الحل في "الخيار الوطني" ولا مكان للعمائم
في سياق الحديث عن الممارسة البرلمانية، ينتقد الزياني الطريقة التي تعامل فيها المجتمع مع الانتخابات متأثرا بالجماعات السياسية "إذا كانت جمعية مثل الوفاق أو الأصالة استطاعت الوصول إلى مقاعد البرلمان عن طريق "جمعيتها" فلأنها اشترت أصوات الشعب، تماما مثلما تفعل الحكومة.
الوفاق اشترت أصوات الجماهير الشيعية، وأتذكر هنا القصة التي قالها الدكتور منصور الجمري في صحيفة الوسط، عن شخص دخل بعكازه قاعة التصويت فرفع العصا وأشار لنائب يترشح للمرة الثانية قائلاً له "أنت ما سويت لنا شي لكن بعد برشحك لأن الشيخ قال اختاروه"
إذا أشرت بعصاي على نائب فاسد مثلاً وقلت إن الحكومة أو المشرّع قال انتخبوه، سيصبح التحرك حزبي ديني لا أكثر، وهذه قلة وعي منا. الحل هو أن الشيعي قبل السني لا يختار نوابه على أساس طائفي بل يختار على أساس حقوقي، أليس هذا الاختيار باستطاعته جلب حقي؟
على سبيل المثال في منطقتي مرشح سني، لماذا أنا كتنظيم وفاقي لا أسحب مرشحي لصالح مرشح أكفأ منه مع الأخذ بموافقته المبدئية على العمل مع الوفاق لخدمة الصالح العام تحت قبة البرلمان؟"
يرى الزياني أن العمائم في المجلس النيابي السابق لم يفعلوا شيئا، وفي المقابل يصف قيادات المعارضة الجدد وخصوصا من النواب "الأفندية" بأنهم سياسيون أثبتوا جدارتهم، وخامة قيادية لديها القدرة والكفاءة، ضاربا بالسيد هادي الموسوي ومطر مطر وعلي الأسود أمثلة على ذلك.
"إذا أردنا أن تلتحم الأمة (شعب البحرين) فيجب علينا كمجموعة أن نذهب لإخواننا لنعمل قاعدة: لا يهمنا الوفاق ماذا تريد أو ماذا يريد الشيخ عيسى قاسم أو الشيخ عبد اللطيف المحمود، نحن نحتاج لمشرع قانوني لا ديني.
المأخذ على الحركات السياسة هي قواعدها، جماهيرها. فلماذا لا أنخرط في هذه الجمعيات وأؤثر عليها؟ المأخذ على الشارع السني تحديدا أنه لا ينخرط في الجمعيات السياسية.
على سبيل المثال، أنا أرى جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) ورغم معارضتي الدينية الكبيرة لها، هي الأفضل من بين الجمعيات، أما الجمعيات السياسية الدينية فيتوجب عليها أن تخلع العمائم"
مستقبل العلاقة بين الطائفتين
يشير الزياني إلى أن هناك من يصور ما يحدث بأنه حرب بين السنة والشيعة وهذا ليس صحيحا حسبما يرى "فما أن تنتهي الحكومة من الشيعة، سترجع العلاقات بين السنة والشيعة مثلما كانت ولن يتأخر قادة السنة في تنفيذ الأمر، ما يحدث اليوم هو شيء من الهلع اللحظي"
ويقول "لو عدنا لتاريخ الشيعة لوجدناهم في الأساس متكتلين مع بعضهم البعض للظروف التاريخية التي مروا بها، والسنة بدأت تظهر عندهم ثقافة التكتل والعمل مع بعض، ومن الممكن أن تبقى هذه الثقافة، الشيعي لديه ثقافة الولاية والسني بدأ يعي ذلك" ليس في هذا أية مشكلة إلا أن ما يضايق الزياني أن يصل الأمر إلى أن يقول السني إنه لن يشتري من الشيعي وبالعكس! "أحد المواطنين الشيعة كسرت نافذة سيارته في عراد، ودفع ثمنا أكثر لزجاج صيني لكي لا يشتري الزجاج السعودي رغم أن السعودي أجود !!!!!"
"أنا عملت مع الشيعة وآخر مساعد لي في العمل كان شيعيا، وحتى في القيادة العامة لقوة الدفاع هناك شيعة يتولون مراكز كبيرة ومهمة وحساسة، لكن في الجيش تعطى الثقة للعوائل المعروف ولاؤها وفيهم شيعة، هي ليست طائفية بل ولائية، وهذا عرف في جميع الدول العربية والغربية"
لا يمانع الزياني أن يكون هناك تخطيط وتكاتف "أنا لا يضرني تكاتف الشيعة مع بعضهم البعض إذا لم يعملوا على تدمير الآخر ولعلي أرتاح للشيعي أكثر من غيره في بعض الأمور مثل التعليم والتجارة والجوار".
حوارات > محمد الزياني: هدم مسجد واحد يكفي ليطيح بالمشير، ومطالب المحمود ليست عند الشيعة! (2-3)

مرآة البحرين (خاص): أكثر ما يجذب جماهير المعارضة لتغريدات الزياني في تويتر هي انتقاداته الصريحة واللاذعة للنظام الحاكم، رغم كونه ينتقد الجميع. كذلك فللزياني وقفات صارمة في وجه الاعتداءات التي تتعرض لها بعض الأحياء الشيعية على يد مدنيين مسلحين، وهو يعبر عن أسفه وامتعاضه الشديد دوما من هذه التصرفات.
سنقدم في هذه الحلقة رأي الزياني الخاص في حراك المعارضة وفي ثورة اللؤلؤ، وكذلك في ردة فعل التيار السني وما يجب أن يبادر إليه اليوم. سنقدم أيضا قراءته الخاصة لتهمة الدعم الإيراني للمعارضة من جهة وتدخل قوات درع الجزيرة في البحرين من جهة أخرى.
وسيتحدث الزياني طويلا عن حملة القمع التي تعرض لها جمهور المعارضة، وسيطالب بإقالة المشير!
الحكومة تعبث بالانتخابات للاستمرار في الفساد والتضليل
"السنوات ما قبل 14 فبراير، أتمنى إن شاء الله أن لا تتكرر، لأن الحكومة ساهمت بشكل كبير في فسادها" يعيد الزياني الإشارة إلى تقرير الرقابة المالية كمثال بسيط "المواطن لا يعلم ماذا يحدث، لكن حين تأتي الدولة وتقول فلان أخذ، فلان فسد، فلان سرق فماذا تتوقع من المواطن؟ الدولة نفسها ساهمت في نشر الفوضى فلولا هذا التقرير لم نكن لنعلم ماذا يحدث في البلد.
في مقابل هذا الحكومة أعطت الناس حق انتخاب السلطة التشريعية والرقابية، لكن هذه السنوات العشر كانت الانتخابات تدار فيها بشكل مضحك من قبل الحكومة، فهي تمنح اختيار 40 نائبا وتضع عليهم 40 في الشورى، ثم تتدخل في الـ 40 الذين يختارهم الشعب! ليس هناك مانع من اختيار هذا الشخص إذا كان الشعب يريده فعلا، لكن أن ينتخب لأن الحكومة تريده فهذه مصيبة، حتى إذا أصبح نائبا اشتريت ذمته، وانضم للمفسدين، وهكذا إلى أن يستوزر وتلك مصيبة أكبر.
دوار اللؤلؤة كان لإسقاط النظام وتغيير الأسرة الحاكمة
"حتى لو كنت نزيلا دائما في الدوار أحضر هنا وهناك بشكل متكرر، فأنا أعرف خلفية هذا الحراك. من معيار حقوقي ما حدث في الدوار ليس قضية تصحيح وتصليح، هو أبعد بكثير. ما حدث في الدوار لو نظرت لهُ كمحلل سياسي، ذي هدف يصل لأعلى سقف بغض النظر عن بداياته الأولى".
من قام بحركة الدوار ليست الوفاق حتى نقول الوفاق تريد الإصلاح لا الإسقاط، وإنما هم شباب يريدون نسف كل شيء، أنا تحاورت مع الأستاذ حسن مشيمع ولي جلسات مع أكثر الناس تمردا وكذلك على البالتوك وأعرف إلى أين يتجهون. كلمة الأستاذ عبد الوهاب مع بداية حركة الدوار "يسقط من يسقط" ماذا كانت تعني؟ هل يريده أن يسقط من أجل أرض أو راتب؟ حسب تصوري، الحركة من الصفر بدأت من أجل إسقاط نظام البحرين و تغييره، الدوار كان خطوة لتغيير الأسرة الحاكمة.
