إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

مدمج (مواضيع شيخ حسين الاكرف )

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [وثيقة] - عائشة تعترف: كنا نخيط ونغزل الإبرة بالليل في ضوء وجه فاطمة الزهراء عليها ا

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

    [وثيقة] - عائشة تعترف: كنا نخيط ونغزل الإبرة بالليل في ضوء وجه فاطمة الزهراء عليها السلام!



    الوثيقة برابط آخر:
    http://img149.imageshack.us/img149/1138/image001xi6.jpg

    قالت عائشة : كنّا نخيط ، و نغزل ، و ننظم الأبرة باللّيل في ضوء وجه فاطمة ( عليها السلام ).

    المصدر: "أخبار الأُول وآثار الدول لأحمد بن يوسف الدمشقي ، نقلاً عن كتاب: السيدةُ فاطمةُ الزهراء عن لسان عائشة، للعلامة الشيخ جعفر الهادي".

    وفي الختام لا يسعنا إلا أن نقول لعن الله ظالميك وقاتليك يا فاطمة الزهراء؛ ولعن الله صنمي قريش ومن يتولاهما أو يواليهما.

    ونسألكم الدعاء...~

    تعليق


    • بسم الله الرحمن الرحيم
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
      سيرة سيدة النساء فاطمة الزهراء (ع)
      بطاقة الهوية:
      الأسم: فاطمة الزهراء (ع)
      اللقب: الزهراء
      الكنية: أم الأئمة
      اسم الأب: محمد بن عبد الله (ص)
      اسم الأم: خديجة بنت خويلد
      الولادة: 20 جمادى الاخرة عام 5 بعد البعثة
      الشهادة: 3 جمادى الاخرة عام 11 ه
      مكان الدفن: مجهول عند الناس
      حياة السيدة الزهراء (ع):
      ولدت السيدة فاطمة الزهراء (ع) بعد مبعث الرسول (ص) بخمس سنين في بيت الطهارة والإيمان لتكون رمز المرأة المسلمة وسيدة نساء العالمين وأم الأئمة حيث كانت القطب الجامع بين النبوة والامامة. فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها.
      طفولة فاطمة (ع):
      نشأت فاطمة الزهراء (ع) في بيت النبوة ومهبط الرسالة فكان أبوها رسول الله (ص) يزقها العلوم الالهية ويفيض عليها من معارفه الربانية.
      وشاءت حكمة الله تعالى أن تعاني هذه الأبنة الطاهرة ما كان يعانيه أبوها من أذى المشركين فيما كان يدعوهم الى عبادة الإله الواحد. ولم تكد تبلغ الخامسة من عمرها حتى توفيت أمها خديجة فكانت تلوذ بأبيها رسول الله (ص) الذي بات سلوتها الوحيدة فوجدت عنده كل ما تحتاجه من العطف والحنان والحب والاحترام. ووجد فيها قرة عينه وسلوة أحزانه فكانت في حنانها عليه واهتمامه به كالأم الحنون حتى قال عنها: "فاطمة أم أبيها".
      هجرة فاطمة (ع):
      بعد أن غادر النبي (ص) مكة متوجهاً الى المدينة لحق الامام علي (ع) به ومعه الفواطم، ومنهم فاطمة الزهراء (ع)، وكان عمرها انذاك سبع سنوات، فلحقوا جميعاً بالنبي (ص) الذي كان بانتظارهم ودخلوا المدينة معاً.
      زواج فاطمة (ع) من علي (ع):
      ما بلغت فاطمة الزهراء (ع) التاسعة من العمر حتى بدا عليها كل ملامح النضوج الفكري والرشد العقلي فتقدم سادات المهاجرين والأنصار لخطبتها طمعاً بمصاهرة النبي (ص) ولكنه كان يردهم بلطف معتذراً بأن أمرها الى ربها.
      وخطبها علي (ع) فوافق النبي (ص) ووافقت فاطمة وتمّ الزواج على مهر قدره خمسمائة درهم، فباع علي درعه لتأمين هذا المهر ولتأثيث البيت الذي سيضمهما فكان أن بسط أرض الحجرة بالرمل ونصب عوداً لتُعلق به القربة واشترى جرةً وكوزاً، وبسط فوق الرمل جلد كبش ومخدة من ليف.
      لقد كان هذا البيت المتواضع غنياً بما فيه من القيم والأخلاق والروح الايمانية العالية فبات صاحباه زوجين سعيدين يعيشان الألفة والوئام والحب والاحترام حتى قال علي (ع) يصف حياتهما معاً.
      فوالله ما أغضبتها ولا أكرهتها على أمرٍ حتى قبضها الله عزّ وجلّ، ولا أغضبتني ولا عصت لي أمراً. لقد كنت أنظر إليها فتنكشف عني الهموم والأحزان.
      وقد كانا قد تقاسما العمل، فلها ما هو داخل عتبة البيت وله ما هو خارجها. وقد أثمر هذا الزواج ثماراً طيبة، الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم.
      تعلق رسول الله (ص) بإبنته فاطمة (ع) تعلقاً خاصاً لما كان يراه فيها من وعي وتقوى واخلاص فأحبها حباً شديداً الى درجة أنه كان لا يصبر على البعد عنها، فقد كان إذا أراد السفر جعلها اخر من يودع وإذا قدم من السفر جعلها أول من يلقى.
      وكان إذا دخلت عليه وقف لها إجلالاً وقبلها بل ربما قبل يدها. وكان (ص) يقول: "فاطمة بضعة مني من اذاها فقد اذاني ومن اذاني فقد اذى الله".
      ومع ذلك فقد جاءته يوماً تشكو إليه ضعفها وتعبها في القيام بعمل المنزل وتربية الأولاد وتطلب منه أن يهب لها جارية تخدمها. ولكنه قال لها: أعطيك ما هو خيرٌ من ذلك، وعلمها تسبيحة خاصة تستحب بعد كل صلاة وهي التكبير أربعاً وثلاثين مرة والتحميد ثلاثاً وثلاثين مرة والتسبيح ثلاثاً وثلاثين مرة وهذه التسبيحة عرفت فيما بعد بتسبيحة الزهراء.
      هكذا يكون البيت النبوي، لا يقيم للأمور المادية وزناً، ويبقى تعلقه قوياً بالأمور المعنوية ذات البعد الروحي والأخروي.
      فاطمة العالمة العابدة:
      لقد تميزت السيدة الزهراء بمستواها العلمي العميق من خلال اهتمامها بجمع القرآن وتفسيره والتعليق بخطها على هامش اياته المباركة حتى صار عندها مصحف عُرف بمصحف فاطمة (ع). وقد برزت علومها الالهية في الخطبة الشهيرة التي ألقتها في مسجد النبي (ص) بحضور المهاجرين والأنصار مطالبة بحقها في فدك حيث ظن بعض من سمعها أن رسول الله‏(ص) بعث من جديد لبلاغتها وفصاحتها وبعد مراميها وعمق فهمها للاسلام وأحكامه.
      كل ذلك دعاها لتكون العابدة المتهجدة الناسكة الزاهدة الورعة حيث كانت تقوم في الليل حتى تتورّم قدماها ثم تدعو لجيرانها ثم لعموم المؤمنين قبل أن تدعو لنفسها حتى عُرف عنها أنها "محدَّثة" أي كانت تأتيها الملائكة فتحدثها.
      فاطمة بعد النبي (ص):
      عندما حضرت رسول الله (ص) الوفاة أسرَّ إليها بكلمة فبكت، ثم أسرّ إليها بكلمة فضحكت فسألها البعض عن ذلك بعد وفاة النبي (ص) فقالت: أخبرني أنه راحل عن قريب فبكيت ثم أخبرني إني أول الناس لحوقاً به فضحكت.
      ولم يكد جثمان رسول الله (ص) يغيب في الثرى حتى بدأت مظلومية الزهراء تتعاظم فقد اغتصب حق بعلها بالخلافة ثم اغتصب حقها في فدك، وهي قرية كان النبي (ص) قد وهبها لها في حياته. ولم يراعِ القومُ في ذلك مقامها ومنزلتها عند النبي ولم يحفظوا فيها وصيته فاشتد حزنها على فراق أبيها ومظلومية بعلها فكثر بكاؤها حتى ماتت حزناً وكمداً بعد خمسٍ وسبعين يوماً من وفاة والدها (ص) فدفنها علي (ع) سراً كي لا يعلم القوم بقبرها، وذلك بوصية خاصة منها (ع) للتعبير عن سخطها على ظالميها.
      ونسألكم الدعاء...~

      تعليق




      • وهذا الضوء من وجه سيدة الخلق فاطمة الزّهراء عليها السّلام يثبت قولنا بأنّ أهل البيت عليهم السّلام أصل خلقتهم نور.
        كما أنّها سلام الله تعالى عليها كانت لا ترى حمرة وهذا من خصائصها سلام الله عليها فهي طاهرة مطهّرة أصل خلقتها نورانية.



        روى الشيخ الكليني في الكافي الشريف عن:


        مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنِ الْعَمْرَكِيِّ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ أَبِي الْحَسَنِ ( عليه السلام ) قَالَ

        إِنَّ فَاطِمَةَ ( عليها السلام ) صِدِّيقَةٌ شَهِيدَةٌ وَإِنَّ بَنَاتِ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَطْمَثْنَ .

        قال العلاّمة المجلسي: صحيح. [مرآةالعقول: ج5، ص315].

        تعليق


        • ”الصحابة“ فتحوا الفتوحات فكيف أعز الله بهم دينه وهم سارقون مغتصبون؟ ولماذا لم يساند

          بسم الله الرحمن الرحيم
          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
          اللهم صلِ على محمد على آل محمد وعجل فرجهم الشريف

          ”الصحابة“ فتحوا الفتوحات فكيف أعز الله بهم دينه وهم سارقون مغتصبون؟ ولماذا لم يساند الله الأئمة ؟
          الأسئلة:
          1-سمعت كلامكم بخصوص الصحابة وبأنهم خلفاء غير شرعيين وقد سرقوا الخلافة من آل بيت رسول الله ولكن بعد تأملي للتاريخ أري أن هؤلاء قد فتح الله بهم فتوحات كثيرة وقد إنتشر الإسلام وهم في الخلافة مشارق الأرض ومغاربها كيف ذلك وهم مغتصبين للخلافة وهل الله يعز الإسلام بأشخاص مثل هؤلاء ويرفع الله بهم راية الإسلام.
          2- لم يتولي أي من الأئمة الإثني عشر الخلافة أبدا ماعدا الإمام علي بن أبي طالب كيف هذا وهل الله يترك أئمة الدين هكذا بدون مساندتهم وتقويتهم ومنحهم الإمامة ولو قليل منهم غير الإمام علي عليه السلام.
          الأجوبة:
          ج1: إن هذه الفتوحات لم تكن إسلامية تماماً، بل كان هدفها توسيع رقعة سلطان الحكام الظالمين، غير أن هذه التوسعة تمّت مع شديد الأسف باسم الإسلام، ولذا تجد في التاريخ كثيرا من المخالفات الشرعية المرتكبة في هذه الفتوحات والتي لا مجال لبيانها، ولذا تجد أيضاً أن الإمامين الحسن والحسين (صلوات الله عليهما) كانا يضطران للمشاركة في الجيوش الفاتحة أملاً في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الإسلام الحقيقي المنقول للبلدان المفتوحة، وحرصاً على دفع ما يمكن دفعه من المخالفات الشرعية المصاحبة لتلك الحملات العسكرية التي كان كثيرٌ منها خارجاً عن مبادئ الرحمة الإسلامية بل الإنسانية، ويكفيك ما صنعه عمر بن الخطاب (لعنه الله) بأهل قرية (عرب سوس) في الشام، من تخريب للمتلكات وتدمير للمزارع وإبادة جماعية يندى لذكرها الجبين، وقد سبق أن تعرّضنا إليها في بعض محاضراتنا وأجوبتنا فراجع.
          إنك لو اختلفت معنا في هذه الحقيقة بشأن أبي بكر وعمر وعثمان مثلاً، فلا نظنك - وأنت صاحب ضمير إن شاء الله - تختلف معنا في خلفاء بني أمية وبني العباس، الذين يعرف القاصي والداني أنهم كانوا أهل فسق وفجور وعربدة وخمور، ومع ذلك وجدناهم قد ”فتحوا البلاد“ فهل يصحّ لعاقل أن يحكم على هؤلاء الفسقة الفجرة بالإيمان والعدالة لأنهم ”نشروا الإسلام“؟!
          لا يمكن ذلك، إذ من الواضح أن فتوحاتهم هذه إنما كان هدفها توسعة رقعة سلطانهم ومدّ نفوذ حكومتهم، لكن باسم ”الفتح الإسلامي“! ولم يكن يهمّهم من الأمر سوى هذه التوسعة، فلم نجد مثلاً أنهم أنفذوا مع جيوشهم فقهاء علماء لينقلوا نور الإسلام إلى الشعوب الأخرى وليحرصوا على مراقبة أعمال الجيش فلا يقع في المخالفات الشرعية ويرتكب الجرائم باسم الإسلام العظيم.
          وعليه فإن محاولة الربط بين الأمرين هي محاولة خاطئة، أعني الربط ما بين ما يكون ظاهرا من أن فلاناً قد فتح البلدان؛ وما بين أن يكون فلان هذا مسلماً مؤمناً تقياً عادلاً، إذ لا ملازمة بين الأمريْن، وعلى الحاذق أن يبحث في ما وراء الظواهر ويفتّش عن الأسباب الحقيقية التي دفعت فلاناً لأن يجيّش الجيوش ويرسلها للفتح باسم الإسلام، فإن كانت نيّته نيّة صادقة مخلصة وجب احترامه، أما إن كان له أهداف أخرى فلا.
          وهذا هو ما يفعله المسلمون الحقيقيون، أعني شيعة أهل البيت (عليهم السلام) فإنهم لا ينخدعون بالمظاهر أبداً، وإنما يفتشّون عمّا وراء الشخصيات التاريخية، فمن وجدوا باطنه يوافق ظاهره في الإيمان احترموه ووالوه وترّحموا عليه، ومن وجدوه على خلاف هذه الصفة اعتبروه منافقاً وذمّوه ولعنوه. وهذا هو منهج الإنسان المؤمن المتوازن كما لا يخفى.
          ثم إننا حتى لو تنازلنا عن كل ما سبق وأقررنا بأن تلك الفتوحات المذكورة كانت إسلامية تماماً وبهدف نشر هذا الدين العظيم، فإن ذلك لا يلازم أيضاً أن يكون من أمر بها مؤمناً براً، بل قد يكون فاسقاً فاجراً! والدليل على ذلك الحديث الشريف الوارد عن رسول الله الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) والذي يقول فيه: ”إن الله عز وجل ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر“! (صحيح البخاري ج4 ص34 وصحيح مسلم ج1 ص74 وغيرهما كثير).
          فالمطلوب إذاً هو البحث جيدا والتحقيق، وعدم الانخداع بالمظاهر، فقد يكون من ينصر الدين في الظاهر فاجراً كما نصّ النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم. والإسلام هو دين متوازن كلّي، فلا يقبل مثلاً من يصلي دون أن يصوم أو يحج! وكذا لا يقبل من يجيّش الجيوش لأجل الفتح لكنه من جانب آخر ينقض على أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيقتلهم ويغتصب حقوقهم!
          ج2: كذلك الحال في الأنبياء عليهم السلام، فإن الله تعالى لم يمنح معظمهم الحكم والسلطان، وإنما أعطى قليلا منه سليمان ويوسف (عليهما السلام) مثلاً، فهل يصحّ القول: كيف ترك الله أنبياءه بدون مساندتهم وتقويتهم ولو قليل منهم غير هذين النبيّين؟! وعجباً كيف ترك الله معظم أنبياءه يتعرّضون للاضطهاد والتشريد والقتل دون أن يدفع عنهم؟!
          إن مثل هذه الاعتراضات هي اعتراضات ساذجة، فإن المؤمن الواعي يدرك بأن الله تعالى لم يشأ أن يُجبر أحداً أو يقهره، وإنما جعل الإنسان مخيّراً، فلو قبل النبي وحكمه كان ذلك، ولو لم يقبله كان على النبي أن يضحّي ويتحمّل تكذيب الناس له ثم قتلهم إياه!
          وكذا الحال في الأئمة (عليهم السلام) فإن الله تعالى جعل البشر مختارين، فلو قبلوا ولاية وحكم الأئمة (عليهم السلام) فبها، وإن لم يقبلوا كان على الأئمة (عليهم السلام) أن يتحمّلوا تكذيب الناس لهم ثم قتلهم إياهم!
          وهذا لا يعني أن الله تعالى قد خذل أنبياءه وأولياءه (عليهم السلام) بل إنه يمثّل صورة من صور العدل الإلهي، فإن الله لو تدخّل وأجبر الناس على قبول ولاية أحد من أنبيائه أو أوليائه لكان ذلك جبراً وقهراً، وهذا خلاف العدل، إذ يصحّ للمجبور على المعصية أن يعترض على الله تعالى يوم القيامة أن: ”كيف تعذبني وقد أجبرتني على المعصية“؟! كما يصحّ لغير المجبور على الطاعة أن يعترض قائلا: ”لماذا لم تجبرني على الطاعة لأدخل الجنة كما جبرت غيري على ذلك“؟! كما يصحّ أصل الاعتراض على الله تعالى بأن: ”كيف تدخل هؤلاء المجبورين على الطاعة الجنة وإنما قد جُبروا ولم يستحقوا ذلك إذ لم يؤمنوا ويطيعوا بملء إرادتهم“؟!
          وهكذا لن تنتهي الإشكالات، وحاشا لله تعالى أن يقع في الظلم أو يخالف مقتضيات العدالة والحكمة، وهكذا جرت حكمته على أن يجعل الإنسان مخيّراً لا مسيّراً، وهذا يلازم أن يترك للبشر الخيار بين أن يؤمنوا أو لا يؤمنوا، وبين أن يلتزموا بإمامة الخلفاء الشرعيين من آل محمد (عليهم السلام) وبين أن لا يلتزموا، وهكذا.
          نعم في بعض المراحل يكون من قضاء الله تعالى وقدره أن ينفذ مشيئته في إيصال أحد من أنبيائه أو أوليائه (عليهم السلام) إلى الحكم والسلطان، كما حصل مع سليمان ويوسف ومحمد (صلوات الله عليهم) في الأنبياء، وعلي والحسن والمهدي (صلوات الله عليهم) في الأوصياء، وذلك لا عن طريق الجبر والإكراه، بل عن طريق تهيئة المقدّمات الموجبة لتحقّق ذلك. وليست كل المراحل مؤهلة لمثل هذه المقدّمات وإلا لبطلت الحكمة من امتحان البشر وابتلائهم.
          ومع السلامة.

