إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

العقيدة السنية العقلية في رد العقيدة الشيعة وكسف الاسرار شف الاسرار

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • البسملة أعظم آية في كتاب الله.. كتموها وأنكروها!

    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 482
    --------------------------------------------------------------------------------

    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 483
    --------------------------------------------------------------------------------


    المســألة: 98
    خوف الجن والطلقاء ومحبيهم من البسملة!

    كانت البسملة سلاحاً من الله تعالى لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) لطرد شياطين قريش، فعندما كانوا يجتمعون على باب داره ليسبوه أو يؤذوه، كان يرفع صوته بالبسملة فيولون فراراً!
    في الكافي:8/266، عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (كتموا بسم الله الرحمن الرحيم، فنعم والله الأسماء كتموها، كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا دخل إلى منزله واجتمعت عليه قريش يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ويرفع بها صوته، فتولي قريش فراراً! فأنزل الله عز وجل في ذلك: (وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً). (سورة الإسراء: 46)
    وفي الكافي:2/624: عنه (عليه السلام) أنه قال للمفضل بن عمرو:
    (يا مفضل إحتجز من الناس كلهم ببسم الله الرحمن الرحيم، وبقل هو الله أحد، إقرأها عن يمينك وعن شمالك ومن بين يديك ومن خلفك ومن فوقك ومن تحتك فإذا دخلت على سلطان جائر فاقرأها حين تنظر إليه ثلاث مرات، واعقد بيدك اليسرى ثم لاتفارقها حتى تخرج من عنده). انتهى.
    وفي السنة الثامنة للهجرة فاجأ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مشركي مكة بجيش من عشرة آلاف مقاتل، وأجبرهم على خلع سلاحهم والتسليم، وخيرهم بين الإسلام والقتل، فأسلموا مكرهين، فعفا عنهم وسماهم الطلقاء!
    وبعد فتح مكة تكاثر الطلقاء في المدينة وسعوا ليكونوا أكثرية قوية واستطاعوا بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يأخذوا خلافته في السقيفة.

    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 484
    --------------------------------------------------------------------------------

    لكن خوفهم من البسملة بقي! فالذي كان بالأمس يؤذي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيقرأ عليه البسملة فترتعد فرائصه ويولي فراراً، يصعب عليه أن يتحمل سماعها اليوم من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في مسجده بالمدينة! كما يصعب عليه أن يقرأها بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويجهر بها؟!

    وأول ما ظهر انتقام الطلقاء من البسملة بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنهم حرَّموا قولها بصوت عال، أي حذفوها عملياً من الصلاة!
    وهذا معنى قول الإمام الصادق (عليه السلام): (كتموا بسم الله الرحمن الرحيم فنعم والله الأسماء كتموها)!!
    ويبدو أنهم أقنعوا أبا بكر وعمر بذلك فتركاها، فقد رووا عنهما أنهما تركاها في صلاتهما!
    ثم نشروا مقولة أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن يجهر بها!!
    ثم وصل أمرهم إلى إنكار أن البسملة آية من القرآن كما سترى!!
    قال النووي في المجموع:3/343: (قالوا: ولأن الجهر بها منسوخ، قال سعيد بن جبير: كان رسول الله (ص) يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم بمكة، وكان أهل مكة يدعون مسيلمة الرحمن، فقالوا إن محمداً يدعو إلى إله اليمامة، فأمر رسول الله (ص) فأخفاها فما جهر بها حتى مات.
    قالوا: وسئل الدارقطني بمصر حين صنف كتاب الجهر فقال: لم يصح في الجهر بها حديث. قالوا: وقال بعض التابعين: الجهر بها بدعة! قالوا قياساً على التعوذ). انتهى.

    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 485
    --------------------------------------------------------------------------------

    ونلاحظ أنهم اعترفوا بجهر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بها في مكة! وزعموا أن الوحي نسخها بسبب مسيلمة الذي قبل أن يوجد اسم مسيلمة!

    أما (بعض التابعين) الذين قالوا إن الجهر بها بدعة! فمن يكونون غير بعض الطلقاء؟!!
    وأما قول الدارقطني فهو عدم اطلاع منه أو تعصب، وستعرف أن الشافعية وغيرهم رووا أحاديث صحاحاً عن أبي هريرة وأنس في المدينة أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يجهر بها!

    * * *

    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 486
    --------------------------------------------------------------------------------


    المســألة: 99
    تحير المخالفون لأهل البيت (عليهم السلام) في كل المسائل المتعلقة بالبسملة!

    قال فقهاء مذهب أهل البيت (عليهم السلام):
    البسملة أعظم آية في كتاب الله تعالى، وهي آية من سورة الحمد، ومن كل سورة عدا براءة، وفي سورة النمل آية وبعض آية.
    وقد وافقنا على ذلك: الشافعي والزهري وعطاء وابن المبارك، فقط! ويستحب عندنا الجهر بها سواء في الصلاة الجهرية أو الإخفاتية. (راجع تذكرة الفقهاء للعلامة الحلي:1/114)
    أما أتباع المذاهب الأخرى فقد تحيروا في كل ما يتعلق بالسملة، واختلفوا فيها: هل هي من القرآن، أم هي زائدة للفصل بين السور؟
    وهل هي من القرآن على سبيل القطع، أو على سبيل الظن؟
    وهل هي جزء من سورة الحمد، أم لا؟
    وهل هي جزء من كل سورة، أم لا؟
    وهل تشرع قراءتها في الصلاة، أم لا؟
    وهل يجهر بها، أم لا؟
    وفي كل واحدة من هذه المسائل فروع اختلفوا فيها أيضاً! حتى بلغت آراؤهم المتعلقة بالبسملة عشرات الآراء والفتاوي!
    وإذا أردت لكل رأي دليله من الأحاديث النبوية فهي جاهزة! وكلها صحيحة السند صريحة الدلالة، على الإثبات أو النفي، لا
    فرق!!

    أما الظنون والإستحسانات والإستنباطات فسوقها مزدحم، وفيها ما لا يخطر ببالك من الركاكة! مثل استدلالهم على عدم قرآنية البسملة بالحديث النبوي الذي يقول إن الله قسم سورة الحمد بينه وبين عبده، فقال أبو حنيفة إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بدأ في الحديث من شرح آيات الحمد من آية: (الحمد لله) لا من البسملة، فهذا دليل على إعدام البسملة ونفيها من القرآن!
    وقال إن القسمة لابد أن تكون متساوية وتكون الحمد ست آيات، ومع البسملة تكون سبع آيات ولا تنقسم قسمين متساويين!
    فالبسملة ليست آية! والسبع المثاني ليست سورة الحمد!
    قال السرخسي في المبسوط:1/15، مدافعاً عن رأي أبي حنيفة: (والمسألة في الحقيقة تنبني على أن التسمية ليست بآية من أول الفاتحة ولا من أوائل السور عندنا، وهو قول الحسن فإنه كان يعد إياك نعبد وإياك نستعين آية.....
    ولنا حديث أبي هريرة عنه أن النبي (ص) قال يقول الله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين يقول الله تعالى حمدني عبدي.... فالبداءة بقوله الحمد لله رب العالمين دليل على أن التسمية ليست بآية من أول الفاتحة، إذ لو كانت آية من أول الفاتحة لم تتحقق المناصفة فإنه يكون في النصف الأول أربع آيات إلا نصفاً، وقد نص على المناصفة. والسلف اتفقوا على أن سورة الكوثر ثلاث آيات، وهي ثلاث آيات بدون
    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 488
    --------------------------------------------------------------------------------

    التسمية.

    ولأن أدنى درجات اختلاف الأخبار والعلماء إيراث الشبهة، والقرآن لايثبت مع الشبهة فإن طريقه طريق اليقين والإحاطة). انتهى.
    وقد فات أبو حنيفة ومقلده السرخسي: أنه لايناسب إمام مذهب مثله ولا طالب علم، أن ينتقي حديثاً واحداً في الموضوع ويفسره كمايظن وببني عليه مذهبا ً. فلماذا أغمض عينه عن أحاديث الباب الكثيرة الصحيحة الصريحة؟!
    وفاتهما: أن بدء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بآية الحمد قد يكون لنسيان الراوي ما قاله (صلى الله عليه وآله وسلم) في البسملة، ولو صح أنه بدأ بها، فلا يكون دليلاً على قتل البسملة ورد أحاديث جزئيتها لسورة الحمد، وهي صحيحة عندهم!
    وفاتهما: أن المناصفة بين الله تعالى وعبده في سورة الحمد، هي مناصفة معنوية قبل أن تكون لفظية بتعداد الكلمات والحروف!
    وفات السرخسي: أن يقول لنا أي سلف هؤلاء الذين أجمعوا على عد سورة الكوثر ثلاث آيات، وكأنه لم يقرأ اختلاف أقوال العدادين ومبانيهم في عدِّ البسملة وتركها! أو وصل بعض الآيات وفصلها!
    على أن أسوأ ما وقع فيه السرخسي قوله: (ولأن أدنى درجات اختلاف الأخبار والعلماء إيراث الشبهة، والقرآن لا يثبت مع الشبهة)!!
    يقول مادامت توجد شبهة ولو بسيطة على قرآنية البسملة في الحمد وأوائل
    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 489
    --------------------------------------------------------------------------------

    السور لحديث أو قول أحد العلماء، فقد اهتزت قرآنيتها ووجب أن لاتعد من القرآن!! فهل يلتزم هو بذلك في المعوذتين؟!

    مهما يكن، فقد تأسفت لأني ضيعت وقتي في تتبع آرائهم في البسملة وتمحلاتهم وتوحلاتهم، فلاأضيع فيهاوقت القارئ، وأكتفي منها بنماذج قليلة وأكثرها من مجموع النووي فقد سوَّد كغيره صفحات كثيرة في الموضوع.
    ولا يفوتني قبل ذلك أن أشير إلى أن المخالفين لأهل البيت (عليهم السلام) مع شدة اختلافهم وتناقض آرائهم في البسملة،اتفقوا على أن من جحد أنها من القرآن لا يحكم بكفره، ومن أثبتها منه على نحو الظن لا يحكم بكفره، ومن أثبتها على نحو القطع فإن كان من العلماء يحكم بكفره، وإن كان العوام فبعضهم يحكم بكفره وآخرون بإسلامه!!

    البسملة في أوائل السور ليست عندهم من القرآن!
    ومن قال إنها منه قال: أظن ظناً ولا أقطع!
    قال ابن قدامة الحنبلي في المغني:1/522: (وروي عن أحمد أنها ليست من الفاتحة ولا آية من غيرها ولا يجب قراءتها في الصلاة، وهي المنصورة عند أصحابه، وقول أبي حنيفة، ومالك، والأوزاعي، وعبد الله ابن معبد الرماني.
    واختلف عن أحمد فيها فقيل عنه هي آية مفردة كانت تنزل بين سورتين فصلا بين السور. وعنه إنما هي بعض آية من سورة النمل. كذلك قال عبد الله بن معبد والأوزاعي: ما أنزل الله بسم الله الرحمن الرحيم إلا في
    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 490
    --------------------------------------------------------------------------------

    سورة: (إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم).

    وقال النووي الشافعي في المجموع:3/333: (ثم هل هي في الفاتحة وغيرها قرآن على سبيل القطع كسائر القرآن، أم على سبيل الحكم لاختلاف العلماء فيها؟ فيه وجهان مشهوران لأصحابنا، حكاهما المحاملي وصاحب الحاوي والبندنيجي: أحدهما: على سبيل الحكم بمعنى أنه لاتصح الصلاة الا بقراءتها في أول الفاتحة، ولايكون قارئاً لسورة غيرها بكمالها إلا إذا ابتدأها بالبسملة.
    والصحيح: أنها ليست على سبيل القطع إذ لاخلاف بين المسلمين أن نافيها لا يكَفَّر، ولو كانت قرآنا قطعاً لكُفِّر كمن نفى غيرها!..... وضعف إمام الحرمين وغيره قول من قال إنها قرآن على سبيل القطع! قال هذه غباوة عظيمة من قائل هذا لأن ادعاء العلم حيث لا قاطع محال. وقال صاحب الحاوي: قال جمهور أصحابنا هي آية حكماً لا قطعاً... وقال مالك والأوزاعي وأبو حنيفة وداود: ليست البسملة في أوائل السور كلها قرآناً، لا في الفاتحة ولا في غيرها. وقال أحمد هي آية في أول الفاتحة وليست بقرآن في أوائل السور وعنه رواية أنها ليست من الفاتحة أيضاً...!
    واحتج من نفاها في أول الفاتحة وغيرها من السور بأن القرآن لا يثبت بالظن ولايثبت إلا بالتواتر وبحديث أبي هريرة عن النبي (ص): قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين..إلى آخر الحديث، ولم يذكر البسملة. رواه مسلم).

    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 491
    --------------------------------------------------------------------------------

    وقال في المجموع:16/235: (والثانية: أنها ليست من كلام الله سبحانه وتعالى، وإنما كانت وحياً منه، وقد يوحى ما ليس بقرآن كما روي عن النبي (ص) أنه قال: أتاني جبريل يأمرني أن أجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، ولم يكن ذلك قرآناً وكلاماً من الله تعالى)!!

    وقال في ص337: (وفي سنن البيهقي عن علي وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم: أن الفاتحة هي السبع من المثاني وهي السبع آيات وأن البسملة هي الآية السابعة. وفي سنن الدارقطني عن أبي هريرة قال قال رسول الله (ص): إذا قرأتم الحمد فاقرأوا بسم الله الرحمن الرحيم، إنها أمُّ القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني، وبسم الله الرحمن الرحيم إحدى آياتها. قال الدارقطني رجال إسناده كلهم ثقاة.
    فهذه الأحاديث متعاضدة محصلة للظن القوي بكونها قرآناً حيث كتبت، والمطلوب هنا هو الظن لالقطع خلاف ماظنه القاضي أبو بكر الباقلاني حيث شنع على مذهبنا وقال لايثبت القرآن بالظن. وأنكر عليه الغزالي وأقام الدليل على أن الظن يكفي فيما نحن فيه)!
    وقال في ص338: (وأما الجواب عن قولهم لايثبت القرآن إلا بالتواتر فمن وجهين: أحدهما، أن إثباتها في المصحف في معنى التواتر. والثاني، أن التواتر إنما يشترط فيما يثبت قرآناً على سبيل القطع، أما ما يثبت قرآناً على سبيل الحكم فيكفي فيه الظن كما سبق بيانه، والبسملة قرآن على سبيل الحكم على الصحيح وقول
    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 492
    --------------------------------------------------------------------------------

    جمهور أصحابنا)!

