تابع جرائم الوهابيه ضد الشيعه المصريون / فقط للعقلاء لا للذين ينظرون بعين واحده
التنظيمات الشيعية:
ولم تتوقف الحرب ضد الشيعة في مصر عند هذا الحد بل تجاوزتها إلى ضرب الأنشطة الشيعية والبطش بكل من يمت للشيعة بصلة..
وكانت أولى الضربات التي وجهت للأنشطة الشيعية في مصر هر وقف نشاط جماعة التقريب ثم حل جمعية آل البيت بقرار أمني..
ثم تتابعت الضربات فكانت أولاهما تتمثل في القبض على مجموعة من العناصر الإسلامية وبعض الكتاب وأساتذة الجامعات واتهامهم بتشكيل مجموعة جهادية بتمويل إيراني فيما عرف وقتها بالقضية رقم 401 لعام 87.. (7)
ثم وجهت ضربة أخرى لعناصر من الشيعة المصريين والعرب المقيمين في مصر فيما عرف بالتنظيم الشيعي الخميني عام 88.. (8)
وقد أثار ظهور هذا التنظيم ضجة واسعة وقتها على مستوى مصر والعام العربي حيث ضم عناصر من البحرين والكويت والعراق اتهموا جميعا بالانتماء لحزب الله.. ولما كانت هذه الدول الثلاث متحالفة ضد إيران فقد أثارها وجود عناصر من شعبها يعمل لحساب إيران وينتمي لحزب الله أداة إيران التي تخشاها.
من هنا سارعت هذه الدول بطلب عناصرها لتحري الأمر وبحث إذا ما كان حزب الله قد تغلغل في بلادهم.. (9)
لأجل هذا أثار التنظيم الدول العربية ولفت انتباه الرأي العام واستغلته الحكومة المصرية في التقرب لدول الخليج..
وكان هذا التنظيم من جهة أخرى مفاجأة بالنسبة للرأي العام المصري الذي لم يكن يتوقع أن للشيعة وجودا في الساحة الإسلامية بمصر يمكن أن يشكل تحديا أمنيا للحكم..
والطريف في الأمر أن هذا التنظيم المزعوم قد شكل دعاية كبيرة للشيعة في
مصر بصورة غير مباشرة ودفع بالرأي العام إلى محاولة التعرف على الشيعة مما أدى إلى زيادة الإقبال على الكتاب الشيعي.. (10)
وفي المقام التالي وجهت ضربة ثانية للشيعة فيما عرف بالتنظيم الشيعي الخميني أيضا. ويبدو أن الحكومة لم تكتفي بالتنظيم الأول فقررت أن تخترع تنظيما ثانيا يفي بالغرض الذي عجز عن تحقيقه التنظيم الأول عل يما يبدو. (11)
إلا أن الرأي العام المصري كان قد استقبل الاعلان عن اكتشاف التنظيم الثاني بفتور شديد ولم يحظ التنظيم المزعوم بتركيز إعلامي كبير مثلما حدث مع سابقه.
والشئ الملفت للنظر في قضية التنظيم الثاني أن نفس التهم التي وجهت للأول هي نفس التهم التي وجهت للثاني حتى أن مانشيتات الصحف كانت متقاربة إلى حد كبير.
ومع بداية عام 90 بدأت الضغوط تتلاشى تدريجيا عن الشيعة حيت تلاشت تماما مع توقف الحرب العراقية الايرانية وكان حملة العداء على الشيعة في مصر كانت موقوتة بالحرب. وهذا لا يعني أن الشيعة أصبحت تيارا مشروعا في مصر فلا تزال هناك محاذير أمنية كثيرة تحوم من حولها وهي نابغة كلها من خلال الموقف من إيران..
وإذا كان الشق السياسي في الحرب التي شئت على الشيعة في مصر قد تنحى جانبا بعد حرب الخليج. إلا الشق المذهبي العقائدي لا زال له وجوده الفعال ودوره البارز في الحرب المقدسة التي يرفع رايتها التيار السلفي الوهابي وهو مستمر في رفعها حتى اليوم.. ولن تطوى راية هذه الحرب حتى قيام الساعة..
رد الفعل الشيعي
الشيعة يتخلون عن التقية.