          تعليق


          • أينكم يا أهل السنة: من سب أصحابي فعليه لعائن الله ؟

            بسم الله الرحمن الرحيم
            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
            اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

            أينكم يا أهل السنة: من سب أصحابي فعليه لعائن الله ؟
            التشدق بالأحاديث من جهة واحدة فقط هي أم المصائب!
            لقد بدأ معاوية ذلك في الشام زمن خروجه على أمير المؤمنين (ع) ، وأصبح سنة في زمن حكومته في كل ولايات المسلمين .
            روى مسلم عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال : " أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا ، فقال : مامنعك أن تسب أبا التراب ، فقال : أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله (ص) فلن أسبه لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم " (1) .
            وبذل الشراح جهدا كي يقولوا إنه يتساءل عن سبب امتناعه عن سب علي ولم يطلب منه ذلك ، وأقول لهم فما محل وموقع كلمة أمر التي في أول الخبر " أمر معاوية سعدا " إذا لم يأمره بذلك فماذا أمر ؟!
            ولقد روى ابن سعد إن من شروط الحسن (ع) على معاوية أن يكف عن سب علي وهو يسمع قال : " ووفى معاوية للحسن ببيت المال وكان فيه يومئذ ستة آلاف ألف درهم واحتملها الحسن وتجهز بها هو وأهل بيته إلى المدينة ، وكف معاوية عن سب علي والحسن يسمع " (2) .
            وقال في ( بغية الطلب في تاريخ حلب ) : " أبو أيوب خالد بن زيد ، بدري ، وهو الذي نزل على النبي مقدمه المدينة ، وهوكان على مقدمة علي يوم صفين ، وهو الذي قال لمعاوية حين سب عليا : كف يا معاوية عن سب علي في الناس ، فقال معاوية : ما أقدر على ذلك منهم ، فقال أبو أيوب : والله لا أسكن أرضا أسمع فيها سب علي ، فخرج إلى سيف البحر حتى مات ، رحمه الله " (3) .
            ثم هل من الصدفة أن يجتمع ولاة معاوية على سب علي على المنابر ،كل الولاة يسبون ، ولكن الأمر لم يصدر من الخليفة معاوية ، عجب ؟!
            لكن يجب أن يعلم أن مجرد سب علي على المنابر ولا يمنعهم معاوية مع قدرته على ذلك هو أمر لا يختلف عن الأمر بالسب .
            روى الطبري : " أن معاوية بن أبي سفيان لما ولي المغيرة بن شعبة الكوفة دعاه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : " أما بعد فإن لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا ... وقد أردت إيصاءك بأياء كثيرة فأنا تاركها اعتمادا على بصرك ... ولست تاركا إيصاءك بخصلة لا تتحمّ عن شتم علي وذمه والترحم على عثمان والاستغفار له والعيب على أصحاب علي والاقصاء لهم " (4) .
            وقال ابن الأثير عن معاوية " فكان إذا قنت سب عليا وابن عباس والحسن والحسين والأشتر " (5) .
            وقد ثبت بالأسانيد الصحيحة أن المغيرة بن شعبة أول ولاة معاوية طاعة له في سب علي (ع) ، روى الحاكم عن زياد بن علاقة عن عمه : " أن المغيرة بن شعبة سب علي بن أبي طالب ، فقام إليه زيد بن أرقم ، فقال : يا مغيرة ألم تعلم أن رسول الله (ص) نهى عن سب الأموات فلم تسب عليا وقد مات " .
            قال الحاكم : " هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه هكذا " ، وقال الذهبي : " على شرط مسلم " (6) .
            وروى أحمد عن عبدالله بن ظالم قال : " خطب المغيرة بن شعبة فنال من علي ، فخرج سعيد بن زيد فقال : ألا تعجب من هذا يسب عليا ! " (7).
            بل من الواضح أن المغيرة كان يوصي عماله بذلك ، فقد روى ابن الأثير : " ولما ولي المغيرة الكوفة استعمل كثير بن شهاب على الري ، وكان يكثر من سب علي على منبر الري " (8) .
            وروى البزار بسند رجاله موثقون عن عبدالله بن ظالم قال : دخلت على سعيد بن زيد وقال : ألا تعجب من هذا الظالم أقام الخطباء يشتمون عليا ، قال : قد فعلوه ، أوقد فعله ؟ " (9) .
            وإليك بعض الروايات التي تدل على التزام ولاة آخرين لمعاوية بسب علي (ع) على المنابر ، فقد روى البخاري في كتاب فضائل الصحابة باب مناقب علي (ع) : " أن رجلا جاء إلى سهل بن سعد فقال : هذا فلان – لأمير المدينة – يدعو عليا عند المنبر " (10) .
            ابن حجر في شرحه للحديث قال : " ( هذا فلان لأمير المدينة ) أي عنى أمير المدينة ، وفلان المذكور لم أقف على اسمه صريحا ، ووقع عن الإسماعيلي هذا فكان فلان بن فلان " (11) ، ولكنه قال في مقدمة فتح الباري : " وأمير المدينة هو مروان بن الحكم فيما أظن " (12) .
            وروى مسلم عن سهل بن سعد قال : " استعمل على المدينة رجل من آل مروان ، قال فدعا سهل بن سعد فأمره أن يشتم عليا ، قال : فأبى سهل ، فقال له : أمّا إذ أبيت فقل : لعن الله أبا تراب " (13) .
            المهم من واضحات التاريخ أن الرجل هو مروان بن الحكم ، فالعجب من محاولة إخفائه في الصحاح ، والعجب من قول ابن حجر : أظن .
            وروى ابن عساكر عن عمير بن إسحاق قال : " كان مروان بن الحكم أميرا علينا ست سنين ، فكان يسب عليا كل جمعة على المنبر " (14) .
            ومن الولاة المولعين بسب علي (ع) بسر ، قال ابن الجوزي :
            " بعث معاوية بسر بن أرطاة – إلى البصرة - فصعد إلى المنبر وشتم عليا (رض) ثم قال : " أنشد الله رجلا عليما أني صادق إلا صدقني ، أو كاذب إلا كذبني فقال أبو بكرة : لا نعلمك إلا كاذبا ، فأمر به يخنق فقام أبو لؤلؤة الضبي فرمى بنفسه عليه فمنعه " (15) .
            ولم ينقطع سب علي على منابر بني أمية إلا في زمن عمر بن عبدالعزيز قال ابن سعد : " كان الولاة من بني أمية قبل عمر بن عبدالعزيز يشتمون عليا رحمه الله فلما ولي عمر أمسك عن ذلك " (16) .
            وهل قتل حجر (رض) إلا لأنه رد السابين ولم يتبرأ من علي (ع) ؟!
            فقد روى الطبري وهو ينقل قصة شهادة حجر (17) : " وأقام المغيرة على الكوفة عاملا لمعاوية سبع سنين وأشهرا ، وهو من أحسن شيء سيرة وأشده حبا للعافية غير أنه لا يدع ذم علي والوقوع فيه ... فكان حجر بن عدي إذا سمع ذلك قال : بل إياكم فذمم الله ولعن ثم قام فقال : إن الله عز وجل يقول ( كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ ) وأنا أشهد ان من تذمون وتعيرون لأحق بالفضل وأن من تزكون وتطرون أولى بالذم ... حتى كان في آخر إمارته قام المغيرة فقال في علي وعثمان كما كان يقول ... فقام حجر بن عدي فنعر نعرة بالمغيرة سمعها كل من كان في المسجد وخارجا منه وقال : إنك لا تدري بمن تولّع من هرمك أيها الانسان ... وقد أصبحت مولعا بذم أمير المؤمنين وتقريظ المجرمين ... فجمعت الكوفة والبصرة لزياد بن أبي سفيان ...ثم صعد المنبر ... فقام حجر ففعل مثل الذي كان يفعل بالمغيرة " (18) .
            ونتابع بقية الأحداث من رواية الحاكم عن ابن سيرين : " أن زيادا أطال الخطبة ، فقال حجر بن عدي : الصلاة ، فمضى في خطبته ، فقال له : الصلاة وضرب بيده إلى الحصى وضرب الناس بأيديهم إلى الحصى ، فنزل فصلى ، ثم كتب فيه إلى معاوية ، فكتب معاوية أن سرح به إلي ، فسرحه إليه ، فلما قدم عليه ، قال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ، قال : وأمير المؤمنين أنا إني لا أقيلك ولا أستقيلك ، فأمر بقتله ، فلما انطلقوا به طلب منهم أن يأذنوا له فيصلي ركعتين ، فأذنوا له فصلى ركعتين ، ثم قال : لا تطلقوا عني حديدا ولا تغسلوا عني دما وادفنوني في ثيابي ، فإني مخاصم ، قال : فقتل " (19) .
            فهل هناك أوضح من هذا المثال على ظلم معاوية ؟! وأوضح من هذا مثال على أن معاوية يقتل من لا يتبرأ من علي ، وهو ما قال عنه الكاتب : " كذب محض يعجز ... كل شيعي على وجه الأرض ... عن أن يأتي بمثال واحد على هذا الكذب " .
            وقد صرح ابن الجوزي بأن علة مقتل حجر وأصحابه ذلك حينما قال : " فكتب إليه معاوية – إلى زياد – أن شده في الحديد – أي حجر – ثم احمله إلي فبعثه إليه مع جماعة ممن يرى رأيه فاستوهب بعضهم وبقي بعضهم ، فقيل لهم : تبرءوا من علي حتى يطلقكم فلم يفعلوا " (20) .
            وكذلك صرح المناوي بذلك حينما قال : " ... وكتب إلى معاوية ، فطلبه ، فقدم عليه ، فقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ، فقال : أو أمير المؤمنين أنا ، فأمر بقتله فقتل ، وقتل من أصحابه من لم يتبرأ من علي ، وأبقى من تبرأ منه ، وأخرج ابن عساكر أيضا عن سفيان الثوري ، قال معاوية : ما قتلت أحدا إلا وأعرف فيم قتلته ما خلا حجر فإني لا أعرف فيم قتلته " (21) .
            وقال الذهبي : " قيل أن رسول معاوية عرض عليهم البراءة من رجل والتوبة ، فأبى ذلك عشرة ، وتبرأ عشرة " (22) .
            وروى ابن أبي شيبة عن هشام بن حسان قال : " كان محمد – ابن سيرين - إذا سئل عن الشهيد يغسل حدث عن حجر بن عدي إذ قتله معاوية ، قال : قال حجر : لا تطلقوا عني حديدا وتغسلوا عني دما ، ادفنوني في وثاقي ودمي ، ألقى معاوية عن الجادة غدا " (23) .
            قال ابن سعد : " فجمع زياد سبعين من وجوه أهل الكوفة فقال : اكتبوا شهادتكم على حجر وأصحابه ، ففعلوا ثم وفدهم على معاوية وبعث بحجر وأصحابه إليه ... فقرئ عليه الكتاب ، وجاء الشهود فشهدوا ، فقال معاوية بن أبي سفيان : أخرجوهم إلى عذرى فاقتلوهم هنالك " (24) .
            قال في ( الاستيعاب ) : " كان حجر من فضلاء الصحابة ... حصبه –زيادا – يوما في تأخير الصلاة هو وأصحابه ، فكتب زياد إلى معاوية ، فأمره أن يبعث به إليه ، فبعث إليه مع وائل بن حجر الحضرمي في اثني عشر رجلا كلهم في الحديد ، فقتل معاوية منهم ستة واستحيا ستة ، وكان حجر ممن قتل " (25) .
            قال ابن كثير : " ... أن حجر لما دخل على معاوية قال : السلام عليك يا أمير المؤمنين فغضب معاوية غضبا شديدا ، وأمر بضرب عنقه هو ومن معه … فبات حجر وأصحابه يصلون طول الليل ، فلما صلوا الصبح قتلوهم ، وهذا هو الأشهر " (26) .
            وقال ابن حجر : " وقتل بمرج عذراء بأمر معاوية ، وكان حجر هو الذي افتتحها فغدر بها " (27) .
            وذكر السيوطي ما روته عائشة عن رسول الله (ص) : " سيقتل بعذراء أناس يغضب الله لهم وأهل السماء " (28) .
            ورواه البيهقي عن عبدالله بن زرير الغافقي قال : " سمعت علي بن أبي طالب يقول : يا أهل العراق سيقتل منكم سبعة نفر بعذراء مثلهم كمثل أصحاب الأخدود ، فقتل حجر وأصحابه ... ، قلت : علي (رض) لا يقول مثل هذا إلا بأن يكون سمعه من رسول الله (ص) ، وقد روي عن عائشة بإسناد مرسل مرفوعا " (29) .
            وروى الحاكم عن نافع قال : " فأتى خبره ابن عمر وهو مختبئ في السوق فأطلق حبوته ووثب وانطلق فجعلت أسمع نحيبه وهو مول " (30) .
            وروي أن عائشة أم المؤمنين كانت تتوعد معاوية وتقول : " لولا يغلبنا سفهاؤنا لكان لي ولمعاوية في قتله حجرا شأن " (31) .
            وقال ابن كثير : " وفيها توفي الربيع بن زياد الحارثي … وكان قد ذكر حجر بن عدي فأسف عليه وقال : والله لو ثارت العرب له لما قتل صبرا ولكن أقرت العرب فذلت " (32) .
            ولم يكن تتبع شيعة علي فرديا بل كانوا يلاحقون بصورة جماعية ، نقل ابن الجوزي عن عبد الرحمن بن السائب الأنصاري قال : " جمع زياد أهل الكوفة فملأ منهم الرحبة والمسجد والقصر ليعرضهم على البراءة من علي (رض) ، قال عبدالرحمن : فإني لمع نفر من أصحابي من الأنصار والناس في أمر عظيم " (33) .
            وروى المسعودي الخبر على النحو التالي : " وقد كان زياد جمع الناس بالكوفة بباب قصره يحرضهم على لعن علي ، فمن أبى ذلك عرضه على السيف " (34) .
            وروى الطبراني عن يونس بن عبيد عن الحسن قال : " كان زياد يتتبع شيعة علي (رض) فيقتلهم ، فبلغ ذلك الحسن بن علي (رض) فقال : اللهم تفرد بموته ، فإن القتل كفارة " (35) .
            ولم يقتصر معاوية وولاته على ذلك بل كان يعتدي على القرى والبلاد التي تمتنع عن الخضوع لجيشه الباغي وتبقى على ولائها لعلي (ع) ، قال ابن الجوزي في حوادث سنة ( 39 ) : " وجه معاوية في هذه السنة عبد الله بن مسعدة الفزاري في ألف وسبعمائة رجل إلى تيماء وأمره أن يصدق من مر به من أهل البوادي وأن يقتل من امتنع من عطائه صدقة ماله ، ثم يأتي المدينة ومكة والحجاز يفعل ذلك " (36) ، وكما ترى فكل هذا قبل استشهاد علي (ع) وتوليه الملك ورقاب المسلمين .
            وليتأمل القارئ جملة " يقتل من امتنع عن عطائه صدقة ماله " .
            وكذلك نقل ابن الجوزي : " وجه معاوية الضحاك بن قيس وأمره بالمرور بأسفل واقصة وأن يغير على كل من مر به ممن في طاعة علي (رض) من الأعراب " (37) .
            صحابة آخرون قتلهم معاوية:
            • الحسن بن علي عليهما السلام
            قال ابن عبدالبر : وقال قتادة وأبو بكر بن حفص سم الحسن بن علي (ع) سمته امرأته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي ، وقالت طائفة :كان ذلك بتدسيس معاوية إليها وما بذل لها في ذلك ، والله أعلم " (38).
            وروى الطبراني : " عن أبي بكر بن حفص أن سعدا والحسن بن علي (رض) ماتا في زمن معاوية (رض) فيرون أنه سمه ، قال محقق الكتاب : " إسناده إلى قائله صحيح " (39) .
            • محمد بن أبي بكر
            روى الذهبي عن الزهري قال : " حدثني القاسم بن محمد أن معاوية حين قدم المدينة يريد الحج دخل على عائشة ، فكلمها خاليين ،لم يشهد كلامهما أحد إلا ذكوان أبوعمر ومولى عائشة ، فقالت : أمنت أن أخبأ لك رجلا يقتلك بقتلك أخي محمدا ؟ فقال : صدقت ، ولكن قال رسول الله : الإيمان قيد الفتك … " (40) .
            • عبد الرحمن بن خالد بن الوليد
            قال ابن عبدالبر : " لما أراد معاوية البيعة ليزيد ابنه ، خطب أهل الشام وقال لهم : يا أهل الشام ، إنه قد كبرت سني وقرب أجلي ، وقد أردت أن اعقد لرجل يكون نظاما لكم ، وإنما أنا رجل منكم فأروا رأيكم ، فأصفقوا واجتمعوا ، وقالوا : رضينا بعبد الرحمن بن خالد ، فشق ذلك على معاوية ، وأسرها في نفسه ، ثم أن عبد الرحمن مرض ، فأمر معاوية طبيبا عنده يهوديا – وكان عنده مكينا – أن يأتيه فيسقيه سقية يقتله بها ، فأتاه فسقاه فانحرق بطنه ، فمات ... وقصته هذه مشهورة عند أهل السير والعلم بالآثار والأخبار اختصرناها " (41) .
            وقال ابن الجوزي : " وكان قد عظم شأن عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بالشام ومال أهلها إليه لموضع غنائه عن المسلمين وآثار أبيه حتى خافه معاوية وخشي على نفسه منه لميل الناس إليه فدس إليه عدي بن أثال شربة مسمومة فقتله بها فمات بحمص " (42) .
            ====
            مصادر البحث:
            (1) صحيح مسلم ج4ص 1871 .
            (2) ترجمة الإمام الحسن (ع) من القسم غير المطبوع من الطبقات ، تحقيق السيد الطباطبائي ص 77 ، وروى الخبر في ( تاريخ دمشق ) عن ابن سعد ج13 ص 266 ، وفي ( تهذيب الكمال ) ج6 ص 247 ، وأيضا الذهبي في ( سير أعلام النبلاء ) ج3 ص 264 .
            (3) بغية الطلب في تاريخ حلب ج7 ص 3033 .
            (4) تاريخ الطبري ج4 ص188 .
            (5) الكامل في التاريخ ج2 ص 684 .
            (6) المستدرك على الصحيحين ج1 ص 541 .
            (7) مسند أحمد ج3 ص181 ، وقال محققو الطبعة : " والحديث صحيح لغيره وهذا إسناد حسن " .
            (8) الكامل في التاريخ ج3 ص 278 .
            (9) البحر الزخار ج4 ص 91 ، ورواه النسائي في ( السنن الكبرى ) ج5 ص 55 .
            (10) صحيح البخاري ج 5 ص 23 .
            (11) فتح الباري ج7 ص 72 .
            (12) هدي الساري مقدمة فتح الباري ص 301 .
            (13) المصدر السابق ج4 ص 1874 .
            (14) تاريخ دمشق ج57 ص 243 ، ج21 ص 129 ، ورواه أحمد في ( العلل ) ج3 ص 176 .
            (15) المنتظم ج4 ص 8 .
            (16) الطبقات الكبرى ج4 ص 67 .
            (17) حجر بن عدي قال عنه ابن كثير في ( البداية والنهاية ) : " ويقال له حجر الخير ... وقد ذكره محمد بن سعد في الطبقة الرابعة من الصحابة ... قال : وكان ثقة معروفا ... وقال المرزباني : قد روي أن حجر بن عدي وفد إلى رسول الله (ص) مع أخيه هانيء بن عدي ، وكان هذا الرجل من عباد الناس وزهادهم وكان بارا بأمه ، وكان كثير الصلاة والصيام ، قال أبو معشر : ما أحدث قط إلا توضأ ولا توضأ إلا صلى ركعتين ، هكذا قال غير واحد من الناس " ج 8 ص 54 – 55 .
            (18) تاريخ الطبري ج4 ص 188 - 189 .
            (19) المستدرك على الصحيحين ج3 ص 533 ، وذكر الخبر ابن الجوزي في ( المنتظم ) ج4 ص 64 .
            (20) المنتظم ج4ص 64 .
            (21) فيض القدير ج4 ص 162 .
            (22) سير أعلام النبلاء ج 3ص 466 .
            (23) المصنف ج7 ص 606 .
            (24) الطبقات الكبرى ج4 ص 432 ، وذكر ذلك الذهبي في ( سير أعلام النبلاء ) ج3 ص 464 .
            (25) الاستيعاب ج1 ص 389 .
            (26) البداية والنهاية ج8 ص 56 - 57 .
            (27) الإصابة ج1 ص 329 .
            (28) الجامع الصغير ص 293 ، نقلا عن تاريخ الفسوي وابن عساكر .
            (29) دلائل النبوة ج6 ص 456 .
            (30) المستدرك على الصحيحين ج3 ص 532 .
            (31) البداية والنهاية ج 8 ص 60 .
            (32) المصدر السابق ج 8 ص 67 .
            (33) المنتظم ج4 ص84 .
            (34) مروج الذهب ج3 ص24
            (35) المعجم الكبير ج3ص70 ، قال الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) ج6ص266 : "رجاله رجال الصحيح " .
            (36) المنتظم ج3 ص400 .
            (37) المصدر السابق نفس الصفحة .
            (38) الاستيعاب ج1 ص 440 .
            (39) المعجم الكبير ج3 ص 71 .
            (40) تاريخ الإسلام ، تاريخ معاوية ص 248 ، ورواه ابن كثير في ( البداية والنهاية ) ج8 ص140 .
            (41) الاستيعاب 2 ص 373 .
            (42) المنتظم ج4ص 39 .
            ونسألكم الدعاء...~

            تعليق


            • بغض المجرمة عائشة بنت أبي بكر للإمام الحسن عليه السلام وضرب جنازته بالسهام!!

