مهما تاه الإنسان في خضم الفلسفات المادية , فستبقى روحه العطشى تعذبه و تطالبه بغذائها كما يطالب الجسم بغذائه و شرابه..
لست ابن بيئة متدينة , و المتدينون في عائلتي قلة قليلة من المتصوفة , لذا لم يكن هناك ما يدفعني للبحث في هذا الموضوع , حتى بدأ مرضي و بدأت معه معاناتي النفسية و الجسدية..
كان سؤال : لماذا حدث لي ذلك؟ يشحنني سخطاً على القدر و على من قدر القدر...
زاد عدائي للأديان عموماً بعد ذلك و تجلى في الكتابة في منتديات اللادينيين العرب و الملحدين و نادي الفكر العربي و غيرها..
بقيت على هذا المنوال حيناً من الزمن.. أعتنق نظرية التطور [ الداروينية ] كونها تفسر لي أصل الإنسان بعيداً عما كنت أسميه [خرافات لاهوتية و أساطير ] , و أعتنق الفرويدية في مجال فهم النفس البشرية و سبر أغوارها و كنت من أشد المؤيدين لمقولته بأن الدين هو مرض عصابي لا أكثر..
و كانت الماركسية اللينينية هي عقيدتي في الفكر و السياسة و الاجتماع و قد تحدثت عن ذلك في مشاركة سابقة في هذا المنتدى الكريم أعيد اقتباسها هنا :
((كانت كتب و إصدارات دار التقدم-موسكو في الإتحاد السوفييتي السابق هي ما تفتح عليه وعيي , كان بعضها موجوداً في مكتبة المنزل , ثم رحت أبحث عنها في بسطات الكتب القديمة , لم أنتسب رسمياً لحزب شيوعي لكنني تشربت الفكر إلى حد بعيد... لكن بنفس الوقت كنت أشعر بنوع من الفراغ الداخلي , نوع من التعاسة , فقلت لنفسي ضع جانباً أطروحات الاقتصاد السياسي و ابحث عن فلسفة عميقة توضح لك وجودك كإنسان...فكانت كتب سارتر : الوجود و العدم , الوجودية مذهب إنساني هي محطتي التالية ...
ثم عدت إلى فريدريك نيتشه الأب الحقيقي للوجودية...و كان لي معه رحلة طويلة من هكذا تكلم زرادشت إلى ما وراء الخير و الشر إلى ديوان نيتشه و غيرها...
لم أحس بأن هذا الفراغ الكائن داخلي قد امتلأ..و احترت في أمري و فقدت البوصلة و تساوت في نظري كل الاحتمالات و أصبحت على قناعة هي أن الحقيقة الوحيدة هي أنه لا حقيقة...
قلت لنفسي بعدها : ادرس الأديان دراسة مقارنة و متسلسلة فمن يدري لعل فيها ما ينقصك , فرحت أقرأ كتابات الأديان المقارنة و خاصة كتب فراس السواح بنهم .. لكن النظرة بأن هذه الأديان ما هي إلا نتاج تراكمي بدأ مع الأديان البدائية في أستراليا و أفريقيا فالأديان الأخرى كالهندوسية و البوذية و كونفوشيوسية و الطاوية ثم الأديان الثلاثة الكبرى اليهودية و المسيحية و الإسلام..كانت قناعتي أنها نتاج خوف الإنسان من المجهول..من الموت..من العدم..فاخترع فكرة الله..
طبعاً كانت حالتي النفسية تتردى و تتدهور بسرعة , و صار الألم فوق قدرتي على الاحتمال فما كان مني إلا أن نطقتها : إن كنت موجوداً فدلني عليك...
أما المنتديات الحوارية فمشترك في الكثير منها و بأسماء مختلفة , و في النهاية وجدت أن الإسلام فعلاً يتسم بخاصية الوسطية بين روحانية طوباوية مستحيلة التطبيق على أرض الواقع كما في المسيحية و بين مادية تتسم بلؤم و عنصرية شديدة كما في اليهودية..
