* الدور التركي في دعم الجماعات المسلحة
سوريا تتهم تركيا بتسهيل مرور المسلحين إلى عين العرب
نفت تركيا اتهامات وجهت اليها بالسماح لمقاتلي "داعش" بالمرور عبرها إلى مدينة عين العرب واصفة الإتهامات بأنها "أكاذيب"، هذه الإتهامات تضاف إلى سلسلة اتهامات وجهت إلى تركيا بدعم المجموعات المسلحة شمال سوريا، فيما تقوم غرفة استخبارات عمان بتقديم الدعم للمسلحين في الجنوب.
محاولة مقاتلي "داعش" التسلل إلى مدينة عين العرب المحاذية للحدود التركية، تركت خلفها تساؤلات حول الجهة التي قدم منها المسلحون.
سوريا وعبر اعلامها الرسمي سارعت إلى اتهام تركيا مباشرة بتسهيل مرور مقاتلي "داعش" عبر أراضيها إلى المدن السورية، وهو ما استدعى نفياً رسمياً تركياً.
النفي التركي الرسمي، يأتي عقب تأكيد فيجن يوكسيكداج، وهي الزعيمة المشاركة لحزب الشعوب الديمقراطية، بأن الهجوم على عين العرب أتى نتيجة سنوات من دعم الحكومة التركية للتنظيم، ليضاف هذا الإتهام إلى سلسلة اتهامات وجهت إلى انقرة بدعم المسلحين ومعالجة جرحاهم في مستشفياتها، وهو ما تعزز مع تمكّن مقاتلي داعش الذين حوصروا مؤخرا في تل أبيض من الهروب والعبور الى الجانب التركي.
هذا الدور التركي، لطالما كان محط انتقادات متكررة من الدول الغربية التي تأخذ على الحكومة التركية عدم بذلها جهودا كافية لضبط حدودها مع سوريا من اجل وقف تدفق المقاتلين من أراضيها للإنضمام إلى صفوف "داعش".
الإنتقاد الأقوى أتى على لسان رئيس الاستخبارات الأميركية جيمس كلابر الذي قال في تصريح سابق إن محاربة تنظيم "داعش" ليست أولوية بالنسبة إلى تركيا، وإن هذا الأمر يسهل عبور مقاتلين أجانب من الأراضي التركية إلى سوريا.
الدور التركي شمالا، يقابله في الجبهة الجنوبية دعم تقدمه غرفة عمليات عمان التي تضم ضباطا من "ال سي اي ايه" ومن أجهزة مخابرات أوروربية إلى الجماعات المسلحة.
دعم ترجم مؤخراً بسيطرة المسلحين على اللواء اثنين وخمسين في درعا بعد دخول آلاف المسلحين من مراكز التدريب السعودية والأردنية إلى الجنوب السوري على دفعتين.
تركيا على الحدود الشمالية، وغرفة مخابرات عمان في الجنوب، تستمد منهما الجماعات المسلحة القوة والسلاح، في محاولة لإعادة تغيير المعطيات في الميدان السوري.
شاهد تقرير "الميادين" بالصوت والصورة:
https://www.youtube.com/watch?v=KDI8nZw8SgU
***
* أردوغان واحتضانه للارهابيين… طابخ السمّ آكله
الدور التركي في الصراع السوري.. وقائع وآفاق
فادي إسماعيل بودية
قام رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية منذ فترة باستدعاء حافظ أسراره وأسرار الدولة -ذلك الرجل المتواضع قليل الكلام - السيد "خاقان فيدان" رئيس جهاز الاستخبارات التركي (الصندوق الأسود لأردوغان)، وأصدر إليه أمراً بتوفير كافة أنواع الإمكانات اللازمة لنقل معارضي الحكومة السورية المسلحين (من يُسمون بالمسلحين "المعتدلين") من النقاط الحدودية التركية إلى الأراضي السورية.
لقد سعت تركيا خلال العامين الماضيين إلى خلق منطقة آمنة شمال الدولة السورية، (تشبه ما حدث لمنطقة كردستان العراق منذ عام 1991 وحتى عام 2003)، وقد بذلت الكثير من الجهد لإنجاز هذه الخطوة بدعم من المتحدة والدول الأوروبية، وقد أُرسل إلى محافظة "حلب" مئات الأشخاص من القوات التي تم تدريبها في معسكر يقع بالقرب من مدينة "غازي عنتاب" تحت إشراف مدربين أميركان وبنفقات هائلة من جانب المملكة العربية السعودية، وكان ذلك بتعليمات من أردوغان وبهدف إخراج هذه المحافظة من سيطرة الدولة السورية بشكل كامل. لقد دخلت هذه القوات إلى المدينة الحدودية "يايلاداغي" عن طريق محافظة "هاتاي"، ثم دخلت تدريجاً من هناك إلى محافظة "حلب" السورية.
كما نشرت كذلك وسائل الإعلام الغربية والتركية خلال الأسابيع الأخيرة الكثير من الأخبار حول نشر قوات عسكرية تركية على الحدود الجنوبية لهذا البلد وبالقرب من الحدود الشمالية لسوريا. الآن يمكن القول أن: مسار الأحداث في الأسابيع القليلة الماضية كانت على نحو عبرت معها كافة الأمور من مرحلة الاحتمالات ووصلت إلى مرحلة اليقين. ووفقاً لآخر الأخبار فإن تركيا في ظل الظروف الحالية للمنطقة تنوي شن هجوم على سوريا دون الحصول على تصريح شكلي من جانب القوى الدولية، وذلك حتى تستطيع من خلال خلق منطقة آمنة؛ تنظيم وتدريب أعداد أكبر من الإرهابيين في تلك المنطقة وقيادتهم لإسقاط بشار الأسد.