"لو كان الأمر بيد خليفة بن سلمان لما بقيتم دقيقة واحدة" هكذا كان الزياني يقول للشباب في الدوار "أنتم الآن تحولتم من حركة تصحيح إلى تغيير، وخليفة بن سلمان بخبرته يعلم بالضبط إلى أين سيؤول هذا التجمع، هذا الرجل بغض النظر عن صلاحه أو طلاحه هو ينظر ويعلم بدقة ما ستؤول إليه الأمور والهدف منها"
حركة الدوار كما يراها الزياني حدث قد وقع، وكان من المفترض أن نتعامل معه.
السني لم يقع عليه خطر و"راعي النصيفة سالم"

في نظر الزياني أن من خرج في الدوار خرج لقلب نظام الحكم، وأن سقفهم تغيير النظام "لكن أنا ممكن أن أتحرك بطريقة أخري بحيث هم يستفيدون ويصلحون وأنا أستفيد، حتى لو كانت جماعتي 40% من السكان والانقلابيون 60% إلا أن القوة العسكرية للدولة والاعتراف الدولي في صالحي، ومن العقل أن أتركهم يصلحون ولا أخاف من أن يسقطوا النظام!"
المطلوب من الشيخ المحمود ليس أن يقول "نحن هنا لنا مطالب" فمطالبه ليست عند الشيعة وليست في الدوار، المفترض أن يذهب بمطالبه للرفاع وإذا لم تتحقق فيقول بأنه سينضم للمعارضة لا أن يجعل من نفسه معارضة للمعارضة، وقد قلت له ذلك شخصيا وذكّرته بأنه هو نفسه قال بأن 80% من مطالبه تتوافق مع مطالب الدوار. هذا ما يجب أن يفعله لكن ما يمنعه أن هناك شيئا يدار في الخفاء! لا نريد ال 80% من المطالب، يكفينا 70 ,60 وحتى النصف "وراعي النصيفه سالم يا دكتور"
السني لم يقع عليه خطر من الشيعي لكنه اصطف إلى جانب الحكومة ليحتمي بها عندما هدد بإيران والصفوية والجمهورية. لا يوجد خلاف بين السنة والشيعة حتى يدخل البعض في محاولات للإصلاح بينهما، هناك جهة عارضت النظام، وهناك من وقف مع هذا النظام، وأقلية من السنة اصطفت مع الجهة المعارضة والأكثرية اصطفت مع النظام، هذا هو الحال لا أكثر.
المعارضة قد تكون مدعومة من إيران وذلك ليس مستغربا

حول أن تكون المعارضة مدعومة إيرانيا يقول الزياني "لا أستبعد أن المعارضة تحصل على دعم إيراني، وهذا ليس خطأ، فعندما يتم الإعلان عن أي انقلاب في جميع أنحاء العالم، يطلب العون من الدول القوية المؤثرة والتي قد يكون لها مصلحة في المساعدة، حركة مصر مثلا أعلنت الانقلاب واجتمعت بالسفارة الأمريكية، هذا الأمر طبيعي"
درع الجزيرة دخل لحماية مواقع خليجية ولم نكن نحتاجه
دخول درع الجزيرة لم يكن يؤثر عسكريا، هي مسألة إخلاء. لكن بخروج قوات الجيش والحرس الوطني للشارع فقد يحدث فراغ في المنظومة الخليجية. درع الجزيرة لم يدخل لحماية البحرين من خطر داخلي وحتى القوة البحرينية الملحقة بدرع الجزيرة لم تتدخل في الجزء المحلي، بل دخل لشغل أماكن تابعة للخليج في مواقع مرتبطة بمجلس التعاون ويجب أن تشغل.
أنا ليس لدي أي تحسس من أن يدخلوا البحرين فهذه بلدهم ومواقعهم ومن المفروض أن يكونوا متواجدين فيها من سنوات، هم دائمو التواجد في السعودية على سبيل المثال، لكنني تضايقت من دخولهم، لأننا كنا نستطيع أن نحل مشكلتنا عسكرياً لوحدنا عندما يقرر النظام الحل العسكري، في الأحداث الأخيرة لم تشارك ولا 10% من قواتنا.
ما يقال من أن دخول درع الجزيرة هو لحماية منشآت حكومية أنا لا أعلمها! لكن هم في المعسكرات و لم ينزلوا الشارع ولا أقبل أن يقول لي أحد إن شرطيا ما كلمني بلهجة سعودية، البحراني يتكلم بلهجة عراقية أحيانا وهذا لا يعني أنه عراقي.
لماذا دخل درع الجزيرة البحرين وقت الضربة ؟ يسأل أحدهم، ويجيبه الزياني "لأن الحاكم العسكري يحتاج لكل قواته في حال ساءت الأحوال، وذلك ليس ليقتل أو يقاتل، بل لأنه قد يحتاج الجيش بالكامل لتقطيع البلاد مثلا، وإقامة نقاط تفتيش، وهناك مواضع في الخليج تعتبر تابعة لكل الخليج، هي نقاط مراقبة ومنصات صواريخ وأسلحة جوية لا بد أن تشغل"
هل دخول درع الجزيرة له بعد سياسي؟ يسأل آخر ويرد عليه مقرا "نعم له بعد سياسي ورسالة للخارج"
كل حركة ينتج عنها خراب وقد نحتاج للقمع
"في الدوار الحكومة استهدفت الخارجين عن القانون، كنت مع رضي الموسوي في الدوار و كان هناك أيضا إبراهيم شريف وعلي سلمان، أنا تحدثت في الخيمة وهم تحدثوا في المنصة، كلنا شاركنا لكن الحكومة حاسبت من أساء لسيادة الدولة ومن أساء للقانون"
الحكومة تعاملت مع الخارجين عن القانون في الدوار، واستهدفت السنة أكثر من الشيعة مثل البوفلاسة الذي لم يقل كلاما خارجا عن ما يقوله أبسط مواطن لكنها قبضت عليه لصفته العسكرية ومخالفته لقانونه العسكري.
أي حركة تحدث ينتج عنها خراب، دخلت في حوارات عما حدث مع الكثير من المعارضين في الدوار، وكنت كل ليلة أذهب وأصلي المغرب والعشاء وأحضر الندوات التي تقام. الأمر الذي حدث في الدوار هو نفخة غير واقعية في إحساس المواطن وقوته وهذه النقطة جداً مهمة. المواطن ظن أنه يستطيع أن يقود الحكومة فكان يشتم فلانا وفلانا ويهدد السنة بهذا الشعار (انتهت الزيارة عودوا إلى الزبارة) و(ارحلوا)
من ناحية أمنية قد أحتاج للقمع لأكسر الغرور الفاسد في البعض، ما حدث في الدوار من مبالغات أمر مرفوض، فرض حواجز وقطع طرق وغيرها، هذا خلل أمني زاد عن حده. لكن ردة الفعل كان يجب أن تكون في حدود التأديب القانوني بحيث لا يتأذى أي أحد.
ما قامت به الحكومة فيه كثير من العنجهية، أي مشتبه أو موشى به كانت أجهزة الأمن تعتقله، ثم يعذب ويطرد من العمل، ولم يسلم شيعي من دائرة حمراء على وجهه. كثير من الأمور لم نكن بحاجتها، حتى الموقع المخصص لسقاية المياه باسم الحسين دخلته القوات وأزالته!
هدم مسجد واحد يكفي ليطيح بالمشير
جلست مع كثير من المعتدلين وسألتهم عما تعرضوا له، كنت أسأل نفسي هل من اغتصبهم بشر فعلا؟ أنا لا أقبل أن يكون هناك اعتداء جنسي على رجل أو امرأة ولا طفل، وحتى المحكوم بالإعدام يفترض ألا تستباح حرمته، ولكني لا أستطيع استيعاب أن عبد الهادي الخواجة تعرض لاعتداء جنسي بأوامر، أتصور بأنها أمور شخصية إن حدثت، وإذا كان الاعتداء ممنهجا فتلك مصيبة كبيرة.
