إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

أهل البيت(ع) الذريّة المصطفاة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أهل البيت(ع) الذريّة المصطفاة

    قال تعالى(( وإذ ابتلى إبراهيمَ ربُه بكلمات ٍفأتمّهنّ قال إني جاعلك للناس إماما ً قال ومن ذريّتي قال لا ينال عهدي الظالمين)) سورة البقرة آية 124
    فالابتلاء هو الاختبار لإظهار الصفات الكامنة في النفس. كما أنّ مصطلح( الكلمة ) ُذكِرَ في القرآن الكريم بمعنى العهد كما في قوله تعالى(( ولولا كلمة ٌ سبقت من ربّك إلى أجل ٍمسمّىً لقضي بينهم)) سورة الشورى آية 14 فالآية عبّرت عن العهد الذي أخذه الله على نفسه أن لا يعذبَّ حتى انقضاء الأجل بالكلمة. كما أنّ القرآن الكريم قد يصف الكلمة بالتمام كما في قوله تعالى(( وتمّت كلمة ربك صدقا ًوعدلا ً )) سورة الأنعام آية 115 في إشارة ٍ إلى أنّ الكلمة إذا صدرت عن قائلها فهي ناقصة ٌبعدُ لم تتم حتى ُتترجم عمليا ًعلى أرض الواقع وبذلك يتـّضح أنّ المراد من إتمام الكلمات في قوله تعالى((وإذ ابتلى إبراهيمَ رُبه بكلمات ٍ فأتمّهنّ)) هو الوفاء بالعهود من الله بعد استحقاقها من العبد. فقد وفى الله بعهده الأول لإبراهيم(ع) بأنْ جعله نبيّا ًبعد أنْ استحقّ مقام النبوة. وقد وفى الله بعهده الثاني لإبراهيم(ع) بأنْ جعله رسولا ًبعد أنْ استحقّ مقام الرسالة. وحين استحقّ إبراهيم(ع) مقام الإمامة, وفى الله بعهده الثالث له بأنْ جعله إماما ً وذلك في قوله تعالى (( إني جاعلك للناس إماما ً)). وقد بلغ إبراهيم(ع) مقام الإمامة في ِكبَره وفي أواخر عمره وبعد أن ُرزق بإسماعيل وإسحاق ودليل ذلك قوله تعالى على لسان إبراهيم بعد أن ُأعطِيَ مقام الإمامة (( ومن ذريّتي)) فإنّ إبراهيم (ع) قبل مجيء الملائكة ببشارة إسماعيل وإسحاق ما كان يتوقــّع أن يُرزقَ بالذرية وهو في ذلك العمر وقد كان إبراهيم آنذاك نبيـّا ًورسولا ً قال تعالى(( ونبّئهم عن ضيف إبراهيم *إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما ً قال إنا منكم وجلون * قالوا لا توْجَلْ إنا نبشّرك بغلام ٍعليم * قال أبشّرتموني على أن مسّنيَ الكِبَرَ فبمَ تبشّرون* قالوا بشّرناك بالحق فلا تكن من القانطين)) سورة الحجر آية 51>55 بينما قول إبراهيم(ع) في قوله تعالى(( ومن ذريّتي)) بعد قوله تعالى(( إني جاعلك للناس إماما ً)) هو قول من يعتقد لنفسه ذريّة ًمما يؤكـّد أنّ قوله تعالى(( إني جاعلك للناس إماما ً قال ومن ذريّتي)) جاء بعد بشارة الملائكة لإبراهيم(ع) بالذرية بسنين عديدةٍ وما يؤكد ذلك كون إبراهيم(ع) لم يصل إلى مقام الإمامة إلا ّبعد أن اجتاز كل أنواع الابتلاءات ومن أوضح هذه الابتلاءات ابتلاءه في ذبح ابنه إسماعيل قال تعالى(( قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك)) إلى قوله تعالى(( إنّ هذا لهو البلاء المبين)) سورة الصافات آية 102. وهنا لابدّ لنا من أنْ نقف على حقيقة الإمامة بحسب الاصطلاح القرآني حيث لا يمكننا القول بأنّ الإمامة التي وصل إليها إبراهيم(ع) في أواخر حياته بعد نبوّته ورسالته هي مجرّد القدوة وأنّ الإمام هو مجرّد المقتدى الذي نقتدي به ونتــّبعه في أقواله وأفعاله وذلك لأنّ القدوة من لوازم النبوة والرسالة قال تعالى((وما أرسلنا من رسول ٍ إلا ّ ليُطاع بإذن الله)) سورة النساء آية 64 فلا معنى حينئذٍ لأنْ يُقال لإبراهيم وهو النبي والرسول بأننا سنجعلك قدوة ً للناس فهذا تحصيلٌ للحاصل. فإذا ً لكي نقف على حقيقة هذه الإمامة لابدّ لنا من الرجوع إلى الآيات القرآنية:
    فعندما نستعرض قوله تعالى((إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين)) فإننا نجد أنّ الآية عبّرتْ عن مقام الإمامة هنا بالعهد ونفتْ عن أنْ يناله مَن يصدر منه الظلم و المراد بالظلم هنا هو مطلق الظلم ولا يكون ذلك إلا لمن ثبتتْ له العصمة حيث أنّ الناس بحسب القسمة العقلية على أربعة أقسام ٍفأما القسم الأول فهو مَن كان ظالما ً في جميع عمره وأما القسم الثاني فهو مَن لم يكن ظالما ً في جميع عمره وأما القسم الثالث فهو مَن كان ظالما ً في أول عمره دون آخره وأما القسم الرابع فهو مَن كان ظالما ً في آخر عمره دون أوله وإبراهيم(ع) أجلّ شأنا ًمن أنْ يطلب مقام الإمامة الذي وصل إليه بعد مقام النبوة والرسالة للقسم الأول والقسم الرابع من ذريته فلم يتبقــّى إذا ً إلا ّ القسم الثاني والقسم الثالث اللذين من المتصوّر أنْ يكون إبراهيم(ع) قد عناهما في طلبه وقد نفى الله أحدهما قال تعالى((لا ينال عهدي الظالمين)) وهو مَن كان ظالما ً في أول عمره دون آخره فبقيَ القسم الآخر وهو مَن لم يكن ظالما ً في جميع عمره وهؤلاء هم المعصومون من ذريته(ع) بفرعيها أي المعصومون من ذريته من فرع إسحاق وكذلك المعصومون من ذريته من فرع إسماعيل وهؤلاء هم محمدٌ وآل محمدٍ(ص). وأما بالنسبة لقوله تعالى((ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة ًوكلا ًجعلنا صالحين* وجعلناهم أئمة ًيهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين)) سورة الأنبياء آية 72>73 فإننا نجد أنّ الوحي هنا هو وحيُ تسديدٍ وتأييدٍ وليس وحيَ تشريع ٍ حيث أنّ صيغة (فعل الخيرات) و(إقام الصلاة) و(إيتاء الزكاة) تفيد التحقق والوقوع على خلاف فيما لو كانت الصيغة (افعلوا الخيرات) و(أقيموا الصلاة) و(آتوا الزكاة) التي لا تفيد التحقق والوقوع فيكون معنى الآية أنّ ما فعلوه من الخيرات ومن أقام الصلاة ومن إيتاء الزكاة كان بتسديدٍ وتأييدٍ إلهي. وأما قوله تعالى(( وجعلنا منهم أئمة ً يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون)) سورة السجدة آية 24 فإننا نجد أنّ الصبر اسُتخدِم وأريد به مطلق الصبر في كل ما يُبتلى به العبد في عبوديته. وأما اليقين فهو حالة ٌ في النفس لا يطرأ عليها شكٌ ولا ريبٌ تتحقق بمشاهدة عالم الملكوت كما يشير إليه قوله تعالى((وكذلك ُنري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين)) سورة الأنعام آية 75. إذا ًومما سبق يتحصّـل لنا أنّ الإمام لابدّ أن يكون معصوما ًعن الخطأ مؤيّدا ًمن قِبل الله مكشوفا ً له عالم الملكوت واصلا ً إلى درجة اليقين ليستحقّ مقام الإمامة القرآنية. وقد أشير إلى حقيقة هذه الإمامة في قوله تعالى(( وجعلناهم أئمة ً يهدون بأمرنا )) وكذلك في قوله تعالى((وجعلنا منهم أئمة ً يهدون بأمرنا)) فإننا نجد أنه كلما ُذكِرتْ الإمامة ُتذكر معها الهداية المقيّدة بالأمر الإلهي . إذا ً الإمامة هي الهداية بأمر الله والمراد بالأمر الإلهي هنا ليس الأمر التشريعي وإنما الأمر الذي هو الوجه الآخر للخلــق قال تعالى(( ألا له الخلق والأمر)) ســورة الأعراف آية 54 إذ لو كان الأمر في قوله تعالى((يهدون بأمرنا)) أمرا ً تشريعيا ً لما كان هناك فرقٌ بين النبوة والإمامة إذ أنّ الأنبياء هم أيضا ً يهدون بأمر ٍ تشريعي ٍ من الله ومن الواضح أنّ القول بذلك ما هو إلاّ لغوٌ إذ أنّ إبراهيم(ع) قد بلغ مقام الإمامة بعد أن كان نبيا ً كما أثبتنا سابقا ً فالآية إذا ً بصدد اختصاص الأئمة بذلك الأمر الإلهي دون غيرهم . وهذا الأمر الإلهي هو الذي يصطلح عليه القرآن بعالم الملكوت أو الروح أو الغيب أو الباطن في مقابل عالم الــُملك أو المادة أو الشهادة أو الظاهر قال تعالى((إنما أمره إذا أراد شيئا ً أن يقول له كن فيكون* فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيءٍ وإليه ُترجعون)) سورة يس آية 82>83 حيث عبّرتْ هاتين الآيتين عن الأمر الإلهي بأنه ملكوت كل شيءٍ وبذلك يتـّضح لنا عند الرجوع إلى قوله تعالى ((يهدون بأمرنا)) أنّ الباء هنا هي باء الآلة وأنّ الأمر الإلهي هنا هو ملكوت الأشياء فيكون معنى قوله تعالى ((يهدون بأمرنا)) أي يهدون الأشياء بملكوتها لإيصالها إلى المطلوب وإذا ما أردنا مزيدا ًمن الإيضاح لهذه المسألة فلابدّ لنا من الوقوف على قوله تعالى((وإنْ من شيءٍ إلا ّعندنا خزائنه وما نُنزّله إلا ّبقدر ٍمعلوم)) حيث تشير هذه الآية إلى أنّ التقديرات الإلهية للخلق من موتٍ أو حياةٍ أو فقر ٍ أو غنىً أو شر ٍ أو خير ٍ أو أجل ٍ أو عمل ٍ أو طاعةٍ أو معصيةٍ أو صحةٍ أو مرض ٍ وغيرها وهي التي يُعبَّر عنها بملكوت الأشياء يُنزّلها الله من الخزائن الإلهية إلى نشأة الدنيا ولكنْ بمقدار ٍمعلوم ٍ في إشارةٍ إلى أنّ تلك التقديرات الإلهية هي تقديراتٌ للسنة يُنزّلها الله في كل ليلة قدر ٍ قال تعالى((فيها يُفرَق كل أمر ٍ حكيم)) سورة الدخان آية 4 وقال تعالى ((تنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر ٍ)) سورة القدر آية 5 . وهنا لابدّ لنا من الإشارة إلى أنّ نزول تلك التقديرات من الخزائن الإلهية ليس نزولا ًمكانيا ًلأنها موجوداتٌ ملكوتية ٌ مجرّدة ٌ من المادة وإنما نزولها هنا هو نزولٌ على نحو التجلــّي أي الظهور ليكون من الممكن الوقوف عليها وذلك عن طريق التلـبـّـُـس بها من قِـبَـل الإمام لينشرَها بعـد ذلك في الخلـق وهذا هو تماما ًما يشير إليـه قوله تعالى ((وجعلناهم أئمة ً يهدون بأمرنا)) أي جعلناهم أئمة ًيهدون الأشياء بإلباسها ملكوتها الذي قدَّره الله عزّ وجلّ لها. وهنا يتضح لنا الفرق بين النبي وبين الإمام حيث أنّ النبي هو الواسطة بين الله وبين خلقه لإيصال الفيض الظاهري من أوامر ونواهي وأما الإمام فهو الواسطة بين الله وبين خلقه لإيصال الفيض الباطني من تقديراتٍ إلهيةٍ. وهنا يتــّضح لنا أنّ الإمامة بحسب الاصطلاح القرآني هي شيءٌ فوق الزعامة السياسية وكذلك فوق الزعامة الدينية إذ هما ليسا إلا ّ ثمرة ًمن ثمرات تلك الإمامة وهذا ما تؤكده الروايات الشريفة:
    1ـ عن الصادق(ع) قال(( إنّ الله اتخذ إبراهيم عبدا ً قبل أن يتخده نبيا ًوإنّ الله اتخذه نبيا ً قبل أن يتخذه رسولا ً وإنّ الله اتخذه رسولا ً قبل أن يتخذه خليلا ً وإنّ الله اتخذه خليلا ً قبل أن يتخذه إماما ً فلما جمع له الأشياء قال(إني جاعلك للناس إماما ً) قال ومن عظمها في عين إبراهيم قال( ومن ذريتي) قال( لا ينال عهدي الظالمين) قال لا يكون السفيه إمام التقي)). الكافي ج1 ص174
    2ـ عن الصادق(ع) قال(( قد كان إبراهيم نبيا ً وليس بإمام حتى قال الله تبارك وتعالى(لا ينال عهدي الظالمين) من عبد صنما ً أو وثنا ً لا يكون إماما ً)).<الكافي ج1 ص176 >
    3ـ عن النبي(ص) قال(( أنا دعوة أبي إبراهيم قلنا يا رسول الله وكيف صرتَ دعوة أبيك

