إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

مدمج (مواضيع شيخ حسين الاكرف )

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هل آية: (أفإن مات أوقتل انقلبتم على أعقابكم) خبرية أم إنشائية؟ وما معنى الترديد بين

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
    هل آية: (أفإن مات أوقتل انقلبتم على أعقابكم) خبرية أم إنشائية؟ وما معنى الترديد بين الموت والقتل؟
    وأما الآية الشريفة فهي إنشائية في قوله تعالى: ”أفإن مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم“ إذ هو استفهام في صورة التوبيخ والاستنكار. وحتى على فرض أنها خبرية – وليست كذلك - فإنها تكون صادقة لصدورها عمّن لا يُحتمل فيه الكذب، وهو المولى سبحانه.
    وقد نزلت الآية في شأن معركة أحد، حينما شاع أن رسول الله الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) قد قُتل فيها، فانهزم الناس وولّوا العدو أدبارهم وانكشف ضعف إيمانهم حتى أنهم قالوا: ”قُتل محمد، فالحقوا بدينكم الأول“! (تفسير الطبري ج4 ص151).
    ولم يثبت من المسلمين سوى أمير المؤمنين علي (صلوات الله عليه) وأبو دجانة الأنصاري بعدما أثخنته الجراحة واحتمله علي عليه السلام، وبعض الأصحاب بعد فرارهم يظهر أنهم ندموا فعادوا إلى ساحة القتال كأنس بن النضر وسهل بن حنيف. وكان على رأس الفرّارين يومها عمر بن الخطاب وأبو بكر بن أبي قحافة وعثمان بن عفان وأضرابهم عليهم اللعنة والخزي.
    ويكشف ذلك عن حقيقة أن جلّ المسلمين آنذاك ما كان إسلامهم إلا ظاهريا ولمّا يدخل الإيمان في قلوبهم، إذ لو كان لما فرّوا - والفرار من أكبر الكبائر - ولما شكّوا وكادوا أن يرتدّوا بدعوتهم أنفسهم إلى الرجوع إلى دينهم الأول!
    والآية صريحة في مفادها أن هؤلاء إنما يتعلّقون بالإسلام ما دام رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيا، فإذا مات أو قُتل انقلبوا على أعقابهم، ومعنى الانقلاب على الأعقاب رجوعهم إلى ما كانوا عليه تماما في جاهليّتهم، من الكفر والشرك وعبادة الأصنام. ودلالة الآية على ذلك باقية إلى ما بعد معركة أحد إذ لم تنزل آية أخرى تنقض دلالتها فتنفي إمكان وقوع الانقلاب والردّة منهم، وإذ ذاك يتأكد أنهم بعد استشهاد رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد انقلبوا على أعقابهم وكفروا وارتدّوا، إلا من عصم الله منهم من الذين بقوا أوفياء لرسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما.
    والروايات الواردة عن أهل بيت العصمة (عليهم السلام) في هذا المعنى كثيرة، فمنها ما عن حنّان عن أبيه عن أبي جعفر الباقر عليه السلام: ”كان الناس أهل ردة بعد النبي صلى الله عليه وآله إلا ثلاثة، فقلت: ومن الثلاثة؟ فقال: المقداد بن الأسود، وأبوذر الغفاري، وسلمان الفارسي رحمة الله عليهم وبركاته، ثم عرف أناس بعد يسير، وقال: هؤلاء الذين دارت عليهم الرحا، وأبوا ان يبايعوا حتى جاءوا بأمير المؤمنين عليه السلام مكرها فبايع، وذلك قول الله عزوجل: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين“. (الكافي ج8 ص245).
    ومنها ما عن الحسين بن المنذر قال: ”سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله: أفإن مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم، القتل أم الموت؟ قال: يعني أصحابه الذين فعلوا ما فعلوا“. (تفسير العياشي ج1 ص200).
    ومنها ما عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه قال: ”قلت لأبي جعفر عليه السلام: إن العامة يزعمون أن بيعة أبي بكر حيث اجتمع الناس كانت رضى لله عز ذكره وما كان الله ليفتن أمة محمد صلى الله عليه وآله من بعده؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: أوَما يقرأون كتاب الله؟! أوَليس الله يقول: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضرالله شيئا وسيجزي الله الشاكرين؟! فقلت له: إنهم يفسرون هذا على وجه آخر، فقال: أوَليس قد أخبر الله عز وجل عن الذين من قبلهم من الأمم أنهم قد اختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات، حيث قال: وآتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعدما جاءتهم البينات ولكلن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل مايريد؟ وفي هذا ما يُستدل به على أن اصحاب محمد صلى الله عليه وآله قد اختلفوا من بعده فمنهم من آمن ومنهم من كفر“. (المصدر نفسه).
    ومنها ما عن عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ”تدرون مات النبي صلى الله عليه وآله أو قُتل؟ إن الله يقول: أفإن مات أو قتل انقبلتم على أعقابكم، فسُمَّ قبل الموت! إنهما سقتاه! فقلنا: إنهما وأبوهما شرّ من خلق الله“. (المصدر نفسه).
    أما الترديد بين الموت أو القتل في الآية الكريمة، فلعلّه من باب الإضراب الإبطالي، لخفاء حقيقة أنه (صلى الله عليه وآله) قُتل بالسم إلا عن الذين والوا أهل بيته (عليهم السلام) فأدركوها، فيكون المعنى أنكم تعتقدون بموته الطبيعي والحال أنه مقتول مسموم صلوات الله عليه وآله. وقد جاء هذا الإضراب في صيغة الترديد لأنه في سياق المستقبل.
    ولعلّه أيضا لبيان أنكم ترتدّون لا في حال قتله (صلى الله عليه وآله) فقط - إذ كانوا يعتقدون بأن النبي لا يُقتل فإذا قُتل بطلت دعوته وظهر أنه ليس بنبي - وإنما حتى في حال موته بشكل طبيعي، فإنكم في هذه أيضا تكفرون وترتدّون وتنقلبون على أعقابكم.
    ونسألكم الدعاء...~

    تعليق


    • :: أكمل الفراغ لأهل السنة والجماعة ::

      بسم الله الرحمن الرحيم
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

      ((الأدلة على أن الأئمة اثنى عشر في صحيح البخاري ومسلم))
      في هذه الأسطر القادمة نستعرض الأحاديث الواردة من كتب أهل السنة فيما يدل على أن الأئمة اثنا عشر، و قد ذكر فيها الصفحة و الطبعة و هي:
      1- صحيح البخاري: في الجزء الرابع في كتاب الأحكام في باب جعله قبل باب إخراج الخصوم، وأهل الريب من البيوت بعد المعرفة (صفحة 175 طبعة مصر سنة 1355 هجري )، حدَّثني محمد بن المثنى حدثنا غندر حدثنا شعبة عن عبد الملك سمعت جابر بن سمرة قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: " يكون اثنا عشر أميراً فقال كلمة لم أسمعها فقال أبى: انه يقول:" كلهم من قريش ".

      2- صحيح الترمذي: ( صفحة 45 الجزء الثاني طبعة دهلى سنة 1342 هجري ) في باب ما جاء في الخلفاء حدثنا أبو كريب ناعمر بن عبيد عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) " يكون من بعدي اثنا عشر أميراً ثم تكلم بشيء لم أفهمه فسألت الذي يليني فقال: قال: كلهم من قريش (قال الترمذي) هذا حديث حسن صحيح، و قد روي من غير وجه جابر بن سمرة حدثنا أبو كريب ناعمر بن عبيد عن أبيه عن أبى بكر بن أبى موسى عن جابر بن سمرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) مثل هذا الحديث .

      3- صحيح مسلم: في كتاب الإمارة في باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش ( صفحة 191 الجزء 2 ق 1 طبعة مصر سنة 1348 هجري ) حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن حسين عن جابر بن سمرة قال: قال: سمعت النبي يقول:- ح وحدثنا رفاعة بن الهيثم الواسطي، واللفظ له حدثنا خالد يعني ابن عبد الله الطحان عن حصين عن جابر بن سمرة قال: دخلت مع النبي فسمعته يقول: " ان هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضى فيهم اثنا عشر خليفة ثم تكلم بكلام خفي عليَّ فقلت لأبي: ما قال ؟ قال: كلهم من قريش .
      ====
      خلفاء الرسول صلى الله وعليه هم إثنا عشر وهذا لا يختلف عليه أحد؛ ((لا يزال هذا الأمر عزيزا إلى اثني عشر خليفة كلهم من قريش)).
      سنضع أسماء الخلفاء الإثنى عشر لدى الشيعة والسنة.
      ((الخلفاء الإثنى عشر لدى الشيعة معروفين)) وهم:
      1-الإمام علي المرتضى (ع)
      2-الإمام الحسن المجتبى (ع)
      ا3-لإمام الحسين الشهيد (ع)
      4-الإمام علي بن الحسين زين العابدين (ع)
      5-الإمام محمد الباقر (ع)
      6-الإمام جعفر الصادق (ع)
      7-الإمام موسى الكاظم (ع)
      8-الإمام علي بن موسى الرضا (ع)
      9-الإمام محمد الجواد (ع)
      10-الإمام علي الهادي (ع)
      11-الإمام حسن العسكري (ع)
      12-الإمام محمد بن حسن المهدي (ع) عجل الله فرجه
      ((الخلفاء الإثنى عشر لدى السنة)) :
      1- أبو بكر الصديق
      2- عمر بن الخطاب
      3- عثمان بن عفان
      4- علي بن ابي طالب (عليه السلام)
      5- ........................
      6- ........................
      7- ........................
      8- ........................
      9- ........................
      10- ......................
      11- ......................
      12-.......................
      ثمانية خلفاء مجهولين لدى أهل السنة والجماعة ؟!!
      والسؤال الآن لكل سني منصف؛ من هم الخلفاء الإثنا عشر لديك ؟!!

      تعليق


      • :: أكمل الفراغ لأهل السنة والجماعة ::

        بسم الله الرحمن الرحيم
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
        اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

        ((الأدلة على أن الأئمة اثنى عشر في صحيح البخاري ومسلم))
        في هذه الأسطر القادمة نستعرض الأحاديث الواردة من كتب أهل السنة فيما يدل على أن الأئمة اثنا عشر، و قد ذكر فيها الصفحة و الطبعة و هي:
        1- صحيح البخاري: في الجزء الرابع في كتاب الأحكام في باب جعله قبل باب إخراج الخصوم، وأهل الريب من البيوت بعد المعرفة (صفحة 175 طبعة مصر سنة 1355 هجري )، حدَّثني محمد بن المثنى حدثنا غندر حدثنا شعبة عن عبد الملك سمعت جابر بن سمرة قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: " يكون اثنا عشر أميراً فقال كلمة لم أسمعها فقال أبى: انه يقول:" كلهم من قريش ".

        2- صحيح الترمذي: ( صفحة 45 الجزء الثاني طبعة دهلى سنة 1342 هجري ) في باب ما جاء في الخلفاء حدثنا أبو كريب ناعمر بن عبيد عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) " يكون من بعدي اثنا عشر أميراً ثم تكلم بشيء لم أفهمه فسألت الذي يليني فقال: قال: كلهم من قريش (قال الترمذي) هذا حديث حسن صحيح، و قد روي من غير وجه جابر بن سمرة حدثنا أبو كريب ناعمر بن عبيد عن أبيه عن أبى بكر بن أبى موسى عن جابر بن سمرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) مثل هذا الحديث .

        3- صحيح مسلم: في كتاب الإمارة في باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش ( صفحة 191 الجزء 2 ق 1 طبعة مصر سنة 1348 هجري ) حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن حسين عن جابر بن سمرة قال: قال: سمعت النبي يقول:- ح وحدثنا رفاعة بن الهيثم الواسطي، واللفظ له حدثنا خالد يعني ابن عبد الله الطحان عن حصين عن جابر بن سمرة قال: دخلت مع النبي فسمعته يقول: " ان هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضى فيهم اثنا عشر خليفة ثم تكلم بكلام خفي عليَّ فقلت لأبي: ما قال ؟ قال: كلهم من قريش .
        ====
        خلفاء الرسول صلى الله وعليه هم إثنا عشر وهذا لا يختلف عليه أحد؛ ((لا يزال هذا الأمر عزيزا إلى اثني عشر خليفة كلهم من قريش)).
        سنضع أسماء الخلفاء الإثنى عشر لدى الشيعة والسنة.
        ((الخلفاء الإثنى عشر لدى الشيعة معروفين)) وهم:
        1-الإمام علي المرتضى (ع)
        2-الإمام الحسن المجتبى (ع)
        ا3-لإمام الحسين الشهيد (ع)
        4-الإمام علي بن الحسين زين العابدين (ع)
        5-الإمام محمد الباقر (ع)
        6-الإمام جعفر الصادق (ع)
        7-الإمام موسى الكاظم (ع)
        8-الإمام علي بن موسى الرضا (ع)
        9-الإمام محمد الجواد (ع)
        10-الإمام علي الهادي (ع)
        11-الإمام حسن العسكري (ع)
        12-الإمام محمد بن حسن المهدي (ع) عجل الله فرجه
        ((الخلفاء الإثنى عشر لدى السنة)) :
        1- أبو بكر الصديق
        2- عمر بن الخطاب
        3- عثمان بن عفان
        4- علي بن ابي طالب (عليه السلام)
        5- ........................
        6- ........................
        7- ........................
        8- ........................
        9- ........................
        10- ......................
        11- ......................
        12-.......................
        ثمانية خلفاء مجهولين لدى أهل السنة والجماعة ؟!!
        والسؤال الآن لكل سني منصف؛ من هم الخلفاء الإثنا عشر لديك ؟!!

        تعليق


        • من قال بأن زيارة القبور والتبرك بمراقد الأولياء غير جائز؟!

          بسم الله الرحمن الرحيم
          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
          اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
          من قال بأن زيارة القبور والتبرك بمراقد الأولياء غير جائز؟!
          بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) تناقل المسلمون أحاديثه وسيرته وعملوا بها وبسيرة الصحابة والتابعين لهم بإحسان، فظهرت مدرستان كبيرتان في نقل الأحاديث والسيرة ينطوي تحت راية كل منهما رواة عديدون، ولما كان تدوين الحديث ممنوعا بعد رحيله (صلى الله عليه وآله) حتى مجيء عمر بن عبد العزيز الذي رفع الحظر عنه، تدافع مؤيد ومدرسة أهل السنة في جمع أحاديثه وقد مضى عليها قرنان من الزمن، بينما تابعت مدرسة أهل البيت (عليهم الصلاة) والسلام تديون الأحاديث بإملاء أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وتناقلوها عن الأئمة الأطهار (عليهم الصلاة والسلام).
          ونتيجة الاجتهاد في فهم الأحاديث والاشتباه في الاستدلال على الأحكام منها، ظهرت آراء ورؤى مختلفة حول بعض الممارسات كالتوسل والاستغاثة بالرسول (صلى الله عليه وآله) وبالأولياء وزيارة القبور والأضرحة وبناء القباب عليها والدعاء عندها، وغير ذلك من نقاط الاختلاف، حتى أن بعض المسلمين كفر البعض الآخر واتهمه بالشرك لزيارته قبر النبي (صلى الله عليه وآله) والبكاء وطلب الحاجة عنده! واعتبر القبر وثنا من الأوثان بل الوثن الأكبر! وأنكر بعضهم البكاء على الميت بحجة أنه يتعذب ببكاء أهله عليه!

          الاجتهادات سبب الخلاف:
          السابر في كتب الحديث المعتبرة لدى الفريقين من المسلمين يلاحظ عدم وجود اختلاف كبير في أكثر الأحاديث المروية من حيث المتن مع اختلاف الرواة، إلا أنه يجد اختلافا جليا في الاستدلال على الأحكام منها والذي يعود إلى الاجتهادات أحيانا من قبل الصحابة والاشتباه في نقل الحديث الذي تناقله التابعون والرواة من بعدهم.
          فمن استدلالهم على عدم جواز البكاء على الميت ما روي في صحيحي البخاري ومسلم في المنع عن البكاء على الميت، عن ابن عباس: (لما أصيب عمر دخل صهيب يبكى ويقول: وا أخاه واصاحباه فقال عمر: يا صهيب أتبكي على وقد قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم): (إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه)! فقال ابن عباس: فلما مات عمر ذكرت ذلك لعائشة فقالت: رحم الله عمر والله ما حدث رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) إن الله ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه ولكن رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) قال: (إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه)، وقالت: حسبكم القرآن (ولا تزروا زرة وزر أخرى..). (صحيح البخاري، كتاب الجنائز: 155/1- 156، وصحيح مسلم كتاب الجنائز: ح 22 ص 641).
          وفي صحيح مسلم: ... فقالت: وهل (أي غلط وسهي) إنما قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم): إنه ليعذب بخطيئته أو بذنبه وإن أهله ليبكون عليه).
          فكلام عائشة دليل واضح على اشتباه الخليفة في نقله للحديث على الرغم من قربه منه وصحبته له (صلى الله عليه وآله).

