بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّل فَرَجَهم
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ ، وَ اجْعَلْنِي لَهُمْ قَرِيناً ، وَ اجْعَلْنِي لَهُمْ نَصِيراً
، وَ امْنُنْ عَلَيَّ بِشَوْقٍ إِلَيْكَ ، وَ بِالْعَمَلِ لَكَ بِمَا تُحِبُّ وَ تَرْضَى ، إِنَّكَ عَلَى
كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَ ذَلِكَ عَلَيْكَ يَسِيرٌ .
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ .
قال الله عز وجل في كتابه العزيز بسم الله الرحمن الرحيم
( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33))
ـ سورة الأحزاب ـ
والبحث في هذه الآية الكريمة سيتناول الآتي
1 ـ معنى كلمة ( أهل ) في اللغة وفي السنة النبوية
وفي القرآن الكريم
2 ـ الضمير في قول الله عز وجل ( عَنْكُمُ )
3 ـ إعراب ( أَهْلَ الْبَيْتِ )
4 ـ سبب نزول آية التطهير
5 ـ الصحابي وَاثِلَةُ بْنِ الْأَسْقَعِ اللَّيْثِيَّ
( معنى كلمة ( أهل ) في اللغة وفي السنة النبوية وفي القرآن الكريم )
أولاً : لفظ ( أهل ) في اللغة
( أَهْلُ الرجُلِ عَشيرَتُه ، وذَوُو قُرْباهُ )
ـ القاموس المحيط للفيروزآبادي ، المحكم لابن سيده ، تاج العروس
للزبيدي ـ
( (الْأَهْل) الْأَقَارِب وَالْعشيرَة وَالزَّوْجَة )
ـ المعجم الوسيط ج 2 ـ
إذاً المعنى اللغوي للفظ ( أهل ) معنى عام يشمل الرجال والنساء والأطفال
وجاء أيضاً لفظ ( آل ) ومما قيل فيه
( وآلُ الرجل أَهْلُه وآل الله وآل رسوله أَولياؤه )
ـ لسان العرب لابن منظور ج 11 ـ
( كلمتا «آل» و «أهل» بمعنى واحد، لكن يقتصر استخدام الأولى على ما
يدل على عاقل، سواء كان علمًا لشخص، فيقال: آل محمد، أو مُعَرَّفًا بـ «
أل»، فيقال: آل الرجل. أما «أهل» فليس هناك قيد على استخدامها .)
ـ معجم الصواب اللغوي ج 1 ل أحمد مختار عمر ـ
( وَآل الرجل أَهله وَعِيَاله وَأَتْبَاعه وأنصاره )
ـ المعجم الوسيط ـ
إذاً المعنى اللغوي للفظ ( آل ) معنى عام يشمل الرجال والنساء والأطفال
ثانياً : لفظ ( أهل ) في السنة النبوية
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
( « إِذَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ يَحْتَسِبُهَا فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ »
__________
[تعليق مصطفى البغا]
( أهله ) هم الزوجة والولد وغيرهما ممن هم في رعايته . )
ـ صحيح البخاري ج 1 ـ
هنا لفظ ( أهل ) جاء عاماً شاملاً للزوجة والولد وغيرهما
( لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ )
ـ صحيح البخاري ج 1 ـ
هنا لفظ ( أهل ) جاء خاصاً والمقصود به ( الزوجة ) فقط دون غيرها
( فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَهْلَكَ يَقْرَءُونَ عَلَيْكَ السَّلاَمَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ قَدْ
خَشُوا أَنْ يُقْتَطَعُوا دُونَكَ فَانْتَظِرْهُمْ )
__________
[ تعليق مصطفى البغا ] (أهلك) أصحابك . )
ـ صحيح البخاري ج 3 ـ
وهنا لفظ ( أهل ) جاء بمعنى ( أصحاب ) وهو لفظ عام يشمل أيضاً الرجال
الذين ليسوا من الأقارب والعشيرة
( مَنْ يَعْذِرُنَا فِي رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي ، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ مِنْ أَهْلِي
إِلَّا خَيْراً ، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْراً
___________
[ تعليق مصطفى البغا ] ( أهله ) المراد عائشة نفسها . )
( يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي ،
فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْراً ، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا
خَيْراً ، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي )
ـ صحيح البخاري ج 3 ، ج 6 ـ
في هذا الحديث لفظ ( أهل ) المقصود به السيدة عائشة فقط دون غيرها
من أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهنا جاء اللفظ خاصاً بها فلا
يشملهن ولا يشمل أيضاً الأقارب والعشيرة
إذاً اللفظ العام الشامل للكل قد خصص في هذا الحديث بالسيدة عائشة فقط
دونهم أجمعين
( وَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: { فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ
وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ } [آل عمران: 61] دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا فَقَالَ: «اللهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي»
ـ صحيح مسلم ج 4 ـ
هنا لفظ ( أهل ) جاء خاصاً بهؤلاء المشار إليهم دون غيرهم من النساء
والأقارب
( تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا : كِتَابَ اللَّهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي )
ـ صحيح الترمذي للألباني ـ
قال الألوسي
( وأنت تعلم أن ظاهر ما صح من قوله صلى الله عليه وسلم : " إني تارك
فيكم خليفتين وفي رواية ثقلين كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء
والأرض وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض "
يقتضي أن النساء المطهرات غير داخلات في أهل البيت الذين هم أحد
الثقلين لأن عترة الرجل كما في «الصحاح» نسله ورهطه الأدنون ، وأهل
بيتي في الحديث الظاهر أنه بيان له أو بدل منه بدل كل من كل وعلى
التقديرين يكون متحداً معه فحيث لم تدخل النساء في الأول لم تدخل في
الثاني .)