تركيا
لقد بات واضحاً أن أي عمل عسكري لتركيا ضد سوريا يستلزم بالضرورة تعاوناً ودعماً واسع النطاق لـ "أنقرة" من جانب الجماعات المعارضة لدمشق. وفي هذا السياق يجب القول أن تركيا لا تستطيع التأكد من إخلاص المعارضة السورية لها من جانب، ومن جانب آخر فإنه في حالة دعم هذه الجماعات لتركيا، فسوف يتم تشويه وجه أنقرة لدى الرأي العام العالمي إلى حدٍّ كبير، ففي حالة دعم أنقرة للإرهابيين في سوريا، سوف ينظر الرأي العام العالمي إلى تركيا على أنها دولة إرهابية. لقد أصدرت "هافنجتون بست" كذلك تقريراً بتاريخ 12 أبريل يفيد بأن الأتراك والسعوديين يجرون في الوقت الراهن مباحثات رفيعة المستوى من أجل الاتفاق على تشكيل تحالف عسكري يهدف إلى الإطاحة ببشار الأسد من السلطة.
من ناحية أخرى فإن "جورسيل تكين" الأمين العام لحزب الشعب الجمهوري؛ أكبر الأحزاب المعارضة بتركيا كان قد كشف في وقت سابق عن خطة الجيش التركي للقيام بعمليات عسكرية على الأراضي السورية ونقل ضريح السلطان سليمان، وذلك من خلال نشر تسجيل صوتي لـ "خاقان فيدان" رئيس جهاز الاستخبارات التركي (ميت).
و فی هذا السیاق أعلنت وكالة الأنباء "رويترز" أيضاً منذ فترة عن نشر صحيفة "جمهوريت" فيلمًا يفيد بإرسال أسلحة إلى أجزاء من سوريا. يظهر هذا الفيلم قوات الدرك وضباط الشرطة وهم يفتحون صناديق تحتوي على أسلحة وذخيرة داخل ثلاث شاحنات تابعة لجهاز الاستخبارات التركي. وصرح "رجب طيب أردوغان" رئيس الجمهورية التركية في حوار تلفزيوني له مع قناة (تي أر تي) الإخبارية، قائلاً: "إن الشخص الذي قام بنشر هذا الفيديو سوف يدفع ثمناً غالياً بكل تأكيد، ولن أدعه يفلت من العقاب".
كتب "جان دوندار"، رئيس تحرير صحيفة "جمهوريت"، على صفحته في تويتر تعليقاً على تصريحات أردوغان، قائلاً: إننا صحفيون ولسنا خداماً للحكومة. وليس من واجبنا إخفاء الأسرار القذرة للحكومة والمخابرات التركية (ميت). وفي الإطار نفسه، نشرت "دويتشه فيله" أيضاً خبرَ نشرِ وثائق حكومية سرية تفيد بتوقيف شاحنات تابعة لجهاز الاستخبارات والأمن التركي (ميت) تحمل أسلحة وذخيرة إلى الجماعات المتطرفة المعارضة للحكومة السورية، عن طريق "حسين عوني جوش" محافظ "أضنة".
كما جاء أيضاً في تقرير قوات الدرك في محافظة أضنة أن "حسين عوني جوش" لم يكن يسمح بعملية التفتيش، وقد بين أن الشاحنات المذكورة قد أرسلت بتعليمات من "رجب طيب أردوغان" رئيس الوزراء في ذلك الوقت، وأنه غير مسموح له تفتيشها.
قلق
لم تنته الوثائق التي تفيد دعم تركيا للإرهابيين في سوريا وتدخلات هذا البلد في الشأن السوري عند ذلك الحد، حتى أن "داود أوغلو" رئيس الوزراء التركي كان قد أعرب عن قلقه الشديد إزاء النتائج التي أسفرت عنها السياسات الخارجية لهذا البلد، وكان ذلك في إحدى اجتماعات اللجنة السياسية الأمنية التركية والتي كانت قد عقدت بمشاركة جميع الأعضاء، وفق ما صرح به أحد أعضاء هذه اللجنة. لقد أعرب "داود أوغلو" في هذا الاجتماع عن حزنه لما آلت إليه الأزمة في سوريا وصرح قائلاً: "بالتأكيد أن معرفتنا بسوريا قد اقترنت بالضعف والقصور، وإن لم يتغير المصير القادم لها، فعلينا الاعتراف بأن تركيا على الرغم من التكاليف الباهظة التي تحملتها بتدخلها في الأزمة السورية، فهي لم تصل إلى أهدافها بعد، ويجب أن تعتبر نفسها ضمن الخاسرين في هذه المعركة".
اعترف "جو بايدن" نائب الرئيس الأمريكي أيضاً فيما قبل - في خطاب كان له صدى واسع وأُجبر بسببه على الاعتذار ثلاث مرات- أن تركيا كحليف لأمریكا في الشرق الأوسط قد ساعدت في تشكيل الجماعات الإرهابية من أجل تغيير النظام في سوريا.
