أخلاقه العلوية + مقامه عند تابعيه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قد فعلت هذا سابقاً أخي الكريم ولايتي لأبي تراب ووضعت إسمك كمعرّف عنّي وحاولت مراسلتك وإعلامك بهذا إلا أنني لم أتمكن كونك لا تتلقى بريد في الموقع (هكذا أتاني التنبيه)... والنتيجة لم يرد عليّ أحد بهذا الشأن ولا أعلم نتيجة طلبي وهذا الكلام مضى عليه أكثر من أسبوع...
وبالعودة إلى موضوعنا الأساسي فقد عرضت مقدمة الكتاب وتمهيده وبعدها ترجمة السيد الخصيبي (قده) ونقلت الحديث عن آل حمدان الكرام ومن بعدها ولادة نشأة وتنقلات السيد الخصيبي (قده) ولمن يتابعنا أصل الآن لعرض (أخلاقه العلوية) و (مقامه عند تابعيه) فتفضلوا بقبول فائق الإحترام والتقدير...
حينما يقبل المرء بكليته على الأعمال الصالحة، ويتحلى بروحانيته بالأخلاق الراجحة ويُدبر عما يناقضهما فهو يُعدّ في ذروة الأدب والأخلاق وقمة العمل الخالص الذي يرضي خالقه جل وعلا، وإن هذا المعنى المثالي للسلوك المستقيم تجلى بأبهى صورهِ في فعل الشيخ المنطلق من قوله في دعائه المثبت في آخر خطبته التي افتتح بها كتاب الهداية الكبرى حيث يقول:
فإن لم يُرَ الإنسان من موضع يأباه الله، ولم يُفقد من موضع يرضاه الله فيكون بذلك في غاية إخلاص الطاعة، وأعلى قمم الأخلاق.
وإن هذا القول الجامع المكتمل بالعمل النافع يُعدّ من أرقى درجات السلوك في معارج الأخلاق الفاضلة والآداب الكاملة التي أرشد إليها الأئمة الكرام عليهم السلام، والشيخ الخصيبي (ق) كان يتمتع بهذه الصفات الرفيعة، ويتسربل بأخلاق أئمته، ولم يخرج عن دائرة آدابهم ومحراب أخلاقهم فقد اجتمعت فيه الصفات الحميدة بمجموعها، والأخلاق الحسنة من ينبوعها، وكان كما قال السيد الرسول
:
لا يكمل المؤمن إيمانه حتى يحتوي على مائة وثلاث خصال: فعل وعمل ونية وباطن وظاهر.
فقال أمير المؤمنين علي
: يا رسول الله ما يكون المائة وثلاث خصال؟ فقال
:
يا علي من صفات المؤمن أن يكون:
1. جوال الفكر
2. جوهري الذكر
3. كثيرا علمه
4. عظيما حلمه
5. جميل المنازعة
6. كريم المراجعة
7. أوسع الناس صدرا و أذلهم نفسا
8. ضحكه تبسما و اجتماعه تعلما
9. مذكر الغافل معلم الجاهل
10. لا يؤذي من يؤذيه
11. و لا يخوض فيما لا يعنيه
12. و لا يشمت بمصيبة
13. و لا يذكر أحدا بغيبة
14. بريئا من المحرمات
15. واقفا عند الشبهات
16. كثير العطاء
17. قليل الأذى
18. عونا للغريب
19. و أبا لليتيم
20. بشره في وجهه و خوفه في قلبه
21. مستبشرا بفقره
22. أحلى من الشهد و أصلد من الصلد
23. لا يكشف سرا و لا يهتك سترا
24. لطيف الجهات
25. حلو المشاهدة
26. كثير العبادة
27. حسن الوقار
28. لين الجانب
29. طويل الصمت
30. حليما إذا جهل عليه صبورا على من أساء إليه
31. يجل الكبير و يرحم الصغير
32. أمينا على الأمانات بعيدا من الخيانات
33. إلفه التقى و خلقه الحياء
34. كثير الحذر
