إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

علي بن ابي طالب عليه السلام

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #31
    حديث الكساء


    و حديث الكساء (1) هو الحديث الوارد عن رسول الله (ص) في (علي و فاطمة و الحسن و الحسين (ع) ) ،عند نزول آية التطهير،و قد سبق و أن تحدثنا عن ذلك،و أوردنا آراء بعض المفسرين و الروايات الواردة في هؤلاء المطهرين في بحث (أهل البيت في القرآن) ،و نعود هنا فنورد روايات اخرى لتعزيز الفكرة،و تعميق الغاية التي توخاها رسول الهدى (ص) من وراء ذلك.

    و طريق هذا الحديث و أسانيده كثيرة في كتب الحديث و الرواية و التفسير نذكر منها:

    «و أما ما روي عن ام سلمة زوجة النبي (ص) (رضي الله عنها) ،فروى الإمام أحمد بن حنبل في مسنده يرفعه إلى ام سلمة قالت:بينما رسول الله (ص) في بيتي يوما إذ قال الخادم إن عليا و فاطمة بالسدة،قالت:فقال لي النبي:قومي،تنحي عن أهل بيتي،قالت:فقمت فتنحيت في جانب البيت قريبا فدخل علي و فاطمة و الحسن و الحسين و هما صبيان صغيران،فأخذ الحسن و الحسين فوضعهما في حجره و قبلهما و اعتنق عليا بإحدى يديه و فاطمة باليد الاخرى و جللهم بخميصة (2) سوداء،و قال:

    (اللهم إليك لا إلى النار،أنا و أهل بيتي،قالت ام سلمة:و أنا يا رسول الله،فقال (ص) :و أنت (3) ».

    و روى الواحدي في كتابه المسمى بأسباب النزول يرفعه بسنده إلى ام سلمة (رض) أنها قالت :كان النبي (ص) في بيتها يوما فأتته فاطمة (ع) ببرمة فيها عصيدة فدخلت بها عليه،فقال لها:ادعي لي زوجك و ابنيك،فجاء علي و الحسن و الحسين فدخلوا و جلسوا يأكلون و النبي (ص) جالسا على دكة،و تحته كساء خيبري،قالت:و أنا في الحجرة قريبا منهم،فأخذ النبي (ص) الكساء،فغشاهم به ثم قال:«اللهم أهل بيتي و خاصتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا» .

    قالت:فأدخلت رأسي،قلت:و أنا معكم يا رسول الله،قال (ص) :إنك إلى خير،إنك إلى خير،فأنزل الله عز و جل:

    (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا)
    (4) .

    تعليقات:

    1ـسمي حديث الكساء لأن رسول الله (ص) جمع أهل بيته الأربعة و جللهم بكسائه.

    2ـالخميصة:كساء أسود مربع له علمان.

    3ـيعني بقوله (ص) ،و أنت لست إلى النار.

    4ـابن الصباغ المالكي/الفصول المهمة في أحوال الأئمة/ص 25ـ .26

    تعليق


    • #32
      حديث المودة

      و حديث المودة قد تحدثنا عنه عند تفسير آية المودة أيضا:و ذكرنا بعض رواته و أسانيده،و نعود هنا أيضا فنذكره مرة اخرى.كما أن من المفيد أن نذكر بعض ما ورد عن النبي (ص) في حب أهل بيته و مودتهم من روايات و أحاديث اخرى.

      «أخرج الإمام أحمد و الطبراني و الحاكم عن ابن عباس (رض) قال:لما نزلت هذه الآية:

      قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) (الشورى/23)

      قالوا:يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟فقال رسول الله (ص) :

      (علي و فاطمة و ابناهما)
      .

      و روى البزار و الطبراني أن الحسن بن علي (رض) خطب يوما فقال:

      (من عرفني فقد عرفني،و من لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد (ص) ،أنا ابن‏البشير،أنا ابن النذير،أنا ابن آل البيت الذين افترض الله مودتهم على كل مسلم،و أنزل فيهم: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى و من يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) ،فاقتراف الحسنات مودتنا أهل البيت) » (1) .

      «و روى السدي عن أبي مالك عن ابن عباس (رض) ،في قوله تعالى: (و من يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) .

      قال:المودة لآل محمد (ص) » (2) .

      «أخرج الطبراني في الأوسط عن ابن حجر (رض) ،قال:آخر ما تكلم به رسول الله (ص) : (أخلفوني في أهل بيتي) » (3) .

      «أخرج الطبراني في الأوسط عن جابر بن عبد الله (رض) ،قال:خطبنا رسول الله (ص) فسمعته و هو يقول:

      (أيها الناس من أبغضنا أهل البيت حشره الله تعالى يوم القيامة يهوديا) » (4) .

      «أخرج مسلم و الترمذي و النسائي عن زيد بن أرقم أن رسول الله (ص) قال: (اذكركم الله في أهل بيتي) » (5) .«أخرج الخطيب في تاريخه عن علي (رض) قال:قال رسول الله (ص) :

      (شفاعتي لامتي من أحب أهل بيتي) » (6) .

      تعليقات:

      1ـالشيخ الشبراوي الشافعي/الاتحاف بحب الاشراف/ص 17ـ .18

      2ـابن الصباغ المالكي/الفصول المهمة في أحوال الأئمة/ص .29

      3ـرواه السيوطي في احياء الميت نقلا عن الطبراني في الأوسط بسنده عن ابن عمر/ص 20،كما أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد/ج 9/ص 163،كما أورده ابن حجر في الصواعق المحرقة/ص .90

      4ـأورده السيوطي في احياء الميت نقلا عن الطبراني بسنده عن جابر بن عبد الله/ص 22،كما ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد/ج 9/ص 172،نقلا عن الأوسط للطبراني.

      5ـرواه مسلم في كتاب فضائل الصحابة في باب فضائل علي بن أبي طالب بسنده عن يزيد بن حيان بزيادة في ألفاظه/ج 4/من الصحيح/ص 1873،و رواه أحمد بن حنبل في مسنده وفق ما رواه مسلم/ج 4/ص 367 366،كما رواه المتقي في كنز العمال في الجزء الأول/ص 158،و في الجزء السابع/ص 102،و أورده السيوطي أيضا في تفسيره الدر المنثور/ج 6/ص 7،و قال عنه:أخرجه مسلم و الترمذي و النسائي عن زيد بن أرقم،و رواه السيوطي أيضا في كتابه احياء الميت/ص .11

      6ـرواه الخطيب في تاريخه/ج 2/ص 146 بزيادة على المتن،كما أورد الحديث المتقي في كنز العمال/ج 6/ص 217/تحت رقم 3800،و رواه السيوطي في احياء الميت بفضائل أهل البيت/ص .37

      تعليق


      • #33
        النشاطات في فتح مكّة


        1 - كان حاطب بن أبي‏بلتعة قد كتب إلى قريش كتاباً يخبرهم فيه بعزم النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) على فتح مكّة، وأرسله مع إحدى النساء. فاستدعى النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) عليّاً (عليه السلام)، وبعثه مع اثنين للقبض على تلك المرأة. ولمّا لقوها وطلبوا منها دفع الكتاب إليهم أنكرت ذلك أشدّ إنكار، ففتّشوها عدّة مرّات فلم يجدوا عندها شيئاً، ودلّ تفتيشهم على صحّة ما تدّعيه. فقال لها الإمام‏ (عليه السلام) : واللَّه ما كَذَبنا رسولُ‏اللَّه صلوات اللَّه عليه... واللَّه لتُظهرنّ الكتاب أو لأردنّ رأسك إلى رسول‏اللَّه! فاستسلمت المرأة وأخرجته من ضفيرتها، ودفعته إليه1- صحيح البخاري : 4 / 1557 / 4025 ، صحيح مسلم : 4 / 1941 / 161 ، مسند ابن حنبل :1 / 173 / 600، المستدرك على الصحيحين: 3/341/5309، الطبقات الكبرى: 2/134، تاريخ الطبري: 3/48، تاريخ الإسلام للذهبي: 2/525، الكامل في التاريخ: 1/611، السيرة النبويّة لابن هشام: 4/40؛ تاريخ اليعقوبي: 2/58.

        2-أعطى النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) الأمان للجميع بعد فتح مكّة إلّا شرذمة من سود الضمائر المعاندين فقد أهدر دمهم، منهم الحويرث - الذي كان يؤذيه كثيراً يوم كان في مكّة- وامرأة مغنّية كانت تهجوه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) ، فقتلهما الإمام(عليه السلام)
        أنساب الأشراف: 1/456 و 457؛ الإرشاد: 1/136.

        3-صحيح البخاري عن عبيداللَّه بن أبي‏رافع: سمعت عليّاً(رضى اللّه عنه) يقول: بعثني رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) أنا والزبير والمقداد، فقال: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإنّ بها ظعينة معها كتاب، فخذوه منها. فانطلقنا تَعادَى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة، قلنا لها: أخرجي الكتاب. قالت: ما معي كتاب! فقلنا: لتُخرِجِنّ الكتاب أو لنُلقينّ الثياب. فأخرجته من عقاصها. فأتينا به رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم)
        صحيح البخاري: 4/1557/4025، صحيح مسلم: 4/1941/161، مسند ابن حنبل: 1/173/600، تاريخ الإسلام للذهبي: 2/525.

        4-تاريخ الطبري عن عبداللَّه بن أبي‏نجيح: إنّ النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) حين فرّق جيشه من ذي طوى، أمر الزبير أن يدخل في بعض الناس من كدىً، وكان الزبير على المجنِّبة اليسرى، فأمر سعد بن عبادة أن يدخل في بعض الناس من كداء. فزعم بعض أهل العلم أن سعداً قال حين وجّه داخلاً: «اليوم يوم الملحمة، اليوم تُستحلّ الحُرمة» فسمعها رجل من المهاجرين، فقال: يا رسول‏اللَّه، اسمع ما قال سعد بن عبادة! وما نأمن أن تكون له في قريش صولة!! فقال رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) لعليّ ابن أبي‏طالب: أدركه فخذ الراية، فكُن أنت الذي تدخل بها
        تاريخ الطبري: 3/56، السيرة النبويّة لابن هشام: 4/48، الكامل في التاريخ: 1/614 وراجع المغازي: 2/821 والإرشاد: 1/134 وشرح الأخبار: 1/305، وإعلام الورى: 1/385 والمناقب لابن شهرآشوب: 1/207.

        تعليق


        • #34
          المقاومة الرائعة في غزوة حنين



          1 - حمله راية المهاجرين.
          2 - حضوره المهيب في احتدام القتال وهجوم العدوّ بلا هوادة، ودفعه الخطر عن النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) في أحرج اللحظات التي فرّ فيها الكثيرون.
          3 - قتلُه أباجرول والذي استتبع انهيار جيش هوازن.
          4 - قتله أربعين من مقاتلي هوازن.
          5 - قيادته لكتيبة كانت قد تعبّأت من أجل إزالة الأصنام.
          6 - مبارزة شهاب - من قبيلة خثعم - الذي لم يجرأ أحد من المسلمين على مبارزته، فهبّ الإمام(عليه السلام) إليه وقضى عليه.
          7 - قتله نافعاً، الذي أدّى إلى إسلام الكثيرين.


