* على «يوتيوب»: خذوا أسرار «داعش» من «أحرار الشام»
أطلقت «الجبهة الإسلاميّة ـ أحرار الشام» أمس الأوّل، فيلماً على «يوتيوب» بعنوان «هم العدو، طوبى لمن قتلهم وقتلوه» (11 د.)، في إشارة إلى غريمها اللدود تنظيم «الدولة الإسلاميّة في العراق والشام ـ داعش». يسرد الشريط بتسلسل إخباري، طبيعة المعارك في ريف حلب الشمالي، من وجهة نظر «أحرار الشام». ويصوّر مقاتلين بلباسهم العسكري، وذخيرتهم الحيّة، وهم «يصدّون تسلّل خلايا داعش الغادرة» إلى المنطقة.

وسام عبد الله/ جريدة السفير
يتعاقب مقاتلون في «أحرار الشام» على الحديث أمام الكاميرا، بعضهم يكشف عن وجهه، وبعضهم الآخر يظهر ملثّماً أو مقنّعاً. يتحدّثون عن «داعش» في فكره وسلوكه، ويُجمعون على خلاصة واحدة هي وحشيّة التنظيم، و «شططه عن الإسلام الصحيح».
ينطلق الفيلم من المعارك في ريف حلب الشمالي التي دفعت بمجموعات مسلحة إلى التوجه نحو تل رفعت وإعزاز والمناطق المحيطة بنبل والزهراء وباشكوي، لمنع وصول «داعش» إليها. يصف المعلّق على الفيلم زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي بالمجرم، ويعدّ دخول التنظيم في الحرب السورية «بالنفق الأسود».
يقول أبو جعفر، أحد المتحدّثين في الشريط أنّ «الفصائل المسلحة» كانت تسيطر على نحو 70 في المئة من ريف حلب، لكنّ مشاركة «داعش» في المعركة، «دفعت الناس للقتال فيما بينها، تحت عناوين مصادرة السلاح والكفر والردّة». ومن أسباب تكفير «داعش» لباقي الفصائل، اتهامه لها «بعمالتها للغرب»، بحسب أبو جعفر أحد المشاركين في الفيلم، الذي ينفي عن رفاقه تهمة «العمالة»، مؤكّداً أنّهم «يعانون من الجوع».
مع تتالي الشهادات، يكاد متابع الشريط على «يوتيوب» يشكّ في الجهة المنتجة له، إذ يبدو أنّ «أحرار الشام» تكره «داعش» أكثر من كرهها للجيش السوري. أحد المشاركين في العمل، ويسمّي نفسه سليمان أبو الوليد، يشير إلى أنّ أوَّل من سفك الدماء هم مقاتلو «داعش»، وأنّ أيّ خلاف معهم يتطوَّر إلى اشتباك مسلح. يقدّم أبو الوليد معلومات من الداخل، عن طبيعة القتال بين الفصائل المتطرّفة، فيقول إنّ ما يروّج له «داعش» عن وجود محكمة شرعيّة أمر غير دقيق. «في البداية، يتجهون لحسم أيّ مسألة عسكريّاً ليحقّقوا أهدافهم فيها، ثمّ يقولون إنهم تحت الشرع». ويكمل في مقطع آخر واصفاً «داعش» بالخوارج، ويضيف: «كلّ طالب علم يفتي بقتالهم».
الشريط عمليّة بروباغندا مضادّة لأشرطة «داعش»، مع فرق وحيد أنّه يتوجّه إلى جمهور مختلف. فبعكس أفلام «داعش» المصوّرة بتقنيات عالية، والتي ينشغل فيها الإعلام العربي والغربي، فإنّ فيلم «هم العدوّ» يتوجّه إلى جمهور من المجاهدين، والمحبّذين للفكر المتطرّف، ليوضح لهم أنّه أحرص على الإسلام من «جنود أبو بكر البغدادي».
هكذا، يوضح أبو اليمان أحد المقاتلين على «جبهات الخوارج»، أنّ جمهور العلماء لا يكفّر مقاتلي «داعش»، بعكس تنظيم الدولة الذي يكفّر الجميع. ويقول أبو قتادة في مداخلة ضمن الشريط إنّه يريد دولة «تقوم على السلف الصالح وسنة النبي، لا على أفكار داعش وفتاويه». وفي نهاية الفيلم يتوجّه المتحدّثون فيه برسالة إلى «داعش»، يتوعدون بقتال عناصره كما «أوصى النبي محمد»، وبكسر شوكتهم في بلاد الشام.
