إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

العقيدة السنية العقلية في رد العقيدة الشيعة وكسف الاسرار شف الاسرار

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة


  • تعليق


    • نسخ ولصق فقط

      المســألة: 75
      علي (عليه السلام) يحرك عثمان لتخليص المسلمين من بدعة عمر!

      كان علي (عليه السلام) يضغط على عمر لكي تعتمد الدولة نسخة واحدة من القرآن، ولم يسمع عمر نصيحته، بل أجاز قراءة القرآن بأشكال مختلفة محتجاً بأنه نزل على سبعة أحرف، وإنه مشغول بجمعه!
      ولم تمض سنوات حتى سبب عمل عمر تفاوتاً بين مصاحف الصحابة، ومصاحف أهل المدينة والشام والعراق واليمن، واختلف فيه الصبيان عند الكتاتيب والمعلمين، واختلف الناس في الأمصار، حتى وصل الإختلاف إلى الجيش العراقي والجيش الشامي اللذين كانا في فتح أرمينية بقيادة حذيفة بن اليمان، فكفر بعضهم بقرآن بعض وكاد يقع بينهم قتال، فاستكبر ذلك حذيفة وقصد المدينة وأصر مع علي (عليه السلام) على عثمان أن يوحد نسخة القرآن قبل أن تصير متعددة كإنجيل النصارى، وواصلا سعيهما حتى تمت كتابة المصحف المعروف بمصحف عثمان!
      وخير شهادة لدور علي (عليه السلام) العظيم في ذلك ما قاله عبد الله بن الزبير العدو اللدود لعلي وبني هاشم، والذي بلغ من كرهه لهم أنه ترك الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في خطبه في مكة فعوتب على ذلك فقال: إن هذا الحي من بني هاشم إذا سمعوا ذكره أشرأبت أعناقهم، وأبغض الأشياء إليَّ ما يسرهم! وفي رواية: إن له أهيل سوء... الخ! (الصحيح من السيرة:2/153، عن العقد الفريد:4/413 ط دار
      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 322
      --------------------------------------------------------------------------------

      الكتاب العربي، وأنساب الأشراف:4/28، وغيرهما).

      يقول ابن الزبير كما يروي عنه عمر بن شبة في تاريخ المدينة:3/990:
      (حدثنا الحسن بن عثمان قال: حدثنا الربيع بن بدر، عن سوار بن شبيب قال: دخلت على ابن الزبير في نفر، فسألته عن عثمان لم شقق المصاحف ولم حمى الحمى؟ فقال قوموا فإنكم حرورية، قلنا: لا والله ما نحن حرورية. قال: قام إلى أمير المؤمنين عمر رجل فيه كذب وولع!! فقال: يا أمير المؤمنين إن الناس قد اختلفوا في القراءة، فكان عمر قد هم أن يجمع المصاحف فيجعلها على قراءة واحدة، فطعن طعنته التي مات فيها، فلما كان في خلافة عثمان، قام ذلك الرجل فذكر له، فجمع عثمان المصاحف، ثم بعثني إلى عائشة فجئت بالصحف التي كتب فيها رسول الله القرآن، فعرضناها عليها حتى قومناها، ثم أمر بسائرها فشققت). انتهى.
      فقد اعترض سوار ورفقاؤه القراء على عثمان لأنه وحَّد نسخة القرآن ومزق الباقي! وقد تعودوا هم على الإختلاف وتعلموا من عمر أن القرآن نزل على سبعة نسخ كلها صحيحة!
      ودافع ابن الزبير عن عثمان بأنه لم يخالف عمر، فقد كان عمر ينوي توحيد نسخة القرآن، والتنازل عن الأحرف السبعة!
      وقال لهم ابن الزبير إن السبب في نية عمر تلك، أنه يوجد (رجل فيه كذب وولع)
      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 323
      --------------------------------------------------------------------------------

      كان يصر عليه بهذا العمل، ثم (قام ذلك الرجل) وأخذ يصر على عثمان، فجمع القرآن من مصحف خالتي عائشة!

      فهذا الرجل الكبير الحكيم الذي كان السبب في توحيد نسخة القرآن هو الذي يكرهه عبدالله بن الزبير ويصفه بأنه (فيه ولع وكذب) وهو الذي واصل مسعاه مع عثمان حتى نجح في هدفه!
      فمن هو هذا الشخص الحكيم الحريص على قرآن المسلمين؟!
      إنه علي (عليه السلام)! الذي قلما تتحدث روايات السلطة عن دوره، لكنها تحدثت عن دور حذيفة في جمع القرآن، وهو الشيعي المطيع لإمامه!

      روايات السلطة تصف تفاقم أزمة الأحرف السبعة!
      قال عمر بن شبة في تاريخ المدينة:3/991:
      (عن أنس بن مالك أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق وأفزع باختلافهم في القراءة، فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في القرآن اختلاف اليهود والنصارى، فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر عثمان زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف.
      وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شئ من
      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 324
      --------------------------------------------------------------------------------

      القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما أنزل بلسانهم، ففعلوا ذلك، حتى إذا نسخ المصحف رد عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق). (ورواه البخاري:6/99 بتفاوت يسير. وكنز العمال:2/581، وقال في مصادره (ابن سعد، خ، ت، ن، وابن أبي داود، وابن الأنباري معاً في المصاحف، حب، ق) انتهى.) ثم أضاف ابن شبة:

      (عن ابن شهاب قال: حدثني أنس بن مالك أنه اجتمع لغزوة أرمينية وأذربيجان أهل الشام وأهل العراق، فتذاكروا القرآن فاختلفوا فيه حتى كاد يكون بينهم فتنة، فركب حذيفة بن اليمان إلى عثمان لما رأى من اختلافهم في القرآن فقال: إن الناس قد اختلفوا في القرآن حتى والله إني لأخشى أن يصيبهم ما أصاب اليهود والنصارى من الإختلاف، ففزع لذلك عثمان فزعاً شديداً، فأرسل إلى حفصة فاستخرج المصاحف التي كان أبو بكر أمر بجمعها زيداً، فنسخ منها مصاحف بعث بها إلى الآفاق.
      عن ابن شهاب الزهري، عن خارجة بن زيد، عن زيد بن ثابت أن حذيفة بن اليمان قدم من غزوة غزاها بفرج أرمينية فحضرها أهل العراق وأهل الشام، فإذا أهل العراق يقرؤون بقراءة عبدالله بن مسعود ويأتون بما لم يسمع أهل الشام، ويقرأ أهل الشام بقراءة أبي بن كعب ويأتون بما لم يسمع أهل العراق، فيكفرهم أهل العراق! قال: فأمرني عثمان أن
      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 325
      --------------------------------------------------------------------------------

      أكتب له مصحفاً فكتبته فلما فرغت منه عرضه.

      حدثنا عبد الله بن وهب قال حدثني عمرو بن الحارث أن بكيراً حدث: أن ناساً كانوا بالعراق يسأل أحدهم عن الآية فإذا قرأها قال فإني أكفر بهذه! ففشا ذلك في الناس واختلفوا في القراءة، فكلم عثمان بن عفان في ذلك، فأمر بجمع المصاحف فأحرقها، وكتب مصاحف ثم بثها في الأجناد). انتهى.
      فالسبب الأساسي الذي حرك عثمان لمعالجة فتنة الأحرف السبعة العمرية هو علي (عليه السلام)، فقد أصر على عثمان وجعله يصدر مرسوماً خلافياً به، هو وحذيفة. ويبدو أن خطبة عثمان التالية كانت بعد مجئ حذيفة قائد الجبهة الشرقية للفتوحات ومعه عدد من القادة العسكريين يحذرون من المشكلة.
      قال في كنز العمال:2/582: (عن أبي قلابة قال: لما كان في خلافة عثمان جعل المعلم يعلم قراءة الرجل، والمعلم يعلم قراءة الرجل، فجعل الغلمان يتلقون فيختلفون حتى ارتفع ذلك إلى المعلمين، حتى كفر بعضهم بقراءة بعض، فبلغ ذلك عثمان فقام خطيباً فقال: أنتم عندي تختلفون وتلحنون، فمن نأى عني من الأمصار أشد اختلافاً وأشد لحناً! فاجتمعوا يا أصحاب محمد فاكتبوا للناس إماماً) انتهى.
      أما ما رواه أحمد عن فزع أهل الكوفة إلى ابن مسعود وتسكيته لهم، فهو يعبر عن سياسة عمر، ولعل القضية كانت في عهد عمر! قال أحمد:1/445: (عن عثمان بن حسان
      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 326
      --------------------------------------------------------------------------------

      عن فلفلة الجعفي قال: فزعت فيمن فزع إلى عبد الله في المصاحف فدخلنا عليه فقال رجل من القوم: إنا لم نأتك زائرين ولكن جئناك حين راعنا هذا الخبر! فقال: إن القرآن نزل على نبيكم (ص) من سبعة أبواب على سبعة أحرف أو قال حروف وإن الكتاب قبله كان ينزل من باب واحد على حرف واحد).

      كانت مشكلة وأزمة خطيرة إذن، شملت التلاميذ ومعلميهم في مكاتب القرآن، والمصلين في المساجد، وحكام الأمصار والمجاهدين في جيوش الفتح، بسبب فتنة أحرف عمر السبعة! وكان علاجها الوحيد تدوين القرآن على حرف واحد وجمع المسلمين عليه!

      حذيفة يحمل بأمر علي (عليه السلام) لواء توحيد القرآن
      قال ابن عساكر في تاريخ دمشق:42/457: (قالت بنو عبس لحذيفة إن أمير المؤمنين عثمان قد قتل فما تأمرنا؟ قال آمركم أن تلزموا عماراً. قالوا: إن عماراً لايفارق علياً! قال: إن الحسد أهلك الجسد! وإنما ينفركم عن عمار قربه من علي؟! فوالله لعلي أفضل من عمار أبعد ما بين التراب والسحاب، وإن عماراً لمن الأخيار. وهو يعلم أنهم إن لزموا عماراً كانوا مع علي). (وهو في كنزالعمال:13/532).
      وقال الذهبي في السير:2/361: (حذيفة بن اليمان. من نجباء أصحاب محمد (ص)، وهو صاحب السر... حليف الأنصار، من أعيان
      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 327
      --------------------------------------------------------------------------------

      المهاجرين... عن ابن سيرين أن عمر كتب في عهد حذيفة على المدائن إسمعوا له وأطيعوا وأعطوه ما سألكم... وليَ حذيفة إمرة المدائن لعمر، فبقي عليها إلى بعد مقتل عثمان، وتوفي بعد عثمان بأربعين ليلة... وحذيفة هو الذي ندبه رسول الله (ص) ليلة الأحزاب ليجس له خبر العدو. وعلى يده فتح الدينور عنوة. ومناقبه تطول، رضي الله عنه.

      ...خالد عن أبي قلابة عن حذيفة قال: إني لأشتري ديني بعضه ببعض مخافة أن يذهب كله...
      أبو نعيم: حدثنا سعد بن أوس، عن بلال بن يحيى قال: بلغني أن حذيفة كان يقول: ما أدرك هذا الأمر أحد من الصحابة إلا قد اشترى بعض دينه ببعض. قالوا: وأنت؟ قال: وأنا والله!) انتهى.
      وكما كان حذيفة من حواريي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وموضع سره، صار بعده من خاصة شيعة علي (عليه السلام) وموضع سره، وهذا يؤكد أنه لايقوم بعمل مهم إلا بأمر علي (عليه السلام)، وأنه (عليه السلام) كان وراء حركة توحيد نسخة القرآن!
      وقد اعترف الجميع أن الذي قام بدور (يا للقرآن..يا للمسلمين) هو حذيفة الذي كان حاكماً على المدائن، وقائداً لجيش الفتح في آذربيجان وأرمينية، وقد جاء إلى المدينة خصيصاً مع وفد من جيش الفتح، شاكياً إلى عثمان طالباً حل مشكلة خطيرة داخل جيوش الفتح فاستجاب له عثمان بعد أن كانت المسألة نصف ناضجة في ذهنه،
      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 328
      --------------------------------------------------------------------------------

      وأصدر مرسومه التاريخي بتوحيد نسخة القرآن، وبقي حذيفة في المدينة يواكب تدوين القرآن، ثم قام بتنفيذ المرسوم عملياً بأمر عثمان ونفوذ حذيفة الأدبي باعتباره من خاصة أصحاب النبي (عليه السلام)، وكان عليه أن يصادر المصاحف التي فيها تغيير عن المصحف العثماني، وهي مصحف عمر الذي عند حفصة، ومصحف أبي موسى الأشعري، ومصحف أبي، ومصحف ابن مسعود.

      أما مصحف عمر فقد استعصت به حفصة ولم تسلمه إلى عثمان حتى توفيت، فأخذه مروان وأحرقه.
      وأما مصحف أبي بن كعب فيظهر أن عثمان أخذه من ورثته بدون مشكلة. فقد روى في كنز العمال:2/585: (عن محمد بن أبيّ بن كعب أن ناساً من أهل العراق قدموا عليه فقالوا، إنا تحملنا إليك من العراق، فأخرج لنا مصحف أبيٍّ، فقال محمد قد قبضه عثمان قالوا: سبحان الله أخرجه، قال: قد قبضه عثمان ـ أبوعبيد في الفضائل وابن أبي داود) انتهى.
      وأما مصحف أبي موسى فقد ذهب حذيفة إلى البصرة وصادره منه وهو يتأسف على زياداته ويترجاه أن يبقيها!
      بينما استعصى ابن مسعود بمصحفه حتى توفي!
      قال ابن شبة في تاريخ المدينة:3/998: (حدثنا عمرو بن مرة الجملي قال: استأذن رجل على ابن مسعود فقال الآذن: إن القوم والأشعري، وإذا حذيفة يقول لهم: أما إنكما إن شئتما أقمتما هذا الكتاب على حرف واحد فإني قد خشيت أن يتهون الناس فيه تهون
      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 329
      --------------------------------------------------------------------------------

      أهل الكتاب! أما أنت يا أبو (كذا) موسى فيطيعك أهل اليمن، وأما أنت يا ابن مسعود فيطيعك الناس. قال ابن مسعود: لو أني أعلم أن أحداً من الناس أحفظ مني لشددت رحلي براحلتي حتى أنيخ عليه قال: فكان الناس يرون أن حذيفة ممن عمل فيه حتى أتى على حرف واحد!

      حدثنا عبد الأعلى بن الحكم الكلابي قال: أتيت دار أبي موسى الأشعري فإذا حذيفة بن اليمان وعبد الله بن مسعود وأبو موسى الأشعري فوق إجار، فقلت: هؤلاء والله الذين أريد، فأخذت أرتقي لهم فإذا غلام على الدرجة فمنعني أن أرتقي إليهم فنازعته حتى التفت إليَّ بعضهم فأتيتهم حتى جلست إليهم، فإذا عندهم مصحف أرسل به عثمان فأمرهم أن يقيموا مصاحفهم عليه، فقال أبو موسى: ما وجدتم في مصحفي هذا من زيادة فلا تنقصوها، وما وجدتم من نقصان فاكتبوه فيه! فقال حذيفة: فكيف بما صنعنا؟!والله ما أحد من أهل هذا البلد يرغب عن قراءة هذا الشيخ يعني ابن مسعود، ولا أحد من أهل اليمن يرغب عن قراءة هذا الآخر يعني أبا موسى.
      وكان حذيفة هو الذي أشار على عثمان أن يجمع المصاحف على مصحف واحد!) انتهى.
      ويبدو أن محل هذه الحادثة البصرة مركز ولاية أبي موسى الأشعري، ولا بد أن حذيفة ذهب خصيصا لمصادرة مصحف أبي موسى! وأن عبد الله بن مسعود كان زائراً، لقول حذيفة فيها (من أهل هذا البلد) وهو يدل على أن أهل البصرة غير اليمانيين كانوا
      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 330
      --------------------------------------------------------------------------------

      يقرؤون بقراءة ابن مسعود، واليمانيين بقراءة أبي موسى! ولو كانت الحادثة في المدينة لما صح ذلك لأن أهلها كانوا يقرؤون بقراءة أبيّ!

      ويظهر من كلام أبي موسى أنه سلم نسخته إلى حذيفة خوفاً من عثمان ومنه، رغم إضافاتها العزيزة على قلبه! ولابد أنهم أتلفوا نسخته وخلصوا الأمة الإسلامية من زياداتها السامرية، كما خلصوها من زيادات عمر وفتنة أحرفه السبعة.. جزاهم الله خيراً.

      * * *

      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 331
      --------------------------------------------------------------------------------


      الأسئلة
      1- أين جمع أبي بكر وعمر للقرآن الذي تدعونه! وأين عمل اللجنة العتيدة التي هي كلجان حكوماتنا المعاصرة! وقد بلغ الأمر بالمسلمين من أعمال عمر أنه: (جعل المعلم يعلم قراءة الرجل، والمعلم يعلم قراءة الرجل، فجعل الغلمان يتلقون فيختلفون حتى ارتفع ذلك إلى المعلمين، حتى كفر بعضهم بقراءة بعض، فبلغ ذلك عثمان فقام خطيباً فقال: أنتم عندي تختلفون وتلحنون، فمن نأى عني من الأمصار أشد اختلافاً وأشد لحناً!)؟!!
      2 ـ رأيتم تعبير الرواة والصحابة بأن عثمان كتب القرآن على حرف واحد! وهل معنى ذلك إلا أنه أبطل الأحرف السبعة العمرية؟!
      3 ـ من الذي حفظ الله به القرآن: هل هو عمر الذي رفض أن تتبنى الدولة نسخة رسمية من القرآن، واخترع الأحرف السبعة، وأفتى بتعويم نص القرآن وسبَّبَ كل هذه المصيبة في المسلمين؟
      أم علي (عليه السلام) الذي جاء بنسخة القرآن إلى أبي بكر وعمر فرفضاها، ثم سعى في خلافة عمر وعثمان لأن تعتمد الدولة نسخة القرآن على حرف واحد، وتخلص المسلمين من فرية الأحرف السبعة وغيرها؟!
      4- ما رأيكم في قول عبدالله بن الزبير أن القرآن كتب عن نسخة خالته عائشة؟

      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 332
      --------------------------------------------------------------------------------

      5 ـ ما رأيكم بقول حذيفة: (ما أدرك هذا الأمر أحد من الصحابة إلا قد اشترى بعض دينه ببعض. قالوا: وأنت؟ قال: وأنا والله!)؟!

      6 ـ روى البخاري أن حذيفة بن اليمان موضع سر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال في:4/215 و:7/139: (عن إبراهيم قال ذهب علقمة إلى الشام فلما دخل المسجد قال: اللهم يسر لي جليساً صالحاً فجلس إلى أبي الدرداء، فقال أبو الدرداء: ممن أنت؟ قال من أهل الكوفة، قال: أليس فيكم أو منكم صاحب السر الذي لايعلمه غيره؟ يعني حذيفة، قال قلت: بلى، قال: أليس فيكم أو منكم الذي أجاره الله على لسان نبيه (ص) يعني من الشيطان يعني عماراً؟ قلت: بلى...). وروى عنه وصف نفوذ المنافقين بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال:8/100: (عن حذيفة بن اليمان قال: إن المنافقين اليوم شر منهم على عهد النبي (ص) كانوا يومئذ يسرون واليوم يجهرون.... إنما كان النفاق على عهد النبي (ص) فأما اليوم فإنما هو الكفر بعد الإيمان!!) انتهى.
      فمَن هم هؤلاء الذين كانوا يجهرون بالنفاق، في عهد أبي بكر وعمر وعثمان، وما هو النفاق المجهور به الذي صار عادياً؟!

      * * *

      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 333
      --------------------------------------------------------------------------------


      المســألة: 76
      نسخة علي (عليه السلام) هي النسخة التي كتبوا عنها مصحف عثمان

      شكَّل عثمان لجنة لتدوين نسخة القرآن من اثني عشر عضواً، وجعل رئيسها سعيد بن العاص الأموي، وكاتبها زيد بن ثابت كاتب عمر، وقد جعلها البخاري رباعية على عادته في الإختصار والحذف، قال في:4/156: (باب نزل القرآن بلسان قريش... عن ابن شهاب عن أنس أن عثمان دعا زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحرث بن هشام، فنسخوها في المصاحف. وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شئ من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم ففعلوا ذلك).
      وقال عمر ابن شبة في تاريخ المدينة:3/993: (حدثنا هشام عن محمد قال: كان الرجل يقرأ فيقول له صاحبه: كفرت بما تقول، فرفع ذلك إلى ابن عفان فتعاظم في نفسه، فجمع اثني عشر رجلاً من قريش والأنصار منهم أبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت، وأرسل إلى الرقعة التي كانت في بيت عمر فيها القرآن، قال وكان يتعاهدهم. قال فحدثني كثير بن أفلح أنه كان فيمن يكتب لهم، فكانوا كلما اختلفوا في شئ أخروه. قلت لم أخروه؟ قال لا أدري.
      قال محمد: فظننت أنا فيه ظناً ولا تجعلوه أنتم يقيناً، ظننت أنهم كانوا إذا اختلفوا في الشئ أخروه حتى ينظروا آخرهم عهداً بالعرضة الأخيرة فكتبوه على قوله.

      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 334
      --------------------------------------------------------------------------------

      حدثنا وهب بن جرير قال حدثنا هشام بنحوه، وزاد: قال محمد فأرجو أن تكون قراءتنا هذه آخرتها عهداً بالعرضة الأخيرة). انتهى.

