* اردوغان وحدود الصّلف
جمال كامل/ شفقنا
في الوقت الذي يحتاج الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى حملة ، بل حملات ، علاقات عامة من اجل تلميع صورته التي تلطخت بأوحال العراق وتركيا ومصر والمنطقة ، نراه على العكس تماما ، يتمادى في استفزاز العرب والمسلمين بطريقة اقل ما يقال عنها انها تجاوزت الصلف الى الغباء.
يرى البعض ان ما يدفع الرئيس التركي للظهور بمظهر المفصول كليا عن العالم الخارجي ، عندما يتحدت عن الاوضاع في العراق وسوريا ومصر والمنطقة بشكل عام ، هي الدماء البريئة التي تراق يوميا بالمئات في الحروب التي اشعلها هو ورفاقه في السعودية وقطر ، في المنطقة ، مستعينا باكثر العصابات التكفيرية اجراما في العالم من امثال “داعش” والقاعدة واخواتهما، والا ليس هناك من عاقل يسمح لنفسه ان يظهر بهذا المظهر المضحك ، الذي يظهر عليه اردوغان عندما يتحدث عن ازمات المنطقة.
بعد اعتراف نائب الرئيس الامريكي جو بايدن وبشكل علني ، بدور اردوغان والسعودية والدول الخليجية في دعم “داعش” والقاعدة في سوريا ، وما سببه هذا الدعم من استمرار الحرب الظالمة على سوريا منذ خمس سنوات ، وبعد تورط تركيا في علاقات تجارية مع “داعش” ، حيث تحولت الى اكبر “شريك تجاري” للعصابات التكفيرية في سوريا حيث تشتري منهم النفط السوري والعراقي المهرب ، كما تشتري الاثار السورية والعراقية التي هربتها العصابات التكفيرية ، كما هربت اجهزة ومعدات المصانع التي تم تفكيكها في سوريا الي تركيا ، وكل هذه الاتهامات موثقة بالصوت والصورة من قبل المخابرات الغربية والامريكية التي اخذ صوتها يتعالى طالبة من تركيا الكف عن القيام بهذا الدور غير الاخلاقي ، فاما عبور العصابات التكفيرية من تركيا الى سوريا ، حيث تحولت تركيا الى جسر لهؤلاء بشهادة حتى حلفاء امريكا ، فحدث ولا حرج ، واخيرا الوثائق الدامغة التي قدمتها روسيا الى مجلس الامن بشان التحالف الوثيق بين تركيا الاردوغانية و”داعش” على جميع المستويات التجارية والسياسية والعسكرية واللوجستية.
وهذه الحقائق كانت قد اكدتها المعارضة التركية والصحافة والاعلام التركي اكثر من مرة ، لذلك اصبحت هدفا لاردوغان ، الذي لا يمر يوم الا ويطارد فيه الصحفيين والاعلاميين والسياسيين المعارضين له ولسياسته غير المسؤولية في شؤون دول المنطقة ، نقول انه وبعد كل الكوارث التي الحقها اردوغان بالمنطقة ، منطلقا من خلفيات مذهبية وطائفية وحزبية ضيقة وكريهة ، فضحها اكثر استجداءه علاقات دبلوماسية كاملة من الكيان الصهيوني ، متناسيا خطبه العنترية حول غزة واهلها المحاصرين ، كشرط لعودة هذه العلاقات ، نراه يتهم ايران ، بانها تتعامل مع سوريا من منطلقات “طائفية” ، في سياسة اقل ما يقال عنها انها غير اخلاقية بالمرة ، وتفضح صاحبها وتعريه اكثر من ان تغطي عليه.
