-- تذكرة الخواص (لسبط إبن الجوزي) صفحة 37 - 39
"إتفق علماء السير على ان قصة الغدير كانت بعد رجوع النبي (ص) من حجة الوداع في الثامن عشر من ذي الحجة جمع الصحابة وكانوا مائة وعشرين الفا وقال من كنت مولاه فعلي مولاه الحديث, نص (ص) على ذلك بصريح العبارة دون التلويح والاشارة.
وذكر أبو اسحاق الثعلبي في تفسيره باسناده ان النبي (ص) لما قال ذلك صار في الاقطار وشاع في البلاد والامصار فبلغ ذلك الحرث بن النعمان الفهري فأتاه على ناقة له فأناخها على باب المسجد ثم عقلها وجاء فدخل في المسجد فجثا بين يدي رسول الله (ص) فقال يا محمد انك امرتنا ان نشهد ان لا إله إلا الله وانك رسول الله فقبلنا منك ذلك, وانك امرتنا ان يصلي خمس صلوات في اليوم والليلة ونصوم رمضان ونحج البيت الحرام ونزكي أموالنا فقبلنا منك ذلك ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك وفضلته على الناس وقلت من كنت مولاه فعلي مولاه فهذا شيئ منك أو من الله فقال رسول الله (ص) وقد أحمرت عيناه والله الذي لا إله إلا هو إنه من الله وليس مني قالها ثلاثا فقام الحرث وهو يقول: اللهم إن كان ما يقول محمد حقا فارسل من السماء علينا حجارة أو ائتنا بعذاب إليم قال فوالله ما بلغ ناقته حتى رماه الله من السماء بحجر فوقع على هامته فخرج من دبره ومات وانزل الله تعالى (سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع)
فأما قوله من كنت مولاه فقال علماء العربية لفظة المولى ترد على وجوه
احدها بمعنى المالك ومنه قوله تعالى (ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيئ وهو كل على مولاه) أي على مالك رقه
والثاني بمعنى المولى المعتق بكسر التاء
والثالث بمعنى المعتق بفتح التاء
والرابع بمعنى الناصر ومنه قوله تعالى (ذلك بأن الله مولى الذين أمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم) أي لا ناصر لهم
والخامس بمعنى ابن العم قال الشاعر
مهلا بني عمنا مهلا موالينا - - - - لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا
وقال أخر
هم الموالي حتفوا علينا - - - - وإنا من لقائهم لزور
وحكى صاحب الصحاح عن أبي عبيدة ان قائل هذا البيت عنى بالموالي بني العم قال وهو كقوله تعالى (ثم يخرجكم طفلا)
والسادس الحليف قال الشاعر:
موالي حلف لا موالي قرابة - - - - ولكن قطينا يسألون التاويا
يقول هم حلفاء لا أبناء عم قال في الصحاح وأما قول الفرزدق:
ولو كان عبدالله مولى هجوته - - - - ولكن عبدالله مولى الموالي
فلان عبدالله بن إسحاق مولى الحضرميين وهم حلفاء بني عبد شمس بن عبد مناف والحليف عند العرب مولى وإنما نصب الماليا لانه رده إلى أصله للضرورة وإنما لم ينون مولى لانه جعله بمنزلة غير المعتل الذي لا ينصرف
والسابع المتولي لضمان الجريرة وحيازة الميراث وكان ذلك في الجاهلية ثم نسخ بأية المواريث
والثامن الجار وإنما سمي به لما له من الحقوق بالمجاورة
والتاسع السيد المطاع وهو المولى المطلق قال في الصحاح كل من ولي أمر أحد فهو وليه
والعاشر بمعنى الأولى قال تعالى (فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم) أي أولى بكم وإذا ثبت هذا لم يجز حمل لفظة المولى في هذا الحديث على مالك الرق لان النبي (ص) لم يكن مالكا لرق علي (ع) حقيقة ولا على المولى المعتق لانه لم يكن معتقا لعلي ولا علي المعتق لأن علي (ع) كان حرا ولا على الناصر لانه (ع) كان ينصر من ينصر رسول الله (ص) ويخذل من يخذله ولا على ابن العم لانه كان ابن عمه ولا على الحليف لان الحلف يكون بين الغرماء للتعاضد والتناصر وهذا المعنى موجود فيه ولا على المتولي لضمان الجريرة لما قلنا أنه انتسخ لك ولا على الجار لانه يكون لغوا من الكلام وحوشي منصبه الكريم من ذلك ولا على السيد المطاع لانه كان مطيعا له يقيه بنفسه ويجاهد بين يديه والمراد من الحديث الطاعة المحضة المخصوصة فتعين الوجه العاشر وهو الاولى ومعناه من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به وقد صرح بهذا المعنى الحافظ أبو الفرج يحي بن السعيد الثقفي الاصبهاني في كتابه المسمى بمرج البحرين فانه روى هذا الحديث باسناده إلى مشايخه وقال فيه فاخذ رسول الله (ص) بيد علي (ع) فقال من كنت وليه وأولى به من نفسه فعلي وليه فعلم ان جميع المعاني راجعة إلى الوجه العاشر ودل عليه أيضا قوله (ع) ألست أولى بالمؤمنين من انفسهم وهذا نص صريح في إثبات إمامته وقبول طاعته وكذا قوله (ص) وأدر الحق معه حيث ما دار وكيف ما دار فيه دليل على انه ما جرى خلاف بين على (ع) وبين أحد من الصحابة إلا والحق مع علي (ع) وهذا باجماع الامة ألا ترى ان العلماء استنبطوا احكام البغاة من وفعة الجمل وصفين وقد اكثرت الشعراء يوم غدير خم فقال حسان بن ثابت:
يناديهم يوم الغدير نبيهم.....بخم فاسمع بالرسول مناديا
وقال فمن مولاكم ووليكم.... فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا
إلهك مولانا وأنت ولينا .... ومالك منا في الولاية عاصيا
فقال له قم يا علي فإنني .... وضيتك من بعدي امام وهاديا
فمن كنت مولاه فهذا وليه .... فكونوا له انصار صدق مواليا
هناك دعا اللهم وال وليه ... وكن للذي عادا عليا معاديا
ويروى ان النبي (ص) لما سمعه ينشد هذه الابيات قال له يا حسان لا تزال مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا او نافحت عنا بلسانك.
