لسياسة ؟ تصنع الاعاجيب وتقلب الحقائق ، وتضرب بالنصوص القرآنية عرض الجدار .
وهل لنا أن نسأل بعض علمائنا الذين يروون في كتبهم أن رسول الله صلى الله عليه وآله غضب غضبا شديدا عندما جاء أسامة ليشفع لامراة شريفة سرقت .
فقال صلى الله عليه وآله : « ويحك أتشفع في حد من حدود الله والله لو كانت فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ، إنما أهلك من كان قبلكم إذا سرق الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد » .
فكيف يسكتون عن قتل المسلمين الابرياء والدخول بنسائهم في نفس الليلة وهن منكوبات بموت أزواجهن وياليتهم يسكتون ! ولكنهم يحاولون تبرير فعل خالد باختلاق الاكاذيب وبخلق الفضائل والمحاسن له حتى لقبوه بسيف الله المسلول .
ولقد أدهشني بعض أصدقائي وكان مشهورا بالمزح وقلب المعاني ، فكنت أذكر له مزايا خالد بن الوليد في أيام جهالتي وقلت له أنه سيف الله المسلول ، فأجابني : إنه سيف الشيطان المشلول ، واستغربت يومها ، ولكن بعد البحث فتح الله بصيرتي وعرفني قيمة هؤلاء الذين استولوا على الخلافة وبدلوا أحكام الله وعطلوها وتعدوا حدود الله واخترقوها .
وخالد بن الوليد له في حياة النبي قصة مشهورة إذ بعثه النبي إلى بني جذيمة ليدعوهم إلى الاسلام ولم يأمره بقتالهم .
فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا فقالوا : صبأنا صبأنا فجعل خالد يقتل ويأسر بهم ودفع الاسرى إلى أصحابه وأمرهم بقتلهم وامتنع البعض من قتلهم لما تبين لهم أنهم أسلموا ولما رجعوا وذكروا ذلك النبي (ص) .
قال : اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد قالها مرتين (1) وبعث علي بن أبي طالب إلى بني جذيمة ومعه مال فودى لهم الدماء وما أصيبت لهم من
____________
( 1 ) صحيح البخاري ج 4 ص 171 باب إذا قضى الحاكم بجور فهو رد .
--------------------------------------------------------------------------------
( 187 )
أموال حتى ودى لهم ميلغة الكلب وقام رسول الله صلى الله عليه وآله فاستقبل القبلة قائما شاهرا يديه إلى السماء حتى انه ليرى ما تحت منكبيه ، يقول : اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد ثلاث مرات (1).
فهل لنا أن نسأل أين هي عدالة الصحابة المزعومة التي يدعونها ، وإذا كان خالد بن الوليد وهو عندنا من عظمائنا حتى لقبناه بسيف الله أفكان ربنا يسل سيفه ويسلطه على المسلمين والابرياء وعلى المحارم فيهتكها ، ففي ذلك تناقض لان الله ينهى عن قتل النفس وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ولكنه - أي خالد - في نفس الوقت يسل سيف البغي ليفتك بالمسلمين ويهدر دماءهم وأموالهم ويسبي نساءهم وذراريهم ، إن هذا زور من القول وبهتان مبين ، سبحانك ربنا وبحمدك تباركت وتعاليت عن ذلك علوا كبيرا ، سبحانك ما خلقت السموات والارض وما بينهما باطلا ، ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار .
كيف جاز لابي بكر وهو خليفة المسلمين أن يسمع بتلكم الجرائم الموبقة ويسكت عنها بل ويدعو عمر بن الخطاب بأن يكف لسانه عن خالد ، ويغضب على أبي قتادة لانكاره فعل خالد ، أكان مقتنعا حقا بأن خالدا تأول فأخطأ ، فأي حجة بعد هذا على المجرمين والفاسقين في هتكهم الحرمات وأدعائهم التأويل .
أما أنا فلا أعتقد بأن أبا بكر كان متأولا في أمر خالد الذي سماه عمر بن الخطاب بـ « عدو الله » وكان من رأيه أن يقتل خالد لانه قتل أمرءا مسلما ويرجمه بالحجارة لانه زنى بزوجة مالك ( ليلى ) ولم يقع شيء من ذلك للقاتل الجاني بل خرج منها منتصرا على عمر بن الخطاب لان أبا بكر وقف إلى جانبه وهو يعلم حقيقة خالد أكثر من أي أحد ، فقد سجل المؤرخون أنه بعثه بعد تلك الواقعة المشينة إلى اليمامة التي خرج منها منتصرا وتزوج في أعقابها بنتا كما فعل مع ليلى ولما تجف دماء المسلمين بعد ولا دماء أتباع مسيلمة ، وقد عنفه أبو بكر على فعلته هذه بأشد مما عنفه على فعلته مع ليلى (2) ، ولا شك أن هذه البنت هي الاخرى ذات
____________
( 1 ) سيرة ابن هشام ج 4 ص 53 طبقات ابن سعد ، اُسد الغابة ج 3 ص 102 .
( 2 ) الاستاذ هيكل في كتابه « الصديق أبو بكر » ص 151 وما بعدها .
