُوفًا وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ فِي مَوْضِعِ
الصِّفَةِ وَقَوْلُهُ أَبُو بَكْرٍ الْخَبَرُ وَقَوْلُهُ أَمَنَّ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ مِنَ الْمَنِّ بِمَعْنَى الْعَطَاءِ
وَالْبَذْلِ بِمَعْنَى إِنَّ أَبْذَلَ النَّاسِ لِنَفْسِهِ وَمَالِهِ لَا مِنَ الْمِنَّةِ الَّتِي تُفْسِدُ الصَّنِيعَةَ وَقَدْ
تَقَدَّمَ تَقْرِيرُ ذَلِكَ فِي بَابِ الْخَوْخَةِ وَأَغْرَبَ الدَّاوُدِيُّ فَشَرَحَهُ عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْمِنَّةِ
وَقَالَ تَقْدِيرُهُ لَوْ كَانَ يَتَوَجَّهُ لِأَحَدٍ الِامْتِنَانُ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لَتَوَجَّهَ لَهُ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَقَوْلُهُ امن النَّاس فِي رِوَايَة الْبَاب مايوافق حَدِيث بن
عَبَّاسٍ بِلَفْظِ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَمَنَّ عَلَيَّ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَقَوْلُهُ
امن النَّاس فِي رِوَايَة الْبَاب مايوافق حَدِيث بن عَبَّاسٍ بِلَفْظِ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ
أَمَنَّ عَلَيَّ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا مِنْ فَإِنْ قُلْنَا
زَائِدَةٌ فَلَا تَخَالُفَ وَإِلَّا فَتُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ لِغَيْرِهِ مُشَارَكَةً مَا فِي الْأَفْضَلِيَّةِ
إِلَّا أَنَّهُ مُقَدَّمٌ فِي ذَلِكَ بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ السِّيَاقِ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ مَا لِأَحَدٍ عِنْدَنَا يَدٌ إِلَّا كَافَأْنَاهُ عَلَيْهَا مَا خَلَا
أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا يَدًا يُكَافِئُهُ اللَّهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ (1) فَإِنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى
ثُبُوتِ يَدٍ لِغَيْرِهِ إِلَّا أَنَّ لِأَبِي بَكْرٍ رُجْحَانًا فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ أَطْلَقَ أَرَادَ أَنَّهُ
أَرْجَحُهُمْ فِي ذَلِكَ وَحَيْثُ لَمْ يُطْلِقْ أَرَادَ الْإِشَارَةَ إِلَى مَنْ شَارَكَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ
ذَلِكَ )
ـ
____________
(1) قال الألباني " ضعيف " . ضعيف الجامع رقم : 5130 .
ـ فتح الباري شرح صحيح البخاري ج 1 ، ج 7 ـ
2 ـ قال القسطلاني :
(إن من أمن الناس عليّ في صحبته وماله) بفتح الهمزة والميم وتشديد النون
فعل تفضيل من المنّ بمعنى العطاء والبذل أي أن من أبذل الناس لنفسه وماله
)
ـ إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري ج 6 ـ
3 ـ قال جلال الدين السيوطي :
( إن أمن الناس علي أي أكثرهم جودا وسماحة لي )
ـ الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج ـ
5 ـ قال الملا على القاري :
( قال التوربشتي يريد أن من أبذلهم وأسمحهم )
ـ مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ج 17 ـ
فهذه الأقوال السابقة تبين أن هذه الفضيلة ليست من خصائص الصحابي أبي
بكر بل يشترك معه فيها غيره من الصحابة وقد كان منهم أمير المؤمنين علي
بن أبي طالب عليه السلام ، وبهذا يتبين خطأ ابن تيمية في تخصيصه لأبي
بكر بهذه الفضيلة وأنه لم يشركه فيها غيره .
*********
قال ابن تيمية :
( الثاني: [1/ب] قوله: ((لا تبقين في المسجد خوخة إلا سدت إلا خوخة أبي
بكر)) ، وهذا تخصيصٌ له دون سائر الصحابة، وقد أراد بعض الكذابين أن
يروي لعلي - رضي الله عنه - مثل ذلك، لكن الصحيح الثابت لا يعارض
بالضعيف الموضوع (53) .
