إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

أخلاق أخوية مفقودة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #31
    الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام

    استشهاده عليه السلام :

    سبق وأن اشرنا في أسباب اعطاء المأمون ولاية العهد للإمام الرضا (ع) أن منها تدبير خطة لتصفية الإمام جسدياً . دون ان يساور احدأ الشك بدوره (لع) فيها ودون أن يظن أحد أنه هو السبب في مقتله (ع) ذلك لأن المأمون يعرف مكانة الإمام الرضا (ع) والبيت العلوي في نفوس الناس . وأراد في الوقت نفسه أن يتم الأمر بعيداً عن مقر حكمه (( طوس )) لكثرة ما بها من شيعة الإمام واتباعه ، فاشخص الإمام (ع) مع رئيس قافلة ، وأمر رئيسها بعدم المرور على الكوفة وقم لكثرة ما بها من الشيعة ، وقرر المأمون على اغتيال الإمام (ع) أثناء إنتقاله من طوس إلى بغداد ، فلما وصل إلى قرية "سنباد" وهي قريبة من رستاق (( نوقان )) على مسيرة يوم من طوس وفيها قبر أبيه هارون توقف لتنفيد خطته .

    واوعز لغلام له أسمه عبدالله بن بشير ان يسم الإمام بعنب وحبات رمان ، ثم يقدمها للإمام (ع) ليأكلها واوصاه أن يجعل السم تحت أظفاره ثم يحوله إلى كفه ، ثم يفرك بكفه حبات الرمان ويناولها الإمام (ع) بمرأ من حضار المجلس ، لكي لا يتهمه احد بانه هو قاتل الإمام (ع) كما أوصاه أيضاً بأن يغمس سلكاً بالسم ثم يدخله في حبات العنب من الطرف إلى الطرف بابرة ويقدم من ذلك العنب إلى الإمام أيضاً امام أمام أنظار الناس .
    فلما اعدَّ عبدالله بن بشر ذلك وحدد المامون اليوم لا غتيال الإمام (ع) بعث للإمام (ع) وحضر للمجلس ، وقدم له العنب والرمان المسمومين ، فامتنع الإمام عن الأكل واستعفى المأمونَ من ذلك ، ولكن المامون أصرأصراراً شديداً وقال للإمام (ع) لا بد لك من الله ، فلعلك تتهمنا بشيئ . فتناول الإمام (ع) من العنقود ثلاث حبات ثم رمى به وقام فقال إلى أين يا بن العم فقال (ع) : إلى حيث وجهتني . وخرج (ع) مغطى الرأس ، حتى دخل داره وامر بسد أبوابها فاغلقت ، ولم يكن في الدار غير خادمة ابي الصلت الهروي فلم يلبث إلا يومين استشهد بعدهما (ع) في بلاد الغربة في تلك القرية وحيداً غريباَ مسموماً ، وكان استشهاده يوم الثلاثاء السابع عشر من شهر صفر من سنة ثلاث ومئتين للهجرة النبوية الشريفة .

    وكتم المامون (لع) موته (ع) يوماً وليله ، ثم انفذ إلى محمد بن جعفر الصادق (ع) عم الإمام ، فلما حضروه ا نعاه إليهم وبكى متظاهراً ، وأراهم أياه مبيناً انه صحيح الجسد ، وعلمت الشيعة بذلك فا جتمعوا لتشييع الإمام (ع) ففزع من وقوع الفتنة ، فخرج محمد بن الصادق (ع) بامر من المامون ، وفرق الناس ، قائلاً لهم ان امر الجنازة قد اخر إلى الغد .

    فلما تفرق الناس ، اخرج المامون الجنازة الطاهرة ، ثم ان الإمام (ع) غسل وكفن وصلى عليه من يعلم الله - وهو الإمام الجواد (ع) في جوف الليل ثم أمر المأمون بدفن الإمام (ع) بجوار قبر أبيه ، بحيث يكون قبر أبيه امام قبر الإمام (ع) فلم تؤثر المعاول ولم تحفر شيئاً ، فتعجب المأمون في ذلك واستدعى احد مقربي الإمام (ع) وكان يدعى هرثمة الذي كان الإمام (ع) يسر له بكثير من المغيبات ، فاقترح هرثمه ان يجعل قبر الإمام أمام قبر هارون ففعلوا ذلك وإلى ذلك يشير دعبل الخزاعي الشاعر الشيعي الطائر الصيت

    تعليق


    • #32
      الإمام محمد بن علي الجواد عليه السلام

      نسبه الشريف :

      هو ثالث المحمدين الأربعة المعصومين الأثنى عشر ، أولهم محمد رسول الله (ص) وثانيهم الإمام الخامس محمد بن علي الباقر (ع) وثالثهم هو (ع) ورابعهم الحجة الثاني عشر الإمام محمد بن الحسن المهدي (عج) ، الإمام التاسع والمعصوم الحادي عشر ، حجة الله على العباد ، وشفيع يوم التناد ، جواد الأجواد ، ومحل الرشاد ، ومفتاح السداد ، باب المراد ، الإمام الهمام ، ومجتمع الشيعة الأمجاد ، صاحب المصائب من أهل الألحاد والتي تندك لها الجبال الأطواد ، وتتفطر لها السبع الشداد ، الإمام الأقدس ، صاحب المعجزات ، والمأثر المشهورة الإمام محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب سلام الله تعالى عليهم اجمعين ، وأبنائه المعصومين .

      فنسبه من نسب والده الإمام الرضا (ع) على - ماعرفت - وأبائه الأطهار صعوداً حتى ابي عبدالله الحسين (ع) فامير المؤمنين (ع) والرسول (ص) .

      واما امه فكانت أم ولد يقال لها سبيكة ، ودرة ، وريحانة ، ثم سماها الإمام الرضا خيرزان ، وقد تسمت بالمونسة ، وسكينة المريسية وحريان ، وتكنى أم الحسن ، وكانت نوبية ، وهي أفضل نساء زمانها وكانت من اهل بيت أم المؤمنين مارية القبطية (رض) زوجة النبي الأكرم (ص) ووالدة إبراهيم بن رسول الله (ع) .

      مولده عليه السلام :

      ولد الإمام الجواد (ع) يوم الجمعة العاشر من شهر رجب الأصب ، من سنة خمس وتسعين ومائة من الهجرة المباركة ، ويؤيد هذا القول بل يؤكده ويلزم به الدعاء المنسوب إلى مولانا الحجة المنتظر (ع) وقد أمر (ع) بقراءته أيام رجب ، وأوله ( اللهم إني اسألك بالمولودين في رجب ، محمد بن علي الثاني ، وابنه علي بن محمد المنتجب ) .

      كنيته والقابه عليه السلام :

      أما في الكنية فهو يشبه جده محمد بن علي (ع) كما يشبهه في الأسم ، واسم الأب ، أي ابو جعفر ، محمد بن علي ، ولذا اشتهر الإمام الجواد بأبي جعفر الثاني ، تمييزاً عن الإمام محمد الباقر (ع) ، وربما يقال في كنيته (ع) أبو عبدالله ، ايضاً .

      وأما القابه فمنها : الجواد ، والتقي ، والقانع ، والمرتضى ، والمختار ، والمتوكل ، والمنتجب ، والنجيب ، والمتقي ، والزكي ، وغيرها .

      النص على إمامته عليه السلام :

      تعددت وتضافرت الروايات التي تقول بان الإمام الرضا (ع) نص على امامة ولده محمد اكثر من مرة ، وبعضها يشدد على ان أباه الرضا (ع) نص على إمامته قبل ولادته ، أي وهو مايزال جنيناً في بطن امه ، نذكر منها :
      روى الشيخ المفيد (رض) في الأرشاد ، عن محمد عن الخيراني عن ابيه قال : كنت واقفاً بين يدي أبي الحسن الرضا (عليه السلام ) بخراسان فقال قائل : يا سيدي إن كان كون فإلى مَن ؟ قال : (( إلى ابي جعفر ابني )) فكأن القائل استصغر سن ابي جعفر (عليه السلام ) فقال أبو الحسن (عليه السلام ) إن الله سبحانه بعث عيسى بن مريم رسولاً نبياً صاحب شريعة مبتدأة في اصغر من السن الذي فيه أبو جعفر (عليه السلام ) .

      روي ايضاً عن احمد بن محمد عن صفوان بن يحيى قال : قلت لرضا (عليه السلام ) قد كنا نسألك قبل ان يهب الله لك أبا جعفر ، فكنت تقول يهب الله لي غلاماً فقد وهب الله لك ، وأقر عيوننا به ، فلا ارانا الله يومك وإن كان كون فإلى مَن ؟
      فأشار بيده إلى ابي جعفر وهو قائم بين يديه ، فقلت له : جعلت فداك هذا ابن ثلاث سنين قال : وما يضره من ذلك ؟ قد قام عيسى بالحجة وهو ابن أقل من ثلاث سنين .
      وروى الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا عن الإمام الرضا (ع) أنه قال : أبو جعفر وصيي وخليفتي في أهلي .

      وكان الإمام الرضا (ع) يخاطب ابنه هذا بالتعظيم ، وما يذكره إلا بكنيته " ابي جعفر " وهو صبي قليل السن في مقاييس البشر ومفاهيمهم .
      وكان الإمام الرضا(ع) يامراصحابه بالسلام على ابنه ابي جعفر (ع) بالإمامة والإذعان له بالطاعة ، وكان يؤكد ويشدد على ذلك .

      وروي ايضاً ان عم الإمام الرضا (ع) علي بن جعفر الصادق (ع) الذي عرفناه من جملة ابناء الإمام الصادق (ع) ، كان ذات يوم جالسا في مسجد رسول الله (ص) بالمدينة المنورة ومعه اصحابه ، إذ دخل عليه ابو جعفر الجواد (ع) ، فوثب علي بن جعفر (ع) بلا حذاء ولا رداء ، فقبل يده وعظمه ، فقال له ابو جعفر (ع) يا عم ، اجلس رحمك الله فقال : يا سيدي كيف اجلس وانت قائم ؟ فلما رجع إلى مجلسه جعل اصحابه يوبخونه ويقولون : انت عم أبيه ، وتفعل هذا الفعل ؟ فقبض علي بن جعفر على لحيته وقال لهم : اسكتوا ، إذا كان الله عز وجل لم يؤهل هذه الشيبة وأهل هذا الفتى ووضعه حيث وضعه ، أنكِرُ فضله ؟! نعود بالله مما تقولون ! بل انا له عبد !!

      ثم إن الإمام الجواد (ع) قام بما تحتاج إليه الناس بعد أبيه (ع) لأنه الحجة ، ولا يعجزه عن ذلك صغر سنه لأنه (ع) مستكمل الشرائط ، وهم انوار الله في عالم المكنون والملكوت ، وإنما هم صموت ماداموا لم يؤذن لهم .
      وسوف نبحث عن صغر سن الإمام ولياقته للإمامة في بحثنا عن الإمام الحجة الثاني عشر ( عجل )

      وعلى اي حال فهذا الإمام الشاب المعصوم عللا صغر سنه لا ينقص فضله وشرفه عن ابائه المعصومين وأبنائه الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين . فكلهم نور واحد ذرية بعضها من بعض وكلهم ثمرات الشجرة الطيبة التي اصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أُكلها كل حين بأذن ربها .
      فكما تؤتي تلك الشجرة المباركة الكل والثمر كل حين ، كذلك لا تخلو الأرض في كل وقت في وكل حين، وكل ساعة من حجة قائمة عليها ، ومن إمام ساكن عليها وإلا لساخت على الفور باهلها ، وكذلك لا ينقطع الناس ولا يستغنون في كل عصر عن علوم إمام عصرهم وحجة زمانهم ،ولا بد للناس من الرجوع إلى الموجود منهم في كل زمان ، إما شفاهاً بلا واسطة إن كان ظاهراً للأنظار مرئياً بالأبصار ، او إلى نوابه وخدامه الخاصين أوالعامين إن كان غائباً في البلاد ومستوراً عن العباد كا ستتار الشمس وراء الغيم ، مثل إمام عصرنا الحجة الثاني عشر (ع) عجل الله فرجه الشريف .

      زوجاته واولاده عليه السلام :

      نعرف ممن تزوجهن الإمام الجواد (ع) أم الهادي والدة الإمام العاشر الذي ستلي سيرته إن شاء الله تعالى . وام الفضل بنت المامون والتي سيرد ذكرها أيضاً في احوال هذا الإمام الهمام (ع) وهذه لم تلد له اولاداً .

      اما اولاده (ع) فهم أربعة : ذكران وانثيان ، والذكران هما بكره أبو الحسن علي الهادي (ع) الإمام بعده ، واخوه موسى المعروف بموسى المبرقع .
      والأنثيان هما فاطمة ولعلها المعروفة بالحكية أو الحكيمة ، المدفونة في سر من رأى ( وسميت بذلك نظراً لمنظرها الجميل بعد بناءها ، ولما خربت وهدمت سميت ساء من رأى وخففت بعد ذلك وسميت سامراء ) في بقعة الإمام الهادي (ع) ، والثانية أمامة ، وهذا قول الشيخ المفيد ( أعلى الله مقامه ) وزاد الشيخ الطبرسي (قد) على ذلك من البنات حكيمة وخذيجة وام كلثوم .

      اما ولده الأكبر فهو الإمام أبو الحسن علي بن محمد الهادي (ع) كان الإمام من بعده بنص من أبيه وسنذكر حالاته إن شاء الله تعالى في محلها .

      واما ولده الأخر المسمى بموسى والمشهور بموسى المبرقع ، فقد ولد في المدينة المنورة واقام مع أبيه إلى أن استشهد أبوه (ع) ببغداد ، ثم انتقل إلى الكوفة وسكن بها مدة ، وفي سنة ست وخمسين ومأتين هاجر من الكوفة وورد قم وتوطن بها .