          جواز البكاء على الميت:
          1 - في ترجمة جعفر من الاستيعاب وأسد الغابة والإصابة وخبر غزوة مؤتة في تاريخ الطبري وغيره ما ملخصه: (لما أصيب جعفر وأصحابه دخل رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم بيته وطلب بني جعفر فشمهم ودمعت عيناه فقالت زوجته أسماء: بأبي وأمي ما يبكيك؟ ابلغك عن جعفر وأصحابه شيء؟ قال: نعم أصيبوا هذا اليوم، فقالت أسماء: فقمت أصيح وأجمع النساء، ودخلت فاطمة وهي تبكي وتقول: واعماه، فقال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) على مثل جعفر فلتبك البواكي. (معالم المدرستين للسيد مرتضى العسكري ص 47).
          فبكاؤه (صلى الله عليه وآله وسلم) وبكاء بضعته فاطمة صلوات الله وسلامه عليها، وكذلك بكاء اسماء بحضوره، دليل على جواز البكاء على الميت، أوليست السنة هي قوله وفعله وتقريره (صلى الله عليه وآله وسلم)؟
          2 - كما أنه صلى الله عليه وآله وسلم بكى أمه عند زيارته لها، فضى سنين النسائى كتاب الجنائز، باب زيارة قبر المشرك 267/1: زار رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) قبر أمه فبكى وأبكى من حوله.
          وفي البخاري كتاب الجنائز، باب حداد المرأة على غير زوجها 154/1: (أنه صلى الله عليه [وآله] وسلم عين حداد المرأة على غير زوجها ثلاثا، وعلى زوجها فكما قال الله (أربعة اشهر وعشراً).
          وهذا دليل ليس على جواز البكاء على الميت فحسب؛ وإنما إعلان الحداد عليه أيضاً.

          أدلة جواز زيارة القبور:
          روى مسلم في صحيحه: (زار النبي قبر أمه، فبكى وأبكى من حوله.. وقال: استأذنت ربي في أن أزور قبرها، فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكركم الموت) (صحيح مسلم ج 3 ص 65).
          وقالت عائشة: (إن رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) رخص في زيارة القبور). (صحيح أبي داود ج 2 ص 195).
          وقالت: إن النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) قال: فأمرني ربي أن آتي البقيع فاستغفر لهم، قلت: كيف اقول يا رسول الله؟ قال: قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين يرحم الله المتقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون). (صحيح مسلم ج 3 ص 64 باب ما يقال عن دخول القبور، السنن للنسائي ج 3 ص 76).
          وفي أحاديث أخرى قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا وإياكم متواعدون غداً ومواكلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد). (السنن للنسائي ج 4 ص 76 - 77).
          والعجب من المتجرئين على الله ورسوله الذين يصفون قبور وأضرحه الأنبياء والأولياء بالأصنام والأوثان، ويفتون بهدمها بحجة أنها أوثان تعبد من دون الله!
          ففي كتاب (زاد المعاد في هدى خير العباد) ص 661 لابن القيم ما حاصله أنه: (يجب هدم المشاهد التي بنيت على القبور التي اتخذت أوثانا وطواغيت تعبد من دون الله، ولا يجوز إبقاؤها بعد القدرة على هدمها وإبطالها يوما واحدا، فإنها بمنزلة اللات والعزى أو أعظم شركا)! (كشف الارتياب ص 358).
          فلو كان هذا صحيحا فلم بقي قبر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بقبابه وقبري الخليفتين معه، ألم تكن هناك قدرة على هدمها؟! أم أنها أمنية ابن القيم وحمله المنتظر لمن ينجزه؟!
          والدليل القرآني واضح: ففي قصة أصحاب الكهف قال تعالى عن لسان المؤمنين: (للتخذن عليهم مسجداً، وهو دليل على جواز البناء على قبورهم.
          الآثار المعنوية لزيارة القبور:
          إذا اطلعنا على أحوال الأمم والشعوب نرى أنها تحترم قادتها و رجالاتها العظام، وتبجّل وتكرم شخصياتها وعلماءها، فتراهم يقيمون الاحتفالات بذكراهم ويقصدون أضرحتهم ومراقدهم ويكللون قبورهم بالزهور والورود.
          فأي قبور يزور المسلمون يا ترى؟! أليست هي قبور وأضرحة الأنبياء والأولياء والصالحين والعلماء؟!
          ألا يستحق الأنبياء تعظيمهم والاحتفال بذكراهم والدعاء عندهم تحت قببهم؟! ألا يستحق الأولياء والصالحون التكريم والشكر على ما بذلوه في سبيل الحفاظ على الرسالات السماوية؟! ألا يستحق ذلك العلماء الذين بذلوا مهجهم في سبيل إضاءة الطريق لغيرهم؟!
          إن في زيارتنا لقبورهم أثار معنوية عظيمة هي:
          1 - تعظيم وتبجيل وتقديم الشكر والتقدير على تضحياتهم وتحملهم المشاق من أجلنا.
          2 - تجديد العهد بالمواصلة على نهجهم المقدس.
          3 - إحياء ذكراهم وتعريف الناس على معتقداتهم السامية والتحدث عن مواقفهم وبطولاتهم في تاريخ البشرية، كحضورنا بمحضرهم لقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما من أحد يسلّم على إلا رد الله على روحي حتى أرد (عليه السلام). (سنن أبي داود: ج 1 كتاب الحج وزيارة القبور ص 470 - 471).
          4 - تترك الدروس والعبر والتأمل في حال الأموات الذين تركوا دار الفناء بأموالها ومناصبها ولم يأخذوا منها إلا أعمالهم.
          5 - تشعر الإنسان بإعادة النظر في سلوكه وحياته وشعوره بالمسؤولية الكبيرة أمام خالقه والناس.
          6 - تضع الأخرة بأهوالها نصب عين الإنسان لقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة). (صحيح ابن ماجة ج 1 ص 113).
          وعلى هذا فقد أباحت الشريعة على لسان صاحبها الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) زيارة القبور، بل رتبت عليها آثارا دنيوية وأخروية، ففيها الاعتبار وفيها التواب، وفيها التوسل وفيها الشافعة، وكتاب الله تعالى بين جواز ذلك، في قصة أهل الكهف التي ذكرناها، فمن يقول بأن زيارة قبور الأئمة والصالحين والتبرك بها والدعاء عندها أمر غير جائز؟!
          بقلم سمير الكرخي / مجلة المنبر.
          والله ولي التوفيق وبهِ نستعين.

          تعليق


          • لماذا الزحف إلى قبر الحسين (عليه السلام) ولماذا التطبير وإسالة الدماء؟

            بسم الله الرحمن الرحيم
            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
            اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

            لماذا الزحف إلى قبر الحسين (عليه السلام) ولماذا التطبير وإسالة الدماء؟
            منذ زمان حكومة بني أمية، مرورا بحكومة بني العباس وحكومة بني عثمان، إلى أن آلت النوبة إلى حكومة البعث المقبور في العراق؛ كان المؤمنون الذين يتوافدون على زيارة مرقد الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء المقدسة يتعرضون إلى صنوف التنكيل والعذاب، فقد كان همّ تلك السلطات الناصبية الغاشمة هو منع هذه الزيارة لمحو ذكر سيد الشهداء والأحرار صلوات الله عليه، فإن تذاكر الناس له ولثورته العظيمة يجعلهم يقتدون به ويستلهمون منه فيثورون على تلك الحكومات الظالمة، وهذا ما كانت تخشاه ولذا كانت تبذل كل ما في وسعها لإرهاب المؤمنين الزوّار بمختلف الوسائل، وكان من تلك الوسائل في عصر من العصور أنهم كانوا يقطعون يديْ ورِجْليْ كل زائر يقبضون عليه! ومع ذلك كان المؤمنون مستمرّين في الزيارة ولو زحفا بأبدانهم! ورفعوا شعارا هو بيت شعر يقول:
            لو قطعوا أرجلنا واليديْن نأتيك زحفا سيدي يا حسين!
            وكلما زاد النواصب والمعادون لأهل البيت حربهم الإجرامية ضد زيارة الحسين (عليه السلام) كلما زاد المسلمون المؤمنون إصرارا وتحديا، واليوم يكمل أتباع الأمويين والعباسيين والعثمانيين وأيتام البعثيين ولقطاء الوهابيين حربهم ضد الحسين وأتباعه وشيعته ومحبيه، فيقطعون طريق الزوار بالمفخخات والاغتيالات والأعمال الإرهابية المتنوعة، ومع هذا فإن المؤمنين على عهدهم ووفائهم يمضون قدما في زيارة إمامهم وسيّدهم (صلوات الله عليه) غير آبهين بشيء ولا تزيدهم الأعمال الوحشية التي تُرتكب يوميا ضدهم في العراق إلا شجاعة وعزيمة على ما هم عليه.
            وفي وسط هذه الأجواء، وكنوع من التحدّي العلني، يقوم جمع من المؤمنين المخلصين بتجسيد حيٍّ للشعار المذكور، فيزحفون نحو ضريح سيد الشهداء (عليه السلام) وهم يهتفون: ”لو قطعوا أرجلنا واليدين؛ نأتيك زحفا سيدي يا حسين“! مُبدين غاية الخضوع والتذلل لإمامهم، مستشعرين آلام أسلافهم الذين قُطعت أيديهم وأرجلهم، موطّنين أنفسهم على تحمّل المشاق في هذا السبيل، ومقدّمين صورة رائعة عن الاستعداد للتضحية ومواجهة الظالمين.
            فهذه هي الفلسفة العظيمة لهذه الشعيرة وغيرها من الشعائر الحسينية، كلّها تجسيد للمبادئ والمُثُل العليا التي يؤمن بها المسلم الوفيّ المخلص لأهل بيت رسول الله صلوات الله عليهم.
            وهذا العمل مستحب شرعاً لما فيه من تعظيم لله ولأوليائه عليهم السلام، ولما ينطوي عليه مما ذكرناه من غايات تصبّ في تعميق الروح الإيمانية لدى الأفراد. وإجمالا؛ فإن كثيرا من الشعائر الدينية إنما هي في الحقيقة إعادة تمثيل لما جرى، فإنكِ لو تأمّلتِ في شعائر الحج مثلا؛ لوجدتِ أن الطواف إعادة تمثيل لما صنعه إبراهيم عليه السلام، وكذا الصلاة خلف مقامه، والسعي بين الصفا والمروة تمثيل لما صنعته هاجر عليها السلام، وذبح الهدي تمثيل لما جَرى لفداء إسماعيل عليه السلام، وهكذا رمي الجمار والوقوف بعرفة وغير ذلك.
            والتطبير الذي هو إسالة الدماء من الرأس إنما هو من هذا القبيل أيضا، فهو إعادة تمثيل لما جرى على الحسين وأهل بيته وأصحابه (عليهم السلام) في واقعة الطف، استشعارا لآلامهم، ومواساة لهم، واستذكارا لمحنتهم، وإظهارا للاستعداد للتضحية بالنفس لأجل نصرتهم وهي نصرة الدين والحق والعدل.
            وهذا العمل مستحب شرعاً، وقد أجراه الله تعالى على نبيّه إبراهيم (عليه السلام) فقد ورد في الحديث: ”أن إبراهيم عليه السلام مرّ في أرض كربلاء وهو راكب فرسا فعثرت به وسقط إبراهيم وشُجَّ رأسه وسال دمه! فأخذ في الاستغفار وقال: إلهي أي شيء حدث مني؟ فنزل إليه جبرئيل عليه السلام وقال: يا إبراهيم ما حدث منك ذنب، ولكن هنا يُقتل سبط خاتم الأنبياء، وابن خاتم الأوصياء، فسال دمك موافقة لدمه“. (بحار الأنوار ج44 ص243).
            ثم إن هذا العمل بنفسه مستحب لأنه نوع من أنواع الحجامة التي أوصى بها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووصفها بأنها تغيث الإنسان من الأمراض، وهذا ثابت حتى في مصادر المخالفين، فقد رُوي عن ابن عمر قال: ”كان رسول الله يحتجم هذا الحجم في مقدَّم رأسه ويسمّيه أم مغيث“. (المعجم الأوسط للطبراني ج8 ص16).
            وعليه فالتطبير بنفسه مستحب، فإذا اقترن أداؤه بالمواساة لسيد الشهداء (عليه السلام) زاد استحبابه وكان خيرا على خير، وهو مفيد طبّياً وهذا ثابت عند الأطباء، فالذين يواظبون على أداء هذه الشعيرة المقدّسة يكونون أقل من غيرهم عُرضة للإصابة بالجلطة الدماغية، بل إننا نعرف بعض الذين نجوا منها بفضل التطبير. وهو أيضا يوطّن النفس على الشجاعة والبطولة وتحمّل الأهوال، فيكون نوعا من التدريب العسكري، وقد استخدمته الجيوش العثمانية في ما مضى لتقوية قلوب أفرادها.
            ونسألكم الدعاء...~

            تعليق


            • لماذا تزوج النبي (صلى الله عليه وآله) بنات أبي سفيان وأبي بكر وعمر؟

              بسم الله الرحمن الرحيم
              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
              اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
              لماذا تزوج النبي (صلى الله عليه وآله) بنات أبي سفيان وأبي بكر وعمر؟
              كانت غايات النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) من الزواج ببعض النساء تتنوّع ما بين: حفظ الدين، إثراء الحركة التبليغية، شلّ زعماء النفاق، إحراج خصوم الدعوة، استمالة قبائل إلى الإسلام، إنقاذ حالة إنسانية، إبطال أعراف جاهلية، إمتحان الأمة، إثابة شخصية.
              ففي حالة السيدة الجليلة خديجة الكبرى (صلوات الله عليها) مثلا كانت الغايات: حفظ الدين لضرورة استيلادها فاطمة الزهراء (صلوات الله عليها) التي ستكون وعاء الإمامة في ما بعد. وإثراء الحركة التبليغية لما كانت تتمتع به من وفرة في المال والإمكانات المادية وُظِّفت في تنشيط عملية التبليغ الإسلامي.
              وفي حالة جويرية بنت الحارث مثلا كانت الأهداف: استمالة قبيلتها - بنو المصطلق - إلى الإسلام من خلال المصاهرة بعد الحرب الطاحنة الواقعة بين الطرفين، وإنقاذ حالة إنسانية حيث لم يعد لجويرية أحد يرعاها بعد مقتل زوجها وأبيها، وإحراج خصوم الدعوة بإظهار سماحة الإسلام حيث أعتق المسلمون جميع من استرقّوه من رجال ونساء وأطفال بني المصطلق الذين عادوا إلى الحرية لأن المسلمين لم يتقبّلوا أن يسترقوا أحدا من أصهار الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا الإحراج هو الذي دفع الألوف من اليهود إلى اعتناق الإسلام.
              أما في حالة رملة بنت أبي سفيان فكانت الغايات: إنقاذ حالة إنسانية حيث قد مات زوجها عبيد الله بن جحش على النصرانية في الحبشة وظلّت هي بلا مأوى سيما وأن أباها كان حينذاك زعيم جبهة الكفر في قريش وقد توعدها بالقتل لإشهارها الإسلام وهروبها منه إلى الحبشة، ولم يرغب أحد من المسلمين في رملة فما كان من الرسول العطوف (صلى الله عليه وآله) إلا أن يضطر للزواج منها، فانضمّ إلى ذلك الهدف هدف آخر وهو إحراج خصوم الدعوة بإظهار سماحة الإسلام.
              وأما في حالة عائشة بنت أبي بكر فكانت الغايات: شلّ حركة زعيم من زعماء النفاق وهو أبوها الذي كان يتربّص بالإسلام الدوائر، فقد علم من أحبار اليهود أن النصر سيكون حليف هذا النبي وأنه سيسود جزيرة العرب عاجلا أم آجلا، فطمع أن يكون له نصيب في هذه الدولة كأن ينصّبه النبي واليا على مكان ما أو أن يستخلفه، فجاراه النبي (صلى الله عليه وآله) بالزواج من ابنته حتى يمنّيه أكثر بأنه سيكون له نصيب، فيحيّده ويشلّ حركته ولو مؤقتا لأنه قد صاهره. هذا هدف، وأما الهدف الآخر فهو امتحان الأمة بأمر الله تعالى، إذ لا بد أن تصبح عائشة زوجة للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) حتى تُفتتن الأمة بما سيقع منها في حربها للوصي الشرعي الإمام علي بن أبي طالب صلوات الله عليهما، ولولا ذلك لما وقع الاختبار إذ أن عائشة إنما استغلت كونها زوجة رسول الله للتأثير على المسلمين وإغوائهم، وقد عبّر عن حقيقة أنها ”فتنة للناس“ رسول الله (صلى الله عليه وآله) نفسه حين أشار نحو مسكنها - على ما اعترف به المخالفون في صحاحهم - قائلا: ”هاهنا الفتنة، هاهنا الفتنة، هاهنا الفتنة، من حيث يطلع قرن الشيطان“! (صحيح البخاري ج4 ص46).
              وأما في حالة حفصة بنت عمر فكانت الغايات: إنقاذ حالة إنسانية إذ أنها فقدت زوجها خنيس بن عبد الله في معركة بدر فغدت أرملة منبوذة ضاق ذرعا بها حتى أبوها! فقد قام عمر بعرضها تارة على أبي بكر وأخرى على عثمان ولكنهما كانا يأبيان الزواج منها لخشونتها وحدة مزاجها كما نقله المؤرخون، فأصرّ عمر على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وألحّ عليه أن يتزوجها فقبل صلى الله عليه وآله، وينضمّ إلى هذا الهدف هدف آخر هو شلّ حركة زعيم من زعماء النفاق وهو عمر، على ما شرحناه في حالة عائشة، كما ينضمّ إليهما أيضا هدف ثالث وهو امتحان الأمة أيضا على ما ذكرناه في شأن عائشة، إذ قد وصف رسول الله (صلى الله عليه وآله) حفصة أيضا بأنها فتنة حين وقف على بابها، وأن قرن الشيطان يطلع من هناك! (صحيح مسلم ج8 ص181) وإن حاول المخالفون صرف قصده إلى جهة المشرق بشكل مثير للسخرية!
              ونسألكم الدعاء...~

