الوجه الثاني :
علّق الله الرؤية على استقرار الجبل، وهو أمر ممكن، والمعلّق على الممكن ممكن.
بعبارة أخرى:
كما أنّه تعالى قادر ـ بعد تجلّيه للجبل ـ أن يجعل الجبل بدون استقرار.
فإنّه تعالى قادر ـ بعد تجلّيه للجبل ـ أن يجعل الجبل مع استقرار.
فنستنتج:
كما أنّه تعالى قادر على أن لا يُري نفسه لموسى وقومه.
فإنّه تعالى قادر على أن يُري نفسه لموسى وقومه
يرد عليه :
لم يعلّق الله رؤيته على أمر ممكن، بل علّقها على أمر مستحيل.
بيان ذلك:
إنّ "استقرار" الجبل قبل تحطيم الله له أمر ممكن.
ولكن "استقرار" الجبل حين تحطيم الله له أمر محال.
والرؤية في هذه الآية تعلّقت باستقرار الجبل حين تحطّمه لا قبل ذلك.
توضيح ذلك:
إنّ قوله تعالى حول الجبل: { فإن استقر مكانه فسوف تراني }
يعني: لو صار الجبل مستقراً في الزمان المستقبل فسوف تراني.
وفي الزمان المستقبل جعل الله الجبل متحرّكاً عن طريق تحطيمه.
فالله ـ في الواقع ـ علّق الرؤية باستقرار جبل متحرّك.
ولا يخفى أنّ استقرار الشيء حال كونه متحرّكاً محال.
ومن المستحيل أن يكون الشيء الواحد ساكناً ومتحرّكاً في وقت واحد.
النتيجة :
علّق الله رؤيته على أمر مستحيل، والمعلّق على أمر مستحيل أيضاً مستحيل، فنستنتج استحالة رؤية الله بالبصر.
وهذا الأسلوب في بيان امتناع تحقّق بعض الأمور نظير قوله تعالى: { ولا يدخلون الجنّة حتّى يلج الجمل في سمّ الخياط } [ الأعراف: 40 ]
أي: من المستحيل أن يدخل هؤلاء الجنّة كما يستحيل دخول الجمل بحجمه الكبير في ثقب إبرة الخياطة بحجمها الصغير
تعليق