      وعليه، لابد من القول إن الأعضاء الإستشاريين كانوا كثيرين، وأن يكون حذيفة في طليعتهم، وعلي (عليه السلام) مرجعهم، وأن الأعضاء الكتاب والنساخين كانوا كثيرين أيضاً، وكان أبرزهم زيد بن ثابت.
      والظاهر أن اسم أبي بن كعب جاء في اللجنة بدل اسم ابنه محمد بن أبي بن كعب، لأن أبيّاً توفي في زمن عمر، وقد ورد اسم ولده محمد بأنه سلم مصحف أبيه كعب إلى الخليفة عثمان. وقد أشكل المستشرقون على ذكر أبي بن كعب في لجنة جمع القرآن وضخموا ذلك، وأرادوا أن يطعنوا بسببه في نسخة القرآن، على عادتهم السيئة!
      وقد كتب عثمان رسالة إلى الأمصار وبعثها مع المصاحف، ولم يذكر فيه اسم أحد من اللجنة، بل نسب الفعل إلى نفسه لأنه الآمر بذلك، ولم يذكر الصعوبات التي ذكرتها روايات عمر وزيد في جمع القرآن، بل بشر المسلمين بأنه لهم نسخ القرآن عن آخر نسخة غضة طرية مسموعة من فم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ونسب النسخة إلى عائشة!!
      قال في تاريخ المدينة:3/997: (عن أبي محمد القرشي: أن عثمان بن عفان كتب إلى الأمصار: أما بعد فإن نفراً من أهل الأمصار اجتمعوا عندي فتدارسوا القرآن، فاختلفوا اختلافاً شديداً، فقال بعضهم قرأت على حرف أبي الدرداء.

      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 335
      --------------------------------------------------------------------------------

      وقال بعضهم قرأت على حرف عبد الله بن مسعود، وقال بعضهم قرأت على حرف عبد الله بن قيس، فلما سمعت اختلافهم في القرآن والعهد برسول الله (ص) حديث، ورأيت أمراً منكراً، فأشفقت على هذه الأمة من اختلافهم في القرآن، وخشيت أن يختلفوا في دينهم بعد ذهاب من بقي من أصحاب رسول الله (ص) الذين قرأوا القرآن على عهده وسمعوه من فيه، كما اختلفت النصارى في الإنجيل بعد ذهاب عيسى بن مريم، وأحببت أن نتدارك من ذلك، فأرسلت إلى عائشة أم المؤمنين أن ترسل إليَّ بالأدم الذي فيه القرآن الذي كتب عن فم رسول الله (ص) حين أوحاه الله إلى جبريل، وأوحاه جبريل إلى محمد وأنزله عليه، وإذا القرآن غض، فأمرت زيد بن ثابت أن يقوم على ذلك، ولم أفرغ لذلك من أجل أمور الناس والقضاء بين الناس، وكان زيد بن ثابت أحفظنا للقرآن، ثم دعوت نفراً من كتَّاب أهل المدينة وذوي عقولهم، منهم نافع بن طريف، وعبد الله بن الوليد الخزاعي، وعبد الرحمن بن أبي لبابة، فأمرتهم أن ينسخوا من ذلك الأدم أربعة مصاحف وأن يتحفظوا). انتهى.

      فالمصحف الذي بأيدينا مكتوب عن تلك النسخة الفريدة المكتوبة من فم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، والتي لم يدع أحد غير علي (عليه السلام) أنها عنده. وهو لاينطبق إلا على قراءة علي (عليه السلام) ويخالف ما ثبت في نسخ غيره!
      قال الذهبي في سير أعلام النبلاء:2/426: (حفص، عن عاصم، عن أبي عبد الرحمن قال: لم أخالف علياً في شئ من قراءته، وكنت أجمع


      حروف عليٍّ، فألقى بها زيداً في المواسم بالمدينة فما اختلفنا إلا في التابوت كان زيد يقرأ بالهاء وعليٌّ بالتاء). انتهى.
      فلايمكن أن يكون عن نسخة مصحف عمر الذي كان عند حفصة، لأنها استعصت بها حتى أحرقها مروان يوم وفاتها، ولأن عثمان نسب النسخة الغضة في رسالته إلى الأمصار إلى عائشة ولم يذكر حفصة!
      ثم إن نسخة حفصة لابد أن تكون فيها قراءات عمر الثابتة عنه والتي لاتوجد في مصحفنا والحمد لله.
      وعليه يجب رد الروايات التي تقول إنه نسخ من مصحف حفصة.
      قال عمر بن شبة في تاريخ المدينة:3/1003: (قال الزهري: فحدثني سالم قال، لما توفيت حفصة أرسل مروان إلى ابن عمر بعزيمة ليرسلن بها، فساعة رجعوا من جنازة حفصة أرسل بها ابن عمر، فشققها ومزقها مخافة أن يكون في شئ من ذلك خلاف لما نسخ عثمان!!).
      كما لايمكن أن يكون عن نسخة مصحف عثمان، لأنهم رووا أن عثمان لما أكملوا نسخ القرآن وعرضوه عليه نظر فيه وقال: (إن فيه لحناً وستقيمه العرب بألسنتها!
      ففي كنز العمال:2/586، عن كتاب المصاحف لابن الأنباري وابن أبي دؤاد، قال: (عن قتادة أن عثمان لما رفع إليه المصحف قال: إن فيه لحناً وستقيمه العرب بألسنتها.... وعن عكرمة قال: لو كان المملي من هذيل والكاتب من ثقيف لم يوجد فيه هذا)!

      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 337
      --------------------------------------------------------------------------------

      كما لايمكن أن يكون عن نسخة عائشة، لأن أحداً لم يدع أن عائشة كان عندها نسخة ذلك القرآن الذي وصفه عثمان في رسالته إلى الأمصار: (القرآن الذي كتب عن فم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين أوحاه الله إلى جبريل وأوحاه جبريل إلى محمد وأنزله عليه، وإذا القرآن غض).

      فلو كان عندها لما استكتبت نسخة من القرآن المتداول كما في رواية مسلم:2/112: (عن أبي يونس مولى عائشة أنه قال أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفاً وقالت إذا بلغت هذه الآية فآذني حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى، فلما بلغتها آذنتها فأملت عليَّ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر، وقوموا لله قانتين)!
      ولو كان عندها مثل هذه النسخة لاحتجت بها على نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما خالفنها في مسألة رضاع الكبير ومسألة كفاية خمس رضعات.. فقد قالت كما في صحيح مسلم:4/167: (كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرِّمن، ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله (ص) وهن فيما يقرأ من القرآن!).
      وقال أحمد:6/271: (كانت عائشة تأمر أخواتها وبنات أخواتها أن يرضعن من أحبت عائشة أن يراها ويدخل عليها وإن كان كبيراً خمس رضعات ثم يدخل عليها! وأبت أم سلمة وسائر أزواج النبي (ص) أن يدخلن عليهن بتلك الرضاعة أحداً من الناس، حتى يرضع في المهد..) انتهى.
      فقد كان مهماً عند عائشة أن تحتج
      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 338
      --------------------------------------------------------------------------------

      لمسألة الرضاعة، لأن نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خالفنها وانتقدنها، وكانت متحمسة لإثبات صحة عملها!


      * * *
      فالقرآن الفعلي يختلف عما ثبت في كل هذه النسخ، ولاينطبق إلا على نسخة علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وما روي عنه (عليه السلام) من قراءات، وقد تقدم من سير الذهبي (2/426) أن عاصماً روى عن أستاذه أنه قال: (لم أخالف علياً في شئ من قراءته، وكنت أجمع حروف عليّ ٍ).
      وعليه، لا بد من حمل ما ورد في رسالة عثمان إلى الأمصار من نسبة النسخة إلى عائشة، أنه قول سياسي لغرض من الأغراض.

      * * *

      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 339
      --------------------------------------------------------------------------------


      الأسئلة
      1 ـ مادام علي (عليه السلام) هو الذي سعى في توحيد نسخة القرآن، وهو الذي أعطى عثمان النسخة التي كتبها سماعاً من فم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فكيف تقولون إن أبا بكر وعمر جمعا القرآن ثم جمعه عثمان ولم يجمعه علي (عليه السلام)؟!
      2 ـ كيف تحلون الروايات المتناقضة في نسخة حفصة، فمنها يقول إن القرآن كتب عنها، ومنها ما يقول إنها استعضت بها حتى ماتت!
      3 ـ كيف تحلون الروايات المتناقضة في نسخة عائشة، فمنها يقول إنها غضة طرية مكتوبة من فم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومنها يقول إنها استكتبت نسخة وأضافت إليها كلمة صلاة العصر بعد الصلاة الوسطى؟!
      4 ـ ما رأيكم في قول عثمان عن القرآن الفعلي (إن فيه لحناً) وأين هو اللحن، وهل قومته العرب كما زعم؟
      5 ـ هل تفتون بفسق أو كفرمن قال إن القرآن الفعلي فيه لحن، كما قال عثمان، أو يقول إن فيه نقصاً لآيات وخطأً من الكتاب كما تقول عائشة؟!

      * * *

      تعليق


      • المســألة: 78
        فتاوي فقهائهم تبعاً لعمر بجواز.. تحريف القرآن!

        أثمرت فتنة عمر ثمارها السيئة في فقه المذاهب السنية، فأفتى فقهاؤهم بجواز تغيير نص القرآن، وتغيير نص التشهد بطريق أولى!
        قال الشافعي في اختلاف الحديث ص489 وفي الأم:1/142:
        (وقد اختلف بعض أصحاب النبي في بعض لفظ القرآن عند رسول الله (ص) ولم يختلفوا في معناه، فأقرهم وقال: هكذا أنزل، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه!! فما سوى القرآن من الذكر أولى أن يتسع هذا فيه إذا لم يختلف المعنى!
        قال: وليس لأحد أن يعمد أن يكف عن قراءة حرف من القرآن إلا بنسيان، وهذا في التشهد وفي جميع الذكر أخف!!).
        وقال البيهقي في سننه:2/145: (قال الشافعي: فإذا كان الله برأفته بخلقه أنزل كتابه على سبعة أحرف، معرفة منه بأن الحفظ قد نزر ليجعل لهم قراءته وإن اختلف لفظهم فيه، كان ما سوى كتاب الله أولى أن يجوز فيه اختلاف اللفظ ما لم يخل معناه!)
        وقال ابن قدامة الحنبلي في المغني:1/575: (فصل. وبأي تشهد تشهد مما صح عن النبي (ص) جاز، نص عليه أحمد فقال: تشهد </SPAN>الصفحة 350 عبد الله أعجب إليَّ وإن تشهد بغيره فهو جائز لأن النبي (ص) لما علمه الصحابة مختلفاً دل على جواز الجميع، كالقراءات المختلفة التي اشتمل عليها المصحف... وقال ابن حامد: رأيت بعض أصحابنا يقول لو ترك واواً أو حرفاً أعاد الصلاة لقول الأسود: فكنا نتحفظه عن عبدالله كما نتحفظ حروف القرآن، والأول أصح لما ذكرنا. وقول الأسود يدل على أن الأولى والأحسن الإتيان بلفظه وحروفه وهو الذي ذكرنا أنه المختار، وعلى الثاني أن عبد الله كان يرخص في إبدال لفظات من القرآن فالتشهد أولى! فقد روي عنه أن إنساناً كان يقرأ عليه: (إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ، طَعَامُ الأَثِيمِ) فيقول طعام اليتيم، فقال له عبد الله: قل طعام الفاجر!!). انتهى.
        وقال في عون المعبود:4/244: (وحديث أحمد بإسناد جيد صريح فيه. وعنده بإسناد جيد أيضاً من حديث أبي هريرة: أنزل القرآن على سبعة أحرف عليماً حكيماً غفوراً رحيماً. وفي حديث عنده بسند جيد أيضاً: القرآن كله صواب ما لم يجعل مغفرةً عذاباً أو عذاباً مغفرةً، ولهذا كان أبيُّ يقرأ كلما أضاء لهم سعوا فيه بدل مشوا فيه، وابن مسعود: أمهلونا أخرونا، بدل أنظرونا...). انتهى.
        وقال ابن حزم في الأحكام:4/528: (فإن ذكر ذاكر الرواية الثابتة بقراءات منكرة صححت عن طائفة من الصحابة، مثل ما روي عن أبي بكر الصديق (رض) (وجاءت سكرة الموت). ومثل ما صح عن عمر (رض) من </SPAN>الصفحة 351 قراءة (صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم والضالين)، ومن أن ابن مسعود (رض) لم يعد المعوذتين من القرآن، وأن أبياً (رض) كان يعد القنوت من القرآن ونحو هذا.
        قلنا: كل ذلك موقوف على من روى عنه شئ ليس منه عن النبي (ص) البتة، ونحن لاننكر على من دون رسول الله (ص) الخطأ، فقد هتفنا به هتفاً، ولا حجة فيما روي عن أحد دونه (عليه السلام)، ولم يكلفنا الله تعالى الطاعة له ولا أمرنا بالعمل به ولا تكفل بحفظه، فالخطأ فيه واقع فيما يكون من الصاحب فمن دونه ممن روى عن الصاحب والتابع، ولا معارضة لنا بشئ من ذلك.....
        ومن العجب أن جمهرة من المعارضين لنا وهم المالكيون قد صح عن صاحبهم ما ناه المهلب بن أبي صفرة الأسدي التميمي، قال ابن مناس: نا ابن مسرور، نا يحيى نا يونس بن عبد الأعلى، نا ابن وهب حدثني ابن أنس قال: أقرأ عبد الله بن مسعود رجلاً: (إن شجرة الزقوم طعام الأثيم) فجعل الرجل يقول: طعام اليتيم، فقال له ابن مسعود: طعام الفاجر. قال ابن وهب: قلت لمالك: أترى أن يقرأ كذلك؟ قال: نعم أرى ذلك واسعاً! فقيل لمالك: أفترى أن يقرأ بمثل ما قرأ عمر بن الخطاب فامضوا إلى ذكر الله؟ قال مالك: ذلك جائز، قال رسول الله (ص): أنزل القرآن على سبعة أحرف فاقرؤوا منه ما تيسر مثل: تعلمون يعلمون. قال مالك: لا أرى في اختلافهم في مثل هذا بأساً، ولقد كان </SPAN>الصفحة 352 الناس ولهم مصاحف، والستة الذين أوصى لهم عمر بن الخطاب كانت لهم مصاحف.
        قال أبو محمد: فكيف يقولون مثل هذا؟ أيجيزون القراءة هكذا فلعمري لقد هلكوا وأهلكوا وأطلقوا كل بائقة في القرآن أو يمنعون من هذا! فيخالفون صاحبهم في أعظم الأشياء، وهذا إسناد عنه في غاية الصحة وهو مما أخطأ فيه مالك مما لم يتدبره لكن قاصداً إلى الخير، ولو أن أمراً ثبت على هذا وجازه بعد التنبيه له على ما فيه، وقيام حجة الله تعالى عليه في ورود القرآن بخلاف هذا لكان كافراً، ونعوذ بالله من الضلال). انتهى.
        فهذه فتاواهم صريحة بجواز تحريف القرآن واستبدال ألفاظه بألفاظ أخرى! وأن الألفاظ التي يختارها القارئ ويستبدل بها ألفاظ القرآن تكون قرآناً منزلاً من عند الله عز وجل!! تعالى الله عما ينسبون إليه علواً كبيراً.

        * * *
        أما فقهاء مذهب أهل البيت (عليهم السلام) فهم أتباع العترة والقرآن المحافظون على كتاب ربهم، لذا تراهم يحكمون ببطلان الصلاة إذا غيَّر المصلي في قراءتها حرفاً واحداً من القرآن، أو غيَّر حركة إعراب واحدة!
        قال السيد الخوئي في منهاج الصالحين:1/164:
        (مسألة606): تجب القراءة الصحيحة بأداء الحروف وإخراجها من مخارجها على النحو اللازم في لغة العرب، كما يجب أن تكون هيئة الكلمة موافقة للأسلوب العربي، من حركة البنية، وسكونها، وحركات </SPAN>الصفحة 353 الإعراب والبناء وسكناتها، والحذف، والقلب، والإدغام، والمد الواجب، وغير ذلك، فإن أخل بشئ من ذلك بطلت القراءة).
        (ونحوه في منهاج الصالحين للسيد السيستاني:1/207، وتحرير الوسيلة للسيد الخميني:1/167)
        وقال زين الدين في كلمة التقوى:1/ 417:
        (المسألة457): تجب القراءة الصحيحة بإخراج الحروف من مخارجها المعروفة بحيث لايبدل حرفاً بحرف، أو يلتبس به عند أهل اللسان. وموافقة الأسلوب العربي في هيئةالكلمة وهيئة الجملة في حركات بناء الهيئة وسكناته وحركات الإعراب والبناء في آخر الكلمة وسكناتهما، والمد الواجب، والإدغام والحذف، والقلب في مواضعها).
        وقال صاحب جواهر الكلام:13/341:
        (ولو كان الإمام يلحن في قراءته لم يجز إمامته بمتقن على الأظهر) بل المشهور نقلاً وتحصيلاً، بل لا أجد فيه خلافاً بين المتأخرين، لأصالة عدم سقوط القراءة ونقصان صلاة الإمام عن صلاة المأموم).

        الأسئلة
        1 ـ ما رأيكم في فتاوى هؤلاء الفقهاء وأمثالهم واستدلالهم على جواز تغيير ألفاظ التشهد بجواز تغيير ألفاظ القرآن وهي أهم منها؟!
        فهل ترون أنهم مجتهدون مخطئون لأنهم أفتوا بجواز تحريف القرآن وتغيير ألفاظه؟!أم أهل ضلال، أم كفروا بتجويزهم تحريف كتاب الله تعالى؟!
        </SPAN>الصفحة 354 2 ـ ما رأيكم بقول الشافعي إن القرآن يتسع لتغيير ألفاظه فما سواه أولى! قال: (فما سوى القرآن من الذكر أولى أن يتسع هذا فيه إذا لم يختلف المعنى)؟!
        3 ـ ما رأيكم في قول ابن قدامة: (وعلى الثاني أن عبد الله كان يرخص في إبدال لفظات من القرآن فالتشهد أولى! فقد روي عنه أن إنساناً كان يقرأ عليه: (إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ، طَعَامُ الأَثِيمِ) فيقول طعام اليتيم، فقال له عبد الله: قل طعام الفاجر!!)؟!
        4 ـ ما رأيكم في قول العظيم آبادي في عون المعبود: (وفي حديث عنده بسند جيد أيضاً: القرآن كله صواب ما لم يجعل مغفرةً عذاباً أو عذاباً مغفرةً، ولهذا كان أبيُّ يقرأ كلما أضاء لهم سعوا فيه بدل مشوا فيه، وابن مسعود: أمهلونا أخرونا، بدل أنظرونا...)؟!
        5 ـ لماذا تكتمون هذه الفتاوى عن جماهير المسلمين خوفاً منهم؟ ولاتقولون لهم إقرؤوا سورة الإخلاص بهذه الصورة مثلاً:
        (إقرأ الله واحد صامد لامولود ولا والد ولا له مكافئ واحد!!) أو انظمها شعراً بمعناها، فمن قرأها بهذا الشكل أو ما شابه فصلاته صحيحة، لأنها تكون قرآناً منزلاً من رب العالمين!
        6 ـ رأيتم في المقابل فتاوى فقهائنا ومحافظتهم على ألفاظ القرآن وحركات إعرابها، وحكمهم ببطلان صلاة وقراءة من </SPAN>الصفحة 355 خالفها!
        فمن الذي أفتى بالتحريف، ومن الذي حفظ الله به كتابه؟!

        * * *

        </SPAN>الصفحة 356 المســألة: 79
        وهل يبقى عندكم تواتر لنص القرآن؟

        يجب أولاً أن نطمئن المسلمين من جميع المذاهب والإتجاهات، إلى أن هذه الأمة المباركة امتازت عن غيرها من الأمم فيما امتازت بكتاب الله عز وجل، حيث لايوجد على وجه الأرض كتابٌ سماويٌّ محفوظُ النسخةِ جيلاً عن جيل، وحرفاً بحرف، غير القرآن!
        وأن الأحاديث في مصادر هذه الطائفة أو تلك، التي توهم وقوع التحريف فيه ليس لها قيمة علمية ولاعملية، مهما كانت أسانيدها.. لأن الله تعالى قد تكفل بحفظ كتابه وألة ضمانة جعلها له قوة نصه الذاتية، ثم بالمحافظين عليه من أهل بيت النبوة (عليهم السلام).
        إن القرآن كلام الله تعالى، وهي حقيقة تفاجئ كل منصف يقرأ القرآن فيقف عندها ذهنه، ويتفكر فيها عقله، ويخشع لجلالها قلبه.
        يجد نفسه أمام متكلم فوق البشر، وأفكار أعلى من أفكارهم، وألفاظ ومعانٍ انتقاها العليم الحكيم، وصاغها بعلمه وقدرته وحكمته!
        يجد أن نص القرآن متميزٌ عن كل ما قرأ وسمع، وكفى بذلك دليلاً على سلامته من تحريف المحرفين وتشكيك المشككين.
        إن القوة الذاتية لنص القرآن هي أقوى سند لنسبته إلى الله تعالى، وأقوى ضمان لإباءِ نسيجِه عما سواه، ونفيه ما ليس منه!
        </SPAN>الصفحة 357 فقد جعله الله أشبه بطبقٍ من الجواهر الفريدة، إذا وضع بينها غيرها انفضح! وإذا أخذ منها شئ إلى مكان آخر، نادى بغربته حتى يرجع إلى طبقه!
        لقد أتقن الله تعالى بناء القرآن بدقة متناهية وإعجاز كبناء السماء! (فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ.وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ. إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ). (سورة الواقعة: 75ـ77)
        والتناسب بين عناصر القسم الذي تراه في القرآن، يدل على التشابه في دقة بناء السماء ومواقع نجومها، وبين سور القرآن وآياته وكلماته وحروفه!
        وإلى اليوم لم يكتشف العلماء من بناء الكون إلا القليل، وكلما اكتشفوا جديداً خضعت أعناقهم لبانيه عز وجل!
        ولم يكتشفوا من بناء القرآن إلا القليل، وكلما اكتشفوا منه جديداً خضعت أعناقهم لبانيه عز وجل!!
        من جهة أخرى، فإن التاريخ لم يعرف أمة اهتمت بحفظ كتاب وضبطه، والتأليف حول سوره وآياته وكلماته وحروفه، فضلاً عن معانيه، كما اهتمت أمة الإسلام بالقرآن، وهذا سند ضخم، رواته الحفاظ والقراء والعلماء وجماهير الأجيال سنداً متصلاً جيلاً عن جيل إلى جيل السماع من فمِ الذي أنزله الله على قلبه (صلى الله عليه وآله وسلم)!
        فسند القرآن العظيم هو هذه القوة الذاتية والمعمارية الفريدة، وتلك العناية الفائقة المميزة من أمة الإسلام عبر أجيالها!!
        هذا هو اعتقاد المسلمين بالقرآن سواءٌ </SPAN>الصفحة 358 منهم الشيعة والسنة، وسواء استطاع علماؤهم وأدباؤهم أن يعبِّروا عنه، أم بقي حقائق تعيش في عقولهم وقلوبهم وتعجز عنها ألسنتهم والأقلام!
        ونحن الشيعة نفتخر بأن اعتقادنا بالقرآن راسخ، ورؤيتنا له صافية، ونظرياتنا حوله واضحة، لأنها مأخوذة من منبع واضح صافٍ، منبع أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وباب مدينة علمه!
        وإذا كانت بعض المصادر السنية قبل الشيعية فيها ما يخالف ذلك، فلاعبرة بكل ما خالف حقيقة القرآن الساطعة وشمسه الطالعة!!
        لكنا مضطرون لسد باب التهريج على شيعة أهل البيت الطاهرين (عليهم السلام)، وأن نكشف بعض ما في مصادر مخالفينا من طوام حول القرآن، ومنها أن التواتر الذي يزعمونه ويتبجحون به بأسانيد رواتهم لاوجود له عندهم!
        فأين سندهم المتواتر للمعوذتين، وأحاديثها عندهم ما بين مثبت ومشكك والمشكك أعلى صحة لأن البخاري اختاره!
        وأين سندهم المتواتر للبسملة، والنافي لقرآنيتها من أوائل السور منهم أضعاف المثبت لها على ظن وترجيح!
        وأين سندهم المتواتر لآيات خزيمة وآل خزيمة، وادعاءات زيد بن ثابت كاتب عمر المفضل، وفتاه المقرب؟!

