إن شاء الله نواصل الاجابة عن الكثير من الشبهات
X
-
سؤال\ لقد اصدر موخرا فتوي الجديده العجيبه من اعداء الشعائر الحسينيه-من عوام الناس-حول تحريم التطبير،و هم يستندون-بزعمهم-الي الادله السبعه:
1)لا يصدق عنوان الجزع علي التطبير
2)عرف المتشرعه لا يقبل هذا العمل!
3)العقلاء لا يقبلون التطبير!
4)صدور حکم من قبل ولي الفقيه!في تحريم هذه الشعيره،و حکمه نافذ علي الجميع،و ان کانوا غير مقلديه،وحتي المراجع العظام،و ان لم يعتقدوا بولايه الفقيه المطلقه!!
5)التطبير خرافه و يوجب وهنا لمذهب الشيعه!!
6)لا يوجد نصا من قبل الشارع علي التطبير!
7)التطبير اضرار بالنفس و لهذا هو في نفسه عمل حرام!!
مولانا،ما هو ردکم علي هذه الادعاء السخيفه الضعيفه؟؟
الجواب\ هذه الأدلة واهية ولا يتشدق بها إلا من جهل مباني الفقه، وإنّا نعجب من أمثال هؤلاء الجهلة في هذا الزمان كيف أنهم يتجرأون كل هذه الجرأة على أحكام الله تعالى بالفتيا فيحللون ويحرمون كيفما شاءوا بلا علم ولا فقه، ويتبعهم في ذلك السذج ومرضى القلوب، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وإليك الجواب عما سألت:
(1) إن معنى الجزع هو نقيض الصبر، وكلٌ من الجزع والصبر عام يشمل أفراد، فما لم يكن من الأول كان من الثاني، وما لم يكن من الثاني كان من الأول، بلحاظ المناقضة. فإن زُعم أن التطبير ليس من الجزع؛ وجب أن يكون من الصبر! ولا عاقل يقول بهذا لوضوح أنه ليس من الصبر عقلا وعرفا ولا يصدق عنوان الصبر عليه البتة، فلا مفرّ من أن يكون من الجزع فيصدق عنوانه عليه، ويكون تاليا مشمولا بقاعدة أن كل الجزع مكروه ما خلا الجزع على الحسين الشهيد صلوات الله عليه، فتثبت مطلوبيته.
(2) هذا ادعاء ينقصه الدليل، فإن عرف المتشرعة يقبل التطبير بدلالة مشاركتهم فيه قديما وحديثا، وحسبك دليلا مشاركة الفضلاء والمجتهدين كل عام كما هو المشاهَد والمعايَن، فكيف يُدّعى أن عرف المتشرعة لا يقبله؟! على أننا حتى لو لم نجد المتشرعة يشاركون فيه لما كان ذلك كافيا لادعاء عدم قبولهم به، إذ يكفي سكوتهم عنه لتثبيت أصل الإباحة ما لم يصدر منهم الإنكار، وغير خفي أنه لم يصدر من أحد منهم إنكار لا قديما ولا حديثا، إلا ممن لا يُحسب أصلا من المتشرعة لعدم أهليته.
(3) وهذه أكثر تهافتا من سابقتها! إذ لكي يثبت أن فعلا ما يقبله العقلاء أو يرفضونه فلا بد من أن يجتمع العقلاء على قبوله أو رفضه، وهذا هو معنى بناء العقلاء في علم الأصول، واعتباره إنما يكون حين يتحقق اجتماعهم الكاشف عن موافقة ذلك الفعل أو مناقضته للشرع باعتبار حجية العقل، لا أنه تقبله فئة منهم وترفضه أخرى، فذلك لا يعدّ من بناء العقلاء ويكون خارجا عنه لظهور الاختلاف الكاشف عن أن المسألة اجتهادية أو حتى ذوقية. وفي مسألة التطبير لا إجماع منهم على رفضه فلا يمكن الادعاء بأنه مناقض لبناء العقلاء! وتكون المسألة إذ ذاك خارجة عن هذا الإطار، بل نتحدى أن يُؤتى حقا بعاقل يملك فهما وعلما يرفض التطبير فإنّا لا نجد غير الجبناء والمنهزمين وضعاف النفوس والممالئين للنواصب يشنعون على شعيرة التطبير المقدسة! وهؤلاء إنما يرفضونه لتأثير هذه العناصر النفسية عليهم لا أنهم يرفضونه لتأثير عقولهم، فيسقط الادعاء كلية.
(4) لا تثبت ولاية الفقيه إلا على مقلديه، وفي الموضوعات العامة لا بد لإمضاء الحكم العام من صدوره من شورى الفقهاء المراجع، إذ ليس في الأدلة ما يرجّح حكم الواحد من النواب العامين على الآخر ما دام الاختلاف في تحديد مسألة الأعلمية والأعدلية متحققا، فيكون الجميع على التساوي في اعتبار ما يصدر منهم من الفتاوى والأحكام ويُرجع في الموضوعات العامة حينذاك إلى قاعدة الشورى للترجيح ولتثبيت الرأي الغالب المتحصل من المشاورة فيكون المخالف له مشمولا بالنهي عن خرق الجماعة ومن هذه الجهة يتحقق إلزامه. ومسألة التطبير ليست من الموضوعات العامة بل هي حكم تكليفي استحبابي هذا أولا؛ وأما ثانيا فلم يصدر حكم فيها من شورى الفقهاء المراجع، وأما ثالثا فمن صدر منه التحريم ليست له الولاية حتى على مقلديه لأنه فاقد لشروط الفقاهة والاجتهاد، وبذا يسقط المدّعى.
(5) بل هو حقيقة مارسها أنبياء الله العظام كإبراهيم وموسى (عليهما السلام) إذ ورد في الأخبار أن الله تعالى قد أسال منهما الدم حين مرورهما بأرض كربلاء موافقة ومواساة لدم الحسين عليه السلام، فشج رأس الأول وجرح رجل الثاني، وقد مارسها رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعنوان حجامة الرأس وأسماها ”المنقذة“ أي المنقذة من الأمراض، ومارستها زينب (صلوات الله عليها) حين ضربت رأسها بمقدم المحمل، ويُستفاد استحبابها من نصوص شتى وردت عن المعصومين (صلوات الله عليهم) وتُشعر بمطلوبية إسالة الدم مواساة للسبط الشهيد (أرواحنا فداه) كقوله عليه السلام: ”أقرح جفوننا“. فكيف يُزعم بعد هذا أنها خرافة؟! وأما ادعاء أن التطبير موهن للمذهب فادعاء يناقضه الواقع، فها نحن نعيش في الغرب وفي أكثر بقاعه تحضرا ومدنية، ونمارس التطبير كل سنة بحمد الله تعالى، ويشاهدنا الغربيون بلا استهجان بل يبدون انبهارهم وتأثرهم، وقد سبق لنا أن أجبنا على سؤال من هذا النوع وذكرنا بعضا من شهادات علماء الغرب بحق التطبير كممارسة إنسانية تعبيرية حضارية تساعد على تنشيط الضمير والذاكرة، وأكدنا هناك على أن القول بأن التطبير يسبب وهنا للدين أو المذهب بزعمهم ما هو إلا ”كذبة كبرى“ ومن يريد أن يعرف الحقيقة ليس عليه إلا أن يأتي إلى بلدان العالم المتحضر ليشاهد مواكب التطبير بعينه ويقف بنفسه على ردة فعل الغربيين. وأزيدك أنني شخصيا في هذه السنة في يوم العاشر من محرم وبسبب الإجهاد من الليلة الماضية كنت قد سقطت أرضا بعدما طبّرت، فما كان من الأخوة المؤمنين إلا أن حملوني وأنا مضرج بالدماء إلى إحدى سيارات الإسعاف التي توقفها وزارة الصحة البريطانية لخدمة المطبرين، وهناك أشرف على علاجي إثنان من المسعفين البريطانيين بكل لطف ومودة، وقد بان عليهما التأثر الإيجابي وقالا لأحد الأخوة الذي كان واقفا إلى جانبي: ”إنه شيء عظيم هذا الذي تفعلونه ونحن نحترم إيمانكم به“ فما كان من الأخ إلا أن أهداهما نسخة من جريدة ”شيعة نيوز“ التي يصدرها الأخوة من خدام المهدي (عليه السلام) في لندن وقد شكراه على ذلك. فأين ما يدّعيه الكاذبون من أن شعوب العالم المتحضر ينظرون نظرة استهجان للتطبير؟! وإذا كانوا يقصدون الأعراب النواصب المعادين لأهل البيت ولشيعتهم في بلداننا فهل هؤلاء من شعوب العالم المتحضر أصلا حتى يُعتبر برأيهم؟! ثم على فرض أن التطبير يستجلب وهنا حقا فإن ذلك لا مدخلية له في رفع حكمه الاستحبابي، إذ هو لا يرقى للورود فيُحكم بالمنع بالحكم الثانوي، ولا يقول بهذا من ذاق طعم الفقه أو ارتشف منه رشفة.
(6) قلنا أن هناك نصوص تُشعر بالمطلوبية، وأخرى صريحة في أن الفعل قد مورس بعينه من قبل أنبياء الله تعالى بمن فيهم نبينا الخاتم صلى الله عليه وآله. ثم إنه على فرض عدم الورود فإنه يبقى لنا أصل الإباحة، وينضم إلى هذا الأصل نية المواساة لأهل البيت (عليهم السلام) فيكون التطبير راجحا مستوجبا للثواب ويتأكد استحبابه، شأنه شأن اللطم والإنشاد العزائي مثلا الذي لم يرد فيهما نص خاص أيضا لكنهما مستحبان بالعنوان الذي ذكرناه.
(7) بل التطبير مفيد للنفس والبدن، أما للنفس فيشهد لذلك علماء النفس والسايكلوجي بأنه يمثل حالة استذكار للألم فيدفع النفس إلى التمثّل بالقيم المصاحبة له والاسترشاد بسيرة صاحب الألم وهو القائد والرمز، أي الحسين بن علي عليهما الصلاة والسلام. وأما للبدن فيشهد لذلك الأطباء بأنه نوع من أنواع الحجامة التي تُخرج الدم الفاسد من الدماغ وتنقي خلاياه وتتسبب في تجديد الدورة الدموية ولذلك ثبت طبيا أن الذين يطبّرون يكونون أقل عرضة للإصابة بالسكتة أو الجلطة الدماغية من غيرهم. فمن أين يتخرّص هؤلاء بالقول أن فيه إضرارا؟! ثم إنه على فرض ثبوت أن في التطبير إضرارا فإن مطلق الضرر غير المؤدي للهلاك لا دليل على حرمة التعرّض له ولم يفتِ بذلك أحد لا من المتقدمين ولا من المتأخرين إلا من أمثال هؤلاء المتطفلين على ساحة العلم الذين أصبحوا مادة للتندّر والتفكّه في أروقة الحوزة العلمية!
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
سؤال\
شيخنا ، دائما الوهابية يحتجون علينا في مسألة الهجوم على دار الزهراء عليها السلام بقولهم " أين البطل وأين حيدره الإمام علي عليه السلام ،، ويقولون كيف يسكت الإمام علي عليه السلام على من تعرض لعرضه "
ومارأيك شيخنا في موضوع تسمية الأئمة عليهم السلام أسماء أبنائهم بأسماء أعدائهم ؟
الجواب \ باسمه تقدّست أسماؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. هذا الإشكال ناشئ من الجهل بتفاصيل حادثة الهجوم الوحشي على دار الزهراء (صلوات الله عليها)، فإن ما جرى عليها (بأبي هي وأمي) خلف الباب إنما وقع في لحظات معدودة بعدما تمكّن عمر اللعين ومن معه من سفلة الأعراب (عليهم اللعنة والعذاب) من اقتحام الدار بعد إضرام النار بالباب. وبمجرد أن وقع ذلك صاحت الزهراء صيحة خرج على إثرها مولانا أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) محمرّ العين حاسرا لنجدتها، فأخذ بتلابيب عمر ثم هزّه فصرعه ووجأ أنفه ورقبته وهمّ بقتله، لكنه تذكّر وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالصبر فقال: "يا ابن صهّاك! والذي أكرم محمدا - صلى الله عليه وآله - بالنبوة؛ لولا كتاب من الله سبق وعهد عهده إليّ رسول الله لعلمت أنك لا تدخل بيتي". فأرسل عمر يستغيث وهو تحت قدمي أمير المؤمنين حتى تركه الأمير. (راجع كتاب سُليم بن قيس الهلالي ص387 من الطبعة المحققة).
