إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

مدمج (مواضيع شيخ حسين الاكرف )

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عائشة قاتلة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم!!

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

    عائشة قاتلة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم!!
    نحن الشيعة إنما سُمّينا بهذا الاسم لأننا شايعنا أهل بيت رسول الله (صلوات الله عليهم) واتبعناهم، ولم ننعزل عنهم كما فعل غيرنا من الطوائف، بل حرصنا وحرص أسلافنا على الالتفاف حولهم وتلقي الدين وعلومه منهم، فهم أصحاب العلم الصحيح، كما أنهم أدرى من غيرهم بسيرة جدّهم (صلى الله عليه وآله) ويعلمون حقيقة ما جرى عليه.
    وقد أخبرنا أهل البيت (عليهم السلام) بأن جدّهم المصطفى (صلى الله عليه وآله) قد مضى مسموماً شهيداً، وأن اللتين سمّتاه عائشة وحفصة بأمر أبويهما أبي بكر وعمر، فقد روى المفسّر العياشي (رضوان الله تعالى عليه) - الذي كان من المخالفين ثم تشيّع والتحق بمدرسة أهل البيت عليهم السلام - عن عبد الصمد بن بشير عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: ”تدرون مات النبي (صلى الله عليه وآله) أو قُتل؟ إن الله يقول: أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ، فُسَمَّ قبل الموت! إنّهما سقتاه! فقلنا: إنهما وأبويهما شرّ من خلق الله“! (تفسير العياشي ج1 ص200).
    وروى أيضا عن الحسين بن المنذر قال: ”سألت أبا عبد الله (الصادق) عليه السلام عن قول الله: أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ، القتل أم الموت؟ قال: يعني أصحابه الذين فعلوا ما فعلوا“! (المصدر نفسه).
    كما روى علي بن إبراهيم القمّي (رضوان الله تعالى عليه) في تفسيره أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لحفصة في مجريات قصّة التحريم: ”كفى! فقد حرّمت ماريّة على نفسي ولا أطأها بعد هذا أبدا، وأنا أفضي إليك سرّا فإنْ أنتِ أخبرتِ به فعليك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين! فقالت: نعم ما هو؟ فقال: إن أبا بكر يلي الخلافة بعدي (غصبا) ثم من بعده أبوك، فقَالَتْ: مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا؟ قَالَ: نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ. فأخبرت حفصة عائشة من يومها ذلك، وأخبرت عائشة أبا بكر، فجاء أبو بكر إلى عمر فقال له: إن عائشة أخبرتني عن حفصة بشيء ولا أثق بقولها، فاسأل أنت حفصة. فجاء عمر إلى حفصة فقال لها: ما هذا الذي أخبرت عنك عائشة؟ فأنكرت ذلك وقالت: ما قلت لها من ذلك شيئا! فقال لها عمر: إنْ كان هذا حقاً فأخبرينا حتى نتقدّم فيه (نُجهز على النبي سريعا)! فقالت: نعم! قد قال رسول الله ذلك! فاجتمعوا أربعةً على أن يسمّوا رسول الله“! (تفسير القمي ج2 ص376).
    وهذا الذي أخبرنا به الأئمة الأطهار (عليهم السلام) من أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قُتل؛ يوافق نصّ القرآن الحكيم، فإن الله تعالى يقول: ”وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ“. (آل عمران: 145).
    والمعنى الواضح فيها أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) سيُقتل وسيعقب ذلك انقلاب الأصحاب على أعقابهم أي ارتدادهم عن الدّين، فقوله تعالى: ”أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ“ معناه: ”أَفَإِنْ مَاتَ بَلْ قُتِلَ“ لأن (أو) هنا للإضراب حيث إن الله سبحانه لا يشكّ. ونظيره قوله تعالى: ”وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ“، (الصافات: 148) بمعنى أنه أرسله إلى مئة ألف بل يزيدون.
    وجمهور المخالفين يوافقوننا على أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يمت حتف أنفه بل قُتل، فقد روى أحمد بن حنبل والطبراني والصنعاني عن عبد الله بن مسعود قال: ”لأن أحلف تسعا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قُتل قتلاً أحبُّ إليَّ من أن أحلف واحدةً أنه لم يُقتل! وذلك بأن الله جعله نبياً واتخذه شهيداً“. (مسند أحمد ج1 ص408 والمعجم الكبير للطبراني ج10 ص109 ومصنف الصنعاني ج5 ص268 وغيرهم كثير).
    غير أن الخلاف بيننا وبينهم هو في تشخيص القتلة، فنحن نقول أنهم أبو بكر وعمر وعائشة وحفصة؛ فيما هم يقولون أنهم اليهود الذين أمروا زينب بنت الحارث بأن تضع له سما في شاة مسمومة تقدّمها له، فقامت بذلك انتقاما لمقتل أخيها مرحب بن الحارث على يد أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في فتح خيبر. إلا أن قولنا هو الأثبت لدواعي عدّة.
    منها؛ أن قولنا مروي عن الأئمة الأطهار من آل محمد (صلوات الله عليهم) وهم كما أسلفنا أعرف من غيرهم بحقيقة ما جرى على جدّهم صلى الله عليه وآله وسلم، كما أنهم الصادقون بنص الكتاب، المبرّأون من كل عيب، فحديثهم هو الأصح والأقوم.
    ومنها؛ أن محاولة المرأة اليهودية لسمّ النبي (صلى الله عليه وآله) وقعت بُعيْد فتح خيبر، أي في السنة السابعة من الهجرة النبوية الشريفة، وقد استشهد النبي (صلى الله عليه وآله) في السنة الحادية عشرة، فيكون من البعيد جدا أن تكون وفاته بسبب تناوله لهذا السمّ قبل أكثر من ثلاث سنوات إذ إن تأثير السم لا يبقى عادة إلى هذه الفترة.
    ومنها؛ أن في بعض الروايات أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يتناول من الشاة المسمومة أصلا فقد أعلمه الله تعالى بأنها مسمومة فأمر أصحابه بأن لا يأكلوا منها، وكانت هذه معجزة من معاجزه صلى الله عليه وآله وسلم. روى الخطيب عن أبي هريرة قال: ”إن امرأة من اليهود أهدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مسمومة فقال لأصحابه: أمسكوا فإنها مسمومة. فقال: ما حملك على ما صنعتِ؟ فقالت: أردتُ أن أعلم إنْ كنتَ نبيّاً فسيطلعك الله عليَّ وإن كنتَ كاذبا أريح الناس منك“. (تاريخ بغداد ج7 ص384 وغيره كثير). وروى البخاري عن أبي هريرة قال: ”لمّا فُتحت خيبر أُهدِيَت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم، فقال النبي: اجمعوا إليَّ من كان ههنا من يهود، فجمعوا له. فقال لهم: إني سائلكم عن شيء فهل أنتم صادقوني إن سألتكم عنه؟ فقالوا: نعم يا أبا القاسم. فقال لهم من أبوكم؟ فقالوا: أبونا فلان. فقال لهم: كذبتم! بل أبوكم فلان. قالوا: صدقت وبررت. فقال لهم: هل أنتم صادقوني عن شيء إن سألتكم عنه؟ فقالوا: نعم يا أبا القاسم, وإن كذبناك عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا. فقال لهم: من أهل النار؟ فقالوا: نكون فيها يسيرا ثم تخلفونا فيها. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: اخسئوا فيها! والله لا نخلفكم فيها أبدا. ثم قال لهم: هل أنتم صادقوني عن شيء إن سألتكم عنه؟ فقالوا: نعم. فقال هل جعلتم في هذه سما؟ فقالوا: نعم. فقال ما حملكم على ذلك؟ فقالوا: أردنا إنْ كنت كذابا أن نستريح منك, وإن كنت نبياً لم يضرّك“. (صحيح البخاري ج4 ص66 وسنن الدارمي ج1 ص33 وغيرهما كثير).
    ومنها؛ إن عائشة هي التي تروي أن استشهاد النبي (صلى الله عليه وآله) كان بفعل أكله قبل ثلاث سنوات تلك الشاة المسمومة! فقد وضعت حديثا على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله) في هذا الشأن، فقالت: ”كان رسول الله يقول في مرضه الذي مات فيه: يا عائشة.. ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، وهذا أوان انقطاع أبهري من ذلك السم“! (صحيح البخاري ج5 ص137). وهي بوضعها لهذا الحديث المنافي لما سبق من أنه (صلى الله عليه وآله) لم يأكل وكان ذلك إثباتاً لنبوّته أمام اليهود؛ إنما يكون حالها حال من ينطبق عليه قول: ”يكاد المريب أن يقول خذوني“! إذ هي تحاول أن تُبعد التهمة عن نفسها بوضع هذا الحديث، وهي مشهورة بكذبها فقد صرّحت بنفسها أنها تواطأت مع حفصة على الكذب في قصة التحريم، كما كذبت على امرأة تزوجها رسول الله حين زعمت لها أن النبي يعجبه أن تقول المرأة له: أعوذ بالله منك! كما أنها قد كذبت في شأن أن النبي (صلى الله عليه وآله) قد قُبض بين سحرها ونحرها بينما كان مسندا رأسه إلى علي أمير المؤمنين عليه السلام، وغير ذلك من موارد كذبها العديدة، فروايتها لهذا الحديث وبهذه الكيفية المريبة وهو حديث لم يروه أحد سواها يجعلنا نشك بأن لها مصلحة في إشاعته، ولا تكون هذه المصلحة إلا محاولتها إبعاد التهمة عن نفسها، وهو ما يؤكد ضلوعها في جريمة قتله صلى الله عليه وآله وسلم، سيّما وأنه (صلى الله عليه وآله) قد وصفها برأس الكفر وقرن الشيطان! فقد روى أحمد بن حنبل عن ابن عمر قال: ”خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت عائشة فقال: رأس الكفر من ههنا! من حيث يطلع قرن الشيطان“! (مسند أحمد ج2 ص23 وغيره كثير، وتأويلات المخالفين له لتنزيه ساحة عائشة أسخف من أن يُردّ عليها ههنا).
    ومنها؛ أن هناك حديثا يرويه المخالفون عن عائشة تبرّر فيه إقدامها على وضع مادة غريبة في فم رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين كان مغشياً عليه في مرضه! فقد زعمت أن هذه المادة هي (لدود) أي دواء بمثابة الطعم! وعندما أفاق النبي (صلى الله عليه وآله) واكتشف الأمر وسأل عن الفاعل قامت عائشة بإلصاق التهمة كذبا بالعباس بن عبد المطلب عمّ النبي! إلا أنه (صلى الله عليه وآله) برّأ ساحة عمّه وأمر بأن تتناول هي ومن معها من نفس هذه المادة عقاباً، مفنّدا تبريرات عائشة بأنها كانت تخاف عليه مرض ذات الجنب واصفا (ذات الجنب) بأنها من الشيطان!
    وهذا تمام الحديث كما رواه البخاري: ”عن عائشة قالت: لددنا رسول الله في مرضه وجعل يشير إلينا أن لا تلدّوني، فقلنا: كراهية المريض بالدواء! فلمّا أفاق قال: ألم أنهكم أن تلدّوني؟! قلنا: كراهية الدواء! فقال صلى الله عليه وسلم: لا يبقى منكم أحدٌ إلا لُدَّ وأنا أنظر، إلا العباس فإنه لم يشهدكم“! (صحيح البخاري ج8 ص42 وصحيح مسلم ج7 ص42 وغيرهما كثير).
    وروى الحاكم عن عائشة قالت: ”إن رسول الله كانت تأخذه الخاصرة فتشتد به وكنا نقول: أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله عرق الكلية، ولا نهتدي أن نقول الخاصرة، أخذت رسول الله يوما فاشتدت به حتى أُغمي عليه وخفنا عليه، وفزع الناس إليه، فظننا أن به ذات الجنب فلددناه، ثم سُرِّيَ عن رسول الله وأفاق فعرف أنه قد لُدَّ ووجد أثر ذلك اللد، فقال: أظننتم أن الله سلّطها عليّ؟ ما كان الله ليسلّطها عليّ، والذي نفسي بيده لا يبقى في البيت أحدا إلا لُدَّ إلا عمّي“. (مستدرك الحاكم ج4 ص203).
    ومنها؛ أن عائشة ناقضت نفسها بنفسها، ففي مرّة تزعم أن النبي (صلى الله عليه وآله) قد توفي من سمّ اليهودية قبل ثلاث سنوات، وفي مرّة أخرى تزعم أنه توفي بسبب إصابته بمرض ذات الجنب! مع أن النبي (صلى الله عليه وآله) قد نفى إمكان أن يسلّط الله تعالى هذا المرض عليه باعتباره من الشيطان كما مرّ! روى أبو يعلى عن عائشة قالت: ”مات رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذات الجنب“! (مسند أبي يعلى ج8 ص258).
    والحاصل من ملاحظة كل هذا عدم الشك في أن لعائشة دوراً أساسياً في قتل النبي صلى الله عليه وآله، وقد وقع هذا بمعونة صاحبتها حفصة، وبأمر من أبويهما أبي بكر وعمر عليهم جميعا لعائن الله.
    وليس مستبعدا أن يأمر أبو بكر وعمر بتنفيذ مثل هذه الجريمة، فإنهما قد حاولا من قبلُ مع عصبتهما من المنافقين أن يقتلا الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) بعد الرجوع من تبوك، وقد روى المخالفون ذلك عن أحد كبار محدّثي المخالفين، وهو الوليد بن جميع، حيث قال ابن حزم أنه: ”روى أخبارا فيها أن أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم أرادوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم وإلقاءه من العقبة في تبوك“! (المحلّى لابن حزم ج11 ص224).
    وهذه الأخبار والأحاديث مفقودة مع الأسف، فقد أخفاها المخالفون منعا من افتضاح صحابتهم، وكان ابن حزم مطلعا عليها ولكنه لم ينقلها واكتفى بالطعن في الوليد بن جميع وجرحه، إلا أن ذلك لا يفيده بشيء لأن الرجل ممن روى عنه مسلم في صحيحه والبيهقي في سننه وأحمد بن حنبل في مسنده وابن أبي شيبة في مصنفه وغيرهم، وابن حبّان قد عدّله وترضّى عليه وذكره في الثقات، كما وثّقه الذهبي، فهو إذن من الثقات العدول الذين لا يكذبون في أحاديثهم.
    ونسألكم الدعاء...~

