24/10/2013
* الأسد.. ونصر استراتيجي
قراءات كثيرة شغلت العالم، المتابعون بالملايين ليس فقط ضمن الحدود، بل على مدار الكرة الارضية، الغرف السياسية اكتظت بكوادرها، وتبادلت الأوراق التحليلية لما يقال حينها، جمل كثيرة وصفت الكلام، ومجمل ما جاء أن الحديث هذه المرة مختلف، والنيران التي فتحت كانت واضحة وعلنية أيضا فأحرقت ما أشعلته أيد من بدأ الحرب.
بعد الظهور الاخير للرئيس السوري بشار الاسد على قناة الميادين في حوار له، كثرت القراءات بطريقة غير مسبوقة لهذا الحديث تحديدا الذي شغل حتى الآن المحللين والمتابعين، وعلى وقع الحديث استضاف موقع المنار الدكتور أسامة دنورة الباحث والمحلل الاستراتيجي، ليدلي بقراءته عن حديث الرئيس الأسد.

بداية لخص الدكتور دنورة رؤيته حول مقابلة الأسد على الميادين بقوله "استثنائية بالمعلومات التي وردت فيها، استثنائية بعيار المصارحة الموجودة فيها، استثنائية بوضوحها، ما يدل إلى ان نظرة الرئيس الاسد للأزمة دخلت مرحلة المراجعة والمراحل التاريخية منها، وهذه من علائم الشعور بأنه نصر استراتيجي، برغم أن الرئيس كان متحفظا على النصر، تكلم بطريقة واقعية ولم يحب أن يتكلم بطريقة مطلقة حماسية، حيث أن النصر في منظور الاسد كان مختلفا ، وكل يقرؤه بطريقة مختلقة" . يرى دنورة من حديث الرئيس السوري، أنه ظهر براحة أكبر حول بعض الامور التي كانت طي الكتمان أو ضمن إطار السرية بشكل أو بآخر، تجلى ذلك في ذكر الدور القطري خلال الأزمة، دور حماس أيضا كما الدور السعودي الذي لم يسبق لأي مسؤول سوري أن تحدث عنه بهذه الطريقة، كما تجلى ايضا برأي دنورة بالحديث لأول مرة عن دور كولن باول خلال زيارته سورية إبان احتلال العراق.
هناك ميزات للخطاب ذكرها وفصلها الدكتور أسامة دنورة وهي كما يلي:
الواقعية السياسية: الابتعاد عن الشعارات، والحديث عن السلوك السياسي السوري، البحث أيضا عن مصلحة سورية، بما في ذلك إمكانية عودة العلاقات انطلاقا من فكرة المصلحة، وهذا يعد مدرسة راقية في ممارسة السياسية ، ما يدل على ترسخ تلك الواقعية، كما أضاف دنورة في هذا السياق " الرئيس الأسد في
جميع خطاباته ينطلق من الواقعية السياسية، ولا ينطلق من الأدلجة الزائدة في التعابير والمطرقات التي يستخدمها، ولا ينطلق أيضا من مبدأ الخطاب الديماغوجي الموجه لتهييج الجماهير، فهو دائما يحترم الجمهور الوطني السوري، يخاطب العقل ولا يخاطب المشاعر، المشاعر بالحد الوطني الأدنى، يخاطب العقل بطريقة الإقناع والوجهة السليمة. ".
النقطة الثانية مما ذكره المحلل في تصنيف الميزات كانت الثقة والوضوح، فبرأيه تجلت في الحديث عن أمور لم تكن واضحة قبل الآن، وتوضيح المواقف بما لا يقبل التأويل، عدة مواقف منها الاستمرار في خيار المقاومة، ايضا تعريف الازمة بأنها استهداف للدور السوري على أساس خياراته التحالفية مع محور الممانعة، وأيضا توصيف العلاقة بالأطراف الاخرى وكل طرف بما يوضح الموقف السوري معه، كتوصيف الدور القطري والسعودي وعلاقته بالغرب، مرجعيته وحدود دوره، كما ذكر الدور التركي تجاه الازمة السورية، والممثل بحكومة أردوغان..
انتقل الى ميزة ثالثة استخلصها الدكتور دنورة من حديث الاسد على الميادين، والميزة هي الوطنية، فيقول "الرئيس الاسد يطور خطابا وطنيا جامعا، يندر وجوده على مستوى السياسيين العرب، ففي حديثه يتكلم عن مصلحة سورية بشكل عام، مبتعدا عن أي مصلحة حزبية معينة، وعن أي اتجاه سياسي ما، يتحدث عن المصلحة السورية من منطلق مصالح بلد يريد استعادة حقوقه وأراضيه المحتلة، كما يبحث الاسد عن التحالفات التي تضمن المصلحة الوطنية.."
لذلك فحسب رأي الدكتور دنورة ، فإن الرئيس الاسد "صاحب مشروع تحول ديمقراطي في سورية، فحول الرئيس بشار الاسد ما يسمى بالشرعية الثورية إلى شرعية شعبية، وبدأ ذلك في إلغاء المادة الثامنة من الدستور، بالتالي رفع ميزة الدور الاستثنائي لحزب البعث العربي الاشتراكي، وفتح الباب أمام الأحزاب الأخرى الجديدة ، لتأخذ دورا وتكون منافسة للبعث في مجال العمل السياسي، فاكتساب أي حزب للشرعية يكون بحجم وجوده على الارض" .
الدكتور دنورة اطلع على كثير من التحليلات لخطاب الرئيس الأسد، وقال " بتقييم المراقب الخارجي، الخطاب هذه المرة ينم عن نصر استراتيجي، فتح النار بهذه الطريقة على دول ساهمت في الازمة السورية بشكل غير مسبوق يدل على أن الرئيس الأسد يقرأ بحرفية التطورات السياسية، وإطلاقه للأحكام بعد الوثوق التام من صحتها."
ويقول: "قرأت الحديث على أنه كلام من يدرك جيدا عوامل التقدم والانتصار في الموقف الاستراتيجي السوري، يعني أصبحت هذه العوامل مقروءة لصناع السياسة السورية، والطريقة التي عبَّر بها الرئيس السوري في ظل وجود خسائر كبيرة في سورية، إن كانت بشرية او في البنى التحتية، لم تجعله يذهب إلى إعلان النصر الكامل، ترك الباب مفتوحا لانتصار لم يكتمل حتى الآن، ويُختلف في تقييمه أما حجم تلك الخسائر، لكن هناك خسائر قابلة للترميم وإلى أن تعود أقوى مما كانت عليه".
من أهم ما ذكره الدكتور المحلل السياسي، لغة الجسد التي استخدمها الاسد، بالتركيز على استخدام الإصبع والتأشير إلى وراء الظهر مع ذكر اسم "أردوغان" رئيس الحكومة التركية مجردا من أي لقب، فكانت بقراءة دنورة "تدل على خيبة أمل كبيرة بأخ طعن أخاه بالظهر، الإشارة للخلف تعني أنه لم يكن متوقعا هذا السلوك ممن كان سلمه ظهره.".
الأرضية التي استند إليها هذه المرة الرئيس بشار الأسد خلال كلامه كانت قوية سياسيا وعسكريا، وهي انتماؤه لمحور المقاومة، إضافة لدعم دول "البريكس" لمحوره المنتمي له، وهذا ما نقله دنورة عن واقع أصبح اليوم جليا للجميع..
دراسات كثيرة اعتمد الباحث الاستراتيجي قراءتها ، وكلها صادرة عن عدو ليس كأي عدو برأيه، أغلبها من أعداء سوريا الدعمين لتأجيج أزمتها بعد صناعتها، ومنها دراسة ذكرها تفيد بأن " عددا من اليهود الحلبيين ينتسبون للوحدة 3200 في جيش العدو الصهيوني" يتوقع هو أنهم موجودون اليوم داخل حلب ليفعلوا ما يفعلونه في تأزيم الأوضاع فيها.
أما الخطاب فهو مقنع جدا وأكثر مما سبقه من خطابات، مقنع حتى للخصوم، والأعداء.
الرئيس الأسد لم يعلن النصر، الرئيس الأسد أجّل إعلانه إلى حين استكماله، لغة الجسد لعبت دورا في تبيان الثقة المطلقة بالانتصار وهو انتصار استراتيجي، فيكفي مبدئيا إفشال المخطط، ضرب المخططين والمنفذين سياسيا، ومن ثم بدء الترميم والتعديل، الانطلاق لن يكون صعبا بعد المراحل التي خاضتها سورية وخرجت منها، فسورية ستخرج منتصرة.
* الرئيس الاسد شكر جميع العاملين والمشرفين والمهندسين في قطاع الكهرباء
شكر الرئيس السوري بشار الأسد في اتصال هاتفي مع وزيري الكهرباء والنفط السوري، جميع العاملين والمشرفين والمهندسين في قطاع الكهرباء، للسرعة في إعادتهم الكهرباء للمواطنين بعد استهداف أنبوب النفط بعمل إرهابي".