وقال قيس بن سعد بن عبادة الانصاري وانشدها بين يدي علي ع) بصفين:
قلت: لما بغى العدو علينا ... حسبنا الله ونعم الوكيل
وعلي امام وامام ... لسوانا به أتى التنزيل
يوم قال النبي من كنت مولاه ... فهذا مولاه خطب جليل
وان ما قاله النبي على الامة ... حتم ما فيه قال وقيل"
-- فيض القدير، شرح الجامع الصغير، الإصدار 2.09
*** وجدت في: الجزء السادس. [تابع حرف الميم]. وجدت الكلمات في الحديث رقم:
9000 - (من كنت مولاه فعليٌّ مولاه) أي وليه وناصره ولاء الإسلام {ذلك بأن اللّه مولى الذين آمنوا} وخصه لمزيد علمه ودقائق مستنبطاته وفهمه وحسن سيرته وصفاء سريرته وكرم شيمته ورسوخ قدمه قيل سببه أن أسامة قال لعليٍّ: لست مولاي إنما مولاي رسول اللّه فقال النبي صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم ذلك ومن الغريب ما ذكره في لسان الميزان في ترجمة اسفنديار بن الموفق الواعظ أنه كان يتشيع وكان متواضعاً عابداً زاهداً عن ابن الجوزي [ص 218] أنه حكى عن بعض العدول أنه حضر مجلسه فقال لما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من كنت مولاه فعليٌّ مولاه تغير وجه أبي بكر وعمر ونزلت {فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا} الآية هكذا ذكره الحافظ في اللسان بنصه ولم أذكره إلا للتعجب من هذا الضلال وأستغفر اللّه قال ابن حجر: حديث كثير الطرق جداً استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد منها صحاح ومنها حسان وفي بعضها قال ذلك يوم غدير خم وزاد البزار في رواية "اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه وانصر من نصره واخذل من خذله" ولما سمع أبو بكر وعمر ذلك قالا فيما خرجه الدارقطني عن سعد بن أبي وقاص "أمسيت يا بن أبي طالب مولى كل مؤمن ومؤمنة" وأخرج أيضاً قيل لعمر إنك تصنع بعلي شيئاً لا تصنعه بأحد من الصحابة قال إنه مولاي
وفي تفسير الثعلبي عن ابن عيينة أن النبي صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم لما قال ذلك طار في الآفاق فبلغ الحارث بن النعمان فأتى رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وآله وسلم فقال: يا محمد أمرتنا عن اللّه بالشهادتين فقبلنا وبالصلاة والزكاة والصيام والحج فقبلنا ثم لم ترض حتى رفعت بضبعي ابن عمك تفضله علينا فهذا شيء منك أم من اللّه فقال: "والذي لا إله إلا هو إنه من اللّه" فولى وهو يقول: اللّهم إن كان ما يقوله محمد صلى اللّه عليه وسلم حقاً فأمطر علينا حجارة من السماء أو اتتنا بعذاب أليم فما وصل لراحلته حتى رماه اللّه بحجر فسقط على هامته فخرج من دبره فقتله ولا حجة في ذلك كله على تفضيله على الشيخين كما هو مقرر بمحله من فن الأصول.
(حم ه عن البراء) بن عازب (حم عن بريدة) بن الحصيب (ت ن والضياء) المقدسي (عن زيد بن أرقم) قال الهيثمي: رجال أحمد ثقات وقال في موضع آخر: رجاله رجال الصحيح وقال المصنف: حديث متواتر.