              تعليق


              • أليس تكفيركم للصحابة يعني أن النبي (صلى الله عليه وآله) فشل في تربيتهم؟

                بسم الله الرحمن الرحيم
                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
                أليس تكفيركم للصحابة يعني أن النبي (صلى الله عليه وآله) فشل في تربيتهم؟
                أولا؛ نحن لا نسبّ ولا نكفّر ولا نلعن إلا أعداء الله ورسوله وأهل بيته عليهم السلام، سواءً كان هؤلاء من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) أم من غيرهم، فالمقياس عندنا واحد لا يتعدّد، من كان صالحا مدحناه ومن كان طالحا ذممناه.
                وثانيا؛ أي ملازمة عقلية بين القول بأن قوم نبي قد كفروا وبين القول بأن هذا النبي قد فشل في التربية؟!
                إن العاقل يفرّق بين النبي - أي نبي - وبين قومه وأصحابه، فلا يقول: ”إن الطعن في قومه يلازم الطعن فيه لأننا بذلك ننسب إليه الفشل في أداء رسالته وتربية أصحابه“! فأي شيء على النبي إذا بلّغ رسالة ربّه وأرشد قومه إلى الهدى فآمنوا به أولا ثم من بعده كفروا وارتدّوا وضلّوا وأضلوا وحرّفوا الكتاب الذي أنزله الله تعالى على نبيّه؟! وهو الذي حصل بعد رحيل كل الأنبياء السابقين.
                وكذا فإن العاقل يفرّق بين النبي - أي نبي - وبين أبنائه، فلا يقول: ”إن كل ابن للنبي هو بالضرورة صالح عادل ولا يصح القدح فيه وإلا لاستلزم ذلك قدحا في والده النبي لأنه لم يُحسن تربيته“! فأي شيء على النبي إذا ما أدّى واجبه في تربية أبنائه على أكمل وجه إلا أنهم مع هذا انحرفوا وعصوا؟! كما حصل مع ابن نوح، وأبناء يعقوب عليهما السلام.
                وكذا فإن العاقل يفرّق بين النبي - أي نبي - وبين زوجاته، فلا يقول: ”إن كل زوجة للنبي تكون بالضرورة مؤمنة صالحة شريفة عفيفة محفوظة من كل دنس وإلا لاستدعى ذلك تدنيس وتلويث سمعة زوجها النبي“! فأي شيء على النبي إذا ما تزوّج امرأة وبالغ في نصحها وإرشادها ومع ذلك أبت إلا الكفر والفسق والعصيان والفُحش؟! كما حصل مع زوجتي نوح ولوط عليهما السلام.
                إن القرآن الكريم كتاب العقل، وقد حكى لنا قصص هؤلاء الأنبياء العظام (عليهم السلام) وكيف ارتدّ أصحابهم وبعض أبنائهم وأزواجهم من بعدهم إلا القليل منهم، ومع ذلك لم ينسب القرآن إلى هؤلاء الأنبياء العظام (صلوات الله عليهم) الفشل في التربية أو الرسالة، فمن أين جاء جهلة المخالفين بمنطقهم الغريب المخالف لكتاب الله تعالى قائلين: ”إياكم والطعن بأصحاب النبي فإنكم بذلك تطعنون بالنبي“! فهل أن القرآن حين طعن بأصحاب الأنبياء السابقين كان قد طعن بالأنبياء أنفسهم؟! سبحانك هذا بهتان عظيم!
                هذا وقد تنبّأ النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) بارتداد أصحابه من بعده، وحكم بأن معظمهم سيردون جهنم وبئس المصير، وذلك في روايات وأحاديث مستفيضة، منها ما رواه البخاري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ”أنا فرطكم على الحوض وليرفعن رجال منكم ثم ليختلجن دوني فأقول: يا رب أصحابي! فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك“! (صحيح البخاري ج7 ص206).
                وأخرج البخاري أيضا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ”يرد على يوم القيامة رهط من أصحابي فيجلون عن الحوض فأقول: يا رب أصحابي! فيقول: إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، انهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى“. (المصدر نفسه).
                وأخرج البخاري أيضا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ”بينا أنا قائم فإذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم، فقلت: أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: وما شأنهم؟ قال: انهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى. ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم، قلت: أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: ما شأنهم؟ قال: انهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى. فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم“. (المصدر نفسه).
                فهاهي الأحاديث تنص صراحةً على ارتداد معظم من يسمّيهم الجهلة (صحابة) وأنه لن ينجو منهم إلا القليل كهمل النِّعَم، فكيف يقولون أن كل هؤلاء ناجون ردّا على الله ورسوله صلى الله عليه وآله؟!
                نعم؛ إن من أطرف ما زعمه المخالفون للفرار من دلالة هذه الأحاديث هو حملها على المرتدّين الأعراب من غير الأصحاب، كبني حنيفة مثلا، وهو زعم يثير السخرية ولا يقبله عاقل، لأن النبي (صلى الله عليه وآله) ينصّ على أن هؤلاء من أصحابه الذين يعرفهم حقّ المعرفة، ثم إن هذا التأويل مخالف للظاهر، والمخالفون أهل العمل بالظاهر، فما بالهم تركوه هنا؟!
                هذا؛ ورسالة الإسلام العظيمة، قد حملها آل محمد الأطهار (صلوات الله عليهم) وأصحاب محمد الأخيار (رضوان الله عليهم) ثم من يتلوهم من أصحاب الأئمة المعصومين مهما قلّوا، فإنهم حمَلة هذا الدين والمؤتمنون عليه، وبتضحياتهم وصل إلينا وحافظنا عليه، ولا شأن للمتردّية والنطيحة وسفلة الأصحاب والأعراب بهذه المهمة العظيمة!
                والله ولي التوفيق وبهِ نستعين.

                تعليق


                • ما الدليل على أن معاوية قتل عائشة وأخاها عبد الرحمن وسعد بن أبي وقاص؟

                  بسم الله الرحمن الرحيم
                  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                  اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
                  ما الدليل على أن معاوية قتل عائشة وأخاها عبد الرحمن وسعد بن أبي وقاص؟
                  قد ذكرنا في جواب سؤال سابق أن العلاقة بين عائشة ومعاوية (عليه لعائن الله) قد شابها توتر في الأيام الأخيرة، وكذلك العلاقة بين أخيها عبد الرحمن ومعاوية، وكان مردّ ذلك التوتر رغبة معاوية باستخلاف ابنه يزيد لعنه الله، فقد عارض ذلك عائشة وعبد الرحمن، ما يقوّي أن معاوية خطّط للتخلص منهما لكي يخلو الأمر لابنه.
                  وممن صرّح بأن معاوية قد قتل عائشة وجمعا غيرها؛ الأعمش، وهو سليمان بن مهران، الثقة عندنا وعندهم، حيث روى عنه النباطي: ”لما قدم (معاوية) الكوفة قال: ما قتلتكم على أن تصلوا وتصوموا فإني أعلم أنكم تفعلون ذلك! بل لأتأمّر عليكم. فقال الأعمش: هل رأيتم رجلا أقلّ حياءً منه؟ قتل سبعين ألفا فيهم عمار وخزيمة وحجر وعمرو بن الحمق ومحمد بن أبي بكر وأويس وابن صوحان وابن التيّهان وعائشة وابن حسّان، ثم يقول هذا“! (الصراط المستقيم للنباطي العاملي ج3 ص48).
                  وما قد يقدح في ثبوت هذه الرواية أن الأعمش لم يشهد عهد معاوية، حيث إنه وُلد في سنة استشهاد أبي عبد الله الحسين صلوات الله عليه. إلا أن هذا القدح مردود بأن روايته ليست عن معاينة وشهود، فهو في مقام ذكر الوقائع ليس إلا، فتكون روايته إنباءً عن غيره، ومفاد قطعه بما روى أنه كان مشهورا ثابتا.
                  أما كيف قتلها معاوية، فالنباطي يروي عن صاحب المصالت أن معاوية ”كان على المنبر يأخذ البيعة ليزيد فقالت عائشة: هل استدعى الشيوخ (تقصد أبا بكر وعمر وعثمان) لبنيهم البيعة؟ قال: لا. قالت: فبمن تقتدي؟ فخجل وهيّا لها حفرة فوقعت فيها فماتت.
                  وفي رواية ابن أبي العاص قال لها: أي موضع ترضين لدفنك؟ قالت: كنت عزمت على جنب رسول الله إلا أني أحدثت بعده، فادفنوني بالبقيع.
                  ورُوي أنه (أي معاوية) كان يهدد الناس لأخذ البيعة ليزيد، فبلغه عنها (أي عائشة) كلام، فدخلت بعد عماها عليه راكبة حمارا، فبال وراث على بساطه! فقال: لا طاقة لي بكلام هذه الفاجرة! ثم دبّر لها الحافر.
                  وكان عبد الله بن الزبير يعرّض به:
                  لقد ذهب الحمار بأم عمرو فلا رجعت ولا رجع الحمار“! (المصدر نفسه ج3 ص45).
                  وقد تم ذلك في سنة ثمان وخمسين للهجرة الشريفة، حيث ذكر الشيخ النمازي: ”سنة ثمان وخمسين أسقط معاوية عائشة في البئر“. (مستدرك سفينة البحار ج5 ص214).
                  أما عن أخيها عبد الرحمن، فإن موته في ظروف غامضة في منطقة تُدعى (الحبشي) بعدما خرج من المدينة إلى مكة مغاضبا لمروان بن الحكم إذ دعاه لبيعة يزيد؛ يرجّح أن معاوية قد بعث من يقتله ويدفنه حيا. وأوّل من شكّ في أنه مات موتا طبيعيا أخته عائشة، حيث روى الحاكم وابن عساكر أنها رأت امرأة سجدت فماتت، فقالت: ”إن في هذه لعبرة لي في عبد الرحمن بن أبي بكر، رقد في مقيل له قاله فذهبوا يوقظونه فوجدوه قد مات، فدخل نفس عائشة تهمة أن يكون صُنع به شرا وعُجِّل عليه فدُفن وهو حي، فرأت أنه عبرة لها وذهب ما كان في نفسها من ذلك“. (مستدرك الحاكم ج3 ص476 وتاريخ دمشق لابن عساكر ج35 ص37).
                  ولئن ذهب الشك من نفس عائشة، أو هكذا ادّعى الرواة عنها، فإن الشك لم يذهب من أنفسنا حيث خبرنا أمر معاوية، الطاغية المتخصص بالتخطيط للاغتيالات السياسية!
                  أما عن سعد بن أبي وقاص، فمصادر المخالفين تصرّح بأن معاوية قد قتله غيلة بالسمّ كما قتل الإمام أبا محمد الحسن صلوات الله عليه. منها ما رواه المقدسي عن شعبة: ”أن سعدا والحسن بن علي ماتا في يوم واحد. قال: ويُروى أن معاوية سمّهما“. (البدء والتاريخ للمقدسي ص153). ومنها ما ذكره أبو الفرج: ”ودسّ معاوية إليه (أي إلى الإمام الحسن عليه السلام) حين أراد أن يعهد إلى يزيد بعده وإلى سعد بن أبي وقاص سمّا، فماتا في أيام متقاربة“. (ج5 ص31)!
                  ونسألكم الدعاء...~

                  تعليق


                  • بسم الله الرحمن الرحيم
                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                    اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
                    هل قتل معاوية عائشة؟
                    توالت المصائب على عائشة من معاوية ، وكانت أول مصيبة قَتْلُهُ أخاها محمد بن أبي بكر رحمه الله الذي كان حاكم مصر من قبل علي عليه السلام . وكانت عائشة الى آخر حرب الجمل تبغض أخاها محمداً رحمه الله لتشيعه ، لكن علياً عليه السلام أجبرها على أن تحبه ! فبعد هزيمتها في الحرب أمره أن يأخذها الى أحسن بيت في البصرة ، ويتحمل سبها وشتمها وهمزها ولمزها ، ويخدمها ويوسع عليها ، ولا يمنعها إذا أرادت تجميع الفارين والجرحى من أصحابها !
                    ثم أمره أن يرافقها ويوصلها المدينة ، وكانت لها قصص طريفة مع محمد رحمه الله وقد استطاع أن يستوعب توترها ، ويهدئ من غلوائها ! فوجدت عائشة فيه أخاً وفياً خدوماً يتحمل منها ، رغم أنه يوالي عدوها ويتبرأ منها ومن خطها العقائدي والسياسي ! ولذلك جزعت عليه عندما جاءها خبر قتله وأخذت تدعو على معاوية وابن العاص ! قال الثقفي في الغارات:1/285: (فلما بلغ ذلك عائشة أم المؤمنين جزعت عليه جزعاً شديداًً وقنتت في دبر كل صلاة تدعو على معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص ومعاوية بن حديج ! وقبضت عيال محمد أخيها وولده إليها ، فكان القاسم بن محمد بن أبي بكر في عيالها).
                    ثم وروى الثقفي عن أسماء بنت عميس أم محمد بن أبي بكر أن عائشة: (لما أتاها نعي محمد بن أبي بكر وما صُنع به ، كظمت حزنها ، وقامت إلى مسجدها ، حتى تشخبت دماً ) . انتهى. وفي رواية تشخب ثدياها دماً ، وقد يفسر ذلك إن صحت روايته بارتفاع ضغط الجسم من الحزن !
                    وقد زاد في ارتفاع ضغط عائشة أن ضُرَّتها رملة بنت أبي سفيان (أم حبيبة أم المؤمنين) اخترعت للتعبير عن فرحتها بقتل معاوية معاوية لأخ ضرتها محمد بن أبي بكر بأسلوب عامي أموي خشن ! ( لما قتل ووصل خبره إلى المدينة مع مولاه سالم ومعه قميصه ، ودخل به داره اجتمع رجال ونساء ! فأمرت أم حبيبة بنت أبي سفيان زوج النبي صلى الله عليه وآله بكبش فَشُوِيَ وبعثت به إلى عائشة وقالت: هكذا قد شُوِيَ أخوك ! فلم تأكل عائشة بعد ذلك شواء حتى ماتت) ! (الغارات:2/757، وحياة الحيوان للدميري:1/404) .(حلفت عائشة لاتأكل شواءً أبداً فما أكلت شواءا بعد مقتل محمد(سنة 38)حتى لحقت بالله(سنة57)وماعثرت قط إلا قالت: تعس معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص ومعاوية بن حديج). (الغارات: 1/287 ، وأنساب الأشراف/403).
                    وفي سير الذهبي:2/186: (إن معاوية لما حج قدم فدخل على عائشة ، فلم يشهد كلامها إلا ذكوان مولى عائشة فقالت لمعاوية: أأمنت أن أخبئ لك رجلاً يقتلك بأخي محمد؟ ! قال: صدقت ! وفي رواية أخرى قال لها: ما كنت لتفعلي). (ونحوه في الطبري:4/205 ، والإستيعاب:1/238، وشرح الأخبار:2/171) . والصحيح أن معاوية لايخاف منها لأن معه جيشه من الشام ، ولأنه يرضيها والمال ! بل عليها هي أن تحذر منه !
                    قال أحمد في مسنده:4/92: (فقالت له: أما خفت أن أُقعد لك رجلاً فيقتلك؟ فقال: ما كنت لتفعليه وأنا في بيت أمان ، وقد سمعتِ النبي(ص)يقول:الإيمان قيد الفتك . كيف أنا في الذي بيني وبينك ، حوائجك؟ قالت: صالح . قال: فدعينا وإياهم حتى نلقى ربنا). (والطبراني في المعجم الكبير:19/319) . وقد روت المصادر عطاءات معاوية المليونية لعائشة ! لكنها كانت تعيش في جو المدينة وكله ضد معاوية وبني أمية ، وحولها أصحاب مشاريع للخلافة ، وهي نفسها صاحبة ثلاثة مشاريع: لأخيها عبد الرحمن ، ولابن أختها ابن الزبير ، ولابن عمها موسى بن طلحة الذي ادعى له آل تيم أنه المهدي الموعود ! (تاريخ دمشق:60/431) .
                    لذلك روت المصادر استنكارها لتسمية معاوية نفسه أمير المؤمنين وخليفة ، ثم معارضتها لأخذه البيعة لابنه يزيد ، ووقفت بقوة الى جانب أخيها عبد الرحمن !
                    ففي كامل ابن الأثير:3/351: (فقام مروان فيهم "في المسجد النبوي" وقال: إن أمير المؤمنين قد اختار لكم فلم يألُ ، وقد استخلف ابنه يزيد بعده . فقام عبد الرحمن بن أبي بكر فقال: كذبت والله يا مروان وكذب معاوية ! ما الخير أردتما لأمة محمد ولكنكم تريدون أن تجعلوها هرقلية ، كلما مات هرقل قام هرقل ! فقال مروان: هذا الذي أنزل الله فيه: وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا.. الآية ، فسمعت عائشة مقالته فقامت من وراء الحجاب وقالت: يا مروان يا مروان ! فأنصت الناس وأقبل مروان بوجهه فقالت: أنت القائل لعبد الرحمن إنه نزل فيه القرآن ! كذبت والله ما هو ولكنه فلان بن فلان ، ولكنك أنت فضضٌ من لعنة نبي الله ) ! انتهى.
                    وبهذا فتحت عائشة الحرب على مصراعيها مع معاوية ، بعد سنوات المداراة ! وصدرت عنها فيه أقوال شديدة ، لم ينقل التاريخ إلا يسيراً منها !
                    قال البلاذري في أنساب الأشراف/1159: (عن الهيثم بن عدي قال: دخل الحسن بن علي عليه السلام على معاوية ، فلما أخذ مجلسه قال معاوية: عجباً لعائشة تزعم أني في غير ما أنا أهله ، وأن الذي أصبحت فيه ليس لي بحق ، ما لها ولهذا يغفر الله لها ، إنما كان ينازعني في هذا الأمر أبوك ، وقد استأثر الله به) .
                    وفي مصنف ابن أبي شيبة:7/250: (عن الأسود قال قلت لعائشة: إن رجلاً من الطلقاء يبايع له يعني معاوية ! قالت: يا بني لاتعجب هو ملك الله يؤتيه من يشاء) ! انتهى. ولم تقل خلافة ، بل روي أنها شبهته بفرعون فقالت: (لاتعجب فإن فرعون قد ملك بني إسرائيل أربعمائة سنة والملك لله يعطيه البر والفاجر).(شرح الأخبار:2/159).
                    ولم تفصح مصادر الخلافة كيف توفيت عائشة ، لكن المؤشرات ورواية الأعمش وغيرها ، تذكر أن معاوية قتلها بعد قتل أخيها عبد الرحمن !
                    فقد نقل في الصراط المستقيم:3/47، تعليق الأعمش على قول معاوية: (ما قاتلتكم لتصلوا ولا لتصوموا ولا لتحجوا ولا لتزكوا، إنكم لتفعلون ذلك ، ولكني قاتلتكم لأتأمَّر عليكم وعلى رقابكم ، وقد أعطاني الله ذلك وأنتم له كارهون ! ألا وإني كنت منَّيت الحسن وأعطيته أشياء وجميعها تحت قدمي لاأفي بشئ منها له !
                    قال الأعمش رحمه الله هل رأيتم رجلاً أقل حياء منه؟ قتل سبعين ألفاً فيهم عمار ، وخزيمة ، وحجر ، وعمرو بن الحمق ، ومحمد بن أبي بكر ، والأشتر ، وأويس ، وابن صوحان ، وابن التيهان وعائشة ، وأبي حسان ، ثم يقول هذا؟ !). انتهى. فهذا تصريح من الأعمش بأن معاوية قتل عائشة !
                    وقال الحاكم:3/76، إنها قالت عند موتها: (الحمد لله الذي يحيي ويميت . إن في هذه لعبرة لي في عبد الرحمن بن أبي بكر ! رقد في مقيل له قاله ، فذهبوا يوقظونه فوجدوه قد مات ! فدخل نفس عائشة تهمة أن يكون صنع به شر ، أو عجل عليه فدفن وهو حي ! فرأت أنه عبرة لها ). (وشعب الإيمان:7/256، وتاريخ دمشق:35/38) . وهذا يعطي ضوءاً على ظروف سَمِّ عبد الرحمن وظروف موت عائشة !
                    قال البياضي العاملي في الصراط المستقيم:3/630، ونحوه في:3/45: (وقال صاحب المصالت: كان(معاوية) على المنبر يأخذ البيعة ليزيد(في المدينة) فقالت عائشة: هل استدعى الشيوخ لبنيهم البيعة؟ قال: لا . قالت: فبمن تقتدي؟ فخجل ، وهيأ لها حفرة فوقعت فيها وماتت). انتهى. ومعنى خجل معاوية أنه أفحم !
                    على أن معاوية لايحتاج لأن يحفر لها حفرة ويغطيها لتسقط فيها ، إلا أن يكون ذلك مساعداً لمجموعته المتخصصة في السم ، بإدارة طبيب يهودي !
                    كما لا نستبعد نقمة مروان الذي اصطدم بها وبأخيها عبد الرحمن بشدة وهددته بقولها: (يا مروان أفينا تتأول القرآن وإلينا تسوق اللعن ! والله لأقومن يوم الجمعة بك مقاماً تود أني لم أقمه) ! (الأغاني:17/375). لكن عائشة ماتت قبل أن تقف وتخطب يوم الجمعة ، كما مات أبي بن كعب يوم الأربعاء قبل أن يقوم يوم الجمعة ويفضح أهل الصحيفة والعقدة !
                    وفي الطبقات:8/78: (أن عبد الله بن الزبير دفن عائشة ليلاً ، قال محمد بن عمر: توفيت عائشة ليلة الثلاثاء لسبع عشرة مضت من شهر رمضان سنة ثمان وخمسين ودفنت من ليلتها بعد الوتر ، وهي يومئذ بنت ست وستين سنة...حمل معها جريدٌ ألقوا عليها الخرق وغمسوها في زيت ، وأشعلوا فيها ناراً فحملوها معها) . انتهى.
                    وإنما فعل ذلك ابن الزبير لأن والي المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان ، ابن أخ معاوية ،كان مسافراً (تاريخ خليفة بن خياط/170) فأسرع في دفنها قبل أن يرجع الوليد فيصلي عليها ، ويستفيد من جنازتها لمعاوية !
                    بل لعل معاوية نفسه كان في المدينة وكان ذلك اليوم خارجها ! فقد رووا أنه استنكر على ابن عمر بكاءه عليها ! كما في وفيات الأعيان:3/16، ونسخة نبيط/4: (ولما ماتت بكى عليها ابن عمر فبلغ ذلك معاوية فقال له: أتبكي على امرأة؟ فقال: إنما يبكي على أم المؤمنين بنوها ، وأما من ليس لها بابن فلا ) . انتهى. يقول له معاوية ، وما عائشة حتى تبكي عليها ؟ ! فيجيبه إنك يا معاوية من المنافقين ، ولست من المؤمنين لتبكي عليها ! ومهما يكن ، فالمتفق عليه عند الجميع أن عائشة ماتت وهي مغاضبة لمعاوية وليس لها إمام !
                    ونسألكم الدعاء...~