35. قليل الزلل
36. حركاته أدب
37. و كلامه عجب
38. مقيل العثرة
39. و لا يتبع العورة
40. وقورا
41. صبورا
42. رضيا
43. شكورا
44. قليل الكلام
45. صدوق اللسان
46. برا
47. مصونا
48. حليما
49. رفيقا
50. عفيفا
51. شريفا
52. لا لعان
53. و لا نمام
54. و لا كذاب
55. و لا مغتاب
56. و لا سباب
57. و لا حسود
58. و لا بخيل
59. هشاشا
60. بشاشا
61. لا حساس
62. و لا جساس
63. يطلب من الأمور أعلاها و من الأخلاق أسناها
64. مشمولا لحفظ الله
65. مؤيدا بتوفيق الله
66. ذا قوة في لين
67. و عزمه في يقين
68. لا يحيف على من يبغض
69. و لا يأثم فيمن يحب
70. صبور في الشدائد
71. لا يجور و لا يعتدي
72. و لا يأتي بما يشتهي
73. الفقر شعاره
74. و الصبر ثاره
75. قليل المئونة
76. كثير المعونة
77. كثير الصيام
78. طويل القيام
79. قليل المنام
80. قلبه تقي
81. و عمله زكي
82. إذا قدر عفا
83. و إذا وعد وفى
84. يصوم رغبا
85. و يصلي رهبا
86. و يحسن في عمله كأنه ينظر إليه
87. غض المطوف
88. سخي الكف
89. لا يرد سائلا
90. و لا يبخل بنائل
91. متواصلا إلى الإخوان
92. مترادفا للإحسان
93. يزن كلامه
94. و يخرس لسانه
95. لا يغرق في بغضه و لا يهلك في محبته
96. لا يقبل الباطل من صديقه و لا يرد الحق من عدوه
97. لا يتعلم إلا ليعلم و لا يعلم إلا ليعمل
98. قليلا حقده
99. كثيرا شكره
100. يطلب النهار معيشته و يبكي الليل على خطيئته
101. إن سلك مع أهل الدنيا كان أكيسهم و إن سلك مع أهل الآخرة كان أورعهم
102. لا يرضى في كسبه بشبهة و لا يعمل في دينه برخصة
103. يعطف على أخيه بزلته و يرعى ما مضى من قديم صحبته
===============================================
يُعتبر الشيخ (ق) المرجع الروحي الأعلى للمسلمين العلويين في زمانه، وذلك ابتداء من وفاة شيخه الجنان سنة 287هـ إلى حين وفاته سنة 346هـ وهي مدة إمامته الدينية ومرجعيته الروحية التي دامت تسعاً وخمسين عاماً قضاها في تأصيل وتفريع ونشر مذهب أئمتهِ في قلوب أهل الولاية الذين وثقوا بفضله ونبله، وما زالت إمامة هذا الشيخ الجليل راسخة بين أبناء هذا المذهب الشريف لما له من عظيم الفضل عليهم وعلى آبائهم الأقدمين.
المشاركة الأصلية بواسطة ولايتي لابي تراب
قد فعلت هذا سابقاً أخي الكريم ولايتي لأبي تراب ووضعت إسمك كمعرّف عنّي وحاولت مراسلتك وإعلامك بهذا إلا أنني لم أتمكن كونك لا تتلقى بريد في الموقع (هكذا أتاني التنبيه)... والنتيجة لم يرد عليّ أحد بهذا الشأن ولا أعلم نتيجة طلبي وهذا الكلام مضى عليه أكثر من أسبوع...
وبالعودة إلى موضوعنا الأساسي فقد عرضت مقدمة الكتاب وتمهيده وبعدها ترجمة السيد الخصيبي (قده) ونقلت الحديث عن آل حمدان الكرام ومن بعدها ولادة نشأة وتنقلات السيد الخصيبي (قده) ولمن يتابعنا أصل الآن لعرض (أخلاقه العلوية) و (مقامه عند تابعيه) فتفضلوا بقبول فائق الإحترام والتقدير...
