المشاركة الأصلية بواسطة a7la-hnak
بمعنى انه معروف للجميع بانه منافق
وان من خرج فى الغزوة هم من المؤمنين فقط ولا منافق معهم
اعود للنقطة الاولى وهى ان المنافقين قد كشفت اوراقهم والكل عرفهم
وان المنافقين من بقى فى المدينة ولم يخرج
من حاول قتل الرسول صلى الله عليه وآله المفروض انه من المنافقين
وان الله تعالى اخبر رسوله بكيدهم واعلمه باسمائهم
والرسول اخبر حذيفة وعمار فقط
لماذا لم يخبر جميع الصحابة باسماء هؤلاء المنافقون ؟
اليس المنافقون قد سبق وان الله فضحهم واصبحوا معلومين للجميع
وبما انهم منافقون فلم يتستر عليهم الرسول صلى الله عليه وآله ويخبر حذيفة وعمار ويطلب منهما التكتم؟
اقرأ الحديث جيدا لتفهم ان من حاول قتل الرسول صلى الله عليه وآله ليسوا من خارج الجيش
بل هم ممن كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله
والا وبما ان المنافقون قد فضح امرهم وعرفهم الجميع
فمن باب اولى ان يطلع الرسول اصحابه على من حاول قتله !
صفات المنافقين وأحكامهم صحيح مسلم 4985
حدثنا زهير بن حرب حدثنا أبو أحمد الكوفي حدثنا الوليد بن جميع حدثنا أبو الطفيل قال
كان بين رجل من أهل العقبة وبين حذيفة بعض ما يكون بين الناس فقال أنشدك بالله كم كان أصحاب العقبة قال فقال له القوم أخبره إذ سألك قال كنا نخبر أنهم أربعة عشر فإن كنت منهم فقد كان القوم خمسة عشر وأشهد بالله أن اثني عشر منهم حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد وعذر ثلاثة قالوا ما سمعنا منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا علمنا بما أراد القوم وقد كان في حرة فمشى فقال إن الماء قليل فلا يسبقني إليه أحد فوجد قوما قد سبقوه فلعنهم يومئذ .
000000000000000000000000000
من كتاب عدالة الصحابة:
حذيفة وأمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) أعلم الناس بالمنافقين:
فقد ورد هذا المضمون في الحديث النبوي الشريف(2)، وكذلك في
____________
1- مجمع البيان ـ للطبرسي ـ 5 / 3 ـ 4.
2- تفسير البرهان 2 / 812 سورة التوبة (براءة) ط الحديثة ـ قم، وكذا في مصادر العامّـة.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 288
--------------------------------------------------------------------------------
عدّة روايات قد مرّت في ما سبق، وهو بروز الصحابي حذيفة بن اليمان في علمه ومعرفته بالمنافقين، والظاهر أنّ هذه الواقعة ـ وهي محاولة اغتيال النبي (صلى الله عليه وآله) ـ هي مربض الفرس، والحادثة العظمى التي أطلعت حذيفة على رؤوس شبكة النفاق، ومن المهمّ أن نتتبّع خيوط وتفاصيل الحادثة ; لترتسم لنا منظومة هذه الشبكة والمجموعة، وهل هي من دائرة الصحابة المحيطة بالنبيّ (صلى الله عليه وآله)، أو من الدائرة المتوسطة، أو الدوائر البعيدة؟!
وها هنا ـ في البدء ـ عدّة موارد وتساؤلات مطروحة:
الأُولى:
ما مرّ من قول ابن كيسان وروايته: أنّ حذيفة قد قال للنبيّ (صلى الله عليه وآله)عقب الحادثة: ألا تبعث إليهم فتقتلهم؟! فأجابه (صلى الله عليه وآله): " أكره أن تقول العرب لمّا ظفر بأصحابه أقبل يقتلهم " ; فقوله (صلى الله عليه وآله) يفيد أنّ المجموعة التي قامت بهذا التدبير هي من خواصّ الصحابة المحيطين به.
