قال الكاتب : وبقيت علاقاتي حسنة مع كل المراجع الدينية والعلماء والسادة الذين قابلتهم , وكنت أخالطهم لأصل إلى نتيجة تعينني إذا ما اتخذت يوما القرار الصعب , فوقفت على الكثير حتى صارت قناعتي تامة في اتخاذ القرار الصعب , ولكني كنت أنتظر الفرصة المناسبة .
وأقول : إن كون العلاقة المزعومة حميمة بين الكاتب وبين كل المراجع والعلماء والسادة ليس مهما بقدر ما يكون سؤالهم ومذاكرتهم في المسائل والشكوك مهما , والكاتب لم يذكر أنه ناقش العلماء أو ناظرهم في مسائل معينة ,بل نراه قد أحاط كلامه بالإبهام والغموض خشية أن يقال له :إن هذه المسائل محلولة وواضحة , ولا غبار عليها ولا شبهة تعتريها .
ثم إن التعبير بـ (المراجع الدينية ) غير متعارف صدوره من رجل يدعي الاجتهاد , بل ولا مألوف من طلبة العلم ,فإن اللفظ المتعارف إطلاقه هو (المراجع العظام ),أو ( مراجع التقليد ).
وكذا قوله
العلماء والسادة ),فإن هذا من تعبيرات العوام ,لأن العلماء لا يفرقون في التعبير بين العلماء غير السادة ,والعلماء من السادة .

22 .................................................. .......................... لله وللحقيقة الجزء الأولقال الكاتب: وكنت أنظر إلى صديقي العلامة السيد موسى الموسوي فأراه مثلا طيبا عندما أعلن رفضه للانحراف الذي طرأ على المنهج الشيعي , ومحاولاته الجادة في تصحيح هذا المنهج .
ثم صدر كتاب الأخ السيد [ كذا ] أحمد الكاتب ( تطور الفكر الشيعي ) , وبعد أن طالعته وجدت أن دوري قد حان في قول الحق , وتبصير إخواني المخدوعين ,فإنا كعلماء مسؤولون عنهم يوم القيامة , فلا بد لنا من تبصيرهم بالحق وإن كان مرا .
وأقول : عجباً لمن يدعي الفقاهة والاجتهاد كيف يتخذ قدوته مثل هذين الرجلين اللذين لا يعرفان بعلم ولا فضل , ويرى أن تصرفهما جعله يرى أن دوره قد حان لقول الحق , مع أن الفقيه لا بد أن يكون حرا في تشخيص تكليفه ومعرفة ما يجب عليه وما لا يجب ,ولا يجوز له أن يكون مقلدا لغيره .
ثم إن ما كتبه السيد موسى الموسوي في كتابه ( الشيعة والتصحيح ) وما كتبه أحمد الكاتب في كتابه ( تطور الفكر الشيعي ) , كله أباطيل لا تخفى على صغار طلبة العلم فضلا عن من يدعي الاجتهاد والفقاهة .
ثم إن المؤلف وصف أحمد الكاتب بأنه سيد , وهذا من سقطاته الكثيرة التي تدل على أنه لا يفرق بين السيد والشيخ .
قال الكاتب : ولعل أسلوبي يختلف عن أسلوب السيدين الموسوي والكاتب في طرح نتاجاتنا العلمية , وهذا بسبب ما توصل إليه كل منا من خلال دراسته التي قام بها .
ولعل السيدين المذكورين في ظرف يختلف عن ظرفي ,ذلك أن كلا منهما قد غادر العراق ,واستقر في دولة من دول الغرب , وبدأ العمل من هناك .
وأما صاحب كتاب ( لله ثم للتاريخ ) فهو رجل مجهول الهوية , يجزم بأنه رجل من أهل السنة , قد انتحل شخصية عالم شيعي مجهول للطعن في مذهب الشيعة وعلمائهم .
وأما كونه في العراق وهما في خارج العراق فهذا ليس فرقا جوهريا بينه وبينهما ,فإنه إن رأى أن الحق في مذهب أهل السنة , وأنه الآن قد انقلب إلى مذهبهم , فعليه أن يسفر عن نفسه , ويفصح عن اسمه , ويجهر بتحوله , وذلك لأن أكثر أئمة مذاهب أهل السنة لا يجوزون التقية من المسلمين , ولا يحللون لمؤمن أن يكتم ( إيمانه ) , ويتظاهر بالتمذهب بمذاهب أهل البدع.
فكيف غاب عن هذا ( الفقيه المجتهد ) مثل هذا الحكم , فقبع في زاوية التقية في النجف , مع أنه يجب عليه أن يرفضها بخصوصها كما رفض مذهب الشيعة بكل أحكامه .
ثم إنه هنا أيضا كرر خطأه السابق مرتين , بتشريك أحمد الكاتب للموسوي في السيادة , وسيكرره أيضا في كلامه الآتي .
قال الكاتب : أما أنا فما زلت داخل العراق وفي النجف بالذات ,والإمكانات المتوافرة لدي لا ترقى إلى إمكانات السيدين المذكورين ,لأني وبعد تفكير طويل في البقاء أو المغادرة , قررت البقاء والعمل هنا صابرا محتسبا ذلك عند الله تعالى .
ثم ما هو السر في بقاء الكاتب في النجف الأشرف متكتما متظاهرا بالتشيع وهو على خلاف ذلك ? مع أنه يجب على أي رجل في مثل سنه وعلمه أن يترك النجف , ويغادر إلى أي بلاد سنية يتمكن فيها من أن ينفع فيها أبناء مذهبه الجديد , ويبصرهم بأباطيل مذهب الشيعة , ويوقفهم على ما فيه من زيف وضلال .
وأما بقاؤه في النجف فسيجعله مشلولا غير قادر على الإفصاح عن حاله من جهة , ولا يتمكن من أداء رسالته من جهة أخرى .
