احسنتم
سيدناالمبرقع الموسوي
والفاضلjaber
أخفقت المؤامرة الكبرى التي تآزر عليها المشركون واليهود في غزوة الخندق، ونكث بنو قريظة حلفهم الذي كان قد عقدوه مع المسلمين على عدم التعرّض لهم، ومالؤوا المشركين ضدّ النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) (1)، فعزم(صلى اللّه عليه وآله وسلم) في غد ذلك اليوم الذي فرّ فيه المشركون على اقتحام حصن بني قريظة، وهو آخر وكر فسادٍ لليهود قرب المدينة(2). وبعد أن صلّى(صلى اللّه عليه وآله وسلم) صلاة الظهر، أصدر أمره بالتعبئة العسكريّة، وأخبر المسلمين بإقامة صلاة العصر في حيّ «بني قريظة»(3).
وتجلّت شخصيّة الإمام(عليه السلام) في هذا التحرّك أيضاً، وكان دوره فيه لافتاً للنظر لاُمور:
1 - كانت راية الإسلام الخفّاقة بيده المقتدرة(4).
2 - كان آمراً على مقدّمة الجيش(5).
3 - كان بنو قريظة قد تسامعوا به، ولمّا رأوه، قالوا: جاء قاتل عمرو بن عبدودّ. يقول ابن هشام: نزل بنو قريظة على حكم سعد بن معاذ؛ لأنّ عليّ بن أبيطالب قال: «واللَّه لأذوقنّ ما ذاق حمزة أو لأفتحنّ حصنهم»(6).4 - رضي اليهود بحكم سعد بن معاذ فيهم؛ إذ كانوا يظنّون أنّه سيحكم لهم بسبب الأواصر القديمة التي كانت تربطهم به، لكنّه حكم بقتل رجالهم، ومصادرة أموالهم، وسبي ذراريهم(7).
179 - الإرشاد: لمّا انهزم الأحزاب وولّوا عن المسلمين الدبُر، عَمِل رسولاللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) على قصد بني قُرَيظة، وأنفذ أميرالمؤمنين عليّ بن أبيطالب(عليه السلام) إليهم في ثلاثين من الخَزرج، فقال له: اُنظر بني قُرَيظة هل تركوا حصونهم!
فلمّا شارف سورهم سمع منهم الهُجْر(8)، فرجع إلى النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) فأخبره، فقال: دعهم، فإنّ اللَّه سيُمكّن منهم، إنّ الذي أمكنك من عمرو بن عبدودّ لا يخذلك، فقفْ حتى يجتمع الناس إليك، وأبشرْ بنصر اللَّه؛ فإنّ اللَّه قد نصرني بالرعب بين يديّ مسيرة شهر.
قال عليّ(عليه السلام) : فاجتمع الناس إليّ، وسرت حتى دنوت من سورهم، فأشرفوا عليَّ، فحين رأوني صاح صائح منهم: قد جاءكم قاتل عمرو، وقال آخر: قد أقبل إليكم قاتل عمرو، وجعل بعضهم يصيح ببعض ويقولون ذلك، وألقى اللَّه في قلوبهم الرعب، وسمعت راجزاً يرجز:
قَتَل عليٌّ عَمْرا
صاد عليٌّ صَقْرا
قَصَم عليٌّ ظَهْرا
أبرَم عليٌّ أمْرا
هَتَك عليٌّ سِتْرا
فقلت: الحمد للَّه الذي أظهر الإسلام وقمع الشرك. وكان النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) قال لي حين توجّهت إلى بني قُرَيظة: سِرْ على بركة اللَّه؛ فإنّ اللَّه قد وعدك أرضهم وديارهم. فسِرت مستيقناً لنصر اللَّه عزّوجلّ حتى رَكزت الراية في أصل الحصن(9).
180 - السيرة النبويّة - في ذكر نزول بني قُرَيظة على حكم سعد بن معاذ -: إنّ عليّ بن أبيطالب صاح وهم محاصرو بني قريظة: يا كتيبة الإيمان. وتقدّم هو والزبير بن العوّام وقال: واللَّه لأذوقنّ ما ذاق حمزة أو لأفتحنّ حصنهم؛ فقالوا: يا محمّد، ننزل على حكم سعد بن معاذ(10).