    تعليق


    • جرائم ومذابح خلفاء أهل السنة والجماعة ؟

      بسم الله الرحمن الرحيم
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

      جرائم ومذابح خلفاء أهل السنة والجماعة ؟


      كتب سيد القمني تحت عنوان: لكي لا يخدعنا بعضهم هل كان تاريخنا وماضينا سعيدا؟

      معاوية بن أي سفيان وولده يزيد لم يمنعهما اسلامهما من قتال آل بيت الرسول وجز رأس الحسين!
      الحجاج بن يوسف الثقفي اعدم من العراقيين مئة وعشرين ألفا واستباح نساء المسلمين!
      العباسيون قتلوا خمسين ألفا من أهل دمشق وجعلوا من المسجد الأموي إسطبلاً لخيولهم!

      هل كان ممكنا أن ترتج أجهزة الدولة كلها مستجيبة لاستغاثة مواطن يعاني القهر والظلم في بلاد المسلمين على يد المسلمين، في الإمبراطورية الإسلامية العظمى الغابرة، كما ارتجت وتحركت بعدّتها وجيوشها في القصة الأسطورية إستجابةً لصرخة امرأة مجهولة منكورة لا نعرف من هي، وهي تنادي الخليفة من على الحدود عندما اعتدى عليها بعض الروم... " وامعتصماه"؟!.

      إن هذا النموذج من القص يريد أن يعلن مدى اهتمام الدولة جميعا بمواطنٍ فردٍ يعاني أزمة، وهو ما يستثير الخيال العربي المقموع ويدفعه إلى محاولة استعادة هذه الدولة الأبية التي كانت تردع الأعادي بكل فخر ومجد كما كانت تنشغل بالمواطن الفرد كل الانشغال، حتى بات عزيزا كريما مرهوب الجانب أينما كان. لكن بين القص الأسطوري وبين ما كان يحدث في الواقع مفارقات لا تلتئم أبدا، ولا تلتقي أبدا. والنماذج على ذلك أكثر من أن تحصيها مقالة كتلك، بل تحتاج إلى مجلدات من الكتب. لكن يكفينا هنا اليسير منها لنكتشف هل كانت ثقافة "وامعتصماه" أمرا حقيقيا فاعلا في الواقع أم أنها مجرد قصة لرفع الشعارات دون الفعل وليس أكثر، كالعادة العربية المعلومة! خاصة أن هذه الدولة العزيزة بمواطنها الكريم هي الدولة النموذج التي يطلبها اليوم المتأسلمون على كافة فصائلهم وأطيافهم، ويزينونها للناظرين بقصٍّ كهذا عادة ما يبدأ بمسئولية الخليفة الراشد وهو في يثرب عن دابة لو عثرت بالعراق.

      وينتهي بالحفل البانورامي حول احتلال "عمّورية" انتقاما للفرد العربي الأبي حتى لو كان امرأة! مع علمنا بحال المرأة قياسا على الرجل في تراثنا.

      لقد صرخت القبائل العربية في الجزيرة منذ فجر الخلافة "واسلاماه" تستغيث بالمسلمين لردع جيوش الدولة عن ذبحها وسبي حريمها وأطفالها لبيعهم في أسواق النخاسة، تلك القبائل التي تمسكت بحقها الذي أعطاه لها ربها بالقرآن في الشورى والمشاركة الفاعلة في العمل السياسي. فرفضت خلافة أبي بكر" الفلتة" بتعبير عمر بن الخطاب لأنها تمت بدون مشورتهم ولا ترشيح احد منهم ولا اخذ رأيهم، فامتنعوا عن أداء ضريبة المال للعاصمة تعبيرا عن موقفهم ، لكنهم عملوا برأي الإسلام فجمعوا الزكاة ووزعوها على فقرائهم في مضاربهم التزاما بهذا الركن الإسلامي بجوار صلاتهم وصيامهم وقيامهم بقية الأركان المطلوبة. فلم يعفها ذلك من جز الرقاب والحصد بالسيف. والصراع هنا لم يكن حول الإيمان والكفر، بل كان الشأن شان سياسة دنيوية لا علاقة لها بالدين.

      ورغم الجميع فقد تواطأ السدنة مع السلطان ضد تلك القبائل ليؤسسوا في التاريخ المذهب السنّي الذي وجد فرصته في مكان سيادي بجوار الحاكم، فقام بتحويل الخلاف السياسي إلى خلاف ديني، واعتبر أن محاربة هؤلاء واجب ديني لأنهم قد كفروا وارتدوا عن الإسلام لا لشيء، إلا لأ،ن هكذا كان قرار الخليفة؛ ولأن هذا الخليفة كان "الصدّيق" صاحب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وصهره ووزيره الأول. فالبسوا الخليفة أولا ثوب القدسية ولو ضد منطق الإسلام الذي لا يقدس بشرا، ثم البسوا القرار قدسية الخليفة، ثم أصدروا قرارهم بتكفير هذه القبائل بتهمة الردة عن الإسلام لأنها حسب القرار البكري قد "فرّقت بين الصلاة وبين الزكاة"، وهو أمر فيه نظر من وجهة نظر الشرع لا تبيح قتالهم ولا قتلهم. لذلك تم تدعيم القرار بان تلك القبائل قد خرجت على رأي الجماعة وخالفته وهو اختراع آخر كان كفيلا بوصمها بالارتداد منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم.

      وهكذا، ومنذ فجر الخلافة جلس الفقيه في معية السلطان يصوغان لنا إسلامنا، إسلام يؤسلم ويكفّر حسب مدى التزام المواطن بالمذهب السيد الذي هو مذهب السدنة والسلطان وأولي الأمر، وطاعتهم أمر رباني وفرض سماوي. ومنذ خرجت جيوش أبي بكر تحارب تاركي الزكاة تحت اسم الدين والصواب الديني، أصبح معنى أن تخرج جيوش المسلمين لتحارب الكفار "غير حروب الفتوحات". إنها خارجة للقضاء على المعترضين أو المخالفين في الرأي السياسي الذي تتم إحالته إلى الدين، حتى يتم الذبح والحرق والسبي بإسم الدين وليس لخلاف سياسي.

      ونظرة عجلى على تاريخ العرب المسلمين ستكتشف أن مقابل "وامعتصماه" الأسطورية، ألف "واسلاماه" كان جوابها مختلفا. وبلغ الأمر غاية وضوحه في زمن عثمان بن عفان الذي فتق بطن عمّار بن ياسر ضربا وركلا، وكسر أضلاع ابن مسعود حب رسول الله، ونفى أبا ذر إلى الربذة، فقتل المسلمون خليفتهم، وتم قتله بيد صحابة وأبناء صحابة. ومن بعدها خرجت الفرق الإسلامية تحارب بعضها بعضا وتكفّر بعضها بعضا، حتى مات حول جمل عائشة خمسة عشر ألف مسلم، ومن بعدهم مائة ألف وعشرة من المسلمين في صفّين، لا تعلم من فيهم من يمكن أن نصفه بالشهيد ومن فيهم من يمكن أن نصفه بالظالم المفتري!

      أما عن زمن معاوية وولده يزيد فحدث ولا حرج عما جرى لآل بيت الرسول، وكيف تم جز رأس الحسين لترسل إلى العاصمة، وكيف تم غرس رأس زيد بن علي في رمح ثم غرسه بدوره فوق قبر جده رسول الله!. وإن ينسى المسلمون السنّة، فان بقية الفرق لا تنسى هذه الأحداث الجسام التي فرقت المسلمين فرقا وشيعا، كلها تمسحت بالدين وكان الشأن شأن سياسة ودنيا وسلطان.

      وإن ينسى المسلمون أو يتناسوا فان التاريخ يقرع أسماعنا بجملة مسلم بن عقبة المري لتأديب مدينة رسول الله "يثرب" ومن فيها من الصحابة والتابعين بأمر الخليفة القرشي يزيد بن معاوية. فقتل من قتل في وقعة الحرة التي هي من كبرى مخازينا التاريخية، إذ استباح الجيش نساء المدينة أياما ثلاثة حبلت فيها ألف عذراء من سفاح واغتصاب علني وهن المسلمات الصحابيات وبنات الصحابة والصحابيات.

      أما زياد بن أبيه، والي الأمويين على إقليم العراق، فقد شرّع القتل بالظن والشبهة حتى لو مات الأبرياء إخافة للمذنب، وشرّع قتل النساء. أما نائبه الصحابي "سمرة بن جندب" فان يديه قد تلوثتا فقط بدماء ثمانية آلاف من أهل العراق على الظن والشبهة، بل اتخذ تطبيق الحدود الإسلامية شكلا ساخرا يعبر عن تحكم القوة لا حكم الدين، كما في حال "المسود بن مخرمة" الذي ندد بشرب الخليفة للخمر، فأمر الخليفة بإقامة الحد إحقاقاً للشرع لكن على المسود بن مخرمة.

      ثم لا تندهش لأفاعيل السلطة وشهوتها في التقوى والأتقياء. فهذا الملقب بـ"حمامة المسجد" عبد الملك بن مروان لكثرة مكوثه في المسجد وطول قراءاته للقران وتهجده ليل نهار، يأتيه خبر انه قد أصبح الخليفة فيغلق القران ويقول له: "هذا آخر العهد بك"، ثم يقف في الناس خطيبا فيقول:"والله لا يأمرني أحد بتقوى الله بعد مقامي هذا وإلا ضربت عنقه".

      ولابد أن يجد الحجاج بن يوسف الثقفي هنا ولو إشارة؛ لأنه كان المشير على الخليفة؛ ولأنه من قام على إصدار النسخة الأخيرة من القرآن بعد أن عكف مع علماء الأمة على تصويب الإصدار العثماني وتشكيله وتنقيطه بإشراف شخصي دائم منه، ولم يثبت عليه حب الخمر أو اللهو. لكنه كان أيضا هو الرجل الذي ولغ في دماء المسلمين، وكانت مخالفته في أهون الشئون تعني قص الرقبة، فهو الذي قال:" والله لا آمر أحدا أن يخرج من باب من أبواب المسجد فيخرج من الذي يليه إلا ضربت عنقه". وهو أحد خمسة ذكرهم عمر بن عبد العزيز قبل خلافته في قوله: "الحجاج بالعراق والوليد بالشام وقرة بمصر وعثمان بالمدينة وخالد بمكة، اللهم قد امتلأت الدنيا ظلما وجورا".

      وقد سار الحجاج على سنّة سلفه زياد في إعدام النساء والقبض على أهل المطلوب حتى يسلم نفسه، ومنع التجمهر، وإنزال الجنود في بيوت الناس ووسط العائلات يلغون في الشرف كيفما شاءوا إذلالاً للناس وكسرا لإنسانيتهم، حتى انه أعدم من العراقيين في عشرين سنة هي مدة ولايته مائة وعشرين ألفا من الناس بقطع الرأس بالسيف أو الذبح من القفا أو الرقبة، دون أن نعرف من هم هؤلاء الناس ولماذا ذبحوا اللهم إلا على الاحتجاج على ضياع كرامة الإنسان، أو لمجرد الشبهة والظن.

      وقد وجد هؤلاء السادة في الذبح والحرق لذة وسعادة، بل فكاهة دموية. ففي فتوح جرجان سال أهل مدينة طمسية قائد المسلمين سعيد بن العاص بن عم الخليفة القائم عثمان بن عفان الأمان، مقابل استسلامهم على ألا يقتل منهم رجلا واحدا، ووافق القائد سعيد ففتحوا له حصونهم فقرر الرجل أن يمزح ويلهو ويضحك، فقتلهم جميعا إلا رجل واحد!