===============================================
أخلاقه العلوية
حينما يقبل المرء بكليته على الأعمال الصالحة، ويتحلى بروحانيته بالأخلاق الراجحة ويُدبر عما يناقضهما فهو يُعدّ في ذروة الأدب والأخلاق وقمة العمل الخالص الذي يرضي خالقه جل وعلا، وإن هذا المعنى المثالي للسلوك المستقيم تجلى بأبهى صورهِ في فعل الشيخ المنطلق من قوله في دعائه المثبت في آخر خطبته التي افتتح بها كتاب الهداية الكبرى حيث يقول:
((ولا ترنا من حيث نهيتنا، ولا تفقدنا من حيث أمرتنا أبدا ما أبقيتنا))
فإن لم يُرَ الإنسان من موضع يأباه الله، ولم يُفقد من موضع يرضاه الله فيكون بذلك في غاية إخلاص الطاعة، وأعلى قمم الأخلاق.
وإن هذا القول الجامع المكتمل بالعمل النافع يُعدّ من أرقى درجات السلوك في معارج الأخلاق الفاضلة والآداب الكاملة التي أرشد إليها الأئمة الكرام عليهم السلام، والشيخ الخصيبي (ق) كان يتمتع بهذه الصفات الرفيعة، ويتسربل بأخلاق أئمته، ولم يخرج عن دائرة آدابهم ومحراب أخلاقهم فقد اجتمعت فيه الصفات الحميدة بمجموعها، والأخلاق الحسنة من ينبوعها، وكان كما قال السيد الرسول

لا يكمل المؤمن إيمانه حتى يحتوي على مائة وثلاث خصال: فعل وعمل ونية وباطن وظاهر.
فقال أمير المؤمنين علي


يا علي من صفات المؤمن أن يكون:
1. جوال الفكر
2. جوهري الذكر
3. كثيرا علمه
4. عظيما حلمه
5. جميل المنازعة
6. كريم المراجعة
7. أوسع الناس صدرا و أذلهم نفسا
8. ضحكه تبسما و اجتماعه تعلما
9. مذكر الغافل معلم الجاهل
10. لا يؤذي من يؤذيه
11. و لا يخوض فيما لا يعنيه
12. و لا يشمت بمصيبة
13. و لا يذكر أحدا بغيبة
14. بريئا من المحرمات
15. واقفا عند الشبهات
16. كثير العطاء
17. قليل الأذى
18. عونا للغريب
19. و أبا لليتيم
20. بشره في وجهه و خوفه في قلبه
21. مستبشرا بفقره
22. أحلى من الشهد و أصلد من الصلد
23. لا يكشف سرا و لا يهتك سترا
24. لطيف الجهات
25. حلو المشاهدة
26. كثير العبادة
27. حسن الوقار
28. لين الجانب
29. طويل الصمت
30. حليما إذا جهل عليه صبورا على من أساء إليه
31. يجل الكبير و يرحم الصغير
32. أمينا على الأمانات بعيدا من الخيانات
33. إلفه التقى و خلقه الحياء
34. كثير الحذر
35. قليل الزلل
36. حركاته أدب
37. و كلامه عجب
38. مقيل العثرة
39. و لا يتبع العورة
40. وقورا
41. صبورا
42. رضيا
43. شكورا
44. قليل الكلام
45. صدوق اللسان
46. برا
47. مصونا
48. حليما
49. رفيقا
50. عفيفا
51. شريفا
52. لا لعان
53. و لا نمام
54. و لا كذاب
55. و لا مغتاب
56. و لا سباب
57. و لا حسود
58. و لا بخيل
59. هشاشا
60. بشاشا
61. لا حساس
62. و لا جساس
