(84)
قال لها : الكل يبحث عن الحق والحقيقة ،
والكل يدّعي انهُ هو الحق والحقيقة ،
وتاهت الناس في سُبل وطرقات للوصول الى الحق والحقيقة ،
وتقطعت الناس بسيف الجدل والمراء والنقاش الى خصوم واعداء في ارض الحق والحقيقة .
قالت له : وأين انتَ مِن كُل هذا ؟!
قال لها : ولِما تسألين هذا السؤال ؟!
قالت لهُ : نحنُ اظن في المرحلة الرابعة من الفتنة والتي وصفت بـ انها صماء عمياء مطبقة ، تمور مور السفينة في البحر ، فعن النبي
قال: ( لتأتين على أمتي أربع فتن: الأولى تستحل فيها الدماء . والثانية تستحل فيها الدماء والأموال . والثالثة تستحل فيها الدماء والأموال والفروج ، والرابعة صماء عمياء مطبقة ، تمور مور السفينة في البحر ، حتى لايجد أحد من الناس ملجأ ، تطير بالشام ، وتغشى العراق ، وتخبط الجزيرة بيدها ورجلها . يعرك الأنام فيها البلاء عرك الأديم ، لا يستطيع أحد أن يقول فيها مه مه ! لا ترفعونها من ناحية إلا انفتقت من ناحية أخرى) وسئلتك ذلك ، لأنهُ كُل انسان عليه ان يعرف اين موقعه من هذه الفتنة ويحاول ان ينقذ نفسه منها ، فيوم يفر المرء من اخيه وامه وابيه وصاحبته وبنيه ، يجعلنا نُدرك اننا سنبعث وحيدين لا يوجد احد يُدافع عنا ، بل حتى جسدنا يكون ضدنا تخيل ! ( يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ. ) .
قال لها : وكيف ننجو ؟!
قالت لهُ : صدقني ، لا نجاة الا بالمناجاة ، ما بينك وبين الله ، وبعيدا عن كُل شيء ، وقبل ان تبدأ بالبحث عن الحق والحقيقة عليك بدعوة صادقة ودمعة خاشعة لتفتح من بوابة الكفين نوراً يخترق قلب السماء ، فيرى تأوهك وتقلب قلبك على سجادة الوصول اليه ، صدقني ان الله هو الذي يبحث عن عباده قبل ان يبحثوا عنه ويطلبهم قبل ان يطلبونه ، بل تيقن ان الله احرص عليك من حرصك عليه وعلى الحق والحقيقة الموصلة اليه ، والتي يجدُّ الناس في اكتسابها ايضا ، وفي كل شك وشبهة اعترضتك لا تستقر عليها ، لا تقف عندها موقف المستيقن ، بل كُن على الاقل مُحتاطاً فيها، الى ان تنجلي عنك غيومها بطلب العون والمدد من الذي يُنزل الفرقان لكل عبد يتقيه ، لا تستهزأ بالاثر ، وان لم تستيقن من رؤية الخطوات ، فالاثر كالدخان يحقق لك العلم بالنار وان لم تراها ، لأنهُ ان كان لا وجود للنار لن نخسر شيئاً ، ولكن لو وجدت النار وكُنا من المستهزئين فكيف يكون وضعنا وحالنا؟! والقي بقيود الهوى في محرابك وافرش روحك على ارض التواضع بين يدي القدير المتعال ، واقرأ تراتيل الوصال ما بينك وبينه واجعل حرقة الدموع تُحرق كل ما القلب قد ران ، صدقني لن يخذلك ، لن يخذل عبداً يقول " رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ " فيعطيه رحمةً منهُ و معونة لهم للثبات على ما هُم عليه من حسن البصيرة للوصول الى الحق والحقيقة ، فهل تعلم ان نبينا
وما له من المقام والمكانة والنبوة وكما جاء في الاثر عن ام سلمة انهُ كان يُكثر من هذا القول اللهم مُقلِّب القلوب ثبِّت قلبي على دينك عن أم سلمة تحدّث: أن رسولَ الله