* ضربوا المحطة ولكنهم هزموا..

حتيتة التركمان واحد من جسور القوة التي اعتمدتها المجموعات المسلحة خلال السيطرة على الغوطة الشرقية, أصبحت اليوم وخلال أقل من 48 ساعة في قبضة الجيش العربي السوري.
أنفاق وتحصينات تهاوت, قوة وهمية طيلة تلك الفترة التي طالت, كل هذا ذكره ضابط ميداني من الجيش السوري في حتيتة التركمان, إضافة لأكثر من مئة قتيل ومئة وخمسين جريح للمسلحين الذين هرب من تبقى منهم إلى قرية دير العصافير.
كما أن الاهمية الاستراتيجية لهذه القرية تكمن بأنها استكمالا لعملية بدأها الجيش السوري لتحرير قرى واقعة على طريق المطار, تبدأ من عقربا بيت سحم ومنطقة السيدة زينب وتأمين المنطقة بتحرير القرى التي حولها أيضا, مما يزيد من تأمين المطار وطريقه بشكل أكبر بكثير ويخفف عن المدينة قذائف الهاون التي تصدر من جهة الغوطة الشرقية, وبذلك يكون الخناق وصل إلى أشدّه على ما تبقى من مناطق يسيطر عليها مسلحون في الغوطة الشرقية, ما يجعل آمالهم في الاستمرار شبه مستحيل حسب مصادر ميدانية في الجيش السوري تواصل معها الموقع الالكتروني لقناة المنار.
هذا وأضاف الضابط الميداني "في سياق المعركة التي لم تخلو من الصعوبات بعد تفخيخ المجموعات المسلحة للمكان, حيث وضعت عبوات في المزارع والانفاق التي فرت منها, كما تم في الامس ضرب أنبوب الغاز المغذي للمحطة الكهربائية التي تمد المنطقة الجنوبية بالطاقة, بقصد إلهاء لجيش والتخفيف عن المسلحين بعد تضييق الخناق بشكل لم يقدروا على احتماله, لكن الجيش استطاع السيطرة بشكل احترافي بفضل قوة ومعنويات المقاتلين السوريين" .
إلى ذلك كما لم يترك في المكان متر واحد بدون أن يتم التخريب فيه وبمقتنياته, حيث كانت موقعا يقصده السوريون والزوار العرب والاجانب للترفيه قبل الأزمة السورية, غدا اليوم مرتعا لمجموعات التخريب التي استطاع الجيش السوي تطهيره متابعا ما وراءه من عمل ميداني.



* عودة «حماس» إلى إيران وسوريا متعثرة
إيلي شلهوب - صحيفة الاخبار
مؤلم جداً الحديث عن مفاوضات لإعادة «حماس» إلى صفوف محور المقاومة الذي كانت ذات يوم جزءاً مركزياً فيه. والمؤلم أكثر الكلام على شروط للقبول بتلك الحركة في دمشق، حيث كانت ذات يوم تمتلك امتيازات أكثر من أهل البيت أنفسهم. لكن الجراح عميقة وقد نزفت كثيراً خلال العامين الماضيين حتى استحال العلاج واحداً من اثنين: كيّ أو بتر.
لا تزال عودة «حماس» إلى محور الممانعة متعثرة. كلام الرئيس بشار الأسد حول هذه المسألة في أكثر من مناسبة خير دليل. كذلك الأمر بالنسبة إلى الجدل الذي رافق الحديث عن زيارة وشيكة لرئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل لطهران، ما لبثت أن تعرقلت. أسباب الازمة عديدة، بعضها مرتبط بـ«حماس» ، وبعضها الآخر مرتبط بسوريا وإيران.
فكرة تراجع الحركة الإسلامية عن المسار الذي اتخذته منذ مغادرتها لدمشق في عام ٢٠١١ لم تكن مطروحة أصلاً قبل سقوط الرئيس المصري المعزول محمد مرسي. في ذاك الوقت كان العالم يبدو وردياً في عيون الحمساويين، أو الجزء الفلسطيني من حركة «الإخوان المسلمين». عاشوا فكرة أنهم سيتصدرون المشهد في المنطقة كلها، من المغرب حتى تركيا. وفي المقابل، ارتسمت معالم الصدمة على وجه كل الحلفاء والداعمين السابقين، من حزب الله إلى سوريا وإيران. والسبب توثق النظام في دمشق كما حزب الله وإيران من أن مقاتلين من «حماس» يخوضون المعارك إلى جانب المجموعات المسلحة المعارضة للنظام في سوريا. والمضحك المبكي أنهم يقاتلون مستخدمين السلاح والخبرة والتقنيات والأساليب القتالية التي حصلوا عليها من محور المقاومة.
جاء «٣٠ يونيو»، ومعه زلزال مصر. أطيح حكم «الإخوان» ورئيسهم محمد مرسي وعاد العسكر الى السلطة. حُيّدت قطر لمصلحة السعودية، ومعها الإمارات والكويت. فجأة خسرت «حماس» الحلفاء وسقطت الرهانات على انهيار وشيك للنظام السوري. تغيّر المناخ، ومعه الحسابات كلها. باتت الحركة تبحث عن مخرج يحفظ بقاءها، ويقيها شرّ «المتربصين بها». أنفاقها أغلقت في رفح، وعناصرها مطاردون في مصر ويتعرضون للقتل في سوريا. أما قياداتها، فحدّث ولا حرج: مشتتون معزولون مكشوفون أمنياً، ولو كانوا يعيشون في قصور فارهة.
لحظة تاريخية وجد فيها محور المقاومة نفسه أمام أمرين: إما ترك «حماس» لمصيرها، وهو خيار فيه هدية مجانية للمعسكر الآخر، لأن الامر يتجاوز حركة سياسية ليلامس أقوى حركات المقاومة في فلسطين. أما الخيار الثاني فهو العمل على احتضانها وإعادتها إلى موقعها الطبيعي كقوة مقاومة. وهذا الخيار له مفاعيل تكتيكية في المنطقة يحاكي الرؤية المبدئية لقيادة محور المقاومة، التي تضع فلسطين وبيت المقدس في المقام الأول، وعداهما «كل شيء تفاصيل لا يجب التوقف عندها».
جرت عملية جس نبض، توّجت بالزيارة الشهيرة للقيادي الحمساوي محمد نصر لطهران، وهو أجرى لقاءات على هامش قيامه بواجب التعزية لقائد فيلق القدس الحاج قاسم سليماني بوفاة والدته. في تلك الجلسة، جرى الإعراب عن نيّات «حماس» بالعودة إلى حضن إيران. رحّب الإيرانيون وبدأت اللقاءات بين الممسكين بالملف في محور المقاومة وبين كل من خالد مشعل وموسى أبو مرزوق في أكثر من عاصمة عربية وإسلامية. كانت الغاية التوافق على التوقيت والإخراج... والثمن.
إيران... واليد الممدودة
بالنسبة إلى الإيرانيين، عودة «حماس» مرغوبة. لكن يبقى النقاش حول الكيفية. في طهران من يرفض بالمطلق عودة مجانية لـ«حماس». يريدون من الحركة أن «تكفّر عن سلوك» العامين الماضيين، وأن تفعل ذلك على الملأ. يرون أن أساس العلاقة يجب أن يبنى من الآن فصاعداً على قاعدة المصلحة البحتة، لا على قاعدة الجهاد. وأصحاب هذا الرأي هددوا بتنظيم تظاهرات إلى المطار لمنع مشعل من دخول طهران.
في المقابل، هناك رأي آخر يقول بضرورة تجاوز «الشكليات غير المجدية». حجته أن «مجرد مجيء مشعل إلى طهران إقرار مدوٍّ بالخطايا» التي ارتكبتها «حماس». وكل ما يطلبه هؤلاء إجراء حماس «مراجعة». وهو ما سمعه نصر من سليماني.
ومن حيث الآليات، هناك مشكلة أخرى. «الحرس الجديد»، والمقصود فريق الحكم بعد تولّي الشيخ حسن روحاني الرئاسة، يعتبر نفسه غير معني بهذا الملف، لناحية أنه غير مستعد لأن يتحمل وزره. هو لا يمانع إعادة المياه إلى مجاريها مع «حماس»، لكنه غير مستعد أن يدفع باتجاه هذه الغاية. أما «الحرس القديم»، والمقصود معسكر المحافظين، فيريد الأمر لكنه يرى أن مشكلة «حماس» هي في الأساس مع كل محور المقاومة، ومع سوريا بالأخص.
