إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

سؤال للأعضاء لماذا سالم الحسن و قاتل الحسين

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سؤال للأعضاء لماذا سالم الحسن و قاتل الحسين

    لقد تنازل الحسن بن علي ـ رضي الله عنهما ـ لمعاوية وسالمه، في وقت كان يجتمع عنده من الأنصار والجيوش ما يمكنه من مواصلة القتال. وفي المقابل خرج أخوه الحسين ـ رضي الله عنه ـ على يزيد في قلة من أصحابه، في وقت كان يمكنه فيه الموادعة والمسالمة.
    فلا يخلو أن يكون أحدهما على صواب، والآخر على خطأ؛ لأنه إن كان تنازل الحسن مع تمكنه من الحرب (صواب) كان خروج الحسين مجرداً من القوة مع تمكنه من المسالمة (خطأ)، وإن كان خروج الحسين مع ضعفه (صواب) كان تنازل الحسن مع ( قوته)خطأ!
    وهذا يضعكم في موقف لا تحسدون عليه؛ لأنكم إن قلتم : إنهماجميعا على حق، جمعتم بين النقيضين، وهذا القول يهدم أصولكم. وإن قلتم ببطلان فعل الحسن لزمكم أن تقولوا ببطلان إمامته، وبطلان إمامته يبطل إمامة أبيه وعصمته؛لأنه أوصى إليه، والإمام المعصوم لا يوصي إلا إلى إمام معصوم مثله حسب مذهبكم.
    وإن قلتم ببطلان فعل الحسين لزمكم أن تقولوا ببطلان إمامته وعصمته، وبطلان إمامته وعصمته يبطل إمامة وعصمة جميع أبنائه وذريته؛ لأنه أصل إمامتهم وعن طريقه تسلسلتالإمامة، وإذا بطل الأصل بطل ما يتفرع عنه!
    التعديل الأخير تم بواسطة مغربي حر; الساعة 30-08-2007, 11:45 PM.

  • #2
    انتظر مع الاخ مغربى

    تعليق


    • #3
      أتمنى أن تكون إجابة الزملاء الشيعة في صـُـلب الموضوع .. لأن هذا الإلزام فيه حرج كبير .. فربما تكون هناك مراوغات وتشتيت للفكرة للإبتعاد عن الحرج .
      بالإنتظار .. وبارك الله فيك يا أخي مغربي حر .

      تعليق


      • #4
        بسم الله الرحمان الرحيم
        اللهم صلي على محمد و آلأ محمد
        أما بعد...........
        بإتصار
        عندما نزل الوحي على رسول الله (ص) كان السلام أنا ذاك ضعيف .و كانت عبادت الأصنام, تمثل الدين.
        فبدء الرسول الله (ص) بالدعوة السرية للإسلام.و عندما قوي الإسلام ,بدء الرسول(ص) بالدعوة العلنية.(و هذا متفق عليه)
        أما للإمام الحسن(ع)لم يخرج على معاوية لئن معاوية كان داهية ,شيطان بصورة ملاك.كما كان أبي بكر و عمر وعثمان.
        و أما يزيد فكان فاسق يشرب الخمر و بقتل النفس الذكية,حيث قال الإمام الحسين(ع)عندما جاؤ ليأخذو البيعة منه ليزيد :"نحن أهل بيت النبوة و موضع الرساله و مختلف الملائكة بنا فتح الله و بنا ختم,و بزيد رجل فاجر شارب الخمر قاتل النفس المحترمة و مثلي لا يبايع مثله" .

        أنتظر ردودكم

        تعليق


        • #5
          المشاركة الأصلية بواسطة مغربي حر
          لقد تنازل الحسن بن علي ـ رضي الله عنهما ـ لمعاوية وسالمه، في وقت كان يجتمع عنده من الأنصار والجيوش ما يمكنه من مواصلة القتال. وفي المقابل خرج أخوه الحسين ـ رضي الله عنه ـ على يزيد في قلة من أصحابه، في وقت كان يمكنه فيه الموادعة والمسالمة.
          فلا يخلو أن يكون أحدهما على صواب، والآخر على خطأ؛ لأنه إن كان تنازل الحسن مع تمكنه من الحرب (صواب) كان خروج الحسين مجرداً من القوة مع تمكنه من المسالمة (خطأ)، وإن كان خروج الحسين مع ضعفه (صواب) كان تنازل الحسن مع ( قوته)خطأ!
          وهذا يضعكم في موقف لا تحسدون عليه؛ لأنكم إن قلتم : إنهماجميعا على حق، جمعتم بين النقيضين، وهذا القول يهدم أصولكم. وإن قلتم ببطلان فعل الحسن لزمكم أن تقولوا ببطلان إمامته، وبطلان إمامته يبطل إمامة أبيه وعصمته؛لأنه أوصى إليه، والإمام المعصوم لا يوصي إلا إلى إمام معصوم مثله حسب مذهبكم.
          وإن قلتم ببطلان فعل الحسين لزمكم أن تقولوا ببطلان إمامته وعصمته، وبطلان إمامته وعصمته يبطل إمامة وعصمة جميع أبنائه وذريته؛ لأنه أصل إمامتهم وعن طريقه تسلسلتالإمامة، وإذا بطل الأصل بطل ما يتفرع عنه!
          -------

          بسم الله الرحمن الرحيم
          اللهم صل على محمد و ال محمد
          السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
          اخي العزيز
          اول كلامك غير دقيق على الاطلاق فالامام الحسن لم يتنازل بالمعنى الذي ذكرته و انما كان هناك ما يسميه المؤرخون ( صلح الامام الحسن عليه السلام ) و هو كان مأمورا بذلك من قبل رسول الله صلى الله عليه و اله و انت ربما لم تسمع بقول رسول الله صلى الله عليه و اله حين قال مشيرا الى الامام عليه السلام ما مضمونه... ولدي هذا يصلح بين فئتين كبيرتين او عظيمتين من المسلمين.. و من جانب اخرى الامام ذهب للحرب و خانه الكثير ممن كان معه ان كان بواسطة مال معاويه او عسله المسموم الخ و حينها حين لم يجد معينا
          ولاانصارا يعتمد عليهم ووجد ان نسل رسول الله سوف يمحى من الوجود قام بما قام به من الصلح المذكور عنه تفصيليا في كتب المسلمين و ربما انقل اليكم تفاصيله قريبا.
          اذن ما تفضلت به في مقدمة مشاركتك باطل من اساسه ولا مجال للنقاش فيه.
          من جانب اخر المعصومون عليهم السلام منصوص عنهم من رسول الله صلى الله عليه و اله و الامام حين يوصي فانه يثبت كلام الرسول الاعظم صلى الله عليه و اله و ليس من عندياته..
          ان مقالك اخي العزيز ببطلان عصمة الائمه باطل من اساسه لانه العصمه ربانيه بقول رسول الله صلى الله عليه و اله و بنص القران الكريم و هناك مئات الروايات من ائمه الصحاح و غيرها من كتب المسلمين ما يثبت ذلك
          تحياتي لكم
          اخوكم
          ابراهيم علي عوالي العاملي
          التعديل الأخير تم بواسطة ibrahim aly awaly; الساعة 31-08-2007, 12:15 PM.

          تعليق


          • #6
            صلح الحسن بن على عليهم السلام


            بُويع الامام الحسن بن علي(عليه السلام) بعد استشهاد أبيه(1)(عليه السلام) بالخلافة والامامة يوم الجمعة الحادي والعشرين من شهر رمضان المبارك سنة 40 هـ وكانعمره الشريف سبعاً وثلاثين سنة وبقي بالخلافة أربعة أشهر وثلاثة أيام فرّتب العمالوأمّرَ الامراء، وخطب الناس صبيحة يوم استشهاد والده(عليه السلام) فحمد الله وأثنىعليه وصلى على جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم قاللقد قُبض في هذهالليلة رجلٌ لم يسبقه الاولون بعمل ولم يدركه الاخرون بعمل، لقد كان يجاهد مع رسولالله(صلى الله عليه وآله وسلم) فيقيه بنفسه وكان رسول الله(صلى الله عليه وآلهوسلم) يوجهه برايته فيكنفه جبرائيل من يمينه وميكائيل عن شماله ولا يرجع حتى يفتحالله على يديه... إلى آخر الخطبة...