      وعندما وصل العباسيون إلى السلطة بدأوا حملة تطهير واسعة شملت من مواطني دمشق خمسين ألفا تم ذبحهم، وجعلوا من المسجد الأموي إسطبلاً لخيولهم. ولما استقام لهم الأمر استمروا على النهج الأموي في ظلم العباد وقهر آدمية الإنسان، وهو ما كان يدفع إلى ثورات، تنتهي بشي الثوار على نيران هادئة، أو بمواجهتهم للضواري في احتفالات رومانية الطابع.

      وهكذا كان الإنسان سواء مواطنا عاديا كان، أم كان في جيوش السلطان، في مقتطفات سريعة موجزة مكثفة من تاريخنا السعيد وزماننا الذهبي الذي يريد الدكتور محمد عمارة استعادته، لماذا؟ يقول لنا تحت عنوان "مميزات الدولة الإسلامية"، إن الشريعة الإسلامية فيها "تفوقت على غيرها من كل الشرائع والحضارات والقوانين الدولية، في أنها جعلت القتال والحرب استثناء مكروها لا يلجا إليه المسلمون إلا للضرورة القصوى". لذلك يرى الدكتور عمارة: "أن الدولة الإسلامية لم تخرج عن هذا المنهاج السلمي، حتى تضمن الدولة للمؤمنين حرية العيش الآمن في الأوطان التي يعيشون فيها"- مقالاته الحروب الدينية والأديان السماوية 7،8".

      لكن ماذا عند سيادة الدكتور ليقوله بشان تلك الجسام الجلل في تاريخ ما يسميه الدولة الإسلامية؟!.

      هذه دولتهم الإسلامية التي يريدون استعادتها لإقامة الخلافة مرة أخرى لتحرير فلسطين والعراق وإعادة الإمبراطورية القوية مرة أخرى. لقد كان زمنا ذهبيا بكل المعاني الذهبية بالنسبة للسادة الفاتحين الغزاة الحاكمين وحواشيهم من سدنة الدين وتجار البشرية، لكنه كان زمانا تعسا بائسا دمويا بالنسبة للمحكومين المغزوين المفتوحين.

      وإذا قيل هنا أن ذلك كان منطق ذلك العصر، فلا خلاف أبدا حول قول القائل. وإذا قيل انه لا يصح محاكمة ذلك الزمان بذوق زماننا الأخلاقي، أيضا ليس ثمة خلاف. لكن الخلاف ينشأ فور القول باستعادة هذا الشكل من الحكم والأنظمة بحسبانها الأمل والمرتجى. هنا لابد أن نحاكمها بذوق أيامنا، لنرى إن كانت هي الحلم المنشود والأمل المفقود، أم ستكون هي الختام لخير أمة أخرجت للأنام!

      نشر المقال في مجلة "روزاليوسف".
      ====
      ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم من مذهب أهل السنة والجماعة والذي أصبح همه الأول هو تلميع صورة السفاحين والمجرمين والقاتلين للمسلمين تحت غطاء أمرتهم للمسلمين! فيزيد قاتل الحسين عليه السلام أمير للمؤمنين! ومعاوية قاتل الإمام الحسن عليه السلام أمير للمؤمنين! وعائشة الخارجة على إمام زمانها الإمام علي عليه السلام والمتسببه في مقتل 30 ألف مسلم في حرب الجمل أم للمؤمنين! والقذر عمر بن الخطاب قاتل فاطمة الزهراء عليها صلوات الله أمير للمؤمنين! ولا أعلم لماذا يقدس أهل السنة والجماعة كل متوحش أو قاتل ظلم وقتل أهل البيت عليهم السلام ويمنحونه الألقاب والأوسمة ومنها لقب أمير المؤمنين؟ ولم يبقى إلا أبليس في مذهبهم لم يصبح أميراً للمؤمنين.!!! فحشرهم الله مع من يحبون ويتولون من المجرمين الفاسقين الملحدين المارقين.

      تعليق


      • رأي الإمام علي في أبو بكر وعمر لعنهما الله!!

        بسم الله الرحمن الرحيم
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
        اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
        رأي الإمام علي في أبو بكر وعمر لعنهما الله!!
        من مصادر الشيعة:
        كان أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح كبار رموز خط السقيفة، ومع ذلك وقف أمير المؤمنين (عليه السلام) في وجوههم قائلاً: «أيتها الغدرة الفجرة! والنطفة القذرة المذرة! والبهيمة السائمة»! (مستدركات نهج البلاغة ج1 ص284 عن كشف اللئالي لابن العرندس).
        من مصادر أهل السنة:
        ثم نشد عباسا وعليا بمثل ما نشد به القوم أتعلمان ذلك قالا نعم قال فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئتما تطلب ميراثك من ابن أخيك ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها فقال أبو بكر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نورث ما تركناه صدقة فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا والله يعلم إنه لصادق بار راشد تابع للحق ثم توفي أبو بكر وأنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم وولي أبي بكر فرأيتماني كاذبا آثما غادرا خائنا والله يعلم إني لصادق بار راشد تابع للحق.
        (صحيح مسلم - كتاب الجهاد والسير - رقم 1379).
        النتيجة النهائية من كتب الفريقين السنة والشيعة؛ هي إن نظرة الإمام علي عليه السلام ورأيه في أبو بكر وعمر لعنهما الله إنهما ((نطفة قذرة - غدرة فجرة - بهيمة سائمة - كاذبين آثمين وخونة وغدارين))!!
        وهذا وصل اللهم على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الميامين وألعن أعدائهم من الجن والأنس أجمعين آمين يا رب العالمين.

        تعليق


        • هل حذر الله ورسول الله (ص) من إرتداد الصحابة؟

          بسم الله الرحمن الرحيم
          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
          اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
          هل حذر الله ورسول الله (ص) من إرتداد الصحابة؟
          أخبرت الأوامر الإلهية ومنها تحذير الأمة من الانقلاب والارتداد بعده صلى الله عليه وآله، وهو ما قام به (صلى الله عليه وآله) فعليا.
          وهذا التفريع لا يلازم سكوت الله تعالى عن الذين سيرتدّون ويبدّلون دينه وينقلبون على أعقابهم، كيف وقد قال فيهم: ”وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ“ (آل عمران: 145) وقال فيهم: ”وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ“ (النور: 48) وقال فيهم: ”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ“ (المائدة: 54) وقال فيهم: ”يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ“ (المائدة: 42) وقال فيهم: ”وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ“ (المائدة: 93).
          أما رسولنا الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد حذر مرارا وتكرارا من أن كثيرا من أصحابه سينقلبون بعده، وأنهم سيأخذون بسنن اليهود والنصارى، ومعلوم أن على رأس تلك السنن اليهودية والنصرانية هو تحريف الدين السماوي.
          فقال (صلى الله عليه وآله) كما رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد: ”لتتبعنّ سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم! قلنا: يا رسول الله؛ اليهود والنصارى؟ قال: فمن“؟! (صحيح البخاري ج8 ص151 وصحيح مسلم ج8 ص57).
          وقال (صلى الله عليه وآله) كما رواه البخاري: ”أنا فرطكم على الحوض وليرفعن رجال منكم ثم ليختلجن دوني فأقول: يا رب أصحابي! فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك“! (صحيح البخاري ج7 ص206).
          وأخرج البخاري أيضا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ”يرد على يوم القيامة رهط من أصحابي فيجلون عن الحوض فأقول: يا رب أصحابي! فيقول: إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، انهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى“. (المصدر نفسه).
          وأخرج البخاري أيضا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ”بينا أنا قائم فإذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم، فقلت: أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: وما شأنهم؟ قال: انهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى. ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم، قلت: أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: ما شأنهم؟ قال: انهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى. فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم“. (المصدر نفسه).
          وعلى هذا يسقط ما توهّمتَه من أن الله تعالى قد سكت، أو أن رسوله (صلى الله عليه وآله) قد سكت، فهاهي الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة توضح بجلاء حتمية وقوع تحريف وتزييف للدين الإسلامي إلى درجة أنه ستتكون ثلاث وسبعون فرقة كلها في النار إلا واحدة! فهل بعد هذا يقول عاقل أن الدين لم يُحرَّف ويُزيَّف؟! إذا كان الأمر كذلك فما معنى نشوء كل هذه الفرق وما معنى الوعيد النبوي لها بالنار إلا واحدة؟!
          ليس معنى ذلك إلا حتمية وقوع التحريف وأن فرقة واحدة فقط ستبقى على الأصل، أي على الدين السليم.
          فابحث أنت عن هذه الفرقة الناجية، ولا أظنك ستجدها غير الذين شايعوا آل محمد صلوات الله عليهم! أوليس أهل البيت أدرى بما فيه؟!

          تعليق


          • بسم الله الرحمن الرحيم
            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
            اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
            الأدلة على إرتداد الصحابة من القرآن الكريم:
            وهذا التفريع لا يلازم سكوت الله تعالى عن الذين سيرتدّون ويبدّلون دينه وينقلبون على أعقابهم، كيف وقد قال فيهم: ”وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ“ (آل عمران: 145) وقال فيهم: ”وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ“ (النور: 48) وقال فيهم: ”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ“ (المائدة: 54) وقال فيهم: ”يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ“ (المائدة: 42) وقال فيهم: ”وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ“ (المائدة: 93).
            الأدلة على إرتداد الصحابة من كتب ومصادر أهل السنة:
            المصدر الأول:
            صحيح البخاري - الرقاق - في الحوض.
            ‏- حدثنا : ‏ ‏سعيد بن أبي مريم ‏ ، حدثنا : ‏ ‏محمد بن مطرف ‏ ‏، حدثني : ‏ ‏أبو حازم ‏ ‏، عن ‏ ‏سهل بن سعد ‏ ‏قال : قال النبي ‏ (ص) : إني ‏ ‏فرطكم ‏ ‏على الحوض من مر علي شرب ومن شرب لم يظمأ أبداً ليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفوني ، ثم يحال بيني وبينهم. ‏
            ‏- قال ‏أبو حازم ‏ : ‏فسمعني ‏ ‏النعمان بن أبي عياش ‏ ‏فقال : هكذا سمعت من ‏ ‏سهل ‏ ‏فقلت : نعم ‏ ‏فقال : ‏ ‏أشهد على ‏ ‏أبي سعيد الخدري ‏ ‏لسمعته وهو يزيد فيها ‏ ‏فأقول : إنهم مني فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول : سحقاً سحقاً لمن غير بعدي ‏، ‏وقال إبن عباس ‏: ‏سحقاً بعداً ‏ ‏يقال : سحيق بعيد سحقه وأسحقه أبعده.
            - ‏وقال ‏أحمد بن شبيب بن سعيد الحبطي ‏ ، حدثنا : ‏ ‏أبي ‏ ‏، عن ‏ ‏يونس ‏ ‏، عن ‏ ‏إبن شهاب ‏ ‏، عن ‏ ‏سعيد بن المسيب ‏ ‏، عن ‏ ‏أبي هريرة ‏: ‏أنه كان يحدث ‏ ‏أن رسول الله ‏ (ص) ‏ ‏قال : يرد علي يوم القيامة رهط من أصحابي ‏ ‏فيحلئون ‏ ‏، عن الحوض فأقول : يا رب أصحابي فيقول : إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك ، إنهم إرتدوا على أدبارهم ‏ ‏القهقرى. ‏
            المصدر الثاني:
            صحيح مسلم - صفات المنافقين وأحكامهم.
            ‏- حدثنا : ‏ ‏أبوبكر بن أبي شيبة ، حدثنا : ‏ ‏أسود بن عامر ، حدثنا : ‏ ‏شعبة بن الحجاج ‏، عن ‏قتادة ‏، عن ‏‏أبي نضرة ‏ ‏، عن ‏ ‏قيس ‏ ‏قال : قلت ‏لعمار ‏ أرأيتم صنيعكم هذا الذي صنعتم في أمر ‏ ‏علي ‏ ‏أرأيا رأيتموه أو شيئاً عهده إليكم رسول الله ‏ (ص) ‏ ‏فقال : ما عهد إلينا رسول الله ‏ (ص) ‏ ‏شيئاًً لم يعهده إلى الناس كافة ولكن ‏ ‏حذيفة ‏ ‏أخبرني : ، عن النبي ‏ (ص) ‏ ‏قال : قال النبي ‏ (ص) ‏ ‏في أصحابي إثنا عشر منافقاً فيهم ثمانية ‏لا يدخلون الجنة حتى ‏ ‏يلج ‏ ‏الجمل في ‏ ‏سم الخياط ‏ثمانية منهم ‏ ‏تكفيكهم ‏ ‏الدبيلة ‏، ‏وأربعة ‏لم أحفظ ما قال شعبة ‏ ‏فيهم. ‏
            المصدر الثالث:
            صحيح البخاري - في الحوض - الرقاق.
            ‏- حدثنا : ‏ ‏إبراهيم بن المنذر الحزامي ‏ ، حدثنا : ‏ ‏محمد بن فليح ‏ ، حدثنا : ‏ ‏أبي ‏ ‏قال : ، حدثني : ‏ ‏هلال بن علي ‏ ‏، عن ‏ ‏عطاء بن يسار ‏ ‏، عن ‏ ‏أبي هريرة ‏، عن النبي ‏ (ص) ‏ ‏قال : ‏ ‏بينا أنا قائم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم ، خرج رجل من بيني وبينهم فقال : هلم فقلت : أين قال : إلى النار والله قلت : وما شأنهم ، قال : إنهم إرتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال : هلم قلت أين قال : إلى النار والله قلت : ما شأنهم ، قال : إنهم إرتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ، فلا أراه يخلص منهم إلاّ مثل همل النعم.
            ونسألكم الدعاء...~

            تعليق


            • عقوبة وآثار بغض أهل البيت عليهم السلام!!

