اهلا ومرحبا بكم اختنا بيعة الغدير وبعودتكم من جديد
وكلنا طمع بتواجدكم الكريم ولو بذلك المقدار القليل من الوقت الذي يتوفر لديكم وأهم شيء أن لديكم النية للمواصلة معنا ونرجو لكم إقامة دائمة


وتحية للأخوين ملينيوم وهجري موالي

مرحبا اختي الكريمة راهبة الدير

حقا سؤال مهم ويحتاج لإجابة شافية ومقنعة فذلك التغير الحاصل في طريقة تعامل الابن مع امه او اخته والذي يطرأ على سلوك الكثير من الشباب بعد الزواج وإن بدرجات متفاوتة من شاب لآخر يبعث على الألم والخيبة لدى الأهل

مثل هكذا تغير في اعتقادي له أسباب متعددة وكثيرة وقد تختلف إختلافا كبيرا من حالة لاخرى فقد يكون منشأ ذلك التغيير هو في الشاب نفسه بالدرجة الاولى وقد يكون للزوجة دور وحتى الأهل أنفسهم ربما يساهمون بطريقة او باخرى في تقوية وتثبيت ذلك التغيير في ابنهم دون شعور منهم او بعدم معرفتهم للطريقة المناسبة للتعاطي مع تلك الحالة الراهنة

أطباع الإنسان وعواطفه خصوصا مع أقرب الناس إليه والتي تمنحه الدوافع النفسية وتحدد طريقة وكيفية تعامله معهم في العادة لا تتغير ضمن مدى زمني صغير وإنما كي تتغير وتتبدل غالبا تحتاج الى وقت طويل كنتيجة تراكمية وهذه هي احدى الخصائص النفسية المعروفة , إذن ما الذي جرى في ذلك الشاب بحيث جعله يتغير هكذا بسرعة بعد الزواج ؟؟؟

سأحاول الإجابة على هذا التساؤل في تغير الشاب بعد الزواج مباشرة او تغيره على المدى المتوسط والبعيد والاجابة على السؤال ككل في المرة القادمة ان شاء الله واتمنى أني ما أتأخر عليكم كالعادة

تحياتي لكم وللجميع

نواصل مع سؤال اختنا الكريمة راهبة الدير

الزواج في اعتقادي كأي حدث كبير ومهم في حياة الإنسان لابد وأن يترك أثره وبصمته التغييرية بنحو او بآخر ويعتمد مقدار وإتجاه ذلك التغيير بالمقام الاول على الكيفية الإنفعالية والطريقة التفاعلية لذلك الإنسان خلال مروره بالمراحل المختلفة لتلك التجربة وعلى المقومات الشخصية والنفسية التي يتمتع بها

بعد الزواج تجد ان الكثير من الشباب قد تغيرت ملامح صفاتهم وقوة نشاطهم او في طريقة تعاملهم مع الناس وحتى اسلوبهم في الحديث قد بدا عليه التغيير الواضح والبعض الآخر قد لا تلاحظ عليهم ذلك المقدار الكبير من التغيير او الاختلاف عن ذي قبل , كذلك علاقة الشاب المتزوج حديثا مع أهله هي الاخرى ليست بمنأى من أن يطالها شيئ من مجمل ذلك التغيير الحاصل سواء كان طردا او عكسا سلبا او ايجابا ولعل مكمن التغير في تلك العلاقة مع الأهل من وجهة نظري يعود الى عاملين مهمين ورئيسين ومن خلالهما تتحدد الكثير من اوجه ومعالم علاقة الشاب مع أهله بعد الزواج. العامل الأول : تغير التركيبة النفسية العامة للشاب واسلوب ونمط حياته اليومي بعد دخوله مضمار الحياة الزوجية , العامل الثاني : طبيعة العلاقة بين زوجة الابن والأهل او مع الام والاخوات على وجه التحديد في حالتنا هذه

منذ اللحظة الاولى التي تنعقد فيها النية في قلب الشاب على الرغبة الفعلية بالزواج مرورا بفترة الخطوبة ومن ثم الزواج والفترة الاولى ما بعد الزواج يدخل الشاب بمجموعة من المتغيرات والتطورات النفسية العميقة وبقطع تلك المراحل يكون قد اكتسب هيئة نفسانية بها العديد من المرتكزات الجديدة فتتغير تبعا لذلك نظرة الشاب للحياة وطريقة تعامله مع الامور المختلفة من حوله