ففي كلمة متلفزة لاردوغان في اسطنبول قال فیها :”لو لم تقف إيران خلف الاسد لأسباب طائفية، لما كنا نناقش اليوم ربما قضية مثل سوريا” ، متصورا ان مستمعيه اما دواعش او طائفيين ، وسيصفقون له ، بينما بات الجميع ، منهم حلفاء اردوغان في الناتو ، يشيرون اليه باصابعهم عندما يتحدثون عن اسباب انتشار “داعش” في سوريا والمنطقة ، وتدخله السافر والعدواني في العراق ، وفتح ذراعيه واحتضانه لكل المجرمين الارهابيين الطائفيين من الذين يلاحقهم القضاء العراقي ، والاساءة الى العلاقة بين تركيا ومصر على خلفية انتمائه الحزبي الاخواني ، وعنصريته البغيضة ازاء الاكراد الذين يتعرضون لمجازر يومية على يد الجيش التركي ، ويتعرضون لحملة تشويه وكراهية يقودها اردوغان نفسه ، فيما الجميع يعرف ان ايران كانت ومازالت تدعو الى الوقف الفوري للحرب المفروضة على سوريا ، واغلاق الحدود التركية امام تدفق التكفيريين الى سوريا ، ورفض اسقاط الحكومة السورية مهما كلف الامر ، كما يريد اردوغان.
فايران لم تتعامل يوما مع القضية السورية والقضايا الاخرى الاقليمية من منطلقات طائفية ، فهي لم تقف الى جانب الشرعية في سوريا الا لانها تقاوم المشروع الامريكي الصهيوني الرجعي ، كما وقفت الى جانب حركة حماس والجهاد ، وكذلك اكراد العراق دون ان تلتفت الى مذهب هؤلاء المسلمين ، كما يتعامل اردوغان من منطلقات طائفية مع الجميع ، فلا تجد لاردوغان اي موقف ايجابي من اي حزب او تنظيم لا يمثل حزبه او طائفيته في المنطقة والعالم ، حتى لو كان هذا الحزب يقف بالمرصاد للكيان الصهيوني ، كما هو حزب الله ، ان ايران خرجت من امتحان الالتزام العملي بمبادي الاسلام ، مرفوعة الراس عبر وقوفها المبدئي والثابت من القضية الفلسطينية رغم كل ما لحق بها من ضغوط اقتصادية وسياسية وحتى عسكرية بسبب ذلك ، بينما اردوغان صاحب المواقف الاستعراضية ، مازال يرتبط بالكيان الصهيوني بمعاهدات امنية وعسكرية واقتصادية ، الا ان صلفه الذي تجاوز حدود الغباء ، يجعله يهذي ويعربد ويسوق معاركه الدونكيشوتية التي يخوضها ضد الصهيونية من على شاشات التلفزيون.
***
* الأمر لنا ولأوباما الرحيل...!
محمد صادق الحسيني - صحيفة "البناء"
الأنباء المؤكدة من مصادر صناعة القرار في عواصم المقاومة تؤكد حصول حزب الله ليس فقط على سلاح كاسر للتوازن، بل وسلاح آخر أخطر، وهو سلاح يُعمي بصر العدو الصهيوني والذي قد يعطل أفضلية تفوقه الجوي هذه المرة ما قد يجعل قرار شن الحرب بعد اليوم أقرب إلى المغامرة…!
القصف من علو شاهق ومن خارج دائرة الاشتباك المباشر وفي لحظة انتقالية متسارعة الخطى لضرب هدف سمين في عمق الداخل السوري، قد يفسّر الحاجة الماسة لدى العدو لتسجيل رمزية انتصار على جبهة المقاومة وهي تتحوّل لصاحبة اليد العليا في أية مواجهة مقبلة…!
عملية اغتيال القائد الشهيد سمير القنطار تأتي في هذا السياق لتحمل معها رسالة استفزاز واختبار وتحدٍّ وتشفٍّ أيضاً قبل فوات الأوان لعمليات كهذه..!
لكن المقاومة هي المقاومة والحزب هو الحزب والسيد هو السيد والذي أصرّ على إخراج القنطار من سجنه في فلسطين المحتلة، ولو بحرب، وتخلّى عن معادلات قواعد الاشتباك كلّها من أجل الثأر لجهاد مغنية ومحمد عليّ الله دادي، قد يتخذ قراراً برد متفاوت هذه المرة يجعل العدو إما أن يبلع سمّه متألماً أو يضع إصبع الجليل تحت خطر نيران وأقدام المقاومة الإسلامية اللبنانية…!
لا أحد يعرف بالضبط زمن ولا نوع ولا مكان الرد، لكنه بالتأكيد سيكون من النوع المثير جداً للقيادة «الإسرائيلية» الغبية التي اختارت اللعب مع ذيل أسد حارة حريك في لحظة تحوّل إقليمية ودولية تصبّ كلها في مصلحته…!