              بسم الله الرحمن الرحيم
              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
              اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف



              عقوبة وآثار بغض أهل البيت عليهم السلام!!

              بغض أهل البيت عليهم السلام :
              وبغضهم عليهم السلام عصيان لاَمر الله تعالى ولاَمر رسوله صلى الله عليه وآله وسلم القاضي بمحبتهم والتمسك بحبلهم والاقتداء بهديهم ، وهو بغض لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، قال الرسول الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم مشيراً إلى أهل البيت عليهم السلام : « من أبغضهم فقد أبغضني » (1)‌
              ، وقال الاِمام الرضا عليه السلام : « من أبغضكم فقد أبغض الله» (2) ، وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « من سبّ علياً فقد سبّني ، ومن سبني فقد سبّ الله » (3).
              وبغضهم عليهم السلام من علامات النفاق والشقاء ورداءة الولادة ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «من أبغضنا أهل البيت فهو منافق» (4).
              وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « لا يبغضنا إلاّ منافق شقي » (5).
              وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « لا يبغضهم إلاّ شقي الجَدّ رديء الولادة » (6).

              المصادر:
              1) ترجمة الاِمام الحسين عليه السلام من تاريخ مدينة دمشق : 91 | 126 .
              2) عيون أخبار الرضا عليه السلام : 2 | 279 .
              3) المستدرك | الحاكم 3 : 121 . وكنز العمال 6 : 401 . ومسند أحمد 6 : 323 . وخصائص النسائي : 24 .
              4) فضائل الصحابة 2 : 661 | 1126. والدر المنثور 6 : 7. وكشف الغمة 1 : 47. وذخائر العقبى : 18.
              5) ذخائر العقبى : 18 . وينابيع المودة 2 : 134 | 381 . والصواعق المحرقة : 230 .
              6) الرياض النضرة 2 : 189 . وأرجح المطالب : 309 . ومناقب العشرة : 189 .


              ====

              آثار بغضهم عليهم السلام :
              إذا كانت مودة أهل البيت عليهم السلام تضمن للمرء سعادة الدارين ، فإن بغضهم ونصب العداء لهم يوجب الخروج عن الملّة ودخول النار وغضب الجبّار والشقاء الاَبدي كما هو مدلول الاَحاديث الصحيحة الآتية :

              1 ـ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « والذي نفسي بيده ، لا يبغضنا أهل البيت أحدٌ إلاّ أدخله الله النار» (1).

              2 ـ وقال صلى الله عليه وآله وسلم : «صنفان من أُمتي لا نصيب لهما في الاِسلام : الناصب لاَهل بيتي حرباً ، وغالٍ في الدين مارقٌ منه» (2).

              3 ـ وقال صلى الله عليه وآله وسلم مشيراً إلى الحسن والحسين عليهما السلام : « من أبغضهما فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض الله ، ومن أبغض الله أدخله النار» (3).

              4 ـ وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « من أبغضهم أبغضه الله » (4).

              5 ـ وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « من أبغضنا أهل البيت حشره الله يوم القيامة يهودياً » قال جابر بن عبدالله الانصاري : فقلت : يا رسول الله ، وإن صام وصلّى وزعم أنّه مسلم ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم : « وان صام وصلّى وزعم أنه مسلم » (5).

              6 ـ وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « لمبغضينا أفواج من سخط الله » (6).

              7 ـ وقال الاِمام الباقر عليه السلام : « جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : يا رسول الله ، أكلّ من قال لا إله إلاّ الله مؤمن ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم : إن عداوتنا تلحق باليهود والنصارى » (7) .

              المصادر:
              1) المستدرك | الحاكم 3 : 162 | 4717 وصححه . والدر المنثور 6 : 7 . والصواعق المحرقة : 143 . والخصائص الكبرى 2 : 266 . وسير أعلام النبلاء 2 : 123 وغيرها .
              2) من لا يحضره الفقيه 3 : 258 | 10 كتاب النكاح ، باب ما أحلَّ الله عزّ وجلَّ من النكاح وماحرّم منه .
              3) مسند أحمد 2 : 288 . والمستدرك | الحاكم 3 : 166 . وسنن الترمذي 2 : 24 و 307 . والمعجم الكبير : 133 . وكنز العمال 13 : 105 . ومجمع الزوائد 9 : 181 . وذخائر العقبى : 123 . وتاريخ بغداد 1 : 141 .
              4) كنز العمال 12 : 98 | 34168 . وبشارة المصطفى : 40 .
              5) المعجم الاوسط | الطبراني 4 : 389 | 4002 . وأمالي الصدوق : 273 | 2 . وروضة الواعظين : 297 . ومجمع الزوائد 9 : 172 .
              6) تحف العقول : 116 . والخصال : 627 | 10 . وغرر الحكم : 7342 .
              7) أمالي الصدوق : 221 | 17 . وبشارة المصطفى : 120 .

              ونسألكم الدعاء.

              تعليق


              • لماذا يبغض الشيعة عائشة مع أنها زوج النبي وأم المؤمنين؟

                بسم الله الرحمن الرحيم
                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
                لماذا يبغض الشيعة عائشة مع أنها زوج النبي وأم المؤمنين؟
                قد قلنا في جواب سؤال سابق أن مجرد العلاقة الزوجية بنبي أو رسول أو إمام لا يكون موجبا للتعديل ولا حائلا عن الجرح، بل ينبغي أن تخضع زوجات الأنبياء والرسل والأئمة إلى البحث والتحقيق الذي من خلاله نعرف ما إذا كنّ مستحقات للموالاة والاحترام أم لا.
                وقد أرشدنا الله تبارك وتعالى إلى ذلك في محكم كتابه حين قال: ”ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ“ (التحريم: 10).
                وكما ثبت لدينا - بنص الكتاب - أن زوجتي النبي نوح والنبي لوط (عليهما السلام) كانتا خائنتين فاسدتيْن منحرفتيْن، كذلك ثبت لدينا - بنص الكتاب - أن زوجتي النبي محمد (صلى الله عليه وآله) عائشة وحفصة كانتا خائنتين فاسدتين منحرفتين، حيث قال تعالى: ”إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ، عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا“ (التحريم: 4 - 5).
                وقد اتفقت كلمة المسلمين جميعا على أن المقصود بالآيتيْن هما عائشة وحفصة، حيث تظاهرتا أي تآمرتا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في قصة التحريم الشهيرة، ولذا شهّر بهما الله تبارك وتعالى وفضحهما في القرآن وكشف إيذاءهما لنبيّه (صلى الله عليه وآله) ودعاهما إلى التوبة لأن قلوبهما قد صغت أي انحرفت عن جادة الإسلام، كما قد حذّرهما الله تعالى بتطليقهما واستبدالهما بزوجات خيرا منهما، يكنّ مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات، ومعنى ذلك أن عائشة وحفصة ما كانتا مسلمتيْن ولا مؤمنتيْن ولا قانتتين ولا تائبتيْن ولا عابدتين ولا سائحتين أي صائمتيْن، وإلا لم يكن الله تبارك وتعالى يقول: ”خيرا منكن“.
                هذا ولم يحكِ الله سبحانه في قرآنه المجيد أنهما قد آمنتا وتابتا، فيكون أصل كفرهما وخيانتهما وانحرافهما باقيا بنص القرآن، سيما وأن السيرة تعاضده، حيث قامتا بتسميم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقتله ثم التواطؤ على عزل خليفته الشرعي الإمام أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) ثم محاربته في معركة الجمل ثم منع تنفيذ وصية سبطه الإمام الحسن المجتبى (صلوات الله عليه) والتصدي لجنازته ورميها بالسهام، إلى غير ذلك من المواقف التي تشهد للمرأتيْن – سيما عائشة – بالنصب والعداوة لرسول الله وأهل بيته الأطهار عليهم أفضل الصلاة والسلام.
                وحيث أن الله تبارك وتعالى قال في فرقانه: ”إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا“ (الأحزاب: 57)، وحيث إنه قد ثبت بنص القرآن السالف أن عائشة وحفصة كانتا كافرتين متآمرتين فاسدتين خائنتين منحرفتين، وحيث إنه قد ثبت بنصوص مستفيضة متواترة من السنة القطعية أنهما قد آذتا رسول الله في عشرات الموارد والمواقف حتى وصفهما النبي بصويحبات يوسف ووصم عائشة بأنها ”رأس الكفر“ كما رواه مسلم في صحيحه ج4 ص2229 ح2905.
                فإن نتيجة كل ذلك الحكم بوجوب البراءة من عائشة وحفصة ووجوب لعنهما كمصداق لتلك البراءة، وهي وظيفة شرعية عقيدية لكل مسلم ومسلمة.
                أما الآية الشريفة التي سألتِ عنها وهي قوله تعالى: ”النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ“ فليس فيها بيان لفضل الزوجات بما هنّ زوجات، بل بيان لحكم تشريعي وهو أنه يحرم على المسلم أن يتزوج واحدة منهم بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنهن بمنزلة الأمّ في هذا التحريم، فيكون إطلاق هذا اللقب عليهن من قبيل قول القائل لزوجته في الظهار: ”أنت علي كظهر أمي“ أو نحو ذلك، فيثبت به التحريم، لا أقل ولا أكثر.
                ونسألكم الدعاء...~

                تعليق


                • إذا كان الأئمة يعلمون بالغيب فلماذا عرّضوا أنفسهم للموت؟

                  بسم الله الرحمن الرحيم
                  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                  اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
                  إذا كان الأئمة يعلمون بالغيب فلماذا عرّضوا أنفسهم للموت؟
                  الإجابة بإختصار:
                  جوابه اختصارا أن النبي وأهل بيته (عليهم الصلاة والسلام) يعلمون الغيب حيث قد أطلعهم الله تعالى عليه، وكما أنه سبحانه قد أطلعهم عليه، فإنه قد أمرهم بالاستجابة لما قضاه وقدّره عليهم فيه، وإلا لما كان هناك معنى لهذا الإطلاع لأن حدوث التغيير فيه لا يجعله حتما مقضيا. وليخبرونا عن إسماعيل النبي (صلى الله عليه) ألم يكن يعلم بأن الله قد أمر والده إبراهيم (صلى الله عليه) بذبحه، فلماذا استجاب له واستسلم؟ ألا يعد هذا انتحارا؟!
                  كلا بل هو تسليم لقضاء الله وقدره، وهنا مكمن العظمة وجلالة القدر والشأن، أن يعرف عليٌّ (صلى الله عليه) أن ابن ملجم (لعنه الله) عازم على قتله، وأن ذلك مما جعله الله تعالى حتما مقضيا، فيستجيب له ويستسلم. وهذه هي سيرة الأنبياء والأولياء عليهم الصلاة والسلام. وليتدبّروا وليرجعوا إلى مصادر التاريخ ليعرفوا أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أخبر أهل بيته بما يلقونه بعده، ومع ذا فإنهم أقبلوا على الموت غير مبالين إلا برضا الله سبحانه.
                  والله ولي التوفيق وبهِ نستعين.

