إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

أريد نبذة عن الشيخ ياسر الحبيب

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أريد نبذة عن الشيخ ياسر الحبيب

    السلام عليكم
    الموضوع واضح من عنوانه
    موقع القطرة محجوب عندي
    أرجو من كل من يملك معلومات عن الشيخ ياسر الحبيب تزويدنا بها
    وشكراً

  • #2
    ماتت الذكرى:
    رحم الله والديك أختي الفاضلة
    قدمت لي خدمة جليلة بالفعل
    آمل أن يقدرني الله على مجازاتك بأكثر من الدعاء
    رحم الله والديك ووفقك لكل خير

    تعليق


    • #3
      الشيخ ياسر الحبيب في سطور

      الشيخ ياسر الحبيب في سطور

      * رجل ضحىبنفسه وكل ما يملك من أجل أهل البيت _صلوات الله عليهم_ وهذا هو التعريف المختصرله.




      هذا المقال مأخوذ من موقع www.so.co.nzبقلمالأخت الفاضلة : فجر الولاية
      وهو قديم نسبيا


      من هو؟:
      *
      هو الشيخ الأستاذ أبو حيدر ياسرالحبيب أحد أبرز العقليات الإسلامية الشيعية الواعدة في الكويت، مفكر أديب، صاحبطاقات إنتاجية كبيرة في نصرة دين الله تعالى والذب عن أهل بيت النبوة عليهم الصلاةوالسلام، ذو قلم سيال ولسان فصيح مؤثر وشخصية تجذب كل من يعرفها عن قرب.

      *
      نشأ بفطرته متدينا في جو أسري إيماني امتلأ بذكر آل محمد _عليهم الصلاة والسلام_ والزهراء صلوات الله عليها خصوصا، فعاش منذ صغره معهم بوجدانه وروحه، وكان لوالدتهأثر كبير في تربيته الولائية وفي صنع شخصيته الدينية الصلبة، فيما اكتسب من والدهطيبة القلب ولين المعاشرة.


      *
      تنقل إحدى مدرساته في مرحلة رياض الأطفالأنه امتنع ذات يوم عن دخول الروضة ووقف على بعد ولما تقدمت نحوه إحدى المدرساتوقالت له: لماذا لا تدخل يا ياسر؟ صرخ بصوت عال قائلا ببراءة الأطفال ولهجة عامية: إمام حسين اليوم مات ما أدش _أدخل_ وأنتوا تعزفون موسيقى!! وكانت الأيام أيام شهرمحرم الحرام واستشهاد سيد الشهداء عليه السلام وأدى هذا الموقف إلى تأثر العاملاتفي الروضة وبكائهن وامتناعهن عن إقامة حفلات التدريب الموسيقية لثلاثة أيام احترامالذكرى الإمام الحسين عليه السلام، وتنقل المدرسة نفسها أنه كان يهوى رسم سيف ذيالفقار وكان يتحدث دائما لبقية الأطفال عن بطولات الإمام أمير المؤمنين عليه السلامفكان متعلقا بشخصيته تعلقا شديدا منذ الصغر.


      *
      يتذكر زملاؤه في المدارسالنظامية الحكومية في الكويت أنه كان منذ المراحل الابتدائية متفوقا على أقرانهومتميزا في شخصيته، ولأنه كان مواليا بشدة لائمته _عليهم الصلاة والسلام_ فقد كانيتعرض إلى إشكالات عدة مع مدرسيه
      وإدارات المدارس والكليات التي درس فيها، فكان لايقبل كلمة واحدة تقال ضد الشيعة والتشيع، وعندما كان مدرسو مواد التربية الإسلاميةمن الوهابيين وغيرهم يتجرؤون على ذلك كان يتصدى لهم ببسالة، وكان ذلك يسبب له بعضالخسائر منها توقيفه عن الدراسة الجامعية في كلية العلوم السياسية في الكويت بسببتصديه لأحد أساتذة التاريخ الذي قلب الحقائق في موضوع الخلافة ودافع عن معاوية بنأبي سفيان لعنة الله عليهما بزعم أنه لم يبغ على أمير المؤمنين علي عليه الصلاةوالسلام.



      *
      ويتذكر زملاؤه في المدارس أيضا انه كان يتمتع بشعبية كبيرةكان يحاول استغلالها دوما في دفع الشباب إلى الالتزام الديني والجهاد في سبيل أهلالبيت عليهم السلام، فكان يعقد معهم حلقات يحضهم فيها على تغيير واقعهم والسير فيطريق الولاية، وفي إزاء ذلك كان مشهورا بمناظراته الأساتذة في الدين والتاريخانتصارا لأهل البيت عليهم الصلاة والسلام، وعندما كانت بعض الحصص الدراسية تتناولمحطات تاريخية زائفة بما يسمى الصحابة والخلفاء بقصد التمجيد والتعظيم كان يعمدبذكاء إلى تحطيم الوهم لإثارة الحقائق والرد على المدرسين الذين كانوا يستشيطونغضبا لرؤية أنفسهم عاجزين عن مجاراته أمام الطلبة.

      *
      عمل منذ صباه على خدمةمحمد وآله الأطهار _عليهم الصلاة والسلام_ فكان مؤذنا في مسجد (( النقي)) ورادوداحسينيا في عدد من الحسينيات ساعده على ذلك صوته الشجي وإحساسه المرهف، وكان يتلوللمؤمنين دعاء كميل كل ليلة جمعة، ويشارك في الاحتفالات الدينية بكلمات يعدهاويلقيها وأناشيد يترنم بها، وكان إلى جوار ذلك يشارك في مختلف النشاطات الإسلاميةالتي تناسب عمره آنذاك، وفي حدود العاشرة من العمر بدأ يعتلي المنبر كخطيب مبتدأ.


      *
      نتيجة شغفه بالقراءة وولعه بالمطالعة؛ اكتسب بجهد ذاتي حصيلة علميةوثقافية واسعة أهلته منذ بداية شبابه للعب أدوار قيادية متميزة في الساحة، فكانكاتبا صحفيا في عدد من الصحف والمجلات الكويتية والعربية، وكانت مقالاته وآراؤه محلإلتفات القراء واهتمام المتابعين. ولما كانت مقالاته وكتاباته تتسم بطابعها السياسيالناقد انطلاقا من تراث أهل البيت عليهم السلام، وجهت له الحكومة الكويتية عام 1997تهمة التحريض على قلب نظام الحكم بسبب بعض كتاباته في جريدة القبس، إلا أن القضاءبرأه من التهمة، ولم تكن تلك التهمة الوحيدة التي وجهت إليه بسبب آرائه فقد قامتوزارة الإعلام في العام التالي بتوجيه تهمة بث روح الشقاق بين أفراد المجتمع بسببمقالة جريئة كتبها ضد الجماعات الوهابية التي حرضت الوزارة بدورها على توجيه التهمةإليه.


      *
      بقدر ما كان شديد الولاء لأهل بيت النبوة _عليهم الصلاةوالسلام_ كان شديد العداء لقتلتهم وظالميهم، ولذا كان يدعو دائما إلى فضحهم وإعلانالبراءة منهم معتبرا أن ذلك هو السبيل لإرجاع البشرية إلى دين الله وولاية رسولالله وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام، وكان يقول: (( دعوهم يعرفون حقيقة خلفاءالجور.. وسيتركونهم ويؤمنون بخلفاء الحق)) وكان ينتقد بشدة إهمال إظهار حقائقالتبرؤ من أعداء الله، ويحمل هذه الحالة مسؤولية بقاء الانحراف العقائدي في الأمةوابتعادها عن أئمتها الشرعيين، وكان يرى أنه بمقدار ما يجب علينا تبليغ ونشر فضائلأهل البيت _عليهم السلام_
      فإنه يجب علينا تبليغ ونشر مثالب أعدائهم _عليهم اللعنة_ وهو يستند في ذلك إلا استنادات علمية وروائية دقيقة نابعة من نصوص القرآن الكريموالسنة المعصومية المطهرة.



      *
      شرع بدراسة العلوم الدينية معتمدا علىجهوده الذاتية ومباحثاته العلمية مع فضلاء الحوزة، وأخذ يتخصص بالعقائد والتاريخ،وكان لا يفصل بينهما وبين الفكر والثقافة بل يعتبرها كلها إلى جانب الأصول والفقهمترابطة بنحو أو بآخر، وقد أبهرت قوة ثقافته الكثيرين، حتى كان له تأثيره الثقافيعلى بعض من يكبرونه سنا وخبرة في الأوساط الحوزوية.


      *
      أصابه ما أصابالأئمة الطاهرين عليهم الصلاة والسلام من الغدر والخيانة فتعرض لحملات تشويه قذرةمن أجل إحباط مشروعه وعرقلة مسيره ومع ذلك فإنه لم يقابل الإساءة بالإساءة، بلبالعفو والإحسان، فمنع أنصاره من اتخاذ أي إجراء ضد من أساؤوا إليه، جانحا نحوالسلم والصفح. غير أنه كان على من يتجرأ على مقامات أهل البيت _عليهم الصلاةوالسلام_ ليثا هصورا لا يقبل غض الطرف ولا السكوت.

      *
      يروي أحد من عرفوه عنكثب أن احدهم كان دائم الإساءة له لأنه ظن أن الشيخينافسه، وبعد مضي فترة من الزمنوجد هذا المسيء نفسه بحاجة إليه في أزمة مالية وقع فيها، فاستقبله الشيخ بكل حفاوةوترحاب وكأن شيئا لم يكن، وقدم له مساعدة عجز عن تقديمها له الآخرون، وعندما خرجذلك الشخص من مكتب الشيخ لامه بعض أصحابه، فقال لهم: (( إن الإمام زين العابدينعليه السلام كان يعلم أن إجارته لمروان اللعين لن تؤدي إلى امتناعه عن ظلم أهلالبيت _عليهم السلام_ والإساءة لهم في ما بعد، ولكن عادتهم الإحسان وسجيتهم الكرموهم في ذلك يعطوننا نحن الموالين درسا في الأخلاق الرفيعة، وإني أعلم أن هذا الشخصسيستمر في غيه ضدي رغم مساعدتي له لأن هذه النوعية من البشر لا تحفظ جزاء المحسنين،ولكنه الإقتداء بالأئمة الأطهار عليهم السلام)) انتهى كلامه.. وبالفعل فقد حصل ماتوقعه إذ بعد مدة وجيزة عاد ذلك الشخص إلى الوقيعة في الشيخ بكل نذالة!!.


      *
      لم يقتنع بكثير من القيادات والتشكيلات الإسلامية القائمة اليوموكانت له مؤاخذاته وملاحظاته عليها ، حيث لم يكن رجلا عاديا يمكن أن تنطلي عليهالشعارات البراقة على حساب المضامين، إلى أن قادته مراقبته لواقع الساحة الإسلاميةالشيعية إلى أن يختار الإمام الشيرازي _أعلى الله درجاته_ زعيما روحيا له، وكانيفخر بأنه قلده واتبعه انطلاقا من قناعته الشخصية، لا بسبب هوى أو ميل بل أكد أنهقلد سماحته حتى قبل أن يلتقيه بعدما قرأ كتبه ووجد فيها ضالته الفكرية، وقال أنهاكتشف عظيما ليس له نظير في هذا الزمان وهو مع ذلك مجهول القدر كسائر عظماءالمسلمين الذين لا تعرف الأمة قدرهم إلا بعد رحيلهم. ورغم أنه كان شيرازيا بامتياز،إلا أنه لم يخف انتقاداته للتيار المنسوب إلى الشيرازي العظيم، وكان يعتبر أنهمبعيدون إلى حد غير بسيط عن استيعاب فكره ومنهجه، ولذا فإنه عمد إلى إعادة التعريفبالفكر الشيرازي.

      *
      قام بتشخيص الواقع الإسلامي الشيعي وتحديد مواطنالضعف والخلل فيه بدراسة متأنية شجعته استنتاجاتها على أن يطلق الدعوة لقيام ((هيئةخدام المهدي عليه الصلاة والسلام)) عام 1420 للهجرة النبوية الشريفة، وكان ذلكبعدما هندس أيدلوجية الهيئة ورسم معالمها؛ فلاقت دعوته استجابة من عدد ممن يشاطرونهالهم الديني، وهكذا تأسست الهيئة المباركة معلنة عن نفسها كهيئة ثقافية إسلاميةتطوعية هدفها تنمية المجتمعات إيمانيا وفق رسالة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام. ولم تمر فترة وجيزة حتى توسعت نشاطات الهيئة وافتتحت مكاتبها في عدد من دول العالم،ثم تفرعت منها مؤسسات ولجان مختلفة، وأصبح لها أنصارها وثقلها في الساحة الإسلاميةالشيعية، واكتسبت من الشهرة ما لم يكتسبه أي كيان شيعي آخر خلال فترة تأسيسهالأولى.


      *
      رغم كونه المؤسس إلا أنه لم يكن يجعل نفسه في موقع الهيمنةبل كان يعتبر نفسه كغير أحد من العاملين في صفوف الهيئة واختار لنفسه أن يكونمستشارا وعندما كان يتخذ قرارا هو من صلاحياته كان يطلب دائما رأي المنفذين فيه حتىلو كان المنفذ فراشا في بعض الأحيان! وعادته هي طلب المشورة، ولم يكن يستخدم صيغةالأمر إطلاقا بل يستخدم أسلوب الرجاء. سافر ذات مرة إلى كربلاء المقدسة للتشرفبزيارة الحسين عليه الصلاة والسلام وحضور اجتماعات مكتب الهيئة هناك، وكان بصحبتهأحد العاملين في مكتب الكويت بوظيفة فراش، ومع ذلك فإنه أشركه في كل الاجتماعاتوكان ذلك مثار تعجب الآخرين، ولم يكن يعامله بهذه الصفة إطلاقا بل يعبر عنه دائمابالأخ والزميل، مما حدا بهذا الشخص أن يقول: ((لقد عملت لسنوات طويلة في هذه البلادوخدمت الكثيرين ولم أر طوال هذه المدة رجلا بأخلاق الشيخ أبو حيدر)).


      *
      يشهد له الجميع بدماثة الأخلاق وطيب المعاملة، حتى الذين عارضوه وناوءوه قالوا: ((نعم نحن ضده ولكننا نعرف عنه أنه خلوق في تعامله معنا)).