يحتوي الشريط على مقاطع من معارك حيّة، بين «أحرار الشام»، و «داعش»، إلى جانب عمليات انتحارية ومشاهد إعدام نفّذها مقاتلو تنظيم البغدادي بمقاتلي تنظيمات أخرى. حمّل الفيلم على «يوتيوب» سبع مرّات متتالية بروابط مختلفة، بعدما تعرّض لعدة عمليات حذف. وعملت الصفحات المؤيدة لحركة «أحرار الشام» على تفعيل نشر وتحميل الفيلم منعاً من حذفه.
كأي فيلم تنتجه المجموعات المسلحة المتطرّفة، يستخدم «هم العدوّ» الآيات القرآنية لتبرير قتاله، على وقع موسيقى حماسيّة. وتعتمد «الجبهة الإسلاميّة» على تحميل عملياتها العسكريّة بشكل متواصل على «يوتيوب»، وتترجمها للغات متعدِّدة. كما تصرّ على وصف نفسها بالـ «معتدلة»، في محاولة ربّما لتسويق نفسها ضمن «المعارضة المسلّحة المعتدلة» التي أعلنت بعض الدول العربيّة والغربيّة عن استعدادها لتسليحها ودعمها.
***
* الزبداني سقطت... ومضايا مقابل كفريا والفوعة
إيلي حنا - الاخبار
أيام معركة الزبداني معدودة، تُجمع مصادر متقاطعة تعمل على الخطّ الميداني والسياسي. النصر العسكري لم يعد مرتبطاً بالسيطرة الجغرافية، بل تعدّاه إلى العمل على «اتفاق جديد» يشمل هذه المرة مسلحي مضايا وقرى وادي بردى «مقابل مدنيي كفريا والفوعة». الاتفاق الذي تسرّع عجلته انهيارات المسلحين المتسارعة في الزبداني تشوبه تعقيدات عديدة، أهمّها القوى المعارضة الرافضة لأي «اتفاق شامل».
توشك معركة الزبداني على نهايتها. خطّان متوازيان يعملان بوتيرة سريعة بين العمل الميداني والجهود لإنجاح اتفاق جديد. في الميدان، أصبح المسلحون محاصرين في كيلومترين ونصف كيلومتر في وسط المدينة، بعدما سيطر الجيش السوري والمقاومة اللبنانية على حيّ الزهرة والحارة الغربية (من مسجد الزهرة وصولاً إلى مسجد بردى)، حيث كان يتركّز ثِقل المجموعات المسلحة في الشوارع الضيقة والأبنية الكثيفة. في هذه الحارة ضبطت المقاومة والجيش «غرفة عمليات حركة أحرار الشام» أثناء التمشيط والبحث عن العبوات الناسفة. كذلك قتل 6 مسلحين في استهداف الجيش لإحدى نقاطهم في دوار السيلان، جنوب غرب المدينة.
المسلحون المحاصرون والمنهكون قتل عدد كبير منهم، ثمّ ليلاً كرّت سبحة «التسليم». خمسة من عناصر «حركة أحرار الشام الاسلامية» سلّموا أنفسهم لقوات الجيش السوري، هم: عبد الرحمن زين الدين، مأمون خريطة، تمام خريطة، علي حمدان، ومحمد حمدان. «المسلحين فرطوا... وقد تبدأ مجموعات بتسليم نفسها»، يقول مصدر سوري. «المسألة قد تنتهي بعد أيام»، يضيف.
السرعة في الحسم الميداني، أخرجت ورقة الزبداني من أيدي المسلحين، لتنتهي المعادلة القديمة في التسوية على خطّ المدينة الدمشقية وكفريا والفوعة.
