إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

مدمج (مواضيع شيخ حسين الاكرف )

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اللعن والسب ليس من أخلاق أهل البيت ( عليهم السلام ) !!

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

    اللعن والسب ليس من أخلاق أهل البيت ( عليهم السلام ) !!
    نعم؛ اللعن والسب ليس من اخلاق اهل البيت ( عليهم السلام ) فهل رأيت نبي او وصي قد سب ولعن ؟؟ فلماذا نسب ونلعن اليس هذا من سوء القول ؟ اني اتحداكم ان رأيتم نبي او وصي قد سب او لعن شخص عادي مخالف الذي يرجو هدايته فإن سب ولعن هكذا جزافاً على كل من هب ودب فسوف يسبب نفور المخالف وابعاده وهو ليس من ادب الحوار والنقاش ان تسب وتلعن كل شخص بدأ بالنقاش معك ففي رواية وردت في كتاب نهج البلاغة لأمير المؤمنين (عليه السلام) من جملة كلام له وقد سمع قوما من أصحابه يسبون أهل الشام أيام حربهم بصفين فقال: «إني أكره لكم أن تكونوا سبابين، ولكنكم لو وصفتم أعمالهم، وذكرتم حالهم كان أصوب في القول وأبلغ في العذر، وقلتم مكان سبكم إياهم: اللهم احقن دماءنا ودماءهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم وأهدهم من ضلالتهم حتى يعرف الحق من جهله ويرعوي عن الغي والعدوان من لهج به». (نهج البلاغة ص323 من كلام له رقم 206).
    فنحن نعلم ان سب ولعن كل من هب ودب يكون من سوء القول ولايجوز سب ولعن المرجو هدايته ولكن الذي يجب سبه ولعنه هم المنافقين الظالمين الم يقل الله سبحانه وتعالى ”لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا“ (النساء: 149).

    فنعلم ان هناك استثناء في اللعن والسب لان الله تعالى قد لعن لقوله تعالى: ”أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ“. (البقرة: 160).
    في تفسير الصافي ج1 ص206 و 207 في تفسير هذه الاية : إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات كأحبار اليهود الكاتمين للآيات الشاهدة على أمر محمد وعلي عليهما السلام ونعتهما وحليتهما وكالنواصب الكاتمين لما نزل في فضل علي عليه السلام والهدى وكل ما يهدي إلى وجوب اتباعهما والايمان بهما من بعد ما بيناه للناس في الكتاب في التوراة وغيره ألئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون أي الذين يتأتى منهم اللعن عليهم من الملائكة والثقلين حتى أنفسهم فان الكافرين يقولون لعن الله الكافرين.

    والعياشي : عن الصادق عليه السلام في قوله اللاعنون قال نحن هم وقد قالوا هوام الأرض.
    وفي الاحتجاج وتفسير الامام عليه السلام : في غير هذا الموضع قال أبو محمد عليه السلام قيل لأمير المؤمنين عليه السلام من خير خلق الله بعد أئمة الهدى ومصابيح الدجى قال العلماء إذا صلحوا قيل فمن شر خلق الله بعد إبليس وفرعون وثمود وبعد المتسمين بأسمائكم والمتلقبين بألقابكم والآخذين لأمكنتكم والمتامرين في ممالككم قال العلماء إذا فسدوا هم المظهرون للأباطيل الكاتمون للحقائق وفيهم قال الله عز وجل أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون.
    وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال من سئل عن علم يعلمه فكتمه الجم يوم القيامة بلجام من نار .
    والقمي مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العالم علمه ومن لم يفعل فعليه لعنة الله.
    والعياشي عن الباقر عليه السلام أن رجلا أتى سلمان الفارسي رضي الله عنه فقال حدثني فسكت عنه ثم عاد فسكت ثم عاد فسكت فأدبر الرجل وهو يتلو هذه الآية : ( إن الذين يكتمون ) فقال له أقبل انا لو وجدنا أمينا لحدثناه الحديث.
    اما تفاسير اهل الخلاف في تفسير هذه الاية كتفسير البغوي ص176 وهو تفسير مشهور عندهم في قوله تعالى ( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب ) نزلت في علماء اليهود كتموا صفة محمد صلى الله عليه وسلم وآية الرجم وغيرهما من الأحكام التي كانت في التوراة ( أولئك يلعنهم الله ) وأصل اللعن الطرد والبعد ( ويلعنهم اللاعنون ) أي يسألون الله أن يلعنهم ويقولون اللهم العنهم . واختلفوا في هؤلاء اللاعنين قال ابن عباس : جميع الخلائق إلا الجن والإنس . وقال قتادة : هم الملائكة وقال عطاء : الجن والإنس وقال الحسن : جميع عباد الله قال ابن مسعود : ما تلاعن اثنان من المسلمين إلا رجعت تلك اللعنة على اليهود والنصارى الذين كتموا أمر محمد صلى الله عليه وسلم وصفته وقال مجاهد : اللاعنون البهائم تلعن عصاة بني آدم إذا اشتدت السنة وأمسك المطر وقالت هذا من شؤم ذنوب بني آدم.
    فمن هم الذين يستحقون هذا اللعن والسب هل المخالف المخدوع ام المنافق الزنديق ؟
    لاشك انه المنافق الزنديق فنعلم ان اللعن و السب انما موجه الى المنافقين الملعونين الذين حرفوا الدين وقلبوه وليس على كل من هب ودب؛ فالذي يستحق اللعن والسب نلعنه ونسبه واما الذي لايستحق يكون مخالفا للأية الكريمة ويكون ليس من اخلاق ومنهج اهل البيت عليهم السلام..
    فرسول الله نفسه الذي يقول أنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق الحديث المشهور فنعلم ان النبي ( صلى الله عليه وآله ) سيد الاخلاق الذي مدحه الله في كتابه المجيد فقال عنه جل شانه : وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ( القلم : 4 ) وهو نفسه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يدعو للسب والشتم واللعن ؟ حيث قال "إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة، وباهتوهم كي لا يطمعوا في الفساد في الاسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلمون من بدعهم، يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الاخرة". (الكافي للكليني ج2 ص375).
    فكيف نبي ورسول الله صاحب الخلق الرفيع يدعو للسب والشتم واللعن ( مع العلم ان الرواية صحيحة ) فلا بد ان هناك سبب وعلة قد بيناها لكم اعلاه بأن اللعن والسب انما هو موجه للمنافق الفاجر المنافق الغادر وقد ثبت لدينا ان ابا بكر وعمر ( عليهم اللعنة ) ملعونين حتى في روايات اهل الخلاف فمثلا في حديث مسلم عن مالك بن أوس شهادة عمر بن الخطاب أن عليا (عليه السلام) والعباس كانا يعتبرانه ويعتبران أبا بكر بن أبي قحافة «كاذبين آثمين غادريْن خائنين»! (راجع صحيح مسلم ج5 ص151) وفي رواية الصنعاني وابن حبان أنهما «ظالمان فاجران»! (راجع مصنف الصناني ج5 ص470 وصحيح ابن حبان ج14 ص577).
    فإذن اللعن والسب مشروع في الاسلام ولكن لأشخاص محددين الذين تم تحديدهم فأن معنى اللعن هو الطرد من رحمة الله فهو كما هو ايضا دعاء عندما نقول اللهم العن فلان اي اللهم انزل عذابك على فلان وضاعف عليه العقاب.
    سوف يسئل السائل الان اذا كان اللعن والسب مشروع في الاسلام هل ائمة الهدى قد لعنو وسبوا ؟ نقول نعم فقد اخرج الكليني عن الحسين بن ثوير وأبي سلمة السراج قالا: ”سمعنا أبا عبد الله عليه السلام وهو يلعن في دبر كل مكتوبة أربعة من الرجال وأربعا من النساء، أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية، وعائشة وحفصة وهند وأم الحكم أخت معاوية“. (الكافي ج3 ص342).
    وكان أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) يلعن في قنوت كل صلاة أبا بكر وعمر وعائشة وحفصة في الدعاء المعروف بدعاء صنمي قريش. (راجع كتب الأدعية ككتاب مصباح الكفعمي والبلد الأمين وأيضا كتاب المحتضر).
    وكذلك في زيارة عاشوراء المقدسة التي وردت لعن الاول والثاني والثالث المقصودين ابا بكر وعمر وعثمان ( لعنهم الله ) وليس كما يزعم البعض فسند زيارة عاشوراء من أقوى الأسناد، وصحة عباراتها لا يشك فيه عاقل، كيف وهي في أعلى درجات التواتر العملي عند فحول العلماء خلفا عن سلف، فما زالوا يواظبون على هذه الزيارة العظيمة ويروْن آثارها الإعجازية. وقد رُويت الزيارة بعدة طرق، منها رواية شيخ الطائفة ابن قولويه في (كامل الزيارات) وهو من أكثر كتبنا اعتبارا واعتمادا عند العلماء، وهناك جمع من العلماء يعتقدون بصحة جميع الروايات الواردة فيه. ومنها رواية الشيخ الطوسي في (مصباح المتهجد) بسند صحيح. ومنها رواية الشيخ المشهدي في (المزار الكبير) ورواية الكفعمي في (المصباح) ورواية السيد ابن طاووس في (مصباح الزائر) وغيرها من مصادر روائية لا يتسلل إليها الشك.
    وفي جميعها كما نرى مقطع لعن الثلاثة الظالمين، وليس بالإمكان الادعاء بأن هذا المقطع مدسوس مع كل هذا التواتر والشهرة العملية ووجود النسخ الأصلية القديمة، خاصة وأن جميع الزيارات المعتبرة المروية عن أئمتنا (صلوات الله عليهم) لا تكاد تخلو من لعن الظالمين والتبرؤ منهم، فالمضمون إذن واحد، فعلى أي أساس علمي يُزعم أن هذا المقطع بالذات مدسوس؟ إنما هو الهوى وحبّ التودّد إلى المخالفين ليس إلا، نعوذ بالله من أن نكون من أهله، من الذين يردّون كلام أهل البيت (عليهم السلام) لممالئة النواصب وأهل الخلاف.
    وايضاً كانت سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) تدعو على أبي بكر وتلعنه في كل صلاة، فقد أخرج ابن قتيبة - وهو من كبار علماء أهل الخلاف - أنها (عليها السلام) قالت لأبي بكر: ”والله لأدعونَّ عليك في كل صلاة أصليها“. (الإمامة والسياسة لابن قتيبة ج1 ص25).
    وحتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يلعن في صلاته في اصح كتب المخالفين، فقد أخرج البخاري: ”عن سالم عن أبيه أنه سمع رسول الله (ص) إذا رفع رأسه من الركوع من الركعة الأخيرة من الفجر يقول اللهم العن فلاناً وفلاناً وفلاناً بعد ما يقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد“. (صحيح البخاري ج5 ص35).
    فلا يأتي لنا شخص ويقول ان ذلك لايجوز لقول امير المؤمنين ( عليه السلام ) "كرهت لكم أن تكونوا لعانين شتامين". (وقعة صفين ص103، عنه البحار ج32 ص399).
    فنقول ان هذه الرواية اولاً ضعيفة في عمر بن سعد فهو مجهول، وعبد الرحمن بن عبيد بن الكنود وهو مهمل، والحارث بن حصيرة وهو مهمل أيضاً، واننا حتى لو سلمنا بصحتها نقول ان المقصود من الرواية هم المخالفين المخدوعين وليس المنافقين الغادرين لانك لو اهتمننا بهذه الرواية وتركنا الباقي اذن نقول للتشيع وللعلماء والتحقيق العلمي السلام !!!
    فعلينا الانصاف والتعقل قبل الحكم فهل هناك مجال للشك في اللعن والسب في الاسلام ؟
    فعندما يأتي شخص ويسبك ويلعنك فهل يصح على الشيعي المؤمن الرد بالمثل ؟
    جاء في استفتاء للسيد الخوئي: "سؤال 1181: من قال لغيره يا كلب أو يا حمار وأشباه ذلك فهل يجوز للغير أن يقابله بالمثل تمسكا بآية الاعتداء بالمثل أم ليس عليه إلا التعزير؟ الجواب: لايجوز". (صراط النجاة ج1 ص431).
    ولكن الذي يظهر من تقريرات السيد الخوئي أن هذا الرأي كان متبناه قبل أن يعدل عنه، فقد قال قدس سره: "وعن المحقق الأردبيلي في آيات الأحكام بعد ذكر جملة من الآيات الظاهرة في الاعتداء بالمثل، قال: فيها دلالة على جواز القصاص في النفس والطرف والجروح بل جواز التعويض مطلقا، حتى ضرب المضروب وشتم المشتوم بمثل فعلهما، إلى أن قال وتدل على عدم التجاوز عما فعل به وتحريم الظلم والتعدي.
    ومن هنا ظهر أن هذا الرأي لا بعد فيه خلافا ، وقد وقع التصريح بذلك في جملة من أحاديث العامة، وتقدم بعضها في الهامش". (مصباح الفقاهة ج1 ص440 ط مكتبة الداوري – قم).
    وإذا قذف المسلم أو الكافر غيره بما هو مشهور به ومعترف بفعله من كفر أو فسق فلا شيء عليه، بل المسلم عابد بذلك. (الكافي في الفقه ص418).
    وقال الشهيد الأول المتوفى سنة 786هـ: "وكذا يعزر بكل ما يكرهه المواجه مثل الفاسق وشارب الخمر وهو مستتر، وكذا الخنزير والكلب والحقير والوضيع إلا مع كون المخاطب مستحقا للاستخفاف". (اللمعة الدمشقية ص168، انتشارات دار الفكر – قم).
    وقال الشهيد الثاني المتوفى سنة 965هـ تعليقا على قول المحقق الحلي: "ولو كان المقول فيه مستحقا للاستخفاف فلا حد ولا تعزير" ما يلي: "والمراد بكون المقول له مستحقا للاستخفاف أن يكون فاسقا متظاهرا بفسقه، فإنه لا حرمة له حينئذ، لما روي عن الصادق (عليه السلام): "إذا جاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة له ولا غيبة". وفي بعض الأخبار: "من تمام العبادة الوقيعة في أهل الريب" فقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) "إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة، وباهتوهم كي لا يطمعوا في الفساد في الاسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلمون من بدعهم، يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الاخرة". (الكافي للكليني ج2 ص375).
    فالحاصل : اننا نلعن ونسب ولكن من يستحق اللعن والسب وليس لكل من هب ودب فأن ذلك من سوء القول وهو مخالف لأخلاق ومنهج اهل البيت ( عليهم السلام ) فنقول اذن لعنة الله على ابا بكر وعمر وعائشة وحفصة ومعاوية ويزيد بن معاوية واخر تابع لهم على ذلك وهذا والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
    ومع السلامة.