الثانـية:
إنّ في كثير من الروايات لدى الفريقين التعبير عنهم بفلان وفلان و... من دون ذكر أسمائهم ; فما هذه الحشمة عن ذكر أسمائهم وعدّتهم بكاملها؟! ولم هذا التحاشي عن التصريح إلى الكناية المبهمة؟! ومن هم هؤلاء الّذين يتحفّظ عن ذكر أسمائهم؟! أترى لو كانوا من الأباعد في الصحبة يُتستّر عليهم؟! أو لو كانوا من المشهورين علناً بالنفاق لكان يتخفّى عليهم؟!
وهذا مؤشّـر مهمّ يضع بصماته على هذه الجماعة.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 289
--------------------------------------------------------------------------------
الثالـثة:
قول الباقر (عليه السلام): إنّ ثمانية منهم من قريش وأربعة من العرب.
الرابـعة:
إنّه وقع بين عمّار (رضي الله عنه) وبين رجل من تلك المجموعة شجار بعد وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله)، وأشار عمّار ولمّـح بين ملأ من الناس إلى كون ذلك الرجل منهم.
الخامسـة:
إنّ سـرّ معرفة حذيفة بالمنافقين واختصاصه بهذه المعرفة هو مشاهدته لهذه الواقعة، وهذا يفيد أنّ أصحاب هذه المجموعة لم يكونوا مشهورين في العلن لدى عامّة المسلمين بأنّهم من المتمرّدين والمنافقين، بل كانوا يتستّرون في عداوتهم وكيدهم للدين والنبيّ (صلى الله عليه وآله) ; وإلاّ لَما اختصّ حذيفة بمعرفتهم كخصيصة أشاد بها النبيّ (صلى الله عليه وآله) لحذيفة..
ولماذا لم تشمل هذه المعرفة أصحاب السقيفة والخلفاء الثلاثة، بينما اختصّ بها أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) وحذيفة؟!
السادسـة:
من الملاحظ والملفت للنظر أنّ الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) لم يصطحب على العقبة إلاّ عمّار وحذيفة وسلمان والمقداد، حسب اختلاف الروايات، بينما باقي الصحابة ـ كالصاحب في الغار، وغيره من أصحاب السقيفة ـ لم
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 290
--------------------------------------------------------------------------------
يكونوا معه (صلى الله عليه وآله)..
وستأتي تتمّة للموارد الفاحصة لأوراق هذه الحادثة.
قال السيوطي في الدرّ المنثور:
" وأخرج البيهقي في الدلائل عن عروة (رضي الله عنه)، قال: رجع رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم قافلاً من تبوك إلى المدينة، حتّى إذا كان ببعض الطريق مكر برسـول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ناس من أصحابه، فتآمـروا أن يطرحـوه من عقبة في الطريق، فلمّا بلغوا العقبة أرادوا أن يسلكوها معه، فلمّا غشيهم رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أُخبر خبرهم، فقال: من شاء منكم أن يأخذ بطن الوادي فإنّه أوسع لكم.
وأخذ رسـول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم العقبة وأخذ الناس ببطن الوادي إلاّ النفر الّذين مكروا برسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم لمّا سمعوا ذلك استعدّوا وتلثّموا وقد همّوا بأمر عظيم..
وأمر رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم حذيفة بن اليمان (رضي الله عنه)وعمّار بن ياسر (رضي الله عنه) فمشيا معه مشياً، فأمر عمّار أن يأخذ بزمام الناقة وأمر حذيفة يسوقها.
فبينما هم يسيرون إذ سمعوا وكزة القوم من ورائهم قد غشوه فغضب رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم وأمر حذيفة أن يردّهم، وأبصر حذيفة (رضي الله عنه) غضب رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم فرجع ومعه محجن فاستقبل وجوه رواحلهم فضربها ضرباً بالمحجن، وأبصر القوم وهم متلثّمون لا يشعروا إنّما ذلك فعل المسافر، فرعبهم الله حين أبصروا حذيفة (رضي الله عنه) وظنّوا أنّ مكرهم قد ظهر عليه فاسرعوا حتّى خالطوا الناس.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 291
--------------------------------------------------------------------------------
فأقبل حذيفة (رضي الله عنه) حتّى أدرك رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ]وسلّم، فلمّا أدركه قال: اضرب الراحلة يا حذيفة، وامش أنت يا عمّار.