ساهمت تركيا كذلك بمساعدات مالية ضخمة من أجل إسقاط الحكومة السورية، ويمكن تلخيص الأعمال التي قامت بها في عدة نقاط على النحو الآتي:
1 - بيع النفط الخام عن طريق مدينتي "بطمان" و"غازي عنتاب" الواقعتين في جنوب شرق تركيا وشمال شرق سوريا إلى شركات مثل "كايالار" و"بيلعنلار" و"دوغولو" و"بارنتلي"، والذي يحقق عائداً يبلغ مليون دولار يومياً لصالح الإرهابيين، وذلك من خلال أشخاص مثل "حسن ايكينتشي" و"مهمت بارتينلي" و"عثمان كايا" و"حيدر كاليسلار".
2 - بيع الآثار السورية القديمة عن طريق الأراضي التركية والذي حقق عائداً وصل إلى سبعة مليارات دولار حتى الأن.
3 - بيع أعضاء القتلى من الإرهابيين والمواطنين والمعارضين إلى تجار أوروبيين عن طريق تركيا.
4 - عقد صفقات ضخمة مقابل تحرير الرهائن والأسرى في الأراضي التركية.
5 - بيع النساء غير المسلمات على أرض هذا البلد.
6 - بيع المخطوطات والكتب القديمة المسروقة من سوريا والعراق.
7 - بيع المعلومات التي يتم الحصول عليها من سوريا والعراق إلى أجهزة الاستخبارات في هذا البلد.
8 - المساعدات المالية واللوجستية التي قدمها جهاز الاستخبارات التركي لـ "داعش" أثناء احتلال "كوباني".
9 - مساعدات من خلال مؤسسات خيرية وغير حكومية في ظاهرها؛ تابعة لحزب العدالة والتنمية التركي، وأبرزها مؤسسة "i.h.h"، والجدير بالذكر هنا أن مخازن ومكاتب هذه المؤسسة تمارس نشاطها في محافظة "هاتاي" التركية بشكل علني.
10 - تحقيق عائد سنوي يبلغ قرابة المليار دولار تحصل عليه جماعة "داعش" الإرهابية من خلال تهريب الهرويين وفق ما أعلنه "فيكتور إيفانوف" رئيس الهيئة الفدرالية للرقابة على تداول المخدرات في روسيا.
من أكثر النتائج بديهية للتدخل التركي المتعدد الجوانب في سوريا ودعم هذا البلد للإرهابيين، هو تفعيل قدرة المعارضة لأردوغان والرأي العام التركي في الانتخابات الأخيرة، والتي سلبت منه فرصة تشكيل الحكومة، بل وأفصحت عن معارضتها بشكل علني وطالبت بإعادة النظر في السياسة الخارجية التركية. يمكن أن يمثل هذا الأمر إنذاراً بالخطر لأردوغان ومعاونيه في ما يخص دعمهم للإرهابيين في سوريا، حيث أنه لا يوجد إرهابي جيد وإرهابي سيء، وسيأتي اليوم الذي يذوق طابخ السمّ سمّه ...
***
* هل تكون تل ابيض مدخلا لهزيمة داعش في سوريا؟
الاهمية الاستراتيجية والجغرافية لتل ابيض
شارل أبي نادر - عميد متقاعد
بعد أن كان مسلّحو تنظيم "داعش" الإرهابي الأجانب (المهاجرون) يستقدمون عائلاتهم من خارج سوريا والعراق لإسكانهم في مدن الموصل وتكريت ودير الزور والرّقّة وغيرها من مدن العراق وسوريا حيث سيطروا، وذلك بالرغم من وجود تحالف دولي يحاربهم (مبدئيّاً)، وحيث نُلاحظ الآن أنّ هذه العائلات بدأت تترك أماكن سكنها في بعض مدن شرق وشمال سوريا كالرّقّة ودير الزور باتّجاه الموصل والرّمادي بالرّغم من الضّغوط العسكريّة من الجيش العراقي والحشد الشعبي عليها، نستطيع أن نستنتج إدراكهم الجدّي لبداية التحوّل في طريقة مواجهتهم من قِبَل طائرات التحالف التي ساهمت بشكل واضح وفعّال في مساندة قوّات حماية الشعب الكردي لاستعادة السيطرة على مدينة ومعبر تل أبيض على الحدود مع تركيا شمال الرّقّة.
لمدينة ومعبر تل أبيض أهميّة جغرافيّة واستراتيجيّة مهمّة في خارطة الانتشار والسيطرة في الشمال السوري على الحدود مع تركيا، فهي تقع في الوسط تقريبا بين مدينة القامشلي الحدودية مع العراق وتركيا شرقاً وبين مدينة اسكندرون على المتوسط غرباً، ويعتبر معبرا حدوديا أساسيا من بين المعابر النادرة التي ما زالت مفتوحة مع تركيا وتشكل مع مدينة عين عرب (كوباني) خطا حدوديا مهمًّا يعطي من يسيطر عليه قدرة استراتيجيّة واضحة في مسك المعابر الأساسيّة مع تركيا وفي التحكّم بريف الرّقّة الشمالي وفي فصل ريف الحسكة عن ريف حلب حيث الحراك المسلّح على أشدّه بين التنظيمات والفصائل المتشدّدة التي تواجه الجيش السوري من جهة أو التي تتصارع فيما بينها لفرض سيطرتها من جهة أخرى.