    وقال السيد الخوئي (قدس سره) في البيان ص 445:
    واستدل القائلون بأن البسملة ليست جزء من السورة بوجوه:
    الوجه الأول: أن طريق ثبوت القرآن ينحصر بالتواتر، فكل ما وقع النزاع في ثبوته فهو ليس من القرآن، والبسملة مما وقع النزاع فيه.
    والجواب أولاً: أن كون البسملة من القرآن مما تواتر عن أهل البيت (عليهم السلام) ولا فرق في التواتر بين أن يكون عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبين أن يكون عن أهل بيته الطاهرين (عليهم السلام) بعد أن ثبت وجوب اتباعهم.
    وثانياً: أن ذهاب شرذمة إلى عدم كون البسملة من القرآن لشبهة لايضر بالتواتر، مع شهادة جمع كثير من الصحابة بكونها من القرآن، ودلالة الروايات المتواترة عليه معنى.
    وثالثاً: أنه قد تواتر أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقرأ البسملة حينما يقرأ سورة من القرآن وهو في مقام البيان، ولم يبين أنها ليست منه وهذا يدل دلالة قطعية على أن البسملة من القرآن. نعم لا يثبت بهذا أنها جزء من السورة. ويكفي لإثباته ما تقدم من الروايات، فضلاً عما سواها من الأخبار الكثيرة المروية من الطريقين. والجزئية تثبت بخبر الواحد الصحيح، ولا دليل على لزوم التواتر فيها أيضاً.....). انتهى. (راجع أيضاً: الخلاف للشيخ الطوسي:1/332، المعتبر للمحقق الحلي:2/179، تذكرة الفقهاء للعلامةالحلي:1/114، تفسير سورة الحمد للسيد محمد باقر الحكيم ص 139، وتفسير القرطبي:1/93)

    تعليق


    • تخبط المخالفين لأهل البيت (عليهم السلام) في الجهر بالبسملة!
      قال النووي في المجموع:3/342: (وفي كتاب الخلافيات للبيهقي عن جعفر بن محمد قال: اجتمع آل محمد (ص) على الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم.... وقال أبو جعفر محمد بن علي: لاينبغي الصلاة خلف من لايجهر بها)! انتهى.
      أقول: مادام ثبت عندكم إجماع أهل البيت على الجهر بها، واختلاف غيرهم فيها، فماذا تنتظرون؟! (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (سورة يونس: 35)
      وفي مبسوط السرخسي:1/15: (وكان مالك يقول لايأتي المصلي بالتسمية لاسراً ولا جهراً، لحديث عائشة أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يفتتح القراءة بالحمد لله رب العالمين....
      ولنا حديث أنس قال صليت خلف رسول الله (ص) وخلف أبي بكر وعمر فكانوا يفتتحون القرآن ببسم الله الرحمن الرحيم. وتأويل حديث عائشة أنه كان يخفي التسمية، وهو مذهبنا....
      وقال الشافعي يجهر بها الإمام في صلاة الجهر، وهو قول ابن عباس وأبي هريرة. وعن عمر فيه روايتان.
      واحتج بحديث أبي هريرة أن النبي (ص) كان يجهر بالتسمية ولما صلى معاوية بالمدينة ولم يجهر بالتسمية أنكروا عليه وقالوا
      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 494
      --------------------------------------------------------------------------------

      أسرقت من الصلاة أين التسمية؟! فدل أن الجهر بها كان معروفاً عندهم.

      ولنا حديث عبد الله بن المغفل عنه أنه سمع ابنه يجهر بالتسمية في الصلاة فنهاه عن ذلك فقال يا بني إياك والحدث في الاسلام فإني صليت خلف رسول الله (ص) وخلف أبي بكر وعمر فكانوا لايجهرون بالتسمية. وهكذا روي عن أنس).
      وقال النووي في المجموع:3/332: (ويجب أن يبتدئها ببسم الله الرحمن الرحيم فإنها آية منها، والدليل عليه ما روته أم سلمة أن النبي (ص) قرأ بسم الله الرحمن الرحيم فعدها آية، ولأن الصحابة أثبتوها فيما جمعوا من القرآن، فدل على أنها آية منها، فإن كان في صلاة يجهر فيها جهر بها كما يجهر بسائر الفاتحة، لما روى ابن عباس أن النبي (ص) جهر ببسم الله الرحمن الرحيم، ولأنها تقرأ على أنها آية من القرآن، بدليل أنها تقرأ بعد التعوذ، فكان سنتها الجهر كسائر الفاتحة). انتهى.

      * * *
      فهل رأيت منطق هؤلاء المساكين، العاملين في إنتاج الفقه التبريري للحكام، ومحاولاتهم البائسة في الإستدلال والتفسير؟!
      فالبسملة عندهم ليست من القرآن، ومن ينكر أنها آية من القرآن مسلم تام الإسلام!
      والبسملة قرآن حكماً! وظناً لا قطعاً! فمن أثبت قرآنيتها بنحو قطعي فهو كافر إذا كان من العلماء! ومن العوام فيه
      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 495
      --------------------------------------------------------------------------------

      اختلاف!!

      وقراءتها في الصلاة مكروهة سراً وجهراً، بل يجوز قراءتها سراً ويكره الجهر بها، بل يستحب الجهر بها! بل الأحوط عدم قراءتها!
      إلى آخر فتاواهم المتضاربة المتناقضة!!
      ومنشأ مصيبتهم: أن البسملة موجودة فعلاً في القرآن وهذا يحتاج إلى تفسير!
      وفيها أحاديث صحيحة أنها آية، وأحاديث صحيحة أنها ليست آية!
      فهي أحاديث متناقضة، منها عن أنس وحده ستة أحاديث ببضعة أشكال، فيجب مراعاة جميع هذه الأحاديث!
      والجهر بالبسملة مكروه عند قريش، فهو يحتاج إلى توجيه!
      وبعض الحكام قرأ بها، وبعضهم تركها، وبعضهم جهر بها، وبعضهم أخفاها، وبعضهم عمل بالشكلين!
      وعمل الجميع صحيح! يحتاج إلى فتوى تسنده!
      لذلك يرى هؤلاء الفقهاء الموظفون أنه لاطريق أمامهم إلا أن يتركوا منطق العقل، ويحلوا المعضلة بالجمع بين الضدين والنقيضين، بل بين الأضداد والنقائض! وكذلك فعلوا!!

      * * *

      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 496
      --------------------------------------------------------------------------------


      المســألة: 101
      أهل البيت (عليهم السلام) يخوضون معركة من أجل البسملة
      البسملة أعظم آية في القرآن، وسورة الحمد هي السبع المثاني

      في تفسير العياشي:1/21، عن الإمام الصادق (عليه السلام): (ما لهم قاتلهم الله عمدوا إلى أعظم آية في كتاب الله، فزعموا أنها بدعة إذا أظهروها، وهي بسم الله الرحمن الرحيم).
      وفي وسائل الشيعة (آل البيت):6/59: (عن الإمام الحسن العسكري، عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) قال: بسم الله الرحمن الرحيم آية من فاتحة الكتاب، وهي سبع آيات تمامها بسم الله الرحمن الرحيم....
      قيل لأمير المؤمنين (عليه السلام): أخبرنا عن بسم الله الرحمن الرحيم أهي من فاتحة الكتاب؟ قال فقال نعم كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقرؤها ويعدها آية منها ويقول: فاتحة الكتاب هي السبع المثاني).
      وفي معاني الأخبارص121: (وكان علي (عليه السلام) يؤم الناس ويجهر بالقراءة).
      وروى الكليني (قدس سره) في الكافي:8/58: خطبة بليغة لعلي (عليه السلام) بسند صحيح عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عثمان (بن عمر اليماني) عن سليم بن قيس الهلالي. يتحسر فيها الإمام (عليه السلام) لأنه لايمكنه أن يزيل التحريف الذي أحدثه الولاة في عقائد الإسلام وتشريعاته،ونحن نورد منها أكثر من الشاهد لفوائدها:
      قال الكليني (قدس سره) : (خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) فحمد الله
      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 497
      --------------------------------------------------------------------------------

      وأثنى عليه ثم صلى على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم قال: ألا إن أخوف ما أخاف عليكم خلتان: اتباع الهوى وطول الأمل، أما اتباع الهوى فيصد عن الحق، وأما طول الأمل فينسي الآخرة.... وإنما بدء وقوع الفتن من أهواء تتبع وأحكام تبتدع، يخالف فيها حكم الله يتولى فيها رجال رجالاً!

      ألا إن الحق لو خلص لم يكن اختلاف ولو أن الباطل خلص لم يخف على ذي حجى، لكنه يؤخذ من هذا ضغثٌ ومن هذا ضغث فيمزجان فيجللان معاً! فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه، ونجا الذين سبقت لهم من الله الحسنى.
      إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: كيف أنتم إذا لبستم فتنة يربو فيها الصغير ويهرم فيها الكبير، يجري الناس عليها ويتخذونها سنة فإذا غير منها شئ قيل قد غيرت السنة، وقد أتى الناس منكراً.
      ثم تشتد البلية، وتسبى الذرية، وتدقهم الفتنة كما تدق النار الحطب، وكما تدق الرحا بثفالها، ويتفقهون لغير الله، ويتعلمون لغير العمل، ويطلبون الدنيا بأعمال الآخرة.
      ثم أقبل بوجهه وحوله ناس من أهل بيته وخاصته وشيعته فقال:
      قد عملت الولاة قبلي أعمالاً خالفوا فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) متعمدين لخلافه ناقضين لعهده مغيرين لسنته! ولو حملت الناس على تركها وحولتها إلى مواضعها وإلى ما كانت في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لتفرق عني جندي، حتى أبقى وحدي أو في قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي وفرض إمامتي من كتاب الله عز وجل وسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)!!
      أرأيتم لو أمرت بمقام إبراهيم (عليه السلام) فرددته إلى الموضع الذي وضعه فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)،
      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 498
      --------------------------------------------------------------------------------

      ورددت فدك إلى ورثة فاطمة (عليها السلام) ورددت صاع رسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كما كان، وأمضيت قطائع أقطعها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأقوام لم تمض لهم ولم تنفذ! ورددت دار جعفر إلى ورثته وهدمتها من المسجد! ورددت قضايا من الجور قضي بها، ونزعت نساءً تحت رجال بغير حق فرددتهن إلى أزواجهن واستقبلت بهن الحكم في الفروج والأرحام، وسبيت ذراري بني تغلب، ورددت ما قسم من أرض خيبر، ومحوت دواوين العطايا وأعطيت كما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يعطي بالسوية ولم أجعلها دولة بين الأغنياء، وألقيت المساحة وسويت بين المناكح، وأنفذت خمس الرسول كما أنزل الله عز وجل وفرضه، ورددت مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ما كان عليه، وسددت ما فتح فيه من الأبواب وفتحت ماسد منه، وحرمت المسح على الخفين وحددت على النبيذ، وأمرت بإحلال المتعتين، وأمرت بالتكبير على الجنائز خمس تكبيرات، وألزمت الناس الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، وأخرجت من أدخل مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مسجده ممن كان رسول الله أخرجه، وأدخلت من أخرج بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ممن كان رسول الله أدخله، وحملت الناس على حكم القرآن وعلى الطلاق على السنة، وأخذت الصدقات على أصنافها وحدودها، ورددت الوضوء والغسل والصلاة إلى مواقيتها وشرائعها ومواضعها، ورددت أهل نجران إلى مواضعهم، ورددت سبايا فارس وسائر الأمم إلى كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم)، إذاً لتفرقوا عني!!

      والله لقد أمرت الناس أن لايجتمعوا في
      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 499
      --------------------------------------------------------------------------------

      شهر رمضان إلا في فريضة، وأعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة، فتنادى بعض أهل عسكري ممن يقاتل معي: يا أهل الإسلام غيرت سنة عمر، ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوعاً! ولقد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسكري!!

      ما لقيت من هذه الأمة من الفرقة وطاعة أئمة الضلالة، والدعاة إلى النار... مالقي أهل بيت نبي من أمته مالقينا بعد نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم)!والله المستعان على من ظلمنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم). انتهى.
      وشاهدنا من الخطبة قوله (عليه السلام): (وألزمت الناس الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم)، وأنه مما غيرته الولاة قبله!
      ويظهر من رواية الشافعي التالية أن أهل المدينة في زمن معاوية كانوا يجهرون بالبسملة عملاً بسنة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان جلهم من الأنصار ومن أهل البيت (عليهم السلام)، وقلَّ فيهم الطلقاء، لأنهم صاروا ولاة أو انتقلوا إلى الشام، ولذلك اعترض أهل المدينة على معاوية عندما صلى بهم ولم يقرأ البسملة، وقالوا له: (يامعاوية سرقت صلاتك! أين بسم الله الرحمن الرحيم؟!.... فصلى بهم صلاة أخرى فقال ذلك فيها، الذي عابوا عليه)!! (الأم للشافعي:1/129)
      وفي وسائل الشيعة (آل البيت):6/59: عن زكريا بن إدريس القمي قال سألت أبا الحسن الأول (عليه السلام) عن الرجل يصلي بقوم يكرهون أن يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم؟ فقال: لا
      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 500
      --------------------------------------------------------------------------------

      يجهر).

      وفي دعائم الاسلام:1/110: (وقال جعفر بن محمد صلوات الله عليه: التقية ديني ودين آبائي إلا في ثلاث: في شرب المسكر والمسح على الخفين وترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم).
      وفي عيون أخبار الرضا:1/196: في صفة صلاة الإمام الرضا (عليه السلام) قال إنه كان (يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في جميع صلاته بالليل والنهار).
      وفي الكافي:3/313: (عن يحيى بن أبي عمران الهمداني قال: كتبت إلى أبي جعفر (الإمام الجواد) (عليه السلام): جعلت فداك ما تقول في رجل ابتدأ ببسم الله الرحمن الرحيم في صلاته وحده في أم الكتاب، فلما صار إلى غير أم الكتاب من السورة تركها، فقال العباسي: ليس بذلك بأس؟ فكتب بخطه: يعيدها مرتين على رغم أنفه، يعني العباسي).

      * * *

      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 501
      --------------------------------------------------------------------------------


      الأسئلة على الفصل الخاص بالبسملة
      1 ـ هل البسملة من القرآن، أم هي زائدة للفصل بين السور؟
      2 ـ هل هي من القرآن على سبيل القطع، أو على سبيل الظن؟
      3 ـ هل هي جزء من سورة الحمد، أم لا؟
      4 ـ هل هي جزء من كل سورة، أم لا؟
      5 ـ هل تشرع قراءتها في الصلاة، أم لا؟
      6 ـ هل يجهر بها، أم لا؟ وهل توافقون على قول بعضهم كما في المجموع:3/343، أن الجهر بها منسوخ، وأنه لم يصح فيه حديث، وأنه بدعة؟
      7 ـ هل يدل حديث أبي هريرة عن النبي (ص) قال يقول الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين يقول الله تعالى حمدني عبدي... على أن البسملة ليست من القرآن؟!
      8 ـ ما رأيكم في قول ابن قدامة في المغني:1/522: (وروي عن أحمد أنها ليست من الفاتحة ولا آية من غيرها ولايجب قراءتها في الصلاة، وهي المنصورة عند أصحابه)؟
      9 ـ كيف تفسرون قوله تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) (سورة الحجر: 87) وما هي السبع المثاني؟

      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 502
      --------------------------------------------------------------------------------

      10 ـ هل تشترطون التواتر لإثبات آية من القرآن، وأين التواتر عندكم في البسملة والمعوذتين وآيات خزيمة التي زعم زيد بن ثابت أنها لم توجد عند غيره! وقد تقدم قول زيد في البخاري:8/177: (فتتبعت القرآن حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره)!