              بسم الله الرحمن الرحيم
              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
              اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

              بغض المجرمة عائشة بنت أبي بكر للإمام الحسن عليه السلام وضرب جنازته بالسهام!!
              أولاً: بغض الحسن و الحسين يدخل النار.
              رَوى في مستدرك الصحيحين بسنده عن سلمان .
              قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه ( و آله ) و سلم يقول : " الحسن و الحسين ابناي ، من أحبهما أحبَّني ، و من أحبني أحبه الله ، و من أحبه الله أدخله الجنة ، و من أبغضهما أبغضني ، و من أبغضني أبغضه الله ، و من أبغضه الله أدخله النار " .
              قال : هذا الحديث صحيح على شرط الشيخين [1] .
              المصدر: [1] مستدرك الصحيحين : 3 / 166 .
              ثانياً: منع عائشة من دفن الإمام الحسن عليه السلام بجانب الرسول (ص) وضرب جنازتة بالسهام.
              روى الشيخ الكليني في (الكافي 1 / 302 ح 3)، بسنده عن محمد بن مسلم؛ قال : سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول : (لما أحتضر الحسن بن علي (عليهما السلام) قال للحسين : يا أخي أوصيك بوصية فاحفظها؛ فإذا أنا مت فهيئني؛ ثم وجّهني إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأحدث به عهدا؛ ثم أصرفني إلى أمي فاطمة ( سلام الله عليها )؛ ثم ردّني فادفنّي في البقيع؛ واعلم أنه سيصيبني من الحميراء ما يعلم الناس من صنيعها؛ وعداوتها لله ولرسوله (صلى الله عليه وآله) وعداوتها لنا أهل البيت .
              فلمّا قبض الحسن (عليه السلام) وضع على سريره؛ وانطلقوا به إلى مصلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي كان يصلّي فيه على الجنائز؛ فصلّي على الحسن (عليه السلام)؛ فلمّا أن صلّي عليه حمل فأدخل المسجد؛ فلمّا أوقف على قبر رسول الله بلغ عائشة الخبر؛ وقيل لها : إنهم قد أقبلوا بالحسن بن علي ( عليهما السلام ) ليدفن مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)؛ فخرجت مبادرة على بغل بسرج؛ فكانت أول إمرأة ركبت في الإسلام سرجاً؛ فوقفت فقالت : نحوا ابنكم عن بيتي؛ فإنه لا يدفن فيه شيء؛ ولا يهتك على رسول الله (صلى الله عليه وآله) حجابه .
              فقال لها الحسين بن علي ( عليهما السلام ) : قديماً هتكت أنت وأبوك حجاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)؛ وأدخلت بيته من لا يحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) قربه؛ وإن الله سائلك عن ذلك يا عائشة؛ إن أخي أمرني أن أقرّبه من أبيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليحدث به عهدا؛ واعلمي أن أخي أعلم الناس بالله ورسوله؛ وأعلم بتأويل كتابه من أن يهتك على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ستره؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول : (( يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم ))، وقد أدخلت أنت بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) الرجال بغير إذنه؛ وقد قال الله عزوجل : (( يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ))؛ ولعمري لقد ضربت أنت لأبيك وفاروقه عند اذن رسول الله (صلى الله عليه وآله) المعاول؛ وقال الله عزّ وجل : (( إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى )), ولعمري لقد أدخل أبوك وفاروقه على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقربهما منه الأذى؛ وما رعيا من حقّه ما أمرهما الله به على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله)؛ إن الله حرّم من المؤمنين أمواتاً ما حرّم منهم أحياء؛ وتالله ياعائشة لو كان هذا الذي كرهتيه من دفن الحسن (عليه السلام) عند أبيه (صلوات الله عليهما) جائزاً فيما بيننا وبين الله؛ لعلمت أنه سيدفن وإن رغم معطسك .
              قال : ثم تكلّم محمد بن الحنفية وقال : يا عائشة : يوماً على بغل؛ ويوماً على جمل؛ فما تملكين نفسك ولا تملكين الأرض عداوة لبني هاشم .
              قال : فأقبلت عليه فقالت : يا بن الحنفية؛ هؤلاء الفواطم يتكلّمون فما كلامك ؟
              فقال لها الحسين (عليه السلام) : وأنى تبعدين محمداً من الفواطم؛ فو الله لقد ولدته ثلاث فواطم : فاطمة بنت عمران بن عائذ بن عمرو بن مخزوم؛ وفاطمة بنت أسد بن هاشم؛ وفاطمة بنت زائدة بن الأصم بن رواحة بن حجر بن عبد معيص بن عامر .
              قال : فقالت عائشة للحسين (عليه السلام) : نحوا ابنكم واذهبوا به؛ فإنكم قوم خصمون .
              قال : فمضى الحسين (عليه السلام) إلى قبر أمّه؛ ثم أخرجه فدفنه بالبقيع) .
              ونقل العلامة المجلسي في (بحار الأنوار 44 / 154) عن كتاب الخرائج: انه روي أن الصادق (عليه السلام) قال : لمّا حضرت الحسن بن علي (عليه السلام) الوفاة؛ بكى بكاء شديداً وقال : إني أقدم على أمر عظيم؛ وهول لم أقدم على مثله قط؛ ثم أوصى أن يدفنوه بالبقيع؛ فقال : يا أخي احملني على سريري إلى قبر جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأجدّد به عهدي؛ ثم ردّني إلى قبر جدّتي فاطمة بنت أسد فأدفني؛ فستعلم يا ابن أم؛ أن القوم يظنون أنكم تريدون دفني عند رسول الله؛ فيجلبون في منعكم؛ وبالله أقسم عليك أن تهرق في أمري محجمة دم .
              فلمّا غسلّه وكفّنه الحسين (عليه السلام) وحمله على سريره؛ وتوجّه إلى قبر جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليجدّد به عهداً؛ أتى مروان بن الحكم ومن معه من بني أمية فقال : أيدفن عثمان في أقصى المدينة؛ ويدفن الحسن مع النبي ؟ لا يكون ذلك أبداً؛ ولحقت عائشة على بغل وهي تقول : مالي ولكم ؟ تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أحب .
              فقال ابن عباس لمروان بن الحكم؛ لا نريد دفن صاحبنا؛ فإنه كان أعلم بحرمة قبر رسول الله من أن يطرق عليه هجما؛ كما طرق ذلك غيره؛ ودخل بيته بغير إذنه؛ انصرف فنحن ندفنه بالبقيع كما وصّى .
              ثم قال لعائشة : واسوأتاه يوماً على بغل؛ ويوماً على جمل؛ وفي رواية؛ يوماً تجملت ويوماً تبغلت؛ وإن عشت تفيلت .
              فأخذه ابن الحجاج الشاعر البغدادي فقال :
              يـا بنـت أبـي بـكـر **** لا كـان ولا كـنـت
              لـك التـسع من الثـمن **** وبـالـكل تـملـكـت
              تـجـملـت تـبـلـغت **** وإن عـشـت تفـيلـت
              وروي في (الإرشاد 174) عن زياد المخارقي قال : لمّا حضرت الحسن (عليه السلام) الوفاة؛ استدعى الحسين (عليه السلام) وقال : يا أخي إني مفارقك؛ ولاحق بربّي؛ وقد سقيت السم؛ ورميت بكبدي في الطست؛ وإني لعارف بمن سقاني السم؛ ومن أين دهيت؛ وأنا أخاصمه إلى الله عزّ وجل؛ فبحقّي عليك إن تكلّمت في ذلك بشيء؛ وانتظر ما يحدث الله عزّ وجل فيّ؛ فإذا قضيت نحبي فغمّضني؛ وغسّلني وكفّني؛ وأدخلني على سريري إلى قبر جدّي رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأجدّد به عهداً؛ ثم ردّني إلى قبر جدتي فاطمة بنت أسد ( رضي الله عنها ) فأدفني هناك وستعلم يا ابن أم؛ إن القوم يظنون أنكم تريدون دفني عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيجلبون في ذلك؛ ويمنعونكم منه؛ بالله أقسم عليك أن تهرق في أمري محجمة دم؛ ثم وصّى إليه بأهله وولده وتركته؛ وما كان وصّى إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) حين استخلفه وأهله بمقامه؛ ودل شيعته على استخلافه؛ ونصّبه لهم علما من بعده .
              فلمّا مضى لسبيله؛ غسّله الحسين (عليه السلام) وكفّنه وحمله على سريره؛ ولم يشك مروان ومن معه من بني أمية؛ أنهم سيدفنونه عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) فتجمّعوا ولبسوا السلاح؛ فلمّا توجّه به الحسين (عليه السلام) إلى قبر جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليجدّد به عهداً؛ أقبلوا إليه في جمعهم ولحقتهم عائشة على بغل؛ وهي تقول : مالي ولكم ؟ تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أحب؛ وجعل مروان يقول : (يا رب هيجاهي خير من دعة) أيدفن عثمان في أقصى المدينة ويدفن الحسن مع النبي ؟ لا يكون ذلك أبداً وأنا أحمل السيف؛ وكادت الفتنة أن تقع بين بني هاشم؛ وبين بني أمية.
              فبادر ابن عباس (رحمه الله) إلى مروان فقال له : إرجع يا مروان من حيث جئت؛ فإنا ما نريد دفن صاحبنا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) لكنا نريد أن نجدّد به عهدا بزيارته؛ ثم نردّه إلى جدته فاطمة؛ فندفنه عندها بوصيته بذلك؛ ولو كان أوصى بدفنه مع النبي (صلى الله عليه وآله) لعلمت أنك أقصر باعاً من ردنا عن ذلك؛ لكنه كان أعلم بالله وبرسوله وبحرمة قبره؛ من أن يطرق عليه هدماً كما طرق ذلك غيره؛ ودخل بيته بغير إذنه .
              ثم أقبل على عائشة وقال لها : واسوأتاه يوماً على بغل؛ ويوماً على جمل ؟ تريدين أن تطفئي نور الله؛ وتقاتلي أولياء الله؛ ارجعي فقد كفيت الذي تخافين؛ وبلغت ما تحبين؛ والله منتصر لأهل هذا البيت ولو بعد حين.
              وقال الحسين (عليه السلام) : والله لولا عهد الحسن إليّ بحقن الدماء؛ وأن لا أهريق في أمره محجمة دم؛ لعلمتم كيف تأخذ سيوف الله منكم مآخذها؛ وقد نقضتم العهد بيننا وبينكم؛ وأبطلتم ما اشترطنا عليكم لأنفسنا .
              ومضوا بالحسن (عليه السلام) فدفنوه بالبقيع عند جدته فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف ( رضي الله عنها ) .
              ومثله في (مناقب آل أبي طالب 4 / 29) مع اختصار وزاد فيه : ورموا بالنبال جنازته؛ حتى سل منها سبعون نبلاً .
              ونسألكم الدعاء.

              تعليق


              • سبعون منقبة للإمام علي (ع) لم يشاركه أحد فيها

                بسم الله الرحمن الرحيم
                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                سبعون منقبة للإمام علي (ع) لم يشاركه أحد فيها
                - قال : أمير المؤمنين علي بن أبي‏ طالب (ع) : لقد علم المستحفظون من أصحاب النبي محمد (ص) : إنه ليس فيهم رجل له منقبة إلاّ وقد شركته فيها وفضلته‏ ، ولي سبعون منقبة لم يشركني فيها أحد منهم ، قلت : يا أمير المؤمنين ، فأخبرني بهن ، فقال (ع) :
                إن أول منقبة لي : أني لم اُشرك باللَّه طرفة عين ، ولم أعبد اللات والعزى.
                والثانية : أني لم أشرب الخمر قط.
                والثالثة : أن رسول‏ الله إستوهبني ، عن أبي في صبائي ، وكنت أكيله وشريبه ومونسه ومحدثه.
                والرابعة : أني أول الناس إيماناً وإسلاماًً.
                والخامسة : أن رسول ‏الله (ص) قال لي : يا علي ، أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، إلاّ أنه لا نبي بعدي.
                والسادسة : أني كنت آخر الناس عهداً برسول ‏الله ، ودليته في حفرته.
                والسابعة : أن رسول ‏الله (ص) : أنامني على فراشه حيث ذهب إلى الغار ، وسجاني ببرده ، فلما جاء المشركون ظنوني محمداًً (ص) فأيقظوني ، وقالوا : ما فعل صاحبك ؟ فقلت : ذهب في حاجته ، فقالوا : لو كان هرب لهرب هذا معه.
                والثامنة : فأن رسول ‏الله (ص) علمني الف باب من العلم ، يفتح كل باب الف باب ، ولم يعلم ذلك أحداًً غيري.
                التاسعة : فأن رسول ‏الله (ص) قال لي : يا علي ، إذا حشر الله عز وجل الأولين والآخرين نصب لي : منبر فوق منابر النبيين ، ونصب لك منبر فوق منابر الوصيين فترتقي عليه.
                العاشرة : فإني سمعت رسول ‏الله (ص) : يقول : يا علي ، لا أعطى في القيامة إلاّ سألت لك مثله.
                وأما الحادية عشرة : فإني سمعت رسول ‏الله (ص) : يقول : يا علي ، أنت أخي وأنا أخوك ، يدك في يدي حتى تدخل الجنة.
                وأما الثانية عشرة : فإني سمعت رسول ‏الله (ص) : يقول : يا علي ، مثلك في أمتي كمثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق.
                وأما الثالثة عشرة : فأن رسول ‏الله (ص) عممني بعمامة نفسه بيده ، ودعا لي بدعوات النصر على أعداء الله ، فهزمتهم بإذن الله عز وجل.
                وأما الرابعة عشرة : فأن رسول ‏الله (ص) أمرني أن إمسح يدي على ضرع شاةً قد يبس ضرعها ، فقلت : يا رسول ‏الله ، بل إمسح أنت ، فقال : يا علي ، فعلك فعلي ، فمسحت عليها يدي ، فدر على من لبنها ، فسقيت رسول ‏الله (ص) شربة ، ثم أتت عجوزة فشكت الظمأ فسقيتها ، فقال رسول ‏الله (ص) : إني سألت الله عز وجل أن يبارك في يدك ، ففعل.
                وأما الخامسة عشرة : فأن رسول ‏الله (ص) أوصى إلي وقال : يا علي ، لا يلي غسلي غيرك ، ولا يواري عورتي غيرك ، فإنه إن رأى أحد عورتي غيرك تفقأت عيناه ، فقلت له : كيف لي بتقليبك يا رسول ‏الله ؟ ، فقال : إنك ستعان ، فوالله ما أردت أن أقلب عضواً من أعضائه إلاّ قلب لي.
                وأما السادسة عشرة : فإني أردت أن أجرده ، فنوديت : يا وصي محمد ، لا تجرده فغسله والقميص عليه ، فلا واللَّه الذي أكرمه بالنبوة وخصه بالرسالة ما رأيت له عورة ، خصني الله بذلك من بين أصحابه.
                وأما السابعة عشرة : فإن الله عز وجل زوجني فاطمة ، وقد كان خطبها أبوبكر وعمر ، فزوجني الله من فوق سبع سماواته ، فقال رسول ‏الله (ص) : هنيئاًً لك يا علي ، فإن الله عز وجل زوجك فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ، وهي بضعة مني ، فقلت : يا رسول الله ، أولست منك ؟ ، فقال : بلى ، يا علي وأنت مني وأنا : أبوك كيميني من شمالي ، لا أستغني عنك في الدنيا والآخرة.
                وأما الثامنة عشرة : فأن رسول ‏الله (ص) قال لي : يا علي ، أنت صاحب لواء الحمد في الآخرة ، وأنت يوم القيامة أقرب الخلائق مني مجلساًً ، يبسط لي ، ويبسط لك ، فأكون في زمرة النبيين ، وتكون في زمرة الوصيين ، ويوضع على رأسك تاج النور وإكليل الكرامة ، يحف بك سبعون الف ملك حتى يفرغ الله عز وجل من حساب الخلائق.
                وأما التاسعة عشرة : فأن رسول ‏الله (ص) قال : ستقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ، فمن قاتلك منهم فإن لك بكل رجل منهم شفاعة في مائة الف من شيعتك ، فقلت : يا رسول ‏الله ، فمن الناكثون ؟ ، قال : طلحة والزبير ، سيبايعانك بالحجاز ، وينكثانك بالعراق ، فإذا فعلاً ذلك فحاربهما ، فإن في قتالهما طهارة لأهل الأرض ، قلت : فمن القاسطون ؟ ، قال : : معاوية وأصحابه ، قلت : فمن المارقون ؟ ، قال : أصحاب ذي الثدية ، وهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، فأقتلهم ، فإن في قتلهم فرجاً لأهل الأرض ، وعذاباً معجلاً عليهم ، وذخراً لك عند الله عز وجل يوم القيامة.
                وأما العشرون : فإني سمعت رسول ‏الله (ص) : يقول لي : مثلك في أمتي مثل باب حطة في بني إسرائيل ، فمن دخل في ولايتك فقد دخل الباب كما أمره الله عز وجل.
                وأما الحادية والعشرون : فإني سمعت رسول ‏الله (ص) : يقول : أنا مدينة العلم وعلي بابها ، ولن تدخل المدينة إلاّ من بابها ، ثم قال : يا علي ، إنك سترعى ذمتي ، وتقاتل على سنتي ، وتخالفك أمتي.
                وأما الثانية والعشرون : فإني سمعت رسول ‏الله (ص) : يقول : إن الله تبارك وتعالى خلق إبني الحسن والحسين من نور القاه إليك وإلى فاطمة ، وهما يهتزان كما يهتز القرطان إذا كانا في الاذنين ، ونورهما متضاعف على نور الشهداء سبعين الف ضعف ، يا علي ، إن الله عز وجلّ قد وعدني أن يكرمهما كرامة لا يكرم بها أحداًً ما خلا النبيين والمرسلين.
                وأما الثالثة والعشرون : فأن رسول ‏الله (ص) أعطاني خاتمه ( في حياته ) ودرعه ومنطقته وقلدني سيفه وأصحابه كلهم حضور ، وعمي العباس حاضر ، فخصني الله عز وجل منه بذلك دونهم.
                وأما الرابعة والعشرون : فإن الله عز وجل أنزل على رسوله : يأَيها الذين آمنوا إذا نجيتم الرسول فقدموا بين يدى نجواكم صدقة ، فكان لي دينار ، فبعته عشرة دراهم ، فكنت إذا ناجيت رسول ‏الله (ص) أصدق قبل ذلك بدرهم ، ووالله ما فعل هذا أحد من أصحابه قبلي ولا بعدي ، فأنزل الله عز وجل : ءأَشفقتم أَن تقدموا بين يدى نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم ، الآية ، فهل تكون التوبة إلاّ من ذنب كان!!.
                وأما الخامسة والعشرون : فإني سمعت رسول ‏الله (ص) : يقول : الجنة محرمة على الأنبياء حتى أدخلها أنا ، وهي محرمة على الأوصياء حتى تدخلها : أنت يا علي ، إن الله تبارك وتعالى بشرني فيك ببشرى لم يبشر بها نبياًً قبلي ، بشرني بأنك سيد الأوصياء ، وأن إبنيك الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة يوم القيامة.
                وأما السادسة والعشرون : فإن جعفراًً أخي الطيار في الجنة مع الملائكة ، المزين بالجناحين من در وياقوت وزبرجد.
                وأما السابعة والعشرون : فعمي حمزة سيد الشهداء في الجنة.
                وأما الثامنة والعشرون : فأن رسول ‏الله (ص) قال : إن الله تبارك وتعالى وعدني فيك وعدا لن يخلفه ، جعلني نبياًً وجعلك وصياً ، وستلقى من أمتي من بعدي ما لقي موسى من فرعون ، فإصبر وإحتسب حتى تلقاني ، فأوالي من والاك ، وأعادي من عاداك.
                وأما التاسعة والعشرون : فإني سمعت رسول ‏الله (ص) : يقول : يا علي ، أنت صاحب الحوض ، لا يملكه غيرك ، وسيأتيك قوم فيستسقونك ، فتقول : لا ، ولا مثل ذرة ، فينصرفون مسودة وجوههم ، وسترد عليك شيعتي وشيعتك ، فتقول : رووا رواء مرويين ، فيروون مبيضة وجوههم.
                وأما الثلاثون : فإني سمعت رسول ‏الله (ص) : يقول : يحشر أمتي يوم القيامة على خمس رايات ، فأول راية ترد علي راية فرعون هذه الأمة ، وهو معاوية ، والثانية مع سامري هذه الأمة ، وهو عمرو بن العاص ، والثالثة مع جاثليق هذه الأمة ، وهو أبو موسى ، الأشعري ، والرابعة مع أبي‏ الأعور السلمي ، وأما الخامسة فمعك يا علي ، تحتها المؤمنون ، وأنت إمامهم ، ثم يقول الله تبارك وتعالى للأربعة : إرجعوا ورآءكم فالتمسوا نوراًً فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة ، وهم شيعتي ومن والأني ، وقاتل معي الفئة الباغية والناكبة ، عن الصراط ، وباب الرحمة وهم شيعتي ، فينادي هؤلاء : ألم نكن معكم قالوا بلى‏ ولاكنكم فتنتم أَنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأمانى حتى‏ جآء أَمر الله وغركم باللَّه الغرور* فاليوم لايؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هى مولاكم وبئس المصير ، ثم ترد أمتي وشيعتي فيروون من حوض محمد (ص) ، وبيدي عصا عوسج أطرد بها أعدائي طرد غريبة الإبل.
                وأما الحادية والثلاثون : فإني سمعت رسول ‏الله (ص) : يقول : لولا أن يقول فيك الغالون من أمتي ما قالت : النصارى في عيسى إبن مريم ، لقلت : فيك قولاً لا تمر بملأ من الناس إلاّ أخذوا التراب من تحت قدميك ، يستشفون به.
                وأما الثانية والثلاثون : فإني سمعت رسول ‏الله (ص) : يقول : إن الله تبارك وتعالى نصرني بالرعب ، فسألته أن ينصرك بمثله ، فجعل لك من ذلك مثل الذي جعل لي.
                وأما الثالثة والثلاثون : فأن رسول ‏الله (ص) التقم أذني وعلمني ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ، فساقالله عز وجل ذلك إلي على لسان نبيه (ص).
                وأما الرابعة والثلاثون : فإن النصارى إدعوا أمراً ، فأنزل الله عز وجل فيه : فمن حاجك فيه من‏ بعد ما جآءك من العلمِ فقل تعالوا ندع أَبنآءنا وأبنآءَكم ونسآءنا ونسآءَكم وأَنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين ، فكانت نفسي نفس رسول ‏الله (ص) ، والنساء فاطمة (ع) والإبناء الحسن والحسين ، ثم ندم القوم ، فسألوا رسول ‏الله (ص) الإعفاء ، فأعفاهم ، والذي أنزل التوراة على موسى والفرقان على محمّد (ص) لو باهلونا لمسخوا قردة وخنازير.
                وأما الخامسة والثلاثون : فأن رسول ‏الله (ص) وجهني يوم بدر فقال : إئتني بكف حصيات مجموعة في مكان واحد ، فأخذتها ثم شممتها ، فإذا هي طيبة تفوح منها رائحة المسك ، فأتيته بها ، فرمى بها وجوه المشركين ، وتلك الحصيات أربع منها كن من الفردوس ، وحصاة من المشرق ، وحصاة من المغرب ، وحصاة من تحت العرش ، مع كل حصاة مائة الف ملك مدداً لنا ، لم يكرم الله عز وجل بهذه الفضيلة أحداًً قبل ولا بعد.
                وأما السادسة والثلاثون : فإني سمعت رسول ‏الله (ص) : يقول : ويل لقاتلك ، إنه أشقى من ثمود ، ومن عاقر الناقة ، وإن عرش الرحمن ليهتز لقتلك ، فأبشر يا علي فإنك في زمرة الصديقين والشهداء والصالحين.
                وأما السابعة والثلاثون : فإن الله تبارك وتعالى قد خصني من بين أصحاب محمد (ص) بعلم الناسخ والمنسوخ ، والمحكم والمتشابه ، والخاص والعام ، وذلك مما من الله به علي وعلى رسوله ، وقال لي الرسول‏ (ص) : يا علي : إن الله عز وجل أمرني أن أدنيك ولا أقصيك ، وأعلمك ولا أجفوك ، وحق علي : أن أطيع ربي ، وحقّ عليك أن تعي.
                وأما الثامنة والثلاثون : فأن رسول ‏الله (ص) بعثني بعثا ، ودعا لي بدعوات ، وإطلعني على ما يجري بعده ، فحزن لذلك بعض أصحابه ، قال : لو قدر محمد أن يجعل إبن عمه نبياًًً لجعله ، فشرفني الله عز وجل بالإطلاع على ذلك على لسان نبيه (ص).
                وأما التاسعة والثلاثون : فإني سمعت رسول ‏الله (ص) : يقول : كذب من زعم أنه يحبني ويبغض علياًً ، لا يجتمع حبي وحبه إلاّ في قلب مؤمن إن الله عز وجل جعل أهل حبي وحبك يا علي في أول زمرة السابقين إلى الجنة ، وجعل أهل بغضي وبغضك في أول زمرة الضالين من أمتي إلى النار.
                وأما الأربعون : فأن رسول ‏الله (ص) وجهني في بعض الغزوات إلى ركي فإذا ليس فيه ماء ، فرجعت إليه فأخبرته ، فقال : أفيه طين ؟ ، قلت : نعم ، فقال : ، إئتني منه ، فأتيت منه بطين ، فتكلم فيه ، ثم قال : ألقه في الركي ، فألقيته ، فإذا الماء قد نبع حتى إمتلأ جوانب الركي ، فجئت إليه فأخبرته ، فقال لي : وفقت يا علي ، وببركتك نبع الماء ، فهذه المنقبة خاصة بي من دون أصحاب النبي (ص).
                وأما الحادية والأربعون : فإني سمعت رسول ‏الله (ص) : يقول : أبشر يا علي ، فإن جبرئيل آتاني فقال لي : يا محمد إن الله تبارك وتعالى نظر إلى أصحابك فوجد إبن عمك وختنك على إبنتك فاطمة خير أصحابك ، فجعله وصيك والمؤدي عنك.
                وأما الثانية والأربعون : فإني سمعت رسول ‏الله يقول : أبشر يا علي ، فإن منزلك في الجنة مواجه منزلي ، وأنت معي في الرفيق الأعلى في أعلى عليين ، قلت : يا رسول ‏الله (ص) ، وما أعلى عليون؟ ، فقال : قبة من درة بيضاء ، لها سبعون الف مصراع ، مسكن لي ولك يا علي.
                وأما الثالثة والأربعون : فأن رسول ‏الله (ص) قال : إن الله عز وجل رسخ حبي في قلوب المؤمنين ، وكذلك رسخ حبك ( يا علي ) في قلوب المؤمنين ، ورسخ بغضي وبغضك في قلوب المنافقين ، فلا يحبك إلاّ مؤمن تقي ، ولا يبغضك إلاّّ منافق كافر.
                وأما الرابعة والأربعون : فإني سمعت رسول ‏الله (ص) : يقول : لن يبغضك من العرب إلاّ دعي ، ولا من العجم إلاّ شقي ، ولا من النساء إلاّ سلقلقية.
                وأما الخامسة والأربعون : فأن رسول ‏الله (ص) دعاني وأنا رمد العين ، فتفل في عيني ، وقال : اللهم إجعل حرها في بردها ، وبردها في حرها ، فواللَّه ، ما إشتكت عيني إلى هذه الساعة.
                وأما السادسة والأربعون : فأن رسول ‏الله (ص) أمر أصحابه وعمومته بسد الأبواب ، وفتح بابي بأمر الله عز وجل فليس لأحد منقبة مثل منقبتي.
                وأما السابعة والأربعون : فأن رسول ‏الله (ص) أمرني في وصيته بقضاء ديونه وعداته ، فقلت : يا رسول ‏الله ، قد علمت أنه ليس عندي مال! فقال : سيعينك الله ، فما أردت أمراً من قضاء ديونه وعداته إلاّ يسره الله لي ، حتى قضيت ديونه وعداته ، وأحصيت ذلك فبلغ ثمانين الفاً ، وبقي بقية أوصيت الحسن أن يقضيها.
                وأما الثامنة والأربعون : فأن رسول ‏الله (ص) آتاني في منزلي ، ولم يكن طعمنا منذ ثلاثة أيام ، فقال : يا علي ، هل عندك من شي‏ء ؟ فقلت : والذي أكرمك بالكرامة وإصطفاك بالرسالة ما طعمت وزوجتي وأبناي منذ ثلاثة أيام ، فقال النبي (ص) : يا فاطمة ، إدخلي البيت وإنظري هل تجدين شيئاًً ؟ ، فقالت : خرجت الساعة ! فقلت : يا رسول ‏الله ، أدخله أنا ؟ ، فقال : إدخل بإسم الله ، فدخلت ، فإذا أنا بطبق موضوع عليه رطب من تمر ، وجفنة من ثريد ، فحملتها إلى رسول ‏الله (ص) ، فقال : يا علي ، رأيت الرسول الذي حمل هذا الطعام ؟ فقلت : نعم ، فقال : صفه لي ، فقلت : من بين أحمر وأخضر وأصفر ، فقال : تلك خطط جناح جبرئيل (ع) مكللة بالدر والياقوت ، فأكلنا من الثريد حتى شبعنا ، فما رأى إلاّ خدش أيدينا وأصابعنا ، فخصني الله عز وجل بذلك من بين أصحابه.
                وأما التاسعة والأربعون : فإن الله تبارك وتعالى خص نبيه (ص) بالنبوة ، وخصني النبي (ص) بالوصية ، فمن أحبني فهو سعيد يحشر في زمرة الأنبياء (ع).
                وأما الخمسون : فأن رسول ‏الله (ص) بعث ببراءة مع أبي ‏بكر ، فلما مضى أتى جبرئيل (ع) ، فقال : يا محمد ، لا يؤدي عنك إلاّ أنت أو رجل منك فوجهني على ناقته العضباء ، فلحقته بذي الحليفة فأخذتها منه ، فخصني الله عز وجل بذلك.
                وأما الحادية والخمسون : فأن رسول ‏الله (ص) أقامني للناس كافة يوم غدير خم ، فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فبعداً وسحقاً للقوم الظالمين.
                وأما الثانية والخمسون : فأن رسول ‏الله (ص) قال : يا علي ، ألا أعلمك كلمات علمنيهن جبرئيل (ع) ؟! فقلت : بلى ، قال : قل : يا رازقالمقلين ، ويا راحم المساكين ، ويا أسمع السامعين ، ويا أبصر الناظرين ، ويا أرحم الراحمين ، إرحمني وإرزقني.
                وأما الثالثة والخمسون : فإن الله تبارك وتعالى لن يذهب بالدنيا حتى يقوم منا القائم ، يقتل مبغضينا ، ولا يقبل الجزية ، ويكسر الصليب والأصنام ، ويضع الحرب أوزارها ، ويدعو إلى أخذ المال فيقسمه بالسويّة ، ويعدل في الرعية.
                وأما الرابعة والخمسون : فإني سمعت رسول ‏الله (ص) : يقول : يا علي ، سيلعنك بنو أمية ، ويرد عليهم ملك بكل لعنة الف لعنة ، فإذا قام القائم لعنهم أربعين سنة.
                وأما الخامسة والخمسون : فأن رسول ‏الله (ص) قال لي : سيفتتن فيك طوائف من أمتي ، فيقولون : أن رسول ‏الله (ص) لم يخلف شيئاًً ، فبماذا أوصى علياًً ؟ أوليس كتاب ربي أفضل الأشياء بعد الله عز وجل!! ، والذي بعثني بالحق لئن لم تجمعه بإتقان لم‏ يجمع أبداًً ، فخصني الله عز وجل بذلك من دون الصحابة.
                وأما السادسة والخمسون : فإن الله تبارك وتعالى خصني بما خص به أولياءه وأهل طاعته ، وجعلني وارث محمد (ص) ، فمن ساءه ساءه ، ومن سره سره ( وأومأ بيده نحو المدينة ).
                وأما السابعة والخمسون : فأن رسول ‏الله (ص) كان في بعض الغزوات ، ففقد الماء ، فقال لي : يا علي ، قم إلى هذه الصخرة ، وقل : أنا رسول رسول ‏الله ، إنفجري لي ماء ، فواللَّه الذي أكرمه بالنبوة لقد أبلغتها الرسالة ، فإطلع منها مثل ثدي البقر ، فسأل من كل ثدي منها ماء ، فلما رأيت ذلك أسرعت إلى النبي (ص) فأخبرته ، فقال : إنطلق ياعلي ، فخذ من الماء ، وجاء القوم حتى ملؤوا قربهم وأداوإتهم ، وسقوا دوابهم ، وشربوا ، وتوضؤوا ، فخصني الله عز وجل بذلك من دون الصحابة.
                وأما الثامنة والخمسون : فأن رسول ‏الله (ص) أمرني في بعض غزواته ( وقد نفد الماء ) فقال : يا علي ، إئتني بتور ، فأتيته به ، فوضع يده اليمنى ويدي معها في التور ، فقال : إنبع ، فنبع الماء من بين أصابعنا.
                وأما التاسعة والخمسون : فأن رسول ‏الله (ص) وجهني إلى خيبر ، فلما أتيته وجدت الباب مغلقاً ، فزعزعته شديداًًًً ، فقلعته ورميت به أربعين خطوة ، فدخلت ، فبرز إلي مرحب ، فحمل علي وحملت عليه ، وسقيت الأرض من دمه ، وقد كان وجه رجلين من أصحابه فرجعا منكسفين.
                وأما الستون : فإني قتلت عمرو بن عبد ود ، وكان يعد بألف رجل.
                وأما الحادية والستون : فإني سمعت رسول ‏الله (ص) : يقول : يا علي ، مثلك في أمتي مثل قل هو الله أَحد ، فمن أحبك بقلبه فكأنما قرأ ثلث القرآن ، ومن أحبك بقلبه وأعانك بلسانه فكأنما قرأ ثلثي القرآن ، ومن أحبك بقلبه وأعانك بلسانه ونصرك بيده فكأنما قرأ القرآن كله.
                وأما الثانية والستون : فإني كنت مع رسول ‏الله (ص) في جميع المواطن والحروب ، وكانت رايته معي.
                وأما الثالثة والستون : فإني لم أفر من الزحف قط ، ولم يبارزني أحد إلاّ سقيت الأرض من دمه.
                وأما الرابعة والستون : فأن رسول ‏الله (ص) أتي بطير مشوي من الجنة ، فدعا الله عز وجل أن يدخل عليه أحب خلقه إليه ، فوفقني الله للدخول عليه حتى أكلت معه من ذلك الطير.
                وأما الخامسة والستون : فإني كنت أصلي في المسجد فجاء سائل ، فسأل وأنا راكع ، فناولته خاتمي من إصبعي ، فأنزل الله تبارك وتعالى في : إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم راكعون.
                وأما السادسة والستون : فإن الله تبارك وتعالى رد علي الشمس مرتين ، ولم يردها على أحد من أمة محمد (ص) غيري.
                وأما السابعة والستون : فأن رسول ‏الله (ص) أمر أن أدعى بإمرة المؤمنين في حياته وبعد موته ، ولم يطلق ذلك لأحد غيري.
                وأما الثامنة والستون : فأن رسول ‏الله (ص) قال : يا علي ، إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش : أين سيد الأنبياء ؟ فأقوم ، ثم ينادي : أين سيد الأوصياء ؟ فتقوم ، ويأتيني رضوان بمفاتيح الجنة ، ويأتيني مالك بمقاليد النار ، فيقولان : إن الله جل جلاله أمرنا أن ندفعها إليك ، ونأمرك أن تدفعها إلى علي بن أبي ‏طالب ، فتكون ( يا علي ) قسيم الجنة والنار.
                وأما التاسعة والستون : فإني سمعت رسول ‏الله (ص) : يقول : لولاك ما عرف المنافقون من المؤمنين.
                وأما السبعون : فأن رسول ‏الله (ص) نام ونومني وزوجتي فاطمة وأبني الحسن والحسين ، وألقى علينا عباءة قطوانية ، فأنزل الله تبارك وتعالى فينا : إِنما يريد الله ليذهب عنكم الرِجس أهل البيت ويطهركم تطهِيرا ، وقال جبرئيل (ع) : أنا منكم يا محمد ، فكان سادسنا جبرئيل (ع).
                المصادر:
                1. الخصال - الشيخ الصدوق - رقم الصفحة : ( 572 ).
                2. العلامة المجلسي - بحار الأنوار - الجزء : ( 31 ) - رقم الصفحة : ( 432 ).