تل ابيض
بعد هذه السيطرة الناجحة والملفتة في تلّ أبيض، تعمل قوّات حماية الشعب الكردي على تثبيت جبهتها في الشمال السوري لمواجهة "داعش"، وعلى طريق تحقيق حزام أمني يربط "الكنتونات" الكرديّة الثلاثة: في الجزيرة شرقاً "القامشلي - الحسكة"، وفي الوسط "تلّ أبيض - عين العرب" ولاحقاً في الكانتون الثالث شمال حلب بعد سيطرتها المرتقبة على مدينة "عفرين"، وتتابع بمُساعدة واضحة من طائرات التحالف زحفها جنوباً فسيطرت على بلدة عين عيسى الاستراتيجيّة التي تشكّل نقطة التقاء مشتركة لطريق حلب - الحسكة مع طريق الرّقّة - تلّ أبيض وذلك بعد أن استولت على مراكز اللواء 93 على مداخل بلدة عين عيسى، كما وسيطرت هذه الوحدات على أغلب بلدات ريفي الحسكة والرّقّة والواقعة شمال طريق حلب -الحسكة وهي تتابع الآن تحضيراتها للضغط على مدينة الرّقّة "عاصمة" داعش في سوريا، كما يصرّح أغلب قادة هذه الوحدات .
استعدادا لمعركة "الرقة " المصيرية والتي يمكن تسميتها بام المعارك بالنسبة لـ"داعش" بدأ التنظيم الارهابي تحضيراته الميدانية والعسكرية ولذلك نقل أغلب وحدات النّخبة والأسلحة الفعّالة لديه من دير الزور وتدمر إلى الرّقّة وبدأ بتحضير خطوطه الدفاعيّة شمال المدينة حيث شوهدت أعمال حفر خنادق وإقفال اغلب الطرقات الفرعية والمعابر الترابية بين المدينة وريفها الشمالي، وهذه التحضيرات في الاعمال الهندسية تفرضها طبيعة الارض المحيطة بمدينة الرقة السهلية اجمالا وخصوصا من اتجاه الشمال حيث الاراضي الزراعية وتغيب بالكامل الهضاب والتلال مما يفرض خلق شبكة متكاملة من الانفاق والحفر الفردية وحفر الاليات والمدرعات لتأمين خط مدافعة مناسب للمواجهة، كما أن طبيعة الارض المكشوفة تعطي أفضلية في المدافعة لمن يمتلك تفوقا في سلاح المدرعات، الأمر الذي تفتقده الوحدات الكردية والتي سيكون من الضروري حصولها على الصواريخ المضادة للدروع الاميركية الصنع من نوع " تاو" والتي حصلت عليها "جبهة النصرة" وكانت حاسمة في معركتها الاخيرة ضد الجيش السوري في ادلب وجسر الشغور، وذلك لمواجهة مدرعات "داعش" وآلياته الثقيلة التي استولى عليها من ثكنات الجيش العراقي في الفلوجة والموصل ومن مراكز الجيش السوري في الشمال والشرق وخصوصا في حلب ودير الزور وفي مطار وقاعدة الطبقة في الرقة .
خرق
بالتوازي مع التحضيرات للدفاع عن الرقة حقق "داعش" بالأمس خرقين خطرين الاول في مدينة الحسكة والثاني في عين العرب، حيث عمد في كل من الاثنتين الى تنفيذ مناورة شبيهة بالأخرى تمثلت بالاستعانة بسيارات مفخخة يقودها انتحاريون لإحداث خرق على أكثر من مدخل للمدينتين، قبل أن تتدفق عناصره بشكل مباشر وعلى اكثر من محور ضمنا من اتجاه الاراضي التركية في عين العرب وتتغلغل في بعض الاحياء، وترافق ذلك مع خروج خلايا نائمة تابعة للتنظيم من بين القاطنين داخل المدينتين ليشتبك هؤلاء جميعا مع قوات من الجيش والشرطة السورية والدفاع الشعبي في الحسكة ومع قوات حماية الشعب الكردي في عين العرب وترافق ذلك وكعادة هذا التنظيم الارهابي مع تنفيذ مجازر مرعبة بحق السكان الآمنين، ولكن ومع استيعاب الصدمة الاولى من هذين الخرقين تعمل الوحدات السورية ووحدات الحماية الكردية للسيطرة على الموقف والقضاء على المهاجمين من ارهابيي "داعش".
بانتظار ما ستؤول إليه المواجهة في تدمر مع الجيش السوري الذي على ما يبدو بدأ ينفّذ خطّته بتنفيذ مهاجمة معاكسة استندت إلى تجميع قواته بعد إعادة انتشارها مؤخرا وهو يتحضر للاطباق على التنظيم الإرهابي في المدينة التاريخيّة وسط البادية، سوف يكون التحالف الدولي أمام اختبار بالغ الأهمية في جديته وفي التزامه بمحاربة "داعش" وذلك في طريقة رده على الأتراك الذين ظهرت بصماتهم واضحة في الوقوف مع "داعش" في فرملة الاندفاعة الكردية الأخيرة وفي طريقة متابعته او عدم متابعته الدعم الجوي الفعال لمساعدة وحدات حماية الشعب الكردي في محاولة سيطرته على الموقف المستجد و تثبيت جبهته بمواجهة داعش في اقصى الشمال السوري ولاحقا عند المهاجمة المرتقبة للتنظيم الارهابي في مدينة الرقة .
