وتوهم أن اختلاف الايمان والإسلام اصطلاح حادث في عصر الأئمة عليهم السلام دون زمان نزول الآية الكريمة: فاسد جدا.
أما أولا فلأن الأئمة لا يقولون بما لا يقول به الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله كما هو من أصول المذهب، وتدل عليه الروايات فلا يكون الايمان عند الله ورسوله صلى الله عليه وآله غير ما عند الأئمة (ع).
وأما ثانيا فلأن الايمان كان قبل نصب رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام للولاية عبارة عن التصديق بالله ورسوله، ولم يكن قبل نصبه أو قبل وفاته على احتمال مورد التكليف الناس ومن الأركان المتوقف على الاعتقاد بها الايمان، لعدم الموضوع له، وإما بعد نصبه أو بعد وفاته صلى الله عليه وآله صارت الولاية والإمامة من أركانه، فقوله تعالى: إنما المؤمنون إخوة (1) هو جعل الأخوة بين المؤمنين الواقعيين غاية الأمر أن في زمان رسول الله صلى الله عليه وآله كان غير المنافق مؤمنا واقعا لايمانه بالله ورسوله صلى الله عليه وآله، وبعد ذلك كان المؤمن الواقعي من قبل الولاية وصدقها أيضا، فيكون خطاب يا أيها المؤمنون متوجها إلى المؤمنين الواقعيين وإن اختلفت أركانه بحسب الأزمان، من غير أن يكون الخطاب من أول الأمر متوجها إلى الشيعة حتى يستبعد، سيما إذا كان المراد بالمؤمن الشيعة الإمامية الاثني عشرية.
وأما الأخبار فما اشتملت على المؤمن فكذلك، وما اشتملت على الأخ لا تشملهم أيضا لعدم الأخوة بيننا وبينهم بعد وجوب البراءة عنهم وعن مذهبهم وعن أئمتهم، كما تدل عليه الأخبار واقتضته أصول المذهب، وما اشتملت على المسلم فالغالب منها مشتمل على ما يوجبه ظاهرا في المؤمن، كرواية سليمان بن خالد (1) عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله المؤمن من أئتمنه المؤمنون على أنفسهم وأموالهم والمسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه والمهاجر من هجر السيئات وترك ما حرم الله، والمؤمن حرام على المؤمن أن يظلمه أو يخذله أو يغتابه أو يدفعه دفعة.
ورواية الحرث بن المغيرة (2) قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: المسلم أخو المسلم هو عينه ومرآته ودليله، لا يخونه ولا يخدعه ولا يظلمه ولا يكذبه ولا يغتابه. ورواية أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وآله في وصيته له (3) وفيها قال: يا أبا ذر سباب المسلم فسوق، و قتاله كفر، وأكل لحمه من معاصي الله، وحرمة ماله كحرمة دمه قلت: يا رسول الله وما الغيبة قال: ذكرك أخاك بما يكره.
ويمكن أن يقال: إن هذه الرواية كرواية عبد الله بن سنان (4) قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: الغيبة أن تقول في أخيك ما قد ستره الله عليه، وغيرهما مما فسرت الغيبة حاكمة على سائر الروايات، فإنها في مقام تفسيرها اعتبرت الأخوة فيها، فغيرنا ليسوا بإخواننا وإن كانوا مسلمين فتكون تلك الروايات مفسرة للمسلم المأخوذ في سايرها، بأن حرمة الغيبة مخصوصة بمسلم له أخوة اسلامية ايمانية مع الآخر، ومنه يظهر الكلام في رواية المناهي وغيرها.
والانصاف أن الناظر في الروايات لا ينبغي أن يرتاب في قصورها عن اثبات حرمة غيبتهم، بل لا ينبغي أن يرتاب في أن الظاهر من مجموعها اختصاصها بغيبة المؤمن الموالي لأئمة الحق (ع) مضافا إلى أنه لو سلم اطلاق بعضها وغض النظر عن تحكيم الروايات التي في مقام التحديد عليها فلا شبهة في عدم احترامهم بل هو من ضروري المذهب كما قال المحققون، بل الناظر في الأخبار الكثيرة في الأبواب المتفرقة لا يرتاب في جواز هتكهم والوقيعة فيهم، بل الأئمة المعصومون، أكثروا في الطعن واللعن عليهم وذكر مسائيهم.
فعن أبي حمزة (1) عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: إن بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم فقال الكف عنهم أجمل ثم قال يا با حمزة إن الناس كلهم أولاد بغاة ما خلا شيعتنا (الخ). والظاهر منها جواز الافتراء والقذف عليهم لكن الكف أحسن وأجمل لكنه مشكل إلا في بعض الأحيان، مع أن السيرة أيضا قائمة على غيبتهم فنعم ما قال المحقق صاحب الجواهر (2) إن طول الكلام في ذلك كما فعله في الحدائق من تضييع العمر في الواضحات.
