المشاركة الأصلية بواسطة مومن السيد
أضواء البيان - الشنقيطي - ج 4 - ص 105
( وعصىءادم ربه فغوى ) * هو ونحوه من الآيات مستند من قال من أهل الأصول بعدم عصمة الأنبياء من الصغائر التي لا تتعلق بالتبليغ . لأنهم يتدراكونها بالتوبة والإنابة إلى الله حتى تصير كأنها لم تكن . واعلم أن جميع العلماء أجمعوا على عصمة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم في كل ما يتعلق بالتبليغ . واختلفوا في عصمتهم من الصغائر التي لا تعلق لها بالتبليغ اختلافا مشهورا معروفا في الأصول . ولا شك أنهم صلوات الله عليهم وسلامه إن وقع منهم بعض الشيء فإنهم يتداركونه بصدق الإنابة إلى الله حتى يبلغوا بذلك درجة أعلا من درجة من لم يقع منه ذلك
ونقل الشقنيطي :
وذكرت كتب التفسير أنه صلى الله عليه وسلم أراد مرة في صغره أن يذهب لمحل عرس ليرى ما فيه ، فلما دنا منه أخذه النوم ولم يصح إلا على حر الشمس ، فصانه الله من رؤية أو سماع ، شيء من ذلك . ومنه قصة مشاركته في بناء الكعبة حين تعرى ومنع منه حالا ، وعلى المنع من وقوع شيء منه صلى الله عليه وسلم بقي الجواب على معنى الآية ، فيقال والله تعالى أعلم : إنه تكريم له صلى الله عليه وسلم كما جاء في أهل بدر ، قوله صلى الله عليه وسلم : ( لعل الله اطلع على أهل بدر فقال : افعلوا ما شئتم فقد غفرت لكم ) مع أنهم لن يفعلوا محرما بذلك ، ولكنه تكريم لهم ورفع لمنزلتهم
المنخول - الغزالي - ص 309
مقدمة في عصمة الأنبياء عن المعاصي وهي منقسمة إلى الصغائر والكبائر وقد تقرر بمسلك النقل كونهم معصومين عن الكبائر وأما الصغائر ففيه تردد العلماء والغالب على الظن وقوعه وإليه يشير بعض الآيات والحكايات هذا كلام في وقوعه أما جوازه فقد أطبقت المعتزلة على وجوب عصمة النبي عليه السلام عقلا عن الكبائر تعويلا على أنه يورث التنفير وهو مناقض لغرض النبوة وهذا يبطل بكون الحرب سجالا بينه وبين الكفار وبه اعتصم بعض اليهود في تكذيبه والمختار ما ذكره القاضي وهو أنه لا يجب عقلا عصمتهم إذ لا يستبان استحالة وقوعه بضرورة العقل ولا بنظر العقل وليس هو مناقضا لمدلول المعجزة فإن مدلوله صدق اللهجة فيما يخبر عن الله تعالى فلا جرم لا يجوز وقوع الكذب فيما يخبر به عن الرب تعالى لا عمدا ولا سهوا ومعنى التنفير باطل فإنا نجوز أن ينبئ الله تعالى كافرا ويؤيده بالمعجزة والمعتزلة يأبون ذلك أيضا والذين أوجبوا عصمته عن الكبيرة اختلفوا فمنهم من قال كل مخالفة كبيرة بالنسبة إلى عظمته فلا صغيرة أصلا وكل مخالفة كبيرة وهذا كما أن رفع الصوت فوق صوت من يماثل الإنسان قد يعد صغيرة وهو بعينه في مجلس الملوك كبيرة دونه تحز الرقاب فللنسبة بعد تأثير في تعظيم أثر المخالفة والذين أثبتوا الصغيرة اضطربوا ومثار الاضطراب في أنه هل يورث التنفير أما النسيان فلا يجب كونه عندنا معصوما عنه في أفعاله وأقواله إلا فيما يخبر عن الله تعالى لأن تجويزه مناقض مدلول المعجزة ونرجع إلى المقصود فإذا نقل فعل عن رسول الله عليه السلام فهل يتلقى منه حكم أما