ـ روح المعاني ج 16 ـ
هنا لفظ ( أهل ) جاء خاصاً بالرجال فقط دون الزوجات ودون النساء
ومما ورد بلفظ ( آل ) قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
( مَا أَمْسَى عِنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاعُ بُرٍّ، وَلاَ صَاعُ حَبٍّ،
وَإِنَّ عِنْدَهُ لَتِسْعَ نِسْوَةٍ» )
ـ صحيح البخاري ج 3 ـ
هنا لفظ ( آل ) جاء خاصاً بالزوجات فقط دون غيرهن من الرجال والنساء
( إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لِآلِ مُحَمَّدٍ )( لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّد )
ـ صحيح مسلم ج 2 ـ
قال النووي ( باب تَحْرِيمِ الزَّكَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )
( وَعَلَى آلِهِ وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ دُونَ غَيْرِهِمْ )
ـ شرح مسلم ج 7 ـ
هنا لفظ ( آل ) جاء خاصاً بالأقارب دون غيرهم من الزوجات و الأتباع
( كَانَ لِدَاوُدَ نَبِيِّ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ اللَّيْلِ سَاعَةٌ يُوقِظُ فِيهَا أَهْلَهُ ، فَيَقُولُ:
يَا آلَ دَاوُدَ قُومُوا فَصَلُّوا )
ـ مسند أحمد ج 26 ـ
هنا لفظ ( آل ) جاء عاماً يشمل الزوجات والأبناء
إذاً لفظ ( أهل ) في السنة النبوية يأتي بمعنيين
1 ـ معنى عام يشمل الرجال والنساء والأطفال من الأقارب والرجال من
غير الأقارب
2 ـ معنى خاص يختص بأحد الأفراد وهو الزوجة دون غيرها من الرجال
والنساء أو يختص ببعض الأفراد دون غيرهم من النساء والأقارب أو
يختص ببعض الأفراد دون غيرهم من الزوجات والنساء
ولفظ ( آل ) في السنة النبوية مثل لفظ ( أهل ) أيضاً له معنيين عام
وخاص
ثالثاً : لفظ ( أهل ) في القرآن الكريم
قال الله عز وجل بسم الله الرحمن الرحيم
( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا ) (35)
سورة النساء
( مِنْ أَهْلِهِ أقاربه . وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها أقاربها )
ـ التفسير المنير للزحيلي ج 5 ـ
لفظ ( أهل ) هنا خاص بالأقارب ولا يشمل الزوجة
( فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (83) سورة الأعراف
( { فأنجيناه وأهله } من بناته وبعض نسائه )
ـ أيسر التفاسير للجزائري ـ
لفظ ( أهل ) هنا خاص بالأزواج والبنات دون الأقارب
( قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (25)
سورة يوسف
( ما جزاء مَن أراد بامرأتك فاحشة )
ـ التفسير الميسر ـ
لفظ ( أهل ) هنا خاص بالزوجة فقط
( وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93) سورة يوسف
( يريد أبويه والنساء والأطفال والأحفاد )
ـ أيسر التفاسير للجزائري ـ
هنا لفظ ( أهل ) عام يشمل الجميع
( وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55) سورة مريم
( المراد من الأهل أسرته وقومه من قبيلة جرهم )
ـ أيسر التفاسير للجزائري ـ
هنا لفظ ( أهل ) عام يشمل الجميع
( إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا ) 10 ـ سورة طه
( { لأهله } : زوجته بنت شعيب ومن معها من خادم أو ولد .