____________
(53) قال ابن الجوزي: طرقه كلها باطلة، وقال: هذه الأحاديث من وضع
الرافضة قابلوا به حديث أبي بكر في الصحيح. (انظر: الفوائد المجموعة
للشوكاني ص316) بينما يرى الحافظ ابن حجر في القول المسدد ص16-
18 أن الأحاديث في هذا الباب صحيحة بل بمجموعها يقطع بصحتها.
وقال عبد الرحمن بن يحيى المعلمي في تعليقه على الفوائد المجموعة
ص317 ما نصه: ((وتصدى الحافظ ابن حجر في القول المسدد والفتح
للدفاع عن بعض روايات الكوفيين، وفي كلامه تسامح، والحق أنه لا تسلم
رواية منها عن وهن)) .
قلت: وأقرب هذه الروايات إلى الصحة ما رواه الإمام النسائي عن طريق
شعبة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس قال: أمر رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - بأبواب المسجد فسُدّت إلا باب علي رضي الله عنه.
وإسناده صحيح. الخصائص ص50 (41) .
وهو مخرج في جامع الترمذي 5/641 رقم 3732 كتاب المناقب باب مناقب
علي. ) .
قلتُ :
1 ـ إدعاء ابن تيمية بأن حديث سد الأبواب إلا باب علي بن أبي طالب عليه
السلام ضعيف موضوع ورده للأحاديث الصحيحة أمر ليس بجديد عليه ،
وقد قال الشيخ الألباني رداً عليه في حديث آخر ـ وسيأتي في هذه الرسالة
ـ ( رأيت شيخ الإسلام بن تيمية ، قد ضعف الشطر الأول من الحديث ، و أما
الشطر الآخر ، فزعم أنه كذب ! و هذا من مبالغته الناتجة في تقديري من
تسرعه في تضعيف الأحاديث قبل أن يجمع طرقها و يدقق النظر فيها .)
ـ السلسلة الصحيحة للألباني ج 4 ـ
2 ـ كما هو واضح بهامش هذه الرسالة فقد قام المحقق الدكتور عبد العزيز
بن محمد الفريح بذكر الأقوال الواردة في هذا الحديث ثم صحح إسناد الرواية
المذكورة في كتاب ( خصائص علي ) للنسائي كما هو واضح في الهامش ،
وأضيف على هذا الكلام الأقوال الآتية :
قال ابن حجر العسقلاني
( فَهَذِهِ طَرِيقَةٌ لَا بَأْسَ بِهَا فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ وَبِهَا جَمَعَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ
الْمَذْكُورَيْنِ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ فِي مُشْكِلِ الْآثَارِ وَهُوَ فِي أَوَائِلِ الثُّلُثِ الثَّالِثِ
مِنْهُ وَأَبُو بَكْرٍ الْكَلَابَاذِيُّ فِي مَعَانِي الْأَخْبَارِ )
ـ فتح الباري شرح صحيح البخاري ج 7 الناشر: دار المعرفة - بيروت،
1379رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه: محمد فؤاد عبد الباقي
قام بإخراجه وصححه وأشرف على طبعه: محب الدين الخطيب ـ
قال القسطلاني القتيبي
( وقد وقع في حديث سعد بن أبي وقاص عند أحمد والنسائي بإسناد قوي
أمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بسدّ الأبواب الشارعة في المسجد
وترك باب علي.
وفي رواية للطبراني في الأوسط برجال ثقات من الزيادة فقالوا: يا رسول الله
سددت أبوابها فقال: "ما أنا سددتها ولكن الله سدها". ونحوه عند أحمد
والنسائي والحاكم ورجاله ثقات عن زيد بن أرقم وابن عباس وزاد: فكان
يدخل المسجد وهو جنب ليس له طريق غيره، رواه أحمد والنسائي ورجاله
ثقات، ونحوه من حديث جابر بن سمرة عند الطبراني.
وبالجملة فهي كما قاله الحافظ ابن حجر أحاديث يقوّي بعضها بعضًا وكل
طريق منها صالح للاحتجاج فضلاً عن مجموعها )
ـ إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري ج 6 الناشر: المطبعة الكبرى
الأميرية، مصر الطبعة: السابعة، 1323 هـ ـ
قال محمد أنور الكشميري
( وفي حديث قوي الإِسناد «أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلّم أَمَرَ بسدِّ الأبوابِ
غير باب علي رضي الله عنه» وحكم عليه ابن الجوزي بالوضع ولم يُسَلِّمه
الحافظ، ونَقَل عن الطَّحاوي من «مشكلِهِ» أنَّ هذين الحديثين محولان على
الوقتين، فكان الأمر أوَّلا كما في الحديث المار ثم أمر بسد باب عليّ رضي الله
عنه أيضًا وصار الأمر كما في حديث الباب.