      11 ـ مادام ثبت عندكم إجماع أهل البيت (عليهم السلام) على الجهر بالبسملة، وان اختلف فيها، فلماذا لا تأخذون بما أجمع عليه بيت نبيكم (صلى الله عليه وآله وسلم) الذين أوصاكم باتباعهم مع القرآن فقال: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي؟!
      12 ـ ما رأيكم بقول الفخر الرازي في تفسيره:1/105بعد أن نقل رواية البيهقي الجهر بالبسملة عن عمر وابن عباس وابن عمر وابن الزبير، قال ما لفظه: (وأما أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يجهر بالتسمية فقد ثبت بالتواتر، ومن اقتدى في دينه بعلي بن أبي طالب فقد اهتدى. والدليل عليه قول رسول الله (ص): اللهم أدر الحق مع علي حيث دار)؟!
      13 ـ ما رأيكم في قول الفخر الرازي:1/106، عن روايات أنس المتناقضة في البسملة: (وأيضاً ففيها تهمة أخرى، وهي أن علياً كان يبالغ في الجهر بالتسمية، فلما وصلت الدولة إلى بني أمية بالغوا في المنع من الجهر بها سعياً في إبطال آثار علي)؟!

      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 503
      --------------------------------------------------------------------------------

      14 ـ بماذا تفسرون أصل مشكلة البسملة، واضطراب سلوك الحكام فيها، واختلاف الفقهاء وتضاد فتاواهم وتناقضها؟

      15 ـ ماقولكم في بدعة التراويح، وهل يجوز لأحد من الحكام المعاصرين أن يبتدع مثلها؟

      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 504
      --------------------------------------------------------------------------------


      الفصل الثاني عشر
      سورتا الحسن والحسين (عليهما السلام) وسورتا عمر!


      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 505
      --------------------------------------------------------------------------------

      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 506
      --------------------------------------------------------------------------------


      المســألة: 102
      زعمهم أن سورتي المعوذتين زائدتان، وليستا من القرآن!

      كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يهتم اهتماماً خاصاً بولديه الحسن والحسين (عليهما السلام) ويعوذهما بكلمات الله تعالى لدفع الحسد والشر عنهما، وكان يفعل ذلك عمداً أمام الناس لتركيز مكانتهما في الأمة، والتأكيد على أنهما بقيته وسبطاه وامتداده في الأمة، كما كان إسحاق وإسماعيل بقية إبراهيم وامتداده (عليهم السلام)!
      وبعد نزول المعوذتين كان يعوذهما بهما دائماً!
      فهذا كل ذنب المعوذتين عندهم، الذي حاولوا لأجله حذفهما من القرآن، ووضعوا ذلك في رقبة عبد الله بن مسعود وأبيّ بن كعب!
      روى أحمد:5/130: (عن زر قال قلت لأبيّ: إن أخاك يحكهما من المصحف فلم ينكر! قيل لسفيان: ابن مسعود؟! قال: نعم، وليسا في مصحف ابن مسعود. كان يرى رسول الله (ص) يعوذ بهما الحسن والحسين ولم يسمعه يقرؤهما في شئ من صلاته فظن أنهما عوذتان وأصر على ظنه، وتحقق الباقون كونهما من القرآن فأودعوهما إياه).
      وروى نحوه ابن ماجة لكنه لم يذكر الحسن والحسين، قال في:2/1161: (عن أبي سعيد قال: كان رسول الله (ص) يتعوذ من عين الجان ثم أعين الإنس، فلما نزل المعوذتان أخذ بهما وترك ما سوى ذلك). (ورواه الترمذي:3/267 وكنز العمال: 7/77). ورواه في كنز العمال:2/261و:10
      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 507
      --------------------------------------------------------------------------------

      /108، عن عمر بن الخطاب، قال: (إن النبي (ص) كان يعوذ حسناً وحسيناً يقول: أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة). انتهى.

      أما البخاري فروى تعويذ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للحسنين (عليه السلام) بغير المعوذتين، قال في:4/119: (عن ابن عباس قال:كان النبي (ص) يعوذ الحسن والحسين ويقول: إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة). (ونحوه ابن ماجة:2/1165، وأبو داود:2/421، والترمذي:3/267، وأحمد:1/236 و270، والحاكم:3/167و:4/416وقال في الموردين: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه).
      ورواه البخاري بعدة روايات عن عائشة لكنها لم تسم الحسنين (عليهما السلام)!! قال في:7/24: (عن مسروق عن عائشة أن النبي (ص) كان يعوذ بعض أهله يمسح بيده اليمنى ويقول: الله رب الناس أذهب الباس واشفه وأنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً).
      وفي:7/26: (قالت: كان النبي (ص) يعوذ بعضهم يمسحه بيمينه... أذهب الباس رب الناس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقماً). (ونحوه أحمد: و6/44 و45.. إلخ).
      ورواه مجمع الزوائد:5/113،بعدة روايات، في إحداها تفضيل جميل عن عبد الله بن مسعود قال: (كنا جلوساً مع رسول الله (ص) إذ مر به الحسين والحسن وهما صبيان فقال: هاتوا ابنيَّ أعوذهما مما عوذ به إبراهيم ابنيه إسماعيل وإسحاق، قال: أعيذكما بكلمات الله التامة من كل عين لامة ومن كل شيطان وهامة. رواه الطبراني وفيه محمد بن ذكوان وثقه شعبة وابن حبان وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات).

      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 508
      --------------------------------------------------------------------------------

      انتهى.

      وبهذا العمل النبوي المكرر ارتبطت المعوذتان في أذهان جيل الصحابة بالحسنين (عليهما السلام)، وسرى إليهما منهما الحب أو الحسد!!
      ولهذا السبب العجيب حاول بعضهم حذفهما من القرآن وأن يضع بدلهما سورتي الحفد والخلع! وكان يقرأ بهما عمر في صلاته!

      روايات مصادر السنة ما بين مثبت لقرآنية المعوذتين ومشكك!
      وعمدة الروايات المثبتة عن عقبة بن عامر الجهني، وقد رواها البيهقي عنه في سننه:2/394 بشكل مهزوز قال: (كنت أقود برسول الله (ص) ناقته فقال لي: يا عقبة ألا أعلمك خير سورتين قرئتا؟ قلت: بلى يا رسول الله. فأقرأني قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس. فلم يرني أعجب بهما فصلى بالناس الغداة فقرأ بهما، فقال لي: يا عقبة كيف رأيت؟ كذا قال العلاء بن كثير. وقال ابن وهب عن معاوية عن العلاء بن الحارث وهو أصح.
      ثم رواه برواية أخرى جاء فيها: فلم يرني سررت بهما جداً...
      ثم رواه برواية أخرى تدل على أن عقبة هو الذي سأل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عنهما، وأن النبي أراد تأكيد أنهما من القرآن فصلى بهما: (عن عقبة بن عامر أنه سأل رسول الله (ص) عن المعوذتين، فأمهم بهما رسول الله (ص) في صلاة الفجر). انتهى.
      لكن رواها عنه مسلم:2/200، بشكل قوي فقال: (عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله
      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 509
      --------------------------------------------------------------------------------

      (ص): ألم تر آيات أنزلت الليلة، لم ير مثلهن قط، قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس.....قال لي رسول الله (ص): أنزل أو أنزلت علي آيات لم ير مثلهن قط، المعوذتين).

      ورواها الترمذي: 5/122 و: 4/244 وقال في الموردين: (هذا حديث حسن صحيح، ثم روى عن عقبة: أمرني رسول الله (ص) أن أقرأ بالمعوذتين في دبر كل صلاة. وقال هذا حديث حسن غريب).
      وروى الهيثمي في مجمع الزوائد:7/148، عدة روايات في إثبات أن المعوذتين من القرآن.
      وقال الشافعي في الأم:7/199: (عن عبد الرحمن بن يزيد قال: رأيت عبد الله يحك المعوذتين من المصحف ويقول لاتخلطوا به ما ليس منه. ثم قال عبد الرحمن: وهم يروون عن النبي (ص) أنه قرأ بهما في صلاة الصبح. وهما مكتوبتان في المصحف الذي جمع على عهد أبي بكر ثم كان عند عمر ثم عند حفصة ثم جمع عثمان عليه الناس، وهما من كتاب الله عز وجل، وأنا أحب أن أقرأ بهما في صلاتي). انتهى. وهو يدل على أن الراوي أزدي شامي صدق مقولة العوام في جمع القرآن ثلاث مرات! أما شهادته بأنه رأى ابن مسعود أو روى عنه فهي محل شك!
      قال البخاري عنه في تاريخه:5/365: (1155: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الأزدي الشامي، سمع مكحولاً وبشر بن عبيد الله وأبا طعمة، سمع منه ابن المبارك، قال حماد ابن مالك: مات سنة اربع وخمسين. قال ابراهيم بن موسى: سمعت عيسى بن
      --------------------------------------------------------------------------------
      الصفحة 510
      --------------------------------------------------------------------------------

      يونس ذكر سعيد بن عبد العزيز فذكر خيراً ولم يكن عبد الرحمن بن يزيد من أجلاسها. قال الوليد: كان عند عبد الرحمن كتاب سمعه وكتاب آخر لم يسمعه. قال يحيى بن بكير: مات سنة ثلاث وخمسين ومائة).


      لماذا اقتصر البخاري في صحيحه على روايات التشكيك؟!
      اختار البخاري أن يقف في صف المشككين في المعوذتين! فقد كان روى رواية عقبة في تاريخه الكبير:3/353، ثم تراجع عن روايتها في صحيحه فقد عقد عنوانين للمعوذتين لكنه اكتفى بروايات التشكيك المتزلزلة التي رووها عن أبيّ بن كعب دون غيرها!! مع أنه ألف تاريخه قبل صحيحه كما في تذكرة الحفاظ: 2/555!
      قال في صحيحه: 6/96: (سورة قل أعوذ برب الفلق... عن زر بن حبيش قال: سألت أبيَّ بن كعب عن المعوذتين. فقال: سألت رسول الله (ص) فقال: قيل لي فقلت. فنحن نقول كما قال رسول الله (ص)... سورة قل أعوذ برب الناس... وحدثنا عاصم عن زر قال: سألت أبي بن كعب: قلت أبا المنذر إن أخاك ابن مسعود يقول كذا وكذا. فقال أبيّ: سألت رسول الله (ص) فقال لي: قيل لي فقلت! قال: فنحن نقول كما قال رسول الله (ص))!!. انتهى.
      وبذلك يكون البخاري متوقفاً في أن المعوذتين من القرآن، لإعراضه عن رواية الجهني التي رواها في تاريخه!!

      تعليق


      • فإن قلت: توجد مواضع متعددة من صحيح البخاري صرح فيها عند ذكر بعض الآيات من
        هاتين السورتين بقوله: قال تعالى.. وهذا يؤكد أنه يرى أنهما من القرآن. فقد قال في كتاب القدر: (وقوله تعالى: قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق). وقال في كتاب الطب: (باب السحر وقول الله تعالى: ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر.... وقوله تعالى: ومن شر حاسد إذا حسد. وقال في كتاب التوحيد: باب قول الله تعالى: ملك الناس.

        فالجواب: أن البخاري يعرف الإختلاف في أن المعوذتين هل هما من القرآن أم زائدتان؟! ومع ذلك تعمد أن يروي رواية التشكيك في المعوذتين فقط ويترك الروايات التي تثبت أنهما من القرآن! فلماذا ترك أحاديث صحيحة على شرطه، وقد روى بعضها الحاكم؟!
        فما ذكره البخاري من كلمات ظاهرها أنه يعتقد بقرآنية المعوذتين، يزيد الإشكال عليه: بأنك لماذا عندما وصلت إلى الأحاديث التي تثبت أنهما من القرآن، وعمدتها عندك وعند أستاذك ابن خزيمة حديث الجهني.. لم تروِ شيئاً منها! ورويت بدلها الأحاديث التي تقول بأنهما وحيٌ علمه جبريل للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليتعوذ بهما ويعوذ الحسنين (عليهما السلام)، ولكن جبرئيل لم يقل له إنهما من القرآن؟!
        فالذي فعله البخاري أنه اقتصر على هذه الروايات النافية لجزئيتهما، مع علمه بوجود أحاديث صحيحة تثبت جزئيتهما؟!
        وهل لايفهم البخاري أن أقل تشكيك في جزئية سورة من القرآن نفيٌ لقرآنيتها لأن
        --------------------------------------------------------------------------------
        الصفحة 512
        --------------------------------------------------------------------------------

        القرآن لايثبت بالظن والإحتمال، بل لابد من اليقين؟!!

        ألم يدرس عند أستاذه ابن خزيمة ما رواه في صحيحه:1/266: (باب قراءة المعوذتين في الصلاة ضد قول من زعم أن المعوذتين ليستا من القرآن.. أخبرنا...) وأورد الرواية التي تركها البخاري!!!
        وقال ابن نجيم المصري في البحر الرائق:2/68: (وما وقع في السنن وغيرها من زيادة المعوذتين أنكرها الإمام أحمد وابن معين، ولم يخترها أكثر أهل العلم، كما ذكره الترمذي. كذا في شرح منية المصلي). انتهى.
        فمن هم الذين زعموا إن المعوذتين ليستا من القرآن عند ابن خزيمة؟ هل هم الشيعة؟! وما هي السنن التي تقول بزيادة المعوذتين إلا روايات البخاري التي رواها هو وغيره؟! ولكن الفرق أن غيره روى معها ما يثبت أنهما من القرآن، بينما هو اقتصر على رواية التشكيك!!
        ثم لوكان القول بزيادتهما لا وجود له، فلماذا احتاج إمامكم أحمد بن حنبل أن يرده؟! وهل هذا القول إلا ما رواه البخاري؟!
        فالصحيح أن البخاري وقع في تناقض حيث ظهر من بعض كلامه أنه يقول بجزئية المعوذتين من القرآن، بينما اقتصر في روايته على ما تمسك به النافون لجزئيتهما! وهذه المسألة واضحة عند فقهائهم حيث اختلفوا في كفر من سخر بآيات المعوذتين!
        قال ابن نجيم في البحر الرائق:5/205:

        --------------------------------------------------------------------------------
        الصفحة 513
        --------------------------------------------------------------------------------

        (ويكفر إذا أنكر آية من القرآن أو سخر بآية منه إلا المعوذتين ففي إنكارهما اختلاف، والصحيح كفره، وقيل لا، وقيل إن كان عامياًّ يكفر، وإن كان عالماً: لا).

        فمن هم هؤلاء الذين قالوا (لايكفر من سخر بآياتهما) لأنهما لم تثبت قرآنيتهما، هل هم الشيعة؟!!

