بسم الله الرحمن الرحيم
من الجهالات التي يقع فيها من لا معرفة له بكلام العلماء أنه يقرأ كلامهم مجتزأ أو يقرأه بسطحية
فمثلا عندما يقرأ بعض الاشخاص نظرية اللاعنف في الاسلام عند عالم من العلماء يظن أن هذا العالم لا يعتقد بجميع مفردات العنف ولا يراه شرعيا في كل الحالات، مع أنه لو أتعب نفسه قليلا لرأى أنه في الوقت الذي تطرح نظرية اللاعنف يطرح أيضا باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويطرح باب كلمة حق عند سلطان جائر ويطرح باب الجهاد في سبيل الله الابتدائي او الدفاعي وغيرها من الأبواب التي فيها شدة وعنف مبرر شرعا ومقبولا عقلا.
لهذا عندما نتحدث عن نظرية السيد الشيرازي في اللاعنف فإن السيد في الوقت الذي يشير فيه إلى أن اللاعنف هو الاصل في الاسلام فإنه يشير إلى أن الاسلام يستخدم القوة والعنف، وفيه ترهيب وفيه قتل وقتال، و فيه جهاد ابتدائي وفيه إقامة حدود وتعزيرات وغير ذلك من الأمور التي تحسب عنيفة لكن مقدرة و بحدود لا تجعل العنف هو الاصل في الاسلام أو الصبغة الظاهرة فيه، إنما الصبغة الظاهرة والاساس في الاسلام هو اللاعنف.
يقول السيد قدس سره في كتاب اللاعنف:
اللاعنف في الحروب
من جانب آخر الوصايا السمحة التي كان يؤكّد عليها الرسول (صلى الله عليه وآله) والأئمّة الأطهار (عليهم السلام) قبل خوض كلّ حرب تكشف بوضوح أنّ الإسلام لا يستخدم القوّة والعنف إلاّ في أشد حالات الضرورة ومع القلّة من الناس ممن لا تجدي معهم المواعظ الحسنة.
http://www.alshirazi.com/compilation...n/la_onf/6.htm
ويقول في كتاب الصياغة الجديدة
القتل في منظار الإسلام
الإسلام جعل القتل والقتال في أقصى درجات الضرورة،
http://www.alshirazi.com/compilation...da/part4/3.htm
ويقول:
الإسلام يعتبر الحرب حالة استثنائية
وعلى أي حال، فالإسلام يدعو إلى السلام ويعتبر السلم هو الأصل والحرب هي الاضطرار
ويقول:
شروط وقيود الحرب في الإسلام
الحرب ضرورة قصوى، والضرورات تقدر بقدرها، خصوصاً في مثل الحرب التي هي الدمار والفناء وإبادة الحياة ولذا نرى الإسلام يجعل للحرب قيوداً وشروطاً، مع أنه أوجب الجهاد الابتدائي والدفاعي كما هو معروف في كتب الفقه، وإنما جعل هذه الشروط والقيود الكثيرة حتى لا تكون الحرب إلا بقدر الضرورة الشديدة، ثم إذا انتهت الحرب يعفو الإسلام، ويغفر، ويطلق سراح المجرمين مهما وجد إلى ذلك سبيلاً
http://www.alshirazi.com/compilation...da/part4/2.htm
ويقول في كتاب السلم والسلام
السلم والسلام في باب الجهاد
وهنا يأتي سؤال: هل يمكن أن يتحقق السلام بدون ثمن؟ ثم كيف يمكن للسلام وسبيل اللاعنف أن يفرض نفسه على من لا يؤمن بالسلام، ويستعمل كل القوى التي توجب السيطرة والدمار؟
والجواب: إن لكل شيء ثمنا ومنه السلم والسلام، وعلينا أن نتعلم من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الطاهرين (عليهم السلام) في كيفية تطبيق السلم والسلام، فإنه كان الأصل عندهم وفي جميع مجالات الحياة، نعم لو هجم عليهم الأعداء وشهروا السيف بوجوههم فعندئذ يشرع القتال مع مراعاة الآداب الإسلامية التي جعلت من حروب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ وكلها كانت دفاعية ـ مدرسة أخلاق للبشرية. وهكذا كانت سيرة أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في حروبه.
فإن الشهوات والأطماع تتجاوز لدى البعض منطق العقل والحقوق المشروعة، ولا يقف أمامها شيء إلاّ ما كان رادعاً، وهذا لا ينافي أن الأصل هو اللاعنف، لكن إذا لم يستطع استرداد الحقوق المشروعة والحفاظ عليها، تتحول الحالة إلى تهيئة مقدمات الجهاد لإحلال السلام والأمن، بعد استشارة الأخصائيين والأخذ برأي شورى الفقهاء المراجع، وهذا هو ما شرعه الإسلام من الدفاع عن النفس والعرض والمال والوطن عند الاعتداء على أحدها.