                    تعليق


                    • مقال رائع: الشيخ ياسر الحبيب رضي الله عنه وارضاه !!!

                      بسم الله الرحمن الرحيم
                      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                      اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف


                      مقال رائع: الشيخ ياسر الحبيب رضي الله عنه وارضاه !!!
                      بقلم: منسي الطيب ( كاتب سوداني - سني المذهب).

                      ليس من عادتي (كما يفعل الشيوخ) أن أترضى على أحدٍ مهما كان ، فمَن رضيَ الله عنه فقد رضى وانتهت الحكاية ولا تحتاج إلى روحه للقاضي ، ومَن لم يرضَ عنه فعساه لن يرضى عنه أبدا. ثم مَن أنا حتى أطلب من الله أن يرضى عن هذا الشخص وأن لا يرضى عن ذاك؟ خاصة وإن السلف الارهابي الطالح قد علمنا أن لا نترضى إلا على الطواغيت وأبناء البغايا فزرع فينا عقدة نفسية من الترضي والترحم على أحد من العربان ، لكنني في هذه المرّة كسرت قاعدة الترضّي وقعدت على تـلّها لأجدني وانا في كامل قواي العقلية أترضى ومن كل قلبي وأترحم من صميم فؤادي (إي والله) وأحيي الشيخ الجليل الشاب الفاضل المفضل ياسر الحبيب حفظه الله ورعاه وأحبه وأدناه ورضيَ عنه وأرضاه ، وذلك لسبب واحد لا ثاني ولا ثالث ولا رابع له:

                      ان هذا الشيخ الشاب لا يشبه بأي حال من الأحوال شيوخ الفضائيات ونجوم شاشتها الصغيرة المتطفلة ، والذين أصبحوا بقدرة قادر متخصصين في شتى مجالات العلوم والمعرفة وأسرار الكون ، ولم يَدَعوا شيئا إلا وقالوا كلمتهم فيه وأعلنوها لأتباعهم على شكل فتاوى معلبة تنبعث منها رائحة الجهل والتخلف والقذارة ، حتى صاروا في يوم من الأيام القليلة الماضية وفي أحد برامجهم الدينية المضحكة روّادا للفلك يفتون بحكم التيمم بتراب القمر وكيفية إقامة الصلاة على ذلك الكوكب! وكأنهم مسوينها خرّي مرّي أولاد النعل يوم صاعدين للقمر ويوم نازلين على المريخ وهم أصلا لا يؤمنون بكروية الأرض ويعتبرونها واقفة على قرن ثور ، ويكفرون كل من يقول بكرويتها ، وفتوى الشيخ الأعور ابن باز ما زالت شاهدة على ذلك.

                      ويوم تجدهم على نفس تلك الشاشات القبيحة وقد أصبحوا بين ليلة وضحاها أطباء بارعين في العمليات الجراحية التي يُخرجون في غرفها المغلقة وعلى الهواء مباشرة جنيّا مسكينا من فرج إمرأة مسكينة ، وقد كسروا خشمه وأدموا وجهه وهو يتحدث العربية باللهجة اليمنية ويشكر الشيخ الخليجي على إخراجه ذليلا صاغرا من ذلك الدهليز البنفسجي ، ثم يقر ويعترف هذا الجني المسكين تحت التعذيب انه قد دخل ذلك الفرج وهو ظالم لنفسه! وموقع اليوتوب يعج بهذه العمليات الجراحية لهؤلاء الشيوخ والتي تعتبر بحق الأولى من نوعها في عالم الجراحة الفرجية وكسر خشم الجن اليمني وإذلاله بهذه الطريقة الوهابية العربية العجيبة!

                      ويوم تجد نفس هؤلاء الشيوخ وقد أصبحوا خبراء عالميين في الرجيم والدايت وتخفيف الوزن وشفط الدهون المتكدسة على مؤخرات أتباعهم من الجهلة ، وذلك عن طريق لطع ومص أصابع اليد بعد الإنتهاء من ضربهم لصحون المفطـّح وصواني الكبسة! ويا ساتر استر حينما يكون تخفيف الوزن مقرونا بالمفطح ومصمصة الأصابع!

                      وكلها في كفة وأشكال هؤلاء الشيوخ النوابغ في كفةٍ أخرى ، وكأن بينهم وبين الوسامة عداوة قديمة لا يعلم تأريخها إلا الله والراسخون في العلم! ولست أدري من أين يأتوننا بهذه البعابع ليجعلوا منهم نجوما تلفزيونية للهداية ، لكننا ويا لسوء حظنا لا نهتدي من أشكالهم الذميمة إلا سبل التقؤ ومغص الأمعاء!

                      ولو توقف الأمر عند هذه المهزلة ، لهانت معها مهازل الأمة التي ضحكت من جهلها الأمم. فالإسلام العظيم عند هؤلاء الأخابنة لا يستقيم إلا بشتم الناس المختلفين عنهم مذهبيا وسبّهم على الهواء الطلق وتحقير معتقداتهم واهانة رموزهم الدينية ولعنهم وتكفيرهم على الملأ والدعاء عليهم أن يصيبهم الله بأمرض السرطان وتخثر الدماء في عروقهم. وكأن الله يعمل صبّاب قهوة في مضارب آل يعرب ، فالعن هذا يا الله ولا تلعن ذاك ، وانتقم من هذا ولا تنتقم من ذاك ، وارحم هؤلاء ولا ترحم أولئك ، واهدنا ولا تهدِ غيرنا ، وأدخلنا الجنة التي عرضها السماوات والأرض واغلق الباب خلفنا ولا تدخل أحدا معنا!

                      لقد صغر الله تعالى في عقول هؤلاء البدو فصغرت معه أمنياتهم وتطلعاتهم وتعاملهم مع الآخرين ونظرتهم إلى الأشياء ، فأصبحوا لا يرون الإيمان إلا دشداشة قصيرة ولحية طويلة وفما نتنا يزبد برذاذ الشتم واللعن والمسبة وتكفير الناس والتحريض على قتلهم.

                      وكل هذا الحقد والكراهية والإرهاب والطائفية والعنصرية وقتل الناس وإراقة دمائهم تتم باسم دين محمد بن عبد الله وعلى سنته النبوية الشريفة ، وكأن الله يخلق هذه الحثالات ومحمد بن عبد الله يبتلي. فالإرهابي الاردني المعروف بالزرقاوي حينما كان يصور عمليات ذبح الناس في العراق وقطع رؤوسهم بسكينته الحادة على الفضائيات كان أول ما يبتدأ به من كلام هو: "الحمد لله والصلاة والسلام على النبي الذباح القائل لقد جئتكم بشريعة الذبح". فالنبي الكريم الذي يصفه القرآن بأنه رحمة للعالمين لا يعتبره الإرهابيون إلا نبيا جاء لذبح الناس ، وهذا ما يفسر احتقارهم لأرواح الآخرين وتطاولهم على النفس البشرية في العراق وازهاقها بابشع صور القتل. وهذا النبي المظلوم القائل "ما أوذيَ نبيٌ مثلما أوذيت" ليس له قدسية ولا كرامة ولا احترام ولا تقدير في قلوب هؤلاء الإرهابيين وشيوخ الفتنة إلا إذا تعلق الأمر بشخص السيدة عائشة! أما غير ذلك فهم ليسوا معنيين بأمره. فلم نر لهم مظاهرة ولم نسمع لهم همسا ولم نقرأ لهم مقالة يطالبون فيها بقتل الناس في شوارعهم (كما يفعلون الآن) عندما أحرق مجموعة من الزعران قرآن المسلمين في أمريكا وبريطانيا وسحقوا رماد آياته بأقدامهم. لم نسمع لشيوخ البترول صوتا واحدا يشجب الرسوم الدنماركية المسيئة للرسول ، ولم نقرأ لهم كلمة واحدة تستنكر رواية سلمان رشدي الإباحية (وهو مسلم سني) وهتكه لستر السيدة عائشة في تلك الرواية وتصويرها بأفحش ما لصور الإباحة من معنى. بل على العكس فقد شنّعوا على فتوى الإمام الخميني ضد سلمان رشدي واستنكروها واعتبروها تضخيما ودعاية إعلامية لكاتب مغمور! فلماذا لم يتعاملوا بنفس هذه الأريحية والحكمة مع قضية الشيخ ياسر الحبيب؟ علما ان هذا الشيخ الشاب لم يتجاوز على عرض أحدٍ كما يروّج ويشيع أصحاب الفتن بقدر ما تجاوز على خطوط الإرهاب الحمراء وذلك بفتح الدفاتر العتيقة لأصحاب هذه الخطوط وقراءتها على مسامع الناس بصوت عالي وهو يعلم علم اليقين ان القراءة بصوت عالي في بلدان هياف الهداني وبطيحان تستوجب قص اللسان. كما ان هذا الشيخ لم يأتِ بشيء جديد في قراءته للكتب التأريخية المقدسة ، فكل ما اقترفه هو انه رفع صوته متمردا بالقراءة وقال هذه رموزكم المقدسة وهذه كتبكم الدينية والتأريخية ، اقرأوها يا مسلمين واطلعوا على ما فيها من ارهاب واجرام وسفك دماء ولا تخافوا فأما انا مجنون وأما أنتم مجانين!!! فلم يرد عليه أحد في ساعتها بغير اللعن والشتائم وإرسال الأوامر المستعجلة إلى الله أن يعاقبه ويدخله النار بأسرع وقت. كما ان انتفاضة هذا الشيخ (كما احب ان اسميها) على الرموز الإرهابية منشورة بالصوت والصورة على الانترنت منذ زمن بعيد وان احدث تسجيل له على اليوتوب كان منذ عام 2008. فما الذي استجد في الموضوع؟ ومن الذي اثار هذه الزوبعة الآن؟ وهل هي مشكلة تستحق كل هذا التباكي الكاذب والنواح والولولة؟

                      المشكلة الحقيقية بدأت عندما بدأ هذا الشيخ الثائر بالتظاهر من بريطانيا ضد مملكة آل سعود واتهامها بالارهاب وتشويه سمعة الاسلام والمسلمين ، واستمر بالمظاهرات والمطالبة باسقاط حكومتهم ، حتى انه صار يطارد افراد العائلة السعودية الحاكمة وسفرائها في بريطانيا من وكر الى وكر مطاردة الكلاب وفي يديه وايدي اتباعه من الحجر ما يكفي لرجم عائلة ال سعود باكملها. لهذا السبب فقط وليس لأي سبب آخر انتفض شارب الحاكم العربي فاهتزت معه لحايا شيوخ الرضاعة وبدأت الفضائيات الخليجية الجاهزة للتشويش بالبكاء والنياحة على شرف السيدة عائشة زوج الرسول وعرضه ، متجاهلين ان للرسول الكريم اثنتا عشر زوجة غير السيد عائشة لم يتجرأ أحد في العالمين على ذكرهن بسوء. فلماذا كل هذا التركيز ولفت الإنتباه إلى السيدة عائشة دون سواها من أمهات المؤمنين؟ ما الذي يميزها عن غيرها؟ لماذا كل هذه الأضواء المسلطة من قبل علماء السلطان على السيدة عائشة فقط بأنها أم المؤمنين وقديسة وصدّيقة ومنزّهة واشرف الخلق ومعصومة وأفضل من السيدة مريم وان الله معجب بها كثيرا وجبريل يغازلها وميكائيل يتمثل بصورتها وعزائيل يستحي منها أن يقبض روحها وغيرها من صفات التقديس وهي واحدة من زوجات الرسول الكثيرات اللواتي لا يذكرهن الشيوخ كما يذكرون السيدة عائشة؟

                      أين السيدة خديجة السيدة الطاهرة الأولى في الإسلام والتي لولا تضحياتها لما انتصر الإسلام وأصبح هؤلاء المناكيد المتكلمين الرسميين باسمه؟ أين السيدة أم سلمة التي أفنت حياتها تبكي على الحسين؟ هل كانت رافضية؟ هل كانت مشركة بالله ولا تعرف أن البكاء على الميتين حرام كما يدعي الشيوخ؟ لماذا لا يذكرونها ولو بحديث واحد؟ ألم تعاشر الرسول كما عاشرته السيدة عائشة؟ أين السيدة ماريا القبطية التي اتـُهِمتْ بالإفك وبرأها الله في كتابه؟ لماذا كل هذا التركيز فقط على السيدة عائشة؟ هل لأنها بكل هذه المواصفات والمزايا؟ أم ان في الأمر ضميرا مستترا لا يُظهره ويُجهر في إعرابه إلا أمثال الشيخ ياسر الحبيب؟

                      ثم إذا كان شيوخ الفتنة وأتباعهم لديهم كل هذه الغيرة والحمية على شرف الرسول الكريم وعرضه ، فلماذا لا يتبرأون من الذين أبادوا ذرية الرسول عن بكرة أبيهم وسَبوا بنات الرسول وحفيداته وراحوا يطوفون بهن من بلدٍ إلى بلد؟ لماذا نراهم يترضون ويترحمون على قتلة آل بيت الرسول ويعتبرونهم أمراء المؤمنين وأولياء المسلمين؟ لماذا عندما يشتمون الشيعة يسمونهم بأبناء الزينبيات نسبة إلى السيدة زينب؟ وهذه الشتيمة أصبحت شائعة جدا اليوم حتى شيوخ الفضائيات ونجومها لا يتورعون عن التلفظ بها؟ ألم تكن السيدة زينب حفيدة الرسول وهي بالتالي شرفه وعرضه؟ لا أدري كم رسول لدى المسلمين؟ وكم زينب لديهم وعائشة؟ لكن الذي أدركه جيدا هو ان لكل فعل ردة فعل ، وردود أفعال من انتسبوا إلى هذا الدين ومن الطرفين لا تقع إلا على رؤوس المسلمين جميعا.