          تاريخ اليعقوبي: بلغ رسول‏اللَّه وهو بمكّة أنّ هوازن قد جمعت بحنين جمعاً كثيراً، ورئيسهم مالك بن عوف النصري، ومعهم دريد بن الصمّة من بني جشم؛ شيخ كبير يتبرّكون برأيه، وساق مالك مع هوازن أموالهم وحرمهم. فخرج إليهم رسول‏اللَّه في جيش عظيم عدّتهم اثنا عشر ألفاً؛ عشرة آلاف أصحابه الذين فتح بهم مكّة، وألفان من أهل مكّة ممّن أسلم طوعاً وكرهاً، وأخذ من صفوان بن اُميّة مائة درع وقال: «عارية مضمونة». فأعجبت المسلمين كثرتُهم، وقال بعضهم: ما نؤتى من قلّة. فكره رسول‏اللَّه ذلك من قولهم.
          وكانت هوازن قد كمنت في الوادي، فخرجوا على المسلمين؛ وكان يوماً عظيم الخطب، وانهزم المسلمون عن رسول‏اللَّه، حتى بقي في عشرة من بني هاشم، وقيل تسعة، وهم: عليّ بن أبي‏طالب، والعبّاس بن عبدالمطّلب، وأبوسفيان بن الحارث، ونوفل بن الحارث، وربيعة بن الحارث، وعتبة ومعتّب ابنا أبي‏لهب، والفضل بن العبّاس، وعبداللَّه بن الزبير بن عبدالمطّلب، وقيل: أيمن بن اُمّ‏أيمن. قال اللَّه عزّوجلّ: وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيًْا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَْرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ* ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ‏و عَلَى‏ رَسُولِهِ‏ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا

          التوبة: 25 و 26.
          تاريخ اليعقوبي: 2/62، الإرشاد: 1/140 نحوه.




          ألقى فتح مكّة الرعب في قلوب المشركين، والذعر والفزع في نفوسهم؛ فتشاورت قبيلتا الطائف المهمّتان هوازن وثقيف مع بعض القبائل الاُخرى، فعزمتا على المسارعة إلى مواجهة جيش الإسلام قبل أن يقبل عليهم، وجمعتا جيشاً ضخماً بقيادة شابّ باسل شجاع يدعى: مالك بن عوف النصري، وسار الجيش نحو المسلمين(1).
          وبادر النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) إلى مواجهتهم على رأس جيش عظيم يتألّف من اثني عشر ألفاً؛ عشرة آلاف من يثرب، وألفين من المسلمين الجدد، وبلغت عظمة الجيش درجةً جعلت البعض يصاب بغرور زائف حتى قال: لا نُغلب اليوم من قلّة(2).
          وأمر مالك جيشه بالاختباء خلف الأحجار والصخور وشعاب الجبال والنقاط المرتفعة في آخر الوادي الذي كان ممرّاً إلى منطقة حنين. ولمّا وصل الجيش الإسلامي هناك رُشق بالسهام والحجارة، فمُني بالهزيمة والانكسار، وحدث ما حدث، وفرّ كثير من جيش رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) (3)، حتى قال أبوسفيان مستهزئاً: لا تنتهي هزيمتهم دون البحر(4).
          وفي ساعة العسرة هذه لم يبقَ مع رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) إلّا قليل؛ قرابة عشرة، فاستماتوا في الدفاع عنه، وفيهم أميرالمؤمنين(عليه السلام) فكان لا يفتأ يحوم حوله مدافعاً، وهزم من كان يريد قتل النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) ، وأجبرهم على الفرار(5).
          وصاح النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) بصوتٍ عالٍ في خضمّ تلك الشدائد والنوازل قائلاً: يا أنصار اللَّه وأنصار رسوله، أنا عبداللَّه ورسوله! ثمّ ساق بغلته نحو العدوّ ومعه عدد من الصحابة، وأمر عمّه العبّاس أن ينادي المسلمين بصوته الجهوريّ ويدعوهم إلى نصرته. وهكذا انتظم أمر الجيش مرّة اُخرى(6).
          إنّ ثبات عليّ(عليه السلام) وقتاله بلا هوادة في هذه المعركة لافتان للنظر أيضاً، فقد قتل أربعين من هوازن(7)، وفيهم أبوجرول؛ وهو أحد شجعانهم، وكان هلاكه بداية لانهيار جيشهم(8).
          ولاحق النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) الفارّين، وحاصر قلعتهم بالطائف. وفي هذا الحصار اشتبك الإمام(عليه السلام) مع نافع بن غيلان فقتله، فولّى جمع من المشركين مدبرين، وأسلم آخرون(9).
          يضاف إلى هذا أنّ الإمام(عليه السلام) كلّف عند الحصار بكسر الأصنام التي كانت حول الطائف، وقد أنجز هذه المهمّة بأحسن ما يكون(10).
          قال الشيخ المفيد رضوان اللَّه عليه في حضور الإمام(عليه السلام) هذه الغزوة: «فانظر الآن إلى مناقب أميرالمؤمنين(عليه السلام) في هذه الغزاة وتأملّها وفكّر في معانيها تجده قد تولّى كلّ فضل كان فيها، 229 - تاريخ الإسلام عن الواقديّ: سار رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) من مكّة لستٍّ خلونَ من شوّال في اثني عشر ألفاً، فقال أبوبكر: لا نُغلب اليوم من قلّة. فانتهوا إلى حُنين لعشر خلونَ من شوّال. وأمر النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) أصحابه بالتعبئة، ووضع الألوية والرايات في أهلها، وركب بغلته، ولبس دِرعين والمِغفر والبيضة. فاستقبلهم من هوازن شي‏ءٌ لم يرَوا مثله من السواد والكثرة، وذلك في غبش الصبح. وخرجت الكتائب من مضيق الوادي وشعبه، فحملوا حملةً واحدة، فانكشفت خيل بني سليم مُولّيةً، وتبعهم أهل مكّة، وتبعهم الناس(14).
          230 - السيرة النبويّة عن جابر بن عبداللَّه: لمّا استقبلنا وادي حنين انحدرنا في وادٍ من أودية تهامة أجوف حَطُوط(15)، إنّما ننحدر فيه انحداراً، - قال: - وفي عَماية الصبح‏ (16). وكان القوم قد سبقونا إلى الوادي، فكمنوا لنا في شِعابه وأحنائه ومضايقه، وقد اجمعوا وتهيّؤوا وأعدّوا. فواللَّه ما راعنا ونحن منحطّون إلّا الكتائب قد شدُّوا علينا شدّة رجلٍ واحد، وانشمر الناس راجعين لا يلوي أحد على أحدٍ، وانحاز رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) ذات اليمين، ثمّ قال: أين!! أيّها الناس هلمُّوا إليّ! أنا رسول‏اللَّه، أنا محمّد بن عبداللَّه. قال: فلا شي‏ء؛ حمَلت الإبل بعضها على بعضٍ، فانطلق الناس، إلّا أنّه قد بقي مع رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) نفر من المهاجرين والأنصار وأهل بيته. وفيمن ثبت معه... من أهل بيته عليّ بن أبي‏طالب(17).
          231 - مسند أبي‏يعلى عن جابر: كان أيّام هوازن رجل جسيم، على جمل أحمر، في يده راية سوداء، إذا أدرك طعن بها، وإذا فاته شي‏ء من بين يديه دفعها من خلفه فأبعده. فعمد له عليّ بن أبي‏طالب ورجل من الأنصار كلاهما يريده - قال: - فضربه عليّ على عرقوبي الجمل، فوقع على عجزه، - قال: - وضرب الأنصاري ساقه - قال: - فطرح قدمه بنصف ساقه، فوقع، واقتتل الناس(18).
          232 - الإرشاد: أقبل رجل من هوازن على جمل له أحمر، بيده راية سوداء في رأس رمح طويل أمام القوم، إذا أدرك ظفراً من المسلمين أكبّ عليهم، وإذا فاته الناس رفعه لمن وراءه من المشركين فاتّبعوه، وهو يرتجز ويقول:

          أنا أبوجرول لا بَراحُ(19)
          حتى نُبيحَ القومَ أو نُباحُ
          فصمد له أميرالمؤمنين(عليه السلام) ، فضرب عجز بعيره فصرعه، ثمّ ضربه فقطره، ثمّ قال:

          قد عَلم القومُ لدَى الصباحِ
          أنّيَ في الهيجاء ذو نصاحِ
          فكانت هزيمة المشركين بقتل أبي‏جرول لعنه اللَّه(20).
          233 - الإرشاد: لمّا قتل أميرالمؤمنين(عليه السلام) أباجرول وخُذل القوم لقتله، وضع المسلمون سيوفهم فيهم، وأميرالمؤمنين(عليه السلام) يقدمهم حتى قتل أربعين رجلاً من القوم، ثمّ كانت الهزيمة والأسر حينئذٍ(21).
          234 - مسند أبي‏يعلى عن أنس: كان عليّ بن أبي‏طالب (رضى اللّه عنه) يومئذٍ أي يوم حنين‏] أشدّ الناس قتالاً بين يديه [(صلى اللّه عليه وآله وسلم) (22).
          235 - الإمام الصادقعليه السلام) قتل عليّ بن أبي‏طالب(عليه السلام) بيده يوم حنين أربعين(23).
          236 - الإرشاد - في ذكر وقايع بعد غزوة حنين - ثمّ سار بنفسه إلى الطائف فحاصرهم أيّاماً ... -: ثمّ خرج من حصن الطائف نافع بن غيلان بن معتب في‏خيل من ثقيف، فلقيه أميرالمؤمنين‏
          (عليه السلام)ببطن وَجٍّ (24) فقتله، وانهزم المشركون، ولحق القوم الرعب، فنزل منهم جماعة إلى النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) فأسلموا. وكان حصار النبيّ‏(صلى اللّه عليه وآله وسلم) الطائفَ بضعة عشر يوماً(25).



          1) السيرة النبويّة لابن هشام: 4/80، الطبقات الكبرى: 2/149، تاريخ الطبري: 3/70، الكامل في التاريخ: 1/624.
          2) الطبقات الكبرى: 2/150، السيرة النبويّة لابن هشام: 4/83 وص 87، الكامل في التاريخ: 1/625، تاريخ الطبري: 3/73، تاريخ الإسلام للذهبي: 2/574؛ تاريخ اليعقوبي: 2/62، الإرشاد: 1/140.
          3) الطبقات الكبرى: 2/151، تاريخ الطبري: 3/74، السيرة النبويّة لابن هشام: 4/85، الكامل في التاريخ: 1/625.
          4) تاريخ الطبري: 3/74، الكامل في التاريخ: 1/626، تاريخ الإسلام للذهبي: 2/576.
          5) الطبقات الكبرى: 2/151، تاريخ الطبري: 3/74، السيرة النبويّة لابن هشام: 4/85، الكامل في التاريخ: 1/625.
          6) تاريخ الطبري: 3/75، الطبقات الكبرى: 2/151، السيرة النبويّة لابن هشام: 4/87؛ الإرشاد: 1/142.
          7) الكافي: 8/376/566، الإرشاد: 1/144 وص 150.
          8) الإرشاد: 1/143 وص 150 وراجع مسند أبي‏يعلى: 2/344/1858 وتاريخ الطبري: 3/76 والسيرة النبويّة لابن هشام: 4/88.
          9) الإرشاد: 1/153.
          10) الإرشاد: 1/152، تاريخ اليعقوبي: 2/64.
          11) الإرشاد: 1/149.
          12) التوبة: 25 و 26.
          13) تاريخ اليعقوبي: 2/62، الإرشاد: 1/140 نحوه.
          14) تاريخ الإسلام للذهبي: 2/574 وراجع المغازي: 3/890.
          15) أجوف: واسع الجوف والحَطُوط: الأكمة الصعبة الانحدار (لسان العرب: 9/35 وج 7/274).
          16) عَماية الصبح: بقيّة ظلمة الليل (لسان العرب: 15/98).
          17) السيرة النبويّة لابن هشام: 4/85، تاريخ الطبري: 3/74.
          18) مسند أبي‏يعلى: 2/344/1858، تاريخ الطبري: 3/76، السيرة النبويّة لابن هشام: 4/88 كلاهما نحوه.
          19) البراح: الظهور والبيان (لسان العرب: 2/409).
          20) الإرشاد: 1/142، كشف الغمّة: 1/222.
          21) الإرشاد: 1/144، كشف الغمّة: 1/223، إعلام الورى: 1/387، كشف اليقين: 175 نحوه.
          22) مسند أبي‏يعلى: 3/443/3594، المعجم الأوسط: 3/148/2758 وفيه «مِن أشدّ» بدل «أشدّ».
          23) الكافي: 8/376/566 عن عجلان، كشف الغمّة: 2/83 من دون إسناد إلى معصوم.
          24) وَجٌّ: الطائف (معجم البلدان: 5/361).
          25) الإرشاد: 1/153، المناقب لابن شهرآشوب: 3/145، إعلام الورى: 1/233 وليس فيهما من «ولحق القوم...».