      وكان موسى يستر وجه عن الناس ويلقي برقعاً عليه ، ولذلك قيل له المبرقع ، وكان يستر وجه خوفاً من شرار بني العباس الذين كانوا يترصدون للعلويين ولأبناء أهل اليت (ع) بين كل شجر ومدر ، وينكلوا بهم .
      ثم انه أخرج من قم إلى كاشان ونزل عند احمد بن عبدالعزيز بن دلف العجلي فاكرمه ورحب به وبذل له الأموال واحسن إليه .

      ثم خرج جماعة من رؤساء العرب من اهل الكوفة وتفحصوا عن امره وعما جرى بينه وبين اهل قم ، فلما اطلعوا على الأمر ، وبخو اهل قم لسوء معاشرتهم مع موسى وإخراجه عن بلدهم .
      فعند ذلك ندم اهل قم في اخراج موسى عن البلد ، واستشفعوا برؤساء العرب الذين قدموا قم من الكوفة ، وطلبوا منهم مراجعة موسى المبرقع إلى قم ومغادرة كاشان والتوطن في بلدهم ، فقبل موسى شفاعتهم وعفى عن اهل قم .

      ثم نزل قم مرة ثانية واقام بها مكرماً ، وأقاموا عنده ، وكان له خدم وحشم ومقام عظيم عندالقميين ، واحاطوا به واستفادوا من علمه وفضله .
      وكان موسى المبرقع من أهل الحديث والدراية وتوفى في بلدة قم في شهر ربيع الأخر من سنة ست وتسعين ومائتين ، ودفن في بيته ، وكان قبل وروده بقم لمحمد بن الحسن بن ابي خالد الملقب بشنبولة ، وكان من اصحاب الإمام الرضا (ع) ومن رواة الحديث .

      قال العطاري صاحب مسند الإمام الجواد (ع) الظاهر أن مخالفة اهل قم مع موسى المبرقع واخراجه عن بلدهم كان لعدم معرفتهم إياه لأنه كان يستر وجهه بالبرقع ولا يظهره للناس ، وكانوا في شكٍ وترديد في شخصه وأمره ، فلما القى البرقع ، وكشف عن وجهه عرفوه وأكرموه نهاية الإكرام .
      وقبره اليوم مزار معروف في البلدة المقدسة ، مشهور بـ در بهشت أي باب الجنة تزوره العامة والخاصة .

      وكان موسى جد السادة الرضوية وينتهي نسبهم إليه ، والسادة الرضوية المنسوبون إلى الإمام أبي الحسن الرضا (ع) من البيوتات العلوية الجليلة الساكنون في ايران والهند وباكستان وأفغانستان وتركستان والعراق والشام وغيرها من البلاد .

      تعليق


      • #33
        الإمام محمد بن علي الجواد عليه السلام

        سنوات عمرة وحياته بشكل عام :

        كان الإمام الجواد (ع) صغير السن حين تولى الإمامة بعد شهادة ابيه الرضا (ع) فإنه كان ابن سبع سنين وثلاثة أشهر ، او تسع سنوات وأشهراً ، بل كان عمره (ع) على المشهور سبع سنين وسبعة اشهر وسبعة أيام ، ولم يتولَ احد الإمامة في مثل هذا العمر الصغير إلا ابنه الإمام الهادي (ع) بعده . وبعدهما الإمام الحجة (عج )

        وكان أيضاً أقل الأئمة عمراً ، فقد عاش (ع) على المشهور خمساً وعشرين سنة وأربعة أشهر وستاً وعشرين يوماً فقط ، وإذا حدفنا منها سنوات حياته مع أبيه (ع) وهي سبع سنوات وتسعة أشهر وتسعة عشر يوماً ، فتكون مدة إمامته سبع عشرة سنة وتسعة أشهر وتسعة عشر يوماً .

        مـلـوك عـصره :

        عاصر الإمام الجواد (ع) بقية ملك المامون بعد استشهاد الإمام الرضا (ع) وقسماً من ملك المعتصم ، والمعروف المشهور انه (ع) استشهد في اول ملك المعتصم ( وإن قيل أيضاً بوقوع شهادته في ملك الواثق ) لكن هذا القول بعيد لان هلاك المعتصم كان في سنة 227هـ وشهادة الإمام (ع) في سنة 220هـ

        معجزاته عليه السلام :

        ومن معجزاته (ع) البارعة ما وقع له عند استشهاد أبيه (ع) . منها ما رواه محمد بن ميمون قال : كنت مع الرضا (ع) بمكة قبل خروجه إلى خراسان فقلت له إني أريد أن أتقدم إلى المدينة ، فاكتب معي كتاباً إلى ابي جعفر (ع) فتبسم وكتب كتاباً وسرت إلى المدينة وكان قد ذهب بصري فاخرج الخادم أبا جعفر يحملة من المهد ، فناولته الكتاب فقال موفق ، فضه وانشرره ين يديه . ففضضته ونشرته بين يديه ، فنظر فيه ، ثم قال لي : يا محمد ما حال بصرك فقلت يا ياابن رسول الله اعتليت فذهب بصري كما ترى ، فمدّ يده ومسح على عيني فعاد إليّ بصري كأصح مما كان ، ثم قبلت يديه ورجليه وانصرفت من عنده وانا بصيراً .

        علمه ومحاججاته عليه السلام :

        تعددت الأخبار والروايات عن سعة علم الإمام الجواد (ع) (كأبائه -ع- ) وقوة حججه وعظمة آياته منذ صغره ، وعن ادهاشه وافحامه العلماء والكبار وهو حدث صغير السن ، فمن تلك الأخبار ، أنه دخل (ع) بعد شهادة أبيه الرضا (ع) خلق كثير من بلاد مختلفه لينظروا إليه ، وكان في المجلس عمه عبدالله بن موسى (ع) ، وهو شيخ كبير نبيل ، عليه ثياب خشنه ، وبين عينيه سجادة كبيرة ، وكان يكرم الجواد (ع) كثيراً على صغر سنه ، والمنادي ينادي هذا ابن بنت رسول الله فمن أراد السؤال فليسأل ، فسئل عن اشياء أجاب فيها بغير الجواب ، ، فرد على الشيعة ما أحزنهم وغمهم واضطربت الفقهاء ، فقاموا وهموا بالأنصراف ، وقالوا في انفسهم : لو كان أبو جعفر (ع) يكمل لجواب السائل لما كان عند عبدالله ما كان من جواب بغير الجواب ، ففتح عليهم باب من صدر المجلس ودخل موفق وقال : هذا ابو جعفر (ع) فقاموا إليه واستقبلوه وسلموا عليه فرد عليهم السلام ، فدخل (ع) وعليه قميصان وعمامة بذؤابتين ، وفي رجليه نعلان ، وجلس وامسك الناس كلهم ، فقام صاحب المسأله فسأله عن مسأله أجاب عنها بالحق ، ففرحوا ودعوا له وأثنوا عليه ، وقالوا له : إن عمك عبدالله أفتى بكيت وكيت ، فقال لا إله إلا الله ياعم إنه عظيم عندالله أن تقف بين يديه - فيقول لك لِمَ تفتي عبادي بما لا تعلم وفي الأمة من هو أعلم منك .

        وأما محاجاته فكثيراً جداً ، ولعل من أكثرها شهرة مع يحيى بن أكثم في مسألة مُحرم الذي قتل صيداً ؟ وأجاب (ع) عند ذلك بجواب متفرع ، فحير ابن اكثم واخجله .

        ومنها ما حدث في مجلس المعتصم ، وذلك أنهم جاؤوا يوماً بسارق ليجرى عليه الحد ، وكان عنده من علماء المذاهب الإسلامية المختلفة جماعة ، فسألهم عن حكمه ، فحكموا عليه بقطع اليد ولكنهم اختلفوا في حد اليد فقال قوم بان تقطع يده من الكرسوع وهو الزند ، تمسكاً بآية التيمم وحده من الزند ، وقال اخرون بكون القطع من المرفق ، فاحضر الإمام وسأله عن ذلك فتثاقل الإمام (ع) عن الجواب واستعفى منه ، فاصر عليه المعتصم وحلفه وألزمه ، فحكم الإمام (ع) بخطأ الفريقين ، وإن يد السارق لا تقطع إلا اصابعها ، ولا بد من ابقاء الكف للسجود عليه ، تمسكاً بقوله تعالى (( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا )) وإن ما كان لله فلا يقطع ، فاعجب ذلك المعتصم وأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكف .

        علاقته مع المأمون والمعتصم :

        بقى (ع) عند المامون معززاً مكرماً ، وذلك تظاهراً من المأمون . وكانات زوجته ام الفضل لا توافقه في الأخلاق والأفعال ، لآنه يكرم كثيراً زوجته ألجليلة أم الإمام العاشر ، وكانت تشكيه لأبيها المامون وهولا يصغي لها لما صدر منه نحو ابيه الرضا(ع) ولم يتعرض لأذيته ولا لأحد من أهل البيت ، علماً بأن ذلك ليس في صلاح دنياه ولا أخراه . وقد علمه الإمام (ع) الحرز المعروف بحرز الجواد (ع) للحفظ من الشرور والبلايا والمكاره والآفات والعاهات وهو من أوثق الأحراز .

        ثم خرج (ع) من معاشرة المامون فخرج للحج ، ومعه أم الفضل ، ورجع من مكة بوطن جده (ص) ، فلم يزل بها حتى هلك المأمون ، وبويع لأخيه المعتصم وكان مضى على خلافته (ع) بعد أبيه (ع) ست عشر سنة .

        وكان المعتصم أكثر بني العباس تعصباً ةكرهاً لأبناء علي ، وكان يبهره ويحيره ما يسمع من معجزات وكرامات وعلوم الإمام (ع) وفي الوقت نفسه يملأ قلبه خوفاً منه وحسداً ويزيده عداوه . واخيراً قرر أن يستدعيه من المدينة المنورة ليبقيه بجانبه وتحت نظره في بغداد .

        فلما بلغت دعوته الإمام ، تهيأ للمسير مع زوجته ام الفضل ، وأوصى لولده الإمام الهادي (ع) وجعله خليفة من بعده ونص عليه بالإمامة بمحضر أكابر شيعته ، ودفع إليه مواريث الإمامة وهو (ع) بعد صغير السن وانصرف (ع) ودخل بغداد في الثامن والعشرين من شهر محرم من سنة عشرين ومأتين للهجرة الشريفه ، وفي بغداد حيث محاججاته وإكبار العلماء والناس له (ع) واياته التي تظهر تزيد المعتصم خشية منه ويتظاهر بتقدير واحترام الإمام (ع) ولذا كان ينتظر فرصة ، ليُضعف فيها الإمام (ع) ويكسفه .

        وكان بنو العباس يخافون من الإمام (ع) وينقمون عليه من علمه وحب الناس له ، فكانوا دائمي السعاية والدس له والأفتراء عند المنصور ، ولعل أبرز هؤلاء الأخصام والأعداء جعفر بن المامون ، أخا ام الفضل زوجة الإمام (ع) .

        استشهاده عليه السلام :

        نظراً لتلك السعايات التي فعلت فعلتها في المعتصم ، قرر التخلص من الإمام (ع) ، فأوعز إلى زوجة الإمام (ع) أم الفضل ، كما أنها فعلت بايعاز من أخيها جعفر بن المامون أيضاً . فجعلت السم في العنب الرازقي واطعمته الإمام (ع) وقيل أنها سمت العنب بمسحه بمنديل مسموم ، وإن الإمام (ع) عندما أحس بأثر السم ادرك انه منها ودعا عليها ، وكانت شهادته (ع) يوم السبت السادس من شهر ذي الحجة الحرام من سنة عشرين ومأتين من الهجرة الشريفة في بغداد ، ودفن في مقابر قريش بظهر قبر جده الإمام موسى الكاظم (ع) وهي اليوم بعيدة عن بغداد مسيرة ساعة في بلدة تسمة الكاظمية ، وفوق بقعتهما قبتان عاليتان من ذهب ، مع اربع مآدن عاليةٍ كبار ، وأربع صغار من جوانبها الأربع . بأحسن ترتيب واجمل هئية .

        رزقنا الله تعالى في الدنيا زيارتهما وفي الأخرة شفاعتهما وشفاعة آبائهما الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .
        ويقال أن جنازته (ع) بقيت ثلاثة أيام بلا دفن ، ومثل هذا القول ورد بشأن جده الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع ) الذي بقي على جسر الرصافة ببغداد كذلك ، وايضاً بقي سيد الشهداء (ع) ثلاثاً .

        تعليق


        • #34
          الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام

          نسبه الشريف :

          هو الإمام العاشر من أئمة الشيعة الأثنى عشرية ، ذو المكارم والأيادي ، والمعجزات والفضائل المشهورة بين الخاص والعام والحاضر والبادي ، المعصوم العاشر والنور الباهر ، المعصوم الثاني عشر مولانا ومولى الجن والممكنات والبشر ، مبدأ الفضل والأيادي الإما مأبي الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام .

          وهو(ع) رابع العليين الأربعة في الأئمة الأطهار بعد العليين الثلاثة ، الإمام أميرالمؤمنين (ع) والإمام زين العابدين (ع) ، والإمام الرضا (ع) .
          فنسبه (ع) من نسب أبيه ، تلك الذرية الطاهرة التي أذهب الله عنها الرجس وطهرها تطهيرا ، واصطفاها على البرية جميعا ، وزكاها على خلقه ، وجعلهم أئمة يهدون بامره تعالى .

          وأما أمه ، فكانت جارية اشتراها الإمام الجواد (ع) بسبعين دينار وكانت تسمى سمانة المغربية " ويقال " متفرشة" ، ويقال أنها معروفة بالسيدة أم الفضل ، وهي من القانتات الصالحات ، وكان الإمام الهادي (ع) يقول على ما روي : (( أمي عارفة بحقي وهي من أهل الجنة ، ما يقربها شيطان مريد ، ولا ينالها كيد جبار عنيد ، وهي مكلوءة بعين الله التي لا تنام ، ولا تختلف عن أمهات الصديقين والصالحين .

