السلام عليكم ورحمة الله
ان الدارس لسير الصحابة الراصد لمواقفهم يقف بعد طول الدرس على حقيقة غريبة وهي أن أصحاب الرسول الكريم صلى الله عليه وآله كانوا استثناء بشريا , وحالة خاصة , من مراحل الارتقاء العجيب بالنفس عبر مراحلها الخمس وصولا الى أقصى حالة ايمانية تحققت لغير الأنبياء .
كانوا بشرا تم ضبط زمانهم ( بتوقيت من لدن عليم حكيم ) على زمان النبي الأكرم صلوات الله عليه وآله ليكونوا مشاعل الدين وحراس العقيدة .
في هذا الموضوع سأثبت ان شاء الله تعالى أن الكلام السابق هو حق وله حقيقة .
وأن محبة الصحابة في حقيقتها متطلب ايماني وضمانة من زلل استدراجي خطير.
يقول الحق تبارك وتعالى
مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدً ايَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِالسُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَوَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًاعَظِيمًا
سنقف معا ان شاء الله تعالى على بعض المعاني الظاهرة في الآية الكريمة
(محمد رسول الله)
محمد الاسم الشريف : مبتدأ
رسول الله : خبر ( جواب سؤال من هو محمد )
(والذين معه)
المعية نوعان
معية جسدية ( أن تكون مع شخص بجسدك ) وهذه تتحقق بدون توافق فكري
معية اعتبارية ( أن تكون مع شخص في فكره ومعتقده ) وهذه تتحقق بدون الملازمة الجسدية
فما هي المعية المذكورة في قول الحق تبارك وتعالى ( والذين معه )
ابتدأت الآية الكريمة بذكر الاسم الشريف ( محمد ) والصفة الاعتقادية الاعتبارية ( رسول الله )
محمد رسول الله ثم ذكرت المعية بقول الحق تبارك وتعالى ( والذين معه )
لتشمل المعيتين الجسدية (مع محمد ) والاعتبارية ( مع رسول الله )
يعني ( والذين معه ) ملازمين لمحمد صلى الله عليه وآله (في عرف الزمان والمكان ) مؤمنين بأنه رسول الله
النوع الأول من المعية وهو الجسدية ( متحقق للمنافقين)
النوع الثاني من المعية وهو الاعتقادية ( متحقق للمتأخرين من التابعين باحسان الى يوم الدين )
النوعان متحققان للمذكورين في الآية الكريمة
وهم : (الذين مع محمد رسول الله)
وهذاهو التعريف القرآني لمسمى نعرفه جميعا وهذا المسمى هو ( الصحابة )
وفي هذه المعية يدخل آل البيت دون تمييز لهم عن باقي من تحققت له هذه المعية ( الصحابة )
لماذا دون تمييز
هل لأن واقع آل البيت لا يختلف عن واقع الصحابة من جهة مسؤوليتهم عن هذا الدين وكلفتهم به .
يتبع ان شاء الله ...
أخوكم مسافر
السلام عليكم ورحمة الله
أشداء على الكفار رحماء بينهم
أشداء بمعنى أشداء فلا لبس هنا
رحماء بمعنى رحماء فلا لبس هنا أيضا
كيف يكونوا أشداء ورحماء
كيف تتراوح حالتهم وطبعهم من النقيض الى النقيض
ونحن نعلم أن الطبع والهوى له اتجاه واحد
فمن يوصف بالشدة لا يحتمل أمره أن يوصف بالرحمة
هم أشداء على الكفار لأن الله أمرهم بذلك فامتثلوا ( وليجدوا فيكم غلظة )
وهم رحماء بينهم لأن الله أمرهم بذلك فامتثلوا ( وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة)
تمام الامتثال لأمر الله هو أن يتأصل أمر الله في النفس حتى يصبح طبعها وهواها
لقد ضبط الصحابة الكرام هواهم على أمر الله فأصبحوا
أشداء على الكفار في طبعهم
رحماء بينهم في طبعهم
فتجزأ طبعهم اتباعا لما يرضي الله
وهذا أمر ليس بهين
فنحن في هذا الزمن المالح نرى اللطفاء من المسلمين محكومين بطبعهم فيغلب عليهم لطفهم حتى مع أعداء الدين
ونرى الغلاظ محكومين بطبعهم فتغلب عليهم الجلافة في مقامات الأخوة والتودد مع اخوتهم المسلمين
أما اللذين كانوا محكومين في كل أمرهم بأمر الله ورضاه فهم بشر من نوع خاص عاشوا زمانا خاصا فرضي الله عنهم وأرضاهم
الشدة على الكفار والرحمة بالمؤمنين هي هوية المسلم المؤمن الى قيام الساعة بها يعرف المؤمن أخاه المؤمن وبها يعرف الكفار أنهم أعداء وفقط أعداء
فكان أول ما ذكر الله تعالى من صفات الصحابة هويتهم .