ويقول:
أسلوب استخدام التهديد لتحقيق السلام
وهناك درجات في استعمال القوة من أجل إحلال السلام، فتارة تكون بالتهديد بها من دون استعمالها كما أشارت إليه الآية الكريمة: (وَأَعِدّواْ لَهُمْ مّا اسْتَطَعْتُمْ مّن قُوّةٍ وَمِن رّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوّ اللّهِ وَعَدُوّكُمْ((14).
والقرآن اصطلح على هذه العدة ولوازمها بـ (ترهبون(، وهو معنى الترهيب الذي يختلف تماماً عن معنى (الإرهاب) المصطلح في هذا اليوم، فإن الإرهاب صار ينطبق على جرائم التعذيب والقتل والإبادة وغيرها، وهذا كله حرام شرعاً.
وأما القتال فهو يختلف عن الإرهاب، والقتال أيضا محرم إلا دفاعاً وبشروط كثيرة مذكورة في باب الجهاد، قال سبحانه وتعالى: (أُذِنَ لِلّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنّ اللّهَ عَلَىَ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ( الّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقّ إِلاّ أَن يَقُولُواْ رَبّنَا اللّهُ((15).
وقال سبحانه وتعالى: (فَمَنِ اعْتَدَىَ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىَ عَلَيْكُمْ وَاتّقُواْ اللّهَ((16).
وفي آية أخرى: (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوَاْ إِنّ اللّهَ لاَ يُحِبّ الْمُعْتَدِينَ((17) إلى غيرها من الآيات الكثيرة والتي نحن لسنا بصدد سردها الآن.
وبالنسبة إلى مجرد التهديد، فله صور مختلفة ومنها الشدة كما في قولـه تعالى:
(مّحَمّدٌ رّسُولُ اللّهِ وَالّذِينَ مَعَهُ أَشِدّآءُ عَلَى الْكُفّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكّعاً سُجّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مّنَ اللّهِ وَرِضْوَاناً((18).
وهذا نوع تهديد, وإلا فقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في سيرته العطرة بعيداً عن العنف بتمام مصاديقه حتى مع الكفار.
قال بعض المفسرين: إن شدة المسلمين على الكفار كان بتحرزهم عن ثياب المشركين وعن أبدانهم حتى لا تمس أبدانهم، وذلك رعاية لمسألة الطهارة والنجاسة.
ثم إن الكافر على أقسام كما ذكرنا تفصيله في كتاب الجهاد(19)، فإنه قد يكون محارباً وقد لا يكون كذلك، فغير المحارب يترك وشأنه ويُعامل حسب الموازين المذكورة في الفقه الإسلامي، أما المحارب فإنما يحارب في ميدان الحرب فقط بعد توفر الشروط المذكورة في كتاب الجهاد.
ومن هنا يعلم أن استعمال القوة ميدانياً لا يكون إلا إذا اقتضى الأمر بقدره ومن باب الاضطرار، والضرورات تقدر بقدرها، فالحرب تكون عند الضرورة القصوى فقط، وذلك مثل العملية الجراحية التي يضطر إليها الإنسان. ولا تكون إلا عند الضرورة الملحّة، فإن مثله حينئذٍ كمثل غدّة سرطانية تحتاج إلى القطع والاستئصال دفاعاً عن النفس، فإن الطبيب الحاذق يقتنع بالقدر الضروري من القطع أو الاستئصال في أقصى حالات الضرورة.
وهذه القوة تعتبر من لوازم الجهاد ومقوماته في الشريعة الإسلامية لأن الإسلام أولى الجهاد المشروع عناية مهمة لأن صلاح الدين والدنيا لا يكتمل إلا به وقد قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): »إن الله عزَّوجلَّ فرض الجهاد وعظمه وجعله نصره وناصره والله ما صلحت دنيا ولا دين إلا به«(20) وهو عنوان لعز الإسلام ورفعته وعظمته، كما قالت الصديقة فاطمة ( في خطبتها: »والجهاد عزاً للإسلام«(21). وعن الإمام أبي عبد الله (عليه السلام) قال: »الجهاد أفضل الأشياء بعد الفرائض«(22).
والجهاد مأخوذ من الجهد وهو الطاقة والمشقة، يقال: جاهد يجاهد جهاداً ومجاهدة، إذا استفرغ وسعه، وبذل طاقته، وتحمل المشاق في مقاتلة العدو ومدافعته، وهو ما يعبر عنه بالحرب في العرف.