1) تاريخ الطبري: 2/571، المغازي: 2/455، تاريخ الإسلام للذهبي: 2/287، السيرة النبويّة لابن هشام: 3/231، الكامل في التاريخ: 1/569؛ تاريخ اليعقوبي: 2/52.
2) تاريخ الطبري: 2/581 وص 583، السيرة النبويّة لابن هشام: 3/244، المغازي: 2/497، تاريخ الإسلام للذهبي: 2/307 وص 309، الكامل في التاريخ: 1/573.
3) تاريخ الطبري: 2/581، السيرة النبويّة لابن هشام: 3/245، تاريخ الإسلام للذهبي: 2/308.
4) الطبقات الكبرى: 2/74، تاريخ الطبري: 2/582، تاريخ الإسلام للذهبي: 2/311، السيرة النبويّة لابن هشام: 3/245، الكامل في التاريخ: 1/573؛ تاريخ اليعقوبي: 2/52.
5) تاريخ الطبري: 2/582، السيرة النبويّة لابن هشام: 3/245، المغازي: 2/499، تاريخ الإسلام للذهبي: 2/311، الكامل في التاريخ: 1/573؛ الإرشاد: 1/109.
6) السيرة النبويّة لابن هشام: 3/251؛ الإرشاد: 1/109.
7) الإرشاد: 1/111.
8) هو الخَنا والقبيحُ من القول (النهاية: 5/245).
9) الإرشاد: 1/109، كشف اليقين: 158/170، بحارالأنوار: 2/262/19.
10) السيرة النبويّة لابن هشام: 3/251، البداية والنهاية: 4/122.
وممّا تجدر الإشارة إليه هنا هو إنّهم إنّما رضوا بحكم سعد بن معاذ رجاء العفو عنهم؛ وذلك لوجود مودّة قديمة بينه وبينهم من قبل الإسلام، ولكنّ سعداً حكم بقتل الرجال وسبي النساء وغنيمة الأموال.
سيدناالمبرقع الموسوي
والفاضلjaber
غزوة بني قُرَيظة
أخفقت المؤامرة الكبرى التي تآزر عليها المشركون واليهود في غزوة الخندق، ونكث بنو قريظة حلفهم الذي كان قد عقدوه مع المسلمين على عدم التعرّض لهم، ومالؤوا المشركين ضدّ النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) (1)، فعزم(صلى اللّه عليه وآله وسلم) في غد ذلك اليوم الذي فرّ فيه المشركون على اقتحام حصن بني قريظة، وهو آخر وكر فسادٍ لليهود قرب المدينة(2). وبعد أن صلّى(صلى اللّه عليه وآله وسلم) صلاة الظهر، أصدر أمره بالتعبئة العسكريّة، وأخبر المسلمين بإقامة صلاة العصر في حيّ «بني قريظة»(3).
وتجلّت شخصيّة الإمام(عليه السلام) في هذا التحرّك أيضاً، وكان دوره فيه لافتاً للنظر لاُمور:
1 - كانت راية الإسلام الخفّاقة بيده المقتدرة(4).
2 - كان آمراً على مقدّمة الجيش(5).
3 - كان بنو قريظة قد تسامعوا به، ولمّا رأوه، قالوا: جاء قاتل عمرو بن عبدودّ. يقول ابن هشام: نزل بنو قريظة على حكم سعد بن معاذ؛ لأنّ عليّ بن أبيطالب قال: «واللَّه لأذوقنّ ما ذاق حمزة أو لأفتحنّ حصنهم»(6).4 - رضي اليهود بحكم سعد بن معاذ فيهم؛ إذ كانوا يظنّون أنّه سيحكم لهم بسبب الأواصر القديمة التي كانت تربطهم به، لكنّه حكم بقتل رجالهم، ومصادرة أموالهم، وسبي ذراريهم(7).
179 - الإرشاد: لمّا انهزم الأحزاب وولّوا عن المسلمين الدبُر، عَمِل رسولاللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) على قصد بني قُرَيظة، وأنفذ أميرالمؤمنين عليّ بن أبيطالب(عليه السلام) إليهم في ثلاثين من الخَزرج، فقال له: اُنظر بني قُرَيظة هل تركوا حصونهم!