المصدر : المكاسب المحرّمة ج1 ص250-251
====
هل تعرف لماذا يشير الخميني بكلام صاحب الجواهر ؟
لا يخفى على الخبير الماهر الواقف على ما تظافرت به النصوص ، بل تواترت من لعنهم وسبهم وشتمهم وكفرهم وانهم مجوس هذه الأمة ، واشر من النصارى وأنجس من الكلاب ، أن مقتضى التقدس والورع خلاف ذلك ، وصدر الآية الذين آمنوا وآخرها التشبيه بأكل لحم الأخ بل في جامع المقاصد أن حد الغيبة على ما في الأخبار أن يقول في أخيه ما يكرهه لو سمعه مما فيه ، ومعلوم أن الله تعالى عقد الأخوة بين المؤمنين بقوله تعالى (٢) ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) دون غيرهم ، وكيف يتصور الاخوة بين المؤمن والمخالف ، بعد تواتر الروايات وتظافر الآيات ، في وجوب معاداتهم ، والبراءة منهم ، وحينئذ فلفظ الناس والمسلم ، يجب إرادة المؤمن منهما ، كما عبر به في أربعة أخبار.
وما أبعد ما بينه وبين الخواجه نصير الدين الطوسي والعلامة الحلي وغيرهم ممن يرى قتلهم ، ونحوه من أحوال الكفار ، حتى وقع منهم ما وقع في بغداد ونواحيها ، وبالجملة طول الكلام في ذلك كما فعله في الحدائق من تضييع العمر في الواضحات ، إذ لا أقل من أن يكون جواز غيبتهم لتجاهرهم بالفسق ، فان ما هم عليه أعظم أنواع الفسق بل الكفر ، وإن عوملوا معاملة المسلمين في بعض الأحكام للضرورة ، وستعرف إنشاء الله أن المتجاهر بالفسق لا غيبة له فيما تجاهر فيه وفي غيره ، ومنه يعلم فساد ما حكاه عن الشهيد ، وعلى كل حال فقد ظهر اختصاص الحرمة بالمؤمنين ، القائلين بإمامة الأئمة الاثنى عشر دون غيرهم من الكافرين والمخالفين ولو بإنكار واحد منهم عليهمالسلام.
جواهر الكلام ج22 ص62-63
أما أولا فلأن الأئمة لا يقولون بما لا يقول به الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله كما هو من أصول المذهب، وتدل عليه الروايات فلا يكون الايمان عند الله ورسوله صلى الله عليه وآله غير ما عند الأئمة (ع).
وأما ثانيا فلأن الايمان كان قبل نصب رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام للولاية عبارة عن التصديق بالله ورسوله، ولم يكن قبل نصبه أو قبل وفاته على احتمال مورد التكليف الناس ومن الأركان المتوقف على الاعتقاد بها الايمان، لعدم الموضوع له، وإما بعد نصبه أو بعد وفاته صلى الله عليه وآله صارت الولاية والإمامة من أركانه، فقوله تعالى: إنما المؤمنون إخوة (1) هو جعل الأخوة بين المؤمنين الواقعيين غاية الأمر أن في زمان رسول الله صلى الله عليه وآله كان غير المنافق مؤمنا واقعا لايمانه بالله ورسوله صلى الله عليه وآله، وبعد ذلك كان المؤمن الواقعي من قبل الولاية وصدقها أيضا، فيكون خطاب يا أيها المؤمنون متوجها إلى المؤمنين الواقعيين وإن اختلفت أركانه بحسب الأزمان، من غير أن يكون الخطاب من أول الأمر متوجها إلى الشيعة حتى يستبعد، سيما إذا كان المراد بالمؤمن الشيعة الإمامية الاثني عشرية.
وأما الأخبار فما اشتملت على المؤمن فكذلك، وما اشتملت على الأخ لا تشملهم أيضا لعدم الأخوة بيننا وبينهم بعد وجوب البراءة عنهم وعن مذهبهم وعن أئمتهم، كما تدل عليه الأخبار واقتضته أصول المذهب، وما اشتملت على المسلم فالغالب منها مشتمل على ما يوجبه ظاهرا في المؤمن، كرواية سليمان بن خالد (1) عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله المؤمن من أئتمنه المؤمنون على أنفسهم وأموالهم والمسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه والمهاجر من هجر السيئات وترك ما حرم الله، والمؤمن حرام على المؤمن أن يظلمه أو يخذله أو يغتابه أو يدفعه دفعة.