    تعليق


    • عودوا إلى محمد وعلي.. تعود إليكم القدس بالمهدي!

      بسم الله الرحمن الرحيم
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

      عودوا إلى محمد وعلي.. تعود إليكم القدس بالمهدي!
      قبل ثلاثة وثلاثين عاما، تجمهر الجنود الإسرائيليون حول حائط المبكى بعد انتصارهم واقتحامهم مدينة القدس الشريف في حرب 1967 وهتفوا مع قائدهم موشي دايان قائلين: "حطوا المشمش عـ التفاح.. دين محمد ولّى وراح"! وهتفوا أيضا وقد تملكتهم نشوة الانتصار: "محمد مات.. خلّف بنات"، وأضافوا: "هذا يوم بيوم خيبر"!
      وحتى تتضح الصورة أكثر فأكثر، فلندقق في ما كتبه الكاتب الصهيوني (إيرل بوغر) في كتابه "العهد والسيف" حيث اعتبر أن "المبدأ الذي قام عليه وجود إسرائيل منذ البداية هو أن العرب لا بد أن يبادروا ذات يوم إلى التعاون معها، ولكي يصبح هذا التعاون ممكنا فيجب القضاء على جميع العناصر التي تغذّي شعور العداء ضد إسرائيل في العالم العربي، وهي عناصر رجعية تتمثل في رجال الدين والمشايخ"! أما (غوريون) رئيس وزراء إسرائيل الأسبق فقال في تصريح: "إن أخشى ما نخشاه أن يظهر في العالم الإسلامي محمد"!
      هذه إذن طبيعة المواجهة، إنها ليست مواجهة سياسية، بل هي مواجهة دينية عقائدية بالأساس. فالصهاينة اليهود يرون في الإسلام مصدر تهديد حقيقي لأسس بقاء كيانهم الاستعماري وأطماعهم التوسعية ومصالحهم الاستراتيجية. وعلاوة على ذلك، فإنهم يختزنون حقدا كبيرا تجاه المسلمين منذ ذلك اليوم الذي هزموهم فيه بموقعة خيبر، وينصب حقدهم بالدرجة الأولى على شخص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
      إنه "الثأر" الذي يحكم عملية الانتقام المنظمة، ولذا نراهم هتفوا بهذه الهتافات ما إن استولوا على الأقصى الشريف. وباعتبار أن معول القوة والشجاعة والعزة لدى المسلمين يتمثل في علمائهم الربانيين فإن رؤوس حِراب الصهاينة توجهت نحو أولئك العلماء، كما نقلنا عن (بوغر) الذي وصمهم بالعناصر الرجعية التي تحول دون خضوع العرب لإسرائيل، ذلك الخضوع الذي أطلق عليه مسمى "التعاون".. فيا لله وللتعاون!
      وما من شك بأن المخططات الصهيونية ارتكزت على هدفية التفريق بين الشعب المسلم ودينه، ذلك لأن توافر الحالة الإيمانية في ما بين الصفوف من شأنه أن يكون سدا منيعا أمام كل محاولات الهيمنة والاستعباد، في حين أن تفشي ظواهر الانحلال والفساد والأفكار المنحرفة من شأنه أن يمهد طريق الخضوع والخنوع ويسهل عملية الانقياد.
      وحيث ابتعدت هذه الأمة عن دينها وتركت حضارتها وتخلت عن أئمتها وعلمائها، فإن ما حدث ويحدث لها من انحدار وتقهقر ومذلة ليس سوى نتيجة حتمية طالما حذّر منها المخلصون الواعون. وهاهو دم الطفل الفلسطيني والرضيعة الفلسطينية يسجل وصمة عار كبرى على جبين المسلمين الذين مازالوا يخطئون الجادة الصائبة المؤدية إلى استعادة كرامتهم بتحرير أراضيهم المقدسة في فلسطين.
      أما وقد أدركنا ذلك، واستوعبنا أن العلة كامنة فينا، فهل لنا أن نعود إلى صوابنا ورشدنا باتباعنا ما أمر الله تعالى به؟ ألم نقل أنها مواجهة دينية وصراع عقائدي.. فإذا كان الأمر كذلك لزم أن تكون آليتنا الدفاعية أيضا، دينية إيمانية عقائدية في محورها.
      ومن هذا المنطلق، ووفق هذا المنظور، فلنراجع أنفسنا وندقق في أحوالنا، لنكشف مكامن الخلل ونقاط الضعف الذي اعترانا. ولعلنا إن فعلنا ذلك لتيقنّا من أن إسرائيل لا تتحمل وحدها مسؤولية دم المقتولين من الفلسطينيين.. بل نحن أول من يتحمل المسؤولية! ونحن أول من فتح الباب على مصراعيه لوقوع هذه المجازر بحق الفلسطينيين! فما انقيادنا إلى زعماء عملاء وتخاذلنا عن النصرة والجهاد وابتعادنا عن قيمنا وتعاليمنا وقبولنا بحال التفرقة والتشتت التي ألمت بنا.. ليس كل ذلك إلا عوامل قدمت لأعدائنا فرصا ذهبية لإذلالنا واستعبادنا وإهانتنا في عقر دارنا!!
      فما هو سبيلنا الآن بعد إذ أدركنا أن الخلل فينا؟ ألا ينبغي لنا أن نراجع أدواتنا الدفاعية ونرتبها أولويا حتى نصيب الهدف؟ ألا يجدر بنا أن ننظم جهودنا ونصب طاقاتنا في مصب واحد حتى نستعيد كرامتنا ومجدنا؟
      والإجابة عن هذه التساؤلات لا تبدو صعبة، ولربما كانت أوضح من قرص الشمس لكن تعامي الأمة عن الحقيقة جعلها - أي الإجابة - متوارية عن الأنظار، ربما لأن أطرافا منّا أرادت ذلك أيضا، إذ هي تخشى الحقيقة مع الأسف!
      إننا نختصر الإجابة فنقول أن السبيل إلى استعادة الكرامة والعزة إنما يكمن في قيامنا بأمر واحد تتشعب منه كل الأمور الأخرى، ألا وهو "العودة إلى الله.. وآل الله". وهذا ما نعني به ترتيب الخطوات حتى تصب في ما بعد في مصب تحقيق الهدف. ولعل إجابتنا تحتاج إلى تفسير لمعنى العودة، فأية عودة هي وكيف تكون؟
      إن العودة الحقيقية إلى الله تعالى تكمن في الالتزام بما أمر الله، وأهم ما أمر به هو الولاية لأهل البيت عليهم الصلاة والسلام، لأنهم قدموا لنا منهجا إسلاميا صافيا نقيا يوصلنا إلى حيث العزة والكرامة، وغيره من المناهج الناقصة إنما أوصلتنا إلى ما نحن فيه! فلو أن الأمة سلكت منذ البداية سبيل أهل البيت عليهم السلام، وهم الأئمة المبلغون عن الله والهادون لهداه، لعرفت أن طريق النجاة يكمن في تطبيق تلك التعاليم الحضارية والقوانين السامية التي أتوا صلوات الله عليهم بها إلينا، لكننا مع الأسف أهملناها وجعلناها من وراء ظهورنا فتسلط علينا من لا يرحمنا ومن أدخلنا في تسويات تفاوضية وصفقات استسلامية جعلت احتلال الآخرين لمقدساتنا.. تحصيلا حاصلا!
      ويتبادر هاهنا سؤال: لماذا نحصر سبيل النجاة بأهل البيت عليهم السلام؟ هل فقط لأن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: "مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى"؟ بالطبع لا.. ليس هذا هو السبب الأوحد، وإنما لأن الولاء لأهل البيت عليهم السلام والتمسك بهم والتزام تعاليمهم يخلق في الفرد المؤمن الواعي قوة ذاتية فاعلة تحركه باتجاه الظلمة والمفسدين، فتتخلص الأمة أولا من أولئك الذين يعبثون بنا باسم الدين تارة، وبسلاح السلطة أخرى، فتتوجه بعدئذ جهودنا نحو عدونا المشترك وندحره و"ما النصر إلا من عند الله".
      وما من حل لمشاكلنا وأزماتنا إلا عند آل الرسول صلوات الله عليهم، وما الإنقاذ إلا منهم، فإذا رمنا ذلك منهم، فاللازم علينا أن نتحرك باتجاههم، حتى ينهض ذلك المنقذ الغائب معنا ويسترجع لنا حريتنا وكرامتنا. وكما نقلنا عن (غوريون) إذ قال: "إن أخشى ما نخشاه أن يظهر في العالم الإسلامي محمد"!
      نعم.. إنهم يخافون أن يظهر شخص اسمه محمد وهو يماثل محمدا صلى الله عليه وآله، فمن يكون سوى الحجة بن الحسن المهدي صلوات الله عليه؟! ومن سواه يا ترى؟! هل نظن أن اليهود لا يعلمون أن بقاءهم مرهون بالحيلولة دون ظهور محمد؟! بلى.. إنهم مدركون لذلك تمام الإدراك، وكتبهم المقدسة تشهد بذلك.
      فأفيقوا أيها المسلمون.. إن النصر لا يتحقق إلا بالتمهيد لهذا المهدي عليه السلام الذي سيظهر ليقتلع أولئك الأنجاس من بيت المقدس، ويقيم دولة الحق والعدل والحرية والعزة والكرامة. فإن أردتم أن يتحقق ذلك؛ فعليكم أن تسلكوا سبيل آل محمد عليهم السلام، حتى يدفعكم ذلك إلى اكتشاف دينكم من جديد من منظارهم صلوات الله عليهم، فتأخذوا بأسباب العزة التي أوصونا بها، وتبذلوا قصارى جهدكم لتطبيقها. عندئذ يتحقق التمهيد ويظهر لكم محمد.. عجل الله تعالى فرجه الشريف.
      إن هذا المهدي الحبيب (صلوات الله عليه) لا شك أنه يتألم مما جرى في قدسنا وأقصانا، لكنه يتألم أكثر منا لأنا تركناه وتركنا آباءه الأطهار، وركنا إلى من سواهم، ولم نعد نتقن إلا الهتاف بالشعارات، فنقول "خيبر خيبر يا يهود.. جيش محمد سيعود". ونتساءل: من صاحب خيبر؟ من قالع بابها؟ أي جيش سيعود؟
      وكما لم يتحقق النصر في خيبر على يدي أبي بكر وعمر (عليهما اللعنة) اللذين استلما المهمة أولا، ثم تحقق على يدي الذي "يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله"، فإن النصر اليوم في فلسطين لن يتحقق إلا على يدي من يقتدي بذلك الذي سمته أمه "حيدرة" صلوات الله عليه. وهل جنوب لبنان إلا دليلا واضحا؟!
      ولنترك الحديث عن الحقيقة لرئيس المخابرات الفرنسية الأسبق (ألكسندر دي مارانش) إذ يقول: "إن أكبر الأخطار التي تواجه الشرق الأوسط هي قيام إمبراطورية شيعية من حدود الهند إلى شواطئ البحر المتوسط، وإن إسرائيل عند قيام هذه الإمبراطورية ستدفع ثمنا غاليا"! (جريدة الأهرام المصرية بتاريخ 14/10/1986). فهذه إذن مخاوفهم الحقيقية.. ممن يحملون تراث محمد وعلي! لا الذين يحملون تراث أبي بكر وعمر!
      فيا أيها المسلمون! عودوا إلى محمد وعلي، واتركوا أبا بكر وعمر.. لتعود إليكم القدس بالمهدي!
      اللهم عجل الفرج لوليك المنتظر المهدي القائم (صلوات الله وعليه وعلى آبائه الطاهرين) وأخز على يديه كل كافر..
      ومع السلامة.

      تعليق


      • القائم وما يفعله بالشيخين (أبو بكر وعمر) لعنهما الله!

