السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ملخص المبحث:
1- رأس النفاق (عبدالله بن أُبَيْ) غزا مع رسول الله

2- كان يخطب الجمعة بين يدي رسول الله

3- بايع تحت الشجرة ، في بيعة الرضوان ، فهل يدخل في رضا الله عزوجل رغم كل ماذُكِر؟
4- وصف القرآن فئته بالمؤمنين وكان يرأسها وهو اشد المنافقين في الاية (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا...) والجدير بالذكر ان هذه الاية كثير مايستخدمها اهل السنة في وصف حرب صفين لإضفاء صفة الايمان على فئة معاوية.
5- اعتزل أبو سفيان ومعاوية وصفوان بن أمية وحكيم بن حزام وراء تل ينظرون لمن تكون الغلبة في معركة حنين، ومع هذا يشملونهم اهل السنة بإنزال السكينة عليهم.
6- سرق معاوية جملاً هو ووالده أبو سفيان يومئذٍ! وهناك دلائل قوية على أنهما شاركا في محاولة اغتيال النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” في غزوة تبوك
المبحث:
إلزام: دفاع عن عبد الله بن أبي رأس المنافقين!

بقلم: الباحث الشيخ حسن بن فرحان المالكي

بقلم: الباحث الشيخ حسن بن فرحان المالكي
وإن ألزمتمونا الثناء على الحكم والوليد وأمثالهما بهذه الآيات لزمكم الثناء على المرتدين والمنافقين بها ولزمكم القول بأن ما روي في التواريخ في ردتهم كان غير صحيح وأن الله وهو يعلم الغيب قد اختار هؤلاء! وليس علمكم أولى من علمه! وهو (اختارهم وأثنى عليهم وهو يعرف أنهم سيرتدون! لكن هذا اصطفاء خاص لا دخل لكم به)!... وهكذا إلى آخر هذه الأقوال الغريبة التي تطلقونها وليس فيها من حجة عند أصحاب العقول.
بمعنى أنه يستطيع الفرد من مخالفيكم أن يدافع عن ذابح عثمان وقاتل علي وعبد الله بن أبي وحرقوص بن زهير الدفاع نفسه الذي تدافعون به عن الوليد والحكم وبسر ومعاوية ومسرف بن عقبة.. الخ.
فمثلاً يقول الملزم لكم: قد وصف النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” عبد الله بن أبي بالصحبة وقال: (حتى لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه)! فأثبت له الصحبة في هذا الحديث بل أثبت له الله الإيمان في كتابه الكريم في قوله تعالى: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا...) فقد كان عبد الله بن أبي رأس طائفة من هاتين الطائفتين وقد شمله الخطاب، ومن ثبت إيمانه بعموم القرآن لا يندفع بالأسانيد مهما صحت عندكم!...
ثم ألستم تقولون أن الرؤية لا يعدلها عمل؟! كيف وقد اكتحلت عينا عبد الله بن أبي برؤية رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلم” ودخل في منخريه تراب في الغزو مع رسول الله؟ وكان يخطب كل جمعة بين يدي النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” يطلب من الناس نصرة النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” والالتفاف حوله؟ وقد صلى عليه النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” يوم موته وألبسه قميصه الذي على جسده ولا بد لبركة رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلم” أن تصله! ولن يمس العذاب جسداً ملفوفاً بقميص رسول الله الذي يلي جسده! وأن الطعن فيه طعن في تربية النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” وطعن في قدرة النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” على البرهان والحجة! وأن