عندما يعتلي الشاب قمة الهرم لاسرته الخاصة المتكونة حديثا - بعد ان كان فردا عاديا داخل اسرته الام - ويستشعر حينها حجم المسؤولية الملقاه على عاتقه تتحرك في تلك الأثناء قوى النفس لإتخاذ وضعية جديدة ملائمة تتناسب مع ذلك النوع من الإدراك وذلك الحجم من المسؤولية ومن أجل تحفيز طاقاته , البعض من الشباب ولأسباب مختلفة كأن يكون قلة وعي وخبرة أو لطريقة تفكيره الغير ناضجة او حتى ربما لهشاشة مبادئه وأخلاقياته قد يرتكب العديد من الأخطاء في تلك المرحلة بحق أهله فتجده مثلا يعمد الى تركيز وتوجيه كامل جهده واهتمامه على زوجته واسرته الخاصة ويغفل أو يتغافل ويتكاسل عن أداء واجبه اتجاه والدته وأخواته او اتجاه أهله عموما

أيضا من المتغيرات النفسية انه قبل الزواج كانت جسوره العاطفية الرئيسية ممدودة الى أهله فقط ومحصورة بهم لكن بعد الزواج فتح جسرا جديدا ليس ككل الجسور ذو حساسية عالية ومن نوع خاص جدا لم يعهده من قبل فاستحوذت تلك العلاقة على مجال واسع من احاسيسه ومشاعره واهتمامه وتكونت لديه رابطه حسيه وشعوريه قويه بزوجته قد تفوق في قوتها باقي الروابط الموجده لديه ويعزز ذلك الشعور الإحتكاك والتواجد الأكبر مع الزوجة وتحول حاجياته ومتطلباته المنزلية من أهله إليها فيصبح الشاب متعلقا بعلاقته الجديدة بعد أن كان قبل الزواج متعلقا بعلاقته مع امه او اخته وبعد ان كان يصرف جل وقته مع اهله أصبح أغلب ذلك الوقت من نصيب اسرته الجديدة والانسان عادةً يتأثر ويكون مأخوذا بما يحيط به ومثل هذه الحالة قد تتسبب بفتور عاطفي عند الشاب نحو الأهل إذا لم يتنبه للأمر ويدخل الأهل شيئا فشيئا في دائرة المقولة التي تقول : البعيد عن العين بعيد عن القلب

كذلك بسبب الشعور بالإنفصال والاستقلالية عن الأهل بعد الزواج والذي قد يتولد لدى البعض من الشباب بشكل مغلوط وسلبي ومشاركة بعض الزوجات ايضا في تغذية ذلك الاتجاه الغير سليم من الاحساس بالاستقلالية يتكون حاجز نفسي وهمي يمنع الشاب من أن يُعبّر بكامل الحرية لأهله (والدته او اخته ...) عما يكنه من مشاعر لهم بمحضر او امام زوجته

العلاقة المتوترة والغير طبيعية والتي قد تحدث لسبب أو لآخر بين زوجة الابن وأهله عامل مساعد بشكل كبير في تغير الشاب فعند احتدام المشاكل قد يحتار الشاب في كيفية ارضاء جميع الأطراف وليس مستبعدا أن يتعدى او يتجاوز على أهله خصوصا وأن الأرضية النفسية لدى الشاب تساعد على ذلك كما تبين ومتعذرا ربما بأن أهله قد يسامحوه او سيتفهموا موقفه

مع مرور الوقت من الطبيعي ان اسرة الشاب ستكبر وتكبر معها مسؤولياته وإذا ما استمرت مثل تلك الامور السلبية ودخلت معها عوامل اخرى فقد تنشأ حاله من العزل والإنفصال النفسي والعاطفي مع والدته او اخواته وقد تصل بسبب تراكم الامور والمشاكل الى نتائج أكثر مأساوية في علاقة الابن مع أهله

الدين , الأخلاق , حقوق الأهل على الإبن , الزوجة الصالحة المعينة لزوجها على الإحسان لوالديه وأهله , تفهم الأهل لطبيعة الحياة الجديدة لابنهم كلها مفردات ذات صلة بالموضوع تحتاج الى توقف عندها ...