سوريا: تكفير وثقة
بالنسبة إلى دمشق، الحكاية من فصول قتل ودماء وغدر وخيانة وكل الأوصاف التي استخدم الرئيس الأسد بعضاً منها خلال إطلالاته الاعلامية الأخيرة. صحيح أن الجرح الذي سبّبته تلك الحركة لحزب الله وإيران كبير جداً ومن الصعب التئامه، لكنه بالنسبة إلى سوريا يبدو واضحاً أنه أكثر عمقاً ونزفاً. يقول مسؤولون سوريون إن نحو 1200 من عناصر «حماس» أو مناصريها قتلوا الى جانب المسلحين.
وفي كل مرة يثار أمر العلاقة مع الحركة، يجيب الأسد بأن مشكلة الحركة ليست مع النظام بل مع الشعب السوري.
وفي سوريا من يشير الى أن التسوية تحتاج إلى مبادرات من قبل «حماس»، مثل:
١ــ الاعتذار علناً من الشعب السوري عن كل الممارسات التي قامت بها ضده، وهذا يتضمن اعتذاراً عن رفع علم الانتداب الفرنسي على يد خالد مشعل في غزة.
٢ــ الإعلان عن تحييد نفسها عن جماعة الإخوان المسلمين في سوريا. وهو ما عبّر عنه الأسد بأن على «حماس» أن تقرر إن كانت تريد أن تكون مقاومة أو «إخوان».
٣ــ تحييد خالد مشعل عن المشهد العام للحركة، تحت عنوان أنه لا يمكن المسؤول عن سفك دماء السوريين العودة إلى حضن سوريا.
لكن هناك مبادرات أخرى منتظرة من «حماس» وأساسها:
ــ سحب فوري لجميع مقاتلي الحركة من المعارك الدائرة في سوريا.
ــ إقناع «إخوان سوريا» برفع أيديهم عن المجموعات المسلحة والنأي بأنفسهم عن الحرب الدائرة في بلادهم.
ــ العمل مع القيادة التركية على وقف دعم وتسليح المجموعات الإرهابية في سوريا.
والموقف السوري هذا يستند عملياً الى اقتناع دمشق بأن رغبة «حماس» في العودة ليست نابعة من اقتناع بخطأ، أو أنها نادمة على ما فعلت وتريد استعادة موقعها السابق، بل ترى دمشق أن تلك الرغبة نابعة من حسابات مصلحية ضيقة، تبدأ من الحاجة إلى مأوى يقي قيادة الحركة شر الشتات الذي تعانيه، ولا تنتهي بالحاجة إلى ظهير قوي يقيها شرّ إسرائيل و«فتح» والجيش المصري وحكام الخليج من السعودية والإمارات والكويت وخلفهم أميركا وأوروبا، الأمر الذي يزيد من حذر دمشق التي لا يستبعد المسؤولون فيها تبدلاً جديداً لـ«حماس» بمجرد تغيّر الظروف الصعبة التي تعيشها في الوقت الراهن.
وهذا ما لمّح إليه الأسد في مقابلته مع «الميادين» قبل أيام عندما أكد وجوب النظر إلى «السياقات» التي أملت على «حماس» رغبتها في المصالحة مع محور المقاومة.
«حماس» وعباءة «الإخوان»
على الضفة الأخرى، تعيش الحركة الإسلامية الكثير من التناقضات. تبرز حاجة إلى الذهاب من جديد باتجاه إيران وسوريا وحزب الله. وحاجتها للثانية تنبع في الأساس من أنها لا تحتمل أن تتخذ من الجمهورية الإسلامية مقراً لها، في وقت تبدو فيه الدوحة مكشوفة أمنياً، مثلها مثل الخرطوم، فيما تنبذها القاهرة ولا تستطيع بيروت احتمالها. ومن ناحية أخرى، هناك مجموعة القيود التي لا تستطيع «حماس» تجاوزها وإلا خسرت هويتها. من ضمنها، أنها حتى هذه اللحظة لا تزال عاجزة عن الخروج من عباءة «الإخوان المسلمين»، وهي لا تزال تجد صعوبة في الاعتذار العلني.
التصريحات الأخيرة لمسؤوليها في ما يتعلق بالتقارب مع إيران والتأكيد على خيار المقاومة وعلى أن رفع مشعل علم الانتداب عن طريق «الخطأ» ليست سوى محاولة منها للاستجابة لمتطلبات المصالحة، وإن بطريقة مواربة.
صحيح أن في «حماس» فريقاً، يتركز في الداخل على وجه الخصوص، لم يخرج يوماً من عباءة المقاومة، وكان طوال الفترة الماضية معارضاً لسياسات قيادة الحركة ويتهم خالد مشعل على وجه الخصوص بأنه قادها ولا يزال إلى خرابها.
ولعل هذا ما دفع مشعل نفسه، خلال الأسابيع الماضية، إلى عرض استعداده للاستقالة في حال كانت تحل مشكلة الحركة. لكن التيار المسيطر فيها لا يزال يتهيّب إعادة الاصطفاف.
يدرك أنه مهما فعل لن يستعيد موقعه في محور المقاومة وأن حجمه الفعلي انكشف.
--------------------------------------------------------------------------------
«حماس» وصواريخ الضاحية
يوم جاء محمد نصر إلى بيروت للقاء مسؤولي حزب الله، كان يحمل ملفاً وحيداً: التفاهم على تسليم علاء محمود ياسين المتواري في مخيم الرشيدية والمتهم بإطلاق صواريخ على الضاحية.
عرض نصر على الحزب الآتي: مستعدون لتسليمه لكم لا إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية، لأن هناك خشية من استجوابه في أمور لها علاقة بعمل المقاومة، وذلك لن يكون مناسباً لنا ولا لكم. الجواب كان أكثر بساطة: هذا الأمر لن يحصل.
لا نقبل بغير تسليمه إلى الأجهزة اللبنانية، مع تعهّد منا بأننا سنحرص لدى تلك الأجهزة على أن يكون استجوابه محصوراً في قضية إطلاق الصواريخ على الضاحية. حوار بالغ الدلالات لكل من يعرف في خفايا العلاقة بين الجانبين وملابساتها.
* ماذا قال القطري لزميله السعــودي؟

جان عزيز
يروي مسؤول لبناني متابع للتطورات الإقليمية، أن نقاشاً بين العتاب والسجال دار بين وزيري خارجية السعودية وقطر، على هامش مؤتمر دولي من تلك المخصصة لدعم المعارضات السورية المسلحة. وذهب الكلام في اتجاه البحث عن أسباب الإخفاقات في سوريا، وصولاً إلى محاولات التبرير والتنصل من تحمل المسؤوليات وتحميلها. ويروى أن السعودي حاول تبنّي لهجة اتهامية، فردّ عليه زميله القطري بمعادلة حسمت الحوار، حين قال له: لقد تسلمنا الملف السوري طيلة سنتين، فجعلنا دول العالم كلها تقف إلى جانب المعارضة. أما أنتم فتسلمتموه شهرين اثنين فقط، كانا كافيين لجعل العالم كله إلى جانب بشار الأسد.
قد تختصر هذه الرواية كل الأحداث الحاصلة في سوريا والشرق الأوسط منذ أسابيع قليلة، أو تحديداً منذ إقرار تسوية الكيميائي بين واشنطن وموسكو، وانطلاق كيمياء التواصل بين الأولى وطهران. ذلك أن مسار هذه الأحداث بدأ فعلياً قبل نحو عقد كامل، حين ذهبت أميركا لإسقاط صدام حسين، فأيّدتها الرياض وعارضتها دمشق. بعد فترة وجيزة على سقوط بغداد في نيسان 2003، بدأ يتأكد أن السعوديين الذين وقفوا إلى جانب المنتصر في تلك الحرب، راحوا يخسرون في السياسة ما توهموا أنهم حققوه بالعسكر والجيوش وقوة الآخرين، فيما السوريون الذين وقفوا إلى جانب المهزوم فيها، بدأوا يربحون في السياسة، امتداداً لربح حليفهم الإيراني في الجيواستراتيجيا.
وقد تكون البذور الأولى لعملية ضرب سوريا في لبنان قد بدأت يومها من تلك المفارقة، خاصة أن أطرافها في الجانب الخاسر صاروا كثراً، أوّلهم جورج دبليو بوش، وثانيهم جاك شيراك، وثالثهم العائلة السعودية بامتداداتها اللبنانية، وكلهم معنيون بدمشق وبيروت. هكذا ولد القرار بإخراج الأسد من لبنان، بأي وسيلة كانت ومهما كان الثمن، كتعويض عن نقاطه المسجلة في بغداد، ومنعاً لتحول طلائع الهزيمة العراقية في السياسة، مشروع جسر إيراني كبير يمتد من أفغانستان إلى المتوسط.