          تعليق


          • #35
            انت العلي الذي فوق العُلا رُفِعا ( عبد الباقي العمري )

            انت العلي الذي فوق العُلا رُفِعا ببطن مكة وسط البيت اذ وُضعا
            سمـتك امُك بنت الليث حيدرةً اكـرم بلبوة ليثٍ انجبت سبُعا
            وانت حيدرة الغاب الذي اسد الـ برج السماويِ عنه خاسئـاً رجعا
            وانت بابٌ تعالى شأنُ حارسـه بغير راحة روح القدس ما قُرعـا
            وانت ذاك البطين الممتلي حكماً معشارها فلك الافلاك ما وسعـا
            وانت ذاك الهزبر الانزع البطل الـ ذي بمخلبه للشـرك قد نُزعـا
            وانـت نقطةُ باءٍ معْ توحدها بها جميع الذي في الذكرقد جُمعـا
            وانت والحّق يا اقضى الانام به غداً على الحوض حقاً تُحشران معا
            وانت صنو نبيٍّ غير شرعته للانبياء اله العرش ما شرعا
            وانت زوج ابنة الهادي الى سـننٍ من حاد عنه عداه الرشدُ فأنخدعا
            وانت غوثٌ وغيثُ في ردى وندى لخائفٍ ولراجٍ لاذ وانتجعا
            وانت ركنٌ يجير المستجير به وانت حصنٌ لمن من دهره فزعا
            وانت عينُ يقينٍ لم يزدهُ به كشف الغطاء يقيناً أيةُ انقشعا
            وانت من فُجِعَ الدين المبين به ومن بأولاده الاسلام قد فجعا
            وانت انت الذي منه الوجود نضى عمود صبحٍ ليافوخ الرجا صدعا
            وانت انت الذي حطّت له قدمٌ في موضع يده الرحمن قد وضعا
            وانت انت الذي للقبلتين مع الـ نبي اول من صـلى ومن ركعا
            وانت انت الذي في نفس مضجعه في ليل هجرته قد بات مضطجعا
            وانت انت الذي آثاره ارتفعت على الاثير وعنه قدره اتضعا
            حكمت في الكفر سيفاً لو هويت به يوماً على كتف الافلاك لانخلعا
            عالجت بالبيض امراض القلوب ولو كان العلاج بغير البيض ما نجعا
            وباب خيبر لو كانت مسامره كل الثوابت حتى القطب لانقلعا
            باريتَ شمس الضحى في جنةٍ بزغت في يوم بدرٍ بزوغ البدر اذ سطعا

            تعليق


            • #36
              الاستخلاف عن النبيّ في غزوة تبوك



              تبوك هي أقصى منطقة توجّه إليها النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) في حروبه. وبدأت تحرّكات المنافقين في المدينة في وقت راح رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) يعدّ جيشه للانطلاق إلى تبوك. والحوادث التي وقعت تدلّ بوضوح على أنّ المنافقين في المدينة كانوا يتحيّنون الفرصة لتوجيه ضربتهم للحكومة النبويّة الجديدة. وكانت هذه الغيبة الطويلة للنبيّ فرصة مناسبة لهم. من هنا، نلحظ أنّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) استخلف في البداية محمّد بن مسلمة على المدينة، ثمّ جعل عليّاً(عليه السلام) ‏عليها، وقال:
              «أنا لابدّ من أن اُقيم أو تقيم»(1).
              وقال:
              «إنّ المدينة لا تصلح إلّا بي أو بك»(2).
              وهكذا أخفقت المؤامرة، فإنّ وجود عليّ(عليه السلام) ألقى الرعب في قلوب المنافقين والمتآمرين، وآيسهم من القيام بأيّ تحرّك في المدينة، فراحوا يعزفون على وتر آخر؛ فإنّ غزوة تبوك كانت الغزوة الوحيدة التي لم يشهدها أميرالمؤمنين(عليه السلام)‏بقرار النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) ، ولما طرأ من أحداث في المدينة(3). فأرجفوا أنّ عليّاً تخلّى عن الحرب وخذل النبيّ ولم يرافقه مع رغبة النبيّ في حضوره معه. فما كان من الإمام(عليه السلام) إلّا أن هرع إليه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) قبل مغادرته، وأخبره بأراجيفهم، فنطق النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) و عندئذٍ كلمته الخالدة العظيمة في حقّه: «أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي»(4).
              وهكذا اُحبطت هذه المؤامرة في مهدها، وسجّل التاريخ لعليٍّ(عليه السلام) أسطع المناقب أمام أنظار الناس.
              237 - الطبقات الكبرى عن البراء بن عازب وزيد بن أرقم: لمّا كان عند غزوة جيش العسرة وهي تبوك، قال رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) لعليّ بن أبي‏طالب: إنّه لابدّ من أن اُقيم أو تقيم، فخلّفه، فلمّا فصل رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) غازياً قال ناس: ما خلّف عليّاً إلّا لشي‏ء كرهه منه.
              فبلغ ذلك عليّاً، فاتّبع رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) حتى انتهى إليه، فقال له: ما جاء بك يا عليّ؟! قال: لا يا رسول‏اللَّه إلّا أنّي سمعت ناساً يزعمون أنّك إنّما خلّفتني لشي‏ء كرهته منّي!! فتضاحك رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) وقال: يا عليّ، أما ترضى أن تكون منّي كهارون من موسى غير أنّك لست بنبيّ؟! قال: بلى يا رسول‏اللَّه، قال: فإنّه كذلك(5).

              تاريخ الطبري عن ابن إسحاق - في خروج النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) إلى غزوة تبوك: خلّف رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) عليّ بن أبي‏طالب على أهله، وأمره بالإقامة فيهم، واستخلف على المدينة سباع بن عرفطة أخا بني غفّار، فأرجف المنافقون بعليّ بن أبي‏طالب، وقالوا: ما خلّفه إلّا استثقالاً له، وتخفّفاً منه.
              فلمّا قال ذلك المنافقون أخذ عليّ سلاحه، ثمّ خرج حتى أتى رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) وهو بالجرف، فقال: يا نبيّ‏اللَّه، زعم المنافقون أنّك إنّما خلّفتني أنّك استثقلتني وتخفّفت منّي! فقال: كذبوا، ولكنّي إنّما خلّفتك لما ورائي، فارجع فاخلُفني في أهلي وأهلك، أفلا ترضى يا عليّ أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى، إلّا أنّه لا نبيّ بعدي؟! فرجع عليّ إلى المدينة، ومضى رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) على سفره(6).

              - الإرشاد - في غزوة تبوك: أوحى اللَّه تبارك وتعالى اسمه إلى نبيّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) أن يسير إليها بنفسه، ويستنفر الناس للخروج معه، وأعلمه أنّه لا يحتاج فيها إلى حرب، ولا يُمنى بقتال عدوّ، وأنّ الاُمور تنقاد له بغير سيف، وتَعبّده بامتحان أصحابه بالخروج معه واختبارهم، ليتميّزوا بذلك وتظهر سرائرهم.
              فاستنفرهم النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) إلى بلاد الروم، وقد أينعت ثمارهم، وأشتدّ القيظ عليهم، فأبطأ أكثرهم عن طاعته؛ رغبةً في العاجل، وحرصاً على المعيشة وإصلاحها، وخوفاً من شدّة القيظ، وبُعد المسافة، ولقاء العدوّ. ثمّ نهض بعضهم على استثقال للنهوض، وتخلّف آخرون.
              ولمّا أراد رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) الخروج استخلف أميرالمؤمنين(عليه السلام) في أهله وولده وأزواجه ومهاجره، وقال له: «يا عليّ، إنّ المدينة لا تصلح إلّا بي أو بك»؛ وذلك أنّه‏ (عليه السلام) ّات الأعراب، وكثير من أهل مكّة ومن حولها ممّن غزاهم وسفك دماءهم، فأشفق أن يطلبوا المدينة عند نأيِه عنها وحصوله ببلاد الروم أو نحوها، فمتى لم يكن فيها من يقوم مقامه، لم يؤمن من مَعَرَّتهم‏ (7)، وإيقاع الفساد في دار هجرته، والتخطّي إلى ما يشين أهله ومخلّفيه.
              وعلم(عليه السلام) أنّه لا يقوم مقامه في إرهاب العدوّ وحراسة دار الهجرة وحياطة من فيها إلّا أميرالمؤمنين(عليه السلام) ، فاستخلفه استخلافاً ظاهراً، ونصّ عليه بالإمامة من بعده نصّاً جليّاً.
              وذلك فيما تظاهرت به الرواية أنّ أهل النفاق لمّا علموا باستخلاف رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) عليّاً(عليه السلام) على المدينة حسدوه لذلك، وعظم عليهم مقامه فيها بعد خروجه، وعلموا أنّها تنحرس به، ولا يكون للعدوّ فيها مطمع، فساءهم ذلك، وكانوا يؤثرون خروجه معه؛ لما يرجونه من وقوع الفساد والاختلاط عند نأي النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) عن المدينة، وخلوّها من مرهوب مخوف يحرسها. وغبطوه‏ (عليه السلام) ‏ على الرفايّة والدعة بمقامه في أهله، وتكلُّف من خرج منهم المشاقّ بالسفر والخطر.
              فأرجفوا به(عليه السلام) ، وقالوا: لم يستخلفه رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) إكراماً له وإجلالاً ومودّة، وإنّما خلّفه استثقالاً له. فبهتوه بهذا الإرجاف كبهت قريش للنبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) بالجِنّة تارة، وبالشعر اُخرى، وبالسحر مرّة، وبالكهانة اُخرى، وهم يعلمون ضدّ ذلك ونقيضه، كما علم المنافقون ضدّ ما أرجفوا به على أميرالمؤمنين(عليه السلام) وخلافه، وأنّ النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) كان أخصّ الناس بأميرالمؤمنين(عليه السلام) ، وكان هو أحبّ الناس إليه، وأسعدهم عنده، وأفضلهم لديه.
              فلمّا بلغ أميرالمؤمنين(عليه السلام) إرجاف المنافقين به، أراد تكذيبهم وإظهار فضيحتهم، فلحق بالنبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) ، فقال: يا رسول‏اللَّه، إنّ المنافقين يزعمون أنّك إنّما خلّفتني استثقالاً ومقتاً! فقال له رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم): ارجع يا أخي إلى مكانك، فإنّ المدينة لا تصلح إلّا بي أو بك، فأنت خليفتي في أهلي ودار هجرتي وقومي، أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي!! (8)

              1) المعجم الكبير: 5/203/5094، الطبقات الكبرى: 3/24.
              2) الإرشاد: 1/155، كمال الدين: 278/25، الاحتجاج: 1/346/56، كنز الفوائد: 2/181؛ المستدرك على الصحيحين: 2/368/3294.
              3) الطبقات الكبرى: 3/23، اُسد الغابة: 4/92/3789.
              4) خصائص أميرالمؤمنين للنسائي: 107/45، المصنّف لابن أبي‏شيبة: 8/562/4، تاريخ الطبري: 3/104، أنساب الأشراف: 2/348، الاستيعاب: 3/201/1875.
              5) الطبقات الكبرى: 3/24، أنساب الأشراف: 2/349، المعجم الكبير: 5/203/5094 نحوه وراجع خصائص أميرالمؤمنين للنسائي: 106/45.
              6) تاريخ الطبري: 3/103، السيرة النبويّة لابن هشام: 4/163، تاريخ الإسلام للذهبي: 2/631، الكامل في التاريخ: 1/636.
              7) المَعَرَّة: الجناية، والأذى (لسان العرب: 4/556).
              8) الإرشاد: 1/154.

