إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

مدمج (مواضيع شيخ حسين الاكرف )

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
    أجر وثواب ومقام المدافعين عن أهل البيت عليهم السلام
    اقرؤوا يا شيعة أمير المؤمنين يا من تدفعون شبهات النواصب في نحورهم ماذا يقول عنكم أهل البيت عليهم السلام.
    ( 1 ) تفسير الإمام العسكري ( ع ) ، الإحتجاج : بالإسناد عن أبي محمد عليه السلام قال : قال علي بن موسى الرضا عليه السلام : أفضل ما يقدمه العالم من محبينا وموالينا أمامه ليوم فقره وفاقته وذله ومسكنته أن يغيث في الدنيا مسكينا من محبينا من يد ناصب عدو لله ولرسوله ، يقوم من قبره و الملائكة صفوف من شفير قبره إلى موضع محله من جنان الله فيحملونه على أجنحتهم ، ويقولون :طوباك طوباك يا دافع الكلاب عن الأبرار ، ويا أيها المتعصب للأئمة الأخيار
    بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 2 - ص 11 حديث 21
    ( 2 ) تفسير الإمام العسكري ( ع ) ، الإحتجاج : بالإسناد إلى أبي محمد العسكري عليه السلام قال : قال علي بن أبي طالب عليه السلام : من كان من شيعتنا عالما بشريعتنا فأخرج ضعفاء شيعتنا من ظلمة جهلهم إلى نور العلم الذي حبوناه به جاء يوم القيامة وعلى رأسه تاج من نور يضيئ لأهل جميع العرصات ، وعليه حلة لا يقوم لأقل سلك منها الدنيا بحذافيرها ، ثم ينادي مناد يا عباد الله هذا عالم من تلامذة بعض علماء آل محمد ألا فمن أخرجه في الدنيا من حيرة جهله فليتشبث بنوره ليخرجه من حيرة ظلمة هذه العرصات إلى نزه الجنان فيخرج كل من كان علمه في الدنيا خيرا أو فتح عن قلبه من الجهل قفلا ، أو أوضح له عن شبهة .
    بيان : لا يقوم بتشديد الواو من التقويم أو بالتخفيف أي لا يقاومها ولا يعادلها وقوله عليه السلام : بحذافيرها أي بأجمعها .
    بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 2 - ص 2 – 3 حديث 2
    ( 3 ) تفسير الإمام العسكري ( ع ) ، الإحتجاج : بإسناده إلى أبي محمد العسكري عليه السلام قال : حدثني أبي ، عن آبائه ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : أشد من يتم اليتيم الذي انقطع عن أبيه يتم يتيم انقطع عن إمامه ولا يقدر على الوصول إليه ، ولا يدري كيف حكمه فيما يبتلي به من شرائع دينه ، ألا فمن كان من شيعتنا عالما بعلومنا وهذا الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حجره ألا فمن هداه وأرشده وعلمه شريعتنا كان معنا في الرفيق الأعلى .
    بيان : قال الجزري : في حديث الدعاء : ألحقني بالرفيق الأعلى . الرفيق : جماعة الأنبياء الذين يسكنون أعلى عليين ، وهو اسم جاء على فعيل ومعناه الجماعة كالصديق والخليط يقع على الواحد والجمع ، ومنه قوله تعالى : وحسن أولئك رفيقا .
    بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 2 - ص 2 حديث 1
    ( 4 ) تفسير الإمام العسكري : قال أبو محمد العسكري عليه السلام : قال علي بن الحسين عليه الصلاة والسلام : أوحى الله تعالى إلى موسى : حببني إلى خلقي وحبب خلقي إلى ، قال : يا رب كيف أفعل ؟ قال : ذكرهم آلائي ونعمائي ليحبوني ، فلإن ترد آبقا عن بابي ، أو ضالا عن فنائي أفضل لك من عبادة مائة سنة بصيام نهارها ، وقيام ليلها . قال موسى : ومن هذا العبد الآبق منك ؟ قال : العاصي المتمرد ،قال : فمن الضال عن فنائك ؟ قال : الجاهل بإمام زمانه تعرفه ، والغائب عنه بعد ما عرفه ، الجاهل بشريعة دينه ، تعرفه شريعته وما يعبد به ربه ويتوصل به إلى مرضاته . قال علي بن الحسين عليهما السلام : فأبشروا علماء شيعتنا بالثواب الأعظم والجزاء الأوفر .
    بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 2 - ص 4 حديث 6
    ( 5 ) تفسير الإمام العسكري ( ع ) ، الإحتجاج : بالإسناد إلى أبي محمد العسكري عليه السلام . قال : قال جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام : علماء شيعتنا مرابطون بالثغر الذي يلي إبليس وعفاريته ، يمنعونهم عن الخروج على ضعفاء شيعتنا ، وعن أن يتسلط عليهم إبليس وشيعته النواصب، ألا فمن انتصب لذلك من شيعتنا كان أفضل ممن جاهد الروم والترك والخزر ألف ألف مرة لأنه يدفع عن أديان محبينا ، وذلك يدفع عن أبدانهم .
    بيان : المرابطة : ملازمة ثغر العدو . والثغر ما يلي دار الحرب وموضع المخافة من فروج البلدان . والعفريت : الخبيث المنكر . والنافذ في الأمر : المبالغ فيه مع دهاء . والخزر بالتحريك : اسم جبل خزر العيون أي ضيقها .
    بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 2 - ص 5 حديث 8
    ( 6 ) تفسير الإمام العسكري ( ع ) ، الإحتجاج : بالإسناد عن أبي محمد عليه السلام قال : قال علي بن أبي طالب عليه السلام : من قوى مسكينا في دينه ضعيفا في معرفته على ناصب مخالف فأفحمه لقنه الله يوم يدلى في قبره أن يقول : الله ربي ، ومحمد نبيي ، وعلي وليي ، والكعبة قبلتي ، والقرآن بهجتي وعدتي ، والمؤمنون إخواني . فيقول الله : أدليت بالحجة فوجبت لك أعالي درجات الجنة فعند ذلك يتحول عليه قبره أنزه رياض الجنة .
    ايضاح : الإفحام : الإسكات في الخصومة . والإدلاء : الإرسال . والبهجة بالفتح : الحسن والسرور .
    بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 2 - ص 7 – 8 حديث 14
    ( 7 ) أمالي الطوسي : المفيد ، عن ابن قولويه ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن عثمان ابن عيسى : عن سماعة قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أنزل الله عز وجل : من قتل نفسا فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا . قال : من أخرجها من ضلال إلى هدى فقد أحياها ، ومن أخرجها من هدى إلى ضلال فقد والله أماتها
    بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 2 - ص 16 حديث 33
    ( 8 ) ثواب الأعمال : العطار ، عن أبيه ، عن ابن عيسى ، عن محمد البرقي ، عمن رواه ، عن أبان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : لا يتكلم الرجل بكلمة حق يؤخذ بها إلا كان له مثل أجر من أخذ بها ، ولا يتكلم بكلمة ضلال يؤخذ بها إلا كان عليه مثل وزر من أخذ بها .
    بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 2 - ص 19 حدث 52
    وقال أبو محمد الحسن العسكري عليه السلام : إن من محبي محمد وآل محمد صلوات الله عليهم مساكين مواساتهم أفضل من مساواة مساكين الفقراء وهم الذين سكنت جوارحهم ، وضعفت قواهم عن مقابلة أعداء الله الذين يعيرونهم بدينهم ، ويسفهون أحلامهم ، ألا فمن قواهم بفقهه وعلمه حتى أزال مسكنتهم ثم سلطهم على الأعداء الظاهرين النواصب ، وعلى الأعداء الباطنين إبليس ومردته ، حتى يهزموهم عن دين الله ، ويذودوهم عن أولياء آل رسول الله صلى الله عليه وآله ، حول الله تعالى تلك المسكنة إلى شياطينهم فأعجزهم عن إضلالهم ، قضى الله تعالى بذلك قضاء حق على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله .
    المصدر : بحار الأنوار / ج 2 / ص 7 .
    (9) عن أبي محمد عليه السلام قال : قال جعفر بن محمد عليهما السلام:
    من كان همه في كسر النواصب عن المساكين من شيعتنا الموالين لنا أهل البيت يكسرهم عنهم؛ ويكشف عن مخازيهم؛ ويبين عوراتهم ويفخم أمر محمد وآله صلوات الله عليهم جعل الله همة أملاك الجنان في بناء قصوره ودوره يستعمل بكل حرف من حروف حججه على أعداء الله أكثر من عدد أهل الدنيا أملاكا قوة كل واحد تفضل عن السماوات والارض ، فكم من بناء وكم من نعمة وكم من قصور لايعرف قدرها إلا رب العالمين.
    (بحار الأنوار ج2 ص10 والاحتجاج ج1 ص19).