فالأمير (عليه السلام) هبّ لنجدة زوجته وحامى عن عرضها بمجرّد أن سمع استغاثتها، لا كما يتوهّم هؤلاء الجهلة. أما ما وقع قبل ذلك من أحداث فإنما جرت لفتة وبشكل سريع في برهة واحدة بعدما تطوّر الموقف فجأة واقتحم الأوغاد الدار.
أما لماذا سكت الأمير (عليه السلام) عن الاقتصاص ممن تجرأ على الزهراء (عليها السلام) فلأن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) أمره بذلك عن الله جل جلاله حتى يستقيم الدين ولا يضمحل بثأر عاجل، وفي هذا نصوص شتّى وردت في مصادر التاريخ المختلفة. فليراجع. وكما أن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يقتص ممن حاولوا قتله بنفر ناقته على العقبة مخافة أن يُقال أن محمدا لما ظفر بأصحابه أخذ يقتّلهم، فكذلك فعل الأمير، كل ذلك لحكمة ومصلحة إسلامية عليا بأمر من الله جل جلاله.
وأما لمَ كانت الزهراء (عليها السلام) على الباب وليس أمير المؤمنين (عليه السلام) فلأن الله قضى ذلك، لتتعرض الزهراء لهذه المظلومية ولهذه المصائب حتى تكون شاهد الإنكار على ظلم أهل السقيفة وبطلان دينهم الذي اخترعوه وأحلّوه محلّ الإسلام الحق.
وأما عن الشق الثاني من السؤال فجوابه: إن عليا (صلوات الله عليه) لم يسمِّ أحدا من أبنائه بأسماء أعدائه قصد التيمّن بأسماء ذواتهم الخبيثة، بل سمّاهم بالأسماء المعهودة آنذاك، فليس عمر بن الخطاب بأول عمر في التاريخ حتى تكون التسمية بهذا الاسم بقصد التيمّن! وليس عثمان بن عفان بأول عثمان في التاريخ حتى يقال لكل من أسمى ابنه عثمان أنك تقصد التبرّك باسم هذا الشخص! إنما هذه أسماء كانت متداولة آنذاك كسائر الأسماء العربية، ولم تصبح علما لشخصية ما إلا في الأزمان المتأخرة.
والحاصل أن مولانا المرتضى (صلوات الله عليه) أسمى أبناءه بأسماء عادية طبيعية متداولة آنذاك، ولم يُروَ عنه إطلاقا أنه قصد التسمية بهذه الأسماء تيمّنا بعمر بن الخطاب أو بعثمان بن عفان (لعنة الله عليهما)، بل على العكس من ذلك، رُوي عنه أنه قد أسمى ابنه عثمان (عليه السلام) بهذا الاسم استذكارا لصاحبه عثمان بن مظعون (رضوان الله عليه) الذي كان من الأصحاب الأخيار، وقد توفي في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فقال علي عليه السلام: "إنما سمّيته باسم أخي عثمان بن مظعون". (راجع تنقيح المقال ج2 ص247).
وأما ما يشيعونه من وجود ابن لأمير المؤمنين (عليه السلام) اسمه "أبو بكر" فليس بعد هذه النسبة غباوة وجهل أكثر! ذلك لأن مفردة "أبو بكر" ليست اسما، بل كنية، فلا يُعقل أن يسمّي سيد الفصحاء (عليه السلام) ابنا له بكنية! ولم يعهد هذا عند العرب قديما، وإنما جاء في العصور المتأخرة. وربما كان للأمير (عليه السلام) ابن اشتُهر بهذه الكنية، وليس معناه أن الأمير أسماه بهذا الاسم. فهناك الآلاف اشتهروا بكنية أبي بكر، ولم يقل أحد أن آباءهم أسموهم قصدا باسم أبي بكر بن أبي قحافة (لعنة الله عليه)، إذ لهم أسماؤهم وإنما هذه كناهم.
والحق أن حمل وجود هذه الأسماء في جملة أبناء أمير المؤمنين (عليه السلام) على هذه المحامل المضحكة إنما هو ينبئ عن مدى عجز المخالفين عن إيراد دليل واحد على ما يخدعون أنفسهم به من أن عليا (عليه السلام) ومن سبقه من خلفاء الجور الثلاثة (عليهم اللعنة) إنما كانوا متحابين ومتوائمين، مع أن جميع نصوص التاريخ وشواهده تنبئنا عن العكس تماما
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
السؤال\ يقول أتباع عمر دائماً بأفضلية ابو بكر لأنه أول الرجال إسلاماً، بعد أمير المؤمنين(عليه الصلاة والسلام) وخديجة(عليها السلام)، ما مدى صحة هذا المقال؟؟؟، وهل بن ابي قحافة كان بالفعل اكبر سناً من أمير المؤمنين(عليه الصلاة والسلام) في ذلك الوقت؟؟؟، وإن لم يكن ابو بكر من الأوائل في الإسلام، فمن إذن كانوا من التابعين للحق الأوائل؟؟؟ وما قولهم أتباع عمر بهذا الأمر؟؟
الجواب\ إن مقولة أن أبا بكر بن أبي قحافة (لعنة الله عليه) كان أول الرجال إسلاما بعد أمير المؤمنين وخديجة (صلوات الله عليهما) ما هي إلا أكذوبة من أكاذيب حزب الزريبة ومن والاهم، فإن شواهد عديدة في التاريخ تثبت عكس ذلك، وأن أبا بكر لم يسلم إلا متأخرا قبل الهجرة بقليل، وبعدما سبقه أكثر من خمسين رجلا إلى الإسلام.
من تلك الشواهد ما رواه الطبري عن محمد بن سعد بن أبي وقاص قال: "قلت لأبي: أكان أبو بكر أولكم إسلاما؟ فقال: لا.. ولقد أسلم قبله أكثر من خمسين"! (تاريخ الطبري ج2 ص60 والبداية والنهاية ج3 ص28).
ومنها ما رواه الطبراني من أن أبا بكر آمن بعد ظهور معجزة إسراء ومعراج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والتي وقعت أحداثها قبل الهجرة بسنة ونصف فقط على قولهم، فسُمّيَ يومئذ بالصدّيق! (المعجم الكبير للطبراني ج24 ص434 ومجمع الزوائد ج1 ص76 والسيرة الحلبية ج1 ص273).
ومنها ما تثبته ابنة أبي بكر؛ عائشة لعنة الله عليها؛ من أن أباها لم يكن أول القوم إسلاما بل كان رابعهم حين وقفت بالبصرة وقالت: "أبي رابع أربعة من المسلمين"! (الأوائل لأبي هلال العسكري ص98).
ومنها ما رواه الذهبي عن الحسن بن زيد: "أن عليا أول ذكر أسلم، ثم أسلم زيد (بن حارثة)، ثم جعفر (بن أبي طالب)، وكان أبو بكر الرابع أو الخامس"! (سير أعلام النبلاء ج1 ص216).
فعلى هذا وشواهد عديدة أخرى لا يكون مجال للشك في أن هذه الدعوى إنما كانت مما نسجه خيالهم واختلقته أقلامهم للتنزيل من مقام مولانا أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) وإنكار أسبقيته إلى الإسلام، وهي المنقبة التي لا يدفعها دافع إلا من أعمى الحقد والنصب بصيرته، كابن كثير وابن تيمية وأضرابهما، عليهما لعائن الله. مع أن أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تردّ عليهم حيث ورد قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) لابنته الزهراء (صلوات الله عليها) كما رواه إمامهم ابن حنبل: "زوجك أقدم أمتي إسلاما". (مسند أحمد بن حنبل ج5 ص662).
والذي يظهر من البحث التاريخي أن رجالا كثيرين سبقوا ابن أبي قحافة إلى الإسلام، منهم جعفر بن أبي طالب سلام الله عليهما، وزيد بن حارثة، ومصعب بن عمير، وبلال بن رباح، وعمار بن ياسر ووالداه ياسر وسمية، وأبو ذر الغفاري، وعبد الله بن مسعود، وغيرهم.
ثم إنه على فرض كون أبي بكر أول من أسلم بعد علي وخديجة عليهما السلام؛ فإنه لا ملازمة بين ذلك وبين القول بأفضليته واستحقاقه للخلافة، حيث لا نص شرعيا على ذلك، لأن الأفضلية في الإسلام إنما هي للأتقى كما قال الله سبحانه في محكم كتابه: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم". (الحجرات: 13).
وإن إسلام أبي بكر (لعنه الله) لم يكن نابعا من القلب، وإنما كان نابعا من الحرص والطمع، حيث علم الرجل من رهبان اليهود والنصارى أن هذا النبي العربي المسمى بمحمد (صلى الله عليه وآله) سيملك الشرق والغرب بعد بضع سنوات ليس إلا، فخطط الرجل منذ ذلك الحين لأن يقتنص الفرصة هو وصاحبه عمر (لعنة الله عليه) فيندسّان في جموع المسلمين بهدف الوصول إلى الإمارة والحكم، إما عن طريق تولية النبي لهما، وإما عن طريق إزاحته وخلافته بالمكر والحيلة وقتل النبي غيلة!
وقد بيّن هذه الحقيقة مولانا بقية الله الأعظم صاحب الزمان (صلى الله عليه وعلى آبائه الطاهرين) إذ قال: "إنهما أسلما طمعا، وذلك أنهما يخالطان مع اليهود ويُخبران بخروج محمد (صلى الله عليه وآله) واستيلائه على العرب من التوراة والكتب والمقدسة، وملاحم قصة محمد (صلى الله عليه وآله) ويقولون لهما: يكون استيلاؤه على العرب كاستيلاء (بخت نصر) على بني اسرائيل إلا أنه يدّعي النبوة ولا يكون من النبوة في شيء، فلما ظهر أمر رسول الله فساعدا معه على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله طمعا أن يجدا من جهة ولاية رسول الله ولاية بلد اذا انتظم أمره، وحسن باله، واستقامت ولايته". (الاحتجاج للطبرسي ج2 ص275).
فإن شككوا في حقيقة مخالطة أبي بكر لرهبان اليهود والنصارى كونها مروية في مصادرنا؛ استخرجنا لهم شاهدا من مصادرهم، حيث رووا أن أبا بكر كان مع قافلة تجارية فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) نحو الشام، فلما توقفت جلس النبي تحت ظل سدرة، فذهب أبو بكر إلى راهب يسأله عن الدين، وهناك سأله الراهب: "من الرجل الذي في ظل السدرة؟ فقال أبو بكر: ذاك محمد بن عبد الله بن عبد المطلب. فقال الراهب: هذا والله نبي! وما استظل تحتها أحد بعد عيسى بن مريم إلا محمد نبي الله. فوقع في قلب أبي بكر اليقين والتصديق، فلما نُبّئ رسول الله وهو ابن أربعين سنة، وأبو بكر ابن ثمان وثلاثين سنة، أسلم وصدّق رسول الله". (أسباب النزول للواحدي النيسابوري ص255 وكنز العمال ج12 ص506 وغيرهما كثير).
أما عن كون أبي بكر عندما أعلن إسلامه أسنّ من أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) وهو بذلك أرفع درجة منه وأكثر استحقاقا للخلافة؛ فلا يقول به إلا من لا عقل له ولا فهم! ذلك لأنه وإن كان أبو بكر أسنّ منه (صلوات الله عليه) إلا أن ذلك ليس موجبا لتقدمه عليه، وإلا لكان الحق في الخلافة لوالد أبي بكر – أبو قحافة – بدلا عنه! فمبلغ عمر الإنسان ليست له مدخلية في شأن الولاية والإمرة، فإذا قلنا بالوصية والتعيين كان مَن اختاره الله هو الأحق حتى ولو كان ابن يوم واحد بل ساعة، وإذا قلنا بالشورى – كما يزعمون – كان الأحق الأكثر علما وتقوى وعدالة حتى ولو كان شابا يافعا. وما من خلاف في الأمة على أن عليا (صلوات الله عليه) كان الأعلم والأتقى والأعدل والأقضى والأرفع منزلة والأسبق إسلاما والأكثر فضيلة ومنقبة، فكيف لأمثال أبي بكر وعمر أن يتقدّموا عليه وهم أراذل القوم!
هذا ومع ظهور النصوص الإلهية والنبوية الجلية الصريحة على تعيين أمير المؤمنين علي (عليه الصلاة والسلام) للخلافة؛ فلا يبقى مجال لهذه التأويلات الفاسدة والافتراضات المهترئة لتجويز خلافة أبي بكر (عليه اللعنة والعذاب) التي وقعت بالغصب والقهر والإكراه والكفر بشريعة سيد الأنام صلى الله عليه وآله وسلم.