ذلك لان أوباما المتهافت في مسرح التحولات الدولية لن يستطيع إنقاذ قادة تل أبيب بسهولة من الآن فصاعداً إذا ما وقعوا في سباق معركة عض الأصابع، لان إصبعه مغمس بسمّ الشام وبغداد وصنعاء والحبل على الجرار…!
ثم هي السنة الأخيرة له فوق عرش الولايات المتحدة الأميركية ما يجعله في أوج ارتباكه واضطرابه وهو المقرّر أن يغادر المسرح السياسي الدولي دون أن ينجح في زحزحة الأسد عن عرينه في الميدان، كما في الديوان…!
هي أربع سنوات عجاف لم تترك عصاباته المتمترسة منها في القصور أو تلك الهائمة على رؤوسها في الأرياف، وسيلة إلا واستخدمتها ضد أسد الشام ولم تفلح لا في هزيمة شعبه ولا في إخراجه من مسرح صناعة القرار الإقليمي، ناهيك عن إجباره عن مغادرة عرينه…!
الحروب قد يشتدّ ويلتهب أوارها أكثر فأكثر، ونحن نرى العدو يتقهقر مجبراً من هرمز إلى باب المندب. نعم، ولكن من الآن فصاعداً نحن الذين نهجم ونطوّق ونحاصر ونقطع الأوصال وهم يولون الأدبار إلى مزيد من الضياع والتيه…!
كل الموازين القديمة تداعت، وكل قواعد الاشتباك تقادمت بعدما تمكّن محور المقاومة من قهر إرادة رأس الشر المطلق وإجباره على شرب كأس السم من جديد، ولكن هذه المرة في كواليس السياسة والدبلوماسية بعدما أشبعته من مرارة الهزائم في أكثر من ميدان…!
من فيينا إلى نيويورك إلى جنيف وبالعكس، كل محاولات محور الشر الدولي ضد شعوبنا لمنعها من تحقيق الانتصارات في الميدان أو كسر إرادة قادتنا إلا وفشلت حتى الآن ولم يبق أمامه إلا لعبة أخيرة يعتقد أنه يتقنها، وهي لعبة فرق تسُدْ…!
التسلل والاختراق إلى داخل عرين المقاومة في محاولة لدحرجة أحدنا أو جميعنا إلى فخ الفتنة أو الانشقاق أو الخروج على قواعد اللعبة المتفقين عليها…!
يحاولونها من طهران إلى دمشق إلى بغداد إلى بيروت إلى صنعاء، وهم يبحثون عن مَن يملك مواصفات لعب دور حصان طروادة ليقتحموا من خلاله صفوفنا المتراصة، ولكن هيهات لهم ذلك…!
حتى نهج أو أسلوب استدعاء مشهد «حرب الجمل» التاريخية الشهيرة واستحضار رواية تحاكي تلك الواقعة، لو فعلها فسيواجه بالصدّ والردع والخسران الأكيد، ذلك أن بصيرة جماهيرنا ونخبنا وقياداتنا باتت أقوى من أي وقت مضى وأكثر إدراكاً لاتجاه البوصلة ومنع الانحراف داخل مسيرة الرفض التاريخي للاستبداد والهيمنة وسياسة المخاتلة والحيلة والخداع الاستراتيجي..!
وحده الاعتراف بالحقيقة المرة، بأنه خسر الرهان على أدواته التقليدية وأنه خسر المعارك الكبرى ضدنا بالنقاط، هو من يبقي له بعض ماء وجه، وإلا فإلى النزال الأكبر فوق أرض الجليل الأعلى وصولاً إلى الرهان على بقاء اصل الكيان الغاصب. وهذا ما تشتاق إليه إرادة المقاومين وتنتظره بفارغ الصبر، والقضية الأكثر تأثيراً في وحدة جموع الأمة تحت راية المجاهدين وإنجاز معادلة النصر بالرعب وبالضربة القاضية وتحقيق الحتمية القرآنية بزوال «إسرائيل»…!