        آيات خزيمة ضاعت مراراً.. ووجدها زيد!!
        في كثير من رواياته، ذكر زيد بن ثابت </SPAN>الصفحة 359 لنفسه دوراً بارزاً في جمع المصحف زمن أبي بكر وعمر، ولم يذكر دورهما هما بشكل بارز! ولا بد أن رواياته هذه كانت بعد موت عمر!
        يقول زيد إن آية بل آيات خزيمة وأبي خزيمة المسكينة قد ضاعت، نعم ضاعت هذه الآيات المسكينة في الجمع الأول قبل بضع عشرة سنة عندما جمع هو القرآن في زمن عمر، ثم وجدها زيد عن خزيمة!
        ثم ضاعت ثانية ووجدها زيد أيضاً! ولم تكن موجودة عند أحد من الناس إلا عند آل خزيمة! فقبل زيد شهادة خزيمة وحده ولم يطلب شاهدين، لأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سماه: (ذا الشهادتين)!
        وفي رواية عن زيد نفسه أنه وجدها عند ابن خزيمة وليس عند خزيمة، وفي رواية أنه وجدها عند أبي خزيمة لا ابنه ولا حفيده!
        وفي رواية أنه وجدها عند (خزيمة آخر) فأجرى عليهم جميعاً حكم خزيمة ذي الشهادتين، لمجرد اسم خزيمة!
        (فالتمستها فوجدتها مع خزيمة بن ثابت أو ابن خزيمة...
        وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره...
        فلم أجدهما مع أحد منهم حتى وجدتهما مع رجل آخر يدعي خزيمة أيضاً).
        وقد أكثرت مصادرهم من رواية آيات خزيمة، وفي بعضها أن الذي وجدها هو عمر أو عثمان وليس زيد بن ثابت!
        وفي بعضها أن الذي وجدها صاحبها خزيمة! كما في كنز العمال:2/576 عن طبقات ابن سعد!
        </SPAN>الصفحة 360 روى البخاري:8/177: (أن زيد بن ثابت حدثه قال: أرسل اليَّ أبوبكر فتتبعت القرآن حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره! لقد جاءكم رسول من أنفسكم، حتى خاتمة براءة).
        ورواه في:6/22 و98 وفي:3/206، وفيه: (فلم أجدها إلا مع خزيمة ابن ثابت الأنصاري الذي جعل رسول الله (ص) شهادته شهادة رجلين، ورواه أحمد:5/188، والترمذي:4/347، وكنز العمال:2/581!
        فالآية في هذه الروايات آخر التوبة، والذي وجدها زيد عند أبي خزيمة، والوقت في زمن أبي بكر!
        وقال البخاري:5/31: (أنه سمع زيد بن ثابت يقول: فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف كنت أسمع رسول الله (ص) يقرؤها فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري: من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، فألحقناها في سورتها في المصحف).
        فالآية من سورة الأحزاب، والذي وجدها زيد وزملاؤه النُّساخ عند خزيمة والوقت كما يبدو زمن عثمان!
        وفي كنز العمال:2/574، عن ابن أبي داود وابن عساكر: (عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال: أراد عمر بن الخطاب أن يجمع القرآن فقام في الناس فقال: من كان تلقى من رسول الله (ص) شيئاً من القرآن فليأتنا به، وكانوا كتبوا ذلك في الصحف والألواح والعسب، وكان لايقبل من أحد شيئاً حتى يشهد شاهدان فقتل وهو يجمع ذلك، فقام
        عثمان فقال من كان عنده من كتاب الله شئ فليأتنا به، وكان لايقبل من ذلك شيئاً حتى يشهد عليه شاهدان، فجاء خزيمة بن ثابت فقال: قد رأيتكم تركتم آيتين لم تكتبوهما! قالوا ما هما؟ قال: تلقيت من رسول الله (ص): لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم الى آخر السورة، فقال عثمان: وأنا أشهد أنهما من عند الله، فأين ترى أن نجعلهما؟ قال: إختم بهما آخر ما نزل من القرآن، فختم بهما براءة).

        فالذي وجدها خزيمة نفسه، والوقت في زمن عمر، وعند جمع عثمان للقرآن!
        وفي تاريخ المدينة:3/1001: عن خارجة بن زيد، عن زيد بن ثابت قال: عرضت المصحف فلم أجد فيه هذه الآية: من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا. قال: فاستعرضت المهاجرين أسألهم عنها فلم أجدها مع أحد منهم، ثم استعرضت الأنصار أسألهم عنها فلم أجدها مع أحد منهم!! حتى وجدتها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري فكتبتها، ثم عرضته مرة أخرى فلم أجد فيه هاتين الآيتين: لقد جاءكم رسول من أنفسكم الى آخر السورة، قال: فاستعرضت المهاجرين أسألهم عنها فلم أجدهما مع أحد منهم، ثم استعرضت الأنصار أسألهم عنهما فلم أجدهما مع أحد منهم!! حتى وجدتهما مع رجل آخر يدعي خزيمة أيضاً من الأنصار فأثبتهما في آخر (براءة)!! قال زيد: ولو تمت ثلاث آيات لجعلتها سورة واحدة). انتهى.
        فالآية من سورة التوبة، والذي وجدها </SPAN>الصفحة 362 زيد، مع خزيمة آخر، والوقت بقرينة بقية الرواية زمن جمع عثمان للمصحف!
        ومن الطريف أن ابن ثابت يدعي أنه كان صاحب قرار في تدوين المصحف الإمام، وأنه كان يتصرف برأيه كأنه لايوجد أحد غيره! وأنه لو كان ما عثر عليه ثلاث آيات لجعلها سورة مستقلة وصار قرآننا 115 سورة!! وربما كان اسم السورة الأخيرة: (سورة زيد بن ثابت)!
        وقد أطال الباحثون والمستشرقون في أمر آيات آل خزيمة، لأنها تثير الشبهة على القرآن، وأن فيه آيات كتبت بشهادة شخص واحد فهي غير متواترة، وبذلك تبطل دعوى المسلمين بتواتر قرآنهم!
        وهذا الإشكال يرد على الذين يثقون بزيد بن ثابت، ويصدقون مبالغاته ومبالغات أمثاله، التي فتحت على القرآن والوحي والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) باباً دخل منه المستشرقون وأعداء الإسلام فوجهوا سهامهم الى الإسلام والقرآن!
        أما الحقيقة فهي أن نسخ القرآن كانت كثيرة ميسرة، وأن حفظة القرآن ومدونيه من أهل البيت (عليه السلام) وبقية الصحابة كانوا حاضرين على مشروع توحيد نسخة القرآن، وأن زيداً كان كاتباً من الكتاب، وأنه كذب في تضخيم دوره في جمع القرآن! وكذب في أنه كتبه زمن أبي وعمر للدولة! نعم قد يكون كتبه بالأجرة لأحد من الناس، كما كان غيره يكتب عن النسخ الكثيرة المتداولة! ثم كذب في زعمه أنه وجد آيات لم يجدها غيره

        الأسئلة
        1 ـ هل تقصدون بقولكم إن القرآن متواتر أن جميع سوره وآياته وصلت اليكم حسب أسانيدكم الخاصة برواية الثقاة جيلاً عن جيل؟!
        2 ـ ألا يكفي لتواتر القرآن توارث المسلمين لنسخته جيلاً فجيلاً وشهادة قرائهم وعلمائهم ومولفاتهم حول القرآن التي أحصت سوره وآياته، وبحثت في قراءاته وإعراب كلماته، وأن فقه المسلمين وعلومهم ومؤلفاتهم، على اختلاف مذاهبهم مبنية على آياته؟!
        3 ـ هل يختص هذا التواتر بمذهب أومذاهب معينة، أو يشمل كل المسلمين على اختلاف مذاهبهم؟!
        4 ـ ما قولكم في روايات مصادركم التي تستلزم عدم تواتر بعض سور القرآن أو آياته، كروايات البسملة، والمعوذتين التي لارواية عندكم على قرآنيتها إلا رواية الجهني التي تركها البخاري! وآيات خزيمة؟!
        التعديل الأخير تم بواسطة محمد الوائلي; الساعة 26-05-2009, 06:44 PM.

        تعليق


        • يستمر مسلسل النسخ واللصق

          الفصل السابع
          زيد بن ثابت الذي جعله عمر كبيرالقراء بدل أبيّ بن كعب؟!


          --------------------------------------------------------------------------------
          الصفحة 366
          --------------------------------------------------------------------------------

          --------------------------------------------------------------------------------
          الصفحة 367
          --------------------------------------------------------------------------------


          المســألة: 80
          من هو زيد بن ثابت الذي تبناه عمر وقربه؟!

          كان زيد بن ثابت في خلافة عمر شاباً صغير السن دون العشرين عاماً، وكان يتكلم العبرية، وقد اعتمد عليه عمر وجعله وزيره وكاتبه الخاص، ونائبه على ولاية المدينة عندما يسافر!
          ففي تاريخ المدينة:2/693: (أن عمر استعمل زيداً على القضاء، وفرض له رزقاً...).
          وفي سير أعلام النبلاء:2/438: (أن عمر استخلف زيداً وكتب إليه من الشام: إلى زيد بن ثابت، من عمر). يقصد الذهبي أن عمر قدم اسم زيد على إسمه فخالف أعراف العرب والخلافة بسبب حبه لزيد!
          ثم قال الذهبي: (كان عمر بن الخطاب كثيراً ما يستخلف زيد بن ثابت إذا خرج إلى شئ من الأسفار، وقلما رجع من سفر إلا أقطع زيد بن ثابت حديقة من نخل. ورجاله ثقات).
          وفي الصحيح من السيرة:5/30، عن زيد: (كان عمر يستخلفني على المدينة فوالله ما رجع من مغيب قط إلا قطع لي حديقة نخل).
          ويظهر أن علاقة عمر بزيد كانت من حياة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقد قال ابن كثير في سيرته:4/494: (إن زيد بن ثابت أخذ بيد أبي بكر فقال: هذا صاحبكم فبايعوه...). (راجع أيضاً أحمد:5/185).
          أما في عهد عثمان فصار زيد والي بيت المال ووالي الصدقات.

          --------------------------------------------------------------------------------
          الصفحة 368
          --------------------------------------------------------------------------------

          قال البخاري في تاريخه:8/373: (عن يوسف بن سعد: كان زيد بن ثابت عامل عثمان على بيت المال).

          وقال في سير أعلام النبلاء:4/424: (عن قبيصة بن ذؤيب قال: كنا في خلافة معاوية وإلى آخرها نجتمع في حلقة بالمسجد بالليل: أنا، ومصعب وعروة ابنا الزبير وأبو بكر بن عبد الرحمن، وعبد الملك بن مروان، وعبد الرحمن المسور، وإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة. وكنا نتفرق بالنهار، فكنت أنا أجالس زيد بن ثابت وهو مترئس بالمدينة في القضاء والفتوى والقراءة والفرائض في عهد عمر وعثمان وعلي. ثم كنت أنا وأبو بكر بن عبد الرحمن نجالس أبا هريرة، وكان عروة يغلبنا بدخوله على عائشة). انتهى.
          لكن قول قبيصة عن منصب زيد في عهد علي (عليه السلام) اشتباه، فزيد لم يكن مع علي (عليه السلام) بل مع معاوية فقد كان يروي في فضل معاوية حديثاً لم يصححه أحد من العلماء أبداً!
          قال في سير أعلام النبلاء:3/129: (عن زيد بن ثابت: دخل النبي (عليه السلام) على أم حبيبة، ومعاوية نائم على فخذها فقال: أتحبينه؟ قالت: نعم. قال: للهُ أشد حباً له منك له، كأني أراه على رفارف الجنة)!!.
          أما مارواه عنه أحمد في مسنده، والصدوق في علل الشرائع وربما غيرهما في فضل علي وأهل البيت (عليهم السلام)، فلعل الرواة عنه كالقاسم بن حسان وسعيد بن المسيب استخرجوا ذلك منه في فترة من خلافة علي (عليه السلام) أو
          --------------------------------------------------------------------------------
          الصفحة 369
          --------------------------------------------------------------------------------

          في حالة لم تدم! قال أحمد:5/181 ونحوه ص 189: (عن القاسم بن حسان عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله (ص): إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض أو ما بين السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض).

          وروى الصدوق في علل الشرائع:1/144: (حدثنا أبو حاتم قال: حدثنا أحمد بن عبدة قال: حدثنا أبو الربيع الأعرج قال: حدثنا عبد الله بن عمران، عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أحب علياً في حياتي وبعد موتي كتب الله له الأمن والإيمان ما طلعت الشمس أو غربت. ومن أبغضه في حياتي وبعد موتي مات ميتة جاهلية، وحوسب بما عمل). انتهى.
          وغلا فزيد كان شاباً في مقدمة موجة السقيفة وقد أفرط في عدائه لعلي والعترة (عليهم السلام) وكان مع عمر في الذين هاجموا بيت علي وفاطمة الزهراء (صلى الله عليه وآله وسلم) لإحراقه على من فيه إن لم يبايعوا! فقد عد منهم التاريخ: عمر بن الخطاب، وخالد بن الوليد، وعبد الرحمن بن عوف، وثابت بن قيس، وزياد بن لبيد، ومحمد بن مسلمة، وزيد بن ثابت وسلمة بن سالم بن وقش، وسلمة بن أسلم، وأسيد بن حضير! (الصحيح من السيرة:5/30 عن أنساب الأشراف).
          وكان زيد ممن تخلف عن بيعة علي (عليه السلام) فلم يبايع!
          (الصحيح من السيرة:5/30 عن الطبري:4/430 و431، والكامل:3 /191)
          وكان يحرض الناس على سب علي (عليه السلام)! (الصحيح:5/30)
          --------------------------------------------------------------------------------
          الصفحة 370
          --------------------------------------------------------------------------------


          زيد بن ثابت.. يهودي من أم أنصارية!
          المعروف أن زيد بن ثابت عربي أنصاري، لكن ابن مسعود يقول إنه يهودي، ويؤيده أنه لايعرف أبوه ثابت ولا أقاربه في الأنصار!
          قال ابن شبة في تاريخ المدينة:3/1006: (قيل لعبد الله: ألا تقرأ على قراءة زيد؟ قال: مالي ولزيد ولقراءة زيد! لقد أخذت من في رسول الله (ص) سبعين سورة وإن زيد بن ثابت ليهودي له ذؤابتان)!
          ونقل الفضل بن شاذان في الإيضاح ص519: شهادة من أبيّ بن كعب تدل على أن زيداً كان يدرس مع صبيان اليهود ولم يكونوا يقبلون في مدارسهم غير صبيانهم، قال: (ومثل قول أبيّ بن كعب في القرآن: لقد قرأت القرآن وزيد هذا غلام ذو ذؤابتين يلعب بين صبيان اليهود في المكتب).انتهى. (ورواه في الدرجات الرفيعة ص 22)
          وعليه، لا يمكن أن نثق في تبرئة زيد لنفسه من اليهودية التي رواها البخاري:8/120: (عن زيد بن ثابت أن النبي (ص) أمره أن يتعلم كتاب اليهود حتى كتبت للنبي (ص) كتبه وأقرأته كتبهم إذا كتبوا إليه).
          فمتى كانت تأتي للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كتب باللغة العبرية وكان اليهود في الجزيرة يكتبون بالعربية؟!
          ويؤيد ما قلناه أن أحمد:5/182، روى عن زيد أنها اللغة السريانية وليست العبرية! قال: (قال زيد بن ثابت قال لي رسول الله (ص): تحسن السريانية إنها تأتيني كتب؟ قال قلت لا، قال فتعلمها، فتعلمتها في سبعة عشر يوماً)!!

          --------------------------------------------------------------------------------
          الصفحة 371
          --------------------------------------------------------------------------------


          معرفة زيد بن ثابت بشئ من الحساب وجهل الخلفاء به!
          الميزة الأساسية في زيد التي جعلته مرغوباً فيه عند الخلفاء الثلاثة، هي أنه موظف مطيع يعرف شيئاً من الكتابة والحساب، وهي مهنة عزيزة في الجزيرة لايجيدها أبو بكر ولاعمر ولاعثمان! وكان الكاتب يعني السكرتير الخاص ووزير المالية، يضاف إلى ذلك أنه يقسم المواريث الشرعية وهم لايحسنون ذلك! وقد نقل الذهبي في سير أعلام النبلاء:2/435: حادثة في محاصرة عثمان قال: (فجاء أبو حية المازني مع ناس من الأنصار فقال: ما يصلح معك أمر! فكان بينهما كلام وأخذ بتلبيب زيد هو وأناس معه، فمر به ناس من الأنصار فلما رأوهم أرسلوه، وقال رجل منهم لأبي حية: أتصنع هذا برجل لو مات الليلة ما دريت ما ميراثك من أبيك؟!). انتهى.
          وهذا يدل على حالة الثقافة والرياضيات في الجزيرة، وأن أبا بكر وعمر وعثمان بعد أن أبعدوا العترة الطاهرة وتلاميذهم، لم يكن عندهم من يحسب الإرث إلا زيد! ولذا كانوا ينفذون فتاواه الجُزافية في مواريث المسلمين!
          قال ابن حجر في تهذيب التهذيب:5/18: (وقال ابن أبي خيثمة: كان هو وخارجة بن زيد بن ثابت في زمانهما يستفتيان وينتهي الناس إلى قولهما ويقسمان المواريث ويكتبان الوثائق). انتهى.
          وقال الترمذي:3/285: (واختلف فيه أصحاب النبي (ص) فورث بعضهم الخال والخالة والعمة. وإلى هذا الحديث ذهب أكثر أهل العلم في
          --------------------------------------------------------------------------------
          الصفحة 372
          --------------------------------------------------------------------------------

          توريث ذوي الأرحام، وأما زيد بن ثابت فلم يورثهم وجعل الميراث في بيت المال!).

          وقال الدارمي في سننه:2/361 و362: (عن خارجة بن زيد عن زيد بن ثابت أن أتي في ابنة أو أخت، فأعطاها النصف وجعل ما بقي في بيت المال! وقال زيد بن ثابت: للجدة السدس وللإخوة للأم الثلث، وما بقي فلبيت المال).
          وفي مصنف عبد الرزاق:7/125: (عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أن زيد بن ثابت قال: ترث أمه منه الثلث، وما بقي في بيت المال)!
          وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء:2/434: (عن الشعبي: أن مروان دعا زيد بن ثابت وأجلس له قوماً خلف ستر، فأخذ يسأله وهم يكتبون ففطن زيد فقال يا مروان أغدراً؟ إنما أقول برأيي! رواه إبراهيم بن حميد الرؤاسي عن ابن أبي خالد، نحوه وزاد: فمحوه)!! انتهى.
          أي محوا ما كتبوه من إجابات زيد في المواريث وغيرها، لأنها كانت تخرصات لا ترجع إلى قرآن ولا سنة ولا قاعدة حسابية!
          وقال السرخسي في المبسوط:29/182: (أبو حنيفة احتج بما نقل عن ابن عباس أنه كان يقول: ألا يتق الله زيد بن ثابت يجعل ابن الإبن ابناً ولا يجعل أب الأب أباً؟!).
          ولكن زيداً كان مدعوماً من السلطة فهو لايخشى كلام ابن عباس، بل يرد عليه ويتهمه بأنه مثله يقول بالظن والإحتمال! قال الدارمي في سننه:2/346: (عن عكرمة قال
          --------------------------------------------------------------------------------
          الصفحة 373
          --------------------------------------------------------------------------------

          أرسل ابن عباس إلى زيد بن ثابت: أتجد في كتاب الله للأم ثلث ما بقي؟ فقال زيد: إنما أنت رجل تقول برأيك وأنا رجل أقول برأيي)!!