سوريا تتهم تركيا بتسهيل مرور المسلحين إلى عين العرب
نفت تركيا اتهامات وجهت اليها بالسماح لمقاتلي "داعش" بالمرور عبرها إلى مدينة عين العرب واصفة الإتهامات بأنها "أكاذيب"، هذه الإتهامات تضاف إلى سلسلة اتهامات وجهت إلى تركيا بدعم المجموعات المسلحة شمال سوريا، فيما تقوم غرفة استخبارات عمان بتقديم الدعم للمسلحين في الجنوب.
محاولة مقاتلي "داعش" التسلل إلى مدينة عين العرب المحاذية للحدود التركية، تركت خلفها تساؤلات حول الجهة التي قدم منها المسلحون.
سوريا وعبر اعلامها الرسمي سارعت إلى اتهام تركيا مباشرة بتسهيل مرور مقاتلي "داعش" عبر أراضيها إلى المدن السورية، وهو ما استدعى نفياً رسمياً تركياً.
النفي التركي الرسمي، يأتي عقب تأكيد فيجن يوكسيكداج، وهي الزعيمة المشاركة لحزب الشعوب الديمقراطية، بأن الهجوم على عين العرب أتى نتيجة سنوات من دعم الحكومة التركية للتنظيم، ليضاف هذا الإتهام إلى سلسلة اتهامات وجهت إلى انقرة بدعم المسلحين ومعالجة جرحاهم في مستشفياتها، وهو ما تعزز مع تمكّن مقاتلي داعش الذين حوصروا مؤخرا في تل أبيض من الهروب والعبور الى الجانب التركي.
هذا الدور التركي، لطالما كان محط انتقادات متكررة من الدول الغربية التي تأخذ على الحكومة التركية عدم بذلها جهودا كافية لضبط حدودها مع سوريا من اجل وقف تدفق المقاتلين من أراضيها للإنضمام إلى صفوف "داعش".
الإنتقاد الأقوى أتى على لسان رئيس الاستخبارات الأميركية جيمس كلابر الذي قال في تصريح سابق إن محاربة تنظيم "داعش" ليست أولوية بالنسبة إلى تركيا، وإن هذا الأمر يسهل عبور مقاتلين أجانب من الأراضي التركية إلى سوريا.
الدور التركي شمالا، يقابله في الجبهة الجنوبية دعم تقدمه غرفة عمليات عمان التي تضم ضباطا من "ال سي اي ايه" ومن أجهزة مخابرات أوروربية إلى الجماعات المسلحة.
دعم ترجم مؤخراً بسيطرة المسلحين على اللواء اثنين وخمسين في درعا بعد دخول آلاف المسلحين من مراكز التدريب السعودية والأردنية إلى الجنوب السوري على دفعتين.
تركيا على الحدود الشمالية، وغرفة مخابرات عمان في الجنوب، تستمد منهما الجماعات المسلحة القوة والسلاح، في محاولة لإعادة تغيير المعطيات في الميدان السوري.
شاهد تقرير "الميادين" بالصوت والصورة:
https://www.youtube.com/watch?v=KDI8nZw8SgU
***
* أردوغان واحتضانه للارهابيين… طابخ السمّ آكله
الدور التركي في الصراع السوري.. وقائع وآفاق
فادي إسماعيل بودية
قام رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية منذ فترة باستدعاء حافظ أسراره وأسرار الدولة -ذلك الرجل المتواضع قليل الكلام - السيد "خاقان فيدان" رئيس جهاز الاستخبارات التركي (الصندوق الأسود لأردوغان)، وأصدر إليه أمراً بتوفير كافة أنواع الإمكانات اللازمة لنقل معارضي الحكومة السورية المسلحين (من يُسمون بالمسلحين "المعتدلين") من النقاط الحدودية التركية إلى الأراضي السورية.
لقد سعت تركيا خلال العامين الماضيين إلى خلق منطقة آمنة شمال الدولة السورية، (تشبه ما حدث لمنطقة كردستان العراق منذ عام 1991 وحتى عام 2003)، وقد بذلت الكثير من الجهد لإنجاز هذه الخطوة بدعم من المتحدة والدول الأوروبية، وقد أُرسل إلى محافظة "حلب" مئات الأشخاص من القوات التي تم تدريبها في معسكر يقع بالقرب من مدينة "غازي عنتاب" تحت إشراف مدربين أميركان وبنفقات هائلة من جانب المملكة العربية السعودية، وكان ذلك بتعليمات من أردوغان وبهدف إخراج هذه المحافظة من سيطرة الدولة السورية بشكل كامل. لقد دخلت هذه القوات إلى المدينة الحدودية "يايلاداغي" عن طريق محافظة "هاتاي"، ثم دخلت تدريجاً من هناك إلى محافظة "حلب" السورية.
كما نشرت كذلك وسائل الإعلام الغربية والتركية خلال الأسابيع الأخيرة الكثير من الأخبار حول نشر قوات عسكرية تركية على الحدود الجنوبية لهذا البلد وبالقرب من الحدود الشمالية لسوريا. الآن يمكن القول أن: مسار الأحداث في الأسابيع القليلة الماضية كانت على نحو عبرت معها كافة الأمور من مرحلة الاحتمالات ووصلت إلى مرحلة اليقين. ووفقاً لآخر الأخبار فإن تركيا في ظل الظروف الحالية للمنطقة تنوي شن هجوم على سوريا دون الحصول على تصريح شكلي من جانب القوى الدولية، وذلك حتى تستطيع من خلال خلق منطقة آمنة؛ تنظيم وتدريب أعداد أكبر من الإرهابيين في تلك المنطقة وقيادتهم لإسقاط بشار الأسد.