          مولده عليه السلام :

          ولد (ع) في قرية صربا بالقرب من المدينة المنورة ، يوم الثلاثاء في الثاني من شهر رجب الأصب من سنة اثنتي عشرة ومئتين للهجرة النبوية الشريفة ، وربما يؤيد ذلك ما ذكرناه في ولادة الإمام الجواد (ع) من الدعاء في أول رجب (( اللهم إني أسألك بالمولدين في رجب محمد بن علي الثاني وأبنه علي بن محمد المنتجب )) وهذا يؤيد ويرجح ذلك ، بل يعينه ويحدده وإن كانت هناك روايات غير ذلك .

          كنيته وألقابه عليه السلام :

          يكنى (ع) بأبي الحسن ، ويقال له تمييزاً " أبو الحسن الثالث " بعد أبي الحسن الأول أمير المؤمنين (ع) وأبي الحسن الثاني جده الرضا (ع)
          وأما القابه فكثيرة منها : الهادي وهو اشهرها ، والعسكري ، والفقيه ، والمؤتمن ، والنقي ، والعالم ، والمرتضى ، والناصح ، والأمين ، والمتقي والطيب ، والنجيب ، والفتاح ، والمتوكل وغيرها .

          وقد كان (ع) يخفي اللقب الأخير - أي المتوكل - و يأمر أصحابه بأن يعرضوا تلقيبه به ، لكونه يومئذٍ لقباً للخليفة العباسي المعاصر ، وهو جعفر المتوكل المعاصر للإمام الهادي (ع) .
          وأما لقب العسكري ، فسببه أ ن جعفر المتوكل أشخصه من المدينة المنورة إلى بغداد إلى سر من رأى ، وكان يعسكر فيها الجيش ، ولذا سميت عسكراً ، وقد أقام بها عشرين سنة وتسعة أشهر ، فلذلك قيل للإمام وولده (ع) العسكري نسبةً لها ، وإن غلب هذا اللقب على ولده الإمام الحسن العسكري (ع)

          النص على إمامته عليه السلام :

          كان الإمام الهادي (ع) مهئياً للإمامة والخلافة ، فقد كان (ع) أطيب الناس مهجة، وأصدقهم لهجة ، وكان شكلاً أحسنهم واملحهم ، وكانت أوصافه كلها تجعله المبرَّز والمقدم لإمامة البشر كيف لا وهو من بيت الرسالة والإمامة ، ومقر الوصية والخلافة ؟! كيف لا وهو شعبه من روح النبوة منتضاه ومرتضاه ، وثمرة من شجرة الرسالة مجتناه ومجتباه .
          ومن تلك الأخبار المروية عن أبيه الجواد (ع) عن ابائه (ع) :
          روى عن اسماعيل بن مهزيار أنه قال : لما خرج أبو جعفر (ع) من المدينة المنورة إلى بغداد في الدفعة الأولى من خروجه قلت له : جعلت فداك إني خائف عليك من هذه الوجه فإلى من الأمر بعدك ؟ فكرّ بوجهه (ع) إلي ضاحكاً وقال : ليس الأمر حيث ضننت في هذه السنة فلما استدعى به المعتصم صرت إليه فقلت له : جعلت فداك ها أنت خارج فإلى من الأمر من بعدك ، فبكى (ع) حتى اخضلت لحيته بالدموع ، ثم التفت إلي فقال : عند هذه يخاف علي ، فالأمر من بعدي إلى ابني علي ، فإن أمره امري ، وقوله قولي ، وطاعته طاعتي ، والإمامة بعده في ابنه الحسن .

          سنوات عمره عليه السلام :

          انتقل أمر الإمامة والخلافة إليه (ع) وهو في مدينة جده الرسول (ص) عن شهادة أبيه الجواد (ع) في بغداد . وله (ع) يومئذٍ من العمر ثمان سنوات وأربعة أشهر قريباً من قدر سني عمر أبيه الجواد (ع) عند انتقال الأمر والخلافة إليه بعد أبيه الرضا (ع) ، وبقي سلام الله تعالى عليه في المدينة بعد شهادة أبيه الجواد (ع) بقية ملك المعتصم ما يقرب من سنتين ، حتى أنتقل الأمر للمتوكل ( لع) حيث أشخص الإمام (ع) من المدينة المنورة إلى " سر من رأى " التي تبعد عن بغداد مسيرة ثلاثة أيام ، وبعد هلاك المتوكل في الرابع من شهر شوال سنة سبع وأربعين ومأتين ، بويع ابنه محمد بن جعفر الملقب بالمنتصر إلى أن وصل الأمر في النهاية للمعتز بن المتوكل وأسمه الزبير وكان ذلك في السنة الثانية والثلاثين من إمامة أبي الحسن الهادي (ع) ثم كانت شهادة الإمام (ع) في السنة الرابعة والثلاثين من إمامته .

          وقد بقى (ع) في سامراء عشرين سنة وكانت مدة إمامته (ع) بعد أبيه الجواد (ع) أربعاً وثلاثين سنة ويوماً واحداً ، وقد تقدم انه (ع) أقام مع أبيه ما يقرب من ثمانية سنوات فيكون مجموع عمره الشريف (ع) نحو اثنين واربعين سنة.

          أولاده عليه السلام :

          خلف الإمام الهادي (ع) خمسة أولاد ، أربعة ذكور وأنثى واحدة مسماة "عالية" والذكور هم : الإمام الحسن العسكري (ع) الإمام بعده، والذي سنتعرض لسيرته تالياً ، إن شاء الله تعالى ، ومحمد صاحب الكرامات الباهرة والآيات الواضحة ، وهو المعروف بالسيد محمد ، والمدفون قريباً من سامراء على مسيرة ثمان ساعات ، وله قبة عالية ومزار مقصود في كل سنة ، وإن هذا السيد الجليل ، لكثرة ورعه ووفور علمه ، كان يظن انتقال الإمامة والخلافة إليه . ومن أولاد الإمام (ع) كذلك الحسين وأخيراً جعفر ، وهو المعروف بجعفر الكذاب والذي سبقت الإشارة إليه في حديث عن الإمام الصادق (ع) حول الحديث المروي عن الإمام السجاد (ع) ، وهذا كان عكس أخيه السيد محمد فقد ادعى الإمامة لنفسه بعد الإمام الهادي (ع) كذباً وافتراءً على الله ورسوله (ص) ، وإجتراء على الدين ، وقد سعى في إذاء أخيه الإمام الحسن العسكري (ع) وبعده في إذاء إمام العصر الحجة المنتظر (ع) ، وكان يلقب بزق خمر ، لكثرة شربه للخمر ولعبه بآلات اللهو والقمار ، وقد ورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان (ع) في حقه أن سبيله سبيل ابن نوح (ع) ، وكان أبوه الهادي (ع) يقول فيه على ماروي " تجنبوا ابني جعفر فإنه مني بمنزلة كنعان بن نوح النبي (ع) إذ قال (ع) : ربِ إن ابني من أهلي فرد الله عليه بقوله تعالى : (( يانوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح )) .

          وكان أبو محمد الحسن العسكري يقول على ماروي : الله الله أن يظهر لكم أخي على سر، فوالله ما مَثلي ومَثلهُ إلا مَثل هابيل وقابيل ابني ادم (ع) ، حين حسد قابيلُ هابيل على ما اعطاه الله تعالى ، ولو تهيأ لجعفر قتلي لفعل ولكن الله غالبٌ على أمره .

          وقد أمعن الشيعة بعد أبي محمد (ع) وزادوا في هجره حتى تركوا السلام عليه ، ولكنه بعد استشهاد أخيه الإمام العسكري (ع) وبعد مماته ورد النهي من مولانا الحجة (ع) عن سب عمه جعفر ، ونهى شيعته عن لعنه ، وذكر (ع) لهم أن حاله حال أولاد يعقوب (ع) بمعنى أن الله سبحانه وتعالى قد وفقه في اخر عمره للتوبة والرجوع للحق . والله بصير بالعباد .

          تعليق


          • #35
            الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام

            علمه ومحاججاته عليه السلام :

            عاش الإمام الهادي (ع) في عصر كانت فيه المناقشات الفقهية والمجادلات الكلامية والمذاهب الفلسفية شاملة وعنيفة ، وكان على شبابه وصغر سنه بالنسبة إلى شيوخ الكلام ، واساطين الفلسفة يرجع إليه ، ويُسأل عن رأيه ، فكان الذروة في المعارف الدقيقة والأحكام الصائبة وكان قوله الفصل وحجته المفحمة .

            وقد تسالم العلماء والفقهاء على الرجوع إلى رأيه المشرّف في المسائل المعقدة والغامضة من أحكام الشريعة الإسلامية . إذ لم يكن هناك أحد يضارعه في ثرواته العلمية المذهلة التي شملت جميع أنواع العلوم من الحديث والفقه والفلسفة وعلم الكلام ، وغيرها من سائر العلوم .

            ومن الغريب أن المتوكل على الشيطان العباسي الذي كان من ألدِّ أعداء الإمام (ع) قدم رأي الإمام الهادي (ع) على أراء علماء عصره في المسائل التي اختلف فيها .

            وأثرت عن الإمام (ع) روايات عن النبي (ص) وعن أمير المؤمنين والباقر والصادق والرضا (ع) ، وكذلك محاججاته المبهرة عن امتناع رؤية الله عز وجل دنيا وأخره ، واستحالة التجسيم واستحالة وصفه ، وحقيقة التوحيد ، وإبطال الجبر والتفويض وأثرت عنه (ع) الأدعية والمناجات والزيارات أيضاً ومن أشهر زيارات الإمام الهادي (ع) لأبائه الأئمة الطاهرين الزيارة الجامعة .

            وتعتبر الزيارة الجامعة من أشهر زيارات الأئمة (ع) واعلاها شاناً ، واكثرها ذيوعاً وانتشاراً ، فقد أقبل أتباع أهل البيت (ع) وشيعتهم على حفظها وزيارة الأئمة (ع) بها خصوصاً في يوم الجمعة .
            وسنتحدث عن سند الزيارة الجامعة وبلاغتها وشروحها باختصار وايجاز شديدين للغاية :

            أما سندها ، فقد حاز درجة القطع من الصحة ، فقد رواها شيخ الطائفة الطوسي في التهذيب ، ورئيس المحدثين في " من لا يحضره الفقيه" ، و"العيون " وغيرهما ، قال المجلسي : إن هذه الزيارة من أصح الزيارات سنداً ، وأعمقها مورداً ، وأفصحها لفظاً ، وأبلغها معنى ، وأعلاها شأناً .

            وعن بلاغتها فتفيض هذه الزيارة بالأدب الرائع ، فقد رصعت بأرق الألفاظ - كما تحلت بجواهر الفصاحة والبلاغة ، وبداعة الديباجة ، وجمال التعبير ، ودقة المعاني . الأمر الذي يدل على صدورها عن الإمام الهادي (ع) .

            فقد اعتبر أن أية الخبر الصحيح هو ما إذا كان في أرقى مراتب البلاغة ، فإن الأئمة الطاهرين هم معدن البلاغة والفصاحة ، وهم الذين أسسوا قواعد الكلم البليغ ، فكان كلامه في أعلى مراتب الكلام الفصيح ، فكلامهم (ع) دون كلام الخالق ، وفوق كلام المخلوقين .

            واما عن شروحها فقد اهتم بها العلماء اهتماماً بالغاً ، لما فيها من المطالب العالية ، والأسرار المنيعة ، والأمور البديعة ، ومن اهم شروحها :

            1 - شرح الزيارة الجامعة الكبيرة للشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي
            2 - شرح الزيارة الجامعة للشيخ محمد تقي بن مقصود المجلسي .
            3 - الشموس الطالعة في شرح الزيارة الجامعة للسيد حسين بن السيد محمد تقي الهمداني .
            4 - شرح الزيارة الجامعة للسيد عبدالله شبر وأسماه الأنوار اللامعة في شرح الزيارة الجامعة .
            5 - - - - - - - - - - - - - للسيد علي نقي الحائري .
            6 - - - -- - - - - - - - - للشيخ محمد علي الرشتي النجفي .
            7 - - - - - - - - - - -- -- للسيد محمد بن محمد بن باقر الحسيني .
            8 - - - - - - - - - - -- - - للسيد محمد بن عبد الكريم الطباطبائي البروجردي .
            9 - الأنوار الساطعة في شرح الزيارة الجامعة للشيخ جواد بن عباس الكربلائي ويقع هذا الشرح في خمسة أجزاء .

            مـلـوك عـصـره :

            عاصر صلوات الله وسلامه عليه وعلى ابائه وابنائه الطاهرين سبعاً من خلفاء بني العباس : المأمون ، والمعتصم ، والواثق ، الذي ملك خمس سنين وسبعة أشهر ، وبعده ملك المتوكل أربع عشرة سنة ، ثم المنتصر الذي كان ملكه ستة أشهر ، ثم أحمد بن محمد المستعين ، الذي كان في أكثر أيامه مشتغلاً بالحرب والمنازعة مع المعتزلة ، وكانت مدة ملكه أربع سنين وشهراً ، ثم خُلع بعدها ، وبويع المعتز بن المتوكل الذي استشهد الإمام (ع) في عهده .

            حياته بشكل عام وروابطه مع ملوك عصره :

            في عهد المعتصم سنة 220 هـ عندما استشهد أبوه (ع) في بغداد بواسطة السم الذي دس إليه ، كان الإمام العاشر (ع) في المدينة المنورة كما اسلفنا ، نال منصب الإمامة بامر من الله تعالى ووصية اجداده ، فقام بنشر التعاليم الإسلامية حتى زمن المتوكل .

            لقد كان جميع الملوك الذين عاصرهم الإمام الهادي (ع) يهابونه ويحذرونه ويخافونه ويكرهونه - كما لأسلافهم مع أبائه - لفرط ما كان له ولهم من محبة وإجلال في نفوس الناس .