فاسرعوا حتّى استووا بأعلاها، فخرجوا من العقبة ينتظرون الناس، فقال النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم لحذيفة: هل عرفت يا حذيفة من هؤلاء الرهط أحداً؟!
قال حذيفة: عرفت راحلة فلان وفلان، وقال: كانت ظلمة الليل وغشيتهم وهم متلثّمون.
فقال النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم: هل علمـتم ما كان شأنـهم وما أرداوا؟!
قالوا: لا والله يا رسول الله.
قال: فإنّهم مكروا ليسيروا معي حتّى إذا طلعت في العقبة طرحوني منها.
قالوا: أفلا تأمر بهم يا رسول الله فنضرب أعناقهم.
قال: أكره أن يتحـدّث الناس ويقـولوا أنّ محمّـداً وضع يده في أصحابه. فسمّاهم لهما وقال: اكتماهم ".
ثمّ إنّ السيوطي ذكر رواية البيهقي بطريق آخر، فيها ذكر أسمائهم، قال: " وأخرج ابن سـعد، عن نافع بن جبير بن مطعم، قال: لم يخبر رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم بأسماء المنافقين الّذين تحسّـوه ليلة العقبة بتبوك غير حذيفة (رضي الله عنه)، وهم اثنا عشر رجلاً ليس فيهم قرشي وكلّهم من الأنصار ومن حلفائهم ".
ثمّ ذكر السيوطي رواية أُخرى عن البيهقي أيضاً في الدلائل، وذكر سرد الواقعة إلى أن قال: " قلنا: يا رسول الله! ألا تبعث إلى عشائرهم حتّى
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 292
--------------------------------------------------------------------------------
يبعث إليك كلّ قوم برأس صاحبهم.
قال: لا، إنّي أكره أن تحدّث العرب بينها أن محمّـداً قاتل بقوم حتّى إذا أظهره الله بهم أقبل عليهم يقتلهم. ثمّ قال: اللّهمّ ارمهم بالدبيلة.
قلنا: يا رسول الله! وما الدبيلة؟
قال: شهاب من نار يوضع على نياط قلب أحدهم فيهلك "(1).
ويستفاد من هذه الروايات عدّة موارد أُخرى كشواهد مقرّبة إلى معرفة هذه المجموعة ـ مضافاً إلى ما تقدّم ـ.
السابـعة:
قد عبّر الراوي الأخير لهذه الواقعة عن تلك المجموعة بأنّهم: " ناس من أصحابه (صلى الله عليه وآله) "، ولا يخفى أنّ التعبير لدى الرواة بوصف الصحبة يخصّ من يتّصل بصحبة وبعلاقة قريبة، فلم يكن تعبيرهم بلفظ الصحبة عن كلّ من أدرك النبيّ (صلى الله عليه وآله)، بل هو وصف خاص لدى الرواة لخصوص مَن هو ممّن حواليه (صلى الله عليه وآله)، بخلاف أصحاب التراجم والرجال ; إذ أنّهم اصطلحوا على تعاريف عدّة للصحابي، شملت بعضها كلّ من رأى النبيّ (صلى الله عليه وآله) وإن لم يروِ عنه، أو كلّ من أدركه وروى عنه ولو بعض روايات قليلة، أو حتّى رواية واحدة أو اثنتين..
فالاستعمال الجاري لدى الرواة أنّهم لا يطلقون لفظ الصحبة إلاّ على الخواصّ، وممّن هم حواليه على علاقة متميزة به (صلى الله عليه وآله)، كما في الاستعمال العرفي الدارج حالياً، فإنّه لا يقال أصحاب فلان إلاّ على من لهم صلة
____________
1- الدرّ المنثور 3 / 259 ـ 260.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 293
--------------------------------------------------------------------------------
خاصّة بذلك الشخص.
هذا مضافاً إلى قرائن أُخرى في هذه الروايات:
منها: إضافة اللفظ إلى الضمير " من أصحابه " ; فإنّه يختلف في الظهور عن تعبير: " من الصحابة " ; إذ الأوّل أكثر تخصّصاً.