ورواية الحرث بن المغيرة (2) قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: المسلم أخو المسلم هو عينه ومرآته ودليله، لا يخونه ولا يخدعه ولا يظلمه ولا يكذبه ولا يغتابه. ورواية أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وآله في وصيته له (3) وفيها قال: يا أبا ذر سباب المسلم فسوق، و قتاله كفر، وأكل لحمه من معاصي الله، وحرمة ماله كحرمة دمه قلت: يا رسول الله وما الغيبة قال: ذكرك أخاك بما يكره.
ويمكن أن يقال: إن هذه الرواية كرواية عبد الله بن سنان (4) قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: الغيبة أن تقول في أخيك ما قد ستره الله عليه، وغيرهما مما فسرت الغيبة حاكمة على سائر الروايات، فإنها في مقام تفسيرها اعتبرت الأخوة فيها، فغيرنا ليسوا بإخواننا وإن كانوا مسلمين فتكون تلك الروايات مفسرة للمسلم المأخوذ في سايرها، بأن حرمة الغيبة مخصوصة بمسلم له أخوة اسلامية ايمانية مع الآخر، ومنه يظهر الكلام في رواية المناهي وغيرها.
والانصاف أن الناظر في الروايات لا ينبغي أن يرتاب في قصورها عن اثبات حرمة غيبتهم، بل لا ينبغي أن يرتاب في أن الظاهر من مجموعها اختصاصها بغيبة المؤمن الموالي لأئمة الحق (ع) مضافا إلى أنه لو سلم اطلاق بعضها وغض النظر عن تحكيم الروايات التي في مقام التحديد عليها فلا شبهة في عدم احترامهم بل هو من ضروري المذهب كما قال المحققون، بل الناظر في الأخبار الكثيرة في الأبواب المتفرقة لا يرتاب في جواز هتكهم والوقيعة فيهم، بل الأئمة المعصومون، أكثروا في الطعن واللعن عليهم وذكر مسائيهم.
فعن أبي حمزة (1) عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: إن بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم فقال الكف عنهم أجمل ثم قال يا با حمزة إن الناس كلهم أولاد بغاة ما خلا شيعتنا (الخ). والظاهر منها جواز الافتراء والقذف عليهم لكن الكف أحسن وأجمل لكنه مشكل إلا في بعض الأحيان، مع أن السيرة أيضا قائمة على غيبتهم فنعم ما قال المحقق صاحب الجواهر (2) إن طول الكلام في ذلك كما فعله في الحدائق من تضييع العمر في الواضحات.
المصدر : المكاسب المحرّمة ج1 ص250-251
====
هل تعرف لماذا يشير الخميني بكلام صاحب الجواهر ؟
لا يخفى على الخبير الماهر الواقف على ما تظافرت به النصوص ، بل تواترت من لعنهم وسبهم وشتمهم وكفرهم وانهم مجوس هذه الأمة ، واشر من النصارى وأنجس من الكلاب ، أن مقتضى التقدس والورع خلاف ذلك ، وصدر الآية الذين آمنوا وآخرها التشبيه بأكل لحم الأخ بل في جامع المقاصد أن حد الغيبة على ما في الأخبار أن يقول في أخيه ما يكرهه لو سمعه مما فيه ، ومعلوم أن الله تعالى عقد الأخوة بين المؤمنين بقوله تعالى (٢) ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) دون غيرهم ، وكيف يتصور الاخوة بين المؤمن والمخالف ، بعد تواتر الروايات وتظافر الآيات ، في وجوب معاداتهم ، والبراءة منهم ، وحينئذ فلفظ الناس والمسلم ، يجب إرادة المؤمن منهما ، كما عبر به في أربعة أخبار.
وما أبعد ما بينه وبين الخواجه نصير الدين الطوسي والعلامة الحلي وغيرهم ممن يرى قتلهم ، ونحوه من أحوال الكفار ، حتى وقع منهم ما وقع في بغداد ونواحيها ، وبالجملة طول الكلام في ذلك كما فعله في الحدائق من تضييع العمر في الواضحات ، إذ لا أقل من أن يكون جواز غيبتهم لتجاهرهم بالفسق ، فان ما هم عليه أعظم أنواع الفسق بل الكفر ، وإن عوملوا معاملة المسلمين في بعض الأحكام للضرورة ، وستعرف إنشاء الله أن المتجاهر بالفسق لا غيبة له فيما تجاهر فيه وفي غيره ، ومنه يعلم فساد ما حكاه عن الشهيد ، وعلى كل حال فقد ظهر اختصاص الحرمة بالمؤمنين ، القائلين بإمامة الأئمة الاثنى عشر دون غيرهم من الكافرين والمخالفين ولو بإنكار واحد منهم عليهمالسلام.
جواهر الكلام ج22 ص62-63
تعليق