دخلت بعدها منتديات السلفية و الصوفية كوني ولدت سنياً , و لم أكن أصطدم بأحد , كنت أقرأ فقط و أعلق أحياناً , و لكن ما أبعدني عن التيارين السابقين هو قضيتان أساسيتان :
1- تنقيص شأن العقل و مكانته
2- إغلاق باب الاجتهاد
فقلت في نفسي لم يبق إلا الشيعة , فبحثت في النت فوجدت منتداكم الكريم , و قد كنت أدخله قبلاً كضيف هو و منتدى سلفي هو شبكة الدفاع عن السنة لأقول لنفسي أيام اللادينية : انظر إلى الغباء الذي بلغه المسلمون.. هذا يسب الآخر يابن المتعة فيسبه الثاني بابن المسيار...و كما قال المعري : كل يؤيد دينه....يا ليت شعري ما الصحيح؟؟
))
كان من المفترض أن أكون في قمة الاستقرار و التوازن النفسي و العقلي بدراسة النظريات السابقة التي تجيب على أسئلة الإنسان كما تزعم..لكن الإجابات كانت تعذبني...
س- من أين ؟
ج- من الصدفة..
س- إلى أين؟
ج- إلى العدم..
س- لماذا ؟
ج- لا أدري..
حتى وصلت لمرحلة صرت أرى الوجود ككل مليئاً بالتناقض و العبثية و الكآبة , و لم يمنعني من وضع حد لحياتي إلا حبي لوالدتي و خشيتي أن يصيبها مكروه إذا أقدمت على هذه الفعلة..
ثم تركت القراءة بعدما كنت قارئاً نهماً..أحسست أنني لست بحاجة لمزيد من التكديس المعرفي الذي لا ينفع..و اتجهت نحو التأمل ..
التأمل في الموجودات من جهة و التأمل في ذاتي من جهة أخرى , جعلني هذا التأمل أشعر أنني كائن ذو قيمة و لأول مرة في حياتي ..
أنا لست فقط هذا الجسد المادي المعرض للموت و الفناء بكل بساطة , و التافه في محتواه من العناصر المادية , حين ذاك أيقنت أنني تحررت من قيود المادية و بالتالي انفتح أمامي باب لطالما أغلقته هو باب البحث في الأديان..
و لكن علم الأديان المقارن ليس بمقدور أي إنسان أن يلم به او حتى بجانب من جوانبه إلماماً كافياً , لذا كنت أركز على الأساسيات ..أساسيات كل دين و محاوره..
ثم انحصر تركيزي في الأديان الثلاثة الكبرى :
1- اليهودية
2- المسيحية
3- الإسلام
كنت أبحث عن الإله الحق , الكامل الصفات , المستغني عن كل ما سواه, المنزه عن كل أشكال النقص , و للاختصار :
- الإله اليهودي العنصري و المجسم و الخاص باليهود دون سواهم ليس ما أبحث عنه
- و الإله المسيحي العجيب المكون من ثلاثة أقانيم هي في جوهرها واحد لم يكن كذلك ما أبحث عنه
- أما الإله الإسلامي فهو واحد أحد , فرد صمد , متصف بكل صفات الكمال و منزه عن سائر صفات النقص , ليس كمثله شئ , ليس جسماً و لا يحل في جسم و لا شئ من هذه التناقضات..هذا هو الإله الذي نزّل القرآن على محمد و هذه صفاته من كتابه , فهو الإله المستحق للعبادة ..
- أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمداً رسول الله.
ظننت هنا أنني قد استرحت , و لكن تبين لي أن الطريق لا يزال طويلاً , فالإسلام فرق و مذاهب و كلها تقول أنها الفرقة الناجية و ما سواها على ضلال , و بالتالي فهذا يفرض علي بحثاً جديداً ضمن الدين الإسلامي نفسه هذه المرة..