      *
      كان يكرهالظهور وينبذ الذات ويلتزم بالتواضع إلى أقصى حد، فلم يسمح بتسليط الأضواء عليه رغماستحقاقه لذلك باعتباره مفكرا صاحب مبدأ ومؤسسا للهيئة، ورغم ما يملكه من أدواتإعلامية متعددة كان بمقدوره توظيفها لتمجيد نفسه والدعاية له، ولكنه كان يرفض ذلكدائما بل ويعتبره نوعا من العجب والتكبر، حتى أنه لم يقبل أن يوضع اسمه على كتاباتهومحاضراته إلا في أكثر الحالات ضرورة وإلحاحا، وفي إحدى الاحتفالات الدينية فوجئبمدير الهيئة وقد ألقى دون علمه كلمة شكر له نيابة عن أعضاء الهيئة لما بذله منجهود طوال السنوات الماضية، فما كان منه بعد انتهاء الاحتفال إلا أن أخذ المديرجانبا وعبر له عن عدم ارتياحه لهذه الكلمة، فرد عليه المدير: (( إن من حقنا أن نشكرمن نعتبر له فضلا علينا)) ولكنه مع ذلك لم يقتنع وألزم إدارة التسجيلات بحذف هذاالمقطع كلية من أشرطة التسجيل الصوتية والمرئية وجاءه ذات مرة أحد العاملين مودعاحيث اعتزم المغادرة إلى الحوزة للدراسة، فقام هذا الشخص بتقبيل يده، وسبب ذلكتأثيرا بالغا منه وطلب من الشخص ألا يكرر ذلك أبدا، وعندما كان يهم البعض بتقبيلرأسه ويده كان يمنعه من ذلك قدر المستطاع، وانحرج انحراجا شديدا ذات مرة لمحاولةأحد العلماء المجتهدين تقبيل يده في لقاءه معه حيث قال له: (( إن يدا تكتب كل هذادفاعا عن أهل البيت عليهم السلام جديرة بالتقبيل والتكريم)).
      *
      يعتبرهجمع من المؤمنين والمؤمنات أخا كبيرا لهم ويعتزون به اعتزازا شديدا حيث هو بالنسبةإليهم في موقع المربي والأستاذ، وكلما كانت شعبيته تزداد كلما كان يتحاشى الظهوربشكل غريب، حتى أن كثيرين أخذوا عليه أنه انطوائي بعض الشيء، وقد باح ذات مرة بسرذلك بقوله: ((إن بعض الأعمال لا تعطيني الفرصة كما أني أخشى كثيرا من أن يستدرجنيالشيطان إلى العجب فتحبط أعمالي)) وكان يوصي دائما بدعاء مكارم الأخلاق لأن فيه هذهالعبارة(( اللهم لا ترفعني في الناس درجة إلا حططتني عند نفسي مثلها)) وكان يقول أنهذه هي وصية الإمام الراحل السيد الشيرازي _قدس سره_ له.


      *
      يتمتع بذكاءحاد وشخصية رزينة وأفق ولسع ونظرة ثاقبة، ورغم لينه إلا أنه حازم خاصة في ما يتصلبالولاء لأهل البيت عليهم السلام الذي هو عنده ولاء مطلق لا يعلو عليه شيء. وللزهراء _صلوات الله عليها_ في نفسه مكانة خاصة، فدائما ما يتوجه إليها في دعائه،ودائما يذكرها في أحاديثه ومحاضراته، وكان يقول (( إن من أكبر مظلوميات الزهراء _صلوات الله عليها_ أن الأمة الإسلامية لا تعرف من قتلها وسفك دمها حتى الآن بل هيتترحم على هذا القاتل بكل غباوة وجهل!!)).

      *
      تميز كثير من محاضراتهبالابتكار وطرح حقائق تاريخية استنتاجية لأول مرة، ولأنها تحتوي على معلومات نادرةمصاغة بخطاب قوي رصين فقد اجتذبت الجماهير وشدتهم إليها، ومحاضراته عن الزهراء _صلوات الله عليها_ ومصائب أهل البيت _عليهم السلام_ تثير الشجون وتجعل الدموعتنهمر وكان هذا مشهدا يتكرر في كثير من محاضراته.


      *
      لا تحصر آراؤه فيالدين والتاريخ بل تشمل السياسة والاجتماع وهو يحرص دائما على إتباع منهجية التوعيةالجماهيرية، ولذا حث على التركيز على بناء الوسائل الإعلامية المؤثرة حيث كان يرىأن التشيع لا ينقصه اليوم لاستكمال انتشاره سوى الوسائل الإعلامية العالمية. ويعتبرقيام قناة فضائية مهدوية أمنية في حياته، سعى لتحقيقها وقطع أشواط مهمة فيها ولايزال.


      *
      لأنه كان متيقنا في الدفاع عن أهل البيت _عليهم الصلاةوالسلام_ فقد انتشرت محاضراته الكاشفة لزيف أعدائهم انتشارا كبيرا في الكويتوالخليج، وكانت لها آثارها وصداها الواسع، وأدت إلى هداية جمع من أبناء العامةوتقديم الإجابات المنطقية لتساؤلاتهم العقائدية، وأدى ذلك إلى استهدافه من قبلالجماعات الوهابية التي وجهت إليه تهديدات بالقتل، بسبب شعورها بأن محاضراته تمثلتهديدا لعقائدها الباطلة، ولكنه لم يعبأ بالتهديدات وظل يواصل جهوده واثقا باللهتعالى، وبسبب الضغوطات التي مارستها الجماعات الوهابية أقدمت الحكومة الكويتية علىاعتقاله في السادس من السجن من دون محاكمته

      · رغم حرصه على القرار الجماعي إلا أن العمل كان بالنسبة إليهمقدسا، والإنتاج عنده فوق كل اعتبار. فلم يكن يتقيد باللوائح النظرية على حسابالواقع العلمي، وقد علم زملاءه وتلاميذه مبدأ أن (( الحق في وضع القرار مرهون بأداءالواجب باقتدار))، وأن لاحق لمن فرط بالواجب، وعليه لم يكن يوقف دوران عجلة العملأو يعطلها من أجل إشراك شخص لم يؤدي واجباته على أكمل وجه في اتخاذ القرار، بل كانيعتبر أن العمل يجب أن يستمر مهما كان لأن الشخص هو من أقل بمبدأ تكافؤ الحق معالواجب. وقد أدى اعتماده لهذا المبدأ إلى عدم تقييد مؤسسات الهيئة ودفعها نحوالإنتاجية والإنجاز والتطور.



      *
      مع نجاحاته كان ينتقد نفسه باستمرار،فيقول أنه فشل في تحقيق كثير من تطلعاته، وأنه أهمل بناء علاقات اجتماعية حيوية،وأنه استنزف كثيرا من طاقاته في مهمات كان يمكن أن توكل إلى غيره. وكان سماعه للنقدأحب إليه من سماعة للمدح وكان يكرر دائما مقولة: (( رحم الله من أهدى إلي عيوبي)).


      *
      لم يجلس إليه أحد من المختلفين معه إلا وخرج من عنده مقتنعا أو علىوشك، ويشهد له الجميع بحسن بيانه وقدرته العالية على الإقناع.