            فقام عبد الله بن العباس وقال: معاشرالناس هذا ابن نبيكم ووصي إمامكم فبايعوه، فاستجاب له الناس فقالوا: ما أحبه إليناوأَوجَبَ حقه علينا.. وبادروا بالبيعة له، ولكن الكوفيين ما وفوا بعهدهم وخانوه،وكان معاوية يُسل إلى أمراء عسكره ويخدعهم ويُرَّغِبهم في المسير اليه فانْسَلَبعضهم في جوف الليل إلى معسكر معاوية ،والامام الحسن علِم بخذلان القوم له وفسادنياتهم، وليس له أعوان وانصار إلا القليل من خاصته و محبيه وشيعة أبيه(عليهالسلام)(2) فرأى الامام الحسن(عليه السلام) إن الصلح مع معاوية أولى حقناً لدماءالمسلمين وحفاظاً على الوحدة الاسلامية بعد جده رسول الله صلى الله عليه وآله(3) وأبيه علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السلام).
            ما الحكمة في الصلح؟
            قالرسول الله صلى الله عليه وآله: إن ابني هذا سيد أهل الجنة (يقصد الامام الحسن(عليهالسلام)) وسيُصلحِ الله به بين فئتين عظيمتين من المؤمنين.
            وعند استقراء الاحداثالتالية للصلح تتكشف الحقيقة وتتبين للتأريخ حكمة الامام الحسن(عليه السلام) فيالصلح إذ ان الصلح كشف زيف معاوية بن أبي سفيان وما كان يدعيه من الدين والحفاظ علىوحدة المسلمين وادعائه المطالبة بدم عثمان المقتول ظلما ًوعندما انتهت الخلافة إليهنسي ذلك المقتول ظلماًولم يُطالب بقتلته أصلاً، ولا يفوتنا أن نذكر للتأريخ ان صلحالامام الحسن(عليه السلام) مع معاوية كأنما سحب البساط من تحت قدمي معاوية الذي دفعالاموال الطائلة للمراهنة على إسقاط حِجِية أهل البيت النبوي(عليهم السلام) فيخلافته للمسلمين وبذلك كان هذا الصلح هو التمهيد لثورة الامام الحسين(عليه السلام) وكما قال المؤرخون السياسيون ان ثورة الامام الحسين(عليه السلام) هي حسنية المنشأحسينية التنفيذ لان الامام الحسن(عليه السلام) بهذا الصلح أعطى فرصة كبيرة للمسلمينالمغشوشين بمعاوية ليتعرفوا على زيغه وبُعده عن الاسلام والقرآن إذ أن هذا الصلح قدعَرّى معاوية وكشفه للرأي العام بصورته الحقيقية عندما خطب بأهل العراق بعد توقيعالصلح وأصبح خليفةً للمسلمين قائلاً:
            (
            إني والله ما قاتلتكم لتصّلوا أولتصومواأو لتحجّوا أو لتزكوا ولكني قاتلتكم لأتأمَّرَعليكم وقد أعطاني الله ذلك وأنتمكارهون لها وقد أعطيت الحسن المواثيق وها هي تحت قدمي..)
            أُنظر بعين البصيرة انرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صالَحَ المشركين في صلح الحديبية وكان قوياومن موقع القوة ولكنه احترم الميثاق والعهود مع المشركين وها هو معاوية الباغي يعطيالمواثيق والعهود للامام الحسن(عليه السلام) الذي جده رسول الله (صلى الله عليهوآله وسلم) وها هو يتبجح ويقول بلا استحياء ولا خجل (وقد أعطيت الحسن المواثيقوالعهود وها هي تحت قدمي) وهذا دليلٌ دامغ للذي يعُدُ معاوية من المؤمنين، ومنالجدير بالذكر أنّ أئمة أهل البيت(عليهم السلام) لم يكونوا قط دعاة حرب بل دعاةسلام، هذا اولاً، وثانياً: ان أئمة أهل البيت (عليهم السلام) يعدون كتلة واحدة أوبتعبيرٍ آخر اعتبارهم شخصاً واحداً ،كُلُ واحدٍ منهم قد أدّى دوره الشرعي ،ذلكبوصية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي أكد على ان الائمة من بعده إثناعشر خليفة كلهم من قريش ،وفي أحاديث أُخرى ذكر أسماءهم أيضاً.
            ما هي شروطالصلح؟
            اجبر الامام الحسن(عليه السلام) على أن يُصالح ولكن بشروط ، ومن هذهالشروط:
            1-
            يلي الخلافة معاوية أولاً بشرط السير بسيرة الرسول الاكرم (صلى اللهعليه وآله وسلم) وفق الكتاب والسُنة ومعنى ذلك ان معاوية لم يكن من السائرين بسيرةرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن ثم يلي الامر الامام الحسن(عليه السلام) ومن بعده الامام الحسين(عليه السلام).
            2-
            أن لا يتعقب معاوية اتباع الامامعلي(عليه السلام) ولا يقطع العطاء عنهم. ولكن معاوية لم يف بهذه الشروط إذ دس السمللأمام الحسن(عليه السلام) عن طريق زوجة الامام جعدة بنت الأشعث وأمر الناس بالبيعةلولده الفاسق يزيد وبالنسبة للشرط الآخر أنه قطع العطاء عن كل من له صلة للأمامعلي(عليه السلام) ويعد من شيعة علي(عليه السلام) إذ تعقب أصحاب الأمام علي(عليهالسلام) واحداً واحداً وقتلهم كحجر بن عدي الذي أشهد عليه جملة من الذين باعواأنفسهم للشيطان شهادات زور في خلعه الطاعة ومفارقة الجماعة ونفذ العقاب عليه بالقتلبجرم مُلفق.. وغيره من الصحابة قتلهم بهذه الطريقة..(4) فيما يلي مقطع من خطبةالامام الحسن(عليه السلام) في صلحه مع معاوية قال فيها: (أيها الناس إنكم لو طلبتمما بين جابلقا وجابرسا(5) رجلاً جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما وجدتمغيري وغير أخي(6) وان معاوية نازعني حقاًهو لي فتركته لصلاح الامة وحقن دمائها وقدبايعتموني على أن تسالموا من سالمت وقد رأيت أن أُسالمه وأن يكون ما صنعت حجة علىمن يتمنى هذا الامر وان أدري لعله فتنة لكم ومتاع الى حين )(7)
            الهوامش:
            1-
            الارشاد للمفيد ص307
            2-
            المجالس السنية -السيد محسن الامين العاملي ج5ص216-ص217
            3-
            المناقب : لابن شهرآشوب ج4ص31 (نُقِلَ بتصرف)
            4-
            المناقب :ج4ص35
            5-
            جابلقا وجابرسا : وهما منطقتان إحداهما في المشرق والاخرى في المغرب
            6-
            أخيه:قيصد أخيه الحسين (عليه السلام)
            7-
            الطبري :تأريخ الامم والملوك ج6ص149- 155

            تعليق


            • #7
              لهذه الأسباب صالح الإمام الحسن (عليه السلام)