  • #2
    إبراهيم قال أوحى الله عزّ وجلّ إلى إبراهيم(إني جاعلك للناس إماما ً) قال فاستخفّ إبراهيم(ع) الفرح قال يا رب ومن ذريتي أئمة ًمثلي فأوحى الله تعالى إليه أنْ يا إبراهيم إني لا أعطيك عهدا ًلا أفي لك به قال يا رب وما العهد الذي لا تفي لي به قال لا أعطيك للظالم من ذريتك عهدا ً قال عندها يا رب ومن الظالم من ذريتي قال له من يسجد للصنم من دوني يعبدها قال إبراهيم عند ذلك( واجنبني وبنيّ أن نعبد الأصنام* ربّ إنهنّ أضللنَ كثيرا ًمن الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفورٌ رحيم ) فقال النبي(ص) فانتهتْ الدعوة إليّ وإلى علي ٍ لم يسجد أحدنا لصنم ٍ قط فاتخذني نبيـّا ً واتخذ عليا ً وصيا ً)). بحار الأنوار ج38 ص134
    4ـ عن النبي(ص) قال((...إنّ الله قال لإبراهيم لا أعطيك عهدا ً للظالم من ذريتك قال يا رب ومن الظالم من ولدي الذي لا ينال عهدك قال من سجد لصنم ٍ من دوني لا أجعله إماما ً أبدا ً ولا يصلح أن يكون إماما ً)). بحار الأنوار ج25 ص191
    5ـ عن الرضا(ع) قال(( إنّ الإمامة خصّ الله عزّ وجلّ بها إبراهيم الخليل بعد النبوة والخلة, مرتبة ً ثالثة ً وفضيلة ً شرّفه الله بها فأشاد بها ذكره فقال عزّ وجلّ( إني جاعلك للناس إماما ّ) فقال الخليل سرورا ً بها(ومن ذريتي) قال الله عزّ وجلّ(لا ينال عهدي الظالمين) فأبطلتْ هذه الآية إمامة كل ظالم ٍ إلى يوم القيامة وصارت في الصفوة ثم أكرمه الله عزّ وجلّ بأن جعل في ذريته أهل الصفوة والطهارة فقال تعالى( ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة ً وكلا ًجعلنا صالحين* وجعلناهم أئمة ً يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين) فلم تزل في ذريته يرثها بعضٌ عن بعض ٍ قرنا ً فقرنا ً حتى ورثها النبي(ص) فقال الله عزّ وجلّ( إنّ أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين) فكانت له خاصة ً فقلدها عليا ً(ع) بأمر الله على رسم ما فرض الله فصارتْ في ذريته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم والإيمان بقوله عزّ وجلّ(وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث...) فهي في ولد علي ٍ(ع) خاصة ً إلى يوم القيامة....)).الكافي ج1 ص199
    6ـ عن الرضا(ع) قال((... الإمام واحد دهره لا يدانيه أحدٌ ولا يعادله عالمٌ ولا يوجد منه بدلٌ ولا له مثلٌ ولا نظيرٌ مخصوصٌ بالفضل كله من غير طلبٍ منه له ولا اكتسابٍ بل اختصاصٌ من المُـفضِل الوهّاب...)). الكافي ج1 ص 201
    7ـ عن الرضا(ع) قال((... الإمام عالمٌ لا يجهل راع ٍ لا ينكل معدن القدس والطهارة والنُسك والزهادة والعلم والعبادة مخصوصٌ بدعوة الرسول وهو نسل المطهّرة البتول لا مغمز ٌ فيه في نسبٍ ولا يدانيه ذو حسبٍ فالبيت من قريش ٍ والذروة من هاشم ٍ والعترة من آل الرسول...)). الكافي ج1 ص 201
    8ـ عن الصادق(ع) قال(( إنّ الله تعالى أوضح بأئمة الهدى من أهل بيت نبينا عن دينه وأبلج بهم عن سبيل منهاجه وفتح بهم عن باطن ينابيع علمه فمن عرف من أمة محمدٍ(ص) واجب حقّ إمامه وجد طعم حلاوة إيمانه وعلم فضل طلاوة إسلامه لأنّ الله تعالى نصب الإمام عَلما ً لخلقه وجعله حجة ًعلى أهل عالمه وألبسه تعالى تاج الوقار وغشـّاه من نور الجبّـار يُمدّ بسببٍ من السماء لا ينقطع عنه موادّه ولا يُنال ما عند الله
    إلا ّبجهة أسبابه ولا يقبل الله أعمال العباد إلا ّ بمعرفته فهو عالمٌ بما يردُ عليه من ملتبسات الدجى ومعميّات السنن فلم يزل الله تبارك وتعالى يختارهم لخلقه من ولد الحسين من عقب كل إمام ٍ يصطفيهم لذلك ويجتبيهم ويرضى بهم لخلقه ويرتضيهم كلــّما مضى منهم إمامٌ نصب لخلقه من عقبه إماما ً)) إلى أن يقول((فالإمام هو المنتجب المرتضى والهادي المنتجى والقائم المرتجى اصطفاه الله لذلك واصطنعه على عينه في الذر حين ذرأه وفي البريّـة حين برأه ظِلا ً قبل الخلق نسمة ًعن يمين عرشه بقيّـة ًمن آدم وخيرة ًمن ذرية نوح ومصطفى من آل إبراهيم وسلالة ًمن إسماعيل وصفوة ًمن عترة محمدٍ(ص)...)). الكافي ج1 ص 203
    9ـ عن الباقر(ع) قال((لو أنّ الإمام رُفِعَ من الأرض ساعة ً لماجتْ بأهلها كما يموج البحر بأهله)). الكافي ج1 ص 179
    10ـ عن الصادق(ع) قال((لو بقيتْ الأرض بغير إمام ٍ لساختْ)). الكافي ج1 ص 179
    11ـ عن الباقر(ع) قال(( يا معشر الشيعة خاصموا بسورة (إنا أنزلناه) تفلحوا فوالله إنها لحجة الله تبارك وتعالى على الخلق بعد رسول الله(ص) وإنها لسيدة دينكم وإنها لغاية علمنا يا معشر الشيعة خاصموا ب(حم والكتاب المبين*إنا أنزلناه في ليلةٍ مباركةٍ*إنا كنا منذرين*فيها يفرق كل أمر ٍ حكيم) فإنها لولاة الأمر بعد رسول الله(ص)...)). تأويل الآيات ص 796
    12ـ عن الصادق(ع) في قوله تعالى((فيها يفرق كل أمر ٍحكيم)) قال((تلك ليلة القدر يُكتب فيها وفد الحج وما يكون فيها من طاعةٍ أو معصيةٍ أو موتٍ أو حياةٍ ويُحدِث الله في الليل والنهار ما يشاء ثم يلقيه إلى صاحب الأرض فقيل ومن صاحب الأرض قال صاحبكم)). بحار الأنوار ج94 ص 22
    13ـ عن الجواد(ع) قال(( إنّ أمير المؤمنين(ع) قال لإبن عباس إنّ ليلة القدر في كل سنةٍ وإنه ينزل في تلك الليلة أمر السنة ولذلك الأمر ولاة ٌ بعد رسول الله(ص) فقال ابن عباس من هم قال أنا وأحد عشر من صلبي أئمة ٌ محدّثون)). الكافي ج1 ص 532
    14ـ عن النبي(ص) قال(( آمنوا بليلة القدر إنها تكون لعلي بن أبي طالبٍ ولولده الأحد عشر من بعدي)). الكافي ج1 ص 533
    15ـ عن السجاد(ع) قال((نحن أئمة المسلمين وحجج الله على العالمين وسادة المؤمنين وقادة الغُرّ المحجّـلين وموالي المؤمنين ونحن أمانٌ لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمانٌ لأهل السماء ونحن الذين يُمسك الله السماء أن تقع على الأرض إلا ّبإذنه وبنا يُمسك الأرض أن تميد بأهلها وبنا يُنزّل الغيث وبنا ينشر الرحمة ويُخرج بركات الأرض ولولا ما في الأرض منا لساختْ بأهلها...)). بحار الأنوار ج23 ص 625
    16ـ عن الصادق(ع) قال((كان أمير المؤمنين(ع) باب الله الذي لا يُؤتى إلا ّمنه وسبيله الذي مَن سلك بغيره هلك وكذلك جرى للأئمة الهداة واحدا ً بعد واحدٍ جعلهم الله أركان الأرض أن تميد بأهلها...)). بحار الأنوار ج25 ص 359
    17ـ عن الباقر(ع) قال((قلت لأيّ شيءٍ يُحتاج إلى النبي والإمام فقال لبقاء العالم على صلاحه وذلك أنّ الله عزّ وجلّ يرفع العذاب عن أهل الأرض إذا كان فيها نبيٌ أو إمام ٌ قال الله عزّ وجلّ(وما كان الله ليُعذبهم وأنت فيهم) وقال النبي(ص) النجوم أمانٌ لأهل السماء وأهل بيتي أمانٌ لأهل الأرض فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يكرهون وإذا ذهب أهل بيتي أتى أهل الأرض ما يكرهون يعني بأهل بيته الأئمة الذين قرن الله عزّ وجلّ طاعتهم بطاعته فقال(يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) وهم المعصومون المطهّرون الذين لا يذنبون ولا يعصون وهم المؤيّدون الموفــّقون المسدّدون بهم يرزق الله عباده ويعمر بلاده وبهم يُنزل القطر من السماء وبهم يُخرج بركات الأرض وبهم يُمهل أهل المعاصي ولا يجعل عليهم العقوبة والعذاب ولا يفارقهم روح القدُس ولا يفارقونه ولا يفارقون القرآن ولا يفارقهم)). بحار الأنوار ج23 ص 19
    18ـ عن علي(ع) لمـّا سُئِلَ عن الأمر الذي هم وُلاته قال((الذي تتنزّل به الملائكة في الليلة التي ُيفرق فيها كل أمر ٍحكيم من خلق ٍ ورزق ٍ وأجل ٍ وعمل ٍ وحياةٍ وموتٍ وعلم غيب السماوات والأرض)). بحار الأنوار ج90 ص 118
    ,قال تعالى(( وإذ يرفعُ إبراهيمُ القواعدَ من البيت وإسماعيلُ ربنا تقبّل منا إنك أنت السميع العليم*ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريّتنا أمة ًمسلمة ً لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التوّاب الرحيم*ربنا وابعث فيهم رسولا ًمنهم يتلوا عليهم آياتك ويعلّمهم الكتاب والحكمة ويزكّيهم إنك أنت العزيز الحكيم)) سورة البقرة آية 127>129
    إنّ هذه الآيات جاءت لتشير إلى ذرية إبراهيم من فرع إسماعيل التي وجبتْ لها الإمامة في قوله تعالى(( إني جاعلك للناس إماما ً قال ومن ذريّتي)) فعندما ندقق في قوله تعالى(( ومن ذريتنا أمة ًمسلمة ً لك)) نجد أنّ الأمة المسلمة هنا هي ليست الأمة الإسلامية كما قد يتوهّم البعض في الوهلة الأولى لأنّ الآية تشير إلى أنّ الأمة المسلمة هي من ذرية إبراهيم من فرع إسماعيل فقط دون بقية المسلمين. وحيث أنّ القرآن يشهد بعضه على بعض ٍ ويصدّق بعضه بعضا ً ويفسّر بعضه بعضا ً قال تعالى(( الله نزّل أحسن الحديث كتابا ً متشابها ً مثاني تقشعرّ منه جلود الذين يخشون ربّهم)) سورة الزمر آية 23 فإننا نجد أنّ الأمة المسلمة التي أشير إليها في قوله تعالى((ومن ذريتنا أمة ً مسلمة ً لك)) هي من الذرية التي دعا لها إبراهيم(ع) بأنْ لا تتلبّس بالشرك وعبادة الأصنام في أيّ لحظةٍ من لحظات حياتها في قوله تعالى((وإذ قال إبراهيم ربِّ اجعل هذا البلد آمنا ًواجنبني وبنيّ أن نعبد الأصنام*ربِّ إنهنّ أضللنَ كثيرا ًمن الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفورٌ رحيم*ربنا إني أسكنتُ من ذريتي بوادٍ غير ذي زرع ٍعند بيتك المحرّم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة ًمن الناس تهوي إليهم... ))

    تعليق


    • #3
      سورة إبراهيم آية 35> 37 . وهذه الذرية هي نفسها التي ُذكِرَتْ في قوله تعالى(( هو الذي بعث في الأميين رسولا ًمنهم يتلوا عليهم آياته ويزكـّيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال ٍ مبين* وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم)) سورة الجمعة آية 2>3 حيث تشير هاتين الآيتين إلى أنّ الله بعث رسوله محمد(ص) إلى قومه وهم أهل مكة الذين كانوا على شِركٍ ولكنه استثنى بعضهم في قوله تعالى ((وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم)) أي وآخرين من أهل مكة لم يلحقوا بهم في ضلالهم وشِركِهم بل كانوا موحِّدِين يتعبّدون الله على دين إبراهيم(ع) وما يؤكد ذلك قوله تعالى((وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براءٌ مما تعبدون*إلا ّ الذي فطرني فإنه سيهدين* وجعلهــا كلمــة ً باقية ً في عقبه لعلهم يرجعون)) سورة الزخرف آية 26>28 حيث تشـيـر هذه الآيـات إلى الوعــد الإلــهي لإبراهيم(ع) بجعل التوحيد وبكل أبعاده متجسِّدا ًفي سلسلةٍ متـّصلةٍ من ذريته إلى يوم القيامة. وبالتالي تنحصر دائرة الأمة المسلمة في الموحدين من ذرية إبراهيم من فرع إسماعيل ممن لم يتلبّسوا بالشرك ولو في لحظةٍ من حياتهم وأما من تلبّسوا بالشرك قبل إسلامهم فهم غير مشمولين في الأمة المسلمة. كما أننا عندما نرجع إلى قوله تعالى(( ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة ً مسلمة ً لك)) وندقق في معنى كلمة (الأمّة ) فإننا سنجد أنها بمعنى الجماعة التي تتشابه في الصفات سواءً قلــّتْ هذه الجماعة أو كثرتْ كما في قوله تعالى(( أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها ً واحدا ً ونحن له مسلمون* تلك أمة ٌ قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا ُتسألون عمّا كانوا يعملون)) سورة البقرة آية 133>134 فقد عبّرت الآية عن يعقوب وأبناءه وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق بالأمة. كما أننا عندما ندقق في عبارة (( مسلمة ً لك)) فإننا نجد أنّ الإسلام اسـُتخدم هنا بالمعنى اللغوي أي بمعنى التسليم لأمر الله وحيث أنّ إبراهيم وإسماعيل قد طلبا من الله أن يبقيهما مسلمين له وذلك في قوله تعالى(( ربنا واجعلنا مسلمين لك)) فلابدّ أن يكون هذا التسليم لأمر الله تسليما ً مطلقا ً لكي ينسجم مع كونهما نبيين معصومين وهذا ما نجده في قوله تعالى((...ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين*إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين)) سورة البقرة آية 130 فالآية فسّرت الإصطفاء بالتسليم لأمر الله وحيث أنّ الإصطفاء مأخوذ ٌمن صفوة الشيء أي خلـّوه من الشوائب فلابدّ أن يكون التسليم تسليما ًمطلقا ً لينسجم مع معنى الإصطفاء الذي يستبطن العصمة. ومن هنا يتضح أنّ المراد من التسليم في قوله تعالى(( ومن ذريتنا أمة ً مسلمة ً لك)) هو نفسه التسليم المطلق في قوله تعالى (( ربنا وجعلنا مسلمين لك)) وبالتالي ينحصر معنى الأمة المسلمة في المصطفين من ذرية إبراهيم من فرع إسماعيل وهؤلاء هم محمد آل محمد(ص). كما أننا نجد أنّ هذه الحقيقة تتكرر في قوله تعالى(( يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون* وجاهدوا في الله حقّ جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا ً عليكم وتكونوا شهداء على الناس...)) سورة الحج آية 77>78 فهذه الآيات تشير إلى وجود طبقةٍ من المؤمنين سُمّوا بالمسلمين الذين أباهم إبراهيم وهم من فرع إسماعيل قد اجتباهم الله والاجتباء في اللغة هو الجمع الذي يفيد الاختصاص قال تعالى(( أولم نمكـّن لهم حرما ً آمنا ً يُجبى إليه ثمرات كلّ شيء)) سورة القصص آية 57 أي يُجمع إليه ثمرات كلّ شيء فنقول اجتبى الشيء أي جمعه فاختصّ به دون غيره وكذا نقول خَــُلصَ له دون غيره وصفى له دون غيره فالاجتباء يماثل الاستخلاص والاصطفاء. إذا ً المجتبون من المؤمنين هم من خَــُلصَتْ وصفتْ ذواتهم لله وحده فلا مكان في وجودهم لذنبٍ ولا لمعصيةٍ ولا لإثم ٍ فهم خارج دائرة الغواية قال تعالى((ربِّ بما أغويتني لأزيننّ لهم في الأرض ولأغوينّهم أجمعين* إلا ّعبادك منهم المخلــَصين)) سورة الحجر آية 39>40 وهؤلاء هم محمد وآل محمد(ص). كما ونجد هذه الحقيقة أيضا ً تتكرر في قوله تعالى (( أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ٍ ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا...)) سورة مريم آية 58 فهذه الآية تشير إلى الآيات السابقة لها في سورة مريم التي أشارت إلى عدد ٍمن الذين أنعم الله عليهم. فأما الأنبياء منهم فهم إبراهيم وإدريس وإسحاق وإسماعيل ويعقوب وزكريا ويحيى وعيسى وهارون وموسى وأما من غير الأنبياء فهي مريم(ع). وعندما ندقق في قوله تعالى(( أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين)) فإننا نجد أنّ (من) هنا للتبعيض وليس للبيان لأنّ الآية بصدد الحديث عن الآيات السابقة التي ُذكِرَ فيها بعض الأنبياء وليس جميعهم والذين وصَفـَـتـْهم هذه الآية بأنهم الذين أنعم الله عليهم ولو كانت (من) هنا بيانية لكان الأولى بالآية أن تقول(( أولئك من الذين أنعم الله عليهم)) لتشير إلى أنّ الأنبياء المذكورين في الآيات السابقة هم بعض الأنبياء وليس جميعهم. ثم بدأت الآية تشير إلى أنّ الأنبياء يتفرّعون من أربع بيوتٍ كبيرة وهم ذرية آدم وذرية نوح الذين كانوا من ضمن الذين ركبوا معه في السفينة وهذا ما يشير إليه قوله تعالى متحدّثا ًعن نوح(( وجعلنا ذريته هم الباقين)) سورة الصافات آية 77 وذرية إبراهيم وذرية إسرائيل وحيث أنّ ذرية إبراهيم ُقرنتْ في الآية بذرية إسرائيل والذي هو يعقوب(ع) ولكون يعقوب من ذرية إبراهيم من فرع إسحاق فإننا نستخلص من ذلك أنّ المقصود من ذرية إبراهيم هنا هي ذرية إبراهيم من فرع إسماعيل في مقابل ذرية إبراهيم من فرع إسحاق والتي عبّرتْ عنها الآية بذرية إسرائيل. ثم بدأت الآية تشير إلى الذين أنعم الله عليهم من المهديين والمجتبين من غير الأنبياء من تلك البيوت الأربعة وذلك في قوله تعالى (( وممن هدينا واجتبينا )) ومما يؤكد أنّ هؤلاء من غير الأنبياء هو ذكر مريم(ع) في الآيات السابقة لهذه الآية من سورة مريم في قوله تعالى (( واذكر في الكتاب مريم)) سورة مريم آية 16 ثم توصيـفها في هذه الآية بأنها من الذين أنعم الله عليهم ويؤكد ذلك كون مريم من الصديقين قال تعالى(( وما المسيح بن مريم إلا رسولٌ قد خلت من قبله الرسل وأمّه صدّيقة)) سورة المائدة آية 75 وكون الصديقين من الذين أنعم الله عليهم قال تعالى(( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ً)) سورة النساء آية 69 وبذلك يتضح لنا أنّ الذين أنعم الله عليهم من البيوت الأربعة آنفة الذكر في الآية هم قسمان قسمٌ من الأنبياء وقسمٌ من غير الأنبياء. ومورد بحثنا في هذه الآية هم الذين أنعم الله عليهم من غير الأنبياء وذلك في قوله تعالى((وممن هدينا واجتبينا )) فأما الاجتباء هنا فهو كما ذكرنا سابقا ً الاستخلاص والاصطفاء الذي يستبطن العصمة وأما الهداية فالمراد بها الهداية الإلهية الخاصة التي تكون من الله مباشرة ً دون الحاجة إلى الغير على خلاف الهداية التي تكون بالغير قال تعالى(( أفمن يهدي إلى الحق أحقّ أن يُتـّّبع أمّن لا يهدِّي إلا ّأن يُهدى فما لكم كيف تحكمون)) سورة يونس آية 35 وقد أشار القرآن الكريم إلى أنّ هذه الهداية الإلهية الخاصة ستكون محفوظة ًفي كل زمان ٍ بأناس ٍ وُكـِّلوا بها في سلسلةٍ متصلةٍ إلى قيام الساعة قال تعالى((الذين آمنوا ولم يُلبسوا إيمانهم بظلم ٍ أولئك لهم الأمن وهم مهتدون*وتلك حجّتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجاتٍ من نشاء إنّ ربك حكيمٌ عليم*ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا ًهدينا ونوحا ً هدينا من قبل ومن ذريته داوود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين* وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كلٌ من الصالحين*وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا ً وكلا ًفضّلنا على العالمين*ومن آباءهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراطٍ مستقيم*ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعلمون*أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكـّّلنا بها قوما ً ليسوا بها بكافرين)) سورة الأنعام آية 82>89. إذا ًيتضح لنا مما سبق أنّ هناك أنبياءٌ من الذين أنعم الله عليهم من ذرية إبراهيم من فرع إسماعيل ويتمثــّـل ذلك بالنبي محمد(ص) كما أنّ هناك مجتبون ومهديون من غير الأنبياء من الذين أنعم الله عليهم من ذرية إبراهيم من فرع إسماعيل وهم آل محمد(ص). كما أننا نجد أنّ هذه الحقيقة تتكرر أيضا ً في قوله تعالى(( إنّ الله اصطفى آدم ونوحا ً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية ٌ بعضها من بعض ٍ والله سميعٌ عليم)) سورة آل عمران آية 33 فالاصطفاء هو الانقياد والتسليم المطلق لله سبحانه فلا مكان لذنبٍ ولا لمعصيةٍ إلا أننا هنا يجب أن نفرّق بين الاصطفاء من العالمين وهو ما ذكرناه آنفا ًوبين الاصطفاء على العالمين الذي هو اختصاص الله لعبدٍ من عباده في أمر ٍ من الأمور بحيث لا يشاركه فيه أحدٌ وما يدل على ذلك قوله تعالى(( وإذ قالت الملائكة يا مريم إنّ الله اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين)) سورة آل عمران آية 42 حيث نجد أنّ الآية فرّقت بين الاصطفاءين فالاصطفاء الأول إشارة ٌ إلى التسليم المطلق الذي ينفي عن مريم(ع) أيّ ذنب ٍ أو معصيةٍ أما الاصطفاء الثاني فهو اختصاصها من قِبَل الله بشيءٍ لا يشاركها فيه أحدٌ في إشارة ٍ إلى إنجابها لعيسى(ع) من دون أب. كما أنّ الآية بعد أن ذكرت آدم ونوحا ً, ذكرت آل إبراهيم وآل عمران والآل في اللغة تستخدم للدلالة على الخاصة من الأهل. فأما آل إبراهيم فالظاهر أنهم الطاهرون من ذرية إسحاق والطاهرون من ذرية إسماعيل إلا أنّ ذِكْر آل عمران مع ذِكر آل إبراهيم على الرغم من أنّ آل عمران هم من آل إبراهيم فيه إشارة ٌ واضحة ٌ إلى أنّ المقصود من آل إبراهيم هنا هم من ذرية إسماعيل دون ذرية إسحاق لكون آل عمران من ذرية إسحاق وما يدل على ذلك قوله تعالى(( أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم

      تعليق


      • #4
        ملكا ًعظيما ً)) سورة النساء آية 54 حيث أنّ الآية في مقام الإنكار على اليهود الذين هم من ذرية إسحاق ويعقوب لعدم إيمانهم بمحمد(ص) لكونه من ذرية إبراهيم من فرع إسماعيل(ع) فالآية هنا استعملت عبارة آل إبراهيم للإشارة إلى المصطفين من ذرية إبراهيم من فرع إسماعيل وهم محمد وآل محمد(ص) دون غيرهم. وهذا ما تؤكده الروايات الشريفة:
        1ـ قال رسول الله(ص)(( إنّ الله اصطفى إسماعيل من ولد إبراهيم واصطفى كنانة من بني إسماعيل واصطفى قريشا ً من بني كنانة واصطفى هاشما ً من قريش واصطفاني من هاشم)). بحار الأنوار ج16 ص323
        2ـ عن الصادق(ع) قال(( المراد بالأمة بنو هاشم خاصة ً وإنما خصّ بعضهم لأنّ الله تعالى أعلم إبراهيم أنّ في ذريته من لا ينال عهده لما يرتكبه من الظلم)). بحار الأنوار ج12 ص87
        3ـ عن الصادق(ع)(( قال قلتُ له أخبرني عن أمة محمدٍ من هم قال أمة محمدٍ بنو هاشم خاصة ً قلت فما الحجة في أمة محمدٍ أنهم أهل بيته الذين ذكرتَ دون غيرهم قال قول الله( وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل...*ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة ً مسلمة ً لك...) فلما أجاب الله إبراهيم وإسماعيل وجعل من ذريتهما أمة ً مسلمة ً وبعث فيها رسولا ً منها يعني من تلك الأمة يتلوا عليهم آياته ويزّكيهم ويعلـّمهم الكتاب والحكمة , ردف إبراهيم دعوته الأولى بدعوته الأخرى فسأل لهم تطهيرهم من الشرك ومن عبادة الأصنام ليصحّ أمره فيهم ولا يتـّبعوا غيرهم فقال( واجنبني وبنيّ أن نعبد الأصنام...) فهذه دلالة ٌ أنه لا تكون الأئمة والأمة المسلمة التي بُعِثَ فيها إلاّ من ذرية إبراهيم وإسماعيل(ع) من سكان الحرم ممن لم يعبد غير الله قط)). بحار الأنوار ج24 ص154
        4ـ عن الإمام علي(ع) قال((...قال الله عن إبراهيم وإسماعيل وهما يرفعان القواعد من البيت(ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة ً مسلمة ً لك...) فنحن الأمة المسلمة وقال(ربنا وابعث فيهم رسولا ً منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم...) فنحن أهل هذه الدعوة ورسول الله منا ونحن منه بعضنا من بعض ٍ وبعضنا أولى ببعض ٍ في الولاية والميراث(ذرية ٌ بعضها من بعض) وعلينا نزل الكتاب وفينا بُعث الرسول وعلينا تليت الآيات ونحن المنتحلون للكتاب والشهداء عليه والدعاة إليه والقوّام به...)). بحار الأنوار ج33 ص137
        5ـ عن الصادق(ع) في قوله تعالى((وجعلها كلمة ًباقية ًفي عقبه)) قال((يعني بذلك الإمامة جعلها الله في عقب الحسين(ع) إلى يوم القيامة)). بحار الأنوار ج25 ص260
        6ـ عن الباقر(ع) في قوله تعالى((...هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا...)) قال(( إيانا عنى ونحن المجتبون ولم يجعل الله تبارك وتعالى في الدين من حرج فالحرج أشدّ من الضيق(ملة أبيكم إبراهيم) إيانا عنى خاصة ً(سمّاكم المسلمين) الله سمّانا المسلمين من قبل في الكتب التي مضت وفي هذا القرآن...)). الكافي ج1 ص191
        7ـ عن السجاد(ع) في قوله تعالى(( وممن هدينا واجتبينا)) قال(( نحن عُنينا بها). بحار الأنوار ج24 ص147
        8ـ عن الباقر(ع) قال((كان علي بن الحسين يسجد في سورة مريم حين يقول(وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمان خرّوا سجَّدا ً وبُكِيّـا) ويقول نحن عنينا بذلك ونحن أهل الحبوة والصفوة)). بحار الأنوار ج24 ص148
        9ـ عن الباقر(ع) في قوله تعالى(( إنّ الله اصطفى آدم ونوحا ً وآل إبراهيم وآل عمران...)) قال (( نحن منهم ونحن بقية تلك العترة)). بحار الأنوار ج23 ص225
        10ـ عن الباقر(ع) في قوله تعالى(( أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب...)) قال ((فنحن الناس المحسودون على ما آتانا الله من الإمامة دون الخلق جميعا ً)). بحار الأنوار ج23 ص287
        11ـ عن الباقر(ع) لمّا نظر إلى الناس وهم يطوفون حول الكعبة قال(( هكذا كانوا يطوفون في الجاهلية إنما ُأمِروا أن يطوفوا بها ثم ينفروا إلينا فيُعلمونا ولايتهم ومودتهم ويعرضوا علينا نصرتهم ثم قرأ الآية(فاجعل أفئدة ًمن الناس تهوي إليهم) )). الكافي ج1 ص392
        12ـ عن الباقر(ع) في قوله تعالى(فاجعل أفئدة ًمن الناس تهوي إليهم) قال(( ما قال إليه يعني البيت ما قال إلا ّ إليهم أفترون أنّ الله فرض عليكم إتيان هذه الحجارة والتمسّح بها ولم يفرض عليكم إتياننا وسؤالنا وحبنا أهل البيت والله ما فرض عليكم غيره)). بحار الأنوار ج23 ص224
        13ـ عن الباقر(ع) في قوله تعالى((فاجعل أفئدة ًمن الناس تهوي إليهم)) قال((نحن بقية تلك العترة وقال كانت دعوة إبراهيم لنا خاصة)). بحار الأنوار ج12 ص89
        14ـ عن الباقر(ع) في قوله تعالى((فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكـّلنا بها قوما ً ليسوا بها بكافرين)) قال((فإنه مَن وُكـِّلَ بالفضل من أهل بيته والإخوان والذرية وهو قول الله إن يكفر به أمتك يقول فقد وكـّلتُ أهل بيتك بالإيمان الذي أرسلتك به لا يكفرون به أبدا ً وجعلتُ من أهل بيتك علماءً منك وولاة أمري بعدك وأهل استنباط علمي الذي ليس فيه كذبٌ ولا إثمٌ ولا زورٌ ولا بطرٌ ولا رياء)). بحار الأنوار ج23 ص357
        قال تعالى(( وكذلك جعلناكم أمة ًوسطا ً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ً....)). سورة البقرة آية 143
        إنّ هذه الآية تشير إلى أنّ الله سبحانه استجاب لدعاء إبراهيم وإسماعيل في قوله تعالى ((ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة ًمسلمة ً لك)) ويؤكد ذلك قوله تعالى((...هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيداً عليكم وتكونوا شهداء على الناس....)). وبالعودة إلى أصل البحث فإننا نجد أنّ الأمة هنا بمعنى الجماعة التي تتشابه في الصفات سواءً قلّت هذه الجماعة أو كثرت. كما إننا نجد أنّ معنى الوسط في اللغة هو ما يقع بين طرفين. فالأمة الوسط إذا ًوكما تنص الآية هي التي تقع بين الناس من جهة وبين الرسول من جهة أخرى وليس ما توهمه البعض من أنّ الأمة الوسط هي الأمة العادلة فهذا التوهم نابعٌ من الخلط بين معنى كلمة(الوسط)أي ما يقع بين طرفين وبين معنى كلمة (أوسط) أو(وسطى) أي أعدل قال رسول الله(ص)((خير الأمور أوسطها)) أي أعدلها وأقربها إلى العدل. فلو كان المراد من قوله تعالى((وكذلك جعلناكم أمة ًوسطاً)) هي الأمة العادلة لقال تعالى ((وكذلك جعلناكم أمة ًوسطى))ولكنّ الآية قالت((وكذلك جعلناكم أمة ًوسطاً)) أي أمة ً تقع بين طرفين وهما الرسول والناس . ثم بدأت الآية بعد ذلك بذكر العلة من جعْـل ِهذه الأمة وسطا ًوذلك في قوله تعالى((...لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ً...)) والمراد بالشهادة هنا هي الشهادة على أعمال الخلائق يوم القيامة بعد تحمّلها في الدنيا قال تعالى((ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا ً أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم...)) سورة هود آية 18. والأشهاد على أعمال الخلائق يوم القيامة متعددون كالمكان والجوارح والملائكة والإنسان. فأما المكان فكما في قوله تعالى(( إذا زلزلت الأرض زلزالها* وأخرجت الأرض أثقالها* وقال الإنسان مالها* يومئذٍ تحدّث أخبارها)) سورة الزلزلة آية 1>4 وأما شهادة الجوارح فكما في قوله تعلى(( اليوم نختم على أفواههم وتكلّمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون)) سورة يس آية 65 وأما شهادة الملائكة فكما في قوله تعالى (( وما يلفظ من قولٍ إلاّ لديه رقيبٌ عتيد)) سورة ق آية 18 وأما شهادة الإنسان وهو ما سنقف عليه في هذا البحث فكما في قوله تعالى(( ويوم نبعث من كل أمةٍ شهيدا ً ثم لا يُؤذن للذين كفروا ولا هم يستعتبون)) سورة النحل آية 84 وقوله تعالى((ويوم نبعث من كل أمةٍ بشهيدٍ وجئنا بك على هؤلاء شهيداً...)) سورة النساء آية 41 وقوله تعالى ((...ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء...)) سورة الزمر آية 69. إذا ً الأمة الوسط في قوله تعالى((وكذلك جعلناكم أمة وسطاً...)) هم شهداء الأعمال يوم القيامة قال تعالى (( لتكونوا شهداء على الناس...)) فهؤلاء الشهداء يشهدون على أهل زمانهم وأما قوله تعالى(( ويكون الرسول عليكم شهيــدا ً...)) أي أنّ النبي الأكرم محمد(ص) هو الشاهد على صدق شهادة هؤلاء الشهداء وهذا ما نجده في قوله تعالى((ونزعنا من كل أمةٍ شهيدا ً فقلنا هاتوا برهانكم...)) سورة القصص آية 75 فالآية هنا تشير إلى أنّ شهداء الأعمال يوم القيامة لكي ُتقبل شهادتهم لابدّ من أن يأتوا بدليل ٍ ُيثبت صدقها فيطلبون من خاتم الأنبياء والمرسلين محمد(ص) أن يشهد لهم بذلك. ومن هنا يتضح لنا لِمَ وُصِفَ شهداء الأعمال بالوسطية وهو كونهم شهداء على الناس ومشهودٌ لهم من الرسول. وهنا لابدّ لنا أن نقف على شرائط الشهادة يوم القيامة:
        فالشرط الأول هو تحمّل الشهادة في الدنيا وهذا ما نجده في قوله تعالى(( وما تعملون من عمل ٍ إلا ّ كنا عليكم شهودا ً...)) سورة يونس آية 61 أو كما في قوله تعالى (( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ثم ترَدّون إلى عالم الغيب والشهادة فينبّئكم