        بسم الله الرحمن الرحيم
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
        اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
        القائم وما يفعله بالشيخين (أبو بكر وعمر) لعنهما الله!
        عن الإمام الصادق عليه السلام : يرد إلى قبر جده ص فيقول يا معاشر الخلائق هذا قبر جدي رسول الله ص فيقولون نعم يا مهدي آل محمد فيقول و من معه في القبر فيقولون صاحباه و ضجيعاه أبو بكر و عمر فيقول و هو أعلم بهما و الخلائق كلهم جميعا يسمعون من أبو بكر و عمر و كيف دفنا من بين الخلق مع جدي رسول الله ص و عسى المدفون غيرهما فيقول الناس يا مهدي آل محمد ص ما هاهنا غيرهما إنهما دفنا معه لأنهما خليفتا رسول الله ص و أبوا زوجتيه فيقول للخلق بعد ثلاث أخرجوهما من قبريهما فيخرجان غضين طريين لم يتغير خلقهما و لم يشحب لونهما فيقول هل فيكم من يعرفهما؛ فيقولون نعرفهما بالصفة و ليس ضجيعا جدك غيرهما فيقول هل فيكم أحد يقول غير هذا أو يشك فيهما فيقولون لا فيؤخر إخراجهما ثلاثة أيام ثم ينتشر الخبر في الناس و يحضر المهدي و يكشف الجدران عن القبرين و يقول للنقباء ابحثوا عنهما و انبشوهما فيبحثون بأيديهم حتى يصلون إليهما فيخرجان غضين طريين كصورتهما فيكشف عنهما أكفانهما و يأمر برفعهما على دوحة يابسة نخرة فيصلبهما عليها فتحيا الشجرة و تورق و يطول فرعها فيقول المرتابون من أهل ولايتهما هذا و الله الشرف حقا و لقد فزنا بمحبتهما و ولايتهما و يخبر من أخفى نفسه ممن في نفسه مقياس حبة من محبتهما و ولايتهما فيحضرونهما و يرونهما و يفتنون بهما و ينادي منادي المهدي ع كل من أحب صاحبي رسول الله ص و ضجيعيه فلينفرد جانبا فتتجزأ الخلق جزءين أحدهما موال و الآخر متبرئ منهما فيعرض المهدي ع على أوليائهما البراءة منهما فيقولون يا مهدي آل رسول الله ص نحن لم نتبرأ منهما و لسنا نعلم أن لهما عند الله و عندك هذه المنزلة و هذا الذي بدا لنا من فضلهما أ نتبرأ الساعة منهما و قد رأينا منهما ما رأينا في هذا الوقت من نضارتهما و غضاضتهما و حياة الشجرة بهما بل و الله نتبرأ منك و ممن آمن بك و من لا يؤمن بهما و من صلبهما و أخرجهما و فعل بهما ما فعل فيأمر المهدي ع ريحا سوداء فتهب عليهم فتجعلهم كأعجاز نخل خاوية ثم يأمر بإنزالهما فينزلان إليه فيحييهما بإذن الله تعالى و يأمر الخلائق بالاجتماع ثم يقص عليهم قصص فعالهما في كل كور و دور حتى يقص عليهم؛ قتل هابيل بن آدم ع و جمع النار لإبراهيم ع و طرح يوسف ع في الجب و حبس يونس ع في الحوت و قتل يحيى ع و صلب عيسى ع و عذاب جرجيس و دانيال ع و ضرب سلمان الفارسي و إشعال النار على باب أمير المؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين ع لإحراقهم بها و ضرب يد الصديقة الكبرى فاطمة بالسوط و رفس بطنها و إسقاطها محسنا و سم الحسن ع و قتل الحسين ع و ذبح أطفاله و بني عمه و أنصاره و سبي ذراري رسول الله ص و إراقة دماء آل محمد ص و كل دم سفك و كل فرج نكح حراما و كل رين و خبث و فاحشة و إثم و ظلم و جور و غشم منذ عهد آدم ع إلى وقت قيام قائمنا ع كل ذلك يعدده ع عليهما و يلزمهما إياه فيعترفان به ثم يأمر بهما فيقتص منهما في ذلك الوقت بمظالم من حضر ثم يصلبهما على الشجرة و يأمر نارا تخرج من الأرض فتحرقهما و الشجرة ثم يأمر ريحا فتنسفهما فِي الْيَمِّ نَسْفاً قال المفضل يا سيدي ذلك آخر عذابهما قال هيهات يا مفضل و الله ليردن و ليحضرن السيد الأكبر محمد رسول الله ص و الصديق الأكبر أمير المؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة ع و كل من محض الإيمان محضا أو محض الكفر محضا و ليقتصن منهما لجميعهم حتى إنهما ليقتلان في كل يوم و ليلة ألف قتلة و يردان إلى ما شاء ربهما.
        بحارالأنوار ج : 53 ص : 13 - 14.
        ونسألكم الدعاء.

        تعليق


        • بسم الله الرحمن الرحيم
          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
          اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
          أمير المؤمنين (ع) يُخبر الطاغية الثاني "عمر بن صهاك" بما يفعله به الإمام الحجّة (ع)
          - روى الشّيخ أبي جعفر ابن رستم الطبري الشّيعي (رضي الله عنه) بسنده عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، قال:
          "رأيت أمير المؤمنين عليه السلام وهو في بعض أزقّة المدينة يمشي وحده، فسلّمت عليه واتبعته حتى انتهى إلى دار الثاني، وهو يومئذ خليفة، فاستأذن فأذن له، فدخل ودخلت معه، فسلّم على الثاني وجلس، فحين استقرت به الأرض قال له: من علّمك الجهالة يا مغرور، أما والله، ولو ركبت القفر ولبست الشعر لكان خيرا لك من المجلس الذي قد جلسته، ومن علوك المنابر، أما والله، لو قبلت قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأطعت ما أمرك به، لما سميت أمير المؤمنين، ولكأنّي بك قد طلبت الإقالة كما طلبها صاحبك، ولا إقالة.
          قال: صاحبي طلب منك الإقالة؟
          قال: والله، إنك لتعلم أن صاحبك قد طلب مني الإقالة، ولم أقله، وكذلك تطلبها أنت، ووالله لكأني بك وبصاحبك وقد أُخرجتما طريّين حتّى تُصلبا بالبيداء.
          فقال له الثاني: ما هذا التكهّن، فإنكم يا معشر بني عبد المطلب، لم تزل قريش تعرفكم بالكذب، أما والله لا ذقت حلاوتها وأنا أطاع.
          قال له: إنّك لتعلم أنّي لست بكاهن.
          قال له: من يعمل بنا ما قلت؟
          قال: فتى من ولدي، من عصابة قد أخذ الله ميثاقها.
          فقال له: يا أبا الحسن، إني لأعلم أنّك ما تقول إلّا حقًّا؛ فأسألك بالله أن رسول الله سمّاني وسمّى صاحبي؟
          فقال له: والله، إن رسول الله سمّاك وسمّى صاحبك.
          قال: والله، لو علمت أنّك تريد هذا، ما أذنت لك في الدخول. ثم قام فخرج؛ فقال لي: يا أبا الطفيل اسكت. فوالله ما علم أحد ما دار بينهما حتّى قُتل الثاني، وقُتل أمير المؤمنين (عليه السلام)".
          المصدر:
          محمّد بن جرير بن رستم الطبري، دلائل الإمامة، (ط2، بيروت، مؤسّسة الأعلمي، 1408/ 1988)، ص253-254.
          ونسألكم الدعاء.

          تعليق


          • لماذا (يلعن) الشيعة أعداء أهل البيت عليهم السلام ؟!

            بسم الله الرحمن الرحيم
            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
            اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
            لماذا (يلعن) الشيعة أعداء أهل البيت عليهم السلام ؟!
            الجواب:
            لا شك بأن الشتم واللعن من سوء القول، ولا شك أنه مبغوض عند الله تعالى، إلا أنه إذا كان من المظلوم للظالم فهو محبوب عند الله تعالى! فقد قال سبحانه: ”لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا“ (النساء: 149)
            وحيث أنه قد ثبت لدينا أن عمر بن الخطاب - مثلاً - ظالم بنصّ إمامنا أمير المؤمنين (عليه السلام) إذ كان يدعو عليه بقوله: ”اللهم اجزِ عمر، لقد ظلم الحجر والمدر“ (الجمل للمفيد ص92) فإذن يجوز توجيه السوء من القول إليه، ويكون ذلك محبوباً عند الله تعالى بنص الآية الكريمة.
            وإنك لو دققت في ما نقول لوجدت أننا إنما نصف الأفراد بما يستحقون، فقولنا مثلا أن عمر كان ظالما فاجراً أو ما شاكل ذلك، ليس شتماً وإنما هو بيان لصفته الحقيقية بناءً على ما نملكه من أدلة، وقولنا أن خالد بن الوليد مجرم سفاح وغد ليس شتماً وإنما هو بيان لصفته الحقيقة بناءً على ما نملكه من أدلة، وهكذا. وهذا الأسلوب هو أسلوب القرآن الحكيم، فقد قال الله تعالى في بيانه لصفة علماء اليهود المعاصرين للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله: ”مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا“. (الجمعة: 6). كما أنه مما أمر به رسول الله صلى الله عليه وآله، حيث قال: "إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة، وباهتوهم كي لا يطمعوا في الفساد في الاسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلمون من بدعهم، يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الاخرة". (الكافي للكليني ج2 ص375).
            وأما إشراكك اللعن بالشتم والمساواة بينهما فخطأ فادح، ذلك لأن اللعن إنما هو بالأصل دعاء لله تعالى بأن يطرد فلاناً من رحمته ويوقع عليه عذابه، وهو مشروع إتفاقا لقوله تعالى: ”أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ“. (البقرة: 160).
            و اللعن هو من آداب الإسلام ومن منهاج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يلعن حتى في صلاته، فقد أخرج البخاري: ”عن سالم عن أبيه أنه سمع رسول الله (ص) إذا رفع رأسه من الركوع من الركعة الأخيرة من الفجر يقول اللهم العن فلاناً وفلاناً وفلاناً بعد ما يقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد“. (صحيح البخاري ج5 ص35).
            وكانت سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) تدعو على أبي بكر وتلعنه في كل صلاة، فقد أخرج ابن قتيبة - وهو من كبار علماء أهل الخلاف - أنها (عليها السلام) قالت لأبي بكر: ”والله لأدعونَّ عليك في كل صلاة أصليها“. (الإمامة والسياسة لابن قتيبة ج1 ص25).
            وكان أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) يلعن في قنوت كل صلاة أبا بكر وعمر وعائشة وحفصة في الدعاء المعروف بدعاء صنمي قريش. (راجع كتب الأدعية ككتاب مصباح الكفعمي والبلد الأمين وأيضا كتاب المحتضر).
            وكان أئمة أهل البيت (عليهم السلام) يلعنون أعداء الله في الصلوات وفي أدبار الصلوات كما كان يفعل الإمام الصادق عليه السلام، فقد أخرج الكليني عن الحسين بن ثوير وأبي سلمة السراج قالا: ”سمعنا أبا عبد الله عليه السلام وهو يلعن في دبر كل مكتوبة أربعة من الرجال وأربعا من النساء، أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية، وعائشة وحفصة وهند وأم الحكم أخت معاوية“. (الكافي ج3 ص342).
            ونحن لا نلعن إلا رموز الكفر والنفاق وأعلام الضلالة والبدعة، أما عوام المخالفين لنا فلا نلعنهم بل ندعو الله تعالى أن يهديهم إلى الحق بإذنه. فإذا تلقّيتَ أنت شخصياً شتماً أو لعناً من أحد من المنسوبين للتشيع، فاعلم أنه مخطئ، ولا تحسب ذلك على الكل، فإن بعض المسلمين أيضاً يصنعون ذلك مع الكفار، بل ويفجّرون القنابل والمتفجرات في أسواقهم فيقتلون نساءهم وأطفالهم، ويقومون بشتى الأعمال الإرهابية الوحشية باسم الإسلام، فهل يصحّ لكافر أن يعمّم ذلك على جميع المسلمين ويحسب أن هذه هي تعاليم الإسلام؟! كلا وحاشا، إنما نطالبهم بأن يكونوا منصفين فلا يحمّلوا سائر المسلمين جريرة ما تصنعه القلة الإجرامية الوهابية الإرهابية منهم. فكذلك نتمنى منك أن تكون منصفاً تجاه الشيعة، فلا تعمّم تصرفات أفراد منهم على الجميع.
            هذا مع أنك لو تدبّرت لرأيت أن الشيعة أكثر الناس ضبطاً للنفس والتزاماً بالأخلاق الفاضلة وردّ الإساءة بالإحسان، وأن ما يصيبه من مخالفيهم وخصومهم من القتل والذبح والاضطهاد والشتم والتحقير أضعاف أضعاف ما تصف، فأيّنا يحقّ له أن يشتكي من الآخر يا ترى؟! كن منصفاً بارك الله فيك.
            ومن آيات اللعن في القرآن الكريم:
            1 {وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ }البقرة88
            2 {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ }البقرة159
            3 {مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً }النساء46
            4 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً }النساء47
            5 {أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ وَمَن يَلْعَنِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيراً }النساء52
            6 {وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ }التوبة68
            7 {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً }الأحزاب57
            8 {رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً }الأحزاب68
            9 {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ }محمد23
            10 {وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً }الفتح6
            11 {وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ }البقرة89
            12 {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ }البقرة16113 {فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ }آل عمران61
            13 {أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ }آل عمران87
            14 {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُواْ نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ }الأعراف44
            15 {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أُوْلَـئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَـؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ }هود18
            16 {وَأُتْبِعُواْ فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ }هود60
            17 {وَأُتْبِعُواْ فِي هَـذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ }هود99
            18 {وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ }الرعد25
            19 {وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ }الحجر35
            20 {وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ }القصص42
            21 {يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ }غافر52
            22 {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً }النساء93
            23 {لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً }النساء118
            24 {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }المائدة13
            25 {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ }المائدة60
            26 {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ }المائدة64
            27 {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }المائدة78
            28 {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ }النور7
            29 {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }النور23
            30 {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً }الأحزاب64
            31 {وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ }ص78
            فهل عرفتم الآن لماذا الشيعة يلعنون المنافقين وقتله أهل البيت عليهم السلام ؟!

            تعليق


            • قال الإمام الصادق (ع): كذب من أدّعى محبّتنا ولم يتبرّأ من عدوّنا!!

              بسم الله الرحمن الرحيم
              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
              اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
              قال الإمام الصادق (ع): كذب من أدّعى محبّتنا ولم يتبرّأ من عدوّنا!!
              * قال الفقيه ابن إدريس الحلّي (رضي الله عنه):
              "مما استطرفناه من كتاب أنس العالم تصنيف الصفواني قال:
              - روي أن رجلا قدم على أمير المؤمنين عليه السلام فقال له يا أمير المؤمنين أنا أحبك، وأحب فلانا، وسمى بعض أعدائه، فقال عليه السلام، أمّا الآن فأنت أعور، فأمّا أن تعمى وأمّا أن تُبصر.
              - وقيل للصادق عليه السلام: أنّ فُلاناً يواليكم، إلّا أنّه يضعف عن البراءة من عدوكم، قال: هيهات، كذب من ادّعى محبّتنا ولم يتبرّأ من عدوّنا.
              - وروي عن الرضا عليه السلام أنه قال: كمال الدّين ولايتنا والبراءة من عدونا.
              ثم قال الصفواني: واعلم يا بنيّ، أنّه لا تتمّ الولاية، ولا تخلص المحبّة، وتُثبّت المودّة، لآل محمّد صلّى الله عليه وآله إلّا بالبراءة من عدوّهم، قريباً كان منك أو بعيداً، فلا تأخذك به رأفة، فإنّ الله عزّ وجل يقول: "لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آبائهم أو أبنائهم أو إخوانهم أو عشيرتهم".
              أبي جعفر محمّد بن منصور بن أحمد بن إدريس الحلّي (598هـ)، مستطرفات السّرائر، تحقيق مؤسّسة النشر الإسلامي، (ط2، إيران، مؤسّسة النشر الإسلامي، 1411هـ)، ص639-640.
              اللهمّ إنّا نبرأ إليك من أبو بكر وعمر وأتباعهم لعنهم الله تعالى.