وحاصلهُ: أن استثناء باب عليّ رضي الله عنه متقدم، واستثناء خَوْخَة أبي
بكر رضي الله عنه في مرض وفاتِهِ صلى الله عليه وسلّم وقد مرَّ أنَّ استثناءَ
باب عليّ رضي الله عنه كان لاِخْتِصَاصِهِ ببعضِ أحكام المسجد، كالمرور في
المسجد جنبًا، وقد مَرَّ أَنَّ موسى وهرون عليهما الصَّلاة والسَّلام أيضًا كانا
مُخْتَصَّيْن ببعضِ الأحكامِ، وقال النَّبي صلى الله عليه وسلّم «أنت مني بمنزلة
هرون من موسى»، وقد مرَّ تقريره مبسوطًا )
ـ فيض الباري شرح البخاري ج 2 ـ
قال محمد عبد الرؤوف المناوي
( قال ابن حجر في موضع بأسانيد قوية وفي آخر برجال ثقات من الأمر بسد
كل باب في المسجد إلا باب علي وفي بعضها للطبراني : " قالوا : يا رسول
الله سددت أبوابنا فقال : ما أنا سددتها ولكن الله سدها " ولأحمد والنسائي
والحاكم : " سدوا هذه الأبواب إلا باب علي فتكلم ناس في ذلك فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : إني والله ما سددت شيئا ولا فتحته ولكن أمرت
بشئ فاتبعته " قال ابن حجر : ورجال الكل ثقات ، وللطبراني عن ابن سمرة "
أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسد الأبواب كلها غير باب علي فربما
مر فيه وهو جنب : وللنسائي من طريق العلاء بن عرار قلت لابن عمر
أخبرني عن علي وعثمان فذكر الحديث وفيه : " وأما علي فلا تسأل عنه أحدا
وانظر إلى منزلته من رسول الله صلى الله عليه وسلم سد أبوابنا في المسجد
وأقر بابه " قال ابن حجر : ورجاله رجال الصحيح إلا العلاء.
وقد وثقه ابن معين وغيره قال : فهذه أحاديث كل طريق منها صالح
للاحتجاج فضلا عن مجموعها.
وقد أورد ابن الجوزي الحديث في الموضوعات بتوهمه معارضتها لحديث أبي
بكر مع أنه قد جمع جمع منهم البزار والكلاباذي والطحاوي بأن سد الأبواب
وقع مرتين ففي الأولى استثنى باب علي لأن بابه كان إلى جهة المسجد ولم
يكن لبيته غيره فلما أمروا بسدها سدوها وأحدثوا خوخا يستقربون الدخول
للمسجد منها فأمروا بعد بسدها غير خوخة أبي بكر (عم) وكذا الديلمي وابن
مردويه (عن ابن عباس).
قال في الفتح : رجاله ثقات.)
ـ فيض القدير شرح الجامع الصغير ج 1 ضبطه وصححه أحمد عبد السلام
جميع الحقوق محفوظة لدار الكتب العلمية بيروت - لبنان الطبعة الاولى
1415 ه - 1994 م ـ
قال ابن حجر الهيتمي الأنصاري
( قَالَ الْعُلَمَاءُ : وَلَا يُعَارِضُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الْأُخْرَى الْكَثِيرَةُ الْمُتَوَاتِرَةُ أَيْضًا
الْمُصَرِّحَةُ بِسَدِّ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا حَتَّى بَابِ أَبِي بَكْرٍ إلَّا بَابَ عَلِيٍّ ؛ لِأَنَّهُمَا قَضِيَّتَانِ
فَقَضِيَّةُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَتْ مُتَقَدِّمَةً وَهِيَ فِي سَدِّ الْأَبْوَابِ الشَّارِعَةِ ،
وَقَدْ كَانَ أَذِنَ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يَمُرَّ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ جُنُبٌ .)
ـ الفتاوى الفقهية الكبرى ج 3 الناشر: المكتبة الإسلامية ـ
قال محمد بن جعفر الكتاني
( (حديث الأمر بسد الأبواب في المسجد إلا باب علي والخوخ إلا خوخة أبي
بكر).