      تعليق


      • #4
        الشيخ ياسر الحبيب في سطور

        هذا المقال للشيخ ياسر الحبيب نفسه
        لهذا وقفت تحت ظل الشيرازي!
        ‏ربما يبدو غريبا أمام إخواني المؤمنين أن أكشف لهم حقيقة أنني لم أكن أقلّد السيد الإمام الشيرازي (رضوان الله تعالى عليه) إلا قبل استشهاده بسنوات ليست بالبعيدة، بل أضيف أنه لم يكن يخطر ببالي يوما أن أقلّد هذا المرجع أو أن أؤمن بأفكاره ودعواته، أو أن أعمل في سبيل الله بما يوافق رؤاه.
        والاستغراب الذي قد ينتاب كثيرا من إخواني المؤمنين عند تصريحي بهذه الحقيقة علّته أنهم يعرفون عني أني من أشد المتحمسين للإمام الشيرازي (قدس سره) بل من الذين قد يراهم البعض يبالغون في تقديسه. والحق أن وراء هذا التحمّس الشديد والتقديس الكبير؛ قصة تحتاج إلى بيان، ولعل في هذا البيان نفع إن شاء الله تعالى. إلا أنني قبل أن أبدأ، أود أن أنفي عن نفسي صفة المبالغة في التقديس، فإني لم أدّع العصمة له (أعلى الله درجاته) كما ادعى غيري لغيره ممن علمتم! ولا قلت فيه ما لم أرَه فيه كما قال غيري من اختلاقات لصاحبه! ولئن كنت أراه بدلا من الأبدال، ووليا من أولياء الله الصالحين، فليس ذلك ذنبا أو جريرة، فهو هكذا حقا، ولا أقل منه ولربما كان أكثر. وما يدريني وقد عاينته وجالسته وخالطته مرارا، فوجدت فيه صفات لم أجدها حتى الساعة في آخر من البشر.
        وليس من ضروب المبالغة أو المغالاة أن أعتبره رجلا نادرا كان بحق نائبا مرضيا عند إمام الزمان صلوات الله وسلامه عليه. ومن يكون كذلك، فإن من المحتوم أن يشمله الإمام (عليه السلام) بمنّه وفضله وكرمه، فيودع فيه الأسرار، ويمدّه بالعلوم، ويمنحه قدرة خارقة منه، يطلّع فيها مثلا على بعض الغيب ككونه يعلم ماذا يدور في ذهن السائل قبل السؤال أو معرفته بموعد ارتحاله من الدنيا أو تنبؤه بالحروب الأخيرة التي وقعت بعده وهو ما سمعته منه بنفسي ولاحظه كثيرون آخرون. وفي هذا كلام يطول، ولكن نعود إلى أصل الموضوع.. والقصة التي وعدت ببيانها.
        لقد نشأت في بيئة لم تكن فحسب بعيدة عن المناخ الشيرازي – إن جاز التعبير – بل كانت بيئة معادية لكل ما يمت إليه بصلة! ولم يكن عداء تلك البيئة في حدود المعقول، ولا في مستوى المتوسط، بل كان عداء في أقصى مداه! لقد كان عداء مستحكما مستمرا متأصلا في النفوس المريضة والأذهان السقيمة! وقد لقننا أصحابها منذ نعومة الأظفار كيف نكره رجلا اسمه السيد الشيرازي!
        في وسط تلك البيئة نشأت، ولا أقصد البيئة الأسرية، وإن كانت أسرتنا - بالمعنى الأصغر لا الأكبر - قد وضعت حاجزا نفسيا بين أفرادها وبينه رضوان الله تعالى عليه؛ لكن هذا الحاجز كان نتاجا من تلك البيئة التي طغت علينا جميعا، وهي بيئة كان صانعها حزب سياسي ديني معروف، استطاع أن يجعل من إحدى المساجد الشهيرة في الكويت رأس حربة ضد هذا المرجع المظلوم الذي تعاظمت شعبيته في البلاد والتف حوله أهلها مما كان سببا لأن يخسر ذلك الحزب نفوذه وانتشاره، فأبى إلا أن يوقع الناس في فتنة عمياء لم تبقِ ولم تذر!
        في ذلك المسجد كنت أتلقى الدروس، وفيه منذ الصبى كنت أرفع الأذان وأرتل القرآن وأقرأ الأدعية للمصلين، ومنه كنت أمارس نشاطاتي الدينية، وفيه كنت ألتقي بمن خدعوني بمظهرهم الإيماني وباطنهم الدنيوي! فملأوا عقلي عداء للمرجع المظلوم، ومع أنني كنت أوافقهم، إلا أن قلبي كان ينقبض أحيانا انقباضا يبعث في نفسي الشك منهم، وكنت أقول: هل يُعقل أن لا تكون لهؤلاء "المتدينين" همة سوى إسقاط عالم دين؟! لنفترض أنه كان كما يرمونه به من سوء، ولكن هل من المعقول أن يصل الأمر إلى درجة التفريق بين الزوج وزوجته لأن هذه تقلّده وذاك لا؟! هل يصح لمن يدّعون أنهم يحملون رسالة الإسلام أن يحطموا حياة الأسر ويخربوا بيوت الناس من أجل إسقاط رجل لم نرَ منه إلا خيرا؟!
        كانت هذه الحال صعبة عليّ، أعني أن أرى أناسا قد وقعوا في فخّ هذا الحزب وتدّمرت حياتهم الاجتماعية بسبب هذه الفتنة، ولكني مع ذلك لم أكن أجرؤ أن أعترض أو أن أبدي شيئا من ذلك، فقد علّمنا ذلك الحزب أن نكون عبيدا مطيعين، لا حق لنا في نقاش "القيادات"! كنا صبية صغارا لا نعرف أين يُسار بنا سوى أن أسرنا سلّمتنا إلى هؤلاء لكي "يحفظونا" من الانحراف.. فإذا بهم ينحرفون بنا إلى منعطفات أشد خطورة وأكثر وعورة!
        لم أكن أتوقع وأنا في بداية مرحلة الشباب والحياة الدينية أن أرى هذه النماذج المأسوية في الوسط الديني من التطاحن بين من كنت أظنهم من "العلماء" فكنت أستهجنها وأنفر منها كثيرا. والشيء بالشيء يُذكر؛ فالذين دخلوا في عمق محيط المعممين والحوزات الدينية يدركون جيدا ماذا أقول فهناك ردّة فعل كبيرة من تصرفات البعض الطالح، والصورة من الداخل أكثر سلبية من الخارج، وهي قاتمة إلى حد ما إلا من بضع شموس مضيئة مازالت تعطينا الأمل وتبعث فينا الأمان فنشعر بأن "الحوزات مازالت بخير".. هؤلاء هم المعممون المخلصون، والعلماء الأتقياء الذين يستحقون حقا هذا التاج الإسلامي على رؤوسهم. ولكن هؤلاء معدودون على الأصابع، يندر وجودهم فهم كالكحل في العين والملح في الزاد.
        لقد كنت لا أستطيع تحمّل أن أشاهد بعض المعممين يقدحون في هذا المرجع بأسلوب لا ينم عن أخلاق العلماء إطلاقا، بل هو أقرب إلى أسلوب "أبناء الشوارع"! وكنت أتساءل في قرارة نفسي عن سبب كل هذه الضجة واللجة، وعن مسوغاتها الشرعية إن وجدت، فسألت بعضا هنا وبعضا هناك فلم أجد ما يمكن القبول به وما يستأهل كل هذا العداء والحقد!
        لم أجد في السيد الشيرازي انحرافا عقيديا واحدا، ولا مثلبة أخلاقية يتيمة، ولا خللا فكريا شاذا، ولا أي شيء من هذا القبيل، فلماذا إذن يقعون فيه ويغتابونه بهذا الشحن والتحريض العدائي المستمر؟!
        وأكثر ما أثار سخطي في تلك الفترة هو محاولة بعضهم تبرير هذا الموقف العدائي بالقول أن السيد الشيرازي يدّعي أنه الإمام المهدي المنتظر عليه السلام!! ولمّا أن سألناهم عن بيّنة ذلك قالوا: "اقرؤوا كتبه وسترون أنه يكتب اسمه على هذا النحو: محمد المهدي الحسيني الشيرازي!! فهو يقول أنه "محمد المهدي"! والحق أني لم أكن أتصوّر أن يبلغ سخف هؤلاء واستخفافهم بعقول البشر هذه الدرجة، فهل لأن السيد الشيرازي وسائر عائلته والقريبون منهم معتادون على استخدام (ألف لام التحلية) حسب ما تقتضيه الفصاحة العربية يكونون قد أجرموا ويصح اتهامهم ورميهم بالباطل والزور؟! وما قول هؤلاء في استخدام علمائنا الأوائل هذه القاعدة؟ هل يجرءون على قول أن السيد الشريف المرتضى لأنه كان يُطلَق عليه "المرتضى" يكون قد ادعى أنه أمير المؤمنين الإمام المرتضى عليه السلام؟! إن هذه هي لغة العرب، ولها شواهد كثيرة حتى في زماننا الحاضر، عند العلماء والوجهاء والأمراء وغيرهم كدلالة على التعظيم والتقدير، والسيد إنما أضاف (ألف لام التحلية) إلى والده قدس سره من هذا الباب، فكيف لم يتفكّر هؤلاء في هذا؟! وما بالهم على الأقل لم يحملوا أخاهم المؤمن على سبعين محملا كما أوصانا أهل البيت (عليهم السلام) فاعتبروا أن "محمد المهدي الحسيني الشيرازي" تمثّل إعلانا بالمهدوية والعياذ بالله؟! وهل هذا إلا من قبيل الاتهام بالبهتان؟! وألا يستحون من الله جل وعلا على هذا التصرف الشائن؟!
        على كل حال؛ عندما بلغت هذه الاتهامات الإمام المظلوم الراحل (قدس سره) ووصل إلى مسامعه أنهم قد روّجوا بين الناس أنه يدّعي المهدوية قام بحذف اسم والده أساسا من مؤلفاته وبات يكتب "محمد الحسيني الشيرازي"! والأعجب أنه (رضوان الله تعالى عليه) سامحهم على ما اقترفوه من ذنب بحقه، ولكن هؤلاء ما استحوا ولا تابوا إلى الله تعالى بل استمروا في إطلاق ونشر هذه الشائعة لتحطيم سمعة هذا الإمام العظيم، ولما بان سوء صنيعهم وامتعض الناس من قولهم حيث تبيّن لهم كذبهم وافتراؤهم، أرادوا أن يحفظوا ماء وجوههم فقالوا: "لم نقصد أنه يدّعي المهدوية ولكن قصدنا أنه يزعم أنه قد تتلمذ على يدي الإمام المهدي عليه السلام"!! فانظروا إلى قباحتهم ووقاحتهم! وحقا صدق سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ قال: "إنْ لم تستح فاصنع ما شئت".
        يوما بعد يوم كنت أتدبّر في أمر هؤلاء القوم فلا تطيب لي نفس للاستمرار في مخالطتهم، فما هم بمؤمنين ولو كانوا كذلك لما ارتكبوا ما ارتكبوه ضد هذا السيد التقي المجاهد الذي لم يفعل لهم شيئا سوى أنه حلّ بهذه الديار وقاد موجة إصلاحية شيعية واسعة النطاق بينما هم كانوا غارقين في نهبهم للحقوق الشرعية ونشر مبادئ التحزّب والفكر المنحرف المضل!
        غير أنهم حيث كانوا يعتمدون على الفتاوى المضادة التي صدرت حسدا وبغضا ضد هذا السيد الجليل فإنهم قد أكسبوا اتهاماتهم بعض الشرعية، وآنذاك لم نكن نستطيع أن نميّز الحق من الباطل مع الأسف، فالذين أصدروا الفتاوى كانوا يطرحون أنفسهم في مستوى المراجع وكان يصعب علينا أن نشكك في صحة ما ارتكبوه، فهذا "مرجع" ينسف "مرجعا" آخر؛ فأيهما على الحق وأيهما على الباطل؟! ولذا فإنني وكثيرين من أمثالي رضخوا لهذه الموجة الظالمة لما وقع في نفوسهم من الشك والحيرة التي أبعدتنا عن العلماء وأوساط المتدينين. وإني وإنْ لم أكن من أعدائه أو المحاربين له قدس الله نفسه، إلا أنني كنت قد أخذت مسافة بعيدة عنه، فتحاشيت أن أرتبط به بأي شكل، رجوعا وتقليدا، أو عملا واقتداء. فبقيت على هذه الحال من الجفاء والمقاطعة سنوات، كنت أظن فيها أن هذا هو الصواب، ولكن نفسي لم تكن تتمكن من إخفاء إعجابها بالإمام الشيرازي في أحيان كثيرة، فكلما وقع في يدي كتاب له، أو شريط، أو بيان، وكلما كنت أسمع عن أخلاقه وسجاياه، كان احترامي له يزداد ويكبر، ولكن الذين شحنوا نفوسنا بغضا ما تركوا لها الفرصة لأن تنفتح على هذا الرجل العملاق.
        وفي سنة من السنوات، حيث وقفت على قبائح شائنة لا يمكن أن تصدر من مؤمنين، وكان هؤلاء ممن نعتبرهم أصحاب المُثُل والمبادئ الدينية، فكان الذي وقفت عليه سببا لأن تهتز قناعاتي من الأعماق، فشككت في كل شيء، حتى كاد شكي أن يقع في الدين نفسه لولا رحمة الله تعالى! وليس ذلك بغريب، فإن أمثالي من المغرر بهم وقتذاك كانوا يعتبرون "القيادات" مثلا أعلى، فإذا سقطوا سقط كل ما كان يمثّلونه من قول أو فعل، وهو في مجمله كان يحض على الالتزام بالدين كما لا يخفى.
        بعد تلك الهزّة، ابتعدت واعتكفت في منزلي وقاطعت المساجد والحسينيات إلا في أوقات نادرة جدا، إذ بدأت أحس بأن كل هؤلاء المتدينين يكذبون! وأنهم في الظاهر شيء وفي الباطن شيء آخر! وازدادت عندي دائرة الشك والقلق حتى شملت الذين يزعمون أنهم من المراجع والفقهاء الكبار.. "ما الذي يضمن لي أن هؤلاء ليسوا أيضا كذابين مراوغين"؟! هكذا كنت أتساءل في قرارة نفسي بصمت، إذ لم أكن أملك الجرأة إطلاقا على الجهر بهذا التساؤل، لأنه كان يعني مروقا بكل ما لهذه الكلمة من معنى!
        أما الآن وبعدما خضت ما خضته من التجارب المريرة فإن عندي الشجاعة الأدبية الكاملة لأن أقول بأن بعض – وليس كل – هؤلاء كانوا فعلا لا يستحقون أن يُنسبوا إلى العلم والفضيلة، بل إن الدين منهم براء، فمنهم المنحرف عقيديا، ومنهم الذي لا تقوى له ولا عدالة ولا حتى ضمير!
        والآن قد عرفت جيدا معنى تحذير نبينا الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "إن أخوف ما أخاف على أمتي زلات العلماء"! والآن قد أدركت كيف أن إمامنا المهدي (صلوات الله عليه) سيخرج ليقتص من بعض الذين ادعوا أنهم من العلماء! وإن من الواجب الشرعي عليّ أن أقول في هذا المقام، للناس وللتاريخ، لجميع المؤمنين والمؤمنات، أني اكتشفت أن الإمام الشيرازي (قدس الله نفسه) كان مظلوما ممن أفتوا ضدّه وألّبوا الناس عليه، وأن الذين أفتوا قادهم حسدهم – وهو آفة العلماء كما في الحديث - إلى فعلتهم هذه، وهذا هو مستندهم "الشرعي" الوحيد في إصدارهم لتلك الفتاوى الظالمة التي فرّقت الأمة وزرعت الفتنة بين صفوفها. هذا ما توصّلت إليه بعد بحث مضنٍ ناقشت وراجعت فيه كثيرين، حتى تبيّنت لي الحقائق والوقائع كاملة لا لبس فيها.
        إنني أعلم أن كثيرين يخشون أن يصرّحوا بهذه الحقيقة، فهم يخشون الناس، ولكن الله أحق أن نخشاه، وليس من الصحيح أن نخفي مساوئ البعض الطالح من أجل أن لا تتلوث سمعة البعض الصالح، فإن هذا الطالح قد أفسد سمعة الصالح لأننا لم نميّزه ولم ننفِ نسبته إلى سلك العلماء. لقد كتبت سابقا عن زمان استغلال العمامة، ونبّهت إخواني المؤمنين بضرورة أن يتفحصوا حال كل من اعتمرها ويتأكدوا من تقواه وعدالته وعلمه قبل أن يتّبعوه ويقبلوا قوله، ولكن لا يجب أن يُفهم كلامي على أنه تشكيك وطعن، بل هو على العكس من ذلك، تنزيه لعلمائنا الأجلاء المخلصين ممن أساء إليهم بتصرفاته وسوء صنائعه.
        يجب أن لا ننخدع بأي أحد، ولا يمكن تحاشي الانخداع إلا بالوعي والفحص والتدقيق والتحقيق. وهذا ما قمت به عندما عزمت على العودة إلى الوسط الديني والعمل الإسلامي بعد انقطاع كاد أن يكون نهائيا لما رأيته بأم العين من مساوئ وانحرافات ودجل وكذب وغيبة ونميمة!
        قررت في ذلك الحين أن لا أسلّم زمام أمري لأحد، وأن أبحث بمفردي عن الحقيقة وعن إجابة سؤال: "من هو العالم والفقيه الذي يستحق أن نتبعه في هذا الزمن"؟! فجرّدت نفسي عن كل العواطف، وبحثت مدة طويلة عن الأصلح والأعلم والأتقى والأعدل، وعن الذي لا تشوبه شائبة، وعن الذي يملك مشروعا يرتقي بالأمة ويبعث فيها الروح من جديد.
        وجدت صالحين، ووجدت أتقياء، ووجدت من يملك مشروعا لا بأس به أيضا، ولكني لم أجد من تجتمع فيه تلك الشروط وتتوافر فيه كل تلك العناصر سوى رجل واحد هو: الإمام آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي.
        كانت التجربة صعبة ومريرة بعض الشيء، ولكني أسجد لله (جل وعلا) شكرا على أنها أفضت إلى خير، وأوصلتني إلى حيث أجد نفسي وديني ودنياي وآخرتي. ولن أتحدّث هنا عن مسألة "الأعلمية" فهذه مفروغ منها، ولكني سأتحدث عن جوانب وعوامل أخرى قادتني إلى اتباع هذا المرجع العظيم في وقت كانت تنعدم في نفسي الثقة بمن يدّعي العلم، سيّما مع تنامي المستوى العلمي والإدراكي لديّ حيث اكتشفت أن كثيرا من هؤلاء المدّعين ليسوا بشيء لا في العلم ولا في الاجتهاد! فكنت في أحيان كثيرة لا أتمكن من حبس ضحكة على ما يدّعونه من "أعملية" ليس لها واقع!
        إن الأسباب والعوامل التي جعلتني أتبع ذلك السيد الجليل (أعلى الله درجاته) تتلخص في الكلمة العظيمة التي قالها سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إذ قال: "لا تجلسوا عند كل عالم يدعوكم، إلا عالم يدعوكم من الخمس إلى الخمس: من الشك إلى اليقين، ومن الكبر إلى التواضع، ومن الرياء إلى الإخلاص، ومن العداوة إلى النصيحة، ومن الرغبة إلى الزهد". (الاختصاص للمفيد رضوان الله عليه ص335).
        إن نبينا (صلى الله عليه وآله) يدعونا في هذه الوصية العظيمة لأن لا ننخدع بكل عالم يطرح نفسه، فهناك علماء فاسدون، فلا يجب أن نجالسهم ونستمع إلى أحاديثهم ونتبعهم بشكل أعمى كما يفعل كثير من قومنا مع الأسف. كلا.. ليس هناك اتباع لأحد إلا للذي ينهانا عن خمسة أشياء، ويأمرنا بخمسة أشياء، كما قال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
        وعندما وقفت على هذا الحديث الشريف، تفتحت أمامي الآفاق، ونظرت أكثر فإذا بكل هذه الصفات تنطبق على السيد المظلوم (قدس الله سره) تماما. وإليكم البيان:

        (من الشك إلى اليقين)
        لقد كنت كما أوضحت في حالة شك بسبب التصرفات المخزية التي ارتكبها البعض باسم الدين، فأوجب ذلك لي نفورا وابتعادا. ولكن الإمام الشيرازي أخرجني من هذه الحالة، وجعلني أتيقن من أن هذه الأرض لا تخلو من فقهاء يستحقون حقا أن يكونوا خلفاء للحجة المنتظر (أرواحنا لتراب مقدمه الفداء) بإخلاصهم وتفانيهم وجهادهم. ولا أنسى كيف قد وقعت الحيرة عندي في مسائل عقيدية ودينية عديدة، فقد شككونا في كل شيء تقريبا، في نورانية الأئمة (عليهم السلام) وعصمتهم ومقاماتهم الملكوتية، وفي كثير من حقائق التاريخ خاصة في مجال مظلوميتهم ومظلومية الزهراء (سلام الله عليها) تحديدا، وفي ألف شيء وشيء حتى فرّغوا الدين عن محتواه وجعلوه دينا مائعا هو إلى الإطار والشكل أقرب من الجوهر والمضمون! ولم نكن آنذاك قد وصلنا إلى مرحلة علمية نستطيع فيها أن نقطع بأنفسنا في حقيقة هذه المسائل، وهنا لجأنا إلى السيد الشيرازي ووجدنا عنده الإجابات الشافية الوافية التي أعادتنا إلى حظيرة اليقين وأبعدت عن عقولنا ونفوسنا الشك، فلله درّه من فقيه علّمنا مبادئ الولاء المطلق لمحمد وآل محمد (عليهم السلام) ولقننا ثوابت الدين كما يرتضي الله عز وجل، وأزاح عنا وهم التصوف والفلسفة والعرفان وسائر الانحرافات العقائدية الأخرى، كما أزاح عنا مرض الانهزام أمام المخالفين وعلّمنا كيف ندافع وننصر الأئمة المعصومين (عليهم السلام) وكيف ننتقم من أعدائهم.
        لقد نقلنا حقا من الشك في الدين، إلى اليقين في الدين، حتى في التحديات الحضارية، أثبت لنا أن الدين الإسلامي هو دين التقدم والحضارة، وأنه هو صاحب العلاجات الناجحة لكل مشاكل العصر، وأن فيه ما ليس في الليبرالية وغيرها من مناهج مستوردة من قيم ورقي وسعادة للبشر، وكان هذا في وقت يفتقد فيه سائر المتحدثون باسم الإسلام - سواه - مشروعا حضاريا متكاملا يقدّم الحلول الحقيقية ويرتقي إلى مستوى التحديات.
        (من الكبر إلى التواضع)
        ولا أحتاج في بيان هذه النقطة إلى أكثر من شهادة كل من عرف هذا الرجل العظيم الذي لم يُرَ له نظير في تواضعه ورفيع أخلاقه. فقد شهد له أعداؤه قبل مريديه بأخلاقياته النبوية، فهو يعفو عن المسيء، ويصفح عن المعتذر، ويلتمس العذر لمن لا يعتذرّ! وعندما كانوا يأتون إليه ويقولون له: "سيدنا إن فلانا يطعن فيكم" كان يلتمس له عذرا ويقول: "لعله كان مشتبها أو أن له سببا عقلائيا دفعه إلى هذا القول"!! وقد سامح وعفا عن كل الذين آذوه في حياته، حتى الذين مازالت في قلوبهم بعض الإحن والحزازات لأحقاد "بدرية وخيبرية وحنينية وغيرهن" أو لنقل: "لأحقاد كربلائية وكويتية وقمية وغيرهن"! فإن كل موضع حلّ فيه هذا النور كان بالفعل ساحة جهاد في سبيل الله تعالى ذكره. إلا أنه (قدس سره) لم يعفُ أبدا عن الذين ظلموا الدين والمؤمنين وجاروا على التشيع، وأكد أنه سيخاصمهم يوم القيامة لأن الأمر ليس متعلقا به، بل بدين الله عز وجل.
        إن تواضعه (رضوان الله تعالى عليه) أشهر من أن يُذكر، فكان يكره أن يصفه أحد بأي لقب، وكان يكتفي باسمه "محمد الشيرازي" فحسب فلا يقبل بأكثر من هذا، وقد علمت من الرعيل الكربلائي الأول الذي شهد فترة بداية نهوضه بالمرجعية أنه كان يمنع كتابة حتى كلمة "السيد" قبل اسمه عند طباعة كتبه ومؤلفاته وبياناته وما أشبه، رغم أنه كان مرجعا للتقليد! وبالفعل فإن عندي بعض الكتب التي طبعت في العراق في تلك الفترة ولا أجد في اسم المؤلف سوى "محمد بن المهدي الحسيني الشيرازي" دون أية ألقاب، ولولا أن مقلّديه لم يلتزموا بهذا وآثروا أن يوصف السيد بما يستحقه من ألقاب المرجعية، لاستمرت كتبه تطبع على هذا النحو، ولما وجدنا كتابا واحدا فيه لقب "آية الله العظمى" أو ما شاكل ذلك. وفي أحيان كثيرة كان يقع بعض غير العارفين بمدلولات التعابير والمراتب الحوزوية في أخطاء عند تسميتهم للسيد (قدس سره) فيكتبون له وصفا لا يليق بمرجع أو يوحي بأنه أقل مرتبة، كمصطلح "حجة الإسلام" أو "العلامة" وما إلى ذلك، فيطبعون الكتاب ويوزعونه ويبدي البعض اعتراضهم من باب أن هذا انتقاص من مقام السيد المرجع، وهو مخالف للأعراف الحوزوية، فيظن هؤلاء الذين طبعوا الكتاب أن السيد غاضب عليهم أو عاتب، وعندما يلاقونه لا يبدي لهم إلا الثناء العطر فيستغربون، وما إن يقدّمون اعتذارهم عن الخطأ التعبيري غير المقصود حتى يبتسم السيد ابتسامته المعروفة ويغيّر مجرى الحديث!
        وقارنوا هذا الموقف الأخلاقي العظيم بمواقف الآخرين لتعرفوا الفرق! فإني أعرف رجلا أقام الدنيا وأقعدها لأنه كان مدعوا لندوة وصل إليها فوجد أنهم قد نسوا في لافتة الندوة لقبا إضافيا يجب أن يسبق اسم جنابه! قد كتبوا في اللافتة: "يحاضر في الندوة سماحة آية الله الشيخ فلان الفلاني دام ظله" وعندما وصل إلى موقع الندوة والجماهير محتشدة للاستماع إلى "درره" رأى تلك اللافتة فبان عليه الغضب، فعاد وركب السيارة وأمر السائق بإعادته إلى البيت! ومهما حاول المنظمون للندوة أن يثنوه عن ذلك لم ينفع حتى أُلغيت الندوة وانفض الحضور! وعندما سألوه عن الجرم الذي ارتكبوه قال: "لماذا نسيتم إضافة كلمة الدكتور"!! فهل هناك كبر وغرور أعظم من هذا؟!
        لم تكن عند الإمام الشيرازي – على جلالة قدره ومقامه الرفيع – هذه العقد النفسية، وكان يقبل حتى بأن يُهان، فيأتيه بعض السفهاء من المرتبطين بالنظام وغيرهم ويشتمونه أمام وجهه الشريف، دون أن يحرّك ساكنا! وعندما حاول المسؤولون عن إدارة مكتبه تأديبهم منعهم عن ذلك، حتى أكمل السفهاء شتائمهم وعادوا دون أن يمسسهم شيء!! فهل هناك تواضع أكبر من هذا؟! وهذه السيرة العطرة للسيد إمام المظلومين (قدس سره) هي التي أخرجتنا من الكبر إلى التواضع حقا، كما أوصى سيد الأنبياء صلوات الله عليه وآله.

        (من الرياء إلى الإخلاص)
        وهنا أشهد بالله تعالى أني لم أجد ولم يجد غيري موقفا واحدا ظهر منه غير الإخلاص في عمل هذا الفقيه الجليل، فكانت أولى وصاياه لكل من يستقبله "الإخلاص" ومحاضراته حول هذا المطلب أكثر من أن تحصى، أما كلماته وتوصياته في هذا الصدد فلا يسعها البحر. ولقد أخرجنا بتوصياته تلك من آفة استشرت في أوساط طلبة العلم والمبلغين والعاملين الإسلاميين، وهي آفة الرياء وحب الشهرة والظهور، أما غيره فأوقع أتباعه فيها بل وحضّهم عليها! ولي في ذلك شواهد لا يتسع لها المقام، ولكني أقول أن إخلاص هذا الرجل وتفانيه في أعماله الجهادية وفي خدمته لأهل البيت الأطهار (عليهم الصلاة والسلام) هو الذي رفع ذكره وخلّد اسمه، فلئن كان قد حرّم أن تتم تسمية مؤسسة واحدة باسمه – كما فعل كثير من المراجع غيره – وآثر أن تتم تسميتها بأسماء أهل البيت صلوات الله عليهم، فإن ذلك هو الذي رفع قدره حقا، وهو الذي سيبقيه شمسا لا تغيب. واذهب إلى أصقاع الدنيا فلن تجد مركزا أو مدرسة أو مؤسسة واحدة تحمل اسمه، إلا التي تأسست بعد استشهاده وارتحاله، وينبئك ذلك عن إخلاصه وتقواه. وبهذا كفى دليلا رغم أن الأدلة لا تعد.

        (من العداوة إلى النصيحة)
        ولعلي هنا أكرر ذكر ذلك الأخ الذي ذهب إليه من الكويت فسأله الإمام (قدس سره) عن سكنه، فقال: في منطقة كذا، وعندما سأله عن وجود مسجد قريب من مسكنه يصلي فيه قال: أما المسجد فهناك واحد في منطقتنا، وأما الصلاة فإني لا أصلي فيه. سأله السيد: لماذا؟ فأجاب: لأن الإمام فيه يتقوّل عليكم بالباطل ويعاديكم! فقال السيد: وماذا في ذلك! اذهب وصلّ خلفه! قال الأخ: وكيف يا مولاي وهو قد سقط عن العدالة بعدائه لكم؟ فأجاب السيد: "مادمت أنا صاحب الحق فإني راضٍ بتقوّله عليّ وبهذا لا تسقط عدالته.. اذهب وصلّ خلفه واجتمعوا في مساجدكم ولا توقعوا العداوة والبغضاء بين صفوفكم مهما كان"!!
        فهاهو يخرجنا من العداوة إلى النصيحة حتى وإن كان عليه جور خاصة، فالمهم عنده هو أن يجتمع الشيعة على قلب واحد وأن ينبذوا العداوات والأحقاد في ما بينهم، وليتهم كانوا يلتزمون بوصيته تلك! ألا ليتهم عرفوا أن هذا المرجع المظلوم الذي قاسى ما لم يقاسه أحد غيره قد ارتحل من الدنيا وكانت إحدى أمنياته الثلاث "أن يجتمع الشيعة ويتحدوا"!! أما غيره فذهب إلى قبره وقد أوقع الأمة في فتن وعداوات ومشاحنات وتفرقات ليس لها أول ولا آخر! فإنا لله وإنا إليه راجعون.

        (من الرغبة إلى الزهد)
        وهل هناك أشهر من سيد الزاهدين في عصره؟! إن بيته – وهو الذي كانت تُجبى له الأموال من كل حدب وصوب – لشاهد ماثل على مدى زهده، فهو من أفقر بيوت قم المقدسة ولا يقطنه أقل الناس دخلا ومعاشا! اذهبوا إلى هناك لتروا ذلك بأم أعينكم، ولتجدوا أن سقف حجرة السيد قد سقط بسبب الترهّل الذي أصاب البيت والتشققات التي تملأ جدرانه! ولولا رحمة الله لكان قد سقط على السيد ولكنه كان خارج الحجرة حينها! وإني أشهد أني ذهبت وعاينت وبكيت كثيرا على ما شاهدته، فلقد كان حقا سيد الزاهدين في هذا العصر، وقد رأيت متعلقاته فلم أكن أصدّق أن هذا هو بيت مرجع أعلى للملايين بإمكانه أن يصبح مثل بعض أولئك الذين حسّنوا بيوتهم واشتروا لأنفسهم أفضل الأثاث والمتعلقات، ومازلت متأثرا جدا من رؤيتي لنظارة السيد المظلوم (قدس سره الشريف) وقد كانت مكسورة وقد عالجها بنفسه وألصقها باستخدام الأشرطة اللاصقة! وقد حاول أبناؤه ومريدوه أن يستبدلوها بنظارة أخرى جديدة ولكنه لم يكن يقبل، وعندما انكسرت وجدوها فرصة لأن يشتروا أخرى جديدة فلم يقبل أيضا! وادّعوا له أن النظارة لا يمكن إصلاحها فقال: "أنا أصلحها بنفسي" وبالفعل فقد أصلحها – بأسلوبه – باستخدام الأشرطة اللاصقة! ولعمري ليس هو بإصلاح فالنظارة ما زالت مكسورة وكل ما فعله (قدس سره) هو لصق الجزء الأيمن بالأيسر بأشرطة لصق هشّة حتى تثبت فقط بأية طريقة!! والله إنه العجب العجاب.. يفعل كل هذا بنظارته الوحيدة في حياته ولا يرضى باستبدالها لاحتياطه الشديد في الأموال رغم أن قيمة الجديدة ليست بالشيء الذي يُذكر، ولكنه "الزهد" النادر في هذا الزمن!!
        وختام القول أن الإمام الشيرازي لمّا دعانا إلى اليقين والتواضع والإخلاص والنصيحة والزهد، ولمّا دعانا غيره – بأفعاله وسيرته - إلى الشك والكبر والرياء والعداوة والرغبة في الدنيا، لم نجد بدا من اتباعه وتقليده والحذو حذوه. وهذه هي القصة.. وتلك هي الأسباب التي دعتني لأن أفخر باتباعي لسيدي ومولاي الإمام محمد الشيرازي رضوان الله تعالى عليه.
        وببركة هذا التقليد والاتباع والتأسي والاقتداء غدوت اليوم وعندي ما عندي بفضل الله تعالى من قوة في الإيمان، وسلامة في العقيدة، واطمئنان في النفس، وتحصيل للعلم، واستثمار للطاقات في خدمة مولاي إمام الزمان عليه الصلاة والسلام وروحي له الفداء والوقاء. ولا أزكي نفسي - معاذ الله - ولكن أقول أنه لولا ذلك لما وُفّقت لما وُفّقت إليه من الذي أحمد الله عليه، فإني مدين للإمام المظلوم الشيرازي (قدس سره) بكل شيء، وسيصب كل ما عملته في ميزان حسناته أولا، ثم في ميزان حسناتي إن رزقني الله حسن العاقبة، لأنه كان السبب وصاحب الفضل. وأسأل من الله تعالى أن يكون العمل مقبولا، والأثر مرضيا، اللهم آمين بحق محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.



        تعليق


        • #5


          تم تحرير المشاركة من قبل المشرف.
          الرجاء النقاش بموضوعية وتجنب السباب واللعن والشتائم.
          م14
          التعديل الأخير تم بواسطة م14; الساعة 26-04-2008, 03:31 AM.

          تعليق


          • #6
            مغربي مالكي



            تم تحرير المشاركة من قبل المشرف.
            الرجاء النقاش بموضوعية وتجنب السباب واللعن والشتائم.
            م14
            أين الإدارة عن هذه الناصبي النكرة الملعون
            لعنة الله عليك يا ناصبي
            ............. حاسب كتبك بالأول
            التعديل الأخير تم بواسطة م14; الساعة 26-04-2008, 03:32 AM.