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
سؤال\ لقد قرأت في كتاب (مذكرات مستر همفر) إن محمد بن عبد الوهاب(عليه اللعنة) كان يقول بأن عمر كان يخلط الخمر بالماء فيشربها، ويقول إنها ليست نجسة ولا حرام!!، ما مدى صحة هذا الكلام؟؟، والمعروف إن عمر كان مدمناً على معاقرة الخمرة حتى بعد اسلامه، فهل استمر على هذا الإدمان حتى بعد أن استلم رئاسة المسلمين؟؟ وهل هذا القول موجود في تواريخهم؟؟؟
الجواب\ لا شك في أن عمر بن الخطاب (لعنة الله عليه) كان مدمنا على معاقرة الخمر في الجاهلية والإسلام، أما في الجاهلية فقد اعترف بنفسه أنه من أكثر الناس شربا لها! إذ ورد في مصادرهم: "إني كنت لأشربَ الناس لها – أي للخمر - في الجاهلية"! (كنز العمال ج5 ص505). كما قال: "كنت صاحب خمر في الجاهلية أحبها وأشربها"! (البداية والنهاية لابن كثير ج3 ص101).
وأما في الإسلام فقد كان إصراره على احتساء الخمر لا نظير له رغم نزول الآيات المتتالية بتحريمها، وذلك باختلاقه عذر أن هذه الآيات ليست واضحة شافية في التحريم وإنما يريد هو آية صريحة في ذلك حتى ينتهي وإلا فلا! ولذا رووا: "لما نزل تحريم الخمر قال عمر بن الخطاب: اللهم بيّن لنا في الخمر بياناً شافياً، فنزلت هذه الآية التي في سورة البقرة: (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير) قال فدعي عمر رضي الله عنه فقُرئت عليه، فقال: اللهم بيّن لنا في الخمر بياناً شافياً! فنزلت الآية التي في سورة النساء: (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى)، فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقام الصلاة نادى أن لا يقربنَّ الصلاة سكران، فدُعي عمر فقُرئت عليه فقال: اللهم بيّن لنا في الخمر بياناً شافياً! فنزلت الآية التي في المائدة، فدُعي عمر رضي الله عنه فقرئت عليه فلما بلغ (فهل أنتم منتهون) قال عمر رضي الله عنه: انتهينا! انتهينا"! (مسند أحمد ج1 ص53).
وعندما نزلت الآية الأخيرة التي تحرّم الخمر تحريما قاطعا لا تترك لأمثال عمر من المشككين مجالا؛ حزن عمر واستاء كثيرا وعبّر عن أسفه لأن الله حرّمها وأضاعها وأنزل من قدرها حتى قرنها بالميسر!! حيث ورد: "عن سعيد بن جبير قال: لما نزلت: (يسئلونك عن الخمر والميسر) الآية؛ كرهها قوم لقوله: (فيهما إثم كبير) وشربها قوم لقوله: (ومنافع للناس). حتى نزلت: (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى) فكانوا يدعونها في حين الصلاة ويشربونها في غير حين الصلاة، حتى نزلت: (إنما الخمر والميسر) الآية؛ فقال عمر: ضيعة لك اليوم قُرنت بالميسر"!! (الدر المنثور للسيوطي ج2 ص317).
ومع أنه أعلن توبته وامتناعه عن شرب الخمر بقوله: "انتهينا! انتهينا"! إلا أنه استمرّ على ذلك باختلاق أعذار طبيّة وما أشبه! فكان يزعم أنه حيث يتناول لحم الجمال فإنه يحتاج لشرب النبيذ لئلا يعسر الهضم عليه! فرووا قوله: "إنا لنشرب من النبيذ نبيذاً يقطع لحوم الإبل في بطوننا من أن تؤذينا"!! (سنن البيهقي ج8 ص299).
بل كان يدعو الناس إلى ذلك مدّعيا أن شرب النبيذ يقيم الصلب ويساعد على الهضم! فكان يقول: "اشربوا هذا النبيذ في هذه الأسقية فإنه يقيم الصلب ويهضم ما في البطن وإنه لم يغلبكم ما وجدتم الماء"! (كنز العمال ج5 ص522).
ولطالما عبّر (لعنة الله عليه) عن عشقه للخمرة حتى وهو على فراش الاحتضار! إذ قالوا له: "أي الشراب أحبّ إليك؟ فقال: النبيذ"! (سنن البيهقي ج3 ص113).
أما عن فتواه بتحليل الخمر بكسرها بالماء ومزجهما معا ليقلّ التركيز؛ فمصدرها هذا: "إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: إذا خشيتم من نبيذ شدّته فاكسروه بالماء"! (سنن النسائي ج8 ص326).
ولذا أفتى فقهاؤهم بجواز شرب النبيذ في هذه الصورة! (راجع آراء الشافعي مثلا في كتاب الأم ج6 ص156).
هذا مع أنهم رووا أن عمر (لعنة الله عليه) كان يشرب النبيذ الشديد بلا كسره بالماء! حيث جاء: "روي عن سيدنا عمر رضي الله عنه أنه كان يشرب النبيذ الشديد! ويقول: إنا لننحر الجزور وإن العنق منها لآل عمر ولا يقطعه إلا النبيذ الشديد"!! (بدائع الصنائع ج5 ص116).
وهذا ليس مستغربا، فإن مَن تبلغ به الخسة والدناءة مبلغ الاعتداء على سيدة نساء العالمين وبنت الرسول المصطفى البضعة الزكية فاطمة البتول الزهراء (صلوات الله وسلامه عليها وروحي فداها) لابد وأن يكون مجمع القذارة والنجاسة والعربدة والوساخة. فلعنة الله عليه، وعلى حزبه، وعلى من بلغته حقيقته فتأثّم أن يلعنه ويتبرّأ منه.
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
قلت لاحد علمائنا : إذا كان معاوية قتل الابرياء وهتك الاعراض وتحكمون بأنّه اجتهدوأخطأ وله أجر واحد.
وإذا كان يزيد قتل أبناء الرسولوأباح المدينة(1)لجيشه وتحكمون بأنّه اجتهد وأخطأ وله أجر واحد ، حتىقال بعضكم : « قُتل الحسين بسيف جدّه » (2) لتبرير فعل يزيد.
فلماذا لا أجتهد أنا في البحث ، وهو ما يجرّني للشك في الصحابةوتعرية البعض منهم وهذا لا يقاس بالنسبة للقتل الذي فعله معاوية وابنه يزيد فيالعترة الطاهرة ، فإن أصبت فلي أجران وإن أخطأت فلي أجر « واحد » ، على أنّ انتقاصيلبعض الصحابة لا أريد منه السبّ والشتم واللّعن ، وإنّما أريد الوصول إلى الحقيقةلمعرفة الفرقة الناجية من بين الفرق الضّالة.
وهذا واجبيوواجب كل مسلم ، واللهسبحانه يعلم السرائر وما تخفيالصدور.
أجابني العالم قائلاً : يا بني لقد أُغلق بابالاجتهاد من زمان.
فقلت : ومن أغلقه ؟
قال : الائمة الاربعة.
فقلت متحرّرا : الحمد لله إذ لم يكناللههو الذي أغلقه ولا رسولاللهولا الخلفاء الراشدون الذين « أمرنا بالاقتداء بهم » فليس عليّ حرج إذا اجتهدت كما اجتهدوا.
فقال : لا يمكنكالاجتهاد إلاّ إذا عرفت سبعة عشر علما ، منها علم التفسير واللّغة والنحو والصرفوالبلاغة والاحاديث والتاريخ وغير ذلك.
وقاطعته قائلاً : أنا لن أجتهد لابيّن للناس أحكام القرآن والسنّة أو لاكون صاحب مذهب في الاسلام ،كلا ، ولكن لاعرف من على الحق ومن على الباطل ، ولمعرفة إن كان الامام عليّ علىالحق ، أو معاوية مثلاً ، ولا يتطلّب ذلك الاحاطة بسبعة عشر علما ، ويكفي أن أدرسحياة كل منهما وما فعلاه حتى أتبيّن الحقيقة.
قال : ومايهمّك أن تعرف ذلك : ( تلك أُمَّةٌ قد خَلت لها ما كسبت ولكُمما كسبتُم ولا تُسألونُ عمَا كانوا يعملُونَ ) (3).
قلت : أتقرأ « ولا تسألون » بفتح التّاء أم بضمّها ؟
قال : تُسألون بالضمّ.
قلت : الحمد للهلو كانت بالفتح لامتنع البحث ، وما دامت بالضم فمعناها أنّاللهسبحانه سوف لن يحاسبنا عمّا فعلوا وذلك كقوله تعالى : ( كل نفس بمـا كسبت رهينـة ) (4) ، و ( وأن لـيس للانسـان إلاّ مـا سعى ) (5).
وقد حثّنا القرآن الكريم على استطلاع أخبار الامم السابقةولنستخلص منها العبرة ، وقد حكىاللهلنا عن فرعونوهامان ونمرود وقارون وعن الانبياء السابقين وشعوبهم ، لا للتسلية ولكن ليعرفناالحق من الباطل.
أمّا قولك : « وما يهمني من هذا البحث » ؟
فأجيب عليه بقولي : يهمني :
أولاً : لكي أعرف وليَّاللهفأواليه ، وأعرف عدوَّاللهفأعاديه ، وهذا ما طلبه مني القرآن بل أوجبهعليَّ.
ثانيا : يهمّني أن أعرف كيف أعبداللهوأتقرّب إليه بالفرائض التي افترضها وكما يريدها هو جلّوعلا ، لا كما يريدها مالك أو أبو حنيفة أو غيرهم من المجتهدين لانّي وجدت مالكايقول بكراهة البسملة في الصّلاة(6)بينما يقول أبو حنيفة بوجوبها(7)، ويقول غيره ببطلان الصلاة بدونها !
وبماأنّ الصلاة هي عمود الدّين إنْ قُبِلت قُبل ما سواها وإن رُدّت ردّ ما سواها ، فلاأريد أن تكون صلاتي باطلة ، كما أنّ الشيعة يقولون بمسح الرجلين في الوضوء ويقولالسنّة بغسلهما بينما نقرأ في القرآن ( وامسحوا برؤوسكموأرجلكم ) (8) وهي صريحة في المسح ، فيكف تريد يا سيدي أن يقبلالمسلم العاقل قول هذا ويردّ قول ذاك بدون بحث ودليل.
قال : بإمكانك أن تأخذ من كلّ مذهب ما يعجبك لانها مذاهب إسلامية وكلّهم من رسولاللهملتمس.
قلت : أخاف أن أكون ممنقالاللهفيهم : ( أفرأيت من اتّخذإلهه هواه وأضلّهاللهعلى علم وختم على سمعه وقلبهوجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعداللهأفلا تذكرون ) (9).
يا سيدي أنا لا أعتقد بأنّالمذاهب كلّها على حق ما دام الواحد منهم يبيح الشيء ويحرّمه الاخر ، فلا يمكن أنيكون الشيء حراما وحلالاً في آن واحد والرسول ـ صلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ لم يتناقض في أحكامه لانّه « وحي منالقرآن » ، ( ولو كان من عند غيراللهلوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) (10).
وبما أنّ المذاهب الاربعة فيها اختلاف كثير فليست من عنداللهولا من عند رسوله لانّ الرسول لا يناقضالقرآن.
ولما رأى الشيخ العالم كلامي منطقيّا وحجتيمقبولة.
قال : أنصحك لوجهاللهتعالى مهما شككت فلا تشك في الخلفاء الراشدين ، فهمأعمدة الاسلام الاربعة إذا هدّمت عمودا منها سقط البناء !!
قلت : استغفراللهيا سيدي فأين رسولاللهإذن إذا كان هؤلاء هم أعمدة الاسلام ؟
أجاب : رسولاللههو ذاك البناء ! هوالاسلام كلّه.
ابتسمت من هذا التحليل وقلت : استغفراللهمرة أخرى يا سيدي الشيخ فأنت تقول من حيث لا تشعر : بأنّرسولاللهـ صلّىاللهعليهوآله وسلّم ـ لم يكن ليستقيم إلاّ بهؤلاء الاربعة بينما يقولاللهتعالى : ( هو الذي أرسل رسولهبالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدين كلّه وكفى باللهشهيدا ) (11).
فقد أرسل محمدا بالرسالةولم يشركه فيها أحدا من هؤلاء الاربعة ولا من غيرهم ، وقد قالاللهتعالى في هذا الصّدد : ( كما أرسلنافيكم رسولاً منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلّمكم الكتاب والحكمة ويعلّمكم مالم تكونوا تعلمون ) (12).
قال : هذا ماتعلّمناه نحن من مشايخنا وأئمتنا ، ولم نكن نحن في جيلنا نناقش ولا نجادل العلمأمثلكم اليوم الجيل الجديد أصبحتم تشكّون في كل شيء وتشكّكون في الدين ، وهذه منعلامات الساعة فقد قال ـ صلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ : لن تقوم الساعة إلاّ على شرار الخلق(13).