                      فحينما يرى شخص مثل ياسر الحبيب أبناء طائفته في العراق يُقتلون ويُشردون ويُذبحون كالنعاج وتهدم على رؤوسهم أضرحتهم ومراقدهم المقدسة ، ثم بعد ذلك يأتي الإعلام العربي المغرض بكل شبكاته الفضائية والعنكبوتية والورقية ليزيف الحقائق ويقلب الواقع ليجعل من المقتول قاتلا ومن المظلوم ظالما ومن الوطني خائنا ومن العراقيين الشيعة شيعة وصفويين ومجوس وأبناء متعة وزرادشتية. ووالله لو ان ربع الظلم الذي وقع على شيعة العراق قد وقع على أبناء طائفة أخرى غيرهم لأحرقوا الدنيا بما فيها بردود افعالهم الإنتقامية ، لكن مذهب التشيع والقائم اساسا على الإقتداء والتأسي بالرسول الكريم وبأئمة آل البيت من بعده والذين هم رمز للمظلومية والإضطهاد هو ما يمنع الشيعة من ارتكاب ما يفعله غيرهم بحقهم ، وكأنهم يستأنسون بالظلم الواقع عليهم ويعتبرونه اقتداء وتأسي بأئمة آل البيت ومشاركة ومواساة للنبي وآل بيته المظلومين في مصائبهم ، وكأن لسان حال الشيعة يقول: اللهم اجعلنا مظلومين ولا تجعلنا ظالمين.

                      فياسر الحبيب إذن لم يأتِ من فراغ ، ولم يكن لصوته المتمرد ان يعلو بهذا الشكل لولا أن أصوات غيره قد علت بالتكفير وتفجير السيارات وإزهاق النفوس البريئة. ولو كان احد غير الشيخ ياسر لرد على هؤلاء بنفس سياراتهم المفخخة ونفس إعلامهم المغرض ولجعل اشلاء الناس تتناثر في أكثر من عاصمة عربية كما هو الحال في عاصمة العراق والتي تنفجر فيها كل يوم أكثر من سيارة عربية مفخخة لا تحصد إلا أرواح الشيعة الفقراء.

                      ولهذا نرى ان الشيخ ياسر لا يشبه هؤلاء الشيوخ الوحوش بأي حال من الأحوال .. فهو رجل مسالم لا يؤمن بالعنف ولا يدعو للإرهاب ولا يفتي بقتل الناس وذبح المخالفين له وسفك دمائهم ، وإن كل ما لدى هذا الشيخ هو الصوت العالي والحجة والدليل والثورة على الحاكم الظالم وعلى كل رموز الإرهاب. فردّوا عليه يا وعاظ السلاطين ان استطعتم بغير اسقاط الجنسية وفتاوى القتل وكونوا متحضرين ولو لمرة واحدة.

                      ولأن هذا الشيخ قد آمن بثقافة وحرية التعبير والتزم بها ولم يؤمن بثقافة الذبح والتفجير ولم يلجأ إلى أساليب العنف في ردود أفعاله ، فقد نال اعجابنا واستحق تقديرنا ، وبالتالي لا يسعنا إلا ان نقول "رضي الله تعالى عنه وارضاه". وهذه العبارة هي ليست بالضرورة تعبيرا عن مشاعر الرضا عن هذا الشخص أو ذاك بقدر ما هي إشعار لأولئك الذين يترحمون ويترضون على قتلة أبناء الشعب العراقي ويعتبرونهم شهداء أمة وشهداء حج أكبر ويبنون لهم التماثيل ويرفعون لهم الصور نكاية بنا وبجراحاتنا النازفة. فنقول لهم: مثلما تترحمون وتترضون على أولئك القتلة والطواغيت ، سنترحم ونترضى من الآن وصاعدا على كل مَن يهينكم ويذلكم ويستصغر قدركم ويعريكم ويفضحكم أمام العالمين. وقد قالوها قديما ان البادئ بالظلم أظلم.

                      ونسألكم الدعاء...~

                      تعليق


                      • هل رضي الله عن بعض المبايعين تحت الشجرة في بيعة الرضوان؟

                        بسم الله الرحمن الرحيم
                        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                        اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
                        ”لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْـزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا“.
                        هل رضي الله عن بعض المبايعين تحت الشجرة في بيعة الرضوان؟
                        ليس كل تعبير ورد في القرآن الحكيم بصيغة (الذين آمنوا) أو (المؤمنين) يكون المقصود به أنهم آمنوا حقاً وصدقاً، بل في كثير من الأحيان يكون المقصود به (الذين ادّعوا الإيمان)، لذا تجد الله تعالى يقول في كتابه: ”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ“ (النساء: 137) أي: يا أيها الذين ادّعوا الإيمان آمنوا حقا بالله ورسوله.
                        وفي المقام فإنه تعالى قال: ”لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْـزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا“. (الفتح: 19) فتعلّق الرضى بالمبايعة تحت الشجرة بشروطها، فمن آمن حقاً وصدق عليه اسم (المؤمن) كان مرضيا عنه، أما من كان مدّعيا للإيمان فحسب ونكث فإنه يكون مذموماً، ولذا فإنه سبحانه قال: ”إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا“ (الفتح: 11).
                        فعلمنا بهذا بأن هناك من يمكن أن ينكث البيعة، فينتفي عنه الرضى ويكون ذلك دلالة على عدم إيمانه الحقيقي. وقد ثبت أن أبا بكر وعمر وعثمان (عليهم لعائن الله) كانوا ممن نكث، لأن شرط البيعة كان هو عدم الفرار، وهو ما رواه مسلم عن عن جابر قال: ”كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمئة فبايعناه، وعمر آخذ بيده تحت الشجرة، وهي سمرة، وقال: بايعناه على أن لا نفرّ، ولم نبايعه على الموت“. (صحيح مسلم ج6 ص25).
                        وروى ابن أبي شيبة عن الحكم بن عتيبة قال: ”لما فرّ الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين جعل النبي يقول: أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب، فلم يبقَ معه إلا أربعة! ثلاثة من بني هاشم ورجلٌ من غيرهم: علي بن أبي طالب، والعباس، وهما بين يديه، وأبو سفيان بن الحارث آخذ بالعنان، وابن مسعود من جانبه الأيسر“. (مصنف ابن أبي شيبة ج7 ص417).
                        وبهذا عرفنا بأن أبا بكر وعمر وعثمان كانوا من الفرّارين، حيث لم يثبتوا مع هؤلاء الأربعة في غزوة حنين، فخرقوا بذلك شرط البيعة ونكثوها، فكان ذلك دلالة على عدم إيمانهم الواقعي وأنهم باءوا بغضب من الله ومأواهم جهنم وبئس المصير، وذلك لأن الله سبحانه يقول: ”وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ“. (الأنفال: 17).
                        ونسألكم الدعاء...~

                        تعليق


                        • مَن هم الخلفاء الاثنا عشر عند أهل السنة ؟

                          بسم الله الرحمن الرحيم
                          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                          اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                          مَن هم الخلفاء الاثنا عشر عند أهل السنة ؟


                          بقلم الشيخ علي آل محسن.

                          تمهيد:

                          لقد جاءت الأحاديث الصحيحة مبشِّرة باثني عشر خليفة من قريش، لا يزيدون ولا ينقصون، عددهم كعدد نقباء بني إسرائيل، يكون الإسلام بهم قائماً عزيزاً منيعاً ظاهراً على مَن ناواه، ويكون الأمر بهم صالحاً، وأمر الناس بهم ماضياً...

                          ومع استفاضة تلك الأحاديث ووضوحها إلا أن علماء أهل السنة تحيَّروا في معرفة هؤلاء الخلفاء، ولم يهتدوا في هذه المسألة إلى شيء صحيح، فجاءت أقوالهم ـ على كثرتها ـ واهية ركيكة ضعيفة كما سيتضح قريباً إن شاء الله تعالى.


                          طرق حديث الخلفاء الاثني عشر:

                          1ـ أخرج البخاري وأحمد والبيهقي وغيرهم عن جابر بن سمرة، قال: سمعت النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) يقول: يكون اثنا عشر أميراً، فقال كلمة لم أسمعها، فقال أبي: إنه قال: كلهم من قريش(1).

                          قال البغوي: هذا حديث متّفق على صحّته(2).

                          2ـ وأخرج مسلم عن جابر بن سمرة قال: دخلت مع أبي على النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم)، فسمعته يقول: إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة. قال: ثم تكلم بكلام خفي عليَّ. قال: فقلت لأبي: ما قال؟ قال: كلهم من قريش(3).

                          3 ـ وأخرج مسلم أيضاً ـ واللفظ له ـ وأحمد عن جابر بن سمرة، قال: سمعت النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) يقول: لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلاً. ثم تكلم النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) بكلمة خفيت عليَّ، فسألت أبي: ماذا قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم)؟ فقال: كلهم من قريش(4).

                          4 ـ وأخرج مسلم أيضاً وأحمد والطيالسي وابن حبان والخطيب التبريزي وغيرهم عن جابر بن سمرة، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) يقول: لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة. ثم قال كلمة لم أفهمها، فقلت لأبي: ما قال؟ فقال: كلهم من قريش(5).

                          5 ـ وأخرج مسلم ـ واللفظ له ـ وأحمد وابن حبان عن جابر بن سمرة، قال: انطلقت إلى رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) ومعي أبي، فسمعته يقول: لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً إلى اثني عشر خليفة. فقال كلمة صَمَّنيها الناس، فقلت لأبي: ما قال؟ قال: كلهم من قريش(6).

                          6 ـ وأخرج مسلم ـ واللفظ له ـ وأحمد عن جابر بن سمرة، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) يوم جمعة عشية رجم الأسلمي يقول: لا يزال الدين قائماً حتى تقوم الساعة، أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة، كلهم من قريش...(7).

                          7 ـ وأخرج الترمذي وأحمد عن جابر بن سمرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم): يكون من بعدي اثنا عشر أميراً. ثم تكلم بشيء لم أفهمه، فسألت الذي يليني، فقال: قال: كلهم من قريش(8).

                          8 ـ وأخرج أبو داود حديث الخلفاء الاثني عشر بثلاثة طرق صحيحة(9).

                          قال في أحدها: سمعت رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) يقول: لا يزال هذا الدين قائماً حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة، كلهم تجتمع عليه الأمة. فسمعت كلاماً من النبي لم أفهمه، قلت لأبي: ما يقول؟ قال: كلهم من قريش(10).

                          وقال في آخر: سمعت رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) يقول: لا يزال هذا الدين عزيزاً إلى اثني عشر خليفة. قال: فكبَّر الناس وضجّوا، ثم قال كلمة خفية. قلت لأبي: يا أبه، ما قال؟ قال: كلهم من قريش(11).

                          5 ـ وأخرج أحمد ـ واللفظ لغيره ـ، والحاكم في المستدرك، والهيثمي في مجمع الزوائد عن الطبراني في الأوسط والكبير والبزَّار، أن النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) قال: لا يزال أمر أمتي صالحاً حتى يمضي اثنا عشر خليفة. وخفض بها صوته، فقلت لعمي وكان أمامي: ما قال يا عم؟ قال: كلهم من قريش(12).

                          6 ـ وأخرج أحمد في المسند، والهيثمي في مجمع الزوائد، وابن حجر في المطالب العالية، والبوصيري في مختصر الإتحاف، عن مسروق، قال: جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود، فقال: هل حدَّثكم نبيَّكم كم يكون بعده من الخلفاء؟ قال: نعم، وما سألني عنها أحد قبلك وإنك لمن أحدث القوم سنًّا.

                          قال: يكونون عدّة نقباء موسى، اثني عشر نقيباً(13).

                          7 ـ وأخرج أحمد وأبو نعيم والبغوي عن جابر بن سمرة، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) يقول: يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش...(14).

                          8 ـ وأخرج أحمد بن حنبل في المسند ـ واللفظ له ـ، والحاكم النيسابوري في المستدرك عن جابر بن سمرة، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) يقول في حجّة الوداع: لا يزال هذا الدين ظاهراً على من ناواه، لا يضرّه مخالف ولا مفارق، حتى يمضي من أمتي اثنا عشر أميراً، كلهم. ثم خفي من قول رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم)، قال: يقول: كلهم من قريش(15).

                          إلى غير ذلك مما لا يحصى كثرة(16).


                          مَن هم الخلفاء الاثنا عشر؟

                          لقد حاول علماء أهل السنة كشف المراد بالخلفاء الاثني عشر في الأحاديث السابقة، بما يتَّفق مع مذهبهم، ويلتئم مع معتقدهم، فذهبوا ذات اليمين وذات الشمال لا يهتدون إلى شيء.

                          وحاولوا جاهدين أن يصرفوا هذه الأحاديث عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، ويجعلونها في غيرهم ممن لا تنطبق عليهم الأوصاف الواردة فيها، فتاهوا وتحيَّروا، حتى ذهبوا إلى مذاهب عجيبة، وصدرت منهم أقوال غريبة، وأقرَّ بعضهم بالعجز، واعترف بعضهم بعدم وضوح معنى لهذه الأحاديث تركن إليه النفس.

                          قال ابن الجوزي في كشف المشكل: هذا الحديث قد أطلتُ البحث عنه، وتطلَّبتُ مظانّه، وسألتُ عنه، فما رأيت أحداً وقع على المقصود به...(17).

                          وقال ابن بطال عن المهلب: لم ألقَ أحداً يقطع في هذا الحديث ـ يعني بشيء معين(18).


                          اختلاف أهل السنة في الخلفاء الاثني عشر:

                          لقد كثرت أقوالهم في هذه المسألة، واختلفت آراؤهم اختلافاً عظيماً، وتضاربت تضارباً شديداً، ومع كثرة تلك الأقوال لا تجد فيها قولاً خالياً من الخدش والخلل، وأهم ما عثرت عليه من أقوالهم في هذه المسألة ثمانية أقوال، وإليك بيانها، وبيان ما فيها:


                          1 ـ رأي القاضي عياض والحافظ البيهقي:

                          قال القاضي عياض(19): لعل المراد بالاثني عشر في هذه الأحاديث وما شابهها أنهم يكونون في مدة عزَّة الخلافة وقوة الإسلام واستقامة أموره، والاجتماع على مَن يقوم بالخلافة، وقد وُجد فيمن اجتمع عليه الناس، إلى أن اضطرب أمر بني أمية، ووقعت بينهم الفتنة زمن الوليد بن يزيد، فاتصلت بينهم إلى أن قامت الدولة العباسية، فاستأصلوا أمرهم(20).

                          قال ابن حجر العسقلاني: كلام القاضي عياض أحسن ما قيل في الحديث وأرجحه، لتأييده بقوله في بعض طرق الحديث الصحيحة: ( كلّهم يجتمع عليه الناس)، وإيضاح ذلك أن المراد بالاجتماع انقيادهم لبيعته، والذي وقع أن الناس اجتمعوا على أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، إلى أن وقع أمر الحَكَمين في صفِّين، فتسمَّى معاوية يومئذ بالخلافة، ثم اجتمع الناس على معاوية عند صلح الحسن، ثم اجتمعوا على ولده يزيد، ولم ينتظم للحسين أمر، بل قُتل قبل ذلك، ثم لما مات يزيد وقع الاختلاف إلى أن اجتمعوا على عبد الملك بن مروان بعد قتل ابن الزبير، ثم اجتمعوا على أولاده الأربعة: الوليد ثم سليمان ثم يزيد ثم هشام، وتخلل بين سليمان ويزيد: عمرُ بن عبد العزيز، فهؤلاء سبعة بعد الخلفاء الراشدين، والثاني عشر هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك، اجتمع الناس عليه لما مات عمّه هشام، فولي نحو أربع سنين، ثم قاموا عليه فقتلوه، وانتشرت الفتن وتغيرت الأحوال من يومئذ، ولم يتفق أن يجتمع الناس على خليفة بعد ذلك...(21).

                          وهذا هو قول البيهقي(22) أيضاً في دلائل النبوة، حيث قال بعد أن ساق بعضاً من الأحاديث السابقة: وقد وُجد هذا العدد بالصفة المذكورة إلى وقت الوليد بن يزيد بن عبد الملك، ثم وقع الهرج والفتنة العظيمة كما أخبر في هذه الرواية، ثم ظهر ملك العباسية...(23).

                          ثم قال: والمراد بإقامة الدين ـ والله أعلم ـ إقامة معالمه وإن كان بعضهم يتعاطى بعد ذلك ما لا يحل(24).

                          أقـول:

                          1 ـ يرُدّ هذا القول وسائر أقوالهم ما رواه القوم عن سفينة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: الخلافة ثلاثون سنة، ثم تكون بعد ذلك ملكاً(25).

                          ولأجل هذا صرَّحوا بأن الخلافة عندهم منحصرة في أربعة: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي استناداً إلى هذا الحديث، أو خمسة بضميمة عمر بن عبد العزيز(26)، فكيف صار غير هؤلاء خلفاء مع أن الحديث نصَّ على أن ما بعد ثلاثين سنة لا تكون خلافة، بل يكون ملك.