و مرة أخرى قمت بذات العملية السابقة فبقي أمامي ثلاثة فرق :
1- السلفية
2- الصوفية
3- الشيعة
- و قد سجلت بمعرفات مختلفة في منتديات متعددة و رحت أبحث و أستقصي ما أمكنني , فدخلت في كثير من التفريعات التي ضيعت وقتي دون جدوى فقررت التركيز على الأساسيات من جديد ... صفات الإله عند كل فرقة من هذه الفرق..
المنهج السلفي في العقيدة يبدأ بالتركيز على توحيد الألوهية و توحيد الأسماء و الصفات , فلا صلاة و لا ذبح و لا نذر إلا لله , و هذا هو إخلاص العبادة لله , لكن حين يبدأ الحديث في صفات الله تجد أنهم يثبتون لله عز و جل الصفات بطريقة غريبة و كأن اللغة العربية ليست لغة التشبيه و المجاز..
يعني لو تناولنا بيت الشعر التالي على سبيل المثال :
ولد الهدى فالكائنات ضياء...و فم الزمان تبسم و ثناء
ثم سألنا أي دارس للغة العرب ماذا تفهم من الشطر الثاني من البيت السابق؟ فسيجيبك بأن الشاعر شبّه الزمان بالإنسان الذي له فم و هو يبتسم فرحاً بمولد رسول الله , أما السلفي فيقول لك :
أثبت للزمان فماً!! و أثبت له تبسماً !! لكن ليس كفم البشر و لا تبسم البشر...و قس على ذلك فهمهم للقرآن و الحديث..
هذا عدا عن تقديس الصحاح و على رأسها البخاري و مسلم و الاعتقاد بصحة كل ما جاء فيها , رغم ما فيها من أعاجيب تمت مناقشة الكثير منها في هذا المنتدى الكريم و غيره..
إلى جانب ما سبق نجد قسوة و غلظة على المخالفين تبلغ حد التكفير و القتل أحياناً..فلم أجد ضالتي هنا..
أما المنهج الصوفي فيركز على تزكية النفوس و جمع الهمة للسير في الطريق الموصل لله , و تجد في كتبهم شروحاً طيبة لآفات النفوس كالكبر و العجب و الرياء و غيرها و السبيل لعلاجها و التخلص منها, كما تجد حثاً على الزهد في الدنيا و عدم الاغترار بها , و كل ما سبق طيب بل و رائع , لكن حين تتعمق في كتابات كبار مشايخ التصوف و الأقوال المنسوبة لهم تجد طامات بمعنى الكلمة..
فهذا يقول عن نفسه و هو يرتدي جبة : (( ما في الجبة إلا الله)) , و الثاني يقول : (( سبحاني ما أعظم شاني )) , و الثالث يقول:
مقام النبوة في برزخ...فويق الرسول و دون الولي..
و حين تساءلهم عما سبق يقولون : شطحات ! أحوال ! أو يقولون مدسوسة على كتب التصوف , و يستميتون في الدفاع عن الشيخ محي الدين بن عربي رغم أن نظريته في وحدة الوجود واضحة في كتاباته ..
فلا يمكن أن أتعبد الله بإحدى تلك الطرق السابقة..
أما المنهج الشيعي فتركيزه الأساسي هو على مظلومية آل بيت رسول الله و ما تعرضوا له من ظلم واضطهاد وصل حدوداً لا معقولة..
و ما بحثه و قرأته في المذهب الشيعي الإمامي موجود في مشاركات لي هنا في المنتدى..
إذاً : أنا أميل للاعتقاد بأن الإسلام الشيعي [مدرسة آل البيت] هو المنهج المناسب و المقنع لي , و أعتبر نفسي رغم ما قرأت من كتب و تابعت من حوارات ضعيف المعرفة بالتشيع..هنا سأطرح تساؤلاتي و ليجزي الله خيراً من يساعدني في إيجاد الأجوبة..و أرجو رجاء حاراً الشيخ الفاضل أبو محمد العاملي أن يساعدني إذا تيسر لديه وقت و أنا له من الشاكرين الممتنين..