              شهاب الدين الحسيني



              إن صلح الإمام الحسن (عليه السلام) مع معاوية هو بالتأكيد معالجة نظر فيها الإمام (عليه السلام) إلى المصلحة الإسلامية، وبالرجوع قليلاً إلى الوراء نجد أن هذه الحادثة لا تنفصل مطلقاً عن مجموعة أحداث شكلت فيما بعد صراعاً داخل الجسد الإسلامي الواحد، ولعل معاوية بن أبي سفيان وجد فرصة ثمينة في توجيه الاختراق الذي حصل بعد وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مباشرة. حيث استثمر الأحداث لصالحه بعد أن أعدّ لنفسه جيشاً وسلطاناً بعيداً عن مركز الدولة الإسلامية، وقد وجد في دم عثمان ذريعة للتمرد على قرار الحل والعقد، واستعداده للتصادم مع الإمام علي (عليه السلام) ثم مع الإمام الحسن (عليه السلام) عسكرياً.
              لا شك أن معاوية قد استغرق في إعداد حكمه وجيشه فترة طويلة، وتمرن على المناورة السياسية، واستمكانه لجيش جرار تحت قيادته بطرق مختلفة حقق من خلالها طاعة جيش الشام له، وحيث اعتمد على كل الأساليب غير الشرعية من أجل تمويه وعي الأفراد المنخرطين في جيشه، فقد بدأ على أهبة الاستعداد لدخول أي معركة مفاجئة.
              أما الإمام الحسن (عليه السلام) فقد تولى أمة عصفت بها الأحداث والفتن، وبدأت تختلف على الفتن وتلتقي أحياناً على المبررات المموهة بأحابيل وسلطة الشام، وهكذا تداعت الأحداث بشكل عجيب بحيث أوصلت معاوية على رأس سلطة تستحوذ على كل موازين القوة، بينما جاء الإمام الحسن (عليه السلام) ليجد نفسه أمام مرحلة طويلة من الإعداد، وترميم مواقع سياسية وعسكريّة وحتى اقتصاديّة واجتماعية مرتبكة.
              ولأن قرار الحرب بين السلطة الشرعية للإمام الحسن (عليه السلام) وبين التمرد الذي يمثله موقع معاوية في الشام يخدم الثاني بسب الفترة الطويلة نسبياً في إعداد سلطانه وجيشه وحتى إدارته، فإن الصلح كان نتيجة طبيعية لاختلال موازين القوى بين الطرفين وإدراكاً من الإمام الحسن (عليه السلام) بضرورة حفظ كيان الإسلام وصيانة وجوده المتمثل بالدولة الإسلامية آنذاك.
              لكن قرار الصلح كغيره من قرارات القيادة الشرعية لم يكن موقف خال من المبررات الموضوعية التي تجعله قراراً صائباً وسليماً في مرحلة تعتبر من ضمن أخطر المراحل التي مرت بها التجربة الإسلامية الفتية آنذاك. ولهذا لعبت أربع عوامل في تحديد قرار الصلح سنذكرها بإيجاز.
              أولاً: شرعية الصلح
              إذا كان الإجراء ـ أي إجراء ـ يتعلق بالمصلحة الإسلامية العليا، فمن الطبيعي أنه ينطبع بالطابع الشرعي، أي لا إشكال في اتخاذه من الناحية الشرعية، أما إذا عرفنا أن صاحب هذا الإجراء هو الإمام الحسن (عليه السلام) وهو إمام قام أو قعد، فلك أن تتصور الحكمة التي يتضمنها قرار بهذا المستوى.
              فالإمام (عليه السلام) كان يحتل موقعاً قيادياً ليس من ذلك النوع الذي يتم الاستحواذ عليه بالقوة والقهر كما هو الحال في تمرد معاوية على الشرعية الإسلامية، وحيث تجد العصمة والإمامة في شخصية الإمام الحسن، فضلاً عن السيرة والتربية التي نهل بها من الوحي ونبوة جده (صلّى الله عليه وآله)، ومن الإمامة وولاية أبيه (عليه السلام) فإن قيادة الإمام الحسن (عليه السلام) كانت تدرك مصلحة الإسلام من أدق تفاصيلها، ولذلك (كان الصلح أمراً ضرورياً يحتمه الشرع ويلزم به العقل) (1).
              إن الدولة الإسلامية آنذاك كانت بأمس الحاجة إلى هدوء أوضاعها الداخلية بعد أن أدت الاضطرابات التي سبقت صلح الإمام الحسن في نضوج الفتن الصفراء التي شغلت الدولة عن الجبهة الخارجية، واستمرار معاوية في البحث عن الزعامة على حساب أشلاء المسلمين يؤدي بالتأكيد إلى إحداث شروخ عميقة في جسد الأمة، فضلاً عن الانقسامات التي تعني في نهايتها خطورة وضع الدولة أمام الأعداء الطامعين في تمزيقها وتناثرها، ولهذا كان من الطبيعي أن يدرك الإمام الحسن (عليه السلام) خطورة هذا الوضع، حيث أصبح أمام خيارين هما:
              إما أن يتنازع مع معاوية فتأتي النتائج لغير صالح الإسلام بالمرة.
              وإما أن يميل إلى الصلح ويحفظ الوجود الإسلامي على الأقل، ويمارس عميلة الإصلاح خارج أداة الدولة، وهكذا فعل.
              هذا وقد أدرك الإمام (عليه السلام) أن الأوضاع القائمة لا تساعده في حسم الموقف حتى إذا افترضنا أنه سيقدم تضحيات على هذا الجانب، ذلك أن الأمة الإسلامية تعرضت لهزات عنيفة في الداخل عندما نشط المغرمون في السلطة، وأصبحت ظاهرة نشوء القيادات والأحزاب واقع قائم احتدم فيه الصراع بشكليه المسلح وغير المسلح.
              ولمّا كان الإمام الحسن (عليه السلام) إمام بشهادة الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله): (الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا) و(الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة) (2). فليس من المعقول أن يبتعد قرار الإمامة السياسي - وفي حادثة تشكل منعطفاً خطيراً على مستقبل الإسلام والدولة الإسلامية - عن المصلحة الإسلامية، هذا على أن الإمام الحسن قد عاصر فترة من أشد الفترات سخونة في تاريخ الدولة الإسلامية وتابع عن كثبت التقلبات السياسية التي حصلت بعد وفاة جده (صلّى الله عليه وآله) واطلع عن قرب على قرارات الإمامة والقيادة، ومواقفها تجاه الأحداث العاصفة، وأحاط بكل التفاصيل التي عالجها أبوه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام).
              ومن هنا يبدو تصرف الإمام الحسن (عليه السلام) خلاصة لفهم واقعي عن وضع معقد جداً، وحكمة بالغة للحفاظ على الدولة الإسلامية، ذلك أن حكم معاوية ووجوده على رأس السلطة إذا كان يتضمن ضرراً واضحاً على التجربة الإسلامية الحديثة، فإن الصراع الذي يهدد الوجود الإسلامي برمته هو بالتأكيد الضرر الأكبر، وعندئذ يكون أهون الشرين هو الصلح.
              ثم إن الفترة الزمنية التي أمضاها معاوية في الحكم بدمشق مكنته من إعداد جيش قوي، وتوفير إمكانات كافية لإعلان الانفصال عن الدولة المركزية كاحتمال وارد إذا لم يستطع حسم الصراع لصالحه، أضف إلى ذلك أن واقع الأمة الإسلامية وتراكم الأحداث وتداعيها بتلك الصورة ربما كان لا يسمح للإمام الحسن الدخول في مواجهة مسلحة مع معاوية، ولهذا وذاك بقاء الدولة الإسلامية التي تتبنى الإسلام كقاعدة فكرية لها أفضل من كل النتائج الأخرى.
              ثانياً: الظروف
              لا شك أن الظروف تتحكم بدرجة كبيرة في اتخاذ القرار، ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا أن القرار السياسي يؤسس على حسابات الظروف القائمة والمتوقعة حتى مع توفر أسبابه الموضوعية الأخرى، ولذلك فإن هذه المسألة شكلت ظاهرة طبيعية حتى في قرارا الرسول (صلّى الله عليه وآله) والإمام علي (عليه السلام) الظروف غير المؤاتية هي التي أجلت قرار الحرب عند الرسول مثلاً، في حين أصبح تغيّر بعض الظروف سبباً في الانتقال إلى المواجهة العسكرية مع الكفار، وهكذا مع الإمام علي (عليه السلام) أيضاً.
              فالظروف مرة تكون بهيئة عوامل مساعدة لاتخاذ القرار، ومرة أخرى تكون بهيئة معوقات ضد القرار، ومن هنا يمكن تقسيمها إلى نوعين.. ظروف سلبية وأخرى إيجابية.
              الظروف السلبية
              وهي تلك العوامل والتغيرات التي حصلت في الواقع القائم والتي كانت لغير صالح اتخاذ قرار الحرب من قبل الإمام الحسن (عليه السلام) ومنها:
              1ـ عدم توفر الحشد العسكري المؤمن الذي يكافئ جيش معاوية ويتفوق عليه، ويمكن أن تلمس ذلك وبدقة من خلال قول الإمام (عليه السلام) نفسه حيث قال: (والله ما سلمت الأمر إليه إلا أني لم أجد أنصاراً، ولو وجدت أنصاراً لقاتلته ليلي ونهاري) (3).
              2ـ فقدان وحدة الرأي في جيش الإمام. إذ أن أخطر مظاهر تفكك الجيش هي توزع الرأي على عدة اتجاهات، ولما كان جيش الإمام الحسن خليط من مختلف الاتجاهات والفئات، فإن دخول المعركة بجيش تحكمه الاجتهادات المتنوعة والآراء المختلفة وعدم انضباطه بالقرار المركزي للقيادة هو أشبه بعملية الانتحار، ولذلك نجد أن الإمام الحسن (عليه السلام) لا يعتبر أن أهل الكوفة مؤهلين كي يدخل المعركة بهم.. يقول (عليه السلام): (إني رأيت أهل الكوفة قوماً لا يوثق بهم، وما اغتر بهم إلا من ذل، ليس رأي أحد منهم يوافق الآخر) (4).
              3ـ تواطؤ كثير من أفراد الجيش مع معاوية، حيث كتب أكثر أهل الكوفة إلى معاوية: (فإنا معك وإن شئت أخذنا الحسن وبعثناه إليك) (5).
              4ـ سريان الفتن والإشاعات داخل صفوف الجيش بسبب نفوذ الدعايات التي يبثها معاوية في أوساط جيش الإمام الحسن كجزء من الحرب النفسية لتثبيط عزيمة الجيش وتفكيكه من الداخل، منها على سبيل المثال تلك الشائعة التي سرت قبل أن يصالح الإمام الحسن (عليه السلام) معاوية والتي مفادها (إن الحسن يكاتب معاوية على الصلح، فلم تقتلون أنفسكم) (6).
              5ـ تمايل الجيش نحو الصلح وعدم رغبته في القتال، حيث أن الحرب النفسية التي شنها معاوية عن طريق شراء الذمم وتجنيد الخونة أدت إلى تثاقل الأفراد، وهروب بعضهم إلى جانب معاوية ممّا أدى إلى خلخلة الجيش من الداخل.
              الظروف الإيجابية
              وهي تلك الظروف التي يمكن اعتبارها عوامل مساعدة لتحرك موقع الإمامة القيادي الذي تمثل بشخص الإمام السن (عليه السلام) وإذا استذكرنا عوامل السلب الكثيرة في حالة اتخاذ قرار الحرب، ومنازلة معاوية، لم يبق أمام الإمام الحسن (عليه السلام) إلا استثمار الظروف الإيجابية وهي تلك التي شجّعت الإمام (عليه السلام) على الصلح أملاً في استثمار الشروط التي أدرجها الإمام في وثيقة الصلح مع معاوية.
              فالإمام (عليه السلام) أمامه فرصة موافقة معاوية على شروطه، حيث عندها يستطيع أن يصلح الأوضاع قدر المستطاع باتجاه تعزيز وجود الدولة الإسلامية وجمع شتات الأمة ورص صفوفها وتوحيد كلمتها على النحو الذي يتم فيه تطهير مفاصل الدولة ومؤسساتها من وجود العابثين والظواهر القاتلة التي أوجدوها. هذا على أن معاوية إذا لم يف بالشروط التي يوقعها فإن هذا النكث يشكل عاملاً مهماً في كشف زيف معاوية أمام الرأي العام، وبالتالي يكسب الإمام الحسن (عليه السلام) المعركة السياسية على الأقل.
              شروط الإمام الحسن (عليه السلام)
              اشترط الإمام الحسن (عليه السلام) على معاوية: (ترك سب أمير المؤمنين والعدول عن القنوت عليه في الصلوات، وإن يؤمن شيعته ولا يتعرض لأحد منهم بسوء ويوصل إلى كل ذي حق حقه) (7).
              وصالحه على: (أن يسلّم إليه ولاية أمر المسلمين، على أن يعمل فيهم بكتاب الله وسنة رسوله (صلّى الله عليه وآله) وسيرة الخلفاء الصالحين، وليس لمعاوية بن أبي سفيان أن يعهد إلى أحد من بعده عهداً، وعلى أن أصحاب علي وشيعته آمنون على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم) (8).
              وبايعه على أن: (لا يسميه أمير المؤمنين، ولا يقيم عنده شهادة، وعلى أن لا يتعقّب على شيعة علي شيئاً، وعلى أن يفرّق في أولاد من قتل مع أبيه يوم الجمل وأولاد من قتل أبيه بصفين ألف ألف درهم وإن يجعل من خراج دار ابجرد) (9).
              وعود معاوية
              وعد معاوية الإمام الحسن (عليه السلام) بوعود عديدة منها: لك الأمر من بعدي، ولك ما في بيت مال العراق من مال بالغاً ما يبلغ تحمله إلى حيث أحببت، ولك خراج أي كور العراق شئت، ومعونة لك على نفقتك، يجبيها أمينك ويحملها إليك في كل سنة، ولك أن لا نستولي عليك بالإساءة، ولا نقضي دونك بالأمور، ولا نعصي في أمر أردته به طاعة الله) (10).
              وهذه الشروط والوعود تفرض منطقياً على كل من يفاضل بين الحرب والصلح، أن يختار الصلح مع تلك الظروف والموازنة العسكرية غير المتكافئة لغير صالح الإمام الحسن (عليه السلام) وإلا فإن معاوية سيستلم السلطة إما بانتصاره العسكري أو بقتل الإمام الحسن (عليه السلام) من قبل عملائه المندسين في جيش الإمام أو بسره، وفي النتيجة ستؤول السلطة إلى معاوية دون أي شروط أو قيود تقيّده أمام المسلمين.
              ثالثاً: المصلحة العامة للمسلمين
              قرار الصلح انطوى على مصلحة عامة للمسلمين وللحركة التاريخية الإسلامية، وإذا كان لأي حكم شرعي مصلحة يتضمنها فمن باب أولى أن يكون لأخطر موقف وهو الصلح وفي تلك الظروف الحساسة المصلحة على المدى القريب والبعيد، وأهم مصاديق المصلحة الإسلامية العامة هي:
              أ) وحدة الدولة والمجتمع
              قل الإمام علي (عليه السلام): (ألا وإن ما تكرهون في الجماعة خير لكم ممّا تحبون في الفرقة) (11).
              ووقوع التصادم العسكري ينتهي حتماً إلى إحدى النتيجتين وهي أمام قيام دولتين، أو انتصار أحد الطرفين وخروجه من المعركة ضعيفاً فتتشتت الدولة والمجتمع، وكلاهما خسارة فادحة.
              ب) حقن الدماء وإطفاء نار الفتنة
              عندما تواجه الدولة الإسلامية أخطاراً خارجية، فإن الصراع الداخلي هو في الحقيقة كارثة تضع مستقبل الدولة في مهب الريح، وعليه فإن حقن دماء المسلمين وتوجيه قوتهم نحو الخارج لا شك إنها قضية تستوجب النظر إليها في إطار المسؤولية والحرص على كيان الأمة والإمام الحسن (عليه السلام) يدرك النتائج التي سببها عصيان معاوية والمعارك الطاحنة التي دارت رحاها في الداخل من قبل، ويدرك أيضاً أن وضع الدولة الإسلامية ربما لا يحتمل صراعاً من هذا النوع، فأراد أن يحقن الدماء أملاً في تصحيح المسيرة، وهو مكسب بلا شك كبير وضعه الإمام (عليه السلام) من جملة أهداف الصلح.
              يقول (عليه السلام): (وقد رأيت أن حقن الدماء خير من سفكها، ولم أرد بذلك إلا إصلاحكم وبقاءكم) (12).
              ج) الحفاظ على الوجود الإسلامي
              إذا كان لكل حرب استحقاقاتها الخاصة، فإن دخول الإمام الحسن (عليه السلام) في حرب مع معاوية بن أبي سفيان يعني وضع جميع إمكانات الدولة الإسلامية وقوتها العسكرية في صراع يأكل الوجود الإسلامي من الداخل، وبالتالي سيكون هذا الوجود ضعيفاً منهكاً يتهاوى لمجرد أي ضربة متوقعة من الخارج، أو فتنة من الداخل وعليه فقد خطر الصلح في نفسه لأول مرة، كيف لا والإسلام يواجه خطر أعدائه إلى جانب خطر المفروضين عليه باسمه (13).
              د) المتفرغ لتصحيح المسار
              الصلح يعني بقاء الصفوة الخيرة في وسط الأمة من أجل تنظيم صفوفها وتنسيق برامجها في الإصلاح والتغيير وتحكيم المفاهيم والقيم الإسلامية الأصيلة والوقوف بوجه الزيف والتدليس وتحجيم الانحراف والتآمر على الإسلام باسمه. والإمام الحسن (عليه السلام) عندما هادن معاوية وتنازل عن الحكم اتجه إلى تغيير الأمة وتحصينها من الأخطار التي كانت تهددها والإشراف على القاعدة الشعبية وتوعيتها بمتطلبات الشخصية الإسلامية وتعبئتها بمستوى التغيير الرسالي للإسلام ولبعث الأمة من جديد (14).
              رابعاً: مصلحة خط الإمامة
              لقد واجه الخطر العلوي ومنذ اللحظات الأولى لوفاة الرسول إلى محاولات كثيرة لتحديده عن واقع الممارسة السياسية رغم أن وصايا الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) تتضمن إشارات ونصوص واضحة وصريحة على ضرورة تفعيل دور الإمام في الحياة الإسلامية وتمكينها من واقع المسلمين بما يحفظ وجود الدولة وديمومة الإسلام. ولأن وجود هذا الخط هو من الضرورات التي تستوجب التضحيات فلابدّ أن يحفظ الإمام الحسن (عليه السلام) هذه القضية بدقة أثناء مواجهته مع معاوية.
              وحيث أن القاعدة العريضة من الأمة التي اندرجت في خط الشرعية الإسلامية تحتاج إلى القائد الذي يوجه سلوكها وحركتها نحو أهداف الإسلام الكبرى، فإن وجود القائد الإمام المعصوم يعد من أوليات حفظ هذا التيار الشرعي وتدعيم حركته نحو وضع التحرك الإسلامي العام في إطاره الصحيح، ولهذا فإن الصلح إذا كان يعني المحافظة على الصفوة الخيرة من أتباع أهل البيت (عليهم السلام)، فهو أيضاً يجعل القيادة المعصومة حاضرة في الأحداث وفي المسيرة بما يحفظ الشرعية الواعية للأمة وتوسيع قاعدتها، وتوجيه الدولة والأمة صوب المسار الصحيح لحركتها.
              وبملاحظة شروط الإمام نجد أنه (عليه السلام) استطاع أن يصنع له دوراً بارزاً في حركة الواقع الإسلامي، وقد دعم هذا الوجود بلفت انتباه الأمة له من خلال عدم اعترافه بشرعية معاوية (15). وحينما نفحص الشرط الآخر للإمام (عليه السلام) وهو الذي ينص على حرية الإمام والشيعة في الاعتراض على معاوية وولايته فإننا سنجد أن الإمامة وقاعدتها ستوسع من نشاطها السياسي والإعلامي باتجاه توعية الأمة وتصحيح فهمها وفضح الممارسات الشاذة للسلطة الأموية. وهو عين إعداد الأمة في مناخ سياسي يسمح بالحركة السياسية.
              أخيراً: إن جواز الصلح شرعاً، ولضغط الظروف القاهرة، وحفاظاً على المصلحة الإسلامية العليا.. كل ذلك جعل الإمام يدفع الحرب بالصلح ضمن شروط وضعت على أساس خدمة الأهداف الإسلامية، وإذا ضحى الإمام (عليه السلام) بالسلطة الفوقية من أجل سلامة البنى التحتية، فإن الواقع الذي يعيشه المسلمون في العصر الراهن هو في الحقيقة استمرار لذلك الموقف المسؤول الذي اتخذته الإمامة المعصومة.
              الهوامش:
              1- القرشي، باقر شريف، حياة الإمام الحسن، ط4، 1399، هـ ص219.
              2- كنز العمال، ج12، ص112.
              3- بحار الأنوار، ج44، ص147، ط2 المصححة، بيروت، 1403هـ.
              4- نفس المصدر السابق، ص24.
              5- نفس المصدر السابق، ص45.
              6- شرح نهج البلاغة، ج4، ص15.
              7- بحار الأنوار، ج44، ص48.
              8- نفس المصدر، ص65.
              9- بحار الأنوار، ج44، ص3.
              10- شرح نهج البلاغة، ج16، ص36.
              11- الإرشاد للشيخ المفيد، ص169.
              12- القرشي، باقر شريف، حياة الإمام الحسن، ص264.
              13- سليمان كامل، الحسن بن علي دار الكتاب اللبناني، 1979، ص105.
              14- الأديب عادل، دور أئمة أهل البيت في الحياة الإسلامية، 1408هـ، 198.
              15- كان ذلك شرطاً من شروط الصلح حينما رفض الإمام أن يسمي معاوية أمير المؤمنين.