            وكان أشد هؤلاء الملوك كرهاً لآل البيت ولعلي بن ابي طالب (ع) خاصة ، المتوكل ، بل لعله أشد ملوك بني العباس قاطبة ، كرهاً للإمام علي وابنائه (ع) ، وكان يعلن عداءه وتنفره لعلي (ع) فضلاً عن الكلام البذي الذي كان يتفوه به أحياناً ، وكان قد عين شخصاً يقلد أعمال الإمام علي (ع) في مجالسه ومحافله ، ويستهزئ وينال من تلك الشخصية العظيمة .
            وأمر بتخريب قبة الإمام الحسين (ع) وضريحه والكثير من الدور المجاورة له ، وأمر بفتح المياه على حرم الإمام الحسين (ع) وقبره ، وابذل أرضها إلى أرض زراعية كي يقضي على جميع معالم هذا المرقد الشريف .

            وفي زمن المتوكل اصبحت حالة السادة العلويين في الحجاز متدهورة ويرثى لها ، كانت نساؤهم تفتقر إلى ما يسترها ، والأغلبية منها كانت تحتفظ بعباءة بالية ، يتبادلها في أوقات الصلاة لأجل إقامتها ، وكان الوضع عن هذا في مصر بالنسبة إلى السادة العلويين .

            ومن الإهانات التي وجهها المتوكل لأهل البيت (ع) . أنه استجعى الإمام الهادي (ع) في السنة العاشرة من خلافته واشخصه من المدينة إلى سر من رأى ، وكان سبب ذلك تهمة افتراها عليها بعض اعدائه ، فوجه المتوكل يحيي بن هرثمه ومعه ثلاثمائة رجل للمدينة المنورة ، ومعهم رسالة إلى الإمام (ع) يدعوه فيها إلى موافاته في سامراء ، واوصى يحيى بتفتيش دار الإمام (ع) ليضبطوا ما فيها من أسلحة وأدوات وعدة حرب ، كما أوصاه بنقل الإمام في غاية الإجلال والتبجيل والإحترام خوفاً من الشيعة والرأي العام .

            فلما وصل " يحيى " إلى الإمام (ع) وجده جالساً يقرأ القرآن ، ولم يجند الجند في بيته (ع) سوى مصاحف وكتب أدعية ، فأكبره القوم وأحترموه ، ولما سلمه يحيي كتاب المتوكل استجاب الإمام (ع) واستمهل ثلاثة أيام استعداداً للخروج .

            ولما علم الناس في المدينة المنورة بغرض يحيى من زيارة الإمام (ع) هاجوا عليه هياجاً عظيماً ، فجعل يحيى يسكنهم ويسكن روعهم ، وخرج الإمام (ع) معه ، وظهرت منه في الطريق معاجز كثيرة ، حتى دخل (ع) سامراء سنة ثلاث وثلاثين ومأتين من الهجرة المباركة .

            فلما دخل الإمام (ع) سامراء احتجب المتوكل عنه ، ولم يعين داراً لنزوله (ع) حتى اضطر الإمام (ع) إلى النزول في "خان الصعاليك " وهو محل نزول الفقراء من الغرباء ، فدخل عليه صالح بن سعد وقال للإمام (ع) : جعلت فداك : في كل الأمور ارادوا إطفاء نورك والتقصير بك ، حتى أنزلوك هذا الخان الأشنع ؟ فأوما الإمام (ع) بيده فإذا بروضات أنقات وأنهار جاريات ، وجنات فيها خيرات عطرات ، وولدان كأنهن اللؤلؤ المكنون ، فحار بصر صالح ، وكثر عجبه فقال الإمام (ع) له : هذا لنا يا بن سعد لسنا في خان الصعاليك .

            ثم افرد المتوكل بعدئذٍ داراً للإمام (ع) فانتقل إليها ، وجعل اللعين ليلاً ونهاراً يسعى في إداء الإمام (ع) والعمل على تحقيره وتصغيره بين الناس ولكن دون جدوى ، حتى جعل يعمل التدابير والحيل لقتله (ع) إلا أنه لم يتيسر له ذلك ، وهكذا ظل دأبه مدة اربع سنين إلى أن كثرت وقاحته وزاد كفره ، وإظهار نصبه وعداوته علناً ، حتى دعا عليه الإمام الهادي (ع) فقتل في اليوم الثالث من دعائه (ع) ليلة الأربعاء لأربع خلون من شهر شوال سنة سبع وأربعين ومائتين للهجرة الشريفة علي يدي باغر التركي بمعاونة المنتصر ووصيف التركي ، وقتلا هو وخادمه الفتح بن خاقان اللذين كانا سكرانين ثملين ، وانتقل إلى مقره من جهنم وبئس المصير ، وكان ذلك في السنة السابعة والعشرين من إمامته (ع) .

            وهكذا كان حال الملوك الذين تولوا الملك بعد المتوكل ، وقد نسب إلى كل الخلفاء الثلاثة الذين تولوا الملك بعده أنهم دسوا االسم للإمام (ع) ليتخلصوا منه ، وليس ذلك ببعيد عنهم .
            ولكنهم كانوا أخف وطأة على الإمام وشيعته بسبب منازعاتهم الفقهية والفلسفية والكلامية مع المعتزلة وسواهم .

            شهادته عليه السلام :

            استشهد الإمام الهادي (ع) في مدينة سر من رأى ، التي نقله إليها المتوكل - كما اسلفنا - والتي ابقاه هو وسلاطين بني العباس من بعده فيها عشرين سنة ليكون قريباً منهم ، خاضعاً لمراقبتهم ، بعيداً عن كل ما يحتمل أن يتحرك لطلب الخلافة له . ورغم ان الإمام (ع) كان في الواقع رهينة عندهم ، فإنهم لم يتوانوا عن العمل للتخلص منه نهائياً ، وينسب المورخون السبب استشاد الإمام الهادي (ع) إلى السم الذي دسه له المعتز الذي استشهد الإمام (ع) في السنة الثانية من عهده ( وينسب البعض إلى المستعين الذي كان قبل المعتز ، دس السم للإمام (ع) أيضاً ) بل إن البعض ينسب دس السم إلى المعتمد العباسي الذي تولى الخلافة بعد استشاد الإمام الإمام (ع) . أي أن المعتمد عمد إلى محاولة قتل الإمام (ع) قبل أن يصبح خليفة ، والمشهور أن المعتز هو الذي قتل الإمام (ع)
            وقد كانت شهادته (ع) في الثالث من شهر رجب المرجب في السنة الرابعة والخمسين بعد المائتين من الهجرة النبوية المباركة ، ودفن (ع) في بيته ويقع على بعد 120كم شمال بغداد ، وله مزار عظيم تعلوه قبة ذهبية كبيرة .

            تعليق


            • #36
              الأمام الحسن بن علي العسكري عليه السلام

              نسبه الشريف :

              هو الإمام الحادي عشر والمعصوم الثالث عشر والد الخلف المنتظر ، المصباح الوضي ، والنور الجلي ، الإمام الزكي المؤتمن ، أبو محمد الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب سلام الله تعالى عليهم أجمعين .

              فنسبه لأبيه هو نسب الأئمة الأطهار ، على ما عرفت في سيرة المعصومين المتقدمين ، صعوداً من والده أبي الحسن الثالث ، الإمام العاشر على الهادي (ع) حتى ينتهي إلى امير المؤمنين على وزوجته الطاهرة فاطمة الزهراء سلام الله تعالى عليهم .

              أما امه فهي أم ولد تسمى شكل النوبية ، ويقال سوسن المغربية ، ويقال منغوسة ، وحديثة ، ووحديث ، وحربية ، وريحانة ، وغزال المغربية ، وسليل وهذا هو الأصح . وكان زوجها الإمام الهادي (ع) يقول في حقها أنها (ع) مسلولة من الآفات والعاهات والأرجاس والنجاس ، وقد كانت جليلة جداً ، وكانت من العارفات الصالحات .

              مولده الشريف عليه السلام :

              ولد الإمام العسكري (ع) في سامراء على قول ، والصحيح أن ولادته كانت بالمدينة المنورة ، ليوم الجمعة العاشر من شهر ربيع الثاني من سنة اثنتين وثلاثين ومائتين للهجرة الشريفة ، وهذا - اعني العاشر من شهر ربيع الثاني - مختار الشيخ الكفعمي والسيد بن طاووس والشيخين (المفيد والطوسي ) والشيخ الملكي التبريزي ، والشيخ عباس القمي .

              نعم هناك رواية تقول بأنه ولادته (ع) يوم الثامن من شهر ربيع الثاني ، لكنها غير ناهضة في قبال هذه الرواية لكون هذه الرواية هي المشهورة عند غير الإمامية ، وإن كان هناك من يقول بها من الإمامية كالشيخ الطبرسي ، والشيخ المجلسي ، وكذلك فإن ليلة الثامن من شهر ربيع الثاني تصادف ذكرى استشهاد الصديقة الزهراء (ع) على روايه أنها قبضت بعد استشهاد والدها بعد أربعين يوماً ، فلا يليق القيام بذكرى المولد في قبال الأستشهاد ، ورواية الأربعين يوماً معتبرة .

              كنيته وألقابه عليه السلام :

              يكنى (ع) بأبي محمد ، وقيل " أبو الحسن " أيضاً .
              أما القابه : العسكري ، والزكي ، والتقي ، والهادي ، والمرضي ، والخالص ، والصامت ، والسراج ، والرفيق ، والمهتدي ، والنقي ، والمشفع ، والموقي ، والمولى ، والسخي ، والمستودع .
              وكان هو وأبوه وجده (ع) يُعرف كلُّ واحد منهم في زمانه بلقب " ابن الرضا "

              سنوات عمره ومجمل حياته عليه السلام :

              كان عمر الإمام الهادي (ع) عند ولادة ابنه الإمام العسكري (ع) تسع عشر سنة وتسعة شهور وثمانية أيام ، ولما أشخص الإمام الهادي (ع) إلى العراق سنة ست وثلاثين ومائتين أشخص الإمام العسكري (ع) معه ، وكان له يومئذٍ من العمر أربع سنين وأشهر.

              وقد عاش الإمام العسكري (ع) بعدئذٍ مع أبيه الإمام الهادي (ع) حتى شهادته في سامراء ، وكان للإمام العسكري (ع) يومئذٍ إثنتان وعشرون سنة وشهران وثلاثة وعشرون يوماً .
              وعاش بعد والده (ع) مدة إمامته هو (ع) خمس سنوات وثمانية أشهر وخمسة أيام ، قضاها في سامراء أيضاً ، فكانت مدة حياته (ع) الشريفة على نحو التدقيق - سبعاً وعشرين سنة وعشرة أشهر ، وثمانية وعشرين يوماً .

              ملوك عصره عليه السلام :

              عاصر الإمام العسكري (ع) خلال عمره القصير ، المعتز بن المتوكل ، بقية أيامه - بعد شهادة الإمام الهادي (ع) - وبعده المهتدي بن الواثق ،الذي حكم أحد عشر شهراً ، ثم المعتمد احمد بن المتوكل الذي حكم ثلاثاً وعشرين سنة ، وكانت شهادة الإمام العسكري (ع) في أوائل حكم المعتمد .

              إمامته عليه السلام :

              كثرت النصوص من الإمام الهادي (ع) على إمامة ولده العسكري (ع) بمحضر من جماعتة في المدينة وسامراء ، وكان (ع) كثيراً ما يقول على ما روي : إن صاحب هذا الأمر بعدي هو ابني " أبو محمد "(ع) دون بقية أولادي ، وإن عنده ما تحتاجون إليه ، يقدم ما يشاء الله ، ويؤخر ما يشاء الله قال تعالى (( ما ننسخ من آية أو ننسها نأتِ بخير منها أو مثلها )) و الإمام بعده ابنه القائم (ع) الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، بعدما مُلئت ظلماً وجورا .

              وروى عبدالله بن محمد الأصفهاني عنه (ع) " صاحبكم بعدي الذي يصلي عليَّ ، قال : ولم نعرف أبا محمد قبل ذلك ، قال : فخرج أبو محمد فصلى عليه "

              وروى عن الإمام الهادي (ع) أبو بكر الفهفكي قال : كتب إلي أبو الحسن عليه السلام : أبو محمد ابني أنصح آل محمد غريزة وأوثقهم حجة ، وهو الأكبر من ولدي ، وهو الخلف وإليه ينتهي عُرى الإمامة وأحكامها ، فما كنت سائلي فسله عنه ، فعنده ما يحتاج إليه .

              وعن علي بن مهزيار قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام : إن كان كونٌ - واعودُ بالله - فإلى من ؟ قال : عهدي إلى الأكبر من ولدي .

              وعن أحمد بن محمد بن رجاء صاحب الترك قال : قال أبو الحسن عليه السلام : الحسن ابني القائم من بعدي .
              إلى غير ذلك من المرويات والنصوص على إمامته (ع) .

              بُوابُه عليه السلام :

              عمرو بن سعيد العمري رضى الله تعالى عنه .

              نقش خاتمه :

              الله وليَّ . وعن الكفعمي ( رض ) :أنا لله شهيد . وعن ابن الصباغ المالكي : سبحانه مَنْ له مقاليد السماوات والأرض .

              زوجاته وأولاده :

              تزوج الإمام العسكري (ع) جارية رومية أسمها نرجس هي أم الإمام المنتظر (عج) ، وقد جاء في المصادر في كرامات هذه السيدة الجليلة إن رسول الله (ص) خطبها له في المنام ، وبشرها بأنها تلد له ولداً يملك الدنيا شرقاً وغرباً ، ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، بعدما ملئت ضلماً وجورا ، وإن المسيح (ع) زوجه أياها في المنام .

              وكان الإمام الهادي (ع) والد الإمام العسكري (ع) قد اشترى السيدة نرجس في اليقظة ، وملكه إياها ، وهي مدفونة بظهر قبر زوجها الإمام العسكري (ع) في سامراء .