أطيب التحيات..
لست ابن بيئة متدينة , و المتدينون في عائلتي قلة قليلة من المتصوفة , لذا لم يكن هناك ما يدفعني للبحث في هذا الموضوع , حتى بدأ مرضي و بدأت معه معاناتي النفسية و الجسدية..
كان سؤال : لماذا حدث لي ذلك؟ يشحنني سخطاً على القدر و على من قدر القدر...
زاد عدائي للأديان عموماً بعد ذلك و تجلى في الكتابة في منتديات اللادينيين العرب و الملحدين و نادي الفكر العربي و غيرها..
بقيت على هذا المنوال حيناً من الزمن.. أعتنق نظرية التطور [ الداروينية ] كونها تفسر لي أصل الإنسان بعيداً عما كنت أسميه [خرافات لاهوتية و أساطير ] , و أعتنق الفرويدية في مجال فهم النفس البشرية و سبر أغوارها و كنت من أشد المؤيدين لمقولته بأن الدين هو مرض عصابي لا أكثر..
و كانت الماركسية اللينينية هي عقيدتي في الفكر و السياسة و الاجتماع و قد تحدثت عن ذلك في مشاركة سابقة في هذا المنتدى الكريم أعيد اقتباسها هنا :
((كانت كتب و إصدارات دار التقدم-موسكو في الإتحاد السوفييتي السابق هي ما تفتح عليه وعيي , كان بعضها موجوداً في مكتبة المنزل , ثم رحت أبحث عنها في بسطات الكتب القديمة , لم أنتسب رسمياً لحزب شيوعي لكنني تشربت الفكر إلى حد بعيد... لكن بنفس الوقت كنت أشعر بنوع من الفراغ الداخلي , نوع من التعاسة , فقلت لنفسي ضع جانباً أطروحات الاقتصاد السياسي و ابحث عن فلسفة عميقة توضح لك وجودك كإنسان...فكانت كتب سارتر : الوجود و العدم , الوجودية مذهب إنساني هي محطتي التالية ...
ثم عدت إلى فريدريك نيتشه الأب الحقيقي للوجودية...و كان لي معه رحلة طويلة من هكذا تكلم زرادشت إلى ما وراء الخير و الشر إلى ديوان نيتشه و غيرها...
لم أحس بأن هذا الفراغ الكائن داخلي قد امتلأ..و احترت في أمري و فقدت البوصلة و تساوت في نظري كل الاحتمالات و أصبحت على قناعة هي أن الحقيقة الوحيدة هي أنه لا حقيقة...
قلت لنفسي بعدها : ادرس الأديان دراسة مقارنة و متسلسلة فمن يدري لعل فيها ما ينقصك , فرحت أقرأ كتابات الأديان المقارنة و خاصة كتب فراس السواح بنهم .. لكن النظرة بأن هذه الأديان ما هي إلا نتاج تراكمي بدأ مع الأديان البدائية في أستراليا و أفريقيا فالأديان الأخرى كالهندوسية و البوذية و كونفوشيوسية و الطاوية ثم الأديان الثلاثة الكبرى اليهودية و المسيحية و الإسلام..كانت قناعتي أنها نتاج خوف الإنسان من المجهول..من الموت..من العدم..فاخترع فكرة الله..
طبعاً كانت حالتي النفسية تتردى و تتدهور بسرعة , و صار الألم فوق قدرتي على الاحتمال فما كان مني إلا أن نطقتها : إن كنت موجوداً فدلني عليك...
أما المنتديات الحوارية فمشترك في الكثير منها و بأسماء مختلفة , و في النهاية وجدت أن الإسلام فعلاً يتسم بخاصية الوسطية بين روحانية طوباوية مستحيلة التطبيق على أرض الواقع كما في المسيحية و بين مادية تتسم بلؤم و عنصرية شديدة كما في اليهودية..
