الفصل : 26
((شِيعَتَنَا حَوَارِيُّونَا))
((شِيعَتَنَا حَوَارِيُّونَا))
وعندما سارت بنا السيارة صدرت من هذا الرجل المبتلى حكميات جعلتني اضطرب في معادلاتي وذلك حينما سار السائق من الكاظمية الى النجف الاشرف في طريق غير مالوف وكان الشارع مزدحما جدا فبدء الركاب بانتقاد السائق واخذ بعضهم يستهزء به لجهله في سيره في الطريق الغير المالوف .
ولكن هذا الرجل المبتلى برجله اخذ ينتقدهم بعبارات جميلة جدا كانت توحي لعقل رصين ووعي جذاب ؛ مما غير نظرتي عنه من نظرة ترحم الى نظرة وقار وان كانت عالقة في ذهني رواية نبي الله ايوب بعدم ابتلائه بنتن رائحته .
وهكذا تاخرت السيارة في سيرها الى النجف الاشرف وكلما استهزء احد الركاب بالسائق سكّتهم هذا المبتلى بعبارات جعلتني اتكلم معه واستانس به ؛ واخذت عنوان دكانه في الكوفة .
اتصل بي اخي ابو بشير من الكوفة واظهر قلقه لتاخري؟
فقلت له: لاباس اننا في الطريق وسبب تاخرنا هطول الامطار حيث لا يستطيع السائق ان يسير بسرعة .
واخيرا وصلنا الى الكوفة العلوية و حينما نزلت من السيارة ؛ سلمت على مسلم بن عقيل عليه السلام وهاني بن عروة والمختار رضوان الله عليهما لان بيت اخي قريب منهم والحمد لله تعالى .
ولما وصلت الى بيت اخي وجدت هناك بعض الاقرباء لقد جاؤا من الامارات فسالتهم عن علة مجيئهم من الامارات ؟
فقالوا: نريد ان نمشيي من النجف الاشرف الى كربلاء الحزن والبلاء والنور والحقيقة .
فقلت لهم: وهل ستذهبون مع قافلة معينة؟
فقالوا: نعم مع الهيئة الكبيرة القادمة من مشهد الامام الرضا عليه السلام .
وتعشينا معا ثم نمت وفي الصباح ذهبت لزيارة الامام امير المؤمنين عليه السلام وانا اسير الى النجف الاشرف اتصل اخي ابو ميثم فدعاني للغداء ولبيته حيث قال في :
وسائلالشيعة 17 288
مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام فِي وَصِيَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه واله لِعَلِيٍّ عليه السلام قَالَ: يَا عَلِيُّ لَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ وَ لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ لَأَجَبْتُ .
وعند الظهر تناولت الطعام في بيت اخي ابو ميثم ثم نمت واسترحت وذهبت للحرم الشريف وعند امير المؤمنين عليه السلام شكرت الله سبحانه كثيرا ان هداني لولايته ورزقني اليقين بامامته لان الهداية من الله تعالى :
ِاّنَكَ لا تَهْدي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ يَهْدي مَنْ يَشاءُ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدينَ (56)
فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَ مَنِ اتَّبَعَنِ وَ قُلْ لِلَّذينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَ الْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَ إِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَ اللَّهُ بَصيرٌ بِالْعِبادِ (20)
لان الله سبحانه ان لم يفتح مسامع قلوبنا وينور بصيرتنا لكنا كما عليه الكثير من المسلمين المنكرين لامامته روحي فداه والذين يقدمون المفضول على الفاضل :
قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ .
ولو وعظنا المؤمنون لما اتعضنا لولا ان تداركتنا الرحمة كما قال تعالى :
*إِنَّ الَّذينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (6)
*وَ سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (10)
* خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ عَلى سَمْعِهِمْ وَ عَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظيمٌ (7)
فان الهداية لولاية امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام هي السعادة الكبرى والهداية العظمى ؛ نشكرك يا مولاي كما قال امير المؤمنين عليه السلام في هذه الرواية :
الكافي 8 268
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ إِنَّ حَوَارِيَّ عِيسَى عليه السلام كَانُوا شِيعَتَهُ وَ إِنَّ شِيعَتَنَا حَوَارِيُّونَا وَ مَا كَانَ حَوَارِيُّ عِيسَى بِأَطْوَعَ لَهُ مِنْ حَوَارِيِّنَا لَنَا وَ إِنَّمَا قَالَ عِيسَى عليه السلام لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ فَلَا وَ اللَّهِ مَا نَصَرُوهُ مِنَ الْيَهُودِ وَ لَا قَاتَلُوهُمْ دُونَهُ وَ شِيعَتُنَا وَ اللَّهِ لَمْ يَزَالُوا مُنْذُ قَبَضَ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ رَسُولَهُ صلى الله عليه واله يَنْصُرُونَّا وَ يُقَاتِلُونَ دُونَنَا وَ يُحْرَقُونَ وَ يُعَذَّبُونَ وَ يُشَرَّدُونَ فِي الْبُلْدَانِ جَزَاهُمُ اللَّهُ عَنَّا خَيْراً وَ قَدْ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام وَ اللَّهِ لَوْ ضَرَبْتُ خَيْشُومَ مُحِبِّينَا بِالسَّيْفِ مَا أَبْغَضُونَا وَ وَ اللَّهِ لَوْ أَدْنَيْتُ إِلَى مُبْغِضِينَا وَ حَثَوْتُ لَهُمْ مِنَ الْمَالِ مَا أَحَبُّونَا .
فشكرت الله كثيرا امام ضريح سيدي ومولاي امير المؤمنين عليه السلام على نعمة الهداية وخرجت الى بيت اخي ابي ميثم لأستعد يوم غد من الصباح الباكر للسير الى كربلاء الحبيبة الحزينة .
وجلست نصف الليل افكر في عظمة الامام الحسين عليه السلام ؛ وقلت في نفسي ان الله سبحانه الذي اعزّ حجرا اسودا ولآلآف السنين وجعل الطواف حوله للملوك شرفا وللشرفاء عزا ؛ فمن من العقلاء يشك بان الامام الحسين عليه السلام وهو ريحانة الرسول الكريم صلى الله عليه واله وهو حجة الله على من في السماء وفوق الارض وما بينهما ؛ اعظم مقاما وأجل شانا من ذلك الحجر؛ فحقيق علينا ان ننجذب اليه روحي فداه مشيا على اقدامنا ونحن وجلين ان لا نكون اهلا ان يُقبل منا . وبعد ان تناولت الافطار نهضت مسرعا نحو سيدي ومولاي امير المؤمنين عليه السلام ؛ ووقفت امامه ذليلا لما عملته من معاصي وهو رقيب على كل لحظة من لحظاتي وكان يراقبني بعينيه التي تخترق نظراته الثاقبه اضلاعي ونياط قلبي ويعلم وساوس نفسي ؛ واحسست باني قد تمسكت باذيال ثوبه وانا اذرف الدموع واتوسل اليه ان يشفع لي ولا يذكر لي اي ذنب من ذنوبي التي استحي منها واتمنى ان اموت ولا اذكرها ما ثلة امامي خجلا من امامي .
آه يا ويلي كيف لم اذكر وانا اعصي الله تعالى هذه اللحظات التي اقف فيها امام الانبياء والمرسلين والائمة المعصومين عليهم السلام وتفتح امام جميعهم صحيفة اعمالي ولا مفر من ذلك الخزي والعار وجهنم امامي والخزي والعار يحيط بي .
ثم ودعت امامي ووقعت وانا خارج من الحرم الشريف على عتبة الباب اقبلها وكلي امل ان يقبل ندمي على ما فرطت في حياتي ؛ واستاذنته سلام الله عليه في سفري الى كربلاء ماشيا على اقدامي عساه ان يكون سببا لغفران ذنوبي .
وسرت مع من يمشي من الزوار وجعلت مروري على وادي السلام ؛ المقبرة التي هي ساحات الجنان ومجلس المؤمنين حلقا في عالم البرزخ واخذت افكر متى سيكون جلوسي بينهم؛ ام انا في برهوت وهو الوادي الذي في اطراف اليمن تنقل له ارواح الظالمين ؛ ثم قلت يارب انت قلت المرء مع من احب واشهدك اني احب اعمال من نقلتهم من المؤمنين الذين رضيت عنهم الى وادي السلام
تعليق