                ونسألكم الدعاء.

                تعليق


                • ‏قال رسول الله ‏(ص): إني تارك فيكم ‏ ‏الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي !

                  بسم الله الرحمن الرحيم
                  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                  اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                  ‏قال رسول الله ‏(ص): إني تارك فيكم ‏ ‏الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي !
                  1. مسند أحمد - باقي مسند المكثرين - مسند أبي سعيد الخدري.
                  - حدثنا : ‏‏أسود بن عامر ‏، أخبرنا : ‏أبو إسرائيل يعني إسماعيل بن أبي إسحاق الملائي ‏‏، عن ‏‏عطية ‏‏، عن ‏ ‏أبي سعيد ‏قال : ‏قال رسول الله ‏(ص) :‏ إني تارك فيكم ‏ ‏الثقلين ‏، ‏أحدهما أكبر من الآخر ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ‏، ‏وعترتي ‏ ‏أهل بيتي ، وأنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.
                  الرابط :
                  http://hadith.al-islam.com/Page.aspx...D=30&PID=10681
                  2. سنن الترمذي - كتاب المناقب - باب مناقب أهل بيت النبي (ص)
                  - حدثنا : ‏ ‏علي بن المنذر الكوفي ‏ ، حدثنا : ‏ ‏محمد بن فضيل ‏ ، حدثنا : ‏ ‏الأعمش ‏ ‏، عن ‏ ‏عطية ‏ ‏، عن ‏ ‏أبي سعيد ‏ ‏والأعمش ‏ ‏، عن ‏ ‏حبيب بن أبي ثابت ‏ ‏، عن ‏زيد بن أرقم ‏ ‏(ر) ‏ ‏قالا : قال رسول الله ‏ (ص) :‏ ‏إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ، فإنظروا كيف ‏ ‏تخلفوني ‏ ‏فيهما ، ‏قال : ‏هذا ‏حديث حسن غريب ‏.
                  الرابط :
                  http://hadith.al-islam.com/Page.aspx...ID=26&PID=3720
                  3. الألباني - كتب تخريج الحديث النبوي الشريف - رقم الحديث : ( 1750 )
                  نوع الحديث : صـحـيـح
                  - نص الحديث [ من كنت مولاه ، فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ] ، صحيح إنظر طرقه وشواهده في الكتاب فهي كثيرة ، وأولها ، عن أبي الطفيل عنه قال : لما دفع النبي (ص) من حجة الوداع ، ونزل غدير خم ، أمر بدوحات فقممن ، ثم قال : كأني دعيت فأجبت ، وإني تارك فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، فإنظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ، ثم قال : إن الله مولاي وأنا ولي كل مؤمن ، ثم إنه أخذ بيد علي (ر) فقال : من كنت وليه ، فهذا وليه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، صحيح.
                  والحمدلله على ولاية أهل البيت عليهم صلوات الله.
                  ومع السلامة.

                  تعليق


                  • الإمام علي عليه السلام قسيم الجنة والنار

                    بسم الله الرحمن الرحيم
                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                    اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                    الإمام علي عليه السلام قسيم الجنة والنار
                    روی الفقيه ابن المغازلي الشافعي في كتاب مناقب علي بن أبي طالب (عليه السلام) بسنده عن مجاهد عن ابن عباس قال رسول الله (صلی الله عليه وآله): إذا كان يوم القيامة أمر الله جبرئيل أن يجلس علی باب الجنة فلايدخلها إلا من معه برآة من علي بن أبي طالب (عليه السلام).
                    ورواه الخطيب الخوارزمي في المناقب /253 وبمعناه روايات كثيرة راجع لسان الميزان ج 1/51و57 وذخائر العقبي /71 والرياض النضرة 2/177.
                    وروي ابن المغازلي أيضاً بسنده عن انس بن مالك قال: قال رسول الله (صلی الله عليه وآله): إذا كان يوم القيامة ونصب الصراط علی شفير جهنم لم يجز إلا من معه كتاب ولايه علي بن أبي طالب (عليه السلام).
                    ونجد الحديث في مصادر أهل السنة التالية:
                    [ 1 ] أخرج موفق بن أحمد الخوارزمي المكى: بسنده ، عن نافع ، عن إبن عمر قال : قال رسول الله (ص) لعلى : إذا كان يوم القيامة يؤتى بك يا علي بسرير من نور وعلى رأسك تاج قد أضاء نوره وكاد يخطف أبصار أهل الموقف ، فيأتى النداء من عند الله جل جلاله أين وصى محمد رسول الله ؟ فتقول : ها أنا ذا ، فينادي المنادى إدخل من أحبك الجنة وأدخل من عاداك في النار ، فأنت قسيم الجنة والنار.
                    [ 2 ] أخرج إبن المغازلى الشافعي: بسنده ، عن إبن مسعود قال : قال رسول الله (ص) : يا علي : إنك قسيم الجنة والنار ، أنت تقرع باب الجنة وتدخلها أحباءك بغير حساب.
                    [ 3 ] فى جواهر العقدين: وقد أخرج الدار قطني ، عن أبى الطفيل عامر بن واثلة الكنانى : إن علياًً قال : حديثاًًًً طويلاًً في الشورى ، وفيه إنه قال لأهل الشورى : فأنشدكم بالله : هل فيكم أحد قال له رسول الله (ص) : أنت قسيم النار والجنة غيري ؟ ، قالوا : اللهم لا.
                    [ 4 ] الخوارزمي - المناقب - صفحة (294) : وبهذا الأسناد ، عن رسول الله (ص) قال : يا علي : إنك قسيم النار ، وإنك تقرع باب الجنة فتدخلها بلا حساب.
                    [ 5 ] الحاكم الحسكاني - شواهد التنزيل - الجزء ( 2 ) - صفحة (264) : أبو الحسن المصباحي ، حدثنا : أبو القاسم علي بن أحمد بن واصل ، حدثنا : عبد الله بن محمد بن عثمان ، حدثنا : يعقوب بن إسحاق من ولد عباد بن العوام ، حدثنا : يحيى بن عبد الحميد ، عن شريك ، عن الأعمش ، قال : ، حدثني : أبو المتوكل الناجي ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله (ص) : أذا كان يوم القيامة قال الله تعالى لمحمد وعلي : أدخلا الجنة من أحبكما وأدخلا النار من أبغضكما ، فيجلس علي على شفير جهنم فيقول لها : هذا لي وهذا لك ، وهو قوله : القيا في جهنم كل كفار عنيد.
                    ونسألكم الدعاء.

                    تعليق


                    • :: ما هي الفرقة الناجية + 14 دليل على إن الشيعة هم الفرقة الناجية ::

                      بسم الله الرحمن الرحيم
                      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                      اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف



                      ما هي الفرقة الناجية؟
                      ((تأليف الشيخ علي آل محسن)).


                      تمهيد:
                      لقد جاءت الأحاديث الصحيحة المروية عن النبي (صلى الله عليه وآله) منذرة بافتراق الأمة إلى فِرَق كثيرة، وتشعّبها إلى طوائف مختلفة، كلها في النار إلا واحدة.

                      وقد وقع ما أخبر به الصادق الأمين (صلى الله عليه وآله)، فافترقت هذه الأمة إلى فِرَق كثيرة يكفِّر بعضها بعضاً، ويستحل بعضها دم بعض.

                      وصارت كل فرقة تدَّعي أنها هي الفرقة المُحِقَّة، وأن أتْبَاعها هم الناجون دون غيرهم من طوائف الأمة، وغدت كل طائفة تنافح في إثبات ذلك بكل ما أُوتيت من جهد وقوة، فاختُلقَت الأحاديث الكثيرة التي تنتصر بها كل فرقة على غيرها من الفِرَق، وأُلِّفَت كثير من الكتب المملوءة بالأحاديث الموضوعة المكذوبة على النبي (صلى الله عليه وآله)، وصارت كل فرقة تحتج على غيرها بأقوال تنسبها للنبي (صلى الله عليه وآله)، فزادت الفتنة، وعظمت المحنة، وخفي الحق، وانتشر الباطل، وصار الناس في ظلمة عمياء، إذا أخرج المرء فيها يده لم يكد يراها.

                      إلا أن الحق لا تختفي أنواره، ولا تندثر آثاره، فأعلامه لائحه، ودلائله واضحة، فإن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة تصدح بالحق وتصدع بالهدى، إلا أن مبتغي الحق يلزمه ألا يتعصّب للمخلوقين، وأن يجانب هواه، وأن يفر من عبادة السادة والكبراء، وينأى عن تقليد الأجداد والآباء.

                      فإنه إن تجرّد من كل ذلك، وتمسَّك بآيات الكتب العزيز وبالآثار الصحيحة المروية عن سيد الأنام رسول الله (صلى الله عليه وآله) أدرك الحق ووصل إليه، ونال مبتغاه، وحصل على ما يتمنَّاه، فإن الوصول إلى الحق هو غاية الغايات ومنتهى الطلبات، وهو منية كل طالب، ورغبة كل راغب.