        تعليق


        • #5
          بما كنتم تعملون)) سورة التوبة آية 105 فهذه الآية تشير إلى أنّ أعمال العباد ُتعرَضُ على الله وعلى رسوله وعلى خاصة المؤمنين الذين بلغوا كمال الإيمان قال تعالى(( إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون)) سورة الحجرات آية 15 فهؤلاء المؤمنون ليس في إيمانهم شكٌ ولا ريبٌ ولا رياءٌ ولا سخطٌ ولا تقصيرٌ ولو في لحظةٍ من لحظات حياتهم وهم هنا آل محمدٍ(ص). كما أنّ المقصود من رؤية العمل في هذه الآية هو رؤية حقيقة العمل لا ظاهر العمل أي الوقوف على دوافعه فيما إذا كان خالصاً لله أم لا. وأما الشرط الثاني فهو العصمة في تحمّل الشهادة وفي أدائها فلكي ُتحقــِّق الشهادة الأثر المطلوب منها لابدّ أنْ لا يكون في تحمّل الشهادة اشتباهٌ أو جهلٌ أو نسيانٌ لأنّ ذلك سيؤدّي إلى أداء الشهادة الخاطئة فيؤدي ذلك إلى دخول أهل الجنة إلى النار أو العكس وبذلك ينتقض الغرض منها وما يؤكد وجوب العصمة في الشاهد على أعمال الخلائق قوله تعالى(( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحَسُنَ أولئك رفيقاً)) فالآية هنا تشير إلى أمرين فالأمر الأول هو أنّ النبيين والصديقين والشهداء والصالحين هم الذين أنعم الله عليهم فأما النبيون فهم أصحاب الوحي الذين عندهم نبأ الغيب وأما الصدّيقون فهم الذين لا يرون إلا ّ الحق ولا يقولون إلا ّ الحق ولا يفعلون إلا ّ الحق من غير إتباع ٍ لهوى النفس وأما الشهداء فهم شهداء الأعمال وهو موضع بحثنا هنا وأما الصالحون فهم اللائقون بالرحمة الإلهية والمستحقون لها قال تعالى(( وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين)) سورة النمل آية 19 والمراد بالرحمة هنا هي الرحمة الخاصة التي تكون لبعض ٍ دون بعض ٍ قال تعالى(( يختصّ برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم)) سورة آل عمران آية 74 وليست الرحمة العامة التي أشار إليها قوله تعالى(( ورحمتي وسعت كل شيء)) سورة الأعراف آية 156 والأمر الثاني هو أنّ عامة المؤمنين ليسوا من الذين أنعم الله عليهم ولكنهم معهم أي أتباع ٌورفقاءٌ وهذا ما يشير إليه قوله تعالى(( وحسن أولئك رفيقا)). كما أنّ قوله تعالى(( اهدنا الصراط المستقيم* صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين)) سورة الفاتحة آية 6>7 يشير إلى أنّ النبيين والصديقين والشهداء والصالحين هم أصحاب الصراط المستقيم الذين هم خارج دائرة الغضب الإلهي الذي يكون ناتجا ًعن المعصية عن عمدٍ كما أنهم خارج دائرة الضلال الذي يكون ناتجا ًعن المعصية عن جهل ٍأو نسيان ٍ أو اشتباهٍ وهذا لا يكون إلاّ للمعصومين من الناس. وقد يقول قائلٌ بأنّ قوله تعالى (( والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصّديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم...)) سورة الحديد آية 19 تشير إلى أنّ جميع المؤمنين بالله ورسله هم من الصديقين و الشهداء فنقول بأنّ قوله تعالى((عند ربهم لهم أجرهم ونورهم)) يشير إلى أنّ هؤلاء المؤمنين بالله ورسله سيعطيهم الله أجرا ً كأجر الصديقين والشهداء ونورا ً كنورهم دون أنْ يكونوا منهم أي أنّ الله سبحانه سيـُـلحقهم بالصديقين و بالشهداء يوم القيامة من ناحية الأجر فقط لا غير وذلك نظير قوله تعالى (( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ٍ ألحقنا بهم ذريتهم)) سورة الطور آية 21 وكما تشير الكثير من الروايات بأنّ الإنسان يحشر يوم القيامة مع من أحب. إذا ً ومما سبق يتضح لنا أنّ الأمة الوسط الذين هم شهداء الأعمال بعد رسول الله(ص) هم آل محمد(ص). وهذا ما تؤكده الروايات الشريفة:
          1ـ عن الباقر(ع) في قوله تعالى((وكذلك جعلناكم أمة وسطاً...)) قال(( نحن الأمة الوسط ونحن شهداء الله تبارك وتعالى على خلقه وحججه في أرضه)). الكافي ج1 ص191
          2ـ عن الصادق(ع) في قوله تعالى(( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً...)) قال(( هم الأئمة)). بحار الأنوار ج23 ص343 3ـ عن الصادق(ع) في قوله تعالى(( وكذلك جعلناكم أمة ًوسطاً...)) قال(( فإن ظننت أنّ الله عنى بهذه الآية جميع أهل القبلة من الموحدين أفترى أنّ من لا تجوز شهادته في الدنيا على صاع ٍ من تمر يطلب الله شهادته يوم القيامة ويقبلها منه بحضرة جميع الأمم الماضية كلا لم يعن ِ الله مثل هذا من خلقه يعني الأمة التي وجبت لها دعوة إبراهيم)). بحار الأنوار ج23 ص350
          4ـ عن الباقر(ع) في قوله تعالى(( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً...)) قال(( ولا يكون شهداء على الناس إلا الأئمة والرسل فأما الأمة فإنه غير جائز ٍ أن يستشهدها الله تعالى على الناس وفيهم من لا تجوز شهادته في الدنيا على حزمة بقل)). بحار الأنوار ج23 ص351
          5ـ عن الصادق(ع) في قوله تعالى(( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون...)) قال(( هم الأئمة)). الكافي ج1 ص 219
          6ـ عن النبي(ص) لما سُئِلَ عن المؤمنين في قوله تعالى((وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون...)) قال((عامة ٌوخاصّة ٌ أما الذين قال الله عزّ وجلّ(والمؤمنون) فهم آل محمدٍ الأئمة منهم)) مستدرك الوسائل ج12 ص 163
          7ـ عن الباقر(ع) لما سُئِـلَ عن قدر الإمام قال(( يبعث الله له عمودا ً من نور من تحت بطنان العرش إلى الأرض يرى فيه أعمال الخلائق كلها)). بحار الأنوار ج26 ص135
          8ـ عن الباقر(ع) قال(( يا جابر إنّ في الأنبياء والأوصياء خمسة أرواح ٍ روح القدُس وروح الإيمان وروح الحياة وروح القوة وروح الشهوة فبروح القدُس يا جابر عرفوا ما تحت العرش إلى ما تحت الثرى)). الكافي ج1 ص272
          9ـ عن الصادق(ع) قال(( يا مفضّـل إنّ الله تبارك وتعالى جعل في النبي خمسة أرواح ٍ روح الحياة فبه دبّ ودرج وروح القوة به نهض وجاهد وروح الشهوة فبه أكل وشرب وأتى النساء من الحلال وروح القدُس فبه حمل النبوة فإذا ُقبضَ النبي انتقل روح القدُس فصار إلى الإمام وروح القدُس لا ينام ولا يغفل ولا يلهو ولا يزهو...)). الكافي ج1 ص272
          10ـ عن الباقر(ع) قال(( أعينونا بالورع فإنه من لقي الله عزّ وجلّ منكم بالورع كان له عند الله فرجا ً إنّ الله عزّ وجلّ يقول( من يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ً) فمنا النبي ومنا الصدّيق والشهداء والصالحون)). الكافي ج2 ص78
          11ـ عن علي(ع) قال(( أنا عبد الله وأخو رسوله وأنا الصدّيق الأكبر لا يقولها بعدي إلا ّ كذابٌ مفتر ٍ)). بحار الأنوار ج37 ص2
          12ـ عن علي(ع) قال(( دعاني رسول الله(ص) فقال ألا أبشــّرك قلت بلى يا رسول الله وما زلتَ مبشــِّرا ً بالخير قال لقد أنزل الله فيك قرآنا ً قال قلت وما هو يا رسول الله قال ُقرنت َبجبرائيل قال تعالى(فإنّ الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير) فأنت والمؤمنون من بنيك الصالحون)). بحار الأنوار ج36 ص29
          قال تعالى(( ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا ً فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا ً قالوا نعم فأذن مؤذن ٌ بينهم أن لعنة الله على الظالمين* الذين يصدّون عن سبيل الله ويبغونها عوجا ًوهم بالآخرة كافرون* وبينهما حجابٌ وعلى الأعراف رجالٌ يعرفون كلا ً بسيماهم ونادوا أصحاب الجنة أن سلامٌ عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون* وإذا صُرفتْ أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين* ونادى أصحاب الأعراف رجالا ً يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون* أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمةٍ ادخلوا الجنة لا خوف ٌ عليكم ولا أنتم تحزنون)). سورة الأعراف آية 44> 49
          الحجاب هو الستار بين شيئين أما الأعراف فهي جمع عُرْفٌ وهو أعلى كل شيء وُسمّيَ بذلك لأنه يكون ظاهرا ً فيُعرف كما أنّ السيماء هي العلامة. فهذه الآيات تشير إلى أنّ المراد بالأعراف هي أعالي الحجاب المشرفة على الفريقين أهل الجنة وأهل النار. كما وتشير الآيات إلى أنّ على أعالي ذلك الحجاب رجالا ً يعرفون كلا ً من الطائفتين أصحاب الجنة وأصحاب النار بعلاماتهم والمراد بالعلامات هنا العلامات الخاصة التي لا يطـّلع عليها سواهم وليست العلامات العامة التي يطـّلع عليها جميع أهل المحشر إذ لو كانت العلامات التي يطـّلـع عليها رجال الأعراف من العلامات العامة فلا معنى حينئذٍ لاختصاصهم بها في الآية دون غيرهم ويؤكد ذلك قوله تعالى(( ونادى أصحاب الأعراف رجالا ً يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون)) حيث تشير الآية إلى معرفة أصحاب الأعراف بما قام به جماعة ٌمن الناس من أعمال ٍ في الحياة الدنيا. ومن هنا يتضح لنا أنّ رجال الأعراف هم شهداء الأعمال يوم القيامة حيث يُجلسُهم الله على الأعراف الذي هو أعالي الحجاب المشرفة على أهل المحشر فيشهدون على أهل الإيمان بإيمانهم وعلى أهل الكفر بكفرهم . وعندما نستعرض مجمل الآيات فإننا نجد أنها ُتصِّور لنا كيف أنّ رجال الأعراف يخاطبون ويسلـّمون على أصحاب الجنة الذين لم يدخلوها بعدُ رغم أنهم يطمعون في ذلك خاصّة ً لمّا يروا الموقف

          تعليق


          • #6
            الذي يكون عليه أصحاب النار وما ينتظرهم من العذاب. ثم ُتصِّور لنا الآيات بعد ذلك كيف يقوم رجال الأعراف بمخاطبة أصحاب النار منكرين عليهم ما قاموا به من أعمال ٍ مخزيةٍ في الدنيا ومن استهزاءٍ بأصحاب الجنة وكيف كانوا ينكرون عليهم أن تنالهم الرحمة الإلهية. ثم تذكر الآيات لنا حقيقة ً أخرى وهي أنّ رجال الأعراف ليس لهم فقط أن يشهدوا على أعمال الخلائق يوم القيامة بل إنّ لهم أن يأمروا ويقضوا أيضا ً فيأمرون بإدخال أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار وهذا ما نجده في قوله تعالى((ادخلوا الجنة)) حيث تشير هذه الآية إلى ما صدر من رجال الأعراف من أمر ٍ بإدخال أصحاب الجنة إلى الجنة. وهذا ما تؤكده الروايات الشريفة:
            1ـ عن علي(ع) في قوله تعالى(( وعلى الأعراف رجالٌ يعرفون كلا ً بسيماهم...)) قال(( نحن الأعراف نعرف أنصارنا بسيماهم ونحن الأعراف الذي لا يُعرف الله عزّ وجلّ إلا ّ بسبيل معرفتنا ونحن الأعراف يُعرّفنا الله عزّ وجلّ يوم القيامة على الصراط فلا يدخل الجنة إلا ّمن عرفنا وعرفناه ولا يدخل النار إلاّ من أنكرنا وأنكرناه...)). الكافي ج1 ص184
            2ـ عن الباقر(ع) في قوله تعالى(( وعلى الأعراف رجالٌ يعرفون كلا ً بسيماهم...)) قال(( ألستم تعرّفون عليكم عرفاء وعلى قبائلكم ليُعرَفَ مَن فيها من صالح ٍ أو طالح ٍ قلتُ بلى قال فنحن أولئك الرجال الذين يعرفون كلا ً بسيماهم)). بحار الأنوار ج8 ص336
            3ـ عن الباقر(ع) في قوله تعالى(( وعلى الأعراف رجالٌ يعرفون كلا ً بسيماهم...)) قال (( هم آل محمد(ص) لا يدخل الجنة إلا ّمن عرفهم وعرفوه ولا يدخل النار إلا ّمن أنكرهم وأنكروه)). بحار الأنوار ج24 ص250
            4ـ عن الصادق(ع) في قوله تعالى(( وعلى الأعراف رجالٌ يعرفون كلا ً بسيماهم...)) قال(( هم الأئمة)). بحار الأنوار ج24 ص250
            5ـ عن علي(ع) قال(( أنا قسيم الجنة والنار)). بحار الأنوار ج7 ص337
            6ـ عن علي(ع) قال(( أنا قسيم الله بين الجنة والنار)). الكافي ج1 ص196
            7ـ عن الرضا(ع) في قوله تعالى(( فأذن مؤذنٌ بينهم أن لعنة الله على الظالمين)) قال (( المؤذن أمير المؤمنين)). الكافي ج1 ص426
            8ـ عن علي(ع) قال(( وأنا المؤذن في الدنيا والآخرة قال الله عزّ وجلّ( فأذن مؤذنٌ بينهم أن لعنة الله على الظالمين) أنا ذلك المؤذن وقال( وأذانٌ من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أنّ الله َبريءٌ من المشركين ورسولــَه) أنا ذلك الأذان)). بشارة المصطفى ص13
            قال تعالى((وكنتم أزواجا ً ثلاثة* فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة* وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة* والسابقون السابقون* أولئك المقربون* في جنات النعيم* ثلة ٌمن الأولين* وقليلٌ من الآخرين)). سورة الواقعة آية 7>14
            لقد صنّفت هذه الآيات القرآنية الناس إلى ثلاثة أصناف ٍ فالصنف الأول هم أصحاب اليمين الذين هم عامة المؤمنين الذين خلطوا عملا ً صالحا ً وآخر سيئا ً والصنف الثاني فهم أصحاب الشمال الذين هم المعاندون والكافرون الذين حُبطتْ جميع أعمالهم وأما الصنف الثالث والذي هو مورد بحثنا فهم السابقون المقربون أي السابقين إلى طاعة الله وإلى مرضاته الذين تخلــّقوا بأخلاقه واتصّـفوا بصفاته فأصبحوا من المقربين إليه لأنّ الإنسان كلـّما تكاملَ كلـّما اقتربَ من الكمال المطلق الذي هو الله سبحانه إلا أنّ كلمة المقربين هي صيغة مفعول ٍ وليست صيغة فاعل ٍ في إشارة ٍ واضحةٍ إلى أنّ الله اجتباهم واصطفاهم واختارهم لنفسه فقرّبهم منه لِمَا عَلِمَه منهم من الإخلاص قال تعالى(( ولقد اخترناهم على علم ٍ على العالمين)) سورة الدخان آية 32. إذا ً المقربون هم المعصومون من خاصّة عباد الله ولذلك نجد أنّ القرآن الكريم يصف الأنبياء بهذا الوصف قال تعالى (( إذ قالت الملائكة يا مريم إنّ الله يبشرك بكلمةٍ منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها ً في الدنيا والآخرة ومن المقرّبين)) سورة آل عمران آية 45. وبالعودة إلى الآيات القرآنية في قوله تعالى(( والسابقون السابقون* أولئك المقربون* في جنات النعيم* ثلة ٌ من الأولين * وقليلٌ من الآخرين)) فإننا نجد أنها صنّفت المقربين من جهة الفترة الزمنية إلى صنفين فالصنف الأول هم المقربون من الأمم السابقة وأما الصنف الثاني فهم المقربون من الأمة الخاتمة المتمثلين بمحمد وآل محمد(ص). وهذا ما تؤكده الروايات الشريفة:
            1ـ عن النبي(ص) في قوله تعالى(( والسابقون السابقون* أولئك المقربون)) قال(( أنزلها الله في الأنبياء وأوصياءهم)). بحار الأنوار ج31 ص410
            2ـ عن الباقر(ع) في قوله تعالى(( والسابقون السابقون* أولئك المقربون)) قال(( نحن السابقون ونحن الآخرون)). بحار الأنوار ج24 ص4
            3ـ عن الصادق(ع) قال(( يا جابر إنّ الله تبارك وتعالى خلق الخلق ثلاثة أصناف ٍوهو قول الله عزّ وجلّ(وكنتم أزواجا ً ثلاثة* فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة* وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة* والسابقون السابقون* أولئك المقرّبون) فالسابقون هو رسول الله وخاصة الله من خلقه....)). الكافي ج1 ص271
            4ـ عن علي(ع) في قوله تعالى(( والسابقون السابقون*أولئك المقربون)) قال(( فيّ نزلت)). بحار الأنوار ج35 ص335
            5ـ عن النبي(ص) قال((إنّ الله عزّ وجلّ قسّم الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسما ً وذلك قوله عزّ وجلّ في ذكر أصحاب اليمين وأصحاب الشمال وأنا من أصحاب اليمين وأنا خير أصحاب اليمين ثم جعل القسمين أثلاثا ً فجعلني في خيرهما ثلثا ً وذلك قوله عزّ وجلّ(فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة*وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة* والسابقون السابقون*أولئك المقربون) وأنا من السابقين وأنا خير السابقين ثم جعل الأثلاث قبائل فجعلني في خيرها قبيلة ًوذلك قوله عزّ وجلّ(وجعلناكم شعوبا ً وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم) فأنا أتقى ولد آدم وأكرمهم على الله جلّ ثناءه ولا فخر ثم جعل القبائل بيوتا ً فجعلني في خيرها بيتا ً وذلك قوله تعالى(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيرا ً) )). بحار الأنوار ج16 ص315
            قال تعالى(( والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدّقا ً لما بين يديه إنّ الله بعباده لخبير ٌ بصير* ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم ٌ لنفسه ومنهم مقتصدٌ ومنهم سابق ٌ بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفوز الكبير* جنات عدن ٍ يدخلونها يُحلــّـون فيها من أساور من ذهب ٍ ولؤلؤا ً ولباسهم فيها حرير)). ســـورة فــاطر آية31 > 33
            فإيراث العلم تركه عند الغير ليقوم بأمره بعده. كما أنّ الكتاب هنا جاء بمعنى المعارف القرآنية. أما الإصطفاء فهو مأخوذ ٌ من صفوة الشيء أي خلوّه من الشوائب فالمصطفون هم المطهرون من أي معصيةٍ أو ذنب ٍ أو مخالفةٍ لله سبحانه. ولكنّ الآية القرآنية بعد أن ذكرتْ أنّ هناك مصطفون بعد رسول الله , استدركتْ لتوضّح بأنّ الإصطفاء هنا جاء من باب التعبير عن الجزء بالكل أي أنها عبّرتْ عن الذرية التي ينحدر منها المصطفون بأنها ذرية ٌ مصطفاة ٌ بالرغم من وجود الظالمين لأنفسهم والمقتصدين فيها وهذا الأسلوب شائعٌ في القرآن الكريم كما في قوله تعالى(( يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضّلتكم على العالمين)) سورة البقرة آية 47 وقد أشار القرآن إلى نوع هذا التفضيل في قوله تعالى(( وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا ً وآتاكم ما لم يُؤتِ أحدا ً من العالمين)) سورة المائدة آية 20 فالتفضيل هنا للأنبياء من بني إسرائيل على غيرهم من العالمين لا أنّ كلّ فردٍ من بني إسرائيل مفضّلٌ على غيره من العالمين كما أنّ بني إسرائيل لم يكونوا جميعا ً ملوكا ً وإنما البعض منهم فالآيات هنا وكما قلنا قد عبّرتْ عن الجزء بالكل. كما أنّ هذه الأصناف الثلاثة هي نفسها التي وردتْ في قوله تعالى(( وكنتم أزواجا ً ثلاثة* فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة* وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة * والسابقون السابقون* أولئك المقربون)). ومن هذا البيان تبطل شبهة أنّ قوله تعالى(( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا...)) نازلة ٌ في الأمة الإسلامية جميعا ً إذ كيف يكون ذلك والآية تتحدّث عن وجود صنف الظالمين لأنفسهم وهم أصحاب المشئمة الذين يكون مصيرهم النار بينما الآية القرآنية التي بعدها تتحدّث بأنّ هؤلاء المصطفين الذين أورثوا الكتاب جميعهم في الجنة وذلك في قوله تعالى(( جنات عدن ٍ يدخلونها يُحلـــّون فيها من أساور من ذهب ٍ ولؤلؤا ً ولباسهم فيها حرير)) هذا بالإضافة إلى أنّ معنى الإصطفاء لا