-- ينابيع المودة صفحة 322-323
" وروى الإمام الثعلبي في تفسيره, أن سفيان بن عيينة سأل عن قول الله عز وجل: (سأل سائل بعذاب واقع) فيمن نزلت؟ فقال: حدثني أبي جعفر بن محمد, عن أبائه عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, لما كان بغدير خم نادى الناس فاجتمعوا فأخذ بيد علي وقال: من كمن مولاه فعلي مولاه, فشاع ذلك وطار في البلاد فبلغ ذلك الحارث بن نعمان الفهري فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقة له, فنزل بالابطح عن ناقته وأناخها فقال: يا محمد! أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسوله فقبلناه منك, وأمرتنا أن نصلي خمسا وبالزكاة والصوم والحج فقبلناه, ثم لم ترضى بهذا حتى رفعت ضبعي ابن عمك تفضله علينا وقلت من كنت مولاه فعلي مولاه, فهذا شيئ منك أم من الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي لا إله إلا هو. إن هذا من الله عز وجل! فولى الحارث وهو يريد أن يركب ناقته وهو يقول: اللهم إن كان ما يقول محمدا حقا, فأمطر علينا بحجارة من السماء أو أتنا بعذاب أليم! فما وصلى إلى راحلته حتى رماه الله عز وجل بحجر من السماء فسقط على رأسه وخرج من دبره فقتله, فنزلت هذه الأية.
وقفوهم إنهم مسؤلون لابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة:
"قوله تعالى وقفوهم إنهم مسؤلون, أخرج الديلمي عن ابي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وقفوهم إنهم مسؤلون عن ولاية علي, وكأن هذا هو مراد الواحدي بقوله روي في قوله تعالى وقفوهم إنهم مسؤلون عن ولاية علي وأهل البيت , لأن الله أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعرف الخلق أنه لا يسألهم على تبليغ الرسالة أجرا إلا المودة في القربي, والمعنى أنهم يسئلون هل وآ لَوهُم (اي هل والوا اهل البيت) حق الموالاة كما اوصاهم النبي صلى الله عليه واله وسلم أم أضاعوها وأهملوها فتكون عليهم الطالبة والتبعه."
(العودة إلى الصواعق المحرقة في تفسير وقفوهم إنهم مسؤلون) صفحة 149 – 151)
"(وأخرج) الترمذي وقال حسن غريب أنه صلى الله عليه وسلم قال إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الاخر كتاب الله عز وجل حبل ممدود من السماء إلى الارض وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما (وأخرجه) في مسنده بمعناه , ولفظه إني أوشك أن أدعى فأجيب وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الارض وعترتي أهل بيتي وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لم يفترقا حتى يردا علي الحوض فأنظروا بم تخلفوني فيهما. وسنده لا بأس به وفي رواية أن ذلك كان في حجة الوداع ...........(إلى ان قال في صفحة 150) وفي رواية صحيحة إني تارك فيكم أمرين لن تضلوا ان تبعتموهما وهما كتاب الله واهل بيتي عترتي, زاد الطبراني إني سألت ذلك لهما فلا تقدموهما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ولا تعلموهم فإنهم إعلم منكم ."
"(وأخرج) أحمد خبر: الحمد لله الذي جعل فينا الحكمة اهل البيت, وفي خبر حسن إلا إن عيبتي وكرشي أهل بيتي والانصار فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم.
"(تنبيه (الكلام لإبن حجر)) سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن وعترته , وهي بالمثناة الفوقيه الاهل والنسل والرهط الادنون ثقلين لان الثقل كل نفيس خطير مصون, وهذان كذلك إذ كل منهما معدن للعلوم اللدنية والأسرار والحكم العلية والأحكام الشرعية, ولذا حث صلى الله عليه وسلم على الاقتداء والتمسك بهم والتعلم منه وقال الحمد لله الذي جعل فينا الحكمة أهل البيت. وقيل سميا ثقلين لثقل وجوب رعاية حقوقهما, ثم الذين وقع الحث عليهم منهم إنما هم الاعرفون بكتاب الله وسنة رسوله إذ هم الذين لا يفارقون الكتاب إلى الحوض ويؤيده الخبر السابق ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم وتميزوا بذلك عن بقية العلماء لان الله أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا, وشرفهم بالكرامات الباهرة والمزايا المتكاثرة. وقد مر بعضها وسيأتي الخبر الذي في قريش وتعلموا منهم فانهم أعلم منكم فإذا ثبت هذا العموم لقريش فأهل البيت أولى بذلك لانهم امتازوا عنهم بخصوصيات لا يشاركهم فيه بقية قريش. وفي أحاديث الحث على التمسك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متأهل منهم للتمسك به إلى يوم القيامة كما أن الكتاب العزيز كذلك . ولهذا كانوا أمانا لاهل الارض كما ياتي ويشهد لذلك الخبر السابق: في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي إلى آخره. ثم أحق من يتمسك به منهم إمامهم وعالمهم علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لما قدمناه من مزيد علمه ودقائق مستنبطاته. ومن ثَمَّ قال أبو بكر على عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذي حث على التمسك بهم فخصه لما قلنا وكذلك خصه صلى الله عليه وسلم بما مر يوم غدير خم. والمراد بالعيبة والكرش في الخبر السابق آنفا أنهم موضع سره وأمانته ومعادن نفائس معارفه وحضرته إذ كل من العيبة والكرش مستودع لما يخفى فيه مما به القوام والصلاح لان الاول لما يحرز فيه نفائس الامتعة والثاني مستقر الغذاء الذي به النمو قوام البنية وقيل هما مثلان لاختصاصهم بأموره الظاهرة والباطنة إذ مظروف الكرش باطن والعيبة ظاهر وعلى كل فهذا غاية في التعطف عليهم والوصية بهم. ومعنى وتجاوزوا عن مسيئهم أي في غير الحدود وحقوق الادميين. "