فقلت : يا سيدي لماذا هذا التهويل ، أعوذ باللهأن أشكّفي الدين أو أشكك فيه ، فقد آمنت باللهوحده لا شريك لهوملائكته وكتبه ورسله ، وآمنت بأنّ سيدنا محمدا عبده ورسوله وهو أفضل الانبيأوالمرسلين وخاتمهم وأنا من المسلمين ، فكيف تتّهمني بهذا ؟
قال : أتهمك بأكثر من هذا لانّك تشكك في سيدنا أبي بكر وسيدنا عمروقد قال ـ صلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ : لو وزن إيمانأمّتي بإيمان أبي بكر لرجح إيمان أبي بكر(14).
وقال في حقّ سيدنا عمر : عرضت عليّ أمتي وهي ترتدي قمصا لم تبلغالثدي وعرض عليّ عمر وهو يجرّ قميصه ، قالوا : ما أوّلته يا رسولالله؟ قال : الدين(15).
وتأتي أنت اليوم في القرن الرابع عشر لتشكك في عدالة الصحابةوبالخصوص أبي بكر وعمر ، ألم تعلم بأنّ أهل العراق هم أهل الشقاق ، هم أهل الكفروالنفاق !!
ماذا أقول لهذا العالم المدّعي العلم الذيأخذته العزّة بالاثم ، فتحوّل من الجدال بالتي هي أحسن إلى التهريج والافتراء وبثّالاشاعات أمام مجموعة من الناس المعجبين به والذين احمرّت أعينهم وانتفخت أوداجهمولاحظت في وجوههم الشر.
فما كان منّي إلاّ أن أسرعت إلىالبيت وأتيتهم بكتاب الموطأ للامام مالك وصحيح البخاري ، وقلت : يا سيدي إنّ الذيبعثني على هذاالشك هو رسولاللهنفسه ، وفتحت كتابالموطأ وفيه روى مالك أنّ رسولاللهـ صلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ قال لشهداء أحد : هؤلاء أشهد عليهم ،فقال أبو بكر الصديق : ألسنا يا رسولاللهإخوانهمأسلمنا كما أسلموا ، وجاهدنا كما جاهدوا ، فقال رسولاللهـ صلّىاللهعليه وآله وسلّمـ : بلى ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي! فبكى أبو بكر ثم بكى ثم قال : « إنّنالكائنون بعدك(16).
ثم فتحت صحيح البخاري وفيه : دخل عمر بن الخطاب على حفصة وعندها أسماء بنت عميس فقال ـ حين رآها ـ : من هذه ؟قالت : أسماء بنت عميس ، قال عمر : الحبشية هذه ، البحرية هذه ، قالت أسماء : نعم ،قال : سبقناكم بالهجرة فنحن أحقّ برسولاللهمنكم ،فغضبت وقالت : كلا والله، كنتم مع رسولاللهيطعم جائعكم ويعظ جاهلكم وكنّا في دار أو في أرض البعداءالبغضاء بالحبشة وذلك فياللهوفي رسوله ، وأيماللهلا أطعم طعاما ولا أشرب شرابا حتى أذكر رسولاللهـ صلّىاللهعليه وآله وسلّمـ ونحن كنّا نؤذى ونخاف وسأذكر ذلك للنبي أسأله واللهلا أكذب ولا أزيغ ولا أزيد عليه ، فلمّا جاء النبي ـ صلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ قالت : يا نبيالله، عمر قال : كذا وكذا.
قال : فما قلت له. قالت : كذا وكذا.
قال : ليس بأحقّ بي منكم ،وله ولاصحابه هجرة واحدة ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان ، قالت : فلقد رأيت أبا موسىوأصحاب السفينة يأتونني أرسالاً يسألونني عن هذا الحديث ما من الدنيا شيء هم بهأفرح ولا أعظم ما في أنفسهم ممّا قال لهم النبي ـ صلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ(17).
وبعد ما قرأ الشيخ العالم والحاضرون معه الاحاديث تغيّرت وجوههموبدأوا ينظرون بعضهم إلى بعض ينتظرون ردّ العالم الذي صدم فما كان منه إلاّ أن رفعحاجبيه علامة التعجّب وقال : ( وقل ربّ زدني علما ) (18).
فقلت : إذا كان رسولاللهـ صلّىاللهعليه وآله وسلّمـ هو أوّل من شكّ في أبي بكر ولم يشهد عليه لانّه لا يدري ماذا سوف يحدث من بعده ،وإذا كان رسولاللهـ صلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ لم يقرّ بتفضيل عمر بن الخطّاب علىأسماء بنت عميس بل فضّلها عليه ، فمن حقّي أن أشك وأن لا أفضّل أحدا حتى أتبيّنوأعرف الحقيقة ومن المعلوم أنّ هذين الحديثين يناقضان كل الاحاديث الواردة في فضلأبي بكر وعمر ويبطلانها ، لانّهما أقرب إلى الواقع المعقول من أحاديث الفضائلالمزعومة.
قال الحاضرون : وكيف ذلك ؟
قلت : إنّ رسولاللهـ صلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ لم يشهد على أبي بكر ، وقال له إنّنيلا أدري ماذا تحدثون بعدي ! فهذا معقول جدا وقد قرّر ذلك القرآن الكريم والتاريخيشهد أنّهم بدّلوا بعده ولذلك بكى أبو بكر ، وقد بدّل وأغضب فاطمة الزهراء بنتالرسول ، وقد بدّل حتى ندم قبل وفاته(19)وتمنى أن لا يكونبشرا.
أمّا الحديث الذي يقول : لو وزن إيمان أمتي بإيمانأبي بكر لرجح إيمان أبي بكر(20)، فهو باطل وغير معقول ، ولا يمكن أنيكون رجل قضى أربعين سنة من عمره يشرك باللهويعبدالاصنام أرجح إيمانا من أمّة محمّد بأسرها ، وفيها أولياءاللهالصالحين والشهداء والائمة الذين قضوا أعمارهم كلّهاجهادا في سبيلالله، ثم أين أبو بكر من هذا الحديث ؟لو كان صحيحا لما كان في آخر حياته يتمنى أن لا يكون بشرا.
ولو كان إيمانه يفوق إيمان الامة ما كانت سيدة النساء فاطمة بنتالرسول ـ صلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ ، تغضب عليهوتدعواللهعليه في كل صلاه تصلّيها(21).
ولم يرد العالم بشيء ، ولكنّ بعضالمجالسين قالوا : لقد بعث واللههذا الحديث الشك فينا، عند ذلك تكلم العالم ليقول لي : أهذا ما تريده ؟
لقدشككت هؤلاء في دينهم !!
وكفاني أحدهم الردّ عليه ، إذ قال : كلا ، إنّ الحق معه ، نحن لم نقرأ في حياتنا كتابا كاملاً ، واتّبعناكم واقتدينابكم في ثقة عمياء بدون نقاش ، وقد تبيّن لنا الان أنّ ما يقوله الحاج صحيح ، فمنواجبنا أن نقرأ ونبحث !!
ووافقه على رأيه بعض الحاضرين ،وكان ذلك انتصارا للحق والحقيقة ، ولم يكن انتصارا بالقوة والقهر ولكنّه انتصارالعقل والحجّة والبرهان ( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) (22).
ذلك ما دفعني وشجّعني علىالدخول في البحث وفتح الباب على مصراعيه فدخلته باسماللهوباللهوعلى ملّة رسولالله، راجيا منه سبحانه وتعالى التوفيق والهداية فهو الذيوعد بهداية كلّ باحث عن الحقّ وهو لا يخلف وعده(23).
____________
(1) تقدمت تخريجاته.
(2) حياةالامام الحسين ـ عليه السلام ـ للقرشي ج3 ص403 ، العواصم من القواصم لابن العربيص232 بما معناه.
(3) سورة البقرة : الاية 134.
(4) سورة المدثر : الاية 38.
(5) سورة النجم : الاية 39.
(6) الفقه على المذاهب الاربعة للجزري ج1 257.
(7) الفقه على المذاهب الاربعة ج1 ص257 ، الفقه الاسلامي وأدلته ج1ص646.
(8) سورة المائدة : الاية 6.
(9) سورة الجاثية : الاية 23.
(10) سورة النساء : الاية 82.
(11) سورة الفتح : الاية 28.
(12) سورة البقرة : الاية 151.
(13) مسند أحمد بن حنبل ج1 ص394 ، صحيح مسلم ج4 ص2268 ح131 ـ ( 2949 ) ، المعجم الكبير للطبراني ج10 ص127 ح10097 ، شرح السنّة للبغوي ج15 ص90 ح4286 ،كنز العمال ج14 ص112 ح38436.
(14) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ج2 ص418 ح653 ،شعب الايمان للبيهقي ج1 ص69 ح36 ، كشف الخفاء للعجلوني ج2 ص216 ح2130 ، إتحافالسادة المتقين للزبيدي ج1 ص323.
والحديث حكم بضعفه وذلكلضعف راويه وهو عبداللهبن عبد العزيز بن أبي روّادلانه يحدّث عن أبيه ، عن نافع عن ابن عمر بأحاديث لايتابعه أحد عليها. قال ذلك ابنعدي في الكامل في ضعفاء الرجال ج4 ص1518 ، وقال عنه العقيلي يحدّث عن أبيه ،أحاديثه مناكير غير محفوظة ، ليس ممن يقيم الحديث الضعفاء الكبير ج2 ص279 ترجمة رقم : 842 ، وفي ميزان الاعتدال قال ابو حاتم وغيره : أحاديثه منكرة ، وقال ابن الجنيد : لا يساوي فلسا ج2 ص455.
(15) مسند أحمد بن حنبل ج3 ص86 ، صحيح البخاري ج5 ص15، صحيح مسلم ج4 ص1859 ح15 ـ ( 2390 ) ، الرياض النضرة ج2 ص304.
(16) الموطألمالك ج2 ص461 ح32 ، المغازي للواقدي ج1 ص310.
(17) صحيح البخاري ج5 ص175 ، صحيحمسلم ج4 ص1946 ح2503 ، حلية الاولياء ج2 ص74 ، دلائل النبوة للبيهقي ج4 ص244 ،البداية والنهاية لابن كثير ج4 ص206.
(18) سورة طه : الاية 114.
(19) تقدمتتخريجاته.
(20) تقدمت تخريجاته.
(21) تقدمت تخريجاته.
(22) سورة البقرة : الاية 111.
(23) كتاب ثم اهتديت للدكتور التيجاني ص149.
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
يقول الشيخ الانطاكي :
بعد اشتهار أمرنا بالتشيع أتانيأحد أعاظم علماء الشافعية المشهورين بالعلم والفضيلة في مدينة حلب الشهباء(2)، وسألني بكل لطف لماذا أخذتم بمذهب الشيعة وتركتم مذهبكم وما هوالسبب الداعي لكم واعتمادكم عليه وما هو دليلكم على أحقية علي ـ عليه السلام ـ منأبي بكر ؟
فناظرته كثيرا ، وقد وقعت المناظرة فيما بيننامرارا وأخيرا اقتنع الرجل.
ومن جملة المناظرة أنه سألنيعن بيان الاحقيّة في أمر الخلافة هل أبو بكر أحقُ أم علي ؟
فأجبته إن هذا شيء واضح جدا بأن الخلافة الحقّة لامير المؤمنينعلي ـ عليه السلام ـ فور وفاة رسولاللهـ صلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ ثم من بعده إلى الحسن المجتبى ـ عليهالسلام ـ ثم إلى الحسين الشهيد بكربلاء ـ عليه السلام ـ ثم إلى علي بن الحسين زينالعابدين ـ عليه السلام ـ ، ثم إلى محمد بن علي الباقر ـ عليهما السلام ـ ، ثم إلىجعفر بن محمد الصادق ـ عليهما السلام ـ ، ثم إلى موسى بن جعفر الكاظم ـ عليهماالسلام ـ ثم إلى علي بن موسى الرضا ـ عليهما السلام ـ ، ثم إلى محمد بن علي الجوادـ عليهما السلام ـ ثم إلى علي بن محمد الهادي ـ عليهما السلام ـ ، ثم إلى الحسن بنعلي العسكري ـ عليهما السلام ـ ، ثم إلى الحجة بن الحسن المهدي الامام الغائبالمنتظر ـ عجلاللهفرجه ـ(3).