              تعليق


              • #37
                جزاك الله خير الجزاء اخي المؤمن فعلا مؤمن فعلي


                ايدك الله بنصره

                تحياتي

                تعليق


                • #38
                  الاخت الكريمة سندس الموالية
                  نتمنى مشاركة لك في موضوع سيد الوصيين
                  حتى تسجل في ميزان حسناتك


                  عدّة بعثات هامّة




                  البعث لكسر الأصنام

                  240 - الإرشاد - في ذكر وقايع بعد غزوة حنين - ثمّ سار - يعني النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) بنفسه - إلى الطائف فحاصرهم أيّاماً، وأنفذ أميرالمؤمنين(عليه السلام) في خيل، وأمره أن يطأ ما وجد، ويكسر كلّ صنم وجده. فخرج حتى لقيته خيل خثعم في جمعٍ كثير، فبرز له رجل من القوم يقال له: شهاب، في غَبش الصبح، فقال: هل من مبارز؟ فقال أميرالمؤمنين(عليه السلام) : مَن له؟ فلم يقُم أحد، فقام إليه أميرالمؤمنين(عليه السلام) ، فوثب أبوالعاص بن الربيع زوج بنت رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) فقال: تُكفاه أيّها الأمير. فقال: لا، ولكن إن قُتلتُ فأنت على الناس، فبرز إليه أميرالمؤمنين(عليه السلام) وهو يقول:

                  إنّ على كلّ رئيسٍ حقّا
                  أن يروي الصَّعدَة(1) أو تُدقّا
                  ثمّ ضربه فقتله. ومضى في تلك الخيل حتى كسر الأصنام، وعاد إلى رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) وهو محاصر لأهل الطائف، فلمّا رآه النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) كبّر للفتح، وأخذ بيده فخلا به، وناجاه طويلاً(2).


                  البعث لتأدية خسارات بني جذيمة

                  وجّه رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) بعد فتح مكّة خالد بن الوليد على رأس كتيبة لدعوة قبيلة جذيمة بن عامر. وكان خالد يُكنّ حقداً قديماً لهذه القبيلة، فقتل نفراً منهم ظلماً وعدواناً، ومنوا بخسائر. فتبرّأ رسول‏اللَّه‏ (صلى اللّه عليه وآله وسلم) من هذه الجريمة الشنعاء، وأمر عليّاً(عليه السلام) أن يذهب إليهم، ويعوّضهم عمّا تكبّدوه من خسائر، ويديهم بنحو دقيق. فأدّى(عليه السلام) المهمّة مراعياً غاية الدقّة في تنفيذها، وحين رجع أثنى النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) على عمله، وأكّد، بكلمات ثمينة رفيعة، منزلته العليّة ودوره الكبير في هداية الاُمّة وتوجيه المسلمين في المستقبل‏ (3) .
                  241 - الإمام الباقر(عليه السلام) : بعث رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) خالد بن الوليد - حين افتتح مكّة - داعياً، ولم يبعثه مقاتلاً، ومعه قبائل من العرب؛ سليم بن حصور، ومدلج بن مرّة، فوطئوا بني جذيمة بن عامر بن عبدمناة بن كنانة. فلمّا رآه القوم أخذوا السلاح، فقال خالد: ضعوا السلاح، فإنّ الناس قد أسلموا... فلمّا وضعوا السلاح أمر بهم خالد عند ذلك، فكتّفوا، ثمّ عرضهم على السيف، فقتل من قتل منهم.
                  فلمّا انتهى الخبر إلى رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) رفع يديه إلى السماء، ثمّ قال: اللهمّ إنّي أبرأ إليك ممّا صنع خالد بن الوليد....
                  ثمّ دعا رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) عليّ بن أبي‏طالب - رضوان اللَّه عليه - فقال: يا عليّ، اخرج إلى هؤلاء القوم فانظر في أمرهم، واجعل أمر الجاهليّة تحت قدميك. فخرج عليّ حتى جاءهم ومعه مال قد بعث به رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) ، فوَدَى(4) لهم الدماء وما اُصيب لهم من الأموال، حتى إنّه ليَدي لهم مِيلَغة(5) الكلب، حتى إذا لم يبقَ شي‏ء من دم ولا مال إلّا وَدَاه بقيت معه بقيّة من المال.
                  فقال لهم عليّ - رضوان اللَّه عليه - حين فرغ منهم: هل بقي لكم بقيّة من دم أو مال لم يُودَ لكم؟ قالوا: لا. قال: فإنّي اُعطيكم هذه البقيّة من هذا المال، احتياطاً لرسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) ممّا لا يعلم ولا تعلمون، ففعل، ثمّ رجع إلى رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) ، فأخبره الخبر، فقال: أصبت وأحسنت.
                  ثمّ قام رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) فاستقبل القبلة قائماً شاهراً يديه حتى إنّه ليرى ما تحت مَنْكِبيه، يقول: «اللهمّ إنّي أبرأ إليك ممّا صنع خالد بن الوليد» ثلاث مرّات(6).


                  البعث إلى فلس(7)

                  242 - الطبقات الكبرى: بعث رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) عليّ بن أبي‏طالب في خمسين ومائة رجل من الأنصار، على مائة بعير وخمسين فرساً، ومعه راية سوداء ولواء أبيض إلى الفلس ليهدمه، فشنّوا الغارة على محلّة آل حاتم مع الفجر، فهدموا الفلس وخرّبوه، وملؤوا أيديهم من السبي والنعم والشاة. وفي السبي اُخت عديّ بن حاتم، وهرب عديّ إلى الشام(8).