هل
استسلم الشيعة المصريون للضغوط وتراجعوا عن مواجهة الحملات الاعلامية التي شنتها الحكومة والتيار السلفي السعودي والأزهر وغير هم أخذا بمبدأ التقية التي يلتزم بها الشيعة..؟
إن الوقائع تشير إلى غير ذلك فمع بداية الثمانينات كان هناك نشاط شيعي متفرق في مصر وقد أخذ هذا النشاط يتطور تدريجا وأصبح أكثر بروزا على ساحة الواقع أدى إلى استفزاز الحكومة وخصوم الشيعة من السلفيين وغيرهم..
وكان هذا النشاط هو المقدمة التي أدت في النهاية إلى توجيه عدة ضربات متتالية لمجموعات شيعية لم تكن لأنشطتها أية أبعاد سياسية..
البداية:
كان لوجود الكثير من العناصر العربية الشيعية في مصر دوره الفعال في دعم الدعوة الشيعية فيها. فقد كانت مصر مكتظة بالعراقيين الشيعة الفارين من وجه صدام والذين أقاموا في مصر لغرض الدراسة. كما كان بها الكثير أيضا من شيعة البحرين والسعودية الذين يقيمون لنفس الغرض. وقد أسهمت هذه العناصر في القيام بدور دفاعي فعال ضد الهجمات الاعلامية التي شنت على الشيعة في تلك الفترة..وكانت العناصر العراقية تلتزم بتقليد السيد الخوئي بينما كانت أغلبية العناصر البحرينية تقلد السيد الشيرازي وكذلك كان بعض السعوديون..
ولم تكن فكرة التقليد واضحة في أذهان المصريين حتى تلك الفترة كما لم تكن أسماء كبار المراجع الذين يقلدهم الشيعية مثل السيد الخوئي والسيد الشيرازي معروفة في مصر. وقد اشتهرت أسماء المراجع فيما بعد مع بروز النشاط الاعلامي الشيعي ومع الضربات التي وجهت للشيعة وأدت إلى تسليط الأضواء على مراجع الشيعة.. (1)
ويبدو أن احتكاك المصريين بتلك العناصر العربية قد أدى إلى التعرف على هذه المراجع من قبل المصريين..
إلا أن هذا الاحتكاك بين المصريين والعرب لم تكن نتيجته تنحصر فقط في تحسين صورة الشيعة والدفاع عنها إنما تعدته إلى التزام كثير من المصريين بنهج الشيعة بعد أن تعرفوا إليها عن طريقهم وبواسطة الكتب التي كانوا يحصلون عليها بواسطتهم.. (2)
وقد تم القبض على بعض هذه العناصر العربية في دائرة التنظيم الشيعي الخميني في عام 88 ومنذ ذلك الحين توقف نشاط الشيعة العرب في مصر..
وكان البعض من العراقيين قد قام بطبع عدد من الكتب الشيعية والكتب المعادية لنظام صدام حسين ونشرها في الأوساط الثقافية..
ومن هذه الكتب كتاب أصل الشيعة وأصولها وكتاب الحرب العراقية الايرانية وكتاب أكذوبة تحريف القرآن بين الشيعة والسنة. ونحو وحدة إسلامية. وفي سبيل الوحدة الإسلامية.
البداية:
في أواخر عام 86 بدأ الإعداد لقيام أول دار نشر شيعية في مصر وكان قيام هذه الدار على كاهل بعض المصريين وبعض العرب. وتم الاتفاق على تسميتها بدار البداية. كما تم الإعداد لنشر عدد من الكتب لبعض مؤلفين ومفكرين من الشيعة للدخول بها معرض القاهرة الدولي للكتاب.. (3)
وكان ظهور دار البداية في معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 87 قد شكل مفاجأة كبيرة للتيار السلفي الوهابي المتربص بنا. كما كان مفاجأة لرجال الأمن والمراقبين.