              تعليق


              • #8
                الصلح الحسني والكيد السفياني

                مقدمة لا بد منها:
                بسم الله الرحمن الرحيم
                والحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين، واللعنة الدائمة علىأعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
                وبعد..
                فإن المثل يقول: «من كان بيته منزجاج، فليس له أن يرشق الناس بالحجارة».. وإذا ما فعل أحد ذلك، وقابله المظلومون،المعتدى عليهم بالمثل وتحطم بيته الزجاجي، فلا يلومنَّ إلا نفسه، فإنما «على نفسهاجنت براقش».
                وإن أمرنا مع المتعصبين، والمتحاملين على أهل البيت عليهم السلام،الذين نذروا أنفسهم لنقض فضائلهم، وتصغير شأنهم، وغمط حقوقهم صلوات الله عليهم، حتىأصبح ذلك هو شغلهم الشاغل، وخبزهم اليومي.. إن أمرنا مع هؤلاء، قد أصبح مصداقاًلذلك المثل الذي عرضناه آنفاً..
                فهؤلاء المتحذلقون لا يملكون من الحق والصوابإلا الدعاوى العريضة، والاستعراضات، والانتفاخات الفارغة، التي تخفي وراءها الوهن،والعُدْم، والفقر، والضّآلة، والضحالة، الأمر الذي يضطرهم إلى التزوير، والتعمية،وإلى استخدام وسائل الإرهاب والقهر، معتمدين علىحربة مسمومة، هي إثارة البغضاء،وشحن النفوس بالحقد، والضغينة، والكيد للحق وأهل الحق، وتصويره على أنه هو الباطل،والزيف، والكفر الصريح والقبيح..
                بل إنك ترى هؤلاء رحماء على الكفار ومعهم،يخفضون لهم جناح الذل والضعة، أشداء على المسلمين، والمؤمنين، يبطشون بهمأفحشالبطش، ويرتكبون في حقهم أعظم الجرائم، وتلك هي السنة التي سنها لهم وجرأهم عليهاإمامهم يزيد بن معاوية لعنه الله.. حتى إذا ما وجدوا أنفسهم في موقع العجز عن ذلك،سلقوا أهل الإيمان بألسنة حداد، سراً وجهراً، غير مبالين بما يصيب المسلمين من وهن،وأذى، وتمزق، من جراء ذلك..
                أما المسلمون الشيعة الإمامية، فإنهم يدركون أنهؤلاء لا يمثلون إلا أنفسهم، ويرون أن واجبهم ـ أعني الشيعة ـ هو أن يحفظوا لهذاالدين قوته، وللمجتمع الإسلامي وحدته، فالشيعة هم «أم الصبي»، التي تريد أن تحفظولدها بكل وسيلة، حتى لو كلفها ذلك حياتها..
                ولأجل ذلك، كانوا وما زالوا يكتفونبالرد على هؤلاء العابثين بالدين، وبوحدة المسلمين، بالكلمة الطيبة، وبمنطق العلم،والحوار الموضوعي الهادئ الصريح، والبنَّاء، والصحيح، فيدحضون شبهاتهم، ويزيفونادعاءاتهم، بالأدلة القاطعة، والبراهين الساطعة..
                ولكن أولئك سرعان ما يعودونلتكرار استعراضاتهم وانتفاخاتهم، وعرض بضائعهم الطحلبية ذاتها. ونسائجهم العنكبوتيةنفسها من جديد..
                ويعود أهل الحق والدين لفضح أباطيلهم، وتزييف أضاليلهم، علىقاعدة:
                «
                إن عادت العقرب عدنـا لهاوكـانت النعل لها حـاضرة»..
                ولا تزال هذهالدوامة تعصف بالكيان الإسلامي، وتتكرر عاماً بعد عام.. منذ العهد الأموي، وحتىيومنا هذا.. ونتوقع لها أن تستمر في المستقبل أيضاً..
                غير أن ما يحسن لفت النظرإليه هو أن هؤلاء على يقين من أن الشيعة الإمامية لهم نهج، وقضية، فهم لا يتعدوننهجهم، ولا يفرطون بقضيتهم، أي إنهم يعلمون: أن الشيعة لو أرادوا نشر ما لدى هؤلاءالحاقدين من بدع، وترهات، ومخازٍ وضلالات، لضاقت على هؤلاء الجناة على الدين وأهله،الأرض بما رحبت، ولكنهم يعلمون حرص الشيعة على عدم المقابلة بالمثل، إذا كانتسلبيات نشر هذه الفضائح، سوف تطال الكيان الإسلامي كله، وسوف تعصف براحته، وستؤثرعلى وحدته..
                ولأجل ذلك فهم يؤثرون ولا يزالون، تحمل هذا الأذى الكبير من هؤلاء،انطلاقاً من منطق الإسلام في آياته المباركة: {أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِرُحَمَاء بَيْنَهُمْ} (الآية 29 من سورة الفتح).
                ولأجل ذلك، فإننا نأمل أن لايظن أهل السنة: أننا حين نرد على هؤلاء، المتعوذين بالتسنن: أننا نقصدهم أيضاً فيخطابنا معهم، لإدراكنا العميق، المستند إلى العلم والمشاهدة: أن أهل السنة لا يرضونبمنطق هؤلاء، بل إن الكثيرين منهم قد تصدوا لهم كما تصدينا ونتصدى، وأدانوا منطقهمكما ندين. فنحن وإياهم في خندق واحد، في رد التجني، وفي التصدي لأهلالأهواء..
                حفظ الله هذه الأمة من أخطارهم، وصانها من شرورهم، وهدانا جميعاً إلىالتمسك بحبل ولاية أهل البيت عليهم السلام، والأخذ عنهم، والقبول منهم، استسلاماًوانقياداً لقول رسول الله صلى الله عليه وآله:
                «
                إني تارك فيكم الثقلين، ما إنتمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً، كتاب الله، حبل ممدود من السماء إلى الأرض،وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض..» أو نحو ذلك.. (كنز العمالج1 ص187، والمعجم الصغير للطبراني ج1 ص131 ـ 135 والمعجم الأوسط ج3 ص274 وج4 ص33والمعجم الكبير ج5 ص154 ـ 166 وكتاب السنة لعمرو بن أبي عاصم ص630 ومسند أبي يعلىج2 ص303 وشرح النهج للمعتزلي ج6 ص375).
                وبالمناسبة: فإن هناك من يوزع منشوراً،في مناسبات عاشوراء وسواها، يتضمن الكثير من التجني على الحق والتزوير للوقائع.. طلب منا بعض الإخوة النظر فيه، وبيان زيف ما فيه من دعاوى وأباطيل، فاستجبنا لطلبه،وأجبناه بما هو ماثل الآن أمام عيني القارئ الكريم، فنحن نذكر نص الرسالة، والمنشورأولاً، ثم نعقب على ذلك بما سنحت لنا الفرصة بتسجيله، فإلى ما يلي من مطالب، وفصول،وعلى الله نتوكل، ومنه نستمد العون والقوة.. إنه ولي قدير، وبالإجابة حريوجدير..
                وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..
                منشور الممهدينللسفياني:

                تعليق


                • #9

                  منشور الممهدينللسفياني:
                  أرسل إلينا بعض الأخوة الرسالة التالية:
                  بسم الله الرحمنالرحيم
                  إن جمعية يعود دعمها إلى الحركة الوهابية، وبعض الجمعيات المتعصبة فيمصر، تدَّعي أن من أنشطتها محاربة البدعة، قد نشرت كتباً وكتيبات توزع مجاناً علىالناس فيها الكثير من التجني على الشيعة..
                  ولقد وقع بيدي منشور كان يوزع فيالعاشر من المحرم، والآن هم يوزعون منه بمناسبة الأربعين لاستشهاد الإمام الحسينعليه السلام.
                  واسم هذا المنشور:
                  «
                  البرهان الجلي في مقتل الحسين بن علي رضيالله عنهما» قد رأيت أن أرسله لكم طباعة هنا على البريد الإلكتروني، حتى ترسلوا ليالرد بالطريقة التي ترونها مناسبة.
                  نص المنشور:
                  «
                  بويع يزيد للخلافة سنة ستينللهجرة، وكان له من العمر أربع وثلاثون سنة، ولم يبايع الحسين بن علي ولا عبد اللهبن الزبير رضي الله عنهم.
                  ذكر ابن كثير عن عبد الله بن مطيع وأصحابه أنهم مشواإلى محمد ابن الحنفية (محمد بن علي بن أبي طالب أخو الحسن والحسين) فراودوه على خلعيزيد فأبى عليهم، قال: ابن مطيع: إن يزيد يشرب الخمرة ويترك الصلاة. فقال محمد بنالحنفية: لقد لزمت يزيد فوجدته متحرياً للسنة غير تارك للصلاة.
                  وبلغ الخبر أهلالعراق أن الحسين لم يبايع ليزيد، فأرسلوا إليه الرسل والكتب أنّا قد بايعناك ولانريد إلا أنت، حتى بلغت أكثر من خمسمائة كتاب كلها جاءت من الكوفة.
                  فأرسل الحسينرضي الله عنه ابن عمه مسلم بن عقيل إلى الكوفة ليتقصى الأمور ويعرف حقيقةالأمر.
                  فلما وصل مسلم بن عقيل إلى الكوفة جاء الناس أرتالاً يبايعون مسلماً علىبيعة الحسين رضي الله عنه، فتمت البيعة عند أهل الكوفة للحسين.
                  فما كان من يزيدإلا أن أرسل عبيد الله بن زياد إلى الكوفة ليمنع مسألة الحسين أن يأخذ الكوفة لكيلا تعود الأمور كما كانت قبل عام الجماعة فيرجع القتال بين أهل العراق وأهل الشام،ولم يأمر عبيد الله بن زياد بقتل الحسين.
                  وبعد أن استقرت الأحوال وبايع الناسلمسلم بن عقيل، أرسل إلى الحسين رضي الله عنه أن أقدم وأن الجو قد تهيأ.
                  فخرجالحسين رضي الله عنه من مكة في يوم التروية قاصداً الكوفة.
                  فلما علم عبيد اللهبن زياد بذلك أمر بقتل مسلم بن عقيل، فما كان من الأخير إلا أن خرج مع أربعة آلافمن أهل الكوفة وحاصر قصر بن زياد، إلا أن أهل الكوفة ما زالوا يتخاذلون عن مسلم بنعقيل حتى بقي معه ثلاثون رجلاً من أربعة آلاف، فقتل رحمه الله يوم عرفة.
                  وكانالحسين رضي الله عنه قد خرج قاصداً العراق يوم التروية، وكان كثير من الصحابة نهواالحسين عن الخروج، منهم أبو سعيد الخدري وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس،وكذلك أخوه محمد بن الحنفية، وابن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي اللهعنهم.
                  قال الشعبي: «كان ابن عمر بمكة، فلما علم أنه توجه إلى العراق لحق به إلىالعراق على مسيرة ثلاثة أميال فقال: أين تريد؟
                  فقال: العراق، وأخرج له الكتبالتي أرسلت له من العراق وأنهم معه.
                  فقال له: هذه كتبهم وبيعتهم.
                  فقال ابنعمر: لا تأتيهم، فأبى الحسين إلا أن يذهب.
                  فقال ابن عمر: إني محدثك حديثاً: أنجبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فخيره بين الدنيا والأخرة فاختار الأخرة ولنيريد الدنيا وأنك بضعة منه، والله لا يليها أحد منكم أبداً ولا صرفها الله عنكم إلاللذي هو خير لكم، أبى أن يرجع، فاعتنقه ابن عمر فبكى وقال: استودعك الله منقتيل.
                  وكلمه أبو سعيد الخدري، قال: «يا أبا عبد الله إني ناصح لك وإني عليكممشفق وقد بلغنا أن قوماً من شيعتكم قد كاتبوكم من الكوفة فلا تخرج إليهم فإني سمعتأباك يقول:
                  «
                  والله إني مللتهم وأبغضتهم وملوني وأبغضوني»..
                  ولما علم عبيدالله بن زياد بقرب وصول الحسين أمر الحر بن يزيد التميمي أن يخرج بألف رجل ليلقىالحسين في الطريق، فلقيه قريباً من القادسية، وأخبره بخبر مسلم بن عقيل وأن أهلالكوفة قد خدعوك وخذلوك، فهم الحسين رضي الله عنه أن يرجع، فتكلم أبناء مسلم بنعقيل قالوا: «لا والله لن نرجع حتى نأخذ بثأر أبينا. عند ذلك رفض الحسين رضي اللهعنه الرجوع.
                  وأراد أن يتقدم فجاء الحر بن يزيد فسايره وقال: إلى أين تذهب يا بنبنت رسول الله؟
                  قال: إلى العراق.
                  قال: ارجع من حيث أتيت أو اذهب إلى الشامحيث يزيد بن معاوية ولكن لا ترجع إلى الكوفة.
                  فأبى الحسين، ثم سار إلى العراقوالحر بن يزيد يمنعه، فقال الحسين: ابتعد عني ثكلتك أمك، فقال الحر بن يزيد: واللهلو غيرك قالها من العرب لاقتصصت منه ولكن ماذا أقول وأمك سيدة نساء العرب.
                  فعندذلك امتنع الحسين عن الذهاب.
                  ثم جاءت مؤخرة الجيش وكان مقدارها أربعة آلافبقيادة عمر بن سعد بن أبي وقاص وواجهوا الحسين في مكان يقال له كربلاء.
                  ولما رأىالحسين رضي الله عنه أن الأمر جد قال لعمر بن سعد إني أخيرك بين ثلاث فاختر منها ماتشاء، قال: ما هي؟
                  قال الحسين: أن تدعني أرجع أو تتركني إلى ثغر من ثغورالمسلمين أو تتركني أذهب إلى يزيد.
                  وأرسل عمر بن سعد إلى عبيد الله بن زيادبالخبر، فرضي عبيد الله بأي واحدة يختارها الحسين، وكان عند عبيد الله بن زياد رجليقال له شمر بن ذي الجوشن، قال: لا حتى ينزل على حكمك، فقال ابن زياد: نعم حتى ينزلعلى حكمي بأن يأتي إلى الكوفة وأنا أسيره إلى الشام أو إلى الثغور أو أرجعه إلىالمدينة، وأرسل عبيد الله شمر بن ذي الجوشن إلى الحسين، إلا أن الحسين أبى أن ينزلعلى حكم ابن زياد.
                  فتوافق الفريقين وكان مع الحسين اثنان وسبعون فارساً قالالحسين لجيش بن زياد: راجعوا أنفسكم وحاسبوها هل ينفعكم مثل هذا القتال وأنا ابنبنت نبيكم وليس على وجه الأرض ابن بنت نبي غيري؟
                  وقد قال رسول الله صلى اللهعليه وسلم لي ولأخي: «سيدا شباب أهل الجنة».
                  فانضم الحر بن يزيد إلى الحسين،فقيل له: كيف جئت معنا أمير المقدمة والآن تذهب إلى الحسين؟
                  قال: ويحكم واللهإني أخير نفسي بين الجنة والنار والله لأختار الجنة على النار لو قطعتوأحرقت.
                  وبات الحسين تلك الليلة يصلي ويدعو الله ويستغفر هو ومن معه، وكان جيشبن زياد بقيادة الشمر بن ذي الجوشن يحاصره ومن معه فلما أصبح الصبح شب القتال بينالفريقين، وذلك لأن الحسين رفض أن يستأثر عبيد الله بن زياد.
                  ولما رأى الحسينبأنه لا طاقة لهم بمقاتلة هذا الجيش، أصبح همهم الوحيد الموت بين يدي الحسين رضيالله عنه، فأصبحوا يموتون الواحد تلو الآخر، حتى فنوا جميعاً، لم يبق منهم أحد إلاالحسين بن علي رضي الله عنهما، وبقي بعد ذلك نهاراً طويلاً لا يقدم عليه أحد حتىيرجع، لأنه لا يريد أن يبتلي بالحسين، فعند ذلك صاح الشمر بن ذي الجوشن: ويحكم ماحل بكم أقدموا نحو الحسين فقتلوه، كان ذلك في العاشر من محرم سنة 61 هجرية، والذيباشر بقتله أنس بن سنان النخعي، وقيل أنه الشمر بن ذي الجوشن.
                  قتل مع الحسينكثير من أهل بيته وممن قتل من أولاد علي بن أبي طالب: الحسين وجعفر بن علي والعباسوأبو بكر وعثمان ومحمد ثمانية عشر رجلاً كلهم من آل بيت رسول الله صلى الله عليهوسلم.
                  ولما بلغ يزيد قتل الحسين ظهر التوجع عليه وظهر البكاء في داره، ولم يسبلهم حريماً أصلاً، بل أكرم أهل البيت وأجازهم حتى ردهم إلى ديارهم.
                  يقول شيخالاسلام ابن تيمية: «لم يكن في خروج الحسين لا مصلحة دين ولا مصلحة دنيا، أي أنخروجه ما كان سليماً، لذلك نهاه كبار الصحابة عن ذلك، يقول: بل يمكن أولئك الطغاةمن سبط النبي صلى الله عليه وسلم وكان في خروجه وقتله من الفساد ما لم يكن ليحصل لوبقي في بلده، ولكنه أمر من الله تعالى وقدر الله كان ولو لم يشأ الناس.
                  وطبعاًمقتل الحسين ليس هو بأعظم من قتل الأنبياء، وقد قدم رأس يحيى بن زكريا عليهماالسلام لبغي ونشر زكريا وأرادوا قتل موسى عليه السلام وعيسى عليه السلام وكذلك قتلعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين، وهؤلاء كلهم أفضل من الحسين، ولذلك لا يجوزإذا جاء ذكرى الحسين اللطم والشطم وما شابه ذلك، بل هذا منهي عنه، فقد قال رسولالله صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب» والواجب على الإنسانالمسلم أمثال هذه المصائب أن يقول كما قال تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُممُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}..
                  اللهم ارحمشهداء آل البيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسائر شهداء وموتى المسلمين واحفظنامن الفتن ما ظهر منها وما بطن واجمعنا على كتابك المنزل وعلى سنة نبيك المرسل صلىالله عليه وآله وصحبه وسلم..».
                  انتهى نص الكتيب.
                  هذا النص أضعه بين يديكمالكريمة، وبإذن الله ترون كيف تردون عليهم، ولكم الأجروالثواب.