                  تعليق


                  • ما هي أدلة مشروعية التوسل بمحمد وآل محمد عليهم السلام؟

                    بسم الله الرحمن الرحيم
                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                    اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
                    ما هي أدلة مشروعية التوسل بمحمد وآل محمد عليهم السلام؟
                    لا شك بأن جميع ما سوى الله تبارك وتعالى محتاجون إليه، غير أنه لا ملازمة بين الاعتقاد بذلك وبين الامتناع عن التوسل بالنبي الأطهر وآله الأطهار (صلوات الله وسلامه عليهم) بل إن هذا التوسل بحد ذاته هو عبادة لله تعالى، لأنه أمرنا به، فيكون الامتثال عبادة. وأما أمره سبحانه فقد جاء جليا وواضحا في قوله عز من قال: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون". (المائدة: 35). وقد شرح معنى (الوسيلة) مولانا رسول الله الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله: "نحن الوسيلة إلى الله، والوصلة إلى رضوان الله". (راجع البحار ج25 ص23).
                    كما جاء في الذكر الحكيم: "وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً". (النساء: 64). وقد روى ابن كثير – وهو من علماء المخالفين – في تفسير هذه الآية ما يأتي: "وقد ذكر جماعة منهم الشيخ أبو منصور الصباغ في كتابه (الشامل) الحكاية المشهورة عن العتبي قال: كنت جالساً عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي، فقال: السلام عليك يا رسول الله، سمعت الله يقول: "ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً"، وقد جئتك مستغفراً لذنبي مستشفعاً بك إلى ربي. ثم أنشأ يقول:
                    يا خير من دفنت بالقاع أعظمه فطاب من طيبهنّ القاع والأكمُ
                    نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرمُ
                    ثم انصرف الأعرابي فغلبتني عيني، فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النوم فقال : يا عُتبي.. الحق الأعرابي فبشره أن الله قد غفر له". (راجع تفسير ابن كثير ج1 ص532).
                    فهاهنا لاحظ أن الرجل جاء إلى مرقد النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) وخاطبه رغم أنه ظاهريا ميت، وطلب منه الشفاعة، واستشفع به إلى الله تعالى، فغفر الله ذنبه وأعطاه حاجته.
                    كما قد روى أحمد بن حنبل – وهو إمام الحنابلة الوهابيين – ما نصه: "أن رجلاً ضَرير البصر أتَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: ادْعُ الله أن يُعافيَني. قال: إن شئتَ دعوتُ لك، وإن شئتَ أخَّرتَ ذاك، فهو خير، فقال:ادْعُه. فأمَره أن يتوضَّأ، فيُحسِن وضوءه، فيصلِّي ركعتين، ويدعو بهذا الدعاء: (اللهم إني أسألك وأتوجّه إليك بنبيِّك محمد نبي الرحمة، يا محمد إنِّي توجَّهت بكَ إلى ربِّي في حاجتي هذه، فتَقضِي لي، اللَّهم فشفِّعْه فِيّ وشَفِّعني فيه). قال: ففعل الرجل، فبَرَأ". (راجع مسند أحمد ج4 ص138).
                    وهاهنا لاحظ أن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أمر ذلك الرجل الأعمى أن يدعو الله تعالى متوسلا بنبي الرحمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأن يخاطبه قائلا: "يا محمد" رغم أنه بعيد عنه حال الدعاء، أي أنه جعله وسيلته إلى الله تعالى، وبهذا شفاه الله من علّته.
                    وهذا الحديث الأخير في أعلى مراتب الصحة عندهم، فكيف يتجرأون بالقول أن من جعل نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) وسيلة إلى الله، وتوسّل وتشفّع به؛ يكون مشركا - والعياذ بالله - وقد أمر الله تعالى بذلك، وأمر رسوله بذلك؟!
                    فإن قالوا: إنما التوسل به كان في حياته، قلنا: أن حياته (صلى الله وعليه وآله وسلم) ومماته سيّان، فهو حي عند الله يُرزق، ويؤيد ذلك ما حكاه ابن كثير عن ذلك الرجل الذي أتى قبره وخاطبه وتوسّل به، فغفر الله له ذنبه وأعطاه حاجته.
                    وإن قالوا: إنما يجوز التوسل بالنبي وحده لا بغيره، قلنا: إن عليا أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) نفس رسول الله بنص كتاب الله، كما أنه صحّ عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله: "حسين مني وأنا من حسين".. إلى غيرها من النصوص الشريفة التي تثبت أن أهل البيت (عليهم السلام) نور واحد، ويكون حكم التوسل بهم واحد، فإذا جاز بأولهم جاز بآخرهم.
                    فلا يقولنَّ بعد ذلك أحد بأن هذا التوسل نوع شرك إلا كان جاهلا أو غبيا أو مستغبيا، وإلا فلا يتوسلنّ أحد منهم بالطبيب أن يشفيه إذا مرض بل ليقتصر توسلّه بالله تعالى لأن الطبيب محتاج إلى الله أيضا، فلا يجوز الطلب منه أو التوجه إليه بل يتوجب اقتصار الطلب على الطلب من الله واقتصار التوجّه على التوجّه إلى الله حيث هو النافع والضار وهو الشافي كما قال سبحانه: "وإذا مرضت فهو يشفين" (الشعراء: 80) فما بالهم يشركون بالله ويتوجّهون إلى الأطباء في المشفيات ويطلبون منهم الشفاء والدواء مع علمهم بما أورده البخاري من قول الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) في رقيته الشرعية: " اللهم رب الناس مُذهب البأس اشفِ أنت الشافي لا شافيَ إلا أنت" (البخاري ج10 ص206) فهاهنا يقول النبي (صلى الله عليه وآله) أنه لا شافي إلا الله، فكيف يتوسّلون بالأطباء للشفاء؟!
                    فإن قالوا: نحن إنما نطلب من الله فإنما الأطباء خلق الله وقد جعل الشفاء على أياديهم فلذا توجّهنا إليهم، قلنا: ونحن كذلك إنما نطلب من الله فإنما النبي وأهل بيته (عليهم السلام) خلق الله وقد جعل قضاء الحوائج واستجابة الدعوات ببركة التوسل بهم فلذا نتوجّه إليهم. فأي فرق بين هذا وذاك؟! أم على قلوب أقفالها؟!
                    ونسألكم الدعاء...~

                    تعليق


                    • ما طبيعة العلاقة بين عائشة ومعاوية؟ وهل سجدت شكراً عندما قتل أبن ملجم الإمام علي (ع)

                      بسم الله الرحمن الرحيم
                      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                      اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
                      ما طبيعة العلاقة بين عائشة ومعاوية؟ وهل سجدت شكراً عندما قتل أبن ملجم الإمام علي (ع) ؟
                      كانا على وئام في البداية لوجود عدو مشترك لهما وهو أمير المؤمنين ومولى الموحدين صلوات الله وسلامه عليه، إلا أن أهدافهما كانت مختلفة، فعائشة كانت تريد الحكم لابن عمها وعشيقها طلحة في المقام الأول أو ابن أختها عبد الله بن الزبير في المقام الثاني، أملا في أن ترجع إليها حظوتها في الحكم من خلالهما. أما معاوية فكان يريد الحكم لنفسه ولبني أمية.
                      وانصدمت عائشة بالأمر الواقع وهو أن عليا (صلوات الله عليه) انتصر وذهب طلحة والزبير إلى الجحيم، فانطوت على نفسها مملتئة غيظا وحقدا على الإمام عليه السلام، إلى أن بلغها أنه قُتل فسجدت وأظهرت شماتتها وتمثّلت بالبيت المعروف: "فألقت عصاها واستقرّ بها النوى.. كما قرّ عينا بالإياب المسافرُ"! ثم قالت: من قتله؟ فقيل: رجل من مراد. فقالت: "فإن يكُ نائيا فلقد نعاه.. غلام ليس في فيه الترابُ"! فقالت زينب بنت أبي سلمة: ألعلي تقولين هذا؟ فقالت للفرار من بشاعة جريمتها: "إني أنسى! فإذا نسيت فذكروني"! (راجع مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الأصفهاني ص54 وتاريخ الطبري ج4 ص115 والكامل في التاريخ لابن الأثير ج3 ص394 والتمهيد لابن عبد البر ج19 ص162).
                      ثم لما استولى معاوية على الأمر داهنها واستمالها بالمال السياسي، إذ كان يعرف أنها مشاغبة وقد تؤلّب الناس عليه كما ألبت على عثمان من قبل وكانت السبب في قتله لأنه أنقص من عطائها أي راتبها السنوي ولم يعطيها ما كان يعطيها عمر، بل ساوى بينها وبين سائر أزواج النبي صلى الله عليه وآله.
                      ومن الصور التاريخية المنقولة عن رشاوى معاوية لعائشة؛ ما رواه ابن كثير من أن معاوية بعث إلى عائشة وهي بمكة بطوق قيمته مئة ألف، فقبلته! وأنه قضى عنها ثمانية عشر ألف دينار! (راجع سيرة ابن كثير ج7 ص137 وج8 ص136) وما رواه أبو نعيم من أن معاوية أهدى لها ثيابا وورقا وأشياء توضع في أسطوانها! (حلية أبي نعيم ج2 ص48) وما رواه ابن سعد من أنه بعث لها في ليلة واحدة مبلغا عظيما من المال يتجاوز عشرة آلاف درهم! (طبقات ابن سعد 5 ص18) وأن والي معاوية على البصرة عبد الله بن عامر أرسل إليها بنفقة وكسوة من بيت مال البصرة! (مسند أحمد ج6 ص77).
                      وبسبب تلك الرشاوى لم ترفع عائشة لواء المعارضة لمعاوية، وهوّنت من أمر جرائمه الواضحة مثل جريمة قتل حجر بن عدي (رضوان الله تعالى عليه) حيث ورد أنها وبضغط من أهل المدينة أرسلت مبعوثا هو عبد الرحمن بن الحرث بن هشام إلى معاوية في الشام ليتوسط في أمر إطلاق سراح حجر، لكن المبعوث وصل متأخرا بعدما وقعت جريمة القتل وانتهت، فعاد خائبا إلى المدينة. إلا أن عائشة لم تبدِ تلك "الحمية" تجاه ما وقع! وهوّنت منه حين قالت: "لولا أنّا لم نغير شيئا إلا آلت الأمور إلى أشد مما كنا فيه؛ لغيرنا قتل حجر"! (تاريخ الطبري ج4 ص192 والكامل لابن الأثير ج3 ص209). وقصدها من قولها أنها اكتشفت – حسب زعمها – من تجاربها السابقة أنها كلما تحرّكت تحركا سياسيا معارضا لإسقاط الحاكم وتغييره؛ تغيّرت الأمور إلى الأشد والأسوأ! لذلك فهي تمتنع عن الاعتراض على جريمة قتل حجر وأصحابه وتسكت عنها ولا تناوش معاوية كما ناوشت عثمان مثلا وبعده أمير المؤمنين (عليه السلام) بدعوى الإصلاح أو رفع المظالم! وهي تفضّل أن يبقى معاوية على رأس السلطة مع ظلمه وجوره حتى لا تؤول الأمور إلى الأسوأ!
                      إلا أن العلاقة بين عائشة ومعاوية شابها بعد ذلك نوع اهتراء وبرود إذ لم تجد عائشة أن لها تلك الحظوة التي كانت تتمناها، كما أنها فقدت أملها في أن يغدو ابن اختها خليفة، أضف إلى ذلك تقدّمها في السن وهرمها وعجزها. ومن هنا صدرت منها بعض الانتقادات ذات الطابع الخفيف لمعاوية وبني أمية، فشاب العلاقة بعض التوتر خاصة مع تصدي أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر لمروان بن الحكم والي معاوية على المدينة في أمر استخلاف يزيد. فما كان من مروان إلا أن اغتاله بأمر معاوية وهو في طريقه إلى مكة حيث هلك في موضع يُقال له الحبشي. (راجع في ذلك الاستيعاب لابن عبد البر ج2 ص393 والكامل لابن الأثير ج3 ص199).
                      وأما عن عبدها الذي سمته عبد الرحمن، فقد روى السيد المرتضى في الشافي عن مسروق أنه قال: "دخلت على عائشة فاستدعت غلاما باسم عبد الرحمن، فسألتها عنه. فقالت: عبدي. فقلت: كيف سميته بعبد الرحمن؟ قالت: حبا لعبد الرحمن بن ملجم قاتل علي"! (الشافي في الإمامة ج4 ص306).
                      وأما عن تسمية العبيد بأسماء فإن ذلك كانت عادة العرب حين شرائهم، ولا يشترط أن تكون (لعنها الله) قد غيرت اسمه، فقد تكون قد اشترته بعد استشهاد أمير المؤمنين (عليه السلام) فأسمته بهذا الاسم. هذا على رواية السيد. أما على رواية الشيخ أبي الصلاح الحلبي فإنها تكون قد أطلقته وغيّرت اسمه، إذ جاء: "قد بشرها بعض عبيدها بقتل صلوات الله عليه فقالت: فإن يك نائيا فلقد نعاه ناع ليس في فيه التراب! ثم قالت للعبد: من قتله؟ قال: عبد الرحمن بن ملجم. قالت: فأنت حر لوجه الله! وقد سمّيتك عبد الرحمن. ثم تمثلت ببيت آخر: وألقت عصاها واستقر بها النوى كما قرّ عينا بالإياب المسافر"! (تقريب المعارف ص411).
                      وتغيير الأسماء كان أمرا معتادا، كما غيّر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أسماء كثيرين من أصحابه، فقد غيّر مثلا اسم أحدهم وكان (حزن) إلى (سهل)، وآخر كان اسمه (عاص) غيّره إلى (عبد الله)، بل إنه (صلى الله عليه وآله) غيّر أسماء قبائل بأكملها، كقبيلة (بني مغوية) التي أسماها (بني رشدة). وهكذا. (راجع الإصابة في معرفة الصحابة لابن حجر والشواهد كثيرة).
                      ونسألكم الدعاء...~