{ إذ قال موسى لأهله } امرأته وأولاده )
ـ أيسر التفاسير للجزائري ـ
هنا لفظ ( أهل ) خاص بالزوجة والأولاد دون غيرهم من الأقارب
( وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30)) سورة طه
( وسأل أن يكون من أهله لأنه من باب البر وأحق ببر الإنسان قرابته )
ـ تفسير السعدي ـ
هنا لفظ ( أهل ) جاء خاصاً بالرجال من أقاربه دون زوجته وغيرها من
النساء
( وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84)
سورة الأنبياء
( من زوجة وولد )
ـ أيسر التفاسير للجزائري ـ
هنا لفظ ( أهل ) جاء خاصاً بالأزواج والأولاد دون غيرهم من الأقارب
( قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ) سورة النمل
( { لنبيتنه وأهله } : أي لنقتلنه والمؤمنين به ليلاً ...
{ لنبيتنه } أي صالحاً { وأهله } أي أتباعه )
ـ أيسر التفاسير للجزائري ـ
هنا لفظ ( أهل ) جاء عاماً و يشمل الأتباع
( فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) سورة الذاريات
هنا لفظ ( أهل ) جاء خاصاً بالزوجة السيدة سارة عليها السلام فقط
ومما ورد في لفظ ( آل ) قول الله عز وجل بسم الله الرحمن الرحيم
( وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ ) 50 سورة البقرة
( فرعون وجنوده ) ـ التفسير الميسر ـ
هنا لفظ ( آل ) لا يدخل فيه الزوجات
( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33)
سورة آل عمران
( واصطفى إبراهيم وآله إسماعيل وإسحاق والأنبياء من أولادهما ، ومنهم
موسى - عليهم السلام - ، واختار آل عمران واختار منهم عيسى وأمه )
ـ التفسير المنتخب ـ
هنا لفظ ( آل ) لا يدخل فيه الزوجات
( فَقَدْ آَتَيْنَا آَلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآَتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (54) سورة
النساء
( وذلك ما أنعم الله به على إبراهيم وذريته من النبوة والكتاب )
ـ تفسير السعدي ـ
هنا لفظ ( آل ) يعني الذرية وهي خاصة بالرجال فقط دون الزوجات
والنساء
( وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آَلِ يَعْقُوبَ ) 6 سورة يوسف
( وعلى آل يعقوب أي أولاده )
ـ أيسر التفاسير للجزائري ـ
هنا لفظ ( آل ) لا يدخل فيه الزوجات ولا النساء
( اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا ) 13 سورة سبأ
( { اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ } وهم داود ، وأولاده ، وأهله )
ـ تفسير السعدي ـ
هنا لفظ ( آل ) جاء عاماً شاملاً الزوجات والأولاد
( وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ ) 28 سورة غافر
( { وقال رجل مؤمن من آل فرعون } : هو شمعان بن عم فرعون )
ـ أيسر التفاسير للجزائري ـ
هنا لفظ ( آل ) جاء خاصاً بأحد الأقارب دون غيره من الزوجات والنساء .
إذاً لفظ ( أهل ) في القرآن الكريم يأتي بمعنيين
1 ـ معنى عام يشمل الرجال والنساء والأطفال والأتباع
2 ـ معنى خاص يختص بأحد الأفراد كالزوجة دون غيرها من الأقارب أو
يختص ببعض الأفراد كالأقارب دون الزوجة أو الزوجة والأولاد دون
الأقارب
وكذلك لفظ ( آل ) له معنيين معنى عام ومعنى خاص .