                  تعليق


                  • #10
                    الجواب
                    توطئة..
                    بسم الله الرحمن الرحيم
                    الحمد لله ربالعالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
                    السلام عليكم ورحمة اللهوبركاته..
                    وبعد..
                    فإن هذا المنشور الذي أرسلتموه إلينا، وقلتم: إنهم يوزعونهعن الإمام الحسين عليه السلام وعاشوراء، ليس بذي قيمة علمية، بل هو يسعى لعرض أخطرقضية حدثت في الإسلام بصورة مزاجية، تهدف إلى تبرير موقف يزيد لعنه الله، والإيحاءبإدانة الإمام الحسين عليه السلام، مع حفظ ماء الوجه بإظهار الترضي على الإمامالحسين عليه السلام، على طريقة ذر الرماد بالعيون..
                    ولأجل ذلك، فإننا لا نرى أنهيستحق الرد، أو المناقشة.. غير أننا نشير هنا إلى نقاط يسيرة، نكتفي بها عن الكثيرالذي كان من المفترض بالكاتب لو كان منصفاً، أن لا يتجاهله، فكيف، وهو قد عرض أخطرقضية بصورة متناقضة تماماً مع سائر الحقائق التي سجلها لنا التاريخ..
                    وسوف نقتصرفي بحثنا المقتضب هذا على أقل القليل من الشواهد ومن المصادر على حدسواء.
                    ونعتبر هذا الذي نذكره هنا بمثابة إطلالة سريعة، تهدف إلى مجرد الإشارةإلى مدى تجني الممهدين للسفياني على الحقيقة، وعلى أهلها..
                    فإلى ما يلي من فصولومطالب:
                    القسم الأول
                    يزيد لعنه الله هو الباغي بجميع المعايير
                    الفصلالأول
                    سياسات ونتائج
                    الكذبة الكبيرة:
                    إن الملاحظ هو:
                    أن بداية الكلامفي المنشور، وفي السطرين الأولين منه بالذات، تضمنت كذبة كبيرة، مفادها:
                    أن يزيدلعنه الله قد بويع، ولم يبايع [الإمام] الحسين بن علي [عليه السلام]، ولا عبد اللهبن الزبير.
                    قد جاءت هذه الكذبة لتعطي الانطباع بأن الإمام الحسين عليه السلام قدخرج على إمام قد تمت بيعته، وصحَّت إمامته، مما يعني: أنه هو الباغي على إمامزمانه، وأن يزيد لعنه الله كان في موقع الدفاع..
                    مع أن الحقيقة هي عكس ذلكتماماً، وقد كان عليه أن يأخذ بنظر الاعتبار أموراً كثيرة، كلها تدحض هذا المنطقوتدينه، نسوق في هذه العجالة بعضاً منها، وذلك ضمن ما يلي من مطالب:
                    الحسنوالحسين إمامان:
                    1
                    ـ إن رسول الله صلى الله عليه وآله، قال عن الحسن والحسين: ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا..(1)
                    وفي نص آخر: «الحسن والحسن إماما أمتي بعدأبيهما»..(2)
                    وهناك حديث الخلفاء أو الأئمة بعدي اثنا عشر، والأحاديث الدالة علىأنهم من ذريته عليه السلام..(3)
                    فإمامة الحسن والحسين عليهما السلام مجعولة منقبل الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله، الذي لا ينطق عن الهوى، وليس لأحد الحقفي الإفتئات عليهما في ذلك..
                    فما معنى تصدي معاوية للإمام الحسن عليه السلام، ثمتصدي يزيد لعنه الله للإمام الحسين عليه السلام، واغتصاب مقام جعله الله ورسوله صلىالله عليه وآله لهما عليهما السلام، دون ابن آكلة الأكباد، وولده؟!..
                    الصلحالحسني العظيم:
                    ثم إن الصلح الحسني العظيم قد ضمن لحركة الإمام الحسين عليهالسلام الجهادية صفاءها ونقاءها، وأبطل كل محاولات النيل منها، وتوضيح ذلك يحتاجإلى بسط في القول، وفنون من البيان.
                    فنقول:
                    عظمة عمر بن الخطاب فيالعرب:
                    لقد كان لعمر بن الخطاب مكانة عظيمة، وهيمنة على قلوب العرب، فكان قولهفيهم كالشرع المتبع، حتى لقد رووا: أن القرآن قد نزل بموافقته مرات عديدة، ولا نريدأن نقول أكثر من ذلك(4)
                    ومحبتهم له ترجع إلى عدة أسباب، منها: ما قام به منفتوحات استفادوا منها الأموال، والمقامات، والرياسات، وحصلوا على الحسناوات، ومنهاسياسة تفضيل العرب على غيرهم التي انتهجها وتوسع فيها، لتشمل مختلف الجهات والحالاتوقطع فيها شوطاً بعيداً، فسقطت منزلة غير العرب، لصالح العرب، كما أوضحناه فيكتابنا: «سلمان الفارسي في مواجهة التحدي»..
                    معاوية الرجل المفضل عندعمر:
                    وكان معاوية بن أبي سفيان عاملاً على الشام لعمر بن الخطاب، فكان هو الرجلالمفضل والمدلل عنده، حتى إنه كان طيلة فترة حكمه، يحاسب جميع عماله، في كل عام،ويقاسمهم أموالهم، ويبقي من يبقي، ويعزل من يعزل منهم، ولا يبقي عاملاً أكثر منعامين..(5) باستثناء معاوية، فإنه أبقاه، وأطلق يده، وقال له: لا آمرك ولاأنهاك..(6) ليتصرف كيف يشاء، من دون حساب ولا كتاب، ولا سؤال ولا جواب..
                    فهوبعمله هذا تجاه عماله، يشككهم في أنفسهم، ويشكك الناس بهم، ويجعلهم مظنّة للخيانة،ويواجههم بما يضعف شخصيتهم، ولكنه يرفع شأن معاوية، ويعزز مقامه، ويزيده شوكة وعظمةونفوذاً، بل هو قد كان إذا نظر إليه، يقول: هذا كسرى العرب..(7)
                    ويقول عن عمروبن العاص:
                    «
                    ما ينبغي لعمرو أن يمشي على الأرض إلا أميراً»..(8)
                    بل هو قد قاللأهل الشورى: يا أصحاب محمد، تناصحوا.. فإنكم إن لم تفعلوا غلبكم عليها عمرو بنالعاص، ومعاوية بن أبي سفيان..(9) ومدائح عمر لمعاوية كثيرة(10)
                    وقد صرح معاويةنفسه بأنه قد دبر الأمر من زمن عمر..(11) وما إلى ذلك..
                    مع أن معاوية وعمرو بنالعاص لم يكن لهم ذلك الشأن بين المسلمين، كما فقد أبو سفيان زعيم الشرك وقائدجيوشه ضد الإسلام، قد فقد موقعه وأهميته ونفوذه..
                    عمر يمهد لمعاوية وبنيأمية:

                    يتبع............