            تعليق


            • #7
              ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

              تعليق


              • #8
                سبحان الله
                أعجب كيف كرمه الله بكل هذا الحقد الذي يحمله عليه النواصب
                يذكرني بالفعل بحقدهم على أهل بيت النبوة عليهم السلام

                أعلم أن هذه الشخصية محل استفهامات واستنكارات حتى من الشيعة
                ولكني لم أر رجلاً بمثل هذه الغيرة على أهل البيت ومذهبهم

                أخي الحبيب موالي من تونس:
                رحم الله والديك
                ترجمة كافية ووافية تشكر عليها
                لم أتم قراءتها لطولها فأحببت أن أشكرك قبل ذلك
                وأرجو منكم إفادتي حول تاريخ ميلاد الشيخ إن أمكن

                تعليق


                • #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة السلطان
                  أعلم أن هذه الشخصية محل استفهامات واستنكارات حتى من الشيعة
                  نعم لأنه قد ظهر في تسجيل منذ مدة على اليوتيوب ومواقع الانترنت يدعو فيه الى هدم مساجد السنة " مساجد ضرار " على اعتبار ان كل السنة نواصب وما الى ذلك ..
                  يعني الرجل فتناوي تكفيري درجة أولى
                  الأخ hazeem وهو عضو معنا في المنتدى من تلامذة ياسر الحبيب وهو يتردد عليه حسب علمي بشكل نصف اسبوعي ويعرف عنه الكثير
                  ادعوه الى ان يجيب على كل استفساراتك عن ياسر الحبيب واذا لم يرى الموضوع فبامكانك مراسلته على الخاص
                  وهذا موقع القطرة التابع لياسر الحبيب
                  http://www.alqatrah.org/

                  تعليق


                  • #10
                    حلم اللقاء
                    نعم لأنه قد ظهر في تسجيل منذ مدة على اليوتيوب ومواقع الانترنت يدعو فيه الى هدم مساجد السنة " مساجد ضرار " على اعتبار ان كل السنة نواصب وما الى ذلك ..
                    يعني الرجل فتناوي تكفيري درجة أولى
                    ليش ياأخت حلم اللقاء لهذه الدرجة تحبين السنة وكاسرين خاطرج وعليا



                    ماكذب أغلب السنة نواصب ماعدا المعتدلين والمنصفين منهم

                    تعليق


                    • #11
                      أين الإدارة عن هذه الناصبي النكرة الملعون
                      لعنة الله عليك يا ناصبي
                      .......... حاسب كتبك بالأول
                      التعديل الأخير تم بواسطة م14; الساعة 26-04-2008, 03:34 AM.

                      تعليق


                      • #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة أنوار الولاية
                        ليش ياأخت حلم اللقاء لهذه الدرجة تحبين السنة وكاسرين خاطرج وعليا



                        ماكذب أغلب السنة نواصب ماعدا المعتدلين والمنصفين منهم

                        حب السنه صار تهمه ؟؟

                        أختي الكريمه...

                        المسلم الحق المتخلق بأخلاق أهل البيت عليهم السلام مو بس يحب السنه...يحب حتى أهل الذمه!

                        الله سبحانه يقول: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين و لم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم و تقسطوا اليهم إن الله يحب المقسطين"..

                        و نحن في الكويت متعايشين مع السنه بحب و موده و تراحم....و لا يغرنّك بغض الجهلة من المتطرفين

                        فهم لا يمثلون الغالبية من أهل السنه...على الأقل في الكويت حيث أقطن...قد يكون الوضع مختلفا في دول أخرى..

                        أنا عندي أصدقاء سنه...بل من ذوي اللحى الطويله...لكنهم ليسوا متعصبين...و لا يكفرون الشيعه..

                        بل والله أنهم يصرون على أن أئمهم في الصلاة...فهل كانوا ليصلوا خلف من يرونه كافرا ؟؟

                        أختي الكريمه...

                        ليس كل من وضع عمامة على رأسه صار شيخا جليلا و كلمته لا ترد !!

                        و ياسر الحبيب موقفه مرفوض لما فيه نقب للصف و اللحمه و الوحده الوطنيه !!

                        لا يوجد شيعي على وجه البسيطه يحب أبابكر و عمر !! أعوذ بالله !! ولكن لا يجوز شتمهم على رؤوس الأشهاد

                        باسم "الشده في ذات الله" !!! لقد نهانا الله عن شتم أصنام المشركين فقال: "وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ"..

                        فإن كان الله سبحانه قد نهانا قد سب الأصنام، فمن باب أولى الكف عن سب رموز القوم سيما و أن

                        السب أصلا ليس من حسن الخلق و قد قال رسول الله : "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"..



                        نحن في الكويت متحابون و نعيش في سلام....و من كان لديه اتجاهات متشدده فلا مكان له بيننا!!

                        تعليق


                        • #13
                          حينما قرأت بعض ما كتب هنا تذكرت حديث الرويبضة.... لا أدري لماذا

                          تعليق


                          • #14
                            المشاركة الأصلية بواسطة السلطان
                            ماتت الذكرى:
                            رحم الله والديك أختي الفاضلة
                            قدمت لي خدمة جليلة بالفعل
                            آمل أن يقدرني الله على مجازاتك بأكثر من الدعاء
                            رحم الله والديك ووفقك لكل خير

                            السلام عليكم

                            ياسر الحبيب ( او كما يسمونه الشيخ ياسر )

                            شخص كويتي

                            حكم عليه بالسجن في بلده لإثارته الطائفية وطعنه برموز أهل السنة وشرف زوجة النبي صلى الله عليه واله وسلم

                            ثم هرب من السجن حتى وصل لندن واقام هناك بعد ان طلب اللجوء السياسي فأحتضنه الانجليز ، ليبث سمومه من جديد ،ويحرج ابناء الطائفة .
                            وله موقع يسمى القطرة : وهو موقع مغالي يستند الى افكار ومعلومات بائدة جلها من نسج عقول العجائز .


                            وقد تبرأ منه في بيان نشر في الصحف الكويتية كثير من علماء الشيعة .

                            تعليق


                            • #15
                              النص الكامل لأجوبة الشيخ الحبيب على أسئلة جريدة الوطن الكويتية

                              النص الكامل لأجوبة الشيخ الحبيب على أسئلة جريدة الوطن الكويتية


                              ■ من ضغط لكي يتم اعتقال الشيخ؟
                              ■ من الذي ساعده على الخروج من السجن وكيف استطاع مغادرة الكويت؟
                              ■ ما هي محطات رحلته بعد المغادرة؟
                              ■ ما هي طبيعة النشاط الدعوي للشيخ؟
                              ■ هل صحيح أنه تعرض للتعذيب والضرب في السجن؟
                              ■ هل طالب الشيعة في ”السعودية“ بالعصيان والخروج المسلح على الدولة؟
                              ■ هل منحته بريطانيا حق اللجوء السياسي؟
                              ■ هل نادى بهدم وتدمير مساجد ”السنة“؟
                              ■ ما هي شروطه للعودة إلى الكويت وهل سيسلك الخطاب الدعوي نفسه الذي كان يسلكه؟
                              ■ ما هو تقييمه لما يحدث على الساحة السياسية الكويتية حاليا؟
                              ■ كيف أسس هيئة خدام المهدي (عليه السلام) وما هي طبيعة نشاطاتها؟






                              في ما يلي النص الكامل لأجوبة الشيخ ياسر الحبيب على أسئلة جريدة الوطن الكويتية التي وجهتها له مؤخرا والتي وعد موقع القطرة بعرضها في موضوع سابق. كانت جريدة الوطن قد نشرت أجزاء منتقاة من الأجوبة لدواعي تتعلق بها، وموقع القطرة ينشر الأجوبة كاملة ومفصلة بما تشتمل عليه من أسرار يبوح بها الشيخ الحبيب للمرة الأولى.



                              ‏السادة القائمين على مكتب فضيلة الشيخ /ياسر الحبيب


                              تحية طيبة وبعد


                              برجاء التكرم بالموافقة على إجراء لقاء صحفى مع الشيخ ياسر عبر الهاتف أو الاميل أو الفاكس أو كما يترأى لكم وذلك لنشرة فى جريدتى الوطن والديلى ستار (الصادرة بالغة الإنجليزية)


                              مع خالص تحياتى


                              أحمد زكريا صحفى بجريدتى الوطن والديلى ستار



                              1- هل يمكن أن تروى لنا تفاصيل خروجك من السجن ومن ثم من الكويت كلها؟


                              بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.


                              ج1: بعد اعتقالنا وإيداعنا السجن في السادس من شوال 1424 (30 نوفمبر 2003) لم تمرّ إلا أيام قلائل حتى اتضحت الصورة بالنسبة لنا، وهي أن خروجا سريعا من السجن لا يلوح في الأفق رغم أن الحكم القضائي لم يصدر بعد، ذلك لأن نار التحريض علينا من قبل الجماعات المناوئة لم تهدأ حتى صيّرت قضيتنا قضية سياسية عامة على مستوى البلد، وأصبحت القضية محلّ توافق سياسي بين معظم الكتل السياسية من جهة، والحكومة من جهة أخرى، التي تقاطرت عليها الوفود المطالبة بإيقاع أقصى العقوبة علينا.


                              وكان طبيعيا والحال هذه؛ أن تتعقد القضية أكثر فأكثر، وأن تتجه إلى التأزم لا إلى الانفراج. وبدلا من أن يكون مضي الأيام كفيلا بتخفيف التوتر وتهدئة الساحة لتأخذ الأمور مجراها الطبيعي قضائيا؛ وجدنا أن الجماعات المناوئة كانت تسعِّر النار أكثر، فتصدر البيانات تلو البيانات، والتصريحات تلو التصريحات، وتجتمع برئيس الحكومة غير مرّة، وتعقد المهرجانات الخطابية التصعيدية، وتثير القضية تحت قبة البرلمان، وعلى منابر المساجد، وتعدّ مشروع قانون لتشديد العقوبة على من يمسّ ما يسمى بالصحابة، وتشكّل تكتلا جديدا تحت مسمى الدفاع عن ثوابت الأمة، وتطبع ملصقات للسيارات وتنصب لافتات في الشوارع لترويج عبارة "أنا أحب الصحابة" كردّ علينا.. وهكذا حملت علينا حملة ضخمة متكاملة، الهدف منها كما كنا ندركه، هو أن لا تمرّ هذه القضية مرور الكرام، وأن نكون نحن "عبرة" لغيرنا ممن قد يتشجع ليخترق مجددا دائرة المحظور الديني والتاريخي، ولو من الزاوية المذهبية.


                              لذا كنا قد فقدنا أدنى قناعة بانغلاق ملف القضية سريعا، وأعددنا النفس لتقبّل واقع الحبس لمدة طويلة، وتأكد لنا ذلك مع تحويلنا من سجن المباحث الجنائية المخصص للموقوفين، إلى السجن المركزي المخصص للمحكومين عادة.


                              أضف إلى ذلك أن المسؤولين عن وضعنا والمؤثرين فيه سلطويا، كانوا أيضا متحاملين علينا بشدّة بفعل انتماءاتهم الدينية والسياسية، فوزير العدل كان أحمد باقر وهو سلفي وهابي، والنائب العام كان حامد العثمان وهو ذو خلفية إخوانية. والحكومة من جهتها كانت مرتاحة على ما يبدو لأن نبقى في الحبس، ربما بسبب مواقفنا السياسية السابقة إذ وجدتها فرصة لمعاقبتنا وتصفية الحساب، على ما اتضح لنا أثناء التحقيق في أمن الدولة، حيث جوبهنا ببعض مقالاتنا السياسية القديمة التي لا صلة لها بموضوع هذه القضية. أما المجلس فواقع كعادته في الصراخ والاستصراخ ولا يمكن أن يكون إلى جانبنا بحال. وبهذا اجتمعت علينا كل مراكز القوة والقرار والتأثير، تشريعيا، تنفيذيا، وقضائيا. وحتى السلطة الرابعة الإعلامية، فقد اتخذت هي الأخرى قرارا هو الأول من نوعه، إذ أعلنت أنها لن تنشر كل ما له علاقة بموضوعنا، وجاء هذا القرار بعدما نشرت عشرات التصريحات والبيانات والمقالات ضدنا، ولم تتح في المقابل فرصة نشر الردود لمن أحبّ الدفاع عنا وتوضيح الحقائق، فأتى ذلك أيضا علينا وتسبّب في اختلال الصورة لدى رجل الشارع العادي، إذ قرأ للمهاجمين، ولم يقرأ للمدافعين، وكان الأجدر بالصحافة أن تكون على الحياد والتزام المهنية، لكنها لم تفعل وآثرت الانحياز، ثم إنها بنفسها كسرت قرارها! فكانت تنشر بالتتابع تطوّرات قضيتنا، وبعض التعليقات عليها من هذا وذاك. وهكذا اجتمع الكل علينا، وما دام قد اجتمع الكل فيكون طبيعيا أن نقضي في الحبس مدة طويلة، إذ لا يقتنع هؤلاء بأن نقضي فيه شهرا أو شهرين، أو سنة أو سنتين، إنهم يريدون توجيه ضربة مؤلمة لنا.


                              لهذا لم يعجبهم أن يحكم قاضي المحكمة الابتدائية بأقصى عقوبة في قانون المطبوعات، وهي الحكم سنة مع غرامة ألف دينار، فضغطوا باتجاه تحويل القضية من جنحة إلى جناية، ثم تصييرها قضية أمن دولة، لتكون العقوبة أشد، وهكذا صدر علينا حكم بالسجن عشر سنوات، والذي انضم إليه حكم آخر بالسجن خمس سنوات، ثم حكم ثالث صدر أخيرا بالسجن عشر سنوات، فأصبح المجموع خمسا وعشرين سنة، أي ربع قرن، وهو أول حكم من نوعه في تاريخ البلاد في قضية من قضايا الرأي.


                              هذا المسار التصعيدي كان واضحا منذ البداية ومنذ الأيام الأولى كما أسلفنا، فكان لا بد لنا من أن نوطن النفس على تحمّل قضاء فترة طويلة نكون فيها محرومين من الحرية. إلا أن الأمل بالله تعالى، والثقة بتأييد المولى صاحب العصر والزمان (أرواحنا وأرواح العالمين لتراب مقدمه الفداء) كانا سببا لعدم اليأس أو القنوط. فانشغلنا في أيام السجن المريرة بالدعاء الذي هو سلاح المؤمن، واجتهدنا بالتوسل بمن أمر الله أن نتوسل إليه بهم، وهم نبينا الأكرم وآله الأطهار صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. والحق أننا رغم ما كنا نعاني منه في السجن، إلا أن العبادة كانت سلوتنا، وقد قضينا في السجن أروع لحظات الانقطاع إلى الله جل وعلا في حياتنا كلها، إذ لم يتأتَّ لنا الوصول إلى هذه الدرجة من التوجه الروحي من ذي قبل، كما لم يتأتَّ لنا مثله حتى الآن، إلا مرّتين أو ثلاث في العتبات المقدسة.


                              وعلى أية حال فقد خاطبنا ونحن في السجن مولانا قمر بني هاشم أبا الفضل العباس (صلوات الله وسلامه عليه) ورجوناه أن يتكرّم علينا بالشفاعة عند الله تعالى وعند أخيه الحسين سيد الشهداء (صلوات الله وسلامه عليه) حتى يمنّ الله تعالى علينا بالعودة إلى الحرية والخلاص من السجن، معاهدينه على استكمال مسيرة الدفاع عن حق آل محمد (صلوات الله عليهم) بكل ما نملكه من طاقات. ثم نذرنا نذرا شرعيا وهو أن لو نجونا؛ لنرفعنَّ الأذان شخصيا في حرم سيدنا العباس (عليه السلام) في كربلاء المقدسة.