الواقفية فقد توقفوا فيه وعزي إلى أبي حنيفة وابن سريج وأبي علي بن أبي هريرة رضي الله عنهم أنه يتلقى منه الوجوب مطلقا والمختار عندنا وهو مذهب الشافعي رضي الله عنه أنه إن اقترن به قرينة الوجوب كقوله صلوا كما رأيتموني أصلي فهو الوجوب وإن لم يقترن نظر فإن وقع من جملة الأفعال المعتادة من أكل وشرب وقيام وقعود واتكاء واضطجاع فلا حكم له أصلا وظن بعض المحدثين أن التشبه به في كل أفعاله سنة وهو غلط وإن تردد بين الوجوب والندب فإن اقترنت به قرينة القربة فهو محمول على الندب لأنه الأقل والوجوب متوقف فيه وإن تردد بين القربة والإباحة فيتلقى منه رفع الحرج وليس هذا متلقى من صيغة الفعل إذ الفعل لا صيغة له ومستنده مسلك الصحابة فإنا نعلم أن الممنوع من فعل فيما بينهم لو نقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم فعله لفهموا منه رفع الحرج وأما الإباحة فلا نتلقاه فإنه حكم يقتضي التخيير مع تساوي الطرفين وهو يناقض الندب والفعل متردد بينه وبين رفع الحرج فأقل الدرجات رفع الحرج فإن تمسك أبو حنيفة رحمه الله بإجماع الأمة على كون النبي عليه السلام أسوة وقدوة ومطاعا وشرطه الاقتداء به في كل ما يأتي ويذر قلنا معناه أن أمره ممتثل كما يقال الأمير مطاع في قومه لا يراد به أنهم يتربعون إذا تربع أو ينامون إذا نام فإن تمسك بقوله تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وقوله فليحذر الذين يخالفون عن أمره وقوله فاتبعوني يحببكم الله فكل ذلك محمول على الأمر وهو الذي أتانا به دون الفعل
( وعصىءادم ربه فغوى ) * هو ونحوه من الآيات مستند من قال من أهل الأصول بعدم عصمة الأنبياء من الصغائر التي لا تتعلق بالتبليغ . لأنهم يتدراكونها بالتوبة والإنابة إلى الله حتى تصير كأنها لم تكن . واعلم أن جميع العلماء أجمعوا على عصمة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم في كل ما يتعلق بالتبليغ . واختلفوا في عصمتهم من الصغائر التي لا تعلق لها بالتبليغ اختلافا مشهورا معروفا في الأصول . ولا شك أنهم صلوات الله عليهم وسلامه إن وقع منهم بعض الشيء فإنهم يتداركونه بصدق الإنابة إلى الله حتى يبلغوا بذلك درجة أعلا من درجة من لم يقع منه ذلك
ونقل الشقنيطي :
وذكرت كتب التفسير أنه صلى الله عليه وسلم أراد مرة في صغره أن يذهب لمحل عرس ليرى ما فيه ، فلما دنا منه أخذه النوم ولم يصح إلا على حر الشمس ، فصانه الله من رؤية أو سماع ، شيء من ذلك . ومنه قصة مشاركته في بناء الكعبة حين تعرى ومنع منه حالا ، وعلى المنع من وقوع شيء منه صلى الله عليه وسلم بقي الجواب على معنى الآية ، فيقال والله تعالى أعلم : إنه تكريم له صلى الله عليه وسلم كما جاء في أهل بدر ، قوله صلى الله عليه وسلم : ( لعل الله اطلع على أهل بدر فقال : افعلوا ما شئتم فقد غفرت لكم ) مع أنهم لن يفعلوا محرما بذلك ، ولكنه تكريم لهم ورفع لمنزلتهم
المنخول - الغزالي - ص 309