            تعليق


            • #7
              ينسجم مع صنف الظالمين لأنفسهم وصنف المقتصدين الذين خلطوا عملا ً صالحا ً وآخر سيّئا ً. إذا ًومما سبق يتحصّل لدينا أنّ المصطفين الذين أورثوا الكتاب بعد رسول الله(ص) هم السابقون بالخيرات بإذن الله دون غيرهم والمتمثلين بآل محمد(ص). وهذا ما تؤكده الروايات الشريفة:
              1ـ عن الرضا(ع) في قوله تعالى(( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا...)) قال(( ولد فاطمة(ع) والسابق بالخيرات الإمام والمقتصد العارف بالإمام والظالم لنفسه الذي لا يعرف الإمام)). الكافي ج1 ص215
              2ـ عن الباقر(ع) في قوله تعالى(( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا...)) قال (( هي لنا خاصة ً...)). وسائل الشيعة ج27 ص200
              3ـ عن الرضا(ع) في قوله تعالى(( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا...)) قال (( إنه لو أراد الأمة لكانت بأجمعها في الجنة)) إلى أن قال(( فصارت وراثة الكتاب للعترة الطاهرة لا لغيرهم)). وسائل الشيعة ج27 ص72
              4ـ عن الباقر(ع) في قوله تعالى(( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا...)) قال (( السابق بالخيرات الإمام فهي في ولد علي وفاطمة(ع))). مستدرك الوسائل ج17 ص332
              5ـ عن الصادق(ع) في قوله تعالى(( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا...)) قال (( هم آل محمد والسابق بالخيرات هو الإمام)). بحار الأنوار ج23 ص217
              قال تعالى(( ويقول الذين كفروا لست مرسلا ً قل كفى بالله شهيدا ً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب)). سورة الرعد آية 43
              إننا هنا نجد أنّ الله بجلاله وعظمته يشهد على صدق دعوى محمدٍ(ص) على أنه رسولٌ من عنده في القرآن الكريم الذي هو أكبر آيةٍ عجز الآخرون عن الإتيان بمثلها وذلك تعظيما ً للقرآن وردّا ً على من استهان به ولم يعتبره معجزة ًحيث كان الكفـّار يطلبون من رسول الله(ص) آية ًومعجزة ًغيره كما تشير إليه الآيات السابقة في السورة كما في قوله تعالى(( لولا أنزل عليه آية ٌ من ربه)) سورة الرعد آية 27. كما أنّ الآية تشير إلى أنّ هناك مَن يشهدون على صدق دعوى محمدٍ(ص) بالرسالة لأنهم وقفوا على جميع المعارف القرآنية والتي تؤكد على إعجازية القرآن وأنّ من أتى به لابدّ أن يكون مرسلا ً من عند الله وهؤلاء هم آل محمدٍ(ص) . كما أنّ قوله تعالى (( ويقول الذين كفروا لست مرسلا ً قل كفى بالله شهيدا ً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب)) والذي جاء في ختام السورة جاء منسجما ً مع مطلع السورة وذلك في قوله تعالى(( تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق ولكنّ أكثر الناس لا يؤمنون)) سورة الرعد آية 1 وجاء منسجما ً أيضا ً مع منتصف السورة وذلك في قوله تعالى(( أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولوا الألباب)) سورة الرعد آية 19 وهذه الآيات جميعا ً تتمحور حول محور ٍ واحدٍ وهو تكذيب الكفار بأنّ محمدا ًرسول الله وأنّ القرآن الذي جاء به منزلٌ من عند الله وهذا يؤكد أنّ آيات السورة جميعا ً مكية ً وأنها نزلت في فترة ٍ واحدةٍ وبذلك يتضح بطلان ادّعاء البعض من أنّ الآية الأخيرة من السورة مدنية ً على خلاف بقية آيات السورة. وبالتالي يتضح بطلان الادّعاء من أنها نزلت في عبد الله بن سلام اليهودي لمّا أسلم في الفترة المدنية من الدعوة عندما وجد أنّ التوراة أشارت إلى نبوة محمد(ص) ويؤكد ذلك ما اتضح مما سبق من أنّ المراد من الكتاب في قوله تعالى(( ومن عنده علم الكتاب)) هو القرآن الكريم وليس التوراة فلا معنى إذا ً أن يُزعَم أنّ الآية أشارت إلى عبد الله بن سلام اليهودي العالم بنصوص التوراة وإنما كانت تشير إلى علي(ع) والأوصياء من بعده المحيطين بعلوم القرآن. وهذا ما تؤكده الروايات الشريفة:
              1ـ عن الباقر(ع) في قوله تعالى(( قل كفى بالله شهيدا ً....)) قال(( إيانا عنى وعليٌ أولنا وأفضلنا بعد النبي(ص))). الكافي ج1 ص229
              2ـ عن النبي(ص) في قوله تعالى(( قل كفى بالله شهيدا ً...)) قال(( ذاك أخي علي بن أبي طالب)). وسائل الشيعة ج27 ص188
              3ـ عن الصادق(ع) في قوله تعالى(( قل كفى بالله شهيدا ً...)) قال(( الذي عنده علم الكتاب هو أمير المؤمنين(ع))). بحار الأنوار ج26 ص160
              4ـ عن الباقر(ع) في قوله تعالى(( قل كفى بالله شهيدا ً.....)) قال(( نزلت في علي(ع) إنه عالم هذه الأمة بعد رسول الله(ص))). بحار الأنوار ج35 ص432
              قال تعالى(( أفمن كان على بينةٍ من ربه ويتلوه شاهدٌ منه ومن قبله كتاب موسى إماما ً ورحمة ً أولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده فلا تكُ في مريةٍ منه إنه الحق من ربك ولكنّ أكثر الناس لا يؤمنون)). سورة هود آية 17
              الإستفهام هنا استنكاري وذلك ردا ً على من أنكر أنّ القرآن الكريم هو كتابٌ منزلٌ من عند الله كما تشير الآيات القرآنية السابقة في السورة إلى ذلك في قوله تعالى( أم يقولون افتراه) سورة هود آية 13. و(مَن) مبتدأ خبره محذوفٌ تقديره( كغيره) أي أفمن كان على بينةٍ من ربه كغيره ممن لم يكن على بينةٍ من ربه. والبيّنة هنا جاءت بمعنى البصيرة الإلهية الخاصة التي يُؤتيها الله لخاصّةِ عباده وليست هي القرآن كما قد يتصوّر البعض وما يؤكد ذلك قوله تعالى(( أولئك يؤمنون به)) في إشارة ٍ واضحةٍ إلى أنّ الذين أوتوا البصيرة الإلهية الخاصة يؤمنون بأنّ القرآن منزلٌ من عند الله ِحيث أنّ هذه البصيرة ُتمكـّنهم من الوقوف على جميع معارفه وحقائقه التي لا يمكن أن تصدر من بشر ٍ على خلاف أولئك الذين ليست لهم تلك البصيرة فهم لم يؤمنوا به لأنهم لم يقفوا على حقائقه العميقة. كما أنّ قوله تعالى(( ويتلوه شاهدٌ منه)) أي يأتي بعده شاهدٌ منه يشير إلى أنّ هناك من هو من نفس رسول الله وقريبا ًمنه قد أوتيَ تلك البصيرة الإلهية أيضا ًويؤكد ذلك قوله تعالى(( فلا تكُ في مرية ٍمنه)) في إشارة ٍإلى دفع الإستيحاش عن رسول الله بجعل شاهدٍ معه لأنّ الإنسان إذا أذعن بأمر ٍ وتفرّد به ربما أوحشه هذا التفرّد إذا لم يؤيده أحدٌ في ذلك أما إذا قال به أحدٌ غيره فإنّ هذه الوحشة ستزول ويتمثل هذا الشاهد في علي(ع) والأوصياء من بعده. كما أنّ قوله تعالى(( ومن قبله كتاب موسى إماما ً ورحمة)) تأكيدٌ منه سبحانه على صدق دعوى رسول الله(ص) بأنّ القرآن كتابٌ منزلٌ من عند الله وأن لا مبرّر لاستهجانه وإنكاره فما جاء فيه من المعارف الإلهية ليس بدعا ً من الأمر بل سبقه إلى ذلك كتاب موسى الذي هو التوراة فقد كان يحتوي على الكثير من هذه المعارف. وهذا ما تؤكده الروايات الشريفة:
              1ـ عن الباقر(ع) في قوله تعالى(( أفمن كان على بينةٍ من ربه ويتلوه شاهدٌ منه)) قال (( الذي على بينةٍ من ربه رسول الله الذي تلاه من بعده أمير المؤمنين ثم أوصياؤه واحدٌ بعد واحدٌ)). بحار الأنوار ج35 ص388
              2ـ عن الرضا(ع) في قوله تعالى(( أفمن كان على بينةٍ من ربه ويتلوه شاهدٌ منه)) قال (( أمير المؤمنين هو الشاهد من رسول الله ورسول الله على بينةٍ من ربه)). الكافي ج1 ص190
              3ـ عن علي(ع) في قوله تعالى(( أفمن كان على بينةٍ من ربه ويتلوه شاهدٌ منه)) قال (( فرسول الله على بينةٍ من ربه وأنا الشاهد له ومنه)). بحار الأنوار ج35 ص388
              4ـ عن الحسن(ع) في قوله تعالى(( أفمن كان على بينةٍ من ربه ويتلوه شاهدٌ منه)) قال (( فرسول الله الذي على بينةٍ من ربه وأبي الذي يتلوه وهو شاهدٌ منه)). بحار النوار ج69 ص152
              قال تعالى(( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكماتٌ هنّ أمّ الكتاب وُأخَرُ متشابهاتٌ فأما الذين في قلوبهم زيغٌ فيتـّبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا ّ الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كلٌ من عند ربنا وما يذكـّر إلا ّ أولوا الألباب)). سورة آل عمران آية 7
              تشير هذه الآية إلى حقيقةٍ قرآنيةٍ هامةٍ وهي أنّ الآيات القرآنية تنقسم إلى قسمين آياتٌ محكماتٌ وآياتٌ متشابهاتٌ فالمحكمات من الآيات هي التي لا تحتمل إلا ّ معنىً واحدا ً وأما المتشابهات منها فهي التي تحتمل أكثر من معنى. كما أنّ الآية تشير إلى أنّ مَنْ يكتفي بالمتشابهات من الآيات دون ردّها إلى المحكمات فقد انحرف عن المعنى الحقيقي المراد منها فضلّ وأضلّ وفي مقابل هؤلاء يقف الراسخون في العلم الذين لهم علمٌ بالله وبآياته لا يشوبه شكٌ ولا ريبٌ فما حصل لهم من العلم بالمحكمات ثابتٌ لا يتزلزل فهم