              ولم يخلف الإمام العسكري (ع) من الأولاد سوى الإمام القائم الحي محمد بن الحسن المهدي (عج) الموجود منذئذٍ إلى يومنا هذا ، وهو الحجة الغائب المنتظر المستتر عن الابصار ، عليه وعلى آبائه المعصومين الطاهرين صلوات الله الملك الجبار .

              أوصافه وأخلاقه وتعاليمه عليه السلام .

              كان لون وجه الإمام العسكري (ع) بين السمرة والبياض ، وكان في اخلاقه - كأبائه الأطهار - المثل الأعلى والقدوة التي تحتدى ، ومع ان مدة إمامته (ع) كانت - كما علمت - قصيرة فقد ظهرت منه (ع) من العلوم ونشر الأحكام الإلهية وبث المعالم النبوية ما بهر العقول وحير الألباب .

              وكان (ع) كثيراً ما يأمر بمراعاة قرتبة رسول الله (ص) وأمير المؤمنين علي (ع) وإعانة ذريتهما بكل ما أمكن .
              وكذلك كان (ع) حسب أخبار عديدة وروايات كثيرة يأمر ويتشدد بوجوب قيام العلماء بوظائفهم ، وتعليم من ليس له حظ من العلم من الشيعة ، فإن يتم العلم أشد من يتم اليتيم الذي مات عنه أبوه ، فيجب على العلماء ، وبخاصة في زمان غيبة إمامهم إرشادهم وهدايتهم وتعليمهم أحكام الله تعالى ورسوله (ص)

              كراماته ومعجزاته وعلومه (ع) :

              أما معجزاته (ع) وغرائب شأنه ، ومعالي أموره ، وأنباؤه بالمغيبات ، واخباره بجواب سؤال من أراد سؤاله (ع) قبل اظهاره ما في ضميره ، وما برز على لسانه الشريف من العلوم الغريبة والمحاجات الكثيرة في المواقع العديدة مع طوائف كثيرة ، حتى ادعن الأخصام بل حتى الأعداء بفضله ، وأرغمت معاطس المخالفين بعلو شأنه ، وذلت رقاب الجاحدين والحاسدين والمعاندين لسمو مقامه وعظيم براهينه وبليغ بياناته ، فلا يحتمل المقام ذكر شيئ للأسف منها ! . ولعمري لو لم يكن على إمامته وخلافته (ع) عن جده رسول الله (ص) دليل ولا برهان ، ولا عصمته وطهارته أولويته يشامخ مقام الولاية والوراثه عن آبائه المعصومين (ع) نص ولا بيان ، لكفى في اثبات كل ذلك ما ظهر منه (ع) من العلوم والحكم ، مضافاً إلى المعاجز غير المحصورة والفضائل المشهورة المذكورة في الكتب المشروحة ولعلك ترك قطرة من بحار علومه بمراجعة علومه في الكتب المعروفة .

              ومن معجزاته الخارقة للعادة ، مارواه الشيخ الكليني (قدس) عن جماعة من أصحابنا ، عن بعض فصادي العسكر من النصارى : ان أبا محمد (ع) بعث إليه يوماً في وقت صلاة الظهر ، فقال : أفصد هذا العرق ، قال : فناولني عرقاً لم أفهمه من العروق التي تفصد ، فقلت في نفسي ما رأيت أمراً أعجب من هذا ، يأمرني ان أفصده في وقت الظهر وليس بوقت الفصد ، والثانية عرق لا افهمه . قال : ثم قال انظر وكن بالدار ، فلما امسى دعاني وقال لي : سرِّح الدم فسرحته ، ثم قال لي : أمسك ، فأمسكت ، ثم قال لي : كن في الدار ، فلما كان نصف الليل أرسل إليَّ ، فقال لي : سرَّح الدم ، فتعجبت أكثر من عجبي الأول ، فكرهت أن أسأله ، قال : فسرَّحتُ الدمَ ، فخرج دمٌ أبيض كأنه الملح ، قال : ثم قال لي اجلس فجلست وقال لي : كن في الدار . فلما أصبحت ، أمر قهرمانه أن يعطيني ثلاثة دنانير فاخذتها .
              فخرجت حتى أتيت بختيشيوع النصراني فقصصتُ عليه القصة قال: فقال لي : ما أفهم ُ ما تقول ، ولا أعرفه في شيئ من الطب ، ولا قرأته في كتاب ، ولا أعلن في دهرنا أعلم بكتب النصرانية من فلان الفارسي ، فاخرج إليه ، قال : فاكتريت زورقاً إلى البصرة وأتيت الأهواز ، ثم صرت إلى فارس إلى صاحبي ، فأخبرته الخبر ، قال : فقال لي : أنظرني أياماً فانظرته ، ثم أتيت متقايضاً ، قال : فقال لي : إن هذا الذي تحكيه من أمر هذا الرجل فعله عيسى بن مريم (ع) في دهره مرة واحدة ، ولقد حسده الناس على هذا الفضل الباذخ والمقام الشامخ ، ولقد أخبر بذلك إلى أخيه جعفر الكذاب لمقابلة جعفر الصادق (ع) .

              واضافة إلى معرفته لما في الضمائر ، تنقل المصادر روايات عجيبة عن إخباره بالمغيبات ، مثل اخباره شيعته قبل خلع المستعين بثلاثة أيام بواقعة خلعه بقوله : بعد ثلاث يأتيكم الفرج .

              وبالجملة فمناقب هذا الحجة المعصوم وفضائل هذا الإمام المظلوم (ع) لا تنقص فضلاً عن اسلافه الطيبين الطاهرين وأجداده المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين ، ولا غرابة في ذلك فإن جميعهم من نور واحد ، وكلهم ثمرات الشجرة الطيبة النبوية ، وفروع الأغصان الزاكية العلوية ، ونتائج الأغراس الظاهرة الفاطمية ، على أولهم واخرهم صلوات رب البرية

              مواقف الإمام العسكري (ع) اتجاه أحداث عصره :

              جاء الإمام العسكري (ع) إلى مقام الإمامة بعد أبيه بأمر الله تعالى ، وحسب ما أوصى به أجداده الكرام . وطوال مدة خلافته التي لا تتجاوز الست سنين ، كان ملازماً التقية ، وكان منعزلاً عن الناس حتى الشيعة ولم يسمح إلا للخواص من أصحابه بالأتصال ، ومع كل هذا ، فقد قضى زمناً طويلاً في السجون .
              والسبب في كل هذا الأضطهاد هو :

              أولاً : كان قد وصل عدد الشيعة إلى حد يلفت الأنظار ، وإن الشيعة تعترف بالإمامة ، وكان هذا الأمر واضحاً جلياً للعيان ، وإن أئمة الشيعة كانوا معروفين ، فكانت الحكومات أنذاك تتعرض للأئمة (ع) وتراقبهم وكانت تسعى للإطاحة بهم وإبادتهم بكل الوسائل الخفية .

              ثانياً : اطلعلت الدولة العباسية على أن الخواص من الشيعة تعتقد أن للإمام الحادي عشر ولداً ، طبقاً للروايات الواردة عن الأئمة عن النبي (ص) ويعتبرونه الإمام الثاني عشر لهم .

              لذلك يمكن تقسم مواقف الإمام العسكري (ع) تجاه الأحداث إلى أربعة مواقف :
              الموقف الأول : موقفه من الحكم والحكام : فقد كانت سياسة العباسيين تجاه الأئمة (ع) من أيام الإمام الرضا (ع) وتلخصت بالحرص على دمج إمام أهل البيت وصهره في الجهاز الحاكم ، وضمان مراقبتهم الدائمة له ـ ومن ثم عزله عن قواعده ومواليه .
              ولذا كان الإمام العسكري كوالده (ع) مجبراً على الإقامة في سامراء ، مكرهاً على الحضور لبلاط الخليفة كل يوم اثنين وخميس .
              ولكن الإمام (ع) كآبائه في موقفه من الحكام ، وقف موقفاً حذراً ومحترساً في علاقته بالحكم ، دون أن يثير أي أهتمام أو أن يلقي بنفسه في أضواء الحكم وجهازه ، بل كانت علاقته بالحكم روتينية رتيبة ، تمسكاً بخط أبائه (ع) تجاه السلطة العباسية ، وقد أكسب هذا الموقف الإمام (ع) الأحترام والمنزلة الرفيعة أمام الحكام .

              تعليق


              • #37
                الأمام الحسن بن علي العسكري عليه السلام

                الموقف الثاني : موقفه (ع) من الحركة العلمية والتثقيف العقائدي :
                وتمثلت مواقفه العلمية بردوده المفحمة للشبهات الإلحادية ـ وإظهاره للحق باسلوب الحوار والجدل الموضوعي والمناقشات العلمية ، وكان يردف هذا النشاط بنشاط آخر باصداره البيانات العلمية وتأليفه الكتب ونحو ذلك .

                وهو بهذا الجهد يُموِّن الأمة العقائدية شخصيتها الرسالية والفكرية من ناحية ومقاومة التيارات الفكرية التي تشكل خطراً على الرسالة ، وضربها في بدايات تكوينها من ناحية أخرى وللإمام (ع) من علمه المحيط المستوعب ، ما يجعله قادراً على الأحساس بهذه البدايات وتقديراً أهميتها ومضاعفاتها والتخطيط للقضاء عليها .

                ومن هنا جاء موقف الإمام العسكري (ع) واهتمامه وهو في المدينة المنورة بمشروع كتاب يضعه الكندي أبو يوسف يعقوب بن اسحاق " فيلسوف العراق في زمانه " ، حول متنافضات القرآن إذ اتصل عن طريق بعض المنتسبين إلى مدرسته واحبط المحاولة وأقنع مدرسة الكندي بأنها خطأ ، وجعله يتوب ويحرق أوراقه إلى غير ذلك .

                الموقف الثالث : موقفه (ع) في مجال الإشراف على قواعده الشعبية وحماية وجودها وتنمية وعيها ، ومدها بكل أساليب الصمود والإرتفاع إلى مستوى الطليعة المؤمنة .
                وكان يساعدهم اقتصادياً وإجتماعياً ، ويحذرهم ، وكان (ع) يأمر أصحابه بالصمت والكف عن النشاط ريثما تعود الأمور إلى مجاريها وتستتب الحوادث . وكانت تُجبى إليه (ع) أموال كثيره من الحقوق ، من مختلف المناطق الإسلامية التي تتواجد فيها قواعده الشعبية ، وذلك عن طريق وكلائه المنتشرين فيها ، وكان (ع) يحاول جاهداً وبأساليب مختلفة أن يخفي هذا الجانب إخفاءً تاماً على السلطة ، ويحيطه بالسرية التامة .

                الموقف الرابع : موقفه (ع) من التمهيد للغيبة .

                إن الإمام العسكري (ع) حين يعلم بكل وضوح تعلق الإرادة الإلهية بغيبة ولده من أجل إقامة دولة الله في أرضه وتطبيقها على الإنسانية أجمع ، والأخد بيد المستضعفين في الأرض ليبدل خوفهم أمناً 000 يعبدون الله لا يشركون به شيئاً .

                يعرف أن عليه مسؤولية التمهيد لغيبة ولده ، وذلك لأن البشر إعتادوا الإدراك والمعرفة الحسية ، ومن الصعب على الإنسان المعتاد على المعرفة الحسية فقط أن يتجاوز إلى تفكير واسع .
                ولم يكن مجتمع الإمام (ع) الذي عاصر مواقفه المنحرف وهبوط مستواه الفكري والروحي يسمو إلى عمق هذا الإيمان وسمو فكرته ، خاصة وأن غيبة الإمام حادث لا مثيل له في تاريخ الأمة .

                والنصوص المتواترة الصحيحة عن النبي (ص) لها أثرها الكبير والفاعل في ترسيخ فكرة إنتظار المهدي (عج) في نفوس المسلمين بشكل عام ، وهذه الروايات عون للإمام العسكري (ع) لكي يقنع الناس بالإيمان بالغيبة من ناحية ، ويبرهن للناس تجسيد الغيبة في ولده المهدي من ناحية أخرى .
                والأمر الأصعب الذي تحمل مسؤوليتة الإمام العسكري (ع) بصفته والداً للمهدي (ع) هو اقناع الناس بف\كرة حلول زظمان الغيب وتنفيدها في شخص ولده الإمام المهدي وهو أصعب بالنسبة للفرد العادي ، إذ انه سوف يفاجأ ويصدم إيمانه بفكرة الغيبة ، فإن هناك فرقاً كبيراً في منطق إيمان الفرد العادي بشكل مؤجل لا يكاد يحس الفرد بأثره في الحياة ، وبين الإيمان بالغيب مع الاعتقاد بتنفيده في زمان مغاير .

                هذه الحقيقة ، كانت تلح على الإمام أن يبذل جهداً مضاعفاً لتخفيف وقع الصدمة وتذليلها ، وتهيئة أذهان الناس لاستقبالها دون رفض أو انكار ، وتعويد أصحابه وقواعده على الالتزام بها ، وخاصة أنه (ع) يريد تربية جيل واعٍ يكون النواة الأساسية لتربية الأجيال الأتية ، والتي ستبني بجهدها تاريخ الغيبتين ، الصغرى والكبرى .
                اضف إلى ذلك أن الظروف والمعاناة التي عاشها الإمام العسكري (ع) ، من قبل الدولة ، وضرورة العمل والتبشير بفكر المهدي الموعود ، والتي كانت تعتبر في منطق الحكام ، أمراً مهدداً بكيانهم ، وخروجاً على سلطانهم .
                لذا فقد اتجه نشاط الإمام العسكري (ع) في تحقيق هذا الهذف إلى ثلاث أعمال رئيسية ممهده لهذا الهذف :

                العمل الأول : حجب الإمام المهدي (ع) عن اعين الناس مع إظهاره لبعض خاصيته.