تفسير الكشاف للزمخشري لسورة الاحزاب اية 6 : مجلد3 صفحة 523 ويليه تفسير بعض العلماء للآية الشريفة وهو مهم جدا
قال الزمخشري: "(النبي اولى بالمؤمنين) في كل شيء من أمور الدين والدنيا (من أنفسهم) ولهذا اطلق ولم يقيد, فيجب عليهم أن يكون أحب إليهم من أنفسهم, وحكمه أنفذ عليهم من حكمهم. وحقه آثر لديهم من حقوقها. وشفقتكم عليه أقدم من شفقتهم عليها ( اي انفسهم) وان يبدلوها دونه ويجعلوها فداءه إذا أعضل خطب, ووقاءه إذا لقحت حرب, وأن لا يتبعوا ما تدعوهم إليه نفوسهم ولا ما تصرفهم عنه, ويتبعوا كل ما دعاهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصرفهم عنه, لان كل ما دعا إليه فهو إرشاد لهم إلى نيل النجاة والظفر بسعادة الدارين وما صرفهم عنه, فأخذ بحجزهم لئلا يتهافتوا فيما يرمي بهم إلى الشقاوة وعذاب النار." إنتهى قول الزمخشري
جامع البيان عن تأويل آي القرآن - للإمام الطبري
الجزء 21 >> سورة الأحزاب >> القول في تأويل قوله تعالى: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم}
القول في تأويل قوله تعالى: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم} يقول تعالى ذكره: النبي محمد أولى بالمؤمنين، يقول: أحق بالمؤمنين به من أنفسهم، أن يحكم فيهم بما يشاء من حكم، فيجوز ذلك عليهم.
21593- حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم} كما أنت أولى بعبدك ما قضى فيهم من أمر جاز، كما كلما قضيت على عبدك جاز.
تفسير الجلالين. الإصدار 1,13 - للإمام جلال الدين المحلِّي وجلال الدين السيوطي تفسير الإمام جلال الدين المحلي من أول سورة الكهف إلى آخر القرآن (أما تفسير سورة البقرة إلى آخر سورة الإسراء، فهو للإمام جلال الدين السيوطي)ـ >> 33- سورة الأحزاب
6 - (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) فيما دعاهم إليه ودعتهم أنفسهم إلى خلافه
مختصر تفسير ابن كثير. الإصدار 1.26 - اختصار الصابوني
المجلد الثالث >> 33 - سورة الأحزاب
6 - النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا كان ذلك في الكتاب مسطورا
علم اللّه تعالى شفقة رسوله صلى اللّه عليه وسلم على أمته ونصحته لهم، فجعله أولى بهم من أنفسهم، وحكمه فيهم مقدمٌ على اختيارهم لأنفسهم، كما قال تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً}، وفي الصحيح: "والذي نفسي بيده لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين". وفي الصحيح أيضاً أن عمر رضي اللّه عنه: يا رسول اللّه، واللّه لأنت أحب إليَّ من كل شيء إلا من نفسي، فقال صلى اللّه عليه وسلم: "لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك" فقال: يا رسول اللّه واللّه لأنت أحب إليَّ من كل شيء حتى من نفسي، فقال صلى اللّه عليه وسلم: "الآن يا عمر"؛
تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق
{ ٱلنَّبِىُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } في الأمور كلها فإنه لا يأمرهم ولا يرضى منهم إلا بما فيه صلاحهم ونجاحهم بخلاف النفس، فلذلك أطلق فيجب عليهم أن يكون أحب إليهم من أنفسهم وأمره أنفذ عليهم من أمرها وشفقتهم عليه أتم من شفقتهم عليها.
تفسير الجلالين المحلي والسيوطي
{ ٱلنَّبِىُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } فيما دعاهم إليه ودعتهم أنفسهم إلى خلافه { وَأَزْوٰجُهُ أُمَّهَٰتُهُمْ } في حرمة نكاحهن { وَأُوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ }
تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق
أي هو أحقّ بهم في كلّ أمور الدين والدنيا، وأولى بهم من أنفسهم فضلاً عن أن يكون أولى بهم من غيرهم، فيجب عليهم أن يؤثروه بما أراده من أموالهم، وإن كانوا محتاجين إليها، ويجب عليهم أن يحبوه زيادة على حبهم أنفسهم، ويجب عليهم أن يقدّموا حكمه عليهم على حكمهم لأنفسهم. وبالجملة فإذا دعاهم النبيّ صلى الله عليه وسلم لشيء ودعتهم أنفسهم إلى غيره وجب عليهم أن يقدّموا ما دعاهم إليه ويؤخروا ما دعتهم أنفسهم إليه، ويجب عليهم أن يطيعوه فوق طاعتهم لأنفسهم ويقدّموا طاعته على ما تميل إليه أنفسهم وتطلبه خواطرهم.