ارتاح السعوديون مجدداً، واطمأنوا إلى أداء «وكيلهم» الأميركي. لكن الأمر لم يطل. بعد أشهر قليلة على انسحاب الجيش السوري من لبنان في 26 نيسان 2005، وفيما كانت الأصوات السعودية تتعالى من الرياض، وخصوصاً من بيروت، مطالبة باستكمال الضربة وصولاً إلى احتلال دمشق نفسها، بدا كأن الأميركي بدأ يتراجع إلى حدود براغماتيته. كان السعودي يريد منه توجيه المسدس إلى رأس السوري، إذا ببوش يعتمد سياسة العصا والجزرة. كان السعودي يريد «اجتثاث البعث ــ الجزء الثاني»، إذا بالأميركي يفتتح سياسة «تغيير تصرف النظام» بدل «تغيير النظام».
لم يتأخر الرد السعودي العنيف على واشنطن، تماماً كما يحصل اليوم. ففي 20 أيلول 2005، وفي كلمة له أمام مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك بالذات، وجه سعود الفيصل انتقاداً قاسياً إلى إدارة بوش، معتبراً أن سياستها في العراق تهدف إلى تعميق الانقسامات الطائفية هناك، تمهيداً لتفتيته، ما سيؤدي إلى تسليمه إلى إيران. واستمر التجاذب حول هذه القضية بين الرياض وواشنطن طيلة أعوام، حتى سنحت مناسبة جديدة للتلاقي. في المرة الأولى كانت نقطة التلاقي طرد الأسد من لبنان. في المرة الثانية كان التقاطع على إعادة التوازن إلى العراق، مع دعم إياد علاوي في انتخابات 2010... حين وافق الأسد على السير في مشروع علاوي في بغداد، انطلقت عملية الـ س/س في بيروت. طويت كل الملفات السعودية هنا. لا حريري ولا محكمة دولية ولا سلاح حزب الله ولا وجود سوري. حتى كتبت ورقة التنازلات الشهيرة، تلك التي رفعها وليد جنبلاط في وجه الآذاريين يوم 21 كانون الثاني 2011، بعد أسابيع قليلة على وصول مشروع علاوي في بغداد إلى حائط مسدود! إذ لم يكن التوقيت مجرد مصادفة. ففي الأسابيع الأخيرة من عام 2010، نجح المحور الإيراني السوري مرة جديدة في إجهاض الحلم السعودي. فاز علاوي في انتخابات العراق، لكن المالكي هو من ألّف حكومته. فجأة طارت الـ س/س في بيروت، وبدأت الثورة في دمشق...
هكذا ترتسم المعادلة إذن: سنة 2003، خسر السعوديون في العراق، فكانت المحاولة الأميركية للتعويض والاسترضاء بين لبنان وسوريا. سنة 2005، تراجع الأميركيون في دمشق، فحاولوا سداد دين الرياض عليهم من صندوق بغداد. في المرة الثالثة، خسر الاثنان معاً في كل من لبنان وسوريا والعراق، فقرروا قلب الطاولة كلياً في الحلقة الوسطى: إسقاط الحكم في دمشق.
غير أن حسابات المشرق المعقدة، كانت ولا تزال أعصى من أن يفهمها كاوبوي بعيد أو بدوي قريب. عاد الأميركيون إلى المنطقة بمشروع ربيعي. هو في الواقع فكرة مبسطة، من كتابة أردوغانية وإخراج منتجي الثورات الملونة: نسلم الإخوان المسلمين حكم كل المنطقة، وهم يؤمنون لنا في المقابل ثلاثة مطالب: أمن إسرائيل، ومصالح أميركا، واستقرار الأنظمة من دون تحميل واشنطن كلفة هذا الاستقرار. انطلق المشروع بسهولة في محطاته الأولى: تونس، مصر وليبيا. كان السعودي منزعجاً. كل تناقضاته مع «الإخوان»، وكل خوفه من وصول حكمهم إلى «مدن الملح»، تدفعه إلى ذلك. لكنه لزم الصمت لعام ونيف. فالاعتراض على مشروع ناجح تكتيك فاشل دوماً، إلى أن تضافرت عوامل إخفاق منافسيه لدى الملزّم الأميركي. في 11 أيلول 2012، سقطت أولوية حماية مصالح واشنطن في بنغازي، مع مقتل سفيرها هناك. في تشرين الثاني سقطت مقولة أمن إسرائيل، مع اندلاع حوادث غزة وعجز «حماس» عن تنفيذ التعهدات الإخوانية حيال الكيان الصهيوني. ومع مطلع عام 2013، بدا أن استقرار دول الثورات الربيعية مزحة... كل شيء صار ناضجاً لانتقال السعوديين إلى المبادرة مجدداً. كانوا قد أعدّوا العدة للهجوم المضاد، منذ منتصف تموز 2012، مع تعيين بندر في الموقع الأمني الأول. على مدى أشهر مارسوا كل الضغوط أميركياً وعربياً، حتى أقنعوا واشنطن للمرة الرابعة، أو الخامسة بعد الألف: أُسقط مرسي. أزيحت قطر. همّشت تركيا. فتسلمت الرياض كل الملفات. لا بل بدا أنها انتصرت وحدها، وكلياً، للمرة الأولى منذ عقود... في تلك اللحظة بالذات، جاءت تسوية الكيميائي من موسكو، وأطلّت بسمة النووي الروحاني من نيويورك، فانهار كل شيء.
طبيعي أن تخرج الرياض عن طورها، لا بل أن تفقد بعضاً من صوابها ورصانتها. كل الساحات تحولت وسائل لتسجيل الاعتراض والرفض. من معلولا إلى طرابلس. ومن المحكمة الدولية إلى مجلس الأمن، وصولاً إلى صراخ بندر في وجه من تلتبس عليه حقيقة العلاقة معه، هل هو الأميركي موظف عند السعودي أم العكس؟!
المهم وسط هذه المعمعة، وفي انتظار جلاء نتائج الخيبة السعودية الجديدة، والخيارات الأميركية النهائية، والموازين المشرقية الفعلية... في هذا الوقت، من يقنع سعد الحريري بأن لديه فرصة لبنانية أكيدة، لا لزوم لتحويلها طرف هامش في ورقة بندرية معدّة سلفاً للرمي أو للإحراق؟
* السويد تعرض طائرة عسكرية للاسهام في مهمة تفكيك الاسلحة الكيميائية السورية
اعلنت السويد الخميس انها ستضع في تصرف الامم المتحدة طائرة عسكرية للاسهام في مهمة تفكيك الاسلحة الكيميائية السورية. وقالت وزارة الدفاع السويدية ان الوحدة السويدية التي تملك طائرة من طراز "لوكهيد سي-130 هركوليس" "ستتمركز في قبرص بهدف دعم منظمة حظر الاسلحة الكيميائية في مجال نقل الجهاز البشري والتجهيزات".
ومنظمة حظر الاسلحة الكيميائية مكلفة الاشراف على هذه المهمة بموجب قرار تبناه مجلس الامن الدولي في نهاية ايلول/سبتمبر.
والاربعاء، اعلنت النروج انها تدرس طلبا من الولايات المتحدة حول تدمير قسم من الاسلحة الكيميائية السورية على اراضيها، وتامل اوسلو في الاجابة على هذا الطلب "في اسرع وقت"، لكنها "لا تملك التجهيزات" الضرورية لذلك، كما قال وزير الخارجية بورجي برندي للصحافيين.
* صحيفة أميركية: مناهضون أمريكيون للأسد متورطون في صناعة الأسلحة
أكدت صحيفة "وورلد تربيون" الأمريكية أن "بعض أشهر المحامين في الولايات المتحدة المناهضين بشدة لنظام بشار الأسد، والمطالبين بضرورة التدخل العسكري ضد دمشق، تم كشف تورطهم مؤخراً في صناعة الأسلحة في الولايات المتحدة الأمريكية". ونشرت الصحيفة الأمريكية في تقرير لها أن "مجموعة من أصحاب المصلحة العامة وبعضهم من الخبراء والمحامين، قاموا بالتلاعب بالصحف الكبرى وشبكات التلفزيون، لتصبح متحيزة، وتوهم الشعب الأمريكي بضرورة التدخل العسكري في سوريا لإسقاط نظام الأسد".
وقال التقرير إن "الحرب في سوريا مثلت تهديدا كبيرا للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط"، مشيرة إلى أن "تضارب المصالح تشكله مجموعة من الخبراء والمحامين في الولايات المتحدة".
وأشار إلى ان تلك المجموعة من الخبراء تتألف من المتخصصين إلى حد كبير من المسؤولين الحكوميين السابقين والقادة العسكريين، لافتاً إلى أنه يصل عددهم إلى 22 باحثا يظهرون على شاشات التلفزيون والصحف الأكثر انتشاراً لإقناع الرأي العام بما تريد الإدارة الأمريكية تنفيذه، فهم ينفذون تفكير القادة، لقيادة الرأي العام لما يريدونه. ويرتبط هؤلاء الأفراد والمنظمات بعشرات من المراكز كوزارة الدفاع والاستخبارات وشركات الاستثمار التي تركز على صناعة الأسلحة، بالإضافة إلى دبلوماسيين".