الحكومة هدمت ربما 40 مسجدا، لو أن من بينها مسجد واحد فقط مسجل بشكل رسمي لكان لزاما أن يقال المشير خليفة بن أحمد فورا، لمسئوليته عن ذلك بصفته قائدا للجيش، فكيف بخمسة مساجد مسجلة عند الوزارة، لا يحق لأحد حتى أن يدخلها ويلوثها، لذلك على النظام أن يحيل من حدد تلك المواقع وأمر بهدمها للمحاكمة، فالجيش منفذ لا مشرع ولا يوجد عنده قائمة المباني المخالفة والمبنية على أملاك الدولة أو أملاك خاصة، فمن قام بتحديد هذه المواقع يجب أن يطير.
بماذا خرج الناس بعد فترة مما حدث؟
الكل خسر. الجيش خسر سمعته عند الشيعة والأمن العام خسر ميزانيته والدولة خسرت اقتصادها وهناك قتلى في الشارع من المواطنين، من الذي استفاد؟
حتى الرضيع تأثر بمسيل الدموع أو بابتعاد والده أو والدته عنه، الكل خسر في هذا الحراك بدءا من جلالة الملك إلى أصغر واحد في البلد. وها هي الدولة تبني المساجد التي هدمتها وتدفع رواتب كل المفصولين والموقوفين عن العمل بعد أن أعادتهم إلى أعمالهم. وتدفع المبالغ الكبيرة لترمم سمعتها عالميا أو لتقاوم ما أحدثته حركة الدوار إعلاميا.
حوارات > محمد الزياني: على النظام أن يصالح الوفاق، والحل في حكومة ديمقراطية شبه منتخبة! ’3-3’
مرآة البحرين (خاص): على مدار الحلقتين السابقتين، نشرنا بعض آراء العقيد المتقاعد محمد الزياني في عدة مواضيع سياسية تحدث فيها بجرأة وحرية في أكثر من مجلس. الزياني ذو نشاط واسع ويحضر مختلف المهرجانات والندوات والأحداث السياسية. أريحي، صريح وشفاف ولا يعرف اللف والدوران.
هو يتمنى بكل صدق أن يصلح حال هذا البلد وأن تنتهي هذه الأزمة في صالح الوطن والناس. للزياني رؤيته الخاصة للحل السياسي الممكن في ظل هذا الصراع المعقد، وهي ما سنستعرضه في هذه الحلقة الأخيرة، بالإضافة إلى وجهة نظره الخاصة في إصلاح الأجهزة الأمنية.
أتى الوقت الذي يقال فيه للحاكم: إذا أردت أن تستمر...
"الآن أتى الوقت الذي يقال فيه للحاكم إذا أردت أن تستمر أشرك شعبك في الحكم. المعارضة لو أزاحت حمد بن عيسى لابد وأنها ستضع شخصا مكانه للحكم فمن ستضع؟ عيسى قاسم؟ علي سلمان؟ المحمود؟ هم يا جلالة الملك بشر مثلك يخطئون ويصيبون، ويمكن أن تكون أنت بتاريخ عائلتك وشرعيتك الحالية وبعلاقاتك مع العالم الأصلح منهم"
لكن المشكلة كما يرى الزياني هي في الذين حول الملك، فهم كما يقول عون عليه لا له، وهم من أجبر الناس على الخروج عليه وثوّرهم ضده، ففيهم من سرق وفيهم من خرب وفيهم من انتهك أعراض من هم تحت يده والمشكلة أن كل البحرين تتحدث عنهم بالاسم وبالجرم "يجب على الملك أن يضع من يتوسم فيهم الحكمة والشرف والقدرة على مسك النفس"
البروفيسور بسيوني درس الوضع كله وخرج بنتائج تفصيلية، فلماذا بعد ذلك أقوم بتعيين أحد المتورطين في الحدث لحل تبعات الحدث نفسه؟ حتى في الأسرة الحاكمة نفسها هناك وجوه مثقفة واعية ومسئولة تنتج، لكنها بعيدة عن السلطة!"
لا يطالب الزياني بتغيير رأس الحكم (الملك) لأنه يرى بأننا لو غيرنا الحاكم قبل 30 سنة لطلبنا تغييره الآن مجددا في الربيع العربي مثل ما حدث في اليمن وسوريا وليبيا وتونس ومصر، ويرى أن حكامنا يسيرون في حركة عمرانية وإن شابها شيء من الفساد "نحن لسنا أغنى من العراق، الحركة العمرانية التي قامت عندنا رغم الفساد أفضل من ليبيا والعراق ومصر"
سقف المطالب: على الملك أن يخلع الحكومة
يسأله أحدهم "لو كان الهدف إسقاط النظام هل يسبب ذلك ريبة عند أهل السنة؟" يجيبه الزياني مؤكدا: نعم يسبب ريبة بلا شك.
الزياني مع الإصلاح لكنه ليس مع التغيير الجذري كما يشدد دائما، يرى أن المشكلة هي أن الملك يتحمل مسئولية كل ما تقوم به الحكومة، فهو يعين المسئولين وبذلك هو المسئول عن كل القضايا. في الدول التي تكون فيها الأسرة المالكة تملك ولا تحكم يكون الملك بريء من أي شيء يحدث، لكن تغيير رأس الحكم أمر لا يتفق الناس عليه، وهو ما يجب أن يكون قاعدة أولية يقرها الجميع، فما وقع من ظلم قد يكون أكبر لو غير هذا النظام بحسب الزياني، إذا راهنا على شخص جديد لن نعرف ماذا سيجري من ورائه.
"بحسب نظرتي فإنني أرى أن وجود رأس الحكم محله ضرورة، لكنني أطالب جلالة الملك أن يخلع هذه الحكومة، كنت أقول إن على الحكومة أن تغادر بوجود كل هذا التقصير قبل الدوار، والآن أقول أن عليها أن تغادر حتى لو لم يكن لديها علم بالتقصير فهي أخفقت في أن تستشف ماذا سيحدث وماذا سيحصل، إن لم تكن متورطة فيه، وهي في الحالتين مدانة"
كيف تبقى حكومة لا زالت تحجز منطقة حساسة في البحرين كالدوار وتقطع الوصول إليها لأنها لم تستطع حل المشكلة السياسية التي تدور حول هذا الدوار؟ هذا يعطي انطباعا بأننا نعيش في "دولة رخوة"
أرى أن على الملك أن يغير الحكومة، النظام ليس معنيا بحماية حكومة فاسدة تؤلب الشعب عليه. دعنا نأخذ خليفة بن سلمان كمثال، ترأس الحكومة أكثر من أربعين سنة أصاب وأخطأ، ما المشكلة في تغييره أو إعادة تعيينه مرة ثانية بعد أن تحل حكومته الحالية أو تستقيل؟ ما المانع لأن يستبدل فلان بفلان آخر؟
النظام يجب أن يصالح الوفاق
الدولة أساءت التعامل مع الأزمة أكثر من سنة وليس من العقل أن يظل الوضع هكذا إلى أبد الآبدين، يجب أن تصلح الحكومة حالها مع المعارضة ليصلح حال المجتمع. الحكومة إذا أرادت أن تصلح حال الوطن يجب أن تصلح حالها مع الوفاق لأنها هي من يقود الشارع الشيعي، ومن لا تقوده الوفاق فليس له قيادة. ولذلك فيجب على النظام أن يتوافق معها ويحرجها بهذا التوافق حتى يخرجها خارج دائرة الأزمة.
دعنا نقول إن الشيعة مخربون، إذا كان المخربون 10 أو 20 سأنال منهم، ودعنا نقول إنهم يتبعون إيران، هل نقتلهم أم نجلس لنتحاور معهم؟ الأزمة تجاوزت عاما كاملا ولا يمكن أن تسير البلاد إلى الأمام من دون حلها، وليس شرطا أن يشمل الحل جماعة المحمود أو غيرهم من لم يكونوا طرفا فيها.
الحل رئيس وزراء يعينه الملك ويصوت عليه البرلمان

إذا كانت الحكومة المنتخبة غير مرغوب فيها من جلالة الملك، فليس لدينا مانع، ليعيّن لنا شخصا آخر ونحن نحاسبه! أنا لا أتفق مع الوفاق في مطلب الحكومة المنتخبة، لأن من يحكم في الحكومة المنتخبة هي الجماهير، والجماهير تختار بناء على توجيه ووصاية دينية كما فعل الرجل صاحب العصا في الانتخابات!
من حق المواطن أن يكون له صوت يساوي صوت أخيه كان سنيا أو شيعيا، مسلما أو غير مسلم، هذا حق لا نختلف عليه، لكن هل نحن جاهزون لمثل هذا النوع من الديمقراطية؟ لا أظن!