--------------------------------------------------------------------------------
( 188 )
بعل فقتله خالد ونزا عليها كما فعل بليلى زوجة مالك .
وإلا لما استحق أن يعنفه أبو بكر بأشد مما عنفه على فعلته الاولى ، على أن المؤرخين يذكرون نص الرسالة التي بعث بها أبو بكر إلى خالد بن الوليد وفيها يقول : « لعمري يابن أم خالد إنك لفارغ تنكح النساء وبفناء بيتك دم ألف ومائتي رجل من المسلمين لم يجف بعد »(1).
ولما قرأ خالد هذا الكتاب قال : هذا عمل الاعسر يقصد بذلك عمر بن الخطاب .
فهذه من الاسباب القوية التي جعلتني أنفر من أمثال هؤلاء الصحابة ، ومن تابعيهم الذين يتأولون النصوص ويختلقون الروايات الخيالية لتبرير أعمال أبي بكر وعمر وعثمان وخالد بن الوليد ومعاوية وعمرو بن العاص وإخوانهم ، اللهم إني استغفرك وأتوب إليك ، اللهم إني أبرأ إليك من أفعال هؤلاء وأقوالهم التي خالفت أحكامك واستباحت حرماتك وتعدت حدودك ، واغفر لي ما سبق من موالاتهم إذ كنت من الجاهلين ، وقد قال رسولك « لا يعذر الجاهل بجهله » ، اللهم إن ساداتنا وكبراءنا قد أضلونا السبيل وحجبوا عنا الحقيقة وصوروا لنا الصحابة المنقلبين بأنهم أفضل الخلق بعد رسولك ، ولا شك إن آباءنا وأجدادنا كانوا ضحية الدس والغش الذي توخاه الامويون ومن بعدهم العباسيون اللهم فاغفر لهم ولنا فأنت تعلم السرائر وما تخفي الصدور وما كان حبهم وتقديرهم واحترامهم لاولئك الصحابة إلا عن حسن نية على أنهم أنصار رسولك محمد صلواتك وسلامك عليه وأحباؤه . . وأنت تعلم - يا سيدي - حبهم وحبنا للعترة الطاهرة ، الائمة الذين أذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا وعلى رأسهم سيد المسلمين وأمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين وإمام المتقين سيدنا على بن أبي طالب .
واجعلني اللهم من شيعتهم ومن المتمسكين بحبل ولائهم والسائرين على منهاجهم ، والراكبين في سفينتهم والمستمسكين بعروتهم الوثقى والداخلين من
____________
( 1 ) تاريخ الطبري ج 3 ص 254 ، تاريخ الخميس ج 343 .
وهل لنا أن نسأل بعض علمائنا الذين يروون في كتبهم أن رسول الله صلى الله عليه وآله غضب غضبا شديدا عندما جاء أسامة ليشفع لامراة شريفة سرقت .
فقال صلى الله عليه وآله : « ويحك أتشفع في حد من حدود الله والله لو كانت فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ، إنما أهلك من كان قبلكم إذا سرق الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد » .
فكيف يسكتون عن قتل المسلمين الابرياء والدخول بنسائهم في نفس الليلة وهن منكوبات بموت أزواجهن وياليتهم يسكتون ! ولكنهم يحاولون تبرير فعل خالد باختلاق الاكاذيب وبخلق الفضائل والمحاسن له حتى لقبوه بسيف الله المسلول .
ولقد أدهشني بعض أصدقائي وكان مشهورا بالمزح وقلب المعاني ، فكنت أذكر له مزايا خالد بن الوليد في أيام جهالتي وقلت له أنه سيف الله المسلول ، فأجابني : إنه سيف الشيطان المشلول ، واستغربت يومها ، ولكن بعد البحث فتح الله بصيرتي وعرفني قيمة هؤلاء الذين استولوا على الخلافة وبدلوا أحكام الله وعطلوها وتعدوا حدود الله واخترقوها .
وخالد بن الوليد له في حياة النبي قصة مشهورة إذ بعثه النبي إلى بني جذيمة ليدعوهم إلى الاسلام ولم يأمره بقتالهم .
فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا فقالوا : صبأنا صبأنا فجعل خالد يقتل ويأسر بهم ودفع الاسرى إلى أصحابه وأمرهم بقتلهم وامتنع البعض من قتلهم لما تبين لهم أنهم أسلموا ولما رجعوا وذكروا ذلك النبي (ص) .
قال : اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد قالها مرتين (1) وبعث علي بن أبي طالب إلى بني جذيمة ومعه مال فودى لهم الدماء وما أصيبت لهم من
____________
( 1 ) صحيح البخاري ج 4 ص 171 باب إذا قضى الحاكم بجور فهو رد .
--------------------------------------------------------------------------------
( 187 )
أموال حتى ودى لهم ميلغة الكلب وقام رسول الله صلى الله عليه وآله فاستقبل القبلة قائما شاهرا يديه إلى السماء حتى انه ليرى ما تحت منكبيه ، يقول : اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد ثلاث مرات (1).