                    تعليق


                    • #11

                      عمر يمهد لمعاوية وبنيأمية:
                      ولعل سبب محبة عمر لمعاوية، هو أنه وجد فيه الرجل المناسب، إذا اعتمد علىبني أمية، ومن تابعهم، لإنجاز أمر هام، طالما كان عمر يفكر فيه..
                      وهذا الأمر هوأنه قد كانت لدى عمر بن الخطاب رغبة بإبعاد أمر الخلافة عن الإمام علي عليه السلاموبني هاشم، وكان يعلم أن أياً من أبنائه غير قادر على التصدي لهذا الأمر، كما كانيدرك أن بني أمية هم الأكثر جرأة على اقتحام الصعاب في هذا السبيل، ولكنه كان يعلمأيضاً: أن نقل الأمر لمعاوية مباشرة، لن يكون مقبولاً ولا معقولاً، مع وجود الإمامعلي عليه السلام، وغيره من وجوه ومشاهير الصحابة، وذوي الأسنان منهم، خصوصاً، وأنمعاوية من أبناء الطلقاء، فآثر من أجل هذه الأسباب وسواها، أن يكون ثمة همزة وصلوسبب نقل..
                      فكان عثمان بن عفان، الشيخ الأموي، هو المؤهل بنظره لذلك.. فإذا تولىالأمر، فسوف يبقي معاوية على الشام ما دام حياً، وسيزيد ذلك معاوية قوة، أما بعدموته، فإن معاوية لن يستسلم للإمام علي عليه السلام، ولا لغيره.. بعد أن يكون قدحكم بلاد الشام حوالي عشرين سنة، ورباهم على يديه، وثقَّفهم بمفاهيمه، ونشَّأهم علىمحبته والارتباط به، ومحبة من أحب، والعداء لمن عادى حتى لو كان الإمام علياً عليهالسلام، لأن أهل الشام لم يعرفوا الإمام علياً عليه السلام، ولا جهاده، ولا زهده،ولا علمه، ولا.. ولا.. بل عرفوا وتربوا على إسلام معاوية، وإسلام الأطماع، والغدر،والخيانات، والظلم، والاستئثار، والاحتيال، والبحث عن الشهوات، وارتكاب الجرائم،والتزام مفاهيم الجاهلية الملبسة بلباس الدين..
                      فرسم الخطة في الشورى، واختارالأشخاص، وأصدر قرارات تجعل من تولي عثمان من بعده أمراً يقينياً وحتمياً..
                      فقدروي أن عمر حين طُعن، قال:
                      ادعوا لي أبا طلحة الأنصاري، فدعوه له، فقال: انظر ياأبا طلحة، إذا عدتم من حفرتي، فكن في خمسين رجلاً من الأنصار حاملي سيوفكم، فخذهؤلاء النفر بإمضاء الأمر وتعجيله، واجمعهم في بيت، وقف بأصحابك على باب البيتليتشاوروا ويختاروا واحداً منهم.
                      فإن اتفق خمسة وأبى واحد، فاضرب عنقه..
                      وإناتفق أربعة وأبى اثنان، فاضرب أعناقهما..
                      وإن اتفق ثلاثة وخالف ثلاثة، فانظرالثلاثة التي فيها عبد الرحمن، فارجع إلى ما قد اتفقت عليه، فإن أصرت الثلاثةالأخرى على خلافها، فاضرب أعناقها..
                      وإن مضت ثلاثة أيام ولم يتفقوا على أمر،فاضرب أعناق الستة، ودع المسلمين يختاروا لأنفسهم..(12)
                      وفي نص آخر:
                      حدثناموسى بن هارون، عن قتيبة بن سعيد، عن عبد الله بن زيد بن أسلم، عن أبيه:
                      أن عمرقال للستة: هم الذين خرج رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم من الدنيا وهو عنهمراض: بايعوا لمن بايع له عبد الرحمن بن عوف، فإذا بايعتم لمن بايع له عبد الرحمن،فمن أبى فاضربوا عنقه..(13)
                      وسارت الأمور بالاتجاه الذي رسمه عمر لها. فإنه كانيعرف ميول ابن عوف، ويعرف طبيعة التركيبة التي اختارها لأركان الشورى أيضاً.. وانتهت الأمور بقتل عثمان، وبغى معاوية على الإمام علي عليه السلام وحاربه، وأثارالشبهات، واستفاد من سياسات عمر، ومن غيرها، لإحكام قبضته على ما في يده، والتوثبعلى ما في يد الإمام علي عليه السلام، إلى أن استشهد الإمام عليه السلام، وأمسكالإمام الحسن عليه السلام بأزمة الأمور بعد وفاة أبيه، فتحرك معاوية بعد ثمانية عشريوماً(14) بجيشه نحو العراق ليحاربه كما حارب أباه من قبل..
                      وكان جيش معاويةيتفق معه في الأهداف وفي السلوك، وفي النهج السياسي، وفي الولاء، وغير ذلك..
                      أماالإمام الحسن عليه السلام فلم يكن جيشه يتفق معه في شيء من ذلك، بل هو إلى معاويةأقرب، وأكثر انسجاماً معه، كما أن العراقيين أنفسهم إنما يعرفون إسلام معاوية لاإسلام الإمام علي عليه السلام، ولا الإمام الحسن عليه السلام، ولم يكن بينه وبينهمعلاقة مصالح، ولا علاقة عاطفية، بل كانوا يرون أن مصالحهم مع المناوئين له، وهم لايقاتلون على نفس الشيء الذي كان الإمام علي والإمام الحسن عليهما السلام يقاتلون منأجله، فهم كانوا في وادٍ والإمامان عليهما السلام في وادٍ آخر. بل كانوا منسجمين فيفكرهم وعقائدهم وسلوكهم وأهدافهم، وارتباطاتهم العاطفية مع معاوية أكثر مما هممنسجمون مع الإمام علي والحسن عليهما السلام..
                      التأسيس في الخمسين سنةالأولى:
                      هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن التأمل في الأمور يعطي: أن الخمسين سنةالتي تلت استشهاد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله كانت هي فترة التأسيس لبقاء هذاالدين، وإرساء قواعده العقائدية والفكرية والسياسية، لتجد سبيلها إلى فكر ووعيالأمم والأجيال المتعاقبة.
                      فكل ما يقال ويمارس في هذه الفترة لا بد أن يكون لهصدى وحضور في الفكر، والعقيدة، والسياسة، والممارسة الدينية عبر الدهور والعصورالمتعاقبة، فغياب الحق وأهله في هذه الفترة، معناه غيابهما في المراحل التي تليها،وبمقدار ما يكون لهما حضور في فترة التأسيس، فسيكون لهما حضور في المراحل التالية،وذلك لأن الأجيال والأمم سوف تستقي من فترة التأسيس المشار إليها، حيث ستصبح المنبعوالرافد للناس في جميع العصور والدهور في فكرهم وعقائدهم، ودينهم، ومفرداتإيمانهم..
                      الحسنان عليهما السلام في فترة التأسيس:
                      وقد عاش الإمامان الحسنوالحسين عليهما السلام في هذه الفترة بالذات، وكان لا بد لهما فيها من التعاطي معالأمور بصورة تحقق أمرين:
                      أحدهما: حفظ الشيعة..
                      والثاني: حفظ جهود الأنبياء،بحفظ الدين الذي جاؤا به، وبحفظ معالمه، وأسسه، ومبانيه، في سياساته، وفي عقائده،ومفاهيمه، ومن أهمها وأخطرها، موضوع الإمامة في مبانيها الفكرية، والإيمانية،والعقائدية، وتحديد مفهومها، وبيان شؤونها وحالاتها، ومواصفات وشرائط وحالات الإمامالحق، وليتميَّز بذلك عن المزيفين، والمدّعين للباطل..
                      الفصل الثاني
                      الإمامالحسن عليه السلام
                      بين خياري السلم والحرب

                      تعليق


                      • #12

                        الفصل الثاني
                        الإمامالحسن عليه السلام
                        بين خياري السلم والحرب
                        بعد استشهاد الإمام عليهالسلام:
                        لقد استشهد الإمام علي عليه السلام في سنة أربعين للهجرة، بعد معاناةطويلة، وحروب دامية له، ضد الظالمين، والطامعين، وطلاب اللبانات، وعلى رأسهم معاويةبن أبي سفيان..
                        وكانت الإمامة والخلافة من بعد الإمام علي عليه السلام، للإمامالحسن عليه السلام، في الوقت الذي كان لا يزال معاوية مصراً على موقفه، رافضاًالتخلي عن حكم الشام، والدخول فيما دخل فيه المسلمون..
                        بل هو بمجرد أن سمعباستشهاد الإمام علي عليه السلام، وبعد ثمانية عشر يوماً فقط، جرَّد جيشاً قوامهستون ألفاً، وقصد العراق ليحارب الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه..
                        الإمامالحسن عليه السلام بين خياري السلم والحرب:
                        وقد قلنا: إنه كان لابد للإمام الحسنعليه السلام من السعي لتحقيق هدفين:
                        أحدهما: حفظ الشيعة.
                        والثاني: حفظ جهودالأنبياء، بحفظ الدين في عقائده وسياساته ومفاهيمه، وقيمه، وفي أحكامهوشرائعه..
                        وقد كان أمام الإمام الحسن عليه السلام خياران للوصول إلى هذينالهدفين:
                        أحدهما: الحرب.
                        الثاني: السلم.
                        خيار الحرب:
                        أما خيار الحرب: فإنه يجعله أمام ثلاثة احتمالات، لا بد في كل واحد منها من الموازنة بين التضحياتوبين النتائج، ثم اختيار الخيار الذي يحقق الأتم والأفضل، والأصلح منها، حيث إنموقع الإمامة يفرض على الإمام التفكير في جميع الجوانب، والحالات التي تواجهه فيسياسة الأمة، من أجل حفظ دينها، ووجودها، ومصالحها..
                        ومهما يكن من أمر فإنالخيارات الثلاثة هي التالية:
                        الأول: أن يتمكن من تحقيق النصر: ولا بد في هذهالحالة من دفع ثمن لهذا النصر، وهو:
                        أولاً: أرواح المئات، والألوف منالمسلمين(15) وفيهم المخلصون، والأطياب الأطهار من أهل الإيمان ومن شيعته، الذين همخلاصة جهود أمير المؤمنين عليه السلام، ومن قبله الرسول الأعظم صلى الله عليهوآله.. والذين كان معاوية نفسه قد قتل قسماً منهم في حرب صفين، وقُتل قسم آخر منهمفي حرب الجمل قبل ذلك..
                        ثانياً: ما ينشأ عن الحرب من سلبيات وأخطار اجتماعية،واقتصادية، وسياسية وغيرها..
                        أما نتائج الحرب: فقد لا تكون في قيمتها، وأهميتهافي مستوى تلك الخسائر، لأن هزيمة أتباع الخط المناوئ لأهل البيت، لا تعني القضاءعليهم، لأن انتصار الإمام الحسن عليه السلام ليس مثل انتصار معاوية ـ كما بيناه ـلأن انتصار الإمام عليه السلام يقتصر على وأد الفتنة، وإسقاط القدرة القتالية للطرفالآخر، وسوف يصبح الجميع بعد الحرب في أمن وأمان، ثم البدء في عملية إصلاحواستصلاح، مع حفظ سلامة الجميع، تماماً كما حصل في حرب الجمل، فإنه بعد أن وضعتالحرب أوزارها، عومل أولئك المحاربون ـ حتى زعماء الحرب وأركانها، مثل ابن الزبير،ومروان وأضرابهما ـ بالرفق واللين، حتى وكأن شيئاً لم يكن.. كما أن علياً فيالنهروان قد داوى جرحى الخوارج، ولم يتعرض لهم بالأذى.. وكان رسول الله صلى اللهعليه وآله في فتح مكة قد عفا عنهم، وقال لهم: «اذهبوا فأنتم الطلقاء».
                        أماانتصار معاوية فإنه لا يكون إلا بقتل الحسن ثم الحسين، وبني هاشم وشيعتهم، فضلاًعمن يقتل من سائر الناس. فنصر معاوية نصر إبادة، ونصر النبي صلى الله عليه وآله،والإمام علي، والإمام الحسن، والأئمة عليهم السلام نصر حقن الدماء، وإصلاح،واستصلاح..
                        انتصار الإبادة:
                        وقد طبق معاوية سياسة الإبادة هذه، حتى بعدمعاهدة الصلح.. حيث بطش في أصحاب علي، واستأصل شأفتهم..
                        فقد «نادى منادي معاوية: أن قد برئت الذمة ممن يروي حديثاً من مناقب علي وفضل أهل بيته.
                        وكان أشد الناسبلية أهل الكوفة، لكثرة من بها من الشيعة، فاستعمل زياد ابن أبيه وضم إليهالعراقَيْن: الكوفة والبصرة، فجعل يتتبع الشيعة، وهو بهم عارف، يقتلهم تحت كل حجرومدر وأخافهم، وقطع الأيدي والأرجل، وصلبهم في جذوع النخل، وسمل أعينهم، وطردهموشردهم، حتى نفوا عن العراق فلم يبق بها أحد معروف مشهور، فهم بين مقتول أو مصلوب،أو محبوس، أو طريد، أو شريد.
                        وكتب معاوية إلى جميع عماله في جميع الأمصار: أن لاتجيزوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة..(16)
                        وكتب إليهم أيضاً أن يقتلوا كلمن يحب أهل البيت، أو يشك، أو يتهم بحبه لهم..(17)
                        ومن جهة أخرى، فإن النصرالعسكري للإمام الحسن عليه السلام، لا يعني بطلان أطروحتهم وبوارحجتهم..
                        والشاهد على ما نقول: إن معاوية قد استطاع أن يخدع الناس بباطله، حتى فيمقابل أمير المؤمنين عليه السلام، الذي لا يدانيه أحد في الأمة في جهاده، وتضحياته،ومقامه وفضائله.
                        ولا يجرؤ أحد على ادعاء شيء منها في مقابله.. فهل يعجز هووالأخطبوط الأموي من ورائه، والزبيريون وأتباعهم، والخوارج وأصحاب الأطماع، وكذلكالذين لا يعتقدون بإمامته عليه السلام، بل يوالون غيره ـ هل يعجز هؤلاء كلهم ـ عنبلبلة الأفكار، وإثارة الشبهات، والشكوك حول الإمامة والإمام، خصوصاً بعد خديعةالتحكيم، التي أعطته الجرأة ليتسمى بأمير المؤمنين..
                        ثم بعد استشهاد الإمام عليعليه السلام، وصيرورة الأمر إلى ولده الإمام الحسن عليه السلام، حيث تداعى الجيشالعراقي، وظهرت فيهم حسيكة النفاق، وساروا في صراط الخيانة والغدر..