أرى أن الحراك حدث، والانفراد بالسلطة بالنسبة لجلالة الملك بات أمرا مستحيلا، ومن الصعب أن يحكم قبضته على الدولة بالنار والحديد، ولكن ما بعد الحكومة المنتخبة لن يكون هناك خط أحمر، وقد يصوت البرلمان أو الحكومة على عزل الملك شخصيا، حتى لو تطلب ذلك التصويت على تغيير دستوري يسمح بخلع الملك إذا لم يصلح أو لم يرض به الشعب، سيكون ذلك احتمالا واردا جدا. والأسرة الحاكمة لو سقطت فلن يكون هناك خوف على مستقبلها ولا على حالها ولن تخسر شيئا، من سيخسر في البحرين هو فقط المواطن السني والشيعي وهما سيتقاتلان لا محالة.
لذلك، بدلا من أن يتخلى الملك عن قوته للمواطن بإعطائه حق انتخاب الحكومة، وتكون الحكومة المنتخبة قادرة حتى على إسقاطه هو شخصيا في أي لحظة، على الملك والأسرة الحاكمة أن تنتبه بأن الناس لم تعد تقاد، الناس صارت تتكلم وتريد أن يؤخذ برأيها، فمن باب أصلح إذا أردت للناس أن تنتخب فليكن، ولكن بمحدودية، أي أن يكون من حق الملك أن يعين رئيس وزراء كما يرى، ومن حقي أنا كمواطن أن أصوت عليه إن كان يصلح أو لا عن طريق المجلس النيابي، أو أن يكون لي سلطة طرح الثقة عنه وإقالته، وهذا نوع من أنواع الحكومة المنتخبة.
يسأله أحدهم: هل ترى بأنه لا زال لدينا وقت لكل ذلك بعد كل ما حدث؟ يجب الزياني مشددا: إن لم يكن هناك وقت لهذا فسيكون الخيار الآخر هو أن نفتح بابا للتقاتل على الحكم، فلا السنة سيرضون بأن تكون الأغلبية الشيعية هي الحاكمة ولن يتخلوا عن حمد بن عيسى، ولا الشيعة سيكونون راضين لو حدث العكس.
حتى نصل إلى ما وصلت إليه تركيا من ثقافة شعبية ديمقراطية وإحساس بالمسئولية، فأنا أرى بأننا نحتاج لشيء من المحدودية في الإصلاح، ما المانع من أن يعين الملك رئيس وزارء اسمه خليفة بن سلمان أو جعفر عباس ويصوت عليه المجلس؟ ما سيكون في يد الملك هو التعيين ليس أكثر، وأنا كمجلس نيابي أستطيع خلعه فيما بعد!
يقاطعه أحدهم: هذه الآلية لن تقبل بها جماهير المعارضة ولا الوفاق!

يرد الزياني "هذا أكثر شيء من الممكن التوافق عليه بين الجهات المتصارعة داخل المجتمع. لابد من أن نجلس مع بعضنا البعض ونتفق جميعا على أن نتجه للإصلاح حتى لا يبقى الوضع فاسدا كما كان وحتى لا يصبح أيضا أكثر مأساوية باستمرار الخلاف والتصارع. أنا كسني معتدل لا أستطيع الآن أن أقبل حتى بتعيين أخي ملكا للبلاد، شعب البحرين شعب مثقف نعم، لكن الغالبية تقودها العواطف والتحزبات، فمن هو الشخص الذي سيرتضيه الجميع بدلا من حمد بن عيسى؟ لا يوجد!"
الحل الوسط، هو إما بموافقة الملك على الحكومة المنتحبة بتعيينات محدودة، كأن يشترط موافقته في تعيين وزراء الوزارات السيادية والأمنية والمراكز العليا فيها، أو العكس أن يعينها هو ويصوت عليها البرلمان. أما أن تكون الحكومة منتخبة بالكامل فذلك سيعني (لدى الشارع السني ولدي أنا شخصيا) أن ينتهي حكم آل خليفة في البحرين، ويتغير نظام الحكم.
الجيش لم يقتل الشيعة ولا يمكن إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية الآن
يرى الزياني أن القوة الأمنية لم تنحاز لسنة أو لشيعة، وأنها لو أمرت أن تنزل للسنة وتقمعهم فلن تتراجع "وقد فعلوها في عراد وفي الفاتح!" هو يرى بأن القوى الأمنية ليست طائفية بل ولائية وهذا شيء طبيعي بحسبه، ولذلك فلو كانت مخلوطة لشكلت خطرا أكبر مما يحدث الآن.
"الآن من المستحيل أن تحدث حرب أهلية لأن الجيش واحد، ولو كان العكس لحدثت مجازر كبيرة. هل ينزل الجيش السني لقتل الشيعة؟ أنا أتصور أن ذلك مستحيل، ولو كان الجيش خليطا متساويا من المذهبين لحصل هذا الأمر"
الشيعة ظلموا في الوزارتين (الدفاع والداخلية)، لكنني لا أرغب حاليا في الدمج، خوفا على الشيعي قبل السني، فالتكتل والانشقاق سيكون حتميا، ولك في جمعية وعد مثال، فهم علمانيون وغير متدينين لكنهم انشقوا أثناء الأزمة إلى سنة وشيعة!
حتى يأتي اليوم الذي تتغير فيه ثقافة الناس، فالحل أن يبقى الأمر على ما هو عليه وأن نتخلص من المتعصبين. الوزارتان تبقيان كما هما، ويعوّض الشيعة بالأفضل، المحاصصة في هاتين الوزارتين خطر على الجميع، والأصح أن يبقى السنة في المؤسسات العسكرية التي هم فيها، وأن يتعلم المواطنون ثقافة الجيش في التعامل مع الجمهور، وقواعد الاشتباك، حتى لا يتكرر ما حدث مع عبد الرضا بو حميد الذي أصيب ومات في الدوار.
حين كنت آمر المدرسة البحرية كان لدينا 27 جنديا شيعيا، كنت أقول لهم أنتم تمثلون الطبقة الشيعية هنا ويجب أن تكونوا قدوة، أنتم بداية حل، حسّنوا خلقكم في الدوام، في التحصيل وفي كل الجوانب، حتى صلاة الظهر تعالوا صلوا معنا في المسجد، وحتى إن لم تريدوا أن تصلوا جماعة تعالوا صلوا في الخلف بتربتكم، دعوا الآخرين جميعا يرونكم، ويعرفون أن هناك فئة من المجتمع بدأت تنخرط.
العسكريون الشيعة خرجوا من الجيش ووقفوا في الدوار، هذا يسمى انشقاق! السنة لم ينشق أحد منهم وحتى البوفلاسة لم ينشق بل قال كلمة حق وعبر عن رأيه في مكان لا يحق له فيه أن يتكلم، لذلك أرى بأن الشيعة بحاجة إلى تثقيف.
هذا الكلام قد لا يرضي الشيعة ، لكن الجانب الأمني له أولوية تتجاوز ذلك. ما يعنيني أن يكون هناك أمن وأنا أرى في موضوع الأمن بعد أن تنتهي الأزمة أنه يجب أن تبقى المؤسسات كما هي وأن نعمل على تثقيف الشعب أولا، بحيث حين تكون لدى أي مواطن غدا بندقيته، تكون معها ثقافة وطنية لا طائفية، الآن أنا شخصيا لا أرضى بعسكرة الشيعية إلا من أتوثق من أن لديه التحصيل العلمي والثقافة الوطنية التي تطغى على النزعة الطائفية.
بين الزياني وأحد العسكريين الشيعة المنشقين
أحد العسكريين الشيعة المنشقين (الذين خرجوا للدوار) كان ضمن تلك المجموعة التي دربتها، أخذته النزعة المذهبية وخرج، بل اتصل بقائده وقال: إذا أردتموني فتعالوا وخذوني من الدوار!
صادفته مؤخرا وقال لي أنا تلميذك هل تذكرني؟ أنت علمتني أنه حتى في العسكرية هناك كرامة ولذلك خرجت، قلت له أنا علمتك الكرامة وعلمتك التعقل. فرد علي "وهل التعقل فادك أنت؟ ألم تكن أنت أول "المتشحولين" حتى قبل الدوار؟ ألا تذكر كيف نقلنا أغراضك الشخصية لسيارتك عندما "شحولوك" لأنك كنت تدافع عن جنودك ولا ترضى بظلمهم؟".