عليه هذه المرة الاختيار بين أمرين أحلاهما مرّ…
هذا ما بقي من أحلام بوش الحربية الكبرى وأوهام أوباما «الناعمة».. والأيام تدوّن روايات انتفاضة أهلنا في فلسطين المحتلة بكل ثبات واقتدار ويقين…

جمال كامل/ شفقنا
في الوقت الذي يحتاج الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى حملة ، بل حملات ، علاقات عامة من اجل تلميع صورته التي تلطخت بأوحال العراق وتركيا ومصر والمنطقة ، نراه على العكس تماما ، يتمادى في استفزاز العرب والمسلمين بطريقة اقل ما يقال عنها انها تجاوزت الصلف الى الغباء.
يرى البعض ان ما يدفع الرئيس التركي للظهور بمظهر المفصول كليا عن العالم الخارجي ، عندما يتحدت عن الاوضاع في العراق وسوريا ومصر والمنطقة بشكل عام ، هي الدماء البريئة التي تراق يوميا بالمئات في الحروب التي اشعلها هو ورفاقه في السعودية وقطر ، في المنطقة ، مستعينا باكثر العصابات التكفيرية اجراما في العالم من امثال “داعش” والقاعدة واخواتهما، والا ليس هناك من عاقل يسمح لنفسه ان يظهر بهذا المظهر المضحك ، الذي يظهر عليه اردوغان عندما يتحدث عن ازمات المنطقة.
بعد اعتراف نائب الرئيس الامريكي جو بايدن وبشكل علني ، بدور اردوغان والسعودية والدول الخليجية في دعم “داعش” والقاعدة في سوريا ، وما سببه هذا الدعم من استمرار الحرب الظالمة على سوريا منذ خمس سنوات ، وبعد تورط تركيا في علاقات تجارية مع “داعش” ، حيث تحولت الى اكبر “شريك تجاري” للعصابات التكفيرية في سوريا حيث تشتري منهم النفط السوري والعراقي المهرب ، كما تشتري الاثار السورية والعراقية التي هربتها العصابات التكفيرية ، كما هربت اجهزة ومعدات المصانع التي تم تفكيكها في سوريا الي تركيا ، وكل هذه الاتهامات موثقة بالصوت والصورة من قبل المخابرات الغربية والامريكية التي اخذ صوتها يتعالى طالبة من تركيا الكف عن القيام بهذا الدور غير الاخلاقي ، فاما عبور العصابات التكفيرية من تركيا الى سوريا ، حيث تحولت تركيا الى جسر لهؤلاء بشهادة حتى حلفاء امريكا ، فحدث ولا حرج ، واخيرا الوثائق الدامغة التي قدمتها روسيا الى مجلس الامن بشان التحالف الوثيق بين تركيا الاردوغانية و”داعش” على جميع المستويات التجارية والسياسية والعسكرية واللوجستية.
وهذه الحقائق كانت قد اكدتها المعارضة التركية والصحافة والاعلام التركي اكثر من مرة ، لذلك اصبحت هدفا لاردوغان ، الذي لا يمر يوم الا ويطارد فيه الصحفيين والاعلاميين والسياسيين المعارضين له ولسياسته غير المسؤولية في شؤون دول المنطقة ، نقول انه وبعد كل الكوارث التي الحقها اردوغان بالمنطقة ، منطلقا من خلفيات مذهبية وطائفية وحزبية ضيقة وكريهة ، فضحها اكثر استجداءه علاقات دبلوماسية كاملة من الكيان الصهيوني ، متناسيا خطبه العنترية حول غزة واهلها المحاصرين ، كشرط لعودة هذه العلاقات ، نراه يتهم ايران ، بانها تتعامل مع سوريا من منطلقات “طائفية” ، في سياسة اقل ما يقال عنها انها غير اخلاقية بالمرة ، وتفضح صاحبها وتعريه اكثر من ان تغطي عليه.
ففي كلمة متلفزة لاردوغان في اسطنبول قال فیها :”لو لم تقف إيران خلف الاسد لأسباب طائفية، لما كنا نناقش اليوم ربما قضية مثل سوريا” ، متصورا ان مستمعيه اما دواعش او طائفيين ، وسيصفقون له ، بينما بات الجميع ، منهم حلفاء اردوغان في الناتو ، يشيرون اليه باصابعهم عندما يتحدثون عن اسباب انتشار “داعش” في سوريا والمنطقة ، وتدخله السافر والعدواني في العراق ، وفتح ذراعيه واحتضانه لكل المجرمين الارهابيين الطائفيين من الذين يلاحقهم القضاء العراقي ، والاساءة الى العلاقة بين تركيا ومصر على خلفية انتمائه الحزبي الاخواني ، وعنصريته البغيضة ازاء الاكراد الذين يتعرضون لمجازر يومية على يد الجيش التركي ، ويتعرضون لحملة تشويه وكراهية يقودها اردوغان نفسه ، فيما الجميع يعرف ان ايران كانت ومازالت تدعو الى الوقف الفوري للحرب المفروضة على سوريا ، واغلاق الحدود التركية امام تدفق التكفيريين الى سوريا ، ورفض اسقاط الحكومة السورية مهما كلف الامر ، كما يريد اردوغان.