                العمل الثاني : تكثيف حملة توعية لفكرة الغيبة ، وافهام الناس بضرورة تحملهم لمسؤلياتهم الإسلامية وتعويدهم على متطلباتها ، وقد اتخد الإمام (ع) بتصدير بياناته وتعليماته عن المهدي ، كحلقة متسلسلة للنصوص التي بشر بها الرسول (ص) والإئمة (ع) من بعده ، وقد اتخذ الإمام العسكري (ع) في بياناته اشكالاً ثلاثة :

                الشكل الأول : بيان عام ، كالتعرض لصفات المهدي (ع) بعد ظهوره وقيامه في دولته العالمية .
                الشكل الثاني : توجيه النقد السياسي للأوضاع القائمة ، وذلك بقرنها بفكرة المهدي (عج) وضرورة تغييرها .
                الشكل الثالث : توجيه عام لقواعده وأصحابه يوضح فيها (ع) لهم أبعاد فكرة الغيبة ، وضرورة التكيف لها من الناحية النفسية و الأجتماعية تمهيداً لما يعانونه من غيبة الإمام (ع) وانقطاعه عنهم .

                العمل الثالث : اتخد الإمام العسكري (ع) موقفاً يمهد فيه للغيبة ، عندما احتجب بنفسه عن الناس ، إلا عن خاصة أصحابه ، وذلك باسلوب المكاتبات والتوقيعات ، ممهداً بذلك إلى نفس الأسلوب الذي سوف يسير عليه ابنه المهدي (ع) في غيبته الصغرى ، وهو في احتجابه وإيصاله للتعليمات .

                وقد يبدو الأمر غريباً مفاجئاً للناس لو حدث هذا بدون مسبقات وكان اسلوباً أخراً من أساليب التمهيد لفكرة الغيبة .
                وكذلك أيضاً فإن نظام الأحتجاب والوكلاء هو الأسلوب نفسه الذي يكون ساري المفعول في غيبة الإمام الصغرى ، بعد ان اعتاد الناس عليه في مسلك الإمامين العسكريين عليهما السلام ، وخاصة الإمام الحسن العسكري (ع) .

                استشهاده عليه السلام :

                لقد تعرض الإمام العسكري (ع) لما تعرض له أباؤه الأطهار (ع) من بطش الحكام وإئتمارهم لقتلهم ، بل ربما يزيد الإمام العسكري (ع) عن ابائه وأجداده (ع) تعرضاً للأذى ، لأن الحكام في عصره كانوا يتخوفون مما بلغهم من كون الحجة المهدي (ع) منه (ع) لذا حبسوه عدة مرات ، وحاولوا قتله فكان ينجو من محاولاتهم .

                حتى جاء عهد المعتمد (لع) فتمكن من سم الإمام الحسن (ع) في السنة الخامسة من حكمه ، وقد سُقيَ (ع) ذلك السم في أول شهر ربيع الأول نت سنة ستين ومائتين ، وظل (ع) سبعة أيام يعالج حرارة السم ، حتى صار يوم الجمعة الثامن من شهر ربيع الأول من سنة ستين ومائتين ، حيث انتقل إلى جوار ربه ، في سامراء ، ولم يصل عمره الشريف إلى ثمانية وعشرين سنة .

                وقد تعرض الإمام العسكري (ع) - فضلاً على أذايا العباسيين - للطامعين من الحاسدين ، وكان من أبرزهم أخوه جعفر ابن الإمام الهادي الذي اطلق عليه فيما بعد لقب " جعفر الكذاب " والذي كان على اتصال بالخلفاء
                وفتش العباسيون ذار الإمام العسكري (ع) بعد استشهاده ، بتحريض من جعفر الكذاب ، للبحث عن الإمام المهدي (عج) .
                وشنع جعفر الكذاب على اصحاب الإمام العسكري (ع) وعلى اتباعه قولهم بإمامة المهدي (عج) وهو ابن خمس سنوات ، وانتظارهم خروجه وظهوره بعد أخفاه أبوه ، بل شنع عليهم اعتقادهم بوجوده ، وانكر وجوده كله .

                ولم يكتف جعفر الكذاب بما فعل بشان المهدي (ع) بل تملك تركة أخيه الإمام الحسن العسكري (ع) وادعى الإمامة بغير وجه حق ، وحاول حبس جواري وحلائل الإمام العسكري (ع) وأن يقوم مقامه في الشيعة ، فما استجابوا له وما تبعوه ، فلجأ للمعتمد ، يستمد منه العون على الوصول إلى أخيه ، وبذل له مالاً جزيلاً وتقرب إليه بكل ما يحتمل أن يقربه إليه ، ولكن المعتمد نهره وأبعده .

                ولما ممهدات كهذه . ولهذا كان هذا الأسلوب لتهيئة أذهان الأمة وتوعيتها ، لكي تتقبل هذا الأسلوب وتستسيغه دون استغراب ومضاعفات غير محمودة .

                وكان نظام الوكلاء الذي اتبعه الإمام العسكري (ع) مع قواعده الشعبية استشهد الإمام العسكري (ع) ضجت لفقده " سر من رأى " ضجة عظيمة وحمل أهلها النعش المقدس ، بتجليل واهتمام بالغين ، فأراد جعفر الصلاة عليه لكن ذا الطلعة البهية هو الذي صللا عليه وجهزه ، ودفن (ع) في داره مع أبيه الهادي (ع) وراء ظهره

                تعليق


                • #38
                  السيدة الطاهرة فاطمة بنت الرسول (ص) صلوات الله عليها وآلها الطاهرين

                  نسبها الشريف :

                  هي ثاني ( الرابع عشر ) من المعصومين عليهم السلام ، المعصومة من الذنوب ، والمطهرة من العيوب ، كأبيها (ص) وكبعلها ، وأولادها الأئمة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين ، بقية النبوة ، وناموس الله الأكبر ، الصديقة الطاهرة ، حبيبة قلب خاتم الأنبياء ، سيدة النساء ، وحليلة سيد الأولياء ، ومشكاة أئمة الهدى ، البتول العذراء فاطمة الزهراء بنت محمد الرسول (ص) صلوات الله وسلامه عليها .

                  خديجة الكبرى عليها السلام :

                  وأما من جهة الأم فأمها خديجة بنت خويلد (ع) بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب ، فتلتقي خديجة (ع) بالرسول (ص) في الجد الرابع وهو قصي وأم خديجة (ع) من الفواطم التسع ، وهي فاطمة بنت زائد بن الأصم ، وينتهي نسبها إلى عامر بن لؤي ، ولؤي هو جد الرسول (ص) الثامن .

                  وخديجة (ع) من أحسن النساء جمالاً ، واكملهن عقلاً ، وأتمهن رأياً ، واكثرهن عفة وديناً وحياءً ومروة ومالاً ، روي أن الرسول (ص) قال - كما في شجرة طوبى - [ إن الله اختار من النساء أربعة ، مريم بنت عمران وأسية بنت مزاحم ، وخديجه بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ] ، وقال (ص) على ما روى صاحب شجرة طوبى أيضاً -[ اشتاقت الجنة إلى أربع من النساء ، مريم بنت عمران ، وأسية بنت مزاحم ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة الزهراء بنت محمد ] وفي الخبر عن المصدر السابق عنه (ص) " ما كمل من النساء إلا أربعة ، مريم وأسية وفاطمة وخديجة زوجة النبي في الدنيا والآخرة " .

                  وهي المرأة الجليلة النبيلة الأصيلة ، العقيلة الكاملة العاقلة الباذلة ، العالمة الفاضلة ، العابدة الزاهدة الحازمة ، والحبيبة لله وسوله ولوليه المختار من النساء والصفية البيضاء ، حليلة الرسول وأم البتول ، صفوة النساء الطاهرات ، وسيدة العفائف المطهرات أفضل أمهات المؤمنين ، وأشرف زوجات الرسول الأمين ، وأول من أمنت من النساء ، واسبقهن بعبادة رب الأرض والسماء ، سيدة النسوان بعد ابنتها ، وخاصة الرسول وخلاصة الإيمان ، وأصل العز والمجد وشجرة الفخر والنجد ، والسابقة إلى الإسلام والدين ، في العاجلة والأخرى ، مولاتنا وسيدتنا أم المؤمنين خديجة الكبرى ، وهي أميرة عشيرتها وسيدة قومها ، ووزيرةُ صدقٍ لرسول الله (ص)

                  ولدت (ع) قبل عام الفيل بخمس عشر سنة على قول وقيل قبل عام الفيل بثلاث سنوات وهو ما رجحه الكثيرون ، باعتبار أن عمرها حين زواجها من الرسول (ص) ثمان وعشرون سنة ، لا كما قاله بعضهم من ان عمرها (ع) أربعين سنة انذاك ، وعمر الرسول (ص) أنذاك خمس وعشرون سنة ، إذاً فتكبره ( ص) بثلاث سنوات ، وللمزيد انظر سيرة الرسول (ص) ج2 ، ص114 ، ط4 ، 1415 هـ .

                  أما زواجها فعلى التحقيق ، أنها تزوجت الرسول (ص) ولم تتزوج قبله ، وإن قيل أنها تزوجت برجلين قبله وهما عتيق بن عائذ بن عبدالله المخزومي ، وأبو هالة التميمي ولها منهما بعض الأولاد .
                  وقد اختلفوا في اسم أبي هالة ،هو هل النباش بن زرارة أم العكس ، أوهند أو مالك ، وهل هو صحابي ؟ وهل تزوجته قبل عتيق ، أم تزوجت عتيقاً قبله .

                  وختلفوا في كون هند الذي ولدته خديجة هو ابن هذا الزوج أو ذاك ، فإن كان ابن عتيق ، فهو ذكر وإلا فهو انثى ، وأنه هل قتل مع الإمام علي (ع) في حرب الجمل ، أو مات بالطاعون بالبصرة .
                  ومما يدلل على أنها لم تتزوج (ع) قبله (ص) ما ذكره ابن شهر أشوب عن البلاذري ، وأبي القاسم الكوفي في كتابيهما ، والمرتضى في الشافي ، وأبي جعفر في التلخيص " أن النبي (ص) تزوج بها عذراء" .
                  وكذلك ما ذكره في كتابي الأنوار والبدع : أن رقية وزينب كانتا ابنتي هالة أخت خديجة (ع) . وكذلك ما استبعده صاحب الاستغاثه في ج1 .
                  وهناك الكثير من الأشكالات حول صحة زواجها من غيره (ص) قبله ، وللمزيد من الأطلاع انظر الصحيح من سيرة الرسول (ص) ج2 ، ص 121-134هـ ، وانظر كتيب بنات النبي (ص) أم ربائبة ، للسيد جعفر مرتضى العاملي أيضاً

                  ومن جملة شؤنها أنها كانت أول امرأة آمنت برسول الله (ص) ، وقد شيد الله دينه بمال خديجة ، كما روي عنه (ص) ( ما قام ولا استقام ديني إلا بشيئين مال خديجة وسيف علي بن ابي طالب ) (ع) ، وكان لها ثمانون ألف أبل ، كانت تؤجر وتكري ، من بلد إلى بلد ، فبذلت تلك الأموال والجواري والعبيد لرسول الله (ص) . حتى بقيت تنام هي ورسول الله (ص) في كساء واحد ، لم يكن لهما غيره . ومن جملة شؤونها أيضاً أن الله بلغها السلام عن طريق جبرائل (ع) وجعل بطنها وعاءً للإمامة .

                  توفيت سلام الله تعالى عليها يوم العاشر من شهر رمضان المبارك السنة العاشرة من البعثة الشريفة ، وبعد وفاة أبي طالب بثلاث أيام ، في عام الحزن ، ولها من العمر الشريف ثلاث وخمسون سنة ، ودفنت بمكة المكرمة ، في مقابر قريش .

                  أسماء الزهراء عليها السلام :

                  فاطمة وسميت بذلك لأنها فطمت شيعتها ومحبيها من النار ، وتتولى الشفاعة من أبيها (ع) لهم ، رزقنا الله شفاعتها ، الزهراء ، الأنسية الحوراء ، الصديقة ، المباركة ، الطاهرة ، الزاكية ، الراضية ، المرضية ، المحدثة ، البتول ، العذراء ، مشكاة الضياء ، البضعة ، سيدة النساء ، أم الأئمة ، الحَصان ، الحرة ، الصديقة الكبرى ، المنصورة ، النورية ، السماوية ، الحانية ، وغير ذلك .

                  ولادتها عليها السلام :

                  ولدت سلام الله تعالى عليها في مكة المكرمة يوم الجمعة العشرين من شهر جمادى الأخرة ، بعد بعثة أبيها (ص) بالنبوة بخمس سنوات ، وقريش تبني البيت ، فيكون بثلاث سنين بعد الأسراء على المشهور ، أي قبل الهجرة بثمان سنوات ، أي السنة الخامسة والأربعون من عام الفيل ، وهذا هو المشهور .

                  وقيل أنه بالحساب الواقعي بأربع سنين وعشرة شهور وخمسة وعشرين يوماً بعد البعثة ، أو ثلاثة أيام بدل الخمسة والعشرين والقول الغير المشهور كونه بسنة أو بسنتين بعد البعثة .
                  وبالجملة كان زمان ولا دتها (ع) أيام حكومة يزدجرد بن شهريار من ملوك العجم ، الذي كان دار سلطنته قلعة الجولاء قرب بغداد دار السلام ، وكان أمر سلطنته مستقراً في تلك الأيام إلى أن انهزم في عصر الخليفة الثاني من جيش الإسلام ، ففرّ بعد ان انهُزِم إلى بلاد العجم ، وقُتل بقلعة هرات أو بنبيشابور أو غير ذلك على اختلاف الأقوال والروايات ، وكان أخر ملوك العجم .