إذاً لفظ ( أهل ) يأتي معناه حسب الزمان والمكان الذي ذكر فيه فقد يذكر
في زمان ومكان يكون فيه عاماً وقد يذكر في غيرهما ويكون خاصاً بأحد
الأفراد أو خاصاً ببعض الأفراد دون غيرهم وكذلك لفظ ( آل )
وعند تطبيق هذا الكلام على آية التطهير الكريمة نجد فيها الآتي
( 26508 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ يَعْنِي ابْنَ أَبِي
سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ أُمَّ سَلَمَةَ
تَذْكُرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي بَيْتِهَا فَأَتَتْهُ فَاطِمَةُ بِبُرْمَةٍ فِيهَا
خَزِيرَةٌ فَدَخَلَتْ بِهَا عَلَيْهِ فَقَالَ لَهَا ادْعِي زَوْجَكِ وَابْنَيْكِ قَالَتْ فَجَاءَ عَلِيٌّ
وَالْحُسَيْنُ وَالْحَسَنُ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَجَلَسُوا يَأْكُلُونَ مِنْ تِلْكَ الْخَزِيرَةِ وَهُوَ عَلَى
مَنَامَةٍ لَهُ عَلَى دُكَّانٍ تَحْتَهُ كِسَاءٌ لَهُ خَيْبَرِيٌّ قَالَتْ وَأَنَا أُصَلِّي فِي الْحُجْرَةِ
فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الْآيَةَ
{ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا }
قَالَتْ فَأَخَذَ فَضْلَ الْكِسَاءِ فَغَشَّاهُمْ بِهِ ثُمَّ أَخْرَجَ يَدَهُ فَأَلْوَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ
قَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَخَاصَّتِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا
اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَخَاصَّتِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا قَالَتْ
فَأَدْخَلْتُ رَأْسِي الْبَيْتَ فَقُلْتُ وَأَنَا مَعَكُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ إِنَّكِ إِلَى
خَيْرٍ
قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَحَدَّثَنِي أَبُو لَيْلَى عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مِثْلَ حَدِيثِ عَطَاءٍ سَوَاءً ،
قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَحَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَوْفٍ أَبُو الْحَجَّافِ عَنْ شَهْرِ بْنِ
حَوْشَبٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ بِمِثْلِهِ سَوَاءً )
تعليق شعيب الأرنؤوط : حديث صحيح . )
ـ مسند أحمد ج 28 ـ
نزلتَ آية التطهير في زمان ومكان واحد فقط في بيت السيدة أم سلمة
رضي الله عنها ولم تكن الآية نزلت قبل ذلك وفي هذا الوقت جاءت السيدة
فاطمة الزهراء عليها السلام ثم علي والحسن والحسين عليهم السلام فَأَنْزَلَ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الْآيَةَ { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ
وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } ثم أدخلهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تحت
الْكِسَاء ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ وَقَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَخَاصَّتِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمْ
الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا مِنْهُمْ قَالَ إِنَّكِ إِلَى
خَيْرٍ .
إذاً لفظ ( أهل ) في هذا المكان والزمان قد ذكره الرسول صلى الله عليه
وآله وسلم باسم الإشارة ( هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَخَاصَّتِي ) وهو اسم يدل
على معين بواسطة الإشارة ، فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد بين
أن المعين بلفظ ( أهل بيتي وخاصتي ) في هذا الحديث هم المشار إليهم
باسم الإشارة ( هؤلاء ) وهم ( علي وفاطمة والحسن والحسين ) عليهم
السلام وهذا تخصيص من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للفظ ( أهل )
العام بهؤلاء المشار إليهم دون غيرهم من النساء والأقارب وعند ذلك قالت
السيدة أم سلمة رضي الله عنها ( أَنَا مِنْهُمْ ) فقال لها ( إِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ )
وهذا التخصيص في هذا الحديث قد ذكر قديماً وحديثاً وهم كالآتي
1 ـ بعض الصحابة والتابعين
( وذهب أبو سعيد الخدري وجماعة من التابعين منهم مجاهد وقتادة
وغيرهم إلى أنهم علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم، يدل
عليه ما روي من عائشة أم المؤمنين قالت ... أخرجه مسلم ... عن أم
سلمة قالت : إن هذه الآية نزلت في بيتها ... أخرجه الترمذي. )
ـ تفسير الخازن ج 3 ـ
( اختلف أهل التأويل في الذين عنوا بقوله ( أَهْلَ الْبَيْتِ ) فقال بعضهم :
عُني به رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وعليّ وفاطمة والحسن والحسين
رضوان الله عليهم .
* ذكر من قال ذلك : ...ـ ثم ذكر رواية أبي سعيد الخدري ثم رواية
السيدة عائشة ثم رواية أنس بن مالك ثم رواية السيدة أم سلمة ثم رواية
أبي الحمراء ثم رواية واثلة بن الأسقع ثم رواية سعد بن أبي وقاص ـ
ـ تفسير الطبري ج 20 ـ
( وذهب أبو سعيد الخدري ، وجماعة من التابعين ، منهم مجاهد، وقتادة،
وغيرهما : إلى أنهم عليّ وفاطمة والحسن والحسين .)
ـ تفسير البغوي ج 6 ، تفسير السمعاني ج 4 ـ
( والثاني : أنه خاصٌّ في رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليَ وفاطمة
والحسن والحسين ، قاله أبو سعيد الخدري . وروي عن أنس وعائشة وأم
سلمة نحو ذلك )
ـ زاد المسير لابن الجوزي ج 5 ـ
( وقال أبو سعيد الخدري : هو خاص برسول الله وعلي وفاطمة والحسن
والحسين . وروي نحوه عن أنس وعائشة وأم سلمة .)
ـ البحر المحيط لأبي حيان ج 9 ـ
( وقالت فرقة : هي الجمهور { أهل البيت } علي وفاطمة والحسن
والحسين ، وفي هذا أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم )
ـ تفسير ابن عطية الأندلسي ج 5 ، تفسير الثعالبي ج 3 ـ
( أحدها : أنه عنى علياً وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم ، قاله
أبو سعيد الخدري وأنس بن مالك وعائشة وأم سلمة رضي الله عنهم .)