                          وفي سنن الترمذي: قال سعيد: فقلت له (أي لسفينة راوي الحديث): إن بني أمية يزعمون أن الخلافة فيهم. قال: كذبوا بنو الزرقاء، بل هم ملوك من شر الملوك.

                          وفي سنن أبي داود: قلت لسفينة: إن هؤلاء يزعمون أن علياً لم يكن بخليفة. قال: كذبت أستاه بني الزرقاء ـ يعني بني مروان(27).

                          وقال القاضي عياض وغيره في الجمع بين حديث سفينة وحديث الخلفاء الاثني عشر: إنه أراد في حديث سفينة خلافة النبوة، ولم يقيّده في حديث جابر ابن سمرة بذلك(28).

                          وقال الألباني: وهذا جمع قوي، ويؤيّده لفظ أبي داود: ( خلافة النبوة ثلاثون سنة )، فلا ينافي مجيء خلفاء آخرين من بعدهم، لأنهم ليسوا خلفاء النبوة، فهؤلاء هم المعنيون في الحديث لا غيرهم، كما هو واضح(29).

                          ويردّه: أن خلافة النبوة هذه لم يذكر لها علماء أهل السنة معنى واضحاً، واختلفوا في بيان المراد منها، فمنهم من قال بأن خلافة النبوة هي التي لا طلب فيها للملك ولا منازعة فيها لأحد(30). فعليه تخرج خلافة أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) عن كونها خلافة نبوة، لمنازعة أهل الجمل وأهل النهروان ومعاوية وأهل الشام له(31)، مع أنهم ذكروا أن خلافته (عليه السلام) خلافة نبوة. وهذا تهافت واضح.

                          ومنهم مَن ذكر أن خلافة النبوة إنما تكون لمن عملوا بالسُّنَّة، فإذا خالفوا السنّة وبدّلوا السيرة فهم ملوك وإن تسمّوا بالخلفاء(32).

                          وعليه تكون خلافة النبوة أكثر من ثلاثين سنة، لاتفاقهم على أن عمر بن عبد العزيز كان يعمل بالسنّة، ولعدّهم إياه من الخلفاء الراشدين، مع أنهم لم يذكروه من ضمن مَن كانت خلافتهم خلافة نبوة.

                          ومنهم من قال: إن المراد بالخلافة في حديث سفينة هي الخلافة الحقَّة أو المرضية لله ورسوله، أو الكاملة، أو المتصلة(33).

                          تعليق


                          • وعليه فتكون خلافة النبوة هي خلافة أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) وابنه الحسن (عليه السلام) فقط دون غيرهما.

                            ولو سلَّمنا أن خلافة الأربعة كانت مرضيّة لله ورسوله أو كاملة أو غير ذلك فلا بد أن يُضاف إليها عندهم خلافة عمر بن عبد العزيز، فتكون خلافة النبوة حينئذ أكثر من ثلاثين سنة.

                            والصحيح أن يقال في هذا الحديث على تقدير صحَّته: إن خلافة النبوة لا يمكن أن يراد بها إلا الخلافة التي كانت بنصّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فمَن استخلفه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على الأمة فهو خليفة النبي، وخلافته هي خلافة النبوة، ومَن لم يستخلفه واستخلفه الناس فهو خليفتهم، والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) استخلف عليّاً (عليه السلام).

                            وعليه يكون معنى حديث سفينة: إن خلافة النبوة ـ وهي خلافة علي بن أبي طالب (عليه السلام) ـ تستمر إلى ثلاثين سنة، ثم يتولى أمور المسلمين الملوك. وعدم تمكّن أمير المؤمنين (عليه السلام) من تولي أمور المسلمين، أو عدم اتّباع الناس له إلا النفر القليل لا يسلب عنه الخلافة بعد حكم الشارع المقدس بها ونصّه عليها، وهذا له نظائر كثيرة في الأصول والفروع لا تخفى(34).

                            وأما حديث الخلفاء الاثني عشر فهو بيان لعدد أئمة الهدى وخلفاء الحق وسادة الخلق المنصوبين من الله سبحانه، الذين لا يضرهم من ناواهم، ويكون الإسلام بهم عزيزاً، وبذلك يتّضح ألا منافاة بين الحديثين بهذين المعنيين.

                            2 ـ إن أكثر مَن ذكرهم لم يجتمع عليه الناس، فإن عثمان وإن تمَّت له البيعة واجتماع الناس في أول خلافته، إلا أن الأمور انتقضت عليه بعد ذلك حتى قتله الناس، وأما علي بن أبي طالب (عليه السلام) فلم يجتمع عليه الناس من أول يوم في خلافته، وذلك لأن أهل الشام لم يبايعوه، وهم كثيرون، وخرج عليه طلحة والزبير وعائشة، فحاربهم في البصرة، ثم خرج عليه الخوارج فحاربهم في النهروان... وكل ذلك كان في أقل من خمس سنين.

                            قال ابن أبي العز الحنفي في شرح العقيدة الطحاوية: علي رضي الله عنه... لم يجتمع الناس في زمانه، بل كانوا مختلفين، لم ينتظم فيه خلافة النبوة ولا الملك(35).

                            فعلى ذلك لا يكون علي (عليه السلام) من هؤلاء الخلفاء عندهم.

                            وأما يزيد بن معاوية فلم يبايعه الحسين بن علي (عليه السلام) وأهل بيته حتى قُتلوا في كربلاء، وخرج عليه أهل المدينة، وأخرجوا منها عامله وسائر بني أمية، فوقعت بينهم وبينه وقعة الحرة، وخرج عليه ابن الزبير في مكة واستولى عليها... فأي اجتماع حصل له !!؟.

                            3 ـ أن معاوية ومن جاء بعده من ملوك بني أمية وغيرهم لم يجتمع عليهم الناس، بل كانوا متغلِّبين على الأمَّة بالقوة والقهر، ومن الواضح أن هناك فرقاً بيِّناً بين اجتماع الناس على شيء وجمعهم عليه، فإن الاجتماع مأخوذ في معناه اختيار المجتمعين، وأما الجمع فمأخوذ فيه عدم الاختيار، والذي حصل لبني أمية هو الثاني، والمذكور في الحديث هو الأول، وهذا واضح معلوم لمن نظر في تاريخ بني أمية وسيرتهم في الناس.

                            وقد روي فيما يدلِّل ذلك الكثير، ومنه ما روي عن سعيد بن سويد، قال: صلى بنا معاوية بالنخيلة ـ يعني خارج الكوفة ـ الجمعة في الضحى، ثم خطبنا فقال: ما قاتلتكم لتصوموا ولا لتصلّوا ولا لتحجّوا ولا لتزكّوا، قد عرفت أنكم تفعلون ذلك، ولكن إنما قاتلتكم لأ تأمَّر عليكم، فقد أعطاني الله ذلك وأنتم كارهون(36).

                            4 ـ أن الخلفاء حسبما ذكر في كلامه يكونون ثلاثة عشر لا اثني عشر، وهم:

                            1 ـ أبو بكر. 2 ـ عمر. 3 ـ عثمان. 4 ـ الإمام علي (عليه السلام). 5 ـ معاوية. 6 ـ يزيد بن معاوية . 7 ـ عبد الملك. 8 ـ الوليد. 9 ـ سليمان . 10 ـ عمر بن عبد العزيز. 11 ـ يزيد بن عبد الملك. 12 ـ هشام بن عبد الملك . 13 ـ الوليد بن يزيد.

                            قال ابن كثير: إن الخلفاء إلى زمن الوليد بن اليزيد أكثر من اثني عشر على كل تقدير(37).


                            2 ـ رأي ابن حجر العسقلاني:

                            قال ابن حجر العسقلاني: الأَولى أن يحمل قوله: (يكون بعدي اثنا عشر خليفة) على حقيقة البَعْدية، فإن جميع من ولي الخلافة مِن الصدِّيق إلى عمر ابن عبد العزيز أربعة عشر نفساً، منهم اثنان لم تصح ولايتهما ولم تطل مدَّتهما، وهما معاوية بن يزيد، ومروان بن الحكم، والباقون اثنا عشر نفساً على الولاء كما أخبر (صلى الله عليه [وآله] وسلم).

                            إلى أن قال: ولا يقدح في ذلك قوله: ( يجتمع عليه الناس )، لأنه يُحمَل على الأكثر الأغلب، لأن هذه الصفة لم تفقد إلا في الحسن بن علي وعبد الله بن الزبير مع صحة ولايتهما، والحُكم بأن مَن خالفهما لم يثبت استحقاقه إلا بعد تسليم الحسن، وبعد قتل ابن الزبير، والله أعلم(38).

                            أقـول: على هذا القول يكون الخلفاء الاثنا عشر هم:

                            1 ـ أبو بكر. 2 ـ عمر. 3 ـ عثمان. 4 ـ الإمام علي (عليه السلام). 5 ـ الإمام الحسن (عليه السلام). 6 ـ معاوية. 7 ـ يزيد بن معاوية. 8 ـ عبد الله بن الزبير. 9 ـ عبد الملك. 10 ـ الوليد. 11 ـ سليمان. 12 ـ عمر بن عبد العزيز.

                            وقوله: (يجتمع عليه الناس) محمول على الأكثر الأغلب، يردّه أن مجيء التأكيد بـ (كل) في قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (كلّهم يجتمع عليه الناس) الدال بالنصّ على العموم يقدح في هذا القول.

                            هذا مع أن الصفة المذكورة ـ وهي اجتماع الناس ـ فُقدت في غير الحسن (عليه السلام) وابن الزبير كما مر آنفاً.

                            وقوله: (إن معاوية بن يزيد ومروان بن الحكم لم تصح ولايتهما) يردّه أن يزيد بن معاوية إن كانت ولايته صحيحة كما قال، فنص يزيد على ابنه من بعده يصحِّح ولايته بلا ريب ولا شبهة وإن لم تطل مدّته. وإن كان التغلّب على أمور المسلمين يصحّح خلافة معاوية، فتغلّب مروان بعد ذلك مصحِّح لخلافته.

                            ثم إن جعله طول الولاية دليلاً على صحَّتها واعتبارها لا يمكن التسليم به، فإنه لم يقل به أحد، هذا مع أنه اعتبر ولاية الإمام الحسن (عليه السلام) التي دامت ستة أشهر، ولم يعتبر ولاية مروان بن الحكم التي دامت نفس المدة.

                            ومن الغريب أنه زعم أن عبد الملك بن مروان لم يثبت استحقاقه للخلافة إلا بعد قيامه على الخليفة الحق عنده آنذاك وهو عبد الله بن الزبير وقتله.

                            والذي يظهر من كلام ابن حجر أنه يرى أن كل أولئك الحكَّام كانوا متأهِّلين للخلافة مستحقّين لها، مع أن يزيد بن معاوية مثلاً لا يختلف المنصفون في عدم أهليته للخلافة وعدم استحقاقه لها، لأنه تولَّى ثلاث سنين: السنة الأولى قتل فيها الحسين (عليه السلام)، والسنة الثانية أباح فيها المدينة، والسنة الثالثة هدم فيها الكعبة... فكيف يكون من الخلفاء الذين يكون الإسلام بهم عزيزاً منيعاً قائماً؟!.


                            3 ـ قول ابن أبي العز شارح العقيدة الطحاوية:

                            قال ابن أبي العز الحنفي(39): والاثنا عشر: الخلفاء الراشدون الأربعة، ومعاوية وابنه يزيد، وعبد الملك بن مروان وأولاده الأربعة، وبينهم عمر بن عبد العزيز ثم أخذ الأمر في الانحلال، وعند الرافضة أن أمر الأمَّة لم يزل في أيام هؤلاء فاسداً منغَّصاً، يتولّى عليه الظالمون المعتدون، بل المنافقون الكافرون، وأهل الحق أذل من اليهود. وقولهم ظاهر البطلان، بل لم يزل الإسلام عزيزاً في ازدياد في أيام هؤلاء الاثني عشر(40).

                            أقول: الخلفاء الاثنا عشر على هذا القول هم:

                            1 ـ أبو بكر. 2 ـ عمر. 3 ـ عثمان. 4 ـ الإمام علي (عليه السلام). 5 ـ معاوية. 6 ـ يزيد بن معاوية. 7 ـ عبد الملك. 8 ـ الوليد. 9 ـ سليمان. 10 ـ عمر بن عبد العزيز. 11 ـ يزيد بن عبد الملك. 12 ـ هشام بن عبد الملك.

                            ويَرِد عليه ما قلناه في خلافة معاوية بن يزيد، وخلافة مروان بن الحكم، فراجعه.

                            ثم إن كل مَن نظر في تاريخ المسلمين يعلم أن الأمة لا تزال في ذلّ وهوان في زمن أكثر هؤلاء الخلفاء، وأقوال علماء أهل السنة تشهد بذلك وتصرح به، ولو لم يكن في زمانهم إلا قتل الحسين (عليه السلام) لكفى، كيف وقد أعلن بنو أمية سب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) على المنابر قرابة ستين سنة، وضُرِبت الكعبة حتى تهدّمت حيطانها، وأبيحت المدينة ثلاثة أيام، فوقع فيها من المخازي ما يندى له جبين التاريخ.

                            فإنهم كانوا يقتلون كل من وجدوه من الناس، وكانوا يسلبون كل ما وقع تحت أيديهم من الأموال، ووقعوا على النساء حتى قيل: إنه حبلت ألف امرأة من أهل المدينة من غير زوج. وقُتل من وجوه المهاجرين والأنصار سبعمائة، ومن سائر الناس عشرة آلاف، ولما دخل مسلم بن عقبة المدينة دعا الناس للبيعة على أنهم عبيد وخَدَم ليزيد بن معاوية، يحكم في دمائهم وأموالهم وأهليهم ما شاء(41).

                            إلى غير ذلك مما يطول ذِكره.

                            وقال السيوطي في تاريخ الخلفاء: لو لم يكن من مساوئ عبد الملك إلا الحجَّاج وتوليته إياه على المسلمين وعلى الصحابة رضي الله عنهم، يهينهم ويذلّهم قتلاً وضرباً وشتماً وحبساً، وقد قتل من الصحابة وأكابر التابعين ما لا يُحصى، فضلاً عن غيرهم، وختم على عنق أنَس وغيره من الصحابة ختماً، يريد بذلك ذلَّهم، فلا رحمه الله ولا عفا عنه(42) .

                            وقال الذهبي في كتابه العِبَر: قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: الوليد بالشام، والحجَّاج بالعراق، وقُرَّة (بن شريك) بمصر، وعثمان بن حبان بالحجاز، امتلأت والله الأرض جوراً(43).

                            فهل كان الإسلام عزيزاً وفي ازدياد!!؟ وهل كان الناس عامة والمؤمنون خاصة في عز وكرامة، أم في ذلَّ ومهانة؟ الأمر معلوم وواضح، ولا ينكر ذلك إلا مكابر أو جاهل أو متعصب.

                            ويكفي قول سفينة المتقدم فيهم لما سأله سعيد فقال: إن بني أمية يزعمون أن الخلافة فيهم. قال: كذبوا بنو الزرقاء، بل هم ملوك من شر الملوك.


                            4 ـ قول ابن كثير وابن تيمية:

                            وهو أن المراد وجود اثني عشر خليفة في جميع مدة الإسلام إلى يوم القيامة، يعملون بالحق وإن لم تتوالَ أيامهم، ويؤيده ما أخرجه مُسدَّد في مسنده الكبير من طريق أبي بحر، أن أبا الجلد حدَّثه أنه لا تهلك هذه الأمة حتى يكون منها اثنا عشر خليفة، كلهم يعمل بالهدى ودين الحق، منهم رجلان من أهل بيت محمد (صلى الله عليه [وآله] وسلم)، يعيش أحدهما أربعين سنة، والآخر ثلاثين سنة.

                            وعلى هذا فالمراد بقوله: (ثم يكون الهرج) أي الفتن المؤذنة بقيام الساعة، من خروج الدجال ثم يأجوج ومأجوج إلى أن تنقضي الدنيا(44).

                            قال ابن كثير: قد وافق أبا الجلد طائفة من العلماء، ولعل قوله أرجح لما ذكرنا، وقد كان ينظر في شيء من الكتب المتقدمة، وفي التوراة التي بأيدي أهل الكتاب ما معناه: إن الله تعالى بشَّر إبراهيم بإسماعيل، وأنه ينميه ويكثِّره، ويجعل في ذرّيّته اثنا عشر عظيماً. قال شيخنا العلامة أبو العباس بن تيمية: وهؤلاء المبشَّر بهم في حديث جابر بن سمرة، وقرّر أنهم يكونون مفرّقين في الأمّة، ولا تقوم الساعة حتى يوجدوا(45).

                            قال السيوطي: وعلى هذا فقد وُجد من الاثني عشر خليفة: الخلفاء الأربعة، والحسن ومعاوية وابن الزبير وعمر بن عبد العزيز، ويحتمل أن يُضم إليهم المهتدي من العباسيين، لأنه فيهم كعمر بن عبد العزيز، وكذلك الطاهر لما أوتيه من العدل، وبقي الاثنان المنتظران، أحدهما المهدي، لأنه من أهل بيت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)(46).

                            أقول: يفسد هذا القول أن الإمام عليًّا وابنه الإمام الحسن (عليهم السلام) ـ وهما من أهل البيت (عليهم السلام) ـ لم يعش واحد منهما ثلاثين سنة والآخر أربعين، وعليه فينبغي إخراجهما من جملة هؤلاء الاثني عشر.

                            قال ابن كثير: إن إخراج علي وابنه الحسن من هؤلاء الاثني عشر خلاف ما نصَّ عليه أئمة السنة، بل والشيعة(47).

                            هذا مضافاً إلى أن عد السيوطي من هؤلاء الخلفاء ثلاثة من أهل البيت خلاف حديث أبي الجلد الذي أيَّدوا به قولهم.