ودليل الشيعة على ذلك الكتاب الكريم ، والسنّة الثابتة عن رسولاللهـ صلّىاللهعليه وآلهوسلّم ـ من الطرفين ، وكتبهم مليئة من الحجج والبراهين الرصينة ، ويثبتون مدعاهم منكتبكم ومؤلفاتكم ، إلا أنكم أعرضتم عن الرجوع إلى مؤلفات الشيعة والوقوف على مافيها ، وهذا نوع من التعصب الاعمى ؟
أما الكتاب :
فقوله تعالى : ( إنما وليكماللهورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاةوهم راكعون ) (4).
وأن هذه الاية نزلتفي ولاية عليّ بلا ريب ، بأجماع الشيعة وأكثر علماء السنة في كتب التفسير كالطبري(5)، والرازي(6)، وابن كثير(7)، وغيرهم(8)، فإنهم قالوا بنزولها في علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ.
ومما لا يخفى على ذي مسكة بأناللهجلّ وعلا هو الّذي يرسل الرسل إلى الامم لا يتوقف أمرهم على إرضاء الناس وكذلك أمرالوصاية تكون مناللهلا بالشورى ولا بأهل الحل والعقدولا بالانتخاب أبدا ، لان الوصاية ركن من أركان الدين واللهجلّ وعلا لا يدع ركنا من أركان الدين إلى الامة تتجاذ بهأهواؤهم كل يجر إلى قرصه.
بل لا بد من أن يكون القائمبأمراللهبعد وفاة النبي ـ صلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ منصوصاً عليه مناللهلا ينقص عن الرسل ولا يزيد ، معصوماً عن الخطأ.
فالاية نص صريح في ولاية عليّ(9)، وقد أجمعت الشيعةوأكثر المفسرين من السنّة أيضا أن الّذي أعطى الزكاة حال الركوع هو عليّ بلا خلاف،فتثبت ولايته ـ عليه السلام ـ أي خلافته بعد رسولاللهـ صلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ بهذه الاية.
فأوردَ عليَّ حجةً يدّعيْ بها تدعيم خلافة أبي بكر.
فقال : إن أبا بكر أحق بالخلافة ، إذ أنه أنفق أموالاً كثيرةقدمها إلى رسولاللهـ صلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ ، وزوجه ابنته ، وقام إماما فيالجماعة أيام مرض النبي ـ صلّىاللهعليه وآله وسلّمـ.
فأجبته قائلاً : أما إنفاق أمواله ، دعوى تحتاج إلىدليل يثبتها ، ونحن لا نعترف بهذا الانفاق ولا نُقرُّ به ، ثم نقول : من أين اكتسبهذه الاموال الطائلة ، ومن الذي أمره به ، ولنا أن نسألك : هل الانفاق كان في مكةأم المدينة ؟(10).
فإن قلت : في مكة فالنبي ـصلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ لم يُجهز جيشا ولم يبنِمسجدا ، ومن يُسْلَم من القوم يهاجره إلى الحبشة والنبي ـ صلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ وجميع بني هاشم لا تجوز عليهم الصدقة، ثم إن النبي ـ صلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ غني بمالخديجة كما يروون.
وإن قلت : بالمدينة فأبو بكر هاجر ولميملك من المال سوى ( 600 ) درهم فترك لعياله شيئا وحمل معه ما بقي ونزل على الانصار، فكان هو وكل من يُهاجر عالة على الانصار ، ثم إن أبا بكر لم يكن من التجّار بلكان تارة بزازا يبيع يوم اجتماع الناس أمتعته يحملها على كتفه ، وتارة معلم الاولادوأخرى نجارا يصلّح لمن يحتاج بابا أو مثله.
وأما تزويجهابنته لرسولاللهـ صلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ فهذا لا يلزم منه تولّي أمور المسلمينبه.
وأما صلاته في الجماعة ـ إن صحت ـ فلا يلزم منهاتولّي الامامة الكبرى والخلافة العظمى فصلاة الجماعة غير الخلافة.
وقد ورد أن الصحابة كان يؤم بعضهم بعضا حضرا وسفرا ، فلو كانت هذهتثبت دعواكم لصح أن يكون منهم حقيق بالخلافة ، ولو صحت لادعاها يوم السقيفة لنفسهلكنها لم تكن آنذاك بل وُجدت أيام الطاغية معاوية لمّا صار الحديث متبحرا.
ثم حديث الجماعة جاء عن ابنته عائشة فقط ، ولا تنسى لما سمع النبيـ صلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ تكبيرة الصلاة قال : منيؤم الجماعة ؟
فقالوا : أبو بكر.
قال : احملوني ، فحملوه بأبي وأمي مُعصبا مدثّرا يتهادى بين رجلينعليّ والفضل حتى دخل المسجد ، فعزل أبا بكر وأمّ الجماعة بنفسه ، ولم يدعْ أبا بكريكمل الصلاة(11)، فلو كانت صلاة أبي بكر بإذن النبي ـ صلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ أو برضاه فلماذا خرج بنفسه ـ صلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ وهو مريض وأمّ القوم ؟
والعجب كلّ العجب من إخواننا أنهم يقيمون الحجة بهذه الاشياء التيلا تنهض بالدليل ، ويتناسون ما ورد في عليّ ـ عليه السلام ـ من الادلة التي لا يمكنعدها ، كحديث يوم الانذار إذ جمع رسولاللهـ صلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ عشيرته الاقربين بأمر منالله : ( وأنذر عشيرتك الاقربين ) (12) ، فجمعهم الرسول ـ صلّىاللهعليه وآلهوسلّم ـ وكانوا آنذاك أربعين رجلاً يزيدون رجلاً أو ينقصون ، ووضع لهم طعاما يكفيالواحد منهم فأكلوا جميعهم حتى شبعوا وبعد أن فرغوا.
قالالنبي ـ صلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ : يا بني هاشم منمنكم يؤازرني على أمري هذا فلم يجبه أحد.
فقال علي ـ عليهالسلام ـ : أنا يا رسولاللهاؤازرك ، قالها ثلاثا ،وفي كلّ مرة يجيب عليُّ أنا يا رسولالله، فأخذ برقبتهوقال : أنت وصيي وخليفتي من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا(13).
وحديث يوم الغدير المشهور(14)وحديث الثقلين(15)وحديث المنزلة(16)وحديث السفينة(17)وحديث باب حطة(18)، وحديث أنا مدينة العلم وعلي بابها(19)وحديث المؤاخاة(20)وحديث تبليغ سورة براءة(21)، وسدالابواب(22)، وقلع باب خيبر(23)، وقتل عمر بن ود(24)، وزوج بضعة الرسول فاطمة الزهراء ـ عليها السلام ـ ، إلى كثيروكثير من ذلك النمط مما لو أردنا جمعها لملانا المجلدات الضخمة.
أفكل هذه الروايات المتفق عليها لا تُثبت خلافة علي ـ عليه السلامـ وتلك الروايات المُختلف فيها المُفتَعلة تثبت لابي بكر تولّي منصب الرسالة وهذاشيء عجاب ؟!
ثم قال لي : أنتم لا تعترفون بخلافة أبيبكر.
قلت : هذا لا نزاع فيه عندنا ، ولكن ننازع فيالاحقية والاولوية ، هل كان أبو بكر أحق بها أم أمير المؤمنين ؟ ها هنا النزاع ،ولنا عندئذٍ نظر في هذا الامر العظيم الذي جرّ على الامة بلاء وفرَّق الامة ابتدأيوم السقيفة إلى فرقتين بل إلى أربع فرق ، فالانصار انقسموا على أنفسهم قسمين ، قسميريد عليا ـ عليه السلام ـ وذلك بعد خراب البصرة ـ والاخر استسلم وسلّم الامر إلىأبي بكر ، وكذلك المهاجرون منهم من يريد أبا بكر والاخر عليّا ، ثم إلى فرق تبلغالثالثة والسبعين كل فرقة تحمل على من سواها من الفرق حملةً شعواء لا هوادة فيها ،فجرَّ الامة الاسلامية إلى نزاع دائم عنيف فكفّر بعضُهم بعضا ولا زالت الامة تّمخرفي بحور من الدماء من ذلك اليوم المشؤوم إلى يوم الناس هذا ، ثم إلى يوم يأتياللهبالفرج.
فالشيعة برمتهم يحكمونبما ثبت عندهم من الادلة قرآنا وسنة وتاريخا ويحتجون من كتب خصومهم السنّة فضلاً عنكتبهم بالخلافة لعلي ولبنيه الائمة الاحد عشر ـ عليهم السلام ـ الذين تمسكت الشيعةبإمامتهم.
إلى غير ذلك من الادلة الّتي أوردتها علىفضيلته فسمع واقتنع وخرج من عندنا وهو في ريب من مذهبه ، وشاكرا لنا على ما قدّمناهله من الادلة ، وقد طلب مني بعض كتب الشيعة ومؤلفاتهم فأعطيته جملة منها وفيها منكتب الامام الحجة المجاهد السيد عبد الحسين شرف الدين(25).
____________
(1) هو : سماحة العلاّمة الكبيرالمجاهد الشيخ محمد مرعي الامين الانطاكي مولدا ، والحلبي نشأة ، والازهري تخرجا ،والشافعي مذهبا ، والشيعي خاتمة ، من أبرز علماء سوريا ، ولد سنة 1314 هـ في قريةمن القُرى التابعة إلى أنطاكية ، درس في قريته قرابة ثلاث سنوات ثم انتقل إلىأنطاكية للدراسة ، وبقي فيها قرابة سبع سنوات ، ثم انتقل إلى الجامع الازهر مع أخيه، ودرس عند العلامة الاكبر الشيخ مصطفى المراغي شيخ الجامع الازهر ورئيس المجلسالاسلامي الاعلى ، والعلاّمة الكبير الشيخ محمد أبو طه المهنى ، والعلاّمة الكبيرالشيخ رحيم وغيرهم من مشيخة الازهر ، حصل على شهادات راقية من جامع الازهر ، وعادإلى بلاده وامتهن إمامة الجماعة والجمعة والتدريس والافتاء والخطابة نحو خمسة عشرعاما.
وأخيرا أخذ بمذهب أهل البيت ـ عليهم السلام ـ لماتبيّن له مذهب الحق ، وذلك بسبب قرائته لكتاب المراجعات للعلامة الحجة السيد شرفالدين الموسوي ، ولوقوع الكثير من المناظرات بينه وبين علماء الشيعة الامامية ، وقدتشيع على يده ويد أخيه الشيخ أحمد الكثير من أبناء العامة من سوريا ولبنان وتركيةوغيرها.
قد استفدنا هذه الترجمة من كتابه ( لماذا اخترتمذهب الشيعة ).
(2) حلب : ( وتعرف بالشهباء أيضاً ) مدينة مشهورة بالشام ، واسعةكثيرة الخيرات ، طيِّبة الهواء ، وهي قصبة جند قنسرين. قيل : سُمِّيت حلب ، لانإبراهيم ـ عليه السلام ـ كان نازلاً بها يحلب غنمه في الجمعات ، ويتصدَّق به فتقولالفقراء : حلب. وهو قولٌ بعيد ، وقيل : كان حلب وحمص وبرذعة إخوةً من عمليق ، فبنىكل واحد منهم مدينةً سُمِّيت به. ومَشرب أهل حلب من صهاريج في بيوتها ، تمتلئ بماءالمطر ، على بابها نهر يُعرف بقويق ، يمدّ في الشتاء وينصبُّ في الصيف ، وبجانبٍمنها قلعة كبيرة مُحكمة ، بها جامعٌ وكنيستان ، وميدان ودور كثيرة ، وبها مقاملابراهيم الخليل ـ عليه السلام ـ ومن حلب إلى قنسرين يوم ، والى المعرّة يومان ،وإلى منبج وبالس يومان.
انظر : مراصد الاطلاع ج1 ص417 ،سفينة البحار ج1 ص296.
(3) تقدمت تخريجات النصوص على اسماءهم وعددهم من قِبلالنبي ـ صلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ من كتب العامةفراجع.
(4) سورة المائدة : الاية 55.
(5) ج6 ص288 وص289.
(6) ج12 ص26 وص20ط ـ البهية بمصر وج3 ص431 ط ـ الدار العامرة بمصر.
(7) ج2 ص71 ط ـ دار إحياءالكتب.
(8) تقدمت تخريجات ذلك فيما سبق فراجع.
(9) يقول المقداد السيوري فيشرح الباب الحادي عشر ص96 ـ : إن المراد بـ ( الذين آمنوا ) في الاية هو بعضالمؤمنين لوجهين.
الوجه الاول : أنه لولا ذلك ، لكان كلواحد وليّا لنفسه ـ وهو باطل ـ.
الوجه الثاني : أنه وصفهمبوصف غير حاصل لكلهم ، وهو إيتاء الزكاة حال الركوع ، إذا الجملة هناحالية.