              تعليق


              • #8
                يؤمنون بها ويعملون بها وإذا ما ورَدَتْ عليهم آية ٌ متشابهة ٌ لم يُوجبْ تشابهها اضطراب قلوبهم فيما عندهم من العلم الراسخ بل إنهم يؤمنون بها ولا يردّونها لأنها من عند الله وإنما يتـّبعون من معانيها ما يوافق معنى المحكم وهؤلاء هم محمدٌ وآل محمدٍ(ص) وهذا ما تؤكده الروايات الشريفة:
                1ـ عن الصادق(ع) في قوله تعالى(( والراسخون في العلم يقولون آمنا به كلٌ من عند ربنا...)) قال(( الراسخون في العلم هم آل محمد)). تفسير العياشي ج1 ص162
                2ـ عن الصادق(ع) في قوله تعالى(( والراسخون في العلم يقولون آمنا به كلٌ من عند ربنا...)) قال(( نحن الراسخون في العلم)). بحار الأنوار ج23 ص198
                3ـ عن علي(ع) قال(( أين الذين زعموا أنهم الراسخون في العلم دوننا كذبا ً وبغيا ًعلينا وحسدا ً لنا أن رفعنا الله سبحانه ووضعهم وأعطانا وحرمهم وأدخلنا وأخرجهم بنا يُستعطى الهدى ويُستجلى العمى لا بهم )). بحار الأنوار ج23 ص205
                قال تعالى(( وإنه لقرآنٌ كريم* في كتابٍ مكنون* لا يمسّه إلا ّ المطهّرون)). سورة الواقعة آية 77 > 79
                إنّ هذه الآيات تشير إلى مرتبةٍ من مراتب القرآن الكريم وهي مرتبته في الكتاب المكنون حيث أنّ للقرآن الكريم مرتبتين على الأقل وهذا ما نجده في قوله تعالى((إنا جعلناه قرآنا ً عربيا ً لعلـكم تعقلون* وإنه في أم الكتاب لدينا لعليٌ حكيم)) سورة الزخرف آية 3>4. فالمرتبة الأولى هي مرتبة التنزيل وهي مرتبطة ٌ بعالم الألفاظ والمفاهيم والتي أشير إليها في قوله تعالى(( إنا جعلناه قرآنا ًعربيا ً لعلكم تعقلون)) أي جعلنا القرآن عبارة ًعن ألفاظٍ ومفاهيم لتتمكنوا من الوقوف عليها من خلال التعقــّـل. وأما المرتبة الثانية فهي مرتبة التأويل ِوالتأويلُ مأخوذ ٌمما يؤول إليه الشيء أي ما ينتهي إليه بتحقــّـُـقِـه على أرض الواقع قال تعالى((ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا ً وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا ً تأكل الطير منه نبّئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين)) إلى قوله تعالى ((يا صاحبَي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا ً وأما الآخر فيُصلب فتأكل الطير من رأسه ُقضيَ الأمر الذي فيه تستفتيان)) سورة يوسف آية 36>41. إذا ً مرتبة التأويل مرتبطة ٌ بالحقيقة الخارجية لتلك الألفاظ والمفاهيم والتي أشير إليها في قوله تعالى(( وإنه في أم الكتاب لدينا لعليٌ حكيم)) أي أنّ مرتبة القرآن الكريم في أم الكتاب عالية ٌعن أن تدركها الأفهام والعقول. وهذه المرتبة هي نفسها مرتبة القرآن الكريم في الكتاب المكنون والتي أشير إليها في قوله تعالى(( وإنه لقرآنٌ كريم* في كتابٍ مكنون)). كما أنه لا سبيل للوقوف على هذه المرتبة من القرآن إلا ّ بالطهارة وهذا ما نجده في قوله تعالى(( لا يمسّه إلا ّ المطهّرون)) والمسّ في اللغة هو الوصول إلى العمق فالمراد بالآية أنه لا يقف على الحقيقة الخارجية لتلك المفاهيم القرآنية إلا ّ المطهرون فهؤلاء مَعرفتـُهم بحقائق القرآن معرفة ُحضور ٍوشهودٍ لا معرفة ألفاظٍ ومفاهيمَ فقط. وهنا لابدّ لنا من الوقوف على معنى الطهارة في الآية حيث أنّ الطهارة على نوعين طهارة ٌمادية ٌ وهي طهارة الجسد من الخبث أو الحدث وطهارة ٌ معنوية ٌ وهي طهارة القلب من التعلّق بغير الله بحجبه عن المعاصي والذنوب وهذا النوع من الطهارة هو ما سنقف عليه في بحثنا. إذا ً فالمطهرون هم الذين لم تتعلّق قلوبهم إلاّ بالله وحده بحجبها عن المعاصي والذنوب إلاّ أنّ كلمة المطهَّرين جاءت هنا بصيغة اسم مفعول ٍ في إشارة ٍ إلى أنّ الله استخلصهم واصطفاهم لنفسه وهؤلاء هم محمدٌ وآل محمدٍ(ص) وهذا ما تؤكده الروايات الشريفة:
                1ـ عن علي(ع) في قوله تعالى( لا يمسه إلا المطهرون) قال((...يعني لا يناله إلا ّ المطهرون إيّـانا عنى نحن الذين أذهب الله عنا الرجس وطهّرنا تطهيرا ً...)). كتاب سليم بن قيس ص847
                2ـ عن الصادق(ع) قال((الله أجلّ وأكرم وأرأف بعباده وأرحم من أن يفرض طاعة عبدٍ ثم يكتمه خبر السماء صباحا ً ومساءً قال ثم طلع أبو الحسن موسى(ع)....فقال(ع) هذا صاحبُ كتابِ علي ٍالكتابِ المكنون الذي قال الله عزّ وجلّ(لا يمسّه إلا ّ المطهرون) )). بحار الأنوار ج48 ص22
                قال تعالى(( وقرن في بيوتكنّ ولا تبرّجن تبرّج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيرا ً)). سورة الأحزاب آية 33
                (إنّما) أداة توكيد تفيد الحصر. والرجس هو القذارة وهي عبارة عن هيئةٍ في الشيء توجب التجنّب والنفور منها. وقد أطلق القرآن الكريم كلمة( الرجس) على القذارة المادية والقذارة المعنوية. فأما الرجس بمعنى القذارة المادية فكما في الميتة والدم ولحم الخنزير وذلك في قوله تعالى(( إلا أن يكون ميتة ً أو دما ً مسفوحا ً أو لحم خنزير ٍ فإنه رجسٌ)) سورة الأنعام آية 145. وأما الرجس بمعنى القذارة المعنوية فكما في الإعتقاد الباطل والعمل السيّئ وذلك في قوله تعالى(( ومن يرد الله أن يضله يجعل صدره ضيّقا ًحرجا ً كأنما يصّعد إلى السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذي لا يؤمنون)) سورة الأنعام آية 125. وإذا ما تكلمنا هنا عن الرجس الذي هو بمعنى القذارة المعنوية فالإذهاب به يكون بإزالة كل ما في النفس من اعتقادٍ باطل ٍ أو عمل ٍ سيّءٍ فيما التطهير يكون بجعل ما يقابل ذلك من الاعتقاد الحق والعمل الصالح. كما أنّ الإرادة في الآية هي إرادة ٌ تكوينية ٌ وليست تشريعية ً فلو كانت الإرادة تشريعية ً لما كان هناك معنى لحصر الإرادة بأهل البيت(ع) دون غيرهم لأنّ الله يريد من جميع خلقه أن يتجنبوا الذنوب والمعاصي والآثام. فإن قيل أنّ جعل الإرادة في الآية إرادة ٌ تكوينية ٌ تنزع أي فضيلةٍ لأصحابها لكونهم ليسوا مخيّرين وإنما مجبرين فنقول بأنّ الله سبحانه عَلِمَ صِدقهم وإخلاصهم فعصَمَهم قال تعالى(( ولقد اخترناهم على علم ٍ على العالمين)) وبالتالي يبطل هذا الإشكال. ومن هنا يتضح لنا أنّ المقطع الثاني من الآية وهو قوله تعالى(( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيرا ً)) يفيد العصمة لأهل البيت(ع) في حين أنّ المقطع الأول من الآية وهو قوله تعالى(( وقرن في بيوتكنّ ولا تبرّجن تبرّج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله)) والذي يتحدّث عن زوجات النبي(ص) لا يفيد العصمة لهنّ لقرائن كثيرة بعضها من داخل السورة كعدم امتثال بعض زوجات النبي(ص) من القرار في البيت وذلك بالخروج إلى معركة الجمل ولقرائن خارجية ٍ أيضا ً كالآيات القرآنية المهدّدة لهنّ بتطليقهنّ من رسول الله(ص) لإيذائهنّ له قال تعالى(( عسى ربه إن طلّقكنّ أن يُبدِله أزواجا ً خيرا ً منكنّ مسلمات ٍ مؤمنات ٍقانتات ٍ تائبات ٍعابدات ٍسائحات ٍثيّبات ٍوأبكارا)) سورة التحرير آية 5 بل ويخبرنا القرآن بأنّ بعض زوجات النبي كنّ يفترين كذبا ًعلى رسول الله(ص) قال تعالى(( وإذ أسرّ النبي إلى بعض أزواجه حديثا ً فلما نبّأتْ به وأظهره الله عرّفَ عن بعض ٍ وأعرض عن بعض...)) سورة التحريم آية 3. كما أننا نجد أنّ تغيّر ضمير نون النسوة في المقطع الأول من الآية إلى ضمير جمع المذكر في المقطع الثاني منها يفيد تغيّر المخاطب وبذلك يتضح لنا أنّ زوجات النبي(ص) لسن داخلات ٍ في عنوان أهل البيت(ع). ولكن يبقى لدينا تساؤلا ًوهو إذا كان كذلك فلم ذكرت زوجات النبي وأهل البيت في آيةٍ واحدةٍ ؟ وللإجابة على هذا التساؤل فإننا نضرب مثالا ً لتقريب الفكرة للقارئ:
                فلنفرض أنّ هناك عالمٌ من علماء الأمة البارزين و أنّ له ابنٌ ولكنّ هذا الابن لا يلتزم بتعاليم الإسلام فما إن يقوم هذا العالم بدوره في إرشاد المجتمع سيأتي بعض أعداءه ليطعنوا فيه قائلين بأنّ من لم يستطع تربية ابنه وإرشاده لا يحقّ له أن يقدّم نفسه كمرشدٍ ومُرَبٍّ وذلك لمنعه من أداء دوره في المجتمع وفي المقابل سيأتي بعض المؤمنين لذلك الابن وينصحوه أن يكون ملتزما ً وصالحا ً كأبيه حتى لا يعطي أعداءه الفرصة للطعن فيه والإساءة إليه. وهذا تماما ً ما أرادت الآية أن تذكره حيث بدأت بتحذير نساء النبي(ص) من القيام بأي عمل ٍ شائن ٍ وهدّدتهنّ بمضاعفة العذاب عليهنّ ضعفين إنْ فعلنَ ذلك بل وبالتشديد عليهنّ أكثر من غيرهنّ من النساء بالقرار في البيت وعدم التبرّج وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وإطاعة الله ورسوله وما ذلك إلاّ بسبب ارتباطهنّ بأهل البيت(ع) الذين هم محمد(ص) وعلي وفاطمة والحسن والحسين عن طريق زواجهنّ برسول الله(ص) وذلك صونا ً لساحة أهل البيت(ع) وسدّا ًلأي ثغرة ٍ قد ينفذ منها أعداءهم للإساءة إليهم أو الطعن فيهم لمنعهم من نشر دعوتهم للناس. وهذا ما تشير إليه الروايات الشريفة:
                1ـ عن علي(ع) قال (( إنّ الله عزّ وجل فضّلنا أهل البيت وكيف لا يكون كذلك والله عزّ وجل يقول في كتابه( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ً)

                تعليق


                • #9
                  فقد طهّرنا الله من الفواحش ما ظهر منها وما بطن فنحن على منهاج الحق)). بحار الأنوار ج25 ص213
                  2ـ عن الصادق(ع) في قوله تعالى(( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً)) قال(( نزلت في النبي وأمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة فلما قبض الله عزّ وجل نبيه كان أمير المؤمنين ثم الحسن ثم الحسين ثم وقع تأويل الآية ( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ في كتاب الله) وكان علي بن الحسين إماما ً ثم جرت في الأئمة من ولده الأوصياء فطاعتهم طاعة الله ومعصيتهم معصية الله عزّ وجل)). بحار الأنوار ج25 ص255
                  3ـ عن الباقر(ع) في قوله تعالى(( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ً)) قال(( نزلت هذه الآية في رسول الله(ص) وعلي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين وذلك في بيت أم سلمة زوجة النبي(ص) حيث دعا رسول الله(ص) عليا ً وفاطمة والحسن والحسين ثم ألبسهم كساءً خيبريا ً ودخل معهم فيه ثم قال اللهم هؤلاء أهل بيتي الذين وعدتني فيهم ما وعدتني اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ً فنزلت هذه الآية فقالت أم سلمة وأنا معهم يا رسول الله قال أبشري يا أم سلمة فإنك إلى خير)). بحار الأنوار ج35 ص206
                  قال تعالى((فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندعو أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين)). سورة آل عمران آية 61
                  المباهلة هي دعوة فريقين لوضع مدّعى كل واحدٍ منهما أمام الله حيث يدعوانه بأن يقبل من المحق ويلعن المبطل. والمباهلة لا تكون إلا ّبعد إقامة الحجة قال تعالى((فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم)). وعندما نرجع إلى الآية فإننا نجد أنّ الله اقترح على الفريقين دعوة أبناءهم ونساءهم وأنفسهم للمباهلة وذلك في قوله تعالى((فقل تعالوا ندعو أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل)) حيث لم يقل((تعالوا نأتي بأبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل)) ليشير إلى أنّ المباهلة لابدّ أن تكون نابعة ًمن اختيار ِ وإرادةِ كل فردٍ من كلا الفريقين لا أن يأتي كل طرفٍ بالأبناء والنساء والأنفس من دون اختيارٍ وإرادةٍ لهم وهذا يدل على أنّ كل فردٍ من هؤلاء له القدرة على أن يُميّز بين ما هو حقٌ وما هو باطلٌ وإلا ّ لمَا دُعِيَ وُخيِّرَ وما يؤكد ذلك قوله تعالى ((فنجعل لعنة الله على الكاذبين)) حيث ذكرتْ الآية أنّ الكاذبين هم الذين سيُطرَدون من رحمة الله وليس الجاهلين في إشارةٍ إلى أنّ الكاذب قد اتضح له الحق لكنه ادّعى خلاف ذلك وأما الجاهل فهو ليس كذلك. كما أننا عندما نرجع إلى قوله تعالى((فقل تعالوا ندعو أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم)) فإننا نجد أنّ كلمة الأبناء جاءت في الآية بصيغة الجمع وكذلك بالنسبة للنساء وهكذا أيضا ًبالنسبة للأنفس وهذا يشير إلى أنّ دعوة رسول الله للمباهلة مع نصارى نجران كانت دعوة ً عامة ًوالتي كانت تعني أن يُضحّي المرء بنفسه ويُعرّضها للهلاك في سبيل الدفاع عن العقيدة إلا ّ أنه لم يُقدِم على ذلك من المسلمين إلا ّمن كانت عقيدته راسخة ً في نفسه ولا يعتريه شكٌ ولا ريبٌ في أحقـيّـتها فكان من الأبناء الحسن والحسين(ع) ومن النساء فاطمة(ع) ومن الأنفس علي(ع) دون غيرهم وهذا ما تؤكده الروايات الشريفة:
                  1ـ عن الرضا(ع) في قوله تعالى(( فمن حاجك فيه فقل تعالوا ندعو أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم...)) قال((... فدعا رسول الله(ص) الحسن والحسين فكانا ابنيه ودعا فاطمة(ع) فكانت في هذا الموضع نساءه ودعا أمير المؤمنين(ع) فكان نفسه بحكم كتاب الله...)). بحار الأنوار ج10 ص350
                  2ـ عن الصادق(ع) قال(( إنّ نصارى نجران لما وفدوا على رسول الله وكان سيدهم الأهتم والعاقب والسيد وحضرت صلواتهم فأقبلوا يضربون بالناقوس وصلــّوا فقال أصحاب رسول الله يا رسول الله هذا في مسجدك فقال دعوهم فلما فرغوا دنوا من رسول الله فقالوا إلى ما تدعو فقال إلى شهادة أنّ لا إله إلا ّ الله وأني رسول الله وأنّ عيسى عبدٌ مخلوقٌ يأكل ويشرب ويُحدِث قالوا فمن أبوه فنزل الوحي على رسول الله فقال قل لهم ما يقولون في آدم أكان عبدا ً مخلوقا ً يأكل ويشرب ويُحدِث وينكح فسألهم النبي(ص) فقالوا نعم فقال فمن أبوه فبقوا ساكتين فأنزل الله(إنّ مثل عيسى عند الله كمثل آدم) إلى قوله تعالى(فنجعل لعنة الله على الكاذبين) فقال رسول الله فباهلوني إن كنتُ صادقا ً ُأنزلتْ اللعنة عليكم وإن كنتُ كاذبا ً ُأنزلتْ عليّ فقالوا أنصفتَ فتواعدوا للمباهلة فلما رجعوا إلى منازلهم قال رؤساءهم السيد والعاقب والأهتم إن باهلنا بقومه باهلناه فإنه ليس بنبي وإن باهلنا بأهل بيته خاصة ً فلا نباهله فإنه لا يقدم على أهل بيته إلا ّ وهو صادق فلما أصبحوا جاءوا إلى رسول الله ومعه أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين فقال النصارى من هؤلاء فقيل لهم هذا ابن عمه ووصيه علي ابن أبي طالب وهذه ابنته فاطمة وهذان ابناه الحسن والحسين ففرقوا وقالوا لرسول الله(ص) نعطيك الرضا فاعفنا عن المباهلة فصالحهم رسول الله على الجزية وانصرفوا)). بحار الأنوار ج21 ص340
                  قال تعالى(( إنا أعطيناك الكوثر* فصلي لربك وانحر* إنّ شانئك هو الأبتر)). سورة الكوثر آية 1 >3
                  الكوثر في اللغة هو الخير الكثير وأما الأبتر فهو المنقطع الذرية كما أنّ الشانئ هو المبغض. فالله يخاطب في هذه الآية رسوله(ص) ويبشّره بالخير الكثير وذلك ردّا ً على الذين نعتوه بالمنقطع الذرية بعد وفاة أبناءه الواحد تلو الآخر ليطيّب بذلك خاطره. و عندما نستعرض مصاديق الخير الكثير فإننا نجد أنّها كثيرة ٌ فمنها ما هو في الدنيا كالنبوة والرسالة والقرآن والأتباع ومنها ما هو في الآخرة كنعيم الجنة والمقام المحمود. كما أننا عندما نرجع إلى الآية نجد أنها كانت تخاطب محمدا ً(ص) ليس بكونه نبيا ً أو رسولا ًحيث أنّ الآية لم تقل إنا أعطينا النبي أو إنا أعطينا الرسول وإنما كانت تخاطبه بشخصه كبشر ٍ في إشارة ٍ إلى أنّ هذا الخير الكثير ليس شأنا ًمن شؤون النبوة ولا الرسالة كما هو الحال في قوله تعالى(( يا أيها الرسول بلــِّغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته)) سورة المائدة آية 67 حيث أنه من الواضح أنّ الآية هنا تشير إلى أنّ الأمر المراد من رسول الله تبليغه هو أمرٌ مرتبط ٌ بالرسالة ولذلك خاطبَتـْه بصفة الرسول. وعندما نستعرض بقية آيات السورة فإننا نجد في قوله تعالى(( إنّ شانئك هو الأبتر)) إخبارٌ منه سبحانه وتعالى بانقطاع ذرية المبغضين لرسوله(ص) ردّا ًعلى نعتهم إيّاه بذلك ولا يكون ذلك إلا ّبنفي انقطاع الذرية عنه(ص) بتبشيره بها. وهذا تماما ً ما نجده في قوله تعالى(( إنا أعطيناك الكوثر)) أي إنا أعطيناك الذرية الكثيرة الطيبة التي هي أتمُّّ مصداق ٍ للخير الكثير في هذه الدنيا. وهذا ما تؤكده الروايات الشريفة:
                  1ـ عن النبي(ص) انه قال لفاطمة(ع)(( إنّ بطن أمك كان للإمامة وعاءً)). بحار الأنوار ج43 ص43
                  2ـ عن الصادق(ع) قال((.... دخل رسول الله يوما ً فسمع خديجة تحدّث فاطمة فقال لها يا خديجة من تحدّثين قالت الجنين الذي في بطني يحدّثني ويؤنسني قال يا خديجة هذا جبرائيل يبشّرني أنها أنثى وأنها النسلة الطاهرة الميمونة وأنّ الله تعالى سيجعل نسلي منها وسيجعل من نسلها أئمة ً ويجعلهم خلفاء في أرضه بعد انقضاء وحيه...)). بحار الأنوار ج43 ص2
                  قال تعالى(( قل لا أسألكم عليه أجرا ً إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة ً نزد له فيها حسنا ً إنّ الله غفورٌ شكور)). سورة الشورى آية 23
                  الاقتراف في اللغة هو الاكتساب أما المودة فهي الحب الشديد. كما أنّ القربى هنا هم آل محمدٍ(ص). أما الحسنة فهي الفعل الذي يرتضيه الله ويثيب عليه والمراد به هنا هو المودة في القربى. فقد أوجب الله المحبة الشديدة في قرابة رسول الله(ص) في إشارة ٍ واضحة ٍ على تقديمهم على غيرهم وعلى جعلهم المرجعية في الأمور الدينية للأمة بعد رسول الله(ص) وهذا ما نجده في قوله تعالى على لسان رسول الله ((لا أسألكم عليه أجرا ً إلا المودة في القربى)) حيث أنّ الآية لم تقل((المودة للقربى)) وإنما قالت((المودة في القربى)) أي كأنَّ رسول الله(ص) يريد أنْ يقول فلتكن مودتكم لي متجسّدة ًمن بعدي في أهل بيتي وبذلك المستوى من المودة التي أوجبها الله على الناس لي فيكون أهل بيتي أحبّ إليكم من آبائكم وأبنائكم والناس أجمعين كما كنت أحبّ إليكم من آبائكم وأبنائكم