فلمّا شارف سورهم سمع منهم الهُجْر(8)، فرجع إلى النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) فأخبره، فقال: دعهم، فإنّ اللَّه سيُمكّن منهم، إنّ الذي أمكنك من عمرو بن عبدودّ لا يخذلك، فقفْ حتى يجتمع الناس إليك، وأبشرْ بنصر اللَّه؛ فإنّ اللَّه قد نصرني بالرعب بين يديّ مسيرة شهر.
قال عليّ(عليه السلام) : فاجتمع الناس إليّ، وسرت حتى دنوت من سورهم، فأشرفوا عليَّ، فحين رأوني صاح صائح منهم: قد جاءكم قاتل عمرو، وقال آخر: قد أقبل إليكم قاتل عمرو، وجعل بعضهم يصيح ببعض ويقولون ذلك، وألقى اللَّه في قلوبهم الرعب، وسمعت راجزاً يرجز:
قَتَل عليٌّ عَمْرا
صاد عليٌّ صَقْرا
قَصَم عليٌّ ظَهْرا
أبرَم عليٌّ أمْرا
هَتَك عليٌّ سِتْرا
فقلت: الحمد للَّه الذي أظهر الإسلام وقمع الشرك. وكان النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) قال لي حين توجّهت إلى بني قُرَيظة: سِرْ على بركة اللَّه؛ فإنّ اللَّه قد وعدك أرضهم وديارهم. فسِرت مستيقناً لنصر اللَّه عزّوجلّ حتى رَكزت الراية في أصل الحصن(9).
180 - السيرة النبويّة - في ذكر نزول بني قُرَيظة على حكم سعد بن معاذ -: إنّ عليّ بن أبيطالب صاح وهم محاصرو بني قريظة: يا كتيبة الإيمان. وتقدّم هو والزبير بن العوّام وقال: واللَّه لأذوقنّ ما ذاق حمزة أو لأفتحنّ حصنهم؛ فقالوا: يا محمّد، ننزل على حكم سعد بن معاذ(10).
1) تاريخ الطبري: 2/571، المغازي: 2/455، تاريخ الإسلام للذهبي: 2/287، السيرة النبويّة لابن هشام: 3/231، الكامل في التاريخ: 1/569؛ تاريخ اليعقوبي: 2/52.
2) تاريخ الطبري: 2/581 وص 583، السيرة النبويّة لابن هشام: 3/244، المغازي: 2/497، تاريخ الإسلام للذهبي: 2/307 وص 309، الكامل في التاريخ: 1/573.
3) تاريخ الطبري: 2/581، السيرة النبويّة لابن هشام: 3/245، تاريخ الإسلام للذهبي: 2/308.
4) الطبقات الكبرى: 2/74، تاريخ الطبري: 2/582، تاريخ الإسلام للذهبي: 2/311، السيرة النبويّة لابن هشام: 3/245، الكامل في التاريخ: 1/573؛ تاريخ اليعقوبي: 2/52.
5) تاريخ الطبري: 2/582، السيرة النبويّة لابن هشام: 3/245، المغازي: 2/499، تاريخ الإسلام للذهبي: 2/311، الكامل في التاريخ: 1/573؛ الإرشاد: 1/109.
6) السيرة النبويّة لابن هشام: 3/251؛ الإرشاد: 1/109.
7) الإرشاد: 1/111.
8) هو الخَنا والقبيحُ من القول (النهاية: 5/245).
9) الإرشاد: 1/109، كشف اليقين: 158/170، بحارالأنوار: 2/262/19.
10) السيرة النبويّة لابن هشام: 3/251، البداية والنهاية: 4/122.
وممّا تجدر الإشارة إليه هنا هو إنّهم إنّما رضوا بحكم سعد بن معاذ رجاء العفو عنهم؛ وذلك لوجود مودّة قديمة بينه وبينهم من قبل الإسلام، ولكنّ سعداً حكم بقتل الرجال وسبي النساء وغنيمة الأموال.
تعليق