ولم يستطع التيار السلفي ضبط أعصابه وكظم غيظه لهذا الحدث فأعلن عن غضبه في منشور انطلق يوزعه على رواد المعرض. وكان هذا المنشور يحوي تحذيرا من دار البداية ومن عدة كتب في مقدمتها كتاب المراجعات وأصل الشيعة وأصولها. وقد أرفق بهذه المنشور صورة صفحة من كتاب الكافي تحوي عدد من الأحاديث الموجهة ضد الصحابة.. (4)
ولم يقف رد فعل التيار السلفي والذي كان مممثلا في دور النشر السعودية والمصرية المتحالفة معه. عند هذا الحد بل تعداه في القيام بغرات ما بين الحين والآخر على جناح دار البداية لتهديد القائمين عليها وزجر المتعاملين معهما.. (5)
وشارك رجال الأمن أيضا في هذه الغارات وقاموا باستدعاء القائم على الدار للتحقيق معه حول هذا الأمر.. (6)
ولعل التوقيت الذي برزت فيه هذه الدار كان من العوامل التي دعمتها إعلاميا ويسرت لها السبيل لنشر كتبها في الوسط الإسلامي. إذ حققت الحملة المضادة التي شنت عليها مردودا دعائيا لم تكن لتستطع القيام به في مثل الظروف العصيبة التي كانت تحيط بالشيعة في ذلك الوقت..
وعلى الرغم من أن الكتب التي أصدرتها دار البداية لم تكن كتبا فقهية أو عقائدية وكانت كتبا فكرية إلا أنها استفزت التيار السلفي استفزاز كبيرا..
وعندما تم القبض على المجموعة الشيعية الأولى عام 88 كانت دار البداية أحد ركائز القضية التي تم صناعتها في تلك الفترة حيث اعتبرت أحد أنشطة المخابرات الايرانية في مصر. ومنذ ذلك الحين توقفت دار البداية.
وفي الوقت الذي اتهمت فيه دار البداية بالعمل لحساب إيران أو على حد تعبير
الحكومة (الرشوة الدولية) كانت الساحة المصرية تكتظ بعشرات دور النشر السلفية المدعومة من السعودية والتي قام بتأسيسها عناصر من الجماعات الإسلامية التي سبق اعتقالها في قضايا إسلامية. ولا تزال هذه الدور تعمل حتى اليوم وتتكاثر. (7)
وقد قامت إحدى دور النشر السلفية بإصدار كتاب خاص بدار البداية تحت عنوان (بداية الشر ونهج البربر) هاجمت فيه الشيعة والدار وبعض الكتب التي أصدرتها. والمتأمل في هذا الكتاب الذي كان يوزع مجانا على رواد المعرض عام 88 يجده أشبه بتقرير أمني كتب بقلم رجل من رجال الأمن.. (8)
وما يجب ذكره هنا أن دار البداية أصبحت علامة بارزة في تاريخ الشيعة الحديث في مصر على ما قدمته من إنجازات في ميدان الدعوة لمذهب آل البيت وما تركته من أثر لا زال باقيا في الوسط الإسلامي حتى اليوم..
دار الهدف:
وقد قامت بعد دار البداية دار جديدة هي دار الهدف لتكون لافتة لشيعة مصر وعلامة من علامات إثبات وجودهم. ولا تزال الحرب الدعائية تشن عليها من قبل التيار السلفي كما لا تزال ترصدها عيون الحكومة.. (9)
وفضلا عن كون دار الهدف تشارك في معرض القاهرة الدولي للكتاب في كل عام وتسهم في نشر الكتاب الشيعي في مصر وما يحمل هذا من مردود دعائي للشيعة في مصر. فإنها تقوم بالإضافة إلى ذلك بإحياء المناسبات الشيعية كذكرى عاشوراء وذكرى الغدير وذلك تكون قد تحولت إلى حسينية بالمفهوم الشيعي. (10)
وإذا كانت الظروف التي تواكبها دار الهدف هي أقل حدة من الظروف التي واكبت دار البداية فإنه لا تزال هناك عدة تحديات تواجهها على مستوى الداخل والخارج..
فعلى مستوى الداخل هناك التيار السلفي الوهابي المتربص الذي يزداد قوة وفعالية وانتشارا خاصة وأن الساحة خالية أمامه بعد بطش الحكومة بالتيارات الأخرى وهناك أيضا الحكومة التي تضع بعض المحاذير الأمنية على النشاط الشيعي..
وعلى مستوى الخارج ينعكس على الدوام موقف الحكومة من إيران على الشيعة وعلى أنشطتهم في مصر فالحكومة لا تزال تنظر للشيعة على أنهم تابعين لإيران.
ومثل هذه التحديات لا تواجه دار الهدف بصفتها دار نشر شيعية وإنما تواجهها بصفتها لافتة لشيعة مصر..