فلا أدري بعد هذا كله ما هو وجه اختياره البقاء في النجف الأشرف والعمل فيها صابرا محتسبا على حسب زعمه ??
قال الكاتب : وأنا على يقين أن هناك الكثير من السادة ممن يشعرون بتأنيب الضمير لسكوتهم ورضاهم مما يرونه ويشاهدونه ,وبما يقرأونه في أمهات المصادر المتوافرة عندهم , فأسأل الله تعالى أن يجعل كتابي حافزا لهم في مراجعة النفس , وترك سبيل الباطل ,وسلوك سبيل الحق ,فإن العمر قصير , والحجة قائمة عليهم ,
(1) وذلك لأن تاريخ رحيل الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء . كان سنة 1373هـ , وهي خمسون سنة كاملة .وأما إذا قيل : ( إن كاشف الغطاء قد أجاز الكاتب قبل وفاته ببضع سنين ) , فيكون قد مضى على الإجازة المزعومة أكثر من خمسين سنة .
وأقول : إن كلاما لا يستند إلى أي دليل صحيح لا قيمة له , ويقين الكاتب بشيء لا يكون له وزن علمي يعتد به ,وذلك لأنا بالمقابل على يقين من أنه لا يوجد ولا واحد من علماء الشيعة يشك في صحة مذهبه ويتردد في بطلان مذاهب أهل السنة ,بل نحن على يقين من أن أكثر علماء أهل السنة يشكون في صحة مذاهبهم ,لما يرون فيه من التناقضات والأباطيل الواضحة , ولكن يمنعهم من الجهر بشكهم وبطلان مذاهبهم خشيَّتهم من العامة , أو حذرهم من سلاطين الجور , أو خوفهم على وظائفهم التي يتعيشون بها .
وأما دعاء المؤلف بأن يجعل الله كتابه حافزا ( للسادة ) لمراجعة النفس وترك سبيل الباطل وسلوك سبيل الحق ,فهو دعاء لا يستجاب ,لأن هذا الكتاب ـ كما سيتضح للقارئ ـ مشتمل على الأكاذيب من غلافه إلى آخره , فكيف يمكن أن يكون سبيلاً لسلوك الحق وهو بهذه الحال ??
قال الكاتب : وهناك بعض السادة ممن تربطني بهم علاقات استجابوا لدعوتي لهم والحمد لله , فقد اطلعوا على هذه الحقائق التي توصلت إليها , وبدأوا هم أيضا بدعوة الآخرين , فنسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياهم لتبصير الناس بالحقيقة , وتحذيرهم من مغبة الانجراف في الباطل , إنه أكرم مسؤول .
وأقول : إن الحق أحق أن يتبع , واستجابة جاهل لمثله لا يقلب الحق باطلا ,ولا يصير الباطل ِّحقا , فإنه لا يعرف الحق بالرجال , وإنما يعرف الرجال بالحق .
هذا مع أن الكاتب قد زعم ـ وهو غير ثقة في نقله كما سيتضح ـ أن بعض السادة رأى رأيه واقتنع بفكرته ببطلان مذهب الشيعة , وهذه مجرد دعوى لم يظهر لها أي أثر ,فلم يظهر ذلك من شخص معروف من علماء الشيعة أو فضلائهم , ولم يظهر
بخلاف الذين تشيعوا من أهل السنة , فإنهم رجال معروفون بأسمائهم وببلدانهم , وقد صدرت من أقلامهم الكثير من الكتب المطبوعة التي تداولها الناس واطلع عليها المؤالف والمخالف .
قال الكاتب : وإني لأعلم أن كتابي هذا سيلقى الرفض والتكذيب والاتهامات الباطلة , وهذا لا يضرني فإني قد وضعت هذا كله في حسابي , وسيتهمونني بالعمالة لإسرائيل ,أو أمريكا , أو يتهمونني بأني بعت ديني وضميري بعرض من الدنيا , وهذا ليس ببعيد ولا بغريب فقد اتهموا صديقنا العلامة السيد موسى الموسوي بمثل هذا , حتى قال السيد [ كذا ]علي الغروي : إن ملك السعودية فهد بن عبد العزيز قد أغرى الدكتور الموسوي بامرأة جميلة من آل سعود , وبتحسين وضعه المادي ,فوضع له مبلغاً محترماً في أحد البنوك الأمريكية لقاء انخراطه في مذهب الوهابيين !!
وأقول : من الطبيعي أن يلقى كتاب ( لله ثم للتاريخ ) الرفض والإنكار الشديدين , لأنا نظرنا في محتوياته فوجدناه مملوءا بالأكاذيب الشنيعة والاتهامات القبيحة التي سنكشفها للقارئ العزيز في المباحث الآتية إن شاء الله تعالى .
وأما الاتهام فليس دأبنا كما سيتضح جليا في كل ردودنا على مضامين هذا الكتاب .
وأما العمالة لإسرائيل أو غيرها فنحن لا ندين الله بشيء لا نعرفه , والله أعلم بحقائق الأمور , وهو سبحانه الذي يتولى السرائر .
وأما ما نقله عن الميرزا علي الغروي قدس الله نفسه فهو كذب محض ,لأنه كلام لا يصدر من مثله قطعا , ونحن قد تشرفنا مدة بالحضور في المجالس الخاصة
هذا مع أن كتاب السيد موسى الموسوي قد رد عليه , وأبطلت جميع حججه ودعاويه , ولا يحتاج إبطال كلام الموسوي لمثل هذا الكلام الذي هو في نفسه يحتاج إلى إثبات .