كان يكثر في دعائه أن يقول: اللهم مُقلِّب القلوب ثبِّت قلبي على دينك! قالت: قلتُ: يا رسول الله، وإن القلب ليقلَّب؟ قال: نعم، ما خلق الله من بني آدم من بشر إلا وقلبه بين إصبعين من أصابعه، فإن شاء أقامه وإن شاء أزاغه، فنسأل الله ربنا أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدَانا، ونسأله أن يهبَ لنا من لدنه رحمةً إنه هو الوهاب. قالت: قلتُ: يا رسول الله، ألا تعلمني دعوة أدعو بها لنفسي؟ قال: بلى؛ قولي: اللهم ربّ النبي محمدٍ، اغفر لي ذنبي، وأذهب غَيظَ قلبي، وأجرني من مُضِلات الفتن. وكان الرسول بينهم ويُخاف عليهم من الفتنة ، فكيف ونحن قد بعدنا عنهُ بـ 1400 سن تقريبا ، فعن أنس قال: كان رسول الله
كثيرًا ما يقول: " يا مقلِّب القلوب ثبِّت قلبي على دينك. قلنا: يا رسول الله، قد آمنا بك، وصدّقنا بما جئت به، فيُخاف علينا؟! قال: نعم، إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله، يقلبها تبارك وتعالى"
واعلم ان العقل قد يغيب وعيه ، بالهوى وبالذنوب ، فكل ذنب نكتة سوداء تحجب الحق والحقيقة ، فلا تعول عليه كثيراً ، لهذا نرى الناس درجات في عقولهم ، بقدر ما حافظوا على فطرتهم التي فطر الله الناس عليها ، ولهذا الله سبحانه قرن مع العقل في الحجة الرسل والانبياء ، فنحن نستغرب كيف لم يصدق قوم نوح
بقوله في ان الطوفان قادم ، وهو يبني سفينة في ارض جرداء قاحلة ، واستمرت عملية الغربلة للناس 950 سنة الى ان لم يصعد معه في السفينة الا نفر قليل ، ونقول ألم يكن معهم عقل ؟! ام قالوا في وقتها ، هل يُعقل فقط هو ونفره القليل على حق ونحنُ اصحاب العقول المتحررة والتي ترى سماء صافية وارض قاحلة سوف يكون مصيرنا عذاب من الطوفان ، ما هذا الهذيان ونوح مجرد رجل صالح لا يتميز عنا بشيء ، لا يعلم الغيب فهذا من الغلو والبهتان وصناعة دينية على يدي اتباع نوح ، هل يُعقل ان نوح لم يؤدي رسالته ، كيف لم يصدقونه ؟! ام اداها وحرفوها رغم وضوحها ، ليأتي احدهم بعدها ويقول ابسط انسان لا يعرف يقرأ ويكتب يقول لهم ان الحق معي وان الطوفان قادم لا محالة وتنتهي القضية ، هل يُعقل ان نبي مبعوث لا يعرف ان يقول هاتين الكلمتين ويخلصهم مما هم فيه ؟! تقبل النبي نوح الشتم والسب والاهانة والضرب قربانا لله ، فما سأل قومه من اجر الا اجره على الله ، اما هُم يستهزئون ويقولون فأن كان هذا ما يرضي الله فليأخذ منك حتى يرضى هذه المذلة والاهانة ؟!
نحنُ نعيش اليوم كما عاشت الاقوام مع انبيائها ، مع فارق مع الاثر الذي وصل الينا ، فالناس فيها في فتنة حتى يقضي الله امرا كان مفعولا ، فيُقطع الشك باليقين ، لهذا لا نجاة الا للمتعلم في سبيل النجاة ، لا نجاة الا للذي يطلب من الله النجاة بحرقة وقلب صادق .
قال لها وهو يتأملها : هل تخافين علي ...
قالت لهُ : نعم ... بالنظر الى وجهة قلبي وقلبك وقلوب كل العباد واحدة تتوحد عند هذه الغاية ( رضوان الله وجنة عرضها السموات والارض ).