                      فاللازم إذن هو معرفة الفرقة الناجية والطائفة المحِقَّة من كل تلك الطوائف، فما هي هذه الفرقة؟

                      إن المباحث الآتية ستتكفّل ببيان جواب هذا السؤال، ونحن قد مهَّدنا لمعرفة الفرقة الناجية بالأبحاث المتقدمة، وسنحيل القارئ الكريم إلى ما سبق بيانه فيما مرَّ كلما دعت الحاجة إلى ذلك، فبه سبحانه نستعين فنقول:

                      أحاديث اختلاف الأمة:
                      أحاديث افتراق الأمة وردت في كتب الحديث بطرق كثيرة، رواها جمع كبير من أعلام أهل السنة في كتبهم: كالترمذي وأبي داود وابن ماجة وأحمد والحاكم والهيثمي وابن حجر والذهبي والسيوطي وغيرهم.

                      وصحّحها كثير من حفاظ الحديث عند أهل السنة كما سنبيّنه قريباً إن شاء الله تعالى.

                      ورواها عن النبي (صلى الله عليه وآله) طائفة من الصحابة: كأمير المؤمنين (عليه السلام)، وأبي هريرة، وابن عباس، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو، ومعاوية، وسعد بن أبي وقاص، وغيرهم.

                      وجاءت بألفاظ مختلفة، إلا أنها كلها تؤدي معنى واحداً، وإليك بعضاً منها:

                      بعض ألفاظ الحديث:

                      1ـ أخرج الترمذي ـ واللفظ له ـ وأبو داود وابن ماجة والحاكم وأحمد بن حنبل والدارمي وابن حبان وابن أبي عاصم والسيوطي وغيرهم، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم): تفرّقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، أو اثنتين وسبعين فرقة، والنصارى مثل ذلك، وتفترق أمّتي على ثلاث وسبعين فرقة(1).

                      2ـ وأخرج الترمذي والحاكم وغيرهما عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم): ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، حتى إن كان منهم مَن أتى أُمَّه علانية لكان في أمتي من يصنع ذلك، وإن بني إسرائيل تفرَّقت على اثنتين وسبعين ملّة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملّة، كلهم في النار إلا ملّة واحدة. قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي(2).

                      وعند الحاكم: قال: ما أنا عليه اليوم وأصحابي.

                      3ـ وأخرج أبو داود وابن ماجة وأحمد والهيثمي وابن أبي عاصم والسيوطي وابن حجر والتبريزي والألباني وغيرهم عن معاوية وغيره، قال: ألا إن رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) قام فينا فقال: ألا إن مَن قبلكم مِن أهل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين ملّة، وإن هذه الملّة ستفترق على ثلاث وسبعين: اثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهي الجماعة(3).

                      إلى غير ذلك من الأحاديث المتقاربة في اللفظ والمعنى مع ما ذكرناه.

                      ((كل حزب بما لديهم فرحون))

                      لقد ادَّعت كل طائفة أنها هي الفرقة الناجية دون غيرها، فكثر الأخذ والرد بين علماء الطوائف، وساقت كل طائفة ما عندها من الأدلة.

                      ومن المعلوم أنه لا يمكن قبول كلام كل الطوائف في هذه المسألة، لأنه يستلزم تكذيب الأحاديث الصحيحة السابقة التي نصَّت على أن الناجية هي واحدة من كل الفِرق، ثم إن اعتقاد ذلك يؤدي إلى الوقوع في اعتقاد المتناقضات، فنعتقد أن أهل السنة هم الناجون دون غيرهم، والمعتزلة والخوارج والشيعة وغيرهم كذلك، وهذا واضح الفساد.

                      وعليه، فلا بد من النظر في الأدلة وتمحيصها، والأخذ بالحُجج القطعية، وطرح الادعاءات الواهية التي لا تستند إلى شيء، فإنها لا قيمة لها ولا فائدة فيها.

                      ولنضرب أنموذجين لبعض استدلالات أهل السنة على أنهم هم الفرقة الناجية، ليرى القارئ العزيز كيف تمسّك بعضهم بما لا ينفع، وتشبّث بما لا يفيد:

                      الأول: ما ذكره الإيجي في المواقف، حيث قال: وأما الفرقة المستثناة الذين قال فيهم: (هم الذين على ما أنا عليه وأصحابي)، فهم الأشاعرة والسلف من المحدّثين وأهل السنة والجماعة، ومذهبهم خال من بِدَع هؤلاء...ثم ساق عقائد أهل السنة(4).

                      وهذا الدليل كما ترى ركيك ضعيف، فإن كل الفِرَق تدّعي أنها على ما كان عليه النبي (صلى الله عليه وآله) وأصحابه، وأن مذاهبهم خالية من البِدَع.

                      ثم إن الأشاعرة وأهل السنة وأهل الحديث الذين ذكر أنهم هم الناجون هم أكثر من فرقة(5).

                      والعجيب أن الإيجي نفسه ذكر الأشعرية من ضمن الفِرَق الضالة قبل هذا الكلام بصفحة، فإنه قال أولاً: اعلم أن كبار الفِرَق الإسلامية ثمانية: المعتزلة، والشيعة، والخوارج، والمرجئة، والنجارية، والجبرية، والمشبِّهة، والناجية(6).

                      ثم قال: الفرقة السادسة: الجبرية، والجبر إسناد فعل العبد إلى الله، والجبرية متوسّطة تثبت للعبد كسباً كالأشعرية، وخالصة لا تثبته كالجهمية...(7).

                      ثم قال: فهذه هي الفرق الضالّة الذين قال فيهم رسول الله: كلّهم في النار.

                      فكيف عدَّ الأشاعرة بعد ذلك من الفرقة الناجية؟

                      ثم إن ما ساقه الإيجي من عقائد أهل السُّنّة فيه من الباطل ما فيه، ومنه قوله: إن الله تعالى يراه المؤمنون يوم القيامة. مع أن ذلك خلاف نص الكتاب العزيز في قوله سبحانه (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير)[سورة الأنعام: الآية 103]، ولسنا هنا بصدد بيانه.

                      ومنه قوله: لا غرض لفعله سبحانه.

                      وهو خلاف قوله تعالى (أَفَحَسِبْتم أَنَّما خَلَقْنَاكُم عَبَثًا)[سورة المؤمنون: الآية 115]، وقوله تعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)، وقوله (الذي خَلَقَ المَوْتَ والحياة لِيَبْلُوَكُم أَيُّكُم أَحْسَن عَمَلاً وهو العزيز الغفور)[سورة الملك: الآية 2]، وغير هذه الآيات في كتاب الله كثير.

                      وقوله: إن الإمام الحق بعد رسول الله أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، والأفضلية بهذا الترتيب.

                      إلى غير ذلك من مواقع الخلل في كلامه، فكيف يكون أهل السنة هم الفرقة الناجية بهذه الأدلة الواهية؟

                      الثاني: ما ذكره المناوي في فيض القدير، فإنه قال بعد أن ذكر أن الفرقة الناجية هم أهل السنة والجماعة:

                      فإن قيل: ما وثوقك بأن تلك الفرقة الناجية هي أهل السنة والجماعة، مع أن كل واحدة من الفرق تزعم أنها هي دون غيرها؟

                      قلنا: ليس ذلك بالادّعاء والتشبث باستعمال الوهم القاصر والقول الزاعم، بل بالنقل عن جهابذة هذه الصنعة وأئمة أهل الحديث، الذين جمعوا صحاح الأحاديث في أمر المصطفى (صلى الله عليه [وآله] وسلم) وأحواله وأفعاله وحركاته وسكناته، وأحوال الصحب والتابعين، كالشيخين وغيرهما من الثقات، الذين اتفق أهل المشرق والمغرب على صحة ما في كتبهم، وتكفّل باستنباط معانيها وكشف مشكلاتها كالخطابي والبغوي والنووي جزاهم الله خيراً، ثم بعد النقل يُنظَر من تمسّك بهديهم، واقتفى أثرهم، واهتدى بسيرتهم في الأصول والفروع، فيُحكم بأنهم هم(8).

                      وأقول: هذا الدليل في ركاكته كسابقه، فإن كل الفِرَق تزعم أنها جمعت الآثار الصحيحة عن النبي (صلى الله عليه وآله) وأحواله وأفعاله وحركاته وسكناته بالنقل الصحيح عن جهابذة الحديث وأئمة الدين... إلى آخره.

                      وكل الفِرَق تدّعي أنها تقتفي آثار الرسول (صلى الله عليه وآله) وتتمسّك بأحكامه المنقولة عنه بالنقل الثابت الصحيح. إلا أن هذه كلها دعاوى فارغة لا قيمة لها كما قلنا.

                      وقوله: (بالنقل عن جهابذة هذه الصنعة... كالشيخين وغيرهما من الثقات الذي اتفق أهل المشرق والمغرب على صحة ما في كتبهم) ادّعاء فاسد، فإن الشيعة مثلاً لا يصحِّحون أسانيد أكثر تلك الأحاديث ولا يعتدّون بها، وإجماع أهل السنة على صحة تلك الأحاديث التي جمعها حفّاظ الأحاديث عندهم لا يعني إجماع كل الأمة على ذلك فضلاً عن إجماع أهل المشرق والمغرب.

                      وقوله: (ثم بعد النقل يُنظَر من تمسّك بهديهم(9)، واقتفى أثرهم، واهتدى بسيرتهم في الأصول والفروع، فيُحكم بأنهم هم) لم يبيِّن فيه أن أهل السنة هم الذين تمسّكوا بهدي الصحابة والتابعين، بل علّق الحكم بالنجاة على النظر.

                      ومجموع كلامه لا يدل على أكثر من أن أهل السنة جمعوا الأحاديث الصحيحة فقط، أما أنهم عملوا بها أم لا، فهذا لم يثبته كما هو واضح.

                      ثم إن المطلوب هو التمسك بهدي النبي (صلى الله عليه وآله) واتباع مَن أمر النبي (صلى الله عليه وآله) باتباعه، لا اتِّباع مَن رأى الناس لأنفسهم اتباعه.

                      هذان أنموذجان من استدلالاتهم على نجاتهم، وهما كغيرهما من أدلتهم دعاوى مجرّدة، وأدلّة ملفّقة، لا تستند إلى حجّة صحيحة ولا إلى برهان مستقيم. وهذا واضح جلي عند كل من تتبع كلماتهم ونظر في كتبهم.

                      تعليق


                      • :: ما هي الفرقة الناجية + 14 دليل على إن الشيعة هم الفرقة الناجية ::

                        بسم الله الرحمن الرحيم
                        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                        اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف



                        ما هي الفرقة الناجية؟
                        ((تأليف الشيخ علي آل محسن)).


                        تمهيد:
                        لقد جاءت الأحاديث الصحيحة المروية عن النبي (صلى الله عليه وآله) منذرة بافتراق الأمة إلى فِرَق كثيرة، وتشعّبها إلى طوائف مختلفة، كلها في النار إلا واحدة.

                        وقد وقع ما أخبر به الصادق الأمين (صلى الله عليه وآله)، فافترقت هذه الأمة إلى فِرَق كثيرة يكفِّر بعضها بعضاً، ويستحل بعضها دم بعض.

                        وصارت كل فرقة تدَّعي أنها هي الفرقة المُحِقَّة، وأن أتْبَاعها هم الناجون دون غيرهم من طوائف الأمة، وغدت كل طائفة تنافح في إثبات ذلك بكل ما أُوتيت من جهد وقوة، فاختُلقَت الأحاديث الكثيرة التي تنتصر بها كل فرقة على غيرها من الفِرَق، وأُلِّفَت كثير من الكتب المملوءة بالأحاديث الموضوعة المكذوبة على النبي (صلى الله عليه وآله)، وصارت كل فرقة تحتج على غيرها بأقوال تنسبها للنبي (صلى الله عليه وآله)، فزادت الفتنة، وعظمت المحنة، وخفي الحق، وانتشر الباطل، وصار الناس في ظلمة عمياء، إذا أخرج المرء فيها يده لم يكد يراها.

                        إلا أن الحق لا تختفي أنواره، ولا تندثر آثاره، فأعلامه لائحه، ودلائله واضحة، فإن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة تصدح بالحق وتصدع بالهدى، إلا أن مبتغي الحق يلزمه ألا يتعصّب للمخلوقين، وأن يجانب هواه، وأن يفر من عبادة السادة والكبراء، وينأى عن تقليد الأجداد والآباء.

                        فإنه إن تجرّد من كل ذلك، وتمسَّك بآيات الكتب العزيز وبالآثار الصحيحة المروية عن سيد الأنام رسول الله (صلى الله عليه وآله) أدرك الحق ووصل إليه، ونال مبتغاه، وحصل على ما يتمنَّاه، فإن الوصول إلى الحق هو غاية الغايات ومنتهى الطلبات، وهو منية كل طالب، ورغبة كل راغب.

                        فاللازم إذن هو معرفة الفرقة الناجية والطائفة المحِقَّة من كل تلك الطوائف، فما هي هذه الفرقة؟

                        إن المباحث الآتية ستتكفّل ببيان جواب هذا السؤال، ونحن قد مهَّدنا لمعرفة الفرقة الناجية بالأبحاث المتقدمة، وسنحيل القارئ الكريم إلى ما سبق بيانه فيما مرَّ كلما دعت الحاجة إلى ذلك، فبه سبحانه نستعين فنقول:

                        أحاديث اختلاف الأمة:
                        أحاديث افتراق الأمة وردت في كتب الحديث بطرق كثيرة، رواها جمع كبير من أعلام أهل السنة في كتبهم: كالترمذي وأبي داود وابن ماجة وأحمد والحاكم والهيثمي وابن حجر والذهبي والسيوطي وغيرهم.

                        وصحّحها كثير من حفاظ الحديث عند أهل السنة كما سنبيّنه قريباً إن شاء الله تعالى.

                        ورواها عن النبي (صلى الله عليه وآله) طائفة من الصحابة: كأمير المؤمنين (عليه السلام)، وأبي هريرة، وابن عباس، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو، ومعاوية، وسعد بن أبي وقاص، وغيرهم.

                        وجاءت بألفاظ مختلفة، إلا أنها كلها تؤدي معنى واحداً، وإليك بعضاً منها:

                        بعض ألفاظ الحديث:

                        1ـ أخرج الترمذي ـ واللفظ له ـ وأبو داود وابن ماجة والحاكم وأحمد بن حنبل والدارمي وابن حبان وابن أبي عاصم والسيوطي وغيرهم، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم): تفرّقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، أو اثنتين وسبعين فرقة، والنصارى مثل ذلك، وتفترق أمّتي على ثلاث وسبعين فرقة(1).

                        2ـ وأخرج الترمذي والحاكم وغيرهما عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم): ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، حتى إن كان منهم مَن أتى أُمَّه علانية لكان في أمتي من يصنع ذلك، وإن بني إسرائيل تفرَّقت على اثنتين وسبعين ملّة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملّة، كلهم في النار إلا ملّة واحدة. قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي(2).

                        وعند الحاكم: قال: ما أنا عليه اليوم وأصحابي.

                        3ـ وأخرج أبو داود وابن ماجة وأحمد والهيثمي وابن أبي عاصم والسيوطي وابن حجر والتبريزي والألباني وغيرهم عن معاوية وغيره، قال: ألا إن رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) قام فينا فقال: ألا إن مَن قبلكم مِن أهل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين ملّة، وإن هذه الملّة ستفترق على ثلاث وسبعين: اثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهي الجماعة(3).

                        إلى غير ذلك من الأحاديث المتقاربة في اللفظ والمعنى مع ما ذكرناه.

                        ((كل حزب بما لديهم فرحون))

                        لقد ادَّعت كل طائفة أنها هي الفرقة الناجية دون غيرها، فكثر الأخذ والرد بين علماء الطوائف، وساقت كل طائفة ما عندها من الأدلة.

                        ومن المعلوم أنه لا يمكن قبول كلام كل الطوائف في هذه المسألة، لأنه يستلزم تكذيب الأحاديث الصحيحة السابقة التي نصَّت على أن الناجية هي واحدة من كل الفِرق، ثم إن اعتقاد ذلك يؤدي إلى الوقوع في اعتقاد المتناقضات، فنعتقد أن أهل السنة هم الناجون دون غيرهم، والمعتزلة والخوارج والشيعة وغيرهم كذلك، وهذا واضح الفساد.

                        وعليه، فلا بد من النظر في الأدلة وتمحيصها، والأخذ بالحُجج القطعية، وطرح الادعاءات الواهية التي لا تستند إلى شيء، فإنها لا قيمة لها ولا فائدة فيها.

                        ولنضرب أنموذجين لبعض استدلالات أهل السنة على أنهم هم الفرقة الناجية، ليرى القارئ العزيز كيف تمسّك بعضهم بما لا ينفع، وتشبّث بما لا يفيد:

                        الأول: ما ذكره الإيجي في المواقف، حيث قال: وأما الفرقة المستثناة الذين قال فيهم: (هم الذين على ما أنا عليه وأصحابي)، فهم الأشاعرة والسلف من المحدّثين وأهل السنة والجماعة، ومذهبهم خال من بِدَع هؤلاء...ثم ساق عقائد أهل السنة(4).

                        وهذا الدليل كما ترى ركيك ضعيف، فإن كل الفِرَق تدّعي أنها على ما كان عليه النبي (صلى الله عليه وآله) وأصحابه، وأن مذاهبهم خالية من البِدَع.

                        ثم إن الأشاعرة وأهل السنة وأهل الحديث الذين ذكر أنهم هم الناجون هم أكثر من فرقة(5).

                        والعجيب أن الإيجي نفسه ذكر الأشعرية من ضمن الفِرَق الضالة قبل هذا الكلام بصفحة، فإنه قال أولاً: اعلم أن كبار الفِرَق الإسلامية ثمانية: المعتزلة، والشيعة، والخوارج، والمرجئة، والنجارية، والجبرية، والمشبِّهة، والناجية(6).

                        ثم قال: الفرقة السادسة: الجبرية، والجبر إسناد فعل العبد إلى الله، والجبرية متوسّطة تثبت للعبد كسباً كالأشعرية، وخالصة لا تثبته كالجهمية...(7).

                        ثم قال: فهذه هي الفرق الضالّة الذين قال فيهم رسول الله: كلّهم في النار.

                        فكيف عدَّ الأشاعرة بعد ذلك من الفرقة الناجية؟

                        ثم إن ما ساقه الإيجي من عقائد أهل السُّنّة فيه من الباطل ما فيه، ومنه قوله: إن الله تعالى يراه المؤمنون يوم القيامة. مع أن ذلك خلاف نص الكتاب العزيز في قوله سبحانه (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير)[سورة الأنعام: الآية 103]، ولسنا هنا بصدد بيانه.

                        ومنه قوله: لا غرض لفعله سبحانه.

                        وهو خلاف قوله تعالى (أَفَحَسِبْتم أَنَّما خَلَقْنَاكُم عَبَثًا)[سورة المؤمنون: الآية 115]، وقوله تعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)، وقوله (الذي خَلَقَ المَوْتَ والحياة لِيَبْلُوَكُم أَيُّكُم أَحْسَن عَمَلاً وهو العزيز الغفور)[سورة الملك: الآية 2]، وغير هذه الآيات في كتاب الله كثير.

                        وقوله: إن الإمام الحق بعد رسول الله أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، والأفضلية بهذا الترتيب.

                        إلى غير ذلك من مواقع الخلل في كلامه، فكيف يكون أهل السنة هم الفرقة الناجية بهذه الأدلة الواهية؟

                        الثاني: ما ذكره المناوي في فيض القدير، فإنه قال بعد أن ذكر أن الفرقة الناجية هم أهل السنة والجماعة:

                        فإن قيل: ما وثوقك بأن تلك الفرقة الناجية هي أهل السنة والجماعة، مع أن كل واحدة من الفرق تزعم أنها هي دون غيرها؟

                        قلنا: ليس ذلك بالادّعاء والتشبث باستعمال الوهم القاصر والقول الزاعم، بل بالنقل عن جهابذة هذه الصنعة وأئمة أهل الحديث، الذين جمعوا صحاح الأحاديث في أمر المصطفى (صلى الله عليه [وآله] وسلم) وأحواله وأفعاله وحركاته وسكناته، وأحوال الصحب والتابعين، كالشيخين وغيرهما من الثقات، الذين اتفق أهل المشرق والمغرب على صحة ما في كتبهم، وتكفّل باستنباط معانيها وكشف مشكلاتها كالخطابي والبغوي والنووي جزاهم الله خيراً، ثم بعد النقل يُنظَر من تمسّك بهديهم، واقتفى أثرهم، واهتدى بسيرتهم في الأصول والفروع، فيُحكم بأنهم هم(8).

                        وأقول: هذا الدليل في ركاكته كسابقه، فإن كل الفِرَق تزعم أنها جمعت الآثار الصحيحة عن النبي (صلى الله عليه وآله) وأحواله وأفعاله وحركاته وسكناته بالنقل الصحيح عن جهابذة الحديث وأئمة الدين... إلى آخره.

                        وكل الفِرَق تدّعي أنها تقتفي آثار الرسول (صلى الله عليه وآله) وتتمسّك بأحكامه المنقولة عنه بالنقل الثابت الصحيح. إلا أن هذه كلها دعاوى فارغة لا قيمة لها كما قلنا.

                        وقوله: (بالنقل عن جهابذة هذه الصنعة... كالشيخين وغيرهما من الثقات الذي اتفق أهل المشرق والمغرب على صحة ما في كتبهم) ادّعاء فاسد، فإن الشيعة مثلاً لا يصحِّحون أسانيد أكثر تلك الأحاديث ولا يعتدّون بها، وإجماع أهل السنة على صحة تلك الأحاديث التي جمعها حفّاظ الأحاديث عندهم لا يعني إجماع كل الأمة على ذلك فضلاً عن إجماع أهل المشرق والمغرب.