يقول علماء الباراسيكولوجي أن دماغ الانسان مقسوم منطقيا وليس فيزيائيا الى قسمين القسم الأول يسمونه العقل الظاهرpositive memory والقسم الثاني يسمونه العقل الباطنnegative memory
ويقولون أن العقل الظاهر كثير الأخطاء كثير الندم أما العقل الباطن فهو مستقر الحقائق والمعتقدات الثابتة ولا يخطيء الا اذا كان معتقد الانسان خاطئا ولا يتأثر هذا العقل في حكمه بما يتأثر به العقل الظاهر
فيوصي هؤلاء العلماء بمحاولة الاستفادة من العقل الباطن ويقولون أننا لا يمكن أن نتعامل معه الا في لحظتين يكون فيها منفتحا على العقل الظاهر الذي نستعمله ثم تغلق هذه القناة المفتوحة بينهما
اللحظتان هما قبل النوم مباشرة وعند الاستيقاظ من النوم مباشرة
والذي جرب أن يتخذ قراره في امر من أمور حياته في هاتين اللحظتين يجد أن القرار كان صائبا لان منبعه من العقل الباطن والذي يحاول ذلك سيتفاجأ من قوة عقله في هاتين اللحظتين .
اذا تكاملت أسباب قناعة الانسان بأمر ما فان هذه القناعة تتسلل من عقله الظاهر الى عقله الباطن وتستقر هناك لتكون بعد ذلك موجها ومؤشرا يوجه سلوك هذا الانسان دون أن يعلم لذلك اذا تمت مواجهة الانسان بأن الحقيقة هي عكس قناعاته فانه سيبدأ تلقائيا بدفع هذه الحقيقة الدامغة لأن هذا أسهل على العقل من استخراج القناعة الاولى وحذفها .
لذلك قالوا أن أصعب أنواع التفكير هو التفكير بالتغيير لأن تفريغ العقل الباطن أمر ليس بالهين
الذي حصل مع الصحابة رضوان الله عليهم
هو أنهم اقتلعوا كل ميراث الجاهلية من باطن عقولهم واستبدلوا به النور والحق
وهذا أمر شديد الوطأة على النفس
و خطوة الاستبدال هذه هي أصعب ما يمكن أن يواجهه عقل الانسان
وهذه فضيلة باقية للصحابة رضوان الله عليهم على من بعدهم من قرون المسلمين الذين ولدوا في السلامة مسلمين لآباء مسلمين
اللهم لا سهل الا ما جعلته سهلا
عندما قال التابعي للمقداد بن الأسود رضي الله عنه وأرضاه : طوبى لهاتين العينين التين رأتا رسول الله لوددنا أنا رأينا ما رأيت وشهدنا ما شهدت
فاستغضب الصحابي الجليل وقال :ما يحمل الرجل على أن يتمنى محضرا غيبه الله عنه لا يدري لو شهده كيف يكون فيه والله لقد حضر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقوام أكبهم الله على مناخرهم في جهنم لم يجيبوه ولم يصدقوه أولا تحمدون الله إذ أخرجكم لا تعرفون إلا ربكم مصدقين لما جاء به نبيكم قد كفيتم البلاء بغيركم والله لقد بعث الله النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أشد حال بعث عليها نبي منالأنبياء في فترة وجاهلية ما يرون أن دينا أفضل من عبادة الأوثان فجاء بفرقان فرق به بين الحق والباطل وفرق بين الوالد وولده حتى إن كان الرجل ليرى والدهوولده أو أخاه كافرا وقد فتح الله قفل قلبه للإيمان يعلم أنه إن هلك دخل النار فلا تقر عينه وهو يعلم أن حبيبه في النار وأنها للتي قال عز وجل (الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين).