        * * *

        --------------------------------------------------------------------------------
        الصفحة 514
        --------------------------------------------------------------------------------


        الأسئلة
        1 ـ ماذا تفهمون من حديث البخاري في تعويذ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للحسن والحسين (عليهما السلام) ونصه على أنه كتعويذ إبراهيم لإسماعيل وإسحاق؟قال في:4/119: (عن ابن عباس قال:كان النبي (ص) يعوذ الحسن والحسين ويقول: إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة)؟!
        2 ـ ماذا تفهمون من رواية عائشة لتعويذ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للحسن والحسين (عليهما السلام) وعدم ذكرها اسمهما، بل قالت (يعوذ بعض أهله، يعوذ بعضهم) البخاري:7/24و26؟!
        3 ـ إذا كان الحديث الذي يثبت أن المعوذتين من القرآن هو حديث الجهني فقط، فأين التواتر الذي تحتاجونه لإثبات قرآنيتهما؟!
        4 ـ بماذ تفسرون اقتصار البخاري على روايات التشكيك في قرآنية المعوذتين، وهي صحيحة على مبناه وعند أستاذه؟!!
        5 ـ لماذا كانت قراءة المعوذتين في الصلاة أمراً مستنكراً عند أتباع الخلافة وأن أول من جهر بقراءتهما عبيد الله بن زياد بعد نحو أربعين سنة من وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟! قال ابن أبي شيبة في المصنف: 7/216: (عن مغيرة عن إبراهيم قال: أول من جهر بالمعوذتين في الصلاة عبيد الله بن زياد). انتهى.
        فهل جاء هذا العرف عند عامة الناس،
        --------------------------------------------------------------------------------
        الصفحة 515
        --------------------------------------------------------------------------------

        إلا من القول بزيادتهما، أو التشكيك فيهما، فمن هو المشكك؟!

        6 ـ مارأيكم في فتوى البخاري وابن حبان وغيرهما الذين جوزوا أن يضم المصلي إلى قراءة المعوذتين سورة أخرى، لأنهما مشكوك في قرآنيتهما!! قال ابن حبان في صحيحه:6/201: (ذكر الإباحة للمرء أن يضم قراءة المعوذتين إلى قراءة قل هو الله أحد في وتره)؟!!
        7 ـ ما رأيكم في قول الرازي في المحصول:4/480: (أنكر ابن مسعود كون المعوذتين من القرآن، فكأنه ما شاهد قراءة الرسول (ص) لهما ولم يهتدِ إلى ما فيهما من فصاحة المعجزة، أو لم يصدق جماعة الأمة في كونهما من القرآن. فإن كانت تلك الجماعة ليست حجة عليه فأولى أن لا تكون حجة علينا، فنحن معذورون في أن لا نقبل قولهم).؟!!
        8 ـ ما رأيكم في قول النووي في شرح المهذب: (أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة من القرآن وأن من جحد منهما شيئاً كفر وما نقل عن ابن مسعود باطل ليس بصحيح، ففيه نظر.
        وقول الفخر الرازي في أوائل تفسيره: الأغلب على الظن أن هذا النقل عن ابن مسعود كذب باطل والطعن في الروايات الصحيحة بغير مستند لايقبل، بل الرواية صحيحة والتأويل محتمل والإجماع الذي نقله أم أراد شموله لكل عصر، فهو مخدوش وإن أراد استقراره فهو مقبول).؟!! (فتح الباري: 8/571)
        --------------------------------------------------------------------------------
        الصفحة 516
        --------------------------------------------------------------------------------

        9 ـ هل تقولون بكفر منكر المعوذتين ومانع الزكاة؟ وهل توافقون على قول ابن الصباغ في الكلام: (وإنما قاتلهم أبو بكر على منع الزكاة، ولم يقل إنهم كفروا بذلك وإنما لم يكفروا لأن الإجماع لم يكن استقر، قال: ونحن الآن نكفر من جحدها! قال: وكذلك مانقل عن ابن مسعود في المعوذتين يعني أنه لم يثبت عنده القطع بذلك ثم حصل الإتفاق بعد ذلك)؟!! (فتح الباري: 8/572)

        تعليق



        • تعليق


          • تعليق


            • سورتا الحفد والخلع بدل المعوذتين، كان يصلي بهما عمر!
              ترتبط قصة سورتي الحفد والخلع المزعومتين بعملهم لحذف سورتي المعوذتين من جهة، وحذف قنوت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ودعائه على زعماء قريش من جهة أخرى!

              لعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) زعماء قريش في صلاته!
              كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقنت في صلاته ويدعو على فراعنة قريش ويسميهم بأسمائهم ويلعنهم، ومنهم أبو سفيان، وسهيل بن عمر، والحارث بن هشام، وصفوان بن أمية، وبعض زعماء قبائل العرب! واستمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في ذلك حتى بعد فتح مكة وإعلانهم إسلامهم تحت السيف، وكان ذلك من أصعب الأمور عليهم!
              ففي صحيح مسلم:2/134، عن أبي هريرة: (كان رسول الله (ص) يقول حين يفرغ من صلاة الفجر من القراءة ويكبر ويرفع رأسه سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، ثم يقول وهو
              --------------------------------------------------------------------------------
              الصفحة 517
              --------------------------------------------------------------------------------

              قائم: اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين. اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم كسني يوسف اللهم العن لحيان ورعلاً وذكوان وعصية عصت الله ورسوله)

              ثم قال أبو هريرة: ثم بلغنا أنه ترك ذلك لما أنزل: لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ). انتهى.
              ولكن كلام أبي هريرة الأخير كان مداراة للسلطة القرشية، لأن مسلماً نفسه روى عنه بعد ذلك أنه قال: (والله لأقربن بكم صلاة رسول الله (ص) فكان أبو هريرة يقنت في الظهر والعشاء الآخرة وصلاة الصبح، ويدعو للمؤمنين ويلعن الكفار). انتهى.
              وقد بادرت السلطة القرشية بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لمعالجة هذه المشكلة حيث أن عدداً من الملعونين على لسان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبناءهم الطلقاء كانوا موجودين في المدينة، وبثقلهم استطاع عمر أن ينتزع الخلافة من بني هاشم والأنصار! فقد ورد أن عدد الذين كان أرسلهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) منهم في جيش أسامة تسع مئة مقاتل!

              * * *
              وقد عالجوا مشكلة الملعونين بعدة معالجات:
              منها، أنهم رووا أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) اعترف بخطئه، ودعا الله تعالى أن يجعل لعنه لهم (صلاة وقربة، زكاة وأجراً، زكاة ورحمة، كفارة له يوم القيامة، صلاة وزكاة وقربة تقربه بها يوم القيامة، مغفرة وعافية وكذا وكذا.. بركة ورحمة ومغفرة
              --------------------------------------------------------------------------------
              الصفحة 518
              --------------------------------------------------------------------------------

              وصلاة فإنهم أهلي) على حد تعبير الروايات! فقد روى البخاري:7/157 (عن أبي هريرة أنه سمع النبي (ص) يقول: اللهم فأيما مؤمن سببته فاجعل ذلك له قربة إليك يوم القيامة). وروى مسلم: 8/26 عن أبي هريرة أيضاً (سمعت رسول الله (ص) يقول: اللهم إنما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر، وإني قد اتخذت عندك عهداً لن تخلفنيه، فأيما مؤمن آذيته أو سببته أو جلدته فاجعلها له كفارة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة). وروى مسلم سبع روايات أخرى. وروت مصادرهم عشرات الروايات من نوعها!

              ومنها، زعمهم أن الله تعالى أنزل عليه توبيخاً لذلك بقوله تعالى: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَئٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ) (سورة آل عمران: 128) فإنك تجد الروايات في تفسيرهم لها من كل حدب وصوب في تخطئته (صلى الله عليه وآله وسلم) وتوبيخه لأنه دعا بأمر ربه على طغاة قريش ولعنهم! وكأنهم وجدوا ضالتهم من القرآن ضد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)!!
              فقد عقد البخاري لها أربعة أبواب! روى فيهاكيف رد الله تعالى دعاء نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) عليهم ومنعه من لعنهم! ولم يسم في أكثر رواياته الملعونين المحترمين حفظاً على (كرامتهم)!
              قال في:5/35: (عن سالم عن أبيه أنه سمع رسول الله (ص) إذا رفع رأسه من الركوع من الركعة الأخيرة من الفجر يقول اللهم العن فلاناً وفلاناً وفلاناً بعد ما يقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، فأنزل الله عزوجل: ليس لك من الأمر شئ الى قوله فإنهم ظالمون). انتهى.
              وفي:5/35: (كان رسول الله (ص) يدعو على
              --------------------------------------------------------------------------------
              الصفحة 519
              --------------------------------------------------------------------------------

              صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو والحرث بن هشام فنزلت: ليس لك من الأمر شئ إلى قوله فإنهم ظالمون) انتهى.

              ونتيجة رواياتهم: أن الآية نزلت عدة مرات، من أجل عدة أشخاص أو فئات، وفي أوقات متفاوتة، فبلغت أسباب نزولها العشرين مناسبة متناقضة في الزمان والمكان والأشخاص الملعونين!!
              ومنها، أن جبرئيل جاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يقنت ويلعنهم في صلاته، فقطع عليه قنوته وصلاته ووبخه وعلمه بدل اللعن (سورتي الحفد والخلع)!!
              قال البيهقي في سننه:2/210: (عن خالد بن أبي عمران قال: بينا رسول الله (ص) يدعو على مضر (يعني قريش) إذ جاءه جبرئيل فأومأ إليه أن اسكت فسكت، فقال: يا محمد إن الله لم يبعثك سَبَّاباً ولا لَعَّاناً! وإنما بعثك رحمة ولم يبعثك عذاباً، ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون. ثم علمه هذا القنوت: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونخضع لك ونخلع ونترك من يكفرك.
              اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد ونرجو رحمتك ونخشى عذابك ونخاف عذابك الجد، إن عذابك بالكافرين ملحق).
              ثم قال البيهقي: (هذا مرسل وقد روي عن عمر بن الخطاب صحيحاً موصولاً. ثم روى أن عمر قنت بعد الركوع فلعن كفرة أهل الكتاب! وقال:
              بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك.

              --------------------------------------------------------------------------------
              الصفحة 520
              --------------------------------------------------------------------------------

              بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد ولك نسعى ونحفد ونخشى عذابك الجد ونرجو رحمتك، إن عذابك بالكافرين ملحق. رواه أبو سعيد بن عبد الرحمن ابن أبزى عن أبيه عن عمر فخالف هذا في بعضه). انتهى.

              وكرره في روايات متعددة، ليس أكثر منها إلا روايات السيوطي في الدر المنثور: 6/420، تحت عنوان: (ذكر ما ورد في سورة الخلع وسورة الحفد).
              ثم أفتى فقهاؤهم باستحباب ذلك شرعاً ففي فتح العزيز:4/250: (واستحب الأئمة منهم صاحب التلخيص أن يضيف إليه (القنوت) ما روي عن عمر)! وأفتى به مالك في المدونة:1/103، والشافعي في الأم:7/148، والنووي في المجموع:3/493، وأوردوا رواية البيهقي وقنوت عمر.
              ومن الطبيعي أن تكون هاتان (السورتان) موجودتين في مصحف عمر الذي كان عند حفصة! الذي أحرقه مروان ولم ينشر والحمد لله.

              ابن حزم يتجرأ ويفضح سورتي عمر!
              وقد تجرأ ابن حزم وأفتى بأن (السورتين) من كلام عمر وليست مأثورة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)!! قال في المحلى:4/148: (وقد جاء عن عمر القنوت بغير هذا، والمسند أحب إلينا. فإن قيل: لايقوله عمر إلا وهو عنده عن النبي (ص). قلنا لهم: المقطوع في الرواية على أنه عن
              --------------------------------------------------------------------------------
              الصفحة 521
              --------------------------------------------------------------------------------

              النبي (ص) أولى من المنسوب إليه عليه السلام بالظن الذي نهى الله تعالى عنه ورسوله عليه السلام.

              فإن قلتم ليس ظناً، فأدخلوا في حديثكم أنه مسند فقولوا: عن عمر عن النبي (ص)! فان فعلتم كذبتم، وإن أبيتم حققتم أنه منكم قولٌ على رسول الله (ص) بالظن الذي قال الله تعالى فيه إن الظن لا يغني من الحق شيئاً).
              وقال في:3/91: (ويدعو المصلي في صلاته في سجوده وقيامه وجلوسه بما أحب، مما ليس معصية، ويسمي في دعائه من أحب. وقد دعا رسول الله (ص) على عصية ورعل وذكوان، ودعا للوليد بن الوليد وعياش بن أبي ربيعة وسلمة بن هشام، يسميهم بأسمائهم، وما نهى عليه السلام قط عن هذا ولا نُهِيَ هو عنه) انتهى.
              وكلامه الأخير ضربة قوية لسورتي الحفد والخلع، وتكذيب لحديث الشافعي والبيهقي: (يا محمد إن الله لم يبعثك سباباً ولا لعاناً)!

              ونسبوا حفد عمر وخلعه إلى أبيّ بن كعب!
              بهذا التوضح الموجز تعرف أن سورتي الحفد والخلع عمريتان قرشيتان، ولا علاقة لهما بالأنصار ولا بأبيّ بن كعب!
              وأن كل رواية تنسبهما إليه فهي لاستغلال اسمه في تسويقهما! من نوع ما رواه في الدر المنثور: 6/420، عن حماد قال: (قرأنا في مصحف أبيّ بن كعب: اللهم إنا نستعينك وتستغفرك ونثني عليك الخير ولا
              --------------------------------------------------------------------------------
              الصفحة 522
              --------------------------------------------------------------------------------

              نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك. قال حماد: هذه الآية سورة!!

              وفي مصحف ابن عباس قراءه أبيٍّ وأبي موسى: بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك. وفي مصحف حجر: اللهم إنا نستعينك. وفي مصحف ابن عباس قراءة أبيّ وأبي موسى: اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد، نخشى عذابك ونرجو رحمتك إن عذابك بالكفار ملحق). انتهى.
              فإن أرادوا نسبتها إلى أبيٍّ نفسه، فقد عرفت ما فيه.
              وإن أرادوا نسبتها إلى مصحفه، فإن ابنه محمداً سلمه إلى عثمان عندما وحد المصحف، ولم يكن عند أحد.

              * * *

              --------------------------------------------------------------------------------
              الصفحة 523
              --------------------------------------------------------------------------------


              الأسئلة
              1 ـ معنى اللعن الطرد من رحمة الله تعالى، فهل تتصورون أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يلعن أحداً من عنده بدون إذن الله تعالى أو أمره؟
              2 ـ هل تنسبون إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما نسبه مسلم إليه من أنه كان يؤذي ويسب ويضرب ظلماً بدون حق؟ (صحيح مسلم: 8/26عن أبي هريرة: سمعت رسول الله (ص) يقول: اللهم إنما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر، وإني قد اتخذت عندك عهداً لن تخلفنيه، فأيما مؤمن آذيته أو سببته أو جلدته فاجعلها له كفارة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة).؟!!
              3 ـ هل تقبلون أسباب النزول المتناقضة التي روتها صحاحكم في سبب نزول قوله تعالى: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَئٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ)؟!
              4 ـ هل تقبلون رواية البيهقي في نزول جبرئيل وتوبيخ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقطع صلاته، أم توافقون على كلام ابن حزم؟!
              5 ـ هل تقبلون نسبة سورتي الحفد والخلع إلى أبيّ بن كعب؟!
              6 ـ هل تفتون باستحباب القنوت بسورتي عمر؟!