قال الكاتب : فإذا كان هذا نصيب الدكتور الموسوي من الكذب والافتراء والإشاعات الرخيصة , فما هو نصيبي أنا وماذا سيشيعون عني ?! ولعلهم يبحثون عني ليقتلوني كما قتلوا قبلي ممن [ كذا ]صدع بالحق ,فقد قتلوا نجل مولانا الراحل آية الله العظمى الإمام السيد أبي الحسن الأصفهاني أكبر أئمة الشيعة من بعد عصر الغيبة الكبرى وإلى اليوم ,وسيد علماء الشيعة بلا منازع عندما أراد تصحيح منهج الشيعة , ونبذ الخرافات التي دخلت عليه , فلم يرق لهم ذلك , فذبحوا نجله كما يذبح الكبش ليصدوا هذا الإمام عن منهجه في تصحيح الانحراف الشيعي , كما قتلوا قبله السيد [ كذا ] أحمد الكسروي عندما أعلن براءته من هذا الانحراف ,وأراد أن يصحح المنهج الشيعي , فقطعوه إربا إربا .
وأقول : إن الشيعة منذ أقدم العصور واجهوا خصومهم بالحجة , ففندوا مذاهبهم , وأبطلوا آراءهم , وزيفوا معتقداتهم .
وأما أساليب الاتهامات والتصفيات الجسدية فهي أساليب غيرهم الذين تنقصهم الحجج والأدلة على صحة مذاهبهم .
وأما ما زعمه من أن السيد أبا الحسن الأصفهاني قدس الله نفسه قد أراد أن يصحح منهج الشيعة فعمد الشيعة إلى قتل ابنه , فهو غير صحيح جملة وتفصيلا , فإن
وإذا كان السيد أبو الحسن الأصفهاني ـ بزعم الكاتب ـ أكبر أئمة الشيعة وأراد تصحيح المسار الشيعي فلم ترك حركته الإصلاحية بعد قتل ابنه , مع أن مثل هذا الأمر لا ينبغي أن يثني أي مصلح عن غاياته وأهدافه .
ثم إن عبارات الكاتب في وصف السيد أبي الحسن الأصفهاني بأنه (أكبر أئمةالشيعة من بعد عصر الغيبة الكبرى وإلى اليوم , وسيد علماء الشيعة بلا منازع ) هي منقولة بالمعنى من كلام السيد موسى الموسوي في مقدمة كتابه ( الشيعة والتصحيح ) , حيث قال : وبعد أن ولدت ونشأت وترعرت في بيت الزعامة الكبرى للطائفة الشيعية ,ودرست وتأدبت على يد أكبر زعيم وقائد ديني عرفه تاريخ التشيع منذ الغيبةّ الكبرى ,وحتى اليوم وهو جدنا الإمام الأكبر السيد أبو الحسن الموسوي ...
وقال : وقد زاد إيماني بها عندما بدأت أعرف أن السبب في قتل والدي بين صلاة المغرب والعشاء في الحضرة العلوية في النجف الأشرف وعلى يد مجرم في لبوس رجل الدين الذي ذبحه كالكبش وهو يصلي في المحراب ,إنما كانت خطة استعمارية لكي تثني السيد أبو الحسن عن خطواته الإصلاحية (1) .
فالعجب من هذا المدعي للاجتهاد كيف صار مقلدا للسيد موسى الموسوي من غير تحقيق في نقولاته ,مع أن كل علماء الشيعة يعرفون أن السيد أبا الحسن الأصفهاني قدس الله نفسه الشريفة لم يكن ( أكبر أئمة الشيعة من بعد عصر الغيبة الكبرى وإلى اليوم , وسيد علماء الشيعة بلا منازع ), وإنما كان أحد مراجع التقليد الذين انتهت إليهم الزعامة الدينية الشيعية , ولم يكن قدس سره معروفاً بتحقيقاته ومصنفاته , فلم يصدر من قلمه الشريف إلا رسالته العملية (وسيلة النجاة ) فقط ,
وعذر موسى الموسوي أنه يطري جده قدس سره. فإن كل فتاة بأبيها معجبة, ولكن ما هو عذر كاتب كتاب (لله ثم للتاريخ ) في أن يصف السيد الأصفهاني بهذه الأوصاف غير الصحيحة ?!
ثم إن وصف السيد أبي الحسن الأصفهاني قدس سره بأنه أكبر ( أئمة ) الشيعة , لا يصدر ممن مارس العلم وجالس العلماء , وعاش في الحوزة العلمية حتى وصل إلى مرتبة الفقاهة والاجتهاد بزعمه , فإن هذا التعبير ما هو إلا من تعابير أهل السنة الذين يصفون علماء الشيعة بأنهم أئمة لهم .
وأما أحمد كسروي فلم يدع له أحد أية حركة إصلاحية , لأنه كان متحررا من كل قيود الدين , ولم يكن ضد مذهب الشيعة وعقائده فحسب , بل كان ضد الدين ومبادئه , وقد حمل على التشيع بما هو دين لا بما هو مذهب مخصوص , ولهذا لم يظهر منه أي ميل لمذهب أهل السنة أو غيره من المذاهب الإسلامية , بل قام بتأييد الحزب الشيوعي في إيران متمثلا بمناصرة رئيسه إحسان طبري (1) .
قال الكاتب : وهناك الكثيرون ممن انتهوا إلى مثل هذه النهاية جراء رفضهم تلك العقائد الباطلة التي دخلت إلى التشيع , فليس بغريب إذا ما أرادوا لي مثل هذا المصير !!
وأقول : العجيب أن هذا الرجل يتحدث وكأنه يحدث قراءه عن أحداث وقعت في كوكب آخر لا يعرفونه , وإلا فمن هم هؤلاء الكثيرون الذين انتهوا إلى القتل بأيدي الشيعة جراء رفضهم لعقائدهم ??