ومنها: أنّهم أرادوا أن يسلكوا العقبة مع الرسول (صلى الله عليه وآله) في بدء الأمر من دون الناس الّذين كانوا يمشون ببطن الوادي، فقال (صلى الله عليه وآله) لهم ـ بعدما أُخبر خبرهم ـ: " من شاء منكم أن يأخذ بطن الوادي، فإنّه أوسع لكم " ; وهذا يفيد أنّهم ممّن يتعارف مشـيه مع الرسـول قريب منه في الأسفار والحركة، وهذه الصفة لا تكون للأباعد.
ومنها: جواب حذيفة ـ عندما سأله النبيّ (صلى الله عليه وآله) عن معرفة الرهط الّذين همّوا بذلك الأمر العظيم ـ بأنّه رأى راحلة فلان وفلان ; وهذا يفيد أنّ الرهط هم من وجوه المسلمين، وممّن لحذيفة خلطة قريبة معهم، وليسوا من الأباعد كي تخفى رواحلهم ودوابّهم على حذيفة.
ومنها: قوله (صلى الله عليه وآله) ـ عندما طلب منه حذيفة وعمّار قتل الرهط ـ: " إنّي أكره أن يتحدّث الناس ويقولوا أنّ محمّـداً وضع يده في أصحابه " ; ومنه يتبيّن أنّ الرهط والمجموعة هم ممّن ناصر النبيّ (صلى الله عليه وآله) بحسب الظاهر، وكانوا ممّن حوله من الخواصّ الّذين لهم علاقة متميزة به أمام مرأى الناس، ومن الّذين لا يتوقّع الناس معاداتهم له (صلى الله عليه وآله)، بل كان الإقدام على قتلهم من قبله (صلى الله عليه وآله) مستنكراً عند الناس، وهذا ظاهر في عدم كونهم من أوساط الناس أو من الأباعد.
ومنها: قوله (صلى الله عليه وآله) لحذيفة وعمّار لمّا أطلعهم بأسمائهم: " اكتماهم " ;
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 294
--------------------------------------------------------------------------------
فما وجه الأمر بالكتمان لو كان هؤلاء الرهط من أوساط الناس، ومن حلفاء الأنصار ونحوهم، كما روى ابن سعد أنّهم لم يكونوا من قريش بل من الأنصار وحلفائهم؟!
لا ريب أنّ علّة الأمر بالكتمان ظاهرة في كون هؤلاء الرهط هم ممّن يحسب على النبيّ (صلى الله عليه وآله) بصحبة خاصّة، ممّن يؤدّي فضحه وكشفه ـ لا سيّما بمثل هذا الفعل الشنيع المنكر، الذي هو على أُصول الكفر الباطني ـ إلى حدوث بلبلة واضطراب في أوساط الناس وعامّتهم ممّن لا يعرف من الإسلام إلاّ رسمه، ومن الدين إلاّ طقوساً ظاهرية..
فحفاظاً منه (صلى الله عليه وآله) على عدم إثارة الفتنة بين عامّة الناس بذلك، وعدم تزلزل إسلامهم أمر بالكتمان ; ولا سيّما أنّ قوله تعالى في الآية السابقة لهذه الآيات: ( يا أيّها النبيّ جاهد الكفّار والمنافقين واغلُظ عليهم ومأواهم جهنّمُ وبئس المصير )(1) في تفسير أهل البيت (عليهم السلام) ـ كما روى ذلك الطبرسي في مجمع البيان(2)، وغيره من مفسّـري الإمامية، وبطرق مسـندة عنهم (عليه السلام) ـ: " جاهد الكفّار بالمنافقين "، قالوا: لأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) لم يكن يقاتل المنافقين وإنّما كان يتألّفهم ; لأنّ المنافقين لا يُظهرون الكفر، وعلْم الله تعالى بكفرهـم لا يبيح قتلهم إذا كانوا يُظهرون الإيمان. فعلى هذا التفسير كان (صلى الله عليه وآله) مأموراً بأن يستبقيهم ويجاهد بهم الكفار..
ثمّ أنّه من الغريب من ابن سـعد أنّه يروي أنّهم ليسوا من قريش بل من الأنصار وحلفائهم، ويروي ـ في الوقت نفسه ـ أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) لم يخبر بأسمائهم غير حذيفة، فكيف نفى كونهم من قريش؟!