                      تعليق


                      • أكذوبة وتناقض حديث العشرة المبشرين بالجنة ؟

                        بسم الله الرحمن الرحيم
                        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                        اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
                        أكذوبة وتناقض حديث العشرة المبشرين بالجنة ؟
                        الزعم بأن المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) قد بشّر أبا بكر وعمر بالجنة هو زعم باطل لأنه:
                        1- لم يروَ ذلك عن أئمة أهل البيت عليهم السلام، وهم الأئمة الشرعيين الذي يجب أخذ الدين عنهم، وإنما رواه أهل البدعة في كتبهم.
                        2- إن ما يسمى بحديث العشرة المبشرة يشهد بنفسه على وضعه واختلاقه، لأنه رواه سعيد بن زيد الذي زعم أنه أحدهم، وتزكية المرء لنفسه مردودة فكذا ما انضم إليها من تزكيته لغيره. قال تعالى: «فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ».
                        3- لو كان الحديث صحيحاً لما غضبت سيدة نساء العالمين (صلوات الله عليها) على أبي بكر وعمر واستشهدت وهي غاضبة عليهما، إذ كيف تغضب على مشهود لهم بالجنة وهي التي يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها؟! إذاً لا بد أن يكون الذين غضبت عليهم فاطمة الزهراء (عليها السلام) من أهل النار لا من أهل الجنة.
                        4- لو كان الحديث صحيحاً لما قاتل هؤلاء العشرة بعضهم بعضاً إذ كيف يعلم أحدهم أن الآخر من أهل الجنة ويقاتله؟! فقد قاتل طلحة والزبير (لعنهما الله) أمير المؤمنين (عليه السلام) في معركة الجمل وأبيا بيعته، وكذا قاتلهما أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى قُتلا.
                        5- لو كان الحديث صحيحاً لما شهد بعض هؤلاء العشرة على بعضهم الآخر بالكذب والإثم والغدر والخيانة والفجور والظلم، ففي حديث مسلم عن مالك بن أوس شهادة عمر بن الخطاب أن عليا (عليه السلام) والعباس كانا يعتبرانه ويعتبران أبا بكر بن أبي قحافة «كاذبين آثمين غادريْن خائنين»! (راجع صحيح مسلم ج5 ص151) وفي رواية الصنعاني وابن حبان أنهما «ظالمان فاجران»! (راجع مصنف الصناني ج5 ص470 وصحيح ابن حبان ج14 ص577) فكيف يتهم علي (عليه السلام) أبا بكر وعمر بذلك مع علمه بأنهما وهو جميعاً من أهل الجنة؟! إذاً لا بد أن يكون ذلك الحديث مختلقاً وإلا فإن أمير المؤمنين (عليه السلام) أورع وأتقى لله من أن يشهد على مشهود له بالجنة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأنه كاذب آثم غادر خائن فاجر ظالم.
                        6- لو كان الحديث صحيحاً لما ثار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله - وفيهم الأتقياء البررة - على الطاغية عثمان بن عفان حتى قتلوه، إذ كيف يثورون على رجل مشهود له بالجنة ويقتلونه؟!
                        7- لو كان الحديث صحيحاً لما جزع الطاغية عمر بن الخطاب عند الموت خوفاً من وروده النار، إذ كيف يجزع ويفزع ويخاف النار وقد ضمن له رسول الله (صلى الله عليه وآله) الجنة؟! روى البخاري عن ابن عباس: «دخلتُ على عمر لما طُعن فرأيته جزعاً فزعاً! فقلتُ: لا بأس عليك يا أمير المؤمنين، فقال: يابن عباس؛ لو أن لي طلاع الارض ذهباً لافتديتُ به من عذاب الله قبل أن أراه»! (راجع صحيح البخاري ج2 ص194)
                        ونسألكم الدعاء...~

                        تعليق


                        • كيف يرضى الله لنبيه أن يُدفن إلى جواره كافران؟

                          بسم الله الرحمن الرحيم
                          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                          اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                          كيف يرضى الله لنبيه أن يُدفن إلى جواره كافران؟

                          أما أولا؛ فلأن دفن أبو بكر وعمر بجواره (صلى الله عليه وآله) لم يكن بأمر الله تعالى أو بأمره أو بأمر خليفته الشرعي أو أهل بيته (عليهم السلام) بل كان بأمر الحكومة الانقلابية غير الشرعية، فيكون الدفن غصبيا، وبقاء مدفنهما بجواره (صلى الله عليه وآله) شاهد على هذا الغصب والانتهاك لبيت رسول الله صلى الله عليه وآله، وكفى به دليلا على سوء عاقبتهما وعاقبة كل من يؤيّدهما. قال الله تعالى: ”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ“. (الأحزاب: 54) والاحتجاج بأن هذا الدفن قد تم بإذن عائشة مردود بما فصّلناه في جواب سابق من أنها لا تملك هذا الحق أصلا، إذ ليس البيت بيتها شرعا.
                          وأما ثانيا؛ فعلى فرض أن جيفتيهما باقيتان عنده (صلى الله عليه وآله) فإن ذلك لا يمسّه بشيء، فهما في حفرتين من حفر النيران، وهو (صلى الله عليه وآله) في أعلى الجنان. وقد قال دعبل الخزاعي في وصف حال مجاورة قبر الإمام الرضا (عليه السلام) لقبر هارون الرشيد عليه لعائن الله:
                          قبران في طوس خير الناس كلّهم وقبرِ شرّهم هذا من العبرِ
                          ماينفع الرجسَ من قربِ الزكي وما على الزكيّ بقربِ الرجسِ من ضررِ
                          وأما ثالثا؛ فإن نفس جسد النبي (صلى الله عليه وآله) ليس في هذا القبر، وإنما قد رفعه الله تعالى إلى الجنة، لما ورد عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: ”ما من نبي ولا وصي نبي يبقى في الأرض بعد موته أكثر من ثلاثة أيام حتى ترفع روحه وعظمه ولحمه إلى السماء، وإنما تؤتى مواضع آثارهم ويبلغهم السلام من بيعد ويسمعونه في مواضع آثارهم من قريب“. (كامل الزيارات ص544 والكافي ج4 ص567 وغيرهما).
                          وأما رابعا؛ فإن جيفتيْ أبو بكر وعمر ليسا باقييْن في هذين القبريْن، وإنما قد قامت الملائكة بنقلهما إلى وادي برهوت حيث العذاب، واستبدلتهما بصاحبيْ رسول الله سلمان وأبو ذر (رضوان الله تعالى عليهما) ولذلك كان النبي (صلى الله عليه وآله) يشير إليهما بأنهما من أهل البيت. روى الشيخ الطوسي (عليه الرحمة) بسنده عن أبي بصير قال: ”حججت مع أبي عبد الله عليه السلام حتى إذا زار قبر جدّه صلى الله عليه وآله بالمدينة وزرنا معه؛ فقال له رجل من بني يقظان: يابن رسول الله.. إنهم يزعمون أنهم يزورون أبا بكر وعمر في هذه القبة! فقال عليه السلام: مه يا أخا يقظان، إنهم كذبوا! فوالله لو نُبش قبرهما لوُجد في مكانهما سلمان وأبو ذر، فوالله إنهما أحق بهذا الموضع من غيرهما. قال أبو بصير: فقلت: يابن رسول الله.. كيف يكون انتقال الميت ووضع آخر مكانه؟ فقال عليه السلام: يا أبا محمد.. إن الله عز وجل خلق سبعين ألف ملك يُقال لهم النقّالة، ينتشرون في مشارق الأرض ومغاربها، فيأخذون أموات العباد ويدفنون كلا منهم مكانا يستحقه، وأنهم يسلبون جسد الميت عن نعشه ويضعون آخر مكانه من حيث لا يدرون ولا يشعرون، وما ذلك ببعيد وما الله بظلام للعبيد“. (نفس الرحمن في فضائل سلمان للميرزا النوري ص636 عن كشف الحق وفوائد الفوائد وابن طاووس).
                          لذا فبقاء الوضعية الحالية بما تستبعه من تصوّرات خاطئة في أذهان العامة راجع لحكمة إلهية، فالناجي هو ذلك الذي يتوصّل إلى أن دفن أبي بكر وعمر بجوار النبي مثلبة لا منقبة إذ هو اغتصاب للبيت النبوي.
                          ونسألكم الدعاء...~

                          تعليق


                          • :: أكذوبة زواج عمر بن الخطاب من أم كلثوم ::