63. يطلب من الأمور أعلاها و من الأخلاق أسناها
64. مشمولا لحفظ الله
65. مؤيدا بتوفيق الله
66. ذا قوة في لين
67. و عزمه في يقين
68. لا يحيف على من يبغض
69. و لا يأثم فيمن يحب
70. صبور في الشدائد
71. لا يجور و لا يعتدي
72. و لا يأتي بما يشتهي
73. الفقر شعاره
74. و الصبر ثاره
75. قليل المئونة
76. كثير المعونة
77. كثير الصيام
78. طويل القيام
79. قليل المنام
80. قلبه تقي
81. و عمله زكي
82. إذا قدر عفا
83. و إذا وعد وفى
84. يصوم رغبا
85. و يصلي رهبا
86. و يحسن في عمله كأنه ينظر إليه
87. غض المطوف
88. سخي الكف
89. لا يرد سائلا
90. و لا يبخل بنائل
91. متواصلا إلى الإخوان
92. مترادفا للإحسان
93. يزن كلامه
94. و يخرس لسانه
95. لا يغرق في بغضه و لا يهلك في محبته
96. لا يقبل الباطل من صديقه و لا يرد الحق من عدوه
97. لا يتعلم إلا ليعلم و لا يعلم إلا ليعمل
98. قليلا حقده
99. كثيرا شكره
100. يطلب النهار معيشته و يبكي الليل على خطيئته
101. إن سلك مع أهل الدنيا كان أكيسهم و إن سلك مع أهل الآخرة كان أورعهم
102. لا يرضى في كسبه بشبهة و لا يعمل في دينه برخصة
103. يعطف على أخيه بزلته و يرعى ما مضى من قديم صحبته
فهذه هي صفات الشيخ وأخلاقه التي عرف بها في عصره أوردناها ثقة بمقامه الرفيع وتصديقاً منّا للأمناء الصادقين من الآباء والأجداد الأقدمين رحمهم الله أجمعين.
===============================================
مقامه عند تابعيه
يُعتبر الشيخ (ق) المرجع الروحي الأعلى للمسلمين العلويين في زمانه، وذلك ابتداء من وفاة شيخه الجنان سنة 287هـ إلى حين وفاته سنة 346هـ وهي مدة إمامته الدينية ومرجعيته الروحية التي دامت تسعاً وخمسين عاماً قضاها في تأصيل وتفريع ونشر مذهب أئمتهِ في قلوب أهل الولاية الذين وثقوا بفضله ونبله، وما زالت إمامة هذا الشيخ الجليل راسخة بين أبناء هذا المذهب الشريف لما له من عظيم الفضل عليهم وعلى آبائهم الأقدمين.
فالشيخ عند تلاميذه وتابعيه من العلماء الروحيين العلويين، في قمّة الوثاقة والطهارة، وهو الذي يوثّق الرجال وليس العكس،
فَطَعْنُ الغضائري والنجاشي وغيرهما لا يشكل أي قيمة عندهم، ولا يضعفه بل العكس هو الصحيح،
فمن طعن به فهو ضعيف، ومن أثنى عليه فهو ثقة،
وهذا هو الميزان الصحيح في علم الرجال عندنا.
فالخصيبي (ق) في المنظور الإسلامي العلوي يُعَد من حيث الوثاقة وصحة المذهب وحسن المعتقد في الرعيل الأول، والصف الأكمل فلا يُشقّ له غبار، ولا يُسبق بمضمار، قد فاق أقرانه بعلمه وبيانه، وفقهه وعرفانه، وإن إمامته الروحية ومرجعيته الدينية هي امتداد للبابية، وكذلك فان البابية هي امتداد للامامة(1).