"إتفق علماء السير على ان قصة الغدير كانت بعد رجوع النبي (ص) من حجة الوداع في الثامن عشر من ذي الحجة جمع الصحابة وكانوا مائة وعشرين الفا وقال من كنت مولاه فعلي مولاه الحديث, نص (ص) على ذلك بصريح العبارة دون التلويح والاشارة.
وذكر أبو اسحاق الثعلبي في تفسيره باسناده ان النبي (ص) لما قال ذلك صار في الاقطار وشاع في البلاد والامصار فبلغ ذلك الحرث بن النعمان الفهري فأتاه على ناقة له فأناخها على باب المسجد ثم عقلها وجاء فدخل في المسجد فجثا بين يدي رسول الله (ص) فقال يا محمد انك امرتنا ان نشهد ان لا إله إلا الله وانك رسول الله فقبلنا منك ذلك, وانك امرتنا ان يصلي خمس صلوات في اليوم والليلة ونصوم رمضان ونحج البيت الحرام ونزكي أموالنا فقبلنا منك ذلك ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك وفضلته على الناس وقلت من كنت مولاه فعلي مولاه فهذا شيئ منك أو من الله فقال رسول الله (ص) وقد أحمرت عيناه والله الذي لا إله إلا هو إنه من الله وليس مني قالها ثلاثا فقام الحرث وهو يقول: اللهم إن كان ما يقول محمد حقا فارسل من السماء علينا حجارة أو ائتنا بعذاب إليم قال فوالله ما بلغ ناقته حتى رماه الله من السماء بحجر فوقع على هامته فخرج من دبره ومات وانزل الله تعالى (سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع)
فأما قوله من كنت مولاه فقال علماء العربية لفظة المولى ترد على وجوه
احدها بمعنى المالك ومنه قوله تعالى (ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيئ وهو كل على مولاه) أي على مالك رقه
والثاني بمعنى المولى المعتق بكسر التاء
والثالث بمعنى المعتق بفتح التاء
والرابع بمعنى الناصر ومنه قوله تعالى (ذلك بأن الله مولى الذين أمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم) أي لا ناصر لهم
والخامس بمعنى ابن العم قال الشاعر
مهلا بني عمنا مهلا موالينا - - - - لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا
وقال أخر
هم الموالي حتفوا علينا - - - - وإنا من لقائهم لزور
وحكى صاحب الصحاح عن أبي عبيدة ان قائل هذا البيت عنى بالموالي بني العم قال وهو كقوله تعالى (ثم يخرجكم طفلا)
والسادس الحليف قال الشاعر:
موالي حلف لا موالي قرابة - - - - ولكن قطينا يسألون التاويا
يقول هم حلفاء لا أبناء عم قال في الصحاح وأما قول الفرزدق:
ولو كان عبدالله مولى هجوته - - - - ولكن عبدالله مولى الموالي
فلان عبدالله بن إسحاق مولى الحضرميين وهم حلفاء بني عبد شمس بن عبد مناف والحليف عند العرب مولى وإنما نصب الماليا لانه رده إلى أصله للضرورة وإنما لم ينون مولى لانه جعله بمنزلة غير المعتل الذي لا ينصرف
والسابع المتولي لضمان الجريرة وحيازة الميراث وكان ذلك في الجاهلية ثم نسخ بأية المواريث
والثامن الجار وإنما سمي به لما له من الحقوق بالمجاورة
والتاسع السيد المطاع وهو المولى المطلق قال في الصحاح كل من ولي أمر أحد فهو وليه
والعاشر بمعنى الأولى قال تعالى (فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم) أي أولى بكم وإذا ثبت هذا لم يجز حمل لفظة المولى في هذا الحديث على مالك الرق لان النبي (ص) لم يكن مالكا لرق علي (ع) حقيقة ولا على المولى المعتق لانه لم يكن معتقا لعلي ولا علي المعتق لأن علي (ع) كان حرا ولا على الناصر لانه (ع) كان ينصر من ينصر رسول الله (ص) ويخذل من يخذله ولا على ابن العم لانه كان ابن عمه ولا على الحليف لان الحلف يكون بين الغرماء للتعاضد والتناصر وهذا المعنى موجود فيه ولا على المتولي لضمان الجريرة لما قلنا أنه انتسخ لك ولا على الجار لانه يكون لغوا من الكلام وحوشي منصبه الكريم من ذلك ولا على السيد المطاع لانه كان مطيعا له يقيه بنفسه ويجاهد بين يديه والمراد من الحديث الطاعة المحضة المخصوصة فتعين الوجه العاشر وهو الاولى ومعناه من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به وقد صرح بهذا المعنى الحافظ أبو الفرج يحي بن السعيد الثقفي الاصبهاني في كتابه المسمى بمرج البحرين فانه روى هذا الحديث باسناده إلى مشايخه وقال فيه فاخذ رسول الله (ص) بيد علي (ع) فقال من كنت وليه وأولى به من نفسه فعلي وليه فعلم ان جميع المعاني راجعة إلى الوجه العاشر ودل عليه أيضا قوله (ع) ألست أولى بالمؤمنين من انفسهم وهذا نص صريح في إثبات إمامته وقبول طاعته وكذا قوله (ص) وأدر الحق معه حيث ما دار وكيف ما دار فيه دليل على انه ما جرى خلاف بين على (ع) وبين أحد من الصحابة إلا والحق مع علي (ع) وهذا باجماع الامة ألا ترى ان العلماء استنبطوا احكام البغاة من وفعة الجمل وصفين وقد اكثرت الشعراء يوم غدير خم فقال حسان بن ثابت:
يناديهم يوم الغدير نبيهم.....بخم فاسمع بالرسول مناديا
وقال فمن مولاكم ووليكم.... فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا
إلهك مولانا وأنت ولينا .... ومالك منا في الولاية عاصيا
فقال له قم يا علي فإنني .... وضيتك من بعدي امام وهاديا
فمن كنت مولاه فهذا وليه .... فكونوا له انصار صدق مواليا
هناك دعا اللهم وال وليه ... وكن للذي عادا عليا معاديا
ويروى ان النبي (ص) لما سمعه ينشد هذه الابيات قال له يا حسان لا تزال مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا او نافحت عنا بلسانك.