              تعليق





              • تعليق


                • إفتحوا مصاحفكم وصححوها.. أو ارفضوا البخاري وعمر!
                  وقف عمر بن الخطاب في وجه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ورفض أن يكتب وصيته لأمته لكي يؤمنها من الضلال! فقال عمر (كتاب الله حسبنا)!
                  فوقفتم معه وصحتم في وجه نبيكم: (القول ما قاله عمر)!!
                  ووقف عمر في السقيفة وقال نحن قبائل قريش، ومحمد قرشي، فمن ذا ينازعنا سلطان محمد؟! فوقفتم معه!!
                  وهاجم عمر بيت علي وفاطمة (عليهما السلام) وأحضر الحطب وأشعله في باب الدار، وهددهم إن لم يخرجوا ويبايعوا أن يحرق عليهم البيت بمن فيه! وفيه علي وفاطمة والحسن والحسين وعدد من كبار المهاجرين والأنصار وقفوا إلى جانب أهل البيت!
                  فوقفتم مع عمر، وقلتم ما فعله هو الحق!
                  ثم أخذتم من عمر كل دينكم، وأطعتموه فيما قال وفيما فعل، بل جعلتموه أساس دينكم فتوليتم من والاه وعاديتم من رفضه وعاداه!
                  فما لكم تخذلونه في آيات من كتاب الله بيَّنها لكم، وكان يقرؤها في صلاته وغير صلاته؟!
                  فمن الآن توبوا عن مخالفة إمامكم، وليفتح كل منكم مصحفه ويصححه حسب قراءة عمر:
                  صححوا هذه الآية في سورة الجمعة:
                  قال البخاري في صحيحه:6/63: (قوله: وَآخَرِينَ
                  --------------------------------------------------------------------------------
                  الصفحة 527
                  --------------------------------------------------------------------------------

                  مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ، وقرأ عمر: فامضوا إلى ذكر الله).

                  وروى ابن شبة في تاريخ المدينة:2/711: (عن إبراهيم عن خرشة بن الحر قال: رأى معي عمر بن الخطاب لوحاً مكتوباً فيه: إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله، فقال: من أملى عليك هذا؟ قلت أبي بن كعب، فقال إن أبياً كان أقرأنا للمنسوخ، إقرأها: فامضوا إلى ذكر الله!). (ورواه البيهقي في سننه:3/227 والسيوطي في الدر المنثور:6/219) وصححوا آيتين في سورة الحمد:
                  قال السيوطي في الدر المنثور:1/15: (أخرج وكيع وأبو عبيد وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي داود وابن الأنباري كلاهما في المصاحف من طرق، عن عمر بن الخطاب أنه كان يقرأ: سراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين). (ورواه البغوي في معالم التنزيل:1/42 والراغب في المحاضرات:2/ 199 وابن جزي في التسهيل، وغيرهم.. وغيرهم).
                  وفي تفسير ابن كثير:1/31: (ولهذا روى أبو عبد القاسم بن سلام في كتاب فضائل القرآن عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود ن عن عمر بن الخطاب أنه كان يقرأ: غير المغضوب عليهم وغير الضالين. وهذا إسناد صحيح).
                  وفي فتح الباري:8/122: (ويؤيده قراءة عمر: غير المغضوب عليهم وغير الضالين. ذكرها أبو عبيد وسعيد بن منصور بإسناد صحيح).
                  وصححوا ثلاث آيات في سورة البقرة وآل عمران وطه:
                  قال البخاري:6/72 (كما قرأ عمر: الحي
                  --------------------------------------------------------------------------------
                  الصفحة 528
                  --------------------------------------------------------------------------------

                  القيام، وهي من قمت). وفي:8/18، دافع عن عمر بأن معنى القيام نفس معنى القيوم!

                  وفي فتح الباري:8/510: (قوله كما قرأ عمر الحي القيام.. وقد أخرج أبو عبيدة في فضائل القرآن من طريق يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه عن عمر أنه صلى العشاء الآخرة فاستفتح آل عمران فقرأ الله لا إله إلا هو الحي القيام، وأخرج بن أبي داود في المصاحف من طرق عن عمر أنه قرأها كذلك).
                  وصححوا آية في سورة النازعات:
                  وهي قوله تعالى: (أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَخِرَةً) فاكتبوها (ناخرة) بالألف!
                  قال السيوطي في الدر المنثور:6/312: (وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن عمر بن الخطاب أنه كان يقرأ: أئذا كنا عظاماً ناخرة، بألف). (وكذلك في كنز العمال:2/591) وفي تاريخ ابن معين:2/121: (سمعت يحيى بن معين يقول: حدثنا غندر، عن شعبة، عن سفيان، عن الأعمش، عن زيد بن معاوية عن ابن عمر أنه قرأ عظاماً ناخرة) وفي مجمع الزوائد:7/133 (عن ابن عمر أنه كان يقرأ هذا الحرف: أئذا كنا عظاماً ناخرة.

                  --------------------------------------------------------------------------------
                  الصفحة 529
                  --------------------------------------------------------------------------------


                  الأسئلة
                  1 ـ ماذا تختارون: تصحيح المصاحف، أو تخطئة البخاري وعمر؟!
                  2- ما رأيكم في قول عمر وما روي عن ابن مسعود أن معنى فاسعوا إلى ذكر الله، أي فاركضوا ركضاً! ففي مجمع الزوائد:7/124 (عن إبراهيم قال قال عبد الله بن مسعود... لو قرأتها فاسعوا سعيت حتى يسقط ردائي! وكان يقرؤها فامضوا. رواه الطبراني وإبراهيم لم يدرك ابن مسعود ورجاله ثقات)!!
                  3 ـ ما رأيكم في فتوى القرطبي بأنه يجوز جحد قراءات عمر؟!
                  قال في تفسيره:1/83: (ومما يحكون عن عمر بن الخطاب أنه قرأ: غير المغضوب عليهم وغير الضالين، مع نظائر لهذه الحروف كثيرة لم ينقلها أهل العلم على أن الصلاه بها تحل، ولا على أنها معارض بها مصحف عثمان، لأنها حروف لوجحدها جاحد أنها من القرآن لم يكن كافراً، والقرآن الذي جمعه عثمان بموافقة الصحابة له لو أنكر بعضه منكر كان كافراً، حكمه حكم المرتد يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه).
                  4 ـ ما رأيكم في ترجيح من رجح قراءة عمر على المصحف الموجود، وفي تخطئة ابن حجر لعمر؟
                  في فتح الباري:8/530: (قال أبو عبيدة في قوله تعالى (عظاما نخرة): ناخرة ونخرة سواء، وقال الفراء مثله، قال وهما
                  --------------------------------------------------------------------------------
                  الصفحة 530
                  --------------------------------------------------------------------------------

                  قراءاتان أجودهما ناخرة. ثم أسند عن ابن الزبير أنه قال على المنبر ما بال صبيان يقرءون نخرة إنما هي ناخرة.

                  قلت قرأها نخرة بغير ألف جمهور القراء وبالألف الكوفيون لكن بخلف عن عاصم.
                  تنبيه: قوله والباخل والبخيل. في رواية الكشميهني بالنون والحاء المهملة فيهما، وبغيره بالموحدة والمعجمة، وهو الصواب.وهذا الذي ذكره الفراء قال هو بمعنى الطامع والطمع والباخل والبخل. وقوله سواء أي في أصل المعنى وإلا ففي نخرة مبالغة ليست في ناخرة). انتهى.
                  5 ـ لو أنصفتم لرأيتم أن المشكلة ليست هذه القراءات العمرية فقط، بل الكثير غيرها أيضاً من آراء عمر وشهاداته في الآيات وقراءاته!
                  فماذا تصنعون عندما يثبت لكم قول أو فعل لعمر يخالف القرآن الذي بأيدي المسلمين؟!

                  * * *

                  --------------------------------------------------------------------------------
                  الصفحة 531
                  --------------------------------------------------------------------------------


                  المســألة: 105
                  آيات عائشة التي أكلتها السخلة!

                  فجعلت قرآن المسلمين ناقصاً إلى يوم الدين!!
                  قصة السخلة التي أكلت الآيات ترتبط بمسألة رضاع الكبير التي تفردت بها عائشة فقالت يجوز للمرأة أن ترضع الرجل الكبير فيكون ابناً لها في الرضاعة وخالفها نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) واستنكرن ذلك، لكنها أصرت على قولها، وزادت عليه أن الرضاعة التي تجعله ابناً خمس رضعات وليس خمس عشرة رضعة أو عشر رضعات كما يقلن!
                  وقالت نزلت آية تكتفي بخمس رضعات وكانت تقرأ في القرآن حتى توفي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكانت مكتوبة مع آيات غيرها على ورقة تحت سريرها، فانشغلت بوفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فدخلت سخلة وأكلت الورقة!
                  قال مسلم:4/167: (عن عائشة أنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله (ص) وهن فيما يقرأ من القرآن)! ورواه الدارمي:2/157، وابن ماجة:1/625، ومسند الشافعي ص416، وروى بعده قولها: (لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشراً، ولقد كان في صحيفة تحت سريري، فلما مات رسول الله (ص) وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها). انتهى.
                  والداجن: الحيوان الذي يربى في المنزل، ولذا قلنا: أكلتها السخلة.
                  وكانت عائشة ترسل الرجل الذي تريده
                  --------------------------------------------------------------------------------
                  الصفحة 532
                  --------------------------------------------------------------------------------

                  أن يدخل عليها وهي بغير حجاب إلى أختها أو زوجة أخيها فترضعه خمس رضعات فيصير محرماً!

                  وذكر الرواة أسماء بعض الرجال الذين أرضعتهم عائشة عند أقاربها ليدخلوا عليها بدون حرج.
                  قال أحمد في مسنده:6/271: (كانت عائشة تأمر أخواتها وبنات أخواتها أن يرضعن من أحبت عائشة أن يراها ويدخل عليها وإن كان كبيراً، خمس رضعات ثم يدخل عليها! وأبت أم سلمة وسائر أزواج النبي (ص) أن يدخلن عليهن بتلك الرضاعة أحداً من الناس حتى يرضع في المهد). انتهى.
                  أما الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) فقالوا: لارضاع بعد فطام، ولا رضاع مع طعام فلا بد أن يكون الطفل في سن الرضاعة، وأن يرضع من المرأة خمس عشرة رضعة متصلة، أو ما ينبت اللحم ويشد العظم.

                  * * *

                  --------------------------------------------------------------------------------
                  الصفحة 533
                  --------------------------------------------------------------------------------


                  الأسئلة
                  1 ـ ما رأيكم في رضاع الرجل الكبير من المرأة الأجنبية؟!
                  2 ـ ما رأيكم فيما فعلته حفصة، فقد أورد عبد الرزاق في مصنفه: 7/458، تحت باب رضاع الكبير نحو خمسين رواية، منها: عن ابن جريح قال: سمعت نافعاً مولى ابن عمر يحدث أن ابنة أبي عبيد امرأة ابن عمر أخبرته أن حفصة بنت عمر زوج النبي (ص) أرسلت بغلام نفيس لبعض موالي عمر إلى أختها فاطمة بنت عمر، فأمرتها أن ترضعه عشر مرات ففعلت، فكان يلج عليها بعد أن كبر). انتهى.
                  3 ـ ما رأيكم بفتوى عبد الله بن عمر بأن المصة الواحدة تحرِّم؟ قال السيوطي في الدر المنثور:2/135: (وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال: المصة الواحدة تحرِّم) انتهى.
                  4 ـ مارأيكم فيما رواه البخاري:6/125: (عن مسروق عن عائشة أن النبي (ص) دخل عليها وعندها رجل، فكأنه تغير وجهه كأنه كره ذلك! فقالت إنه أخي. فقال: أنظرن من إخوانكن! فإنما الرضاعة من المجاعة)!
                  وفي:3/150:قال: ياعائشة من هذا؟ قلت أخي من الرضاعة...
                  5 ـ زعمتم أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تمرض وتوفي ودفن في بيت عائشة أي في غرفتها. وقالت عائشة هنا: (ولقد كان في صحيفة تحت سريري، فلما مات رسول الله (ص) وتشاغلنا بموته،

                  دخل داجن فأكلها)، وهذا يدل على أن مرض النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ووفاته لم يكن في غرفة عائشة، وإلا لما دخلتها السخلة في أيام مرضه أو بعد وفاته! فما قولكم؟!
                  6 ـ تقول عائشة في رواية مسلم: (فتوفي رسول الله (ص) وهن فيما يقرأ من القرآن)! وهذا نص في أن تلك الآيات المزعومة لم تنسخ، وأن القرآن بقي ناقصاً! فهل تصدقون عائشة بنقص القرآن؟!
                  7 ـ كيف تجمعون بين قول عائشة المتقدم وبين ما رواه السيوطي في الدر المنثور:2/135، قال: (وأخرج عبد الرزاق عن عائشة قالت: لقد كانت في كتاب الله عشر رضعات ثم رد ذلك إلى خمس، ولكن من كتاب الله ما قبض مع النبي (ص).
                  وأخرج ابن ماجه وابن الضريس عن عائشة قالت: كان مما نزل من القرآن ثم سقط: لا يحرم إلا عشر رضعات أو خمس معلومات)!!
                  8 ـ تشنعون على الشيعة بأن في مصادرهم روايات تقول بنقص القرآن، وقد ردها علماؤهم متناً وسنداً.. وهذه عائشة تقول بنقص القرآن صراحةً، فهل تخطئونها، أوتطعنون في سند روايتها؟!
                  9 ـ تطلبون من الشيعة أن يكفروا من قال من علمائهم لشبهة وردت عليه بنقص آية من القرآن، أو حرف واحد، وبإسقاط المصدر الذي روى ذلك!
                  فهل تطبقون ما تطلبونه منا على عمر وعائشة والأشعري وغيرهم، وعلى البخاري
                  --------------------------------------------------------------------------------
                  الصفحة 535
                  --------------------------------------------------------------------------------

                  ومسلم وغيرهما؟!

                  10 ـ ما رأيكم في وصف ابن حزم خبري عائشة في المحلى:10/14: (وهذان خبران في غاية الصحة وجلالة الرواة وثقتهم، ولا يسع أحداً الخروج عنهما)؟!
                  11 ـ حسب قول عائشة، فإن السخلة سببت أن يكون قرآن المسلمين ناقصاً إلى يوم القيامة! وهذه جريمة تاريخية بحق الأمة الإسلامية والبشرية. ألا يجب على السنيين أن يكرهوا السخال والماعز أو يحرموا لحومها، قياساً على الخنزير؟!