              تعليق


              • في هذه المرحلة.. نعلن الحرب!

                بسم الله الرحمن الرحيم
                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                في هذه المرحلة.. نعلن الحرب!
                من البديهي جدا أن تتغير آليات العمل ومنطلقات التحرك عند أية جماعة تحمل رسالة تبعا لظروف المرحلة وأولوياتها ومتطلباتها من وجهة نظرها. وقبل أن ننطلق للتأسيس على هذه القاعدة وبيان الغاية من طرحها؛ نجد أن من الضرورة بمكان أن نناقش المسألة اعتمادا على شواهد ووقائع التاريخ الإسلامي العظيم، والسيرة العطرة لأئمتنا الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
                عندما نقرأ حركة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) وننظر في ملامحها وخصوصياتها؛ يلفتنا أن الحركة كانت تميل ميولا كبيرا نحو الإغضاء والتنازل واستجلاب المنفعة بأي نحو كان، ومع أيٍّ كان، دون التوقف كثيرا عند حدود التعاطي. وبهذا كان النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أوجد آلية لجذب أمم إلى الدخول في الإسلام عبر الإغراء المالي المتمثل بسهم المؤلفة قلوبهم، كما أنه (صلوات الله عليه وآله) تنازل عن كثير من حقوق الاقتصاص من القتلة والمجرمين الذين آذوا المسلمين في بدء حركتهم، وكذلك سمح بأن يصاحبه الأراذل بل وأن يتزوج من بناتهم حيث تزوّج من بنات أبي بكر وعمر وأبي سفيان (لعنة الله عليهم) مع علمه بما يرومونه بعد استشهاده، وصلّى على المنافقين كابن أبي سلول (لعنه الله) وكان يعلم بخططهم ومع ذلك فإنه قبل ببقائهم في المدينة، وعقد الألوية لأمثال خالد بن الوليد لعنه الله، وأمَّرَ من ينتسبون إلى بيوت الشرك والنفاق. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يعفو ويصفح أكثر مما يعاقب وينتقم، حتى أنه صفح عن المرأة اليهودية التي حاولت قتله بدسّ السم إليه، وعن هند آكلة الأكباد. إلى غير ذلك من شواهد وأمثلة تعطينا صورة واضحة عن الحركة النبوية، حاصلها أنها حركة إغضاء وتنازل واستنفاع لأجل ما هو أهم وأعظم شرعا، دون أن يعني ذلك خلوّها من الحسم والصرامة في بعض الموارد، فقد أباح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دم من هجاه، ودم من روّع ابنته زينب (عليها السلام) حتى ألقت جنينها، وطرد من المدينة من آذاه، وحارب كل من كان يقف في وجه الدعوة والحركة أو يبيّت شرا للمسلمين.
                أما عندما ننظر في حركة أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) فسنلاحظ أنها كانت حركة سمتها العامة المواجهة والحسم والصرامة والشدة، ولا مجال فيها للاستنفاع من دون التشديد على حدود التعاطي مع الأفراد والجماعات، وإلا لكان الأمير (عليه السلام) قد قبل بأن يبقى معاوية (لعنه الله) في ولايته للشام - كما رجا - إلى أن يستتب أمر الخلافة ويُعزَل، ولأعطى الحميراء عائشة عطاءها كما كان يعطيها أبوها وصاحبه لئلا تتمرد عليه، بل لقَبِل من قَبْلُ بأن يعمل بسيرة شيخي الضلال أبي بكر وعمر ليتولى الحكم بدلا من نعثل بني أمية، إلا أنه (صلوات الله عليه) لم يكن يقبل بالتنازل في هذه الموارد، وكان صارما في تعاملاته إلى أبعد حد، فلم يقبل بحاشية من الأراذل أو المتزلفين إلا في موارد خاصة جدا، وكان يخضع كل قوّاده وولاته وأصحابه ورجاله قبل تنصيبهم وتقريبهم إلى امتحان شديد، ولم يكن يوظف الإغراء المالي إطلاقا لاستمالة المنافقين أو المنحازين إلى خصومه، رغم انهم سعوا إلى ذلك مرارا دون جدوى. وكان الإمام (عليه الصلاة والسلام) أقرب إلى المجابهة والمحاربة والصراع مع أئمة الكفر والباطل؛ منه إلى المصالحة والمهادنة وغض الطرف.
                فهل أن الحركة العلوية كانت متناقضة أو متباينة مع الحركة المحمدية والحال أن عليا أخو محمد وعبده يتبعه اتباع الفصيل لأمه؟ ولماذا لم يلجأ الأمير (عليه السلام) إلى ما لجأ إليه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من أجل ضمان المصلحة العامة؟
                الجواب على ذلك؛ أنه ما من تباين ولا تناقض في المبدأ والأساس، وإنما هنالك اختلاف بين الحركتين تبعا لظروف المرحلة وأولوياتها ومتطلباتها. لقد كانت الحركة المحمدية حركة تأسيس يُراد منها بناء شريعة خاتمة وقيام دولة عالمية، وسط غابة من الجهل والضلالة والوحشية والرذائل، ولا يمكن أن يتأتى ذلك من دون غض للطرف عن المتجاوزين، واستمالة لقلوب المتذبذبين، وقبول لوجود المنافقين، وتنازل عن معاقبة المناوئين، وانحياز نحو المصالحة مع المحاربين، واستجلاب للمنفعة حتى بالمصاهرة مع الأراذل. أما الحركة العلوية فقد كانت حركة إصلاح يُراد منها تطهير الشريعة مما لحق بها من أوساخ المبتدعين، وتنقية الدولة مما شابها من الفساد الإداري والمالي، ورفع الظلم عن المحرومين والمستضعفين، وتأسيس خط يبقي على النقاء الإسلامي أبدا، ولا يمكن لذلك أن يتحقق من دون حسم وحزم وانحياز نحو التصدي والمواجهة والمحاربة مع الذين ببقائهم يبقى الفساد وتبقى الخبائث على حالها.
                وهذا ما يفسّر الاختلاف أيضا بين الحركتين الحسنية والحسينية، وهو أيضا يفسر كثيرا من الظواهر التي تستوقفنا في تاريخنا الإسلامي حتى من قبل حواريي الآل عليهم السلام، فسلمان المحمدي (رضوان الله عليه) كان واليا لابن صهاك على شدة كرهه له ليس إلا لأن دوره في تلك البلاد كان تأسيسيا تبليغيا. وأبو ذر الغفاري (رضوان الله عليه) كان مبلّغا إسلاميا تحت راية معاوية على شدة بغضه له ليس إلا لأن تكليفه الشرعي كان هداية أهل إفريقيا إلى الإسلام. أما عندما يتبدّل الدّور إلى الإصلاح والتطهير؛ فإننا نجد سلمان وأبا ذر المعارضيْن بقوة لا نظير لها.
                وبناء على هذا ونظائره؛ فإننا كخدام للمهدي (صلوات الله وسلامه عليه) نرى من واقع معايشتنا للمرحلة التي يمر بها التشيع أنها مرحلة تتطلب المواجهة والتصدي بل والمحاربة في بعض الأحيان، ذلك لأننا في مرحلة إصلاح وتقويم للاعوجاجات العقائدية سواء على الساحة الإسلامية العامة أو على الساحة الشيعية بوجه خاص، وفي الوقت ذاته فإننا في محل مقاومة للأفكار الدخيلة على الثقافة الإمامية، ومجابهة للممارسات المهددة لمصالح المؤمنين، والجالبة للفساد الثقافي والأخلاقي.
                نحن في موقف إعلان الحرب على كل من تسوّل له نفسه العبث بعقائدنا وثوابتنا الولائية، خاصة أولئك الذين يرومون تمييع العقيدة أو تسييسها أو الدخول في صفقات استسلامية مع المخالفين أو التنازل عن حقوقنا في الدفاع عن أئمتنا المعصومين (عليهم السلام) وفي فضح أعدائهم وقتلتهم الملعونين كجزء يسير من ردّ الظلم والانتقام والاقتصاص منهم عليهم جميعا لعائن الله.
                ولعل هذا يفسّر - لمن اعترض على مسار المواجهة - طغيان أدبيّات المعركة والمجابهة على خطابنا العام، مع أن الخطاب ذاته لا يخلو بين الحين والآخر من تأكيد على قيم اللطف والرفق واللاعنف وما إليها. ولكن المهم في النتيجة أن نفرّق بين المراحل لنرى أي المواقف يتلاءم معها، فعندما يكون الخدّام في بقعة من البقاع أو في ظرف من الظروف أو في عصر من العصور في مرحلة تأسيس، فلا بد لهم من اتباع مقننات الحركة المحمدية، وحينما يكونون في مرحلة إصلاح وتطهير فلا بد لهم من اتباع مقننات الحركة العلوية.
                واليوم حيث نعيش في عصر تهدد التشيع فيه عناصر وجهات ومنظمات وسلطات دخيلة، تريد لمصالحها أن تتحقق تحت ستار التشيع الأغر، فليس ثمة مجال للتصالح والإغضاء، وإنما القوة كل القوة في الوقوف ضد هذا المنكر وضد هذا الباطل. وإلا فلا نكون خدّاما بحق!

                تعليق


                • لا مكان في التشيع للجبناء!

                  بسم الله الرحمن الرحيم
                  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                  اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                  لا مكان في التشيع للجبناء!
                  ليس من الصعوبة عليك أن تؤمن بشيء ما؛ مادمت تخفيه في قرارة نفسك، ولكن من الصعوبة بمكان أن تؤمن، وتجهر بما تؤمن؛ وأنت مدرك سلفا بأن جهرك وإعلانك هذا سيجلب لك نقمة مَن حولَك من الناس!
                  وفي اتخاذك قرار الجهر والإعلان عمّا تؤمن به وتعتقد به؛ تكمن الشجاعة والبطولة، أما أن تكتم إيمانك وعقيدتك من دون وجود مبرر عقلائي لذلك؛ فإن ذلك معناه أنك جبان لا تملك الجرأة على التعبير عن نفسك والدعوة إلى دينك!
                  ولا يذهبنَّ الظن بك إلى أن "المبرر العقلائي" الذي يمكن به تعطيل الجهر، هو مجرد وقوع الضرر، أبدا؛ فإن مجرد وقوع ضرر عليك ليس عذرا يكفيك لأن تحبس لسانك عن النطق بالحق والقول بالصدق. بل حتى وإن كان الضرر بليغا عليك، كالقتل مثلا، فإن الجهر والإعلان لا يسقطان عنك إذا كان في قتلك إنقاذاً للدين والمؤمنين، وليس لك – إذا كان مناك الدرجات العلا - أن تمتنع عن ذلك إلا إذا كان قتلك يؤدي إلى انكسار للدين وللمؤمنين. فليست دماؤك بأغلى من دماء مولاك الحسين عليه السلام، ولا أنت بأكرم منه على الله جل وعلا.
                  إن سيد الشهداء (أرواحنا له الفداء) كان يعلم مسبقا بأنه مقتول لا محالة، وكذلك من كان معه، ولكنه نظر في تقييم المرحلة وما تستوجبه، فرأى أن السيوف تأخذ نفسه الشريفة خير من أن يبقى على قيد الحياة، حتى يستقيم دين جده الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. وكذلك ينبغي أن تكون أنت، مادمت تدعي أنك للحسين متََبِع، وللرسول مدين.
                  أيها الإنسان الشيعي!
                  انظر أنت الآن إلى خصوصيات مرحلتك والحقبة التي تعيش فيها، وستجد أن أهل هذا العالم من حولك لا يعرفون شيئا عن ولاية أهل البيت عليهم الصلاة والسلام! والسبب في ذلك ليس إلا لأنك أنت.. نعم أنت وأقرانك ممن يدينون بهذه الولاية.. لم تعملوا كما ينبغي لكم أن تعملوا، فالتزمتم بالإخفاء والتستر، والكتمان والانطواء، فحرمتم من حولكم من البشر من الاستنارة بنور محمد وآل محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين!
                  إن مَثَلكم مَثَل من يعيش وسط آلاف مؤلفة من المرضى الذين لا يشعرون بمرضهم، ورغم أنه يملك العلاج، إلا أنه يبخل به عليهم لأنه يتصوّر أنه إذا أظهره فإنهم سيعادونه، كونهم لا يحسّون أنهم مرضى!
                  قد يكون هذا صحيحا، ولكن جهلهم بمرضهم هذا هل يسمح لك بأن تحرمهم من العلاج؟! بالطبع لا.. فكيف تستمرئ أن يبقى كل هؤلاء البشر تائهين في ظلمات الجهل والشرك والنصب والإلحاد دون أن تذيقهم حلاوة ولاية علي عليه السلام؟!
                  ربما تسوّل لك نفسك انك معذور، لأنك "شيعي" والشيعي مأمور بالتقية!!
                  ألا فاعلم أن التقية لها شرائط وشرائط، ومعظمها ليس متحققاً في هذا الزمان، بل لا مجازفة بالقول أن التقية قد انتفت في عصرنا هذا لانكشاف كل معتقد أمام الآخر. واعلم أيضا أن هذه النفس التي تثبّطك عن الدعوة إلى الحق ليست سوى نفسك الأمّارة بالسوء! وكل ما يصدّك عن الصَّدْع بما تُؤْمَر ليس إلا وساوس الشيطان!
                  إن الشيعي هو الذي يقول: "مولاي علي"! وعلي (عليه السلام) كان بطلا فارسا شجاعا مغوارا لا يهاب في قول الحق أحدا. إن كنت كذلك فأنت شيعي حقا، أما إن لم تكن، وكنت منكفئا تلتمس لخوفك وجبنك الأعذار، فأنت كالذين "مولاهم عمر" الهارب في كل معركة إلى جحر من الجحور! فهل تقبل على نفسك أن تكون كذلك؟! أم تكون كالرجل الذي ذاب حبا في هوى علي (عليه السلام) وهو مولانا أبو ذر الغفاري (رضوان الله تعالى عليه) الذي عاش حياته كلها ثائرا؛ ناطقا بالحق؛ مرشدا إلى الولاية، حتى قضى نحبه شهيدا وحيدا غريبا، لكنه نال وساما يغبطه جميع الخلق عليه، وهو قول النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "يا أبا ذر! أنت منا أهل البيت"! فهل تضيّع على نفسك فرصة أن تغدو من أهل بيت نبيك؟!
                  أيها الإنسان الشيعي!
                  لقد خدعوك إذ قالوا: "اكتم واستر نفسك"! بل إن عليك أن تجهر وتعلن وتبلغ دين ربك للناس. اعمل على أن ترشدهم إلى طريق الحق، ولو قاومك بعضهم وحاربك؛ فعليك أن تفهم أن هذا أمر طبيعي، فهل تظن أنك ستجد درب الحق سهلا بسيطا؟! كلا وألف كلا.. إن طريق الحق مملوء بالأشواك، مكتظ بالوحوش، مغمور بالوعورة.
                  ولا يفيدك أن تبقى هكذا مؤمنا مستترا، مادام في مقدورك القيام بوظيفتك في التبليغ والهداية، فإن هذه الوظيفة ستُحاسَب عليها يوم القيامة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر هو من أعظم الجهاد. فأين المجاهدون اليوم في الشيعة؟! إنهم يغطون في سبات عميق! لأنهم تربّوا في مجتمعات عوّدتهم على الخنوع والخضوع والاستسلام للأمر الواقع!
                  أنت بنفسك اتخذ قرار التغيير، وقُل: "لا للانهزامية.. لا للتراجع.. لا للانكفاء". وأنت - أيها المؤمن الشجاع - يمكن لك أن تكون نموذجا في زمن الخوف هذا، فيقتدي بك أمثالك من أهل الولاء. وكن على ثقة بأن الله تعالى ومولانا حجة الله (عجل الله فرجه الشريف) وآباؤه الأطهار (صلوات الله عليهم) سيكونون معك. وليس المطلوب منك سوى أن تنزع عنك لباس الخوف، وتطلق لنفسك العنان، وتصدح بأعلى صوتك: "أيها الناس! قولوا (علي ولي الله) تفلحوا"..
                  ولئن أصابتك في هذا الأمر مصيبة، أو وقعت عليك بلية، فاعلم أن البلاء سمة المؤمنين الصادقين. فكن منهم، واتخذ لنفسك مقاما عند أئمتك وسادتك (سلام الله عليهم) واجعل الزهراء (صلوات الله عليها) تستبشر بك جنديا ثائرا من أجلها، منتقما لها ممن ظلمها وقتلها..
                  كن على ثقة بأنه لا مكان في التشيّع اليوم للجبناء! وأن الخدّام قد بدؤوا يدشنون عصرا جديدا من الشجاعة والإقدام والبطولة، ولا يهولنّك ما قد يصيبك وإياهم، فإننا جميعا لا نكون من شيعة علي (عليه السلام) حقا إلا إذا كان الوصف الذي وصف به شيعته ينطبق علينا.
                  أَوَ تدري ما قال؟! إنه قال: "إن لنا محبين لو قطّعنا الواحد منهم إربا إربا ما ازدادوا إلا حبا"!
                  كن من هؤلاء فإنك عما قريب ستلاقيهم عليهم السلام، وانظر لنفسك هل أنك ستلاقيهم بلباس الفارس الشجاع، أم بلباس الخائف الجبان؟!