«معادلة جديدة» ظهرت أمس على خط المفاوضات: إخراج مسلحي قرى وادي بردى ومضايا مقابل مدنيي كفريا والفوعة. داخل هذه المعادلة، تظهر نقطة قوة لدى الجيش السوري، إذ إنّ بعض المدنيين في مضايا هم من أهالي قيادات الصف الأول للمسلحين، ما قد يدفعهم «إلى التفكير مرتين» قبل أي قرار بمتابعة القتال. لكن بعض المصادر السورية تتحدّث عن صعوبة التوصل إلى تسوية وادي بردى ومضايا مقابل كفريا والفوعة، وإن مَن أفشل صفقة الزبداني ـ كفريا والفوعة ليس سوى الاستخبارات التركية التي تدير عمليات المسلحين في ريف إدلب. وبحسب المصادر، فإن الأتراك يرون أن ثمن فك الحصار عن كفريا والفوعة وإخلاءهما من المدنيين يجب أن يكون أكبر من إجلاء مسلحي منطقة الزبداني إلى الشمال، وعلى الدولة السورية أن تدفع مقابلاً أكبر من هؤلاء المسلحين، لقاء حل أزمة البلدتين الإدلبيتين.
بالتوازي، كانت «حركة أحرار الشام» تتلقى ضربات قويّة في ريف إدلب في الأيام الأخيرة، حيث تلفت المصادر إلى أنّ «بعض القادة في الحركة الذين وضعوا المعادلة السابقة أغلبهم قتل»، في المعارك على جبهة كفريا والفوعة أو في التفجير الانتحاري في مقر «الحركة» في بلدة كنصفرة في جبل الزاوية، أثناء اجتماع قيادي (منهم مسؤول «كتائب ألوية صقور الشام»، وقائد «لواء المجاهدين»، بالإضافة إلى قيادات من جنسيات أجنبية).
في السياق، علمت «الأخبار» أنّ السلطات السورية نقلت جزءاً من النازحين من أهالي الزبداني في بلودان باتجاه مضايا، وذلك للضغط على مسلحي هذه البلدة.
إذ بعد الزبداني، تشكّل مضايا جزءاً من «المشكلة» حيث فيها عدد كبير من المسلحين بعد سلسلة تسويات سابقة، بدأت منذ عام 2012. يومها حاول الجيش استعادة البلدة التي خرجت عن السيطرة، لتنجح التسوية بعد أيام من اندلاع المعارك.
ثمّ عادت مضايا لتخرج عن «الإطار المرسوم»، لتنجح تسوية أخرى بمبادرة من «لجنة المصالحة» فيها مطلع عام 2014، ضمن ما عرف حينها بـ«المصالحات الوطنية» التي شلمت أيضاً برزة والمعضمية في ريف دمشق. حينها، سَلّم نحو 500 مسلح أنفسهم للسلطات مقابل «تسوية أوضاعهم»، مستفيدين من عفو رئاسي صدر في تلك الفترة.
المصالحة في مضايا كانت دائماً عرضة للانهيار، بسبب رفضها من قبل المسلحين المتشددين، وعلى رأسهم «جبهة النصرة» الذين بعد كل تسوية يغادرون البلدة ثم «يظهرون» فيها. واغتال مسلحون أحد عرّابي «لجنة المصالحة»، حسن نعمة داخل منزله، كذلك نجا سابقاً رئيس لجنة المصالحة عبد الحميد محمد من محاولة اغتيال، بعبوة ناسفة في سيارته (أصيب ابنه محمد حينها). وفي شباط الماضي، أُعلنت مضايا مجدداً آمنة وخالية من المسلحين بعد «ضغط الأهالي وسعيهم إلى تجنيب بلدتهم دمار المعارك، لتطرد كافة المجموعات المسلحة من البلدة»، حسب تعبير مصادر محلية يومها. كذلك أكد رئيس لجنة المصالحة عبد الحميد محمد لـ«الأخبار» مسؤولية لجنته «عن تسوية وضع كل مسلح رفض الخروج، وتحمّل مسؤولية عدم دخول المتمردين مجدداً إلى البلدة»، مبدياً «الرغبة في إعادة سلطة الدولة ودوائرها الرسمية إلى عملها المعتاد».
هذه «الرغبة» لم تتبلور حتى يوم اشتعال معارك الزبداني في 3 تموز الماضي. مضايا كانت دائماً بؤرة توتّر، تفاعلت أكثر بعد ظهور عمليات تنسيق مع مسلحي الزبداني المجاورة.