في سياق الحديث عن الممارسة البرلمانية، ينتقد الزياني الطريقة التي تعامل فيها المجتمع مع الانتخابات متأثرا بالجماعات السياسية "إذا كانت جمعية مثل الوفاق أو الأصالة استطاعت الوصول إلى مقاعد البرلمان عن طريق "جمعيتها" فلأنها اشترت أصوات الشعب، تماما مثلما تفعل الحكومة.
الوفاق اشترت أصوات الجماهير الشيعية، وأتذكر هنا القصة التي قالها الدكتور منصور الجمري في صحيفة الوسط، عن شخص دخل بعكازه قاعة التصويت فرفع العصا وأشار لنائب يترشح للمرة الثانية قائلاً له "أنت ما سويت لنا شي لكن بعد برشحك لأن الشيخ قال اختاروه"
إذا أشرت بعصاي على نائب فاسد مثلاً وقلت إن الحكومة أو المشرّع قال انتخبوه، سيصبح التحرك حزبي ديني لا أكثر، وهذه قلة وعي منا. الحل هو أن الشيعي قبل السني لا يختار نوابه على أساس طائفي بل يختار على أساس حقوقي، أليس هذا الاختيار باستطاعته جلب حقي؟
على سبيل المثال في منطقتي مرشح سني، لماذا أنا كتنظيم وفاقي لا أسحب مرشحي لصالح مرشح أكفأ منه مع الأخذ بموافقته المبدئية على العمل مع الوفاق لخدمة الصالح العام تحت قبة البرلمان؟"
يرى الزياني أن العمائم في المجلس النيابي السابق لم يفعلوا شيئا، وفي المقابل يصف قيادات المعارضة الجدد وخصوصا من النواب "الأفندية" بأنهم سياسيون أثبتوا جدارتهم، وخامة قيادية لديها القدرة والكفاءة، ضاربا بالسيد هادي الموسوي ومطر مطر وعلي الأسود أمثلة على ذلك.
"إذا أردنا أن تلتحم الأمة (شعب البحرين) فيجب علينا كمجموعة أن نذهب لإخواننا لنعمل قاعدة: لا يهمنا الوفاق ماذا تريد أو ماذا يريد الشيخ عيسى قاسم أو الشيخ عبد اللطيف المحمود، نحن نحتاج لمشرع قانوني لا ديني.
المأخذ على الحركات السياسة هي قواعدها، جماهيرها. فلماذا لا أنخرط في هذه الجمعيات وأؤثر عليها؟ المأخذ على الشارع السني تحديدا أنه لا ينخرط في الجمعيات السياسية.
على سبيل المثال، أنا أرى جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) ورغم معارضتي الدينية الكبيرة لها، هي الأفضل من بين الجمعيات، أما الجمعيات السياسية الدينية فيتوجب عليها أن تخلع العمائم"
مستقبل العلاقة بين الطائفتين
يشير الزياني إلى أن هناك من يصور ما يحدث بأنه حرب بين السنة والشيعة وهذا ليس صحيحا حسبما يرى "فما أن تنتهي الحكومة من الشيعة، سترجع العلاقات بين السنة والشيعة مثلما كانت ولن يتأخر قادة السنة في تنفيذ الأمر، ما يحدث اليوم هو شيء من الهلع اللحظي"
ويقول "لو عدنا لتاريخ الشيعة لوجدناهم في الأساس متكتلين مع بعضهم البعض للظروف التاريخية التي مروا بها، والسنة بدأت تظهر عندهم ثقافة التكتل والعمل مع بعض، ومن الممكن أن تبقى هذه الثقافة، الشيعي لديه ثقافة الولاية والسني بدأ يعي ذلك" ليس في هذا أية مشكلة إلا أن ما يضايق الزياني أن يصل الأمر إلى أن يقول السني إنه لن يشتري من الشيعي وبالعكس! "أحد المواطنين الشيعة كسرت نافذة سيارته في عراد، ودفع ثمنا أكثر لزجاج صيني لكي لا يشتري الزجاج السعودي رغم أن السعودي أجود !!!!!"
"أنا عملت مع الشيعة وآخر مساعد لي في العمل كان شيعيا، وحتى في القيادة العامة لقوة الدفاع هناك شيعة يتولون مراكز كبيرة ومهمة وحساسة، لكن في الجيش تعطى الثقة للعوائل المعروف ولاؤها وفيهم شيعة، هي ليست طائفية بل ولائية، وهذا عرف في جميع الدول العربية والغربية"
لا يمانع الزياني أن يكون هناك تخطيط وتكاتف "أنا لا يضرني تكاتف الشيعة مع بعضهم البعض إذا لم يعملوا على تدمير الآخر ولعلي أرتاح للشيعي أكثر من غيره في بعض الأمور مثل التعليم والتجارة والجوار".
حوارات > محمد الزياني: هدم مسجد واحد يكفي ليطيح بالمشير، ومطالب المحمود ليست عند الشيعة! (2-3)

مرآة البحرين (خاص): أكثر ما يجذب جماهير المعارضة لتغريدات الزياني في تويتر هي انتقاداته الصريحة واللاذعة للنظام الحاكم، رغم كونه ينتقد الجميع. كذلك فللزياني وقفات صارمة في وجه الاعتداءات التي تتعرض لها بعض الأحياء الشيعية على يد مدنيين مسلحين، وهو يعبر عن أسفه وامتعاضه الشديد دوما من هذه التصرفات.
سنقدم في هذه الحلقة رأي الزياني الخاص في حراك المعارضة وفي ثورة اللؤلؤ، وكذلك في ردة فعل التيار السني وما يجب أن يبادر إليه اليوم. سنقدم أيضا قراءته الخاصة لتهمة الدعم الإيراني للمعارضة من جهة وتدخل قوات درع الجزيرة في البحرين من جهة أخرى.
وسيتحدث الزياني طويلا عن حملة القمع التي تعرض لها جمهور المعارضة، وسيطالب بإقالة المشير!
الحكومة تعبث بالانتخابات للاستمرار في الفساد والتضليل
"السنوات ما قبل 14 فبراير، أتمنى إن شاء الله أن لا تتكرر، لأن الحكومة ساهمت بشكل كبير في فسادها" يعيد الزياني الإشارة إلى تقرير الرقابة المالية كمثال بسيط "المواطن لا يعلم ماذا يحدث، لكن حين تأتي الدولة وتقول فلان أخذ، فلان فسد، فلان سرق فماذا تتوقع من المواطن؟ الدولة نفسها ساهمت في نشر الفوضى فلولا هذا التقرير لم نكن لنعلم ماذا يحدث في البلد.
في مقابل هذا الحكومة أعطت الناس حق انتخاب السلطة التشريعية والرقابية، لكن هذه السنوات العشر كانت الانتخابات تدار فيها بشكل مضحك من قبل الحكومة، فهي تمنح اختيار 40 نائبا وتضع عليهم 40 في الشورى، ثم تتدخل في الـ 40 الذين يختارهم الشعب! ليس هناك مانع من اختيار هذا الشخص إذا كان الشعب يريده فعلا، لكن أن ينتخب لأن الحكومة تريده فهذه مصيبة، حتى إذا أصبح نائبا اشتريت ذمته، وانضم للمفسدين، وهكذا إلى أن يستوزر وتلك مصيبة أكبر.
دوار اللؤلؤة كان لإسقاط النظام وتغيير الأسرة الحاكمة
"حتى لو كنت نزيلا دائما في الدوار أحضر هنا وهناك بشكل متكرر، فأنا أعرف خلفية هذا الحراك. من معيار حقوقي ما حدث في الدوار ليس قضية تصحيح وتصليح، هو أبعد بكثير. ما حدث في الدوار لو نظرت لهُ كمحلل سياسي، ذي هدف يصل لأعلى سقف بغض النظر عن بداياته الأولى".
من قام بحركة الدوار ليست الوفاق حتى نقول الوفاق تريد الإصلاح لا الإسقاط، وإنما هم شباب يريدون نسف كل شيء، أنا تحاورت مع الأستاذ حسن مشيمع ولي جلسات مع أكثر الناس تمردا وكذلك على البالتوك وأعرف إلى أين يتجهون. كلمة الأستاذ عبد الوهاب مع بداية حركة الدوار "يسقط من يسقط" ماذا كانت تعني؟ هل يريده أن يسقط من أجل أرض أو راتب؟ حسب تصوري، الحركة من الصفر بدأت من أجل إسقاط نظام البحرين و تغييره، الدوار كان خطوة لتغيير الأسرة الحاكمة.