          ولذلك كان الإمام الباقر (عليه السلام) يجهر بإدانة أحكام زيد في المواريث:
          روى الكليني في الكافي:7/407: أنه قال: (الحكم حكمان حكم الله وحكم الجاهلية، وقد قال الله عز وجل: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ. واشهدوا على زيد بن ثابت لقد حكم في الفرائض بحكم الجاهلية!).
          هذا هو علم زيد بن ثابت الذي جعله عمر أميناً على مشروع جمعه للقرآن وقربه وأحبه! بينما أقصى أهل البيت (عليهم السلام) والصحابة الكبار، ثم اتبعوا سنة عمر فسموه حبر الأمة! ووضعوا له المدائح على لسان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومنها أنه أعلم الأمة بالحساب والرياضيات!!
          قال ابن حجر في تهذيب التهذيب:3/345: (وقال أبو هريرة يوم مات زيد: مات اليوم حبر الأمة وعسى الله أن يجعل في ابن عباس منه خلفاً). انتهى.
          بل وضعوا في مدح علمه أحاديث على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)!!
          قال أحمد:3/281: (عن أنس بن مالك عن النبي (ص) قال: أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر. وقال عفان مرة: في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأفرضهم زيد بن ثابت...)!! (راجع كشف الخفاء للعجلوني:1/108 وتصحيح بعضهم له! وأصل الحديث:

          --------------------------------------------------------------------------------
          الصفحة 374
          --------------------------------------------------------------------------------

          أقضى أمتي عليٌّ، فزادوا فيه ونقصوا منه!!).


          ثروة زيد بن ثابت وترفه!
          كان أبو بكر وعمر وعثمان كرماء جداً على زيد بن ثابت، فاستطاع أن يجمع ثروة خيالية، في حين كان يوجد في المسلمين جوع حقيقي وعري حقيقي! وقد أعطاه عثمان في مرة مئة ألف درهم (راجع الصحيح من السيرة:5/32 عن أنساب الأشراف:5/ 38). وكانت الشاة بدرهم واحد!
          وقد بلغت ثروة زيد أنه خلف من الذهب والفضة ما كان يكسر بالفؤوس، غير ما خلف من الأموال والضياع بقيمة مائة ألف دينار! (الغدير:8/284 و336، عن مروج الذهب:1/434).
          وكان كبعض المثقفين المتغربين، لايتقيد بآداب الخلاء الشرعية:
          قال النووي في المجموع:2/85: (أما حكم المسألة فقال أصحابنا يكره البول قائماً بلا عذر، كراهة تنزيه ولا يكره للعذر وهذا مذهبنا. وقال ابن المنذر اختلفوا في البول قائماً، فثبت عن عمر بن الخطاب، وزيد بن ثابت وابن عمر وسهل بن سعد، أنهم بالوا قياماً...). انتهى.
          وكانت له جوار مغنيات وغلمان مغنون، منهم وهيب الذي أسعده الحظ عندما رآه عثمان يغني في بيت المال، فجعل له راتباً!
          قال البيهقي في سننه:6/348: (زيد بن ثابت كان في أمارة عثمان على بيت المال فدخل عثمان فأبصر وهيباً يغنيهم، فقال: من
          --------------------------------------------------------------------------------
          الصفحة 375
          --------------------------------------------------------------------------------

          هذا؟ فقال مملوك لي، فقال أراه يعينهم!! أفرض له ألفين، قال ففرض له ألفاً، أو قال ألفين)!!

          وفي مصنف ابن أبي شيبة:7/ 618: (فأبصر وهيباً يغنيهم في بيت المال، فقال: من هذا؟ فقال زيد: هذا مملوك لي، فقال عثمان: أراه يعين المسلمين وله حق، وإنا نفرض له، ففرض له ألفين! فقال زيد: والله لانفرض لعبد ألفين، ففرض له ألفاً)!! (والإستيعاب:1/189)
          لكن حظ هذه الجارية كان سيئاً، فقد اتهمها زيد ونفى عنها الولد:
          قال السرخسي في المبسوط:17/99: (وعن زيد بن ثابت أنه كان يطأ جاريته فجاءت بولد فنفاه، فقال: كنت أطأها ولا أبغي ولدها، أي أعزل عنها). (ورواه الشافعي في كتاب الأم: 7 /242).

          أحاديث زيد عن نفسه.. وادعاؤه القرب من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)!
          إذا قرأت البخاري فلا تدري من الذي يتحدث عن نفسه وخصوصياته أكثر، هل هو عائشة أم زيد بن ثابت؟
          يتحدث زيد عن نفسه أنه كان صبياً ابن عشر سنوات أو بضع عشرة سنة، وكان مقرباً للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يكتب له القرآن والرسائل، وأنه أمره أن يتعلم العبرية أو السريانية فتعلمها قراءة وكتابة وتكلماً بمعجزة في أسبوعين!
          وأنه كان وهو في نحوالخامسة عشرة يجلس ملاصقاً للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى أن النبي كان يضع فخذه على فخذه، ثم يوحى إليه فيثقل بدنه!
          قال البخاري:1/97: (وقال زيد بن ثابت:

          --------------------------------------------------------------------------------
          الصفحة 376
          --------------------------------------------------------------------------------

          أنزل الله على رسول الله (ص) وفخذه على فخذي فثقلت عليَّ حتى خفت أن ترض فخذي)!

          فهل هذا يناسب مقام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!
          وقال في:3/211: (عن سهل بن سعد الساعدي أنه قال: رأيت مروان بن الحكم جالساً في المسجد فأقبلت حتى جلست إلى جنبه فأخبرنا أن زيد بن ثابت أخبره أن رسول الله (ص) أملى عليه: لايَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ. فَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاً وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً، قال فجاءه ابن أم مكتوم وهو يملها عليَّ فقال: يا رسول الله لو أستطيع الجهاد لجاهدت، وكان رجلاً أعمى، فأنزل الله تعالى على رسوله (ص) وفخذه على فخذي فثقلت عليَّ حتى خفت أن ترض فخذي ثم سري عنه، فأنزل الله عز وجل: (غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ)!! (ورواه أيضاً 5/182، وأحمد:5/191، وأبو داود:1/563. ومسلم:6/43بدون وصف الوحي وإتكاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بفخذه على فخذ زيد!)
          ولا يمكنك أن تفهم هذه الحديث حتى تعرف أن مروان بن الحكم الذي هو طليق مطرود من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يحاول أن يثبت لنفسه منزلة المهاجرين ورتبة المجاهد لأنه من أولي الضرر الذين سقط عنهم الجهاد! وكان زيد بن ثابت يساعده على ذلك بالأحاديث النبوية ومنها هذا الحديث!
          بينما كان أبو سعيد الخدري يخالفه ويروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن رتبة الصحابي والمهاجر لا تثبت للطلقاء مسلمة الفتح!
          روى أحمد في مسنده:3/22و:5/187: (عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله (ص) أنه قال لما
          --------------------------------------------------------------------------------
          الصفحة 377
          --------------------------------------------------------------------------------

          نزلت هذه السورة: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ..قال قرأها رسول الله (ص) حتى ختمها وقال: الناسُ حِيزٌ وأنا وأصحابي حِيز، وقال لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية.

          فقال له مروان كذبت، وعنده رافع بن خديج وزيد بن ثابت وهما قاعدان معه على السرير، فقال أبو سعيد لو شاء هذان لحدثاك، ولكن هذا يخاف أن تنزعه عن عرافة قومه، وهذا يخشى أن تنزعه عن الصدقة فسكتا، فرفع مروان عليه الدرة ليضربه، فلما رأيا ذلك قالوا صدق!). انتهى.

          * * *

          الأسئلة
          1 ـ ما رأيكم في زيد بن ثابت وهل هو من كبار الصحابة عندكم؟
          2 ـ ما رأيكم في نسب زيد هل هو عربي، وكيف تفسرون إتقانه للغة العبرية؟ وهل رأيتم أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جاءته ولو رسالة واحدة بالعبرية؟!
          3 ـ هل يقبل أحدكم أن تقسم تركته بفتوى زيد ويذهب قسم منها إلى خزانة الدولة، ويحرم منه الورثة؟!
          4 ـ هل يجوز للحكومة أن تعمل بفتوى زيد وعثمان فتوظف مغنيين يعينون المسلمين بغنائهم في الوزارات؟!
          5 ـ ما رأيكم في آيات خزيمة وآل خزيمة التي يقول زيد إنها ضاعت من القرآن مرات
          --------------------------------------------------------------------------------
          الصفحة 378
          --------------------------------------------------------------------------------

          ووجدها هو وحده، فهي غير متواترة؟! فقد قال البخاري:8/177، عن زيد بن ثابت: (أرسل إليَّ أبو بكر فتتبعت القرآن حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري، لم أجدها مع أحد غيره: لقد جاءكم رسول من أنفسكم، حتى خاتمة براءة)؟!!

          6 ـ ما رأيكم في ثروات الصحابة التي جمعوها من بيت المال، مثل زيد وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير، وكنزهم للذهب حتى كان يكسر بالفؤوس! وفي المسلمين جياع وعرايا؟!
          7 ـ ما رأيكم في مروان بن الحكم، هل هو صحابي جليل من المهاجرين الذين سقط عنهم الجهاد لأنه كان أعرج أفحج، فقد كان يسخر بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويمشي كالأفحج فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (كن كذلك) فصار كذلك؟!

          * * *

          المســألة: 81
          من هو ابن أبزى الذي قربه عمر بدل أبيّ بن كعب؟!

          اعتمد عمر على عبد الرحمن ابن أبزى بصفته قارئاً للقرآن، وهو غلام أسود من مكة، وكان في زمن عمر صغير السن فقد توفي نحو سنة72 هجرية كما ذكر الذهبي. ومعنى أبزى: (خروج الصدر ودخول الظهر...يقال: رجل أبزى وامرأة بزواء). (معجم البلدان:1/411)
          وكان ابن أبزى مقرباً من سيده نافع بن عبد الحارث بن حبالة الملكاني حليف خزاعة، الذي قيل إنه أسلم يوم الفتح
          --------------------------------------------------------------------------------
          الصفحة 379
          --------------------------------------------------------------------------------

          وأقام بمكة ولم يهاجر. (أسد الغابة:5/7). وكان الملكاني هذا والياً لعمر على مكة والطائف، فغاب وجعل غلامه عبد الرحمن نائبه في ولاية مكة، فأقره عمر لما سمع عنه، ثم أعجب به ونقله إلى المدينة، وجعله من المقربين!

          قال ابن الأثير في أسد الغابة:5/7، عن الملكاني: (واستعمله عمر بن الخطاب على مكة والطائف وفيهما سادة قريش وثقيف، وخرج إلى عمر واستخلف على مكة مولاه عبد الرحمن بن أبزى فقال له عمر: استخلفت على آل الله مولاك؟! فعزله واستعمل خالد بن العاص بن هشام). انتهى!
          والصحيح أن عمر لم يعزل ابن أبزى بل أقره نائباً لواليه على مكة والطائف ثم رآه وأعجبه وجعله من خاصته، فصار هذا الغلام الخمري من الصحابة وشخصيات التاريخ الإسلامي، لأنه محظوظ بصوته ومعرفته بشئ من الحساب!
          وقد ترجم له البخاري في تاريخه:5/245، وروى له في صحيحه:1/87 و88، فتوى عمر بوجوب ترك الصلاة لمن لم يجد ماء، وتحريم التيمم!!
          وروى له في:3/44 و45 و46، في شراء السلف، وفي: 4/239 و:6/15 في التوبة على قاتل النفس المحترمة. وروى له مسلم:1/193 و:8 /242. وروى له النسائي في:1/165 و168 و169 و:3/235 و244 و245 و247 و250 و:7/289 و:8/62.
          وفي مسلم:2/201، أن عمر قال عن ابن أبزى: (إنه قارئ لكتاب الله عز وجل وإنه عالم بالفرائض، أما إن نبيكم (ص) قد قال إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين). انتهى.
          يقصد أن عبد الرحمن بن أبزى عالم
          --------------------------------------------------------------------------------
          الصفحة 380
          --------------------------------------------------------------------------------

          بالحساب كزيد بن ثابت، وقارئ للقرآن كأبي بن كعب.

          ولعل أهم ما روى ابن أبزى عن عمر السورتين اللتين اخترعهما عمر وسماهما: (الخلع والحفد) وكان يقرؤهما في صلاته أو قنوته! كما في سنن البيهقي:2/211، وكنز العمال:8/74 و75.

          هل كان عبد الرحمن بن أبزى مغنياً شارب خمر!
          روى النسائي في:8/335، ما يدل على أنه كان يشرب الخمر ولا يكتفي بالنبيذ، قال: (عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن ذر بن عبد الله، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه قال: سألت أبي بن كعب عن النبيذ فقال: إشرب الماء، واشرب العسل، واشرب السويق واشرب اللبن الذي نجعت به، فعاودته فقال: الخمر تريد، الخمر تريد!!). انتهى.
          فهذا هو ابن أبزى، الذي وثقوه ورووا له، ولم يلتفتوا الى تضعيف بعض علمائهم له وقولهم لم يثبت له ولا لأبيه رؤية ولا صحبة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

          --------------------------------------------------------------------------------
          الصفحة 381
          --------------------------------------------------------------------------------


          كان ابن أبزى في جيش يزيد لقتال الإمام الحسين (عليه السلام)
          كان عبد الرحمن بن أبزى من أتباع معاوية ولذا سكن الشام، وشارك في جيش يزيد الذي أرسله لقتال الإمام الحسين (عليه السلام)!
          ولا بد أنه كان معروفاً لأن المختار قبض عليه في الكوفة بعد خمس سنين! وقد ذمت الرواية التالية المختار ووصفت ذكاء ابن أبزى في التخلص منه!
          قال في الأخبار الطوال ص298: (ولما تجرد المختار لطلب قتلة الحسين هرب منه عمر بن سعد، ومحمد بن الأشعث، وهما كانا المتوليين للحرب يوم الحسين، وأتيَ بعبد الرحمن بن أبزى الخزاعي، وكان ممن حضر قتال الحسين فقال له: يا عدو الله أكنت ممن قاتل الحسين؟ قال: لا، بل كنت ممن حضر ولم يقاتل. قال: كذبت إضربوا عنقه. فقال عبد الرحمن: ما يُمكنك قتلي اليوم حتى تعطى الظفر على بني أمية ويصفو لك الشام، وتهدم مدينة دمشق حجراً حجراً، فتأخذني عند ذلك فتصلبني على شجرة بشاطئ نهر كأني أنظر إليها الساعة!
          فالتفت المختار إلى أصحابه وقال: أما إن هذا الرجل عالم بالملاحم، ثم أمر به إلى السجن، فلما جن عليه الليل بعث إليه من أتاه به، فقال له: يا أخا خزاعة، أظرفاً عند الموت؟!
          فقال عبد الرحمن بن أبزى: أنشدك الله أيها الأمير أن أموت هاهنا ضيعة. قال: فما جاء بك من الشام؟ قال: أربعة آلاف درهم لي على رجل من أهل الكوفة أتيته متقاضياً.

          --------------------------------------------------------------------------------
          الصفحة 382
          --------------------------------------------------------------------------------

          فأمر له المختار بأربعة آلاف درهم، وقال له: إن أصبحت بالكوفة قتلتك. فخرج من ليلته حتى لحق بالشام)!


          عبد الرحمن بن أبزى.. وثقه البخاري وجعله من الصحابة!
          قال في الجوهر النقي:2/347، تعليقاً على رواية ابن أبزى التي ادعى فيها أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سهى في صلاته: (قلت: في هذا الحديث علتان، إحداهما أن عبد الرحمن بن أبزى مختلف في صحبته....الخ.). انتهى.
          وروى العقيلي في الضعفاء:4/99: أنه كان كذاباً! قال: (حدثنا عبد الله بن علي حدثنا أحمد بن سعيد الرازي حدثنا أحمد بن سليمان حدثنا أبو داود عن شعبة قال أفادني بن أبي ليلى عن سلمة بن كهيل عن عبد الله بن أبي أوفى أن النبي (ص) كان يوتر بثلاث فلقيت سلمة فسألته فقال حدثني بن عبد الرحمن بن أبزى! قلت إنما أفادني عنك عن عبد الله بن أبي أوفى! فقال: ما ذنبي إن كان يكذب عليّ؟!َ).
          وفي الإصابة:4/238: (5090) عبد الرحمن بن أبزى الخزاعي مولاهم تقدم أبوه في الهمزة، وأما عبد الرحمن فقال خليفة ويعقوب بن سفيان والبخاري والترمذي وآخرون: له صحبة. وقال أبو حاتم: أدرك النبي (ص) وصلى خلفه. وقال البخاري هو كوفي....
          وسكن عبد الرحمن بعد ذلك بالكوفة وروى عن النبي (ص) وعن أبيه وأبي بكر وعمر وعلي وأبي بن كعب وغيرهم. روى عنه ابناه عبد الله وسعيد وعبد الرحمن بن أبي ليلى والشعبي وأبو مالك الغفاري وغيرهم.

          --------------------------------------------------------------------------------
          الصفحة 383
          --------------------------------------------------------------------------------

          وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وقرأت بخط مغلطاي لم أر من وافقه على ذلك. قلت: وقال أبو بكر بن أبي داود: لم يحدث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن تابعي إلا عن عبد الرحمن بن أبزى. لكن العمدة على قول الجمهور والله أعلم).

          وقال في:1/176، عن أبيه أبزى: (وقال ابن منده: لاتصح له (لأبزى) صحبة ولارؤية. ثم أخرج حديثه عن بن السكن واستغربه! ورجح أبو نعيم هذه الرواية وقال: لايصح لأبزى رواية ولارؤية، واستصوب بن الأثير كلامه. قلت: وكلام ابن السكن يرد عليه، والعمدة في ذلك على البخاري، فإليه المنتهى في ذلك).
          ونلاحظ أن ابن حجر قال: (لكن العمدة على قول الجمهور. ثم قال: والعمدة في ذلك على البخاري، فإليه المنتهى في ذلك)!
          فقد اعتبر المقياس الجمهور ثم اعتبره البخاري، وكأن البخاري عنده هو الجمهور، لأنه يتعصب للمحبين لعمر فهو الناطق بلسان الجمهور!
          أما لماذا صار عبد الرحمن عندهم خيراً من أبيه أبزى، فلأن أبزى شهد صفين مع علي (عليه السلام)، وبذلك استحق نزع صفة الصحابي عنه، روى ابن خياط148 عن أبزى أنه قال: (شهدنا مع علي ثمان مائة ممن بايع بيعة الرضوان، قتل منا ثلاثة وستون، منهم عمار بن ياسر).

          تعليق


          • بينما ولده عبد الرحمن أحبه عمر وقربه، فصار من الصحابة! مع أنه كان في زمن الوأبوه أبزى غلامين لسيد واحد، يعيشان في بيت واحد!
            وقال في أسد الغابة:1/44: (أبزى والد عبد الرحمن بن أبزى الخزاعي ذكره محمد بن إسماعيل (أي البخاري) في الوحدان، ولم تصح له صحبة ولا رؤية. ولابنه عبد الرحمن صحبة ورؤية)!
            وقد وجدوا حلاً لذلك بأن عبد الرحمن كان طفلاً في فتح مكة أو في حجة الوداع ورأى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يصلي،وكأن أباه أبزى كان نائماًفلم ير النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)!!

            الأسئلة
            1 ـ من أين أخذ عبد الرحمن بن أبزى القرآن حتى صار قارئاً؟
            2 ـ ما هي النسبة برأيكم بين ابن أبزى وبين أبيّ بن كعب؟
            3 ـ هل تقدمون توثيقات البخاري على تضعيفات غيره؟
            4 ـ من هو الأفضل عندكم، أبزى الذي شارك في صفين مع أمير المؤمنين (عليه السلام) أم ولده عبد الرحمن الذي شرك في قتال الحسين (عليه السلام)؟
            5 ـ ماقولكم فيما رواه عبد الرحمن عن عمر أنه كان يعجبه أن ينزل زوجة النبي في قبرها؟: (عن عامر قال أخبرني عبد الرحمن بن أبزى قال: صليت مع عمر على زينب زوج النبي (ص) فكبر أربعاً ثم أرسل إلى أزواج النبي (ص) من يدخلها قبرها؟ وكان عمر يعجبه أن يدخلها قبرها، فأرسلن إليه: يدخلها
            نبي (صلى الله عليه وآله وسلم) طفلاً أو غلاماً صغيراً، وكان هو قبرها من كان يراها في حياتها، قال: صدقن). (البيهقي في سننه:4/37 وكنز العمال:15/711، عن ابن سعد والطحاوي).

            تعليق


            • ما اسهل النسخ واللصق

              محنة كبير قراء المسلمين أبي بن كعب مع عمر!!
              شهادة عظيمة لأبي بن كعب.. رووها وخالفوها!!

              رووا في صحاحهم أن الله جلت عظمته أمر رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يعلم القرآن لأبي بن كعب، وبذلك فقد وجب على جميع المسلمين بمن فيهم أبو بكر وعمر وعثمان، أن يأخذوا القرآن من أبي بن كعب!
              روى البخارى:6/90: (عن أنس بن مالك أن نبي الله (ص) قال لأبي بن كعب: إن الله أمرني أن أقرئك القرآن. قال: آلله سماني لك؟! قال: نعم قال: وقد ذكرت عند رب العالمين؟! قال: نعم. فذرفت عيناه!).
              وقال مسلم:2/195: (قال رسول الله (ص) لأبي بن كعب:إن الله أمرني أن أقرأ عليك: لم يكن الذين كفروا، قال وسماني لك؟ قال نعم، قال فبكى) انتهى. ورواه مسلم:7/150، والبخاري: 4/228، وغيرهما.
              وقد رووا أن عمر وجه المسلمين إلى أبي بن كعب ليأخذوا عنه القرآن، لكن لابد أن يكون ذلك قبل أن تسوء علاقته معه!
              روى الحاكم في المستدرك:3/272: (أن عمر بن الخطاب خطب الناس فقال: من أراد أن يسأل عن القرآن فليات أبيّ بن كعب، ومن أراد أن يسأل عن الحلال والحرام فليأت معاذ بن جبل، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني فإني له خازن. صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه). (ورواه:6/210، والزوائد:1/135 وغيرهما).
              وقال البخاري:2/252، إن عمر عندما
              --------------------------------------------------------------------------------
              الصفحة 389
              --------------------------------------------------------------------------------

              ابتدع صلاة التراويح جعل له إمامتها: (ثم عزم فجمعهم على أبيّ بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، قال عمر: نعم البدعة). انتهى.