خروج 28 قيادياً
إلى ذلك، أفادت مصادر سورية عن «إخراج 28 قيادياً من الزبداني أمس، بينهم قائد كتيبة. وهم الآن في مكان آمن لدى السلطات الرسمية». وأضافت المصادر أنّ «أحرار الشام» أطلقوا النار على الخارجين، ما عقّد الأمور، بعدما كان متفقاً على مغادرة نحو 150 مسلحاً أمس.
وتروي المصادر أنّ المحاولات جارية، وعلى أعلى المستويات، لإخراج «جميع المسلحين غير المرتبطين بأحرار الشام قبل فوات الأوان». فـ«الحركة» ما زالت تحاول أن تجد «حبلاً» يخرج مسلحيها الـ300 دون الآخرين، علماً بأنّ القرار السوري متخذ بإخراج جميع المسلحين من المدينة.
الاتصالات التي تجري على أكثر من صعيد قد تفشلها قوة متعددة نافذة في إدلب وريف دمشق، كـ«جبهة النصرة» التي تحظى بحضور قويّ في المنطقتين.
كفريا والفوعة «في جوّ المغادرة»
على خطّ كفريا والفوعة اللتين دخلتا الشهر الخامس من الحصار، هدأت المعارك أمس بعد محاولات المسلحين المستمرة اقتحامهما منذ إعلان فشل التسوية يوم السبت الماضي، إذ قُصفت البلدتان بنحو 2300 قذيفة وصاروخ، لكن «اللجان الشعبية» أفشلت جميع محاولات التقدّم البري. وعلمت «الأخبار» أنّ هذه اللجان «طُلب منها أن لا تبادر بالهجوم على نقاط المسلحين القريبة أو قصف القرى التي ينطلق منها المسلحون إذا ما تعرضوا لايّ اعتداء» إفساحاً في المجال أمام إمكان إنجاح «تسوية جديدة». معظم الأهالي «أصبحوا في جوّ المغادرة»، تروي مصادر متابعة في البلدتين الإدلبيتين، وهم قد يتخلّصون من جحيم يومي، بعد نسبة دمار تخطّت الخمسين في المئة في الفوعة مثلاً، في ظلّ شحّ المحروقات حتّى لمضخات المياه، حيث يعيش أكثر من 40 الف مواطن حالة حصار كامل، لا تكسرها سوى مساعدات الدولة السورية الملقاة من الجوّ.
أطلقت «الجبهة الإسلاميّة ـ أحرار الشام» أمس الأوّل، فيلماً على «يوتيوب» بعنوان «هم العدو، طوبى لمن قتلهم وقتلوه» (11 د.)، في إشارة إلى غريمها اللدود تنظيم «الدولة الإسلاميّة في العراق والشام ـ داعش». يسرد الشريط بتسلسل إخباري، طبيعة المعارك في ريف حلب الشمالي، من وجهة نظر «أحرار الشام». ويصوّر مقاتلين بلباسهم العسكري، وذخيرتهم الحيّة، وهم «يصدّون تسلّل خلايا داعش الغادرة» إلى المنطقة.

وسام عبد الله/ جريدة السفير
يتعاقب مقاتلون في «أحرار الشام» على الحديث أمام الكاميرا، بعضهم يكشف عن وجهه، وبعضهم الآخر يظهر ملثّماً أو مقنّعاً. يتحدّثون عن «داعش» في فكره وسلوكه، ويُجمعون على خلاصة واحدة هي وحشيّة التنظيم، و «شططه عن الإسلام الصحيح».
ينطلق الفيلم من المعارك في ريف حلب الشمالي التي دفعت بمجموعات مسلحة إلى التوجه نحو تل رفعت وإعزاز والمناطق المحيطة بنبل والزهراء وباشكوي، لمنع وصول «داعش» إليها. يصف المعلّق على الفيلم زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي بالمجرم، ويعدّ دخول التنظيم في الحرب السورية «بالنفق الأسود».
يقول أبو جعفر، أحد المتحدّثين في الشريط أنّ «الفصائل المسلحة» كانت تسيطر على نحو 70 في المئة من ريف حلب، لكنّ مشاركة «داعش» في المعركة، «دفعت الناس للقتال فيما بينها، تحت عناوين مصادرة السلاح والكفر والردّة». ومن أسباب تكفير «داعش» لباقي الفصائل، اتهامه لها «بعمالتها للغرب»، بحسب أبو جعفر أحد المشاركين في الفيلم، الذي ينفي عن رفاقه تهمة «العمالة»، مؤكّداً أنّهم «يعانون من الجوع».