والحرب هي القتال المسلح بين فئتين أو أكثر، والحروب والثورات والمصادمات مستمرة من قديم الزمان، وقد دوَّن التاريخ كثيراً منها، ولا تكاد تخلو منه أمة ولا جيل، لأنها تنشأ من اختلاف مصالح المجتمع البشري وذلك لوجود مسألة الصراع بين الخير والشر، فالخير في موقف الدفاع من أجل هداية من يمكن هدايته وإنقاذ المظلوم، وموقف الشر هو سعيه لتدمير خط الخير وإبادته، وكذلك تنتج من تعارض المصالح بين بني البشر، وقد قيل: إن الحرب لم تقتصر على الإنسان بل وجدت عند الحيوانات أيضاً. وهناك فرق كبير بين الحرب في القوانين الوضعية وبين قوانين السماء، فالأولى غالباً ما تكون تدميراً للبشرية وإفساداً للطبيعة لأنها لأجل المصالح الأنانية، وبجانب كونها اعتداء على الحياة فهي تدمير لما تصلح به الحياة، وهي حرب لأجل دار الدنيا الفانية فتكون حرباً خاسرة.
أما في الثانية، فيعبر عنها بالجهاد، وهو لا يكون إلا في سبيل الله تعالى ولأجل إعلاء كلمته وللدفاع عن دينه، ولذا منع الإسلام حرب التوسع، وبسط النفوذ، وسيادة القوى، فقال عز من قائل: (تِلْكَ الدّارُ الاَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتّقِينَ((23)، وهي إذا كانت كذلك فستكون من نتائجها حسن العاقبة.
وهناك فرق بينهما فالأولى تكون لأجل الإبادة أو لارتكاب الجرائم المروعة أو غيرها من هذه المسائل، أما في الثانية فلم يحدث فيها من ذلك شيء، وذلك ما صرّح به علماء الغرب الذين يتحرّون الحقيقة ويقولونها، ولذا لم ير العالم قبل الإسلام ولا في هذا اليوم ولا في مختلف الحضارات حرباً مثل الحروب الإسلامية في النزاهة وقلة القتلى واحترام حقوق الإنسان.
http://www.alshirazi.com/compilation...salam/1/11.htm
من الجهالات التي يقع فيها من لا معرفة له بكلام العلماء أنه يقرأ كلامهم مجتزأ أو يقرأه بسطحية
فمثلا عندما يقرأ بعض الاشخاص نظرية اللاعنف في الاسلام عند عالم من العلماء يظن أن هذا العالم لا يعتقد بجميع مفردات العنف ولا يراه شرعيا في كل الحالات، مع أنه لو أتعب نفسه قليلا لرأى أنه في الوقت الذي تطرح نظرية اللاعنف يطرح أيضا باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويطرح باب كلمة حق عند سلطان جائر ويطرح باب الجهاد في سبيل الله الابتدائي او الدفاعي وغيرها من الأبواب التي فيها شدة وعنف مبرر شرعا ومقبولا عقلا.
لهذا عندما نتحدث عن نظرية السيد الشيرازي في اللاعنف فإن السيد في الوقت الذي يشير فيه إلى أن اللاعنف هو الاصل في الاسلام فإنه يشير إلى أن الاسلام يستخدم القوة والعنف، وفيه ترهيب وفيه قتل وقتال، و فيه جهاد ابتدائي وفيه إقامة حدود وتعزيرات وغير ذلك من الأمور التي تحسب عنيفة لكن مقدرة و بحدود لا تجعل العنف هو الاصل في الاسلام أو الصبغة الظاهرة فيه، إنما الصبغة الظاهرة والاساس في الاسلام هو اللاعنف.
يقول السيد قدس سره في كتاب اللاعنف:
اللاعنف في الحروب
من جانب آخر الوصايا السمحة التي كان يؤكّد عليها الرسول (صلى الله عليه وآله) والأئمّة الأطهار (عليهم السلام) قبل خوض كلّ حرب تكشف بوضوح أنّ الإسلام لا يستخدم القوّة والعنف إلاّ في أشد حالات الضرورة ومع القلّة من الناس ممن لا تجدي معهم المواعظ الحسنة.