                              وقبل أيام قلائل من مناسبة اليوم الوطني لسنة 2004، وتحديدا قبل ثلاثة أيام منه؛ كنا قد استيقظنا كالعادة لأداء صلاة الصبح، وكانت عادتنا أن ننشغل عقبها حتى ما بعد شروق الشمس بالدعاء والزيارة، فكما ورد في وصايا أهل البيت (عليهم السلام) فإن فترة ما بين الطلوعين – طلوع الفجر وطلوع الشمس – تكون من أفضل فترات استجابة الدعاء، ثم إننا بعد ذلك نأخذ قسطا من الراحة والعودة إلى النوم لساعة أو ساعتيْن إذ لا نكون قد أخذنا ما فيه الكفاية بسبب سهرنا ليلا.


                              واتفق في ذلك الصباح؛ أن رأينا في ما يرى النائم وكأننا في ساحة كبيرة يقف في أقصاها مولانا أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه، فهرعت إليه وأنا أهتف به: "يا علي يا ولي الله.. يا علي يا ولي الله" قاصدا عرض مشكلتي وحاجتي، وهي التحرر من السجن.


                              كنت أتقدّم إليه (صلوات الله عليه) بخطى سريعة وأنا أرى شخصه الشريف لكنني لم أستطع تمييز ملامح وجهه الشريف بسبب شدة توهج النور المنبعث منه، وما إن وصلت قريبا منه حتى تفاجأت باختفائه ولست أدري كيف! إلا أنه ظهرت لي في الحال القبة الذهبية لمولانا أبي الفضل العباس (صلوات الله عليه) ووجدت نفسي فجأة أمام باب قبلة الحرم العباسي في كربلاء المقدسة! فشعرت وكأن أمر قضاء حاجتي قد أحيل من لدن أمير المؤمنين إلى ابنه العباس عليهما السلام، فممددت يدي باتجاه القبة الشريفة وصرخت قائلا: "يا أبا الفضل العباس.. وحقك أخرجني من السجن"!


                              ويشهد الله عليَّ؛ أنني حينما أتممت هذه العبارة وجدت شخصا يوقظني من منامي وهو يقول لي: "قم، استيقظ، إنهم قد طلبوك في قسم التصنيف". فاستيقظت متفائلا بالخير، وذهبت إلى هذا القسم في السجن، وهو المتخصص بتصنيف القضايا وتنفيذها، وكان صدى العبارة التي خاطبت بها المولى العباس (عليه السلام) ما زال يرنّ في أذني، وما إن وصلت إلى ذلك القسم حتى وجدت رجل أمن قادم من الخارج وبيده كشف فيه أسماء مكتوبة بخط اليد، فقال لي: "أنت ياسر الحبيب"؟ فأجبته بنعم، فأردف قائلا: "أبشرك! ستخرج بعد ثلاثة أيام بمناسبة العفو الأميري بالعيد الوطني"! قلت له: "حقا ما تقول"؟ فقال: "نعم.. كل ما عليك هو أن تدفع غرامة الألف دينار المنصوص عليها في حكمك".


                              كان الأمر بالنسبة لي أشبه بالخيال إلى درجة أنني شككت في كوني يقظا! فعدت إلى زنزانتي وعيناي تدمعان وقلت في نفسي: "فعلها العباس ورب الكعبة"! ثم فرشت سجادتي ووقفت لأصلي صلاة الشكر على هذه النعمة.


                              في اليوم نفسه زارني ذويَّ، فأوعزت إليهم بضرورة دفع مبلغ الغرامة، وقد فعلوا ذلك في اليوم التالي لدى إدارة تنفيذ الأحكام بمنطقة الجابرية، مع أنهم كانوا متعجبين وفي شك من حقيقة الأمر، فجميع الوساطات قد باءت بالفشل، ولم يكن ثمة مؤشر على أن هناك تدخلا من قبل الديوان الأميري لإلحاقي بقائمة المشمولين بالعفو السنوي، خاصة أن شروط وقواعد العفو لا تنطبق عليَّ، فحكمي ليس نهائيا بل هو حكم ابتدائي! وقضيتي ليست من جنس القضايا المشمولة بالعفو أصلا! ولم أقضِ من محكوميّتي نصفها كما يُشترط! ثم إن الأعجب من هذا كله أن جلسة محكمة الاستئناف في قضيتي كانت قبل يوم واحد من إطلاق سراحي المفترض أي في الرابع والعشرين من شهر فبراير وقد حضرتها فعليا! فكيف أكون مشمولا بالعفو والحال هذه؟! ومن له القدرة على إدراج اسمي في القائمة والحال أن جميع المسؤولين عن الموضوع هم على طرف المعاداة لي لا المحاباة! فهل أن النائب العام مثلا يرغب في إطلاق سراحي؟ أم وزير العدل؟ أم وزير شؤون الديوان الأميري؟ وكيف خفي اسمي على كل هؤلاء فوقعوا على قرار الإفراج؟! بل من له الجرأة على التدخل في أمر كهذا في قضية نوعية كهذه؟!


                              إنها قدرة الله تعالى، والحمد له كما هو أهله. وتلك هي شفاعة العباس النبراس صلوات الله عليه. ففي صبيحة يوم الخامس والعشرين من شهر فبراير 2004 وبعد إجراءات مكثفة من التدقيق في ملفات السجناء أشرفت عليها لجان متخصصة من وزارة الداخلية ووزارة العدل والنيابة العامة؛ أُطلق سراحنا وخرجنا من باب السجن لنسجد سجدة الشكر. ولم نكن قد قضينا من محكوميتنا سوى شهرين وخمسة وعشرين يوما فقط!


                              ونحن نعلم أن الجماعات الوهابية المصدومة بما جرى لا يروق لها الإذعان لحقيقة أن إطلاق سراحنا كان تدخلا إلهيا، لذا هي تصرّ على طرح احتمالات تبعث على السخرية، كالقول بأن هناك من الشيعة المناصرين لنا من عمد إلى إقحام اسمنا في قائمة المشمولين بالعفو! أو القول بأن الإفراج عنا كان بتواطؤ مع الحكومة! والجواب لهؤلاء: أن ائتونا بشيعي واحد في النيابة العامة أو وزارة العدل أو وزارة الداخلية أو الديوان الأميري له علاقة بموضوعنا وله هذه القدرة حتى يتمكن من التدخل بهذه الجرأة لكسر حكم قضائي صادر ضد الشخص الذي قامت الدنيا بأسرها ضده! أو ائتونا بتفسير منطقي لقيام الحكومة بالتواطؤ معنا ولأية مصلحة؟ بل مصلحتها هي في خلاف ذلك كما هو معلوم لأنها بتواطئها قد تفتح على نفسها بابا لا يُغلق، فالقضية حساسة بل في أعلى درجات الحساسية، وأن يخرج هذا الشخص بالذات من السجن وبهذه السهولة ولأول مرة في تاريخ البلاد هو ليس بالأمر الهيّن! وما الفائدة التي يمكن أن تتوخاها الحكومة من هذا التواطؤ المزعوم؟!


                              ثم إن الحكومة بنفسها قد أقرّت في جوابها لمن سألها في البرلمان، وكذا في ردّها على تقرير الخارجية الأميركية في شأن حقوق الإنسان والذي تعرّض إلى أمر اضطهادنا بالاستنكار؛ أقرّت أن الإفراج عنا كان قد وقع عن طريق "الخطأ في الإجراءات"، وهو ما يعني أن الإفراج عنا كان خارجا عن إرادتها، وأن الأمر كان قضاءً وقدرا ليس لها فيه الحيلة، وهي إلى اليوم لا تعرف كيف قد وقع هذا الخطأ ومن قبل مَن مِن المسؤولين أو الموظفين؟! وهذا معناه أن القدرة الإلهية قد تدخلت في الموضوع، فهل للجماعات الوهابية والإخوانية وغيرها من الجماعات المناوئة لنا أن تحاسب الله تعالى على حسن صنيعه بنا وكسره لآمالها في إبقائنا في الحبس! قد استجاب الله لدعائنا وفرّج عنا وأنقذنا بمنّه، ولم يستجب لدعائهم علينا بالهلاك والبقاء في عذاب السجن! فأي برهان أعظم من هذا على أننا على الحق وأننا لم نرتكب جرما يوجب سخط الله سبحانه؟!


                              إن مشكلتنا مع هؤلاء أنهم قد جرّمونا باسم الله! والله بريء من ذلك إذ لم يجعلهم ناطقين رسميين باسمه! فعلى أي أساس وعلى أي شرع اعتبرونا مذنبين؟! وهل لهم أن يناظروننا في الدين ليعرف الكافة أينا على حق وأينا على باطل؟! إني أعلنها لهم وللجميع أني أسأل ربي أن يتلقاني بما صنعت في كشف حقيقة أعدائه وأعداء رسوله وأوليائه عليهم السلام، فلئن كان ذلك موجبا لسخط أهل الدنيا من المخدوعين برجال الماضي، فإنه موجب إن شاء الله تعالى لرضاه ورضى رسوله وأهل بيته (عليهم السلام) في الآخرة.


                              بعدما تم الإفراج عنا؛ لم تمضِ ساعتان حتى اكتشف القوم أننا قد خرجنا من السجن، فذهلوا مما وقع وكانت خطتهم هي في استدراجنا مجددا إلى السجن كما استدرجونا أول مرة إلى أمن الدولة، حيث كنا قد تلقينا آنذاك اتصالا هاتفيا صباح يوم اعتقالنا يطلب حضورنا إلى "مخفر المدينة" للتحقيق في القضية فقط، فذهبنا طواعية وليس كما أشيع من أنه قد تم إلقاء القبض علينا، لأننا كنا نعتقد ولا نزال أننا لم نرتكب جرما يستحق السجن، حتى على أصول القانون الكويتي، وفي هذا كلام مطوّل ليس هنا محله.


                              في هذه المرة؛ أي بعد إطلاق سراحنا كنا قد وصلنا إلى بيت أهلنا حيث كانوا هناك قد تجمعوا كما هي عادتهم الأسبوعية في إقامة مجلس عزاء الإمام السجين موسى بن جعفر الكاظم (صلوات الله وسلامه عليهما) بنية سلامتنا، كما كان بعض الأصدقاء متواجدين هناك لاستقبالنا وتهنئتنا. وفي تلك الأثناء اتصل أحدهم من وزارة الداخلية وعرّف نفسه، ذلك بعد أقل من ساعتين من الإفراج عنا، وقال لنا بلطف مريب: "إذا أمكن أن تحضروا إلى مبنى إدارة تنفيذ الأحكام بالجابرية ومعكم جواز السفر! لا تقلقوا ولا تخافوا! إنها مجرد إجراءات روتينية يجب استكمالها بسبب العفو"!


                              كانت لهجة ذلك الرجل مثيرة للريبة طبعا، فاستخرنا الله تعالى على الذهاب إليهم كما طلبوا فأشارت الخيرة بالنهي الشديد، فازداد قلقنا، ثم استخرنا الله تعالى على الخروج من المنزل فأشارت الخيرة بالحض المؤكد، فأخذنا جواز سفرنا وبعضا من المتعلقات الشخصية وخرجنا قاطعين على الأهل فرحتهم بعودتنا إليهم، حيث إنهم بعد ذلك لم يروْنا!


                              وكان ذلك الخروج من بيت الأهل رحمة من الله تعالى لنا، إذ كانت قوة أمنية متوجهة إلى هناك للقبض علينا، فضاعت الفرصة من بين أيديهم. واشتعلت القضية سياسيا مرة أخرى، وإذا بأصوات الجماعات المناوئة تتعالى من جديد متوعدة ومهددة ومطالبة الحكومة ببذل جهدها للقبض علينا، ووقعت الحكومة حينها على ما يبدو في حرج شديد أخلّ بهيبتها كثيرا، مما حداها إلى التفاوض، فأوصل المسؤولون إلى الأهل غير مرة رسائل مفادها "أنه فليسلّم نفسه أولا ونحن نتعهد أنه بعد شهر سيتم العفو عنه ويتم إطلاق سراحه بعد تقديم كتاب استرحام منكم! ولكن دعونا أولا أن نهدئ السلفيين حاليا فهم ثائرون لما جرى"!


                              وقد أبينا الاستجابة لهذا العرض، لأن المؤمن لا يُلدغ من جحر مرّتين، إضافة إلى أن الاستخارة التي أجريناها في هذا الصدد لم تكن مشجعة. ومع إصرارنا على عدم تسليم النفس والوقوع في شرك المتآمرين، لم تجد الحكومة بدا من إقامة نقاط التفتيش في المناطق التي يتوقع تواجدنا فيها، وتوقيف الأهل والأصدقاء أكثر من مرة واستجوابهم، عدا عن مراقبة تحركاتهم. إلا أن الله تعالى أبى أن يوقعنا في قبضتهم مرة أخرى، فعشنا فترة في البلاد نتنقل فيها من بيت إلى بيت، استقبلنا فيها الأهالي المخلصون الأوفياء، وتحمّلوا فيها من أجلنا ما تحمّلوه من مخاطر، ليس لشيء سوى إيمانهم بعدالة قضيتنا والتماسا للأجر من الله تعالى، والقرب من أهل بيت النبوة عليهم أفضل الصلاة وأزكى السلام. فجزاهم الله خير جزاء المحسنين.


                              ثم إننا وجدنا أن استمرار الوضع على هذا النحو ليس بالمقبول ولا المرضي، فآثرنا اللجوء إلى خارج البلاد اضطرارا، لأن البقاء كان يعني تعطيل العمل التبليغي الدعوي، ونحن إنما نعيش لأجله، فإذا تعطل كنا كالأموات! فلا خير في حياة بلا دفاع عن محمد وآله عليهم السلام. ومن هنا صممنا على الخروج والهجرة، واستطعنا بحمد الله تعالى وبكرامة من أهل بيت النبوة (عليهم السلام) أن نجتاز الحدود إلى العراق خفية، بمعية بعض المخلصين الشجعان، ليتحقق لنا شرف زيارة الأئمة الأطهار (عليهم السلام) مجددا، وكانت هذه هي المرة الرابعة التي نتشرف بها في الزيارة، والأولى بعد محنة هي الأشد علينا.


                              وتحقق لنا أيضا أداء نذرنا الذي نذرناه للخلاص والنجاة، فاتجهنا إلى حرم المولى أبي الفضل العباس (أرواحنا فداه) واتفقنا مع المسؤولين على أن نرفع أذان الظهر في يوم الجمعة رسميا، وكانت لحظة من أروع لحظات الحياة بالنسبة لنا، إذ يكفينا فخرا يوم القيامة أن نكون من جملة من يصدق عليهم لقب "مؤذن حرم العباس بن علي".. وقد قام بعض الأصدقاء هناك بتسجيل وتصوير الحادثة لتبقى شاهدة حية إلى ما شاء الله تعالى.