وأما أحمد كسروي فقيل في سبب قتله : إنه قام بإحراق كتاب ( مفاتيح الجنان ) مع كل ما فيه من سور قرآنية وأحاديث نبوية ,مما أثار عليه سخطا شعبيا عاما اجتاح كل إيران ,حيث بدأ بأذربيجان , وانتقل إلى طهران ثم سائر المدن الإيرانية ,وصدرت برقيات معترضة تدين هذا العمل ,وقد حمل عليه بعض الإيرانيين وضربوه حتى الموت .
ومن الواضح أن الكاتب قد جعل اتهام الشيعة بتصفية مخالفيهم مبررا لإخفائه اسمه وهويته , وإلا فإنه يعلم أن الشيعة لم يقصدوا السيد موسى الموسوي ولا أحمد الكاتب بسوء مع أنهما قد سبقاه في هذا المضمار كماصرحَّ الكاتب بذلك فيما مر .
قال الكاتب : إن هذا كله لا يهمني , وحسبي أن أقول الحق ,وأنصح إخواني وأذكرهم وألفت نظرهم إلى الحقيقة , ولو كنت أريد شيئا من متاع الحياة الدنيا فإن المتعة والخمس كفيلان بتحقيق ذلك لي , كما يفعل الآخرون حتى صاروا هم أثرياء البلد , وبعضهم يركب أفضل أنواع السيارات بأحدث موديلاتها ,ولكني - والحمد لله - أعرضت عن هذا كله منذ أن عرفت الحقيقة , وأنا الآن أكسب رزقي ورزق عائلتي بالأعمال التجارية الشريفة .
فإن الكاتب لو أجيز بالاجتهاد ـ على حسب زعمه ـ وهو في عمر الأربعين سنة كما هو حال نوابغ الحوزة , فإن عمره الآن يبلغ حوالي تسعين سنة إذا كان كاشف الغطاء قد أجازه بالاجتهاد في سنة وفاته , وهي سنة1373هـ .
ثم إن كل علماء النجف الأشرف في هذه السنين لا يركبون سيارات بأحدث موديلاتها , لأن النجف لا يوجد فيها سيارات حديثة , وهذا يعرفه كل منعاش في النجف واطلع على أحوال العلماء فيها .
وبحكم معرفتي الوثيقة بكل مراجع النجف الأشرف في هذا العصر فلا يوجد مرجع واحد يملك سيارة عادية فضلا عن كونها من أحدث الموديلات .
وأما الخمس فهو أمانة يقبضها المرجع ويصرفها في مصارفها الصحيحة , ولا يحق له ولا لغيره أن يتملكها لنفسه , ولو كان مراجع التقليد يتملكون الخمس لكانوا من أثرى الناس , بينما هم ليسوا كذلك , وأحوالهم شاهدة عليهم .
والطريف ما زعمه من مسألة تكسبه بالتجارة لقوته وقوت عائلته , مع أنه ذكر أنه ذهب للحوزة العلمية وهو شاب يافع ,فمن أين حصل على الأموال التي صار يتَّجر بها ?! فإن كانت تجارته من أموال الخمس فلا يصح التكسب بها عنده ,وإن كانت من غيرها فمن أين اكتسبها , وما مصدرها ?
ثم ما بال من عاش على التقوت من الخمس حتى صار طاعنا في السن , قد تغافل الآن عن كل ما صرفه من أموال الخمس ?
ألا يعلم أنه يضمن كل ماصرفهُِ على نفسه طيلة حياته ,فيجب عليه أن يرجع تلك الأموال إلى أصحابها إن كان يعرفهم أو يتصدق بها عنهم ??

32 .................................................. .......................... لله وللحقيقة الجزء الأولقال الكاتب : لقد تناولت في هذا الكتاب موضوعات محددة ليقف إخواني كلهم على الحقيقة حتى لا تبقى هناك غشاوة على بصر أي فرد كان منهم . وفي النية تأليف كتب أخرى تتعلق بموضوعات غير هذه ليكون المسلمون جميعا على بينة فلا يبق عذر لغافل , أو حجة لجاهل .
وأقول : سيقف القراء بعون الله تعالى على الحقيقة كاملة , وسيتضح لهم أن كاتب هذا الكتاب ما هو إلا مفتر منتحل لشخصية رجل يزعم أنه واحد من فقهاء الشيعة ، وسيتضح للقراء بطلان كل الطعون التي تمسك بها هذا الرجل في نقد مذهب الشيعة الإمامية .
ومنه يعلم أن القوم لما عجزوا عن نقد مذهب الشيعة الإمامية بالدليل والحجة الصحيحة عمدوا إلى محاربة المذهب بأمثال هذه الأساليب الرخيصة , فساروا على نهج أسلافهم الذين افتروا على الشيعة كل ما استطاعوا , فركبوا في ذلك كل صعب وذلول , ولكن الله رد كيدهم في نحورهم , وأبطل مزاعمهم , وكشف زيفهم , وفضح أكاذيبهم .
إلا أن كاتب هذا الكتاب سلك مسلكا في الكذب لم يسبقه إليه غيره , فزعم أنه واحد من فقهاء الشيعة , فافترى على علماء الشيعة ما شاء من الحكايات السخيفة التي يزعم أنه شاهد عيان فيها , ولكنه وقع من حيث لا يشعر , فانكشف أمره , وظهر كذبه , وما ربك بغافل عما يعمل الظالمون , وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .
قال الكاتب : وأنا على يقين أن كتابي هذا سيلقى القبول عند طلاب الحق وهم كثيرون والحمد لله ,وأما من فضل البقاء في الضلالة ـ لئلا يخسر مركزه فتضيع منه المتعة والخمس من ( أولئك ) الذين لبسوا العمائم , وركبوا عجلات ( المرسيدس ) و ( السوبر ) فهؤلاء ليس لنا معهم كلام , والله حسيبهم على ما اقترفوا ويقترفون في يوم
الحمد الله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله .
وأقول : إن طلاب الحق بحمد الله وفضله كثيرون ,والحق واضح المعالمِ بين السبل ,لا يحتاج إلى كذب وافتراء وانتحال شخصيات وإلصاق التهم بالأبرياء , وافتعال الحوادث والوقائع التي لم تقع .
وسيعلم طلاب الحق إن شاء الله تعالى من خلال البحوث الآتية أن الكاتب قد مال عن الحق وجانب الصواب , وسلك سبيل الزيغ والضلال , وأنه لم يصل إلى مبتغاه , ولم يستطع أن يحقق غايته , بل افتضح أمره , وانكشف حاله , وصار كتابه هذا عاراًً عليه في الدنيا , ووبالا عليه في الآخرة .
وكل منصف يقرأ ما سوده هذا الكاتب في كتابه يحصل له القطع واليقين بضلال الكاتب وببطلان مسلكه ,لأنه لو كان محقا لما احتاج إلى افتعال الأكاذيب الرخيصة ,ولكان الاحتجاج بالحق كافيا لدحض كل زيغ وضلال .
كما أن كل منصف يزداد بصيرة بأن مذهب الشيعة الإمامية هو المذهب الحق الذي من تمسك به نجا , ومن تخلف عنه هوى , ولو لم يكن كذلك لوجد أعداؤه من الحق ما يكفي لإبطاله , ولما احتاجوا لإبطاله بافتعال الأكاذيب والافتراءات التي بان زيفها وانكشف بطلانها
يتبع
وأقول : إن كون العلاقة المزعومة حميمة بين الكاتب وبين كل المراجع والعلماء والسادة ليس مهما بقدر ما يكون سؤالهم ومذاكرتهم في المسائل والشكوك مهما , والكاتب لم يذكر أنه ناقش العلماء أو ناظرهم في مسائل معينة ,بل نراه قد أحاط كلامه بالإبهام والغموض خشية أن يقال له :إن هذه المسائل محلولة وواضحة , ولا غبار عليها ولا شبهة تعتريها .
ثم إن التعبير بـ (المراجع الدينية ) غير متعارف صدوره من رجل يدعي الاجتهاد , بل ولا مألوف من طلبة العلم ,فإن اللفظ المتعارف إطلاقه هو (المراجع العظام ),أو ( مراجع التقليد ).
وكذا قوله


22 .................................................. .......................... لله وللحقيقة الجزء الأول
ثم صدر كتاب الأخ السيد [ كذا ] أحمد الكاتب ( تطور الفكر الشيعي ) , وبعد أن طالعته وجدت أن دوري قد حان في قول الحق , وتبصير إخواني المخدوعين ,فإنا كعلماء مسؤولون عنهم يوم القيامة , فلا بد لنا من تبصيرهم بالحق وإن كان مرا .
وأقول : عجباً لمن يدعي الفقاهة والاجتهاد كيف يتخذ قدوته مثل هذين الرجلين اللذين لا يعرفان بعلم ولا فضل , ويرى أن تصرفهما جعله يرى أن دوره قد حان لقول الحق , مع أن الفقيه لا بد أن يكون حرا في تشخيص تكليفه ومعرفة ما يجب عليه وما لا يجب ,ولا يجوز له أن يكون مقلدا لغيره .
ثم إن ما كتبه السيد موسى الموسوي في كتابه ( الشيعة والتصحيح ) وما كتبه أحمد الكاتب في كتابه ( تطور الفكر الشيعي ) , كله أباطيل لا تخفى على صغار طلبة العلم فضلا عن من يدعي الاجتهاد والفقاهة .
ثم إن المؤلف وصف أحمد الكاتب بأنه سيد , وهذا من سقطاته الكثيرة التي تدل على أنه لا يفرق بين السيد والشيخ .

ولعل السيدين المذكورين في ظرف يختلف عن ظرفي ,ذلك أن كلا منهما قد غادر العراق ,واستقر في دولة من دول الغرب , وبدأ العمل من هناك .
رد ما جاء في مقدمة الكتاب .................................................. ..................... 23
وأقول : إن الاختلاف بين كاتب ( لله ثم للتاريخ ) وبين السيد موسى الموسوي وأحمد الكاتب واضح جدا , من جهة أن الموسوي وأحمد الكاتب رجلان معروفان بنسبهما وبأنهما كانا من الشيعة , غاية ما في الباب أنهما انحرفا عن الطريق الصحيح , لشبهات عرضت لهما أو لمصالح دنيوية طمعا فيها .وأما صاحب كتاب ( لله ثم للتاريخ ) فهو رجل مجهول الهوية , يجزم بأنه رجل من أهل السنة , قد انتحل شخصية عالم شيعي مجهول للطعن في مذهب الشيعة وعلمائهم .
وأما كونه في العراق وهما في خارج العراق فهذا ليس فرقا جوهريا بينه وبينهما ,فإنه إن رأى أن الحق في مذهب أهل السنة , وأنه الآن قد انقلب إلى مذهبهم , فعليه أن يسفر عن نفسه , ويفصح عن اسمه , ويجهر بتحوله , وذلك لأن أكثر أئمة مذاهب أهل السنة لا يجوزون التقية من المسلمين , ولا يحللون لمؤمن أن يكتم ( إيمانه ) , ويتظاهر بالتمذهب بمذاهب أهل البدع.
فكيف غاب عن هذا ( الفقيه المجتهد ) مثل هذا الحكم , فقبع في زاوية التقية في النجف , مع أنه يجب عليه أن يرفضها بخصوصها كما رفض مذهب الشيعة بكل أحكامه .
ثم إنه هنا أيضا كرر خطأه السابق مرتين , بتشريك أحمد الكاتب للموسوي في السيادة , وسيكرره أيضا في كلامه الآتي .