تركيا
لقد بات واضحاً أن أي عمل عسكري لتركيا ضد سوريا يستلزم بالضرورة تعاوناً ودعماً واسع النطاق لـ "أنقرة" من جانب الجماعات المعارضة لدمشق. وفي هذا السياق يجب القول أن تركيا لا تستطيع التأكد من إخلاص المعارضة السورية لها من جانب، ومن جانب آخر فإنه في حالة دعم هذه الجماعات لتركيا، فسوف يتم تشويه وجه أنقرة لدى الرأي العام العالمي إلى حدٍّ كبير، ففي حالة دعم أنقرة للإرهابيين في سوريا، سوف ينظر الرأي العام العالمي إلى تركيا على أنها دولة إرهابية. لقد أصدرت "هافنجتون بست" كذلك تقريراً بتاريخ 12 أبريل يفيد بأن الأتراك والسعوديين يجرون في الوقت الراهن مباحثات رفيعة المستوى من أجل الاتفاق على تشكيل تحالف عسكري يهدف إلى الإطاحة ببشار الأسد من السلطة.
من ناحية أخرى فإن "جورسيل تكين" الأمين العام لحزب الشعب الجمهوري؛ أكبر الأحزاب المعارضة بتركيا كان قد كشف في وقت سابق عن خطة الجيش التركي للقيام بعمليات عسكرية على الأراضي السورية ونقل ضريح السلطان سليمان، وذلك من خلال نشر تسجيل صوتي لـ "خاقان فيدان" رئيس جهاز الاستخبارات التركي (ميت).
و فی هذا السیاق أعلنت وكالة الأنباء "رويترز" أيضاً منذ فترة عن نشر صحيفة "جمهوريت" فيلمًا يفيد بإرسال أسلحة إلى أجزاء من سوريا. يظهر هذا الفيلم قوات الدرك وضباط الشرطة وهم يفتحون صناديق تحتوي على أسلحة وذخيرة داخل ثلاث شاحنات تابعة لجهاز الاستخبارات التركي. وصرح "رجب طيب أردوغان" رئيس الجمهورية التركية في حوار تلفزيوني له مع قناة (تي أر تي) الإخبارية، قائلاً: "إن الشخص الذي قام بنشر هذا الفيديو سوف يدفع ثمناً غالياً بكل تأكيد، ولن أدعه يفلت من العقاب".
كتب "جان دوندار"، رئيس تحرير صحيفة "جمهوريت"، على صفحته في تويتر تعليقاً على تصريحات أردوغان، قائلاً: إننا صحفيون ولسنا خداماً للحكومة. وليس من واجبنا إخفاء الأسرار القذرة للحكومة والمخابرات التركية (ميت). وفي الإطار نفسه، نشرت "دويتشه فيله" أيضاً خبرَ نشرِ وثائق حكومية سرية تفيد بتوقيف شاحنات تابعة لجهاز الاستخبارات والأمن التركي (ميت) تحمل أسلحة وذخيرة إلى الجماعات المتطرفة المعارضة للحكومة السورية، عن طريق "حسين عوني جوش" محافظ "أضنة".
كما جاء أيضاً في تقرير قوات الدرك في محافظة أضنة أن "حسين عوني جوش" لم يكن يسمح بعملية التفتيش، وقد بين أن الشاحنات المذكورة قد أرسلت بتعليمات من "رجب طيب أردوغان" رئيس الوزراء في ذلك الوقت، وأنه غير مسموح له تفتيشها.
قلق
لم تنته الوثائق التي تفيد دعم تركيا للإرهابيين في سوريا وتدخلات هذا البلد في الشأن السوري عند ذلك الحد، حتى أن "داود أوغلو" رئيس الوزراء التركي كان قد أعرب عن قلقه الشديد إزاء النتائج التي أسفرت عنها السياسات الخارجية لهذا البلد، وكان ذلك في إحدى اجتماعات اللجنة السياسية الأمنية التركية والتي كانت قد عقدت بمشاركة جميع الأعضاء، وفق ما صرح به أحد أعضاء هذه اللجنة. لقد أعرب "داود أوغلو" في هذا الاجتماع عن حزنه لما آلت إليه الأزمة في سوريا وصرح قائلاً: "بالتأكيد أن معرفتنا بسوريا قد اقترنت بالضعف والقصور، وإن لم يتغير المصير القادم لها، فعلينا الاعتراف بأن تركيا على الرغم من التكاليف الباهظة التي تحملتها بتدخلها في الأزمة السورية، فهي لم تصل إلى أهدافها بعد، ويجب أن تعتبر نفسها ضمن الخاسرين في هذه المعركة".
اعترف "جو بايدن" نائب الرئيس الأمريكي أيضاً فيما قبل - في خطاب كان له صدى واسع وأُجبر بسببه على الاعتذار ثلاث مرات- أن تركيا كحليف لأمریكا في الشرق الأوسط قد ساعدت في تشكيل الجماعات الإرهابية من أجل تغيير النظام في سوريا.