أمره عليه السلام بسد الأبواب في المسجد إلا باب علي وبسد الخوخ والمراد
بها طاقات كانت في المسجد يستقربون الدخول منها إلا خوخة أبي بكر أما
سد الأبواب إلا باب علي فممن رواه (1) سعد بن أبي وقاص (2) وزيد بن
أرقم (3) وابن عباس (4) وجابر بن سمرة (5) وابن عمر (6) وعلي (7)
وجابر بن عبد الله (8) وأنس بن مالك (9) وبريدة الأسلمي وأما سد الخوخ
إلا خوخة أبي بكر فممن روأيضا (1) أبو سعيد الخدري (2) وابن عباس (3)
وجندب (4) وأبو الحويرث وقد أورد في الحاوي بعض طرقهما وقال ثبت
بهذه الأحاديث الصحيحة بل المتواترة أنه صلى الله عليه وسلم منع من فتح
باب شارع إلى المسجد ولم يأذن في ذلك لأحد ولا لعمه العباس ولا لأبي بكر
إلا لعلي لمكان ابنته منه ومن فتح خوخة صغيرة أو طاقة أو كوة ولم يأذن
في ذلك لأحد ولا لعمر ولا لأبي بكر خاصة لمكان الخلافة ولكونه أفضل الناس
يدا عنده اه.
وقد أورد ابن الجوزي في الموضوعات حديث سد باب علي مقتصرا على
مختصرا بعض طرقه وأعله ببعض من تكلم فيه من رواته وليس ذلك بقادح
وأعله أيضا بمخالفته للأحاديث الصحيحة في باب أبي بكر وزعم أنه من وضع
الرافضة قابلوا به حديث أبي بكر في الصحيح قال الحافظ ابن حجر وقد أخطأ
في ذلك خطئا شنيعا لرده الأحاديث الصحيحة بتوهم المعارضة مع إمكان
الجمع وفي اللألي المصنوعة للسيوطي قال شيخ الإسلام في القول المسدد
في الذب عن مسند أحمد قول ابن الجوزي في هذا الحديث أنه باطل وأنه
موضوع دعوى لم يستدل عليها إلا بمخالفة الحديث الذي في الصحيحين وهذا
إقدام على رد الأحاديث الصحيحة بمجرد التوهم ولا ينبغي الإقدام على حكم
بالوضع إلا عند إمكان الجمع ولا يلزم من تعذر الجمع في الحال أنه لا يمكن
بعد ذلك لأن فوق كل ذي علم عليم وطريق الورع في مثل هذا أن لا يحكم
على الحديث بالبطلان بل يتوقف فيه إلى أن يظهر لغيره ما لم يظهر له وهذا
الحديث من هذا الباب هو حديث مشهور له طرق متعددة كل طريق منها على
انفرادها لا تقصر عن رتبة الحسن ومجموعها مما يقطع بصحته على طريقة
كثير من أهل الحديث اه والمراد منه.)
ـ نظم المتناثر من الحديث المتواتر ص 191 المحقق: شرف حجازي الطبعة
الثانية دار الكتب السلفية للطباعة والنشر بمصر ـ
قال محمد طاهر الفتني
( " سدوا الأبواب إلا باب علي " أورده من حديث سعد وعمر وزيد ابن أرقم
وابن عباس وأعله بمخالفة الحديث المتفق على صحته إلا باب أبي بكر وأنه
من وضع الرافضة ، وفي أسانيده كذاب أو مجهول أو لا شئ أو منكر قلت
قال ابن حجر هذا أقدام على رد الأحاديث الصحيحة بمجرد التوهم ، وفي
اللآلئ هو حديث مشهور له طرق متعددة كل طريق لا يقصر عن رتبة الحسن
وبمجموعها يقطع بصحته ، وفي الوجيز وقد جمع الطحاوي بينه وبين حديث
الصحيحين بأن قصة علي في الأبواب الشارعة وكان إذن له بالمرور في
المسجد جنبا وقصة أبي بكر في مرض الوفاة في سد طاقة كانوا يستقربون
الدخول منها ومن طعن فيهم أما متابع أو وثقه آخرون ولبعضها طريق آخر
صحيح وصحح الحاكم حديث سعد (1) وأخرجه غير واحد.)