أريد فقط أن ألفت النظر قبل أن أنتهي الى أن المقصود من ( الكفار) في قول الله تعالى ( أشداء على الكفار) هم الكفار الذين عاصروا الصحابة
يعني مفهوم الكفار هنا مرتبط بزمن الصحابة .
لأننا سنصل قريبا الى مفهوم كفار كل الأزمان
في قول الحق جل وعلا ( ليغيظ بهم الكفار )
فتحسس جيوب قلبك أيها المسلم .. هل تشعر أنك تبغض الصحابة ( مغتاظ منهم )
انتبه ..هنا مفترق للاسلام والكفر .
يتبع ان شاء الله تعالى ...
أخوكم مسافر
السلام عليكم ورحمة الله
بسم الله الرحمن الرحيم
ان كينونة الانسان لا تخرج عن مكونات أربعة
تحديدها يشخصه تشخيصا تاما
مكونات الشخصية الانسانية
أولا : الهوية السلوكية ( منظومة الأخلاق التي تحكم سلوكه)
ثانيا : العمل
ثالثا : الهدف
رابع : العلامات الفارقة
عندما وصف الحق تبارك وتعالى الصحب الكرام رضوان الله عليهم
كان وصفه جل وعلا معجزا تاما عاما شاملا
لا يبقى بعده تساؤل ولا يتبعه استيضاح
فكان أول ما ذكر من صفتهم
هو هويتهم السلوكية التشخيصية
ثم عملهم
ثم غايتهم ( هدفهم )
ثم الفارق فيهم
بعد تشخيص الهوية السلوكية
يقول الحق تبارك وتعالى
( تراهم ركعا سجدا )
هل هذه هي المكتوبة
أم صلاة أخرى
يتبع ان شاء الله تعالى ...
اذا تغيبت طويلا فأرجو المعذرة
أخوكم مسافر
السلام عليكم ورحمة الله
( تراهم ركعا سجدا)
من المخاطب في قوله تعالى ( تراهم)
المخاطب هو كل قارىء للقرآن اذا كان مؤمنا أن هذا كلام الله تعالى
كل قارىء أو سامع يؤمن يقينا أن (الذين مع محمد رسول الله) هذا وصفهم وهذا واقعهم
فاحذر أيها المسلم من أن تكون خارج هذا الخطاب وأنت لا تدري
وهو تشريف لقراء كتاب الله من المسلمين المؤمنين .
لذلك قالوا اذا أردت أن يكلمك الله فاقرأ القرآن
لكل منا هيئة غالبة وصورة عامة تتكون من طول مداومته لعمل محدد
يعني عندما تأتي صورة فلان الى ذهنك فانك تراه يجلس الى المكتب خلف الكمبيوتر
وعندما تتذكر فلانا تراه يسير على قدميه وثالثا تراه يصرخ وانما هذه الصور لان
هذه حالهم الغالبة والدائم من عملهم
عندما يرى الانسان شيئا بعينيه فهذه مرحلة عين اليقين ولا يكون ما رآه صدقا في كل الحالات
ولكن عندما يقول الحق تبارك وتعالى ( تراهم ) فهذه مرحلة حق اليقين وهذا أصدق من رؤيا العين
( هذا هو الصدق المطلق)
كلمة ( تراهم ) تفيد رؤيتهم في هيئتهم الغالبة وعملهم الدائم
تفيد الاستمرار, يعني هذه هيئتهم الغالبة لاستمرارهم على هذا العمل ومداومتهم عليه
وهذه اشارة الى أن هذه الصلاة أكثر من المكتوبة حتى تفيد هذا الاستمرار يعني الصلاة المكتوبة وصلاة نافلة
ايضا
الرؤية واحدة والصورة المرئية صورتين في حالين
حال الركوع وحال السجود وهذا يدل على أن بعضهم في حال الركوع وبعضهم في حال السجود في الوقت نفسه
وهذه اشارة أخرى الى صلاة النافلة ففي المكتوبة هيئتهم واحدة اما ركوع واما سجود
بعد أن ذكر الحق جل وعلا هويتهم
ذكر عملهم أو الغالب من أعمالهم وهو الصلاة وهي أفضل أعمال المسلم وأول ما يحاسب عليه
(فان صلحت صلح باقي عمله) كما قال الصادق المصدوق صلوات الله تعالى عليه وآله
يتبع ان شاء الله تعالى ...