وقال قيس بن سعد بن عبادة الانصاري وانشدها بين يدي علي ع) بصفين:
قلت: لما بغى العدو علينا ... حسبنا الله ونعم الوكيل
وعلي امام وامام ... لسوانا به أتى التنزيل
يوم قال النبي من كنت مولاه ... فهذا مولاه خطب جليل
وان ما قاله النبي على الامة ... حتم ما فيه قال وقيل"
-- فيض القدير، شرح الجامع الصغير، الإصدار 2.09
*** وجدت في: الجزء السادس. [تابع حرف الميم]. وجدت الكلمات في الحديث رقم:
9000 - (من كنت مولاه فعليٌّ مولاه) أي وليه وناصره ولاء الإسلام {ذلك بأن اللّه مولى الذين آمنوا} وخصه لمزيد علمه ودقائق مستنبطاته وفهمه وحسن سيرته وصفاء سريرته وكرم شيمته ورسوخ قدمه قيل سببه أن أسامة قال لعليٍّ: لست مولاي إنما مولاي رسول اللّه فقال النبي صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم ذلك ومن الغريب ما ذكره في لسان الميزان في ترجمة اسفنديار بن الموفق الواعظ أنه كان يتشيع وكان متواضعاً عابداً زاهداً عن ابن الجوزي [ص 218] أنه حكى عن بعض العدول أنه حضر مجلسه فقال لما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من كنت مولاه فعليٌّ مولاه تغير وجه أبي بكر وعمر ونزلت {فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا} الآية هكذا ذكره الحافظ في اللسان بنصه ولم أذكره إلا للتعجب من هذا الضلال وأستغفر اللّه قال ابن حجر: حديث كثير الطرق جداً استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد منها صحاح ومنها حسان وفي بعضها قال ذلك يوم غدير خم وزاد البزار في رواية "اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه وانصر من نصره واخذل من خذله" ولما سمع أبو بكر وعمر ذلك قالا فيما خرجه الدارقطني عن سعد بن أبي وقاص "أمسيت يا بن أبي طالب مولى كل مؤمن ومؤمنة" وأخرج أيضاً قيل لعمر إنك تصنع بعلي شيئاً لا تصنعه بأحد من الصحابة قال إنه مولاي
وفي تفسير الثعلبي عن ابن عيينة أن النبي صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم لما قال ذلك طار في الآفاق فبلغ الحارث بن النعمان فأتى رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وآله وسلم فقال: يا محمد أمرتنا عن اللّه بالشهادتين فقبلنا وبالصلاة والزكاة والصيام والحج فقبلنا ثم لم ترض حتى رفعت بضبعي ابن عمك تفضله علينا فهذا شيء منك أم من اللّه فقال: "والذي لا إله إلا هو إنه من اللّه" فولى وهو يقول: اللّهم إن كان ما يقوله محمد صلى اللّه عليه وسلم حقاً فأمطر علينا حجارة من السماء أو اتتنا بعذاب أليم فما وصل لراحلته حتى رماه اللّه بحجر فسقط على هامته فخرج من دبره فقتله ولا حجة في ذلك كله على تفضيله على الشيخين كما هو مقرر بمحله من فن الأصول.
(حم ه عن البراء) بن عازب (حم عن بريدة) بن الحصيب (ت ن والضياء) المقدسي (عن زيد بن أرقم) قال الهيثمي: رجال أحمد ثقات وقال في موضع آخر: رجاله رجال الصحيح وقال المصنف: حديث متواتر.