____________
1- سورة التوبة (براءة) 9: 73.
2- مجمع البيان 5 / 77.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 295
--------------------------------------------------------------------------------
والغريب منه أيضاً نفي كونهم من حلفاء قريش ; إذ نسبهم إلى الأنصار وحلفائهم خاصّة..
ولا غـرابة في ذلك ; فإنّ أصحاب السـقيفة لم يواجههم في السقيفة إلاّ الأنصار وحلفائهم ـ إلاّ القليل ـ ولم يعقد البيعة في السـقيفة إلاّ قريش وحلفائها.
ومنها: قوله (صلى الله عليه وآله) في الرواية الأُخرى المتقدّمة: " إنّي أكره أن تحدّث العـرب بينها أنّ محمّـداً قاتل بقوم حـتّى إذا أظهره الله بهم أقبل عليهم يقتلهم " ; فإنّه (صلى الله عليه وآله) وصف هؤلاء الرهط بأنّهم: " قوم قاتل بهم " و: " أظهره الله بـهم "، ولو بنظر عامّة الناس وأذهان العرب، فهل هذا الوصف ينطبق إلاّ على الخواصّ ممّن هاجر من الأوائل معه (صلى الله عليه وآله)..
وهو (صلى الله عليه وآله) قد بيّن أنّ عامّة أذهان الناس، التي تنظر إلى مجريات الأحداث بسطحية وتحكم عليها حسب ظواهرها لا حقيقتها، تستنكر الاقتصاص من هؤلاء الرهط ومعاقبتهم وفضحهم على الملأ ; إذ كانوا قد أوجدوا ـ بحسب الظاهر ـ لأنفسهم مكانة واختصاص لدى النبيّ (صلى الله عليه وآله) في أعين الناس، لدرجة كان يصعب معها كشف زيف هذه الصنيعة، ولم يكن من الهيّن واليسير بيان الحقيقة لعقول الناس القاصرة، التي لا تزن الأُمور حسب الواقع بل حسب الظواهر.
الثامـنة:
إنّ هؤلاء الرهط تميّزوا بأنّهم دعا (صلى الله عليه وآله) عليهم بأن يبتليهم الله تعالى بالدبيلة، وسيأتي في روايات أُخرى كالتي أوردها صحيح مسلم وغيره أنّها تشير إلى تلك الجماعة.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 296
--------------------------------------------------------------------------------
التاسـعة:
إنّ اقتران حذيفة وعمّار في هذه الواقعة أمر تكرّر في الروايات والنقول التاريخية، أي اقترنا في معرفة هؤلاء الرهط، وهذه علامة سيتمّ الاستفادة منها في الموارد الروائية اللاحقة بشأن المنافقين.
والملفت للنظر أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) لمّا أخبره الوحي بنيّة تلك الجماعة الفتك به لم يستعن (صلى الله عليه وآله) بأحد من خواصّ أصحابه سوى حذيفة وعمّار وسلمان والمقداد، فما شأن البقية من الخواصّ؟!
لماذا لم يستأمنهم (صلى الله عليه وآله) ويأمنهم في الدفاع عنه وحمايته؟! أم أنّ الحال كان على عكس ذلك.
وأمّا أبا ذرّ فلم يكن عنده راحلة في غزوة تبوك، فكان يتأخّر عن جيش الرسول (صلى الله عليه وآله) في سيره ماشياً على قدميه، كما ذكرت ذلك مصادر السِيَر والتواريخ.
العاشـرة:
إنّ هذه الواقعة الخطيرة في حياة النبيّ (صلى الله عليه وآله) ومسيرة الدين متّفق على وقوعها في كتب حديث الفريقين وكتب السير والتواريخ، سواء كانت هي سبب نزول الآيات، كما هو الأقوى الظاهر، أم كان السبب للنزول واقعة أُخرى.
قال ابن عبـد البرّ في الاستيعاب في ترجمة أبي موسى الأشعري، عبـد الله بن قيس بن سليم، أنّه: " ولاّه عمر البصرة في حين عزل المغيرة
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 297
--------------------------------------------------------------------------------
عنها، فلم يزل عليها إلى صدر من خلافة عثمان، فعزله عثمان عنها وولاّها عبـد الله بن عامر بن كريز، فنزل أبو موسى حينئذ بالكوفة وسكنها.