ودمتم بخير
أخوكم مسافر
ان الدارس لسير الصحابة الراصد لمواقفهم يقف بعد طول الدرس على حقيقة غريبة وهي أن أصحاب الرسول الكريم صلى الله عليه وآله كانوا استثناء بشريا , وحالة خاصة , من مراحل الارتقاء العجيب بالنفس عبر مراحلها الخمس وصولا الى أقصى حالة ايمانية تحققت لغير الأنبياء .
كانوا بشرا تم ضبط زمانهم ( بتوقيت من لدن عليم حكيم ) على زمان النبي الأكرم صلوات الله عليه وآله ليكونوا مشاعل الدين وحراس العقيدة .
في هذا الموضوع سأثبت ان شاء الله تعالى أن الكلام السابق هو حق وله حقيقة .
وأن محبة الصحابة في حقيقتها متطلب ايماني وضمانة من زلل استدراجي خطير.
يقول الحق تبارك وتعالى
مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدً ايَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِالسُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَوَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًاعَظِيمًا
سنقف معا ان شاء الله تعالى على بعض المعاني الظاهرة في الآية الكريمة
(محمد رسول الله)
محمد الاسم الشريف : مبتدأ
رسول الله : خبر ( جواب سؤال من هو محمد )
(والذين معه)
المعية نوعان
معية جسدية ( أن تكون مع شخص بجسدك ) وهذه تتحقق بدون توافق فكري
معية اعتبارية ( أن تكون مع شخص في فكره ومعتقده ) وهذه تتحقق بدون الملازمة الجسدية
فما هي المعية المذكورة في قول الحق تبارك وتعالى ( والذين معه )
ابتدأت الآية الكريمة بذكر الاسم الشريف ( محمد ) والصفة الاعتقادية الاعتبارية ( رسول الله )
محمد رسول الله ثم ذكرت المعية بقول الحق تبارك وتعالى ( والذين معه )
لتشمل المعيتين الجسدية (مع محمد ) والاعتبارية ( مع رسول الله )
يعني ( والذين معه ) ملازمين لمحمد صلى الله عليه وآله (في عرف الزمان والمكان ) مؤمنين بأنه رسول الله
النوع الأول من المعية وهو الجسدية ( متحقق للمنافقين)
النوع الثاني من المعية وهو الاعتقادية ( متحقق للمتأخرين من التابعين باحسان الى يوم الدين )
النوعان متحققان للمذكورين في الآية الكريمة
وهم : (الذين مع محمد رسول الله)
وهذاهو التعريف القرآني لمسمى نعرفه جميعا وهذا المسمى هو ( الصحابة )
وفي هذه المعية يدخل آل البيت دون تمييز لهم عن باقي من تحققت له هذه المعية ( الصحابة )
لماذا دون تمييز
هل لأن واقع آل البيت لا يختلف عن واقع الصحابة من جهة مسؤوليتهم عن هذا الدين وكلفتهم به .
يتبع ان شاء الله ...
أخوكم مسافر
السلام عليكم ورحمة الله
أشداء على الكفار رحماء بينهم
أشداء بمعنى أشداء فلا لبس هنا
رحماء بمعنى رحماء فلا لبس هنا أيضا
كيف يكونوا أشداء ورحماء
كيف تتراوح حالتهم وطبعهم من النقيض الى النقيض
ونحن نعلم أن الطبع والهوى له اتجاه واحد
فمن يوصف بالشدة لا يحتمل أمره أن يوصف بالرحمة
هم أشداء على الكفار لأن الله أمرهم بذلك فامتثلوا ( وليجدوا فيكم غلظة )
وهم رحماء بينهم لأن الله أمرهم بذلك فامتثلوا ( وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة)
تمام الامتثال لأمر الله هو أن يتأصل أمر الله في النفس حتى يصبح طبعها وهواها
لقد ضبط الصحابة الكرام هواهم على أمر الله فأصبحوا
أشداء على الكفار في طبعهم
رحماء بينهم في طبعهم
فتجزأ طبعهم اتباعا لما يرضي الله
وهذا أمر ليس بهين
فنحن في هذا الزمن المالح نرى اللطفاء من المسلمين محكومين بطبعهم فيغلب عليهم لطفهم حتى مع أعداء الدين
ونرى الغلاظ محكومين بطبعهم فتغلب عليهم الجلافة في مقامات الأخوة والتودد مع اخوتهم المسلمين
أما اللذين كانوا محكومين في كل أمرهم بأمر الله ورضاه فهم بشر من نوع خاص عاشوا زمانا خاصا فرضي الله عنهم وأرضاهم
الشدة على الكفار والرحمة بالمؤمنين هي هوية المسلم المؤمن الى قيام الساعة بها يعرف المؤمن أخاه المؤمن وبها يعرف الكفار أنهم أعداء وفقط أعداء
فكان أول ما ذكر الله تعالى من صفات الصحابة هويتهم .