-- ينابيع المودة صفحة 322-323
" وروى الإمام الثعلبي في تفسيره, أن سفيان بن عيينة سأل عن قول الله عز وجل: (سأل سائل بعذاب واقع) فيمن نزلت؟ فقال: حدثني أبي جعفر بن محمد, عن أبائه عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, لما كان بغدير خم نادى الناس فاجتمعوا فأخذ بيد علي وقال: من كمن مولاه فعلي مولاه, فشاع ذلك وطار في البلاد فبلغ ذلك الحارث بن نعمان الفهري فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقة له, فنزل بالابطح عن ناقته وأناخها فقال: يا محمد! أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسوله فقبلناه منك, وأمرتنا أن نصلي خمسا وبالزكاة والصوم والحج فقبلناه, ثم لم ترضى بهذا حتى رفعت ضبعي ابن عمك تفضله علينا وقلت من كنت مولاه فعلي مولاه, فهذا شيئ منك أم من الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي لا إله إلا هو. إن هذا من الله عز وجل! فولى الحارث وهو يريد أن يركب ناقته وهو يقول: اللهم إن كان ما يقول محمدا حقا, فأمطر علينا بحجارة من السماء أو أتنا بعذاب أليم! فما وصلى إلى راحلته حتى رماه الله عز وجل بحجر من السماء فسقط على رأسه وخرج من دبره فقتله, فنزلت هذه الأية.
وقفوهم إنهم مسؤلون لابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة:
"قوله تعالى وقفوهم إنهم مسؤلون, أخرج الديلمي عن ابي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وقفوهم إنهم مسؤلون عن ولاية علي, وكأن هذا هو مراد الواحدي بقوله روي في قوله تعالى وقفوهم إنهم مسؤلون عن ولاية علي وأهل البيت , لأن الله أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعرف الخلق أنه لا يسألهم على تبليغ الرسالة أجرا إلا المودة في القربي, والمعنى أنهم يسئلون هل وآ لَوهُم (اي هل والوا اهل البيت) حق الموالاة كما اوصاهم النبي صلى الله عليه واله وسلم أم أضاعوها وأهملوها فتكون عليهم الطالبة والتبعه."
(العودة إلى الصواعق المحرقة في تفسير وقفوهم إنهم مسؤلون) صفحة 149 – 151)
"(وأخرج) الترمذي وقال حسن غريب أنه صلى الله عليه وسلم قال إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الاخر كتاب الله عز وجل حبل ممدود من السماء إلى الارض وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما (وأخرجه) في مسنده بمعناه , ولفظه إني أوشك أن أدعى فأجيب وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الارض وعترتي أهل بيتي وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لم يفترقا حتى يردا علي الحوض فأنظروا بم تخلفوني فيهما. وسنده لا بأس به وفي رواية أن ذلك كان في حجة الوداع ...........(إلى ان قال في صفحة 150) وفي رواية صحيحة إني تارك فيكم أمرين لن تضلوا ان تبعتموهما وهما كتاب الله واهل بيتي عترتي, زاد الطبراني إني سألت ذلك لهما فلا تقدموهما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ولا تعلموهم فإنهم إعلم منكم ."
"(وأخرج) أحمد خبر: الحمد لله الذي جعل فينا الحكمة اهل البيت, وفي خبر حسن إلا إن عيبتي وكرشي أهل بيتي والانصار فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم.
"(تنبيه (الكلام لإبن حجر)) سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن وعترته , وهي بالمثناة الفوقيه الاهل والنسل والرهط الادنون ثقلين لان الثقل كل نفيس خطير مصون, وهذان كذلك إذ كل منهما معدن للعلوم اللدنية والأسرار والحكم العلية والأحكام الشرعية, ولذا حث صلى الله عليه وسلم على الاقتداء والتمسك بهم والتعلم منه وقال الحمد لله الذي جعل فينا الحكمة أهل البيت. وقيل سميا ثقلين لثقل وجوب رعاية حقوقهما, ثم الذين وقع الحث عليهم منهم إنما هم الاعرفون بكتاب الله وسنة رسوله إذ هم الذين لا يفارقون الكتاب إلى الحوض ويؤيده الخبر السابق ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم وتميزوا بذلك عن بقية العلماء لان الله أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا, وشرفهم بالكرامات الباهرة والمزايا المتكاثرة. وقد مر بعضها وسيأتي الخبر الذي في قريش وتعلموا منهم فانهم أعلم منكم فإذا ثبت هذا العموم لقريش فأهل البيت أولى بذلك لانهم امتازوا عنهم بخصوصيات لا يشاركهم فيه بقية قريش. وفي أحاديث الحث على التمسك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متأهل منهم للتمسك به إلى يوم القيامة كما أن الكتاب العزيز كذلك . ولهذا كانوا أمانا لاهل الارض كما ياتي ويشهد لذلك الخبر السابق: في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي إلى آخره. ثم أحق من يتمسك به منهم إمامهم وعالمهم علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لما قدمناه من مزيد علمه ودقائق مستنبطاته. ومن ثَمَّ قال أبو بكر على عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذي حث على التمسك بهم فخصه لما قلنا وكذلك خصه صلى الله عليه وسلم بما مر يوم غدير خم. والمراد بالعيبة والكرش في الخبر السابق آنفا أنهم موضع سره وأمانته ومعادن نفائس معارفه وحضرته إذ كل من العيبة والكرش مستودع لما يخفى فيه مما به القوام والصلاح لان الاول لما يحرز فيه نفائس الامتعة والثاني مستقر الغذاء الذي به النمو قوام البنية وقيل هما مثلان لاختصاصهم بأموره الظاهرة والباطنة إذ مظروف الكرش باطن والعيبة ظاهر وعلى كل فهذا غاية في التعطف عليهم والوصية بهم. ومعنى وتجاوزوا عن مسيئهم أي في غير الحدود وحقوق الادميين. "