                            بسم الله الرحمن الرحيم
                            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                            اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
                            :: أكذوبة زواج عمر بن الخطاب من أم كلثوم ::
                            في محاولة لنيل الشرعية؛ يعمد كثير من أهل السنة إلى الاستدلال برواية تنص على أن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما الصلاة والسلام كان قد زوج ابنته أم كلثوم من عمر بن الخطاب، معتبرين أن ذلك يعني اعترافا منه بشرعيته، وإلا فلماذا زوّّجه ابنته إن كان يعده غاصبا لحقه في الخلافة؟
                            هذا السؤال الصعب في ظاهره، والبسيط في إجابته، يسوق كثيرا من أهل السنة إلى بناء فرضيات واستنتاجات تخالف ما يذهب إليه التاريخ من فصل مبدئي بين الشخصيتين؛ علي عليه السلام وعمر، ومن تلك الفرضيات أنهما كانا على وئام وسلام وتحاب وتصافٍ، وأن عليا عليه السلام كان معترفا بخلافة عمر وصحتها، وأنه كان له وزيرا، وما إلى ذلك من استنتاجات يصعب انطلاؤها على القارئ الجيد للتاريخ.
                            ولا تبدو رواية أكثر ضعفا من رواية أن أم كلثوم عليها السلام اقترنت بعمر، لما فيها من مخالفات لمنطق العقل. ومع ذلك فإن الاستشهاد بها يدفع أحيانا إلى مناقشتها علميا، وهو ما نرمي إليه هاهنا. فننقل بداية بعض نصوص هذه الرواية التي وردت في كتب أهل السنة.
                            فمنها: «أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنهما. ولدت قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أمّها فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
                            خطبها عمر بن الخطاب إلى عليّ بن أبي طالب فقال: إنها صغيرة. فقال له عمر: زوجنيها يا أبا الحسن، فإني أرصد من كرامتها ما لا يرصده أحد. فقال له علي رضي الله عنه: أنا أبعثها إليك فإن رضيتها فقد زوجتكها. فبعثها إليه ببرد وقال لها: قولي له: هذا البرد الذي قلت لك. فقالت ذلك لعمر. فقال: قولي له: قد رضيت رضي الله عنك. ووضع يده على ساقها فكشفها. فقالت: أتفعل هذا؟! لولا أنك أمير المؤمنين لكسرت أنفك، ثم خرجت حتى جاءت أباها فأخبرته الخبر وقالت: بعثتني إلى شيخ سوء! فقال: يا بنية إنه زوجك. فجاء عمر إلى مجلس المهاجرين في الروضة - وكان يجلس فيها المهاجرون الأولون - فجلس إليهم فقال لهم: رفئوني. فقالوا: بماذا يا أمير المؤمنين؟ قال: تزوجت أم كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب، سمعت رسول الله صل الله عليه وسلّم يقول: كل نسب وسبب وصهر منقطع يوم القيامة إلا نسبي وسببي وصهري. فكان لي به عليه السلام النسب والسبب، فأردت أن أجمع إليه الصهر. فرفّئوه». (الاستيعاب 4/1954).
                            ومنها: «خطب عمر بن الخطاب إلى عليّ بن أبي طالب ابنته من فاطمة، وأكثر تردّده إليه فقال: يا أبا الحسن، ما يحملني على كثرة تردّدي إليك إلاّ حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: كل سبب وصهر منقطع يوم القيامة إلاّ سببي ونسبي، فأحببت أنه يكون لي منكم أهل البيت سبب وصهر. فقام عليّ فأمر بابنته من فاطمة فزيّنت ثم بعث بها إلى أمير المؤمنين عمر. فلما رآها قام إليها فاخذ بساقها وقال: قولي لأبيك قد رضيت قد رضيت قد رضيت. فلما جاءت الجارية إلى أبيها قال لها: ما قال لك أمير المؤمنين؟ قالت: دعاني وقبّلني، فلما قمت أخذ بساقي وقال قولي لأبيك: قد رضيت، فأنكحها إياه. فولدت له زيد بن عمر بن الخطاب، فعاش حتى كان رجلاً ثم مات». (تاريخ بغداد 6/182).
                            ومنها: «أن عمر خطب إلى عليّ ابنته أم كلثوم، فذكر له صغرها، فقيل له: إنه ردّك، فعاوده فقال له عليّ: أبعث بها إليك، فإن رضيت فهي امرأتك. فأرسل بها إليه فكشف عن ساقها. فقالت: مه، لولا انك أمير المؤمنين للطمت عينيك. وقال ابن وهب، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جدّه: تزوّج عمر أُم كلثوم على مهر أربعين ألفاً. وقال الزبير: ولدت لعمر ابنه زيداً ورقيّة. وماتت أٌم كلثوم وولدها في يوم واحد، أصيب زيد في حرب كانت بين بني عدي، فخرج ليصلح بينهم، فشجّه رجل وهولا يعرفه في الظلمة، فعاش أيّاماً وكانت أمّه مريضةَ فماتا في يوم واحد. وذكر أبو بشر الدولابي في الذّريّة الطاهرة من طريق ابن إسحاق، عن الحسن بن الحسن بن عليّ، قال: لمّا تأيّمت أٌمّ كلثوم بنت عليّ عن عمر، فدخل عليها أخواها الحسن والحسين فقالا لها: إن أردت أن تصيبي بنفسك مالأ عظيماً لتصيبين. فدخل عليّ فحمدالله وأثنى عليه وقال: أي بنيّة، إنّ الله قد جعل أمرك بيدك، فإن أحببت أن تجعليه بيدي. فقالت: يا أبت إنّي امرأة أرغب فيما ترغب فيه النساء، وأحب أن أصيب من الدنيا. فقال: هذا من عمل هذين، ثم قال يقول: والله لا أكلّم واحداً منهما أو تفعلين، فأخذا شأنها وسألاها ففعلت، فتزوّجها عون بن جعفر بن أبي طالب. وذكر الدار قطني في كتاب الإخوة: إنّ عوناً مات عنها فتزوّجها أخوه محمد، ثم مات عنها فتزوجها أخوه عبد الله بن جعفر فماتت عنده. وذكر ابن سعد نحوه وقال في آخره: فكانت تقول: إنّي لأستحيي من أسماء بنت عميس، مات ولداها عندي فأتخوّف على الثالث. قال: فهلكت عنده. ولم تلد لأحدِ منهم». (الإصابة لابن حجر 4/321).
                            وعند التمعن في هذه الأحاديث، التي ورد كثير مما إليها في مصادر أهل السنة، تلفت حزمة من المفارقات والمتناقضات فضلا عن الشبهات النظر إلى حقيقة أن هذه القصة موضوعة مختلقة من أساسها. ونسجل هذه على نحو نقاط موجزة.
                            1) إن هذه الروايات والأحاديث، لم ترد في صحاح أهل السنة، كالبخاري ومسلم، وهو ما يمنعهم من الاحتجاج بها نظرا لعدم اعتدادهم بالكتب التي وردت فيها. ولكم من مرة احتج الشيعة بما ورد في تلك الكتب كـ «الصواعق» و«الذخائر» و«الإصابة» و«الطبقات» وما أشبه، لكن الفريق الآخر رفضها بحجة الاقتصار على الصحاح. ومنك.. عليك!
                            2) إن أسانيد هذه القصة، تحوم حولهم شبهات المناوءة لعلي عليه السلام، وهم ساقطون إثر ذلك. فهم بين مولى لعمر وقاضي الزبير وقاتل عمار وعلماء الدولة الأموية. وإضافة إلى ذلك؛ فإن رجال السند هم ما بين ضعيف وكذاب ومدلس ووضاع، وهذا ما اعترف به علماء السنة أنفسهم عندما تناولوا تلك الشخصيات وقيموها حسب علم الرجال لديهم. ولا يفسح المجال لسرد تقييم رجال السند لأنه بحث يطول به المقام، لكن من الجيد الإشارة إلى أن بعض هذه الأسانيد الواردة في تلك الكتب تنتهي إلى الأئمة كالصادق والباقر والسجاد عليهم السلام، وهنا ملاحظتان مهمتان: الأولى؛ أن إرجاع السند إلى أئمة أهل البيت عليهم السلام في مثل هذه الروايات الساقطة أمر ليس بغريب، فالمتتبع يلحظ أن القوم إذ أرادوا تدعيم عقائدهم ألصقوا كثيرا من الروايات بأهل البيت عليهم السلام، وذلك سعيا منهم للاحتجاج بها على من يعتقد بإمامتهم، ومن هذا القبيل ما وضعوه لأجل الإساءة إلى علي عليه السلام من خبر كاذب حول خطبته ابنة أبي جهل وغضب النبي صلى الله عليه وآله عليه وتهديده بتطليق الزهراء سلام الله عليها منه! ومنها أيضا ما وضعوه لترويج حرمة متعة النساء على لسان علي بن أبي طالب عليهما السلام رغم أن مذهبه يقول بحليتها وكذلك ابن عباس إلى آخر رمق من حياته كما يذكرون في كتبهم! ومنها أيضا ما وضعوه لإكساب شرعية للصحابة عندما زعموا أن حديث «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم» ورد على لسان الإمام الصادق عليه السلام رغم أن اللفظ الحقيقي للحديث المجمع عليه سنة وشيعة هو «أهل بيتي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم»! وإذا كان هذا الحديث الأخير صحيحا فهل يعقل أن يقتدي امرئ بعلي عليه السلام، ومعاوية، في زمنهما فيلحق تارة في عسكر هذا وأخرى في عسكر ذاك، ويكون مهتديا رغم أنهما في حالة حرب؟! أ فمنطق هذا؟! وحديث تزويج الإمام عليه السلام ابنته من عمر، هو مما شاكل هذه الأحاديث عندما نسبوها - في بعض أسانيدها - إلى الأئمة المعصومين عليهم الصلاة والسلام.
                            وأما الملاحظة الثانية؛ فهي أن علماء السنة أنفهسم بلغت بهم الجرأة لأن يقدحوا في أئمة أهل البيت عليهم السلام من حيث السند، فهم لا يرون الأخذ عنهم ولا يثقون بما رووه، كما قال ابن سعد صاحب الطبقات - بكل جسارة - في ترجمة الإمام الصادق عليه السلام: «كان كثير الحديث ولا يحتج به ويستضعف»! فإذا كانت هذه هي النظرة السنية إلى مسألة أخذ الشريعة من أهل البيت عليهم السلام، فكيف يمكن توثيق هذا الخبر وإن كان سنده متصلا بالآل الميامين صلوات الله عليهم أجمعين؟! ومنك.. عليك أيضا!
                            3) إن التناقض والتعارض في ترجمة حياة أم كلثوم، وما يعتريها من غموض وتضارب، دليل كبير على أن رواية أنها تزوجت من عمر رواية موضوعة. فعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك تضارب واضح في وفاة أم كلثوم عليها السلام، فالأخبار الواردة تقول أنها توفيت في عهد معاوية، لأن الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام صليا عليها خلف ابن عمر (سنن أبي داود 2/66)، هذا مع أن الثابت لدى علماء السنة أن أم كلثوم شهدت واقعة الطف مع أختها العقيلة زينب عليها السلام وخطبت تلك الخطبة المعروفة في الكوفة والمذكورة في الكتب، وقد أشار إلى تلك الخطبة ابن طيفور في كتابه (بلاغات النساء) وكذلك ابن الأثير في (النهاية)، فكيف تكون قد تُوُفيّت في عهد معاوية وبقت حتى عهد يزيد لتشهد الطف؟! يضاف إلى ذلك إلى أن الرواية الأولى التي ذكرناها والتي وردت في (تاريخ بغداد) لم يُذكر فيها اسم ابنة الإمام عليه السلام التي زوجها من عمر، ولم يقل أن اسمها أم كلثوم! ويضاف أيضا أن هناك اختلافا كبيرا بين علماء أهل السنة حول أبناء وبنات أم كلثوم، فبعض يقول أنها ولدت زيدا فقط، وبعض يقول زيد ورقية، والآخر يقول أنها ولدت زيدا ورقية وفاطمة، وآخر ينفي تماما أن لها عقب، بينما لم يجد أحد إلى يومنا هذا لها مدفنا، ولا لأولادها، رغم أنهم قالوا أن ابن عمر وعددا من الصحابة حضروا جنازتها مع ابنها زيد وصلوا عليهما، فأين هي ومن هي؟!
                            4) ما ورد في الرواية من أن عليا عليه السلام بعث ابنته إلى عمر بعدما أمرها بالتزين والتجمل والتصنع، ثم كشْف عمر عن ساقها ولمسها، بل وتقبيلها وجذبها وضمها، وهي تهدده وتستنكر ذلك منه بالقول: «لولا أنك أمير المؤمنين لكسرت أنفك»! ثم سكوت أمير المؤمنين عليه السلام عن ذلك واعتباره أمرا هينا وهو من هو في الغيرة والحمية، ألا يستدعي ذلك قليلا من الحياء عند أهل السنة بعدم الاحتجاج بهذه الرواية الموضوعة لأنها تسيء إلى إمامهم وخليفتهم عمر وتصوره بصورة قبيحة يقول عنها أحد علمائهم وهو ابن جوزي: «وهذا قبيح والله، لو كانت أمة لما فعل بها هذا، ثم بإجماع المسلمين لا يجوز لمس الأجنبية، فكيف ينسب عمر إلى هذا؟». (أنظر تذكرة خواص الأمة ص321).
                            5) اشتملت الرواية أيضا على قول عمر: «رفئوني» ومعناها: قولوا لي: بالرفاء والبنين. وهذه الكلمة هي من تقاليد الجاهلية التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إذ أخرج أحمد بإسناده: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قول بالرفاء والبنين وقال: قولوا بارك الله لك، وبارك عليك، وبارك لك فيها» (مسند ابن حنبل 3/451). أ فلا يستدعي ذلك أيضا ألا يحتج أهل السنة بهذه الرواية لأنها تسيء أيضا إلى عمر وتصوره بمظهر المحيي لتقاليد وسنن الجاهلية؟!
                            6) الرواية تقول أن أم كلثوم عليها السلام تزوجت بعد مقتل عمر، بعون بن جعفر بن أبي طالب، ثم بعدما توفي عون، تزوجت بأخيه محمد بن جعفر، ثم تزوجت بعد وفاة محمد بأخيه عبد الله. وهنا وقفتان مضحكتان: الأولى؛ أن عون ومحمد توفيا كما في مصادر أهل السنة على عهد عمر لأنها قتلا في حرب تستر التي كانت على عهده (أنظر الاستيعاب لابن عبد البر 3/1247). فكيف تزوجت أم كلثوم بعون ومحمد بعد مقتل عمر وهما توفيا قبله؟!
                            وأما الوقفة الثانية؛ فهي أن من قالوا بأنها تزوجت بعد وفاة كل من عون ومحمد بأخيهم الثالث عبد الله غفلوا عن أن عبد الله بن جعفر هذا هو زوج زينب عليها السلام أخت أم كلثوم عليها السلام، فهل يعقل أن يجمع شخص بين زوجتين شقيقتين وهو حرام شرعا؟! إن هذا التضارب يبعث أولا على السخرية، ثم على إسقاط الرواية التي يظهر منها أن وضّاعيها لم يلتفتوا قليلا إلى التاريخ حتى تكون كذبتهم أكثر إقناعا! الظاهر أنهم كانوا على عجلة من أمرهم!!
                            7) يستحيل أن يخالف علي عليه السلام أمرا لرسول الله صلى الله عليه وآله، ومن هذا المنطلق، فكيف يمكن له أن يزوج ابنته إلى عمر مع أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان أمره بأن يزوج بناته إلى أبناء جعفر عليه السلام أخيه، كما هو الثابت حيث قال أمير المؤمنين عليه السلام: «إنما حبست بناتي على أولاد جعفر» (أنظر الطبقات الكبرى 8/462). وذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وآله نظر إلى أولاد علي وجعفر عليهما السلام فقال: «بناتنا لبنينا وبنونا لبناتنا». فكيف يمكن لعلي عليه السلام أن يفرط بالوصية والعهد؟!
                            8) ما ورد في الرواية من أن الحسنين عليهما السلام حرضا شقيقتهما أم كلثوم على عصيان أمير المؤمنين عليه السلام في تزويجها بعد مقتل عمر من عون بن جعفر عندما قالا لها: «وإنك والله إن أمكنت عليا من رمتك لينكحنك بعض أيتامه، ولئن أردت أن تصيبي بنفسك مالا عظيما لتصيبنه» (أنظر أسد الغابة 5/614)، وكذلك الزعم بأن عقيلا عليه السلام تطاول على أخيه الإمام صلوات الله عليه بالقول: «ما تزيدك الأيام والشهور إلا العمى في أمرك» (أنظر ذخائر العقبى ص170)، أليس أمرا يضحك الثكلى لانتفاء عقلانيته؟! ثم أليس دليلا على أن هذه الرواية مكذوبة موضوعة من قبل أناس يريدون تشويه صورة أهل البيت عليهم السلام والإساءة لهم؟! قليلا من التفكر كافٍ للإجابة!
                            9) الواضح أن سبب وضع الرواية، إضافة إلى مراد إكساب شرعية لعمر وخلافته، أنهم حاولوا الجمع بين حديثه الذي روى فيه عن رسول الله صلى الله عليه وآله «كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي» وهذه القصة الموضوعة حول زواجه من إحدى بنات الرسول صلى الله عليه وآله، وذلك لإكساب فضيلة ومنقبة له في الوقت الذي يعد هذا الحديث أساسا منقبة لعلي عليه السلام لا غير، كما أورده الحاكم وأكده المناوي (أنظر فيض القدير 5/20). وهكذا تستمر محاولات التدليس، فتُجعل الروايات التي تسيء للخلفاء من قبيل «فاطمة بضعة مني من أغضبها فقد أغضبني» ملصوقة بعلي عليه السلام عندما افتري عليه بقصة خطبته من ابنة أبي جهل! في مقابل جعل الرويات التي تمدح عليا عليه السلام وتفضله على الخلق كافة من قبيل هذه الرواية «كل سبب ونسب» ملصوقة بالخلفاء! فكم هو مظلوم علي عليه السلام!!
                            10) منعا للإطالة، فإن ما شابه رواية التزويج هذه ورد في بعض كتب الشيعة أيضا، لكنها ساقطة وعلماؤهم لا يعتبرون بها، وذلك لأن الشيعة ليس لديهم «صحيح» روائي وإنما لديهم كتب جمعت الغث والسمين من الأخبار، والعلماء الذين جمعوها لم يحققوها وإنما اكتفوا بنقلها مع ذكر أسانيدها وهم أشاروا إلى ذلك. فلا يصح الاحتجاج برواية هنا أو هناك في كتب الشيعة وهي مردودة عندهم.
                            وعلى أية حال فإن عمر - حسب هذه الرواية - لم يتحقق مراده من أن يتصل نسبه برسول الله ولا ينقطع، لأنه لم ينجب من أم كلثوم - هذا إن كان تزوجها أصلا - إلا ولدا وقد توفي فانقطع نسله، ومعنى ذلك أحد أمرين: إما أن يكون ما بشّر به الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله من بقاء نسله إلى الأبد غير صحيح - والعياذ بالله - وإما أن يكون ما وضعه الوضاعون وما اختلقوه بشأن هذه القصة غير صحيح.. فعلى أيهما يقع الاختيار؟!
                            والله ولي التوفيق وبهِ نستعين.