              وفي تهذيب الكمال:2/269: (عن أبي نضرة العبدي: قال رجل منا يقال له جابر أو جويبر: طلبت حاجة إلى عمر في خلافته فانتهيت إلى المدينة ليلاً، فغدوت عليه وقد أعطيت فطنة ولساناً أو قال منطقاً فأخذت في الدنيا فصغرتها فتركتها لا تسوى شيئاً، وإلى جنبه رجل أبيض الشعر أبيض الثياب فقال لما فرغت: كل قولك كان مقارباً إلا وقوعك في الدنيا، وهل تدري ما الدنيا؟ إن الدنيا فيها بلاغنا، أو قال زادنا إلى الآخرة، وفيها أعمالنا التي نجزى بها في الآخرة، قال: فأخذ في الدنيا رجل هو أعلم بها مني. فقلت: يا أمير المؤمنين من هذا الرجل الذي إلى جنبك؟ قال: سيد المسلمين أبي بن كعب).
              وقال في تحفة الأحوذي:10/271: (فضل أبي بن كعب رضي الله عنه) هو أبي بن كعب الأنصاري الخزرجي كان يكتب للنبي (ص) الوحي وهو أحد الستة الذين حفظوا القرآن على عهد رسول الله (ص) وأحد الفقهاء الذين كانوا يفتون على عهد رسول الله (ص) وكان أقرأ الصحابة لكتاب الله تعالى كناه النبي (ص) أبا المنذر وعمر أبا الطفيل! وسماه النبي (ص): سيد الأنصار وعمر: سيد المسلمين. مات بالمدينة سنة تسع عشرة).
              وفي تاريخ البخاري:2/40: (عن أبي بردة
              --------------------------------------------------------------------------------
              الصفحة 390
              --------------------------------------------------------------------------------

              قال عمر لأبي: يا أبا الطفيل قال أبو عبد الله: وله ابن يقال له: الطفيل).

              فإن قلت: لماذا غير عمر كنية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) له بأبي المنذر، وكناه أبا الطفيل مع أن أبا المنذر أحسن منها من عدة جهات؟
              فالجواب: أن عمر فعل ذلك إكراماً لأم الطفيل زوجة أبي بن كعب ولعل السبب أنها كانت من حزب كعب الأحبار وعمر في التجسيم، فعنها يروون حديث رؤية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لربه على شكل شاب يلبس نعلين من ذهب! كما تقدم في المسألة السابعة!

              موقف عمر من أبيّ.. رغم هذه الشهادات!
              لكن هذه الشهادات الضخمة من الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) بحق أبيّ وتسمية عمر له بسيد المسلمين، لم تقنع عمر أن يأخذ عنه القرآن ويعتمد مصحفه رسمياً للدولة، مع شدة حاجة المسلمين إلى ذلك!
              فقد روى البخاري:5/149: هذا الموقف الغريب لعمر: (قال عمر: أقرؤنا أبي وأقضانا علي، وإنا لندع من قول أبي، وذاك أن أبيّاً يقول لا أدع شيئاً سمعته من رسول الله (ص) وقد قال الله تعالى ما ننسخ من آية أو ننسؤها). انتهى.
              (ورواه بتفاوت يسير:6/103، وأحمد:5/113 بثلاث روايات. وكنز العمال:2/592 وقال في مصادره (خ، ن، وابن الأنباري في المصاحف، قط في الإفراد، ك، وأبو نعيم في المعرفة، ق، الدلائل) ورواه الذهبي في سيره:1/391 و394 وتذكرة الحفاظ:1/20 وفي كثير من رواياته: (وإنا لندع من لحن أبيٍّ، وفي بعضها: كثيراً من لحن أبيٍّ!!

              --------------------------------------------------------------------------------
              الصفحة 391
              --------------------------------------------------------------------------------

              ومعناه أن عمر يشهد بأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أمر المسلمين بأخذ القرآن عن أبيّ لأنه أقرأ الصحابة، لكنه برأي عمر ليس أقرأهم! لأنه يلحن ويغلط ولايعلم المنسوخ! وعمر لايلحن ويعرف المنسوخ، فيحق له أن يرفض قراءة أبي، ويأمر المسلمين باتباعه هو وترك رأي أبيّ!!


              عمر يضع حداً بطريقته لصراعه مع أبيّ بن كعب!!
              روى الحاكم:2/225، وصححه: (عن ابن عباس قال: بينما أنا أقرأ آية من كتاب الله عز وجل وأنا أمشي في طريق من طرق المدينة، فإذا أنا برجل يناديني من بعدي: أتبع ابن عباس، فإذا هو أمير المؤمنين عمر فقلت أتبعك على أبي بن كعب؟ فقال:أهو أقرأكها كما سمعتك تقرأ؟ قلت: نعم، قال فأرسل معي رسولاً قال: إذهب معه إلى أبي بن كعب فانظر يقرأ أبي كذلك؟ قال فانطلقت أنا ورسوله إلى أبي بن كعب، قال فقلت: يا أبيّ قرأت آية من كتاب الله فناداني من بعدي عمر بن الخطاب أتبع ابن عباس، فقلت أتبعك على أبي بن كعب، فأرسل معي رسوله، أفأنت أقرأتنيها كما قرأت؟ قال أبيٌّ: نعم. قال فرجع الرسول إليه فانطلقت أنا إلى حاجتي، قال: فراح عمر إلى أبيّ فوجده قد فرغ من غسل رأسه ووليدته تدري لحيته بمدراها، فقال أبي: مرحباً يا أميرالمؤمنين أزائراً جئت أم طالب حاجة؟ فقال عمر بل طالب حاجة، قال فجلس ومعه موليان له حتى فرغ من لحيته، وأدرت جانبه الأيمن من لمته، ثم ولاها
              --------------------------------------------------------------------------------
              الصفحة 392
              --------------------------------------------------------------------------------

              جانبه الأيسر، حتى إذا فرغ أقبل إلى عمر بوجهه فقال: ما حاجة أمير المؤمنين؟

              فقال عمر: يا أبيّ على مَ تقنِّط الناس؟
              فقال أبيّ: يا أمير المؤمنين إني تلقيت القرآن من تلقاء جبريل وهو رطب. فقال عمر: تا الله ما أنت بمنته وما أنا بصابر، ثلاث مرات، ثم قام فانطلق!).
              ولم تذكر الرواية الآية، وكيف أن قراءة أبيّ لها تقنيط للناس، وقراءة عمر تأميل لهم بالجنة! وقد تكون مثل توسيعاته المتقدمة للشفاعة!
              لكنه غضب من إصرار أبيّ، وأعلن أنه لن يصبر عليه بعد اليوم! وما أنا بصابر.. وما أنا بصابر.. فهل كان عمر يفكر بحبس شيخ القراء المشهود له من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ كلا، بل قرر أن يمنعه من تعليم القرآن وتصحيح قراءة الناس بالوسيلة العمرية المفضلة، وهي السوط على رأس ووجه أكبر شيبة في الأنصار، وأكبر حفظة القرآن بشهادة الخليفة! على باب مسجد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو داخل المسجد، على مرأى جماعته ومسمعهم!
              وهكذا نفذ خليفة النبي وصية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) معكوسة تماماً، كما نفذ وصية النبي بآله وعترته (عليهم السلام)!!
              وقد أغفلت الصحاح الستة قصة ضرب عمر لأبيّ بن كعب، لكن روتها مصادر أخرى موثوقة عندهم وتفاوتت في ذكر السبب.. والذي يظهر من رواية الراغب في محاضرات الأدباء:1/133 أن السبب هو خروج عدد من تلاميذ أبيّ ومحبيه معه من المسجد ومشيهم
              --------------------------------------------------------------------------------
              الصفحة 393
              --------------------------------------------------------------------------------

              معه في الطريق! قال الراغب: (ونظر عمر إلى أبيّ بن كعب وقد تبعه قوم، فعلاه بالدرة وقال: إنها فتنة للمتبوع ومذلة للتابع).

              ولكن الدارمي وعمر بن شبة صرحا بأن السبب أن أبيّاً خالف أمر الخليفة بعدم تحديث الناس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)! قال الدارمي:1/132: (عن سليمان بن حنظلة قال: أتينا أبي بن كعب لنحدِّث إليه، فلما قام قمنا ونحن نمشي خلفه فرهقنا عمر فتبعه فضربه عمر بالدرة! قال فاتقاه بذراعيه فقال يا أمير المؤمنين ما تصنع؟!! قال: أو ما ترى؟ فتنة للمتبوع مذلة للتابع!) انتهى.
              وقال ابن شبة في تاريخ المدينة:2/691: (حدثني أبو عمرو الجملي، عن زاذان أن عمر خرج من المسجد فإذا جمع على رجل فسأل: ما هذا؟ قالوا: هذا أبيّ بن كعب كان يحدث الناس في المسجد فخرج الناس يسألونه، فأقبل عمر حرداً فجعل يعلوه بالدرة خفقاً، فقال: يا أمير المؤمنين أنظر ما تصنع، قال: فإني على عمد أصنع، أما تعلم أن هذا الذي تصنع فتنة للمتبوع مذلة للتابع!!) انتهى.
              فالسبب ليس هو مخالفة أبيّ لعمر في قراءة القرآن فقط، بل يضاف إليه مخالفته لمرسوم عمر بمنع الصحابة تدوين سنة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وحتى من مجرد التحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)!
              فكل صحابي يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو جريمة يعاقب عليها!! فإن قال ذلك في
              --------------------------------------------------------------------------------
              الصفحة 394
              --------------------------------------------------------------------------------

              المسجد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فالجريمة مضاعفة!!

              لكن القرآن والسنة ليسا كل أسباب نقمة عمر على أبيّ، كما سترى!

              تعليق


              • نماذج من صراع عمر مع أبي على قراءة القرآن!
                روت مصادرهم خلافات كثيرة بين عمر وأبيّ، فقد أراد عمر أن يفرض عليه رأيه في آيات القرآن، وكان أبيّ يرفض ذلك حتى وصل الأمر إلى أن عمر أهان أبياً وهو في عمر أبيه وهو شيخ الأنصار! وضربه بالسوط على باب مسجد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما تقدم!!
                وكانت مواقف عمر في خلافه مع أبيّ متفاوتة إلى حد التناقض! فأحياناً كان يخضع لقول أبيّ، وأحياناً كانا يفترقان بدون نتيجة عملية!
                ففي الدر المنثور:2/344: (وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن عدي عن أبي مجلز أن أبي بن كعب قرأ: (مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ)، قال عمر كذبت! قال أنت أكذب! فقال رجل: تكذب أمير المؤمنين؟! قال أنا أشد تعظيماً لحق أمير المؤمنين منك، ولكن كذبته في تصديق كتاب الله، ولم أصدق أمير المؤمنين في تكذيب كتاب الله! فقال عمر: صدق).
                ونقل في كنز العمال:13/261، عن ابن راهويه: (أن عمر بن الخطاب رد على أبي بن كعب قراءة آية فقال أبي: لقد سمعتها من رسول الله (ص) وأنت يلهيك يا عمر الصفق بالبقيع! فقال عمر: صدقت! إنما أردت أن أجربكم هل منكم من يقول الحق، فلا خير في أمير لايقال عنده الحق ولا يقوله
                ثم نقل عن ابن أبي دؤاد وابن عساكر: (أن أبي بن كعب قال لعمر: والله يا عمر إنك لتعلم أني كنت أحضر وتغيبون، وأدنى وتحجبون ويصنع بي ويصنع بي، والله لئن أحببت لألزمن بيتي فلاأحدث شيئاً ولا أقرئ أحداً حتى أموت! فقال عمر بن الخطاب: اللهم غفراً، إنا لنعلم أن الله قد جعل عندك علماً فعلم الناس ما علمت). انتهى.

                وأحياناً كانت تشتد المواجهة تشتد فيصر عمر على رأيه، ويوبخ أبياً ولايقبل منه، ويأمر المسلمين بكتابة المصحف على ما يقوله هو، وأن يمحوا ما يقوله أبيٌّ! الخ.
                ففي تاريخ المدينة:2/711: (عن خرشة بن الحر قال: رأى معي عمر بن الخطاب لوحاً مكتوباً فيه: إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله، فقال: من أملى عليك هذا؟ قلت أبيُّ بن كعب، فقال إن أبياً كان أقرأنا للمنسوخ، إقرأها: فامضوا إلى ذكر الله!). (وفي الدر المنثور:6/219: عن أبي عبيد في فضائله، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن الأنباري في المصاحف. وقراءة عمر في البخاري:6/63) وروى البيهقي:3/227 (عن سالم، عن أبيه قال: ما سمعت عمر بن الخطاب يقرؤها إلا: فامضوا إلى ذكر الله... أنبأ الشافعي، أنبأ سفيان بن عيينة، فذكره بنحوه).
                والسبب في إصرار عمر على تحريف نص القرآن أن كلمة (السعي) في الآية مشتركة بين السعي المعنوي والمادي! لكنها في ذهن عمر
                --------------------------------------------------------------------------------
                الصفحة 416
                --------------------------------------------------------------------------------

                تعني الركض! وبما أن المطلوب لصلاة الجمعة هو المضي والذهاب وليس الركض فلا يصح التعبير بالسعي! فلا بد أن تكون نزلت من عند الله: فامضوا، وأن (فاسعوا) اشتباه من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو جبرئيل (عليه السلام)!!

                وعندما يجتهد عمر ويضع في رأسه شيئاً، يغيب عنه أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر المسلمين أن يأخذوا القرآن من أبيّ بن كعب، وليس من عمر!
                ويبدو أن هذا المعنى العمري للسعي كان موجوداً في أذهان بعضهم، ففي الدر المنثور:6/219 عن البيهقي: (عن عبد الله بن الصامت قال: خرجت إلى المسجد يوم الجمعة فلقيت أبا ذر، فبينا أنا أمشي إذ سمعت النداء فرفعت في المشي لقول الله: إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله فجذبني جذبة فقال: أو لسنا في سعي؟!).
                أما عليٌّ وأهل البيت (عليهم السلام) فكانوا ملتفتين إلى أن السعي هنا ليس بمعنى الركض بل بمعنى السعي المعنوي الذي يتناسب مع المشي إلى صلاة الجمعة بسكينة ووقار.
                روى المغربي في دعائم الإسلام:1/182: (عن علي (عليه السلام) أنه سئل عن قول الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله، قال: ليس السعي الاشتداد، ولكن يمشون إليها مشياً).
                وروى الصدوق في علل الشرائع:2/357: (عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا قمت إلى الصلاة إن شاء الله فأتها سعياً وليكن عليك السكينة والوقار، فما أدركت فصل وما سبقت به فأتمه فإن الله
                --------------------------------------------------------------------------------
                الصفحة 417
                --------------------------------------------------------------------------------

                عزوجل يقول: يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله. ومعنى قوله فاسعوا هو الإنكفات).

                وفي تفسير علي بن إبراهيم:2/367، عن الإمام الباقر (عليه السلام) (إسعوا: إعملوا لها وهو قص الشارب، ونتف الأبط وتقليم الأظافير والغسل ولبس أفضل ثيابك، وتطيب للجمعة فهو السعي، يقول الله: ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن) انتهى.
                وقال الراغب في مفرداته ص233: (السعي المشي السريع وهو دون العدو. ويستعمل للجد في الأمر خيراً كان أو شراً، قال تعالى: وسعى في خرابها، وقال: نورهم يسعى بين أيديهم. وقال: ويسعون في الأرض فساداً، وإذا تولى سعى في الأرض، وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى، إن سعيكم لشتى. وقال تعالى: وسعى لها سعيها، كان سعيهم مشكوراً. وقال تعالى: فلا كفران لسعيه).
                وقال الخليل في كتاب العين:2/202: (السعي عدو ليس بشديد. وكل عمل من خير أو شر فهو السعي، يقولون السعي العمل أي الكسب. والمسعاة في الكرم والجود).
                وقال الجوهري في الصحاح:6/2377: (سعى الرجل يسعى سعياً أي عدا، وكذلك إذا عمل وكسب).
                وقال الطريحي في مجمع البحرين:2/375: (فاسعوا إلى ذكر الله، أي بادروا بالنية والجد، ولم يرد للعدو والإسراع في المشي. والسعي يكون عدواً ومشياً وقصداً وعملاً، ويكون تصرفاً بالصلاح والفساد. والأصل
                --------------------------------------------------------------------------------
                الصفحة 418
                --------------------------------------------------------------------------------

                فيه المشي السريع لكنه يستعمل لما ذكر وللأخذ في الأمر).


                * * *
                ولا تجد أحداً من السنيين انتصر للقرآن، فأيد أبياًّ وخطَّأ عمر! بل تراهم غضوا أبصارهم عن فضيحة عمر، وخرسوا عن شهادته الزور بالنسخ، ودعوا له بالستر والسلامة، كما فعل البخاري!
                وغاية ما وصلت إليه جرأة كبارهم الإنتقاد البعيد بالإشارة البعيدة!
                قال البيهقي في سننه:3/227: (قال الشافعي: ومعقول أن السعي في هذا الموضع العمل لا السعي على الأقدام، قال الله تعالى: إن سعيكم لشتى، وقال: ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن، وقال: وكان سعيكم مشكوراً، وقال: وأن ليس للإنسان إلا ما سعى. وقال: وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها. قال الشيخ (البيهقي): وقد روي عن أبي ذر ما يؤكد هذا) انتهى. وقد أخذها الشافعي عن أهل البيت (عليه السلام) كما رأيت!
                وتبع الشافعي والبيهقي، ابن قدامة في المغني:2/143.
                أما السيوطي فقد جمع ست عشرة رواية في قراءة عمر هذه، ولم يعلق عليها! (الدر المنثور: 6/219) وروى فيها: (ما سمعت عمر يقرؤها قط إلا فامضوا إلى ذكر الله.... لقد توفي عمر وما يقول هذه الآية التي في سورة الجمعة إلا: فامضوا إلى ذكر الله! وروى عن ابن عباس ومحمد بن كعب قال: السعي العمل. (راجع كنز العمال:2/591 تحت الأرقام: 48087 و4809 و4821 و4822، والتسهيل لابن جزي:2/445. قرأ عمر: وامضوا إلى ذكر الله) انتهى.

                --------------------------------------------------------------------------------
                الصفحة 419
                --------------------------------------------------------------------------------

                وتفسير السعي بالعمل، الذي رواه عن ابن عباس ومحمد بن كعب، هو رد غير صريح على عمر، ومحمد هذا ابن أبي بن كعب، وقوله مؤشر على أن نسبة ذلك إلى أبيه كذب عليه!

                تعليق


                • محاولة عمرية لتحريف القرآن.. أحبطها أبيُّ بن كعب!
                  قال الله تعالى: (إِنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ. لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ). (سورة التوبة: 116 ـ 117)
                  وقال تعالى: (الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. وَمِنَ الأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. وَمِنَ الأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. وَالسَّابِقُونَ الأَوَلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ). (سورة التوبة: 97 ـ 100)
                  فقد جعل الله المسلمين ثلاثة أقسام: السابقين من المهاجرين، والسابقين من الأنصار، والتابعين الذين اتبعوهم بإحسان.
                  لكن عمر أراد أن يحذف حرف الواو قبل كلمة (الذين) ويجعلهم قسمين: المهاجرين، ثم الأنصار الذين اتبعوا المهاجرين فيفرض على الأنصار اتباع المهاجرين وطاعتهم، ويحذف القسم الثالث (التابعين)!
                  فانظر إلى هذه الضربة الفنية العمرية
                  --------------------------------------------------------------------------------
                  الصفحة 421
                  --------------------------------------------------------------------------------

                  في تحريف كتاب الله تعالى، التي لا يهتدي إليها حتى إبليس!

                  روى الحاكم:3/305: (عن أبي سلمة ومحمد بن إبراهيم التيمي قالا: مر عمر بن الخطاب برجل وهو يقول: وَالسَّابِقُونَ الأَوَلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِي اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ.. إلى آخر الآية، فوقف عليه عمر، فقال إنصرف، فلما انصرف قال له عمر: من أقرأك هذه الآية؟ قال أقرأنيها أبي بن كعب. فقال: إنطلقوا بنا إليه، فانطلقوا إليه فإذا هو متكئ على وسادة يرجل رأسه فسلم عليه فرد السلام فقال: يا أبا المنذر؟ قال لبيك، قال: أخبرني هذا أنك أقرأته هذه الآية؟ قال: صدق تلقيتها من رسول الله (ص).
                  قال عمر: أنت تلقيتها من رسول الله (ص)؟!
                  قال: نعم أنا تلقيتها من رسول الله. ثلاث مرات كل ذلك يقوله، وفي الثالثة وهو غضبان: نعم والله، لقد أنزلها الله على جبريل وأنزلها جبريل على محمد، فلم يستأمر فيها الخطاب ولا ابنه!! فخرج عمر وهو رافع يديه وهو يقول: ألله أكبر، ألله أكبر!!). (ورواه في كنز العمال:2/605 وقال: (أبو الشيخ في تفسيره، ك، قال الحافظ ابن حجر في الأطراف: صورته مرسل. قلت: له طريق آخر عن محمد بن كعب القرظي مثله أخرجه ابن جرير وأبو الشيخ، وآخر عن عمر بن عامر الأنصاري نحوه، أخرجه أبو عبيد في فضائله، وسنيد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه هكذا. صححه، ك).
                  وفي تاريخ المدينة:2/707: (حدثنا معاذ بن شبة بن عبيدة قال حدثني أبيّ عن أبيه عن
                  --------------------------------------------------------------------------------
                  الصفحة 422
                  --------------------------------------------------------------------------------

                  الحسن: قرأ عمر: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان (بدون واو) فقال أبيٌّ:وَالسَّابِقُونَ الأَوَلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ، فقال عمر: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان، وقال: أشهد أن الله أنزلها هكذا، فقال أبي: أشهد أن الله أنزلها هكذا، ولم يؤامر فيها الخطاب ولا ابنه!).