مقدمة في عصمة الأنبياء عن المعاصي وهي منقسمة إلى الصغائر والكبائر وقد تقرر بمسلك النقل كونهم معصومين عن الكبائر وأما الصغائر ففيه تردد العلماء والغالب على الظن وقوعه وإليه يشير بعض الآيات والحكايات هذا كلام في وقوعه أما جوازه فقد أطبقت المعتزلة على وجوب عصمة النبي عليه السلام عقلا عن الكبائر تعويلا على أنه يورث التنفير وهو مناقض لغرض النبوة وهذا يبطل بكون الحرب سجالا بينه وبين الكفار وبه اعتصم بعض اليهود في تكذيبه والمختار ما ذكره القاضي وهو أنه لا يجب عقلا عصمتهم إذ لا يستبان استحالة وقوعه بضرورة العقل ولا بنظر العقل وليس هو مناقضا لمدلول المعجزة فإن مدلوله صدق اللهجة فيما يخبر عن الله تعالى فلا جرم لا يجوز وقوع الكذب فيما يخبر به عن الرب تعالى لا عمدا ولا سهوا ومعنى التنفير باطل فإنا نجوز أن ينبئ الله تعالى كافرا ويؤيده بالمعجزة والمعتزلة يأبون ذلك أيضا والذين أوجبوا عصمته عن الكبيرة اختلفوا فمنهم من قال كل مخالفة كبيرة بالنسبة إلى عظمته فلا صغيرة أصلا وكل مخالفة كبيرة وهذا كما أن رفع الصوت فوق صوت من يماثل الإنسان قد يعد صغيرة وهو بعينه في مجلس الملوك كبيرة دونه تحز الرقاب فللنسبة بعد تأثير في تعظيم أثر المخالفة والذين أثبتوا الصغيرة اضطربوا ومثار الاضطراب في أنه هل يورث التنفير أما النسيان فلا يجب كونه عندنا معصوما عنه في أفعاله وأقواله إلا فيما يخبر عن الله تعالى لأن تجويزه مناقض مدلول المعجزة ونرجع إلى المقصود فإذا نقل فعل عن رسول الله عليه السلام فهل يتلقى منه حكم أما الواقفية فقد توقفوا فيه وعزي إلى أبي حنيفة وابن سريج وأبي علي بن أبي هريرة رضي الله عنهم أنه يتلقى منه الوجوب مطلقا والمختار عندنا وهو مذهب الشافعي رضي الله عنه أنه إن اقترن به قرينة الوجوب كقوله صلوا كما رأيتموني أصلي فهو الوجوب وإن لم يقترن نظر فإن وقع من جملة الأفعال المعتادة من أكل وشرب وقيام وقعود واتكاء واضطجاع فلا حكم له أصلا وظن بعض المحدثين أن التشبه به في كل أفعاله سنة وهو غلط وإن تردد بين الوجوب والندب فإن اقترنت به قرينة القربة فهو محمول على الندب لأنه الأقل والوجوب متوقف فيه وإن تردد بين القربة والإباحة فيتلقى منه رفع الحرج وليس هذا متلقى من صيغة الفعل إذ الفعل لا صيغة له ومستنده مسلك الصحابة فإنا نعلم أن الممنوع من فعل فيما بينهم لو نقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم فعله لفهموا منه رفع الحرج وأما الإباحة فلا نتلقاه فإنه حكم يقتضي التخيير مع تساوي الطرفين وهو يناقض الندب والفعل متردد بينه وبين رفع الحرج فأقل الدرجات رفع الحرج فإن تمسك أبو حنيفة رحمه الله بإجماع الأمة على كون النبي عليه السلام أسوة وقدوة ومطاعا وشرطه الاقتداء به في كل ما يأتي ويذر قلنا معناه أن أمره ممتثل كما يقال الأمير مطاع في قومه لا يراد به أنهم يتربعون إذا تربع أو ينامون إذا نام فإن تمسك بقوله تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وقوله فليحذر الذين يخالفون عن أمره وقوله فاتبعوني يحببكم الله فكل ذلك محمول على الأمر وهو الذي أتانا به دون الفعل
تعليق