دخلت بعدها منتديات السلفية و الصوفية كوني ولدت سنياً , و لم أكن أصطدم بأحد , كنت أقرأ فقط و أعلق أحياناً , و لكن ما أبعدني عن التيارين السابقين هو قضيتان أساسيتان :
1- تنقيص شأن العقل و مكانته
2- إغلاق باب الاجتهاد
فقلت في نفسي لم يبق إلا الشيعة , فبحثت في النت فوجدت منتداكم الكريم , و قد كنت أدخله قبلاً كضيف هو و منتدى سلفي هو شبكة الدفاع عن السنة لأقول لنفسي أيام اللادينية : انظر إلى الغباء الذي بلغه المسلمون.. هذا يسب الآخر يابن المتعة فيسبه الثاني بابن المسيار...و كما قال المعري : كل يؤيد دينه....يا ليت شعري ما الصحيح؟؟
))
كان من المفترض أن أكون في قمة الاستقرار و التوازن النفسي و العقلي بدراسة النظريات السابقة التي تجيب على أسئلة الإنسان كما تزعم..لكن الإجابات كانت تعذبني...
س- من أين ؟
ج- من الصدفة..
س- إلى أين؟
ج- إلى العدم..
س- لماذا ؟
ج- لا أدري..
حتى وصلت لمرحلة صرت أرى الوجود ككل مليئاً بالتناقض و العبثية و الكآبة , و لم يمنعني من وضع حد لحياتي إلا حبي لوالدتي و خشيتي أن يصيبها مكروه إذا أقدمت على هذه الفعلة..
ثم تركت القراءة بعدما كنت قارئاً نهماً..أحسست أنني لست بحاجة لمزيد من التكديس المعرفي الذي لا ينفع..و اتجهت نحو التأمل ..
التأمل في الموجودات من جهة و التأمل في ذاتي من جهة أخرى , جعلني هذا التأمل أشعر أنني كائن ذو قيمة و لأول مرة في حياتي ..
أنا لست فقط هذا الجسد المادي المعرض للموت و الفناء بكل بساطة , و التافه في محتواه من العناصر المادية , حين ذاك أيقنت أنني تحررت من قيود المادية و بالتالي انفتح أمامي باب لطالما أغلقته هو باب البحث في الأديان..
و لكن علم الأديان المقارن ليس بمقدور أي إنسان أن يلم به او حتى بجانب من جوانبه إلماماً كافياً , لذا كنت أركز على الأساسيات ..أساسيات كل دين و محاوره..
ثم انحصر تركيزي في الأديان الثلاثة الكبرى :
1- اليهودية
2- المسيحية
3- الإسلام
كنت أبحث عن الإله الحق , الكامل الصفات , المستغني عن كل ما سواه, المنزه عن كل أشكال النقص , و للاختصار :
- الإله اليهودي العنصري و المجسم و الخاص باليهود دون سواهم ليس ما أبحث عنه
- و الإله المسيحي العجيب المكون من ثلاثة أقانيم هي في جوهرها واحد لم يكن كذلك ما أبحث عنه
- أما الإله الإسلامي فهو واحد أحد , فرد صمد , متصف بكل صفات الكمال و منزه عن سائر صفات النقص , ليس كمثله شئ , ليس جسماً و لا يحل في جسم و لا شئ من هذه التناقضات..هذا هو الإله الذي نزّل القرآن على محمد و هذه صفاته من كتابه , فهو الإله المستحق للعبادة ..
- أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمداً رسول الله.
ظننت هنا أنني قد استرحت , و لكن تبين لي أن الطريق لا يزال طويلاً , فالإسلام فرق و مذاهب و كلها تقول أنها الفرقة الناجية و ما سواها على ضلال , و بالتالي فهذا يفرض علي بحثاً جديداً ضمن الدين الإسلامي نفسه هذه المرة..