                            ثم إن عد معاوية ممن يعمل بالهدى ودين الحق خلاف ما هو معلوم من حاله ومشهور من أفعاله، وحسبك أنهم اتَّفقوا على إخراجه من زمرة الخلفاء الراشدين، فجعلوهم أربعة أو خمسة، ولم يجعلوه منهم.

                            وأخرج مسلم في الصحيح عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة ـ في حديث طويل قال: فقلت له ـ أي لعبد الله بن عمرو بن العاص ـ: هذا ابن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل ونقتل أنفسنا، والله يقول (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً). قال: فسكت ساعة، ثم قال: أطعه في طاعة الله، واعصِه في معصية الله(48).

                            وأخرج الحاكم وصحَّحه على شرط الشيخين، عن عبادة بن الصامت، أنه قام قائماً في وسط دار عثمان بن عفان رضي الله عنه، فقال: إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) محمداً أبا القاسم يقول: ( سيلي أموركم من بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون، وينكرون عليكم ما تعرفون، فلا طاعة لمن عصى الله، فلا تعتبوا أنفسكم)، فوالذي نفسي بيده إن معاوية من أولئك. فما راجعه عثمان حرفاً واحداً(49).

                            ثم إن إخبار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بهؤلاء الخلفاء إنما كان لفائدة عظيمة وغاية مهمة يريد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إيضاحها للأمة، وهي مبايعة هؤلاء الخلفاء، ومتابعتهم، والأخذ بهديهم دون غيرهم ممن لم يكن بهذه الصفة.

                            وعليه، فلو صحَّ هذا القول لما كان ثمة أي فائدة في بيان وجود اثني عشر خليفة يعملون بالحق في جميع مدة الإسلام إلى يوم القيامة، وإن لم تتوالَ أيامهم، فكل خليفة يتولى أمور الناس لا يُعلم أنه منهم أم لا، فلا يُدرى هل يُبايَع ويُتابَع أم لا. ولا فائدة في ذكر العدد المجرد، القابل للانطباق على كل واحد يتولّى أمر الأمَّة إذا لم يتميّز هؤلاء الخلفاء بأعيانهم وأشخاصهم بحيث لا يدخل فيهم غيرهم.

                            والغريب من ابن كثير كيف رجَّح قول أبي الجلد بكونه ينظر في كتب أهل الكتاب، واستدل في هذه المسألة بحديث مذكور في التوراة، مع أنَّا لا نحتاج لإثبات مسألة مهمَّة كهذه بتوراة أو إنجيل محرَّفين، وعندنا أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) التي تكفّلت ببيان هذه المسألة وغيرها.

                            وهذا دليل واضح على مبلغ التخبّط والحيرة التي وقع فيها أعلام أهل السنّة في هذه المسألة حتى التجأوا إلى ما لا يجوز الالتجاء إليه، واعتمدوا على ما لا يصح الاعتماد عليه.

                            ثم إن البيان الذي ذكره السيوطي لو سلَّمنا به فهو لا يزال ناقصاً، فإن الخلفاء الذين ذكرهم أحد عشر خليفة، فيبقي عليه ذكر الثاني عشر، فأين هو؟

                            تعليق



                            • شبهة وجوابها:

                              قد يقول قائل: إن أئمة أهل البيت لم يتولوا أمور المسلمين وإن كانوا أهلاً لذلك، فلا يصدق عليهم أنهم خلفاء بمجرد أهليتهم للخلافة، كما أن القاضي لا يصدق عليه أنه قاض بمجرد كونه أهلاً للقضاء ما لم يتولّ القضاء، فكيف صار هؤلاء الأئمة هم الخلفاء الاثني عشر؟


                              والجواب:

                              لمَّا دلَّت النصوص الصحيحة على أن الخلفاء الاثني عشر هم أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، وأنهم هم الذين يجب اتّباعهم ومبايعتهم وطاعتهم دون سواهم. فحينئذ لا يجوز العدول عنهم، ومبايعة من عداهم، لأن ذلك تبديل لحكم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ورَدٌّ لقوله، وإبطال لأمره.

                              على أن انصراف أكثر الناس عنهم لا يصيّرهم رعيّة، ولا يصير غيرهم أئمة وخلفاء، كما أن انصراف أكثر الناس عن الاعتقاد بنبوّة النبي لا يبطل نبوّته. قال تعالى (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخِيَرَة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضلَّ ضلالاً مبيناً)[سورة الأحزاب: الآية 36].

                              ولا ريب في أن ثمة فرقاً بين القاضي المنصوب وبين مَن له أهلية القضاء، فإن الأول يسمَّى قاضياً، والآخر لا يسمَّى بذلك، إلا أن هذا أجنبياً عما نحن فيه، فإن الأئمة قد أخبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بهم ونصَّ عليهم، فهُم خلفاء لأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سمَّاهم بذلك، وإن لم يبايعهم الناس أو يقرّوا لهم بالخلافة. وحال هؤلاء حال من نصَّبه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للقضاء فأبى الناس، فإنه يكون قاضياً شاء الناس أم أبوا، وهذا واضح لا يحتاج إلى مزيد بيان.

                              ثم إن الأئمة (عليهم السلام) قاموا بأمور الإمامة خير قيام، فبيّنوا الأحكام، وأوضحوا شرائع الإسلام، ونفوا عن الدين تحريف المبطلين وتأويل الجاهلين، وردّوا شبهات المُضلّين، فجزاهم الله خير الجزاء عن الإسلام والمسلمين. والنبوة فضلاً عن الإمامة لا تتقوم باتباع الناس أو بخلافهم، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان رسولاً نبيا وهو في مكة لم يؤمن به إلا قليل، والإمام كذلك.


                              شبهة أخرى وجوابها:

                              وقد يقول قائل: إن بعض الأحاديث الصحيحة دلّت على أن أولئك الخلفاء كلّهم يجتمع عليه الناس، مع أن أئمة أهل البيت لم يجتمع عليهم أحد، حتى أمير المؤمنين (عليه السلام) اختلف الناس في زمانه، فكيف يكونون هم الأئمة المعنيين في تلك الأحاديث؟


                              والجواب:

                              إذا كان المراد باجتماع الناس عليهم هو ما فهمه بعض علماء أهل السنة من الاتفاق على البيعة، فهذا لا ينطبق على أي واحد ممن تولّوا أمر الناس، حتى أبي بكر وعمر، فإن أبا بكر تمَّت له البيعة في سقيفة بني ساعدة وأكثر المهاجرين كانوا غائبين عنها، وأما عمر فكانت خلافته بنص أبي بكر لا باجتماع الناس، حتى قال بعضهم لأبي بكر: ما أنت قائل لربّك إذا سألك عن تولية عمر علينا وقد ترى غلظته... (91)، وأما غيرهما ممن جاء بعدهما فقد بيَّنّا أنهم لم يجتمع عليهم الناس بهذا المعنى.

                              وعليه فإن كان المراد من اجتماع الناس هذا المعنى فهو لا ينطبق على أحد، فيكون هذا الحديث باطلاً، فحينئذ لا مناص من القول بأن المراد من اجتماع الناس في الحديث هو اجتماعهم على صلاح هؤلاء الخلفاء، وحسن سيرتهم، وطيب سريرتهم، والاجتماع بهذا المعنى متحقق في أئمة أهل البيت (عليهم السلام) دون غيرهم، فهُم وحدهم الذين اتفق الشيعة وأهل السنة على اتّصافهم بذلك، فيكون هذا المعنى هو المراد في الحديث، لوجود مصاديق له دون المعنى الأول.

                              قال الدهلوي (92): وقد عُلم أيضاً من التواريخ وغيرها أن أهل البيت ولا سيما الأئمة الأطهار من خيار خلق الله تعالى بعد النبيين، وأفضل سائر عباده المخلصين والمقتفين لآثار جدّهم سيد المرسلين(93).

                              ويمكن أن نقول: أن اللام في (الناس) لاستغراق الصفات، فيكون المراد بهم الكُمَّل من الناس، لا سواد الناس الهمج الرعاع، الذين ينعقون مع كل ناعق، أتباع سلاطين الجور وأئمة الضلال، فإنهم لا قيمة لهم، ولا عبرة بخلافهم.

                              والكُمَّل من الناس اجتمعوا على بيعة هؤلاء الأئمة خلفاء للأمّة دون غيرهم، وفيهم بحمد الله كفاية للدلالة على صدق الحديث.

                              وبعد كل هذا البيان يتّضح أن الخلفاء الاثني عشر الذين بشَّر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بهم أمّته، ووصفهم بأن الإسلام يكون بهم عزيزاً منيعاً قائماً، وأمر الناس يكون بهم صالحاً ماضياً؟ وكلهم تجتمع عليه الأمة، لا يمكن أن يكونوا هم أولئك الخلفاء الذين ذكروهم، وكانت أيامهم مملوءة بالفتن والهرج والاختلاف، ولياليهم كلها خمر ومجون، وانتهاك لحرمات الله، وعبث بأحكام الله، وما إلى ذلك مما هو معلوم، فإن الأمة لم تجنِ من ولاية هؤلاء خيراً.

                              وحينئذ لا مناص من الجزم بأن الخلفاء الاثني عشر هم أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، الذين حث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على اتّباعهم والتمسك بهم.

                              إلا أنَّا نتساءل: هل خفي على أعلام أهل السنة هؤلاء الخلفاء الذين وصفهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأوضح الصفات التي بها امتازوا عن سواهم؟ أم أنهم أخفوا بيان ذلك للناس؟

                              إن زعم خفاء هذه المسألة يرجع في واقعه إلى الطعن في نبي الأمة (صلى الله عليه وآله وسلم) بالتقصير في بيان هذه المسألة المهمة حتى خفيت على علماء الأمة، وهذا لا يصدر من مسلم، فإن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن يتحدَّث بالأحاجي والألغاز ولا سيما في أهم المسائل الدينية، وهي مسألة الإمامة والخلافة.

                              إذن، لماذا خفيت هذه المسألة عن علماء أهل السنة؟ أو لماذا أخفوها؟

                              هذه أسئلة تدور، وتحتّم على أهل السنة أن يجيبوا عليها إجابات علمية صحيحة ليست مبتنية على الظن والتخمين والاحتمالات التي لا تغني من الحق شيئاً.


                              (وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون)[سورة البقرة: 146].

                              ====

                              مصادر البحث:

                              1- صحيح البخاري ج 9 ص 101 كتاب الأحكام باب 51، مسند أحمد بن حنبل ج 5 ص 90، ص 95، دلائل النبوة ج 6 ص 519.

                              2- شرح السنة ج 15 ص 31.

                              3- صحيح مسلم ج 3 ص 1452 كتاب الإمارة، باب الناس تبع لقريش، والخلافة في قريش.

                              4- صحيح مسلم ج 3 ص 1452 كتاب الإمارة، باب الناس تبع لقريش، والخلافة في قريش. مسند أحمد بن حنبل ج 5 ص 98، ص 101. سلسلة الأحاديث الصحيحة ج 1 ص 651، قال الألباني: وهذا إسناد صحيح على شرطهما.

                              5- صحيح مسلم ج 3 ص 1453 كتاب الإمارة، باب الناس تبع لقريش، والخلافة في قريش. مسند أحمد بن حنبل ج 5 ص90 ص 100. مسند أبي داود الطيالسي ص 105، ص 180، مشكاة المصابيح ج 3 ص 1687 وقال التبريزي: متفق عليه. الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ج 8 ص 230.

                              6- صحيح مسلم ج 3 ص 1453 كتاب الإمارة باب الناس تبع لقريش، والخلافة في قريش. مسند احمد بن حنبل ج 5 ص 98، ص 101. وفي ص 96 قال: عزيزاً منيعاً ظاهراً على من ناواه، لا يضره من فارقه أو خالفه. الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ج 8 ص 230.

                              7- صحيح مسلم ج 3 ص 1453 كتاب الإمارة، باب الناس تبع لقريش، والخلافة في قريش. مسند أحمد بن حنبل ج 5 ص 86، ص 88، ص 89. سلسلة الأحاديث الصحيحة ج 2 ص 690.

                              8- سنن الترمذي ج4 ص 501 قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. مسند أحمد بن حنبل ج 5 ص 92، ص 94، ص 99، ص 108.

                              9- صححها الالباني في صحيح سنن أبي داود ج 3 ص 807.

                              10- سنن أبي داود ج 4 ص 106 كتاب المهدي. وهذا الحديث ذكره البيهقي في دلائل النبوة ج 6 ص 520 والألباني في صحيح الجامع الصغير ج 2 ص 1274 بعين لفظه، وأخرجه ابن أبي عاصم في كتاب السنة، ص 518 بلفظ متقارب.

                              11- سنن أبي داود ج 4 ص 106 كتاب المهدي. وذكره الخطيب في تاريخ بغداد ج 2 ص 126، وأخرجه أحمد في المسند ج 5 ص 98، ص 99 وفيه: ثم لغط القوم وتكلموا. وفي نفس الصفحة: فجعل الناس يقومون ويقعدون.

                              12- مسند أحمد ج 5 ص 97، ص 107 إلا أن فيه: لا يزال هذا الأمر صالحاً. المستدرك ج 3 ص 618. مجمع الزوائد ج 5 ص 190 قال الهيثمي: رجال الطبراني رجال الصحيح. ورواه عن جابر في ص 191 وقال: رجاله ثقاة.

                              13- مسند أحمد بن حنبل ج 1 ص 398، مجمع الزوائد ج 5 ص 190، المطالب العالية ج 2 ص 197. مختصر إتحاف السادة المهرة بزوائد المسانيد العشرة ج 6 ص 436. وهذا الحديث حسنه ابن حجر العسقلاني في فتح الباري ج 13 ص 181، وابن حجر الهيتمي في تطهير الجنان واللسان، ص 313، والسيوطي في تاريخ الخلفاء، ص8، والبوصيري في مختصر إتحاف السادة المهرة بزوائد المسانيد العشرة ج 6 ص 436.

                              14- مسند أحمد بن حنبل ج 1 ص 398. حلية الأولياء ج 4 ص 333. شرح السنة ج 15 ص 30 قال البغوي: هذا حديث صحيح.

                              15- مسند أحمد بن حنبل ج 5 ص 87، ص 88، ص 90. المستدرك ج 3 ص 617.

                              16- راجع المعجم الكبير للطبراني ج 2 ص 195 وما بعدها، ح 1791 ـ 1801، 1808، 1809، 1841، 1849 ـ 1852، 1875، 1876، 1883، 1896، 1923، 1936، 1964، 2007، 2044، 2059 ـ 2063، 2067 ـ 2071، 2073.

                              17- كشف المشكل ج 1 ص 449 وذكر ابن حجر هذه العبارة في فتح الباري ج 13 ص 181.

                              18- المصدر السابق ج 13 ص 180.

                              19- قال السيوطي في طبقات الحفاظ، ص 468: القاضي عياض بن موسى بن عياض بن عمرو بن موسى بن عياض العلامة عالم المغرب أبو الفضل اليحصبي السبتي الحافظ، ولد سنة 476 هـ، وأجاز له أبو علي النسائي، وتفقه وصنف التصانيف التي سارت بها الركبان كـ (الشفا) و (طبقات المالكية) و (شرح مسلم)، و(المشارق) في الغريب، و (شرح حديث أم زرع... وبعد صيته، وكان إمام أهل الحديث في وقته، وأعلم الناس بعلومه، وبالنحو واللغة وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم. ولي القضاء سبتة ثم غرناطة، ومات ليلة الجمعة سنة 544 هـ بمراكش.

                              20- المصدر السابق ج 13 ص 180.

                              21- المصدر السابق ج 13 ص 182.

                              22- قال السيوطي في طبقات الحفاظ ص 433: البيهقي الإمام الحافظ العلامة شيخ خراسان أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخسروجردي صاحب التصانيف، ولد سنة 384 هـ، ولزم الحاكم وتخرج به، وأكثر عنه جداً، وهو من كبار أصحابه، بل زاد عليه بأنواع العلوم. كتب الحديث وحفظه من صباه، وبرع وأخذ في الأصول، وانفرد بالإتقان والضبط والحفظ، ورحل... وعمل كتباً لم يسبق إليها (كالسنن الكبرى)، و (الصغرى)، و(شعب الإيمان)، و (الأسماء والصفات)، و (دلائل النبوة) وغير ذلك مما يقارب ألف جزء. مات سنة 458 هـ بنيسابور، ونقل في تابوت إلى بيهق (بتصرف).

                              23- دلائل النبوة ج 6 ص 520.

                              24- المصدر السابق ج 6 ص 521.

                              25- أخرجه أبو داود في سننه ج4 ص 211 ح 4646، 4647، والترمذي في سننه ج 4 ص 503 وقال: هذا حديث حسن، وأخرجه ابن حبان في صحيحه كما في الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ج 9 ص 48، والحاكم في المستدرك ج 3 ص 71، ص 145، وأحمد في المسند ج 5 ص 220، ص 221، والبيهقي في دلائل النبوة ج 6 ص342 وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود ج 3 ص 879، وسلسلة الأحاديث الصحيحة ج 1 ص 742 ح 459، ونقل تصحيحه عن الحاكم والذهبي وابن حبان وابن حجر وابن جرير الطبري وابن تيمية، ونقل عنه اعتماد الإمام أحمد عليه، وأنه متفق عليه بين الفقهاء وعلماء السنة. ورد الالباني على من ضعف الحديث كابن خلدون في تاريخه، وأبي بكر بن العربي في العواصم من القواصم، ثم قال: فقد تبين بوضوح سلامة الحديث من علة قادحة في سنده، وأنه صحيح محتج به.

                              26- قال السيوطي في تاريخ الخلفاء، ص 183: عمر بن عبد العزيز بن مروان، الخليفة الصالح أبو حفص، خامس الخلفاء الراشدين. وقال الذهبي في كتابه العبر ج 1 ص 91: في رجب [ سنة إحدى ومائة ] توفي الإمام العادل أمير المؤمنين وخامس الخلفاء الراشدين أبو حفص عمر بن عبد العزيز. وأخرج أبو داود في سننه ج 4 ص 207: عن سفيان الثوري أنه قال: الخلفاء خمسة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعمر بن عبد العزيز.