ساهمت تركيا كذلك بمساعدات مالية ضخمة من أجل إسقاط الحكومة السورية، ويمكن تلخيص الأعمال التي قامت بها في عدة نقاط على النحو الآتي:
1 - بيع النفط الخام عن طريق مدينتي "بطمان" و"غازي عنتاب" الواقعتين في جنوب شرق تركيا وشمال شرق سوريا إلى شركات مثل "كايالار" و"بيلعنلار" و"دوغولو" و"بارنتلي"، والذي يحقق عائداً يبلغ مليون دولار يومياً لصالح الإرهابيين، وذلك من خلال أشخاص مثل "حسن ايكينتشي" و"مهمت بارتينلي" و"عثمان كايا" و"حيدر كاليسلار".
2 - بيع الآثار السورية القديمة عن طريق الأراضي التركية والذي حقق عائداً وصل إلى سبعة مليارات دولار حتى الأن.
3 - بيع أعضاء القتلى من الإرهابيين والمواطنين والمعارضين إلى تجار أوروبيين عن طريق تركيا.
4 - عقد صفقات ضخمة مقابل تحرير الرهائن والأسرى في الأراضي التركية.
5 - بيع النساء غير المسلمات على أرض هذا البلد.
6 - بيع المخطوطات والكتب القديمة المسروقة من سوريا والعراق.
7 - بيع المعلومات التي يتم الحصول عليها من سوريا والعراق إلى أجهزة الاستخبارات في هذا البلد.
8 - المساعدات المالية واللوجستية التي قدمها جهاز الاستخبارات التركي لـ "داعش" أثناء احتلال "كوباني".
9 - مساعدات من خلال مؤسسات خيرية وغير حكومية في ظاهرها؛ تابعة لحزب العدالة والتنمية التركي، وأبرزها مؤسسة "i.h.h"، والجدير بالذكر هنا أن مخازن ومكاتب هذه المؤسسة تمارس نشاطها في محافظة "هاتاي" التركية بشكل علني.
10 - تحقيق عائد سنوي يبلغ قرابة المليار دولار تحصل عليه جماعة "داعش" الإرهابية من خلال تهريب الهرويين وفق ما أعلنه "فيكتور إيفانوف" رئيس الهيئة الفدرالية للرقابة على تداول المخدرات في روسيا.
من أكثر النتائج بديهية للتدخل التركي المتعدد الجوانب في سوريا ودعم هذا البلد للإرهابيين، هو تفعيل قدرة المعارضة لأردوغان والرأي العام التركي في الانتخابات الأخيرة، والتي سلبت منه فرصة تشكيل الحكومة، بل وأفصحت عن معارضتها بشكل علني وطالبت بإعادة النظر في السياسة الخارجية التركية. يمكن أن يمثل هذا الأمر إنذاراً بالخطر لأردوغان ومعاونيه في ما يخص دعمهم للإرهابيين في سوريا، حيث أنه لا يوجد إرهابي جيد وإرهابي سيء، وسيأتي اليوم الذي يذوق طابخ السمّ سمّه ...
***
* هل تكون تل ابيض مدخلا لهزيمة داعش في سوريا؟
الاهمية الاستراتيجية والجغرافية لتل ابيض
شارل أبي نادر - عميد متقاعد
بعد أن كان مسلّحو تنظيم "داعش" الإرهابي الأجانب (المهاجرون) يستقدمون عائلاتهم من خارج سوريا والعراق لإسكانهم في مدن الموصل وتكريت ودير الزور والرّقّة وغيرها من مدن العراق وسوريا حيث سيطروا، وذلك بالرغم من وجود تحالف دولي يحاربهم (مبدئيّاً)، وحيث نُلاحظ الآن أنّ هذه العائلات بدأت تترك أماكن سكنها في بعض مدن شرق وشمال سوريا كالرّقّة ودير الزور باتّجاه الموصل والرّمادي بالرّغم من الضّغوط العسكريّة من الجيش العراقي والحشد الشعبي عليها، نستطيع أن نستنتج إدراكهم الجدّي لبداية التحوّل في طريقة مواجهتهم من قِبَل طائرات التحالف التي ساهمت بشكل واضح وفعّال في مساندة قوّات حماية الشعب الكردي لاستعادة السيطرة على مدينة ومعبر تل أبيض على الحدود مع تركيا شمال الرّقّة.
لمدينة ومعبر تل أبيض أهميّة جغرافيّة واستراتيجيّة مهمّة في خارطة الانتشار والسيطرة في الشمال السوري على الحدود مع تركيا، فهي تقع في الوسط تقريبا بين مدينة القامشلي الحدودية مع العراق وتركيا شرقاً وبين مدينة اسكندرون على المتوسط غرباً، ويعتبر معبرا حدوديا أساسيا من بين المعابر النادرة التي ما زالت مفتوحة مع تركيا وتشكل مع مدينة عين عرب (كوباني) خطا حدوديا مهمًّا يعطي من يسيطر عليه قدرة استراتيجيّة واضحة في مسك المعابر الأساسيّة مع تركيا وفي التحكّم بريف الرّقّة الشمالي وفي فصل ريف الحسكة عن ريف حلب حيث الحراك المسلّح على أشدّه بين التنظيمات والفصائل المتشدّدة التي تواجه الجيش السوري من جهة أو التي تتصارع فيما بينها لفرض سيطرتها من جهة أخرى.