                  تعليق


                  • حتى لا تتحول التقية إلى انهزام وانكسار!

                    بسم الله الرحمن الرحيم
                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                    اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                    حتى لا تتحول التقية إلى انهزام وانكسار!
                    ليس المراد من ولوج هذا المبحث إثبات مشروعية التقية في سياق محاججة الخصم المخالف، فذلك مما تم تناوله مرارا منا ومن غيرنا حتى ارتفع القلم عن بيان أفحم. وليس المراد تأسيس رأي جديد أو منهج خاص كما قد يظن بعض الذين قد يلتبس عليهم الأمر. وإنما يُراد بهذه المدوّنة إماطة اللثام عمّا اشتبه على بعض المؤمنين في حكم التقية في أصلها وموضوعها، سيما في زماننا هذا. وسنوجز القول ونبسّطه قدر الاستطاعة حتى لا تكون ملالة أو نقصان فهم.
                    "التقية" قاعدة فقهية ثانوية، حكمها هو الجواز الاستثنائي لا الوجوب الإلزامي كما يظن خطأ بعض الناس، وهي تبيح للمكلّف ارتكاب أمر محرّم مخالف للحق التكليفي في الشارع اتقاء للضرر المحتمل وقوعه عليه إنْ امتنع عن المخالفة، أي مخالفة الحق. وقد أجمعت الطائفة المحقة على مشروعيته بالقطع واليقين، كتابا وسنة وإجماعا.
                    أما الكتاب ففيه قوله عز وجل: "لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعلْ ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذّركم الله نفسه وإلى المصير". (آل عمران:28). وكذلك قوله عزّ من قائل: "من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم". (النحل:106).
                    وأما السنة المطهرة فقد بلغت الروايات بشأن التقية حد الاستفاضة، ومنها ما عن معمّر بن خلاد قال: "سألت أبا الحسن عليه السلام (الكاظم) عن القيام للولاة؟ (أي العمل في سلك حكومتهم) فقال: قال أبو جعفر عليه السلام (الباقر): التقية من ديني ودين آبائي، ولا دين لمن لا تقية له". (الكافي ج2 ص219). ومنها ما عن عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام (الصادق) قال: "اتقوا على دينكم واحجبوه بالتقية، فإنه لا إيمان لمن لا تقية له". (الكافي ج2 ص218). ومنها ما عن أبي عمرو الكناني عن أبي عبد الله (عليه السلام) أيضا في حديث أنه قال: "يا أبا عمرو.. أبى الله إلا أن يُعبد سرا، أبى الله عز وجل لنا ولكم في دينه إلا التقية". (المصدر نفسه). ومنها ما عن حريز عمّن أخبره عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: "ولا تستوي الحسنة والسيئة" قال: "الحسنة التقية والإساءة الإذاعة". (المصدر نفسه). ومنها ما عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: "التقية في كل شيء يضطر إليه ابن آدم، فقد أحلّه الله له". (المصدر نفسه) ونكتفي بهذا القدر.
                    وأما الإجماع، أي إجماع علمائنا المتقدمين والمتأخرين، فمعلوم ولا خلاف فيه، وتشهد عليه سيرة المتشرّعة.
                    · جائزة وليست واجبة بالأصل:
                    وتفصيلنا في هذا المقام هو في الحكم، ثم نأتي إلى الموضوع، فنقول أن التقية - على القاعدة - ليست واجبة بل جائزة، ولا يقول أحد بوجوبها إلا في موارد تحقق الضرر، وفي هذا نظر أيضا في إطلاقه، وسنأتي على تفصيل ذلك.
                    فقد أفاد الشيخ الأعظم الأنصاري (قدس سره) في المكاسب بتقسيم التقية إلى الأحكام الخمسة، فقال: "الواجب منها: ما كان لدفع الضرر الواجب فعلا، وأمثلته كثيرة. والمستحب: ما كان فيه التحرّز عن معارض الضرر، بأن يكون تركه مفضيا تدريجا إلى حصول الضرر، كترك المداراة مع العامة وهجرهم في المعاشرة في بلادهم فإنه ينجرّ غالبا إلى حصول المباينة الموجب لتضرره منهم . والمباح: ما كان التحرّز عن الضرر وفعله مساويا في نظر الشارع، كالتقية في إظهار كلمه الكفر - على ما ذكره جمع من الأصحاب - ويدل عليه الخبر الوارد في رجُليْن أُخذا بالكوفة وأُمرا بسب أمير المؤمنين عليه السلام. والمكروه: ما كان تركها وتحمّل الضرر أولى من فعله، كما ذكر ذلك بعضهم في إظهار كلمة الكفر، وأن الأولى تركها ممن يقتدي به الناس إعلاءً لكلمة الإسلام. والمراد بالمكروه حينئذ ما يكون ضده أفضل. والمحرم منه: ما كان في الدماء". (المكاسب ص320)
                    كما وذكر الشهيد الأول العاملي (قدس سره) في قواعده: "أن المستحب (من التقية) إذا كان لا يخاف ضررا عاجلا، ويتوهم ضررا آجلا، أو ضررا سهلا، أو كان تقية في المستحب، كالترتيب في تسبيح الزهراء (صلوات الله عليها) وترك بعض فصول الأذان. والمكروه: التقية في المستحب حيث لا ضرر عاجلا ولا آجلا، ويخاف منه الالتباس على عوام المذهب. والحرام: التقية حيث يؤمن الضرر عاجلا وآجلا، أو في قتل مسلم. والمباح: التقية في بعض المباحات التي يرجّحها العامة ولا يصل بتركها ضرر". (القواعد والفوائد ج2 ص158).
                    فعلى هذا؛ يتضح أن حكم التقية يكون تارة واجبا، وأخرى مستحبا، وثالثة مباحا، ورابعة مكروها، وخامسة حراما. وليس كما يفهمه بعض الناس من أن التقية واجبة على كل حال. بل هي ساقطة إلا إذا قام ما يوجبها من الشرائط الموضوعية، وهي تدور مدار حدوث الضرر ووقوع الشر على النفس أو العرض أو المال أو ما شابه لا محالة، وإلا فلا تقية مطلقا، فلا يجوز للمكلّف أن يعمل بالتقية ويخالف الحق أو يكتمه إلا إذا وجد الضرر ماثلا أمامه، أو إذا احتمل أن ترك التقية سيؤدي إلى وقوع هذا الضرر تدريجا كما قرّروه.
                    وكلامنا هنا هو في ما عدّه الشيخ الأعظم (قدس سره) مباحا من أصناف التقية، وذلك عندما يتساوى الإقدام على الضرر مع عدم الإقدام، وفي ما عدّه أيضا مكروها عندما يكون الامتناع عن التعرّض للضرر في سبيل إعلاء كلمة الإسلام حيث جعل الأولوية في عدم الامتناع ونقلها عن غيره من الأصحاب، ونضيف هنا أنه يستفاد من الروايات الواردة أن التقية ليست إلا رخصة استثنائية من الله سبحانه وتعالى لعباده، وليست إلزامية إلا مع شرط توهّم دفع الضرر عن النفس أو الجماعة بما لا يكون عكسه أفضل، أو إذا رأى المؤمن أن تركها في ظرف ما قد يؤدي إلى هدم الدين أو ما شابه، وهو ما قام به أئمتنا المعصومون (عليهم الصلاة والسلام) الذين عملوا بالتقية ووصّوا أتباعهم - في أزمنتهم - ورغّبوهم بها حفاظا على بيضة الإسلام والتشيّع الحق.
                    ولا يُقال: إن التقية واجبة إلزاما حتى في حال رأى المؤمن نفسه متعرّضا للضرر في سبيل الدين لقوله عليه السلام: "التقية من ديني ودين آبائي ولا دين لمن لا تقية له"؛ لأنه يُقال: إنّا لو أخذنا هذا المعنى لكانت مع ذا أيضا معارضة بالروايات الأُخَر الدالة على الرخصة والتخيير، فيبقى الحكم على ما هو من الجواز الاستثنائي لا الوجوب المطلق إذ لم يقل بذلك أحد لا من المتقدّمين ولا من المتأخّرين. وعند مراجعة الآيتين الكريمتين اللتين صدّرنا بهما البحث تتكشّف حقيقة أن التقية استثنائية لحفظ النفس اتقاء لوقوع الضرر البالغ، ولا دليل في الآيتين على الوجوب أو الإلزام كما لا يخفى. وإلى ذلك تشير الروايات الشريفة أيضا كما أسلفنا. ولا يمكن - والحال هذه - القول بأن التقية إلزامية استنادا إلى "لا دين لمن لا تقية له" لأن الإطلاق لا يتم عند المقابلة والمعارضة مع الأدلة الأخرى، والتي تكون - إذ ذاك - أكثر توضيحا للمعنى الشرعي.
                    · الضرورة حاكمة:
                    على أنه قد يُقال بأن اللجوء إلى التقية في مورد الدفاع عن الدين لا يكون إلا في أقصى حالات الضرورة، أي إذا وصل السيف الرقبة أو ما دون ذلك مما يدخل ضمن هذا الإطار، إذا كان ذلك في سياق المصلحة الإسلامية أو النهوض بأمر التبليغ. ذلك لأن الآية الكريمة تشير إلى الإكراه "إلا من أُكره"، والإكراه هنا يوحي بالشدة والقسوة والتيقّن من وقوع الضرر البالغ الأكيد، ويتأكد هذا المعنى عند مراجعة أسباب النزول حيث كان التهديد بالقتل وهو أشدّ ما يقع من الضرر اتفاقا، كما يتأكد إذا لاحظنا أن حكم الاستثناء - أي حكم التقية - قد جاء في الآيتين الكريمتين من مستثنى يعدّ أكبر الكبائر، وهو الكفر بالله جل وعلا، واتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين، وبهذه المقايسة يمكن القول بأن ما يستلزم اللجوء إلى هذا الحكم الاستثنائي لا يكون إلا وقوع ضرر بالغ أكيد يبرّر الإقدام على هذه الكبيرة الخطيرة. ولكن هذا القول محلّ تأمل من حيثية ورود الوسعة والعموم في اللجوء إلى التقية حيثما كانت ضرورة وذلك في لسان الروايات، وهو - أي ذلك القول السابق - إذ ذاك محلّ إشكال، لكنه لا يخلو من قوة في موضوع توقّف إعلاء كلمة الإسلام أو تحقيق المصلحة الإسلامية، إذ يجوز تارة ويستحب أخرى ترك المكلّف للتقية إنْ وجد أن في تركها مصلحة للدين حتى وإن كان فيها ضرر شخصي يقع عليه.
                    يدل على الجواز في ترك التقية ما رُوي من أن رجلين من أهل الكوفة اعتُقِلا فطالبتهما السلطات الأموية بالبراءة من أمير المؤمنين علي (عليه الصلاة والسلام) وإلا قتلتهما، فبرئ أحدهما وأبى الآخر، فأُطلق سراح المتبرئ وقُتل الممتنع. فبلغ ذلك الإمام الباقر (عليه الصلاة والسلام) فقال: "أما الذي برئ فرجلٌ فقيه في دينه، وأما الذي لم يبرأ فرجلٌ تعجّل الجنة". (بحار الأنوار ج72 ص436).
                    قال العلامة المجلسي في تعليقه على الرواية آنفة الذكر: "يدل على أن تارك التقية جهلا مأجور، ولا ينافي جواز الترك". (المصدر نفسه).
                    كما يدل على الجواز بل والاستحباب في ترك التقية إنْ توقّفت عليها مصلحة الإسلام ما رُوي من أن مسيلمة الكذّاب (لعنة الله عليه) قد أخذ رجليْن من المسلمين وأمرهما بالشهادة له بأنه رسول الله وإلا قتلهما، فأذعن الأول لذلك وشهد فأخلى سبيله، وأبى الآخر فقتله. فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: "أما الأول فقد أخذ برخصة الله، وأما الثاني فقد صدع بالحق، فهنيئا له". (البحار عن غوالي اللئالي ج72 ص434).
                    · رخصة يمكن تركها:
                    فالتقية إذن رخصة لمن أخذ بها، ومَن تركها يكون معذورا إن كان جاهلا وهو على كل حال مأجور، أما إن توقّفت عليها مصلحة الإسلام وإعلاء كلمته والصدع بالحق والقيام بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فذلك مما لا كلام في استحبابه الأكيد، وأعظم دليل عليه ما قام به سيد الشهداء (صلوات الله وسلامه عليه) إذ نهض بوجه الظالمين تاركا للتقية رغم تحقّق شرائطها الموضوعية كما لا يخفى حيث كان على شفا القتل والهلاك، وما ذاك إلا لأن المصلحة الإسلامية الكبرى كانت في ترك التقية والتضحية في سبيل الله حفظا للدين، بينما كانت المصلحة في زمان من تلاه من الأئمة الأطهار (عليهم السلام) في العمل بالتقية حفظا لوجود الأئمة وشيعتهم ولئلا يندثر ذلك الوجود أو ينضمر في ظل الإرهاب والملاحقات الأمنية التي كانت دأب السلطة آنئذ، ما كان يتطلّب إخفاء المؤمنين لأنفسهم وما يعتقدون وما يعملون حتى لا يُعرف أنهم من شيعة علي عليه السلام.
                    وعلى سبيل المثال لو أن مؤمنا وجد نفسه متعرّضا للقتل أو الحبس أو التعذيب أو التشريد أو ما شابه من الضرر، وكان يجد في قبال ذلك نصرةً للدين تستوجب التضحية منه، جاز له، بل استحب له أن يضحي ويعرّض نفسه للضرر، ولا ضير عليه في ذلك، ونقول: لا ضير، ولا نقول: يجب، فتأمّل.