والمفترض من الشاب بعد زواجه واستقراره أن يكون بارا بوالديه واخوانه واخواته بشكل أكبر ومراعيا لحقوقهم عليه ولا يُعذر بالتقصير فيه او التنصل منه مهما كانت الأسباب

سأعود لباقي الأسئلة في وقت لاحق
مع أجمل التحايا وأطيب الامنيات

أين أخينا العزيز هجري موالي

برأيي ان الانسان وخلال مراحل نموه الجسدي والنفسي والعقلي والفكري يحتاج ويستأنس الى من يقتدي به او يقلده ليكتسب القدرات والصفات المختلفة وذلك كإستجابة طبيعية للبواعث النفسية والغريزية والحاجات الحياتية المتعددة للإنسان

الطفل الصغير مثلا يقلد والديه ليتعلم منهما ما يساعده على البقاء والحياة , الاطفال الأكبر سنا يقلدون بعضهم البعض ومن حولهم ربما كي يكتشفوا أشياء جديدة , يشعروا بالإنتماء , او الاحساس بالقدرة وإثبات ذواتهم أمام اقرانهم وبالتالي الوصول الى حالة من الشعور بالإطمئنان والرضى والراحة النفسية والمحصلة هي تعلم المزيد من الخبرات ويدفعهم الى ذلك غالبا الفضول والإستمتاع ...

الانسان الشاب وبعد ان وصل الى مرحلة متقدمة من النضج الطبيعي في قدراته النفسية والعقلية والجسدية وأصبح في اوج طاقاته التي تدعوه لإستثمارها وفي قمة انطلاقته وحماسته للحياة من الطبيعي أن ينجذب وينبهر بالنماذج التي يراها امامه من الشخصيات المميزة - بصرف النظر عن التقييم الحقيقي لتلك الشخصيات - فهو يبحث بقوة عن ذاته وشخصيته وما يميزها ويجعلها تعلو وترتقي وما يحقق لها كمالها والمحرك الأساس الى ذلك هو حب الإنسان للرقي والتطور والكمال والتكامل والنماء ومن جهة اخرى نقص وقلة خبرته ومعرفته وحاجته لتنميتها وتطويرها - ولكل انسان نظرته الخاصة لذلك الرقي والكمال والذي قد لا يكون بالضرورة واضحا او محددا عند البعض ونتيجة هذا الاختلاف يختلف تبعا لذلك القدوة او الشخصية المميزة التي يميل إليها - ويدفعه الى تقليد تلك الشخصيات عادةً الإعجاب , المحبة او المنافسة وما شاكل فمرحلة الشباب تتسم بالمشاعر الجياشة والمفعمة ولها دور كبير في مسألة التقليد وقد يكون أحيانا التقليد من أجل إشباع تلك المشاعر بالدرجة الاولى فيعمد الشاب الى تقليد من يحبه مثلا كي يشعر برابطة ما تربطه بمن يحب , والكبار أيضا ربما يقلدون الشخصيات الجديرة بالتقدير والاحترام والثقة لديهم حبا للتغيير او لتجدد القناعات او لمجرد الإستحسان لما يوجد عند تلك الشخصيات المميزة , وأحيانا قد يقلد الانسان بشكل لا شعوري فأسباب التقليد عديدة برأيي

اؤيد الصنف الثاني : شاب يحتفظ بما يتمتع به من مميزات مع اضافة ما يجذبه في الشخصية القدوة الى قوام شخصيته

لأن الشخصية اولا ايجابية وثانيا لأنه احتفظ بمميزاته الشخصية وهذا امر مهم وأضاف عليها مميزات الشخصية المميزة فهو بالمحصلة وصل الى نتيجة أفضل دون إلغاء لشخصيته وفي نفس الوقت استفاد من مميزات الشخصية القدوة في بناء شخصيته

من وجهة نظري لا اعتقد ان التقليد كله سلبي فعندما لا يكون التقليد تقليد أعمى بحيث يسلب صاحبه القدرة على الاختيار واتخاذ القرار او يلغي هويته او شخصيته او يفقده القدرة على الإبداع والإبتكار او حريته الذاتية في تكوين قناعاته الخاصة بوعيه وإدراكه الخاص وكانت الشخصية القدوة إيجابية كما عرّفناها فلا بأس , ومن موارد الاستفادة من التقليد مثلا هو اعتماد طرق علاجيه في الطب النفسي تعتمد على تقليد ومحاكاة بعض المرضى النفسانيين لسلوكيات الأصحاء بغية علاجهم