التنظيمات الشيعية:
ولم تتوقف الحرب ضد الشيعة في مصر عند هذا الحد بل تجاوزتها إلى ضرب الأنشطة الشيعية والبطش بكل من يمت للشيعة بصلة..
وكانت أولى الضربات التي وجهت للأنشطة الشيعية في مصر هر وقف نشاط جماعة التقريب ثم حل جمعية آل البيت بقرار أمني..
ثم تتابعت الضربات فكانت أولاهما تتمثل في القبض على مجموعة من العناصر الإسلامية وبعض الكتاب وأساتذة الجامعات واتهامهم بتشكيل مجموعة جهادية بتمويل إيراني فيما عرف وقتها بالقضية رقم 401 لعام 87.. (7)
ثم وجهت ضربة أخرى لعناصر من الشيعة المصريين والعرب المقيمين في مصر فيما عرف بالتنظيم الشيعي الخميني عام 88.. (8)
وقد أثار ظهور هذا التنظيم ضجة واسعة وقتها على مستوى مصر والعام العربي حيث ضم عناصر من البحرين والكويت والعراق اتهموا جميعا بالانتماء لحزب الله.. ولما كانت هذه الدول الثلاث متحالفة ضد إيران فقد أثارها وجود عناصر من شعبها يعمل لحساب إيران وينتمي لحزب الله أداة إيران التي تخشاها.
من هنا سارعت هذه الدول بطلب عناصرها لتحري الأمر وبحث إذا ما كان حزب الله قد تغلغل في بلادهم.. (9)
لأجل هذا أثار التنظيم الدول العربية ولفت انتباه الرأي العام واستغلته الحكومة المصرية في التقرب لدول الخليج..
وكان هذا التنظيم من جهة أخرى مفاجأة بالنسبة للرأي العام المصري الذي لم يكن يتوقع أن للشيعة وجودا في الساحة الإسلامية بمصر يمكن أن يشكل تحديا أمنيا للحكم..
والطريف في الأمر أن هذا التنظيم المزعوم قد شكل دعاية كبيرة للشيعة في
مصر بصورة غير مباشرة ودفع بالرأي العام إلى محاولة التعرف على الشيعة مما أدى إلى زيادة الإقبال على الكتاب الشيعي.. (10)
وفي المقام التالي وجهت ضربة ثانية للشيعة فيما عرف بالتنظيم الشيعي الخميني أيضا. ويبدو أن الحكومة لم تكتفي بالتنظيم الأول فقررت أن تخترع تنظيما ثانيا يفي بالغرض الذي عجز عن تحقيقه التنظيم الأول عل يما يبدو. (11)
إلا أن الرأي العام المصري كان قد استقبل الاعلان عن اكتشاف التنظيم الثاني بفتور شديد ولم يحظ التنظيم المزعوم بتركيز إعلامي كبير مثلما حدث مع سابقه.
والشئ الملفت للنظر في قضية التنظيم الثاني أن نفس التهم التي وجهت للأول هي نفس التهم التي وجهت للثاني حتى أن مانشيتات الصحف كانت متقاربة إلى حد كبير.
ومع بداية عام 90 بدأت الضغوط تتلاشى تدريجيا عن الشيعة حيت تلاشت تماما مع توقف الحرب العراقية الايرانية وكان حملة العداء على الشيعة في مصر كانت موقوتة بالحرب. وهذا لا يعني أن الشيعة أصبحت تيارا مشروعا في مصر فلا تزال هناك محاذير أمنية كثيرة تحوم من حولها وهي نابغة كلها من خلال الموقف من إيران..
وإذا كان الشق السياسي في الحرب التي شئت على الشيعة في مصر قد تنحى جانبا بعد حرب الخليج. إلا الشق المذهبي العقائدي لا زال له وجوده الفعال ودوره البارز في الحرب المقدسة التي يرفع رايتها التيار السلفي الوهابي وهو مستمر في رفعها حتى اليوم.. ولن تطوى راية هذه الحرب حتى قيام الساعة..
رد الفعل الشيعي
الشيعة يتخلون عن التقية.