                  (وقال في هامشه: في منتخب كنز العمال:2/ 55 عن عمرو بن عامر الأنصاري أن عمر بن الخطاب قرأ: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين... ورد في نفس المرجع:2/56 عن أبي سلمة ومحمد بن إبراهيم التيمي قالا... وروى رواية الحاكم المتقدمة، ثم قال: وانظر تفسير ابن كثير 4: 228).
                  وروى في كنز العمال:2/597: (عن عمرو بن عامر الأنصاري أن عمر بن الخطاب قرأ: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان. فرفع الأنصار ولم يلحق الواو في الذين، فقال زيد: والذين اتبعوهم بإحسان. فقال عمر: الذين اتبعوهم بإحسان. فقال زيد: أمير المؤمنين أعلم! فقال عمر: ائتوني بأبي بن كعب، فسأله عن ذلك فقال أبيّ: والذين اتبعوهم بإحسان، فجعل كل واحد منهما يشير إلى أنف صاحبه بإصبعه، فقال أبي: والله أقرأنيها رسول الله (ص) وأنت تتبع الخبط، فقال عمر: نعم إذن، فنعم إذن فنعم إذن، نتابع أبياً! (أبو عبيد في فضائله، وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه. وقال في هامشه: الخبط بفتح الخاء والباء ــ الورق ينفض بالمخابط ويجفف ويطحن). انتهى.

                  --------------------------------------------------------------------------------
                  الصفحة 423
                  --------------------------------------------------------------------------------

                  وقال السيوطي في الدر المنثور:3/269: (أخرج أبو عبيد وسنيد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن حبيب الشهيد عن عمرو بن عامر الأنصاري أن عمر بن الخطاب قرأ: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان. فرفع الأنصار ولم يلحق الواو في الذين! فقال له زيد بن ثابت: والذين. فقال عمر الذين! فقال زيد أمير المؤمنين أعلم! فقال عمر: إئتوني بأبي بن كعب، فأتاه فسأله عن ذلك فقال أبي: والذين. فقال عمر: فنعم إذن نتابع أبياً).

                  ثم قال السيوطي: وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن محمد بن كعب القرظي قال مرَّ عمر برجل يقرأ:السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، فأخذ عمر بيده فقال: من أقرأك هذا؟ قال أبي بن كعب. قال: لا تفارقني حتى أذهب بك إليه، فلما جاءه قال عمر: أنت أقرأت هذا هذه الآية هكذا؟ قال نعم. قال وسمعتها من رسول الله (ص)؟ قال نعم. قال: لقد كنت أرى أنا رُفعنا رفعةً لا يبلغها أحد بعدنا! فقال أبيٌّ: تصديق ذلك في أول سورة الجمعة: وآخرين منهم لما يلحقوا بهم. وفي سورة الحشر: والذين جاؤا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالايمان. وفي الأنفال: والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم).

                  * * *
                  ومعنى قول عمر: (قد كنت أرى أنا رُفعنا رفعةً لا يبلغها أحد بعدنا)، أنه يرى أن قريشاً فوق الجميع فلا يساوى بها
                  --------------------------------------------------------------------------------
                  الصفحة 424
                  --------------------------------------------------------------------------------

                  أحد، بينما وجود الواو في الآية يجعل الأنصار معهم على قدم المساواة! فالحل عند عمر أن تقرأ الآية المئة من سورة التوبة: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصارُ الذين اتبعوهم)، فتحذف الواو وترفع كلمة الأنصار، ليكون المعنى: أن الله رضي عن المهاجرين وعن أتباعهم الأنصار!!

                  فعمر يريد أن يجعل اختيار الله تعالى لقريش من أجل قبائلها كلها وليس من أجل أن يختار منهم بني هاشم، واختياره لبني هاشم من أجل أن يختار منهم محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) وآله المطهرين المعصومين فقط.
                  يريد عمر طبقية لقريش على العالم، وأنها شعب الله المختار، على خطى اليهود الذين زعموا أنهم شعب الله المختار والناس خدم لهم!
                  وهذا التحريف يثير حفيظة كل مسلم، ويثير حفيظة الأنصار بصورة خاصة، لأن الله جعلهم على قدم المساواة مع المهاجرين وإن ذكر اسمهم بعدهم، وعمر يريد أن يجعلهم تابعين لهم!
                  ولايمكن أن نصدق أن موقف عمر كان وليد ساعته عندما سمع رجلاً يقرأ الآية في الطريق! فهذه الضربة (الفنية) للأنصار لابد أنها كانت مدروسة وحاضرة عنده، وقد يكون هو الذي دبر رجلاً ليقرأها ويقول أقرأنيها أبيّ بن كعب، ليكون ذلك سبباً لذهاب عمر إليه ليناقشه فيها لعله يقبل معه!! بل لابد أن الموضوع كان مطروحاً مرات في دار الخلافة، مع أبيّ نفسه، وأنه أثار الأنصار فأعلنوا نفيرهم من أجلها، كما
                  --------------------------------------------------------------------------------
                  الصفحة 425
                  --------------------------------------------------------------------------------

                  أتذكر أني قرأت!

                  أما زيد بن ثابت، الأنصاري أماً واليهودي أباً، فقد سلَّم لعمر (فقال زيد: أمير المؤمنين أعلم). ولو وقف في وجهه ولم يخش سطوته لربح المعركة، لأن كل الأنصار سيقفون إلى جانبه، ويؤيدهم أهل البيت (عليهم السلام)، ولكنه زيداً ضعيف الشخصية!
                  لكن أبي بن كعب مع أنه يخاف سطوة عمر ويداريه كثيراً، لكنه وقف في وجهه لأنه حافظ للقرآن، وأكبر سناً من عمر، ومن صحابة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) المقربين، والمسألة تمس كيان الأنصار!
                  وقد دافع الشوكاني عن عمر بأن المسألة اشتباه رجع عنه عمر عندما شهد له أبيّ! لكن بماذا يفسر تأكيد عمر وشهادته أن الآية نزلت بدون واو؟! قال عمر: (أشهد أن الله أنزلها هكذا. ابن شبة:2/707)!
                  فإذا كان قوله هذا اجتهاداً من عنده لأن مكانة قريش برأيه عند الله أعلى من مكانة الأنصار، فهو جرأة على تحريف كتاب الله!!
                  وإن كان صادقاً في شهادته فلماذا تراجع بمجرد شهادة أبيٍّ وتأكيده؟! ولماذا لم يقل لأبيّ إن شهادتك في مقابل شهادتي، فلنرجع إلى شهادات الصحابة؟!
                  بل كيف أمر بكتابتها في القرآن كما قال ابن كعب، ولم يطلب حتى شاهداً آخر عليها، ألا يحتاج النص القرآني إلى شاهدين، بل تواتر؟!
                  مهما يكن، فلولا موقف أبيّ بن كعب
                  --------------------------------------------------------------------------------
                  الصفحة 426
                  --------------------------------------------------------------------------------

                  لارتكب عمر تغيير آية في كتاب الله تعالى بحذف واو واحدة! لكن الله تعالى حفظ كتابه وهو القائل: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ). (سورة الحجر: 9)

                  تعليق


                  • آيات مزعومة وتحريفات نسبوها إلى أبيّ بن كعب!
                    من أساليبهم في تخفيف الجرم.. إشراك الآخرين فيه! وهو أسلوب أكثر محبو عمر من استمعاله لتخفيف مقولاته التحريفية في القرآن، وقد فضحتهم قراءته (فامضوا إلى ذكر الله) التي رووا بشكل قطعي أنها من مختصاته، وأنها من أسباب اختلافه مع أبيّ! لكنك تجدهم نسبوها أيضاً إلى عبد الله بن الزبير، وابن مسعود وابن عباس، وحتى إلى أبيّ بن كعب!!
                    وكذلك الأمر في بدعة عمر للأحرف السبعة، وحذفه سورتي المعوذتين من القرآن، وغيرها من مقولاته التحريفية للقرآن!
                    ولهذا السبب صار على الباحث عندما يصل إلى تحريف قرآني ثبت عن عمر، أن يتوقف في صحة نسبته إلى غيره، لأنه قد يكون لغرض تخفيف الجرم عن عمر بإثبات شراكة غيره له!

                    آية عمر: صراط من أنعمت عليهم.. وغير الضالين، نسبوها إلى أبيّ!
                    قال السيوطي في الدر المنثور:1/15: (أخرج وكيع، وأبو عبيد، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي داود وابن الأنباري كلاهما في المصاحف من طرق، عن عمر بن الخطاب أنه كان يقرأ: سراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين.
                    وأخرج أبو عبيد وعبد بن حميد وابن أبي داود وابن الأنباري عن عبد الله بن الزبير
                    --------------------------------------------------------------------------------
                    الصفحة 428
                    --------------------------------------------------------------------------------

                    قرأ: صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين، في الصلاة.

                    وأخرج ابن أبي داود عن ابراهيم قال كان عكرمة والأسود يقرآنها: صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين).
                    وفي كنز العمال:2/593: (عن عمر أنه كان يقرأ: سراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ـ وكيع وأبو عبيد، ص، وعبد بن حميد وابن المنذر، وابن أبي داود، وابن الأنباري معاً في المصاحف).
                    ورواه البغوي في معالم التنزيل:1/42: والراغب في محاضراته:2/199 وابن جزي في التسهيل.. وغيرهم.. وغيرهم.
                    ومن بين هذه الروايات المتظافرة، تجدهم رووا رواية نسبوا فيها قراءة عمر إلى أبيّ بن كعب! قال السيوطي في الدر المنثور:1/17: (وأخرج ابن شاهين في السنة عن إسماعيل ابن مسلم قال: في حرف أبي بن كعب: غير المغضوب عليهم وغير الضالين. آمين. بسم الله). انتهى.
                    ومن الواضح أن ذلك لتخفيف جريمة عمر، أو لتسويق قراءته!
                    كما أن من الواضح أن قراءة عمر أسبق من قراءة عكرمة وابن الزبير، وأنهما قلداه فيها، فمعنى (أنه كان يقرأ)، يفيد الدوام.
                    وإذا سألت لماذا كان عمر يقرأ هكذا ويخالف المسلمين كلهم؟! فلا تجد جواباً إلا أنه استذوق ذلك!!
                    والحمد لله أن أحداً من المسلمين لم يطعه في تصحيحاته للقرآن! وبذلك تجلى قوله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).

                    * * *

                    --------------------------------------------------------------------------------
                    الصفحة 429
                    --------------------------------------------------------------------------------

                    --------------------------------------------------------------------------------
                    الصفحة 430
                    --------------------------------------------------------------------------------


                    المســألة: 88
                    آية عمر: وهو أب لهم..نسبوها إلى أبيّ بن كعب!

                    قال السيوطي في الدر المنثور:5/183: (وأخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وإسحاق بن راهويه، وابن المنذر، والبيهقي عن بجالة قال: مر عمر بن الخطاب بغلام وهو يقرأ في المصحف: النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم! فقال يا غلام حكها، فقال: هذا مصحف أبيّ! فذهب إلى أبيّ فسأله فقال: إنه كان يلهيني القرآن ويلهيك الصفق بالأسواق).
                    (ورواه عبد الرزاق في المصنف:10/181 عن بجالة التيمي.ورواه ابن شبة في تاريخ المدينة:2 /708، والبيهقي في سننه:7/69 والذهبي في سير أعلام النبلاء:1/397 وفي كنز العمال:2/569 ورمز له (ص ك). وفي:13/259 وفيه (وشغلك الصفق بالأسواق إذ تعرض رداءك على عنقك بباب ابن العجماء) انتهى.
                    ويقصد أبيُّ بن كعب: أنك كنت مشغولاً ببيع الأردية في سوق المدينة عند بيت ابن العجماء فتضعها على عنقك ليراها المشتري! وابن العجماء عدوي من عشيرة عمر، ولم أجد له ترجمة، وقد ترجمت المصادر لعدة من بناته!
                    والسؤال في هذه الزيادة المزعومة وأمثالها: مادام ابن كعب قد أكد أن هذه الزيادة جزء من الآية، والخليفة قبل منه ذلك.. فلماذا لا نجد هذه الزيادة وأمثالها في القرآن، خاصة أن معناها يوافق بقية الآية؟!

                    --------------------------------------------------------------------------------
                    الصفحة 431
                    --------------------------------------------------------------------------------

                    والجواب: هو معمارية القرآن، وحس المسلمين في الرقابة على نص القرآن! وصدق الله العظيم: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)!.


                    * * *

                    المســألة: 89
                    ونسبوا بدعة عمر في الأحرف السبعة.. إلى أبيّ بن كعب!

                    عرفنا أن مقولة نزول القرآن على سبعة أحرف قد ابتدعها عمر وسوقها! وأن أبرز رواياتها قصته مع هشام بن حكيم، وزعمه أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) صحح قراءة كل منهما، وأن عمر شك في نبوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بسبب ذلك، فأخبره (صلى الله عليه وآله وسلم) أن القرآن من أصله نزل بصيغ مختلفة!!
                    هذه القصة بنفسها تقريباً نسبوها إلى أبيّ بن كعب.
                    فقد روى النسائي في سننه:2/150، رواية عمر في الأحرف السبعة، ثم روى ثلاث روايات عن أبيّ بن كعب: (أن رسول الله (ص) كان عند أضاة بني غفار فأتاه جبريل (عليه السلام) فقال: إن الله عز وجل يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف، قال: أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لاتطيق ذلك! ثم أتاه الثانية فقال إن الله عز وجل يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرفين، قال: أسأل الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لاتطيق ذلك! ثم جاءه الثالثة فقال إن الله عزوجل يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على ثلاثة
                    --------------------------------------------------------------------------------
                    الصفحة 432
                    --------------------------------------------------------------------------------

                    أحرف فقال: أسأل الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لاتطيق ذلك! ثم جاءه الرابعة فقال إن الله عز وجل يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرف، فأيما حرف قرؤوا عليه فقد أصابوا!!

                    ورواية أخرى قال: أقرأني رسول الله (ص) سورة فبينا أنا في المسجد جالس إذ سمعت رجلاً يقرؤها يخالف قراءتي فقلت له من علمك هذه السورة؟ فقال رسول الله (ص) فقلت لاتفارقني حتى نأتي رسول الله (ص) فأتيته فقلت يا رسول الله إن هذا خالف قراءتي في السورة التي علمتني! فقال رسول الله (ص): إقرأ يا أبيّ فقرأتها فقال لي رسول الله (ص): أحسنت. ثم قال للرجل: إقرأ فقرأ فخالف قراءتي فقال له رسول الله (ص): أحسنت! ثم قال رسول الله (ص): يا أبيُّ إنه أنزل القرآن على سبعة أحرف كلهن شاف كاف!
                    ثم رواية ثالثة عن أبيّ أنه قال: ما حاك في صدري منذ أسلمت إلا أني قرأت آية وقرأها آخر غير قراءتي فقلت أقرأنيها رسول الله (ص) وقال الآخر أقرأنيها رسول الله (ص)! فأتيت النبي (ص) فقلت يا نبي الله أقرأتني آية كذا وكذا، قال نعم. وقال الآخر ألم تقرئني آية كذا وكذا؟ قال نعم، إن جبريل وميكائيل أتياني فقعد جبريل عن يميني وميكائيل عن يساري فقال جبريل: إقرأ القرآن على حرف، قال ميكائيل استزده استزده حتى بلغ سبعة أحرف، فكل حرف شاف كاف!) انتهى.
                    وهذا يدل على مكانة أبيّ بن كعب
                    --------------------------------------------------------------------------------
                    الصفحة 433
                    --------------------------------------------------------------------------------

                    الكبيرة في نفوس المسلمين، وثقتهم بقراءته، وأن السلطة قد استغلت اسمه لترويج مقولتها!


                    * * *

                    --------------------------------------------------------------------------------
                    الصفحة 434
                    --------------------------------------------------------------------------------


                    المســألة: 90
                    آيات أبي موسى الأشعري.. نسبوها إلى أبيّ بن كعب!

                    روى البخاري:7/175، عن ابن عباس: (سمعت النبي (ص) يقول لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب. وروى عن أنس بن مالك أن رسول الله (ص) قال: لو أن لابن آدم وادياً من ذهب أحب أن يكون له واديان، ولن يملأ فاه إلا التراب، ويتوب الله على من تاب).
                    وهذا يعني أنهما حديثان للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وليسا آيتين، لكن روى مسلم:3/100، حديث أنس لكن بنص حديث ابن عباس. وروى بعده: (عن أبي الأسود عن أبيه قال: بعث أبو موسى الأشعري إلى قراء أهل البصرة فدخل عليه ثلاثمائة رجل قد قرأوا القرآن فقال: أنتم خيار أهل البصرة وقراؤهم، فاتلوه ولا يطولن عليكم الأمد فتقسو قلوبكم كما قست قلوب من كان قبلكم. وإنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسيتها! غير أني قد حفظت منها: لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى وادياً ثالثاً، ولايملأ جوف ابن آدم إلا التراب. وكنا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدى المسبحات فأنسيتها غير أني حفظت منها: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لاتفعلون فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة!!). انتهى.
                    فهذا نص صريح من الأشعري بضياع كثير من سورتين من القرآن!

                    تعليق


                    • وروى أحمد:3/238، أن أنساً نص على أن آية وادي التراب حديث قدسي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الله عز وجل وليس آية، وكذا في:5/219 (عن أبي واقد الليثي قال كنا نأتي النبي (ص) إذا أنزل عليه فيحدثنا فقال لنا ذات يوم: إن الله عز وجل قال: إنا أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ولو كان لابن آدم واد لأحب أن يكون إليه ثان ولو كان له واديان لأحب أن يكون إليهما ثالث ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ثم يتوب الله على من تاب). (وقريباً منه عن عائشة في:6/55).
                      لكنه رواه أيضاً في:3/122، بصيغة الشك بين الحديث والآية: (عن أنس قال كنت أسمع رسول الله (ص) يقول فلا أدري أشئ نزل عليه أم شئ يقوله؟ وهو يقول: لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى لهما ثالثاً، ولايملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب). (وقريب منها في:3/272.
                      ثم رواه أحمد:4/368 بصيغة الجزم بأنه آية: (عن زيد بن أرقم قال: لقد كنا نقرأ على عهد رسول الله (ص): لو كان لابن آدم واديان من ذهب وفضة لابتغى إليهما آخر، ولا يملأ بطن ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب).
                      ورواه في:5/117، عن ابن عباس قال: (جاء رجل إلى عمر يسأله فجعل ينظر إلى رأسه مرة وإلى رجليه أخرى هل يرى عليه من البؤس شيئاً؟ ثم قال له عمر كم مالك؟ قال أربعون من الإبل. قال ابن عباس فقلت: صدق الله ورسوله: لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى الثالث ولايملأ جوف </span>الصفحة 436 ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب. فقال عمر ما هذا؟ فقلت هكذا أقرأنيها أبيٌّ! قال فمر بنا إليه، قال فجاء إلى أبيّ فقال: ما يقول هذا؟ قال أبيٌّ: هكذا أقرأنيها رسول الله (ص)! قال أفأثبتها؟ فأثبتها!).
                      ورواه مجمع الزوائد:7/141، وقال: (قال: أفأثبتها في المصحف؟ قال: نعم! رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح).
                      ثم رواها الهيثمي من قول عمر وليس ابن عباس ولا أبيّ ولا غيرهما! قال: (وعن ابن عباس قال جاء رجل إلى عمر فقال أكلتنا الضبع، قال معسر؟ يعني السنة قال فسأله عمر ممن أنت؟ قال فما زال ينسبه حتى عرفه، فإذا هو موسر، فقال عمر لو أن لابن آدم واد وواديين لابتغى إليهما ثالثاً ولايملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ثم يتوب الله على من تاب. قلت: رواه ابن ماجة غير قول عمر ثم يتوب الله على من تاب، رواه أحمد ورجاله ثقات، ورواه الطبراني في الأوسط).
                      ورواه في:10/243، عن عائشة وقال: (رواه أحمد وأبو يعلى إلا أنه قال إنما جعلنا المال لتقضى به الصلاة وتؤتى به الزكاة، قالت: فكنا نرى أنه مما نسخ من القرآن!). (ورواه الدارمي:2/318 عن أنس بصيغة التشكيك قريباً مما في أحمد:3/272)
                      ورواه ابن شبة في تاريخ المدينة:2/707، وفيه: (قال عمر: أفنكتبها؟ قال لا آمرك. قال: أفندعها؟ قال لا أنهاك! قال: كان إثباتك أولى من رسول الله (ص) أم قرآن منزل)! انتهى.
                      </span>الصفحة 437 أي ليتك كنت تثبتت من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هل هي قرآن أم لا؟
                      (ورواه السيوطي في الدر المنثور:1/106 وفيه:ولايملأ عين ابن آدم إلا التراب...قال ابن عباس فلا أدري أمن القرآن هو أم لا. وفي:6/378 عن ابن عباس.. وسأله عمر: أفأثبتها في المصحف؟ قال: نعم. ثم عن ابن الضريس عن ابن عباس...فقال عمر أفأكتبها؟ قال: لا أنهاك. قال فكأن أبياً شك أقولٌ من رسول الله (ص) أو قرآن منزل)!.

                      * * *
                      ويتعجب الباحث من هذه الغزارة في الروايات، كما يتعجب سلوك عمر، فمرة يمحو هو الآية! ومرة يرد شهادة أبيّ، ومرة يحب أن يكتبها لكنه ينتظر إشارة من أبيّ أو ابن عباس فيسأله: أفأكتبها في المصحف؟
                      فهل الملاك في كون نص من القرآن هو رأي عمر أو أبيّ، أو رأي ابن عباس، أو زيد بن ثابت كما تقول رابعة؟
                      أو هو شهادة اثنين من الصحابة كما تقول خامسة؟
                      إلى آخر التناقضات الواردة في روايات جمع القرآن عندهم!
                      لكن المتتبع يعرف أن الملاك الأول والأخير هو رأي عمر، وأنه كان يكتب ذلك في مصحفه الذي عند حفصة، وأحرقه مروان وأراح المسلمين منه، والحمد لله القائل: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).!.