                  وقد ولدت عليها السلام يوم الجمعة وقت الصبح ، أي في أخر جزء من ليلة الجمعة ، وهي الساعة الأخيرة التي هي أفضل الساعات ومحل استجابة الدعوات ، ووجه اختصاص تولدها بتلك الساعة لعلة تكون مستورة عن عيون الأجانبة .

                  نقش خاتمها :

                  قيل أن نقش خاتمها " الله ولي عصمتي " ، وقيل كان خاتمها من الفضة ونقشه " نعم القادر الله " وقيل أمن المتوكلون " وقيل أن نقش خاتمها هو نقش خاتم سليمان بن داوود (ع) " سبحان من الجم الجن بكلماته " . وذكروا أن لنقش هذه الكلمات في فص الخاتم تأثيراً عجيباً لدفع الأعداء ، وحفظ الأموال والأولاد والبدن ، وعن شر الأنس والجن ، وجميع المكاره والأفات والأسواء والبليات .

                  مقامها سلام الله عليها :

                  هي سيدة نساء العالمين ، واحب الناس إلى رسول الله (ص) فقد كانت عنده (ص) كقلبه ومهجته وروحه التي بين جنبيه ، وكان (ص) يعظمها غاية التعظيم بأمر من الله تعالى ، حتى إذا دخلت عليه كان (ص) يقوم على قدميه احتراماً لها ، ويستقبلها ويقبل يدها وخدها (ع) ثم يضمها إلى صدره الشريف ويقول - كما روي - " إني أشم رائحة الجنة من ابنتي فاطمة (ع) ، فإنها قد تكونت من فاكهة من فواكه الجنة أطعمنيها الله تعالى ليلة المعراج ، وإنها الأنيسة الحوراء " . ثم يجلسها في مكانه ، ويجلس هو قدامها أو بجانبها ، حتى حسدتها بعض نسائه (ص) .

                  ولها (ع) معجزات كثيرة وآيات باهرة تدل على عصمتها وطهارتها ، وعلو شانها وسمو مقامها مما لا يتسع المقام لذكرها ، حتى أن وجهها (ع) كان يزهر لأمير المؤمنين (ع) من أول النهار ، كالشمس الضاحية ، وعند الزوال كالقمر المنير ، وعند غروب الشمس كالكوكب الدري ، ولذا سميت بالزهراء (ع) ، ومن أهل بيت ، أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم من الرذائل تطهيرا ، وأنزل في مدحههم آيات وسوراً كثيرة في القرآن الكريم ، كآية المباهلة ، وسورة " هل أتى " .

                  وهي الشفيعة الكبرى في القيامة وقد أذعن بفضائلها المخالف والمؤالف ،وإن من أحبها فقد أحب الله ورسوله ومن أبغضها فقد أبغض الله ورسوله ، ومن أذاها فقد آذى رسوله ومن آذى رسول الله (ص) فقد آذى الله ، ومن آذى الله تعالى فعليه لعنة الله تعالى ، ولعنة المرسلين والملائكة والناس أجمعين ، ومن لعنه الله فقد أدخله ناره وبئس القرار ، ومن أسخطها فهو في غضب الله تعالى .

                  وبعد فكفاها مقاماً أنها بنت سيد المرسلين ، وكفاها جلالاً أنها زوجة سيد الوصيين ، وكفاها عزاً أنها والدة الأئمة المعصومين سادة الخلائق أجمعين ، وكفاها كرامة أنها بنت أم المؤمنين خديجة الكبرى بنت خويلد ،التي كانت أول من أمن بالرسول (ص) من النساء- كما ذكرنا - والتي بذلت نفسها وجميع ما تملكه ، في نصرة رسول الله (ص) ، وإعلاء كلمة الإسلام ، حتى قال (ص) على ما روي وكما تقدم " إنما قام هذا الدين بسيف علي (ع) ومال خديجة (ع) " . وهي سيدة الحجاز .

                  بل يكفي الزهراء (ع) فخراً أنها وأمها ، إثنتان من أربع نسوة من سيدات نساء الجنة ، أما الأُخريان فهما أسية بنت مزاحم امرأة فرعون ، ومريم بنت عمران ، والدة المسيح (ع) ، وفاطمة (ع) أفضلهن مطلقاً .

                  وكان لها (ع) خصائص ومعجزات مفصلة في مواضعها ، مثل كونها بعد ولادتها تنشأ في اليوم كالجمعة - أي الأسبوع - وفي الجمعة كالشهر ، وفي الشهر كالسنة ، ومثل تنور جمالها ، وظهور نور وجهها كل يوم لعلي (ع) ثلاث مرات - على مامرّ .

                  وانها كانت أبداً بتولاً عذراء ، وكانت تدعو في أدعية صلاة الليل أولاً لجيرانها ثم لنفسها ، فسألها الحسن (ع) في ذلك فقالت : يا بني الجار ثم الدار .
                  وكانت (ع) معصومة مع عدم الإمامة ، ذات معجزات وكرامات مع عدم النبوة والإمامة ، وكانت من أهل العبا ، والكساء والمباهلة ، وقد عُقد عقد تزويجها في السماء ، وكانت تكلمها الملائكة وتحدثها .

                  ولا غرو أن يوحى للزهراء (ع) وتكلمها الملائكة ، ويُرَّد على من ينكر ذلك في حق الزهراء ، بان حشرات النحل قد أوحيَ لها وذلك في قوله تعالى (( وأوحى ربك إلى النحل أن اتخدي من الجبال بيوتا )) سورة النحل اية 68 وإلى الحواريين كذلك (( وإذ أوحيت إلى الحواريين أن أمنوا بي وبرسولي )) سورة المائدة اية 111 ، وأوحى الله كذلك إلى أم موسى (ع) في قوله تعالى (( وإذ أوحينا إلى أمك ما يوحى )) طه اية 38 ، وفي قوله تعالى (( وأوحينا إلى أم موسى أن ارضعيه )) سورة القصص اية 7 ، بل أوحى الله تعالى إلى السموات في قوله تعالى (( فقضاهن سبع سموات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها )) سورة فصلت اية 12، وإلى الأرض أيضاً في قوله تعالى (( بأن ربك أوحى لها )) سورة الزلزلة اية 5 .

                  ولا أدري ، لماذا تقوم قيامتهم إذا قلنا بأن الزهراء(ع) يوحي لها ، أو الأئمة (ع)؟! . وقد أثبت الله سبحانه وتعالى ، أنه جل جلاله يوحي إلى من يشاء من خلقه ، فقد أوحى إلى أم موسى (ع) وإلى أصحاب عيسى (ع) الحواريين بل ثبت في القرآن الكريم أن مالا يعقل يوحى إليه ، كالنحل والسموات والأرض , وآل محمد (ع) بشر يعقلون ، فما وجه الغرابة في أن يوحى لهم ، والله سبحانه وتعالى قرر في كتابه المجيد ، أنه أرسل روحه إلى مريم (ع) كما أشار في الأية 17 من سورة مريم .

                  وقد قرر الله تعالى أن اتصاله بالبشر يكون عن ثلاث طرائق ، إما بالوحي ، أو من وراء حجاب أو ارسال رسول . فإذا كانت السماوات والأرض والحشرات يوحى لها وهي لا تعقل ، وإنما هي عبارة عن غازات وأحجار وماء لا تتكلم ولا تتحرك ، وكذلك أصحاب عيسى (ع) بشر عاديون ليسوا بانبياء ، وكذلك أم موسى ليست بنبيه بل هي امرأة ، فما وجه نفي الوحي عن أهل بيت الرسالة ، وهم بشر ، بل أفضل البشر قاضبة ؟ فإن من أوحى لاحجار وحشرات ، لقادر على أن يوحي لأفضل بريته بعد رسوله (ص) . وإذا رجعت إلى مروياتهم 0 لرأيت العجب العجاب في نزول الوحي على محبيهم ، أو أن الرسول (ص) يظن أن الوحي قد نزل على فلانة ؟! إذا تأخر عنه (ص) ، فراجع وافهم .

                  تعليق


                  • #39
                    السيدة الطاهرة فاطمة بنت الرسول (ص) صلوات الله عليها وآلها الطاهرين

                    نسبها الشريف :

                    هي ثاني ( الرابع عشر ) من المعصومين عليهم السلام ، المعصومة من الذنوب ، والمطهرة من العيوب ، كأبيها (ص) وكبعلها ، وأولادها الأئمة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين ، بقية النبوة ، وناموس الله الأكبر ، الصديقة الطاهرة ، حبيبة قلب خاتم الأنبياء ، سيدة النساء ، وحليلة سيد الأولياء ، ومشكاة أئمة الهدى ، البتول العذراء فاطمة الزهراء بنت محمد الرسول (ص) صلوات الله وسلامه عليها .

                    خديجة الكبرى عليها السلام :

                    وأما من جهة الأم فأمها خديجة بنت خويلد (ع) بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب ، فتلتقي خديجة (ع) بالرسول (ص) في الجد الرابع وهو قصي وأم خديجة (ع) من الفواطم التسع ، وهي فاطمة بنت زائد بن الأصم ، وينتهي نسبها إلى عامر بن لؤي ، ولؤي هو جد الرسول (ص) الثامن .

                    وخديجة (ع) من أحسن النساء جمالاً ، واكملهن عقلاً ، وأتمهن رأياً ، واكثرهن عفة وديناً وحياءً ومروة ومالاً ، روي أن الرسول (ص) قال - كما في شجرة طوبى - [ إن الله اختار من النساء أربعة ، مريم بنت عمران وأسية بنت مزاحم ، وخديجه بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ] ، وقال (ص) على ما روى صاحب شجرة طوبى أيضاً -[ اشتاقت الجنة إلى أربع من النساء ، مريم بنت عمران ، وأسية بنت مزاحم ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة الزهراء بنت محمد ] وفي الخبر عن المصدر السابق عنه (ص) " ما كمل من النساء إلا أربعة ، مريم وأسية وفاطمة وخديجة زوجة النبي في الدنيا والآخرة " .

                    وهي المرأة الجليلة النبيلة الأصيلة ، العقيلة الكاملة العاقلة الباذلة ، العالمة الفاضلة ، العابدة الزاهدة الحازمة ، والحبيبة لله وسوله ولوليه المختار من النساء والصفية البيضاء ، حليلة الرسول وأم البتول ، صفوة النساء الطاهرات ، وسيدة العفائف المطهرات أفضل أمهات المؤمنين ، وأشرف زوجات الرسول الأمين ، وأول من أمنت من النساء ، واسبقهن بعبادة رب الأرض والسماء ، سيدة النسوان بعد ابنتها ، وخاصة الرسول وخلاصة الإيمان ، وأصل العز والمجد وشجرة الفخر والنجد ، والسابقة إلى الإسلام والدين ، في العاجلة والأخرى ، مولاتنا وسيدتنا أم المؤمنين خديجة الكبرى ، وهي أميرة عشيرتها وسيدة قومها ، ووزيرةُ صدقٍ لرسول الله (ص)

                    ولدت (ع) قبل عام الفيل بخمس عشر سنة على قول وقيل قبل عام الفيل بثلاث سنوات وهو ما رجحه الكثيرون ، باعتبار أن عمرها حين زواجها من الرسول (ص) ثمان وعشرون سنة ، لا كما قاله بعضهم من ان عمرها (ع) أربعين سنة انذاك ، وعمر الرسول (ص) أنذاك خمس وعشرون سنة ، إذاً فتكبره ( ص) بثلاث سنوات ، وللمزيد انظر سيرة الرسول (ص) ج2 ، ص114 ، ط4 ، 1415 هـ .

                    أما زواجها فعلى التحقيق ، أنها تزوجت الرسول (ص) ولم تتزوج قبله ، وإن قيل أنها تزوجت برجلين قبله وهما عتيق بن عائذ بن عبدالله المخزومي ، وأبو هالة التميمي ولها منهما بعض الأولاد .
                    وقد اختلفوا في اسم أبي هالة ،هو هل النباش بن زرارة أم العكس ، أوهند أو مالك ، وهل هو صحابي ؟ وهل تزوجته قبل عتيق ، أم تزوجت عتيقاً قبله .

                    وختلفوا في كون هند الذي ولدته خديجة هو ابن هذا الزوج أو ذاك ، فإن كان ابن عتيق ، فهو ذكر وإلا فهو انثى ، وأنه هل قتل مع الإمام علي (ع) في حرب الجمل ، أو مات بالطاعون بالبصرة .
                    ومما يدلل على أنها لم تتزوج (ع) قبله (ص) ما ذكره ابن شهر أشوب عن البلاذري ، وأبي القاسم الكوفي في كتابيهما ، والمرتضى في الشافي ، وأبي جعفر في التلخيص " أن النبي (ص) تزوج بها عذراء" .
                    وكذلك ما ذكره في كتابي الأنوار والبدع : أن رقية وزينب كانتا ابنتي هالة أخت خديجة (ع) . وكذلك ما استبعده صاحب الاستغاثه في ج1 .
                    وهناك الكثير من الأشكالات حول صحة زواجها من غيره (ص) قبله ، وللمزيد من الأطلاع انظر الصحيح من سيرة الرسول (ص) ج2 ، ص 121-134هـ ، وانظر كتيب بنات النبي (ص) أم ربائبة ، للسيد جعفر مرتضى العاملي أيضاً

                    ومن جملة شؤنها أنها كانت أول امرأة آمنت برسول الله (ص) ، وقد شيد الله دينه بمال خديجة ، كما روي عنه (ص) ( ما قام ولا استقام ديني إلا بشيئين مال خديجة وسيف علي بن ابي طالب ) (ع) ، وكان لها ثمانون ألف أبل ، كانت تؤجر وتكري ، من بلد إلى بلد ، فبذلت تلك الأموال والجواري والعبيد لرسول الله (ص) . حتى بقيت تنام هي ورسول الله (ص) في كساء واحد ، لم يكن لهما غيره . ومن جملة شؤونها أيضاً أن الله بلغها السلام عن طريق جبرائل (ع) وجعل بطنها وعاءً للإمامة .