"لو كان الأمر بيد خليفة بن سلمان لما بقيتم دقيقة واحدة" هكذا كان الزياني يقول للشباب في الدوار "أنتم الآن تحولتم من حركة تصحيح إلى تغيير، وخليفة بن سلمان بخبرته يعلم بالضبط إلى أين سيؤول هذا التجمع، هذا الرجل بغض النظر عن صلاحه أو طلاحه هو ينظر ويعلم بدقة ما ستؤول إليه الأمور والهدف منها"
حركة الدوار كما يراها الزياني حدث قد وقع، وكان من المفترض أن نتعامل معه.
السني لم يقع عليه خطر و"راعي النصيفة سالم"
في نظر الزياني أن من خرج في الدوار خرج لقلب نظام الحكم، وأن سقفهم تغيير النظام "لكن أنا ممكن أن أتحرك بطريقة أخري بحيث هم يستفيدون ويصلحون وأنا أستفيد، حتى لو كانت جماعتي 40% من السكان والانقلابيون 60% إلا أن القوة العسكرية للدولة والاعتراف الدولي في صالحي، ومن العقل أن أتركهم يصلحون ولا أخاف من أن يسقطوا النظام!"
المطلوب من الشيخ المحمود ليس أن يقول "نحن هنا لنا مطالب" فمطالبه ليست عند الشيعة وليست في الدوار، المفترض أن يذهب بمطالبه للرفاع وإذا لم تتحقق فيقول بأنه سينضم للمعارضة لا أن يجعل من نفسه معارضة للمعارضة، وقد قلت له ذلك شخصيا وذكّرته بأنه هو نفسه قال بأن 80% من مطالبه تتوافق مع مطالب الدوار. هذا ما يجب أن يفعله لكن ما يمنعه أن هناك شيئا يدار في الخفاء! لا نريد ال 80% من المطالب، يكفينا 70 ,60 وحتى النصف "وراعي النصيفه سالم يا دكتور"
السني لم يقع عليه خطر من الشيعي لكنه اصطف إلى جانب الحكومة ليحتمي بها عندما هدد بإيران والصفوية والجمهورية. لا يوجد خلاف بين السنة والشيعة حتى يدخل البعض في محاولات للإصلاح بينهما، هناك جهة عارضت النظام، وهناك من وقف مع هذا النظام، وأقلية من السنة اصطفت مع الجهة المعارضة والأكثرية اصطفت مع النظام، هذا هو الحال لا أكثر.
المعارضة قد تكون مدعومة من إيران وذلك ليس مستغربا
حول أن تكون المعارضة مدعومة إيرانيا يقول الزياني "لا أستبعد أن المعارضة تحصل على دعم إيراني، وهذا ليس خطأ، فعندما يتم الإعلان عن أي انقلاب في جميع أنحاء العالم، يطلب العون من الدول القوية المؤثرة والتي قد يكون لها مصلحة في المساعدة، حركة مصر مثلا أعلنت الانقلاب واجتمعت بالسفارة الأمريكية، هذا الأمر طبيعي"
درع الجزيرة دخل لحماية مواقع خليجية ولم نكن نحتاجه
دخول درع الجزيرة لم يكن يؤثر عسكريا، هي مسألة إخلاء. لكن بخروج قوات الجيش والحرس الوطني للشارع فقد يحدث فراغ في المنظومة الخليجية. درع الجزيرة لم يدخل لحماية البحرين من خطر داخلي وحتى القوة البحرينية الملحقة بدرع الجزيرة لم تتدخل في الجزء المحلي، بل دخل لشغل أماكن تابعة للخليج في مواقع مرتبطة بمجلس التعاون ويجب أن تشغل.
أنا ليس لدي أي تحسس من أن يدخلوا البحرين فهذه بلدهم ومواقعهم ومن المفروض أن يكونوا متواجدين فيها من سنوات، هم دائمو التواجد في السعودية على سبيل المثال، لكنني تضايقت من دخولهم، لأننا كنا نستطيع أن نحل مشكلتنا عسكرياً لوحدنا عندما يقرر النظام الحل العسكري، في الأحداث الأخيرة لم تشارك ولا 10% من قواتنا.
ما يقال من أن دخول درع الجزيرة هو لحماية منشآت حكومية أنا لا أعلمها! لكن هم في المعسكرات و لم ينزلوا الشارع ولا أقبل أن يقول لي أحد إن شرطيا ما كلمني بلهجة سعودية، البحراني يتكلم بلهجة عراقية أحيانا وهذا لا يعني أنه عراقي.
لماذا دخل درع الجزيرة البحرين وقت الضربة ؟ يسأل أحدهم، ويجيبه الزياني "لأن الحاكم العسكري يحتاج لكل قواته في حال ساءت الأحوال، وذلك ليس ليقتل أو يقاتل، بل لأنه قد يحتاج الجيش بالكامل لتقطيع البلاد مثلا، وإقامة نقاط تفتيش، وهناك مواضع في الخليج تعتبر تابعة لكل الخليج، هي نقاط مراقبة ومنصات صواريخ وأسلحة جوية لا بد أن تشغل"
هل دخول درع الجزيرة له بعد سياسي؟ يسأل آخر ويرد عليه مقرا "نعم له بعد سياسي ورسالة للخارج"
كل حركة ينتج عنها خراب وقد نحتاج للقمع
"في الدوار الحكومة استهدفت الخارجين عن القانون، كنت مع رضي الموسوي في الدوار و كان هناك أيضا إبراهيم شريف وعلي سلمان، أنا تحدثت في الخيمة وهم تحدثوا في المنصة، كلنا شاركنا لكن الحكومة حاسبت من أساء لسيادة الدولة ومن أساء للقانون"
الحكومة تعاملت مع الخارجين عن القانون في الدوار، واستهدفت السنة أكثر من الشيعة مثل البوفلاسة الذي لم يقل كلاما خارجا عن ما يقوله أبسط مواطن لكنها قبضت عليه لصفته العسكرية ومخالفته لقانونه العسكري.
أي حركة تحدث ينتج عنها خراب، دخلت في حوارات عما حدث مع الكثير من المعارضين في الدوار، وكنت كل ليلة أذهب وأصلي المغرب والعشاء وأحضر الندوات التي تقام. الأمر الذي حدث في الدوار هو نفخة غير واقعية في إحساس المواطن وقوته وهذه النقطة جداً مهمة. المواطن ظن أنه يستطيع أن يقود الحكومة فكان يشتم فلانا وفلانا ويهدد السنة بهذا الشعار (انتهت الزيارة عودوا إلى الزبارة) و(ارحلوا)
من ناحية أمنية قد أحتاج للقمع لأكسر الغرور الفاسد في البعض، ما حدث في الدوار من مبالغات أمر مرفوض، فرض حواجز وقطع طرق وغيرها، هذا خلل أمني زاد عن حده. لكن ردة الفعل كان يجب أن تكون في حدود التأديب القانوني بحيث لا يتأذى أي أحد.
ما قامت به الحكومة فيه كثير من العنجهية، أي مشتبه أو موشى به كانت أجهزة الأمن تعتقله، ثم يعذب ويطرد من العمل، ولم يسلم شيعي من دائرة حمراء على وجهه. كثير من الأمور لم نكن بحاجتها، حتى الموقع المخصص لسقاية المياه باسم الحسين دخلته القوات وأزالته!
هدم مسجد واحد يكفي ليطيح بالمشير
جلست مع كثير من المعتدلين وسألتهم عما تعرضوا له، كنت أسأل نفسي هل من اغتصبهم بشر فعلا؟ أنا لا أقبل أن يكون هناك اعتداء جنسي على رجل أو امرأة ولا طفل، وحتى المحكوم بالإعدام يفترض ألا تستباح حرمته، ولكني لا أستطيع استيعاب أن عبد الهادي الخواجة تعرض لاعتداء جنسي بأوامر، أتصور بأنها أمور شخصية إن حدثت، وإذا كان الاعتداء ممنهجا فتلك مصيبة كبيرة.