24 .................................................. .......................... لله وللحقيقة الجزء الأول
وأقول : إن الكاتب لو كان في النجف لعرفه أهل النجف ولعرفه علماء الحوزة العلمية , ولا سيما أنه ـ كما يزعم ـ رجل كبير في السن , حاصل على إجازة الاجتهاد قبل أكثر من خمسين سنة (1) ، مع أنه ليس في النجف عالم من أهل كربلاء بهذه الصفة ,ولو كان لبان , ولا سيما أنه وصف نفسه بالتفوق العلمي ,والمتفوق بحكم العادة لا يخفى على أحد .ثم ما هو السر في بقاء الكاتب في النجف الأشرف متكتما متظاهرا بالتشيع وهو على خلاف ذلك ? مع أنه يجب على أي رجل في مثل سنه وعلمه أن يترك النجف , ويغادر إلى أي بلاد سنية يتمكن فيها من أن ينفع فيها أبناء مذهبه الجديد , ويبصرهم بأباطيل مذهب الشيعة , ويوقفهم على ما فيه من زيف وضلال .
وأما بقاؤه في النجف فسيجعله مشلولا غير قادر على الإفصاح عن حاله من جهة , ولا يتمكن من أداء رسالته من جهة أخرى .
فلا أدري بعد هذا كله ما هو وجه اختياره البقاء في النجف الأشرف والعمل فيها صابرا محتسبا على حسب زعمه ??

(1) وذلك لأن تاريخ رحيل الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء . كان سنة 1373هـ , وهي خمسون سنة كاملة .وأما إذا قيل : ( إن كاشف الغطاء قد أجاز الكاتب قبل وفاته ببضع سنين ) , فيكون قد مضى على الإجازة المزعومة أكثر من خمسين سنة .
رد ما جاء في مقدمة الكتاب .................................................. ..................... 25
فلم يبق لهم بعد ذلك من عذر .وأقول : إن كلاما لا يستند إلى أي دليل صحيح لا قيمة له , ويقين الكاتب بشيء لا يكون له وزن علمي يعتد به ,وذلك لأنا بالمقابل على يقين من أنه لا يوجد ولا واحد من علماء الشيعة يشك في صحة مذهبه ويتردد في بطلان مذاهب أهل السنة ,بل نحن على يقين من أن أكثر علماء أهل السنة يشكون في صحة مذاهبهم ,لما يرون فيه من التناقضات والأباطيل الواضحة , ولكن يمنعهم من الجهر بشكهم وبطلان مذاهبهم خشيَّتهم من العامة , أو حذرهم من سلاطين الجور , أو خوفهم على وظائفهم التي يتعيشون بها .
وأما دعاء المؤلف بأن يجعل الله كتابه حافزا ( للسادة ) لمراجعة النفس وترك سبيل الباطل وسلوك سبيل الحق ,فهو دعاء لا يستجاب ,لأن هذا الكتاب ـ كما سيتضح للقارئ ـ مشتمل على الأكاذيب من غلافه إلى آخره , فكيف يمكن أن يكون سبيلاً لسلوك الحق وهو بهذه الحال ??

وأقول : إن الحق أحق أن يتبع , واستجابة جاهل لمثله لا يقلب الحق باطلا ,ولا يصير الباطل ِّحقا , فإنه لا يعرف الحق بالرجال , وإنما يعرف الرجال بالحق .
هذا مع أن الكاتب قد زعم ـ وهو غير ثقة في نقله كما سيتضح ـ أن بعض السادة رأى رأيه واقتنع بفكرته ببطلان مذهب الشيعة , وهذه مجرد دعوى لم يظهر لها أي أثر ,فلم يظهر ذلك من شخص معروف من علماء الشيعة أو فضلائهم , ولم يظهر
26 .................................................. .......................... لله وللحقيقة الجزء الأول
من أحد منهم أنه أبدى قناعاته ببطلان مذهب الشيعة .بخلاف الذين تشيعوا من أهل السنة , فإنهم رجال معروفون بأسمائهم وببلدانهم , وقد صدرت من أقلامهم الكثير من الكتب المطبوعة التي تداولها الناس واطلع عليها المؤالف والمخالف .

وأقول : من الطبيعي أن يلقى كتاب ( لله ثم للتاريخ ) الرفض والإنكار الشديدين , لأنا نظرنا في محتوياته فوجدناه مملوءا بالأكاذيب الشنيعة والاتهامات القبيحة التي سنكشفها للقارئ العزيز في المباحث الآتية إن شاء الله تعالى .
وأما الاتهام فليس دأبنا كما سيتضح جليا في كل ردودنا على مضامين هذا الكتاب .
وأما العمالة لإسرائيل أو غيرها فنحن لا ندين الله بشيء لا نعرفه , والله أعلم بحقائق الأمور , وهو سبحانه الذي يتولى السرائر .
وأما ما نقله عن الميرزا علي الغروي قدس الله نفسه فهو كذب محض ,لأنه كلام لا يصدر من مثله قطعا , ونحن قد تشرفنا مدة بالحضور في المجالس الخاصة
رد ما جاء في مقدمة الكتاب .................................................. ..................... 27
للميرزا الغروي فلم نسمعه ينطق بهذا أو أمثاله قط ,ولم ينقل شخص معروف عنه مثل هذه المقولة , بل هي مقولة غير معقولة في حد ذاتها .هذا مع أن كتاب السيد موسى الموسوي قد رد عليه , وأبطلت جميع حججه ودعاويه , ولا يحتاج إبطال كلام الموسوي لمثل هذا الكلام الذي هو في نفسه يحتاج إلى إثبات .

وأقول : إن الشيعة منذ أقدم العصور واجهوا خصومهم بالحجة , ففندوا مذاهبهم , وأبطلوا آراءهم , وزيفوا معتقداتهم .
وأما أساليب الاتهامات والتصفيات الجسدية فهي أساليب غيرهم الذين تنقصهم الحجج والأدلة على صحة مذاهبهم .