http://www.alshirazi.com/compilation...n/la_onf/6.htm
ويقول في كتاب الصياغة الجديدة
القتل في منظار الإسلام
الإسلام جعل القتل والقتال في أقصى درجات الضرورة،
http://www.alshirazi.com/compilation...da/part4/3.htm
ويقول:
الإسلام يعتبر الحرب حالة استثنائية
وعلى أي حال، فالإسلام يدعو إلى السلام ويعتبر السلم هو الأصل والحرب هي الاضطرار
ويقول:
شروط وقيود الحرب في الإسلام
الحرب ضرورة قصوى، والضرورات تقدر بقدرها، خصوصاً في مثل الحرب التي هي الدمار والفناء وإبادة الحياة ولذا نرى الإسلام يجعل للحرب قيوداً وشروطاً، مع أنه أوجب الجهاد الابتدائي والدفاعي كما هو معروف في كتب الفقه، وإنما جعل هذه الشروط والقيود الكثيرة حتى لا تكون الحرب إلا بقدر الضرورة الشديدة، ثم إذا انتهت الحرب يعفو الإسلام، ويغفر، ويطلق سراح المجرمين مهما وجد إلى ذلك سبيلاً
http://www.alshirazi.com/compilation...da/part4/2.htm
ويقول في كتاب السلم والسلام
السلم والسلام في باب الجهاد
وهنا يأتي سؤال: هل يمكن أن يتحقق السلام بدون ثمن؟ ثم كيف يمكن للسلام وسبيل اللاعنف أن يفرض نفسه على من لا يؤمن بالسلام، ويستعمل كل القوى التي توجب السيطرة والدمار؟
والجواب: إن لكل شيء ثمنا ومنه السلم والسلام، وعلينا أن نتعلم من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الطاهرين (عليهم السلام) في كيفية تطبيق السلم والسلام، فإنه كان الأصل عندهم وفي جميع مجالات الحياة، نعم لو هجم عليهم الأعداء وشهروا السيف بوجوههم فعندئذ يشرع القتال مع مراعاة الآداب الإسلامية التي جعلت من حروب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ وكلها كانت دفاعية ـ مدرسة أخلاق للبشرية. وهكذا كانت سيرة أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في حروبه.
فإن الشهوات والأطماع تتجاوز لدى البعض منطق العقل والحقوق المشروعة، ولا يقف أمامها شيء إلاّ ما كان رادعاً، وهذا لا ينافي أن الأصل هو اللاعنف، لكن إذا لم يستطع استرداد الحقوق المشروعة والحفاظ عليها، تتحول الحالة إلى تهيئة مقدمات الجهاد لإحلال السلام والأمن، بعد استشارة الأخصائيين والأخذ برأي شورى الفقهاء المراجع، وهذا هو ما شرعه الإسلام من الدفاع عن النفس والعرض والمال والوطن عند الاعتداء على أحدها.
ويقول:
أسلوب استخدام التهديد لتحقيق السلام
وهناك درجات في استعمال القوة من أجل إحلال السلام، فتارة تكون بالتهديد بها من دون استعمالها كما أشارت إليه الآية الكريمة: (وَأَعِدّواْ لَهُمْ مّا اسْتَطَعْتُمْ مّن قُوّةٍ وَمِن رّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوّ اللّهِ وَعَدُوّكُمْ((14).
والقرآن اصطلح على هذه العدة ولوازمها بـ (ترهبون(، وهو معنى الترهيب الذي يختلف تماماً عن معنى (الإرهاب) المصطلح في هذا اليوم، فإن الإرهاب صار ينطبق على جرائم التعذيب والقتل والإبادة وغيرها، وهذا كله حرام شرعاً.
وأما القتال فهو يختلف عن الإرهاب، والقتال أيضا محرم إلا دفاعاً وبشروط كثيرة مذكورة في باب الجهاد، قال سبحانه وتعالى: (أُذِنَ لِلّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنّ اللّهَ عَلَىَ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ( الّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقّ إِلاّ أَن يَقُولُواْ رَبّنَا اللّهُ((15).
وقال سبحانه وتعالى: (فَمَنِ اعْتَدَىَ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىَ عَلَيْكُمْ وَاتّقُواْ اللّهَ((16).
وفي آية أخرى: (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوَاْ إِنّ اللّهَ لاَ يُحِبّ الْمُعْتَدِينَ((17) إلى غيرها من الآيات الكثيرة والتي نحن لسنا بصدد سردها الآن.
وبالنسبة إلى مجرد التهديد، فله صور مختلفة ومنها الشدة كما في قولـه تعالى:
(مّحَمّدٌ رّسُولُ اللّهِ وَالّذِينَ مَعَهُ أَشِدّآءُ عَلَى الْكُفّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكّعاً سُجّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مّنَ اللّهِ وَرِضْوَاناً((18).
وهذا نوع تهديد, وإلا فقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في سيرته العطرة بعيداً عن العنف بتمام مصاديقه حتى مع الكفار.