الحكومة هدمت ربما 40 مسجدا، لو أن من بينها مسجد واحد فقط مسجل بشكل رسمي لكان لزاما أن يقال المشير خليفة بن أحمد فورا، لمسئوليته عن ذلك بصفته قائدا للجيش، فكيف بخمسة مساجد مسجلة عند الوزارة، لا يحق لأحد حتى أن يدخلها ويلوثها، لذلك على النظام أن يحيل من حدد تلك المواقع وأمر بهدمها للمحاكمة، فالجيش منفذ لا مشرع ولا يوجد عنده قائمة المباني المخالفة والمبنية على أملاك الدولة أو أملاك خاصة، فمن قام بتحديد هذه المواقع يجب أن يطير.
بماذا خرج الناس بعد فترة مما حدث؟
الكل خسر. الجيش خسر سمعته عند الشيعة والأمن العام خسر ميزانيته والدولة خسرت اقتصادها وهناك قتلى في الشارع من المواطنين، من الذي استفاد؟
حتى الرضيع تأثر بمسيل الدموع أو بابتعاد والده أو والدته عنه، الكل خسر في هذا الحراك بدءا من جلالة الملك إلى أصغر واحد في البلد. وها هي الدولة تبني المساجد التي هدمتها وتدفع رواتب كل المفصولين والموقوفين عن العمل بعد أن أعادتهم إلى أعمالهم. وتدفع المبالغ الكبيرة لترمم سمعتها عالميا أو لتقاوم ما أحدثته حركة الدوار إعلاميا.
حوارات > محمد الزياني: على النظام أن يصالح الوفاق، والحل في حكومة ديمقراطية شبه منتخبة! ’3-3’
مرآة البحرين (خاص): على مدار الحلقتين السابقتين، نشرنا بعض آراء العقيد المتقاعد محمد الزياني في عدة مواضيع سياسية تحدث فيها بجرأة وحرية في أكثر من مجلس. الزياني ذو نشاط واسع ويحضر مختلف المهرجانات والندوات والأحداث السياسية. أريحي، صريح وشفاف ولا يعرف اللف والدوران.
هو يتمنى بكل صدق أن يصلح حال هذا البلد وأن تنتهي هذه الأزمة في صالح الوطن والناس. للزياني رؤيته الخاصة للحل السياسي الممكن في ظل هذا الصراع المعقد، وهي ما سنستعرضه في هذه الحلقة الأخيرة، بالإضافة إلى وجهة نظره الخاصة في إصلاح الأجهزة الأمنية.
أتى الوقت الذي يقال فيه للحاكم: إذا أردت أن تستمر...
"الآن أتى الوقت الذي يقال فيه للحاكم إذا أردت أن تستمر أشرك شعبك في الحكم. المعارضة لو أزاحت حمد بن عيسى لابد وأنها ستضع شخصا مكانه للحكم فمن ستضع؟ عيسى قاسم؟ علي سلمان؟ المحمود؟ هم يا جلالة الملك بشر مثلك يخطئون ويصيبون، ويمكن أن تكون أنت بتاريخ عائلتك وشرعيتك الحالية وبعلاقاتك مع العالم الأصلح منهم"
لكن المشكلة كما يرى الزياني هي في الذين حول الملك، فهم كما يقول عون عليه لا له، وهم من أجبر الناس على الخروج عليه وثوّرهم ضده، ففيهم من سرق وفيهم من خرب وفيهم من انتهك أعراض من هم تحت يده والمشكلة أن كل البحرين تتحدث عنهم بالاسم وبالجرم "يجب على الملك أن يضع من يتوسم فيهم الحكمة والشرف والقدرة على مسك النفس"
البروفيسور بسيوني درس الوضع كله وخرج بنتائج تفصيلية، فلماذا بعد ذلك أقوم بتعيين أحد المتورطين في الحدث لحل تبعات الحدث نفسه؟ حتى في الأسرة الحاكمة نفسها هناك وجوه مثقفة واعية ومسئولة تنتج، لكنها بعيدة عن السلطة!"
لا يطالب الزياني بتغيير رأس الحكم (الملك) لأنه يرى بأننا لو غيرنا الحاكم قبل 30 سنة لطلبنا تغييره الآن مجددا في الربيع العربي مثل ما حدث في اليمن وسوريا وليبيا وتونس ومصر، ويرى أن حكامنا يسيرون في حركة عمرانية وإن شابها شيء من الفساد "نحن لسنا أغنى من العراق، الحركة العمرانية التي قامت عندنا رغم الفساد أفضل من ليبيا والعراق ومصر"
سقف المطالب: على الملك أن يخلع الحكومة
يسأله أحدهم "لو كان الهدف إسقاط النظام هل يسبب ذلك ريبة عند أهل السنة؟" يجيبه الزياني مؤكدا: نعم يسبب ريبة بلا شك.
الزياني مع الإصلاح لكنه ليس مع التغيير الجذري كما يشدد دائما، يرى أن المشكلة هي أن الملك يتحمل مسئولية كل ما تقوم به الحكومة، فهو يعين المسئولين وبذلك هو المسئول عن كل القضايا. في الدول التي تكون فيها الأسرة المالكة تملك ولا تحكم يكون الملك بريء من أي شيء يحدث، لكن تغيير رأس الحكم أمر لا يتفق الناس عليه، وهو ما يجب أن يكون قاعدة أولية يقرها الجميع، فما وقع من ظلم قد يكون أكبر لو غير هذا النظام بحسب الزياني، إذا راهنا على شخص جديد لن نعرف ماذا سيجري من ورائه.
"بحسب نظرتي فإنني أرى أن وجود رأس الحكم محله ضرورة، لكنني أطالب جلالة الملك أن يخلع هذه الحكومة، كنت أقول إن على الحكومة أن تغادر بوجود كل هذا التقصير قبل الدوار، والآن أقول أن عليها أن تغادر حتى لو لم يكن لديها علم بالتقصير فهي أخفقت في أن تستشف ماذا سيحدث وماذا سيحصل، إن لم تكن متورطة فيه، وهي في الحالتين مدانة"
كيف تبقى حكومة لا زالت تحجز منطقة حساسة في البحرين كالدوار وتقطع الوصول إليها لأنها لم تستطع حل المشكلة السياسية التي تدور حول هذا الدوار؟ هذا يعطي انطباعا بأننا نعيش في "دولة رخوة"
أرى أن على الملك أن يغير الحكومة، النظام ليس معنيا بحماية حكومة فاسدة تؤلب الشعب عليه. دعنا نأخذ خليفة بن سلمان كمثال، ترأس الحكومة أكثر من أربعين سنة أصاب وأخطأ، ما المشكلة في تغييره أو إعادة تعيينه مرة ثانية بعد أن تحل حكومته الحالية أو تستقيل؟ ما المانع لأن يستبدل فلان بفلان آخر؟
النظام يجب أن يصالح الوفاق
الدولة أساءت التعامل مع الأزمة أكثر من سنة وليس من العقل أن يظل الوضع هكذا إلى أبد الآبدين، يجب أن تصلح الحكومة حالها مع المعارضة ليصلح حال المجتمع. الحكومة إذا أرادت أن تصلح حال الوطن يجب أن تصلح حالها مع الوفاق لأنها هي من يقود الشارع الشيعي، ومن لا تقوده الوفاق فليس له قيادة. ولذلك فيجب على النظام أن يتوافق معها ويحرجها بهذا التوافق حتى يخرجها خارج دائرة الأزمة.
دعنا نقول إن الشيعة مخربون، إذا كان المخربون 10 أو 20 سأنال منهم، ودعنا نقول إنهم يتبعون إيران، هل نقتلهم أم نجلس لنتحاور معهم؟ الأزمة تجاوزت عاما كاملا ولا يمكن أن تسير البلاد إلى الأمام من دون حلها، وليس شرطا أن يشمل الحل جماعة المحمود أو غيرهم من لم يكونوا طرفا فيها.
الحل رئيس وزراء يعينه الملك ويصوت عليه البرلمان

إذا كانت الحكومة المنتخبة غير مرغوب فيها من جلالة الملك، فليس لدينا مانع، ليعيّن لنا شخصا آخر ونحن نحاسبه! أنا لا أتفق مع الوفاق في مطلب الحكومة المنتخبة، لأن من يحكم في الحكومة المنتخبة هي الجماهير، والجماهير تختار بناء على توجيه ووصاية دينية كما فعل الرجل صاحب العصا في الانتخابات!
من حق المواطن أن يكون له صوت يساوي صوت أخيه كان سنيا أو شيعيا، مسلما أو غير مسلم، هذا حق لا نختلف عليه، لكن هل نحن جاهزون لمثل هذا النوع من الديمقراطية؟ لا أظن!