مع تتالي الشهادات، يكاد متابع الشريط على «يوتيوب» يشكّ في الجهة المنتجة له، إذ يبدو أنّ «أحرار الشام» تكره «داعش» أكثر من كرهها للجيش السوري. أحد المشاركين في العمل، ويسمّي نفسه سليمان أبو الوليد، يشير إلى أنّ أوَّل من سفك الدماء هم مقاتلو «داعش»، وأنّ أيّ خلاف معهم يتطوَّر إلى اشتباك مسلح. يقدّم أبو الوليد معلومات من الداخل، عن طبيعة القتال بين الفصائل المتطرّفة، فيقول إنّ ما يروّج له «داعش» عن وجود محكمة شرعيّة أمر غير دقيق. «في البداية، يتجهون لحسم أيّ مسألة عسكريّاً ليحقّقوا أهدافهم فيها، ثمّ يقولون إنهم تحت الشرع». ويكمل في مقطع آخر واصفاً «داعش» بالخوارج، ويضيف: «كلّ طالب علم يفتي بقتالهم».
الشريط عمليّة بروباغندا مضادّة لأشرطة «داعش»، مع فرق وحيد أنّه يتوجّه إلى جمهور مختلف. فبعكس أفلام «داعش» المصوّرة بتقنيات عالية، والتي ينشغل فيها الإعلام العربي والغربي، فإنّ فيلم «هم العدوّ» يتوجّه إلى جمهور من المجاهدين، والمحبّذين للفكر المتطرّف، ليوضح لهم أنّه أحرص على الإسلام من «جنود أبو بكر البغدادي».
هكذا، يوضح أبو اليمان أحد المقاتلين على «جبهات الخوارج»، أنّ جمهور العلماء لا يكفّر مقاتلي «داعش»، بعكس تنظيم الدولة الذي يكفّر الجميع. ويقول أبو قتادة في مداخلة ضمن الشريط إنّه يريد دولة «تقوم على السلف الصالح وسنة النبي، لا على أفكار داعش وفتاويه». وفي نهاية الفيلم يتوجّه المتحدّثون فيه برسالة إلى «داعش»، يتوعدون بقتال عناصره كما «أوصى النبي محمد»، وبكسر شوكتهم في بلاد الشام.
يحتوي الشريط على مقاطع من معارك حيّة، بين «أحرار الشام»، و «داعش»، إلى جانب عمليات انتحارية ومشاهد إعدام نفّذها مقاتلو تنظيم البغدادي بمقاتلي تنظيمات أخرى. حمّل الفيلم على «يوتيوب» سبع مرّات متتالية بروابط مختلفة، بعدما تعرّض لعدة عمليات حذف. وعملت الصفحات المؤيدة لحركة «أحرار الشام» على تفعيل نشر وتحميل الفيلم منعاً من حذفه.
كأي فيلم تنتجه المجموعات المسلحة المتطرّفة، يستخدم «هم العدوّ» الآيات القرآنية لتبرير قتاله، على وقع موسيقى حماسيّة. وتعتمد «الجبهة الإسلاميّة» على تحميل عملياتها العسكريّة بشكل متواصل على «يوتيوب»، وتترجمها للغات متعدِّدة. كما تصرّ على وصف نفسها بالـ «معتدلة»، في محاولة ربّما لتسويق نفسها ضمن «المعارضة المسلّحة المعتدلة» التي أعلنت بعض الدول العربيّة والغربيّة عن استعدادها لتسليحها ودعمها.
***
* الزبداني سقطت... ومضايا مقابل كفريا والفوعة
إيلي حنا - الاخبار
أيام معركة الزبداني معدودة، تُجمع مصادر متقاطعة تعمل على الخطّ الميداني والسياسي. النصر العسكري لم يعد مرتبطاً بالسيطرة الجغرافية، بل تعدّاه إلى العمل على «اتفاق جديد» يشمل هذه المرة مسلحي مضايا وقرى وادي بردى «مقابل مدنيي كفريا والفوعة». الاتفاق الذي تسرّع عجلته انهيارات المسلحين المتسارعة في الزبداني تشوبه تعقيدات عديدة، أهمّها القوى المعارضة الرافضة لأي «اتفاق شامل».