                              27- سنن أبي داود ج 4 ص 210. وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود ج 3 ص 879.

                              28- فتح الباري ج 13 ص 180.

                              29- سلسلة الأحاديث الصحيحة ج 1 ص 748.

                              30- هذا القول للطيبي، نقله في عون المعبود ج 12 ص 388.

                              31- ذهب إلى ذلك ابن أبي العز حيث قال: إن زمان علي لم ينتظم فيه الخلافة ولا الملك. وستأتي كلمته قريباً. وقال الطيبي كما في عون المعبود ج 12 ص 388: إن الخلافة في زمن عثمان وعلي رضي الله عنهما مشوبة بالملك.

                              32- ذكر ذلك الإمام البغوي في شرح السنة ج 14 ص 75، والمناوي في فيض القدير ج 3 ص 509.

                              33- هذا القول للملا علي القاري في مرقاة المفاتيح ج 9 ص 271.

                              34- منها: أن وصف الرسالة والنبوة لا يرتفع عن النبي والرسول بسبب عدم اتباع الناس له، وصاحب المال أو المتاع لا يحكم بصيرورة المال لغيره بمجرد عدم تمكنه من التصرف فيه، وتمكن غيره منه، وهو واضح معلوم.

                              35- شرح العقيدة الطحاوية ص 473.

                              36- البداية والنهاية ج 8 ص 134.

                              37- المصدر السابق ج 6 ص 255.

                              38- المصدر السابق ج 13 ص 182.

                              39- قال ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب ج 6 ص 326: صدر الدين محمد بن علاء الدين علي بن محمد بن أبي العز الحنفي الصالحي، اشتغل قديماً ومهر ودرس وأفتى وخطب بحسبان مدة، ثم ولي قضاء دمشق في سنة 779 هـ، ثم ولي قضاء مصر بعد ابن عمه، فأقام شهراً ثم استعفى ورجع إلى دمشق على وظائفه، ثم بدت منه هفوة فاعتقل بسببها، وأقام مدة مقتراً خاملاً إلى أن جاء الناصري، فرفع إليه أمره فأمر برد وظائفه، فلم تطل مدته بعد ذلك، وتوفي في سنة 792 هـ (بتصرف).

                              40- شرح العقيدة الطحاوية ص 489.

                              41- نقلنا ذلك باختصار من كتاب البداية والنهاية ج 8 ص 224، راجع لسان الميزان ج 6 ص 294، تاريخ الإسلام، حوادث سنة 61 ـ 80 هـ .

                              42- تاريخ الخلفاء ص 176.

                              43- العبر في خبر من غبر ج1 ص 85.

                              44- البداية والنهاية ج 6 ص 256، فتح الباري ج 13 ص 182.

                              45- البداية والنهاية ج 6 ص 256.

                              46- تاريخ الخلفاء ص 10.

                              47- البداية والنهاية ج 6 ص 255.

                              48- صحيح مسلم ج 3 ص 1472. كتاب الإمارة، باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول.

                              49- المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 357.

                              50- قال الذهبي في سير أعلام النبلاء ج 17 ص 23: الإمام العلامة الحافظ اللغوي أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن خطاب البستي الخطابي صاحب التصانيف، ولد سنة بضع وعشرة وثلاثمائة. أخذ الفقه على مذهب الشافعي عن القفال الشاشي وغيره، وحدث عنه الحاكم النيسابوري والإمام والإسفراييني وغيرهما. قال السلفي: وأما أبو سليمان الشارح لكتاب أبي داود فإذا وقف منصف على مصنفاته واطلع على بديع تصرفاته في مؤلفاته تحقق إمامته وديانته فيما يورده وأمانته، وكان قد رحل في الحديث وقراءة العلوم وطوف، وألف في فنون العلم وصنف.. توفي ببست سنة 388 هـ (بتصرف).

                              51- فتح الباري ج13 ص 181.

                              52- سنن الترمذي ج 5 ص 445. الدر المنثور ج 8 ص 596. البداية والنهاية ج 6 ص 248.

                              53- الحكم هو الحكم بن أبي العاص الأموي والد مروان بن الحكم وعم عثمان بن عفان، طرده رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونفاه من المدينة إلى الطائف، ولعنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولعن من في صلبه، توفي في خلافة عثمان.

                              54- مجمع الزوائد ج 5 ص 243، قال الهيثمي: رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح غير مصعب بن عبد الله بن الزبير وهو ثقة. المستدرك ج 4 ص 480 وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين. ورمز له الذهبي بـ ( م ) أي على شرط مسلم. المطالب العالية ج 4 ص 332. مختصر إتحاف السادة المتقين ج 10 ص 505 وقال: رواه أبو يعلى ورواته ثقات. البداية والنهاية ج 6 ص 248.

                              55- الدر المنثور ج 5 ص 310. البداية والنهاية ج 6 ص 248. وراجع إن شئت تاريخ بغداد ج 9 ص 44، معجم الطبراني الكبير ج 2 ص 92.

                              56- المستدرك ج4 ص 481 قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وأخرجه البويصري في مختصر إتحاف السادة المتقين ج 9 ص 202، وروى عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: ( وشر قبائل العرب بنو أمية)، قال البويصري: رواه أبو يعلى الموصلي بإسناد حسن. مجمع الزوائد ج 10 ص 71 وقال: رواه أحمد وأبو يعلى... وكذلك الطبراني، ورجالهم رجال الصحيح غير عبد الله بن مطرف بن الشخير وهو ثقة.

                              57- هم الحكم وابنه مروان وأولادهما.

                              58- أي يتداولونه فيما بينهم.

                              59- قال ابن الأثير في النهاية ج 2 ص 123: أي يخدعون به الناس، وأصل الدغل الشجر الملتف الذي يكمن أهل الفساد فيه...

                              60- أي خدم وعبيد.

                              61- المستدرك ج 4 ص 480. مجمع الزوائد ج 5 ص 243 إلا أنه قال: بنو أبي الحكم. وقال: رواه الطبراني، وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف، وحديثه حسن. دلائل النبوة ج 6 ص 507. مختصر إتحاف السادة المتقين ج 10 ص 505 وقال: رواه أبو يعلى بسند صحيح. المطالب العالية ج 4 ص 332. البداية والنهاية ج 6 ص 248.

                              62- المستدرك ج 4 ص 379.

                              63- المصدر السابق ج 4 ص 481 وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.

                              64- المستدرك ج 4 ص 481 وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

                              65- مسند أحمد بن حنبل ج1 ص 18، مجمع الزوائد ج 5 ص 240 وقال: رواه أحمد وإسناده حسن.

                              66- البداية والنهاية ج 6 ص 247.

                              67- مجمع الزوائد ج 5 ص 243. وقال: رواه الطبراني، وفيه أبن لهيعة وفيه ضعف، وحديثه حسن. البداية والنهاية ج 6 ص 247.

                              68- ميزان الاعتدال ج 4 ص 89.

                              69- تهذيب التهذيب ج 10 ص 83.

                              70- الإصابة ج 3 ص 477.

                              71- التجريد ج 2 ص 69.

                              72- تهذيب الأسماء اللغات ج 2 ص 87.

                              73- اُسد الغابة ج 4 ص 348، الاستيعاب ج 3 ص 425.

                              74- تاريخ الخلفاء، ص 204.

                              75- قال السيوطي في طبقات الحفاظ، ص 374: أبن حبان الحافظ العلامة أبو حاتم محمد بن حبان بن أحمد بن معاذ... التميمي البستي صاحب التصانيف، سمع النسائي والحسن بن سفيان وأبا يعلى الموصلي، وولي قضاء سمرقند، وكان من فقهاء الدين وحفاظ الآثار، عالماً بالنجوم والطب وفنون العلم. صنّف المسند الصحيح و(التاريخ) و(الضعفاء). قال الخطيب: كان ثقة نبيلاً فهماً. وقال ابن الصلاح: ربما غلط الغلط الفاحش. مات في شوال سنة 354 هـ.

                              76- الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ج 8 ص 227.

                              77- البداية والنهاية ج 6 ص 255.

                              78- هو أبو القاسم المهلب بن أحمد بن أبي صفرة اسيد بن عبد الله الاسدي الأندلسي، مصنف شرح صحيح البخاري . قال الذهبي في سير أعلام النبلاء ج 17 ص 579: كان أحد الأئمة الفصحاء الموصوفين بالذكاء... ولي قضاء المرية، وتوفي في سنة 435 هـ (بتصرف).

                              79- المصدر السابق ج 13 ص 180.

                              80- قال الذهبي في سير أعلام النبلاء ج 15 ص 361: الإمام المقرئ الحافظ أبو الحسين، أحمد بن جعفر بن المحدث أبي جعفر محمد بن عبيد الله بن أبي داود بن المنادي البغدادي صاحب التواليف. ولد سنة 257 هـ تقريباً، وتوفي سنة 336 هـ . قال الداني: مقرئ جليل غاية في الإتقان، فصيح اللسان عالم بالآثار، نهاية في علم العربية، صاحب سنة، ثقة مأمون (بتصرف). قال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ج 4 ص 69: كان صلب الدين، شرس الأخلاق، فلذلك لم تنتشر عنه الرواية، وقد صنف أشياء وجمع.

                              81- فتح الباري ج 13 ص 181.

                              82- المصدر السابق ج 13 ص 182.

                              83- ينابيع المودة ج 3 ص 104.

                              84- سير أعلام النبلاء ج 13 ص 120.

                              85- المصدر السابق ج 4 ص 398. وذكر أهليته للخلافة أيضاً في ج 13 ص 120.

                              86- المصدر السابق ج 4 ص 402. وكذلك في ج 13 ص 120.

                              87- تاريخ الإسلام: حوادث ووفيات سنة 141 ـ 160 هـ، ص 93. سير أعلام النبلاء ج 13 ص 120.

                              88- سير أعلام النبلاء ج13 ص 120.

                              89- المصدر السابق ج 9 ص 392.

                              90- منهاج السنة النبوية ج4 ص 213. قول ابن تيمية هذا يدل على انه لم يكن في وسعه أن يجحد فضل أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وأهليتهم للإمامة، ولو كان ذلك في وسعه لأنكر ما وسعه الإنكار، لإنه كان في مقام المناظرة مع خصمه لا في مقام المجاملة. وتنظيره الإمام بالقاضي مغالطة واضحة، والصحيح أن ينظر بالقاضي المنصوب من قبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإنه يكون قاضياً وإن جحده كثير من الناس، ومع نص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على خلافتهم لا يضرهم من خالفهم ولا من ناواهم. وقوله: (فلا موجب للتخصيص) غير صحيح، لأن التخصيص حاصل بالنصوص الصحيحة الآمرة بالتمسك بأهل البيت دون غيرهم، فلا سبيل للعدول عنهم إلى غيرهم.

                              91- الطبقات الكبرى ج 3 ص 199، تاريخ الخلفاء ص 62، الصواعق المحرقة ج 1 ص 254.

                              92- قال محب الدين الخطيب في ترجمته في مقدمة مختصر التحفة الاثني عشرية: كبير علماء الهند في عصره شاه عبد العزيز الدهلوي (1159 ـ 1239) أكبر أنجال الإمام الصالح الناصح شاه ولي الله الدهلوي، وكان شاه عبد العزيز يعد خليفة أبيه ووارث علمه.

                              93- مختصر التحفة الاثني عشرية ص 55.


                              ونسألكم الدعاء...~

                              تعليق


                              • ما هو الخمس؟ وما الفرق بينه وبين الزكاة؟ وما أدلة وجوبه؟

                                بسم الله الرحمن الرحيم
                                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                                اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
                                ما هو الخمس؟ وما الفرق بينه وبين الزكاة؟ وما أدلة وجوبه؟
                                الخمس فريضة إسلامية تقضي بدفع خمس ما يربحه المسلم مما فاض عن مؤونته، سواء كان ذلك الربح من المكاسب كالتجارة والعمل، أم من غنائم الحرب، أم من استخراج المعادن في باطن الأرض، أم من استخراج اللؤلؤ والمرجان وما أشبه من الغوص في الماء، أم من العثور على الكنوز، أم من المال الحلال المختلط بالحرام. وكذا يجب الخمس على الذمي إذا اشترى أرضاً من مسلم.
                                وهذا الخمس ثابت في كتاب الله تعالى والسنة الشريفة. ففي كتاب الله قوله عزّ من قائل: ”وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ“. (الأنفال: 42).
                                ومن السنة الشريفة قول رسول الله صلى الله عليه وآله: ”أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وأن تعطوا من المغنم الخمس“. (صحيح البخاري ج1 ص22).
                                وهذا الخمس قد فرضه الله تعالى إكراما لنبيّه وأهل بيته (عليهم الصلاة والسلام) وذريّته عوضاً عن الزكاة التي لا تحلّ لهم، فقد قال الإمام الصادق عليه السلام: ”إن الله لا إله إلا هو لمّا حرّم علينا الصدقة أنزل لنا الخمس، فالصدقة علينا حرام والخمس لنا فريضة، والكرامة لنا حلال“. (وسائل الشيعة).
                                ويقسّم الخمس إلى ستة أسهم كما هو منطوق الآية الكريمة، سهم لله، وسهم للرسول، وسهم لذوي قرباه، وهذه الثلاثة - التي هي نصف الخمس - تُعطى للنبي (صلى الله عليه وآله) فإذا فُقِد فلنائبه الإمام (عليه السلام) فإذا تعذّر ذلك أو غابَ أُعطي لنائبه وهو الفقيه الجامع للشرائط، فيصرفه الفقيه في ما يحفظ الدين ويقيم شريعة سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم، كتأسيس المساجد والحسينيات والحوزات العلمية ودور النشر وما أشبه.
                                والأسهم الثلاثة الأخرى؛ فسهم ليتامى آل محمد (صلى الله عليه وآله)، وسهم للمساكين منهم، وسهم لأبناء السبيل منهم، فتُعطى للمحتاجين من هؤلاء بمأذونية الفقيه الجامع للشرائط.
                                فهذا هو حكم الخمس، وهو كما ترين مختلف عن الزكاة، والمسلمون - أي الشيعة - يتلزمون بأدائه أما غيرهم فلا! مع أنه حكم قد فرضه الله تعالى في كتابه. وحجة هؤلاء الممتنعين عن الأداء هي أن الخمس واجب في غنائم الحرب فقط! مع أن الله تعالى يقول: ”وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ“ فلم يخصّص الغنيمة بالتي تكون من الحرب وإنما أطلقها إطلاقاً، والغنيمة في اللغة هي مطلق ما يحصل عليه الإنسان، وقد اعترف القرطبي بأن الآية ليس فيها تخصيص فيجب أن يشمل حكم دفع الخمس كل الغنائم التي يحصل عليها الإنسان، سواءً حصل عليها من ساحة الحرب والقتال أم لا، إلا أنه - أي القرطبي - دافع عن مذهب قومه بتخصيص الخمس بغنائم الحرب بأن ذلك هو عُرف الشرع، ويقصد بذلك ما تسالم عليه فقهاء مذهبه، ولا يخفى بطلانه. قال: ”وَاعْلَمْ أَنَّ الاتِّفَاقَ حَاصِل عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْء؛ مَال الْكُفَّار إِذَا ظَفِرَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وَجْه الْغَلَبَة وَالْقَهْر. وَلا تَقْتَضِي اللُّغَة هَذَا التَّخْصِيصَ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ, وَلَكِنَّ عُرْف الشَّرْع قَيَّدَ اللَّفْظَ بِهَذَا النَّوْع“! (تفسير القرطبي ج8 ص1).
                                ولو أن القرطبي وأضرابه قد رجعوا إلى أئمة أهل البيت (عليهم السلام) لعرفوا أن حكم الخمس أعمّ من ذلك، بل إنهم لو دقّقوا في ما يروونه بأنفسهم عن سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأدركوا ذلك، فإنهم قد رووا أنه (صلى الله عليه وآله) قد أرسل مع عمرو بن حزم كتابا لبني عبد كلال في اليمن شكرهم فيه على امتثالهم أداء فريضة الخمس، فكتب صلى الله عليه وآله: ”وأعطيتم من الغنائم خمس الله عز وجل“. (سنن البيهقي ج4 ص89 ومستدرك الحاكم ج1 ص395 وكنز العمال ج3 ص186 عن الطبراني وغيرهم كثير).
                                وبنو عبد كلال ما خاضوا آنذاك حربا قط، ومع ذلك فقد أخذ (صلى الله عليه وآله) منهم الخمس، فعلمنا من ذلك أن الخمس يشمل كل يحصل عليه الإنسان لا غنائم الحرب فقط.
                                ثم إن المخالفين البكريين قد اختلفوا حتى في خمس غنائم الحرب! فوقعوا في حَيْصَ بَيْص! لا يعرفون لمن يُعطون هذا الخمس بعد رحيل نبي الرحمة صلى الله عليه وآله! ولا يعرفون أقسام هذا الخمس وأسهمه، وكان من أطرف ما ذكره بعض علمائهم أن نصيب الله من الخمس يجب أن يوضع في الكعبة! قال ابن كثير: ”اِخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ هَهُنَا فَقَالَ بَعْضهمْ: لِلَّهِ نَصِيب مِنْ الْخُمُس يُجْعَل فِي الْكَعْبَة“! (تفسير ابن كثير ج2 ص323).
                                والله ولي التوفيق وبهِ نستعين.

                                تعليق

                                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                                حفظ-تلقائي
                                x

                                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                                صورة التسجيل تحديث الصورة

                                اقرأ في منتديات يا حسين

                                تقليص

                                لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                                يعمل...
                                X