ـ تفسيرالماوردي ج 3 ـ
( وقيل: عُنِيَ بأهل البيت هنا النبي صلى الله عليه وسلم وعلي وفاطمة
والحسن والحسين عليهم السلام ، رواه الخدري. عن النبي صلى الله عليه
وسلم أنه قال " نَزَلَتِ الآيَةِ فِي خَمْسٍ : فِيَّ وَفِي علي وحَسَنٍ وحُسَينٍ
وَفَاطِمَةَ " وهو قول جماعة من الصحابة )
ـ الهداية إلى بلوغ النهاية ج 9 ل مكي بن أبي طالب المالكي ـ
( وقال أبو سعيد الخدري ومجاهد وقتادة ، وروي عن الكلبي : أن أهل
البيت المذكورين في الآية هم : عليّ وفاطمة والحسن والحسين خاصة ...
وأما ما تمسك به الآخرون ، فأخرج الترمذي وصححه ، وابن جرير وابن
المنذر ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه والبيهقي في سننه من طرق عن
أمّ سلمة قالت ) ـ ثم ذكر الرواية ورواية عمر بن أبي سلمة والسيدة
عائشة وواثلة بن الأسقع وأنس بن مالك وابن عباس وأبي الحمراء ـ
ـ فتح القدير للشوكاني ج 6 ـ
( { أَهْلَ الْبَيْتِ } علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله تعالى عنهم
أجمعين قاله أربعة من الصحابة رضوان الله تعالى عنهم )
ـ تفسير ابن عبد السلام ج 5 ـ
2 ـ أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيُّ حيث قال
( وَحَدِيثُ سَعْدٍ وَمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ مَعَهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ مَعْقُولٌ
بِهَا مَنْ أَهْلِ الْآيَةِ الْمَتْلُوَّةِ فِيهَا ؛ لِأَنَّا قَدْ أَحَطْنَا عِلْمًا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَعَا مَنْ دَعَا مِنْ أَهْلِهِ عِنْدَ نُزُولِهَا لَمْ يُبْقِ مِنْ أَهْلِهَا الْمُرَادِينَ
فِيهَا أَحَدًا سِوَاهُمْ , وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ اسْتَحَالَ أَنْ يُدْخِلَ مَعَهُمْ فِيمَا أُرِيدَتْ
بِهِ سِوَاهُمْ )
ـ بيان مشكل الآثار ج 2 تحقيق شعيب الأرنؤوط ـ
3 ـ محمد بن الحسين الآجُرِّيُّ حيث قال
( هم الأربعة الذين حووا جميع الشرف وهم : علي بن أبي طالب ، وفاطمة
، والحسن والحسين رضي الله عنهم )
ـ الشريعة ج 4 ـ
4 ـ علي بن بلبان الحنفي حيث قال
( ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُصَرِّحِ بِأَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُمْ أَهْلُ بَيْتِ
الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )
ـ الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ج 15 ـ
5 ـ جلال الدين السيوطي حيث قال
( { أَهْلَ الْبَيْتِ } قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمْ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَالْحَسَنُ
وَالْحُسَيْنُ )
ـ الإتقان في علوم القرآن ج 4 ـ
6 ـ ابن النجار الحنبلي
( وَ" أَهْلُ الْبَيْتِ " هُمْ : عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
"وَنَجْلاهُمَا " هُمَا حَسَنٌ وَحُسَيْنٌ "رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ" لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ :
أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ}
أَدَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكِسَاءَ. وَقَالَ : "هَؤُلاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَخَاصَّتِي
. اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا " . )
ـ شرح الكوكب المنير ج 2 ـ
7 ـ ( وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ قَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ
: إِنَّ أَزْوَاجَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - لَا يَدْخُلْنَ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ
الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا )
ـ أضواء البيان ج 6 ل محمد الأمين الشنقيطي ـ
8 ـ الدكتور عصام بن عبد المحسن الحميدان
حيث قال
( وقد وردت أحاديث صحيحة تنص على أن هؤلاء هم أهل بيت النبي صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )
ـ هامش أسباب النزول للواحدي ج 1 ـ
9 ـ ( قال- جل شأنه- فى سورة الأحزاب 33:
إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً
قال السيوطى : هم : على ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ،
وهو أصح
الأقوال .)