فايران لم تتعامل يوما مع القضية السورية والقضايا الاخرى الاقليمية من منطلقات طائفية ، فهي لم تقف الى جانب الشرعية في سوريا الا لانها تقاوم المشروع الامريكي الصهيوني الرجعي ، كما وقفت الى جانب حركة حماس والجهاد ، وكذلك اكراد العراق دون ان تلتفت الى مذهب هؤلاء المسلمين ، كما يتعامل اردوغان من منطلقات طائفية مع الجميع ، فلا تجد لاردوغان اي موقف ايجابي من اي حزب او تنظيم لا يمثل حزبه او طائفيته في المنطقة والعالم ، حتى لو كان هذا الحزب يقف بالمرصاد للكيان الصهيوني ، كما هو حزب الله ، ان ايران خرجت من امتحان الالتزام العملي بمبادي الاسلام ، مرفوعة الراس عبر وقوفها المبدئي والثابت من القضية الفلسطينية رغم كل ما لحق بها من ضغوط اقتصادية وسياسية وحتى عسكرية بسبب ذلك ، بينما اردوغان صاحب المواقف الاستعراضية ، مازال يرتبط بالكيان الصهيوني بمعاهدات امنية وعسكرية واقتصادية ، الا ان صلفه الذي تجاوز حدود الغباء ، يجعله يهذي ويعربد ويسوق معاركه الدونكيشوتية التي يخوضها ضد الصهيونية من على شاشات التلفزيون.
***
* الأمر لنا ولأوباما الرحيل...!
محمد صادق الحسيني - صحيفة "البناء"
الأنباء المؤكدة من مصادر صناعة القرار في عواصم المقاومة تؤكد حصول حزب الله ليس فقط على سلاح كاسر للتوازن، بل وسلاح آخر أخطر، وهو سلاح يُعمي بصر العدو الصهيوني والذي قد يعطل أفضلية تفوقه الجوي هذه المرة ما قد يجعل قرار شن الحرب بعد اليوم أقرب إلى المغامرة…!
القصف من علو شاهق ومن خارج دائرة الاشتباك المباشر وفي لحظة انتقالية متسارعة الخطى لضرب هدف سمين في عمق الداخل السوري، قد يفسّر الحاجة الماسة لدى العدو لتسجيل رمزية انتصار على جبهة المقاومة وهي تتحوّل لصاحبة اليد العليا في أية مواجهة مقبلة…!
عملية اغتيال القائد الشهيد سمير القنطار تأتي في هذا السياق لتحمل معها رسالة استفزاز واختبار وتحدٍّ وتشفٍّ أيضاً قبل فوات الأوان لعمليات كهذه..!
لكن المقاومة هي المقاومة والحزب هو الحزب والسيد هو السيد والذي أصرّ على إخراج القنطار من سجنه في فلسطين المحتلة، ولو بحرب، وتخلّى عن معادلات قواعد الاشتباك كلّها من أجل الثأر لجهاد مغنية ومحمد عليّ الله دادي، قد يتخذ قراراً برد متفاوت هذه المرة يجعل العدو إما أن يبلع سمّه متألماً أو يضع إصبع الجليل تحت خطر نيران وأقدام المقاومة الإسلامية اللبنانية…!
لا أحد يعرف بالضبط زمن ولا نوع ولا مكان الرد، لكنه بالتأكيد سيكون من النوع المثير جداً للقيادة «الإسرائيلية» الغبية التي اختارت اللعب مع ذيل أسد حارة حريك في لحظة تحوّل إقليمية ودولية تصبّ كلها في مصلحته…!