                        وقوله: (ثم بعد النقل يُنظَر من تمسّك بهديهم(9)، واقتفى أثرهم، واهتدى بسيرتهم في الأصول والفروع، فيُحكم بأنهم هم) لم يبيِّن فيه أن أهل السنة هم الذين تمسّكوا بهدي الصحابة والتابعين، بل علّق الحكم بالنجاة على النظر.

                        ومجموع كلامه لا يدل على أكثر من أن أهل السنة جمعوا الأحاديث الصحيحة فقط، أما أنهم عملوا بها أم لا، فهذا لم يثبته كما هو واضح.

                        ثم إن المطلوب هو التمسك بهدي النبي (صلى الله عليه وآله) واتباع مَن أمر النبي (صلى الله عليه وآله) باتباعه، لا اتِّباع مَن رأى الناس لأنفسهم اتباعه.

                        هذان أنموذجان من استدلالاتهم على نجاتهم، وهما كغيرهما من أدلتهم دعاوى مجرّدة، وأدلّة ملفّقة، لا تستند إلى حجّة صحيحة ولا إلى برهان مستقيم. وهذا واضح جلي عند كل من تتبع كلماتهم ونظر في كتبهم.

                        تعليق


                        • ((الشيعة الإمامية هم الفرقة الناجية))

                          إن كل عالم منصف يرى أن الأدلة القطعية تأخذ بالأعناق إلى اتّباع مذهب أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، دون غيره من المذاهب، والأحاديث الصحيحة دلَّت بأجلى بيان على ما عليه الشيعة الإمامية.

                          ولنا أن نستدل على حقِّيَّة مذهب الشيعة الإمامية بعدة أدلة:

                          الدليل الأول:

                          أن النبي (صلى الله عليه وآله) أخبر الأمّة بأن النجاة منحصرة في التمسّك بالكتاب وأهل البيت (عليهم السلام) بقوله (صلى الله عليه وآله): إني تارك فيك ما إن تمسّكتم به لن تضلوا بعدي أبداً، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يرِدا عليَّ الحوض.

                          ولا ريب في أن أهل السنة والمعتزلة والخوارج وغيرهم من الطوائف لم يتمسَّكوا بأهل البيت (عليهم السلام)، فوجب بمقتضى الحديث وقوعهم في الضلال، وأما الشيعة الإمامية فاتَّبعوهم واتّخذوهم أئمة، فكانوا بذلك هم الناجين دون غيرهم.

                          الدليل الثاني:

                          أن النبي (صلى الله عليه وآله) أخبر في أحاديث صحيحة أن الخلفاء الذين يكون الدين بهم قائماَ وعزيزاً ومنيعاً وأمر الناس بهم صالحاً هم اثنا عشر خليفة، كلهم من قريش.

                          وأخبر (صلى الله عليه وآله) في حديث الثقلين أن الواجب على الأمّة هو اتباع أهل البيت (عليهم السلام) والتمسّك بهم لئلا تقع في الضلال، فبضم هذه الأحاديث إلى تلك يُعلم أن الخلفاء الاثني عشر لا بد أن يكونوا من أهل البيت (عليهم السلام).

                          ونحن نظرنا في المذاهب فلم نجد طائفة تعتقد باثني عشر إماماً فقط، سواء كانوا من أهل البيت أم من غيرهم، إلا الشيعة الإمامية. فبهذا يكونون هم الناجين دون غيرهم.

                          الدليل الثالث:

                          أن أهل السنة في هذا العصر وما قبله وغيرهم لم يبايعوا إماماً واحداً لهم، مع أن النبي (صلى الله عليه وآله) قد نَصَّ على أن مَن مات وليس في عنقه بيعة فميتته جاهلية، فتكون كل الطوائف مشمولة بهذا الحديث، فلا يمكن أن يكونوا ناجين وهم موصوفون بهذه الصفة.

                          وأما الشيعة الإمامية فلهم إمام واحد معصوم منصوص عليه، فبذلك يكونون هم الناجين دون غيرهم.

                          الدليل الرابع:

                          أن أحكام الشريعة عند أهل السنة اعتراها التغيير والتبديل، فلم يبق منها شيء كما كان على عهد النبي (صلى الله عليه وآله)، فحينئذ لا يمكن أن يكونوا هم الناجين وشرائع دينهم محرَّفة، فيكون الناجون هم الشيعة الإمامية، لاتفاق السنة والشيعة على أن غير هاتين الطائفتين ليس بناج، فإذا انتفت نجاة إحداهما ثبتت نجاة الأخرى.

                          الدليل الخامس:

                          أن خلافة أبي بكر وعمر التي ارتكز عليها مذهب أهل السنة لم نعثر على دليل واحد يصحِّحها، وحيث أن أساس الخلاف بين مذهب الشيعة وأهل السنة هو مسألة الخلافة، وأن كلاً من المذهبين قائم على ما أسَّسه في مسألة الإمامة، فإذا ثبت بطلان خلافة أبي بكر وعمر، فلا مناص حينئذ من ثبوت بطلان مذهب أهل السنة المبتني عليهما، فيثبت صحة مذهب الإمامية لعين ما قلناه في الدليل الرابع.

                          الدليل السادس:

                          أن الأحاديث التي رواها أهل السنة صرَّحت بنجاة الشيعة، بينما لم يرووا في كتبهم أحاديث تدل على نجاتهم هم.

                          ومن تلك الأحاديث ما رووه عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: عليٌّ وشيعته هم الفائزون يوم القيامة.

                          وأخرج السيوطي في الدر المنثور والشوكاني في فتح القدير عن ابن عساكر، قال: عن جابر بن عبد الله قال: كنّا عند النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) فأقبل علي، فقال النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم): والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لَهُم الفائزون يوم القيامة. ونزلت (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البَرِيَّة)، فكان أصحاب النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) إذا أقبل علي قالوا: جاء خير البَرِيَّة(10).

                          وعن ابن عباس قال: لما نزلت (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البَرِيَّة) قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) لعلي: هو أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين(11).

                          وعن علي (عليه السلام) قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم): ألم تسمع قول الله

                          (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البَرِيَّة) أنت وشيعتك. وموعدي وموعدكم الحوض، إذا جاءت الأمم للحساب تُدعَون غُرَّاً محجَّلين(12).

                          وأخرج الطبري في تفسير الآية المذكورة عن محمد بن علي: (أولئك هم خير البرية) فقال النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم): أنت يا علي وشيعتك(13).

                          وعنه (صلى الله عليه وآله) أنه قال: يا علي، إنك ستقدم على الله وشيعتك راضين مرضيين، ويقدم عليه عدوّك غضاب مُقمَّحين(14).

                          وقال (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): أنت وشيعتك ترِدُون عليَّ الحوض(15).

                          وقال: أنت وشيعتك في الجنة(16).

                          قال (صلى الله عليه وآله) أيضاً: إن أول أربعة يدخلون الجنة: أنا وأنت والحسن والحسين، وذرارينا خلف ظهورنا، وأزواجنا خلف ذرارينا، وشيعتنا خلف أيماننا وشمائلنا(17).

                          إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي تؤدّي هذا المعنى.

                          الدليل السابع:

                          أن الشيعة اتّبعوا أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، وهم مضافاً إلى دلالة الأحاديث الصحيحة على لزوم اتّباعهم، فقد وقع الاتفاق على صلاحهم ونجاتهم، وحسن سيرتهم، وطيب سريرتهم، وأما أهل السنّة فاتَّبعوا أئمتهم الذين لم يرِد في جواز اتّباعهم نصّ، ولم يُتَّفَق على نجاتهم وصلاحهم، بل إنهم رووا الأحاديث الصريحة في الطعن فيهم(18).

                          ولا ريب في أن الواجب هو اتّباع المتَّفَق على صلاحه، دون المختَلَف فيه الذي قَدَح فيه أولياؤه وأعداؤه.

                          فحينئذ يكون الشيعة الإمامية هم الناجين دون غيرهم، لأنهم اتَّبعوا مَن يجب اتّباعه دون أهل السنّة وغيرهم.

                          الدليل الثامن:

                          أن أئمة أهل السنّة غير مستيقنين بإيمانهم وبنجاتهم، وأما أئمة أهل البيت (عليهم السلام) فهم جازمون بذلك غير شاكين فيه. ولا شك في أن اتّباع الجازم بذلك هو المتعيِّن، دون اتّباع غيره.

                          وبذلك يكون الشيعة الإمامية هم الناجين دون غيرهم، لاتّباعهم من يتعيَّن اتّباعه.

                          أما أن أئمة أهل السنة غير جازمين بنجاتهم فيدل عليه كثير من الآثار المروية عنهم في ذلك:

                          ومن ذلك ما رووه في احتضار أبي بكر أنه قال: وددتُ أني خضرة تأكلني الدواب(19).

                          وقال عمر في احتضاره: لو أن لي الدنيا وما فيها لافتديتُ بها من النار وإن لم أرَها(20).

                          وقال أيضاً حينئذ: لو أن لي الدنيا وما فيها لافتديت به من هول ما أمامي قبل أن أعلم الخبر(21). وفي بعضها: لافتديت به من هول المطَّلع(22).

                          وقال وقد أخذ تِبْنة من الأرض: ليتني كنت هذه التِّبْنة، ليتني لم أُخلَق، ليت أمّي لم تلدني، ليتني لم أكُ شيئاً، ليتني كنت نسياً منسياً(23).

                          وما قاله عمر وقت احتضاره غير هذا كثير، فراجعه في مظانّه(24).

                          بينما رووا أن علياً (عليه السلام) لما ضربه ابن ملجم قال: فزتُ وربّ الكعبة(25).

                          ثم إن عمر كان يسأل حذيفة بن اليمان هل ذُكر في المنافقين أم لا(26).

                          قال الغزالي بعد أن ساق جملة من الأخبار الواردة في النفاق: فهذه الأخبار والآثار تُعرِّفك خطر الأمر بسبب دقائق النفاق والشرك الخفي، وأنه لا يؤمَن منه، حتى كان عمر بن الخطاب يسأل حذيفة عن نفسه وأنه هل ذُكِر في المنافقين(27).

                          وأخرج أحمد في المسند، والهيثمي في مجمع الزوائد عن أم سلمة قالت: قال النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم): مِن أصحابي مَن لا أراه ولا يراني بعد أن أموت أبداً. قال: فبلغ ذلك عمر فأتاها يشتد أو يسرع، فقال: أنشدك الله، أنا منهم؟ قالت: لا، ولا أبرّئ بعدك أحداً أبداً(28).

                          ثم إن أئمتهم اتفقوا على أن الرجل إذا سُئل: (هل أنت مؤمن؟) فلا يجوز له أن يقول: (نعم)، بل يقول: (أنا مؤمن إن شاء الله). أو يقول: (ما أدري أنا عند الله عز وجل شقي أم سعيد، أمقبول العمل أم لا). أو يقول: (أرجو إن شاء الله)(29).

                          وعن قتادة أن عمر بن الخطاب قال: مَن زعم أنه مؤمن فهو كافر، ومن زعم أنه في الجنة فهو في النار(30).

                          قال ابن بطة الحنبلي: فمن صفة أهل العقل والعلم أن يقول الرجل: أنا مؤمن إن شاء الله(31).

                          وأخرج ابن بطة عن أحمد بن حنبل قال: حدّثني علي بن بحر، قال: سمعت جرير بن عبد الحميد يقول: كان الأعمش ومنصور ومغيرة وليث وعطاء بن السائب وإسماعيل بن أبي خالد وعمارة بن القعقاع، والعلاء بن المسيب، وابن شبرمة، وسفيان الثوري، وأبو يحيى صاحب الحسن وحمزة الزيات، يقولون: (نحن مؤمنون إن شاء الله)، ويعيبون مَن لا يستثني(32).

                          وهذا كله ناشئ من شكّهم في أنهم مؤمنون كما لا يخفى، مع أن الإيمان لا بد أن يكون عن جزم ويقين، ولا يكون بالشك والظن والتخمين.

                          وقال ابن بطة: ولكن الاستثناء يصح من وجهين: أحدهما: نفي التزكية، لئلا يشهد الإنسان على نفسه بحقائق الإيمان وكوامله... ويصح الاستثناء من وجه آخر يقع على مستقبل الأعمال ومستأنف الأفعال، وعلى الخاتمة، وبقية الأعمال، ويريد أني مؤمن إن ختم الله لي بأعمال المؤمنين، وإن كنت عند الله مثبتاً في ديوان أهل الإيمان، وإن كان ما أنا عليه من أفعال المؤمنين أمراً يدوم لي ويبقى عليَّ حتى ألقى الله، و لا أدري هل أصبح وأمسي على الإيمان أم لا... فأنت لا يجوز لك إن كنت ممن يؤمن بالله وتعلم أن قلبك بيده، يصرفه كيف شاء، أن تقول قولاً جزماً حتماً: إني أصبح غداً كافراً ولا منافقاً. إلا أن تصل كلامك بالاستثناء، فتقول: إن شاء الله. فهكذا أوصاف العقلاء من المؤمنين(33).

                          أقول: هذا عين الشك في الإيمان، لأن مورد النزاع هو هل أنا الآن متَّصف بالإيمان أم لا، وهذا أمر وجداني يشعر به كل مؤمن، ويدرك في نفسه أنه معتقد بالحق جازم به، وأما ما يكون في مستقبل الأيام فلا علم لنا به، فلا ينبغي لمؤمن أن يقول: (أنا سأبقى مؤمناً إلى ما بعد سنة)، لأن هذا أمر غيبي لا نجزم به، ولا طريق لنا إلى معرفته، فلا يصح هذا القول من هذه الجهة إلا بالاستثناء، وليس هذا موضع نزاعنا.

                          وقولي: (إني مؤمن) لا تزكية فيه للنفس، بل هو إخبار عن واقع صحيح باعتقادي، وإنما يكون تزكية إذا ادّعيت أني كامل الإيمان وفي أعلى مراتبه، لأن الإيمان مراتب ودرجات. ولِمَ لا يكون قولي ذلك من باب التحدّث بنعمة الله تعالى إذ أنعم علينا بنعمة الإيمان، وربما يكون عدم جزمي بذلك نوعاً من الجحود.

                          ثم إن الله تعالى حكى عن موسى (عليه السلام) ذلك، فقال عز من قائل (وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قال سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِليكَ وَأَنَا أَوَّلُ المؤمنين)[سورة الأعراف: الآية 143].

                          وحكاه عن السَّحَرة الذين آمنوا بموسى فقال جل شأنه (قال آمنتم له قبل أن آذَن لكم إنه لكبيركم الذي علَّمكم السحر فلسوف تعلمون لأقطعَنَّ أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلّبنّكم أجمعين * قالوا لا ضير إنَّا إلى ربِّنا منقلبون * إنا نطمع أن يغفر لنا ربُّنا خطايانا أَنْ كنَّا أول المؤمنين)[سورة الشعراء: الآيات 49 ـ 51].

                          الدليل التاسع:

                          أن مذهب الشيعة الإمامية هو المذهب الخالص عن الأباطيل في الفروع والأصول، وقد مرَّت بك نماذج كثيرة من أقوال أصحاب المذاهب وفتاواهم، وهي قليل من كثير عثرنا عليه، وما لم نعثر عليه أكثر، بسبب قلة المصادر لدينا، وكثرة كتب أهل السنة وتفرّقها في البلدان، وكثرة المشاغل، وضيق الأوقات، وخشية ملالة القرَّاء، وغير ذلك.

                          وأما عقائد الإمامية فهي خالية عن كل ذلك.

                          ولا بأس أن نذكرها مجملة، فنقول في بيانها على نحو الإجمال:

                          إن الشيعة الإمامية يعتقدون أن الله سبحانه هو المخصوص بالأزلية والقِدَم، وكل ما سواه مخلوق مُحدَث، وأنه واحد وليس بمركَّب، لأنه لو كان مركباً لاحتاج إلى أجزائه، ولكان مسبوقاً بها، فيكون حينئذ مُحدَثاً، كما أنه تعالى ليس بجسم ولا جوهر ولا عَرض ولا يحويه مكان ولا في جهة، وإلا لكان مُحدَثاً مخلوقاً، وليس له شبيه ولا نظير ولا نِد ولا مثيل.

                          ويعتقدون أنه تعالى قادر على جميع المقدورات، وأنه لا يعجزه شيء وهو على كل شيء قدير، وأنه عَدْل حكيم لا يظلم أحداً، ولا يقع منه القبيح، ولا يفعل إلا لحكمة وغرض، ولولا ذلك لكان جاهلاً أو محتاجاً أو عاجزاً أو عابِثاً تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

                          ويعتقدون أيضاً أنه تعالى لا يُرى ولا يُدرَك بالحواس، لا في الدنيا ولا في الآخرة، لقوله تعالى (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير)[سورة الأنعام: الآية 103].

                          ويعتقدون أنه تعالى لا يعذِّب الأنبياء على طاعتهم، ولا يثيب إبليس على معصيته، ولا يكلِّف الناس بما لا يطيقون، ولا يؤاخذهم بما لا يعلمون.

                          وأما الأشاعرة والحنابلة فاعتقدوا أن لله يدين ورجلين يضعهما في النار فتقول: ( قَط قَط )، ويكون في صورة خاصة، يراه الناس يوم القيامة، فلا يعرفونه إلا بكشف ساقه وسجود الأنبياء له. وأنه تعالى ينزل كل ليلة جمعة إلى سماء الدنيا، فينادي: هل من تائب فأتوب عليه، وهل من مستغفر فأغفرُ له.

                          وأن له أن يعذِّب الأنبياء والمؤمنين ويدخلهم النار، ويثيب العصاة والمنافقين وإبليس ويدخلهم الجنة، لأنه لا يُسأل عما يفعل وهم يُسأَلون.

                          ثم إن الشيعة الإمامية يعتقدون أن أنبياء الله عامة ورسول الله (صلى الله عليه وآله) خاصة معصومون عن الخطأ والسهو والمعصية: صغيرها وكبيرها، من أول العمر إلى آخره، قبل بعثتهم وبعدها، فيما يبلِّغونه وما لا يبلِّغونه، ولولا ذلك لما حصل الوثوق بهم وبكلامهم، فتنتفي الفائدة من بعثتهم، وأنهم منزَّهون من كل ما يُنفِّر عنهم من الصفات الذميمة والطباع السيئة والأفعال القبيحة وعن دناءة الآباء وعهر الأمهات.

                          وأما أهل السنة فجوَّزوا على النبي (صلى الله عليه وآله) أن يسهو في صلاته حتى صلى الظهر ركعتين، وأن يغفل عنها حتى نام عن صلاة الفجر، وأن يشك في نبوَّته في بداية بعثته حتى سأل عنها غيره، وأن يظن أن النبوة انتقلت إلى غيره كلما تأخر عنه الوحي، وأن يضرب مَن لا يستحق، ويسب ويلعن بغير حق، وأن يسمع المعازف مع أهله، ويسابق زوجه فيسبقها مرة، وتسبقه مرة أخرى، ويخرج إلى المسجد للصلاة وعلى ثيابه أثر المني، وغير ذلك مما لا يليق بمقامه (صلى الله عليه وآله).

                          ثم إن الإمامية قالوا بعصمة الأئمة، وبلزوم النصّ عليهم، وبأنهم أفضل أهل زمانهم، لقبح تقديم المفضول على الفاضل، واشترطوا طهارة مولده، ونزاهته عن كل ما ينفِّر منه كما تقدم في النبي. وأن يكون أعلم الناس لا يحتاج أن يسأل غيره فيما ينتابه من الحوادث، وأن يكون طاهر المولد، ولا يكون ابن زنا أو مختلط النسب، أو مَن يُعيَّر بأمّه أو بأبيه، أو معتوهاً، أو متكالباً على الدنيا، أو مأبوناً أو ملعوناً.

                          وأما أهل السنة فصحَّحوا خلافة كل مَن بايعه الناس وإن كان فاسقاً أو منافقاً، وصحَّحوا خلافة كل مَن تولَّى أمور المسلمين بالقهر والقوة وإن كان من الطلقاء وأبناء الطلقاء وأبناء الزنا. وجوَّزوا خلافة مَن عبد الأصنام في سالف عمره، وشرب الخمر، ووأد البنات، وفعل أفعال الجاهلية.

                          وبالإجمال: كل مَن كان منصفاً، واطّلع على المذاهب بتأمّل وإنصاف يجد أن مذهب الشيعة الإمامية هو المذهب الواجب الإتباع، لموافقته للأدلة الصحيحة، وبعده عن الأباطيل والبدع، وقد تقدمَّت نماذج كثيرة من بِدَع القوم، فراجعها.

                          الدليل العاشر:

                          لقد أثبت علماء الشيعة الإمامية مذهب أهل البيت (عليهم السلام) وردّوا على خصومهم، وفندوا آراء المذاهب الأخرى، وهم في ذلك قد ألزموا أنفسهم بألا يحتجّوا إلا بما ورد في كتب القوم مما يعترفون بصحّته ويسلّمون به، فأثبتوا صحة المذهب من طريقهم، وطريق خصومهم.

                          فاحتجوا على أهل السنة بما روي في الصحيحين وباقي الكتب المعتبرة عندهم، وبأقوال أعلامهم وأساطين علمائهم.