                      تعليق


                      • آيات وادي التراب وذات الدين.. نسبوها إلى أبيّ بن كعب!
                        روى الحاكم:2/224: (عن أبي بن كعب قال قال لي رسول الله (ص): إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن فقرأ: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين. ومن نعتها (أي من صفة هذه السورة وآياتها): لو أن ابن آدم سأل وادياً من مالٍ فأعطيته لسأل ثانياً، وإن أعطيته ثانياً سأل ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب، وإن الدين عند الله الحنيفية غير اليهودية ولا النصرانية، ومن يعمل خيراً فلن يكفره. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه).
                        وروى الهيثمي في مجمع الزوائد:7/140: (عن أبيّ بن كعب قال قال رسول الله (ص) إن الله أمرني أن أقرأ عليك قال فقرأ علي: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة رسول من الله يتلو صحفاً مطهرة فيها كتب قيمة وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة. إن الدين عند الله الحنيفية غير المشركة ولااليهودية ولا النصرانية ومن يفعل خيراً فلن يكفره. قال شعبة: ثم قرأ آيات بعدها، ثم قرأ: لو كان لابن آدم واديان من مال لسأل ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب قال: ثم ختم ما بقي من السورة!!
                        وفي رواية عن أبي بن كعب أيضاً: أن رسول الله (ص) قال إن الله تبارك وتعالى أمرني أن
                        --------------------------------------------------------------------------------
                        الصفحة 439
                        --------------------------------------------------------------------------------

                        أقرأ عليك القرآن فذكر نحوه، وقال فيه: لو أن ابن آدم سأل وادياً من مال فأعطيه لسأل ثانياً ولو سأل ثانياً فأعطيه لسأل ثالثاً، والباقي بنحوه. قلت في الترمذي بعضه، وفي الصحيح طرف منه، رواه أحمد وابنه، وفيه عاصم بن بهدلة وثقه قوم وضعفه آخرون، وبقية رجاله رجال الصحيح) انتهى.

                        ورواه في كنز العمال:2/567 وفيه: إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن، فقرأ عليه لم يكن، وقرأ عليه إن ذات الدين عند الله الحنيفية..ط حم ت، حسن صحيح،ك ص).
                        وعلى هذه الروايات الصحيحة السند بمقاييسهم! ينبغي أن تسمى هذه الآيات المخلوطة من آية وادي التراب وذات الدين وغيرهما.
                        كما ينبغي أن تسمى: (الآيات المنزلة إلى أبيَّ بن كعب)! لأنهم قالوا في نصوصها إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لأبيّ: (إن الله أمرني أن أقرأ عليك)!
                        ولاينبغي الشك في كل روايات الزيادة والنقصان المنسوبة إلى أبيّ بن كعب، لأنه ثبت أنهم كذبوا عليه واستغلوا اسمه لإثبات الزيادة والنقص في القرآن!!

                        * * *

                        --------------------------------------------------------------------------------
                        الصفحة 440
                        --------------------------------------------------------------------------------


                        المســألة: 92
                        ونسبوا واحدة من آيتي عمر إلى أبي بن كعب!

                        في مصنف عبد الرزاق:9/51: (عن عدي بن عدي عن أبيه أو عن عمه أن مملوكاً كان يقال له كيسان، فسمى نفسه قيساً وادعى إلى مواليه ولحق بالكوفة، فركب أبوه إلى عمر بن الخطاب، فقال: يا أمير المؤمنين ولد على فراشي ثم رغب عني، وادعى إلى مواليه ومولاي! فقال عمر: أزيد بن ثابت ألم تعلم أنا كنا نقرأ: (لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم)، فقال زيد: بلى فقال عمر: انطلق فاقرن ابنك إلى بعيرك، ثم انطلق به فاضرب بعيرك سوطاً وابنك سوطاً، حتى تأتي أهلك)!! (ورواه مجمع الزوائد:1/97، والطبراني في الكبير:5/121) ورواه في كنز العمال:6/208عن التمهيد، وجعل أبيّ بن كعب بدل زيد بن ثابت!
                        وفي البخاري:8/26عن عمر في حديث: (إن الله بعث محمداً (ص) بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها فلذا رجم رسول الله (ص) ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء، إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الإعتراف، ثم إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله: أن لاترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم، أو إن كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم). ونحوه في مسند
                        --------------------------------------------------------------------------------
                        الصفحة 441
                        --------------------------------------------------------------------------------

                        أحمد:1/47، وفي مصنف عبد الرزاق:9/50

                        * * *

                        --------------------------------------------------------------------------------
                        الصفحة 442
                        --------------------------------------------------------------------------------


                        المســألة: 93
                        آيةعمر: ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام، نسبوها إلى أبيّ!

                        قال الله تعالى: (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شئٍْ عَلِيمًا). (سورة الفتح: 26)
                        والآية تصف حال قريش وحال المسلمين يوم الحديبية، حيث قصد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأصحابه أداء العمرة، ولما وصلوا إلى الحديبية قرب مكة أخذت قريش حمية الجاهلية فأرسلت إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنها لاتسمح له بدخوله مكة، واستعدت للحرب، وجرت مفاوضات انتهت إلى عقد الصلح المعروف بصلح الحديبية!
                        روى الحاكم:2/225، وصححه على شرط الشيخين: (عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ: (إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام، فأنزل الله سكينته على رسوله) فبلغ ذلك عمر فاشتد عليه! فبعث إليه وهو يهنأ ناقة له (يدهنها بالقطران) فدخل عليه فدعا أناساً من أصحابه فيهم زيد بن ثابت فقال: من يقرأ منكم سورة الفتح؟ فقرأ زيد على قراءتنا اليوم فغلظ له عمر، فقال له أبيٌّ: أأتكلم؟ فقال تكلم، فقال: لقد علمت أني كنت أدخل على النبي (ص) ويقرؤني وأنتم بالباب، فإن أحببتَ أن أقرئ الناس على ما أقرأني أقرأت، وإلا لم أقرئ حرفاً ما حييت! قال بل أقرئ الناس). (ورواه في الدر المنثور:6/
                        --------------------------------------------------------------------------------
                        الصفحة 443
                        --------------------------------------------------------------------------------

                        79 وكنز العمال:2/568 وقال (ن، وابن أبي داود في المصاحف، ك، وروى ابن خزيمة بعضه) ونحوه ص 594 وقال (ن، وابن أبي داود في المصاحف، ك، وروى ابن خزيمة بعضه. ونقله في ص 595 عن ابن داود).

                        وروى الذهبي في سير أعلام النبلاء:1/397: (عن أبي إدريس الخولاني أن أبا الدرداء ركب إلى المدينة في نفر من أهل دمشق، فقرؤوا يوماً على عمر: إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام. فقال عمر: من أقرأكم هذا؟ قالوا أبي بن كعب. فدعا به فلما أتى قال: إقرؤوا فقرؤوا كذلك، فقال أبيٌّ: والله يا عمر إنك لتعلم أني كنت أحضر ويغيبون وأدنى ويحجبون ويصنع بي ويصنع بي، ووالله لئن أحببت لألزمن بيتي فلا أحدث شيئاً ولا أقرئ أحداً حتى أموت! فقال عمر: اللهم غفراً، إنا لنعلم أن الله قد جعل عندك علماً فعلم الناس ما علمت). (ورواه في كنز العمال:2/594)
                        والذي يعرف قصة عمر في الحديبية واعتراضه بجفاء على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لقبوله الصلح، وإصرار عمر على أن يدخل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مكة عنوة ويقاتل قريشاً! وتصريحه بأنه شك في نبوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقيامه بأعمال لإفساد الصلح وإيقاع الحرب.. يعرف أن الزيادة المزعومة في الآية منه لامن أبيّ بن كعب، وأن الرواة حرفوا فيها لتبرئة عمر على عادتهم!
                        لقد عمل عمر بكل ما استطاع في الحديبية (ليحمِّي) المسلمين فظلوا باردين ولم يستجيبوا له، وبعد سنوات انكشف لعمر وجه الحكمة من الصلح النبوي وأن المسلمين
                        --------------------------------------------------------------------------------
                        الصفحة 444
                        --------------------------------------------------------------------------------

                        لو حموا وقاتلوا كما أراد، لكان ذلك ضرراً على مكة وحرمتها فقال: (ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام)! لكن فاته أنه لا تناسب بين حمية الجاهلية القرشية وحمية المسلمين لإسلامهم! ولا بين ذلك وبين فساد المسجد الحرام!

                        فلو أن المسلمين حموا لإسلامهم لهزموا المشركين ودخلوا المسجد الحرام فاتحين، كما أخبر الله تعالى: (وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الأَدْبَارَ ثُمَّ لايَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا. سُنَّةَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً. وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا). (سورة الفتح: 22ـ24)
                        * * *
                        فمقولة: (لفسد المسجد الحرام) لاتصح إلا إذا كان مقصوده فساده بقتل أهله القرشيين المشركين، الذين صاروا فيما بعد أنصار عمر وسكنوا المدينة واختاروه مع أبي بكر لخلافة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!
                        فالزيادة محاولة لإثبات مكرمة لكفار قريش، وهي ترتبط بعمر القرشي، فيكون أبي بن كعب الأنصاري بريئاً منها!!
                        وشهادة الحاكم بأن روايتها صحيحة على شرط الشيخين، تضرُّ رواتها ولا تُقَوِّم قناتها!

                        * * *
                        ونورد فيما يلي خلاصة موقف عمر في الحديبية، لمزيد التوضيح:
                        في البخاري:3/178: من رواية طويلة تحت عنوان (باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحروب وكتابة الشروط)، جاء فيها:

                        --------------------------------------------------------------------------------
                        الصفحة 445
                        --------------------------------------------------------------------------------

                        خرج رسول الله (ص) زمن الحديبية حتى كانوا ببعض الطريق، قال النبي (ص): إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة فخذوا ذات اليمين، فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هم بقترة الجيش فانطلق يركض نذيراً لقريش! وسار النبي (ص) حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها بركت به راحلته فقال الناس: حل حل، فألحت فقالوا خلأت القصواء خلأت القصواء! فقال النبي (ص): ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل، ثم قال:والذي نفسي بيده لايسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها، ثم زجرها فوثبت! قال فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء يتبرضه الناس تبرضاً، فلم يلبثه الناس حتى نزحوه، وشكي إلى رسول الله (ص) العطش فانتزع سهما من كنانته ثم أمرهم أن يجعلوه فيه، فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه!

                        فبينما هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه من خزاعة وكانوا عيبة نصح رسول الله (ص) من أهل تهامة، فقال إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا إعداد مياه الحديبية ومعهم العوذ المطافيل وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت، فقال رسول الله (ص): إنا لم نجئ لقتال أحد ولكنا جئنا معتمرين، وإن قريشاً قد نهكتهم الحرب وأضرت بهم، فإن شاؤا ماددتهم مدة ويخلوا بيني وبين الناس، فإن أظهر فإن شاؤا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا وإلا فقد جموا، وإن هم أبوا فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على
                        --------------------------------------------------------------------------------
                        الصفحة 446
                        --------------------------------------------------------------------------------

                        أمري هذا حتى تنفرد سالفتي، ولينفذن الله أمره.

                        فقال بديل: سأبلغهم ما تقول، قال فانطلق حتى أتى قريشاً، قال إنا قد جئناكم من هذا الرجل وسمعناه يقول قولاً فإن شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا. فقال سفهاؤهم لاحاجة لنا أن تخبرنا عنه بشئ، وقال ذوو الرأي منهم هات ما سمعته يقول، قال سمعته يقول كذا وكذا فحدثهم بما قال النبي (ص)....
                        ثم ذكر البخاري مجئ رسول قريش عروة بن مسعود ومفاوضته لهم، ثم مجئ رسول آخر وهو رجل من بني كنانة، ثم مجئ رجل يقال له مكرز بن حفص (فلما أشرف عليهم قال النبي (ص) هذا مكرز وهو رجل فاجر فجعل يكلم النبي (ص)، فبينما هو يكلمه إذ جاء سهيل بن عمرو.... قال الزهري في حديثه: فجاء سهيل بن عمرو فقال: هات أكتب بيننا وبينكم كتاباً، فدعا النبي (ص) الكاتب....
                        فقال عمر بن الخطاب: فأتيت نبي الله (ص) فقلت ألست نبي الله حقاً؟ قال بلى قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى. قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟ قال إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري.
                        قلت: أو ليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟
                        قال: بلى، فأخبرتك أنا نأتيه العام؟ قال: قلت لا، قال: فإنك آتيه ومطوف به! قال: فلما فرغ من قضية الكتاب، قال
                        --------------------------------------------------------------------------------
                        الصفحة 447
                        --------------------------------------------------------------------------------

                        رسول الله (ص) لأصحابه قوموا فانحروا ثم احلقوا.... فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً)!!

                        وفي البخاري:6/45: (فقال يا ابن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله أبداً، فرجع متغيظاً فلم يصبر حتى جاء أبا بكر! فقال يا أبا بكر ألسنا على الحق وهم على الباطل؟! قال: يا ابن الخطاب إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبداً. فنزلت سورة الفتح).
                        وفي تاريخ الطبري:2/280: (فلما التأم الأمر ولم يبق إلا الكتاب وثب عمر بن الخطاب فأتى أبا بكر فقال يا أبا بكر أليس برسول الله؟!).
                        وروى في كنز العمال:10/494، تحريض عمر لابن سهيل بن عمرو على قتل أبيه: (فلصق به عمر وأبوه آخذ بيده يجتره وعمر يقول: إنما هو رجل ومعك السيف).
                        وفي سيرة ابن هشام:2/476: (أن عمر بن الخطاب قال لرسول الله (ص): يا رسول الله دعني أنزع ثنيتي سهيل بن عمرو ويدلع لسانه، فلا يقوم عليك خطيباً في موطن أبداً! قال: فقال رسول الله (ص): لا أمثل به فيمثل الله بي وإن كنت نبياً). انتهى.
                        وهذا تصرف غريب من عمر، لأن سهيل بن عمر رسول قريش المفاوض، وقتله أو التمثيل به مخالف لكل الأعراف والأديان!

                        * * *
                        وقد أظهر عمر ندمه بقوله: (ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام)! لأن سهيل بن
                        --------------------------------------------------------------------------------
                        الصفحة 448
                        --------------------------------------------------------------------------------

                        عمرو صار رئيس قريش بعد فتح مكة، وصار صديقاً حميماً لعمر، وكان له الدور الأكبر في إنجاح السقيفة!

                        ولهذا وضعوا على لسان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كما في سيرة ابن هشام:2/476، وتاريخ الطبري:2/162:، ما عبر عنه ابن إسحاق بأنه بلغه! قال: (قال ابن إسحاق: وقد بلغني (؟) أن رسول الله (ص) قال لعمر في هذا الحديث: إنه عسى أن يقوم مقاماً لا تذمه).
                        والمقصود بالمقام تأييد سهيل في مكة لبيعة السقيفة كما روى الحاكم والبيهقي في الدلائل: (قال عمر: دعني يا رسول الله أنزع ثنيتي سهيل بن عمرو فلا يقوم خطيباً في قومه أبداً. فقال: دعها فلعلها أن تسرك يوماً، فلما مات النبي (ص) نفر أهل مكة فقام سهيل عند الكعبة فقال: من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات والله حي لا يموت). (الدر المنثور:2/81).
                        فقد طمأن القرشيين بأن مرحلة عبَّاد محمد انتهت، وإن قريشاً هي التي تحكم من الآن وصاعداً، وتعبد الله ولا تعبد محمداً!
                        ولابد أنه كان اتفق مع أبي بكر وعمر على مضمونها، فجاءت نسخة من خطبة أبي بكر في المدينة!!

                        تعليق


                        • الأسئلة على الفصل الخاص بأبيّ بن كعب
                          1 ـ ماهو واجب عمر أمام الشهادة النبوية العظيمة لأبيّ بن كعب رضي الله عنه؟ ولماذا خالف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يأخذ منه القرآن؟
                          2 ـ بماذا تفسرون قول عمر الذي رواه البخاري:5/149: (أقرؤنا أبيّ، وأقضانا عليّ، وإنا لندع من قول أبيّ، وذاك أن أبيّاً يقول لا أدع شيئاً سمعته من رسول الله (ص) وقد قال الله تعالى ما ننسخ من آية أو ننسؤها)؟!!
                          3 ـ هل عمر ظالم لأبي بن كعب في ضربه إياه، أم لا؟ وما هو المبرر الشرعي لهذه الإهانة لصحابي جليل مثل أبيّ؟!
                          4 ـ ما رأيكم بمن لم يبايع أبا بكر وعمر، مثل سعد بن عبادة، هل هو ضال ويموت ميتة جاهلية؟
                          5 ـ ما رأيكم في هجوم عمر على بيت علي وفاطمة (عليهما السلام) وتهديده بحرقه عليهم إن لم يخرجوا ويبايعوا؟ هل هو عمل جائز أم حرام؟
                          6 ـ ما رأيكم في البيعة المأخوذة بالإجبار والإكراه، هل هي بيعة صحيحة شرعاً؟
                          7 ـ كيف تفسرون قول أبيّ بن كعب (هلك أصحاب العقدة ورب الكعبة... والله ما آسى عليهم إنما آسى على من يضلون من الناس!)، وما هي المقالة التي أراد أن يقولها، ويخشى بسببها القتل؟!

                          --------------------------------------------------------------------------------
                          الصفحة 456
                          --------------------------------------------------------------------------------

                          8 ـ كيف تفسرون قول أبيّ بن كعب (ما زالت هذه الأمة مكبوبة على وجهها منذ فقدوا نبيهم)؟!

                          9 ـ لماذا لاتقرؤون في صلاتكم مثل عمر: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فامضوا إلى ذكر الله)؟!
                          10 ـ لماذا لاتصححون قرآنكم بشهادة عمر وتكتبون فيه (فامضوا) بدل (فاسعوا)؟!
                          11 ـ لماذا لاتصححون قرآنكم بشهادة عمر وتكتبون فيه: (صراط من أنعمت.. وغير الضالين)؟!
                          12 ـ بماذا تفسرون محاولة عمر حذف الواو من آية (وَالسَّابِقُونَ الأَوَلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ..)؟!
                          13 ـ هل يصح معنى آية عمر: ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام؟
                          14 ـ لقد شهد عمر على نفسه أنه شك في نبوة نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) فشكه قطعي وتجديد إسلامه ظني، فكيف تثبتون أنه جدد إسلامة وزال شكه؟!
                          15 ـ بماذا تفسرون قول عمر في رواية ابن عباس وأبي سعيد الخدري: (والله لقد دخلني يومئذ من الشك حتى قلت في نفسي: لو كنا مائة رجلٍ على مثل رأيي ما دخلنا فيه أبداً)!! وما الشاك في نبوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ وما حكم من نوى الخروج على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ورفض
                          --------------------------------------------------------------------------------
                          الصفحة 457
                          --------------------------------------------------------------------------------

                          أمره، لكنه لم يستطع؟!

                          16 ـ متى زال تغيظ عمر من الصلح في الحديبية ورجع إلى الحق؟!

                          تعليق


                          • زعم عمر بن الخطاب أن القرآن ضاع أكثرمن ثلثيه!!
                            قال الطبراني في الأوسط:6/361: (حدثنا محمد بن عبيد بن آدم بن أبي إياس العسقلاني، حدثني أبي، عن جدي آدم بن أبي إياس، ثنا حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله (ص): القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف، فمن قرأه صابراً محتسباً كان له بكل حرف زوجة من الحور العين).
                            ثم قال الطبراني: (لا يروى هذا الحديث عن عمر إلا بهذا الإسناد تفرد بحفص بن ميسرة).
                            ورواه السيوطي في الدر المنثور:6/422، وقال: (قال بعض العلماء هذا العدد باعتبار ما كان قرآناً ونسخ رسمه، وإلا فالموجود الآن لا يبلغ هذه العدة).
                            (راجع الجامع الصغير:2/264 والإتقان:1/70)
                            وقال الهيثمي في مجمع الزوائد:7/163: (رواه الطبراني في الأوسط عن شيخه محمد بن عبيد بن آدم بن أبي إياس، ذكره الذهبي في الميزان لهذا الحديث، ولم أجد لغيره في ذلك كلاماً، وبقية رجاله ثقات).
                            (ورواه في كنز العمال:1/517، وفي:1/541 وقال: (الطبراني في الأوسط، وابن مردويه، وأبو نصر السجزي في الإبانة، عن عمر. قال أبو نصر: غريب الإسناد والمتن، وفيه زيادة على ما بين اللوحين، ويمكن حمله على ما نسخ منه تلاوة مع المثبت بين اللوحين اليوم).
                            وبما أن عددحروف القرآن ثلاث مئةألف حرف وكسراً، وهي لاتبلغ ثلث العدد الذي قاله عمر، فيكون مقصوده ضياع أكثر من ثلثي القرآن بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)!
                            ولا يمكن قبول تفسير السيوطي بأن ما نسخ من القرآن أكثر من الثلثين! فلو كان ذلك لبان وشاع!
                            والحديث بشواهده صحيح على مبانيهم، ويدل على ذلك:
                            1 ـ أن بعض علمائهم تلقاه بالقبول وأخذ يفسره ولم يطعن في أحد من رواته!
                            2 ـ صرح الهيثمي أن أحداً قبل الذهبي لم يطعن أو يتكلم في محمد بن عبيد بن آدم، الذي هو شيخ الطبراني، وبقية رواة الحديث ثقاة! ومعروف أن الذهبي كثيراً ما يتكلم على راو موثق بسبب متن حديث لم يعجبه، مع أنه راويه ليس مسؤولاً عنه!
                            3 ـ أما قول ابن حجر في لسان الميزان:5/276: (محمد بن عبيد بن آدم بن أبي إياس العسقلاني: تفرد بخبر باطل، قال الطبراني..الحديث). فإن أراد به أن معنى الحديث باطل فهو صحيح، وإن أراد الطعن بمحمد بن عبيد، فالتفرد ليس طعناً، وهو من شيوخ الطبراني الموثقين عندهم، ولذلك اعتبر السيد الخوئي (قدس سره) حديثه موثقاً، قال في البيان ص202: (وأخرج الطبراني بسند موثق عن عمر بن الخطاب مرفوعاً: القرآن ألف ألف وسبعة وعشرون ألف حرف)، بينما القرآن الذي بين أيدينا لا يبلغ ثلث هذا المقدار، وعليه فقد سقط من القرآن أكثر
                            --------------------------------------------------------------------------------
                            الصفحة 463
                            --------------------------------------------------------------------------------

                            من ثلثيه). انتهى.