ـ الموسوعة القرآنية المتخصصة المؤلف : مجموعة من الأساتذة
والعلماء المتخصصين الناشر : المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، مصر
ـ
***************
( الضمير في قول الله عز وجل ( عَنْكُمُ ) )
قال الأخ السني / المهتدي بالله / في حواري السابق معه
( حتى لايكون الاستدلال بناءا على الاهواء والاقتطاع سؤال بسيط
عن الاية ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ
الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ
الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)
يرجع الى ماذا؟ ماهو اقرب المذكورين؟ ام ان القواعد تتكسر عند هذه
الاية؟ )
ثم قلتُ له بعدها
( الحديث عن آية التطهير ليس هنا مكانه فلكل مقام مقال ولك أن تفتح
حوار عنها في موضوع منفصل وسترى الإجابة عليه بإذن الله تعالى )
والحمد لله رب العالمين قد جاء وقت الرد على سؤاله السابق حتى يتبين
الرشد من الغي
تعريف الضمير
( لغة : من الضمور وهو الهزال لقلة حروفه أو من الإضمار وهو الإخفاء
لكثرة استتاره
وفي الاصطلاح : ما كني به عن الظاهر اختصاراً وقيل : ما دل على
حضور، أو غيبة لا من مادتهما فالدال على الحضور نوعان :
أحدهما: ما وضع للمتكلم مثل: (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّه) (غافر: الآية44)
الثاني: ما وضع للمخاطب مثل: (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ
عَلَيْهِمْ) (الفاتحة: الآية7)
وهذان لا يحتاجان إلى مرجع اكتفاء بدلالة الحضور عنه
والدال على الغائب ، ما وضع للغائب . ولابد له من مرجع يعود عليه .
والأصل في المرجع أن يكون سابقا على الضمير لفظا ورتبه مطابقاً له لفظاً
ومعنى مثل : (وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ )(هود: الآية 45) .)
ـ تفسير العثيمين ج 1 ـ
وقد ذكرتُ هذا التعريف في حواري معه قبل أن يكتب سؤاله فلو كان الأخ
/ المهتدي بالله / قد قرأ جيداً هذا التعريف وفهمه لما سأل سؤاله السابق
لأن التعريف قد فرق بين ضمير المتكلم والمخاطب وبين ضمير الغائب ففي
التعريف السابق ( فالدال على الحضور نوعان :
أحدهما: ما وضع للمتكلم مثل: (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّه) (غافر: الآية44)
الثاني: ما وضع للمخاطب مثل: (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) (الفاتحة:
الآية7) وهذان لا يحتاجان إلى مرجع اكتفاء بدلالة الحضور عنه )
إذاً ضمير الخطاب في لفظ ( عنكم ) لا يحتاج إلى
مرجع لدلالة الحضور
عنه وهم هنا أهل البيت عليهم السلام الحاضرين في هذا الاجتماع مع
الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .
( والدال على الغائب ، ما وضع للغائب . ولابد له من مرجع يعود عليه .)
والضمير في الآية الكريمة ليس للغائب بل للحاضر .
فكما ترى ـ والحمد لله ـ القواعد لا تتكسر عند الآية الكريمة بل الآية
الكريمة مطابقة للقاعدة اللغوية .
( إعراب ( أَهْلَ الْبَيْتِ ) )
( «أَهْلَ» منصوب على الاختصاص تقديره أخص أهل «الْبَيْتِ» مضاف إليه
)
ـ إعراب القرآن الكريم تأليف : أحمد عبيد الدعاس- أحمد محمد حميدان
- إسماعيل محمود القاسم ـ
تعريف الاختصاص : ( إصدار حكم على ضمير لغير الغائب ، بعده اسم
ظاهر، معرفة ، معناه معنى ذلك الضمير، مع تخصيص هذا الحكم بالمعرفة،
وقصره عليها )
ـ النحو الوافي ج 4 ل عباس حسن ـ
وعند تطبيق هذا التعريف على الآية الكريمة نجد فيها
الضمير الذي صدر عليه حكم إذهاب الرجس هو
ضمير خطاب وليس غيبة
في لفظ ( عَنْكُمُ ) بعده اسم معرفة ظاهر وهو لفظ ( أَهْلَ الْبَيْتِ ) ومعناهما
واحد فالضمير وهو كاف الخطاب في لفظ ( عَنْكُمُ ) المقصود به هم ( أَهْلَ
الْبَيْتِ ) مع تخصيص هذا الحكم بهم وقصره عليهم .
*****************
( سبب نزول آية التطهير )
( ترتيب نزول الآيات يختلف عن ترتيب كتابتها في المصحف )
ترتيب آيات القرآن الكريم على ما هو عليه في المصحف الشريف توقيفي
من النبي صلى الله عليه وسلم ، وترتيب النزول للآيات ليس كترتيب
المصحف .... فترتيب النزول كان حسب الأحداث والمناسبات.)