تل ابيض
بعد هذه السيطرة الناجحة والملفتة في تلّ أبيض، تعمل قوّات حماية الشعب الكردي على تثبيت جبهتها في الشمال السوري لمواجهة "داعش"، وعلى طريق تحقيق حزام أمني يربط "الكنتونات" الكرديّة الثلاثة: في الجزيرة شرقاً "القامشلي - الحسكة"، وفي الوسط "تلّ أبيض - عين العرب" ولاحقاً في الكانتون الثالث شمال حلب بعد سيطرتها المرتقبة على مدينة "عفرين"، وتتابع بمُساعدة واضحة من طائرات التحالف زحفها جنوباً فسيطرت على بلدة عين عيسى الاستراتيجيّة التي تشكّل نقطة التقاء مشتركة لطريق حلب - الحسكة مع طريق الرّقّة - تلّ أبيض وذلك بعد أن استولت على مراكز اللواء 93 على مداخل بلدة عين عيسى، كما وسيطرت هذه الوحدات على أغلب بلدات ريفي الحسكة والرّقّة والواقعة شمال طريق حلب -الحسكة وهي تتابع الآن تحضيراتها للضغط على مدينة الرّقّة "عاصمة" داعش في سوريا، كما يصرّح أغلب قادة هذه الوحدات .
استعدادا لمعركة "الرقة " المصيرية والتي يمكن تسميتها بام المعارك بالنسبة لـ"داعش" بدأ التنظيم الارهابي تحضيراته الميدانية والعسكرية ولذلك نقل أغلب وحدات النّخبة والأسلحة الفعّالة لديه من دير الزور وتدمر إلى الرّقّة وبدأ بتحضير خطوطه الدفاعيّة شمال المدينة حيث شوهدت أعمال حفر خنادق وإقفال اغلب الطرقات الفرعية والمعابر الترابية بين المدينة وريفها الشمالي، وهذه التحضيرات في الاعمال الهندسية تفرضها طبيعة الارض المحيطة بمدينة الرقة السهلية اجمالا وخصوصا من اتجاه الشمال حيث الاراضي الزراعية وتغيب بالكامل الهضاب والتلال مما يفرض خلق شبكة متكاملة من الانفاق والحفر الفردية وحفر الاليات والمدرعات لتأمين خط مدافعة مناسب للمواجهة، كما أن طبيعة الارض المكشوفة تعطي أفضلية في المدافعة لمن يمتلك تفوقا في سلاح المدرعات، الأمر الذي تفتقده الوحدات الكردية والتي سيكون من الضروري حصولها على الصواريخ المضادة للدروع الاميركية الصنع من نوع " تاو" والتي حصلت عليها "جبهة النصرة" وكانت حاسمة في معركتها الاخيرة ضد الجيش السوري في ادلب وجسر الشغور، وذلك لمواجهة مدرعات "داعش" وآلياته الثقيلة التي استولى عليها من ثكنات الجيش العراقي في الفلوجة والموصل ومن مراكز الجيش السوري في الشمال والشرق وخصوصا في حلب ودير الزور وفي مطار وقاعدة الطبقة في الرقة .
خرق
بالتوازي مع التحضيرات للدفاع عن الرقة حقق "داعش" بالأمس خرقين خطرين الاول في مدينة الحسكة والثاني في عين العرب، حيث عمد في كل من الاثنتين الى تنفيذ مناورة شبيهة بالأخرى تمثلت بالاستعانة بسيارات مفخخة يقودها انتحاريون لإحداث خرق على أكثر من مدخل للمدينتين، قبل أن تتدفق عناصره بشكل مباشر وعلى اكثر من محور ضمنا من اتجاه الاراضي التركية في عين العرب وتتغلغل في بعض الاحياء، وترافق ذلك مع خروج خلايا نائمة تابعة للتنظيم من بين القاطنين داخل المدينتين ليشتبك هؤلاء جميعا مع قوات من الجيش والشرطة السورية والدفاع الشعبي في الحسكة ومع قوات حماية الشعب الكردي في عين العرب وترافق ذلك وكعادة هذا التنظيم الارهابي مع تنفيذ مجازر مرعبة بحق السكان الآمنين، ولكن ومع استيعاب الصدمة الاولى من هذين الخرقين تعمل الوحدات السورية ووحدات الحماية الكردية للسيطرة على الموقف والقضاء على المهاجمين من ارهابيي "داعش".
بانتظار ما ستؤول إليه المواجهة في تدمر مع الجيش السوري الذي على ما يبدو بدأ ينفّذ خطّته بتنفيذ مهاجمة معاكسة استندت إلى تجميع قواته بعد إعادة انتشارها مؤخرا وهو يتحضر للاطباق على التنظيم الإرهابي في المدينة التاريخيّة وسط البادية، سوف يكون التحالف الدولي أمام اختبار بالغ الأهمية في جديته وفي التزامه بمحاربة "داعش" وذلك في طريقة رده على الأتراك الذين ظهرت بصماتهم واضحة في الوقوف مع "داعش" في فرملة الاندفاعة الكردية الأخيرة وفي طريقة متابعته او عدم متابعته الدعم الجوي الفعال لمساعدة وحدات حماية الشعب الكردي في محاولة سيطرته على الموقف المستجد و تثبيت جبهته بمواجهة داعش في اقصى الشمال السوري ولاحقا عند المهاجمة المرتقبة للتنظيم الارهابي في مدينة الرقة .
تعليق