أرى أن الحراك حدث، والانفراد بالسلطة بالنسبة لجلالة الملك بات أمرا مستحيلا، ومن الصعب أن يحكم قبضته على الدولة بالنار والحديد، ولكن ما بعد الحكومة المنتخبة لن يكون هناك خط أحمر، وقد يصوت البرلمان أو الحكومة على عزل الملك شخصيا، حتى لو تطلب ذلك التصويت على تغيير دستوري يسمح بخلع الملك إذا لم يصلح أو لم يرض به الشعب، سيكون ذلك احتمالا واردا جدا. والأسرة الحاكمة لو سقطت فلن يكون هناك خوف على مستقبلها ولا على حالها ولن تخسر شيئا، من سيخسر في البحرين هو فقط المواطن السني والشيعي وهما سيتقاتلان لا محالة.
لذلك، بدلا من أن يتخلى الملك عن قوته للمواطن بإعطائه حق انتخاب الحكومة، وتكون الحكومة المنتخبة قادرة حتى على إسقاطه هو شخصيا في أي لحظة، على الملك والأسرة الحاكمة أن تنتبه بأن الناس لم تعد تقاد، الناس صارت تتكلم وتريد أن يؤخذ برأيها، فمن باب أصلح إذا أردت للناس أن تنتخب فليكن، ولكن بمحدودية، أي أن يكون من حق الملك أن يعين رئيس وزراء كما يرى، ومن حقي أنا كمواطن أن أصوت عليه إن كان يصلح أو لا عن طريق المجلس النيابي، أو أن يكون لي سلطة طرح الثقة عنه وإقالته، وهذا نوع من أنواع الحكومة المنتخبة.
يسأله أحدهم: هل ترى بأنه لا زال لدينا وقت لكل ذلك بعد كل ما حدث؟ يجب الزياني مشددا: إن لم يكن هناك وقت لهذا فسيكون الخيار الآخر هو أن نفتح بابا للتقاتل على الحكم، فلا السنة سيرضون بأن تكون الأغلبية الشيعية هي الحاكمة ولن يتخلوا عن حمد بن عيسى، ولا الشيعة سيكونون راضين لو حدث العكس.
حتى نصل إلى ما وصلت إليه تركيا من ثقافة شعبية ديمقراطية وإحساس بالمسئولية، فأنا أرى بأننا نحتاج لشيء من المحدودية في الإصلاح، ما المانع من أن يعين الملك رئيس وزارء اسمه خليفة بن سلمان أو جعفر عباس ويصوت عليه المجلس؟ ما سيكون في يد الملك هو التعيين ليس أكثر، وأنا كمجلس نيابي أستطيع خلعه فيما بعد!
يقاطعه أحدهم: هذه الآلية لن تقبل بها جماهير المعارضة ولا الوفاق!

يرد الزياني "هذا أكثر شيء من الممكن التوافق عليه بين الجهات المتصارعة داخل المجتمع. لابد من أن نجلس مع بعضنا البعض ونتفق جميعا على أن نتجه للإصلاح حتى لا يبقى الوضع فاسدا كما كان وحتى لا يصبح أيضا أكثر مأساوية باستمرار الخلاف والتصارع. أنا كسني معتدل لا أستطيع الآن أن أقبل حتى بتعيين أخي ملكا للبلاد، شعب البحرين شعب مثقف نعم، لكن الغالبية تقودها العواطف والتحزبات، فمن هو الشخص الذي سيرتضيه الجميع بدلا من حمد بن عيسى؟ لا يوجد!"
الحل الوسط، هو إما بموافقة الملك على الحكومة المنتحبة بتعيينات محدودة، كأن يشترط موافقته في تعيين وزراء الوزارات السيادية والأمنية والمراكز العليا فيها، أو العكس أن يعينها هو ويصوت عليها البرلمان. أما أن تكون الحكومة منتخبة بالكامل فذلك سيعني (لدى الشارع السني ولدي أنا شخصيا) أن ينتهي حكم آل خليفة في البحرين، ويتغير نظام الحكم.
الجيش لم يقتل الشيعة ولا يمكن إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية الآن
يرى الزياني أن القوة الأمنية لم تنحاز لسنة أو لشيعة، وأنها لو أمرت أن تنزل للسنة وتقمعهم فلن تتراجع "وقد فعلوها في عراد وفي الفاتح!" هو يرى بأن القوى الأمنية ليست طائفية بل ولائية وهذا شيء طبيعي بحسبه، ولذلك فلو كانت مخلوطة لشكلت خطرا أكبر مما يحدث الآن.
"الآن من المستحيل أن تحدث حرب أهلية لأن الجيش واحد، ولو كان العكس لحدثت مجازر كبيرة. هل ينزل الجيش السني لقتل الشيعة؟ أنا أتصور أن ذلك مستحيل، ولو كان الجيش خليطا متساويا من المذهبين لحصل هذا الأمر"
الشيعة ظلموا في الوزارتين (الدفاع والداخلية)، لكنني لا أرغب حاليا في الدمج، خوفا على الشيعي قبل السني، فالتكتل والانشقاق سيكون حتميا، ولك في جمعية وعد مثال، فهم علمانيون وغير متدينين لكنهم انشقوا أثناء الأزمة إلى سنة وشيعة!
حتى يأتي اليوم الذي تتغير فيه ثقافة الناس، فالحل أن يبقى الأمر على ما هو عليه وأن نتخلص من المتعصبين. الوزارتان تبقيان كما هما، ويعوّض الشيعة بالأفضل، المحاصصة في هاتين الوزارتين خطر على الجميع، والأصح أن يبقى السنة في المؤسسات العسكرية التي هم فيها، وأن يتعلم المواطنون ثقافة الجيش في التعامل مع الجمهور، وقواعد الاشتباك، حتى لا يتكرر ما حدث مع عبد الرضا بو حميد الذي أصيب ومات في الدوار.
حين كنت آمر المدرسة البحرية كان لدينا 27 جنديا شيعيا، كنت أقول لهم أنتم تمثلون الطبقة الشيعية هنا ويجب أن تكونوا قدوة، أنتم بداية حل، حسّنوا خلقكم في الدوام، في التحصيل وفي كل الجوانب، حتى صلاة الظهر تعالوا صلوا معنا في المسجد، وحتى إن لم تريدوا أن تصلوا جماعة تعالوا صلوا في الخلف بتربتكم، دعوا الآخرين جميعا يرونكم، ويعرفون أن هناك فئة من المجتمع بدأت تنخرط.
العسكريون الشيعة خرجوا من الجيش ووقفوا في الدوار، هذا يسمى انشقاق! السنة لم ينشق أحد منهم وحتى البوفلاسة لم ينشق بل قال كلمة حق وعبر عن رأيه في مكان لا يحق له فيه أن يتكلم، لذلك أرى بأن الشيعة بحاجة إلى تثقيف.
هذا الكلام قد لا يرضي الشيعة ، لكن الجانب الأمني له أولوية تتجاوز ذلك. ما يعنيني أن يكون هناك أمن وأنا أرى في موضوع الأمن بعد أن تنتهي الأزمة أنه يجب أن تبقى المؤسسات كما هي وأن نعمل على تثقيف الشعب أولا، بحيث حين تكون لدى أي مواطن غدا بندقيته، تكون معها ثقافة وطنية لا طائفية، الآن أنا شخصيا لا أرضى بعسكرة الشيعية إلا من أتوثق من أن لديه التحصيل العلمي والثقافة الوطنية التي تطغى على النزعة الطائفية.
بين الزياني وأحد العسكريين الشيعة المنشقين
أحد العسكريين الشيعة المنشقين (الذين خرجوا للدوار) كان ضمن تلك المجموعة التي دربتها، أخذته النزعة المذهبية وخرج، بل اتصل بقائده وقال: إذا أردتموني فتعالوا وخذوني من الدوار!
صادفته مؤخرا وقال لي أنا تلميذك هل تذكرني؟ أنت علمتني أنه حتى في العسكرية هناك كرامة ولذلك خرجت، قلت له أنا علمتك الكرامة وعلمتك التعقل. فرد علي "وهل التعقل فادك أنت؟ ألم تكن أنت أول "المتشحولين" حتى قبل الدوار؟ ألا تذكر كيف نقلنا أغراضك الشخصية لسيارتك عندما "شحولوك" لأنك كنت تدافع عن جنودك ولا ترضى بظلمهم؟".
تعليق