                  البعث لإعلان البراءة من المشركين

                  إنّ آيات البراءة، وإعلان الاستياء من الشرك والصنميّة، ولزوم تطهير أرض الوحي من معالم الشرك، كلّ ذلك يعدّ من أعظم الفصول في التاريخ الإسلامي. فقد نزلت سورة «براءة» في موسم الحجّ سنة (9 ه') وكُلّف أبوبكر بقراءتها على الحجّاج، مع بيان يتألّف من أربع موادّ، وتوجّه أبوبكر إلى مكّة، لكن لم يمضِ على تحرّكه إلّا وقت قصير حتى هبط الوحي مبلّغاً النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) أن:
                  «لا يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك».
                  فدعا عليّاً(عليه السلام) وأخبره بالأمر، وأعطاه راحلته، وأمره أن يعجّل في ترك المدينة، ويأخذ السورة من أبي‏بكر، ويقرأها على الناس في حشدهم الغفير يوم العاشر من ذي الحجّة. وهكذا كان. فاُضيفت بذلك منقبة اُخرى إلى مناقبه العظيمة، وثبت للأجيال والأعصار المختلفة سلفاً أنّه من النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) ، وأنّه نفسه(9).
                  243 - الإمام عليّ(عليه السلام) : لمّا نزلت عشر آيات من براءة على النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) ، دعا النبيّ‏ (صلى اللّه عليه وآله وسلم) أبابكر فبعثه بها ليقرأها على أهل مكّة، ثمّ دعاني النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) فقال لي: أدرك أبابكر فحيثما لحقته فخُذ الكتاب منه، فاذهب به إلى أهل مكّة فاقرأه عليهم. فلحقته بالجحفة، فأخذت الكتاب منه، ورجع أبوبكر إلى النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) فقال: يا رسول‏اللَّه، نزل فيَّ شي‏ء؟! قال: لا، ولكنّ جبريل جاءني فقال: لن يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك(10).
                  244 - مسند ابن حنبل عن أنس بن مالك: إنّ رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) بعث ببراءة مع أبي‏بكر إلى أهل مكّة - قال: - ثمّ دعاه فبعث بها عليّاً، قال: لايبلّغها إلّا رجل من أهلي(11).
                  245 - فضائل الصحابة عن أنس بن مالك: إنّ رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) بعث ببراءة مع أبي‏بكر إلى أهل مكّة، فلمّا بلغ ذا الحليفة بعث إليه فردّه، وقال: لايذهب بها إلّا رجل من أهل بيتي؛ فبعث عليّاً(12).
                  246 - خصائص أميرالمؤمنين عن زيد بن يثيع عن الإمام عليّ(عليه السلام) : إنّ رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) بعث ببراءة إلى أهل مكّة مع أبي‏بكر، ثمّ أتبعه بعليّ، فقال له: خذ الكتاب فامضِ به إلى أهل مكّة. قال: فلحقته وأخذت الكتاب منه، فانصرف أبوبكر وهو كئيب، فقال: يا رسول‏اللَّه: أنزل فيَّ شي‏ء؟! قال: لا، إلّا أنّي اُمرت أن اُبلّغه أنا أو رجل من أهل بيتي(13).
                  247 - مسند ابن حنبل عن زيد بن يثيع عن أبي‏بكر: إنّ النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) بعثه ببراءة لأهل مكّة: لا يحجّ بعد العام مشركٌ، ولا يطوف بالبيت عريانٌ، ولا يدخل الجنّة إلّا نفسٌ مسلمةٌ، من كان بينه وبين رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) مدّة فأجله إلى مدّته، واللَّه بري‏ء من المشركين ورسوله. قال: فسار بها ثلاثاً، ثمّ قال لعليّ(رضى اللّه عنه): الحقه فرُدّ عليَّ أبابكر وبلّغها أنت. قال: ففعل، قال: فلمّا قدم على النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) أبوبكر بكى، قال: يا رسول‏اللَّه، حدث فيَّ شي‏ءٌ؟! قال: ما حدث فيك إلّا خير، ولكن اُمرت أن لا يبلّغه إلّا أنا أو رجل منّي(14).
                  248 - المستدرك على الصحيحين عن جميع بن عمير الليثي: أتيت عبداللَّه بن عمر فسألته عن عليّ(رضى اللّه عنه) فانتهرني، ثمّ قال: ألا اُحدّثك عن عليّ؟ هذا بيت رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) في المسجد، وهذا بيت عليّ(رضى اللّه عنه). إنّ رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) بعث أبابكر وعمر ببراءة إلى أهل مكّة، فانطلقا، فإذا هما براكب، فقالا: من هذا؟ قال: أنا عليّ، يا أبابكر هاتِ الكتاب الذي معك. قال: وما لي!! قال: واللَّه ما علمت إلّا خيراً، فأخذ عليّ الكتاب فذهب به، ورجع أبوبكر وعمر إلى المدينة، فقالا: ما لنا يا رسول‏اللَّه؟! قال: ما لكما إلّا خير، ولكن قيل لي: إنّه لا يبلّغ عنك إلّا أنت أو رجل منك(15).
                  249 - الإرشاد: جاء في قصّة البراءة وقد دفعها النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) إلى أبي‏بكر لينبذ بها عهد المشركين، فلمّا سار غير بعيد نزل جبرئيل‏ (عليه السلام) على النبى(صلى اللّه عليه وآله وسلم) فقال له: إنّ اللَّه يُقرئك السلام ويقول لك: لا يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك. فاستدعى رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) عليّاً(عليه السلام) وقال له: اركب ناقتي العضباء والحَق أبابكر، فخُذ براءة من يده وامضِ بها إلى مكّة، فانبذ عهد المشركين إليهم، وخيّر أبابكر بين أن يسير مع ركابك أو يرجع إليّ.
                  فركب أميرالمؤمنين(عليه السلام) ناقة رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) العضباء، وسار حتى لحق أبابكر، فلمّا رآه فزع من لحوقه به، واستقبله وقال: فيمَ جئت يا أباالحسن، أسائر معي أنت أم لغير ذلك؟! فقال له أميرالمؤمنين(عليه السلام) : إنّ رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) أمرني أن ألحقك فأقبض منك الآيات من براءة وأنبذ بها عهد المشركين إليهم، وأمرني أن اُخيّرك بين أن تسير معي أو ترجع إليه. فقال: بل أرجع إليه.
                  وعاد إلى النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) ، فلمّا دخل عليه قال: يا رسول‏اللَّه، إنّك أهّلتني لأمرٍ طالت الأعناق فيه إليّ، فلمّا توجّهت له رددتني عنه، ما لي، أنزل فيَّ قرآن؟! فقال النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) : لا، ولكنّ الأمين هبط إليّ عن اللَّه جلّ جلاله بأنّه لا يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك، وعليّ منّي، ولا يؤدّي عنّي إلّا عليّ(16).
                  250 - تاريخ دمشق عن ابن عبّاس: بينا أنا مع عمر بن الخطّاب في بعض طرق المدينة - يده في يدي - إذ قال لي: يابن عبّاس، ما أحسب صاحبك إلّا مظلوماً! فقلت: فردّ إليه ظلامته يا أميرالمؤمنين!! قال: فانتزع يده من يدي، ونفر منّي يهمهم، ثمّ وقف حتى لحقته، فقال لي: يابن عبّاس، ما أحسب القوم إلّا استصغروا صاحبك. قلت: واللَّه ما استصغره رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) حين أرسله وأمره أن يأخذ براءة من أبي‏بكر فيقرأها على الناس!! فسكت‏ (17).
                  راجع: القسم التاسع / عليٌّ عن لسان أصحاب النبيّ / عمر بن الخطّاب.
                  كتاب «تاريخ دمشق»: 42 / 344 - 349.
                  قال العلّامة الطباطبائي: قد عرفت أنّ الذي وقع في الروايات على كثرتها في قصّة بعث عليّ وعزل أبي‏بكر - من كلمة الوحي الذي نزل به جبرئيل على النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) - هو قوله: «لا يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك». وكذا ما ذكره النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) حين أجاب أبابكر - لمّا سأله عن سبب عزله - إنّما هو متن ما أوحى إليه اللَّه سبحانه، أو قوله -وهو في معناه: «لا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو رجل منّي». وكيفما كان فهو كلام مطلق؛ يشمل تأدية براءة وكلّ حكم إلهي احتاج النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) إلى أن يؤدّيه عنه مؤدٍّ غيره، ولا دليل - لا من متون الروايات ولا غيرها - يدلّ على اختصاص ذلك ببراءة.
                  وقد اتّضح أنّ المنع عن طواف البيت عرياناً، والمنع عن حجّ المشركين بعد ذلك العام [الفتح‏]، وكذا تأجيل مَن له عهد إلى مدّة أو من غير مدّة، كلّ ذلك أحكام إلهيّة نزل بها القرآن، فما معنى إرجاع أمرها إلى أبي‏بكر، أو نداء أبي‏هريرة بها وحده، أو نداؤه ببراءة وسائر الأحكام المذكورة في الجمع إذا بحّ عليّ(عليه السلام) حتى يصحل صوته من كثرة النداء؟! ولو جاز لأبي هريرة أن يقوم بها والحال هذه فلِم لم يجُز لأبي بكر ذلك؟!
                  نعم أبدع بعض المفسّرين - كابن كثير وأترابه - هنا وجهاً؛ وجّهوا به ما تتضمّنه هذه الروايات انتصاراً لها، وهو أنّ قوله: «لا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو رجل منّي» مخصوص بتأدية براءة فقط، من غير أن يشمل سائر الأحكام التي كان ينادي بها عليّ(عليه السلام) ، وأنّ تعيينه(صلى اللّه عليه وآله وسلم)عليّاً بتبليغ آيات براءة أهلَ الجمع إنّما هو لما كان من عادة العرب أن لا ينقض العهد إلّا عاقده أو رجل من أهل بيته، ومراعاة هذه العادة الجارية هي التي دعت النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) أن يأخذ براءة - وفيها نقض ما للمشركين من عهد - من أبي‏بكر ويسلّمها إلى عليّ؛ ليستحفظ بذلك السنّة العربيّة فيؤدّيها عنه بعض أهل بيته. قالوا: وهذا معنى قوله(صلى اللّه عليه وآله وسلم) لمّا سأله أبوبكر قائلاً: يا رسول‏اللَّه هل نزل فيَّ شي‏ء؟! قال: «لا ولكن لا يؤدّي عني إلّا أنا أو رجل منّي»، ومعناه أنّي إنّما عزلتك ونصبت عليّاً لذلك لئلّا أنقض هذه السنّة العربيّة الجارية....
                  فليت شعري من أين تسلّموا أنّ هذه الجملة التي نزل بها جبرئيل؛ «إنّه لا يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك» - مقيّدة بنقض العهد لا يدلّ على أزيد من ذلك، ولا دليل عليه من نقل أو عقل!! فالجملة ظاهرة أتمّ ظهور في أنّ ما كان على رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) أن يؤدّيه لا يجوز أن يؤدّيه إلّا هو أو رجل منه، سواء(18) كان نقض عهد من جانب اللَّه - كما في مورد براءة - أو حكماً آخر إلهيّاً على رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) أن يؤدّيه ويبلّغه.
                  وهذا غير ما كان من أقسام الرسالة منه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) ممّا ليس عليه أن يؤدّيه بنفسه الشريفة كالكتب التي أرسل بها إلى الملوك والاُمم والأقوام في الدعوة إلى الإسلام، وكذا سائر الرسالات التي كان يبعث بها رجالاً من المؤمنين إلى الناس في اُمور ترجع إلى دينهم والإمارات والولايات ونحو ذلك.
                  ففرقٌ جليّ بين هذه الاُمور وبين براءة ونظائرها؛ فإنّ ما تتضمّنه آيات براءة وأمثال النهي عن الطواف عرياناً والنهي عن حجّ المشركين بعد العام أحكامٌ إلهيّة ابتدائيّة لم تبلّغ بعدُ ولم تؤدَّ إلى مَن يجب أن تبلغه؛ وهم المشركون بمكّة والحجّاج منهم، ولا رسالة من اللَّه في ذلك إلّا لرسوله. وأمّا سائر الموارد التي كان يكتفي النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) ببعث الرسل للتبليغ فقد كانت ممّا فر(صلى اللّه عليه وآله وسلم) فيها من أصل التبليغ، والتأدية بتبليغه من وسعه تبليغُه ممّن حضر؛ كالدعوة إلى الإسلام وسائر شرائع الدين، وكان يقول: «ليبلّغ الشاهد منكم الغائب».
                  ثمّ إذا مسّت الحاجة إلى تبليغه بعضَ من لا وثوق عادة ببلوغ الحكم إليه أو لاأثر لمجرّد البلوغ إلّا أن يعتني لشأنه بكتاب أو رسول(19) توسّل عند ذلك إلى رسالة أو كتاب؛ كما في دعوة الملوك.
                  وليتأمّل الباحث المنصف قوله: «لا يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك»، فقد قيل: «لا يؤدّي عنك إلّا أنت» ولم يُقَل: «لا يؤدّي إلّا أنت أو رجل منك» حتى يفيد اشتراك الرسالة، ولم يُقَل: «لا يؤدّي منك إلّا رجل منك» حتى يشمل سائر الرسالات التي كان‏ (صلى اللّه عليه وآله وسلم) من كان من صالحي المؤمنين. فإنّما مفاد قوله: «لايؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك» أنّ الاُمور الرساليّة التي يجب عليك نفسك أن تقوم بها لا يقوم بها غيرك عوضاً منك، إلّا رجل منك؛ أي لا يخلفك فيما عليك كالتأدية الابتدائيّة إلّا رجل منك يقلّدها كلّ.
                  ثمّ ليت شعري ما الذي دعاهم إلى أن أهملوا كلمة الوحي التي هي قول اللَّه نزل به جبرئيل على النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) : «لا يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك»، وذكروا مكانها أنّه «كانت السنّة الجارية عند العرب أن لا ينقض العهد إلّا عاقده أو رجل من أهل بيته»!! تلك السنّة العربيّة التي لا خبر عنها - في أيّامهم ومغازيهم - ولا أثر، إلّا ما ذكره ابن كثير ونسبه إلى العلماء عند البحث عن آيات براءة.
                  ثمّ لو كانت سنّة عربيّة جاهليّة على هذا النعت فما وزنها في الإسلام!! وما هي قيمتها عند النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) وقد كان ينسخ كلّ يوم سنّة جاهليّة، وينقض كلّ حين عادة قوميّة، ولم تكن من جملة الأخلاق الكريمة أو السنن والعادات النافعة، بل سليقة قبائليّة تشبه سلائق الأشراف!! وقد قال(صلى اللّه عليه وآله وسلم) يوم فتح مكّة عند الكعبة - على ما رواه أصحاب السير: «ألا كلّ مأثرة أو دم أو مال يدّعى فهو تحت قدميّ هاتين، إلّا سدانة البيت، وسقاية الحاج».
                  ثمّ لو كانت سنّة عربيّة غير مذمومة، فهل كان رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) ذهل عنها ونسيها حين أسلم الآيات إلى أبي‏بكر وأرسله، وخرج هو إلى مكّة حتى إذا كان في بعض الطريق ذكر(صلى اللّه عليه وآله وسلم) ما نسيه أو ذكّره بعض من عنده بما أهمله وذهل عنه من أمرٍ كان من الواجب مراعاته، وهو(صلى اللّه عليه وآله وسلم) المثل الأعلى في مكارم الأخلاق واعتبار ما يجب أن يعتبر من الحزم وحسن التدبير؟! وكيف جاز لهؤلاء المذكّرين أن يغفلوا عن ذلك وليس من الاُمور التي يُغفل عنها وتخفى عادة، فإنّما الذهول عنه كغفلة المقاتل عن سلاحه.
                  وهل كان ذلك بوحي من اللَّه إليه؛ أنّه يجب له أن لا يلغي هذه السنّة العربيّة الكريمة، وأنّ ذلك أحد الأحكام الشرعيّة في الباب، وأنّه يحرم على وليّ أمر المسلمين أن ينقض عهداً إلّا بنفسه أو بيد أحد من أهل بيته؟ وما معنى هذا الحكم؟ أو أنّه حكم أخلاقي أضطرّ إلى اعتباره؛ لما أنّ المشركين ما كانوا يقبلون هذا النقض إلّا بأن يسمعوه من النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) نفسه، أو من أحد من أهل بيته؟! وقد كانت السيطرة يومئذٍ له(صلى اللّه عليه وآله وسلم) عليهم، والزمام بيده دونه، والإبلاغ إبلاغ.
                  أو أنّ المؤمنين المخاطبين بقوله: عَهَدتُّم(20)، وقوله: وَأَذَنٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ‏ إِلَى النَّاسِ(21)، وقوله: فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ(22) ما كانوا يعتبرون هذا النقض نقضاً دون أن يسمعوه منه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) ، أو من واحد من أهل بيته، وإن علموا بالنقض إذا سمعوا الآيات من أبي‏بكر؟....
                  ليس التوغّل في مسألة الإمارة ممّا يهمّنا في تفهّم معنى قوله: «لا يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك»؛ فإمارة الحاجّ سواء صحّت لأبي بكر أو لعليّ، دلّت على فضلٍ أو لم تدلّ، إنّما هي من شعب الولاية الإسلاميّة العامّة التي شأنها التصرّف في اُمور المجتمع الإسلامي الحيويّة، وإجراء الأحكام والشرائع الدينيّة، ولاحكومة لها على المعارف الإلهيّة، ومواد الوحي النازلة من السماء في أمر الدين.
                  إنّما هي ولاية رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) ؛ ينصب يوماً أبابكر أو عليّاً لإمارة الحاجّ، ويؤمّر يوماً اُسامة على أبي‏بكر وعامّة الصحابة في جيشه، ويولّي يوماً ابن اُمّ‏مكتوم على المدينة وفيها من هو أفضل منه، ويولّي هذا مكّة بعد فتحها، وذاك اليمن، وذلك أمر الصدقات. وقد استعمل(صلى اللّه عليه وآله وسلم) أبادجانة الساعدي أو سباع بن عرفطة الغفاري - على ما في سيرة ابن هشام - على المدينة عام حجّة الوداع، وفيها أبوبكر لم يخرج إلى الحجّ على ما رواه البخاري ومسلم وأبوداود والنسائي وغيرهم وإنّما تدلّ على إذعانه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) بصلاحيّة من نصبه لأمرٍ لتصدّيه وإدارة رحاه.
                  وأمّا الوحي السماوي بما يشتمل عليه من المعارف والشرائع فليس للنبي(صلى اللّه عليه وآله وسلم) ولالمن دونه صنعٌ فيه، ولا تأثير فيه ممّا له من الولاية العامّة على اُمور المجتمع الإسلامي بإطلاق أو تقييد أو إمضاء أو نسخ أو غير ذلك، ولا تحكم عليه سنّة قوميّة أو عادة جارية حتى توجب تطبيقه على ما يوافقها، أو قيام العصبة مقام الإنسان فيما يهمّه من أمر.
                  والخلط بين البابين يوجب نزول المعارف الإلهيّة من أوج علوّها وكرامتها إلى حضيض الأفكار الاجتماعيّة التي لا حكومة فيها إلّا للرسوم والعادات والاصطلاحات، فيعود الإنسان يفسّر حقائق المعارف بما يسعه الأفكار العامّيّة، ويستعظم ما استعظمه المجتمع دون ما عظّمه اللَّه، ويستصغر ما استصغره الناس، حتى يقول القائل في معنى كلمة الوحي: إنّه عادة عربيّة محترمة!(23)