                            4 ـ ترجم السمعاني في الأنساب:4/191، لجده آدم بن إياس ومدحه وترجم له ولم يضعفه، قال: (قال أبو حاتم الرازي: حضرت آدم بن أبي إياس العسقلاني وقال له رجل: سمعت أحمد بن حنبل وسئل عن شعبة: كان يملي عليهم ببغداد أو يقرأ؟ قال: كان يقرأ رمزاً، وكان أربعة أنفس يكتبون: آدم ويملي الناس. فقال آدم: صدق، كنت سريع الخط وكنت أكتب، وكان الناس يأخذون من عندي...
                            وحفيده محمد بن عبيد بن آدم العسقلاني يروي عن أبي عمير عيسى بن محمد النحاس الرملي، روى عنه سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني).
                            5 ـ حتى لو كان الحديث ضعيفاً بمحمد بن عبيد، فإن شواهده الآتية ترفعه إلى درجة الصحيح عندهم.

                            فمن شواهده:
                            ما رواه عبد الرزاق:7/330: (13364 ـ عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن جدعان، عن يوسف بن مهران، أنه سمع ابن عباس يقول: أمر عمر بن الخطاب منادياً، فنادى أن الصلاة جامعة، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس لاتُخدعن آية الرجم فإنها قد نزلت في كتاب الله عز وجل وقرأناها، ولكنها ذهبت في قرآن كثير ذهب مع محمد (ص) وآية ذلك أنه (ص) قد رجم...). انتهى.
                            وهذا السند مقبول عندهم، فجميع رواته موثقون حتى ابن جدعان الذي هو علي
                            --------------------------------------------------------------------------------
                            الصفحة 464
                            --------------------------------------------------------------------------------

                            بن زيد بن جدعان، وليس لهم عليه مأخذ إلا أنه كان يتشيع! والتشيع ليس تضعيفاً عندهم.

                            قال العجلي في الثقات:2/154: (علي بن زيد بن جدعان بصري يكتب حديثه وليس بالقوي، وكان يتشيع. وقال مرة لا بأس به).
                            وحتى الذين لايقبلون حديث ابن جدعان ويضعفونه، فقد قبلوا روايته عن يوسف بن مهران!
                            قال الرازي في الجرح والتعديل:9/229: (يوسف بن مهران، مكي روى عن ابن عباس وابن عمر، روى عنه علي بن زيد بن جدعان، سمعت أبي يقول ذلك.... ثنا عبد الرحمن قال: سألت أبي عن يوسف بن مهران فقال: لا أعلم روى عنه غير علي بن زيد بن جدعان، يكتب حديثه ويذاكر به. نا عبد الرحمن قال: سئل أبو زرعة عن يوسف بن مهران فقال: مكي ثقة).
                            وقال في هامش: المجروحين:2/103: (علي بن زيد بن جدعان أحد علماء التابعين، اختلفوا فيه فقوى أمره جماعة كالجريري ومنصور بن زاذان وحماد بن سلمة، وتكلم فيه الأكثرون. قال شعبة: كان رفاعاً، وقال مرة: حدثنا علي قبل أن يختلط. وكان ابن عيينة يضعفه...).
                            وقال في هامش سير أعلام النبلاء:2/134، عن حديث آخر: (وإسناده ضعيف لضعف علي بن زيد وهو ابن جدعان، ومع ذلك فقد حسنه الترمذي (3206) في التفسير).
                            وقال في:3/375: (وفي سند الطبراني محمد بن سعيد الأثرم وهو ضعيف، وفي سند البزار
                            --------------------------------------------------------------------------------
                            الصفحة 465
                            --------------------------------------------------------------------------------

                            علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف، لكن يتقوى كل منهما بالآخر فيحسن، وآخر من حديث ابن عباس عند ابن عدي:89/2، وفي سنده حكيم بن جبير وهو ضعيف، فالحديث صحيح بهذه الشواهد). انتهى.

                            وهذا الحديث أولى بالحكم بصحته لشواهده، فضلاً عن صلاحيته كشاهد لحديث الطبراني عن عمر، فيرتفع إلى درجة الصحيح.

                            ومن شواهده:
                            ما رواه ابن عساكر في تاريخه:7/265: (وأخبرنا أبو عبد الله البلخي، أنا ثابت بن بندار، أنا الحسين بن جعفر قالا: أنا الوليد بن بكر، نا علي بن أحمد بن زكريا، نا أبو مسلم صالح بن أحمد العجلي، حدثني أبي أحمد، حدثني أبو عثمان البغدادي ثقة، نا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار، عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن مخرمة، قال عمر بن الخطاب لعبد الرحمن بن عوف: ألم يكن فيما يقرأ: قاتلوا في الله آخر مرة كما قاتلتم فيه أول مرة؟ قال: متى ذاك يا أبا محمد؟ قال: إذا كانت بنو أمية الأمراء وبنو مخزوم الوزراء.
                            وقد روي هذا الحديث عن ابن أبي مليكة من وجه آخر: أخبرناه أعلى من هذا بأربع درجات أبو بكر بن المزرفي، نا أبو الحسين بن المهتدي، نا عيسى بن علي، أنا عبد الله بن محمد، نا دواد بن عمرو، نا نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن مخرمة، قال قال عمر بن الخطاب لعبد الرحمن بن عوف: ألم تجد فيما أنزل الله: جاهدوا كما جاهدتم أول مرة؟ قال: بلى.

                            --------------------------------------------------------------------------------
                            الصفحة 466
                            --------------------------------------------------------------------------------

                            قال: فإنا لا نجدها؟! قال: أسقطت فيما أسقط من القرآن! قال أتخشى أن يرجع الناس كفاراً قال ما شاء الله. قال: لئن رجع الناس كفاراً ليكونن أمراؤهم بني فلان ووزراؤهم بني فلان..). انتهى.

                            وقال في الدر المنثور:1/106: (وأخرج أبو عبيد وابن الضريس وابن الأنباري عن المسور بن مخرمة قال: قال عمر لعبد الرحمن بن عوف: ألم تجد فيما أنزل علينا أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة فإنا لا نجدها؟! قال: أسقطت فيما أسقط من القرآن)!!
                            (ورواه في كنز العمال:2/567 من مسند عمر وقال: في رواية أخرى:.. فرفع فيما رفع)!

                            ومن شواهده:
                            مارواه في الدر المنثور:1/106: (وأخرج أبو عبيد وابن الضريس وابن الأنباري في المصاحف عن ابن عمر قال: لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله، ما يدريه ما كله؟! قد ذهب منه قرآن كثير، ولكن ليقل قد أخذت ما ظهر منه)!! انتهى.
                            فهذه الشواهد، وكل أحاديث الباب شواهد له وبعضها صحيح بنفسه! كالتي نصت على أن سورة الأحزاب ضاع منها أكثر من مئتي آية! وأن سورة براءة ضاع أكثرها!! فهي كافيةٌ للحكم بصحة قول عمر الأول، وأنه كان يرى أن القرآن الموجود بين أيدينا أقل من ثلث القرآن المنزل، وأنه فُقد أكثر من ثلثيه بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)!!
                            ولو قايسنا قول عمر هذا بمجموع روايات مصادرنا التي تدعي أنهم حذفوا العديد من آيات القرآن في فضائل أهل البيت (عليهم السلام) ومطاعن قريش! لكانت شيئاً قليلاً
                            --------------------------------------------------------------------------------
                            الصفحة 467
                            --------------------------------------------------------------------------------

                            أمام مقولة عمر!!

                            على أنا نرد الجميع، ونقول بعصمة القرآن عن الزيادة والنقص.

                            * * *

                            --------------------------------------------------------------------------------
                            الصفحة 468
                            --------------------------------------------------------------------------------


                            الأسئلة
                            1 ـ ألا ترون من مجموع ما روته مصادركم عن عمر أنه كان يقول بنقص القرآن؟!
                            2 ـ كيف يمكنكم أن تردوا هذه الأحاديث والآثار الثابتة سنداً عن عمر والصريحة في نقص القرآن؟
                            3 ـ هذه الطامات من الأحاديث والآثار موجودة في مصادركم وكثير منها صحيح والحسن والموثق، فلماذا تغمضون أعينكم عنها ولا ترونها، وترون فقط روايات مصادرنا وتحملون قميصها؟!
                            4 ـ نراكم تعالجون هذه الأحاديث، بالتضعيف والتأويل والحمل على النسخ، والسكوت والإعراض.. إلى آخر أساليبكم المبتكرة!
                            فلماذا لايصح ذلك العلاج للروايات المشابهة لها في مصادرنا؟!
                            أم أن الحمل على الأحسن لمصادركم واجب، ولمصادرنا حرام؟!

                            تعليق


                            • قال عمر: ضاع من سورة الأحزاب ثلثاها! وقالت عائشة: نصفها! قال السيوطي في الدر المنثور:5/180: (وأخرج ابن مردويه عن حذيفة قال: قال لي عمر بن الخطاب: كم تعدون سورة الأحزاب؟ قلت: ثنتين أو ثلاثاً وسبعين. قال: إنها كانت لتقارب سورة البقرة، وإنْ كان فيها لآية الرجم.
                              وأخرج ابن الضريس عن عكرمة قال: كانت سورة الأحزاب مثل سورة البقرة أو أطول، وكان فيها آية الرجم).
                              ورواه الشوكاني في فتح القدير:4/259، وقال بعده: (وأخرج أبو عبيد في الفضائل وابن الأنباري وابن مردويه عن عائشة قالت: كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمان النبي (ص) مائتي آية، فلما كتب عثمان المصاحف لم يقرر منها إلا على ما هو الآن)! (ورواه في كنز العمال:2/480، من مسند عمر عن ابن مروديه. ولكنهم أكثروا روايته عن أبيّ بن كعب كما في مسند أحمد:5/132، والحاكم:2/415، و:4/ 359 وقال في الموردين:هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. والبيهقي في سننه: 8 /211 كما في رواية الحاكم الثانية).
                              وبما أن سورة البقرة 286 آية، فيكون الناقص من سورة الأحزاب حسب قول عمر وعكرمة وعائشة أكثر من200 آية!!

                              * * *

                              </span>الصفحة 470 الأسئلة
                              1 ـ نحن نعتقد أن القائل بنقص القرآن هو عمر وليس أبيّ بن كعب ونعتبر أن عائشة وعكرمة تابعين لعمر. لكن على مبناكم فإن رواية الحاكم صحيحة وهي تقول بنقص أكثر من200 آية من سورة الأحزاب! فما رأيكم؟!
                              2 ـ لو دار الأمر بين رواية عمر القائلة بأن الناقص من سورة الأحزاب أكثر من الثلثين، ورواية عائشة القائلة بأن الناقص منها أكثر من النصف، فأيهما ترجحون؟!!

                              * * *

                              </span>الصفحة 471 المســألة: 96
                              قال أبو موسى الأشعري: سورة براءة ضاع أكثرها!

                              قال الهيثمي في مجمع الزوائد:5/302: (وعن أبي موسى الأشعري قال: نزلت سورة نحواً من براءة فرفعت! فحفظت منها: إن الله ليؤيد هذا الدين بأقوام لاخلاق لهم، فذكر الحديث. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير علي بن زيد وفيه ضعف ويحسن حديثه لهذه الشواهد).
                              وقال السيوطي في الدر المنثور:1/105: (وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن الضريس عن أبي موسى الأشعري قال: نزلت سورة شديدة نحو براءة في الشدة ثم رفعت وحفظت منها أن الله سيؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم)!
                              والمتتبع لادعاءات الزيادة في القرآن يجد أن أصل رواياتها أشخاص معدودين هم عمر وأبو موسى الأشعري وعائشة، وقد كان الأولان يضيفان ما يريانه من القرآن إلى نسختهم! وورد عن عائشة وحفصة أنهما أضافتا كلمة (وصلاة العصر) في آية: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى!
                              وقد تقدم في مسألة توحيد عثمان لنسخة المصحف، مصادرة مروان لنسخة عمر التي عند حفصة يوم موتها، وإتلافها!
                              كما تقدم قول أبي موسى الأشعري لحذيفة عندما صادر نسخته: (ما وجدتم في مصحفي هذا من زيادة فلا تنقصوها، وما وجدتم من نقصان فاكتبوه فيه، فقال حذيفة: فكيف بما صنعنا؟!)!
                              </span>الصفحة 472 لذلك ينبغي التثبت في رواية الزيادات عن غير هؤلاء من الصحابة، فإن كان الصحابي أو التابع متأثراً بهما يردد أقوالهما ويروي ما روياه، فروايته ترجع إلى قولهم، وإن كان لايتأثر بهم كحذيفة وأبيّ بن كعب، فينبغي أن يتوقف في نسبة الزيادة إليه، لأنه كان لايقول بها.
                              وعليه ينبغي أن نتوقف هنا في روايتهم ضياع أكثر سورة براءة عن حذيفة ، وإن وثقها في مجمع الزوائد:7/28، قال: (عن حذيفة قال: تسمون سورة التوبة هي سورة العذاب، وما تقرؤون منها مما كنا نقرأ إلا ربعها. رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات).
                              وقال الحاكم:2/330: (عن حذيفة: قال: ما تقرؤون ربعها، يعني براءة وإنكم تسمونها سورة التوبة وهي سورة العذاب! هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه).
                              وقال السيوطي في الدر المنثور:3/208: (وأخرج ابن أبي شيبة، والطبراني في الأوسط، وأبو الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، عن حذيفة رضي الله عنه قال: التي تسمون سورة التوبة هي سورة العذاب والله ما تركت أحداً إلا نالت منه، ولا تقرؤون منها مما كنا نقرأ إلا ربعها!!). انتهى.
                              على أنه يحتمل أن يكون مقصود حذيفة نقص تفسيرهم لسورة التوبة كما كان يفسرها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم تترك أحداً إلا نالت منه! وقد يكون قال: إنكم لا تقرؤونها حق </span>الصفحة 473 قراءتها، فحرف الرواة كلامه!
                              فقد كان حذيفة يحذر من المنافقين الذين كشفتهم السورة وحذرت منهم!
                              ويؤيد ذلك أن هدف آية أبي موسى المزعومة عن تأييد الدين بالفجار هو تبرير إعطاء مناصب الدولة إلى المنافقين والفساق!!
                              وهي قضية مهمة كان ينتقدها الصحابة في زمن أبي بكر وعمر!

                              * * *

                              الأسئلة
                              1 ـ ما رأيكم في أبي موسى الأشعري؟ وكيف تفسرون الأحاديث التي تصفه بالنفاق، وتنص على أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد لعنه؟!
                              2 ـ ما رأيكم في هذه الرواية الحسنة عن أبي موسى؟
                              3 ـ إذا كنتم تجيزون الصلاة خلف كل بر وفاجر، فهل تجيزون توظيف الفجار في الدولة وتسليمهم مقدرات المسلمين؟!

                              * * *

                              تعليق


                              • كل طلبة العلوم الدينية السنة يستحقون الجلد والنفي بفتوى عمر!
                                اتفق علماؤهم على صحة قضية صبيغ التميمي الذي كان رئيس قومه فسأل عمر عن معنى آيات في القرآن فغضب عمر من سؤاله وأمر أن يضرب بعراجين النخل الرطبة على رأسه مكشوفاً وعلى بدنه حتى سال الدم على رأسه وجرى على ظهره، وعلى عقبيه، وصار مثخناً بالجراح!
                                ثم أمر أن يرسل إلى السجن حتى تبرأ جراحه، ثم يعاد ضربه بنفس الطريقة! ثم أمر أن يلبس تباناً (لباس مثل الكيس) ويحمل على جمل إلى عشيرته ويطاف به فيها وفي العشائر الأخرى ويشهر به، وينادى عليه الخطيب إن صبيغاً ابتغى العلم فأخطأه وتكلف ما كفي وما خفي! وأن يحرم رزقه وعطاءه من بيت المال، وأن لايجالسه أحد، ولا يبايعه أحد، وإن مرض فلا يعوده أحد، وإن مات فلا يشهد أحد جنازته!!
                                وقد رووا محنة صبيغ التميمي بأكثر من ثلاثين رواية، وصحح فقهاؤهم روايتها وحكمها!
                                فمن ذلك مارواه الدارمي:1/54: (عن سليمان بن يسار أن رجلاً يقال له صبيغ قدم المدينة فجعل يسأل عن متشابه القرآن فأرسل إليه عمر وقد أعد له عراجين النخل فقال: من أنت؟ قال أنا عبد الله صبيغ، فأخذ عمر عرجوناً من تلك العراجين فضربه وقال: أنا عبد الله عمر فجعل له ضرباً حتى
                                --------------------------------------------------------------------------------
                                الصفحة 477
                                --------------------------------------------------------------------------------

                                دمي رأسه، فقال يا أمير المؤمنين حسبك قد ذهب الذي كنت أجد في رأسي!

                                وروى عن نافع مولى عبد الله... فأرسل عمر إلى رطائب من جريد فضربه بها حتى ترك ظهره دبرة ثم تركه حتى برأ، ثم عاد له! ثم تركه حتى برأ، فدعا به ليعود له!! قال فقال صبيغ: إن كنت تريد قتلي فاقتلني قتلاً جميلاً وإن كنت تريد أن تداويني فقد والله برئت!!
                                فأذن له إلى أرضه وكتب إلى أبي موسى الأشعري أن لايجالسه أحد من المسلمين)!
                                وفي كنز العمال:2/331: (فقام إليه وحسر عن ذراعيه فلم يزل يجلده حتى سقطت عمامته فقال: والذي نفس عمر بيده لو وجدتك محلوقاً لضربت رأسك، ألبسوه ثياباً واحملوه على قتب، وأخرجوه حتى تقدموا به بلاده، ثم ليقم خطيب ثم يقول: إن صبيغاً ابتغى العلم فأخطأه، فلم يزل وضيعاً في قومه حتى هلك وكان سيد قومه. (ابن الأنباري في المصاحف، ونصر المقدسي في الحجة، واللالكائي، وابن عساكر).
                                وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء:10/29: (الزعفراني وغيره: سمعنا الشافعي يقول: حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد، ويحملوا على الإبل ويطاف بهم في العشائر، ينادى عليهم: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة، وأقبل على الكلام. وقال أبو عبد الرحمن الأشعري صاحب الشافعي: قال الشافعي: مذهبي في أهل الكلام تقنيع رؤوسهم بالسياط، وتشريدهم في البلاد)!!. انتهى.

                                --------------------------------------------------------------------------------
                                الصفحة 478
                                --------------------------------------------------------------------------------

                                وقال ابن قدامة في المغني:12/80: (ظاهر كلام أحمد والخرقي أنه لايعتبر في ثبوت أحكام التوبة من قبول الشهادة وصحة ولايته في النكاح إصلاح العمل، وهو أحد القولين للشافعي، وفي القول الآخر يعتبر إصلاح العمل... ولأن عمر لما ضرب صبيغاً أمر بهجرانه حتى بلغته توبته، فأمر أن لا يكلم إلا بعد سنة.

                                ولنا: قوله عليه السلام: التوبة تجب ما قبلها، وقوله: التائب من الذنب كمن لا ذنب له، ولأن المغفرة تحصل بمجرد التوبة فكذلك الأحكام، ولأن التوبة من الشرك بالاسلام لا تحتاج إلى اعتبار ما بعده وهو أعظم الذنوب كلها، فما دونه أولى). انتهى.
                                ثم نقض ابن قدامة كلام مبناه الفقهي القوي فقال: (وما ورد عن عمر في حق صبيغ إنما كان لأنه تائب من بدعة وكانت توبته بسبب الضرب والهجران فيحتمل أنه أظهر التوبة تستراً بخلاف مسألتنا. وقد ذكر القاضي أن التائب من البدعة يعتبر له مضي سنة لحديث صبيغ رواه أحمد.....والصحيح أن التوبة من البدعة كغيرها إلا أن تكون التوبة بفعل يشبه الإكراه كتوبة صبيغ فيعتبر له مدة تظهر أن توبته عن إخلاص لا عن إكراه)!!
                                وهكذا طبق الفقهاء على صبيغ المظلوم أنه لابد أن تمضي عليه سنة حتى يعرف أنه (اجتنب من كان يواليه من أهل البدع ويوالي من كان يعاديه من أهل السنة) ولكن صبيغاً لم يكن له فئة غير أهل السنة،
                                --------------------------------------------------------------------------------
                                الصفحة 479
                                --------------------------------------------------------------------------------

                                وإن كان له فئة فكيف يعرف أنه اجتنبهم وهو ممنوع المجالسة والمكالمة؟!!


                                * * *

                                --------------------------------------------------------------------------------
                                الصفحة 480
                                --------------------------------------------------------------------------------


                                الأسئلة
                                1 ـ كيف تفسرون تساهل عمر في قراءة القرآن بسبعة أشكال، وفي نفس الوقت تحريمه البحث العلمي في القرآن والسؤال عن آياته؟!
                                2 ـ هل ترون عمر مصيباً في عمله بصبيغ، أم مخطئاً؟
                                3 ـ لماذا لا تطبقون حكم عمر على طلبتكم الذين يسألون عن معاني آيات القرآن، وعلى أنفسكم؟!
                                4 ـ كيف تصح التوبة من الشرك بمجرد إعلان صاحبها، ولا تصح من صبيغ إلا بعد مضي سنة؟!
                                5 ـ بماذا تفسرون تحريم عمر للسؤال والبحث العلمي في القرآن، ألا تحتملون أن سبب ذلك قلة علمه؟!

                                * * *

                                تعليق

                                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                                حفظ-تلقائي
                                x

                                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                                صورة التسجيل تحديث الصورة

                                اقرأ في منتديات يا حسين

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 09:44 PM
                                استجابة 1
                                10 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                                بواسطة ibrahim aly awaly
                                 
                                أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 07:21 AM
                                ردود 2
                                12 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                                بواسطة ibrahim aly awaly
                                 
                                يعمل...
                                X