توشك معركة الزبداني على نهايتها. خطّان متوازيان يعملان بوتيرة سريعة بين العمل الميداني والجهود لإنجاح اتفاق جديد. في الميدان، أصبح المسلحون محاصرين في كيلومترين ونصف كيلومتر في وسط المدينة، بعدما سيطر الجيش السوري والمقاومة اللبنانية على حيّ الزهرة والحارة الغربية (من مسجد الزهرة وصولاً إلى مسجد بردى)، حيث كان يتركّز ثِقل المجموعات المسلحة في الشوارع الضيقة والأبنية الكثيفة. في هذه الحارة ضبطت المقاومة والجيش «غرفة عمليات حركة أحرار الشام» أثناء التمشيط والبحث عن العبوات الناسفة. كذلك قتل 6 مسلحين في استهداف الجيش لإحدى نقاطهم في دوار السيلان، جنوب غرب المدينة.
المسلحون المحاصرون والمنهكون قتل عدد كبير منهم، ثمّ ليلاً كرّت سبحة «التسليم». خمسة من عناصر «حركة أحرار الشام الاسلامية» سلّموا أنفسهم لقوات الجيش السوري، هم: عبد الرحمن زين الدين، مأمون خريطة، تمام خريطة، علي حمدان، ومحمد حمدان. «المسلحين فرطوا... وقد تبدأ مجموعات بتسليم نفسها»، يقول مصدر سوري. «المسألة قد تنتهي بعد أيام»، يضيف.
السرعة في الحسم الميداني، أخرجت ورقة الزبداني من أيدي المسلحين، لتنتهي المعادلة القديمة في التسوية على خطّ المدينة الدمشقية وكفريا والفوعة.
«معادلة جديدة» ظهرت أمس على خط المفاوضات: إخراج مسلحي قرى وادي بردى ومضايا مقابل مدنيي كفريا والفوعة. داخل هذه المعادلة، تظهر نقطة قوة لدى الجيش السوري، إذ إنّ بعض المدنيين في مضايا هم من أهالي قيادات الصف الأول للمسلحين، ما قد يدفعهم «إلى التفكير مرتين» قبل أي قرار بمتابعة القتال. لكن بعض المصادر السورية تتحدّث عن صعوبة التوصل إلى تسوية وادي بردى ومضايا مقابل كفريا والفوعة، وإن مَن أفشل صفقة الزبداني ـ كفريا والفوعة ليس سوى الاستخبارات التركية التي تدير عمليات المسلحين في ريف إدلب. وبحسب المصادر، فإن الأتراك يرون أن ثمن فك الحصار عن كفريا والفوعة وإخلاءهما من المدنيين يجب أن يكون أكبر من إجلاء مسلحي منطقة الزبداني إلى الشمال، وعلى الدولة السورية أن تدفع مقابلاً أكبر من هؤلاء المسلحين، لقاء حل أزمة البلدتين الإدلبيتين.
بالتوازي، كانت «حركة أحرار الشام» تتلقى ضربات قويّة في ريف إدلب في الأيام الأخيرة، حيث تلفت المصادر إلى أنّ «بعض القادة في الحركة الذين وضعوا المعادلة السابقة أغلبهم قتل»، في المعارك على جبهة كفريا والفوعة أو في التفجير الانتحاري في مقر «الحركة» في بلدة كنصفرة في جبل الزاوية، أثناء اجتماع قيادي (منهم مسؤول «كتائب ألوية صقور الشام»، وقائد «لواء المجاهدين»، بالإضافة إلى قيادات من جنسيات أجنبية).
في السياق، علمت «الأخبار» أنّ السلطات السورية نقلت جزءاً من النازحين من أهالي الزبداني في بلودان باتجاه مضايا، وذلك للضغط على مسلحي هذه البلدة.
إذ بعد الزبداني، تشكّل مضايا جزءاً من «المشكلة» حيث فيها عدد كبير من المسلحين بعد سلسلة تسويات سابقة، بدأت منذ عام 2012. يومها حاول الجيش استعادة البلدة التي خرجت عن السيطرة، لتنجح التسوية بعد أيام من اندلاع المعارك.