ـ تذكرة الموضوعات ص 95 ـ
قال محمد بن علي الشوكاني
( وبالجملة فالحديث ثابت لا يحل لمسلم أن يحكم ببطلانه وله طرق كثيرة جدا
قد أوردها صاحب اللآلىء وقد صحح حديث زيد بن أرقم في المستدرك وكذلك
الضياء في المختارة وإعلاله بميمون غير صحيح فقد وثقه غير واحد وصحح
له الترمذي وأما حديث ابن عمر فقد رواه أحمد في المسند بإسناد رجاله ثقات
وليس فيه هشام بن سعد والكلام على رد ما قاله ابن الجوزي يطول وفيما
ذكرناه كفاية إن شاء الله تعالى )
ـ الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ص 361 الناشر : المكتب
الإسلامي - بيروت الطبعة الثالثة ، 1407تحقيق : عبد الرحمن يحيى
المعلمي ـ
قال الألباني
( وقال العقيلي عقبه :
" وقد روي من طريق أصلح من هذا ، وفيها لين أيضا " .
قلت : ولعله يشير إلى حديث أبي بلج : حدثنا عمرو بن ميمون عن ابن
عباس مرفوعا مختصرا بلفظ :
" سدوا أبواب المسجد غير باب علي " . قال : " فيدخل المسجد جنبا وهو
طريقه ، ليس له طريق غيره " .
أخرجه أحمد ( 1/330 - 331 و 331 ) عن أبي عوانة ، والترمذي (
2/301 ) ، والنسائي في " الخصائص " ( 63/42 ) عن شعبة عنه نحوه ؛
دون دخول المسجد وقال :
" حديث غريب " .
قلت : وإسناده جيد ، رجاله ثقات رجال الشيخين ؛ غير أبي بلج - وهو
الفزاري الكوفي - وهو صدوق ربما أخطأ كما في " التقريب " .
وهذا القدر من الحديث صحيح له شواهد كثيرة يقطع الواقف عليها بصحته ،
فراجع " اللآلي المصنوعة " للسيوطي ( 1/346 - 352 ) ، و " الفتح " (
7/14 - 15 ) .)
ـ السلسلة الضعيفة ج 6 ـ
( سنن الترمذي )
3732 حدثنا محمد بن حميد الرازي حدثنا إبراهيم بن المختار عن شعبة عن
أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم أمر بسد الأبواب إلا باب علي قال أبو عيسى هذا حديث غريب لا نعرفه
عن شعبة بهذا الإسناد إلا من هذا الوجه .
تحقيق الألباني :
صحيح الضعيفة تحت الحديث ( 4932 و 4951 )
ـ صحيح وضعيف سنن الترمذي ج 8 ـ
وأضيف أيضاً على ما سبق
( 8692 - ابن عباس: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمرَ بسدِ
الأبوابِ إلاَّ بابَ عليٍّ. هي للترمذي (1).
_________
(1) الترمذي (3732)، وقال: غريب. وصححه الألباني في صحيح الترمذي
(2935).
ـ جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزَّوائِد لمؤلفه محمد بن محمد
الردواني المغربي المالكي تحقيق وتخريج: أبو علي سليمان بن دريع الناشر:
مكتبة ابن كثير، الكويت - دار ابن حزم، بيروتالطبعة: الأولى، 1418 هـ -
1998 م ـ
((40) أخبرنا زكريا بن يحيى السجستاني قال: حدثنا عبد الله بن عمر، قال:
أخبرنا محمد بن وهب ( بن أبي كريمة الحراني) قال: أخبرنا مسكين قال:
حدثنا شعبة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس قال: أمر
رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبواب المسجد فسدت ، إلا باب علي رضي
الله عنه .
(41) أخبرنا محمد بن المثنى قال: حدثنا يحيى بن حماد، قال: حدثنا أبو
وضاح قال: أخبرنا يحيى، حدثنا عمرو بن ميمون، قال: قال ابن عباس: وسد
أبواب المسجد غير باب علي رضي الله عنه، فكان يدخل المسجد وهو جنب
،وهو طريقه ، ليس له طريق غيره .
___________
(40) إسناده حسن .
تعليق أحمد ميرين البلوشي ( 42 / 108 ) : إسناده حسن .
(41) إسناده حسن .
تعليق أحمد ميرين البلوشي ( 43 / 109 ) : إسناده حسن . رجاله رجال
الشيخين سوى يحيى بن سليم وهو صدوق .)