ـ فتوى رقم 54862 من موقع إسلام ويب ـ
قال عبد الرحمن جبريل
( إن ترتيب الآيات والسور القرآنية في رسم المصحف لم يتم حسب ترتيب
النزول ... أما ترتيب الآيات فلم يكن أيضاً وفق تعاقب نزولها، ويكفي دلالة
على ذلك أن أول ما نزل من القرآن الآيات الأولى من سورة العلق، وكان
نزولها بِحِراء، ثم نزلت أواخرها بعد ذلك بما شاء الله، ووقع بين نزول
أولها ونزول آخرها نزول سور القلم والمزمل والمدثر وغيرها.)
ـ مقال من مجلة الفرقان ـ
هذا الكلام معناه معلوم ومعروف ولكن أتينا به لزيادة الإيضاح والشرح
وبخصوص آية التطهير كما ذكرنا من قبل فقد نزلت وحدها مختلفة في
النزول الزمني دون بقية الآيات السابقة لها واللاحقة لها فترتيبها في
النزول يختلف عن ترتيب كتابتها في المصحف مثلها مثل آيات أخرى في
القرآن الكريم .
قال الله عز وجل بسم الله الرحمن الرحيم
( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ
وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ
صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31) يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ
لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ
مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ
الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ
عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي
بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34))
إن كانت هذه الآيات الكريمة قد نزلت كلها جملة واحدة في وقت واحد فإنها
كذلك إلا قوله تعالى ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ
وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) الذي قد نزل في وقت مختلف ومنفرد عنهم .
( ففي الآية رقم (30) الحديث عن الفاحشة ومضاعفة العذاب ، وفي الآية
(31) الحديث عن الطاعة لله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم
وإيتاء الأجر مرتين ، وفي الآية (32) الحديث بأنهن لسن كأحد من النساء
إن اتقين الله والنهي عن التحدث بصوت فيه لين يطمع الذي في قلبه مرض
والأمر بأن يقلن قولا معروفاً ، وفي الآية (33) الحديث عن أمرهن بأن
يقررن في بيوتهن والنهي عن التبرج والأمر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة
وطاعة الله ورسوله ـ ونزلت الآية عند النزول هكذا ليس في ختامها آية
التطهير أو نزلت تامة بما بعدها ـ وهي الآية (34) وفيها الحديث عن
أمرهن بحفظ ما يقرأ في بيوتهن من القرآن الكريم والسنة النبوية )
ـ معاني الكلمات من تفاسير الميسر والمنتخب وأيسر التفاسير والسعدي ـ
إذاً الآيات المتعلقة بأحكام الزوجات لم تنزل مع آية التطهير بل اختلفن معها
في وقت النزول وما يجمع بين هذه الآيات هو الرسول صلى الله عليه وآله
وسلم فأزواجه متصلات به وكذلك أهل بيته متصلون به .
*** لو كان هناك دليل يدل على أن آية التطهير نزلت
مع آيات الزوجات
فنحن ننتظره ونرحب به ***
نرجع إلى سبب النزول وقد قال في هذا ابن كثير ومن سار على رأيه الآتي
( وقوله: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ
الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا
} : وهذا نص في دخول أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في أهل البيت
ها هنا ؛ لأنهن سبب نزول هذه الآية ، وسبب النزول داخل
فيه قولاً واحداً
، إما وحده على قول أو مع غيره على الصحيح .)
يقصد ابن كثير بالآية هنا قوله تعالى ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ
الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ
اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)) فهو يرى أن
أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم هن سبب نزول الآية كاملة وليس
فقط الجزء الأول من الآية الخاص بهن وهو قوله تعالى ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ
وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ ) وهذا الكلام منه وممن تبعه كلام مردود بنص الأحاديث وقد بين
ذلك الشوكاني فقال ( وأما دخول عليّ وفاطمة والحسن والحسين فلكونهم
قرابته وأهل بيته في النسب ، ويؤيد ذلك ما ذكرناه
من الأحاديث المصرّحة
بأنهم سبب النزول ) ـ فتح القدير ج 6 ـ
( وَأُجِيبَ : بِأَنَّ سِيَاقَ الْآيَةِ يُفِيدُ أَنَّهُ فِي نسائه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَيُجَابُ عَنْ هَذَا الْجَوَابِ : بِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ الدَّلِيلُ الصَّحِيحُ
أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ
وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنَيْنِ )
ـ إرشاد الفحول ج 1 ـ
إذاً الأحاديث المصرحة والدليل الصحيح قد بينوا أن سبب نزول قوله تعالى
( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) هم علي
بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام وليس النساء كما
قال ابن كثير ومن تبعه
إذاً زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم لسن من أهل بيته في آية
التطهير لا عن طريق سبب النزول ولا عن طريق الأحاديث النبوية
الصحيحة .