                            تعليق


                            • من هو الذي عنده علم الكتاب؟ وهل ورد ذلك في مصادر المخالفين؟

                              بسم الله الرحمن الرحيم
                              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                              اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
                              يقول الله تعالى في آخر سورة الرعد: (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ)، هل المقصود بالذي عنده علم الكتاب هو أمير المؤمنين صلوات الله عليه؟ هل يوجد مصادر لذلك؟ هل ورد ذلك في مصادر المخالفين؟
                              من هو الذي عنده علم الكتاب؟ وهل ورد ذلك في مصادر المخالفين؟
                              نعم هو أمير المؤمنين صلوات الله عليه. وقد ورد ذلك مستفيضا في رواياتنا، ومنها ما رواه الصدوق عن أبي سعيد الخدري قال: ”سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن قول الله جل ثناؤه: قال الذي عنده علم من الكتاب. قال: ذاك وصي أخي سليمان بن داود. فقلت له: يا رسول الله فقول الله: قل كفى بالله شهيدا بيني و بينكم و من عنده علم الكتاب؟ قال: ذاك أخي علي بن أبي طالب“. (أمالي الصدوق ص659).
                              ومنها ما رواه العياشي عن عبد الله بن عطاء قال: ”قلت لأبي جعفر عليه السلام: هذا ابن عبد الله بن سلام بن عمران يزعم أن أباه الذي يقول الله: قل كفى بالله شهيدا بيني و بينكم - و من عنده علم الكتاب؟ قال: كذب! هو علي بن أبي طالب“. (تفسير العياشي ج2 ص220).
                              ومما روي في مصادر أهل الخلاف؛ ما رواه القندوزي الحنفي عن الثعلبي وابن المغازلي الشافعي بسنديهما عن عبد الله بن عطاء قال: ”كنت مع الباقر رضي الله عنه في المسجد فرأيت ابن عبد الله بن سلام، قلت: هذا ابن الذي عنده علم الكتاب. قال: إنما ذاك علي بن أبي طالب“. (ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ج1 ص305).
                              وروى القرطبي في تفسيره عن عبد الله بن عطاء قال: ”قلت لأبي جعفر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب: زعموا أن الذي عنده علم الكتاب عبد الله بن سلام. فقال: إنما ذلك علي بن أبي طالب. وكذلك قال محمد إبن الحنفية“. (تفسير القرطبي ج9 ص336).
                              ومما ينفي كون الآية قد نزلت في عبد الله بن سلام ويؤكد أنها قد نزلت في علي صلوات الله عليه؛ أن الآية مكيّة، ولم يكن ابن سلام حينها قد أسلم إذ إنه قد أسلم متأخرا في المدينة.
                              قال أبو حيان الأندلسي - وهو من علمائهم - في تفسير الآية: ”قال قتادة: كعبد الله بن سلام وتميم الداري وسلمان الفارسي. وقال مجاهد: عبد الله بن سلام خاصة. وهذا القولان لا يستقيما إلا أن تكون الآية مدنية، والجمهور على أنها مكية. وقال محمد بن الحنفية والباقر: هو علي بن أبي طالب“. (البحر المحيط لأبي حيان ج5 ص401).
                              وقد روى السيوطي بسنده: ”أن سعيد بن جبير سئل عن قوله: و من عنده علم الكتاب أهو عبد الله بن سلام؟ قال: وكيف وهذه السورة مكية“؟! (الدر المنثور للسيوطي ج4 ص69).
                              ونسألكم الدعاء...~

                              تعليق


                              • هل كان أبو بكر بن أبي قحافة أول من أسلم من الرجال حقاً ؟

                                بسم الله الرحمن الرحيم
                                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                                اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
                                هل كان أبو بكر بن أبي قحافة أول من أسلم من الرجال حقاً ؟
                                إن مقولة أن أبا بكر بن أبي قحافة (لعنة الله عليه) كان أول الرجال إسلاما بعد أمير المؤمنين وخديجة (صلوات الله عليهما) ما هي إلا أكذوبة من أكاذيب حزب السقيفة ومن والاهم، فإن شواهد عديدة في التاريخ تثبت عكس ذلك، وأن أبا بكر لم يسلم إلا متأخرا قبل الهجرة بقليل، وبعدما سبقه أكثر من خمسين رجلا إلى الإسلام!
                                من تلك الشواهد ما رواه الطبري عن محمد بن سعد بن أبي وقاص قال: "قلت لأبي: أكان أبو بكر أولكم إسلاما؟ فقال: لا.. ولقد أسلم قبله أكثر من خمسين"! (تاريخ الطبري ج2 ص60 والبداية والنهاية ج3 ص28).
                                ومنها ما رواه الطبراني من أن أبا بكر آمن بعد ظهور معجزة إسراء ومعراج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والتي وقعت أحداثها قبل الهجرة بسنة ونصف فقط على قولهم، فسُمّيَ يومئذ بالصدّيق! (المعجم الكبير للطبراني ج24 ص434 ومجمع الزوائد ج1 ص76 والسيرة الحلبية ج1 ص273).
                                ومنها ما تثبته ابنة أبي بكر؛ عائشة ؛ من أن أباها لم يكن أول القوم إسلاما بل كان رابعهم حين وقفت بالبصرة وقالت: "أبي رابع أربعة من المسلمين"! (الأوائل لأبي هلال العسكري ص98).
                                ومنها ما رواه الذهبي عن الحسن بن زيد: "أن عليا أول ذكر أسلم، ثم أسلم زيد (بن حارثة)، ثم جعفر (بن أبي طالب)، وكان أبو بكر الرابع أو الخامس"! (سير أعلام النبلاء ج1 ص216).
                                فعلى هذا وشواهد عديدة أخرى لا يكون مجال للشك في أن هذه الدعوى إنما كانت مما نسجه خيالهم واختلقته أقلامهم للتنزيل من مقام مولانا أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) وإنكار أسبقيته إلى الإسلام، وهي المنقبة التي لا يدفعها دافع إلا من أعمى الحقد والنصب بصيرته، كابن كثير وابن تيمية وأضرابهما، عليهما لعائن الله. مع أن أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تردّ عليهم حيث ورد قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) لابنته الزهراء (صلوات الله عليها) كما رواه إمامهم ابن حنبل: "زوجك أقدم أمتي إسلاما". (مسند أحمد بن حنبل ج5 ص662).
                                والذي يظهر من البحث التاريخي أن رجالا كثيرين سبقوا ابن أبي قحافة إلى الإسلام، منهم جعفر بن أبي طالب سلام الله عليهما، وزيد بن حارثة، ومصعب بن عمير، وبلال بن رباح، وعمار بن ياسر ووالداه ياسر وسمية، وأبو ذر الغفاري، وعبد الله بن مسعود، وغيرهم.
                                ثم إنه على فرض كون أبي بكر أول من أسلم بعد علي وخديجة عليهما السلام؛ فإنه لا ملازمة بين ذلك وبين القول بأفضليته واستحقاقه للخلافة، حيث لا نص شرعيا على ذلك، لأن الأفضلية في الإسلام إنما هي للأتقى كما قال الله سبحانه في محكم كتابه: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم". (الحجرات: 13).
                                وإن إسلام أبي بكر (لعنه الله) لم يكن نابعا من القلب، وإنما كان نابعا من الحرص والطمع، حيث علم الرجل من رهبان اليهود والنصارى أن هذا النبي العربي المسمى بمحمد (صلى الله عليه وآله) سيملك الشرق والغرب بعد بضع سنوات ليس إلا، فخطط الرجل منذ ذلك الحين لأن يقتنص الفرصة هو وصاحبه عمر (لعنة الله عليه) فيندسّان في جموع المسلمين بهدف الوصول إلى الإمارة والحكم، إما عن طريق تولية النبي لهما، وإما عن طريق إزاحته وخلافته بالمكر والحيلة وقتل النبي غيلة!
                                وقد بيّن هذه الحقيقة مولانا بقية الله الأعظم صاحب الزمان (صلى الله عليه وعلى آبائه الطاهرين) إذ قال: "إنهما أسلما طمعا، وذلك أنهما يخالطان مع اليهود ويُخبران بخروج محمد (صلى الله عليه وآله) واستيلائه على العرب من التوراة والكتب والمقدسة، وملاحم قصة محمد (صلى الله عليه وآله) ويقولون لهما: يكون استيلاؤه على العرب كاستيلاء (بخت نصر) على بني اسرائيل إلا أنه يدّعي النبوة ولا يكون من النبوة في شيء، فلما ظهر أمر رسول الله فساعدا معه على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله طمعا أن يجدا من جهة ولاية رسول الله ولاية بلد اذا انتظم أمره، وحسن باله، واستقامت ولايته". (الاحتجاج للطبرسي ج2 ص275).
                                فإن شككوا في حقيقة مخالطة أبي بكر لرهبان اليهود والنصارى كونها مروية في مصادرنا؛ استخرجنا لهم شاهدا من مصادرهم، حيث رووا أن أبا بكر كان مع قافلة تجارية فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) نحو الشام، فلما توقفت جلس النبي تحت ظل سدرة، فذهب أبو بكر إلى راهب يسأله عن الدين، وهناك سأله الراهب: "من الرجل الذي في ظل السدرة؟ فقال أبو بكر: ذاك محمد بن عبد الله بن عبد المطلب. فقال الراهب: هذا والله نبي! وما استظل تحتها أحد بعد عيسى بن مريم إلا محمد نبي الله. فوقع في قلب أبي بكر اليقين والتصديق، فلما نُبّئ رسول الله وهو ابن أربعين سنة، وأبو بكر ابن ثمان وثلاثين سنة، أسلم وصدّق رسول الله". (أسباب النزول للواحدي النيسابوري ص255 وكنز العمال ج12 ص506 وغيرهما كثير).
                                أما عن كون أبي بكر عندما أعلن إسلامه أسنّ من أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) وهو بذلك أرفع درجة منه وأكثر استحقاقا للخلافة؛ فلا يقول به إلا من لا عقل له ولا فهم! ذلك لأنه وإن كان أبو بكر أسنّ منه (صلوات الله عليه) إلا أن ذلك ليس موجبا لتقدمه عليه، وإلا لكان الحق في الخلافة لوالد أبي بكر – أبو قحافة – بدلا عنه! فمبلغ عمر الإنسان ليست له مدخلية في شأن الولاية والإمرة، فإذا قلنا بالوصية والتعيين كان مَن اختاره الله هو الأحق حتى ولو كان ابن يوم واحد بل ساعة، وإذا قلنا بالشورى – كما يزعمون – كان الأحق الأكثر علما وتقوى وعدالة حتى ولو كان شابا يافعا. وما من خلاف في الأمة على أن عليا (صلوات الله عليه) كان الأعلم والأتقى والأعدل والأقضى والأرفع منزلة والأسبق إسلاما والأكثر فضيلة ومنقبة، فكيف لأمثال أبي بكر وعمر أن يتقدّموا عليه وهم أراذل القوم!
                                هذا ومع ظهور النصوص الإلهية والنبوية الجلية الصريحة على تعيين أمير المؤمنين علي (عليه الصلاة والسلام) للخلافة؛ فلا يبقى مجال لهذه التأويلات الفاسدة والافتراضات المهترئة لتجويز خلافة أبي بكر (عليه اللعنة والعذاب) التي وقعت بالغصب والقهر والإكراه والكفر بشريعة سيد الأنام صلى الله عليه وآله وسلم.
                                ونسألكم الدعاء...~

                                تعليق

                                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                                حفظ-تلقائي
                                x

                                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                                صورة التسجيل تحديث الصورة

                                اقرأ في منتديات يا حسين

                                تقليص

                                لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                                يعمل...
                                X