                  تعليق


                  • #10
                    والناس أجمعين ولا يكون ذلك إلا ّ أن تقدّموا طاعة أهل بيتي على طاعة غيرهم كما كنتم تقدّمون طاعتي على طاعة غيري فالمرجعية في حياتي هي لي وهي من بعدي لقرابتي وإني ما سألتكم تلك المودة فيهم كأجر ٍعلى رسالة الإسلام إلا ّ لأنّ بقاء هذه الرسالة ودوامها لا يكون إلا ّبهم لأنهم الحافظين لها والأمناء عليها ولذلك كانت مودتهم هـو ما يرتضيه الله ويُثيب عليه بغفران السيئات وزيادة الحسـنات قـال تعـالى(( ومن يقترف حسنة ً نزد له فيها حسنا ً إنّ الله غفورٌ شكور)). وهذا ما تؤكده الروايات الشريفة:
                    1ـ عن الحسن(ع) قال(( إنا أهل البيت الذين افترض الله مودتهم على كل مسلم حيث يقول(قل لا أسألكم عليه أجرا ً إلا ّ المودة في القربى ومن يقترف حسنة ً نزد له فيها حسنا) فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت)). بحار الأنوار ج23 ص232
                    2ـ عن الباقر(ع) في قوله تعالى(( قل لا أسألكم عليه أجرا ً إلا المودة في القربى...)) قال(( هم الأئمة)). الكافي ج1 ص413
                    3ـ عن الباقر(ع) في قوله تعالى(( ومن يقترف حسنة ً نزد له فيها حسنا...)) قال (( الاقتراف التسليم لنا)). الكافي ج1 ص391
                    4ـ عن الباقر(ع) في قوله تعالى(( ومن يقترف حسنة ً نزد له فيها حسنا ً...)) قال(( من تولــّى الأوصياء من آل محمدٍ(ص) واتــّبع آثارهم فذاك يزيده ولاية من مضى من النبيين والمؤمنين الأولين حتى تصل ولايتهم إلى آدم(ع) وهو قول الله عزّ وجلّ(قل ما سألتكم من أجر ٍفهو لكم) يقول أجر المودة الذي لم أسألكم غيره فهو لكم تهتدون به وتنجون من عذاب يوم القيامة...)). الكافي ج8 ص379
                    قال تعالى(( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيءٍ فردّوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسن تأويلا ً)). سورة النساء آية 59
                    إنّ في هذه الآية خطابٌ للمؤمنين بإطاعة الله ورسوله وأولي الأمر. وقد تكرّر أمر الإطاعة في قوله تعالى( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) في إشارة ٍ واضحة ٍ إلى أنّ طاعة الله تتمثــّـل بالإلتزام بتعاليم القرآن الكريم وأما طاعة الرسول فتتمثــّـل بالإلتزام بما يبيّنه في سنّته للناس قال تعالى(( لتبيّن للناس ما نزّل إليهم)). أما قوله تعالى(( أطيعوا الرسول)) فطاعة الرسول هنا مطلقةً ٌوليست مقيّدة ً كما في قوله تعالى(( ومن يطع الرسول فقد أطاع الله)) ومن يأمر الله بطاعته طاعة ً مطلقة ً لابدّ أن تكون عصمته عصمة ً مطلقة ً وإلاّ لكان فرض الطاعة المطلقة على من يجوز عليه الخطأ تناقض من الله سبحانه وتعالى. كما أنّ الآية في قوله تعالى(( أطيعوا الرسول وأولي الأمر)) قد جمعت الرسول وأولي الأمر في إطاعةٍ واحدةٍ وهذا يشير إلى أنّ طاعة أولي الأمر هي طاعة ٌ مطلقة ٌ كطاعة الرسول وبالتالي تكون عصمتهم أيضا ً عصمة ً مطلقة ً كعصمة الرسول. وأما قوله تعالى(( فإن تنازعتم في شيءٍ)) فهذا الخطاب خاصٌ بالمؤمنين في قوله تعالى(( يا أيها الذين آمنوا...)) دون أولي الأمر إذ أنه لا يجوز تنازع المؤمنين مع أولي الأمر الذين أمر الله بطاعتهم طاعة ً مطلقة ً. وأما قوله تعالى(( فردّوه إلى الله والرسول)) ففيه إشارة ٌ إلى ما ذكرناه سابقا ً من وجوب الرجوع إلى الكتاب والسنة إذ لا يحق لأحدٍ أن يضع حكما ً شرعيا ً جديدا ً ولا ينسخ حكما ً شرعيا ً ثابتا ً إلا الله ورسوله فهما من يحقّ لهما التشريع دون غيرهما وأما أولي الأمر فهم مخوّلون فقط أن يكشفوا عن الحكم الشرعي الواقعي مما قاله الله في كتابه أو ما قاله رسوله في أحاديثه وبياناته. فأولي الأمر هم الأمناء على الكتاب والسنة الذين لا يخطئون ولا يشتبهون في تشخيص الحكم الشرعي وهذا ما ينسجم تماما ً مع ما قلناه في بداية البحث أنّ افتراض الله لطاعتهم المطلقة كاشفٌ عن عصمتهم المطلقة ويؤيد ذلك قوله تعالى(( وإذا جاءهم أمرٌ من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردّوه إلى الرسول وإلى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم)) سورة النساء آية 83 حيث تشير الآية إلى أنّ أولي الأمر يعلمون حقائق الأمور ولا يشتبهون أو يخطئون وإن كانت الآية هنا لا تتحدّث عن الحكم الشرعي وإنما عما كان الكفار يشيعون من الأخبار لتثبيط عزيمة المؤمنين وهذا ما يفسّر لنا عدم رد الأمر في هذه الآية إلى الله وإنما إلى الرسول وأولي الأمر حيث أنّ الصنع في ذلك لهم. وأما القول بأنّ المقصود بأولي الأمر هم أمراء السرايا أو العلماء أو أهل الحل والعقد وبأنّ اجتماعهم على رأي يكشف عن عصمة ذلك الرأي لأنّ الأمة لا تجتمع على ضلالةٍ فإننا نقول بأنّ إدراك الكل هو مجموع إدراك الأبعاض وإذا جاز الخطأ على كل واحدٍ , جاز على الكل ومن ذلك نفهم أنّ قول الرسول بأنّ الأمة لا تجتمع على ضلالةٍ إشارة ٌ إلى أنّ هناك معصومون في الأمة بعد رسول الله(ص) والمتمثلين بآل محمد(ص). وهذا ما تؤكده الروايات الشريفة:
                    1ـ عن الباقر(ع) في قوله تعالى(( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم...)) قال(( هي في علي وفي الأئمة جعلهم الله مواضع الأنبياء غير أنهم لا يُحِلــّون شيئا ً ولا يحرّمونه)). بحار الأنوار ج23 ص293
                    2ـ عن الباقر(ع) في قوله تعالى(( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم...)) قال(( الأئمة من ولد علي وفاطمة إلى أن تقوم الساعة)). بحار الأنوار ج23 ص286
                    3ـ عن الصادق(ع) في قوله تعالى(( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم...)) قال(( الأئمة من أهل بيت رسول الله(ص))). دعائم الإسلام ج1 ص24
                    4ـ عن الباقر(ع) في قوله تعالى(( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم...)) قال(( الأوصياء)). تفسير العياشي ج1 ص249
                    5ـ عن الرضا(ع) في قوله تعالى(( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم...)) قال(( علي بن أبي طالب والأوصياء من بعده)). بحار الأنوار ج23 ص293
                    6ـ عن النبي(ص) في قوله تعالى(( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم...)) قال(( هم الأئمة)). دعائم الإسلام ج1 ص25
                    قال تعالى(( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)). سورة المائدة آية 55
                    (إنما) أداة حصر أما الولاية فقد اسُتخدِمتْ في اللغة بمعنى المحبة أو النصرة أو الأحقية في التصرّف. وحيث أنّ الولاية لله ولرسوله وللذين آمنوا في الآية جاءت في سياق ٍ واحدٍ فلابدّ أن تكون الولاية قد اسُتخدِمتْ بمعنى واحدٍ إذ لو لم تكن كذلك لكان الأولى بالآية أن تقول ((إنما وليكم الله ووليكم رسوله ووليكم الذين آمنوا)). فأما القول بأنّ الولاية في الآية جاءت بمعنى النصرة فيكون معنى الآية حينئذٍ أنّ الله ورسوله والذين آمنوا هم الناصرون لعامة المؤمنين. فقد يصح أن يُقال بأنّ النبي والمؤمنين ينصرون الله بمعنى ينصرون دينه قال تعالى(( إن تنصروا الله ينصركم)) سورة محمد آية 7 كما قد يصح أن يُقال بأنّ المؤمنين ينصرون الله ورسوله بمعنى أنهم يدافعون عن دين الله وعن رسوله قال تعالى(( وينصرون الله ورسوله)) سورة الحشر آية 8 كما قد يصح أن يُقال بأنّ الله ينصر النبي والمؤمنين قال تعالى(( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد)) سورة غافر آية 51 بينما من غير الجائز أن يُقدَّم النبي على أنه مأمورٌ بنصرة المؤمنين إذ يلزم من ذلك اعتبار المؤمنين هم الأصل في الدين والنبي تابعٌ لهم ولذلك فإننا لا نجد هذا المعنى في القرآن الكريم ولا حتى في آيةٍ واحدةٍ وإنما على العكس من ذلك فدائما ًما نجد أنّ الآيات القرآنية تقدّم المؤمنين على أنهم التابعين للنبي والمأمورون بنصرته وبذلك يتضح لنا أن ليس هناك اعتبارٌ للقول بأنّ الولاية في الآية هي ولاية النصرة. وعندما نستعرض الآيات القرآنية التي أشارتْ إلى ولاية الله سبحانه فنجد أنها أثبتت له الولايـة التكوينية قـال تعـالى(( الله الذي خلـق السمـاوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ٍ ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ٍ ولا شفيع أفلا تتذكــّرون)) سورة السجدة آية 4 كما وأثبتت له الولاية بمعنى الأحقية في التصرّف قــال تعالى(( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور)) سورة البقرة آية 257 كما وأثبتت له أيضا ً ولاية النصرة قال تعالى(( ذلك بأنّ الله ولي الذين آمنوا وأنّ الكافرين لا مولى لهم)) سورة محمد آية 11. أما عندما نستعرض الآيات القرآنية التي أشارة إلى ولاية الرسول فنجد أنها أثبتت له الولاية بمعنى الأحقية في التصرّف قال تعالى(( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)) سورة الأحزاب آية 6. إذا ً

                    تعليق


                    • #11
                      يتضح لنا مما سبق أنّ مصطلح كلمة الولي في القرآن لم يُستخدم بمعنى الولاية التكوينية إلا ّ لله دون الرسول والذين آمنوا كما أنه لم يُستخدم بمعنى ولاية النصرة إلا ّ لله وللذين آمنوا دون الرسول وحيث أنّ الولاية لله ولرسوله وللذين آمنـوا في قـوله تعـالى(( إنمـا وليكـم الله ورسـوله والذين أمنوا...)) قد جاءت في سياق ٍ واحدٍ كما ذكرنا سابقا ً فيتحصّل لنا إذا ً أنّ لا معنى للولاية في الآية إلا ّ الولاية بمعنى الأحقية في التصرّف ولذلك نجد أنّ الآية وَصَفتْ الذين آمنوا بقوله تعالى(( الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)) حيث أنّ الواو في قوله تعالى(( وهم راكعون)) هي واو الحال كما أنّ الركوع لم يُستخدَم في القرآن ولا حتى في آيةٍ واحدة ٍ بمعنى التذلل والخشوع وإنما ُذكِرَ فقط للإشارة إلى الحالة الخاصة والتي هي الركوع المتعارف عليه أثناء الصلاة فهؤلاء المؤمنون وهم يقيمون صلاتهم يتصدّقون أثناء ركوعهم على الفقراء في إشارةٍ واضحةٍ إلى أنّ الآية تتحدّث عن واقعةٍ معيّنةٍ قد حصلت لعلي بن أبي طالب(ع). وأما التعبير عن الآية بصيغة الجمع وإن كان يُراد منها فردٌ واحد فهذا الأسلوب شائعٌ في القرآن الكريم كما في قوله تعالى (( يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليُخرجنّ الأعزّ منها الأذل)) سورة المنافقون آية 8 وقد صحّ أنّ القائل هو عبد الله بن أبي سلول وكما في قوله تعالى(( يقولون يُخشى أن تصيبنا دائرة)) سورة المائدة آية 52 والقائل هو عبد الله بن أبي سلول فإن قيل إنّ الموارد التي ُذكِرتْ لا تخلوا عن أناس ٍ كانوا يرون رأيهم ويرضون بفعالهم فعبّر الله عنهم بالجمع فإننا نقول أنّ ذلك ينطبق أيضا ًعلى قوله تعالى ((إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا)) من باب الجري حيث أنّ الآية أرادت أيضا ً أن تشير إلى أنّ هناك مَن لهم إخلاصٌ كإخلاص علي(ع) وإيثارٌ كإيثاره وهؤلاء هم الأئمة من ولده دون غيرهم. وهذا ما تؤكده الروايات الشريفة:
                      1ـ عن الباقر(ع) في قوله تعالى(( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا...)) قال(( هم الأئمة)). بحار الأنوار ج35 ص188
                      2ـ عن الباقر(ع) في قوله تعالى(( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا...)) قال(( بينا رسول الله جالسٌ وعنده عبد الله بن سلام إذ نزلت عليه هذه الآية فخرج رسول الله إلى المسجد فاستقبله سائلٌ فقال(ص) هل أعطاك أحدٌ شيئا ً قال نعم ذلك المصلي فجاء رسول الله فإذا هو علي(ع) )). بحار الأنوار ج35 ص188
                      3ـ عن الصادق(ع) في قوله تعالى(( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا...)) قال((إنما يعني أولى بكم أي أحقُّ بكم وبأموركم وأنفسكم وأموالكم الله ورسوله والذين آمنوا يعني عليا ًوأولاده الأئمة إلى يوم القيامة...)). الكافي ج1 ص288
                      قال تعالى(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)). سورة التوبة آية 119
                      الصدق بحسب الاصطلاح القرآني هو المطابقة بين الاعتقاد والعمل على أن يكون ذلك الاعتقاد اعتقادا ًحقا ً فالصادقون إذا ًهم الذين ُتطابق أعمالهم اعتقاداتهم الحقــّة وما يؤكد ذلك قوله تعالى(( إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون)) حيث أنّ الآية تشير إلى أنّ الصادقين هم الذين يؤمنون إيمانا ً خالصا ً وثابتا ً لا يتزلزل ولا يشوبه شكٌ ولا ريبٌ ولو في لحظةٍ من لحظات حياتهم بوحدانية الله وبصدق ما جاء به رسوله من المعارف الإلهية الحقــّة ويقدّمون في سبيل ذلك كل ما يملكون من مال دون أيّ تقصيرٍ ويُرْخِصون من أجله النفس دون أي تردّدٍ فهم ممن كمُـلَ إيمانهم ولذلك نجد أنّ الله أمر بالكون معهم مطلقا ً دون أي تقييد وذلك في قوله تعالى(( وكونوا مع الصادقين)) ومن يأمر الله بالكون معه مطلقا ً لابدّ أن يكون معصوما ً غير جائز الخطأ وإلا لكان تناقضا ً منه سبحانه وهؤلاء هم آل محمد(ص). وهذا ما تؤكده الروايات الشريفة:
                      1ـ عن الباقر(ع) في قوله تعالى(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)) قال (( إيانا عنى)). الكافي ج1 ص208
                      2ـ عن الصادق(ع) في قوله تعالى(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)) قال(( مع آل محمد)). بحار الأنوار ج24 ص31
                      3ـ عن الرضا(ع) في قوله تعالى(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)) قال(( الصادقون هم الأئمة)). الكافي ج1 ص208
                      قال تعالى(( ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكنّ البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضرّاء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون)). سورة البقرة آية 177
                      البر في اللغة هو التوسع في الخير. وقد وصفت الآية الأبرار بالكمال على مستوى الاعتقاد وعلى مستوى العمل. فأما على مستوى الاعتقاد فإنّ الآية تخبرنا أنّ الأبرار هم الذين يؤمنون إيمانا ً خالصا ً وثابتا ً لا يتزلزل ولا يشوبه شكٌ ولا ريبٌ ولو في لحظةٍ من اللحظات بوحدانية الله وبملائكته و أنبياءه وبجميع المعارف التي أنزلها في كتبه فلا مكان لرياءٍ ولا لكبر ٍ ولا لنفاق ٍ في قلوبهم وما يؤكد ذلك قوله تعالى في ختام الآية (( أولئك الذين صدقوا)) وقد ذكرنا في البحث السابق وصف الصادقين في إيمانهم وذلك في قوله تعالى(( إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا.....أولئك هم الصادقون)). وأما على مستوى العمل فإنّ الآية تخبرنا أنهم الذين يُؤثِرون الآخرين بالمال على أنفسهم حتى وإن كانوا بحاجةٍ إليه وهم الذين تنهاهم صلاتهم عن الفحشاء والمنكر وهم الذين يرجون من الله التزكية لنفوسهم والتطهير لقلوبهم بأداء ما فرض عليهم من حقوق ٍ ماليةٍ وهم الذين لا يخلفون بعهودهم ومواثيقهم وهم الثابتون على الشدائد فلا يمنعهم الفقر عن شكر الله ولا يدفعهم المرض للسخط على الله ولا ُتقعِدُهم الحرب عن نصرة دين الله وما يؤكد ذلك قوله تعالى في ختام الآية(( أولئك الذين صدقوا)) وقد مرّ في البحث السابق وصف الصادقين في أعمالهم في قوله تعالى (( ....وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون)). وقد أشار القرآن الكريم إلى الأبرار أيضا ً في قوله تعالى(( إنّ الأبرار يشربون من كأس ٍ كان مزاجها كافورا ً* عينا ً يشرب بها عباد الله يفجّرونها تفجيرا ً* يوفون بالنذر ويخافون يوما ً كان شرّه مستطيرا ً*ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ً ويتيما ً وأسيرا ً* إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكورا ً* إنا نخاف من ربنا يوما ً عبوسا ً قمطريرا ً* فوقاهم الله شرّ ذلك اليوم ولقــّاهم نضرة ً وسرورا ً* وجزاهم بما صبروا جنة ً وحريرا ً)) سورة الإنسان آية 5>12. ومن هذا البيان يتضح لنا أنّ الأبرار هم أصحاب الإيمان الكامل الذي لا يتزلزل ولا يشوبه شكٌ ولا ريبٌ ولا سخطٌ وهم أصحاب الإيثار والاستقامة والوفاء والثبات ومن الواضح أنّ هذه الصفات لا يمكن أن تتوفر إلا في الأوحدين من الناس والمتمثلين بمحمدٍ وآل محمدٍ(ص) وهذا ما تؤكده الروايات الشريفة:
                      1ـ عن الباقر(ع) في قوله تعالى(( إنّ الأبرار لفي نعيم)) قال(( الأبرار نحن هم)). بحار الأنوار ج24 ص2
                      2ـ عن الباقر(ع) في قوله تعالى(( كلا إنّ كتاب الأبرار لفي عليين)) قال(( هو رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين)). بحار الأنوار ج24 ص3
                      3ـ عن الحسن(ع) قال(( كل ما في كتاب الله عزّ وجلّ(إنّ الأبرار) فوالله ما أراد بها إلا علي بن أبي طالب وفاطمة وأنا والحسين)). بحار الأنوار ج24 ص3
                      4ـ عن السجاد(ع) قال(( مرض الحسن والحسين مرضا ً شديدا ً فعادهما سيد ولد آدم محمد(ص) وعادهما أبو بكر ٍ وعمر فقال عمر لأمير المؤمنين علي(ع) يا أبا الحسن إنْ نذرتَ لله نذرا ً واجبا ً فإنّ كل نذر ٍ لا يكون لله فليس فيه وفاءٌ فقال علي بن أبي طالب(ع) إنْ عافى الله ولديّ مما بهما صمتُ لله ثلاثة أيام ٍ متوالياتٍ وقالت فاطمة الزهراء(ع) مثل ما قال زوجها وكانت لهما جارية ٌ بربرية ُتدعى فضة ٌ قالت إنْ عافى الله سيديّ مما بهما صمتُ لله ثلاثة أيام شكرا ً فألبس الله الغلامين العافية وليس عند آل محمدٍ قليلٌ ولا كثيرٌ فانطلق أمير المؤمنين إلى شمعون الخيبري وكان يهوديا ً فاستقرض منه ثلاثة أصواغ ٍ من شعير ٍ فقامت فاطمة(ع) إلى صاع ٍ فطحنته واختبزتْ منه خمسة أقراص ٍ لكل واحدٍ منهم قرصٌ وصلى علي(ع) المغرب مع رسول الله ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه إذ أتاهم مسكينٌ فوقف بالباب وقال السلام عليكم يا أهل بيت محمدٍ مسكينٌ من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة فأعطوه الطعام ومكثوا ليلتهم لم يذوقوا إلا ّ الماء فلما كان اليوم الثاني طحنتْ فاطمة(ع) صاعا ً واختبزته وأتى علي(ع) من الصلاة ووضع الطعام بين يديه فأتاهم يتيمٌ فقال السلام عليكم يا أهل بيت محمدٍ يتيمٌ من أولاد المهاجرين استشهد والدي يوم العقبة أطعموني