وأما ما زعمه من أن السيد أبا الحسن الأصفهاني قدس الله نفسه قد أراد أن يصحح منهج الشيعة فعمد الشيعة إلى قتل ابنه , فهو غير صحيح جملة وتفصيلا , فإن
28 .................................................. .......................... لله وللحقيقة الجزء الأول
السيد أبا الحسن الأصفهاني كان مرجع الشيعة الذي كانوا يرجعون إليه في تقليدهم , ولم يبدر منه أية بادرة تخالف المنهج المعروف عند الشيعة ,فأين هذا التصحيح المزعوم وإذا كان السيد أبو الحسن الأصفهاني ـ بزعم الكاتب ـ أكبر أئمة الشيعة وأراد تصحيح المسار الشيعي فلم ترك حركته الإصلاحية بعد قتل ابنه , مع أن مثل هذا الأمر لا ينبغي أن يثني أي مصلح عن غاياته وأهدافه .
ثم إن عبارات الكاتب في وصف السيد أبي الحسن الأصفهاني بأنه (أكبر أئمةالشيعة من بعد عصر الغيبة الكبرى وإلى اليوم , وسيد علماء الشيعة بلا منازع ) هي منقولة بالمعنى من كلام السيد موسى الموسوي في مقدمة كتابه ( الشيعة والتصحيح ) , حيث قال : وبعد أن ولدت ونشأت وترعرت في بيت الزعامة الكبرى للطائفة الشيعية ,ودرست وتأدبت على يد أكبر زعيم وقائد ديني عرفه تاريخ التشيع منذ الغيبةّ الكبرى ,وحتى اليوم وهو جدنا الإمام الأكبر السيد أبو الحسن الموسوي ...
وقال : وقد زاد إيماني بها عندما بدأت أعرف أن السبب في قتل والدي بين صلاة المغرب والعشاء في الحضرة العلوية في النجف الأشرف وعلى يد مجرم في لبوس رجل الدين الذي ذبحه كالكبش وهو يصلي في المحراب ,إنما كانت خطة استعمارية لكي تثني السيد أبو الحسن عن خطواته الإصلاحية (1) .
فالعجب من هذا المدعي للاجتهاد كيف صار مقلدا للسيد موسى الموسوي من غير تحقيق في نقولاته ,مع أن كل علماء الشيعة يعرفون أن السيد أبا الحسن الأصفهاني قدس الله نفسه الشريفة لم يكن ( أكبر أئمة الشيعة من بعد عصر الغيبة الكبرى وإلى اليوم , وسيد علماء الشيعة بلا منازع ), وإنما كان أحد مراجع التقليد الذين انتهت إليهم الزعامة الدينية الشيعية , ولم يكن قدس سره معروفاً بتحقيقاته ومصنفاته , فلم يصدر من قلمه الشريف إلا رسالته العملية (وسيلة النجاة ) فقط ,
(1) الشيعة والتصحيح ,ص 5 .
رد ما جاء في مقدمة الكتاب .................................................. ..................... 29
فكيف صار أكبر أئمة الشيعة والحالة هذه ?! وعذر موسى الموسوي أنه يطري جده قدس سره. فإن كل فتاة بأبيها معجبة, ولكن ما هو عذر كاتب كتاب (لله ثم للتاريخ ) في أن يصف السيد الأصفهاني بهذه الأوصاف غير الصحيحة ?!
ثم إن وصف السيد أبي الحسن الأصفهاني قدس سره بأنه أكبر ( أئمة ) الشيعة , لا يصدر ممن مارس العلم وجالس العلماء , وعاش في الحوزة العلمية حتى وصل إلى مرتبة الفقاهة والاجتهاد بزعمه , فإن هذا التعبير ما هو إلا من تعابير أهل السنة الذين يصفون علماء الشيعة بأنهم أئمة لهم .
وأما أحمد كسروي فلم يدع له أحد أية حركة إصلاحية , لأنه كان متحررا من كل قيود الدين , ولم يكن ضد مذهب الشيعة وعقائده فحسب , بل كان ضد الدين ومبادئه , وقد حمل على التشيع بما هو دين لا بما هو مذهب مخصوص , ولهذا لم يظهر منه أي ميل لمذهب أهل السنة أو غيره من المذاهب الإسلامية , بل قام بتأييد الحزب الشيوعي في إيران متمثلا بمناصرة رئيسه إحسان طبري (1) .

وأقول : العجيب أن هذا الرجل يتحدث وكأنه يحدث قراءه عن أحداث وقعت في كوكب آخر لا يعرفونه , وإلا فمن هم هؤلاء الكثيرون الذين انتهوا إلى القتل بأيدي الشيعة جراء رفضهم لعقائدهم ??
(1) راجع كتاب ( إيران در دو سده وابستن ) ص263 .
30 .................................................. .......................... لله وللحقيقة الجزء الأول
أما ابن السيد أبي الحسن فقد قتله رجل معتوه , لا يعرف شيئا عن أمثال هذه الأمور التي يدعيها السيد موسى الموسوي وقلده فيها الكاتب من غير تحقيق, وكان سبب القتل ماليا لا أكثر وموسى الموسوي أراد أن يصور لقارئه أن والده قتل بمؤامرة استعمارية كانت تستهدف حركة التصحيح , وهذه دعوى غير صحيحة لم تصدر من أحد قبل موسى الموسوي الذي لم يستند في ادعائها إلى دليل صحيح .وأما أحمد كسروي فقيل في سبب قتله : إنه قام بإحراق كتاب ( مفاتيح الجنان ) مع كل ما فيه من سور قرآنية وأحاديث نبوية ,مما أثار عليه سخطا شعبيا عاما اجتاح كل إيران ,حيث بدأ بأذربيجان , وانتقل إلى طهران ثم سائر المدن الإيرانية ,وصدرت برقيات معترضة تدين هذا العمل ,وقد حمل عليه بعض الإيرانيين وضربوه حتى الموت .