فالمسلمون العلويّون يَرَون أن البابية الناطقة والوكالة الحقة الصادقة هي للثقة الأجل السيد أبي شعيب محمد بن نصير النميريالذي تفانى في نصرة المذهب الإمامي، وتحمل الكثير من المحن والطّعن من قبل حاسديه ومبغضيه لصرفه عـن منصبه(2)، وقد تخرج على يديه ثلة من الفقهاء والعلماء(3) والمحدثين والحكماء ومن جملتهم السيد الجنان (ق) معاصر الإمامين العسكريين الذي انتقلت المرجعية إليه بعد وفاته سنة 270هـ ومن ثم انتقلت إلى الشيخ الخصيبي سنة 287هـ ومن ثم انتقلت إلى تلميذه الأمين والثقة الفطين أبو الحسين محمد بن علي الجلي الذي قضى معظم أيامه في حلب الحمدانية وهو بالأصل من أنطاكية من قرية تدعى الجلية (نسب اليها واشتهر بها) وهو الذي قال فيه الشاعر العلوي الفقيه منصور بن عذيبة المعروف بالخبّاز الصوري رحمه الله:
لله جلي الزمـان جليـلنــــــــــا === ما زال في كل العلوم جليــلا
ما زال في حلب ونشر علومها === حتى تحوّل علمها تحويلا.(4)
وخلاصة القول
فإن الشيخ الخصيبي عند العلويين في منتهى الوثاقة، ويأتي في تصنيفهم بعد الأئمة المعصومين وخواص أصحابهم الصادقين.
---------------------------------------------------------------------------------------
(1) الإمامة أصل من أصول الدين عند المسلمين العلويين وهي إمتداد للنبوة وكمال لها لقوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا . وهذه الآية المحكمة نزلت بعد أن بلغ الرسول الأكرم (ص) ولاية أمير المؤمنين لكافة المسلمين.
وكذلك الأمر فإن البابية هي امتداد للإمامة وهنا وقع الإختلاف بين بعض الفرق الإمامية بحيث أن كل فرقة اتخذت لنفسها باباً ترجع إليه وذلك بحسب مصادرها المعتبرة والموثقة عندها.
(2) أوضح الشيخ الخصيبي في عدة مواضع من هدايته بأن السيد أبا شعيب هو الباب الشرعي للإمام العسكري (ع) ويبدو ذلك ماثلاً بوضوح في حديث المفضل بن عمر (رض) وغيره من الأحاديث التي رواها الشيخ (ق) عن رجاله الثقات، وان هذا الرأي الذي أقره شيخنا وأكده مراراً يندرج في مبحث الإمامة عند أعلام العلويين، وكل كلام يتناقض معه نعيده إلى أصحابه مع إحترامنا لهم جميعاً.
فقناعاتنا تنبعث من ثقتنا برجالنا، وثقتنا بهم تبنى على قواعد متينة ينتج عنها تشخيص دقيق للرجال من حيث الوثاقة وعدمها.
(3) أمثال فادويه الكردي، ومحمد بن جندب، ومحمد بن عمر الكناسي، وأحمد بن محمد بن فرات الكاتب، وعلي بن أم الرقاد، وأحمد بن الخصيب عم الشيخ الخصيبي، ووالده حمدان الخصيبي وغيرهم من الأمناء الرواة.
فَطَعْنُ الغضائري والنجاشي وغيرهما لا يشكل أي قيمة عندهم، ولا يضعفه بل العكس هو الصحيح،
فمن طعن به فهو ضعيف، ومن أثنى عليه فهو ثقة،
وهذا هو الميزان الصحيح في علم الرجال عندنا.
فالخصيبي (ق) في المنظور الإسلامي العلوي يُعَد من حيث الوثاقة وصحة المذهب وحسن المعتقد في الرعيل الأول، والصف الأكمل فلا يُشقّ له غبار، ولا يُسبق بمضمار، قد فاق أقرانه بعلمه وبيانه، وفقهه وعرفانه، وإن إمامته الروحية ومرجعيته الدينية هي امتداد للبابية، وكذلك فان البابية هي امتداد للامامة(1).