                      تعليق


                      • #12
                        أطعمكم الله على موائد الجنة فسمعه علي وفاطمة(ع) فأعطوه الطعام ومكثوا يومين وليلتين لم يذوقوا إلا ّ الماء القراح فلما كان اليوم الثالث قامتْ فاطمة(ع) إلى الصاع الباقي فطحنته واختبزته وصلى علي(ع) مع النبي(ص) المغرب ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه إذ أتاهم أسيرٌ فوقف بالباب فقال السلام عليكم يا أهل بيت محمد تأسروننا ولا تطعموننا أطعموني فإني أسير محمدٍ أطعمكم الله على موائد الجنة فسمعه علي(ع) فأتوه وآثروه ومكثوا ثلاثة أيام ٍ لم يذوقوا سوى الماء فلما كان اليوم الرابع وقد قضوا نذرهم فأخذ أمير المؤمنين علي(ع) بيد الغلامين(الحسن والحسين) وهما كالفرخين لا ريش لهما يرتعشان من الجوع فانطلق بهما إلى منزل النبي(ص) فلما نظر إليهما النبي(ص) اغرورقتْ عيناه بالدموع وأخذ بيد الغلامين فانطلق بهما إلى فاطمة الزهراء فلما نظر إليها رسول الله(ص) وقد تغيّر لونها وإذا ببطنها لاصقٌ بظهرها فانكبّ عليها يقبّل بين عينيها ونادته باكية ًواغوثاه بالله ثم بك يا رسول الله من الجوع قال فرفع رأسه إلى السماء وهو يقول اللهم أشبع آل محمدٍ فهبط جبرائيل فقال يا محمد إقرأ قال وما أقرأ قال إقرأ(إنّ الأبرار يشربون من كأس ٍ كان مزاجها كافورا ً...) )). بحار الأنوار ج35 ص249
                        قال تعالى(( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعلٌ في الأرض خليفة ً قالوا أتجعل فيها من يُفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبّح بحمدك ونقدّس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون* وعـلـّم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين* قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ّما علــّمتنا إنك أنت العليم الحكيم* قال يا آدم أنبأهم بأسماءهم فلمــّا أنبأهم بأسماءهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون)). سورة البقرة آية 30 >33
                        تشير هذه الآيات إلى الغرض من إنزال الإنسان إلى الدنيا وهو جعله خليفة ً في الأرض
                        وأنّ هذه الخلافة ستكون مستمرة ً وهذا ما يشير إليه قوله تعالى((إني جاعلٌ في الأرض خليفة)) حيث أنّ كلمة(جاعلٌ) جاءت بصيغة الفاعل التي تفيد الإستمرار. وقد ُذكِرتْ الخلافة في القرآن الكريم على نوعين فأما النوع الأول فهو خلافة قوم ٍعن قوم ٍ آخرين وأما النوع الثاني والذي هو مورد بحثنا في هذه الآية فهو خلافة الإنسان لله سبحانه ولكي نقف على معنى أن يكون الإنسان خليفة ً لله لابدّ لنا من أنْ نقف على معنى الخلافة وهي أن يقوم شيءٌ مقام شيءٍ آخر ولا يتم ذلك إلا ّ إذا كان المستخلــَف حاكيا ًعن المستخلِف ومماثلا ً له في جميع شؤونه ويؤكد ذلك قوله تعالى((قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء)) حيث أشارت الآية إلى استفهام الملائكة وتعجّبهم لمــّا أخبرهم الله سبحانه بأنه سيجعل الإنسان خليفة ً له وذلك لمعرفة الملائكة من أنّ الله كاملٌ لا يصدر منه نقصٌ وأنّ خليفته لابدّ أن يكون مماثلا ً له في حين أنّ الإنسان يسفك الدماء ويفسد في الأرض فهو بحسب فهم الملائكة لا يصلح لخلافة الله ولذلك قالت الملائكة نحن أولى بالخلافة من الإنسان وهذا ما نجده في قوله تعالى((ونحن نسبّح بحمدك ونقدّس لك)) فجاءتهم الإجابة من الله سبحانه((إني أعلم ما لا تعلمون)) أي أنّ هناك أمرٌ لا تستطيعون أيها الملائكة أن تحملوه على خلاف الإنسان فهو قادرٌ على حمل ذلك الأمر. وهذا الأمر هو الذي ُأشيرَ إليه في قوله تعالى((وعلــّم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين* قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ّ ما علــّمتنا إنك أنت العليم الحكيم* قال يا آدم أنبأهم بأسماءهم فلمــّا أنبأهم بأسماءهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون)) فإذا ما عرفنا بأنّ المراد من آدم في هذه الآيات هو ليس آدم الــُملك المرتبط بعالم المادة وإنما آدم الملكوت المرتبط بعالم الروح وكذلك إذا ما عرفنا بأنّ المراد من الأسماء في هذه الآيات هي الأسماء الإلهية والتي هي الحقائق الخارجية للصفات الإلهية فإننا سندرك بأنّ معنى تعليم الله الأسماء لآدم هو إعطاء الروح الإنسانية القابلية على أن تتلـبّس بكل الصفات الإلهية وإلا ّ لو كان المراد من العلم بالأسماء هو العلم المتعارف عليه عندنا والذي هو عبارة ًعن ألفاظٍ لغويةٍ َلمَا كان هناك معنىً حينها أنْ يكون آدم لعلمه بالأسماء فقط أولى بالخلافة من الملائكة بل حتى لو فرضنا ذلك فإنّ هذا السبب سيكون قد انتفى بعد أن عَلِمَتْ الملائكة بتلك الأسماء حين أنبأها بها آدم كما هو صريح الآية((قال يا آدم أنبأهم بأسماءهم)) فمعنى هذه الآيات إذا ً أنّ الله سبحانه جعل في الروح الإنسانية القابلية على أن تتلـبّس بكل الصفات الإلهية قال تعالى((وعلــّم آدم الأسماء كلها)) ثم توجّه سبحانه وتعالى بعد ذلك إلى الملائكة وطلب منهم أنْ يتلبـّسوا بتلك الصفات إن كانوا حقا ً أولى بالخلافة من غيرهم كما كانوا يتصوّرون قال تعالى((ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين)) ولكنهم اعترفوا بعجزهم عن ذلك قال تعالى((قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ّما علــّمتنا إنك أنت العليم الحكيم)) وحينها توجّه الله سبحانه للروح الإنسانية وطلب منها أن تتلـبّس بتلك الصفات الإلهية أمام الملائكة لتثبتَ بأنها الأجدر بخلافة الله منهم فقامتْ بذلك بكل اقتدار ٍقال تعالى((قال يا آدم أنبأهم بأسماءهم فلمــّا أنبأهم بأسماءهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون)). ومما سبق من البحث يتحصّل لنا أنّ الأرض لا تخلو من خليفةٍ لله سبحانه وتعالى قد تـلـبَّسَ بكل الصفات الإلهية وهو ما يُعبَّرُ عنه بالإنسان الكامل وهذا ما تؤكده الروايات الشريفة:
                        1ـ عن الصادق(ع) قال((إنّ الله عزّ وجلّ علــّم آدم أسماء حججه كلها ثم عرضهم وهم أرواح على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين بأنكم أحقّ بالخلافة في الأرض لتسبيحكم وتقديسكم من آدم فقالوا(سبحانك لا علم لنا إلا ّما علــّمتنا إنك أنت العليم الحكيم) فقال الله تبارك وتعالى يا آدم أنبأهم بأسماءهم فلمــّا أنبأهم بأسماءهم وقفوا على عظيم منزلتهم عند الله عزّ ذِكرُه فعلموا أنهم أحقّ أن يكونوا خلفاء الله في أرضه وحججه على بريّـته ثم غيّبهم عن أبصارهم واستعبدهم بولايتهم ومحبّتهم وقال لهم(ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون) )). كمال الدين ج1 ص13
                        2ـ عن الرضا(ع) قال(( الأئمة خلفاء الله عزّ وجلّ في أرضه)). الكافي ج1 ص193
                        3ـ عن النبي(ص) قال(( الخلفاء بعدي اثنا عشر تسعة ٌ من صلب الحسين والتاسع مهديهم فطوبى لمحبيهم والويل لمبغضيهم)). بحار الأنوار ج36 ص292
                        قال تعالى((إنا أنزلنا التوراة فيها هدىً ونورٌ يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استـُحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء...)). سورة المائدة آية 44
                        تشير الآية إلى أنّ من شروط الحاكم في الكتب السماوية السابقة أن يكون عالما ً بشريعة الله ومستقيما ًعليها. كما وتشير الآية إلى وجود ثلاثة طبقات ٍ من العلماء وهم النبيون والربانيون والأحبار فأما النبيون فهم المعصومون من العلماء الذين يتلقـّون الوحي التشريعي من الله سبحانه. وأما الربانيون فالرباني نسبة ً إلى الرب وحيث أنّ الرب هو الذي ُيدبِّر شؤون الخلق فالرباني إذا ًهو الذي تخلــّق بأخلاق الرب وسار على نهجه في تدبير شؤون الناس وتربيتهم بحيث لا يصدر منه ما يتنافى مع ذلك ولا يكون ذلك إلا ّ لمن ثبتتْ له العصمة من العلماء. وأما الأحبار فهم العلماء من غير المعصومين. وهذه الطبقات الثلاثة من العلماء لها نظيرٌ في الأمة الخاتمة فأما النبيون منهم فيتمثــّـل ذلك بالنبي محمد(ص) وأما الربانيون فهم آل محمد(ص) وأما غيرهم من العلماء فهم الأحبار وهذا ما تؤكده الروايات الشريفة:
                        1ـ عن الصادق(ع) قال(( إنّ ممّا اسـُُتحقــِّتْ به الإمامة التطهير والطهارة من الذنوب والمعاصي الموبقة التي توجب النار ثم العلم المنور بجميع ما تحتاج إليه الأمة من حلالها وحرامها والعلم بكتابها خاصِّه وعامِّه والمحكم والمتشابه ودقائق علمه وغرائب تأويله وناسخه ومنسوخه قلتُ وما الحجة بأنّ الإمام لا يكون إلا ّعالما ً بهذه الأشياء الذي ذكرتَ قال قول الله فيمن أذِنَ الله لهم في الحكومة وجعلهم أهلها( إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونورٌ يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار) فهذه الأئمة دون الأنبياء الذين يربّون الناس بعلمهم وأما الأحبار فهم العلماء دون الربانيين ثم أخبر فقال(بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء) ولم يقل بما حملوا منه)). بحار الأنوار ج25 ص149
                        2ـ عن الباقر(ع) قال(( قال قلت له بلغني أنك تقول من طلـّق لغير السُنـّة أنك لا ترى طلاقه شيئا ً فقال(ع) ما أقول بل الله عزّ وجلّ يقوله أما والله لو كنا نفتيكم بالجور لكنا شرا ًمنكم إنّ الله يقول( لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السُحت...) )). الكافي ج6 ص57

                        تعليق


                        • #13
                          السلام عليكم

                          يرفع

                          تعليق


                          • #14
                            السلام عليكم

                            يرفع

                            تعليق


                            • #15
                              بسم الله الرحمن الرحيم
                              الحمد لله والصلاة والسلام علي الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم وعلي أل بيته الأطهار وأصحابه الأخيار ومن تبعهم بإحسان الي يوم الدين ـــ
                              أما بعد ـ،،،


                              باقر علم النبيين


                              انت هيك خلصت ولا عندك شي ثاني حاب تكتبه

                              يعني انت مصدق انه في أحد ح يقرأ المئة صفحه الا نسختهم

                              هدانا الله وهداكم
                              النابغه

                              تعليق

                              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                              حفظ-تلقائي
                              x

                              رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                              صورة التسجيل تحديث الصورة

                              اقرأ في منتديات يا حسين

                              تقليص

                              لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                              يعمل...
                              X