                    قال في التنقيح: "وإذا كانت المفسدة المترتبة على فعل التقيه أشد وأعظم من المفسدة المرتبة على تركها، أو كانت المصلحة في ترك التقية أعظم من المصلحة المترتبة على فعلها، كما إذا علم بأنه إن عمل بالتقية ترتب عليه اضمحلال الحق، واندراس الدين الحنيف، وظهور الباطل، وترويج الجبت والطاغوت، وإذا ترك التقية ترتب عليه قتله فقط، أو قتله مع جماعة آخرين، ولا اشكال حينئذ في أن الواجب ترك العمل بالتقية، وتوطين النفس للقتل، لان المفسدة الناشئة عن التقية أعظم وأشد من مفسدة قتله.. ولعله من هنا أقدم الحسين عليه السلام وأصحابه رضوان الله عليهم على قتال يزيد بن معاوية عليهما اللعنة وعرضوا أنفسهم للشهادة، وتركوا التقية عن يزيد لعنه الله وكذا بعض أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام بل بعض علمائنا الابرار قدس الله أرواحهم وجزاهم عن الاسلام خيرا كالشهيدين وغيرهما". (بحث الطهارة لآية الله الخوئي ج4 ص257).
                    ولا أولوية على المكلّف في العمل بالتقية مطلقا، بل في ذلك نظر كما يقول العلامة المجلسي قدس سره، ويدلّ عليه ما وقع من ميثم التمّار (رضوان الله عليه) إذ أبى البراءة من الأمير (عليه السلام) في القصة المشهورة، وإن كان الدليل قائما على نهيه من البراءة من قبل الأمير صلوات الله عليه، لكن النهي ليس خاصا ويستفاد منه العموم.
                    وفي رواية الرجليْن الكوفيين التي مضى الكلام فيها مزيد استفادة، فإن الإمام (عليه السلام) عبّر عن الرجل المتبرئ بالفقيه في دينه، هذا مع ورود النهي عن البراءة في النص إذ قال عليه السلام: "أما السب فسبّوني فإنه لي زكاة ولكم نجاة، وأما البراءة فلا تتبرؤوا مني فإني وُلدت على الفطرة وسبقت إلى الإيمان والهجرة". (نهج البلاغة: 57). فكيف يكون فقيها وقد ارتكب محرّما منهيا عنه بإبداء البراءة حيث ورد أنه قد تبرّأ فأُطلق سراحه؟
                    الجواب هو أن المنع عن البراءة لم يكن دائميا بل كان هذا التوجيه منه (سلام الله عليه) لأهل عصره ملاحظة لأوضاعهم وظروفهم حيث كانت المصلحة الإسلامية في عدم التبرؤ مهما حصل ووقع حتى تتوكّد أركان التشيّع بعد رحيل رمزه واستشهاده، فإن رحيل القائد يوجب في معظم الأحيان تخلخل القاعدة المؤمنة به فينبغي حينئذ لها ما يدّعمها ويحفظ كينونتها، والإصرار على الموالاة وعدم التبرؤ هو ملاك واضح لذلك الحفظ. أما تعبير الباقر (عليه السلام) عن الرجل بالفقاهة إنما كان لكونه في موقفه ذاك مصيبا تمام الإصابة في اجتهاده الشرعي، عالما بجواز لجوئه إلى التقيّة لحفظ نفسه ولم يكن في تركها ضرر على المصلحة الدينية، أو خدش لكرامة ومقام الإمامة، بينما كان الرجل الآخر خاطئا في اجتهاده ولكنه على كل حال مأجور حسن العاقبة متنعّم في الآخرة. والاستفادة هي في أن التقية لا تكون في كل زمان ومكان، وإلا لكان إبداء البراءة من أمير المؤمنين (عليه السلام) جائزا في كل زمان ومكان والعياذ بالله، وليس ذلك كذلك، بل للقاعدة شواذ واستثناءات كما أوضحنا، فإن اللجوء إلى التقية مرهون بملاحظة الأوضاع العصرية والمكانية حتى يتحقق الموضوع المؤدي إلى حملها عليه حكما. وسنفصّل عما قليل في تطبيق هذا الكلي على جزئي زماننا، إن جاز هذا التعبير في المنطق.
                    ونقول خلاصة لما سبق أن على المؤمن أن يقيّم الوضع والموقف بنفسه، فإذا رأى أن الكفّة تميل لصالح اللجوء إلى رخصة التقية وأن ذلك اللجوء لن يؤثر سلبا على المصلحة الإسلامية جاز له ذلك، بل قد يجب في أحيان. وإذا رأى أن الكفة تميل إلى ترك التقية وأن ذلك أكثر مواءمة للمصلحة الإسلامية جاز له ذلك، بل قد يستحب في أحيان.
                    والاختيار موكول للمؤمن واجتهاده، ويدل عليه ما عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام (الباقر) أنه قال: "التقية في كل ضرورة، وصاحبها أعلم بها حين تنزل به". (الكافي ج2 ص219). وهي دالة بوضوح على أن التقية منوطة بتقييم المكلّف لموضوعه وهو أعلم بنفسه كما قال تعالى: "إن الإنسان على نفسه بصيرة". (القيامة: 14). وعلى هذا لا يجوز لأحد أن يتدخّل في تشخيص المكلّف لموضوع التقية بالنسبة إلى نفسه إذا لم يجد ضرورة في اللجوء إليها، إلا أن يخطّئه من جهة عدم سلامة اجتهاده في تطبيق المسألة، إذ لا تقليد في الموضوعات إلا إذا حكم الفقيه فيها على قول القائلين بولاية الفقيه.
                    والذي يبدو جليّا في زماننا هذا أن لا موضوع للتقية إلا ما خرج بالدليل في أمكنة وظروف معيّنة، وهي نادرة. ونقول أنه لا موضوع على الأغلب باعتبار ما نلمسه وما نشاهده من انفتاح العالم على أهله وشعوبه، وتغيّر الظروف السياسية بما يتيح للمؤمن أن يعمل طبق مذهبه، وأن يقيم شعائره، وأن يعبّر عن عقيدته وآرائه. وهذا الحال هو في الجملة، فإذا وقع ضرر على أحد من المؤمنين فالكلام هنا هو في جهتين: الأولى؛ هل أن هذا الضرر مما يمكن التسالم على أنه عام أم أنه ضرر خاص؟ فإذا كان خاصا فالموضوع - بالتبع - خاص وليس عاما وحينها يجب أن لا ينجرّ الجميع للعمل بالتقية لانتفاء الموضوع العام. والثانية؛ هل أن هذا الضرر كانت تقابله مصلحة دينية أكثر رجحانا، فإن كان ذلك سليما فالصواب هو استحباب تحمّل ذلك الضرر والتضحية بالنفس في سبيل استقامة دين الله تعالى أو تبليغه، كما سبق بيانه.
                    قال في القواعد الفقهية: "وهذا الذي قلنا من استحباب التقية أو وجوبها كان في الأزمنة السابقة في أيام سلاطين الجور الذي ربما كان تركها ينجرّ إلى قتل الإمام عليه السلام، أو إلى قتل جماعة من المؤمنين، وأما في هذه الأزمنة - بحمد الله - حيث لا محذور في العمل بما هو الحق ومقتضى مذهبه في العبادات والمعاملات، فلا يوجد موضوع للتقية". (القواعد الفقهية لآية الله البجنوردي ج5 ص54).
                    هذا والمؤّمل في المؤمن أن يسعى لتجنّب التقية بخلق الظروف التي تسمح له بممارسة شعائره التعبّدية والصدع بالحق كما أمر الله تعالى، فإن ذلك يدخل في إطار الاستقامة المطلوبة شرعا. بمعنى أن على المؤمن أن يسأل من الله تعالى أن لا يلجأ إلى التقيّة يوما ما، لأنها استثناء وليست أصلا، ولذا فإننا نقرأ في دعاء الغيبة: "واجعلنا يا رب.. ممن لا حاجة به إلى التقية من خلقك". (مصباح المتهجد للشيخ الطوسي ص415 وبحار الأنوار ج53 ص190 وسائر كتب الأدعية).
                    وهذا الدعاء مروي عن إمامنا الحجة المنتظر (أرواحنا فداه) عبر نائبه الأول عثمان بن سعيد الأسدي العمْري سلام الله عليه. وهو تعليم لنا بضرورة السعي لترك التقية وعدم الاحتياج إليها، فإن ذلك قد يمهّد في قيام القائم صلوات الله عليه وعجّل الله فرجه، وإن كان يرد على ذلك بورود رواية مضمونها أنه كلما اقترب هذا الأمر كان الاحتياج إلى التقية أشد، وهي محلّ بحث عندي ليس هنا محلّه.
                    · التقية لا تعني ترك التبليغ:
                    وما يتوهّمه بعض الناس من أن التقية معناها ترك التبليغ الديني لئلا تقع مشاحنة مع الطرف الآخر الذي يرفض بعض الخصوصيات العقائدية للتشيع كالبراءة من أعداء الله هو خطأ كبير، فمجرّد المشاحنة لا يحقق موضوعا كافيا للتقية في هذا الزمان بناء على مقتضى الأدلة، إذ لا ضرر، إلا إذا قلنا بأنها - أي المشاحنة - تستلزم التنفير فيكون البحث فيها في جهة أخرى، غير أن ذلك إذا وُزِن في قبال أمرين؛ ارتفع: أولهما؛ أن سمة الأطراف العقيدية المتقابلة في زماننا هي المشاحنة حتى أصبح ذلك من المعتاد في ساحات المناظرة والجدال، فكل طرف يتحدث بطلاقة وصراحة عما يعتقده في الآخر وهو عالم بأن كلامه قد يستوجب التنفير بضميمة ما في العقائد ذاتها من التناقض والتعاكس، وقد أصبح ذلك سمة اعتيادية، وعليه فلا شذوذ في ذلك حتى نقبّحه، بل قد نقول بأن التنفيز منتفٍ بفعل الاعتياد، أو بلحاظ أنه يأتي كردّ فعل على ما بدأه المخالف، وقد قال تعالى: "ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه"، وأن ذلك هو مقتضى التوازن في مجابهة الخصم. وثانيهما؛ أن التصريح بالبراءة في ظل قوة الأدلة يحقق ما قرّرناه آنفا في بعض المحاضرات من أنه يمثّل صعقة الاستيقاظ - إن جاز التعبير - التي يقوم بها الأطباء كهربائيا لإنقاذ المريض الذي يدنو من الموت، فرغم أن في تلك الصعقة أضرار لكنها تهون في قبال الأهم، وهو إنقاذ المريض. وهكذا فإن إعلان البراءة من أعداء الله تعالى وإيراد الأدلة على كفرهم وظلمهم لأهل بيت النبوة (عليهم الصلاة والسلام) رغم أنه يوجع ابتداءً كتلك الصعقة، لكنه ضمن قاعدة (الأهم والمهم) أولى نتيجةً.
                    يجب على المؤمنين أن لا يفكروا يوما ما في التخلي عن فضح وتعرية أعداء أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) بحجة أن ذلك يثير سخطا عند الطرف المخدوع بهؤلاء، لأن ذلك التخلي عدا عن كونه مخالفة شرعية خطيرة إذ يجب إظهار البراءة من أعداء الله على ما أفتى به فقهاؤنا؛ فإنه يعني عمليا المشاركة في تغييب أبناء العامة عن معرفة الحقيقة وعرقلة وصولهم إلى الحق وصدّهم عن الإيمان بولاية أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم.
                    ولا يخفى أنه لا إيمان بالولاية بلا إيمان بالبراءة، ولن يركب أحد سفينة النجاة دون أن يتخلص من طحالب رجال السقيفة المتراكمة منذ مئات الأعوام. وليس مهما أن نتفق على أسلوب الفضح والتعرية فإن لكل أسلوبه وذوقه على أن تكون كل تلك الأساليب تحت ضابطة شرعية، ولكن المهم هو المبدأ الذي ينبغي عدم التخلي عنه مطلقا خاصة في ظل عدم وجود ما يبرّر ذلك تقيّة. وإن من أشد ما ينبغي أن يُستهجن في هذا العصر قيام البعض بتعطيل هذا المبدأ حتى لا يقع في إحراجات أمام الطرف المخدوع، في حين أنه لم يكترث بوقوعه في إحراجات أمام مولاتنا الزهراء (صلوات الله عليها) وسائر الأئمة الأطهار صلوات الله وسلامه عليهم!!
                    إن نزع أستار الباطل وكشف قتلة أهل البيت على حقيقتهم المروعة ليس محرجا بل مورد افتخار واعتزاز، ومخطئ من يقول أنه كما أننا لا نرضى بأن يتعرضوا لأئمتنا فكذلك يجب أن لا نتعرض لأئمتهم، لأن هذه المقارنة مجحفة وغير عادلة لعدة أسباب من أهمها أننا عندما نوجه نقدنا للخلفاء ومن تلاهم فإن ذلك مبني على حقائق تاريخية موضوعية وليس هو من نسج الخيال، وحين نقول أن فلانا مثلا ظالم فإن لنا الأدلة الكافية على ذلك، وكل منصف ليس أمامه من خيار سوى قبول هذه الأدلة وبالتالي قبول توجيه النقد بعد ثبوت انتفاء قداسة هذه الشخصية، أما الحال مع آل محمد (صلوات الله عليهم) فمختلف جذرا وأساسا، في الصغرى والكبرى، ففضلا عن أن الأمة قد أجمعت على قداستهم وعدم جواز التعرض لهم إطلاقا؛ فإنه ليس هناك في طول التاريخ الإسلامي وعرضه ما يمكن أن يعتبر دليلا يقدح في ذواتهم المقدسة أو يطعن في سيرتهم الطاهرة، فلا يمكن للمنصف والحال هذه أن يقبل بمسهم أو التجرؤ عليهم لأن كل تجرؤ يكون مبنيا على غير الحقيقة وعلى التجني الفاحش، وهذا مرفوض شرعا قبيح عقلا.
                    أما أن تستمر حالة إخفاء وكتمان الحقائق هذه، فذلك مما نأباه ولا نريده لأحد من المؤمنين، فليس هو بتقية، بل هو الانهزام والانكسار والتصاغر بعينه، وقد اشتبه على بعض المؤمنين أمر التقية حتى ظنّوه ذلك، فوجب علينا التنبيه، سائلين المولى أن يزيدهم وعيا، وأن يرفع غشاوة الخديعة عن أعين بقية المسلمين من البكرية وغيرهم حتى يتبعوا أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله، ويتبرؤوا من أعدائهم عليهم اللعنة والعذاب.