* الأسد.. ونصر استراتيجي
قراءات كثيرة شغلت العالم، المتابعون بالملايين ليس فقط ضمن الحدود، بل على مدار الكرة الارضية، الغرف السياسية اكتظت بكوادرها، وتبادلت الأوراق التحليلية لما يقال حينها، جمل كثيرة وصفت الكلام، ومجمل ما جاء أن الحديث هذه المرة مختلف، والنيران التي فتحت كانت واضحة وعلنية أيضا فأحرقت ما أشعلته أيد من بدأ الحرب.
بعد الظهور الاخير للرئيس السوري بشار الاسد على قناة الميادين في حوار له، كثرت القراءات بطريقة غير مسبوقة لهذا الحديث تحديدا الذي شغل حتى الآن المحللين والمتابعين، وعلى وقع الحديث استضاف موقع المنار الدكتور أسامة دنورة الباحث والمحلل الاستراتيجي، ليدلي بقراءته عن حديث الرئيس الأسد.

بداية لخص الدكتور دنورة رؤيته حول مقابلة الأسد على الميادين بقوله "استثنائية بالمعلومات التي وردت فيها، استثنائية بعيار المصارحة الموجودة فيها، استثنائية بوضوحها، ما يدل إلى ان نظرة الرئيس الاسد للأزمة دخلت مرحلة المراجعة والمراحل التاريخية منها، وهذه من علائم الشعور بأنه نصر استراتيجي، برغم أن الرئيس كان متحفظا على النصر، تكلم بطريقة واقعية ولم يحب أن يتكلم بطريقة مطلقة حماسية، حيث أن النصر في منظور الاسد كان مختلفا ، وكل يقرؤه بطريقة مختلقة" . يرى دنورة من حديث الرئيس السوري، أنه ظهر براحة أكبر حول بعض الامور التي كانت طي الكتمان أو ضمن إطار السرية بشكل أو بآخر، تجلى ذلك في ذكر الدور القطري خلال الأزمة، دور حماس أيضا كما الدور السعودي الذي لم يسبق لأي مسؤول سوري أن تحدث عنه بهذه الطريقة، كما تجلى ايضا برأي دنورة بالحديث لأول مرة عن دور كولن باول خلال زيارته سورية إبان احتلال العراق.
هناك ميزات للخطاب ذكرها وفصلها الدكتور أسامة دنورة وهي كما يلي:
الواقعية السياسية: الابتعاد عن الشعارات، والحديث عن السلوك السياسي السوري، البحث أيضا عن مصلحة سورية، بما في ذلك إمكانية عودة العلاقات انطلاقا من فكرة المصلحة، وهذا يعد مدرسة راقية في ممارسة السياسية ، ما يدل على ترسخ تلك الواقعية، كما أضاف دنورة في هذا السياق " الرئيس الأسد في
جميع خطاباته ينطلق من الواقعية السياسية، ولا ينطلق من الأدلجة الزائدة في التعابير والمطرقات التي يستخدمها، ولا ينطلق أيضا من مبدأ الخطاب الديماغوجي الموجه لتهييج الجماهير، فهو دائما يحترم الجمهور الوطني السوري، يخاطب العقل ولا يخاطب المشاعر، المشاعر بالحد الوطني الأدنى، يخاطب العقل بطريقة الإقناع والوجهة السليمة. ".
النقطة الثانية مما ذكره المحلل في تصنيف الميزات كانت الثقة والوضوح، فبرأيه تجلت في الحديث عن أمور لم تكن واضحة قبل الآن، وتوضيح المواقف بما لا يقبل التأويل، عدة مواقف منها الاستمرار في خيار المقاومة، ايضا تعريف الازمة بأنها استهداف للدور السوري على أساس خياراته التحالفية مع محور الممانعة، وأيضا توصيف العلاقة بالأطراف الاخرى وكل طرف بما يوضح الموقف السوري معه، كتوصيف الدور القطري والسعودي وعلاقته بالغرب، مرجعيته وحدود دوره، كما ذكر الدور التركي تجاه الازمة السورية، والممثل بحكومة أردوغان..
انتقل الى ميزة ثالثة استخلصها الدكتور دنورة من حديث الاسد على الميادين، والميزة هي الوطنية، فيقول "الرئيس الاسد يطور خطابا وطنيا جامعا، يندر وجوده على مستوى السياسيين العرب، ففي حديثه يتكلم عن مصلحة سورية بشكل عام، مبتعدا عن أي مصلحة حزبية معينة، وعن أي اتجاه سياسي ما، يتحدث عن المصلحة السورية من منطلق مصالح بلد يريد استعادة حقوقه وأراضيه المحتلة، كما يبحث الاسد عن التحالفات التي تضمن المصلحة الوطنية.."
لذلك فحسب رأي الدكتور دنورة ، فإن الرئيس الاسد "صاحب مشروع تحول ديمقراطي في سورية، فحول الرئيس بشار الاسد ما يسمى بالشرعية الثورية إلى شرعية شعبية، وبدأ ذلك في إلغاء المادة الثامنة من الدستور، بالتالي رفع ميزة الدور الاستثنائي لحزب البعث العربي الاشتراكي، وفتح الباب أمام الأحزاب الأخرى الجديدة ، لتأخذ دورا وتكون منافسة للبعث في مجال العمل السياسي، فاكتساب أي حزب للشرعية يكون بحجم وجوده على الارض" .
الدكتور دنورة اطلع على كثير من التحليلات لخطاب الرئيس الأسد، وقال " بتقييم المراقب الخارجي، الخطاب هذه المرة ينم عن نصر استراتيجي، فتح النار بهذه الطريقة على دول ساهمت في الازمة السورية بشكل غير مسبوق يدل على أن الرئيس الأسد يقرأ بحرفية التطورات السياسية، وإطلاقه للأحكام بعد الوثوق التام من صحتها."
ويقول: "قرأت الحديث على أنه كلام من يدرك جيدا عوامل التقدم والانتصار في الموقف الاستراتيجي السوري، يعني أصبحت هذه العوامل مقروءة لصناع السياسة السورية، والطريقة التي عبَّر بها الرئيس السوري في ظل وجود خسائر كبيرة في سورية، إن كانت بشرية او في البنى التحتية، لم تجعله يذهب إلى إعلان النصر الكامل، ترك الباب مفتوحا لانتصار لم يكتمل حتى الآن، ويُختلف في تقييمه أما حجم تلك الخسائر، لكن هناك خسائر قابلة للترميم وإلى أن تعود أقوى مما كانت عليه".
من أهم ما ذكره الدكتور المحلل السياسي، لغة الجسد التي استخدمها الاسد، بالتركيز على استخدام الإصبع والتأشير إلى وراء الظهر مع ذكر اسم "أردوغان" رئيس الحكومة التركية مجردا من أي لقب، فكانت بقراءة دنورة "تدل على خيبة أمل كبيرة بأخ طعن أخاه بالظهر، الإشارة للخلف تعني أنه لم يكن متوقعا هذا السلوك ممن كان سلمه ظهره.".
الأرضية التي استند إليها هذه المرة الرئيس بشار الأسد خلال كلامه كانت قوية سياسيا وعسكريا، وهي انتماؤه لمحور المقاومة، إضافة لدعم دول "البريكس" لمحوره المنتمي له، وهذا ما نقله دنورة عن واقع أصبح اليوم جليا للجميع..
دراسات كثيرة اعتمد الباحث الاستراتيجي قراءتها ، وكلها صادرة عن عدو ليس كأي عدو برأيه، أغلبها من أعداء سوريا الدعمين لتأجيج أزمتها بعد صناعتها، ومنها دراسة ذكرها تفيد بأن " عددا من اليهود الحلبيين ينتسبون للوحدة 3200 في جيش العدو الصهيوني" يتوقع هو أنهم موجودون اليوم داخل حلب ليفعلوا ما يفعلونه في تأزيم الأوضاع فيها.
أما الخطاب فهو مقنع جدا وأكثر مما سبقه من خطابات، مقنع حتى للخصوم، والأعداء.
الرئيس الأسد لم يعلن النصر، الرئيس الأسد أجّل إعلانه إلى حين استكماله، لغة الجسد لعبت دورا في تبيان الثقة المطلقة بالانتصار وهو انتصار استراتيجي، فيكفي مبدئيا إفشال المخطط، ضرب المخططين والمنفذين سياسيا، ومن ثم بدء الترميم والتعديل، الانطلاق لن يكون صعبا بعد المراحل التي خاضتها سورية وخرجت منها، فسورية ستخرج منتصرة.
* الرئيس الاسد شكر جميع العاملين والمشرفين والمهندسين في قطاع الكهرباء
شكر الرئيس السوري بشار الأسد في اتصال هاتفي مع وزيري الكهرباء والنفط السوري، جميع العاملين والمشرفين والمهندسين في قطاع الكهرباء، للسرعة في إعادتهم الكهرباء للمواطنين بعد استهداف أنبوب النفط بعمل إرهابي".