ثمّ عادت مضايا لتخرج عن «الإطار المرسوم»، لتنجح تسوية أخرى بمبادرة من «لجنة المصالحة» فيها مطلع عام 2014، ضمن ما عرف حينها بـ«المصالحات الوطنية» التي شلمت أيضاً برزة والمعضمية في ريف دمشق. حينها، سَلّم نحو 500 مسلح أنفسهم للسلطات مقابل «تسوية أوضاعهم»، مستفيدين من عفو رئاسي صدر في تلك الفترة.
المصالحة في مضايا كانت دائماً عرضة للانهيار، بسبب رفضها من قبل المسلحين المتشددين، وعلى رأسهم «جبهة النصرة» الذين بعد كل تسوية يغادرون البلدة ثم «يظهرون» فيها. واغتال مسلحون أحد عرّابي «لجنة المصالحة»، حسن نعمة داخل منزله، كذلك نجا سابقاً رئيس لجنة المصالحة عبد الحميد محمد من محاولة اغتيال، بعبوة ناسفة في سيارته (أصيب ابنه محمد حينها). وفي شباط الماضي، أُعلنت مضايا مجدداً آمنة وخالية من المسلحين بعد «ضغط الأهالي وسعيهم إلى تجنيب بلدتهم دمار المعارك، لتطرد كافة المجموعات المسلحة من البلدة»، حسب تعبير مصادر محلية يومها. كذلك أكد رئيس لجنة المصالحة عبد الحميد محمد لـ«الأخبار» مسؤولية لجنته «عن تسوية وضع كل مسلح رفض الخروج، وتحمّل مسؤولية عدم دخول المتمردين مجدداً إلى البلدة»، مبدياً «الرغبة في إعادة سلطة الدولة ودوائرها الرسمية إلى عملها المعتاد».
هذه «الرغبة» لم تتبلور حتى يوم اشتعال معارك الزبداني في 3 تموز الماضي. مضايا كانت دائماً بؤرة توتّر، تفاعلت أكثر بعد ظهور عمليات تنسيق مع مسلحي الزبداني المجاورة.
خروج 28 قيادياً
إلى ذلك، أفادت مصادر سورية عن «إخراج 28 قيادياً من الزبداني أمس، بينهم قائد كتيبة. وهم الآن في مكان آمن لدى السلطات الرسمية». وأضافت المصادر أنّ «أحرار الشام» أطلقوا النار على الخارجين، ما عقّد الأمور، بعدما كان متفقاً على مغادرة نحو 150 مسلحاً أمس.
وتروي المصادر أنّ المحاولات جارية، وعلى أعلى المستويات، لإخراج «جميع المسلحين غير المرتبطين بأحرار الشام قبل فوات الأوان». فـ«الحركة» ما زالت تحاول أن تجد «حبلاً» يخرج مسلحيها الـ300 دون الآخرين، علماً بأنّ القرار السوري متخذ بإخراج جميع المسلحين من المدينة.
الاتصالات التي تجري على أكثر من صعيد قد تفشلها قوة متعددة نافذة في إدلب وريف دمشق، كـ«جبهة النصرة» التي تحظى بحضور قويّ في المنطقتين.
كفريا والفوعة «في جوّ المغادرة»
على خطّ كفريا والفوعة اللتين دخلتا الشهر الخامس من الحصار، هدأت المعارك أمس بعد محاولات المسلحين المستمرة اقتحامهما منذ إعلان فشل التسوية يوم السبت الماضي، إذ قُصفت البلدتان بنحو 2300 قذيفة وصاروخ، لكن «اللجان الشعبية» أفشلت جميع محاولات التقدّم البري. وعلمت «الأخبار» أنّ هذه اللجان «طُلب منها أن لا تبادر بالهجوم على نقاط المسلحين القريبة أو قصف القرى التي ينطلق منها المسلحون إذا ما تعرضوا لايّ اعتداء» إفساحاً في المجال أمام إمكان إنجاح «تسوية جديدة». معظم الأهالي «أصبحوا في جوّ المغادرة»، تروي مصادر متابعة في البلدتين الإدلبيتين، وهم قد يتخلّصون من جحيم يومي، بعد نسبة دمار تخطّت الخمسين في المئة في الفوعة مثلاً، في ظلّ شحّ المحروقات حتّى لمضخات المياه، حيث يعيش أكثر من 40 الف مواطن حالة حصار كامل، لا تكسرها سوى مساعدات الدولة السورية الملقاة من الجوّ.
تعليق