                    تعليق


                    • ليكن كل شيعي فارساً مناظراً

                      بسم الله الرحمن الرحيم
                      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                      اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                      ليكن كل شيعي فارساً مناظراً
                      كان من أكثر ما هضم حق الشيعة وجمّد انتشار عقيدتهم في ما مضى عدم توافر فرص حقيقية للاحتكاك بالآخر ومناظرته في أصول العقائد والمفارقات المذهبية، وكان ذلك يعود إلى تسلّط الأنظمة الجائرة وجلاّديها على رقابهم، ومنعهم من أبسط الحقوق الإنسانية التي من بينها حق التعبير.
                      كان من حق غير الشيعة فقط أن يتكلّموا ويعبّروا عن أنفسهم ويبثوا ما تختزنه عقولهم من عُقد ومغالطات هي من نسج الخيال والتوهّم والمرض الفكري، فيما كان على الشيعة وحدهم أن يلتزموا الصمت، حتى وإنْ رأوا غيرهم يطعن فيهم ويكيل لهم الاتهام بالباطل، وكان من أشد الممنوعات والمحرّمات أن ينطق الشيعة معبّرين عمّا ملأ قلوبهم وأرواحهم وعقولهم من إيمان حقيقي، وولاء صادق، وفكر نيّر، وتطلّع سامٍ. هذا مع أن عندهم ما يفتقده الآخرون، فإلى أئمتهم (عليهم الصلاة والسلام) انتهت كل العلوم، ومنهم نبعت كل الحقائق، وبهم استنار العالم، ولأجلهم يستمر إلى ما شاء الله تعالى. والشيعة قد ورثوا من أئمتهم (عليهم الصلاة والسلام) بعضا من هذا، وهو يكفيهم لأن يعيدوا البشرية إلى جادة الصواب، حيث الأمن والسلام، والعدالة والمساواة، والرفاهية والتقدم، والنعيم في الدارين.. يكفيهم إلى أن يظهر مولاهم صاحب الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف) حيث سيحقق جنة الله الموعودة على الأرض.
                      كانت هذه هي وضعية الشيعة سابقا، وهي الوضعية التي جمّدت المد الشيعي وعرقلت انتشاره، أما اليوم وبفعل المتغيّرات العالمية فإن سيف الظالمين لم يعد مسلطا على رقابهم إلا قليلا، بل لقد أضحت الأبواب أمامهم أكثر شراعة، وسنحت لهم فرص عديدة للتبليغ عن رسالتهم والتعبير عن أفكارهم والدعوة إلى طريقهم، واقتنص بعض الشجعان منهم هذه الفرص، وطفقوا يعملون ويتحرّكون، فإذا بهم يحققون نجاحا ملموسا في هذا المضمار، إذ تنامت موجة التشيّع والاهتداء بهدي أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) في المحيط المخالف، وخطى عدد لا بأس به من المخالفين نحو عقيدة الأطهار (صلوات الله عليهم) ملتزمين بولايتهم وشريعتهم، تاركين وراء ظهورهم ما وجدوا عليه آباءهم من قبل.
                      إلا أنه رغم هذه التحوّلات الإيجابية لصالح التشيع؛ مازال الاستثمار الأمثل لهذه التحوّلات وهذه الفرص غائبا في محيط الإمامية، وقد أشرنا غير مرة إلى أن سبب ذلك هو أن الشيعة مازالوا - في ذهنيتهم العامة - يعيشون في أجواء العهد الماضي، حيث كانوا ملاحقين مطلوبين مضطرين إلى التكتم والإخفاء والتقية.
                      تغيّرت الأجواء بشكل شبه كلي، ومع ذلك فإن الشيعة - في عمومهم - لم يجاروا هذا التغيير من خلال إعادة تقويم مسارهم ورسم خطة جديدة مبنية على الظروف الجديدة، التي تحتّم عليهم - في جملة ما تحتّمه - أن يسلكوا سبيل الشجاعة والجرأة في الدفاع عن آل رسول الله (عليهم الصلاة والسلام) وأن يتخلّوا عن الإحساس بالخوف والخشية من الطرح الصريح للعقيدة الإسلامية الشيعية، ويُلحَق بذلك طبيعيا؛ التخلي عن الانزوائية والانطوائية التي فُرِضت عليهم في العهد الغابر.
                      وهنا نسجّل إضافة إلى ما سبق وظيفة ضرورية أخرى نرى أن من الواجب الاهتمام بها لدفع موجة التشيّع إلى الأمام وتسريع وتيرتها، وهي أن يعمد كل شيعي موالٍ لأهل بيت النبوة (عليهم الصلاة والسلام) لاكتساب الثقافة الولائية وتحصيل الأدبيات الإمامية في مجال مناظرة أهل الخلاف وغيرهم من أتباع الملل والأديان الأخرى، وهذا يتطلّب منه انكبابا على المطالعة والفهم، والحضور في مجالس الكلام ومنتديات النقاش، لامتلاك مهارات الاحتجاج والتناظر، ثم عليه بعد ذلك أن يغتنم الفرص - بل أن يخلقها إنْ انتفت - لنقاش غيره من الناس، سعيا في إرشادهم إلى الصراط المستقيم وأملا في هدايتهم إلى دين الله العظيم.
                      لو أصبح كل شيعي مناظرا متمرسا ماهرا، يتقن فنون الكلام، ويتسلح بخلفية علمية وثقافية رصينة، فلن تمرّ إلا سنوات قلائل حتى يحدث تغيير جذري في عقائد الشعوب التي لن ترى سبيلا قويما سوى التشيّع.
                      وبهذا الخصوص من المهم التنبيه إلى أمور؛ منها أن التسلح الثقافي المطلوب لا ينبغي أن ينحصر في دائرة فضائل أهل البيت (صلوات الله عليهم) وإثباتها من كتب أهل الخلاف، فإن ذلك مما طغى على الناشطين الإماميين في زماننا، ومن غير الصحيح أن ينحصر الاهتمام بهذه الدائرة فحسب، فهي أصغر من أن تحتوي الآخرين الذين قد لا يجدون غضاضة في الإيمان بهذه الفضائل والمناقب، وإنما اللازم أن يشمل الاهتمام دائرة مثالب ومساوئ أعداء أهل البيت أيضا، فإن في إسقاطهم إسقاطا للعقائد الباطلة التي ابتدعوها، ولا يتحرّجَنَّ المرء من ذكر المثالب فإن ذلك مما أوصى به أئمتنا عليهم السلام، فهذا مولانا العسكري يروي عن مولانا الصادق (عليهما الصلاة والسلام) أنه قال: "من كان همّه في كسر النواصب عن المساكين من شيعتنا الموالين، حميّة لنا أهل البيت بكسرهم عنهم، ويكشف عن مخازيهم، ويبيّن عوراتهم، ويفخّم أمر محمد وآله؛ جعل الله تعالى هِمّة أملاك الجنان في بناء قصوره ودوره، يستعمل بكل حرف من حروف حججه على أعداء الله أكثر من عدد أهل الدنيا أملاكا، قوّة كل واحد يفضل عن حمل السماوات والأرضين، فكم من بناء وكم من نعمة وكم من قصور لا يعرف قدرها إلا رب العالمين"! (بحار الأنوار ج2 ص10 والاحتجاج ج1 ص19).
                      فمثل هذا الثواب العظيم لا يناله إلا من لديه ثقافة ذات شقين؛ شق الولاء، وشق العداء. الولاء لآل محمد عليهم السلام، والعداء لأعدائهم عليهم اللعنة والعذاب.
                      إن تحقيق النصر على أعداء الله، وكسر وقهر النواصب المخالفين، لحقيق بأن يجزل الله تعالى عليه المثوبة، وأن يسرّ مقام بقية الله الأعظم أرواحنا فداه. وليس الكسر والقهر إلا بالحجة والبرهان والدليل والمنطق، فمن يمتلك هذه المَلَكة، ويحصد هذه الثمرة، كان فائزا فوزا عظيما.
                      فلنكن جميعا من هؤلاء.. ليكن كل شيعي فارسا مناظرا.

                      تعليق


                      • نعم.. نحن الرافضة!

                        بسم الله الرحمن الرحيم
                        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                        اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                        نعم.. نحن الرافضة!

                        في زمان من الأزمان.. اتشحت الدنيا بسواد مطبق، إثر حروب ونزاعات، وعصبيات وجهالات، سيطرت على الأذهان وعطلتها، بل أعطبتها، فجعلت أصحابها يئدون بناتهم، وينغمسون في شهواتهم، حتى بلغت بهم الجهالة، أن عبدوا الحجر والصنم، بل يأكلون إلههم عند الحاجة، فلا عقل لهم ولا كرامة، فهم كالأنعام بل أضل سبيلا. وبينما هم على هذه الحال المنحدرة، بزغ فجر الإسلام بنبي، بُعِث لهم وللعالمين رحمة، بشرهم وأنذرهم، ودعاهم إلى ما فيه خيرهم، حتى ينتشلهم من وحلهم، ويعلي شأنهم، إلى رقي وحضارة، ليس أعظم منها حضارة، لكنهم صموا آذانهم، وأعموا أبصارهم، فما التفتوا إلى النصيحة وأهملوها، واستمرئوا الغيّ والجهل والضلالة واعتنقوها. وما اكتفوا بذلك؛ بل أمعنوا في الإيذاء والجحود والعدوان، فلمّا لم يجد تهديدهم نفعا، فاوضوا على المساومة، بأن يتنازلوا عن الملك والسيادة، أو المال والجاه، مقابل التراجع عن الدعوة الإلهية. ظنوا أن بإمكانهم أن يعادلوا تلك بهذه، لكن كلمة عظيمة نطق بها سيد العظماء صلى الله عليه وآله كانت جوابا، فقال: "والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شِمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه"!
                        رفض نبينا هذه المساومة.. واقتدينا به، فنحن الرافضة!