ما روي من الأحاديث في ذمه تعارضها الآيات الكريمة في الثناء على الأنصار وهو منهم فقد أسلم بعد بدر مباشرة وحضر بيعة الرضوان ودخل في فضيلة البيعة تحت الشجرة وقد أخبر النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” بأنه (لن يدخل النار رجل بايع تحت الشجرة) (1) وقد ذكره أهل المغازي في أهل الحديبية وكلهم بايعوا إلا صاحب الجمل الأحمر وهو الجد بن قيس على رأي الكثيرين –والجد نفسه صحابي- وأن من دلائل إسلام عبد الله بن أبي أنه في مرض وفاته طلب قميص النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” فلو لم يكن يؤمن بالنبي “صلى الله عليه وآله وسلم” لما طلب ذلك وقد قيل (إن أصدق كلمة يقولها المرء وهو مفارق للدنيا)! وأن عبد الله بن أبي يكفيه فخراً أنه كثّر سواد المسلمين… وهذا فيه فضيلة عظيمة!.
وهكذا يستطيع المدافع عن عبد الله بن أبي أن يجد أدلة أكثر من أدلة المدافعين عن الطلقاء كمعاوية وبسر والوليد والحكم وأبي سفيان ….الخ الذين لم يسلموا إلا بعد أن امتلأ عليهم وادي مكة كتائب فأسلم ألفان في يوم واحد! وكأن الهداية أنـزلت إنـزالاً وغرست في قلوبهم جبراً! وهذا يصعب تصديقه، فإن أسلم بعضهم صادقاً فلا بد أن يكون هؤلاء قلة ولو كانوا كثرة لأسلموا قبل الفتح وعصوا قومهم وهاجروا..(2)
ثم رأيناهم في معركة حنين وكيف انهزموا بالنبي “صلى الله عليه وآله وسلم” وتمنوا هزيمته وقال بعضهم (بطل السحر اليوم!) وقد اعتزل أبو سفيان ومعاوية وصفوان بن أمية وحكيم بن حزام وراء تل ينظرون لمن تكون الغلبة! (راجع تاريخ الإسلام للذهبي المغازي، ص578) فكيف تزعمون أن هؤلاء نزلت عليهم السكينة مع أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الثابتين؟!
وقد سرق معاوية جملاً هو ووالده أبو سفيان(3) يومئذٍ! وهناك دلائل قوية على أنهما شاركا في محاولة اغتيال النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” في غزوة تبوك – وقد روى عمار عن حذيفة في صحيح مسلم ما يمكن أن يستدل به في هذا وقد ورد ما يشهد له في أخبار أخرى تحتاج لبحث وتأمل، فضلاً عما حصل منهما بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وخاصة معاوية مما يطول ذكره، ونحو هذا من الإخبار التي تدل عليها أدلة صحيحة إما أحاديث أو مرويات ومع هذا لا نطالب الناس باعتقاد ما دلالته ظنية ولا بذم كل الطلقاء وكل الأعراب ولا نفعل هذا وإنما نطالبهم بوضع الرجل في مكانه اللائق به شرعاً بما صح من الأحاديث، فإن أحسن الاتباع يمدح ويثنى عليه، وإن أساء يذم من باب القول للمحسن أحسنت وللمسيء أسات، ومن كان بين ذلك نجعله بتلك المنزلة؛
أما أن نتقول على الله بأنه أثنى على أفراد تلك الجموع كلها التي خرج منها أهل الردة والنفاق وسوء السيرة فهذا ظلم وطعن في علم الله.
ولا يعيب الإنسان أن يبحث بهدوء وسيجد الحقيقة لكن دون أحكام مسبقة ولا تعجل في النتائج ولا تأثر ببطانة الجهل التي يقودها الهوى لا الحق.
الهامش:
(1) الحديث بهذا اللفظ فيه فرابة و الحديث مروي بألفاظ أخرى أقوى وكأن هذا اللفظ من باب الرواية بالمعنى رغم تصحيح بعض المحدثين له كالألباني.
(2) نعم قد يحسن إسلام بعضهم فيما بعد.
(3) روي بإسناد صحيح أقل رجاله توثيقاً هو محمد بن إسحاق إمام أهل المغازي والسير وهو صدوق في الحديث ثقة إمام في المغازي.
تعليق