                  البعث إلى اليمن

                  لمّا فتح رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) مكّة، وانتصر على القبائل المستقرّة حولها في غزوة حنين، أراد توسيع نطاق دعوته؛ فأرسل إلى اليمن معاذ بن جبل، وهناك استعصت مسائل على معاذ فرجع، وبعث بعده خالد بن الوليد، فلم يحقّق نجاحاً، وأخفق في مهمّته بعد ستّة أشهر من المكوث في اليمن. فانتدب عليّاً(عليه السلام) ، فوجّهه إليها مع كتاب. ولمّا وصل قرأه على أهلها ببيان بليغ وكلام مؤثِّر، ودعاهم إلى التوحيد، فأسلمت قبيلة «همدان». وأخبر رسول‏اللَّه‏ (صلى اللّه عليه وآله وسلم) بذلك، فسرَّ ودعا لهم(24).
                  ونقلت أخبار اُخرى أنّ الإمام(عليه السلام) اصطدم بقبيلة «مذحج» وهزمهم، ثمّ دعاهم إلى الإسلام بعد هزيمتهم الأولى، وجمع غنائم الحرب، وسار بها وبصدقات نجران فالتحق بالنّبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) في موسم الحجّ(25).
                  ثمّ فوِّض إليه(عليه السلام) القضاء في اليمن، ودعا له النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) بالثّبات في قضائه(26). ونقلت كتب التاريخ نماذج من قضائه في اليمن. والآن يمكن أن يثار السؤال الآتي: هل حدثت كلّ هذه الوقائع لعليّ(عليه السلام) في سفرةٍ واحدةٍ أو في عدّة أسفار؟!
                  ينصّ ابن سعد على سفرتين له(عليه السلام) (27). يضاف إلى هذا أنّ الأخبار المرتبطة باشتباكه مع قبيلة «مذحج» تدلّ على استقلال تلك «السريّة». وفي النصوص المتعلّقة بذهاب الإمام(عليه السلام) إلى اليمن، وكيفيّة تنفيذ هذه المهمّة الكبرى مناقب وفضائل مسجَّلة له(عليه السلام) تجدها هنا.
                  251 - تاريخ الطبري عن أبي‏إسحاق عن البرّاء بن عازب: بعث رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) خالد بن الوليد إلى أهل اليمن؛ يدعوهم إلى الإسلام. فكنت فيمن سار معه، فأقام عليه ستّة أشهر لا يجيبونه إلى شي‏ء، فبعث النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) عليّ بن أبي‏طالب، وأمره أن يقفل خالداً ومن معه، فإن أراد أحد ممّن كان مع خالد بن الوليد أن يعقّب معه تركه.
                  قال البرّاء: فكنت فيمن عقّب معه، فلمّا انتهينا إلى أوائل اليمن بلغ القوم الخبر، فجمعوا له، فصلّى بنا عليٌّ الفجر، فلمّا فرغ صفّنا صفّاً واحداً، ثمّ تقدّم بين أيدينا فحمد اللَّه وأثنى عليه، ثمّ قرأ عليهم كتاب رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) ، فأسلمت هَمْدان كلّها في يومٍ واحد. وكتب بذلك إلى رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) ، فلمّا قرأ كتابه خرّ ساجداً، ثمّ جلس فقال: السلام على هَمْدان، السلام على هَمْدان! ثمّ تتابع أهل اليمن على الإسلام(28).
                  252 - الطبقات الكبرى: بعث رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) عليّاً إلى اليمن، وعقد له لواءً، وعمّمه بيده، وقال: امضِ ولا تلتفت، فإذا نزلتَ بساحتهم فلا تقاتلهم حتى يقاتلوك. فخرج في ثلاثمائة فارس، وكانت أوّل خيل دخلت إلى تلك البلاد؛ وهي بلاد مذحج. ففرّق أصحابه، فأتوا بنهب وغنائم ونساء وأطفال ونعم وشاءٍ وغير ذلك. وجعل عليّ على الغنائم بريدةَ بن الحصيب الأسلمي، فجمع إليه ما أصابوا.
                  ثمّ لقي جمعهم فدعاهم إلى الإسلام، فأبوا ورموا بالنبل والحجارة، فصفّ أصحابه ودفع لواءه إلى مسعود بن سنان السلمي، ثمّ حمل عليهم عليّ بأصحابه فقتل منهم عشرين رجلاً، فتفرّقوا وانهزموا، فكفّ عن طلبهم. ثمّ دعاهم إلى الإسلام، فأسرعوا وأجابوا، وبايعه نفر من رؤسائهم على الإسلام وقالوا: نحن على من وراءنا من قومنا، وهذه صدقاتنا فخذ منها حقّ اللَّه.
                  وجمع عليّ الغنائم فجزّأها على خمسة أجزاء، فكتب في سهم منها للَّه، وأقرع عليها، فخرج أوّل السهام سهم الخُمس. وقسّم عليّ على أصحابه بقيّة المغنم، ثمّ قفل، فوافى النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) بمكّة قد قدمها للحجّ سنة عشر(29).
                  253 - الإمام عليّ(عليه السلام) : بعثني رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) إلى اليمن وقال لي: يا عليّ، لا تقاتلنّ أحداً حتى تدعوه، وايمُ اللَّه لأن يهدي اللَّه على يديك رجلاً خيرٌ لك ممّا طلعت عليه الشمس وغربت! ولك ولاؤه يا عليّ(30).
                  254 - عنه(عليه السلام) : بعثني رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) إلى اليمن، فقلت: يا رسول‏اللَّه، إنّك تبعثني إلى قوم هم أسنّ منّي لأقضي بينهم!! قال: اذهب فإنّ اللَّه تعالى سيُثبّت لسانك، ويهدي قلبك‏ (31).
                  255 - السيرة النبويّة عن أبي‏عمرو المدني: بعث رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) عليّ بن أبي‏طالب إلى اليمن، وبعث خالد بن الوليد في جُند آخر، وقال: إن التقيتما فالأمير عليّ بن أبي‏طالب‏ (32).
                  256 - الإرشاد: انصرف عَمرو [بن معديكرب‏] مرتدّاً، فأغار على قومٍ من بني الحارث بن كعب ومضى إلى قومه. فاستدعى رسولُ‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) عليّ بن أبي‏طالب(عليه السلام) فأمّره على المهاجرين، وأنفذه إلى بني زبيد، وأرسل خالد بن الوليد في طائفة من الأعراب وأمره أن يقصد الجعفي، فإذا التقيا فأمير الناس عليّ بن أبي‏طالب. فسار أميرالمؤمنين واستعمل على مقدّمته خالد بن سعيد بن العاص، واستعمل خالدٌ على مقدّمته أباموسى الأشعري.
                  فأما جُعفي فإنّها لمّا سمعت بالجيش افترقت فرقتين؛ فذهبت فرقة إلى اليمن، وانضمّت الفرقة الاُخرى إلى بني زبيد. فبلغ ذلك أميرالمؤمنين(عليه السلام) ، فكتب إلى خالد بن الوليد أن قف حيث أدركك رسولي، فلم يقف. فكتب إلى خالد بن سعيد: تعرّض له حتى تحبسه، فاعترض له خالد حتى حبسه، وأدركه أميرالمؤمنين(عليه السلام) فعنّفه على خلافه.
                  ثمّ سار حتى لقي بني زبيد بوادٍ يقال له: كُشر(33)، فلمّا رآه بنو زبيد قالوا لعمرو: كيف أنت - يابا ثور - إذا لقيك هذا الغلامُ القرشي فأخذ منك الإتاوة(34)؟ قال: سيعلم إن لقيني.
                  قال: وخرج عمرو فقال: هل من مبارز؟ فنهض إليه أميرالمؤمنين(عليه السلام) ، فقام خالد بن سعيد فقال له: دعني يا أباالحسن - بأبي أنت واُمّي - اُبارزه! فقال له أميرالمؤمنين(عليه السلام) : إن كنت ترى أنّ لي عليك طاعة فقف مكانك، فوقف، ثمّ برز إليه أميرالمؤمنين(عليه السلام) فصاح به صيحة فانهزم عمرو، وقُتل أخوه وابن أخيه، واُخذت امرأته ركانة بنت سلامة، وسُبي منهم نسوان، وانصرف أميرالمؤمنين(عليه السلام) ، وخلّف على بني زبيد خالد بن سعيد؛ ليقبض صدقاتهم، ويؤمِنَ من عاد إليه من هُرّابهم مسلماً(35).