هل
استسلم الشيعة المصريون للضغوط وتراجعوا عن مواجهة الحملات الاعلامية التي شنتها الحكومة والتيار السلفي السعودي والأزهر وغير هم أخذا بمبدأ التقية التي يلتزم بها الشيعة..؟
إن الوقائع تشير إلى غير ذلك فمع بداية الثمانينات كان هناك نشاط شيعي متفرق في مصر وقد أخذ هذا النشاط يتطور تدريجا وأصبح أكثر بروزا على ساحة الواقع أدى إلى استفزاز الحكومة وخصوم الشيعة من السلفيين وغيرهم..
وكان هذا النشاط هو المقدمة التي أدت في النهاية إلى توجيه عدة ضربات متتالية لمجموعات شيعية لم تكن لأنشطتها أية أبعاد سياسية..
البداية:
كان لوجود الكثير من العناصر العربية الشيعية في مصر دوره الفعال في دعم الدعوة الشيعية فيها. فقد كانت مصر مكتظة بالعراقيين الشيعة الفارين من وجه صدام والذين أقاموا في مصر لغرض الدراسة. كما كان بها الكثير أيضا من شيعة البحرين والسعودية الذين يقيمون لنفس الغرض. وقد أسهمت هذه العناصر في القيام بدور دفاعي فعال ضد الهجمات الاعلامية التي شنت على الشيعة في تلك الفترة..وكانت العناصر العراقية تلتزم بتقليد السيد الخوئي بينما كانت أغلبية العناصر البحرينية تقلد السيد الشيرازي وكذلك كان بعض السعوديون..
ولم تكن فكرة التقليد واضحة في أذهان المصريين حتى تلك الفترة كما لم تكن أسماء كبار المراجع الذين يقلدهم الشيعية مثل السيد الخوئي والسيد الشيرازي معروفة في مصر. وقد اشتهرت أسماء المراجع فيما بعد مع بروز النشاط الاعلامي الشيعي ومع الضربات التي وجهت للشيعة وأدت إلى تسليط الأضواء على مراجع الشيعة.. (1)
ويبدو أن احتكاك المصريين بتلك العناصر العربية قد أدى إلى التعرف على هذه المراجع من قبل المصريين..
إلا أن هذا الاحتكاك بين المصريين والعرب لم تكن نتيجته تنحصر فقط في تحسين صورة الشيعة والدفاع عنها إنما تعدته إلى التزام كثير من المصريين بنهج الشيعة بعد أن تعرفوا إليها عن طريقهم وبواسطة الكتب التي كانوا يحصلون عليها بواسطتهم.. (2)
وقد تم القبض على بعض هذه العناصر العربية في دائرة التنظيم الشيعي الخميني في عام 88 ومنذ ذلك الحين توقف نشاط الشيعة العرب في مصر..
وكان البعض من العراقيين قد قام بطبع عدد من الكتب الشيعية والكتب المعادية لنظام صدام حسين ونشرها في الأوساط الثقافية..
ومن هذه الكتب كتاب أصل الشيعة وأصولها وكتاب الحرب العراقية الايرانية وكتاب أكذوبة تحريف القرآن بين الشيعة والسنة. ونحو وحدة إسلامية. وفي سبيل الوحدة الإسلامية.
البداية:
في أواخر عام 86 بدأ الإعداد لقيام أول دار نشر شيعية في مصر وكان قيام هذه الدار على كاهل بعض المصريين وبعض العرب. وتم الاتفاق على تسميتها بدار البداية. كما تم الإعداد لنشر عدد من الكتب لبعض مؤلفين ومفكرين من الشيعة للدخول بها معرض القاهرة الدولي للكتاب.. (3)
وكان ظهور دار البداية في معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 87 قد شكل مفاجأة كبيرة للتيار السلفي الوهابي المتربص بنا. كما كان مفاجأة لرجال الأمن والمراقبين.