فالمسلمون العلويّون يَرَون أن البابية الناطقة والوكالة الحقة الصادقة هي للثقة الأجل السيد أبي شعيب محمد بن نصير النميريالذي تفانى في نصرة المذهب الإمامي، وتحمل الكثير من المحن والطّعن من قبل حاسديه ومبغضيه لصرفه عـن منصبه(2)، وقد تخرج على يديه ثلة من الفقهاء والعلماء(3) والمحدثين والحكماء ومن جملتهم السيد الجنان (ق) معاصر الإمامين العسكريين الذي انتقلت المرجعية إليه بعد وفاته سنة 270هـ ومن ثم انتقلت إلى الشيخ الخصيبي سنة 287هـ ومن ثم انتقلت إلى تلميذه الأمين والثقة الفطين أبو الحسين محمد بن علي الجلي الذي قضى معظم أيامه في حلب الحمدانية وهو بالأصل من أنطاكية من قرية تدعى الجلية (نسب اليها واشتهر بها) وهو الذي قال فيه الشاعر العلوي الفقيه منصور بن عذيبة المعروف بالخبّاز الصوري رحمه الله:
لله جلي الزمـان جليـلنــــــــــا === ما زال في كل العلوم جليــلا
ما زال في حلب ونشر علومها === حتى تحوّل علمها تحويلا.(4)
وخلاصة القول
فإن الشيخ الخصيبي عند العلويين في منتهى الوثاقة، ويأتي في تصنيفهم بعد الأئمة المعصومين وخواص أصحابهم الصادقين.
---------------------------------------------------------------------------------------
(1) الإمامة أصل من أصول الدين عند المسلمين العلويين وهي إمتداد للنبوة وكمال لها لقوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا . وهذه الآية المحكمة نزلت بعد أن بلغ الرسول الأكرم (ص) ولاية أمير المؤمنين لكافة المسلمين.
وكذلك الأمر فإن البابية هي امتداد للإمامة وهنا وقع الإختلاف بين بعض الفرق الإمامية بحيث أن كل فرقة اتخذت لنفسها باباً ترجع إليه وذلك بحسب مصادرها المعتبرة والموثقة عندها.
(2) أوضح الشيخ الخصيبي في عدة مواضع من هدايته بأن السيد أبا شعيب هو الباب الشرعي للإمام العسكري (ع) ويبدو ذلك ماثلاً بوضوح في حديث المفضل بن عمر (رض) وغيره من الأحاديث التي رواها الشيخ (ق) عن رجاله الثقات، وان هذا الرأي الذي أقره شيخنا وأكده مراراً يندرج في مبحث الإمامة عند أعلام العلويين، وكل كلام يتناقض معه نعيده إلى أصحابه مع إحترامنا لهم جميعاً.
فقناعاتنا تنبعث من ثقتنا برجالنا، وثقتنا بهم تبنى على قواعد متينة ينتج عنها تشخيص دقيق للرجال من حيث الوثاقة وعدمها.
(3) أمثال فادويه الكردي، ومحمد بن جندب، ومحمد بن عمر الكناسي، وأحمد بن محمد بن فرات الكاتب، وعلي بن أم الرقاد، وأحمد بن الخصيب عم الشيخ الخصيبي، ووالده حمدان الخصيبي وغيرهم من الأمناء الرواة.
(4) ذكرنا فيما مضى عن ابن العديم بأن أكثر أهل حلب كانوا على مذهب السنة وبعد هجوم الروم عليها وقتل أكثر أهلها سنة 351هـ نقل إليها سيف الدولة جماعة من شيعة حران وكان سيف الدولة نفسه يتشيع بالإضافة إلى ذلك فقد كان للشيخ الجلّي تأثيراً كبيراً في هذا المجال كما صرح بذلك ابن عذيبة (الخباز الصوري) شعراً.
-------------------------------------------------------------------------------------------
تعليق