                        ومرت الأيام، وإذا بالدعوة تنتشر وتسود، وتدخل الأمم في دين الله أفواجا، وينتصر النبي، بعضد الوصي، على الشرك والإلحاد، فتطهر الأرض من منابت الكفر، ويعم السلام العالم. لكن شرذمة من أهل النفاق بقت، على ملتها الجاهلية، واندست في الصفوف، ديدنها الوقيعة، والتآمر على الشريعة، دافعهم في ذلك أحقادهم، وهي أحقاد بدرية وخيبرية وحنينية. فوجهوا سهامهم إلى نفس الرسول، وزوج البتول، منذ أن شعروا بأنه الوريث الشرعي، والولي الذي لا سواه ولي، إذ قال سيد الأنبياء عليه وآله وعليهم السلام: "من كنت مولاه فهذا علي مولاه". وأبى أولئك أمر السماء، كما أباه من كان قبلهم مع الأنبياء، فاجتهدوا بالتحضير لانقلاب، يزيح عليا عليه السلام عن منصبه. وما إن سُمَّ الرسول صلى الله عليه وآله، ومرض مرضه الذي استشهد فيه، حتى بدأ تنفيذ المؤامرة، وكلٌ يسعى لأن يكون له في الأمر حظ ونصيب، فيما اللعن عمّن يتخلف عن السرية ماثل، حتى بلغت جرأتهم في التطاول على مقام الرسالة أن قالوا: "إن النبي ليهجر"! وارتحل النبي غاضبا ساخطا، والوصي في حال تغسيل وتكفين وتجهيز، وهم إلى السقيفة مسارعون، على الدنيا مقبلون، وعن الآخرة معرضون، يتكالبون على السلطان، فأي ذلٍ وهوان! واحتجوا بالشجرة، وأضاعوا الثمرة، لا عهدا لرسول الله حفظوه، والدليل بعد إتيان الحطب "وإن؟"، ووقع الانقلاب، وسل إن شئت الحائط والباب! وقد قال تعالى: "أ فئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم". وحتى يستتب لهم الأمر، دعوا الإمام إلى القبول بالحكم الجديد، والرضوخ مع التهديد والوعيد، ظنوا أنهم يخيفون بذلك سيف الله الغالب، علي بن أبي طالب! فأجابهم صلوات الله عليه قائلا: "لسريع ما كذبتم على رسول الله صلى الله عليه وآله، أنا أحق بهذا الأمر منكم، لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي"!
                        رفض إمامنا هذا التنازل.. واقتدينا به، فنحن الرافضة!

                        واستتب الأمر لطالبيه، على خطوات السامري وعجله، وتخاذل الناس وتقاعسوا، عن نصرة أخي الرسول وصنوه، بل لم تقم حميتهم لما جرى على ابنته البضعة منه، من ظلم وإجهاض وكسر ضلع! بل لم تتحرك ضمائرهم وهي صلوات الله عليها تناشدهم النصرة، بعد إذ سلبوها نحلة أبيها، وميراث بعلها وبنيها، فانقلبوا على أعقابهم، ويلا لهم وتعسا! أما أولئك، فجاءوا إليها بقناع الاعتذار، وبدعوى الاستغفار، يطلبون العفو عما سلف، ولو كانوا صادقين لأعادوا الحق لأهله، ولكنها السياسة والسلطان، وما تقتضيه أعراف الرياسة، والكياسة، من امتصاص غضب تولّد في النفوس، فأي دهاء هو ذلك الذي جعلهم يتجاسرون في طلب تناسي الماضي، من التي قتلوا جنينها! إلا أنها سلام الله عليها أجابتهم قائلة: "لا والله لا أرضى عنكما أبدا حتى ألقى أبي رسول الله صلى الله عليه وآله وأخبره بما صنعتما فيكون هو الحاكم فيكما"!
                        رفضت سيدتنا الصفح عمن ظلم وتمادى.. واقتدينا بها، فنحن الرافضة!

                        وبعد أيام وليالي، مضى فيها كلٌ لسبيله، اجتمعوا للشورى، فيا لله وللشورى! أرادوا بها إذلال الأمير، ويأبى الله ورسوله والمؤمنون، فعرضوا عليه خلافة مشروطة، بأن يعمل بكتاب الله وسنة نبيه وسيرة اثنين، أ فقدوا عقولهم؟ أم على قلوب أقفالها؟! كلا.. بل هم يعلمون، فمتى اعترض الريب فيه مع الأول منهم حتى صار يُقرن إلى هذه النظائر؟! فأجابهم صلوات الله عليه: "أما كتاب الله وسنة رسوله فنعم، وأما سيرة الشيخين فلا"!
                        رفض وليّنا هذه السيرة.. والتزمنا برفضها، فنحن الرافضة!

                        ومضت أعوام قليلة، وإذا بالصراع بين الحق والباطل يتجدد، بين حزب الله وحزب الشيطان، فمحمد عليه وآله السلام حاربه أبو سفيان، وعلي عليه السلام بغى عليه معاوية، والحسين عليه السلام قتله يزيد! وكيف لا والأخير وريث أهل الكفر والجحود والعدوان من الطلقاء؟ وكيف لا والحسين صلوات الله عليه وريث أهل بيت الوحي والرسالة من النجباء؟ لقد ساوموه كما ساوموا جده، عرضوا عليه بيعة لمن يزني بمحارمه ويلاعب القردة! أ فيرضخ الحسين وأستاذه في الثورة الحسن؟! لقد أجابهم: "إنّا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، بنا فتح الله، وبنا يختم، ويزيد رجل شارب الخمور، وقاتل النفس المحترمة، معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله"!
                        رفض إمامنا هذه المذلة.. واقتدينا به، فنحن الرافضة!

                        ومرت الأزمان، وتشكلت فرقتان، أحدهما كانت للسلاطين منصاعة، ولأئمة الجور منقادة، بذريعة حرمة شق عصا الطاعة، والأخرى تمردت وناهضت ونهضت، بثورات وثورات، ضد الظلم والظلمة، وأهل الفسق والفجور، صابرة محتسبة، من آل بيت الرسول مقتربة، ولولايتهم معتنقة، وبإمامتهم ملتزمة، "لا حكم إلا لمحمد وآله" كان شعارهم، و"يا لثارات الحسين" كان هتافهم. فإذا بهم يشكلون جبهة التحدي والعصيان، لمن كان همه السلطان، فرفضوا الرضوخ للحكام، وتحملوا ما أصابهم، لأن كلمة عظيمة كانت ترن في آذانهم تقول: "هيهات منا الذلة"!
                        رفض أولئك حكام الجور.. وكذلك نحن، فنحن الرافضة!

                        واختلق قسم من فريق الخنوع، والخضوع، نكاية لأهل الإباء، والولاء، قصة مزعومة، بزيد الشهيد سلام الله عليه ملصوقة، فقالوا أن ظهور "الرافضة" كان في زمانه، إثر سجال بينه وبين جماعة من أتباعه، لكنهم أغفلوا أن "الرافضة" أقدم من ذلك بكثير، فهي عنوان للملتزم بالدين وأئمته، الرافض للكفر وجلاوزته، وإن أرادوا دليلا، فها هو معاوية إمامهم يقول في رسالة وجهها إلى الداهية عمرو بن العاص عندما هرعت الأمة إلى مبايعة الوصي: "إن علي بن أبي طالب قد اجتمع إليه رافضة أهل الحجاز وأهل اليمن والبصرة والكوفة" (الفتوح لابن أعثم 382:2). فها هو معاوية يصرح بأن الرافضة ليسوا سوى شيعة علي! فإذا كان هذا اللقب ظهر قبل ثورة زيد الشهيد - البريء من مقالتهم - بسنوات طوال، فعلى مَ إذن ينسبون ما اختلقوه إليه؟!
                        والله لقد أرادوا أن يذموا فمدحوا، وأن يقدحوا فأثنوا، عندما وصموا أهل الولاية بالرفض! وعليهم نعيد ما قاله إمامهم الشافعي: "إن كان رفضا حب آل محمد، فليشهد الثقلان أني رافضي"! وإليهم نبلغ ما شهد لنا به إمامنا الصادق صلوات وسلامه عليه إذ قال له أبو بصير: "جعلت فداك! فإنا قد نبزنا نبزا انكسرت له ظهورنا وماتت له أفئدتنا واستحلت به الولاة دماءنا في حديث رواه لهم فقهاؤهم. فقال عليه السلام: الرافضة؟ قلت: نعم! قال (الإمام الصادق عليه السلام): لا والله ما هم سموكم بل الله سماكم به. أما علمت يا أبا محمد أن سبعين رجلا من بني إسرائيل رفضوا فرعون وقومه لما استبان لهم ضلالهم فلحقوا بموسى عليه السلام لما استبان لهم هداه، فسموا في عسكر موسى عليه السلام (الرافضة) لأنهم رفضوا فرعون، وكانوا أكثر أهل ذلك العسكر عبادة وأشدهم حبا لموسى وهارون وذريتهما عليهما السلام. فأوحى الله عز وجل إلى موسى أن أثبت لهم هذا الاسم في التوراة فإني سميتهم به ونحلتهم إياه. فأثبت موسى عليه السلام الاسم لهم، ثم ذخر الله لكم هذا الاسم حتى نحلكموه. يا أبا محمد، رفضوا الخير ورفضتم الشر! افترق الناس كل فرقة وتشعبوا كل شعبة فانشعبتم مع أهل بيت نبيكم صلى الله عليه وآله، وذهبتم حيث ذهبوا واخترتم من اختاره الله لكم".
                        نعم، رفضنا كل حكم إلا حكم الله وأوليائه.. فنحن الرافضة!

                        تعليق


                        • أول من بايع أبو بكر بالخلافة هو إبليس لعنهما الله تعالى!!

                          بسم الله الرحمن الرحيم
                          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                          اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
                          أول من بايع أبو بكر بالخلافة هو إبليس لعنهما الله تعالى!!

                          روى الشيخ الكليني بسنده الصحيح عن سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت سلمان الفارسي رضي الله عنه يقول:
                          لما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصنع الناس ما صنعوا وخاصم أبوبكر وعمر وأبوعبيدة بن الجراح الأنصار فخصموهم بحجة علي (عليه السلام) قالوا يا معشر الأنصار قريش أحق بالأمر منكم لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) من قريش والمهاجرين منهم إن الله تعالى بدأ بهم في كتابه وفضلهم وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) الأئمة من قريش قال سلمان رضي الله عنه فأتيت عليا (عليه السلام) وهويغسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخبرته بما صنع الناس وقلت إن أبا بكر الساعة على منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) والله ما يرضى أن يبايعوه بيد واحدة إنهم ليبايعونه بيديه جميعا بيمينه وشماله.
                          فقال لي: يا سلمان هل تدري من أول من بايعه على منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) قلت لا أدري إلا أني رأيت في ظلة بني ساعدة حين خصمت الأنصار وكان أول من بايعه بشير بن سعد وأبوعبيدة بن الجراح ثم عمر ثم سالم.
                          قال: لست أسألك عن هذا ولكن تدري أول من بايعه حين صعد على منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله).
                          قلت: لا، ولكني رأيت شيخا كبيرا متوكئا على عصاه بين عينيه سجادة شديد التشمير صعد إليه أول من صعد وهويبكي ويقول الحمد لله الذي لم يمتني من الدنيا حتى رأيتك في هذا المكان ابسط يدك فبسط يده فبايعه ثم نزل فخرج من المسجد.
                          فقال علي (عليه السلام): هل تدري من هو. قلت: لا، ولقد ساءتني مقالته كأنه شامت بموت النبي (صلى الله عليه وآله). فقال: ذاك إبليس لعنه الله أخبرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن إبليس ورؤساء أصحابه شهدوا نصب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إياي للناس بغدير خم بأمر الله عز وجل فأخبرهم أني أولى بهم من أنفسهم وأمرهم أن يبلغ الشاهد الغائب فأقبل إلى إبليس أبالسته ومردة أصحابه فقالوا إن هذه أمة مرحومة ومعصومة وما لك ولا لنا عليهم سبيل قد أعلموا إمامهم ومفزعهم بعد نبيهم فانطلق إبليس لعنه الله كئيبا حزينا وأخبرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه لوقبض أن الناس يبايعون أبا بكر في ظلة بني ساعدة بعد ما يختصمون ثم يأتون المسجد فيكون أول من يبايعه على منبري إبليس لعنه الله في صورة رجل شيخ مشمر يقول كذا وكذا ثم يخرج فيجمع شياطينه وأبالسته فينخر ويكسع ويقول كلا زعمتم أن ليس لي عليهم سبيل فكيف رأيتم ما صنعت بهم حتى تركوا أمر الله عز وجل وطاعته وما أمرهم به رسول الله (صلى الله عليه وآله).
                          الشيخ الكليني، الكافي، ج8، ص343-344، حديث (541).
                          ونسألكم الدعاء.

                          تعليق


                          • فاطمة الزهراء عليها السلام تستغيثكم.. هل من مغيث ؟!

                            بسم الله الرحمن الرحيم
                            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                            اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
                            فاطمة الزهراء عليها السلام تستغيثكم.. هل من مغيث ؟!
                            http://www.youtube.com/watch?v=vhuKU...hannel&list=UL
                            ومع السلامة.

                            تعليق


                            • الدجال الشيعي هو أخطر الدجالين !!

                              بسم الله الرحمن الرحيم
                              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                              اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
                              الشيخ الغزي : مصاديق الدجال الشيعي ؟
                              http://www.youtube.com/watch?v=IMdKw...hannel&list=UL
                              ومع السلامة.

                              تعليق


                              • بسم الله الرحمن الرحيم
                                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                                اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
                                الدجال الشيعي هو أخطر الدجالين !!
                                http://www.youtube.com/watch?v=i4Tj6..._order&list=UL
                                ومع السلامة.

                                تعليق

                                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                                حفظ-تلقائي
                                x

                                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                                صورة التسجيل تحديث الصورة

                                اقرأ في منتديات يا حسين

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, اليوم, 07:21 AM
                                ردود 2
                                12 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                                بواسطة ibrahim aly awaly
                                 
                                يعمل...
                                X