* ضربوا المحطة ولكنهم هزموا..

حتيتة التركمان واحد من جسور القوة التي اعتمدتها المجموعات المسلحة خلال السيطرة على الغوطة الشرقية, أصبحت اليوم وخلال أقل من 48 ساعة في قبضة الجيش العربي السوري.
أنفاق وتحصينات تهاوت, قوة وهمية طيلة تلك الفترة التي طالت, كل هذا ذكره ضابط ميداني من الجيش السوري في حتيتة التركمان, إضافة لأكثر من مئة قتيل ومئة وخمسين جريح للمسلحين الذين هرب من تبقى منهم إلى قرية دير العصافير.
كما أن الاهمية الاستراتيجية لهذه القرية تكمن بأنها استكمالا لعملية بدأها الجيش السوري لتحرير قرى واقعة على طريق المطار, تبدأ من عقربا بيت سحم ومنطقة السيدة زينب وتأمين المنطقة بتحرير القرى التي حولها أيضا, مما يزيد من تأمين المطار وطريقه بشكل أكبر بكثير ويخفف عن المدينة قذائف الهاون التي تصدر من جهة الغوطة الشرقية, وبذلك يكون الخناق وصل إلى أشدّه على ما تبقى من مناطق يسيطر عليها مسلحون في الغوطة الشرقية, ما يجعل آمالهم في الاستمرار شبه مستحيل حسب مصادر ميدانية في الجيش السوري تواصل معها الموقع الالكتروني لقناة المنار.
هذا وأضاف الضابط الميداني "في سياق المعركة التي لم تخلو من الصعوبات بعد تفخيخ المجموعات المسلحة للمكان, حيث وضعت عبوات في المزارع والانفاق التي فرت منها, كما تم في الامس ضرب أنبوب الغاز المغذي للمحطة الكهربائية التي تمد المنطقة الجنوبية بالطاقة, بقصد إلهاء لجيش والتخفيف عن المسلحين بعد تضييق الخناق بشكل لم يقدروا على احتماله, لكن الجيش استطاع السيطرة بشكل احترافي بفضل قوة ومعنويات المقاتلين السوريين" .
إلى ذلك كما لم يترك في المكان متر واحد بدون أن يتم التخريب فيه وبمقتنياته, حيث كانت موقعا يقصده السوريون والزوار العرب والاجانب للترفيه قبل الأزمة السورية, غدا اليوم مرتعا لمجموعات التخريب التي استطاع الجيش السوي تطهيره متابعا ما وراءه من عمل ميداني.



* عودة «حماس» إلى إيران وسوريا متعثرة
إيلي شلهوب - صحيفة الاخبار
مؤلم جداً الحديث عن مفاوضات لإعادة «حماس» إلى صفوف محور المقاومة الذي كانت ذات يوم جزءاً مركزياً فيه. والمؤلم أكثر الكلام على شروط للقبول بتلك الحركة في دمشق، حيث كانت ذات يوم تمتلك امتيازات أكثر من أهل البيت أنفسهم. لكن الجراح عميقة وقد نزفت كثيراً خلال العامين الماضيين حتى استحال العلاج واحداً من اثنين: كيّ أو بتر.
لا تزال عودة «حماس» إلى محور الممانعة متعثرة. كلام الرئيس بشار الأسد حول هذه المسألة في أكثر من مناسبة خير دليل. كذلك الأمر بالنسبة إلى الجدل الذي رافق الحديث عن زيارة وشيكة لرئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل لطهران، ما لبثت أن تعرقلت. أسباب الازمة عديدة، بعضها مرتبط بـ«حماس» ، وبعضها الآخر مرتبط بسوريا وإيران.
فكرة تراجع الحركة الإسلامية عن المسار الذي اتخذته منذ مغادرتها لدمشق في عام ٢٠١١ لم تكن مطروحة أصلاً قبل سقوط الرئيس المصري المعزول محمد مرسي. في ذاك الوقت كان العالم يبدو وردياً في عيون الحمساويين، أو الجزء الفلسطيني من حركة «الإخوان المسلمين». عاشوا فكرة أنهم سيتصدرون المشهد في المنطقة كلها، من المغرب حتى تركيا. وفي المقابل، ارتسمت معالم الصدمة على وجه كل الحلفاء والداعمين السابقين، من حزب الله إلى سوريا وإيران. والسبب توثق النظام في دمشق كما حزب الله وإيران من أن مقاتلين من «حماس» يخوضون المعارك إلى جانب المجموعات المسلحة المعارضة للنظام في سوريا. والمضحك المبكي أنهم يقاتلون مستخدمين السلاح والخبرة والتقنيات والأساليب القتالية التي حصلوا عليها من محور المقاومة.
جاء «٣٠ يونيو»، ومعه زلزال مصر. أطيح حكم «الإخوان» ورئيسهم محمد مرسي وعاد العسكر الى السلطة. حُيّدت قطر لمصلحة السعودية، ومعها الإمارات والكويت. فجأة خسرت «حماس» الحلفاء وسقطت الرهانات على انهيار وشيك للنظام السوري. تغيّر المناخ، ومعه الحسابات كلها. باتت الحركة تبحث عن مخرج يحفظ بقاءها، ويقيها شرّ «المتربصين بها». أنفاقها أغلقت في رفح، وعناصرها مطاردون في مصر ويتعرضون للقتل في سوريا. أما قياداتها، فحدّث ولا حرج: مشتتون معزولون مكشوفون أمنياً، ولو كانوا يعيشون في قصور فارهة.
لحظة تاريخية وجد فيها محور المقاومة نفسه أمام أمرين: إما ترك «حماس» لمصيرها، وهو خيار فيه هدية مجانية للمعسكر الآخر، لأن الامر يتجاوز حركة سياسية ليلامس أقوى حركات المقاومة في فلسطين. أما الخيار الثاني فهو العمل على احتضانها وإعادتها إلى موقعها الطبيعي كقوة مقاومة. وهذا الخيار له مفاعيل تكتيكية في المنطقة يحاكي الرؤية المبدئية لقيادة محور المقاومة، التي تضع فلسطين وبيت المقدس في المقام الأول، وعداهما «كل شيء تفاصيل لا يجب التوقف عندها».
جرت عملية جس نبض، توّجت بالزيارة الشهيرة للقيادي الحمساوي محمد نصر لطهران، وهو أجرى لقاءات على هامش قيامه بواجب التعزية لقائد فيلق القدس الحاج قاسم سليماني بوفاة والدته. في تلك الجلسة، جرى الإعراب عن نيّات «حماس» بالعودة إلى حضن إيران. رحّب الإيرانيون وبدأت اللقاءات بين الممسكين بالملف في محور المقاومة وبين كل من خالد مشعل وموسى أبو مرزوق في أكثر من عاصمة عربية وإسلامية. كانت الغاية التوافق على التوقيت والإخراج... والثمن.
إيران... واليد الممدودة
بالنسبة إلى الإيرانيين، عودة «حماس» مرغوبة. لكن يبقى النقاش حول الكيفية. في طهران من يرفض بالمطلق عودة مجانية لـ«حماس». يريدون من الحركة أن «تكفّر عن سلوك» العامين الماضيين، وأن تفعل ذلك على الملأ. يرون أن أساس العلاقة يجب أن يبنى من الآن فصاعداً على قاعدة المصلحة البحتة، لا على قاعدة الجهاد. وأصحاب هذا الرأي هددوا بتنظيم تظاهرات إلى المطار لمنع مشعل من دخول طهران.
في المقابل، هناك رأي آخر يقول بضرورة تجاوز «الشكليات غير المجدية». حجته أن «مجرد مجيء مشعل إلى طهران إقرار مدوٍّ بالخطايا» التي ارتكبتها «حماس». وكل ما يطلبه هؤلاء إجراء حماس «مراجعة». وهو ما سمعه نصر من سليماني.
ومن حيث الآليات، هناك مشكلة أخرى. «الحرس الجديد»، والمقصود فريق الحكم بعد تولّي الشيخ حسن روحاني الرئاسة، يعتبر نفسه غير معني بهذا الملف، لناحية أنه غير مستعد لأن يتحمل وزره. هو لا يمانع إعادة المياه إلى مجاريها مع «حماس»، لكنه غير مستعد أن يدفع باتجاه هذه الغاية. أما «الحرس القديم»، والمقصود معسكر المحافظين، فيريد الأمر لكنه يرى أن مشكلة «حماس» هي في الأساس مع كل محور المقاومة، ومع سوريا بالأخص.