ذلك لان أوباما المتهافت في مسرح التحولات الدولية لن يستطيع إنقاذ قادة تل أبيب بسهولة من الآن فصاعداً إذا ما وقعوا في سباق معركة عض الأصابع، لان إصبعه مغمس بسمّ الشام وبغداد وصنعاء والحبل على الجرار…!
ثم هي السنة الأخيرة له فوق عرش الولايات المتحدة الأميركية ما يجعله في أوج ارتباكه واضطرابه وهو المقرّر أن يغادر المسرح السياسي الدولي دون أن ينجح في زحزحة الأسد عن عرينه في الميدان، كما في الديوان…!
هي أربع سنوات عجاف لم تترك عصاباته المتمترسة منها في القصور أو تلك الهائمة على رؤوسها في الأرياف، وسيلة إلا واستخدمتها ضد أسد الشام ولم تفلح لا في هزيمة شعبه ولا في إخراجه من مسرح صناعة القرار الإقليمي، ناهيك عن إجباره عن مغادرة عرينه…!
الحروب قد يشتدّ ويلتهب أوارها أكثر فأكثر، ونحن نرى العدو يتقهقر مجبراً من هرمز إلى باب المندب. نعم، ولكن من الآن فصاعداً نحن الذين نهجم ونطوّق ونحاصر ونقطع الأوصال وهم يولون الأدبار إلى مزيد من الضياع والتيه…!
كل الموازين القديمة تداعت، وكل قواعد الاشتباك تقادمت بعدما تمكّن محور المقاومة من قهر إرادة رأس الشر المطلق وإجباره على شرب كأس السم من جديد، ولكن هذه المرة في كواليس السياسة والدبلوماسية بعدما أشبعته من مرارة الهزائم في أكثر من ميدان…!
من فيينا إلى نيويورك إلى جنيف وبالعكس، كل محاولات محور الشر الدولي ضد شعوبنا لمنعها من تحقيق الانتصارات في الميدان أو كسر إرادة قادتنا إلا وفشلت حتى الآن ولم يبق أمامه إلا لعبة أخيرة يعتقد أنه يتقنها، وهي لعبة فرق تسُدْ…!
التسلل والاختراق إلى داخل عرين المقاومة في محاولة لدحرجة أحدنا أو جميعنا إلى فخ الفتنة أو الانشقاق أو الخروج على قواعد اللعبة المتفقين عليها…!
يحاولونها من طهران إلى دمشق إلى بغداد إلى بيروت إلى صنعاء، وهم يبحثون عن مَن يملك مواصفات لعب دور حصان طروادة ليقتحموا من خلاله صفوفنا المتراصة، ولكن هيهات لهم ذلك…!
حتى نهج أو أسلوب استدعاء مشهد «حرب الجمل» التاريخية الشهيرة واستحضار رواية تحاكي تلك الواقعة، لو فعلها فسيواجه بالصدّ والردع والخسران الأكيد، ذلك أن بصيرة جماهيرنا ونخبنا وقياداتنا باتت أقوى من أي وقت مضى وأكثر إدراكاً لاتجاه البوصلة ومنع الانحراف داخل مسيرة الرفض التاريخي للاستبداد والهيمنة وسياسة المخاتلة والحيلة والخداع الاستراتيجي..!
وحده الاعتراف بالحقيقة المرة، بأنه خسر الرهان على أدواته التقليدية وأنه خسر المعارك الكبرى ضدنا بالنقاط، هو من يبقي له بعض ماء وجه، وإلا فإلى النزال الأكبر فوق أرض الجليل الأعلى وصولاً إلى الرهان على بقاء اصل الكيان الغاصب. وهذا ما تشتاق إليه إرادة المقاومين وتنتظره بفارغ الصبر، والقضية الأكثر تأثيراً في وحدة جموع الأمة تحت راية المجاهدين وإنجاز معادلة النصر بالرعب وبالضربة القاضية وتحقيق الحتمية القرآنية بزوال «إسرائيل»…!
عليه هذه المرة الاختيار بين أمرين أحلاهما مرّ…
هذا ما بقي من أحلام بوش الحربية الكبرى وأوهام أوباما «الناعمة».. والأيام تدوّن روايات انتفاضة أهلنا في فلسطين المحتلة بكل ثبات واقتدار ويقين…
تعليق