                  تعليق


                  • محاولات عمر تحريف آية: وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَاب ِ!
                    ورد في القرآن الكريم تعبيرات رسمية عن العلم بالكتاب الإلهي:
                    1 ـ تعبير: إيتاء الكتاب، بمعنى الإيتاء للأمة عامة، بمن فيها الذين انحرفوا عنه وضيعوه ولم يعرفوا منه إلا أماني. قال الله تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (سورة آل عمران: 19)
                    كما استعمل بمعنى الإيتاء الخاص للأنبياء وأوصيائهم (عليهم السلام) قال تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ. أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لاأَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ). (سورة الأنعام:89 ـ 90)
                    2 ـ توريث الكتاب، وقد ورد أيضاً بمعنى عام وخاص، واجتمعا في قوله تعالى: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) (سورة فاطر: 32)
                    3 ـ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ، قال تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إلا أُولُو الْأَلْبَابِ). (سورة آل عمران:7)
                    --------------------------------------------------------------------------------
                    الصفحة 537
                    --------------------------------------------------------------------------------

                    4 ـ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ. قال تعالى: (قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ. قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ. قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) (النمل:38 ـ 40)

                    5 ـ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ، قال تعالى: (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيدًا بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ). (سورة الرعد:43)
                    وقد دلت الأحاديث الصحيحة على أن الراسخين في العلم، والذين عندهم علم الكتاب، هم بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أهل بيته الطاهرون (عليهم السلام)، ويدل عليه حديث الثقلين المتفق عليه بين الجميع وهو قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): إني أوشك إن أدعى فأجيب وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروني بم تخلفوني فيهما. (رواه أحمد:3/17 بأسانيد صحيحة، وغيره، وغيره) , فإنه لامعنى لإخبار الله تعالى لنبيه أنهما لن يفترقا إلى يوم القيامة، إلا أنه سيكون منهم إمام في كل عصر عنده علم الكتاب، فيكون أفضل من وزير سليمان ووصيه آصف بن برخيا (الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ).

                    * * *
                    إلى هنا لامشكلة ولاخلاف، لكن مارأيك بمن يكسر كلمة (مَنْ) في قوله تعالى: (وََمَنْ
                    --------------------------------------------------------------------------------
                    الصفحة 538
                    --------------------------------------------------------------------------------

                    عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ) فيغيرها من اسم موصول إلى حرف جر، ويكسر كلمة: عِنْدَهُ، فيجعلها: عِنْدِهُ؟!

                    لابد أنك تقول إن هذا شيطنة وتحريف للقرآن!
                    وتقول: إن معنى الجملة يصير: قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، وبالله الذي علم الكتاب عنده، وهو معنى ركيك لأنه يقطع الربط بين الفقرتين ويجعل (ومِنْ عنده) جملة جديدة بعيدة عن الموضوع، مع أن الآية آخر آية في سورة الرعد!
                    ولكن هاوي التحريف لايهمه ركاكة المعنى، فهدفه أن ينفي وجود أشخاص عندهم علم الكتاب، ويبعد الآية عن علي (عليه السلام)!!
                    وهذا ما عمله عمر في قراءته: (وَمِنْ عِنْدِهِ)، ونسبه إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!
                    قال السيوطي في الدر المنثور:4/69: (وأخرج تمام في فوائده وابن مردويه عن عمر أن النبي (ص) قرأ: ومن عندِه علم الكتاب، قال: من عندِ الله علم الكتاب).
                    وفي كنز العمال:2/593: (عن عمر أن النبي (ص) قرأ: وَمِنْ عِنْدِهِ عِلمُ الكتاب. الدارقطني في الإفراد، وتمام، وابن مردويه).
                    وفي:12/589: (عن ابن عمر قال: قال عمر، وذكر إسلامه، فذكر أنه حيث أتى الدار ليسلم سمع النبي (ص) يقرأ: ومِن عندِه علم الكتاب. ابن مردويه)!

                    علماء السنة رأوا قراءة عمر..واقفة!
                    رأى أتباع عمر أن قراءته ضعيفة لاوجه لها، فلم يطيعوه، ولذا ترى
                    --------------------------------------------------------------------------------
                    الصفحة 539
                    --------------------------------------------------------------------------------

                    الموجود في مصحف الجميع: (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ)!

                    وخلاصة ما قاله الطبري في تفسيره:7/118، أن في الآية قراءتين: قراءة بالفتح فتكون مَن إسماً موصولاً. وقراءة بالكسر كان يقرؤها المتقدمون! ورواها عن مبغضي علي (عليه السلام) مثل مجاهد والحسن البصري وشعبة وقتادة وهارون والضحاك بن مزاحم! وتجنب روايتها عن عمر، مع أن عمر أسندها إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)!
                    قال الطبري: (وقد روي عن رسول الله (ص) خبر بتصحيح هذه القراءة وهذا التأويل، غير أن في إسناده نظراً، وذلك ما حدثنا القاسم قال ثنا الحسين قال: ثنا عباد بن العوام، عن هارون الأعور، عن الزهري، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه عن النبي (ص) أنه قرأ: وَمِنْ عِنْدِهِ عِلم الكتاب، عند الله علم الكتاب، وهذا خبر ليس له أصل عند الثقات من أصحاب الزهري.
                    فإذا كان ذلك كذلك وكانت قراء الأمصار من أهل الحجاز والشام والعراق على القراءة الأخرى وهي: (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكتاب) كان التأويل الذي على المعنى الذي عليه قراء الأمصار أولى بالصواب ممن خالفه، إذ كانت القراءة بما هم عليه مجمعون أحق بالصواب) انتهى.
                    وبذلك رجح الطبري قراءة الفتح على الموصولية على قراءة عمر ومن تبعه من كبار القراء والمفسرين القدماء! وأسقط رواية الزهري لأن تلاميذ الزهري الثقاة لم يوثقوها! لكنه أغفل أن قراءة الكسر ليست محصورة بطريق الزهري وأن أول من
                    --------------------------------------------------------------------------------
                    الصفحة 540
                    --------------------------------------------------------------------------------

                    اخترعها عمر!

                    أما الفخر الرازي فقد هرب من معركة قراءة الكسر واكتفى في تفسيره:19/69، بذكر الأقوال بناء على قراءة الفتح وقراءة الكسر، ولم يرجح أياً منها فقال: (والله تعالى أعلم بالصواب)!
                    وهكذا اختار مفسروا السنة قراءة الفتح، واضطروا أن يسلكوا طريقاً آخر لإبعاد الآية عن علي (عليه السلام) فقالوا إن المقصود بالكتاب فيها ليس القرآن، بل التوراة والإنجيل، والمقصود (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكتاب) هو عبد الله بن سلام، أو غيره من علماء اليهود والنصارى!
                    لكن يرد عليهم ثلاث إشكالات لا جواب لها:
                    أولاً: أنه لو كان عند عبد الله بن سلام وعلماء اليهود والنصارى علم الكتاب لكانت درجتهم أعلى من درجة آصف بن برخيا الذي أتى بعرش بلقيس من اليمن، والذي عنده علم من الكتاب!
                    ثانياً: كيف يجعل الله تعالى علماء اليهود والنصارى شهداء على الأمة الإسلامية بعد نبيها؟! ولو سألتهم أول سؤال عن نبوة نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم)، لنفوها؟!
                    ثالثاً: لو سلمنا أن هؤلاء عندهم علم التوراة والإنجيل، فأين الذي عنده علم القرآن من أمة نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!
                    فهل لا يوجد علم القرآن بعد النبي عند أحد؟! أو يوجد عند فلان وفلان الصحابي
                    --------------------------------------------------------------------------------
                    الصفحة 541
                    --------------------------------------------------------------------------------

                    الذي لم يعرف معنى آية مثل: (وَفَاكِهَةً وَأَبّاً)؟!

                    رابعاً: قال لهم سعيد بن جبير: إن الآية مكية، واليهودي عبد الله بن سلام أسلم في المدينة، فكيف تقصده الآية قبل إسلامه؟!
                    إن تنازل الجيل التالي منهم عن قراءة عمر بالكسر، وتفسيرهم لها بعبد الله بن سلام لم يجبر الموضوع! فمن حق الباحث أن يتعجب من الطبري وغيره كيف يقبلون أن يكون الشخص الذي ارتضاه الله تعالى شاهداً على الأمة الإسلامية علماء اليهود كلهم أو بعضهم؟!!
                    ومن طريف ما رواه الطبري في تفسيره:7/118 رواية (عن أبي صالح في قوله: وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكتاب؟ قال: رجل من الإنس ولم يسمه)!!
                    فقد خاف أبو صالح أن يقول إنه علي (عليه السلام) فقال: رجل من الإنس!!

                    أمثلة من أحاديثهم الموضوعة في تفسير الآية!
                    قال السيوطي في الدر المنثور:4/69: (قوله تعالى: (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا..الآية. أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: قدم على رسول الله (ص) أسقف من اليمن فقال له رسول الله (ص): هل تجدني في الإنجيل رسولاً؟ قال لا، فأنزل الله: قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيدًا بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ، يقول: عبد الله بن سلام!) انتهى.
                    لكن واضع الحديث لم يلتفت إلى حادثة
                    --------------------------------------------------------------------------------
                    الصفحة 542
                    --------------------------------------------------------------------------------

                    أسقف اليمن كانت في المدينة، بينما الآية نزلت في مكة، وأن عمر قال في روايته إنه سمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقرؤها بالكسر في مكة عندما أسلم!

                    ثم نقل السيوطي عدة روايات عن ابن سلام يفتخر بها بهذا الثوب الذي ألبسته إياه قريش لإبعاده عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)!
                    قال السيوطي: (وأخرج ابن جرير وابن مردويه من طريق عبد الملك بن عمير أن محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام قال قال عبد الله بن سلام: قد أنزل الله فيَّ القرآن:ً قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيدًا بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَاب.. عن جندب قال جاء عبد الله بن سلام حتى أخذ بعضادتي باب المسجد ثم قال: أنشدكم بالله أتعلمون أني أنا الذي أنزلت فيه ومن عنده علم الكتاب؟ قالوا اللهم نعم!
                    عن عبد الله بن سلام أنه لقي الذين أرادوا قتل عثمان فناشدهم بالله فيمن تعلمون نزل: قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيدًا بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ؟ قالوا فيك. وعن مجاهد أنه كان يقرأ: وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكتاب، قال هو عبد الله بن سلام).
                    ثم روى السيوطي روايتين تكذبان أن يكون المقصود بالآية ابن سلام قال: (وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه عن سعيد بن جبير أنه سئل عن قوله: وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكتاب، أهو عبد الله بن سلام؟قال: وكيف وهذه السورة مكية؟!... وعن الشعبي قال: ما نزل في عبد الله ابن سلام شئ من القرآن)
                    --------------------------------------------------------------------------------
                    الصفحة 543
                    --------------------------------------------------------------------------------

                    ! ثم روى تفسيراً آخر وسع فيه: وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكتاب، ليشمل عدة أشخاص مع ابن سلام! قال (وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: كان من أهل الكتاب قوم يشهدون بالحق ويعرفونه منهم عبد الله بن سلام والجارود وتميم الداري وسلمان الفارسي).

                    ثم روى تفسيراً آخر جعل الشهداء على الأمة الإسلامية كل أهل الكتاب (الذين يشهدون ضدها!) قال: (وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكتاب، قال هم أهل الكتاب من اليهود والنصارى!).
                    ثم روى تفسيراً آخر جعله جبرئيل (عليه السلام) قال: (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكتاب، قال: جبريل! وتفسيراً آخر جعله الله تعالى قال: (وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد: وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكتاب، قال:هو الله عز وجل)!

                    تعليق


                    • عبد الله بن سلام لم يزل يهودياً!
                      عندما نرجع إلى حياة عبد الله بن سلام الذي ادعوا أنه الشاهد الرباني على الأمة، نجد أن تعصبه اليهودي لايجعله أهلاً لهذه المسؤولية الضخمة، فقد روى الذهبي عنه أنه استجاز النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في أن يقرأ القرآن ليلة والتوراة ليلة.. فأجازه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)!!
                      قال الذهبي في تذكرة الحفاظ:1/27: (يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه أنه جاء إلى النبي
                      --------------------------------------------------------------------------------
                      الصفحة 544
                      --------------------------------------------------------------------------------

                      فقال إني قرأت القرآن والتوراة فقال: إقرأ هذا ليلة وهذا ليلة، فهذا إن صح ففيه الرخصة في تكرير التوراة وتدبرها!). انتهى.

                      وإذا جاز ذلك عند الذهبي، فينبغي أن توزع بفتواه نسخ التوراة المحرفة على المسلمين، أو يطبعوها مع القرآن!!
                      ومما يدل على أن عبد الله بن سلام وأولاده كانوا مرتزقة بني أمية، ما رواه في مجمع الزوائد:9/92: (عن عبد الملك بن عمير أن محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام استأذن على الحجاج بن يوسف فأذن له فدخل وسلم، وأمر رجلين مما يلي السرير أن يوسعا له فأوسعا له فجلس، فقال له الحجاج: لله أبوك أتعلم حديثاً حدثه أبوك عبد الملك بن مروان عن جدك عبد الله بن سلام؟
                      قال: فأي حديث رحمك الله؟
                      قال: حديث المصريين حين حصروا عثمان؟
                      قال: قد علمت ذلك الحديث: أقبل عبد الله بن سلام وعثمان محصور فانطلق فدخل عليه فوسعوا له حتى دخل فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فقال: وعليك السلام ما جاء بك يا عبد الله بن سلام؟
                      قال: جئت لأثبت حتى استشهد أو يفتح الله لك... في حديث طويل، قال في آخره: رواه الطبراني ورجاله ثقات) انتهى.
                      فإن صح ذلك فمعناه أن الصحابة كانوا كلهم ضد عثمان، وابن سلام كان من الأوفياء الثابيتن معه! ولكنه لايصح لأن اليهود أول الناس هروباً، وقد قتل
                      --------------------------------------------------------------------------------
                      الصفحة 545
                      --------------------------------------------------------------------------------

                      عثمان وبقي بدون دفن، فلو كان ابن سلام بذل له دمه في حياته، فأين كان عن تشييعه ودفنه؟!

                      ونعرف بذلك السبب في جعلهم ابن سلام مجاهداً مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بل بدرياً!
                      قال في هامش تهذيب الكمال:15/75 (وقال ابن حجر: ذكره أبو عروبة في البدريين وانفرد بذلك! وأما ابن سعد فذكره في الطبقة الثالثة ممن شهد الخندق وما بعدها، والله أعلم). تهذيب التهذيب:5/249).

                      * * *

                      --------------------------------------------------------------------------------
                      الصفحة 546
                      --------------------------------------------------------------------------------


                      الأسئلة
                      1 ـ ما رأيكم في محاولة عمر تحريف الآية؟!
                      2 ـ من هو الذي جعله الله شاهداً في الأمة على نبوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟
                      3 ـ ما رأيكم فيما رويناه في أن هذا الشاهد على نبوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هو عليٌّ (عليه السلام)؟
                      قال الحويزي في تفسير نور الثقلين:2/523: (في أمالي الصدوق (قدس سره) بإسناده إلى أبي سعيد الخدري، قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن قول الله جل ثناؤه: قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيدًا بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ؟قال:ذاك أخي علي بن أبي طالب).
                      وقال العياشي في تفسيره:2/220: (عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: ومن عنده علم الكتاب؟ قال: نزلت في علي (عليه السلام)، إنه عالم هذه الأمة بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
                      عن بريد بن معاوية العجلي قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيدًا بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ؟ قال: إيانا عنى وعليٌّ أفضلنا وأولنا وخيرنا بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
                      عن عبد الله بن عطاء قال قلت لأبي جعفر (عليه السلام): هذا ابن عبد الله بن سلام يزعم أن أباه الذي يقول الله. قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيدًا بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ؟ قال: كذب.. هو علي بن أبي طالب!
                      عن عبد الله بن عجلان عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قوله: قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيدًا بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ؟ فقال: نزلت في
                      --------------------------------------------------------------------------------
                      الصفحة 547
                      --------------------------------------------------------------------------------

                      علي بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي الأئمة بعده، وعلي عنده علم الكتاب) انتهى.