                              ثم إننا مكثنا في العراق فترة، تنقلنا فيها بين المدن المقدسة، النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء وبلد، إضافة إلى رحلات متفرقة إلى العاصمة بغداد، وعشنا في تلك الفترة بين أصدقائنا الأوفياء الذين أحاطونا برعايتهم رغم الأحداث الأمنية المأساوية اليومية، جزاهم الله خير الجزاء. وتهيأ لنا الاستقرار فترة في مدينة بلد المقدسة، مدينة سبع الدجيل السيد محمد بن الهادي عليهما السلام، والقريبة من سامراء المقدسة، حيث كنا نتردد على مرقد الإمامين العسكريين (عليهما الصلاة والسلام) للزيارة، وكثيرا ما كنا نجد أنفسنا وحيدين هناك، فالوضع الأمني كان خطيرا للغاية، والإرهابيون كانوا هم أصحاب السيطرة الحقيقية في المدينة. مع ذلك كنا نصر على الوصول إلى الإمامين الغريبين (أرواحنا فداهما) وكنا نرى بأعيننا ما نراه من تهديد للمقام الشريف المتروك في أيدي النواصب الحاقدين من البعثيين القدماء، فتحركنا مع الأخوة أعضاء الهيئة هناك باتجاه الضغط لاسترداد الحرم وتأمين الحماية له محذرين من خطورة بقائه هكذا، لكن أذنا لم تكن تسمع، ولا عينا كانت ترى! إلى أن وقع ما وقع، ولا حول لا قوة إلا بالله العلي العظيم.


                              ثم إننا بعد ذلك توجهنا لزيارة العتبات المقدسة في إيران، فانطلقنا بمعية بعض الأخوة الأعزاء إلى هناك، حيث تسنت لنا زيارة إمامنا السلطان الرضا (صلوات الله عليه) في مشهد المقدسة، وأخته السيدة فاطمة المعصومة (صلوات الله عليها) في قم المقدسة، والسيد عبد العظيم الحسني (عليه السلام) في الري، وبعض أولاد الأئمة الأطهار (عليهم السلام) فضلا عن المؤمن المبشر بالجنة أبي لؤلؤة فيروز النهاوندي (رضوان الله تعالى عليه) في كاشان، وكانت هذه هي زيارتنا الأولى له.


                              ومكثنا في إيران فترة، قضيناها كما قضينا الفترة التي مكثناها في العراق، في التواصل مع بعض الزملاء العاملين في الهيئة، وإعداد المشاريع الدعوية والقيام بما أمكن في سبيل نشر دين الله وولاية أهل البيت عليهم السلام. ثم إننا بعد ذلك ارتأينا الهجرة إلى لندن لمواصلة الدرب في التبليغ الديني، وهكذا ارتحلنا إليها جوا ووصلناها في أواخر العام 2004.



                              2- ما طبيعة نشاطك الدعوى منذ خروجك من الكويت؟


                              ج2: نشاطنا حاليا هو القيام بما يمكننا من وظائف في خدمة الإسلام والتشيع، فمنها إمامة المصلين في أيام الجمع، وإلقاء الخطب والمحاضرات، وتدريس الدروس الحوزوية في الفقه الاستدلالي وعلم الكلام، والإسهام في أعمال الهيئة المباركة، والرد على الأسئلة العقائدية الموجهة إلينا عبر المكتب أو موقع القطرة، واستقبال الباحثين في الإسلام والتشيع ومحاورتهم ودفعهم نحو اعتناقهما، والتوجيه والإرشاد وإصلاح ذات البين وما أشبه ذلك من وظائف. ولله الحمد والمنة.



                              3- هل صحيح أنك تعرضت للضرب من قبل بعض المساجين السنة إبان وجودك فى السجن؟


                              ج3: لا ليس صحيحا، فإننا قد تنقلنا بين ثلاث سجون، الأول هو سجن المباحث الجنائية، والثاني هو المركزي، والثالث هو طلحة. وفيها جميعا لم أتعرّض إلى أي ضرب أو اعتداء، لا من المسجونين ولا من السجّانين. غاية ما هناك حصول بعض المضايقات، خاصة في السجن المركزي، حيث كان بعض السجّانين حاقدا علينا، وكذا رئيس السجن وكان اسمه فهد الحربي إن لم تخنا الذاكرة، وهو وهابي التوجه، وقد تعمّد وضعنا في البداية في زنزانة انفرادية وفي أسوأ عنابر السجن المخصص لتجار المخدرات والمتعاطين لها، ثم إن السجانين في الأسبوع الأول من انتقالنا إلى هناك علقوا في ممرات السجن وأروقته لافتات تحمل أحاديث مكذوبة في فضل ما يسمى بالصحابة، وكان واضحا أنهم يقصدون من وراء ذلك إثارة أعصابنا واستفزازنا، وتحريض بعض السجناء الآخرين ضدنا، سيما أولئك الذين سُجنوا بتهم الانتماء إلى تنظيم القاعدة الإرهابي، وقد سمعت همهمة من بعض السجناء مفادها أن أولئك يخططون للاعتداء علينا بالسكاكين لقتلنا، وأنهم يروْن في ذلك طاعة لله! وأنهم لا يخشون من العاقبة إذ هم متهمون بما هو أعظم من القيام بأعمال إرهابية إجرامية ولن تزيدهم هذه التهمة شيئا، ثم إن حوادث القتل تحصل في السجن المركزي بسبب نشوب عراك بين السجناء، فيكون الأمر طبيعيا. إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث ولله الحمد، ويبدو أن السلطات كانت على علم بهذه التحركات، إذ قد استدعانا أحد السجانين وأبلغنا أن السلطات العليا قد أوصت إدارة السجن بضرورة ضمان سلامتنا وأخذ الحيطة والحذر.


                              فهذا كل ما جرى في السجن المركزي، أما في سجن طلحة فكان الوضع مريحا أكثر، ولم يقع أي احتكاك بيننا وبين المخالفين لنا باستثناء أننا كنا نعقد في السجن مع بعض الأخوة الشيعة وغير الشيعة جلسة ليلية، كنا نلقي فيها على مسامعهم بعض روايات أهل البيت (عليهم السلام) في الصبر والتحمل، وقصص مظلومياتهم وما عانوه من قتل وسجن وتعذيب وتشريد وتبعيد إلى ما هنالك، فأثارت تلك الجلسة حنق بعض أولئك سيما وأننا جذبنا بعض غير الشيعة إلى هذه الجلسة، فاستدعانا رئيس السجن ونهانا عنها، فانتهينا كرها. هذا كل ما في الأمر.



                              4- هل صحيح أنك طالبت شيعة المملكة العربية السعودية بعصيان الدولة والخروج عليها؟


                              ج4: إن كان قصدك الخروج المسلح عليها فلا، وإن كان قصدك العصيان المدني السلمي فنعم، كنا قد دعونا إلى ذلك وما زلنا ندعو إليه كوسيلة من وسائل الضغط الجماهيري لرفع الظلم وإحقاق الحق والانتصاف من أية حكومة، سواء كانت هذه التي ذكرتها أم غيرها.


                              وليس هذا جديدا في قاموس أدبياتنا، فقد كتبنا عنه في الصحافة قبل سنوات عديدة من اعتقالنا، غير أن المناوئين لنا من الفرقة الوهابية طاروا فرحا بذكرنا له في إحدى بياناتنا الأخيرة التي أصدرناها بمناسبة ذكرى قيام السلطة السعودية بهدم أضرحة أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في البقيع الغرقد بالمدينة المنورة، وهم الإمام الحسن المجتبى والإمام علي زين العابدين والإمام محمد الباقر والإمام جعفر الصادق، عليهم صلوات الله وسلامه. فظنوا أنهم بتضخيمهم للموضوع قد يجرّون تلك الحكومة إلى العمل ضدنا أيضا، وقد زادوا عليه أننا دعونا إلى الخروج المسلح عليها! هذا والبيان موجود ومنشور ومتداول في شبكة الإنترنت، وليس فيه ما زعموا، وإنما المذكور فيه أن على المؤمنين سلوك سبيل العصيان المدني لإجبار الحكومة على إعادة بناء تلك المراقد المقدسة، لأن بقاءها هكذا يمثل تجاوزا على حدود الله تعالى، وجريمة في حق رسوله صلى الله عليه وآله، فإنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان قد أوصى الأمة بحفظ ورعاية حق عترته، وليس هدم مراقدهم المقدسة إلا مخالفة لهذه الوصية النبوية الشريفة. والمخالفة ذنب عظيم. من هنا نحن ندعو باستمرار لأن يرعى هؤلاء حق آل النبي (صلوات الله عليهم) وعدم استفزاز مشاعر المسلمين، وكان بياننا في هذا الصدد.


                              وليست الدعوة إلى العصيان المدني بجريمة في عرف القانون الدولي، بل هو وسيلة محترمة من وسائل التعبير الحضاري عن الرفض والمعارضة. ثم إن على خصومنا أن يفهموا أننا لسنا نرتعب من شيء، ولا من أية حكومة قائمة على وجه الأرض، فليضخموا ما شاءوا وليكيدوا لنا بما رغبوا، فإن الله تعالى هو ناصرنا عليهم بإذنه.



                              5- هل حصلت على اللجؤ السياسى من بريطانيا ؟ وما تفاصيل ذلك؟


                              ج5: نعم منحتنا الحكومة البريطانية حق اللجوء السياسي والحماية الأمنية بعدما وصلنا إلى لندن بموجب معاهدة جنيف في شأن حقوق الإنسان، وذلك لأننا لم نرتكب ما يستحق أن نُسجن لأجله أو نُضطهد بهذا الشكل الوحشي المروع الذي امتد ليطال عوائلنا في وضح النهار! حينما اقتحم عليهم رجال أمن الدولة والمباحث بيوتهم مسلحين بأنواع الأسلحة بلا إذن من النيابة العامة ولا سابق إنذار وبلا إتاحة فرصة حتى لكي تضع النسوة حجابهن!


                              لقد رأت الحكومة البريطانية حسب ما ورد في مذكرتها التي أرسلتها إلى الحكومة الكويتية والتي نشرت جريدة "الطليعة" إشارة إليها؛ رأت أن ما وقع علينا من ظلم واضطهاد يتنافى مع معايير حقوق الإنسان، إذا غاية ما صنعناه هو التعبير عن رأينا في بعض المسائل العقائدية والتاريخية، وكان التعبير في مجلسنا الخاص، فعلى أي أساس نُحاكم بتهمة "التحريض على زعزعة استقرار وأمن البلاد"؟! وما أعظمها من تهمة!


                              ما زلنا نتذكر قول ذلك المسؤول في الأمم المتحدة الذي أجرى مقابلة معنا لأخذ المعلومات عن قضيتنا وتسجيلها في سجل الأمم المتحدة، حيث قال لنا متهكما بعد سماعه لهذه التهمة: "يبدو أن أمن بلدكم هو أمن قوي جدا إلى درجة أنه يتزعزع بسبب محاضرة"!


                              إن الحكومة الكويتية تعلم يقينا أن الذي خلق هذه الأزمة الداخلية لم يكن نحن، بل الجماعات الوهابية والإخوانية المسيسة، فهي التي استنسخت عشرات الألوف من الأشرطة المسجلة لمحاضراتنا ووزعتها حتى في الشوارع، وهي التي أثارت القضية كل هذه الإثارة للتكسب الانتخابي. لقد قلناها لوكيل النيابة الذي حقق معنا: "انظر إلى الأشرطة التي بين يديك والتي تريدون محاكمتي على أساس أنني نشرتها ووزعتها.. هل تراها تحمل شعار خدام المهدي (عليه السلام) أم شعار جمعية إحياء التراث"؟!


                              لماذا تعامت الحكومة عن هذه الحقيقة، وهي أن من خلق هذه الفتنة هم الوهابيون لا نحن! إنهم تلقفوها تلقف الكرة مع علمهم بأن القضية تاريخية قديمة، وأن الخلاف بين الشيعة وغيرهم خلاف قديم في مسألة النظرة إلى ما يسمى بالخلفاء والصحابة وأمهات المؤمنين، ففي حين يقدّس غير الشيعة التاريخ ويتعاطون معه بمثالية مفرطة، فإن الشيعة ينظرون إليه بعين النقد والتمحيص ويصنفون رجاله وأفراده إلى الصالح فيحترمونه والطالح فينبذونه، وفي هذا الإطار كره الشيعة أولئك الرجال الذين أحبهم غيرهم، والعكس بالعكس، كما في مثال أبي طالب (عليه السلام) الذي هو عند غير الشيعة كافر والعياذ بالله، في حين أنه عند الشيعة بطل الإسلام والإيمان. وكما في مثال أبي لؤلؤة (عليه الرحمة) الذي هو عند غير الشيعة مجوسي قاتل، في حين أنه عند الشيعة مسلم مؤمن مبشّر بالجنة مقتص ممن ظلم وقتل سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها صلوات الله وسلامه.


                              من هنا كان يحق لكل فريق من الفريقين أن يعرض أدلته، وأن يطرح المسألة في مجالسه الخاصة، إلا أن الذي حصل هو أن مخالفينا رغم علمهم بأننا لم نطرح هذه المسائل إلا في ما بيننا، لأن ديننا قائم على المناقشة العلمية ونحن لا نربي أبناءنا على التقليد الأعمى؛ رغم علمهم بذلك فإنهم عمدوا إلى تصعيد الموضوع للتكسب الانتخابي. وهذا هو ديدنهم وليس بجديد عليهم، فهم يثيرون دائما قضية من لا شيء، فتراهم يخلقون أزمة سياسية عاصفة ويدخلون البلاد في جو التأزم لمجرد أن طريقة عرض الأذان المسجل في التلفاز قد تغيّر فلم تعد تظهر صورة الكعبة المشرفة في نهاية المشهد! فبالله أي عقل يملكه هؤلاء يمكن احترامه؟!


                              لقد كان الأجدر بهم أن يجابهوننا بالمناظرة العلمية إن كانوا مقتدرين، لكنهم عمدوا إلى أسلوب خنق الأصوات، وذلك ما يؤكد عجزهم وضعفهم واختلال مذهبهم. حقا لو كنا مكانهم لما فعلنا الذي فعلوه، فإنه عار لنا أن نفزع من طرح الآخر لمعتقداته. وإن المرء الذي يثق بأحقية دينه، لا يفزعه شيء ولا يهوله، أما المهزوز الضعيف الذي يعبد الله على حرف، فتراه بمجرد سماعه لأبسط نقد يتضعضع ويرتبك ويثور وينفجر!