يقول علماء الباراسيكولوجي أن دماغ الانسان مقسوم منطقيا وليس فيزيائيا الى قسمين القسم الأول يسمونه العقل الظاهرpositive memory والقسم الثاني يسمونه العقل الباطنnegative memory
ويقولون أن العقل الظاهر كثير الأخطاء كثير الندم أما العقل الباطن فهو مستقر الحقائق والمعتقدات الثابتة ولا يخطيء الا اذا كان معتقد الانسان خاطئا ولا يتأثر هذا العقل في حكمه بما يتأثر به العقل الظاهر
فيوصي هؤلاء العلماء بمحاولة الاستفادة من العقل الباطن ويقولون أننا لا يمكن أن نتعامل معه الا في لحظتين يكون فيها منفتحا على العقل الظاهر الذي نستعمله ثم تغلق هذه القناة المفتوحة بينهما
اللحظتان هما قبل النوم مباشرة وعند الاستيقاظ من النوم مباشرة
والذي جرب أن يتخذ قراره في امر من أمور حياته في هاتين اللحظتين يجد أن القرار كان صائبا لان منبعه من العقل الباطن والذي يحاول ذلك سيتفاجأ من قوة عقله في هاتين اللحظتين .
اذا تكاملت أسباب قناعة الانسان بأمر ما فان هذه القناعة تتسلل من عقله الظاهر الى عقله الباطن وتستقر هناك لتكون بعد ذلك موجها ومؤشرا يوجه سلوك هذا الانسان دون أن يعلم لذلك اذا تمت مواجهة الانسان بأن الحقيقة هي عكس قناعاته فانه سيبدأ تلقائيا بدفع هذه الحقيقة الدامغة لأن هذا أسهل على العقل من استخراج القناعة الاولى وحذفها .
لذلك قالوا أن أصعب أنواع التفكير هو التفكير بالتغيير لأن تفريغ العقل الباطن أمر ليس بالهين
الذي حصل مع الصحابة رضوان الله عليهم
هو أنهم اقتلعوا كل ميراث الجاهلية من باطن عقولهم واستبدلوا به النور والحق
وهذا أمر شديد الوطأة على النفس
و خطوة الاستبدال هذه هي أصعب ما يمكن أن يواجهه عقل الانسان
وهذه فضيلة باقية للصحابة رضوان الله عليهم على من بعدهم من قرون المسلمين الذين ولدوا في السلامة مسلمين لآباء مسلمين
اللهم لا سهل الا ما جعلته سهلا
عندما قال التابعي للمقداد بن الأسود رضي الله عنه وأرضاه : طوبى لهاتين العينين التين رأتا رسول الله لوددنا أنا رأينا ما رأيت وشهدنا ما شهدت
فاستغضب الصحابي الجليل وقال :ما يحمل الرجل على أن يتمنى محضرا غيبه الله عنه لا يدري لو شهده كيف يكون فيه والله لقد حضر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقوام أكبهم الله على مناخرهم في جهنم لم يجيبوه ولم يصدقوه أولا تحمدون الله إذ أخرجكم لا تعرفون إلا ربكم مصدقين لما جاء به نبيكم قد كفيتم البلاء بغيركم والله لقد بعث الله النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أشد حال بعث عليها نبي منالأنبياء في فترة وجاهلية ما يرون أن دينا أفضل من عبادة الأوثان فجاء بفرقان فرق به بين الحق والباطل وفرق بين الوالد وولده حتى إن كان الرجل ليرى والدهوولده أو أخاه كافرا وقد فتح الله قفل قلبه للإيمان يعلم أنه إن هلك دخل النار فلا تقر عينه وهو يعلم أن حبيبه في النار وأنها للتي قال عز وجل (الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين).