( فعلى هذا ) أن المراد بذلك البعض هو علي بن أبيطالب ـ عليه السلام ـ خاصة للنقل الصحيح ، واتفاق أكثر المفسرين على أنه كان يصلي ،فسأله سائل فأعطاه خاتمه راكعا. وإذا كان ـ عليه السلام ـ أوّلى بالتصرف فينا ،تعين أن يكون هو الامام لانّا لا نعني بالامام إلاّ ذلك.
(10) والجدير بالذكرهنا مارواه ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح النهج ج13 ص272 ، عن شيخه ردّاً على هذاالادعاء قال :
قال شيخنا أبو جعفر ـ رحمهاللهـ : أخبرونا على أيّ نوائب الاسلام أنفق هذا المال ، وفيأيّ وجه وضعه ؟ فإنه ليس بجائز أن يخفى ذلك ويدرس حتى يفوت ، ويُنسى ذكرُه ، وأنتمفلم تقفوا على شيء أكثر من عتقه بزعمكم ست رقاب لعلّها لا يبلغ ثمنها في ذلك العصرمائة درهم ، وكيف يُدّعى له الانفاق الجليل ، وقد باع من رسولاللهـ صلّىاللهعليه وآله ـبعيرين عند خروجه إلى يثرب ، وأخذ منه الثمن في مثل تلك الحال ، وروى ذلك جميعالمحدّثين ، وقد رويتم أيضا أنّه كان حيث كان بالمدينة غنيَّاً موسراً ، ورويتم عنعائشة أنّها قالت : هاجر أبو بكر وعنده عشرة آلاف درهم ، وقلتم : إناللهتعالى أنزل فيه : ( وَلاَ يَأتَلِأُولوا الْفَضْلِ منْكُمْ والسَّعةِ أَنْ يُؤتُوا أُولي القُرْبَى ) النور | 22 ، قلتم : هي في أبي بكر ومسطح بن أثاثة ، فأين الفقر الذي زعمتم أنه أنفق حتىتخلل بالعباءة ! ورويتم أنّ للّه تعالى في سمائه ملائكة قد تخلّلوا بالعبأة ، وأنّالنبي ـ صلّىاللهعليه وآله ـ رآهم ليلة الاسراء ،فسأل جبرئيل عنهم ، فقال : هؤلا ملائكة تأسَّوا بأبي بكر بن أبي قُحافة صدّيقك فيالارض ، فإنه سينفق عليك ماله ، حتى يخلّل عبأه في عنقه ، وأنتم أيضا رويتم أناللهتعالى لما أنزل آية النجوى ، فقال : ( يَأيّها الَّذِينَ آمَنوا إذَا نَاجَيتُمْ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوابَيْنَ يَدَىْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ ) المجادلة | 12 ،لم يعمل بها إلاّ عليّ بن أبي طالب وحدَه ، مع إقراركم بفقره وقلّة ذات يده ، وأبوبكر في الحال التي ذكرنا من السَّعة أمسك عن مناجاته ، فعاتباللهالمؤمنين في ذلك ، فقال : ( أأشْفَقْتُمْ أنْ تُقدمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإذْ لَمْتَفْعَلُوا وَتَابَاللهعَلَيْكُمْ ) ، فجعلهسبحانه ذنباً يتوب عليهم منه ، وهو إمساكهم عن تقديم الصدقة ، فكيف سختْ نفسهبإنفاق أربعين ألفاً ، وأمسك عن مُناجاة الرسول ، وإنما كان يحتاج فيها إلى إخراجدرهمين ! الخ.
(11) تقدمت تخريجاته.
(12) سورة الشعراء : الاية 214.
(13) هذا الحديث قد بلغ حد التواتر وقد أخرجه بهذه الالفاظ وقريب منها كثير من الحفاظوالعلماء.
راجع : تاريخ الطبري ج2 ص319 ـ 321 ، الكامل فيالتاريخ لابن الاثير الشافعي ج2 ص62 وص63 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج13ص210 وص244 ، السيرة الحلبية للحلبي الشافعي ج1 ص311 ، منتخب كنز العمال بهامش مسندأحمد ج5 ص41 وص42 ، شواهد التنزيل للحسكاني ج1 ص371 ح514 و580 ، كنز العمال ج15ص115 ح334 ، ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج1 ص85ح139 و140 و141 وص99 ح137 و138 و139 ، التفسير المنير لمعالم التنزيل للجاوي ج2ص118 ، تفسير الخازن لعلاء الدين الشافعي ج3 ص371 و390 ، حياة محمد لمحمد حسين هيكلص104 الطبعة الاولى سنة 1354 هـ. وفي الطبعة الثانية وما بعدها من طبعات الكتاب حذفمن الحديث قوله ـ صلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ : « وأنيكون أخي ، ووصي وخليفتي فيكم » ؟ !! وأكبر شاهد مراجعة الطبعة الاولى والطبعاتالاخرى ، ومراجعة جريدة السياسة المصرية لمحمد حسين هيكل ملحق عدد ـ 2751 ـ بتاريخ 12 ذي القعدة 1350 هـ ص5 وص6 من ملحق عدد ـ 2785 ـ ذكر الحديث بتمامه ، تفسيرالطبري ج19 ص121 ، ولكن المؤلف أو الناشر حرّف آخر الحديث ، فحذف قوله ـ صلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ : « إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم » وذكر بدله « إن هذا أخي وكذا وكذا » ؟!! مع أنه ذكر الحديث بتمامه في تاريخه ج2ص319 ط دار المعارف بمصر ، الغدير ج2 ص278 ـ 284.
(14) تقدمت تخريجاته.
(15) تقدمت تخريجاته.
(16) تقدمت تخريجاته.
(17) وهو قول النبي ـ صلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ : ( ألا إن مثل أهل بيتي فيكم مثلسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق ) ، وقد تقدم مع تخريج مصادره.
(18) وهو قول النبي ـ صلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ : « إنمامثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له ». وهو من الاحاديثالمتواترة المشهورة.
راجع : كنز العمال ج11 ص603 ح32910 ،الفردوس بمأثور الخطاب ج3 ص64 ح3179 ، أسنى المطالب ص201 ح895 ، كفاية الطالبللكنجي الشافعي ص378، مجمع الزوائد للهيثمي الشافعي ج9 ص168 ، المعجم الصغيرللطبراني ج2 ص22 ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص298 ، رشفة الصادي لابي بكرالحضرمي ص79 ، أرجح المطالب لعبيداللهالحنفي ص33 ،الصواعق المحرقة ص91 ط ـ الميمنية وص150 ط ـ المحمدية بمصر ، فرائد السمطين ج2 ص242ح516 و 519.
(19) تقدمت تخريجاته.
(20) حديث المؤاخاة بين الرسول ـ صلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ وعلي ـ عليه السلام ـ.
راجع : صحيح الترمذي ج5 ص300 ح3804 ، كفاية الطالب للكنجي الشافعيص194 الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص21 ، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزي ص20 ـ 24 ، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي ص37 ح57 ، المناقب للخوارزميالحنفي ص39 ح7 ، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص170 ، السيرة النبوية لابن هشام ج2 ص108 ،اُسد الغابة لابن الاثير ج2 ص221 وج3 ص137 وج4 ص29 ، ذخائر العقبى ص66 ، شرح نهجالبلاغة لابن أبي الحديد ج18 ص24 وج6 ص167 مقتل الحسين للخوارزمي الحنفي ج1 ص48 ،مجمع الزوائد ج9 ص112 الاصابة لابن حجر ج2 ص507 ، الطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص22 ،الرياض النضرة ج2 ص220 ، جامع الاصول لابن الاثير ج9 ص468 ، إحقاق الحق للتستري ج4ص171 وج6 ص462 ، الغدير للاميني ج3 ص113.
(21) تقدمت تخريجاته.
(22) تقدمتتخريجاته.
(23) تقدمت تخريجاته.
(24) تقدمت تخريجاته.
(25) كتاب لماذااخترت مذهب الشيعة للانطاكي ص319.
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
يقول الدكتور التيجاني :
والعجيب الغريب أنّ أغلبالمسلمين عندما تذكر له حديث الغدير ، لا يعرفه أو قل لمْ يسمع به والاعجب من هذاكيف يدّعي علماء أهل السنّة بعد هذا الحديث المجمع على صحّته ، بأنّ رسولاللهـ صلّىاللهعليه وآله وسلّمـ لم يستخلف وترك الامر شورى بين المسلمين.
فهل هناكللخلافة حديث أبلغ من هذا وأصرح يا عبادالله؟؟ وإنيلاذكر مناقشتي مع أحد علماء الزيتونة في بلادنا عندما ذكرتُ له حديث الغدير محتجّابه على خلافة الامام عليّ ـ عليه السلام ـ فاعترف بصحّته ، بل وزاد في الحبل وصلةفأطلعني على تفسيره للقرآن الذي ألّفه بنفسه ، والذي يذكر فيه حديث الغدير ويصححه ،ويقول بعد ذلك :
« وتزعم الشيعة بأن هذا الحديث هو نصّعلى خلافة سيدنا علي ـ كرّماللهوجهه ـ ، وهو باطل عندأهل السنّة والجماعة لانه يتنافى مع خلافة سيّدنا أبي بكر الصدّيق وسيّدنا عمرالفاروق وسيّدنا عثمان ذي النورين ، فلا بدّ من تأويل لفظ المولى الوارد في الحديثعلى معنى المحب والناصر ، كما ورد ذلك في الذكر الحكيم ، وهذا ما فهمه الخلفاءالراشدون والصحابة الكرام ـ رضياللهتعالى عليهمأجمعين ـ، وهذا ما أخذه عنهم التابعون وعلماء المسلمين ، فلا عبرة لتأويل الرافضةلهذا الحديث لانهم لا يعترفون بخلافة الخلفاء ويطعنون في صحابة الرسول وهذا وحدهكافٍ لردّ أكاذيبهم وإبطال مزاعمهم » انتهى كلامه في الكتاب.
سألته : هل الحادثة وقعتْ بالفعل في غدير خم(3)؟
أجاب : لو لم تكن وقعتْ ما كان ليرويها العلماءوالمحدّثون !
قلتُ : فهل يليق برسولاللهـ صلّىاللهعليه وآله وسلّمـ أن يجمع أصحابه في حرّ الشمس المحرقة ويخطب لهم خطبة طويلة ليقول لهم :
بأنّ علي محبّكم وناصركم ؟ فهل ترضون بهذا التأويل ؟
أجاب : إن بعض الصحابة اشتكى عليِّا وكان فيهم من يحقد عليهويبغضه ، فأراد الرسول أن يزيل حقدهم ، فقال لهم : بأنّ عليا محبّكم وناصركم ، لكييحبّوه ولا يبغضوه.
قلتُ : هذا لا يتطلّب إيقافهم جميعاوالصلاة بهم وبدأ الخطبة بقوله : ألستُ أولى بكم من أنفسكم ، لتوضيح معنى المولى ،وإذا كان الامر كما تقول فكان بإمكانه أن يقول لمن اشتكى منهم عليَّا : « إنّهمحبّكم وناصركم » ، وينتهي الامر بدون أن يحبس في الشمس ، تلك الحشود الهائلة وهيأكثر من مائة ألف فيهم الشيوخ والنساء ، فالعاقل لا يقنع بذلك أبدا !
فقال : وهل العاقل يصدّق بأنّ مائة ألف صحابي لم يفهموا ما فهمتَأنتَ والشيعة ؟؟
قلتُ : أولاً لم يكن يسكن المدينةالمنوّرة إلاّ قليلٌ منهم.
وثانيا : إنهم فهموا بالضبط مافهمتُه أنا والشيعة ، ولذلك روى العلماء بأن أبا بكر وعمر كانا من المهنّئين لعليبقولهم : بخ بخ لك يابن أبي طالب أمسيت وأصبحت مولى كل مؤمن(4).
قال : فلماذا لم يبايعوه إذا بعد وفاةالنبي ؟ أتراهم عصوا وخالفوا أمر النبيّ ؟ أستغفراللهمن هذا القول !
قلتُ : إذا كان العلماء من أهل السنّةيشهدون في كتبهم بأنّ بعضهم ـ أعني من الصحابة ـ كانوا يخالفون أوامر النّبي ـصلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ في حياته وبحضرته(5)، فلا غرابة في ترك أوامره بعد وفاته ، وإذا كان أغلبهم يطعنُ فيتأميره أسامة بن زيد لصغر سنّه رغم أنها سريّة محدودة ولمدّة قصيرة فكيف يقبلونتأمير عليّ على صغر سنّه ولمدّة الحياة ، وللخلافة المطلقة ؟ ولقد شهِدتَ أنتَبنفسك بأن بعضهم كان يبغض عليَّا ويحقد عليه !!