قال بعض المفسرين: إن شدة المسلمين على الكفار كان بتحرزهم عن ثياب المشركين وعن أبدانهم حتى لا تمس أبدانهم، وذلك رعاية لمسألة الطهارة والنجاسة.
ثم إن الكافر على أقسام كما ذكرنا تفصيله في كتاب الجهاد(19)، فإنه قد يكون محارباً وقد لا يكون كذلك، فغير المحارب يترك وشأنه ويُعامل حسب الموازين المذكورة في الفقه الإسلامي، أما المحارب فإنما يحارب في ميدان الحرب فقط بعد توفر الشروط المذكورة في كتاب الجهاد.
ومن هنا يعلم أن استعمال القوة ميدانياً لا يكون إلا إذا اقتضى الأمر بقدره ومن باب الاضطرار، والضرورات تقدر بقدرها، فالحرب تكون عند الضرورة القصوى فقط، وذلك مثل العملية الجراحية التي يضطر إليها الإنسان. ولا تكون إلا عند الضرورة الملحّة، فإن مثله حينئذٍ كمثل غدّة سرطانية تحتاج إلى القطع والاستئصال دفاعاً عن النفس، فإن الطبيب الحاذق يقتنع بالقدر الضروري من القطع أو الاستئصال في أقصى حالات الضرورة.
وهذه القوة تعتبر من لوازم الجهاد ومقوماته في الشريعة الإسلامية لأن الإسلام أولى الجهاد المشروع عناية مهمة لأن صلاح الدين والدنيا لا يكتمل إلا به وقد قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): »إن الله عزَّوجلَّ فرض الجهاد وعظمه وجعله نصره وناصره والله ما صلحت دنيا ولا دين إلا به«(20) وهو عنوان لعز الإسلام ورفعته وعظمته، كما قالت الصديقة فاطمة ( في خطبتها: »والجهاد عزاً للإسلام«(21). وعن الإمام أبي عبد الله (عليه السلام) قال: »الجهاد أفضل الأشياء بعد الفرائض«(22).
والجهاد مأخوذ من الجهد وهو الطاقة والمشقة، يقال: جاهد يجاهد جهاداً ومجاهدة، إذا استفرغ وسعه، وبذل طاقته، وتحمل المشاق في مقاتلة العدو ومدافعته، وهو ما يعبر عنه بالحرب في العرف.
والحرب هي القتال المسلح بين فئتين أو أكثر، والحروب والثورات والمصادمات مستمرة من قديم الزمان، وقد دوَّن التاريخ كثيراً منها، ولا تكاد تخلو منه أمة ولا جيل، لأنها تنشأ من اختلاف مصالح المجتمع البشري وذلك لوجود مسألة الصراع بين الخير والشر، فالخير في موقف الدفاع من أجل هداية من يمكن هدايته وإنقاذ المظلوم، وموقف الشر هو سعيه لتدمير خط الخير وإبادته، وكذلك تنتج من تعارض المصالح بين بني البشر، وقد قيل: إن الحرب لم تقتصر على الإنسان بل وجدت عند الحيوانات أيضاً. وهناك فرق كبير بين الحرب في القوانين الوضعية وبين قوانين السماء، فالأولى غالباً ما تكون تدميراً للبشرية وإفساداً للطبيعة لأنها لأجل المصالح الأنانية، وبجانب كونها اعتداء على الحياة فهي تدمير لما تصلح به الحياة، وهي حرب لأجل دار الدنيا الفانية فتكون حرباً خاسرة.
أما في الثانية، فيعبر عنها بالجهاد، وهو لا يكون إلا في سبيل الله تعالى ولأجل إعلاء كلمته وللدفاع عن دينه، ولذا منع الإسلام حرب التوسع، وبسط النفوذ، وسيادة القوى، فقال عز من قائل: (تِلْكَ الدّارُ الاَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتّقِينَ((23)، وهي إذا كانت كذلك فستكون من نتائجها حسن العاقبة.
وهناك فرق بينهما فالأولى تكون لأجل الإبادة أو لارتكاب الجرائم المروعة أو غيرها من هذه المسائل، أما في الثانية فلم يحدث فيها من ذلك شيء، وذلك ما صرّح به علماء الغرب الذين يتحرّون الحقيقة ويقولونها، ولذا لم ير العالم قبل الإسلام ولا في هذا اليوم ولا في مختلف الحضارات حرباً مثل الحروب الإسلامية في النزاهة وقلة القتلى واحترام حقوق الإنسان.
http://www.alshirazi.com/compilation...salam/1/11.htm
تعليق