قال لها : ادعو لي ...
قالت لهُ : وانتَ ايضا ادعو لي ...
قال لها مُبتسماً : ولما ؟!
قالت لهُ : أن الله عز وجل أوحى إلى موسى عليه السلام ادعني بلسان لم تعصني به، فقال: أني لي بذلك، فقال: ادعني بلسان غيرك، ومنها عن الباقر
أوشك دعوة وأسرع إجابة دعوة المؤمن لأخيه بظهر الغيب.
ومنها عن الصادق
قال: دعاء الرجل لأخيه بظهر الغيب يدر الرزق ويدفع المكروه، ومنها عن النبي
: مامن مؤمن دعا للمؤمنين إلا ورد الله عليه مثل الذي دعا لهم به من كل مؤمن ومؤمنة مضى من أول الدهر أو هو آت إلى يوم القيامة، وإن العبد ليؤمر به إلى النار يوم القيامة، فيقول المؤمنون والمؤمنات:
يا رب هذا الذي كان يدعو لنا فيشفعهم الله عز وجل فيه فينجو.
وعن زيد النرسي قال: كنت مع معاوية بن وهب في الموقف فما رأيته يدعو لنفسه بحرف واحد ورأيته يدعو لرجل رجل من الآفاق بأسمائهم وأسماء آبائهم حتى أفاض الناس فقلت له: يا عم لقد عجبت منك ومن إيثارك إخوانك على نفسك في مثل هذا الموضع فقال: لا تعجب فاني سمعت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة جعفر الصادق
وهو يقول:
من دعا لأخيه المؤمن بظهر الغيب ناداه ملك من السماء الدنيا: يا عبد الله ولك مائة ألف ضعف ما طلبت لأخيك، ويناديه ملك من السماء الثانية يا عبد الله ولك مائتي ألف ضعف ما دعوت وهكذا كل سماء يزاد فيها مائة ألف إلى السماء السابعة، فيناديه ملك: يا عبد الله ولك سبعمائة ألف ضعف ما دعوت، فيناديه الله سبحانه: أنا الغني لا أفتقر يا عبدي لك ألف ألف ضعف ما دعوت. فانظر أين أكثر يا ابن أخي؟ ما اخترته أنا لنفسي أو ما اخترته أنت لي."
واضافت مُبتسمة لهُ : سوف ادعو لكَ كثيرا .
قال لها : الكل يبحث عن الحق والحقيقة ،
والكل يدّعي انهُ هو الحق والحقيقة ،
وتاهت الناس في سُبل وطرقات للوصول الى الحق والحقيقة ،
وتقطعت الناس بسيف الجدل والمراء والنقاش الى خصوم واعداء في ارض الحق والحقيقة .
قالت له : وأين انتَ مِن كُل هذا ؟!
قال لها : ولِما تسألين هذا السؤال ؟!
قالت لهُ : نحنُ اظن في المرحلة الرابعة من الفتنة والتي وصفت بـ انها صماء عمياء مطبقة ، تمور مور السفينة في البحر ، فعن النبي

قال لها : وكيف ننجو ؟!