ـ تهذيب خصائص الإمام علي للإمام النسائي حققه وخرجه أبو إسحاق
الحويني الأثري حجازي بن محمد بن شريف دار الكتب العلمية بيروت لبنان
الطبعة الأولى 1405 هـ - 1984 م ـ
خلاصة القول من هذا الكلام
الحديث صحيح على عكس ما يزعم ابن تيمية من أنه ضعيف موضوع ، و
بثبوت صحة هذا الحديث لا يكون هناك تخصيص بهذا الحديث لأبي بكر دون
غيره كما قال ابن تيمية بل شاركه وسبقه به أمير المؤمنين علي بن أبي
طالب عليه السلام .
*******
قال ابن تيمية
( الثالث: قوله: ((لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا))
فإنه نص أنه لا أحد (54) من البشر يستحق الخلة لو كانت ممكنة إلا أبو
بكر، ولو كان غيره أفضل منه لكان أحق بالخلة لو كانت واقعة.)
قلتُ
قد خص الله عز وجل علي بن أبي طالب عليه السلام بما هو أعلى من الخلة
فجعله نفس النبي صلى الله عليه وآله وسلم في القرآن الكريم فقال الله عز
وجل في سورة آل عمران
بسم الله الرحمن الرحيم
( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ
وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ
(61) )
ورد في تفسيرها
32 - (2404) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ قَالَا
حَدَّثَنَا حَاتِمٌ وَهُوَ ابْنُ إِسْمَعِيلَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مِسْمَارٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي
وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَمَرَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ سَعْدًا فَقَالَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسُبَّ
أَبَا التُّرَابِ فَقَالَ أَمَّا مَا ذَكَرْتُ ثَلَاثًا قَالَهُنَّ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَلَنْ أَسُبَّهُ لَأَنْ تَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَهُ خَلَّفَهُ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ فَقَالَ
لَهُ عَلِيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ خَلَّفْتَنِي مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا
نُبُوَّةَ بَعْدِي وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ قَالَ فَتَطَاوَلْنَا لَهَا فَقَالَ ادْعُوا لِي عَلِيًّا فَأُتِيَ بِهِ أَرْمَدَ فَبَصَقَ
فِي عَيْنِهِ وَدَفَعَ الرَّايَةَ إِلَيْهِ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ
{ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ } [آل عمران: 61]
دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا فَقَالَ اللَّهُمَّ
هَؤُلَاءِ أَهْلِي .
ـ صحيح مسلم ج 4 المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي
الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت ـ
فهذا الصحابي سعد بن أبي وقاص يقول " لَأَنْ تَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ
مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ "
وحمر النعم كما قال علماء الحديث
( هِيَ أَنْفُسُ أَمْوَال الْعَرَب ، يَضْرِبُونَ بِهَا الْمَثَل فِي نَفَاسَةِ الشَّيْء ، وَأَنَّهُ لَيْسَ
هُنَاكَ أَعْظَم مِنْهُ )
فهذا المثل يبين مدى عظمة هذه الفضائل التي اختص بها علي بن أبي طالب
عليه السلام دون غيره من الصحابة .
قال أبو بكر الآجُرِّيُّ البغدادي
( وأمر الله عز وجل نبيه بالمباهلة لأهل الكتاب لما دعوه إلى المباهلة ، فقال
الله عز وجل : ( قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا
وأنفسكم (1) ) فأبناؤنا وأبناؤكم : فالحسن والحسين رضي الله عنهما
ونساؤنا ونساؤكم : فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنفسنا
وأنفسكم : علي بن أبي طالب رضي الله عنه )
ـ الشريعة تحقيق الوليد بن محمد بن نبيه ـ
قال الحسن بن محمد النيسابوري
( نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ أي يدع كل منا ومنكم أبناءه ونساءه ويأت هو بنفسه
وبمن هو كنفسه إلى المباهلة. وإنما يعلم إتيانه بنفسه من قرينة ذكر النفس
ومن إحضار من هم أعز من النفس، ويعلم إتيان من هو بمنزلة النفس من
قرينة أن الإنسان لا يدعو نفسه.)
ـ تفسيرغرائب القرآن ورغائب الفرقان ج 2 المحقق: الشيخ زكريا عميرات
الناشر: دار الكتب العلميه - بيروت الطبعة: الأولى - 1416 هـ ـ
فعلي بن أبي طالب عليه السلام نفس النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو
بهذه الخصوصية أفضل من أبي بكر وغيره من الصحابة .
*********
تعليق