سوريا: تكفير وثقة
بالنسبة إلى دمشق، الحكاية من فصول قتل ودماء وغدر وخيانة وكل الأوصاف التي استخدم الرئيس الأسد بعضاً منها خلال إطلالاته الاعلامية الأخيرة. صحيح أن الجرح الذي سبّبته تلك الحركة لحزب الله وإيران كبير جداً ومن الصعب التئامه، لكنه بالنسبة إلى سوريا يبدو واضحاً أنه أكثر عمقاً ونزفاً. يقول مسؤولون سوريون إن نحو 1200 من عناصر «حماس» أو مناصريها قتلوا الى جانب المسلحين.
وفي كل مرة يثار أمر العلاقة مع الحركة، يجيب الأسد بأن مشكلة الحركة ليست مع النظام بل مع الشعب السوري.
وفي سوريا من يشير الى أن التسوية تحتاج إلى مبادرات من قبل «حماس»، مثل:
١ــ الاعتذار علناً من الشعب السوري عن كل الممارسات التي قامت بها ضده، وهذا يتضمن اعتذاراً عن رفع علم الانتداب الفرنسي على يد خالد مشعل في غزة.
٢ــ الإعلان عن تحييد نفسها عن جماعة الإخوان المسلمين في سوريا. وهو ما عبّر عنه الأسد بأن على «حماس» أن تقرر إن كانت تريد أن تكون مقاومة أو «إخوان».
٣ــ تحييد خالد مشعل عن المشهد العام للحركة، تحت عنوان أنه لا يمكن المسؤول عن سفك دماء السوريين العودة إلى حضن سوريا.
لكن هناك مبادرات أخرى منتظرة من «حماس» وأساسها:
ــ سحب فوري لجميع مقاتلي الحركة من المعارك الدائرة في سوريا.
ــ إقناع «إخوان سوريا» برفع أيديهم عن المجموعات المسلحة والنأي بأنفسهم عن الحرب الدائرة في بلادهم.
ــ العمل مع القيادة التركية على وقف دعم وتسليح المجموعات الإرهابية في سوريا.
والموقف السوري هذا يستند عملياً الى اقتناع دمشق بأن رغبة «حماس» في العودة ليست نابعة من اقتناع بخطأ، أو أنها نادمة على ما فعلت وتريد استعادة موقعها السابق، بل ترى دمشق أن تلك الرغبة نابعة من حسابات مصلحية ضيقة، تبدأ من الحاجة إلى مأوى يقي قيادة الحركة شر الشتات الذي تعانيه، ولا تنتهي بالحاجة إلى ظهير قوي يقيها شرّ إسرائيل و«فتح» والجيش المصري وحكام الخليج من السعودية والإمارات والكويت وخلفهم أميركا وأوروبا، الأمر الذي يزيد من حذر دمشق التي لا يستبعد المسؤولون فيها تبدلاً جديداً لـ«حماس» بمجرد تغيّر الظروف الصعبة التي تعيشها في الوقت الراهن.
وهذا ما لمّح إليه الأسد في مقابلته مع «الميادين» قبل أيام عندما أكد وجوب النظر إلى «السياقات» التي أملت على «حماس» رغبتها في المصالحة مع محور المقاومة.
«حماس» وعباءة «الإخوان»
على الضفة الأخرى، تعيش الحركة الإسلامية الكثير من التناقضات. تبرز حاجة إلى الذهاب من جديد باتجاه إيران وسوريا وحزب الله. وحاجتها للثانية تنبع في الأساس من أنها لا تحتمل أن تتخذ من الجمهورية الإسلامية مقراً لها، في وقت تبدو فيه الدوحة مكشوفة أمنياً، مثلها مثل الخرطوم، فيما تنبذها القاهرة ولا تستطيع بيروت احتمالها. ومن ناحية أخرى، هناك مجموعة القيود التي لا تستطيع «حماس» تجاوزها وإلا خسرت هويتها. من ضمنها، أنها حتى هذه اللحظة لا تزال عاجزة عن الخروج من عباءة «الإخوان المسلمين»، وهي لا تزال تجد صعوبة في الاعتذار العلني.
التصريحات الأخيرة لمسؤوليها في ما يتعلق بالتقارب مع إيران والتأكيد على خيار المقاومة وعلى أن رفع مشعل علم الانتداب عن طريق «الخطأ» ليست سوى محاولة منها للاستجابة لمتطلبات المصالحة، وإن بطريقة مواربة.
صحيح أن في «حماس» فريقاً، يتركز في الداخل على وجه الخصوص، لم يخرج يوماً من عباءة المقاومة، وكان طوال الفترة الماضية معارضاً لسياسات قيادة الحركة ويتهم خالد مشعل على وجه الخصوص بأنه قادها ولا يزال إلى خرابها.
ولعل هذا ما دفع مشعل نفسه، خلال الأسابيع الماضية، إلى عرض استعداده للاستقالة في حال كانت تحل مشكلة الحركة. لكن التيار المسيطر فيها لا يزال يتهيّب إعادة الاصطفاف.
يدرك أنه مهما فعل لن يستعيد موقعه في محور المقاومة وأن حجمه الفعلي انكشف.
--------------------------------------------------------------------------------
«حماس» وصواريخ الضاحية
يوم جاء محمد نصر إلى بيروت للقاء مسؤولي حزب الله، كان يحمل ملفاً وحيداً: التفاهم على تسليم علاء محمود ياسين المتواري في مخيم الرشيدية والمتهم بإطلاق صواريخ على الضاحية.
عرض نصر على الحزب الآتي: مستعدون لتسليمه لكم لا إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية، لأن هناك خشية من استجوابه في أمور لها علاقة بعمل المقاومة، وذلك لن يكون مناسباً لنا ولا لكم. الجواب كان أكثر بساطة: هذا الأمر لن يحصل.
لا نقبل بغير تسليمه إلى الأجهزة اللبنانية، مع تعهّد منا بأننا سنحرص لدى تلك الأجهزة على أن يكون استجوابه محصوراً في قضية إطلاق الصواريخ على الضاحية. حوار بالغ الدلالات لكل من يعرف في خفايا العلاقة بين الجانبين وملابساتها.
* ماذا قال القطري لزميله السعــودي؟

جان عزيز
يروي مسؤول لبناني متابع للتطورات الإقليمية، أن نقاشاً بين العتاب والسجال دار بين وزيري خارجية السعودية وقطر، على هامش مؤتمر دولي من تلك المخصصة لدعم المعارضات السورية المسلحة. وذهب الكلام في اتجاه البحث عن أسباب الإخفاقات في سوريا، وصولاً إلى محاولات التبرير والتنصل من تحمل المسؤوليات وتحميلها. ويروى أن السعودي حاول تبنّي لهجة اتهامية، فردّ عليه زميله القطري بمعادلة حسمت الحوار، حين قال له: لقد تسلمنا الملف السوري طيلة سنتين، فجعلنا دول العالم كلها تقف إلى جانب المعارضة. أما أنتم فتسلمتموه شهرين اثنين فقط، كانا كافيين لجعل العالم كله إلى جانب بشار الأسد.
قد تختصر هذه الرواية كل الأحداث الحاصلة في سوريا والشرق الأوسط منذ أسابيع قليلة، أو تحديداً منذ إقرار تسوية الكيميائي بين واشنطن وموسكو، وانطلاق كيمياء التواصل بين الأولى وطهران. ذلك أن مسار هذه الأحداث بدأ فعلياً قبل نحو عقد كامل، حين ذهبت أميركا لإسقاط صدام حسين، فأيّدتها الرياض وعارضتها دمشق. بعد فترة وجيزة على سقوط بغداد في نيسان 2003، بدأ يتأكد أن السعوديين الذين وقفوا إلى جانب المنتصر في تلك الحرب، راحوا يخسرون في السياسة ما توهموا أنهم حققوه بالعسكر والجيوش وقوة الآخرين، فيما السوريون الذين وقفوا إلى جانب المهزوم فيها، بدأوا يربحون في السياسة، امتداداً لربح حليفهم الإيراني في الجيواستراتيجيا.
وقد تكون البذور الأولى لعملية ضرب سوريا في لبنان قد بدأت يومها من تلك المفارقة، خاصة أن أطرافها في الجانب الخاسر صاروا كثراً، أوّلهم جورج دبليو بوش، وثانيهم جاك شيراك، وثالثهم العائلة السعودية بامتداداتها اللبنانية، وكلهم معنيون بدمشق وبيروت. هكذا ولد القرار بإخراج الأسد من لبنان، بأي وسيلة كانت ومهما كان الثمن، كتعويض عن نقاطه المسجلة في بغداد، ومنعاً لتحول طلائع الهزيمة العراقية في السياسة، مشروع جسر إيراني كبير يمتد من أفغانستان إلى المتوسط.