                  1) الصعدة: القناة (لسان العرب: 3/255).
                  2) الإرشاد: 1/152، إعلام الورى: 1/234، المناقب لابن شهرآشوب: 3/144 نحوه.
                  3) الأمالي للصدوق: 237/252، الخصال: 562، بحارالأنوار: 21/142/5؛ تاريخ الطبري: 3/67، السيرة النبويّة لابن هشام: 4/71.
                  4) وَدَيتُ القتيل: أعطيت ديته (لسان العرب: 15/383).
                  5) هي الإناء الذي يَلغ فيه الكلب، يعني أعطاهم قيمة كلّ ما ذهب لهم حتى قيمة المِيلغة (لسان العرب: 8/460).
                  6) السيرة النبويّة لابن هشام: 4/71، تاريخ الطبري: 3/66، تاريخ الإسلام للذهبي: 2/568 كلّها عن حكيم بن حكيم بن عباد بن حُنَيف، الكامل في التاريخ: 1/620 كلاهما نحوه وراجع الطبقات الكبرى: 2/147 والمغازي: 3/882-875.
                  7) فَلْس أو فُلُس: اسم صنم كان بنجد تعبده طي‏ء (معجم البلدان: 4/273).
                  8) الطبقات الكبرى: 2/164، تاريخ الإسلام للذهبي: 2/624 نحوه وراجع المغازي: 3/984.
                  9) راجع الغدير: 6/350-338 فقد جمع المؤلّف الطرق المختلفة لهذا الحديث، وذهب إلى تواترها المعنوي.
                  10) مسند ابن حنبل: 1/318/1296، فضائل الصحابة لابن حنبل: 2/703/1203، تاريخ دمشق: 42/348/8929 كلّها عن حنش، الطبقات الكبرى: 2/168، تاريخ الطبري: 3/122 وص‏123، الكامل في التاريخ: 1/644، المغازي: 3/1077، السيرة النبويّة لابن هشام: 4/190 والخمسة الأخيرة نحوه وراجع الأمالي للمفيد: 56/2 وشرح الأخبار: 1/304/284 والمناقب للكوفي: 1/473/376.
                  11) مسند ابن حنبل: 4/564/14021، المصنّف لابن أبي‏شيبة: 7/506/72 وفيه «أهل بيتي» بدل «أهلي»، تاريخ دمشق: 42/344/8917 وح 8918.
                  12) فضائل الصحابة لابن حنبل: 2/562/946، مسند ابن حنبل: 4/423/13213نحوه وراجع السيرة النبويّة لابن هشام: 4/190.
                  13) خصائص أميرالمؤمنين للنسائي: 147/76، أنساب الأشراف: 2/384 عن يزيد بن يثيع، تفسير الطبري: 6/الجزء10/64، تفسير ابن كثير: 4/49 كلاهما عن زيد بن يشيع وكلّها نحوه من دون إسناد إليه(عليه السلام) وراجع تاريخ اليعقوبي: 2/76.
                  14) مسند ابن حنبل: 1/18/4، تاريخ دمشق: 42/347/8928.
                  15) المستدرك على الصحيحين: 3/53/4374.
                  16) الإرشاد: 1/65، المناقب لابن شهرآشوب: 2/126 عن ابن عبّاس نحوه وراجع الخصال: 1578 وتفسير القمّي: 1/282 وتفسير العيّاشي: 2/73/4 والمناقب للكوفي: 1/469/371.
                  17) تاريخ دمشق: 42/349، شرح نهج‏البلاغة: 6/45 وفيه «ما استصغره اللَّه» وج 12/46 وفيه «ما استصغره اللَّه ورسوله»، كنز العمّال: 13/109/36357؛ الدرجات الرفيعة: 105 كلّها نحوه وراجع فرائد السمطين: 1/334/258.
                  18) في المصدر «سواه» وهو تصحيف.
                  19) في المصدر «أو توسّل» وهو تصحيف.
                  20) التوبة: 1.
                  21) التوبة: 3.
                  22) التوبة: 5.
                  23) الميزان في تفسير القرآن: 9/174-168.
                  24) تاريخ الطبري: 3/131، تاريخ الإسلام للذهبي: 2/690، الكامل في التاريخ: 1/651.
                  25) الطبقات الكبرى: 2/169.
                  26) مسند ابن حنبل: 1/190/666، المستدرك على الصحيحين: 3/146/4658، الطبقات الكبرى: 2/337، تاريخ الإسلام للذهبي: 2/691.
                  27) الطبقات الكبرى: 2/169.
                  28) تاريخ الطبري: 3/131، تاريخ الإسلام للذهبي: 2/690 نحوه.
                  29) الطبقات الكبرى: 2/169 وراجع المغازي: 3/1079.
                  30) الكافي: 5/28/4 عن السكوني عن الإمام الصادق(عليه السلام)، تهذيب الأحكام: 6/141/240 عن السكوني عن الإمام الصادق عن آبائه عنه(عليهم السلام) .
                  31) مسند ابن حنبل: 1/190/666، تاريخ دمشق: 42/389/9001، خصائص أميرالمؤمنين للنسائي: 97/36 كلّها عن حارثة بن مضرب وص 93/33 عن أبي‏البختري؛ العمدة: 256/398 عن حارثة بن مضرب نحوه وراجع فضائل الصحابة لابن حنبل: 2/581/984 والمستدرك على الصحيحين: 3/146/4658 والطبقات الكبرى: 2/337 وتاريخ الإسلام للذهبي: 2/691.
                  32) السيرة النبويّة لابن هشام: 4/290 وراجع الإرشاد: 1/159.
                  33) كُشَر - بوزن زُفَر: من نواحي صنعاء اليمن (معجم البلدان: 4/462).
                  34) الإتاوة: الخراج (النهاية: 1/22).
                  35) الإرشاد: 1/159.

                  تعليق


                  • #39
                    أدعية النبيّ للإمام




                    اللهمّ اجعل لي وزيراً من أهلي عليّاً أخي

                    رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) : اللهمّ أقول كما قال أخي موسى: اللهمّ اجعل لي وزيراً من أهلي، عليّ(1) أخي، اشدد به أزري، وأشركه في أمري، كي نسبّحك كثيراً، ونذكرك كثيراً، إنّك كنت بنا بصيراً(2).

                    الإمام الباقر(عليه السلام) : لمّا نزلت: وَاجْعَل لِّى وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِى* هَرُونَ أَخِى* اشْدُدْ بِهِ‏ أَزْرِى(3) كان رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) على جبل، ثمّ دعا ربّه وقال: اللهمّ اشدد أزري بأخي عليّ، فأجابه إلى ذلك(4).

                    رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) : إنّي أسألك يا سيّدي وإلهي أن تجعل لي من أهلي وزيراً، تشدّ به عضدي، فاجعل لي عليّاً وزيراً وأخاً، واجعل الشجاعة في قلبه، وألبسه الهيبة على عدوّه‏ (5).



                    1) كذا في المصدر، وفي نسخة في هامش المصدر «عليّاً».
                    2) فضائل الصحابة لابن حنبل: 2/678/1158، تاريخ دمشق: 42/52 نحوه، شواهد التنزيل: 1/479/511، الرياض النضرة: 3/118؛ كنز الفوائد: 1/296 نحوه، شرح الأخبار: 1/191/151 كلّها عن أسماء بنت عميس.
                    3) طه: 31-29.
                    4) الدرّ المنثور: 5/566 نقلاً عن السلفي في الطيوريات.
                    5) ينابيع المودّة: 1/197/28؛ الأمالي للصدوق: 73/42 نحوه، حلية الأبرار: 2/439/4 كلّها عن جابر بن عبداللَّه الأنصاري.

                    تعليق


                    • #40
                      ثلاثة عظماء مسيحيون مجدوا الامام علي (ع)


                      الاديب المعروف والكاتب المشهور جبران خليل جبران قال في حق الامام علي (ع) :
                      ( في عقيدتي ان ابن ابي طالب كان اول عربي لازم الروح الكلية وجاورها وسامرها وهو اول عربي تناولت شفتاه صدى اغانيها فرددها على جمع قوم لم يسمعوا مثلها من ذي قبل . فتاهوا بين مناهج بلاغته وظلمات ماضيهم فمن اعجب بها كان اعجابه بالفطرة ومن خاصمه كان من ابناء الجاهلية . مات علي بن ابي طالب شهيد عظمته ، مات والصلاة بين شفتيه ، مات والشوق الى ربه ، مات ولم يعرف العرب حقيقة مقامه ) .


                      اما الكاتب الكبير والاديب اللامع ميخائيل نعيمة فقد قال :
                      ( ان التاريخ لم يعرف رجلين ترافقا في طريق النور والخير مثل ترافق النبي محمد (ص) وابن عمه علي بن ابي طالب (ع) وان عليا كان لفرط مافيه من رهافة الحس بالجمال ومن الشوق الى النور يبصر الجمال قبل ان يسفر الجمال عن وجهه ) .


                      اما الكاتب اللبناني سليمان كتاني فقال :
                      ( ان علي بن ابي طالب اتى الدنيا وكانه اتى بها ولما اتت عليه بقى وكانه اتى عليها . العفة والصدقة ريشتان ناعمتان كان لهما من القوة لديه زنديه الترس والزهد والجود جناحان رهيفان افاء عليهما من ظله فاذا هما بعيني المدى يتباعدان ثم لديه يلتقيان فاذا الزهد في الدنيا جود بها واذا الجود بالزهد اكتماله والنفوس والايمان شعوران صحيحان ومنبعان صافيان غارا في جنانه ) .




                      تحياتي

                      سهم غرامك اصابي قلبي .... فبكى القلب دماً لفراقك
                      ياعلي من غيرك على قلبي ... ملكا متوجا بتاج جراحك
                      اسمك منقوشٌ في قلبِ ... كل شيعي سكنته فصار دارك

                      تعليق


                      • #41
                        الحدث الفريد .... والولادة المعجزة



                        لم يكن اليوم الثالث عشر من رجب لثلاثين عاما بعد واقعة الفيل يوما كباقي الايام حيث شاء الله لهذا اليوم ان يكون فيه حدث ومنزلة الا وهو ولادة من يكون سندا وناصرا لرسالة مهد لها 124 الف نبي وقطب رحاهها فتكون خاتمة الرسالات وغاية الخليقة وهي عبادة الله الحقة .. امراة جليلة من بيت شرف وكرم حاملة بجنين جاءت تطوف في البيت سائلة بحرمة هذا البيت ان يسهل عليها ولادتها ويكون طفلها من ابناء السلامة ، ولم تتصور هذه المرأة ان الذي تحمله هو حجة الله في ارضه وخليفة رسوله والمقوي لاركان دينه ... لقد شاء الله لهذا الوليد ان تكون ولادته معجزة وفريدة في نوعها ..
                        وما ان طافت فاطمة بنت اسد حول البيت ووقفت تبتهل الى الله حتى كانت تلك الحادثة التي لم تتكرر غير تلك اللحظة . فقد انشق جدار البيت وكانه يومئ اليها ان ادخلي فدخلت وكما يروي ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) يقول : دخلت فاطمة بعد ان انشق لها جدار وسط ذهول وصدمة من حضر من القرشيين وعاد جدار البيت فاسرعوا الى زوجها ابو طالب واخبروه فجاء ومعه عدة من بني هاشم وكلما حاولوا فتح باب الكعبة لايصال الغذاء لها او لمعرفة ماجرى عليها فلم يستطيعوا وبقيت في حرم الله وتشرفت بخدمتها نساء الجنة حتى كانت الليلة الثالثة واذا بالجدار ينشق فتخرج فاطمة وهي تحمل علي بن ابي طالب (ع) امام دهشة من حضر .


                        (ولدته في حرم الاله وقدسه .... والبيت حيث فناءه والمسجد)
                        (بيضاء طاهرة نقية ... طابت وطاب وليدها والمولد)


                        وقال عبد الباقي العمري
                        ( انت العلي الذي فوق العلا رفيعا ... ببطن مكة وسط البيت اذ وضعا)


                        فكانت تلك بدايته ويكفيه فخرا ان انفرد بها حيث لم يشاركه احد قبله ولا بعده .

                        وانتقل عليه السلام من حجر الله الى حجر رسوله (ص) ونشا فيه وتأدب بادابه وتربى بتربيته وذلك انه لما ولد احبه رسول الله (ص) حبا جما وقال لامه اجعلي مهده بقرب فراشي وكان يوليه اكثر اهتمامه ويحمله على صدره ويقول هو اخي ووليي وناصري وذخيرتي وظهري وزوج كريمتي وكان يحمله دائما ويطوف به جبال مكة وشعابها ولما بلغ علي سن التمييز اصاب اهل مكة جذب شديد فاخذ النبي (ص) عليا من ابيه واخذ حمزة جعفرا واخذ العباس طالبا ليخففوا عن ابي طالب وابقى ابو طالب عقيلا عنده فقال رسول الله (ص) اخترت من اختار الله لي ، قال عبدالباقي العمري (ربيب طه حبيب الله انت ومن كان المربي له طه) فلم يزل علي (ع) مع النبي حتى بعثه الله بالنبوة فكان اول من امن به واتبعه وصدقه .
                        بعث النبي (ص) يوم الاثنين واسلم علي (ع) يوم الثلاثاء وكان عمره يوم اسلم عشر سنين واقام مع النبي (ص) بعد البعثة ثلاثة وعشرين سنة يكافح عنه المشركين ويجاهد دون الكافرين ويقيه بنفسه من اعدائه في الدين وهو ابن ثلاث وعشرين . وزوجه ابنته فاطمة .
                        كانت فاطمة كالشمس تخرج من تحت السحاب وكان علي كالاسد يغلظ من اعضائه ما استغلظ ويدق منها مااستدق ، كانت فاطمة اشبه الناس برسول الله (ص) خلقا وخُلقا ومنطقا وكان علي باب مدينة علم النبي .
                        نشات فاطمة في بيت محمد وكذا علي نشأ وتربى في داره وحجره وكانت (فاطمة بنت اسد) كالام للنبي وكذا خديجة كالام لعلي وهي في الوقت نفسه ام لفاطمة . جاء في كتاب ذخائر العقبى للمحب الطبري ص 30 هو ان كبار الصحابة خطبوا فاطمة فاجابهم النبي ان القضاء لم ينزل بعد وحين خطبها علي قال النبي اهلا ومرحبا ياعلي هذا جبريل يخبرني ان الله زوجك فاطمة في السماء . وقال عبد البرخي الاستيعاب وهو يترجم لعلي : ان السول قال لها زوجتك سيدا في الدنيا والاخرة ... وان الحديث عن شجاعته كما الحديث عن نور الشمس فبأي لفظ او ريشة يعبر عن شجاعته وقد قال الروح الامين (لافتى الا علي ولاسيف الا ذو الفقار) وقال هو عن نفسه (لو تظاهرت العرب على قتالي ماوليت مدبرا وان اكرم الموت هو القتل والذي نفس ابن ابي طالب بيده لالف ضربة سيف في سبيل الله اهون من ميتة على فراش) ولقد اعطاه الله منيته ، قبض عليه السلام سنة اربعين للهجرة في الجمعة مثلما بدأ قتيلا شهيدا في محرابه بسيف الملعون عبدالرحمن بن ملجم المرادي في المسجدالاعظم بالكوفة وهو ساجدا لربه وقد جاء الى الصلاة ليلة التاسع عشر من رمضان .
                        فشاء الله ان تكون بدايته في حرم الاله ونهايته بمحرابه في حرم الاله ايضا بعد ان قضى حياته مكدودا في ذات الله .