قالت لهُ : صدقني ، لا نجاة الا بالمناجاة ، ما بينك وبين الله ، وبعيدا عن كُل شيء ، وقبل ان تبدأ بالبحث عن الحق والحقيقة عليك بدعوة صادقة ودمعة خاشعة لتفتح من بوابة الكفين نوراً يخترق قلب السماء ، فيرى تأوهك وتقلب قلبك على سجادة الوصول اليه ، صدقني ان الله هو الذي يبحث عن عباده قبل ان يبحثوا عنه ويطلبهم قبل ان يطلبونه ، بل تيقن ان الله احرص عليك من حرصك عليه وعلى الحق والحقيقة الموصلة اليه ، والتي يجدُّ الناس في اكتسابها ايضا ، وفي كل شك وشبهة اعترضتك لا تستقر عليها ، لا تقف عندها موقف المستيقن ، بل كُن على الاقل مُحتاطاً فيها، الى ان تنجلي عنك غيومها بطلب العون والمدد من الذي يُنزل الفرقان لكل عبد يتقيه ، لا تستهزأ بالاثر ، وان لم تستيقن من رؤية الخطوات ، فالاثر كالدخان يحقق لك العلم بالنار وان لم تراها ، لأنهُ ان كان لا وجود للنار لن نخسر شيئاً ، ولكن لو وجدت النار وكُنا من المستهزئين فكيف يكون وضعنا وحالنا؟! والقي بقيود الهوى في محرابك وافرش روحك على ارض التواضع بين يدي القدير المتعال ، واقرأ تراتيل الوصال ما بينك وبينه واجعل حرقة الدموع تُحرق كل ما القلب قد ران ، صدقني لن يخذلك ، لن يخذل عبداً يقول " رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ " فيعطيه رحمةً منهُ و معونة لهم للثبات على ما هُم عليه من حسن البصيرة للوصول الى الحق والحقيقة ، فهل تعلم ان نبينا



واعلم ان العقل قد يغيب وعيه ، بالهوى وبالذنوب ، فكل ذنب نكتة سوداء تحجب الحق والحقيقة ، فلا تعول عليه كثيراً ، لهذا نرى الناس درجات في عقولهم ، بقدر ما حافظوا على فطرتهم التي فطر الله الناس عليها ، ولهذا الله سبحانه قرن مع العقل في الحجة الرسل والانبياء ، فنحن نستغرب كيف لم يصدق قوم نوح

نحنُ نعيش اليوم كما عاشت الاقوام مع انبيائها ، مع فارق مع الاثر الذي وصل الينا ، فالناس فيها في فتنة حتى يقضي الله امرا كان مفعولا ، فيُقطع الشك باليقين ، لهذا لا نجاة الا للمتعلم في سبيل النجاة ، لا نجاة الا للذي يطلب من الله النجاة بحرقة وقلب صادق .
قال لها وهو يتأملها : هل تخافين علي ...
قالت لهُ : نعم ... بالنظر الى وجهة قلبي وقلبك وقلوب كل العباد واحدة تتوحد عند هذه الغاية ( رضوان الله وجنة عرضها السموات والارض ).
قال لها : ادعو لي ...
قالت لهُ : وانتَ ايضا ادعو لي ...
قال لها مُبتسماً : ولما ؟!
قالت لهُ : أن الله عز وجل أوحى إلى موسى عليه السلام ادعني بلسان لم تعصني به، فقال: أني لي بذلك، فقال: ادعني بلسان غيرك، ومنها عن الباقر

ومنها عن الصادق


يا رب هذا الذي كان يدعو لنا فيشفعهم الله عز وجل فيه فينجو.
وعن زيد النرسي قال: كنت مع معاوية بن وهب في الموقف فما رأيته يدعو لنفسه بحرف واحد ورأيته يدعو لرجل رجل من الآفاق بأسمائهم وأسماء آبائهم حتى أفاض الناس فقلت له: يا عم لقد عجبت منك ومن إيثارك إخوانك على نفسك في مثل هذا الموضع فقال: لا تعجب فاني سمعت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة جعفر الصادق

من دعا لأخيه المؤمن بظهر الغيب ناداه ملك من السماء الدنيا: يا عبد الله ولك مائة ألف ضعف ما طلبت لأخيك، ويناديه ملك من السماء الثانية يا عبد الله ولك مائتي ألف ضعف ما دعوت وهكذا كل سماء يزاد فيها مائة ألف إلى السماء السابعة، فيناديه ملك: يا عبد الله ولك سبعمائة ألف ضعف ما دعوت، فيناديه الله سبحانه: أنا الغني لا أفتقر يا عبدي لك ألف ألف ضعف ما دعوت. فانظر أين أكثر يا ابن أخي؟ ما اخترته أنا لنفسي أو ما اخترته أنت لي."
واضافت مُبتسمة لهُ : سوف ادعو لكَ كثيرا .
تعليق