                        تعليق


                        • #13

                          والخلاصة: أن انتصار الإمام الحسن عليه السلام، لا يعني أن تصبح النتائج على صعيد وضوح الحق،وإبطال كيد أهل الباطل، في المستوى المطلوب، بل سيبقى مثيروا الشبهات، وأصحابالادعاءات الباطلة، يثيرون الشبهات بدعواهم شراكة الإمام علي عليه السلام في قتلعثمان، ولادعاء أن معاوية قد ظلم، وأن كل من معه قد ظلموا معه، وسيقولون للناس: إنالنصر العسكري لا يعني أن المنتصر محق..
                          فالانتصار عليهم إذن لن يكون مانعاً لهممن التشكيك في أحقية أهل البيت بمقام الإمامة، فكيف إذا أصبحوا يدَّعون المظلوميةلأنفسهم، والغاصبية والعدوانية من أهل البيت عليهم السلام، وعلى رأسهم الإمام عليعليه السلام، عليهم وعلى حقوقهم؟!..
                          وسوف يجدون الكثيرين من البسطاء والسذج،وطلاب الدنيا، والجهال، وحديثي العهد بالجاهلية، يستمعون إليهم، ويقبلون منهم،ويأخذون عنهم..
                          كما أن الخوارج والزبيرية والعثمانية، والموالين لغير أهل البيت،وأهل المطامع والأهواء، سوف ينشطون لمواجهة خط أهل البيت عليهم السلام ونهجهم، وسوفيسرحون، ويمرحون، ويضلون، ويشككون، ويثيرون الفتن، ويشيعون الباطل في الناس. ولربماتحدث تقلبات وفتن تزيد الطين بلة، والخرق اتساعاً، حين تتشارك آلاف الأيدي الأثيمة،في تشويه صورة الحق، وفي زرع الفتنة، وتمزيق المسلمين..
                          الثاني: أن لا يتحققانتصار حاسم لأي من الطرفين، بل يبقى كل فريق في موقعه، كما كان الحال عليه في زمنالإمام علي عليه السلام..
                          ومن الواضح: أن هذا الأمر لن يأتي بسهولة، بل سوف يكونثمنه خوض حروب صعبة، قد تكون كبيرة وخطيرة، بالإضافة إلى الكثير من الضحايا من خلصالشيعة، ومن الناس عامة..
                          أما النتائج: فهي بلا شك ستكون ضئيلة، وغير متكافئة معحجم التضحيات وفقاً لما أوضحناه آنفاً، وذلك في ظل النشاط التخريبي للأخطبوطالأموي، وكل المناوئين لأهل البيت عليهم السلام..
                          ولعلك تقول:
                          إذا كان الأمركذلك، فلماذا حارب الإمام علي عليه السلام معاوية، ولم يسع إلى الصلحمعه؟!..
                          ونقول في الجواب:
                          سيأتي: أن الإمام علياً عليه السلام كان قادراً علىالحرب، وعلى تسجيل النصر الحاسم فيها.. فسعيه لمسالمة معاوية يعطي الانطباع بأنمعاوية محق فيما يدعيه، كما سيأتي..
                          الثالث: أن ينتصر معاوية في الحرب، والثمنسوف يكون في هذه الحالة أعلى وأغلى، فإن الدماء التي سوف تسفك في حرب كهذه، سوفتكون كثيرة وغزيرة، ولن يقتصر ذلك على دماء شيعة الإمام علي عليه السلام، بل هي سوفتتعداهم إلى غيرهم، كما أن الآثار السلبية للحرب السياسية منها، والاجتماعية،والأخلاقية، والاقتصادية، وغيرها سوف تكون كبيرة وخطيرة جداً..
                          أضف إلى ذلك: أنهذه الحرب سوف تتمخض عن نتائج مرعبة هي بلا شك الأشر والأضر: هي قتل أهل بيتالنبوة، واستئصالهم، ثم الملاحقة بالإبادة الأكيدة لجميع أهل الإيمان، أينما كانوا،وحيثما وجدوا..
                          وإذا كان معاوية قد تتبع شيعة الإمام علي عليه السلام حتىاستأصلهم ـ كما تقدم ـ رغم أنه لم يخض مع الإمام الحسن عليه السلام حرباً، ورغمالعهود التي أعطاها في صلحه وعقد هدنته معه، فماذا ستكون النتيجة؟!..
                          وكيفسيعامل شيعة الإمام علي والإمام الحسن عليهما السلام، لو أن الإمام الحسن عليهالسلام كان قد حاربه، وانتصر هو على الإمام عليه السلام؟!..
                          وإذا تمخضت الحرب عنهذه النتائج، فمن يا ترى يمكن أن يكون الداعي إلى الحق، والمدافع عنه؟!، ومن يجرؤعلى تعريف الناس به، أو دلالتهم عليه؟!..
                          فإن هذا الدين سوف يصبح بلا شك أسيراًبأيدي الأشرار، وعلى رأسهم من هو مثل يزيد لعنه الله، والوليد، ومروان، ومن تابعهموشايعهم، من أمثال الشمر بن ذي الجوشن، وعمر بن سعد، وعبيد الله بن زياد، والحجاج،وخالد القسري، وغيرهم ممن هو على شاكلتهم..
                          ومن جهة أخرى: فإن معاوية الذياستطاع أن يجند المسلمين لحرب أعظم رجل بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، وأن يخدعالناس بشبهاته وشائعاته، وأن يستفيد إلى أبعد الحدود من قتل عثمان، ومن علاقته بعمربن الخطاب.. لو انتصر على الإمام الحسن عليه السلام، فسوف يكون أقدر على تشويهالصورة، وقلب الحقائق، وسوف يستعين بكل ما له من مال ورجال، وسيشتري الضمائر، ويشوهالدين، ويعبث بأحكامه بلا رقيب، أو عتيد..
                          فلا بد من تجاوز مرحلة معاوية بأفضلالطرق والوسائل، خصوصاً بعد أن سمى نفسه بأمير المؤمنين بعد التحكيم، حيث إن هذاسيجعله أكثر شراسة في الدفاع عما يعتبره إنجازاً عظيماً في سياق تحقيق طموحاتهوأطماعه الكبرى..
                          ولعلك تقول:
                          إن هذه الأمور لا بد أن تمنع أيضاً من مواجهةالإمام الحسين عليه السلام ليزيد لعنه الله..
                          ونقول في الجواب:
                          إن الأمر بعدالصلح قد أصبحت له حيثيات أخرى، فإن حركة الإمام الحسين عليه السلام الجهادية قدجاءت لتؤكد ثمرات هذا الصلح، وتحفظها..

                          تعليق


                          • #14
                            المشاركة الأصلية بواسطة ibrahim aly awaly
                            ما الحكمة في الصلح؟
                            قالرسول الله صلى الله عليه وآله: إن ابني هذا سيد أهل الجنة (يقصد الامام الحسن(عليهالسلام)) وسيُصلحِ الله به بين فئتين عظيمتين من المؤمنين.
                            عزيزي ابراهيم :
                            ما أن تـُخرج نفسك من إلزام إلا وتدخل في إلزام آخر .
                            أنت الآن تريد تبرير عدم محاربة الحسن لمعاوية وأن تصرفه كان هو الصواب رغم قوته رضي الله عنه .. ولكنك عندما أردت الخروج من هذا الإلزام .. لا بد أن تورد حديث الرسول الذي قال : ( يصلح الله به بين فئتين من المؤمنين ) .

                            فهذا الحديث يقول : أن فئة معاوية فئة مؤمنين .. وليست فئة منافقين وكافرين ومرتدين ( كما تصفونهم ) .
                            فبذلك تكون أخرجت نفسك من إلزام .. فكان ( لزاماً ) أن تدخل في إلزامٍ آخر .

                            تعليق


                            • #15
                              متابعة ......................

                              الأخ ibrahim aly awaly لو اختصرت الإجابة ( بدل القص والصق ) أنا أول واحد راح يقول لك شكراً


                              واعتقد أن اختصارها ليس صعباً


                              ويا ليت في المرات القادمة وفي مواضيع أخرى تختصر قدر الإمكان ثم بعد تشير إلى رابط أو كتاب لمن أراد الإستزادة .

                              وشكراً

                              تعليق

                              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                              حفظ-تلقائي
                              x

                              رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                              صورة التسجيل تحديث الصورة

                              اقرأ في منتديات يا حسين

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, اليوم, 07:21 AM
                              ردود 2
                              12 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                              بواسطة ibrahim aly awaly
                               
                              يعمل...
                              X