                      وقال علي بن إبراهيم القمي في تفسيره:1/367: (حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الذيعِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ هو أمير المؤمنين (عليه السلام). وسئل عن الذيعِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ أعلم أم الَّذِي عِنْدَهُ مِنَ عِلْمُ الْكِتَابِ؟ فقال: ما كان علم الذي عنده علم من الكتاب عند الذي عنده علم الكتاب، إلا بقدر ما تأخذ البعوضة بجناحها من ماء البحر.. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ألا إن العلم الذي هبط به آدم من السماء إلى الأرض وجميع ما فضلت به النبيون إلى خاتم النبيين في عترة خاتم النبيين (صلى الله عليه وآله وسلم)). انتهى.

                      تعليق


                      • ماهي آخر سورة وآخر آية نزلت من القرآن؟!

                        --------------------------------------------------------------------------------
                        الصفحة 550
                        --------------------------------------------------------------------------------

                        --------------------------------------------------------------------------------
                        الصفحة 551
                        --------------------------------------------------------------------------------


                        المســألة: 107
                        رواياتكم (الصحيحة) المتناقضة في آخر ما نزل من القرآن؟!

                        فقد رويتم عن عمر وغيره روايات متناقضة في آخر ما نزل من القرآن، وأن عمر سئل عن آية الربا فلم يعرفها فقال أنا متأسف لأن هذه الآية آخر آية نزلت وقد توفي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يفسرها لنا!
                        قال أحمد بن حنبل في مسنده:1/36: (عن سعيد بن المسيب قال: قال عمر: إن آخر ما نزل من القرآن آية الربا، وإن رسول الله (ص) قبض ولم يفسرها، فدعوا الربا والريبة)! (ورواه في كنز العمال:4/186 عن (ش، وابن راهويه، حم، هـ، وابن الضريس، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل).
                        وفي مبسوط السرخسي:2/51 و12/114: (فقد قال عمر: إن آية الربا آخر ما نزل، وقبض رسول الله (ص) قبل أن يبين لنا شأنها)! انتهى.
                        وقال السيوطي في الإتقان:1/101: (وأخرج البخاري عن ابن عباس قال: آخر آية نزلت آية الربا. وروى البيهقي عن عمر مثله... وعند أحمد وابن ماجة عن عمر: من آخر ما نزل آية الربا). انتهى.
                        وذات يوم لم يعرف الخليفة عمر معنى الكلالة وتحير فيها، واستعصى عليه فهمها فقال أو قالوا عنه: إنها آخر آية نزلت وتوفي النبي قبل أن يبينها له!

                        --------------------------------------------------------------------------------
                        الصفحة 552
                        --------------------------------------------------------------------------------

                        ففي البخاري:5/115: (عن البراء قال: آخر سورة نزلت كاملة براءة وآخر آية نزلت خاتمة سورة النساء: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ...). (ونحوه في: 5/185، وفي الإتقان:1/101 ومسند أحمد:4/298)

                        وفي البخاري: 5/182: (قال سمعت سعيد بن جبير قال: آية اختلف فيها أهل الكوفة، فرحلت فيها إلى ابن عباس فسألته عنها فقال: نزلت هذه الآية: ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم، هي آخر ما نزل، وما نسخها شئ)!! (ونحوه في:6/15).
                        وفي الدر المنثور:2/196: (وأخرج عبد بن حميد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي وابن جرير، والطبراني من طريق سعيد بن جبير قال: اختلف أهل الكوفة في قتل المؤمن، فرحلت فيها... هي آخر ما نزل وما نسخها شئ)! (ومجموع النووي:18/345)
                        وفي مستدرك الحاكم:2/338: (عن أبي بن كعب قال: آخر ما نزل من القرآن: لقد جاءكم رسول من أنفسكم، عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم. حديث شعبة عن يونس بن عبيد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه). انتهى.
                        وهذه الرواية الصحيحة على شرط الشيخين تقصد الآيتين 128 و129 من سورة التوبة.
                        وفي الدر المنثور:3/295: (وأخرج ابن أبي شيبة، وإسحاق بن راهويه، وابن منيع في مسنده، وابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل، من طريق يوسف بن مهران، عن
                        --------------------------------------------------------------------------------
                        الصفحة 553
                        --------------------------------------------------------------------------------

                        ابن عباس، عن أبي بن كعب قال: آخر آية أنزلت على النبي (ص) وفي لفظ إن آخر ما نزل من القرآن: لقد جاءكم رسول من أنفسكم.. إلى آخر الآية.

                        وأخرج ابن الضريس في فضائل القرآن، وابن الأنباري في المصاحف، وابن مردويه، عن الحسن أن أبي بن كعب كان يقول: إن أحدث القرآن عهداً بالله ـ وفي لفظ بالسماء ـ هاتان الآيتان: لقد جاءكم رسول من أنفسكم.. إلى آخر السورة.
                        وأخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد المسند، وابن الضريس في فضائله، وابن أبي دؤاد في المصاحف، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل، والخطيب في تلخيص المتشابه، والضياء في المختارة، من طريق أبي العالية، عن أبي بن كعب، أنهم جمعوا القرآن في مصحف في خلافة أبي بكر، فكان رجال يكتبون ويمل عليهم أبي بن كعب حتى انتهوا إلى هذه الآية من سورة براءة: ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم... قوم لايفقهون، فظنوا أن هذا آخر ما نزل من القرآن، فقال أبي بن كعب: إن النبي (ص) قد أقرأني بعد هذا آيتين: لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم، فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم. فهذا آخر ما نزل من القرآن. قال فختم الأمر بما فتح به بلا إله إلا الله، يقول الله: وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا يوحى إليه أنه لا إله
                        --------------------------------------------------------------------------------
                        الصفحة 554
                        --------------------------------------------------------------------------------

                        إلا أنا فاعبدون).

                        وفي مسلم:8/243: (عن ابن عباس: تعلم ـ وقال هارون تدري ـ آخر سورة نزلت من القرآن نزلت جميعاً؟ قلت نعم، إذا جاء نصر الله والفتح. قال: صدقت).
                        وفي الكبير للطبراني:12/19: (عن ابن عباس قال: آخر آية أنزلت: واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله). انتهى.
                        وهي الآية 281 من سورة البقرة!

                        * * *
                        ولعل السيوطي استحى من كثرة أحاديثكم (الصحيحة) في آخر ما نزل من القرآن، فأجملها إجمالاً، ولم يعددها أولاً وثانياً، كما عدد الأقوال الأربعة في أول ما نزل! ونحن نعدها باختصار:
                        1 ـ أن آخر آية هي آية الربا، وهي الآية 278 من سورة البقرة.
                        2 ـ أن آخر آية هي آية الكلالة، أي الورثة من الأقرباء غير المباشرين، وهي الآية 176 من سورة النساء.
                        3 ـ أن آخر آية هي آية (واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله..) وهي الآية 281 من سورة البقرة.
                        4 ـ أن آخر آية هي آية (لقد جاءكم رسول من أنفسكم...) وهي الآية 128 من سورة التوبة.
                        5 ـ أن آخر آية هي آية (وما أرسلنا من قبلك من رسول...) وهي الآية 25 من سورة الأنبياء.
                        6 ـ أن آخر آية هي آية (فمن كان يرجو لقاء ربه...) الكهف ـ 110.

                        --------------------------------------------------------------------------------
                        الصفحة 555
                        --------------------------------------------------------------------------------

                        7 ـ أن آخر آية هي آية (ومن يقتل مؤمنا متعمداً...) النساء: 93.

                        8 ـ أن آخر سورة نزلت هي سورة التوبة.
                        9 ـ أن آخر سورة نزلت هي سورة النصر.
                        هذا ماجاء فقط في إتقان السيوطي:1/101، وقد تبلغ أقوالهم ورواياتهم الصحيحة والموثقة ضعف ذلك، لمن يتتبع المصادر!!

                        * * *

                        --------------------------------------------------------------------------------
                        الصفحة 556
                        --------------------------------------------------------------------------------


                        الأسئلة
                        1 ـ بماذا تفسرون هذا التناقض في آخر ما نزل من القرآن والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بينهم وكلهم موجودون؟ هل هو بسبب الجهل أو بسبب العوامل السياسية التي أثرت على كل شئ حدث به صحابتكم؟!
                        2 ـ كيف تقولون إن كل ما في البخاري صحيح، وفيه أحاديث متناقضة؟! فهل يصح التناقض في منطقكم؟!
                        3 ـ ذكر الربا في أربع سور من القرآن: في الآيتين 275 و276 من سورة البقرة، والآية161 من سورة النساء، والآية39 من سورة الروم، والآية130 من سورة آل عمران.. وبعض هذه السور مكي وبعضها مدني، فأي آية منها قصد عمر؟!
                        4 ـ بماذا تفسرون أن معاوية بن أبي سفيان أدلى بدلوه في سوق التناقض في آخر آيةٍ نزلت من القرآن، ونفى على المنبر أن تكون آية (اليوم أكملت لكم دينكم..) آخر ما نزل، وأفتى بأن آخر آية نزلت هي الآية110من سورة الكهف، وأنها كانت تأديباً من الله لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم)!! ففي الكبير للطبراني:19/392: عن عمرو بن قيس أنه سمع معاوية بن أبي سفيان على المنبر نزع بهذه الآية: اليوم أكملت لكم دينكم.. قال: نزلت يوم عرفة في يوم جمعة، ثم تلا هذه الآية: فمن كان يرجو لقاء ربه... وقال:

                        --------------------------------------------------------------------------------
                        الصفحة 557
                        --------------------------------------------------------------------------------

                        إنها آخر آية نزلت... تأديباً لرسول الله...). انتهى.

                        تعليق


                        • وما زالت عمليات التنقيب ورفع الأنقاض تفشل في انتشال جثة ( أحمد الجاحد ) من تحت الأنقاض الناتجة من ردود أخينا الموالي أحمد الوائلي


                          وما زالت عمليات التنقيب ورفع الأنقاض تفشل في انتشال جثة ( أحمد الجاحد ) من تحت الأنقاض الناتجة من ردود أخينا الموالي أحمد الوائلي

                          وما زالت عمليات التنقيب ورفع الأنقاض تفشل في انتشال جثة ( أحمد الجاحد ) من تحت الأنقاض الناتجة من ردود أخينا الموالي أحمد الوائلي

                          وما زالت عمليات التنقيب ورفع الأنقاض تفشل في انتشال جثة ( أحمد الجاحد ) من تحت الأنقاض الناتجة من ردود أخينا الموالي أحمد الوائلي


                          ساعدونا ولكم الأجر والثواب

                          تعليق


                          • اخترعوا نسخ التلاوة لتبرئة أئمتهم من القول بالتحريف!
                            اخترع علماؤهم مقولة (نسخ التلاوة) لتخليص أئمتهم ومصادرهم من القول بتحريف القرآن!
                            ومعناها أن كل الآيات التي زعم أئمتهم مثل عمر وأبو موسى وعائشة وغيرهم أنها من القرآن، قد كانت منه بالفعل، لكنها نسخت تلاوتها بعد ذلك، ورفعت من القرآن وبقي حكمها!
                            لكن نسخ التلاوة لا يعالج بقية مقولاتهم في القرآن، كقول عمر وغيره إنه ذهب ثلثا القرآن بموت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو كثير منه، وبدعته في الأحرف السبعة، وفتواه بجواز تغيير ألفاظ القرآن، وغيرها!
                            وحتى في الآيات المزعوم أنها من القرآن، فإن نسخ التلاوة لايعالج إلا جزءً ضئيلاً منها، فعائشة مثلاً تقول عن الآيات التي أكلتها السخلة إنها كانت مما يقرأ من القرآن حتى توفي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فنفت أن تكون منسوخة في حياة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولا نسخ بعد وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم)!
                            وكذلك نصوص أكثر الآيات الأخرى المزعومة تأبى عليهم أنها نسخت، وحتى تلك التي لا يأبى نصها نسخ تلاوتها، لم يرد نص بنسخها، فيكون قولهم بالنسخ قولاً بغير علم ولا دليل!
                            وقد عدد ابن الجوزي في مقدمة كتابه نواسخ القرآن أقسام النسخ، وحاول
                            اخترعوا نسخ التلاوة لتبرئة أئمتهم من القول بالتحريف!

                            اخترع علماؤهم مقولة (نسخ التلاوة) لتخليص أئمتهم ومصادرهم من القول بتحريف القرآن!
                            ومعناها أن كل الآيات التي زعم أئمتهم مثل عمر وأبو موسى وعائشة وغيرهم أنها من القرآن، قد كانت منه بالفعل، لكنها نسخت تلاوتها بعد ذلك، ورفعت من القرآن وبقي حكمها!
                            لكن نسخ التلاوة لا يعالج بقية مقولاتهم في القرآن، كقول عمر وغيره إنه ذهب ثلثا القرآن بموت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو كثير منه، وبدعته في الأحرف السبعة، وفتواه بجواز تغيير ألفاظ القرآن، وغيرها!
                            وحتى في الآيات المزعوم أنها من القرآن، فإن نسخ التلاوة لايعالج إلا جزءً ضئيلاً منها، فعائشة مثلاً تقول عن الآيات التي أكلتها السخلة إنها كانت مما يقرأ من القرآن حتى توفي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فنفت أن تكون منسوخة في حياة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولا نسخ بعد وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم)!
                            وكذلك نصوص أكثر الآيات الأخرى المزعومة تأبى عليهم أنها نسخت، وحتى تلك التي لا يأبى نصها نسخ تلاوتها، لم يرد نص بنسخها، فيكون قولهم بالنسخ قولاً بغير علم ولا دليل!
                            وقد عدد ابن الجوزي في مقدمة كتابه نواسخ القرآن أقسام النسخ، وحاول
                            --------------------------------------------------------------------------------
                            الصفحة 562
                            --------------------------------------------------------------------------------

                            تطبيق نسخ التلاوة على مقولات أئمتهم! قال في ص33:

                            فالقسم الأول: ما نسخ رسمه وحكمه. وروى له مثلاً عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أن رهطاً من أصحاب النبي (ص) أخبروه أنه قام رجل منهم من جوف الليل يريد أن يفتتح سورة كان قد وعاها، فلم يقدر منها على شئ إلا بسم الله الرحمن الرحيم! فأتى باب النبي (ص) حين أصبح يسأل النبي (ص) عن ذلك، وجاء آخر وآخر حتى اجتمعوا فسأل بعضهم بعضا:ً ما جمعهم؟ فأخبر بعضهم بعضاً بشأن تلك السورة، ثم أذن لهم النبي (ص) فأخبروه خبرهم، وسألوه عن السورة؟ فسكت ساعة لا يرجع إليهم شيئاً، ثم قال: نسخت البارحة فنسخت من صدورهم، ومن كل شئ كانت فيه!!
                            وروى مثلاً آخر عن أبي موسى الأشعري قال: (نزلت سورة مثل براءة ثم رفعت! فحفظ منها: إن الله يؤيد الدين بأقوام لاخلاق لهم ولو أن لابن آدم واديين من مال لتمنى وادياً ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب...
                            وروى عن مجاهد قال: إن الأحزاب كانت مثل البقرة أو أطول!
                            وعن أبيّ بن كعب أنه قال: (والذي أحلف به لقد نزلت على محمد (ص) وإنها لتعادل البقرة أو تزيد عليها).
                            وعن ابن مسعود أنه قال: (أنزلت على رسول الله (ص) آية فكتبتها في مصحفي فأصبحت ليلة فإذ الورقة بيضاء! فأخبرت رسول الله (ص) فقال: أما علمت أن تلك رفعت
                            --------------------------------------------------------------------------------
                            الصفحة 563
                            --------------------------------------------------------------------------------

                            البارحة). انتهى.