                    توفيت سلام الله تعالى عليها يوم العاشر من شهر رمضان المبارك السنة العاشرة من البعثة الشريفة ، وبعد وفاة أبي طالب بثلاث أيام ، في عام الحزن ، ولها من العمر الشريف ثلاث وخمسون سنة ، ودفنت بمكة المكرمة ، في مقابر قريش .

                    أسماء الزهراء عليها السلام :

                    فاطمة وسميت بذلك لأنها فطمت شيعتها ومحبيها من النار ، وتتولى الشفاعة من أبيها (ع) لهم ، رزقنا الله شفاعتها ، الزهراء ، الأنسية الحوراء ، الصديقة ، المباركة ، الطاهرة ، الزاكية ، الراضية ، المرضية ، المحدثة ، البتول ، العذراء ، مشكاة الضياء ، البضعة ، سيدة النساء ، أم الأئمة ، الحَصان ، الحرة ، الصديقة الكبرى ، المنصورة ، النورية ، السماوية ، الحانية ، وغير ذلك .

                    ولادتها عليها السلام :

                    ولدت سلام الله تعالى عليها في مكة المكرمة يوم الجمعة العشرين من شهر جمادى الأخرة ، بعد بعثة أبيها (ص) بالنبوة بخمس سنوات ، وقريش تبني البيت ، فيكون بثلاث سنين بعد الأسراء على المشهور ، أي قبل الهجرة بثمان سنوات ، أي السنة الخامسة والأربعون من عام الفيل ، وهذا هو المشهور .

                    وقيل أنه بالحساب الواقعي بأربع سنين وعشرة شهور وخمسة وعشرين يوماً بعد البعثة ، أو ثلاثة أيام بدل الخمسة والعشرين والقول الغير المشهور كونه بسنة أو بسنتين بعد البعثة .
                    وبالجملة كان زمان ولا دتها (ع) أيام حكومة يزدجرد بن شهريار من ملوك العجم ، الذي كان دار سلطنته قلعة الجولاء قرب بغداد دار السلام ، وكان أمر سلطنته مستقراً في تلك الأيام إلى أن انهزم في عصر الخليفة الثاني من جيش الإسلام ، ففرّ بعد ان انهُزِم إلى بلاد العجم ، وقُتل بقلعة هرات أو بنبيشابور أو غير ذلك على اختلاف الأقوال والروايات ، وكان أخر ملوك العجم .

                    وقد ولدت عليها السلام يوم الجمعة وقت الصبح ، أي في أخر جزء من ليلة الجمعة ، وهي الساعة الأخيرة التي هي أفضل الساعات ومحل استجابة الدعوات ، ووجه اختصاص تولدها بتلك الساعة لعلة تكون مستورة عن عيون الأجانبة .

                    نقش خاتمها :

                    قيل أن نقش خاتمها " الله ولي عصمتي " ، وقيل كان خاتمها من الفضة ونقشه " نعم القادر الله " وقيل أمن المتوكلون " وقيل أن نقش خاتمها هو نقش خاتم سليمان بن داوود (ع) " سبحان من الجم الجن بكلماته " . وذكروا أن لنقش هذه الكلمات في فص الخاتم تأثيراً عجيباً لدفع الأعداء ، وحفظ الأموال والأولاد والبدن ، وعن شر الأنس والجن ، وجميع المكاره والأفات والأسواء والبليات .

                    مقامها سلام الله عليها :

                    هي سيدة نساء العالمين ، واحب الناس إلى رسول الله (ص) فقد كانت عنده (ص) كقلبه ومهجته وروحه التي بين جنبيه ، وكان (ص) يعظمها غاية التعظيم بأمر من الله تعالى ، حتى إذا دخلت عليه كان (ص) يقوم على قدميه احتراماً لها ، ويستقبلها ويقبل يدها وخدها (ع) ثم يضمها إلى صدره الشريف ويقول - كما روي - " إني أشم رائحة الجنة من ابنتي فاطمة (ع) ، فإنها قد تكونت من فاكهة من فواكه الجنة أطعمنيها الله تعالى ليلة المعراج ، وإنها الأنيسة الحوراء " . ثم يجلسها في مكانه ، ويجلس هو قدامها أو بجانبها ، حتى حسدتها بعض نسائه (ص) .

                    ولها (ع) معجزات كثيرة وآيات باهرة تدل على عصمتها وطهارتها ، وعلو شانها وسمو مقامها مما لا يتسع المقام لذكرها ، حتى أن وجهها (ع) كان يزهر لأمير المؤمنين (ع) من أول النهار ، كالشمس الضاحية ، وعند الزوال كالقمر المنير ، وعند غروب الشمس كالكوكب الدري ، ولذا سميت بالزهراء (ع) ، ومن أهل بيت ، أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم من الرذائل تطهيرا ، وأنزل في مدحههم آيات وسوراً كثيرة في القرآن الكريم ، كآية المباهلة ، وسورة " هل أتى " .

                    وهي الشفيعة الكبرى في القيامة وقد أذعن بفضائلها المخالف والمؤالف ،وإن من أحبها فقد أحب الله ورسوله ومن أبغضها فقد أبغض الله ورسوله ، ومن أذاها فقد آذى رسوله ومن آذى رسول الله (ص) فقد آذى الله ، ومن آذى الله تعالى فعليه لعنة الله تعالى ، ولعنة المرسلين والملائكة والناس أجمعين ، ومن لعنه الله فقد أدخله ناره وبئس القرار ، ومن أسخطها فهو في غضب الله تعالى .

                    وبعد فكفاها مقاماً أنها بنت سيد المرسلين ، وكفاها جلالاً أنها زوجة سيد الوصيين ، وكفاها عزاً أنها والدة الأئمة المعصومين سادة الخلائق أجمعين ، وكفاها كرامة أنها بنت أم المؤمنين خديجة الكبرى بنت خويلد ،التي كانت أول من أمن بالرسول (ص) من النساء- كما ذكرنا - والتي بذلت نفسها وجميع ما تملكه ، في نصرة رسول الله (ص) ، وإعلاء كلمة الإسلام ، حتى قال (ص) على ما روي وكما تقدم " إنما قام هذا الدين بسيف علي (ع) ومال خديجة (ع) " . وهي سيدة الحجاز .

                    بل يكفي الزهراء (ع) فخراً أنها وأمها ، إثنتان من أربع نسوة من سيدات نساء الجنة ، أما الأُخريان فهما أسية بنت مزاحم امرأة فرعون ، ومريم بنت عمران ، والدة المسيح (ع) ، وفاطمة (ع) أفضلهن مطلقاً .

                    وكان لها (ع) خصائص ومعجزات مفصلة في مواضعها ، مثل كونها بعد ولادتها تنشأ في اليوم كالجمعة - أي الأسبوع - وفي الجمعة كالشهر ، وفي الشهر كالسنة ، ومثل تنور جمالها ، وظهور نور وجهها كل يوم لعلي (ع) ثلاث مرات - على مامرّ .

                    وانها كانت أبداً بتولاً عذراء ، وكانت تدعو في أدعية صلاة الليل أولاً لجيرانها ثم لنفسها ، فسألها الحسن (ع) في ذلك فقالت : يا بني الجار ثم الدار .
                    وكانت (ع) معصومة مع عدم الإمامة ، ذات معجزات وكرامات مع عدم النبوة والإمامة ، وكانت من أهل العبا ، والكساء والمباهلة ، وقد عُقد عقد تزويجها في السماء ، وكانت تكلمها الملائكة وتحدثها .

                    ولا غرو أن يوحى للزهراء (ع) وتكلمها الملائكة ، ويُرَّد على من ينكر ذلك في حق الزهراء ، بان حشرات النحل قد أوحيَ لها وذلك في قوله تعالى (( وأوحى ربك إلى النحل أن اتخدي من الجبال بيوتا )) سورة النحل اية 68 وإلى الحواريين كذلك (( وإذ أوحيت إلى الحواريين أن أمنوا بي وبرسولي )) سورة المائدة اية 111 ، وأوحى الله كذلك إلى أم موسى (ع) في قوله تعالى (( وإذ أوحينا إلى أمك ما يوحى )) طه اية 38 ، وفي قوله تعالى (( وأوحينا إلى أم موسى أن ارضعيه )) سورة القصص اية 7 ، بل أوحى الله تعالى إلى السموات في قوله تعالى (( فقضاهن سبع سموات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها )) سورة فصلت اية 12، وإلى الأرض أيضاً في قوله تعالى (( بأن ربك أوحى لها )) سورة الزلزلة اية 5 .

                    ولا أدري ، لماذا تقوم قيامتهم إذا قلنا بأن الزهراء(ع) يوحي لها ، أو الأئمة (ع)؟! . وقد أثبت الله سبحانه وتعالى ، أنه جل جلاله يوحي إلى من يشاء من خلقه ، فقد أوحى إلى أم موسى (ع) وإلى أصحاب عيسى (ع) الحواريين بل ثبت في القرآن الكريم أن مالا يعقل يوحى إليه ، كالنحل والسموات والأرض , وآل محمد (ع) بشر يعقلون ، فما وجه الغرابة في أن يوحى لهم ، والله سبحانه وتعالى قرر في كتابه المجيد ، أنه أرسل روحه إلى مريم (ع) كما أشار في الأية 17 من سورة مريم .

                    وقد قرر الله تعالى أن اتصاله بالبشر يكون عن ثلاث طرائق ، إما بالوحي ، أو من وراء حجاب أو ارسال رسول . فإذا كانت السماوات والأرض والحشرات يوحى لها وهي لا تعقل ، وإنما هي عبارة عن غازات وأحجار وماء لا تتكلم ولا تتحرك ، وكذلك أصحاب عيسى (ع) بشر عاديون ليسوا بانبياء ، وكذلك أم موسى ليست بنبيه بل هي امرأة ، فما وجه نفي الوحي عن أهل بيت الرسالة ، وهم بشر ، بل أفضل البشر قاضبة ؟ فإن من أوحى لاحجار وحشرات ، لقادر على أن يوحي لأفضل بريته بعد رسوله (ص) . وإذا رجعت إلى مروياتهم 0 لرأيت العجب العجاب في نزول الوحي على محبيهم ، أو أن الرسول (ص) يظن أن الوحي قد نزل على فلانة ؟! إذا تأخر عنه (ص) ، فراجع وافهم .

                    تعليق


                    • #40
                      السيدة الطاهرة فاطمة بنت الرسول (ص) صلوات الله عليها وآلها الطاهرين

                      والزهراء أم الأئمة النقباء النجباء ، وانجب الورى من بين النساء ، ساطعاً عطر الجنة من بين ثدييها ، ورسول الله (ص) كان يمس وجهها ، ويشم صدرها كل يوم وليلة . و يلتدُ من استشمامها ، ولذا كانت تسمى ريحانة نفس النبي (ص) ومهجتها وبهجتها .

                      ويختص بها التسبيح المشهور بتسبيح فاطمة الزهراء (ع) ، مع فضائله المشهورة ، وهو مستحب مؤكد عند النوم ، وبعد الصلاة المفروضة اليومية ، وكانت تتكلم مع أمها (ع) في بطنها ، وامتلأت الأرض حين ولادتها من الأزهار والرياحين وغيرها ، وتنور جميع الموجودات من نورها حين ولا دتها .

                      وكانت إذا اشتغلت ببعض الأمور حين الحاجة إلى الرحى ، والأشتغال بها ، تتحرك الرحى التي في دارها بلا محرك ، وتُطرح الحنطة بنفسها في الرحى ، وقد كانت تدخل يدها في قدر الطعام حين الغليان وتقلبها كالمغرفة .

                      واُتيت إليها في محرابها بالمائدة من الجنة مراراً عديدة ، كمريم في موارد متعدده مفصلة في الأخبار المأثورة ، وكانت تجعل رغيفين مع قطعة اللحم في طرف ، وتظهر منه طعاماً معطراً ، يشبع الخلق الكثير مع بقائه على حالته .

                      وظهرت لها أربع جوارٍ من الجنة : سلمى لسلمان ، وذرة لأبي ذر ، ومقدودة للمقداد ، وعمارة لعمار ، - كما ورد في الأخبار - أنها (ع) أظهرت لسلمان من رطب الجنة ، ولم يكن له نواة ، وعلمته دعاء الحمى الذي أوله " بسم الله النور " وقد اشتفى به أكثر من ألف نفر بالمدينة المنورة .

                      وكانت (ع) تغلي القدر بلا نار ، ويتلألأ من كسائها النور الذي رهنته عند اليهودي ، حتى أشرق نوره على الحيطان والجدران ، وأسلم جماعة كثيرة من هذه الجهة ، وغير ذلك من الكرامات والمعجزات .
                      وما ألطف

                      تعليق


                      • #41
                        شكرا أخ محمد

                        لمزيد من المعلومات راجع موقع


                        www.14masom.com و شكرا

                        تعليق

                        المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                        حفظ-تلقائي
                        x

                        رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                        صورة التسجيل تحديث الصورة

                        اقرأ في منتديات يا حسين

                        تقليص

                        المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                        أنشئ بواسطة وهج الإيمان, اليوم, 03:25 AM
                        ردود 0
                        3 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة وهج الإيمان
                        بواسطة وهج الإيمان
                         
                        أنشئ بواسطة وهج الإيمان, اليوم, 03:23 AM
                        ردود 0
                        3 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة وهج الإيمان
                        بواسطة وهج الإيمان
                         
                        أنشئ بواسطة مروان1400, 03-04-2018, 09:07 PM
                        ردود 13
                        2,150 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة مروان1400
                        بواسطة مروان1400
                         
                        أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 30-06-2024, 10:47 PM
                        ردود 0
                        79 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة وهج الإيمان
                        بواسطة وهج الإيمان
                         
                        أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 14-07-2023, 11:53 AM
                        استجابة 1
                        112 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة وهج الإيمان
                        بواسطة وهج الإيمان
                         
                        يعمل...
                        X