أريد فقط أن ألفت النظر قبل أن أنتهي الى أن المقصود من ( الكفار) في قول الله تعالى ( أشداء على الكفار) هم الكفار الذين عاصروا الصحابة
يعني مفهوم الكفار هنا مرتبط بزمن الصحابة .
لأننا سنصل قريبا الى مفهوم كفار كل الأزمان
في قول الحق جل وعلا ( ليغيظ بهم الكفار )
فتحسس جيوب قلبك أيها المسلم .. هل تشعر أنك تبغض الصحابة ( مغتاظ منهم )
انتبه ..هنا مفترق للاسلام والكفر .
يتبع ان شاء الله تعالى ...
أخوكم مسافر
السلام عليكم ورحمة الله
بسم الله الرحمن الرحيم
ان كينونة الانسان لا تخرج عن مكونات أربعة
تحديدها يشخصه تشخيصا تاما
مكونات الشخصية الانسانية
أولا : الهوية السلوكية ( منظومة الأخلاق التي تحكم سلوكه)
ثانيا : العمل
ثالثا : الهدف
رابع : العلامات الفارقة
عندما وصف الحق تبارك وتعالى الصحب الكرام رضوان الله عليهم
كان وصفه جل وعلا معجزا تاما عاما شاملا
لا يبقى بعده تساؤل ولا يتبعه استيضاح
فكان أول ما ذكر من صفتهم
هو هويتهم السلوكية التشخيصية
ثم عملهم
ثم غايتهم ( هدفهم )
ثم الفارق فيهم
بعد تشخيص الهوية السلوكية
يقول الحق تبارك وتعالى
( تراهم ركعا سجدا )
هل هذه هي المكتوبة
أم صلاة أخرى
يتبع ان شاء الله تعالى ...
اذا تغيبت طويلا فأرجو المعذرة
أخوكم مسافر
السلام عليكم ورحمة الله
( تراهم ركعا سجدا)
من المخاطب في قوله تعالى ( تراهم)
المخاطب هو كل قارىء للقرآن اذا كان مؤمنا أن هذا كلام الله تعالى
كل قارىء أو سامع يؤمن يقينا أن (الذين مع محمد رسول الله) هذا وصفهم وهذا واقعهم
فاحذر أيها المسلم من أن تكون خارج هذا الخطاب وأنت لا تدري
وهو تشريف لقراء كتاب الله من المسلمين المؤمنين .
لذلك قالوا اذا أردت أن يكلمك الله فاقرأ القرآن
لكل منا هيئة غالبة وصورة عامة تتكون من طول مداومته لعمل محدد
يعني عندما تأتي صورة فلان الى ذهنك فانك تراه يجلس الى المكتب خلف الكمبيوتر
وعندما تتذكر فلانا تراه يسير على قدميه وثالثا تراه يصرخ وانما هذه الصور لان
هذه حالهم الغالبة والدائم من عملهم
عندما يرى الانسان شيئا بعينيه فهذه مرحلة عين اليقين ولا يكون ما رآه صدقا في كل الحالات
ولكن عندما يقول الحق تبارك وتعالى ( تراهم ) فهذه مرحلة حق اليقين وهذا أصدق من رؤيا العين
( هذا هو الصدق المطلق)
كلمة ( تراهم ) تفيد رؤيتهم في هيئتهم الغالبة وعملهم الدائم
تفيد الاستمرار, يعني هذه هيئتهم الغالبة لاستمرارهم على هذا العمل ومداومتهم عليه
وهذه اشارة الى أن هذه الصلاة أكثر من المكتوبة حتى تفيد هذا الاستمرار يعني الصلاة المكتوبة وصلاة نافلة
ايضا
الرؤية واحدة والصورة المرئية صورتين في حالين
حال الركوع وحال السجود وهذا يدل على أن بعضهم في حال الركوع وبعضهم في حال السجود في الوقت نفسه
وهذه اشارة أخرى الى صلاة النافلة ففي المكتوبة هيئتهم واحدة اما ركوع واما سجود
بعد أن ذكر الحق جل وعلا هويتهم
ذكر عملهم أو الغالب من أعمالهم وهو الصلاة وهي أفضل أعمال المسلم وأول ما يحاسب عليه
(فان صلحت صلح باقي عمله) كما قال الصادق المصدوق صلوات الله تعالى عليه وآله
يتبع ان شاء الله تعالى ...
ودمتم بخير
أخوكم مسافر
تعليق