                            ولايمكننا تصديق هذه الروايات، فإنها في أحسن حالاتها أخبار آحاد لاتنهض لإثبات أمر كبير، لو كان لبان، ولرواه غير هؤلاء!!

                            * * *
                            ثم قال ابن الجوزي: القسم الثاني ما نسخ رسمه وبقي حكمه:
                            وطبقه على آية عمر: فالرجم حق على من زنا.. وآية عمر الأخرى: فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم، وقد تقدمتا من البخاري ومسلم.
                            وروى قول عمر: (وأيم الله لولا أن يقول قائل زاد عمر في كتاب الله لكتبتها في القرآن....وأنها قد أنزلت وقرأناها: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة. ولولا أن يقال زاد عمر في كتاب الله لكتبتها بيدي).
                            ثم روى ابن الجوزي عن أبيّ بن كعب أنه قال عن سورة الأحزاب: (إن كنا لنقرأها كما نقرأ سورة البقرة وإن كنا لنقرأ فيها: إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالاً من الله، والله عزيز حكيم).
                            ثم روى عن عمر أنه قال لعبد الرحمن بن عوف: (ألم تجد فيما أنزله الله علينا أن: جاهدوا كما جاهدتم أول مرة؟ فإنا لا نجدها؟! قال: أسقطت فيما أسقط من القرآن!
                            وروى عن حميدة أنه كان في مصحف عائشة: إن الله وملائكته يصلون على النبي، والذين يصلون في الصفوف الأولى).

                            --------------------------------------------------------------------------------
                            الصفحة 564
                            --------------------------------------------------------------------------------

                            وعن أنس: (أن رسول الله (ص) بعث حراماً خاله في سبعين رجلاً فقتلوا يوم بير معونة، قال فأنزل علينا فكان مما نقرأ فنسخ: أن بلغوا قومنا إنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا، وقال ابن الجوزي: انفرد بإخراجه البخاري). انتهى.

                            وهذا القسم لايمكن قبول رواياته أيضاً، لأمور:
                            الأول: أن أحاديثه كلها أخبار آحاد أيضاً، ولو كان مثل هذا الأمر صحيحاً لانتشر خبره، وكثرت رواياته عن الصحابة وأهل البيت (عليهم السلام).
                            والثاني: أن آياته المزعومة كلها ركيكة، لا تشبه آيات القرآن ولو بقدر من بلاغتها!
                            والثالث: أن آية عمر: (جاهدوا كما جاهدتم أول مرة) قد فسرها عمر بأن ذلك إذا كان الأمراء من بني أمية والوزراء من بني مخزوم!
                            فقد روى السيوطي في الدر المنثور:4/371: نفس رواية ابن الجوزي عن ابن عوف، وتتمتها: (قلت بلى، فمتى هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: إذا كانت بنو أمية الأمراء وبنو المغيرة الوزراء)! وقال السيوطي: (أخرجه البيهقي في الدلائل عن المسور بن مخرمة). انتهى.
                            ونحن نوافق على هذا المعنى، لأنه ورد في أحاديث صحيحة عندنا وعندهم، توجب على المسلمين جهاد قريش على تأويل القرآن كما جاهدهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أول مرة على تنزيله، وأن
                            --------------------------------------------------------------------------------
                            الصفحة 565
                            --------------------------------------------------------------------------------

                            من يقوم بذلك هو علي (عليه السلام).

                            ومن أحاديثه في مصادرهم (حديث خاصف النعل) الذي رواه الترمذي:5/298، وصححه، وفيه: (يا معشر قريش لتنتهن أو ليبعثن الله عليكم من يضرب رقابكم بالسيف على الدين، قد امتحن الله قلوبهم على الايمان. قالوا من هو يا رسول الله؟ فقال له أبو بكر من هو يا رسول الله؟ وقال عمر: من هو يا رسول الله؟ قال: هو خاصف النعل، وكان أعطى علياً نعله يخصفها). (رواه الحاكم:2/138و:4/298وصححه على شرط مسلم)
                            ومن أحاديثه في مصادرنا مارواه العياشي:2/229، في تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: ما تقولون في ذلك؟فقال: نقول هما الأفجران من قريش بنو أمية وبنو المغيرة، فقال: بل هي قريش قاطبة، إن الله خاطب نبيه فقال: إني قد فضلت قريشاً على العرب، وأتممت عليهم نعمتي، وبعثت إليهم رسولاً فبدلوا نعمتي، وكذبوا رسولي). انتهى.
                            فمقولة الجهاد أول مرة وثاني مرة، أو الجهاد على تنزيل القرآن ثم على تأويله، مقولة إسلامية ثابتة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومنسجمة مع اعتقاد أهل البيت (عليهم السلام)، لكنا لا نوافق على أنه نزلت فيها آية، ثم رفعت أو فقدت أو أسقطت، كما تقول روايتكم عن عمر.
                            والرابع: أن روايات هذه الآية المزعومة متعارضة، ففي بعضها أن مدعي الآية هو عمر كما تقدم، وفي بعضها أنه ابن عباس كالذي رواه السيوطي في الدر المنثور:5/197، وذكر حواراً دار فيها بين عمر وبين ابن
                            --------------------------------------------------------------------------------
                            الصفحة 566
                            --------------------------------------------------------------------------------

                            عباس، وكأن عمر لايعرفها أو يشك فيها ويقرر ابن عباس بها:

                            قال السيوطي: (وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس أن عمرسأله... فقال عمر: مَنْ أمرنا أن نجاهد؟ قال: بني مخزوم وعبد شمس!). انتهى.
                            وهذا التعارض يوجب الشك في أصل وجود آية كانت ثم نسخت!
                            والخامس: أن الحكم بأنها من القسم الثاني ما نسخ رسمه وبقي حكمه، وإن كان يناسبه تعبير أنها نسخت، أو رفعت من القرآن كما في بعض رواياتها، لكن رواية ابن الجوزي ورواية المسور بن مخرمة (في كنز العمال:2/567 وغيره) تعارض ذلك وتقول إنها أسقطت فيما أسقط من القرآن! ومعناه أنها لم تنسخ بل أسقطت من المصحف الفعلي، عمداً، أو سهواً، أو لضياعها! وليس شئ من ذلك نسخاً!
                            والسادس: أن آية عائشة المزعومة ليس لها معنى معقول مفهوم، حتى نقبل أن تكون نزلت آية ثم رفعت! فما معنى أن الله تعالى يقرن الصلاة على نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) بالصلاة على المصلين في الصف الأول؟!
                            وكيف يصح حينئذ أن يفرع عليه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)؟! فلو صحت إضافة عائشة للزم القول إن معنى الآية كان غلطاً أو ضعيفاً، حتى رفع الله من الآية الجزء الذي زعمته عائشة!
                            والسابع: أن آية أنس عن قراء بئر
                            --------------------------------------------------------------------------------
                            الصفحة 567
                            --------------------------------------------------------------------------------

                            معونة الذين قتلهم أهل نجد: (أن بلغوا قومنا إنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا)، هي الوحيدة من هذه الآيات المزعومة التي نصت روايتها على أنها كانت مما يقرأ من القرآن ثم رفعت، أو نسخت.

                            وحيث صحت روايتها عندكم (البخاري:3/204 و208 و:4/35 و:5/42، وغيره من صحاحكم) فتكون هي المثال الوحيد الصحيح عندكم على نسخ التلاوة، لكن أين حكمها الذي بقي؟! بل أين رائحة بلاغة آيات القرآن فيها؟!

                            * * *
                            ثم قال ابن الجوزي: فصل ومما نسخ رسمه واختلف في بقاء حكمه:
                            وروى فيه آيات عائشة التي أكلتها السخلة، ونقل أقوالهم المختلفة فيما يحرِّم من الرضاعة هل هو المصة أو خمس رضعات أو عشر؟!
                            وقال: (وتأولوا قولها: وهي مما يقرأ من القرآن، أن الإشارة إلى قوله (وأخواتكم من الرضاعة) وقالوا: لو كان يقرأ بعد وفاة رسول الله (ص) لنقل إلينا نقل المصحف، ولو كان بقي من القرآن شئ لم ينقل لجاز أن يكون ما لم ينقل ناسخاً لما نقل، فذلك محال!
                            ثم قال: ومما نسخ خطه واختلف في حكمه ما روى مسلم في إفراده عن عائشة أنها أملت على كاتبها (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين) وقالت: سمعتها من رسول الله (ص) وقد اختلف الناس في الصلاة الوسطى على خمسة أقوال بعدد الصلوات الخمس، وقد شرحنا ذلك في التفسير). انتهى.

                            --------------------------------------------------------------------------------
                            الصفحة 568
                            --------------------------------------------------------------------------------

                            وضعف هذا القسم من النسخ واضح، لأنهم اعترفوا بأن بقاء حكمه مختلف فيه، والحقيقة أن اختلافهم في أصل إنشاء حكمه لا في بقائه! ومعناه أن منهم من يشكون في أصل آيتي عائشة في الخمس رضعات وصلاة العصر!

                            وقد لاحظت أنهم لم يجدوا حلاً لتناقض كلام عائشة: (وقد توفي رسول الله وهي مما يقرأ من القرآن)، إلا بأن يجعلوه كلاماً عن آيات أخرى! وهو تهافت منهم، واتهام لعائشة بالتهافت!

                            * * *
                            وختاماً، نذكر بكاء ابن المنادي والزركشي على سورتي الحفد والخلع العمريتين!
                            قال في البرهان:2/37: (وذكر الإمام المحدث أبو الحسين أحمد بن جعفر المنادي في كتابه الناسخ والمنسوخ مما رفع رسمه من القرآن ولم يرفع من القلوب حفظه! سورتا القنوت في الوتر، قال:
                            ولاخلاف بين الماضين والغابرين أنهما مكتوبتان في المصاحف المنسوبة إلى أبيّ بن كعب، وأنه ذكر عن النبي (ص) أنه أقرأه إياهما!! وتسميان سورتي الخلع والحفد!!
                            وهنا سؤال: وهو أن يقال: ما الحكمة في رفع التلاوة مع بقاء الحكم، وهلا أبقيت التلاوة ليجتمع العمل بحكمها وثواب تلاوتها؟!
                            وأجاب صاحب الفنون فقال: إنما كان كذلك ليظهر به مقدار طاعة هذه الأمة في المسارعة إلى بذل النفوس بطريق الظن من غير استفصال لطلب طريق مقطوع به فيسرعون
                            --------------------------------------------------------------------------------
                            الصفحة 569
                            --------------------------------------------------------------------------------

                            بأيسر شئ كما سارع الخليل إلى ذبح ولده بمنام، والمنام أدنى طرق الوحي)!! انتهى.

                            فتراهم جعلوا من أخبار الآحاد مستنداً شرعياً لإثبات قرآنية جميع زيادات عمر وعائشة وأبي موسى، ومن تبعهم، ومجموعها يبلغ أكثر من نص القرآن الفعلي! وحكموا بأنها جزء من القرآن!
                            ثم اخترعوا لتخليص أصحابها من القول بالتحريف، بدعة نسخ التلاوة وبكوا على تلك النصوص الركيكة التي أشربوا حبها لحب أصحابها، وقالوا إنها: (مما رفع رسمه من القرآن ولم يرفع من القلوب حفظه)!!
                            ثم اخترعوا حِكَماً وأسراراً لما تخيلوه من أن الله تعالى أنزل أضعاف هذا القرآن ثم نسخه!!
                            في حين أنهم توقفوا في قرآنية البسملة والمعوذتين، تبعاً لأئمتهم أيضاً!

                            * * *

                            --------------------------------------------------------------------------------
                            الصفحة 570
                            --------------------------------------------------------------------------------


                            الأسئلة
                            1 ـ هل تعتقدون أن نسخ التلاوة يعالج كل أحاديث مصادركم، وأقوال أئمتكم وعلمائكم التي يبدو منها تحريف القرآن!
                            2 ـ هل يجوز للمسلم أن يقول إن الفقرة الفلانية كانت يوماً ما آية من كتاب الله تعالى ثم نسخت، بغير دليل على الأمرين؟
                            3 ـ كيف جعلتم من الدليل على نسبة الآية إلى القرآن، دليلاً على نسخها لأنها لا توجد فعلاً فيه، بدون أن ينص حديثها أو أثرها على نسخها؟! بل قد نص كثير منها على أنها ضاعت أو فقدت، أو أنها مازالت من القرآن؟!
                            4 ـ ما دمتم تقبلون حديث عمر عن آية الجهاد في المرة الثانية، وتصححون أحاديث جهاد علي (عليه السلام) على تأويل القرآن، فما هو حكم الذين جاهدهم علي (عليه السلام)؟ وما حكم الذين تخلفوا عن الجهاد معه؟!
                            5 ـ كيف صارت قبيلة بني أمية التي أمر الله تعالى نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) والمسلمين بجهادها إذا حكمت،صارت دولة إسلامية عادلة وصار حكامها أئمة وخلفاء؟!
                            6 ـ مارأيكم فيما رواه الحاكم:4/487 عن أبي سعيد الخدري: (قال رسول الله (ص) إن أهل بيتي سيلقون من بعدي من أمتي قتلاً وتشريداً، وإن أشد قومنا لنا بغضاً بنو أمية وبنو المغيرة وبنومخزوم. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه).
                            وما رواه مجمع الزوائد:7/44 عن علي (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا
                            --------------------------------------------------------------------------------
                            الصفحة 571
                            --------------------------------------------------------------------------------

                            نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ.. الآية، قال: (نزلت في الأفجرين من بني مخزوم وبني أمية فقطع الله دابرهم يوم بدر، وأما بنو أمية فمتعوا إلى حين. رواه الطبراني في الأوسط وفيه عمرو ذو مر ولم يرو عنه غير أبي إسحاق السبعي، وبقية رجاله ثقات)؟!

                            تعليق



                            • تعليق



                              • تعليق

                                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                                حفظ-تلقائي
                                x

                                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                                صورة التسجيل تحديث الصورة

                                اقرأ في منتديات يا حسين

                                تقليص

                                لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                                يعمل...
                                X