أجابنيمتحرّجا : لو كان الامام عليّ ـ كرّماللهوجهه ورضياللهعنه ـ يعلَمُ أنّ رسولاللهـ صلّىاللهعليه وآله وسلّمـ استخلفه ، ما كان ليسكتَ عن حقّه وهو الشجاع الذي لا يخشى أحدا ويهابه كلالصحابة.
قلتُ : سيدي هذا موضوع آخر لا أريد الخوض فيهلانك لم تقتنع بالاحاديث النبوية الصحيحة ، وتحاول تأويلها وصرفها عن معناها حفاظاعلى كرامة السلف الصالح ، فكيف أُقنعك بسكوت الامام عليّ أو باحتجاجه عليهم بحقّهفي الخلافة ؟
ابتسم الرّجل قائلاً : أنا واللهمن الذين يفضّلون سيدنا عليّا ـ كرّماللهوجهه ـ على غيره ، ولو كان الامر بيدي لما قدّمتُ عليهأحدا من الصحابة ، لانه باب مدينة العلم وهو أسداللهالغالب ، ولكن مشيئةاللهسبحانه هو الذي يقدّم من يشاءويؤخّر من يشاء ، ( لا يُسأل عمّا يفعل وهم يُسألون ) (6).
ابتسمتُ بدوري له ، وقلتُ : وهذا أيضاموضوع آخر يجرّنا للحديث عن القضاء والقدر ، وقد سبق لنا أن تحدّثنا فيه وبقي كلٌمنّا على رأيه ، وإنّي لاعجب يا سيدي لماذا كلّما تحدثتُ مع عالم من علماء أهلالسنّة وأفحمته بالحجّة سرعان ما يتهرّب من الموضوع إلى موضوعٍ آخر لا علاقة لهبالبحث الذي نحن بصدده.
قال : وأنا باقٍ على رأيي لاأغيّره.
ودّعته وانصرفتُ. بقيتُ أفكّر مليَّا لماذا لاأجدُ واحدا من علمائنا يكمل معي هذا المشوار ويوقف الباب على رجله ، كما يقول المثلالشائع عندنا.
فالبعض يبدأ الحديث ، وعندما يجد نفسهعاجزا عن إقامة الدّليل على أقواله يتملّص بقوله : ( تلك أمّةقد خلتْ لها ما كسبتْ ولكم ما كسبتم ) (7) والبعض يقول ما لناولاثارة الفتن والاحقاد فالمهم أنّ السنّة والشيعة يؤمنون بإله واحد ورسول واحدوهذا يكفي ، والبعض يقول بإيجاز : يا أخي اتّقاللهفيالصحابة ، فهل يبقى مع هؤلاء مجال للبحث العلمي وإنارة السبيل والرجوع للحق الذيليس بعده إلاّ الضّلال ؟ وأين هؤلاء من أسلوب القرآن الذي يدعو الناس لاقامةالدّليل : ( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) (8) مع العلم بأنهم لو يتوقّفون عن طعنهم وتهجمهم على الشيعة لماألجأونا للجدال معهم حتّى بالتي هي أحسن(9).
____________
(1) هو : الدكتور محمد التيجاني السماوي التونسي ، حفظالقرآن في سنٍ مبكرٍ ، نشأ وترعرع على طريقة الصوفية التيجانية وهي منتشرة بكثرة فيالمغرب ، والجزائر ، وتونس ، وليبيا ، والسودان ، ومصر ، والتي من أُسسها الحفاظعلى الشعائر الدينية واحترام الاولياء والصالحين وترتيل القرآن ، ولها أذكارهاوأدعيتها الخاصة وكان على مذهب الامام مالك بن أنس وأخيراً اعتنق المذهب الشيعي بعدبحث طويل في تحقيق مسائل الخلاف بين المذاهب الاسلامية ، كما جرت بينه وبين بعضالعلماء مناظرات حين زيارته للنجف الاشرف منهم السيد الخوئي ـ قدس سره ـ ، والشهيدالسيد محمد باقر الصدر ـ قدس سره ـ ، له من المؤلفات كتاب ثم اهتديت الذي شرح فيهكيفية استبصاره والاسباب التي دعته إلى الاخذ بمذهب أهل البيت ـ عليهم السلام ـ ،لاكون مع الصادقين ، الشيعة هم أهل السنة ، فاسألوا أهل الذكر ، وقد حصل على شهادةالدكتوراه في الفلسفة من جامعة السوربون ـ باريس. استفدنا هذه الترجمة من كتابه ثماهتديت.
(2) الزيتونة : جامع في تونس بنته عطف ارملة المستنصر الحفصي ـ 1283 ـخارج باب البحر. المنجد ـ قسم الاعلام ـ ص341.
(3) تقدمت تخريجاته.
(4) تقدمتتخريجاته.
(5) صحيح البخاري ومسلم إذ أخرجا عدّة مخالفات لهم كما في صلحالحديبية وكما في رزية يوم الخميس وغير ذلك كثير ، وخير من كتب في هذا الموضوعالسيد شرف الدين ( قدس سره ) في كتابه : النص والاجتهاد فراجع.
(6) سورةالانبياء : الاية 23.
(7) سورة البقرة : الاية 134.
(8) سورة البقرة : الاية 111.
(9) مع الصادقين للدكتور التيجاني السماوي ص58.
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
سؤال\ حديث الثقلين الذي فيه ( القرآن وعترتي أهل بيتي ) يروج الآن المخالفين أنه لا يدل على وجوب الاقتداء بأهل البيت وأنه فقط بالقرآن وأن الواو لا تدل على العطف ؟؟ والأمر الآخر أن الأحاديث الصحيحة الموجودة في كتب السنة - الصحاح- لا يوجد سوى لفظ به أي القرآن وليس بهما أي أن الوارد ما إن تمسكتم به وليس ما أن تمسكتم بهما ، وهنا يدّعون أن به خاص فقط بالقرآن والواو ليست للعطف ؟ وثانيا لا يوجد في كتبهم المعتمدة حديث صحيح بلفظ بهما ؟؟ والادعاء الأخير عدم وجود هذا الحديث صحيحا ومتواترا وعلى شروطكم في كتب الشيعة ؟؟؟
الجواب\ التشكيك في الحديث يعكس مدى تأثيره الواضح في كشف الحقيقة وإزالة الريب، ولما كان متنه على درجة عالية من الوضوح والصراحة لجئوا إلى التحايل والتضليل بالابتعاد عن الأساليب العلمية الرصينة إلى حيل تناسب الدعايات المغرضة والتضليل الإعلامي ولا تمت إلى الأمانة العلمية بصلة.
ففي مسند أحمد، عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله ص: ( إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء و الأرض أو ما بين السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض). انتهى
وفيه عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ص: إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض). انتهى
وفيه أيضا: حدثنا عبدالله: حدثني أبي ثنا أبو أحمد الزبيري ثنا شريك عن الركين عن القاسم بن حسان عن زيد بن ثابت قال: قال: ( إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله وأهل بيتيوإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض). انتهى
وفي كتاب فضائل الصحابة للنسائي: عن زيد بن أرقم قال : لما رجع رسول الله ص عن حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن ثم قال كأني قد دعيت فأجبت إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض ثم قال إن الله مولاي وأنا ولي كل مؤمن ثم أخذ بيدي علي فقال من كنت وليه فهذا وليه اللهم والي من والاه وعاد من عاداه. الحديث
وفي المستدرك للحاكم النيسابوري عن زيد بن أرقم قال: لما رجع رسول الله ص عن حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن ثم قال كأني قد دعيت فأجبت إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض ثم قال إن الله مولاي وأنا ولي كل مؤمن ثم أخذ بيدي علي فقال من كنت وليه فهذا وليه اللهم والي من والاه وعاد من عاداه. الحديث ( قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بطوله)انتهى
وفيه: عن زيد بن أرقم: قال: نزل رسول الله ص بين مكة والمدينة عند شجرات خمس دوحات عظام فكنس الناس ما تحت الشجرات ثم راح رسول الله ص عشية فصلى ثم قام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ فقال ما شاء الله أن يقول ثم قال: أيها الناس إني تارك فيكم أمرين لن تظلوا إن اتبعتموهما وهما كتاب الله وعترتي أهل بيتي ثم قال أتعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثلاث مرات قالوا نعم فقال رسول الله ص من كنت مولاه فهذا علي مولاه ). انتهى (يقول الحاكم: صحيح على شرطهما)
إذا الكلام كله في هذه الأحاديث وغيرها عن ثقلين اثنين !!!!!!!!!!!!!!!
وأما كلمة به في بعض أخبار حديث الثقلين كما في سنن الدارمي عن جابر بن عبدالله قال: رأيت رسول الله ص في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب فسمعته يقول يا أيها الناس إني تركت فيكم من ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي.) انتهى ورواه الترمذي في سننه
وأما ما في سنن الترمذي عن زيد بن أرقم أنه قال: قال رسول الله ص (إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما) هذا حديث حسن غريب !!! . انتهى ، فالضمير في (به) يعود على كلمة ما أو من على اختلاف النسخ، والكلمة مفردة فعاد الضمير عليها مفردا ولكن الرواية لم تنته حتى فسر الرسول ص مراده وصرح بمقصوده من هذه الكلمة وأن التمسك لا يكون بطرف واحد وإنما يكون بطرفين لابد من الأخذ بهما معا وأي إخلال في ذلك – حت لو تمسك بأحدهما وترك الآخر – فسيؤدي إلى ضلال...
فكلمة به لا تعود على القرآن الكريم لوحده كما زعم المبطلون، بل تعود على إلى الكتاب والعترة، لأنهما المراد ب (ما) أو (من)، لا سيما مع ملاحظة الألسن المتقدمة للخبر والصريحة في التثنية، فلا يبقى مجال لأدنى شك في المراد بالحديث ...
وأما وجود أو عدم وجود كلمة (بهما) فلا يقدم ولا يؤخر بعد صراحة الروايات المتعددة ووضوحها في التثنية والتصريح بالمراد من الثقلين وأنه الكتاب والعترة . فلا حاجة للوقوف عند هذه المناقشة المتهاوية بعد ما تقدم !!!
وأما دعوى عدم وجود حديث حديث الثقلين في كتب الشيعة فهي دعوى باطلة قطعا، والحديث مسلم عند الشيعة، ومروي بطرق صحيحة في كتب الشيعة، والأحاديث الدالة على إمامة أهل البيت ع وأنهم الحجة على الناس بعد رسول الله ص كثيرة جدا تفوق حد التواتر المعنوي، فلا يحتاجون إلى هذا الحديث بالخصوص إلا في مقام إلزام الغير به !!!!
ثم دعوى عدم وجوده في كتب الشيعة لا يعفي العامة من الالتزام به بعد وجوده في كتبهم ووروده من طرقهم الصحيحة !!!
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
سؤال\يواصل المخالفين تجاهلهم للحديث السابق ويروجون لحديث القرآن وسنتي فيقولون
أما الأحاديث الواردة (( كتاب الله و سنتي )) و الصحيحة منها فوردت كلمة ((بهما)) و الأحاديث هي :
1- (( إني قد خلفت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما أبدا ما أخذتم بهما أو عملتم بهما : كتاب الله وسنتي ولم يتفرقا حتى يردا علي الحوض )) صححه ابن حزم ........ المصدر: أصول الأحكام 2/251
2- ((تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما : كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ))
صحيح , ابن عبد البر , المصدر: التمهيد , 24/331
3- (( تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما : كتاب الله وسنة رسوله ))
صححه الألباني في التوسل
4- ((خلفت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما : كتاب الله و سنتي ، و لن يتفرقا حتى يردا على الحوض)) ......... المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع 34
5- ((تركت فيكم شيئين ، لن تضلوا بعدهما : كتاب الله ، و سنتي ، و لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض )) ............... المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع 2937
6- ((تركت فيكم أمرين ، لن تضلوا ما تمسكتم بهما : كتاب الله وسنة رسوله))
المحدث: الألباني - المصدر: مشكاة المصابيح ..................................... 184 وكذلك وجود هذه الرواية في كتبكم مثل البحار
فما الرد المناسب على مثل هذا الترويج ؟؟
الجواب\ أولا حديث (وسنتي) لا يقاس بحديث الثقلين (وعترتي) من ناحية السند لا في كتبنا ولا في كتب العامة
وثانيا\ يمكن الجمع بينهما لأن أهل البيت هم حملة السنة وحفاظها، وهم أصدق رواتها، فالارجاع إلى السنة لا ينافي الرجوع إليهم عليهم السلام، بل مقتضى الجمع بين الحديثين أنه في مورد الشك والخلاف تؤخذ السنة الصحيحة منهم
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
قال عبداللهبن عمر :
كنت عندأبي يوماً ، وعنده نفر من الناس، فجرى ذكر الشعر ، فقال: مَنْ أشعرُ العَرب؟
فقالوا : فلان وفلان ، فطلع عبداللهبن عباس ، فسلّم وجلَس ، فقال عمر : قد جاءكم الخبير ،مَنْ أشعرُ الناس يا عبدالله؟ قال : زهير بن أبى سلمى .