                          وأما الخصوم عامة، وأهل السنة خاصة، فإنهم لم يتسنَّ لهم ذلك، فغاية ما سلكوا في إثبات مذاهبهم أنهم يحتجّون على غيرهم بأحاديث رُويت من طريقهم هم، لا يسلِّم بها الخصم، فاحتج أهل السنة على الشيعة بما في صحيح البخاري ومسلم وباقي كتب الحديث عندهم، وبأقوال أحمد بن حنبل والشافعي ومالك وأبي الحسن الأشعري وابن تيمية وغيرهم.

                          ومن الواضح أن الدليل الذي يصح الاحتجاج به لا بد أن يسلم به الخصم ويقر به، وأدلتهم كلها ليست كذلك.

                          ثم إن بعض علماء أهل السنة لمَّا أعياهم الدليل الصحيح في نقد مذهب الإمامية عمدوا مع بالغ الأسى إلى تضعيف الأحاديث الصحيحة المروية عندهم، كحديث الثقلين، وحديث الغدير، وحديث أنا مدينة العلم، وحديث الطير مع كثرة طرقه، وغيرها من الأحاديث التي تلزمهم(34).

                          وعمدوا أيضاً إلى اختلاق الأكاذيب على الشيعة واتهامهم بما لا يقولون به(35)، وبما ليس فيهم(36). وهذا كله ناشئ من عدم الدليل عندهم على صحة مذاهبهم.

                          ثم إنا لم نجد في ردّهم على الشيعة الإمامية إلا السباب والشتم المقذع، مع أن الله تعالى يقول (ادعُ إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) فانظر ما كتبه ابن حجر في الصواعق المحرقة، وابن حزم في الفصل في الملل والأهواء والنحل، وابن تيمية في منهاج السنة وغيرهم، وهذا سبيل العاجز عن مقارعة الحجة بالحجة كما هو معلوم(37).

                          وهذا كله يدل بوضوح على صحّة مذهب الإمامية وسلامته.

                          تعليق


                          • الدليل الحادي عشر:

                            قد تقدَّم أن مذاهب أهل السنة في الأصول الاعتقادية ثلاثة: الأثرية وإمامهم أحمد بن حنبل (164 ـ 241هـ)، والأشعرية وإمامهم أبو الحسن الأشعري (260 ـ 330هـ)، والماتريدية وإمامهم أبو منصور الماتريدي (ت 330هـ). وكلها نشأت بعد القرن الثاني من الهجرة.

                            وأما في الفروع فهم مذاهب كثيرة، وأشهرها المذاهب الأربعة المعروفة. وكلها نشأت بعد انتهاء القرن الأول من الهجرة.

                            فإذا كانت هذه المذاهب قد نشأت في عصور متأخرة، فلا بد أن يكون الحق في غيرها قبل نشوئها، لأنه لا بد أن تكون طائفة من طوائف هذه الأمة على الحق من زمان النبي (صلى الله عليه وآله) إلى قيام الساعة، وإلا لزم أن تكون الأمة كلها على ضلال إلى زمان نشوء هذه المذاهب، وهو باطل بالاتفاق.

                            فإذا كان الحق في غيرها فهو منحصر في مذهب الإمامية، لأنه هو المذهب الفريد بين كل المذاهب الإسلامية الذي امتد من حياة النبي (صلى الله عليه وآله) إلى العصور المتأخرة(38).

                            لا يقال: إن أئمة المذاهب أخذوا عمن سبقهم إلى أن يصل الأمر إلى زمان النبي (صلى الله عليه وآله).

                            لأنا نقول: إن أئمة المذاهب اختلفوا فيما بينهم في الأصول والفروع، وخالفوا من سبقهم، لأنهم كانوا مجتهدين غير مقلِّدين لغيرهم، ولذلك اجتهد الإمام أحمد في المسائل المتجدّدة كمسألة خلق القرآن وغيرها من المسائل التي لم تكن مطروحة من قبل.

                            الدليل الثاني عشر:

                            أنَّا رأينا في الحوادث الكثيرة والوقائع المختلفة التي اشتهرت وذاعت أنه ما من رجل كان ينتحل مذهباً من مذاهب أهل السنة، وانتقل عنه إلى مذهب الشيعة الإمامية، إلا كان عالماً مخلصاً، أو مفكِّراً مطّلعاً حُرّاً، أو كان صاحب شهادة علمية عالية وثقافة واسعة.

                            كما أنَّا لم نرَ رجلاً كان على مذهب الإمامية وانتقل عنه إلى مذاهب أهل السنة، إلا كان جاهلاً بالمذهب الذي انتقل عنه، وبالمذهب الذي انتقل إليه، أو كان منحرف السلوك، نفعيّاً يسعى وراء مصلحة دنيوية من مال أو منصب أو شهرة أو غير ذلك.

                            وقد رأينا علماء ومفكّرين من أهل السنة تشيَّعوا قديماً وحديثاً، ولم يحدث العكس. ويكفي أن نذكر بعضاً ممن تشيَّع في هذا العصر على سبيل المثال لا الحصر ممن لهم كتب ومؤلفات، منهم:

                            1ـ الشيخ محمد مرعي الأمين الأنطاكي السوري، من شيوخ الجامع الأزهر بمصر، كان شافعي المذهب فاستبصر، وألَّف كتاب (لماذا اخترت مذهب الشيعة) مطبوع، يذكر فيه قصة تشيّعه، ويستدل فيه على لزوم اتباع مذهب الإمامية.

                            2ـ الشيخ محمد أمين الأنطاكي السوري، من شيوخ الجامع الأزهر بمصر، وهو أخ الشيخ السابق، كان شافعي المذهب فاستبصر، وألَّف كتاب (في طريقي إلى التشيع) مطبوع، ذكر فيه قصة تشيّعه.

                            3ـ الدكتور محمد التيجاني السماوي التونسي، خرّيج جامعة السوربون في فرنسا بشهادة الدكتوراه في الفلسفة، كان مالكياً فصار شيعياً إمامياً، وألَّف كتاب (ثم اهتديت) مطبوع، ذكر فيه قصة تشيعه، وانتصر فيه لمذهب الإمامية، وألَّف كتباً أخرى في إثبات مذهب الإمامية، منها: (مع الصادقين)، (فاسألوا أهل الذِّكْر)، (الشيعة هم أهل السنة)، (اتقوا الله)، (اعرف الحق) وغيرها، وكلها مطبوعة.

                            4ـ المحامي أحمد حسين يعقوب الأردني، كان على مذهب أهل السنة، ثم صار شيعياً إمامياً، له كتاب (النظام السياسي في الإسلام) وكتاب (نظرية عدالة الصحابة)، و(المواجهة مع رسول الله وآله) وغيرها، وهي كلها مطبوعة ينتصر فيها لمذهب الإمامية.

                            5ـ أسعد وحيد القاسم، فلسطيني، لديه شهادة البكالوريوس في الهندسة المدنية، والماجستير في إدارة الإنشاءات، كان على مذهب أهل السنة فصار إمامياً، وألَّف كتاب (حقيقة الشيعة الاثني عشرية) مطبوع، ذكر فيه قصة تشيّعه وانتصر فيه لمذهب الإمامية.

                            6ـ صالح الورداني: كاتب مصري، كان على مذهب أهل السنة فصار إمامياً، له عدة مؤلفات مطبوعة، منها: (الخدعة: رحلتي من السنة إلى الشيعة)، (أهل السنة: شعب الله المختار، دراسة في فساد عقائد أهل السنة)، (السيف والسياسة: إسلام السنة أم إسلام الشيعة)، (عقائد السنة وعقائد الشيعة)، (زواج المتعة حلال: عند أهل السنة) وغيرها، وكلها ينتصر فيها لمذهب الإمامية، وهي مطبوعة.

                            7ـ إدريس الحسيني: كان على مذهب أهل السنة فصار إمامياً، له عدة مؤلفات مطبوعة: منها: (لقد شيعني الحسين: أو الانتقال الصعب في رحاب المعتقد).

                            8ـ الشيخ معتصم سيد أحمد: كاتب سوداني،كان على مذهب أهل السنة فصار إمامياً، وألَّف كتاب (الحقيقة الضائعة: رحلتي نحو مذهب آل البيت)، وهو مطبوع، يذكر فيه قصة تشيّعه.

                            9ـ مروان خليفات: كان شافعي المذهب، فاستبصر واتّبع مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، وسجَّل رحلته إلى الإيمان في كتابه (وركبت السفينة)، وهو مطبوع، ينتصر فيه إلى مذهب الإمامية.

                            وكل هذه الكتب المذكورة جيدة في بابها، وتدل على سعة اطلاع، وقوة اعتقاد، وصلابة في الحق، فجزى الله أصحابها خير جزاء المؤمنين المخلصين، وشكر الله لهم مساعيهم وجهودهم في بيان الحق ونصرة أهله.(ويمكنكم مراجعة باب المتحولون في الموقع لتجدون العديد من هذه الشخصيات التي اتخذت مذهب أهل البيت (عليهم السلام)).

                            يتبع...؛

                            تعليق


                            • الدليل الثالث عشر:

                              إن علماء الشيعة الإمامية ناظروا خصومهم في الإمامة وغيرها من المسائل الخلافية، فكانت الحجّة معهم والغلَبة لهم على غيرهم، فألَّفوا في ذلك المصنفات الكثيرة المشتملة على أمثال هذه المناظرات، ككتاب (الاحتجاج) لأحمد بن علي الطبرسي، وكتاب (الفصول المختارة) للسيد المرتضى، وكتاب (المراجعات) للسيد شرف الدين، وكتاب (الغدير) للشيخ عبد الحسين الأميني وغيرها من الكتب التي لو تأملها المتأمّل لحصل له القطع بمذهب الشيعة الأمامية دون غيره من المذاهب.

                              وعلماء الشيعة كانوا وما يزالون يَدْعُون أرباب المذاهب للمناظرة في المذهب، بل إن عوام الشيعة كثيراً ما يُقدِمون على مناظرة علماء الطوائف الأخرى فضلاً عن العوام منهم، ثقة منهم بأن ما عندهم هو الحق، وما عليه غيرهم هو الباطل، والباطل لا يزهق الحق (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق)[سورة الأنبياء: الآية 18]، وهذا أمر بيِّن يعرفه كل من عرف الشيعة وخالطهم واطّلع على أحوالهم.

                              الدليل الرابع عشر:

                              اعتراف بعض علماء أهل السنة بصحّة مذهب الشيعة الإمامية وجواز التعبّد به دون العكس، منهم:

                              1 ـ الشيخ سليم البشري، شيخ الجامع الأزهر(39): قال فيما كتبه إلى السيد عبد الحسين شرف الدين أعلى الله مقامه: أشهدُ أنكم في الفروع والأصول على ما كان عليه الأئمة من آل الرسول، وقد أوضحت هذا الأمر فجعلتَه جلِيّاً، وأظهرت من مكنونه ما كان خفيّاً، فالشك فيه خبال، والتشكيك فيه تضليل... وكنتُ قبل أن أتَّصل بسببك على لبس فيكم، لما كنت أسمعه من إرجاف المرجفين، وإجحاف المجحفين(40).

                              2 ـ الشيخ محمود شلتوت، شيخ الجامع الأزهر(41):

                              أفتى فتواه المشهورة بجواز التعبّد بمذهب الشيعة الإمامية، ومما ورد فيها:

                              إن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية مذهب يجوز التعبد به شرعاً كسائر مذاهب أهل السنة. فينبغي للمسلمين أن يعرفوا ذلك، وأن يتخلَّصوا من العصبية بغير الحق لمذاهب معيَّنة، فما كان دين الله وما كانت شريعته بتابعة لمذهب أو مقصورة على مذهب، فالكل مجتهدون مقبولون عند الله تعالى، يجوز لمن ليس أهلاً للنظر والاجتهاد تقليدهم والعمل بما يقرّرونه في فقههم، ولا فرق في ذلك بين العبادات والمعاملات(42).

                              وقال في مقال له نُشر في كتاب (دعوة التقريب من خلال رسالة الإسلام):

                              ولقد تهيَّأ لي بهذه الأوجه من النشاط العلمي أن أُطل على العالم الإسلامي من نافذة مشرفة عالية، وأن أعرف كثيراً من الحقائق التي كانت تحول بين المسلمين واجتماع الكلمة وائتلاف القلوب على أخوة الإسلام، وأن أتعرف إلى كثير من ذوي الفكر والعلم في العالم الإسلامي، ثم تهيَّأ لي بعد ذلك وقد عُهد إلي بمنصب مشيخة الأزهر أن أصدرت فتواي في جواز التعبد على المذاهب الإسلامية الثابتة الأصول المعروفة المصادر، المتَّبعة لسبيل المؤمنين، ومنها مذهب الشيعة الإمامية (الاثنا عشرية)، وهي تلك الفتوى المسجلة بتوقيعنا في دار التقريب، التي وُزِّعت صورتها الزنكغرافية بمعرفتنا، والتي كان لها ذلك الصدى البعيد في مختلف بلاد الأمة الإسلامية، وقرَّت بها عيون المؤمنين المخلصين الذي لا هدف لهم إلا الحق والألفة ومصلحة الأمة، وظلَّت تتوارد عليَّ الأسئلة والمشاورات والمجادلات في شأنها وأنا مؤمن بصحَّتها، ثابت على فكرتها، أؤيّدها في الحين بعد الحين، فيما أبعث به من رسائل للمستوضحين، أو أرد به على شُبَه المعترضين، وفيما أنشئ من مقال ينشر، أو حديث يُذاع، أو بيان أدعو به إلى الوحدة والتماسك والالتفاف حول أصول الإسلام، ونسيان الضغائن والأحقاد، حتى أصبحت والحمد الله حقيقة مقرَّرة، تجري بين المسلمين مجرى القضايا المسلَّمة، بعد أن كان المرجفون في مختلف عهود الضعف الفكري والخلاف الطائفي والنزاع السياسي يثيرون في موضوعها الشكوك والأوهام بالباطل(43).

                              ((شبُهات وردود))

                              الشبهة الأولى:
                              قد يقال: إن أحاديث افتراق الأمة تدل على أن الفرقة المحقة هي الطائفة التي تتَّبع الصحابة، لأنه (صلى الله عليه وآله) قال: ما أنا عليه وأصحابي. وتدل على أن الناجين هم الجماعة، والمراد بهم أهل السنة.

                              والجواب:
                              أن الحديث لم ينص على أن الحق هو ما عليه الصحابة فقط، بل قال: (ما أنا عليه وأصحابي)، فما كان النبي (صلى الله عليه وآله) عليه وأصحابه هو الحق بلا شبهة، إلا أن الصحابة لمَّا وقع بينهم الاختلاف بعد النبي (صلى الله عليه وآله)، فلا يصح اتباع بعضهم بمقتضى هذا الحديث دون بعض، لعدم الدليل على هذا الاتباع، ولا مناص حينئذ من البحث عن دليل آخر ينفع في هذه الحال.

                              وحديث الثقلين الذي تقدم الكلام فيه، هو الدليل الآخر الذي لا مناص من الأخذ به، وهو يرشد إلى التمسك بالعترة النبوية الطاهرة دون غيرهم.

                              على أنَّا لو سلَّمنا بلزوم اتّباع الصحابة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فبما أن الصحابة اختلفوا فيما بينهم كما مرَّ مفصلاً في الفصل الثالث، ولا يصح التكليف باتباع الكل، فلا مناص من اتّباع البعض منهم، والشيعة اتّبعوا مَن نص النبي (صلى الله عليه وآله) على أن الحق معه، وهو مع الحق، وأن الحق يدور معه حيثما دار، وهو أمير المؤمنين (عليه السلام)، فرجعنا بالنتيجة إلى اتباع العترة أيضاً.

                              وأما الجماعة المذكورة في أحاديث اختلاف الأمة فليس المراد بهم من يُعرفون الآن بأهل السنة والجماعة بجميع مذاهبهم، وإنما المراد بهم جماعة الحق وإن قلّوا.

                              قال الترمذي: وتفسير الجماعة عند أهل العلم: هم أهل الفقه والعلم والحديث.

                              قال الألباني: وهذا المعنى مأخوذ من قول ابن مسعود رضي الله عنه: الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك. رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ج 13 ص 322 ح 2) بسند صحيح عنه(44).

                              وأهل الحق هم العترة النبوية الطاهرة التي أمر النبي (صلى الله عليه وآله) باتّباعها والتمسك بها، دون غيرها من فئات هذه الأمة.

                              الشبهة الثانية:
                              أن كل الأدلة التي ذكرتها دالة على أن مذهب أهل البيت هو المذهب الحق، ونحن لا ننكر ذلك، ولكن ننكر أنكم تتَّبعون أهل البيت (عليهم السلام).

                              قال ابن تيمية: لا نسلِّم أن الإمامية أخذوا مذهبهم من أهل البيت، لا الاثنا عشرية ولا غيرهم، بل هم مخالفون لعلي رضي الله عنه وأئمة أهل البيت في جميع أصولهم التي فارقوا فيها أهل السنّة والجماعة: توحيدهم وعدلهم وإمامتهم(45).

                              قال الذهبي: لا نسلّم أنكم أخذتم مذهبكم عن أهل البيت، فإنكم تخالفون عليّاً وأئمة أهل البيت في الأصول والفروع(46).

                              والجواب:
                              أن اتّباع الشيعة الإمامية لأئمة أهل البيت (عليهم السلام) وتمسّكهم بهم، وسيرهم على منهاجهم، أشهر من أن يُذكَر، وأظهر من أن يُنكَر، وما إنكاره إلا إنكار بديهة واضحة لا تخفى على ابن تيمية والذهبي وغيرهما.

                              ومن الواضح أن أهل السنة لم يذكروا في كتبهم أقوال أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في الأصول والفروع، ولم ينقلوها من طريقهم، فكيف علم ابن تيمية والذهبي أن ما عليه الشيعة الإمامية مخالف لما عليه أئمة أهل البيت (عليهم السلام)؟

                              ولماذا لم يذكرا موارد المخالفة بين الشيعة وبين أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في الأصول والفروع، ليكون كلامهما مستنداً إلى حجّة صحيحة؟

                              ثم إن المنقول من أقوال أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في كتبهم وهو قليل جداً موافق لما عليه الشيعة الإمامية، كما سيأتي بيانه قريباً إن شاء الله تعالى.

                              الشبهة الثالثة:
                              أن أهل السنّة جازمون بأن الشيعة الإمامية لا يتّبعون أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في أصول الدين وفروعه، وذلك لأن ما عليه الشيعة مخالف لما رواه الثقات عن النبي (صلى الله عليه وآله)، فالقول بصدق الشيعة في النقل عن أئمة أهل البيت يستلزم الطعن في أهل البيت بمخالفة النبي (صلى الله عليه وآله)، فلا مناص حينئذ تكذيب الشيعة فيما زعموا، وبذلك لا يكونوا أتباعاً لأهل البيت.

                              فالجواب:
                              أن مخالفة ما نقله الشيعة الإمامية عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) لما رواه غيرهم عن النبي (صلى الله عليه وآله) لا يستلزم ما ذكروه، وذلك لأن رواية الثقات عند أهل السنّة كمعاوية وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وبسر بن أرطأة وأمثالهم لا يستلزم بالضرورة صدوره عن النبي (صلى الله عليه وآله) حتى يكون ما خالفه باطلاً.

                              ومن الواضح أن الصادر من النبي (صلى الله عليه وآله) شيء واحد، واختلاف الرواية عنه يدل على كذب إحدى الروايتين، والشيعة أخذوا بما رواه أئمة أهل البيت (عليهم السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله)، وتمسَّك أهل السنّة بما رواه غيرهم من النواصب والخوارج والمرجئة والقدرية(47)، فأي الفريقين أولى بالنجاة يا أولي الألباب؟

                              هذا مضافاً إلى أن أئمة أهل السنّة اختلفوا فيما بينهم وتفرَّقوا إلى مذاهب في الأصول الاعتقادية والفروع الفقهية كما مرَّ، وتنازعوا في أكثر المسائل كما هو واضح لكل مَن تتبَّع أقوالهم وفتاواهم ونظر في كتبهم، فأي المذاهب منها هو الصحيح الذي يتَّفق مع ما عليه أئمة أهل البيت (عليهم السلام).

                              ومن ذلك يتضح بطلان زعم ابن تيمية أن أئمة أهل البيت متفقون مع أهل السنّة والجماعة في الأصول والفروع.

                              ((الشيعة الإمامية هم أتباع أهل البيت عليهم السلام))

                              لقد قلنا فيما تقدم: إن متابعة الشيعة لأهل البيت (عليهم السلام) هي أوضح من أن تُنكَر، وأشهر من أن تُذكَر، إلا أنَّا لما ابتُلينا بقوم ينكرون البديهيات، ويجادلون في الواضحات، رأينا أن نذكر بعضاً من الأدلة الدالة على متابعة الشيعة الإمامية لأهل البيت وتمسّكهم بهم، دفعاً لتشويش المشوِّشين، ودحضاً لشغب المشاغبين. ويمكن بيان ذلك بعدة أدلة:

                              الدليل الأول:

                              أن الشيعة الإمامية حصروا الإمامة في أهل البيت (عليهم السلام)، ونفوها عن غيرهم، واعتقدوا أن ما قال أئمة أهل البيت (عليهم السلام) هو الحق، وما لم يقولوه هو الباطل.

                              ولهذا حرص الشيعة على تدوين علومهم، وكتابة أحاديثهم في أصول الدين وفروعه حتى جمعوا الشيء الكثير.

                              فإذا كان الداعي لمتابعتهم والتمسّك بهم ـ وهو اعتقاد إمامتهم دون غيرهم ـ موجود، والمانع من متابعتهم مفقود، فلا بد من حصول المتابعة لهم والتمسّك بهم.