                        علي بدا وسط بيت الحرام ...... وفي مسجد كان فص الختام


                        فسلام عليك ابا الحسن يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا
                        .





                        المصدر : مجلة الكوثر العراقية


                        تحياتي

                        تعليق


                        • #42
                          مأجورة اختي الكريمة سندس حبيب واجرك على امير المؤمنين عليه السلام

                          اللهمّ املأ قلبه علماً وفهماً وحكماً ونوراً

                          الإمام عليّ(عليه السلام) : كنت أدخل على رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) ليلاً ونهاراً، وكنت إذا سألته أجابني، وإن سكتّ ابتدأني. وما نزلت عليه آية إلّا قرأتها وعلمت تفسيرها وتأويلها. ودعا اللَّه لي أن لا أنسى شيئاً علّمني إيّاه، فما نسيته؛ من حرام ولا حلال، وأمر ونهي، وطاعة ومعصية. ولقد وضع يده على صدري وقال: اللهمّ املأ قلبه علماً وفهماً وحكماً ونوراً. ثمّ قال لي: أخبرني ربّي عزّوجلّ أنّه قد استجاب لي فيك.

                          عنه(عليه السلام) : كان رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) ... يضع يده على صدري، ثمّ يقول: اللهمّ املأ قلبه علماً وفهماً ونوراً وحلماً وحكماً وإيماناً، وعلّمه ولا تُجهّله، واحفظه ولا تُنسِه.
                          262 - رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) : إنّ اللَّه تعالى عهد إليّ عهداً في عليّ، فقلت: يا ربّ بيّنه لي. فقال: اسمع. فقلت: سمعت. فقال: إنّ عليّاً راية الهدى... قلت: اللهمّ اجلِ قلبه، واجعل ربيعه الإيمان. فقال اللَّه: قد فعلت به ذلك.

                          تاريخ دمشق: 42/386/8993. راجع: القسم الحادي عشر/التعلّم في مدرسة النبيّ‏/ساعة خاصّة لتعليمه.
                          الاعتقادات: 121/45 عن سليم بن قيس وراجع كتاب سليم بن قيس: 2/625.
                          حلية الأولياء: 1/66، شرح نهج‏البلاغة: 9/167، المناقب لابن المغازلي: 46/69 كلّها عن أبي‏برزة وراجع المناقب للخوارزمي: 303/299 والأمالي للطوسي: 343/705 والتحصين لابن طاووس: 542 والمناقب للكوفي: 1/410/326.

                          تعليق


                          • #43
                            اللهمّ اهدِ قلبه وثبّت لسانه


                            الإمام عليّ(عليه السلام) : بعثني رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) إلى اليمن، فقلت: يا رسول‏اللَّه، تبعثني وأنا شابّ أقضي بينهم ولا أدري ما القضاء!! فضرب بيده في صدري، ثمّ قال: اللهمّ اهدِ قلبه، وثبّت لسانه. فما شككت بعدُ في قضاء بين اثنين.

                            تاريخ بغداد عن عمر بن عليّ عن أبيه عليّ بن أبي‏طالب(عليه السلام) : دعاني رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) ليستعملني على اليمن، فقلت له: يا رسول‏اللَّه، إنّي شابّ حدِث السنّ، ولا علم لي بالقضاء!! فضرب رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) في صدري مرّتين - أو قال: ثلاثاً - وهو يقول: اللهمّ اهدِ قلبه، وثبّت لسانه. فكأنّما كلّ علم عندي، وحُشي قلبي علماً وفقهاً، فما شككت في قضاء بين اثنين.

                            المستدرك على الصحيحين عن ابن عبّاس: بعث النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) إلى اليمن عليّاً فقال: علّمهم الشرائع، واقضِ بينهم. قال: لا علم لي بالقضاء! فدفع في صدره فقال: اللهمّ اهدِه للقضاء .

                            الإمام عليّ(عليه السلام) : دعا لي النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) فقال: اللهمّ اهدِ قلبه، واشرح صدره، وثبّت لسانه، وقِهِ الحرّ والبرد.

                            سنن ابن ماجة: 2/774/2310، فضائل الصحابة لابن حنبل: 2/580/984، الطبقات الكبرى: 2/337، المصنّف لابن أبي‏شيبة: 7/495/5، خصائص أميرالمؤمنين للنسائي: 94/34 وفيهما «وسدّد» بدل «وثبّت»، أنساب الأشراف: 2/352، اُسد الغابة: 4/95/3789 والأربعة الأخيرة نحوه، المناقب للخوارزمي: 83/71؛ إعلام الورى: 1/258 كلّها عن أبي‏البختري، الإرشاد: 1/194، مسند زيد: 294 كلاهما نحوه وزاد فيه «ولقّنه الصواب وثبّته بالقول الثابت»، بحارالأنوار: 40/244.
                            تاريخ بغداد: 12/444/6916، تاريخ دمشق: 42/389/9002، كنز العمّال: 13/150/36467.
                            المستدرك على الصحيحين: 4/99/7003، كنز العمّال: 13/523/13801؛ المناقب للكوفي: 2/13/502 عن عبدالرحمن بن أبي‏ليلى نحوه.
                            عيون أخبار الرضا: 2/60/240 عن الحسن بن عبداللَّه بن محمّد بن العبّاس الرازي عن الإمام الرضا عن آبائه(عليهم السلام).

                            تعليق


                            • #44
                              اللهمّ أدِر الحقّ معه حيث دار


                              رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) : رحم اللَّه عليّاً، اللهمّ أدِر الحقّ معه حيثُ دار
                              عنه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) : اللهمّ أدِر الحقّ مع عليّ حيثما دار

                              سنن الترمذي: 5/633/3714، المستدرك على الصحيحين: 3/135/4629، المعجم الأوسط: 6/95/5906، مسند أبي‏يعلى: 1/280/546، تاريخ دمشق: 42/448/9022 وح‏9023، المحاسن والمساوئ: 41، المناقب للخوارزمي: 104/107؛ كشف الغمّة: 1/147 كلّها عن أبي‏حيّان التيمي عن أبيه عن الإمام عليّ(عليه السلام)، الطرائف: 102/149، نهج‏الحقّ: 224/24، بحارالأنوار: 38/38/14.


                              الجمل: 81، العمدة: 285؛ تفسير الفخر الرازي: 1/210.

                              تعليق


                              • #45
                                اللهمّ والِ من والاه وعادِ من عاداه


                                - رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) : من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه

                                عنه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) : هذا وليّ من أنا مولاه، اللهمّ والِ من والاه، اللهمّ عادِ من عاداه.

                                عنه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) - يوم غدير خمّ: اللهمّ من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، وأعِن من أعانه.

                                عنه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) - في حجّة الوداع: من يكن اللَّه ورسوله مولياه فإنّ هذا مولاه، اللهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، اللهمّ من أحبّه من الناس فكُن له حبيباً، ومن أبغضه فكُن له مبغضاً .

                                تاريخ دمشق عن عمرو ذومرّ وسعيد بن وهب وعن زيد بن يثيع: سمعنا عليّاً يقول في الرحبة: أنشد اللَّه من سمع النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) يقول يوم غدير خمّ ما قال إلّا قام، فقام ثلاثة عشر، فشهدوا أنّ رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) قال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يارسول‏اللَّه، فأخذ بيد عليّ فقال: من كنت مولاه فهذا مولاه، اللهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وأحبّ من أحبّ، وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله

                                رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) : عادى اللَّه من عادى عليّاً

                                عنه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) : من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وأعن من أعانه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، واخذل عدوّه وكن له ولولده، واخلفه فيهم بخير، وبارك لهم فيما تعطيهم، وأيّدهم بروح القدس، واحفظهم حيث توجّهوا من الأرض، واجعل الإمامة فيهم، واشكر من أطاعهم، وأهلك من عصاهم، إنّك قريب مجيب.

                                مسند ابن حنبل: 6/401/18506 عن البراء بن عازب وج 7/82/19321 عن أبي‏الطفيل وص‏86 / 19344 وص 87 / 19347 وج 9 / 51 / 23204، فضائل الصحابة لابن حنبل : 2/597/1017، المستدرك على الصحيحين: 3/118/4576 كلاهما نحوه وكلّها عن زيد بن أرقم وص 126/4601 عن سعد بن مالك وص 419/5594 عن إياس الضبّي عن أبيه، صحيح ابن حبّان: 15/376/6931 عن أبي‏الطفيل، المصنّف لابن أبي‏شيبة: 7/499/28 عن زيد بن يثيع وح‏29 عن أبي‏يزيد الأودي عن أبيه، خصائص أميرالمؤمنين للنسائي: 150/79 عن زيد بن أرقم وص 177/96 عن سعد وكلاهما نحوه، تاريخ دمشق: 42/206/8682 عن عبدالرحمن بن أبي‏ليلى؛ الكافي: 1/294 وص 295/3 عن عبدالحميد بن أبي‏الديلم عن الإمام الصادق(عليه السلام) ‏عنه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) وج 8/27 /4 عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر(عليه السلام) عنه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) ، تهذيب الأحكام: 3/263/746 عن حسّان الجمّال عن الإمام الصادق‏(عليه السلام) ‏عنه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) .
                                سنن ابن ماجة: 1/43/116، فضائل الصحابة لابن حنبل: 2/610/1042؛ المناقب لابن شهرآشوب: 3/35 وفيهما «مولى» بدل «وليّ» وكلّها عن البراء بن عازب وراجع المناقب للكوفي: 1/442/343.
                                المعجم الكبير: 4/17/3514 عن حبشي بن جنادة وج 5/171/4985 وص 204/5097 كلاهما عن زيد بن أرقم وليس فيهما ذيله.
                                المعجم الكبير: 2/357/2505 عن جرير، كنز العمّال: 11/609/32948.
                                الرُّحبَة: قرية بحذاء القادسيّة على مرحلة من الكوفة، ورحبة خنيس: محلّة بالكوفة، والرُّحبة: الفضاء بين أبنية البيوت، أو المسجد (معجم البلدان: 3/33).
                                تاريخ دمشق: 42/209/8687 وص 210/8688 نحوه؛ الأمالي للطوسي: 255/459 وفيه عن زيد بن نفيع.
                                اُسد الغابة: 2/238/1589، الإصابة: 2/373/2560، كنزالعمّال: 11/601/32899 كلّها عن رافع مولى عائشة؛ الفصول المختارة: 245 وفيه «عادى اللَّه من عاداك».
                                عيون أخبار الرضا: 2/59/227 عن الحسن بن عبداللَّه بن محمّد بن العبّاس الرازي عن الإمام الرضا عن آبائه(عليهم السلام).

                                تعليق

                                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                                حفظ-تلقائي
                                x

                                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                                صورة التسجيل تحديث الصورة

                                اقرأ في منتديات يا حسين

                                تقليص

                                لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                                يعمل...
                                X