قال : فأنشدْني مما تستجيده له .
فقال : يا أمير المؤمنين ، إّنه مدح قوماً من غطفان ، يقال لهمبنو سنان ، فقال :لو كان يقـعد فوق الشمس من كرمٍ
*
قومٌ بأوَّلـهــمْ أو مجدِهمْ قعدوا
قـــوم أبـوهم سنان حين تَنسبُهُمْ
*
طابوا وطاب من الاولاد ما وَلَدُوا
إنسٌ إذا أمـِنـوا ، جِنٌّ إذا فزعـوا
*
مُرَزَّؤُون بها لـيــلٌ إذ جُهِدوا
مُحسّدون على مـا كــان من نعمٍ
*
لا ينزعاللهمنهم مالهحـُـسِدوا
فقال عمر : واللهلقد أحسن ، وما أرى هذا المدح يصلح إلاّ لهذاالبيت من هاشم ، لقرابتهم من رسولاللهـ صلّىاللهعليه وآله ـ .
فقال ابن عباس : وفّقكاللهيا أمير المؤمنين ، فلم تزل موفقا .
فقال : يابن عباس ، أتدري ما منع الناس منكم ؟ قال : لا يا أميرالمؤمنين .
قال : لكني أدري .
قال : ما هو يا أمير المؤمنين ؟
قال : كرهتْ قريش أنتجتمع لكم النبوة والخلافة ، فيجخِفوا جِخْفا(1)، فنظرت قريش لنفسهافاختارت ووفقت فأصابت .
فقال ابن عباس : أيَميطُ أميرالمؤمنين عنّي غضبه فيسمع ؟ قال : قل ما تشاء .
قال : أماقول أمير المؤمنين : إن قريشاً كرهـت ، فـإناللهتعالىقال لقِوم : ( ذَلِك بأنّهُمْ كَرِهُوا ما أنزلاللهفأحبط أعْمَالهُمْ )(2) .
واّما قولك : ( إنّا كنّا نجخف ) ، فلو جَخَفْنا بالخلافةجَخَفْنا بالقرابة ، ولكنّا قوم أخلاقُنا مشتقةٌ من خُلق رسولاللهـ صلّىاللهعليه وآله ـالذي قالاللهتعالى : ( وَإنّكلَعَلَى خُلقٍ عظيم )(3) ، وقال له : (وَاخْفِض جَنَاحَكَ لِمَنِ اتبعكَ من المؤمنين )(4) .
وأما قولك : « فإن قريشا اختارت » ، فإنّاللهتعالى يقول : ( وربكيخلُقُ ما يشاء ويختارُ ما كان لَهُمُ الخَيَرة )(5) وقد علمت ياأمير المؤمنين أناللهاختار من خلقه لذلك مَنْاختار(6)، فلو نظرتْ قريش من حيث نظراللهلها لوفقت وأصابت قريش .
فقال عمر : على رسْلكيابن عباس ، أبت قلُوبكم يا بني هاشم إلا غِشّا في أمر قريش لا يُزول ، وحقدا عليهالا يَحول .
فقال ابن عباس : مَهْلاً يا أمير المؤمنين ؟لا تنسُب هاشما إلى الغشّ ، فإن قلوبهم من قلب رسولاللهـ صلّىاللهعليه وآله ـ الذي طهّرهاللهوزكّاه ، وهم أهلُ البيت الذين قالاللهتعالى لهم : ( إنما يرُيدُاللهليُذهِبَ عنكم الرجسَ أهْل البيت ويُطَهِّرَكم تطهيرا )(7) .
وأما قولك : « حقدا » فكيف لايحقد من غُصِب شيئه ، ويراه في يد غيره .
فقال عمر : أماأنت يا بن عباس ، فقد بلغَني عنك كلامٌ أكره أن أخبرك به ، فتزول منزلتك عندي .
قال : وما هو يا أمير المؤمنين ؟ أخبرني به ، فإنْ يكُباطلاً فمثلي أماط الباطلَ عن نفسه ، وإنْ يكُ حقا فإنّ منزلتي لا تزولُ به .
قال : بلغني أنّك لا تزال تقول : أُخِذَ هذا الامر منكحسدا وظلما .
قال : أمّا قولك يا أمير المؤمنين : ( حسدا ) ، فقد حسد إبليس آدم ، فأخرجه من الجّنة ، فنحن بنو آدم المحسود .
وأما قولك : « ظلما » فأمير المؤمنين يعلم صاحب الحقِّ من هو ! ثمقال : يأمير المؤمنين ، ألم تحتجّ العرب على العجم بحق رسولاللهـ صلّىاللهعليه وآله ـ،واحتّجت قريش على سائر العرب بحقّ رسولاللهـ صلّىاللهعليه وآله ـ ! فنحن أحقُّ برسولاللهمن سائر قريش .
فقال له عمر : قم الان فارجع إلى منزلك ، فقام ، فلّما ولّى هتف به عمر : أيها المنصرف ، إنِّيعلى ما كان منك لراعٍ حقك !
فالتفت ابن عباس فقال : إنّ ليعليك يا أمير المؤمنين وعلى كلّ المسلمين حقا برسولاللهـ صلّىاللهعليه وآله ـ ، فمن حفظه فحقّ نفسهحفِظ ، ومَنْ أضاعه فحقّ نفسه أضاع ، ثم مضى .
فقال عمرلجلسائه : واها لا بن عباس ، ما رأيته لاحى أحدا قطّ إلاّ خصَمه !(8) .
____________
(1) جخف : تكبر .
(2) سورةمحمد : الآية 9 .
(3) سورة ن : الآية 5 .
(4) سورة الشعراء : الآية 215 .
(5) سورة القصص : الآية 68 .
(6) هذه الكلمة من ابن عباس تدل على أنه منالمتسالم عليه عندهم أن الخلافة قد ثبتت بالنص على الامام علي ـ عليه السلام ـوأنها بأمراللهواختياره ، ولو لم يكن كذلك لاعترضعليه الخليفة في ذلك ، والحق يقال أن انعقاد الخلافة بالشورى أو الاجماع أو البيعةما هو الا اجتهاد في مقابل النص وقد قال تعالى : ( وما كانلمؤمنٍ ولا مؤمنة اذا قضىاللهورسولهُ امرا أن يكونلهم الخيرةُ من امرِهم ومن يعصاللهورسوله فقد ضلضلالاً مبيناً ) سورة الاحزاب : الاية 36 .
(7) سورة الاحزاب : الاية 33 .
فقد روى الجمهور أن هذه الآية الشريفة نزلت في خمسة وهم : النبي ـ صلىاللهعليه وآله وسلم ـ وأمير المؤمنينوفاطمة والحسن والحسين ـ عليهم السلام ـ .
راجع : صحيحمسلم كتاب فضائل الصحابة باب فضائل أهل بيت النبي ـ صلىاللهعليه وآله وسلم ـ ج 4 ص 1883 ح 61 ، صحيح الترمذي ج 5 ص 327 ح 3205 و ح 3206، المستدرك للحاكم ج 3 ص 133 و ص 146 و ج 2 ص 416 ، شواهد التنزيل للحسكاني ج 2 ص 18 ـ 141 ح 637 و ح 474 ، مسند أحمد بن حنبل ج 3 ص 259 ج 4 ص 107 و ج 6 ص 292 ،أسباب النزول للواحدي ص 239 ، المناقب للخوارزمي ص 60 ـ 61 ح 28 ـ 29 ، تفسيرالقرطبي ج 14 ص 182 ، الكشاف للزمخشري ج 3 ص 537 ، الدر المنثور للسيوطي ج 6 ص 603، فرائد السمطين ج 2 ص 9 ح 356 ، الصواعق المحرقة ص 143 ، فضائل الخمسة من الصحاحالستة ج 1 ص 270 ـ 289 ، وغيرها الكثير من المصادر .
(8) شرح النهج لابن ابيالحديد ج 12 ص 52 ـ 55 ، تاريخ الطبري ج 4 ص 223 ، الكامل لابن الاثير ج 3 ص 62 ( في حوادث سنة 23 ) ، الايضاح لابن شاذان ص 87 .
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
قال ابن عباس :
كنت عند عمر ، فتنفّس نفسا ظننتُ أنّأضلاعه قد انفرجت .
فقلت : ما أخرج هذا النّفسَ منك ياأميرَ المؤمنين إلاّ همُّ شديد !
قال : إي واللهيا بن عباس ! إني فكّرتُ فلم أدْرِ فيَمنْ أجعلُ هذاالامر بعدي ، ثم قال : لعلّك ترى صاحبك لها أهلا !
قلت : وما يمنعه من ذلك مع جهاده وسابقته وقرابته وعلمه !
قال : صدقت ، ولكنه امرؤ فيه دُعابة .
قلت : فأين أنت عن طلحة !
قال : ذو الَبأو(1)وبإصبعه المقطوعة !
قلت : فعبد الرحمن ؟
قال : رجل ضعيف لو صار الامر إليه لوضع خاتمه في يد امرأته .
قلت : فالزّبير ؟
قال : شكسٌ لقس(2)يُلاطم فيالنقيع في صاعٍ من بُرّ !
قلت : فسعد بن أبي وقاصِ؟
قال : صاحب سلاح ومِقْنب(3) .
قلت : فعثمان ؟
قال : أوَّه ! ثلاثا ،واللهلَئِن وليَها ليحملَنَّ بني أبي مُعَيط على رقابالناس ، ثم لتنهض العرب إليه .
ثم قال : يا بن عباس ، إنهلا يصلُح لهذا الأمر إلاّ خَصِف العقدة ، قليل الغّرة ، لا تأخذه في اللّه لومةلائم ، ثم يكون شديدا من غير عنف ، ليّنا من غير ضعف ، سخيّا من غير سرف ، ممسكا منغير وكَف(4) .
قال : ثمّ أقبل عليَّ بعد أنسكت هُنَيئة ، وقال : أجرؤهم واللهإن وَليها أنٌيحملهم على كتاب ربّهم وسنة نبيّهم لصاحِبُك ! أما إن وليَ أمرهم حملهم على المحجةالبيضاء والصراط المستقيم(5) .
____________
(1) البأو : العُجب والتفاخر .
(2) الشكسُ اللقس : سيُ الخلق .
(3) المقِنبْ : جماعةُ الخيل .
(4) الوكف : العيب .
(5) شرح النهج لابن أبيالحديد ج 12 ص 51 ـ 52
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
قال ابن عباس :
كنت أسير مع عمر بن الخطاب في ليلة وعمرعلى بغل وأنا على فرس فقرأ آية فيها ذكر عليِّ بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ .
فقال : أما واللهيا بنيعبد المطلب ؟ لقد كان عليُّ فيكم أولى بهذا الامر منّي ومن أبي بكر .
فقلت في نفسي: لا أقالنياللهإنأقلْته .
فقلت : أنت تقول ذلك يا أمير المؤمنين ؟ وأنتوصاحبك وثبتما وأفرغتما الامر منّا دون الناس .
فقال: إليكم يابني عبد المطلب ؟ أما إنّكم أصحاب عمر بن الخطاب .
فتأخَرتُ وتقدم هنيهة .
فقال : سِر لاسرتَ ، وقال : أعد علىًّ كلامك .
فقلت : إنّما ذكرتَ شيئافرددتُ عليه جوابه ولو سكتَّ سكتنا .
فقال : إنّا واللهما فعلنا الذي فعلنا عن عداوةٍ ولكن استصغرناه ، وخشيناأن لا يجتمع عليه العرب وقريش لما قد وترها .
قال : فأردتُ أن أقول : كان رسولاللهـ صلّىاللهعليه وآله ـ يبعثه فينطح كبشها فَلمَ يَستصغره ،أفتستصغره أنت وصاحبك ؟ فقال : لا جرم ، فكيف ترى ؟ واللهما نقطع أمرا دونه ، ولا نعمل شيئا حتى نستأذنه(1) .
____________
(1) محاضرات الراغب الاصفهاني ج 7ص 213 ، الغدير للاميني ج 1 ص 389.
- اقتباس
- تعليق
تعليق
اقرأ في منتديات يا حسين
تقليص
لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.
تعليق