وحتى على مستوى الحضارات فلو تأملنا ونظرنا الى الحركة الانسانية والبشرية عبر العصور المتتالية سنجد انها عملية تراكمية يستفيد منها الجميع فلا تستطيع مثلا حضارة ناشئة ان تبدأ من الصفر لكنها تستعين وتقلد من سبقها وتبني عليه وهكذا تستمر المسيرة البشرية في تطور وتقدم متواصل

سأترك باقي الاسئلة للمرة القادمة

نرحب بالاخت الكريمة دموع الغربة
ونتشرف بحضورها الكريم

تعليق فرعي بسيط عن موضوع التقليد في إطره العامة :

بعض مواطن التقليد يجب التنبه فيها الى المسائل القانونية والشرعية والأخلاقية التي تحمي الحقوق الشخصية وحقوق الملكية للأفراد او الجماعات في الوقت نفسه الذي نقول فيه لا للإحتكار ولا للتقليد المزوَّر المبني على الغش والإبتزاز

إحذروا التقليد
جميع الحقوق محفوظة - منتدى يا حسين 2008

في مسألة عقيدة الإنسان وهي قضية خطيرة للغاية وعليها ينطوي مصير الإنسان ومنتهاه فعلى ما يبدو لي ان الاسلام يحث ويدعو إلى نفس ما ينادي به صوت الضمير والفطرة الإنسانية السليمة وهو ترك التقليد الأعمى الغير نابع عن علم مُتَيَقن للموروث الديني الباطل والتقليد الغير قائم على اسس وادلة عقلية متينة , والأمر والحث على إتباع الحق وأهل الحق عن علم ودراية وبينة وبصيرة وعقل واعي مدرك لحقيقة الأدلة الدالة على أحقية إتباع ذلك النهج والدين وبما يتولد لديه من قناعة تامة وراسخة لا لبس فيها وهذا ما سيؤدي بالباحث عن الحق وبالضرورة المطلقة على أحقية الدين الإسلامي بالإتباع

وعلى ما يبدو لي أيضا انه يمكن لغويا استخدام كلمتي التقليد والإتباع لكلا الجانبين السلبي والإيجابي في هذا المقام والقول مثلا الاسلام ينهى عن تقليد وإتباع أهل الباطل والإنحراف ويأمر بتقليد وإتباع أهل الحق لأن من أحد مضامين ومصاديق الإتباع هو التقليد ومنه مثلا تقليد العلماء والمراجع في المسائل العملية والفقهية والتقليد هنا لا يستوجب القدح ما دام الإيمان بالمنهج الإجمالي والكلي للدين متولد عن قناعة حقيقية ولأنه من باب الإختصاص الموصل للحق والذي قد لا يتسنى للجميع إمتلاك المقدرة على إدراك الجزئيات والامور التفصيلية وإستنباط الأحكام الشرعية فيوكلها الإنسان العادي لمن هو اقدر منه على أن يتبعه فيما توصل إليه كإتباع المريض لوصفة طبيبه المعالج حيث أنه لا يستلزم منه سؤال الطبيب عن أسرار تلك الوصفة وكيف توصل إليها ولكنه يتناولها مباشرة لبلوغ هدفه وغايته وهو الشفاء من السقم والمرض

المشرفة سيناء الرافدين : اهلا ومرحبا بكم اختي الكريمة نورتو الموضوع مع خالص وأصدق تحياتي لكم

الاخت الكريمة دموع الغربة : اجدد الترحيب بكم اختي الفاضلة وارجو منكِ المعذرة على تأخري في الرد على أسئلتكم الجميلة ولي عودة لها قريبا بإذن الله

الاخت الكريمة راهبة الدير : حفظكم المولى تعالى ورعاكم وأشكر لكم تواصلكم الدائم فقد عودنا قلمكم على أن يكون شمعة مضيئة للموضوع فضلا عن إشراقاته المتواصلة على باقي القسم والمنتدى