المشاركة الأصلية بواسطة صندوق العمل
لدي فهم مغاير لبعض ما ذهبتَ إليه ، والحق أولى بالإتباع إن كان الحق في صفك أو في صفي أو في صف طرف ثالث..
كل إنسان يولد إنما يولد على الصفاء والنقاء ومعرفة الله ، فمهيأ للإسلام ومهيأ للكفر، وعند موته ، إما جنة يرتاح فيها أو نار يعذب فيها ، (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره)..
من يدخل الجنة ، فقد رضي الله عنه ، وقد يكون بداية أمره في الدنيا كافرا ، فإذا أسلم ورضي الله عنه ووعده بالجنة فالله لا يخلف وعده وميعاده ، وكـُفْر الإنسان قبل بلاغه النذير معفي عنه بعد قبوله الإسلام لأنه كان جاهلا لا يعرف الإسلام ، فقال تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) ، ومن سخط الله عليه وأخبر بكفره فقد علم الله أنه سيموت كافرا منافقا ، ولن يقدم لحياته خيرا كما ذكر ذلك عن أبي لهب وصناديد كفار قريش الذين قتلوا في بدر وأحد وماتوا كافرين ..
أما من رضي الله عنهم، فيقول الله:
(وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)
وقال تعالى (لَقَدْ رَضِيَ الله عَنِ الْمُؤمِنِيْنَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِم)
وقال سبحانه (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ?
إذن: من ترضى عنه الله فقد استحق الرضا منحة ورحمة وجزاءا من الله بالحسنى ، ومن شارب قلبه النفاق وادعى الإسلام فلا يجوز أن نقول أن الله قد رضي عنه ثم نافق وانتكس فحلت عليه لعنة الله لأن ذلك يعني أن الله تعالى لم يكن يعلم أن بعض من ترضى عنهم سينتكسون ويرتدون وينافقون ، وهذا اتهام خطير لا يجوز في حق الله ، أما الذين نافقوا وأضمروا الحقد على الإسلام ونبيه ، فقد قال عنهم الله وهو أعلم بهم:
ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28)
أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29)
وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30)
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (31)
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (32)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (33)
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (34)
فمن سخط الله عليه وأحبط عمله ففي علم الله أنه لن يهتدي ولن يتبع سبيل المؤمنين..
أما قول الله عزوجل:
(إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) ، فمعناها واضح ولا تحتمل التأويل الخارج عن ظاهر النص ، فالله يرضى لعباده الإيمان ولا يرضى لهم الكفر رحمة بهم ، فالله غني عن العالمين لو كفروا أجمعين ، وليس معناه على ما أفهم أن الرضوان صفة ازلية وقد أحبط الله أعمال من رضي عنهم عندما كرهوا رضاه ، ففي قول الله تعالى:
(وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) ، أي: قد أوحي إلى الرسول الكريم وإلى الرسل والأنبياء من قبله لئن أشركت يا محمد ليحبطنّ عملك, ولتكوننّ من الخاسرين, وهو بيان تحذيري من الشرك للرسول وسائر الأنبياء مع علم الله الأزلي أن رسوله عليه وآله الصلاة والسلام سيد الأولين والآخرين في الدنيا وفي الجنة وبعيد عنه الشرك والمعصية مثلما كان بعيدا عنها الأنبياء والمرسلون ..
وهنا السؤال:
من هم الذين رضي الله عنهم (ورضاه أبدي) ، ومن هم الذين سخط عليهم (وسخطه أبدي)؟
لقد كان يعرف الرسول المنافقين ويصلي عليهم ، حتى نزل الوحي بمنعه ، وفضح أمرهم فيقول تعالى"
فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (81)
فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82)
فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ (83)
وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (84)
وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (85)
وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آَمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ (86)
رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (87)
لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (88)
تعليق