ومن الواضح أن الكاتب قد جعل اتهام الشيعة بتصفية مخالفيهم مبررا لإخفائه اسمه وهويته , وإلا فإنه يعلم أن الشيعة لم يقصدوا السيد موسى الموسوي ولا أحمد الكاتب بسوء مع أنهما قد سبقاه في هذا المضمار كماصرحَّ الكاتب بذلك فيما مر .

رد ما جاء في مقدمة الكتاب .................................................. ..................... 31
وأقول : من كان بهذا العمر المديد كيف يكون له مأرب في المتعة ?? فإن الكاتب لو أجيز بالاجتهاد ـ على حسب زعمه ـ وهو في عمر الأربعين سنة كما هو حال نوابغ الحوزة , فإن عمره الآن يبلغ حوالي تسعين سنة إذا كان كاشف الغطاء قد أجازه بالاجتهاد في سنة وفاته , وهي سنة1373هـ .
ثم إن كل علماء النجف الأشرف في هذه السنين لا يركبون سيارات بأحدث موديلاتها , لأن النجف لا يوجد فيها سيارات حديثة , وهذا يعرفه كل منعاش في النجف واطلع على أحوال العلماء فيها .
وبحكم معرفتي الوثيقة بكل مراجع النجف الأشرف في هذا العصر فلا يوجد مرجع واحد يملك سيارة عادية فضلا عن كونها من أحدث الموديلات .
وأما الخمس فهو أمانة يقبضها المرجع ويصرفها في مصارفها الصحيحة , ولا يحق له ولا لغيره أن يتملكها لنفسه , ولو كان مراجع التقليد يتملكون الخمس لكانوا من أثرى الناس , بينما هم ليسوا كذلك , وأحوالهم شاهدة عليهم .
والطريف ما زعمه من مسألة تكسبه بالتجارة لقوته وقوت عائلته , مع أنه ذكر أنه ذهب للحوزة العلمية وهو شاب يافع ,فمن أين حصل على الأموال التي صار يتَّجر بها ?! فإن كانت تجارته من أموال الخمس فلا يصح التكسب بها عنده ,وإن كانت من غيرها فمن أين اكتسبها , وما مصدرها ?
ثم ما بال من عاش على التقوت من الخمس حتى صار طاعنا في السن , قد تغافل الآن عن كل ما صرفه من أموال الخمس ?
ألا يعلم أنه يضمن كل ماصرفهُِ على نفسه طيلة حياته ,فيجب عليه أن يرجع تلك الأموال إلى أصحابها إن كان يعرفهم أو يتصدق بها عنهم ??

32 .................................................. .......................... لله وللحقيقة الجزء الأول
وأقول : سيقف القراء بعون الله تعالى على الحقيقة كاملة , وسيتضح لهم أن كاتب هذا الكتاب ما هو إلا مفتر منتحل لشخصية رجل يزعم أنه واحد من فقهاء الشيعة ، وسيتضح للقراء بطلان كل الطعون التي تمسك بها هذا الرجل في نقد مذهب الشيعة الإمامية .
ومنه يعلم أن القوم لما عجزوا عن نقد مذهب الشيعة الإمامية بالدليل والحجة الصحيحة عمدوا إلى محاربة المذهب بأمثال هذه الأساليب الرخيصة , فساروا على نهج أسلافهم الذين افتروا على الشيعة كل ما استطاعوا , فركبوا في ذلك كل صعب وذلول , ولكن الله رد كيدهم في نحورهم , وأبطل مزاعمهم , وكشف زيفهم , وفضح أكاذيبهم .
إلا أن كاتب هذا الكتاب سلك مسلكا في الكذب لم يسبقه إليه غيره , فزعم أنه واحد من فقهاء الشيعة , فافترى على علماء الشيعة ما شاء من الحكايات السخيفة التي يزعم أنه شاهد عيان فيها , ولكنه وقع من حيث لا يشعر , فانكشف أمره , وظهر كذبه , وما ربك بغافل عما يعمل الظالمون , وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .

رد ما جاء في مقدمة الكتاب .................................................. ..................... 33
لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا َمن أتى الله بقلب سليم . الحمد الله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله .
وأقول : إن طلاب الحق بحمد الله وفضله كثيرون ,والحق واضح المعالمِ بين السبل ,لا يحتاج إلى كذب وافتراء وانتحال شخصيات وإلصاق التهم بالأبرياء , وافتعال الحوادث والوقائع التي لم تقع .
وسيعلم طلاب الحق إن شاء الله تعالى من خلال البحوث الآتية أن الكاتب قد مال عن الحق وجانب الصواب , وسلك سبيل الزيغ والضلال , وأنه لم يصل إلى مبتغاه , ولم يستطع أن يحقق غايته , بل افتضح أمره , وانكشف حاله , وصار كتابه هذا عاراًً عليه في الدنيا , ووبالا عليه في الآخرة .
وكل منصف يقرأ ما سوده هذا الكاتب في كتابه يحصل له القطع واليقين بضلال الكاتب وببطلان مسلكه ,لأنه لو كان محقا لما احتاج إلى افتعال الأكاذيب الرخيصة ,ولكان الاحتجاج بالحق كافيا لدحض كل زيغ وضلال .
كما أن كل منصف يزداد بصيرة بأن مذهب الشيعة الإمامية هو المذهب الحق الذي من تمسك به نجا , ومن تخلف عنه هوى , ولو لم يكن كذلك لوجد أعداؤه من الحق ما يكفي لإبطاله , ولما احتاجوا لإبطاله بافتعال الأكاذيب والافتراءات التي بان زيفها وانكشف بطلانها
يتبع



تعليق