و مرة أخرى قمت بذات العملية السابقة فبقي أمامي ثلاثة فرق :
1- السلفية
2- الصوفية
3- الشيعة
- و قد سجلت بمعرفات مختلفة في منتديات متعددة و رحت أبحث و أستقصي ما أمكنني , فدخلت في كثير من التفريعات التي ضيعت وقتي دون جدوى فقررت التركيز على الأساسيات من جديد ... صفات الإله عند كل فرقة من هذه الفرق..
المنهج السلفي في العقيدة يبدأ بالتركيز على توحيد الألوهية و توحيد الأسماء و الصفات , فلا صلاة و لا ذبح و لا نذر إلا لله , و هذا هو إخلاص العبادة لله , لكن حين يبدأ الحديث في صفات الله تجد أنهم يثبتون لله عز و جل الصفات بطريقة غريبة و كأن اللغة العربية ليست لغة التشبيه و المجاز..
يعني لو تناولنا بيت الشعر التالي على سبيل المثال :
ولد الهدى فالكائنات ضياء...و فم الزمان تبسم و ثناء
ثم سألنا أي دارس للغة العرب ماذا تفهم من الشطر الثاني من البيت السابق؟ فسيجيبك بأن الشاعر شبّه الزمان بالإنسان الذي له فم و هو يبتسم فرحاً بمولد رسول الله , أما السلفي فيقول لك :
أثبت للزمان فماً!! و أثبت له تبسماً !! لكن ليس كفم البشر و لا تبسم البشر...و قس على ذلك فهمهم للقرآن و الحديث..
هذا عدا عن تقديس الصحاح و على رأسها البخاري و مسلم و الاعتقاد بصحة كل ما جاء فيها , رغم ما فيها من أعاجيب تمت مناقشة الكثير منها في هذا المنتدى الكريم و غيره..
إلى جانب ما سبق نجد قسوة و غلظة على المخالفين تبلغ حد التكفير و القتل أحياناً..فلم أجد ضالتي هنا..
أما المنهج الصوفي فيركز على تزكية النفوس و جمع الهمة للسير في الطريق الموصل لله , و تجد في كتبهم شروحاً طيبة لآفات النفوس كالكبر و العجب و الرياء و غيرها و السبيل لعلاجها و التخلص منها, كما تجد حثاً على الزهد في الدنيا و عدم الاغترار بها , و كل ما سبق طيب بل و رائع , لكن حين تتعمق في كتابات كبار مشايخ التصوف و الأقوال المنسوبة لهم تجد طامات بمعنى الكلمة..
فهذا يقول عن نفسه و هو يرتدي جبة : (( ما في الجبة إلا الله)) , و الثاني يقول : (( سبحاني ما أعظم شاني )) , و الثالث يقول:
مقام النبوة في برزخ...فويق الرسول و دون الولي..
و حين تساءلهم عما سبق يقولون : شطحات ! أحوال ! أو يقولون مدسوسة على كتب التصوف , و يستميتون في الدفاع عن الشيخ محي الدين بن عربي رغم أن نظريته في وحدة الوجود واضحة في كتاباته ..
فلا يمكن أن أتعبد الله بإحدى تلك الطرق السابقة..
أما المنهج الشيعي فتركيزه الأساسي هو على مظلومية آل بيت رسول الله و ما تعرضوا له من ظلم واضطهاد وصل حدوداً لا معقولة..
و ما بحثه و قرأته في المذهب الشيعي الإمامي موجود في مشاركات لي هنا في المنتدى..
إذاً : أنا أميل للاعتقاد بأن الإسلام الشيعي [مدرسة آل البيت] هو المنهج المناسب و المقنع لي , و أعتبر نفسي رغم ما قرأت من كتب و تابعت من حوارات ضعيف المعرفة بالتشيع..هنا سأطرح تساؤلاتي و ليجزي الله خيراً من يساعدني في إيجاد الأجوبة..و أرجو رجاء حاراً الشيخ الفاضل أبو محمد العاملي أن يساعدني إذا تيسر لديه وقت و أنا له من الشاكرين الممتنين..
أطيب التحيات..
تعليق