فهل لنا أن نسأل أين هي عدالة الصحابة المزعومة التي يدعونها ، وإذا كان خالد بن الوليد وهو عندنا من عظمائنا حتى لقبناه بسيف الله أفكان ربنا يسل سيفه ويسلطه على المسلمين والابرياء وعلى المحارم فيهتكها ، ففي ذلك تناقض لان الله ينهى عن قتل النفس وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ولكنه - أي خالد - في نفس الوقت يسل سيف البغي ليفتك بالمسلمين ويهدر دماءهم وأموالهم ويسبي نساءهم وذراريهم ، إن هذا زور من القول وبهتان مبين ، سبحانك ربنا وبحمدك تباركت وتعاليت عن ذلك علوا كبيرا ، سبحانك ما خلقت السموات والارض وما بينهما باطلا ، ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار .
كيف جاز لابي بكر وهو خليفة المسلمين أن يسمع بتلكم الجرائم الموبقة ويسكت عنها بل ويدعو عمر بن الخطاب بأن يكف لسانه عن خالد ، ويغضب على أبي قتادة لانكاره فعل خالد ، أكان مقتنعا حقا بأن خالدا تأول فأخطأ ، فأي حجة بعد هذا على المجرمين والفاسقين في هتكهم الحرمات وأدعائهم التأويل .
أما أنا فلا أعتقد بأن أبا بكر كان متأولا في أمر خالد الذي سماه عمر بن الخطاب بـ « عدو الله » وكان من رأيه أن يقتل خالد لانه قتل أمرءا مسلما ويرجمه بالحجارة لانه زنى بزوجة مالك ( ليلى ) ولم يقع شيء من ذلك للقاتل الجاني بل خرج منها منتصرا على عمر بن الخطاب لان أبا بكر وقف إلى جانبه وهو يعلم حقيقة خالد أكثر من أي أحد ، فقد سجل المؤرخون أنه بعثه بعد تلك الواقعة المشينة إلى اليمامة التي خرج منها منتصرا وتزوج في أعقابها بنتا كما فعل مع ليلى ولما تجف دماء المسلمين بعد ولا دماء أتباع مسيلمة ، وقد عنفه أبو بكر على فعلته هذه بأشد مما عنفه على فعلته مع ليلى (2) ، ولا شك أن هذه البنت هي الاخرى ذات
____________
( 1 ) سيرة ابن هشام ج 4 ص 53 طبقات ابن سعد ، اُسد الغابة ج 3 ص 102 .
( 2 ) الاستاذ هيكل في كتابه « الصديق أبو بكر » ص 151 وما بعدها .
--------------------------------------------------------------------------------
( 188 )
بعل فقتله خالد ونزا عليها كما فعل بليلى زوجة مالك .
وإلا لما استحق أن يعنفه أبو بكر بأشد مما عنفه على فعلته الاولى ، على أن المؤرخين يذكرون نص الرسالة التي بعث بها أبو بكر إلى خالد بن الوليد وفيها يقول : « لعمري يابن أم خالد إنك لفارغ تنكح النساء وبفناء بيتك دم ألف ومائتي رجل من المسلمين لم يجف بعد »(1).
ولما قرأ خالد هذا الكتاب قال : هذا عمل الاعسر يقصد بذلك عمر بن الخطاب .
فهذه من الاسباب القوية التي جعلتني أنفر من أمثال هؤلاء الصحابة ، ومن تابعيهم الذين يتأولون النصوص ويختلقون الروايات الخيالية لتبرير أعمال أبي بكر وعمر وعثمان وخالد بن الوليد ومعاوية وعمرو بن العاص وإخوانهم ، اللهم إني استغفرك وأتوب إليك ، اللهم إني أبرأ إليك من أفعال هؤلاء وأقوالهم التي خالفت أحكامك واستباحت حرماتك وتعدت حدودك ، واغفر لي ما سبق من موالاتهم إذ كنت من الجاهلين ، وقد قال رسولك « لا يعذر الجاهل بجهله » ، اللهم إن ساداتنا وكبراءنا قد أضلونا السبيل وحجبوا عنا الحقيقة وصوروا لنا الصحابة المنقلبين بأنهم أفضل الخلق بعد رسولك ، ولا شك إن آباءنا وأجدادنا كانوا ضحية الدس والغش الذي توخاه الامويون ومن بعدهم العباسيون اللهم فاغفر لهم ولنا فأنت تعلم السرائر وما تخفي الصدور وما كان حبهم وتقديرهم واحترامهم لاولئك الصحابة إلا عن حسن نية على أنهم أنصار رسولك محمد صلواتك وسلامك عليه وأحباؤه . . وأنت تعلم - يا سيدي - حبهم وحبنا للعترة الطاهرة ، الائمة الذين أذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا وعلى رأسهم سيد المسلمين وأمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين وإمام المتقين سيدنا على بن أبي طالب .
واجعلني اللهم من شيعتهم ومن المتمسكين بحبل ولائهم والسائرين على منهاجهم ، والراكبين في سفينتهم والمستمسكين بعروتهم الوثقى والداخلين من
____________
( 1 ) تاريخ الطبري ج 3 ص 254 ، تاريخ الخميس ج 343 .
تعليق