ارتاح السعوديون مجدداً، واطمأنوا إلى أداء «وكيلهم» الأميركي. لكن الأمر لم يطل. بعد أشهر قليلة على انسحاب الجيش السوري من لبنان في 26 نيسان 2005، وفيما كانت الأصوات السعودية تتعالى من الرياض، وخصوصاً من بيروت، مطالبة باستكمال الضربة وصولاً إلى احتلال دمشق نفسها، بدا كأن الأميركي بدأ يتراجع إلى حدود براغماتيته. كان السعودي يريد منه توجيه المسدس إلى رأس السوري، إذا ببوش يعتمد سياسة العصا والجزرة. كان السعودي يريد «اجتثاث البعث ــ الجزء الثاني»، إذا بالأميركي يفتتح سياسة «تغيير تصرف النظام» بدل «تغيير النظام».
لم يتأخر الرد السعودي العنيف على واشنطن، تماماً كما يحصل اليوم. ففي 20 أيلول 2005، وفي كلمة له أمام مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك بالذات، وجه سعود الفيصل انتقاداً قاسياً إلى إدارة بوش، معتبراً أن سياستها في العراق تهدف إلى تعميق الانقسامات الطائفية هناك، تمهيداً لتفتيته، ما سيؤدي إلى تسليمه إلى إيران. واستمر التجاذب حول هذه القضية بين الرياض وواشنطن طيلة أعوام، حتى سنحت مناسبة جديدة للتلاقي. في المرة الأولى كانت نقطة التلاقي طرد الأسد من لبنان. في المرة الثانية كان التقاطع على إعادة التوازن إلى العراق، مع دعم إياد علاوي في انتخابات 2010... حين وافق الأسد على السير في مشروع علاوي في بغداد، انطلقت عملية الـ س/س في بيروت. طويت كل الملفات السعودية هنا. لا حريري ولا محكمة دولية ولا سلاح حزب الله ولا وجود سوري. حتى كتبت ورقة التنازلات الشهيرة، تلك التي رفعها وليد جنبلاط في وجه الآذاريين يوم 21 كانون الثاني 2011، بعد أسابيع قليلة على وصول مشروع علاوي في بغداد إلى حائط مسدود! إذ لم يكن التوقيت مجرد مصادفة. ففي الأسابيع الأخيرة من عام 2010، نجح المحور الإيراني السوري مرة جديدة في إجهاض الحلم السعودي. فاز علاوي في انتخابات العراق، لكن المالكي هو من ألّف حكومته. فجأة طارت الـ س/س في بيروت، وبدأت الثورة في دمشق...
هكذا ترتسم المعادلة إذن: سنة 2003، خسر السعوديون في العراق، فكانت المحاولة الأميركية للتعويض والاسترضاء بين لبنان وسوريا. سنة 2005، تراجع الأميركيون في دمشق، فحاولوا سداد دين الرياض عليهم من صندوق بغداد. في المرة الثالثة، خسر الاثنان معاً في كل من لبنان وسوريا والعراق، فقرروا قلب الطاولة كلياً في الحلقة الوسطى: إسقاط الحكم في دمشق.
غير أن حسابات المشرق المعقدة، كانت ولا تزال أعصى من أن يفهمها كاوبوي بعيد أو بدوي قريب. عاد الأميركيون إلى المنطقة بمشروع ربيعي. هو في الواقع فكرة مبسطة، من كتابة أردوغانية وإخراج منتجي الثورات الملونة: نسلم الإخوان المسلمين حكم كل المنطقة، وهم يؤمنون لنا في المقابل ثلاثة مطالب: أمن إسرائيل، ومصالح أميركا، واستقرار الأنظمة من دون تحميل واشنطن كلفة هذا الاستقرار. انطلق المشروع بسهولة في محطاته الأولى: تونس، مصر وليبيا. كان السعودي منزعجاً. كل تناقضاته مع «الإخوان»، وكل خوفه من وصول حكمهم إلى «مدن الملح»، تدفعه إلى ذلك. لكنه لزم الصمت لعام ونيف. فالاعتراض على مشروع ناجح تكتيك فاشل دوماً، إلى أن تضافرت عوامل إخفاق منافسيه لدى الملزّم الأميركي. في 11 أيلول 2012، سقطت أولوية حماية مصالح واشنطن في بنغازي، مع مقتل سفيرها هناك. في تشرين الثاني سقطت مقولة أمن إسرائيل، مع اندلاع حوادث غزة وعجز «حماس» عن تنفيذ التعهدات الإخوانية حيال الكيان الصهيوني. ومع مطلع عام 2013، بدا أن استقرار دول الثورات الربيعية مزحة... كل شيء صار ناضجاً لانتقال السعوديين إلى المبادرة مجدداً. كانوا قد أعدّوا العدة للهجوم المضاد، منذ منتصف تموز 2012، مع تعيين بندر في الموقع الأمني الأول. على مدى أشهر مارسوا كل الضغوط أميركياً وعربياً، حتى أقنعوا واشنطن للمرة الرابعة، أو الخامسة بعد الألف: أُسقط مرسي. أزيحت قطر. همّشت تركيا. فتسلمت الرياض كل الملفات. لا بل بدا أنها انتصرت وحدها، وكلياً، للمرة الأولى منذ عقود... في تلك اللحظة بالذات، جاءت تسوية الكيميائي من موسكو، وأطلّت بسمة النووي الروحاني من نيويورك، فانهار كل شيء.
طبيعي أن تخرج الرياض عن طورها، لا بل أن تفقد بعضاً من صوابها ورصانتها. كل الساحات تحولت وسائل لتسجيل الاعتراض والرفض. من معلولا إلى طرابلس. ومن المحكمة الدولية إلى مجلس الأمن، وصولاً إلى صراخ بندر في وجه من تلتبس عليه حقيقة العلاقة معه، هل هو الأميركي موظف عند السعودي أم العكس؟!
المهم وسط هذه المعمعة، وفي انتظار جلاء نتائج الخيبة السعودية الجديدة، والخيارات الأميركية النهائية، والموازين المشرقية الفعلية... في هذا الوقت، من يقنع سعد الحريري بأن لديه فرصة لبنانية أكيدة، لا لزوم لتحويلها طرف هامش في ورقة بندرية معدّة سلفاً للرمي أو للإحراق؟
* السويد تعرض طائرة عسكرية للاسهام في مهمة تفكيك الاسلحة الكيميائية السورية
اعلنت السويد الخميس انها ستضع في تصرف الامم المتحدة طائرة عسكرية للاسهام في مهمة تفكيك الاسلحة الكيميائية السورية. وقالت وزارة الدفاع السويدية ان الوحدة السويدية التي تملك طائرة من طراز "لوكهيد سي-130 هركوليس" "ستتمركز في قبرص بهدف دعم منظمة حظر الاسلحة الكيميائية في مجال نقل الجهاز البشري والتجهيزات".
ومنظمة حظر الاسلحة الكيميائية مكلفة الاشراف على هذه المهمة بموجب قرار تبناه مجلس الامن الدولي في نهاية ايلول/سبتمبر.
والاربعاء، اعلنت النروج انها تدرس طلبا من الولايات المتحدة حول تدمير قسم من الاسلحة الكيميائية السورية على اراضيها، وتامل اوسلو في الاجابة على هذا الطلب "في اسرع وقت"، لكنها "لا تملك التجهيزات" الضرورية لذلك، كما قال وزير الخارجية بورجي برندي للصحافيين.
* صحيفة أميركية: مناهضون أمريكيون للأسد متورطون في صناعة الأسلحة
أكدت صحيفة "وورلد تربيون" الأمريكية أن "بعض أشهر المحامين في الولايات المتحدة المناهضين بشدة لنظام بشار الأسد، والمطالبين بضرورة التدخل العسكري ضد دمشق، تم كشف تورطهم مؤخراً في صناعة الأسلحة في الولايات المتحدة الأمريكية". ونشرت الصحيفة الأمريكية في تقرير لها أن "مجموعة من أصحاب المصلحة العامة وبعضهم من الخبراء والمحامين، قاموا بالتلاعب بالصحف الكبرى وشبكات التلفزيون، لتصبح متحيزة، وتوهم الشعب الأمريكي بضرورة التدخل العسكري في سوريا لإسقاط نظام الأسد".
وقال التقرير إن "الحرب في سوريا مثلت تهديدا كبيرا للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط"، مشيرة إلى أن "تضارب المصالح تشكله مجموعة من الخبراء والمحامين في الولايات المتحدة".
وأشار إلى ان تلك المجموعة من الخبراء تتألف من المتخصصين إلى حد كبير من المسؤولين الحكوميين السابقين والقادة العسكريين، لافتاً إلى أنه يصل عددهم إلى 22 باحثا يظهرون على شاشات التلفزيون والصحف الأكثر انتشاراً لإقناع الرأي العام بما تريد الإدارة الأمريكية تنفيذه، فهم ينفذون تفكير القادة، لقيادة الرأي العام لما يريدونه. ويرتبط هؤلاء الأفراد والمنظمات بعشرات من المراكز كوزارة الدفاع والاستخبارات وشركات الاستثمار التي تركز على صناعة الأسلحة، بالإضافة إلى دبلوماسيين".
تعليق