ماذا قال مفسروا السنة بشأن ألست أولى بالؤمنين من أنفسهم؟؟؟؟؟؟؟
تفسير الكشاف للزمخشري لسورة الاحزاب اية 6 : مجلد3 صفحة 523 ويليه تفسير بعض العلماء للآية الشريفة وهو مهم جدا
قال الزمخشري: "(النبي اولى بالمؤمنين) في كل شيء من أمور الدين والدنيا (من أنفسهم) ولهذا اطلق ولم يقيد, فيجب عليهم أن يكون أحب إليهم من أنفسهم, وحكمه أنفذ عليهم من حكمهم. وحقه آثر لديهم من حقوقها. وشفقتكم عليه أقدم من شفقتهم عليها ( اي انفسهم) وان يبدلوها دونه ويجعلوها فداءه إذا أعضل خطب, ووقاءه إذا لقحت حرب, وأن لا يتبعوا ما تدعوهم إليه نفوسهم ولا ما تصرفهم عنه, ويتبعوا كل ما دعاهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصرفهم عنه, لان كل ما دعا إليه فهو إرشاد لهم إلى نيل النجاة والظفر بسعادة الدارين وما صرفهم عنه, فأخذ بحجزهم لئلا يتهافتوا فيما يرمي بهم إلى الشقاوة وعذاب النار." إنتهى قول الزمخشري
جامع البيان عن تأويل آي القرآن - للإمام الطبري
الجزء 21 >> سورة الأحزاب >> القول في تأويل قوله تعالى: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم}
القول في تأويل قوله تعالى: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم} يقول تعالى ذكره: النبي محمد أولى بالمؤمنين، يقول: أحق بالمؤمنين به من أنفسهم، أن يحكم فيهم بما يشاء من حكم، فيجوز ذلك عليهم.
21593- حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم} كما أنت أولى بعبدك ما قضى فيهم من أمر جاز، كما كلما قضيت على عبدك جاز.
تفسير الجلالين. الإصدار 1,13 - للإمام جلال الدين المحلِّي وجلال الدين السيوطي تفسير الإمام جلال الدين المحلي من أول سورة الكهف إلى آخر القرآن (أما تفسير سورة البقرة إلى آخر سورة الإسراء، فهو للإمام جلال الدين السيوطي)ـ >> 33- سورة الأحزاب
6 - (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) فيما دعاهم إليه ودعتهم أنفسهم إلى خلافه
مختصر تفسير ابن كثير. الإصدار 1.26 - اختصار الصابوني
المجلد الثالث >> 33 - سورة الأحزاب
6 - النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا كان ذلك في الكتاب مسطورا
علم اللّه تعالى شفقة رسوله صلى اللّه عليه وسلم على أمته ونصحته لهم، فجعله أولى بهم من أنفسهم، وحكمه فيهم مقدمٌ على اختيارهم لأنفسهم، كما قال تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً}، وفي الصحيح: "والذي نفسي بيده لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين". وفي الصحيح أيضاً أن عمر رضي اللّه عنه: يا رسول اللّه، واللّه لأنت أحب إليَّ من كل شيء إلا من نفسي، فقال صلى اللّه عليه وسلم: "لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك" فقال: يا رسول اللّه واللّه لأنت أحب إليَّ من كل شيء حتى من نفسي، فقال صلى اللّه عليه وسلم: "الآن يا عمر"؛
تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق
{ ٱلنَّبِىُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } في الأمور كلها فإنه لا يأمرهم ولا يرضى منهم إلا بما فيه صلاحهم ونجاحهم بخلاف النفس، فلذلك أطلق فيجب عليهم أن يكون أحب إليهم من أنفسهم وأمره أنفذ عليهم من أمرها وشفقتهم عليه أتم من شفقتهم عليها.
تفسير الجلالين المحلي والسيوطي
{ ٱلنَّبِىُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } فيما دعاهم إليه ودعتهم أنفسهم إلى خلافه { وَأَزْوٰجُهُ أُمَّهَٰتُهُمْ } في حرمة نكاحهن { وَأُوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ }
تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق
أي هو أحقّ بهم في كلّ أمور الدين والدنيا، وأولى بهم من أنفسهم فضلاً عن أن يكون أولى بهم من غيرهم، فيجب عليهم أن يؤثروه بما أراده من أموالهم، وإن كانوا محتاجين إليها، ويجب عليهم أن يحبوه زيادة على حبهم أنفسهم، ويجب عليهم أن يقدّموا حكمه عليهم على حكمهم لأنفسهم. وبالجملة فإذا دعاهم النبيّ صلى الله عليه وسلم لشيء ودعتهم أنفسهم إلى غيره وجب عليهم أن يقدّموا ما دعاهم إليه ويؤخروا ما دعتهم أنفسهم إليه، ويجب عليهم أن يطيعوه فوق طاعتهم لأنفسهم ويقدّموا طاعته على ما تميل إليه أنفسهم وتطلبه خواطرهم.
تعليق