من الاحاديث التي أخذت بها ودفعتني للاقتداء بالامام علي ، تلك التي أخرجتها صحاح أهل السنة والجماعة وأكدت صحتها والشيعة عندهم أضعافها ولكن - وكالعادة - سوف لا أستدل ولا أعتمد إلا الاحاديث المتفق عليها من الفريقين ، ومن هذه الاحاديث .
أ - حديث « أنا مدينة العلم وعلي بابها »(2)
وهذا الحديث وحده كاف لتشخيص القدوة الذي ينبغي اتباعه بعد الرسول صلى الله عليه وآله ، لان العالم أولى بالاتباع ، أولى أن يقتدى به من الجاهل .
قال تعالى : ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون )(3).
وقال أيضا : ( أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدّي إلا أن يُهدى فما لكم كيف تحكمون )(4) ومن المعلوم أن العالم هو الذي يهدي والجاهل يستحق الهداية وهو أحوج إليها من أي أحد
____________
( 1 ) أي بإجماع المسلمين لم يفرضها عليهم أحد ولم تكن « فتنة» .
( 2 ) مستدرك الحاكم ج 3 ص 127 تاريخ ابن كثير ج 7 ص 358 أحمد بن حنبل في المناقب .
( 3 ) سورة الزمر : آية 9 .
( 4 ) سورة يونس : آية 35 .
( 173 )
وفي هذا الصدد سجل لنا التاريخ أن الامام عليا هو أعلم الصحابة على الاطلاق وكانوا يرجعون إليه في أمهات المسائل ولم نعلم أنه ( ع ) رجع إلى واحد منهم قط فهذا أبو بكر يقول : لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبوالحسن ، وهذا عمر يقول : لولا علي لهلك عمر(1).
وهذا ابن عباس يقول : ما علمي وعلم أصحاب محمد في علم علي إلا كقطرة في سبعة أبحر(2).
وهذا الامام علي نفسه يقول : « سلوني قبل أن تفقدوني ، والله لا تسألونني عن شيء يكون إلى يوم القيامة إلا أخبرتكم به وسلوني عن كتاب الله فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار في سهل أم في جبل»(3) .
بينما يقول أبو بكر عندما سئل عن معنى الاب في قوله تعالى : ( وفاكهة وأبا متاعا لكم ولانعامكم ) قال أبو بكر : أي سماء تظلني وأي أرض تقلني أن أقول في كتاب الله بما لا أعلم .
وهذا عمر بن الخطاب يقول : « كل الناس أفقه من عمر حتى ربات الحجال » ويسأل عن آية من كتاب الله فينتهر السائل ويضربه بالدرة حتى يدميه ويقول : «لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم »(4) وقد سئل عن الكلالة فلم يعلمها .
أخرج الطبري في تفسيره عن عمر أنه قال : لئن أكون أعلم الكلالة أحب إلي من أن يكون لي مثل قصور الشام .
____________
( 1 ) الاستيعاب ج 4 ص 39 مناقب الخوارزمي ص 48 الرياض النضرة ج 2 ص 194 .
( 2 ) لقد أجمعت صحاح أهل السنة وكتبهم على أفضلية علي ( ع ) وتقدمه في العلم على كل الصحابة .
راجع - على سبيل المثال ما جاء في الاستيعاب ج 3 ، ص 38 - 45 من أقوال الصحابة أنفسهم فيه وتقديمهم له عليهم .
( 3 ) المحب الطبري في الرياض النضرة ج 2 ص 198 تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 124 .
الاتقان ج 2 ص 319 فتح الباري ج 8 ص 485 تهذيب التهذيب ج 7 ص 338 .
( 4 ) سنن الدارمي ج 1 ص 54 تفسير ابن كثير ج 4 ص 232 الدر المنثور ج 6 ص 111 .
( 174 )
كما أخرج ابن ماجه في سننه عن عمر بن الخطاب قال : ثلاث لئن يكون رسول الله بينهن أحب إلي من الدنيا وما فيها : الكلالة والربا والخلافة .
سبحان الله ! حاشى لرسول الله أن يكون سكت عن هذه الاشياء ولم يبينها .
ب - حديث « يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي » :
وهذا الحديث كما لا يخفى على أهل العقول فيه ما فيه من اختصاص أمير المؤمنين علي بالوزارة والوصاية والخلافة .
فكما كان هارون وزيرا ووصيا ، وخليفة موسى في غيابه عندما ذهب لميقات ربه ، كذلك أيضا منزلة الامام علي ( ع ) فهو كهارون عليه وعلى نبينا السلام وصورة طبق الاصل عنه ما عدا النبوة التي استثناها نفس الحديث ، وفيه أيضا أن الامام عليا هو أفضل الصحابة والحديث كما هو معلوم مجمع عليه عند عامة المسلمين .
ت - حديث « من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه حيث دار » :
وهذا الحديث وحده كاف لرد مزاعم تقديم أبي بكر وعمر وعثمان على من نصبه رسول الله صلى الله عليه وآله وليا للمؤمنين من بعده ، ولا عبرة بمن أول الحديث إلى معنى المحب والنصير لصرفه عن معناه الاصلي الذي قصده الرسول وذلك حفاظا على كرامة الصحابة ، لان رسول الله صلى الله عليه وآله عندما قام خطيبا في ذلك الحر الشديد « قال ألستم تشهدون بأني أولى المؤمنين من أنفسهم » قالوا بلى يا رسول الله فقال عندئذ : « فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه . . » وهذا نص صريح في استخلافه على أمته ، ولا يمكن للعاقل المنصف العادل إلا قبول هذا المعنى ورفض تأويل البعض المتكلف والحفاظ على كرامة الرسول قبل الحفاظ على كرامة الصحابة لان في تأويلهم هذا استخفافا واستهزاء بحكمة الرسول الذي يجمع




____________
( 1 ) أي بإجماع المسلمين لم يفرضها عليهم أحد ولم تكن « فتنة» .
( 2 ) مستدرك الحاكم ج 3 ص 127 تاريخ ابن كثير ج 7 ص 358 أحمد بن حنبل في المناقب .
( 3 ) سورة الزمر : آية 9 .
( 4 ) سورة يونس : آية 35 .
( 173 )






____________
( 1 ) الاستيعاب ج 4 ص 39 مناقب الخوارزمي ص 48 الرياض النضرة ج 2 ص 194 .
( 2 ) لقد أجمعت صحاح أهل السنة وكتبهم على أفضلية علي ( ع ) وتقدمه في العلم على كل الصحابة .
راجع - على سبيل المثال ما جاء في الاستيعاب ج 3 ، ص 38 - 45 من أقوال الصحابة أنفسهم فيه وتقديمهم له عليهم .
( 3 ) المحب الطبري في الرياض النضرة ج 2 ص 198 تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 124 .
الاتقان ج 2 ص 319 فتح الباري ج 8 ص 485 تهذيب التهذيب ج 7 ص 338 .
( 4 ) سنن الدارمي ج 1 ص 54 تفسير ابن كثير ج 4 ص 232 الدر المنثور ج 6 ص 111 .
( 174 )







تعليق