                              الدليل الثاني:

                              اعتراف جمع من علماء أهل السنّة بمتابعة الشيعة لأهل البيت (عليهم السلام) ومشايعتهم لهم:

                              1ـ قال الشهرستاني: الشيعة هم الذين شايعوا عليّاً رضي الله عنه على الخصوص، وقالوا بإمامته وخلافته نصّاً ووصيّة، إما جليّاً وإما خفيّاً، واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج من أولاده(48).

                              وقال في ترجمة الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): وهو ذو علم غزير في الدين، وأدَب كامل في الحكمة، وزهد بالغ في الدنيا، وورع تام عن الشهوات... وقد أقام بالمدينة مدة يفيد الشيعة المنتمين إليه، ويفيض على الموالين له أسرار العلوم(49).

                              2ـ قال ابن منظور في لسان العرب، والفيروزأبادي في القاموس المحيط، والزبيدي في تاج العروس: وقد غلَب هذا الاسم (أي الشيعة) على مَن يتوالى عليّاً وأهل بيته رضوان الله عليهم أجمعين، حتى صار لهم اسماً خاصاً، فإذا قيل: (فلان من الشيعة) عُرف أنه منهم(50).

                              3ـ وقال الزهري: والشيعة قوم يهوون هوى عترة النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) ويوالونهم(51).

                              4ـ وقال ابن خلدون: اعلم أن الشيعة لغةً: الصَّحْب والأتْبَاع، ويُطلَق في عُرْف الفقهاء والمتكلِّمين من الخلَف والسلف على أَتْبَاع علي وبنيه رضي الله عنهم(52).

                              تعليق


                              • الدليل الثالث:

                                أن الشيعة دأبوا على تدوين معارف أهل البيت (عليهم السلام) وعلومهم، ورواية أحاديثهم، والأخذ بأقوالهم، والتسليم لهم، ونشر فضائلهم، وكتابة سِيَرهم، والحزن على مصائبهم وما جرى عليهم، وإقامة مآتمهم، والفرَح بمواليدهم وأعيادهم، ومحبَّة أوليائهم، والبراءة من أعدائهم، حتى حكموا بضعف كل مَن انحرف عنهم، وبنجاسة كل مَن نصَب العداء لهم.

                                وهذا كله كاشف عن موالاة الشيعة لأئمة أهل البيت (عليهم السلام) ومتابعتهم لهم، ولو أنكرنا الموالاة والاتباع مع كل ذلك لحَقَّ لنا إنكار متابعة كل فرقة لِمَن تنتسب إليه، ولأمكننا بالأولوية أن ننكِر متابعة أهل السنة لأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل وأبي الحسن الأشعري وغيرهم، لأن أهل السنّة لا يصنعون مع أئمتهم جُل تلك الأمور التي ذكرناها عن الشيعة، وهو واضح لا يحتاج إلى مزيد بيان.

                                الدليل الرابع:

                                أنَّا لو أنكرنا متابعة الشيعة الإمامية لأهل البيت (عليهم السلام) للزم تخطئة كل الأمَّة، والحكم على جميع الطوائف بالوقوع في الضلال، ولَمَا كانت فرقة منها على الحق، أن العاصم عن الوقوع في الضلال هو التمسّك بالكتاب والعترة دون غيرهما، فإذا كان الشيعة الإمامية وغيرهم قد أعرضوا عن أهل البيت (عليهم السلام) ولم يتمسّكوا بهم، فلا مناص من الحكم عليهم كلهم بالضلال، وهذا باطل بالاتفاق.

                                الدليل الخامس:

                                أن ما نقلوه من الفتاوى وغيرها عن بعض أئمة أهل البيت (عليهم السلام) عامة وأمير المؤمنين (عليه السلام) خاصة موافق لما عليه الشيعة الإمامية، مما يدل على أن الإمامية عنهم (عليهم السلام) يأخذون، ولهم متّبعون، ونحن نكتفي بذِكر عدة موارد تدل على أن ما عليه الإمامية هو بعينه ما نقله أهل السنة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام):

                                1ـ اختلف أئمة المذاهب في الجهر في الصلاة بالبسملة، ونقل علماؤهم أن علياً (عليه السلام) كان يجهر بها مطلقاً: في الجهرية والإخفاتية(53).

                                وهذا هو قول الإمامية، والأئمة الأربعة كلهم على خلافه.

                                2ـ واتفقوا على أنه لا يجوز قول: (حي على خير العمل) في الأذان، ورووا عن علي بن الحسين (عليه السلام) أنه كان يقول هذه الفقرة في أذانه(54)، وعلى هذا علماء الإمامية.

                                3ـ واختلفوا في جواز رمي الجمار قبل الزوال في أيام التشريق، ونقلوا جوازه عن الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام)(55)، وبه أفتى علماء الإمامية، خلافاً للأئمة الأربعة.

                                4ـ واختلفوا في أن المسافر هل تجب عليه صلاة الجمعة والعيدين، ونقلوا عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع، فلا تجب إلا على الحاضر دون المسافر(56)، وبه قال الإمامية، واختلف في ذلك الأئمة الأربعة.

                                5ـ واختلفوا في المشي مع الجنائز، هل الأفضل أمام الجنازة كما يفعله أبو بكر وعمر وذهب إليه الشافعي ومالك، أو أن الأفضل المشي خلفها كما هو مروي عن الإمام علي (عليه السلام)(57)، والإمامية على الثاني تبعاً لأمير المؤمنين (عليه السلام).

                                6ـ واختلفوا في طلاق المُكرَه، ونقلوا عن أمير المؤمنين (عليه السلام) عدم وقوعه(58)، وعلى ذلك فقهاء الإمامية، خلافاً لأبي حنيفة، والشافعي على تفصيل عنده.

                                7ـ واختلفوا في عدّة الحامل المتوفَّى عنها زوجها، فذهب الجمهور وفقهاء الأمصار إلى أن عدتها تنتهي بوضع الحمل، ورووا عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنها تعتد بأبعد الأجلين(59)، وعليه فقهاء الإمامية.

                                8ـ واختلفوا في مال المرتد إذا قُتل أو مات، فقال جمهور فقهاء الحجاز: هو للمسلمين، ولا يرثه قرابته، وبه قال مالك والشافعي، ونقلوا عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه يرثه ورثته من المسلمين(60). وهو قول الإمامية.

                                9ـ واختلفوا في المرأة إذا قَتَلت رجلاً، فقُتلتْ به، فالجمهور لم يوجبوا على أولياء المرأة شيئاً، ونقلوا عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أن عليهم أن يدفعوا نصف الدية لولي المقتول(61)، وبه قال الإمامية.

                                ((نتيجة البحث))

                                والنتيجة أن الأدلة الصحيحة الثابتة كلها ترشد إلى مذهب الشيعة الإمامية، وأما باقي المذاهب بما فيها مذاهب أهل السنة، فلم يقم على صحَّتها دليل صحيح معتبر، وكل ما ذكروه لا يعدو كونه مجرد دعاوى لا تستند إلى برهان صحيح، ولا تنهض بها حجّة تامَّة.

                                (ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين * ليُحِق الحق ويُبْطِل الباطل ولو كره المجرمون)[سورة الأنفال: الآية 7 و 8].

                                ((الخاتمة))

                                هذا تمام ما أردنا بيانه في هذه المقالة، وألتمِسُ ممن ينظر في كتابي هذا أن يتأمّله تأمّل منصف طالب للحق راغب فيه، وأن يتجرَّد عن تقديس الآراء الممقوتة والمعتقدات الموروثة، وعبادة الأحبار والرهبان والسادة والكبراء، وأن يعلم أن الحق أحق أن يُتَّبَع، وأن كل امرئ مسؤول عن نجاة نفسه وأهله.

                                (قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلاَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ)[سورة الزمر: الآية 15].

                                وهذا هو واجب النصيحة لكل مسلم يؤمن بالله ورسوله ويؤمن بيوم الحساب، وهو مقتضى الأمانة في العلم، التي ينبغي أداؤها لمن لا يعلم بها.

                                ثم ليعلم كل من اطّلع على كتابي هذا أنني ما أردت بشيء مما كتبته أن أُعيب طائفة معيَّنة، أو أن أذم رجلاً من الناس، أو أن أكشف عورة مستورة، وإنما كانت الغاية بيان الحق الذي أمرنا الله تعالى ببيانه، والجهر بالصدق الذي أمرنا الله بالجهر به (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ)[سورة الأنفال: الآية 42]، وما بدر في ثنايا الكتاب مما لا يرتضيه بعضهم فهو مما اقتضاه البحث وقاد إليه الدليل.

                                ونحن بحمد الله ما افترينا على قوم فرية، ولا اتّهمنا فئة بتهمة، ولم نتَّخذ الظن دليلاً، ولا الأهواء سبيلاً، وكل ما ورد في الكتاب نقلناه من كتب أهل السنة المعروفة المطبوعة المتداولة، وأثبتنا أسماء الكتب والمصادر بالمجلدات والصفحات، ليعلم مَن كان في قلبه شك أنَّا سلكنا سبيل الأمانة والتثبّت في النقل، فإنها تشهد بصحة كل ما قلناه.

                                وفي الختام أسأل الله جلَّت قدرته أن يرشد به المسترشدين، وأن يُدِلّ به الحائرين، وينفع به المسلمين، وأن يجعله في صحيفة الأعمال، وينفعني به يوم الفقر والفاقة، إنه على ما يشاء قدير.

                                وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.



                                ====

                                الهوامش ومصادر البحث:
                                1- سنن الترمذي ج 5 ص 25 ح 2640 قال الترمذي: حديث حسن صحيح. سنن أبي داود ج 4 ص 197 ح 4596. صحيح سنن أبي داود ج 3 ص 869 ح 3842. سنن ابن ماجة ج 2 ص 1321 ح 3991. صحيح سنن ابن ماجة ج 2 ص 364 ح 3225. سنن الدارمي ج 2 ص 690 ح 2423. مسند أحمد بن حنبل ج 2 ص 332، ج 3 ص 120. المستدرك ج 1 ص 6، ص 128. الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ج 8 ص 258 ح 6696. كتاب السنة ج 1 ص 33 ح 66. السنن الكبرى ج 10 ص 208. الجامع الصغير ج 1 ص 184 ح 1223. صحيح الجامع الصغير ج 1 ص 245 ح 1082، ح 1083. سلسلة الأحاديث الصحيحة ج 1 ص 356 ح 203.
                                2- سنن الترمذي ج 5 ص 26 ح 2641. شرح السنة ج 1 ص 213. مشكاة المصابيح ج 1 ص 61 ح 171. المستدرك ج 1 ص 128.
                                3- سنن أبي داود ج 4 ص 198 ح 4597. صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود ج 3 ص 3843، سنن ابن ماجة ج 2 ص 1322 ح 3992، 3993 صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة ج 2 ص 364 ح 3226، ح 3227. مسند أحمد بن حنبل ج 3 ص 145، مجمع الزوائد ج 7 ص 258. كتاب السنة ج 1 ص 33 ح 65. مشكاة المصابيح ج 1 ص 61 ح 172. الدر المنثور ج 2 ص 286. المطالب العالية ج 3 ص 87 ح 2956. الجامع الصغير ج 1 ص 516 ح 2641. سلسلة الأحاديث الصحيحة ج 1 ص 358 ح 204، ج 3 ص 480 ح 1492.
                                4- المواقف ص429 ص 430.
                                5- قال السفاريني في لوامع الأنوار البهية ج 1 ص 73: أهل السنة والجماعة ثلاث فرق: الأثرية وإمامهم أحمد بن حنبل، والأشعرية وإمامهم أبو الحسن الأشعري، والماتريدية وإمامهم أبو منصور الماتريدي. ثم قال في ص76: قال بعض العلماء: هم يعني الفرقة الناجية أهل الحديث: يعني الأثرية، والأشعرية والماتريدية. وعقب بما حاصلة: أن قول النبي (صلى الله عليه وآله): (إلا فرقة واحدة) ينافي التعدد، فالفرقة الناجية هم الأثرية فقط أتباع أحمد بن حنبل، دون الأشعرية والماتريدية.
                                6- المصدر السابق ص414.
                                7- المواقف ص428.
                                8- فيض القدير ج 2 ص 20.
                                9- يعني بهدي الصحب والتابعين.
                                10- الدر المنثور ج 8 ص 589. فتح القدير ج 5 ص 477 في تفسير الآية 7 من سورة البينة.
                                11- المصدران السابقان عن ابن عدي.
                                12- المصدر السابق عن ابن مردويه.
                                13- تفسير الطبري ج 30 ص 171.
                                14- مجمع الزوائد ج 9 ص 131. المعجم الكبير للطبراني ج 1 ص 319 ح 948. الصواعق المحرقة ج 2 ص 449.
                                15- مجمع الزوائد ج 9 ص 131. المعجم الكبير للطبراني ج 1 ص 319 ح 950.
                                16- تاريخ بغداد ج 12 ص 289 ص 358. حلية الأولياء ج 4 ص 329. فضائل الصحابة ج 2 ص 655 ح 1115.
                                17- مجمع الزوائد ج 9 ص 131. فضائل الصحابة ج 2 ص 624 ح 1068.
                                18- لا يسعنا أن نذكر الطعون والمثالب التي ذكرها القوم في أئمتهم، وهي كثيرة ومبثوثة في مطاوي الكتب، ومن أراد الاطلاع على شي منها فليراجع كتاب (منهاج الكرامة في معرفة الإمامة) للعلامة الحلي، وكتاب (الغدير) للأميني ج 6، وكتاب (الاستغاثة) لعلي بن أحمد الكوفي، وكتاب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، وكتاب (الشافي في الإمامة) ج 4 ص 57 ص 293: لسيد المرتضى، وكتاب (النص والاجتهاد) للسيد شرف الدين، وكتاب ما روته العامة من مناقب أهل البيت (عليهم السلام) ص 307 ص 474.
                                19- الطبقات الكبرى ج 3 ص 198.
                                20- كتاب المحتضرين ص 56.
                                21- الطبقات الكبرى ج 3 ص 353. كتاب المحتضرين ص 56.
                                22- المستدرك ج 3 ص 92. تاريخ الإسلام: عهد الخلفاء الراشدين ص 278. مجمع الزوائد ج 9 ص 75 وقال: رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن ج 9 ص 77 وقال: رواه أبو يعلي ورجاله رجال الصحيح. تاريخ الخلفاء ص 106.
                                23- الطبقات الكبرى ج 3 ص 360 ص 361.
                                24- راجع الطبقات الكبرى ج 3 ص 351 ص 361 تاريخ الإسلام: عهد الخلفاء الراشدين ص278 ص 282. كتاب المحتضرين ص 55 ص 56.
                                25- كتاب المحتضرين ص60 ص 61. إحياء علوم الدين ج 4 ص 479.
                                26- سير أعلام النبلاء ج 2 ص 364. تاريخ الإسلام: عهد الخلفاء الراشدين ص494. جامع البيان (تفسير الطبري) ج 11 ص 9. البداية والنهاية ج 5 ص 18 كنز العمال ج 13 ص 344.
                                27- إحياء علوم الدين ج 1 ص 124.
                                28- مسند أحمد بن حنبل ج 6 ص 290 ص 298 ص 307 ص 312 ص 317. مجمع الزوائد ج 1 ص 112. ج 9 ص 72 قال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله ثقات. المعجم الكبير للطبراني ج 23 ص 317 ص 318 ح 719 ص 721.
                                29- راجع كتاب الشريعة للآجري ص148 باب فيمن كره من العلماء لمن سأل غيره فيقول له: أنت مؤمن؟ هذا عندهم مبتدع رجل سوء. وكتاب الإبانة عن شريعة الفرق الناجية ج 2 ص 862 ص 883.
                                30- الإبانة عن شريعة الفرق الناجية ج 2 ص 869 ح 1180.
                                31- المصدر السابق ج 2 ص 864.
                                32- المصدر السابق ج 2 ص 871.
                                33- المصدر السابق ج 2 ص 865 ص 866.
                                34- من ذلك إنكار ابن حزم حديث الغدير قال في الفصل في الملل والأهواء والنحل ج 4 ص 147: وأما (من كنت مولاه فعلي مولاه) فلا يصح من طريق الثقات أصلاً.
                                ومنه تضعيف ابن تيمية في منهاج السنة ج 4 ص 104 لحديث (ما تريدون من علي؟ علي مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي).
                                35- من ذلك ما ذكره ابن تيمية في كتابه منهاج السنة ج 4 ص 111، فإنه سطّر الأكاذيب القبيحة على الشيعة، منها: أن الشيعة ينتفون النعجة كأن لهم عليها ثاراً، كأنهم ينتفون عائشة، ويشقون جوف الكبش كأنهم يشقون جوف عمر، وأنهم يكرهون لفظ العشرة لبغضهم الرجال العشرة، فإذا أرادوا أن يقولوا: عشرة، قالوا: تسعة وواحد. إلى غير ذلك مما ملأ به كتابه هذا وغيره من كتبه.
                                36- سمعنا من كثير من أهل السنة يعيبون الشيعة بأن لهم أذناباً كما للبهائم. فلا أدري كيف يصدقون هذه الافتراءات والأكاذيب مع أنهم يرون جميع أهل الملل الكافرة لا أذناب لهم، فهل خص الله الشيعة بالأذناب دون سائر الناس؟ إنا لله وإنا إليه راجعون.
                                37- ذكر الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ج 13 ص 431 أن الشافعي قال: ناظر أبو حنيفة رجلا فكان يرفع صوته في مناظراته إياه. فوقف عليه رجل، فقال الرجل لأبي حنيفة: أخطأت. فقال أبو حنيفة للرجل: تعرف المسألة ما هي؟ قال: لا. قال: فكيف تعرف أني أخطأت؟ قال: أعرفك إذا كان لك الحجة ترفق بصاحبك، وإذا كانت عليك تشغب وتجلب.
                                38- وذلك لأن أول الأئمة عند الإمامية هو الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، ثم ابنه الإمام الحسن عليه السلام، ثم الإمام الحسين عليه السلام، ثم ابنه الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام، ثم ابنه الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام، ثم ابنه الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام، المعاصر له أول ائمة المذاهب الأربعة وهو أبوحنيفة.
                                39- الشيخ سليم بن أبي فراج البشري (1284 ـ 1335هـ) شيخ الجامع الأزهر، من فقهاء المالكية، ولد في محلة بشر بمصر، وتعلَّم وعلَّم بالأزهر، تولّى نقابة المالكية، ثم مشيخة الأزهر مرتين، وتوفي بالقاهرة، له كتاب (المقامات السنية في الرد على القادح في البعثة النبوية) مخطوط. (عن الأعلام ج 3 ص 119 بتصرف).
                                40- المراجعات ص295.
                                41- الشيخ محمود شلتوت (1310 ـ 1383هـ) فقيه مفسر مصري، ولد في البحيرة بمصر، وتخرج من الأزهر سنة 1918م، وتنقل في التدريس إلى أن نقل للقسم العالي بالقاهرة سنة 1927م، وكان داعية إصلاح نير الفكرة، يقول بفتح باب الاجتهاد، وسعى إلى إصلاح الأزهر، فعارضه بعض كبار الشيوخ وطُرد هو ومناصروه، فعمل في المحاماة، وأعيد إلى الأزهر، فعين وكيلا لكلية الشريعة، ثم كان من أعضاء كبار العلماء، ومن أعضاء مجمع اللغة العربية، ثم شيخاً للأزهر سنة 1958م إلى وفاته، وكان خطيباً موهوباً جهير الصوت، له 26 مؤلفاً مطبوعاً (عن الأعلام ج 7 ص 173 بتصرف ).
                                42- صورة هذه الفتوى أدرجناها في كتابنا (دليل المتحيرين)، ص388، فراجعه.
                                43- دعوة التقريب من خلال رسالة الإسلام ص 10.
                                44- حاشية مشكاة المصابيح ج 1 ص 61.
                                45- منهاح السنة النبوية ج 2 ص 116.
                                46- المنتقى من منهاج الاعتدال ص 167.
                                47- راجع مقدمة فتح الباري ص459 ص 465، لترى من طعن فيه بسبب معتقده من رجال صحيح البخاري.
                                48- الملل والنحل ج 1 ص 146.
                                49- المصدر السابق ج 1 ص 166.
                                50- لسان العرب ج 8 ص 189. القاموس المحيط ج 3 ص 49. تاج العروس ج 21 ص 303.
                                51- لسان العرب ج 8 ص 189. تاج العروس ج 21 ص 303.
                                52- مقدمة ابن خلدون، ص196.
                                53- المستدرك ج 1 ص 234. قال الفخر الرازي في التفسير الكبير ج 1 ص 205: أما أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يجهر بالبسملة فقد ثبت بالتواتر. وراجع أقوالهم في بداية المجتهد ج 1 ص 179.
                                54- السنن الكبرى ج 1 ص 425.
                                55- بداية المجتهد ج 2 ص 149.
                                56- راجع بداية المجتهد ج 1 ص 299.
                                57- راجع بداية المجتهد ج 1 ص 299.
                                58- راجع بداية المجتهد ج 3 ص 122.
                                59- راجع بداية المجتهد ج 3 ص 137.
                                60- راجع بداية المجتهد ج 4 ص 170.
                                61- راجع بداية المجتهد ج 4 ص 228.


                                ونسألكم الدعاء...~

                                تعليق

                                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                                حفظ-تلقائي
                                x

                                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                                صورة التسجيل تحديث الصورة

                                اقرأ في منتديات يا حسين

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, اليوم, 07:21 AM
                                ردود 2
                                12 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                                بواسطة ibrahim aly awaly
                                 
                                يعمل...
                                X