                              وإننا نظن أن سبب حنق هؤلاء علينا لم يكن لمجرد المحاضرات، بل لمجمل الجوّ العلمي والثقافي الذي خلقناه في البلاد، والذي أدى إلى اهتداء بعض أبنائهم وشبابهم إلى التشيع، وقد كان جمعٌ من هؤلاء يحضرون محاضراتنا أسبوعيا. لعل ذلك هو ما أثار سخطهم وغضبهم إذ ظنوا أننا بذلك قد نغير من الواقع الإثني في البلاد مع مرور السنين، وتخوّفهم في هذا معقول إنصافا، غير أنه كان يجدر بهم أن لا يجابهوا الكلمة بالسجن والاعتقال! بل بكلمة مثلها، فإن التقييد والحبس والاعتقال لن يؤدي إلى نتيجة بل هو يثبت عجز الذي يوقعه على غيره. لقد كان يجدر بهم أن يعرضوا علينا مثلا المناظرة المفتوحة، حتى يثبتوا للعامة أننا على ضلال! لكنهم لم يصنعوا، مع أننا وجهنا لهم دعوات قوبلت بالرفض! فما الذي استفادوه الآن مما أوقعوه بنا؟ ها نحن لا نزال بحمد الله نمارس أعمالنا كما كنا ونتواصل مع الداخل بأقوى تواصل بل ونتلقى اتصالات ورسائل كثيرة حتى من أولئك المهتدين الجدد إلى التشيع.. فهل استطاعوا بهذا العنف والجور أن يقضوا علينا أو على حركة انتقال أبنائهم إلى التشيع؟


                              وها نحن نجدد الدعوة شخصيا، فنقول لمن عنده الشجاعة العلمية والأدبية أن تعال إلى ساحة المناظرة، ونحن مستعدون لأن تختاروا من بينكم أعلمكم وأكثركم اقتدارا في هذه المسائل لنناظره كتبيا على صفحات الصحف وأمام الملأ، جولة بجولة وصولة بصولة، في موضوع الموقف الصحيح الذي ينبغي للمسلم اتخاذه تجاه ما يسمى بالصحابة والخلفاء، وهل أنهم كانوا جميعا عدولا أم لا؟ وهل أنه يجب الترحم عليهم أم البراءة منهم؟ وما يتصل بذلك من مسائل. فليكن ذلك، حتى نقطع الجدل الدائر ويتمكن الناس من تمييز المصيب من المخطئ. فهل من مبارز؟!



                              6- هل صحيح أنك تنادى بهدم مساجد السنة ؟


                              ج6: هذه أيضا من جملة ما افتراه علينا خصومنا ومناوئونا، فإننا كنا قد صدّرنا بيانا بناسبة قيام الزمر الإرهابية المجرمة بتفجير مقام الإمامين العسكريين (عليهما الصلاة والسلام) في سامراء المقدسة، ثم أتبعناه بخطاب ألقيناه، وفي كليهما أشرنا إلى ضرورة أن تقوم السلطات المختصة في العراق أو من يقوم مقامها في حال عجزها بهدم المساجد التي يثبت أن الإرهابيين حوّلوها إلى أوكار لتخزين الأسلحة والمتفجرات وتعذيب الناس وقتلهم وتجنيد المجرمين وتدريبهم، فهذه المساجد تصبح شرعا مساجد ضرار وكفر وتفريق بين المؤمنين، وحينئذ يتوجب هدمها وإزالتها لقطع دابر الإفساد في الأرض.


                              فهذه هي التي خصّصناها بوجوب الهدم، أما أننا عممنا الحكم وقلنا بأن من الواجب هدم جميع مساجد الطائفة البكرية (المصطلح عليها بالسنة) فلا.. لم يصدر منا ذلك. ولله الحمد فإن البيان موجود ومنشور ومتداول، وكذلك تسجيل الخطاب الذي ألقيناه، وهو يثبت ما قلناه، فقد أكدنا فيه على ضرورة احترام المساجد التي لا علاقة بها بالإرهاب والإرهابيين. غير أن الوهابيين قاموا ببتر التسجيل واقتطاع المقطع الذي يحلو لهم حول الهدم ونشروه في شبكة الإنترنت وعلى الهواتف النقالة! مثلهم مثل الذي يقول: "ولا تقربوا الصلاة.." ثم يسكت! فإنا لله وإنا إليه راجعون.



                              7- هل تود العودة للكويت؟


                              ج7: بل نحن واثقون من العودة إن شاء الله تعالى، فالقضية مجرد مسألة وقت إلى حين ما تصل حكومتنا إلى مستوى من النضج والوعي فتفهم أن الأعداء الحقيقيين للبلد هم أولئك الذين يمارسون الإرهاب الفكري ضد الآخرين ولا يحترمون مبدأ التعايش التعددي والتنوع الديني والثقافي. وإن أخشى ما نخشاه هو أن يتسبب هؤلاء بكارثة تندم عليها الحكومة بسبب إتاحتها المجال لهم طوال هذه السنوات حتى فرضوا قوانينهم على الآخرين! على الحكومة أن تفهم أن هؤلاء الذين ترعاهم هم الأعداء الحقيقيون للبلد، ولكن متى تفهم هذه الحكومة؟ ولماذا تستمر في مسلسل الغباء؟ ألا تكفي تجربة الغزو الصدامي للبلاد أوائل التسعينات؟ ألم يكن الشيعة قد بحت أصواتهم وهم ينادون الحكومة بعدم الوقوف إلى جانب صدام التكريتي محذرين من أنه سيكون أول من ينقلب عليها؟ فلماذا الذي حصل؟ ولماذا تنتظر الحكومة أن يحصل شيء مماثل لا قدّر الله تعالى بسبب تجاهلها لنصائح المخلصين؟


                              ليكن التاريخ شاهدا، فنحن ننصح الحكومة ونحذرها من أن هذه الجماعات الوهابية الإرهابية التي تغذيهم وترعاهم أو على أقل التقادير تحابيهم وتراعيهم، سيكونون أول من ينقلبون على نظام البلد ويهددون أمنه، ودونكم ما يجري في الجزيرة مثالا، فإن أولئك الذين رعتهم الحكومات السعودية ومدتهم بالمال والسلاح أيام حرب أفغانستان ضد السوفييت سابقا هم اليوم من يهدد أمنها بالعمليات الانتحارية والتفجيرات، فلا جميلا راعوا ولا إحسانا ردّوا!


                              إن الشيعة ليسوا أعداء لأحد، وهم لا يقابلون الإحسان إلا بالإحسان، ويحفظون حقوق الآخرين بل ويصونونهم. إن الشيعة يعرفون رد الجميل، ولو أدركت الحكومات هذه الحقيقة لزالت تخوفاتها الوهمية النابعة من إرث التعصب المذهبي القديم!



                              8- هل لو عدت للكويت ستكرر نفس الخطاب الدعوى الذى سلكتة قبل خروجك منها؟


                              ج8: طبعا، فنحن لا نعود إلا بشروطنا، وعلى رأسها حفظ حقنا في التعبير عن آرائنا في العقيدة والتاريخ وغير ذلك. وإننا صادقون في قولنا أن ذلك هو الضمان الحقيقي لأمن البلد واستقراره، لأن البلد الذي يستوعب التناقضات الدينية والمذهبية والسياسية هو البلد الناجح، لا ذلك الذي يحجر على الآراء ويكتم الأصوات ويكون أحادي النزعة. فلتكن الكويت تعددية حتى تنجح وتتطور، وليعتد بعضنا على بعض اعتيادا حتى ولو كان مناقضا له في معتقداته وفكره، وليشترك الجميع في حقوق المواطنة وواجباتها بغض النظر عن الانتماءات الإثنية أو المذهبية أو حتى السياسية. بهذا تتطور البلاد وتتقدم، وبغير ذلك تتأخر وتتراجع إلى عصور الجاهلية الأولى!



                              9- ما تقييمك لما يحدث الأن على الساحة السياسية الكويتية؟


                              ج9: تقييمنا هو أن الساحة السياسية وصلت إلى منحدرات خطرة تقتضي التدخل ومن أعلى المستويات لتصحيحها بمؤتمر إنقاذ وطني بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى. لقد استشرى الفساد في أجهزة الدولة، وتفشت المحاباة والمحسوبية والشللية، ولم يعد لأي قانون احترامه في ظل خروقات الواسطة. والحكومة غارقة في التناقضات ومتورطة في التجاذبات السياسية مع النواب والتجار وذوي النفوذ، والبرلمان غارق في الصراخ والاستصراخ والتكسب الانتخابي والاسترزاق السياسي والتسول المصلحي! كلٌّ يجرّ فيه النار إلى قرصه دون التفات إلى مستقبل البلد المظلم!


                              تجري كل هذه الفوضى وسط تنازل هيبة الدولة، سيما بعد أزمة الحكم الأخيرة، وغرق الشعب في الاتكالية والكسل، واللهو والسفر، والإسراف والتبذير والاستدانة المفرطة.


                              تناقص الوعي إلى حد مرعب حتى أصبحت عندنا أمية مقنّعة، فالذين يتخرجون من الجامعة مثلا لا يفقهون شيئا في العلم والثقافة والحضارة وإنما مبلغ همّهم وظيفة إدارية في وزارة يحتسون فيها الشاي والقهوة كل صباح! لا إنجاز للبلد في أي ميدان، ولا تطورا في المستوى العلمي والمعرفي، وأصبح الجشع والطمع سائدا عند الجميع إلا من ندر، وأجيالنا المقبلة قد تربّت على ثقافة الخدم والساتلايت والإنترنت والبلوتوث! والتفكك الأسري والطلاق وصل إلى معدلات مفزعة، وحوادث السيارات حدّث عنها ولا حرج، ومجلة (العربي) لم يعد يقرأها من الكويتيين سوى من هم معدودون على الأصابع، وهي للعلم تأكل نسخها الفئران في مستودعات وزارة الإعلام!


                              نحن في أزمة حقيقية لا يشعر بها أحد، والذين يفترض بهم أن يخططوا تخطيطا استراتيجيا لمستقبل البلاد هم أنفسهم بحاجة إلى من يعلمهم ألف باء التخطيط والإدارة! فلا حكومة واعية عندنا، ولا مجلسا تشريعيا رقابيا حقيقيا يمكنه أن يراقب أداءها ويحاسبها أو يغيرها.


                              إن على من تبقى من المخلصين في الكويت أن يفكروا جديا في مؤتمر إنقاذ يعيد هندسة نظام البلد بأكمله، دستوريا وقانونيا، فيرسم في إطار دستوري وقانوني جديد علاقة متوازنة بين الحاكم والمحكوم، وبين الكتل السياسية، والتجارية، والدينية، ومؤسسات المجتمع المدني، ويعيد فيها الاعتبار إلى المفهوم الحقيقي للمواطنة، وهو الارتقاء في خدمة الوطن لا الاتكال عليه، وأن يكون معيار التمييز والمفاضلة بين المواطنين على أساس الكفاءة ومدى الإخلاص في خدمة الوطن، لا على أساس الانتماء الطبقي أو العرقي أو الديني أو السياسي أو حتى الشللي.



                              10- ماذا كنت تقصد من وراء إنشاء هيئة خدام المهدى ؟ وما طبيعة عملها الأن ؟ وما مدى إنتشارها فى دول مختلفة؟


                              ج10: كنا نقصد من تأسيس الهيئة المباركة تشكيل جهاز إداري يقود العمليات التبليغية والدعوية ويرتبها وينظمها بدلا من أن تتبعثر بلا نظام، وأن تكون الهيئة جامعة لكل من يحمل على عاتقه همّ الدفاع عن حق آل محمد صلوات الله عليهم، ولكل من يقصد السعي لتقريب الناس إلى مقام بقية الله في أرضه صاحب العصر والزمان الإمام الحجة بن الحسن المهدي عليه وعلى آبائه آلاف التحية والثناء وعجل الله فرجه الشريف.


                              وقد استطاعت هيئة خدام المهدي (عليه السلام) من خلال أعمالها ومشاريعها أن تخلق جوا خاصا على مستوى بقاع عديدة في العالم، أبرزها الكويت باعتبارها بلد المنشأ، فتغيّرت بسبب ذلك ثقافة جيل شيعي واعد أصبح أكثر شجاعة وجرأة في طرح الحق، وأكثر ثقة بالنفس واقتدارا علميا وثقافيا، وأكثر تمرسا عمليا في وسائل وفنون التبليغ والدعوة والهداية.


                              وشيئا فشيئا أصبح للهيئة جمهورها الحامل لفكرها، المنسجم مع أطروحاتها، المنخرط في مسارها وتحركها. ومع تمدد الهيئة في أكثر من بلد، تكونت لها نواة تيار هي آخذة بالتوسع، بحيث يمكننا القول أنه في غضون السنوات القليلة المقبلة سنلحظ جليا أن هناك تيارا إسلاميا ناهضا بقوة على الساحة حاملا لاسم: خدام المهدي عليه السلام.


                              أما عن أعمال الهيئة القائمة حاليا فهي كالسابق، ما بين نشر للإصدارات الدورية كمجلة "المنبر" ومجلة "ثائر" و"صدى الخدام" بالإضافة إلى "شيعة نيوز" الصادرة باللغة الإنجليزية، ونشر للكتب والأشرطة والأقراص والتقاويم السنوية كتقويم "الكساء" إلى غير ذلك من وسائل النشر الديني. وما بين إعداد تأهيلي علمي وثقافي ومعرفي للمنضمين الجدد في البلدان في دورات خاصة، وما بين رعاية الأسر المحتاجة ومساعدة الفقراء والأرامل والمساكين والمستضعفين في أنحاء العالم.


                              أما عن انتشار الهيئة في البلدان، فإن كنت تقصد بالانتشار المعنى الأخص للكلمة وهو وجود الأفرع والمكاتب التنظيمية، فهي موجودة في العراق وإيران ولبنان والكويت والبحرين وبريطانيا. وإن كنت تقصد المعنى الأعم وهو وجود بعض النشطاء العاملين والمناصرين فإن الهيئة تكون منتشرة في كثير من البلدان، فالهيئة كما سبق بيانه ليست تنظيما حزبيا وإنما حالة توجهية عامة، والهيئة تقود هذه الحالة من موقعها بالدعم والمساندة والتنسيق والربط.



                              ياسر الحبيب


                              28 من ذي القعدة لسنة 1427 من الهجرة النبوية الشريفة


                              لندن
                              التعديل الأخير تم بواسطة م14; الساعة 26-04-2008, 03:36 AM.

                              تعليق

                              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                              حفظ-تلقائي
                              x

                              رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                              صورة التسجيل تحديث الصورة

                              اقرأ في منتديات يا حسين

                              تقليص

                              لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                              يعمل...
                              X