فلمّا دفع أهل الكوفة سعيد بن العاص ولّوا أبا موسى وكتبوا إلى عثمان يسألونه أن يولّيه، فأقرّه عثمان على الكوفة إلى أن مات.
وعزله عليّ (رضي الله عنه) عنها فلم يزل واجـداً منها على عليّ حتّى جاء منه ما قال حذيفة ; فقد روي فيه لحذيفة كلام كرهت ذكره والله يغفر له.
ثمّ كان من أمره يوم الحـكمين ما كان "(1)..
قال ابن أبي الحديد في شرح النهج:
" قلت: الكلام الذي أشار إليه أبو عمر بن عبـد البرّ ولم يذكره، قوله فيه ـ وقد ذُكر عنده، أي عند حذيفة، بالدين ـ: أمّا أنتم فتقولون ذلك، وأمّا أنا فأشهد أنّه عدوّ لله ولرسوله وحرب لهما، في الدنيا ( ويوم يقوم الأشهاد * يومَ لا ينفعُ الظالمين معذرتُهُم ولهم اللعنةُ ولهم سوءُ الدار )(2)..
وكان حذيفة عارفاً بالمنافقين، أسرّ إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمرهم وأعلمه أسماءهم.
وروي أنّ عمّاراً سئل عن أبي موسى، فقال: لقد سمعت فيه من حذيفة قولاً عظيماً، سمعته يقول: صاحب البرنس الأسْود. ثمّ كلح كلوحاً علمت منه أنّه كان ليلة العقبة بين ذلك الرهط.
وروي عن سويد بن غفلة، قال: كنت مع أبي موسى على شاطئ الفرات في خلافة عثمان، فروى لي خبراً عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال: سمعته
____________
1- الاستيعاب ـ في ذيل الإصابة ـ 2 / 372.
2- سورة غافر 40: 51 و 52.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 298
--------------------------------------------------------------------------------
يقول: إنّ بني إسرائيل اختلفوا، فلم يزل الاختلاف بينهم، حتّى بعثوا حكمين ضالّيْن ضلاّ وأضلاّ من اتّبعهما، ولا ينفكّ أمر أُمّتي حتّى يبعثوا حكمين يَضلان ويُضلاّن.
فقلت له: احذر يا أبا موسى أن تكون أحدهما!
قال: فخلع قميصه، وقال: أبرأ إلى الله من ذلك، كما أبرأ من قميصي هذا ".
ثمّ ذكر ما قاله أبو محمّـد بن متّويه في كتاب الكفاية: " أمّا أبو موسى فإنّه عظم جرمه بما فعله، وأدّى ذلك إلى الضرر الذي لم يخف حاله، وكان عليّ (عليه السلام) يقنت عليه وعلى غيره فيقول: اللّهمّ العن معاوية أوّلاً وعَمْراً ثانياً وأبا الأعور السلمي ثالثاً وأبا موسى الأشعري رابعاً.
وروي عنه (عليه السلام) أنّه كان يقول في أبي موسى: صبغ بالعلم صبغاً وسلخ منه سلخاً "(1).
وقال المزّي في تهذيب الكمال: " وعمل للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) على زبيد وساحل اليمن ـ وهذا قبل تبوك كما لا يخفى ـ.
واسـتعمله عمـر بـن الخـطّاب على الكوفـة والبصـرة، وشـهد وفاة أبي عبيدة بن الجراح بالأُردن، وشهد خطبة عمر بالجابية، وقدم دمشق على معاوية.
ـ إلى أن قال: ـ وقال مجالد، عن الشعبي: كتب عمر في وصيّته: أن لا يقرّ لي عامل أكثر من سنة، وأقرّوا الأشعري أربع سـنين "(2).
وفي تاريخ دمشـق عن أبي تحيى حكيم، كنت جالساً مع عمّار فجاء
____________
1- شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ 13 / 314 ـ 315.
2- تهذيب الكمال 4 / 244.
تعليق