ولم يستطع التيار السلفي ضبط أعصابه وكظم غيظه لهذا الحدث فأعلن عن غضبه في منشور انطلق يوزعه على رواد المعرض. وكان هذا المنشور يحوي تحذيرا من دار البداية ومن عدة كتب في مقدمتها كتاب المراجعات وأصل الشيعة وأصولها. وقد أرفق بهذه المنشور صورة صفحة من كتاب الكافي تحوي عدد من الأحاديث الموجهة ضد الصحابة.. (4)
ولم يقف رد فعل التيار السلفي والذي كان مممثلا في دور النشر السعودية والمصرية المتحالفة معه. عند هذا الحد بل تعداه في القيام بغرات ما بين الحين والآخر على جناح دار البداية لتهديد القائمين عليها وزجر المتعاملين معهما.. (5)
وشارك رجال الأمن أيضا في هذه الغارات وقاموا باستدعاء القائم على الدار للتحقيق معه حول هذا الأمر.. (6)
ولعل التوقيت الذي برزت فيه هذه الدار كان من العوامل التي دعمتها إعلاميا ويسرت لها السبيل لنشر كتبها في الوسط الإسلامي. إذ حققت الحملة المضادة التي شنت عليها مردودا دعائيا لم تكن لتستطع القيام به في مثل الظروف العصيبة التي كانت تحيط بالشيعة في ذلك الوقت..
وعلى الرغم من أن الكتب التي أصدرتها دار البداية لم تكن كتبا فقهية أو عقائدية وكانت كتبا فكرية إلا أنها استفزت التيار السلفي استفزاز كبيرا..
وعندما تم القبض على المجموعة الشيعية الأولى عام 88 كانت دار البداية أحد ركائز القضية التي تم صناعتها في تلك الفترة حيث اعتبرت أحد أنشطة المخابرات الايرانية في مصر. ومنذ ذلك الحين توقفت دار البداية.
وفي الوقت الذي اتهمت فيه دار البداية بالعمل لحساب إيران أو على حد تعبير
الحكومة (الرشوة الدولية) كانت الساحة المصرية تكتظ بعشرات دور النشر السلفية المدعومة من السعودية والتي قام بتأسيسها عناصر من الجماعات الإسلامية التي سبق اعتقالها في قضايا إسلامية. ولا تزال هذه الدور تعمل حتى اليوم وتتكاثر. (7)
وقد قامت إحدى دور النشر السلفية بإصدار كتاب خاص بدار البداية تحت عنوان (بداية الشر ونهج البربر) هاجمت فيه الشيعة والدار وبعض الكتب التي أصدرتها. والمتأمل في هذا الكتاب الذي كان يوزع مجانا على رواد المعرض عام 88 يجده أشبه بتقرير أمني كتب بقلم رجل من رجال الأمن.. (8)
وما يجب ذكره هنا أن دار البداية أصبحت علامة بارزة في تاريخ الشيعة الحديث في مصر على ما قدمته من إنجازات في ميدان الدعوة لمذهب آل البيت وما تركته من أثر لا زال باقيا في الوسط الإسلامي حتى اليوم..
دار الهدف:
وقد قامت بعد دار البداية دار جديدة هي دار الهدف لتكون لافتة لشيعة مصر وعلامة من علامات إثبات وجودهم. ولا تزال الحرب الدعائية تشن عليها من قبل التيار السلفي كما لا تزال ترصدها عيون الحكومة.. (9)
وفضلا عن كون دار الهدف تشارك في معرض القاهرة الدولي للكتاب في كل عام وتسهم في نشر الكتاب الشيعي في مصر وما يحمل هذا من مردود دعائي للشيعة في مصر. فإنها تقوم بالإضافة إلى ذلك بإحياء المناسبات الشيعية كذكرى عاشوراء وذكرى الغدير وذلك تكون قد تحولت إلى حسينية بالمفهوم الشيعي. (10)
وإذا كانت الظروف التي تواكبها دار الهدف هي أقل حدة من الظروف التي واكبت دار البداية فإنه لا تزال هناك عدة تحديات تواجهها على مستوى الداخل والخارج..
فعلى مستوى الداخل هناك التيار السلفي الوهابي المتربص الذي يزداد قوة وفعالية وانتشارا خاصة وأن الساحة خالية أمامه بعد بطش الحكومة بالتيارات الأخرى وهناك أيضا الحكومة التي تضع بعض المحاذير الأمنية على النشاط الشيعي..
وعلى مستوى الخارج ينعكس على الدوام موقف الحكومة من إيران على الشيعة وعلى أنشطتهم في مصر فالحكومة لا تزال تنظر للشيعة على أنهم تابعين لإيران.
ومثل هذه التحديات لا تواجه دار الهدف بصفتها دار نشر شيعية وإنما تواجهها بصفتها لافتة لشيعة مصر..
تعليق