**************
( الصحابي وَاثِلَةُ بْنِ الْأَسْقَعِ اللَّيْثِيَّ )
روى ابن حبان في صحيحه بإسناد صحيح الحديث من رواية الصحابي
واثلة بن الأسقع وورد فيها
( وَأَجْلَسَ فَاطِمَةَ عَنْ يَمِينِهِ وَعَلِيًّا عَنْ يَسَارِهِ، وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا بَيْنَ يَدَيْهِ
وَقَالَ : « إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا »
اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي ، قَالَ وَاثِلَةُ : فَقُلْتُ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ : وَأَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ
مِنْ أَهْلِكَ ؟ قَالَ : «وَأَنْتَ مِنْ أَهْلِي»، قَالَ وَاثِلَةُ: إِنَّهَا لَمِنْ أَرْجَى مَا أَرْتَجِي )
ـ صحيح ابن حبان ج 15 ـ
ففي هذه الرواية قد سأل واثلة من ناحية البيت ( وَأَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ
أَهْلِكَ ؟ ) فقال له الرسول صلى الله عليه وآله وسلم « وَأَنْتَ مِنْ أَهْلِي » )
ومعنى ( من أهلي ) هنا هو المعنى العام للفظ ( أهل ) الذي يدخل فيه
الأتباع من غير الأقارب والعشيرة
وقد بين من شرح الحديث معنى هذا اللفظ فقال الطحاوي
( وَوَاثِلَةُ أَبْعَدُ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا هُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي
لَيْثٍ لَيْسَ مِنْ قُرَيْشٍ وَأُمُّ سَلَمَةَ مَوْضِعُهَا مِنْ قُرَيْشٍ مَوْضِعُهَا الَّذِي هِيَ بِهِ
مِنْهُ، فَكَانَ قَوْلُهُ لِوَاثِلَةَ: " أَنْتَ مِنْ أَهْلِي " عَلَى مَعْنَى لِاتِّبَاعِكَ إيَّايَ ، وَإِيمَانِكَ
بِي فَدَخَلْتَ بِذَلِكَ فِي جُمْلَتِي ، وَقَدْ وَجَدْنَا اللهَ قَدْ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى
هَذَا الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ: { وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ، فَقَالَ رَبِّ إنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي } [هود:
45] فَأَجَابَهُ فِي ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ لَهُ: { إنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ }
[هود: 46] فَكَمَا جَازَ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ أَهْلِهِ، وَإِنْ كَانَ ابْنَهُ ؛ لِخِلَافِهِ إيَّاهُ فِي
دِينِهِ جَازَ أَنْ يُدْخِلَ فِي أَهْلِهِ مَنْ يُوَافِقُهُ عَلَى دِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَوِي
نَسَبِهِ )
ـ بيان مشكل الآثار ج 2 ـ
وقال البيهقي
( وَهُوَ إِلَى تَخْصِيصِ وَاثِلَةَ بِذَلِكَ أَقْرَبُ مِنْ تَعْمِيمِ الأُمَّةِ بِهِ وَكَأَنَّهُ جَعَلَ وَاثِلَةَ
فِى حُكْمِ الأَهْلِ تَشْبِيهًا بِمَنْ يَسْتَحِقُّ هَذَا الاِسْمَ لاَ تَحْقِيقًا )
ـ السنن الكبرى ج 2 ، وعنه النووي في شرح المهذب ـ
وقال الألوسي
( وقد أدخل صلّى الله عليه وسلم بعض من لم يكن بينه وبينه قرابة سببية
ولا نسبية في أهل البيت توسعا وتشبيها كسلمان الفارسي رضي الله تعالى
عنه حيث قال عليه الصلاة والسلام «سلمان منا أهل البيت»
وجاء في رواية صحيحة أن واثلة قال: وأنا من أهلك يا رسول الله؟ فقال:
عليه الصلاة والسلام وأنت من أهلي فكان واثلة يقول: إنها لمن أرجى ما
أرجو )
ـ روح المعاني ج 16 ـ
وعندما عنون ابن بلبان لهذه الرواية التي أخرجها ابن حبان قال كما ذكرنا
من قبل ( ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُصَرِّحِ بِأَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُمْ أَهْلُ
بَيْتِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) ولم يذكر واثلة ضمن لفظ ( أهل
البيت ) المذكور في الآية الكريمة لأنه ليس منها وبعيد عنها ودخوله كان
في المعنى العام للفظ ( أهل ) فقط دون غيره .
ومثله قول الصحابي السابق للرسول صلى الله عليه وآله وسلم ( إِنَّ أَهْلَكَ
يَقْرَءُونَ عَلَيْكَ السَّلاَمَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ ) وهم بعض أصحابه وفيهم بعض
الأنصار .
والحمد لله رب العالمين
تعليق