    فشمروا عن سواعدكم يا شيعة أمير المؤمنين للدفاع عن دين الحق دين محمد وآل محمد عليهم صلوات الله.

    ونسألكم الدعاء.

    تعليق


    • ظلامة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام (أصل يوم العذاب) !!

      بسم الله الرحمن الرحيم
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

      ظلامة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام (أصل يوم العذاب) !!
      1. قال الإمام الباقر عليه السلام: مَن لم يعرف سوء ما أوتي إلينا من ظلمنا وذهاب حقنا وما نكبنا به فهو شريك مَن أتى إلينا فيما ولينا به! (بحار الأنوار: ج 27 ص 55).
      2. قال المفضل للإمام الصادق عليه السلام: يا مولاي ما في الدموع ثواب؟ قال : ما لا يحصى إذا كان من محقّ. فبكى المفضل ( بكاءاً ) طويلاً ويقول : يا ابن رسول الله إنَّ يومكم في القصاص لأعظم من يوم محنتكم؛ فقال له الصادق عليه السلام: ولا كيوم محنتنا بكربلاء وإن كان يوم السقيفة واحراق النار على باب أمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة وزينب وأم كلثوم وفضة وقتل محسن بالرفسة أعظم وأدهى وأمرّ؛ لأنّه أصل يوم العذاب!! (نوائب الدهور: 3 | 194؛ الهداية الكبرى للخصيبي ص417).
      من منطلق هذه الرواية التي رواها المفضل عن الإمام الصادق عليه السلام، واستناداً إلى كلام الإمام المعصوم الذي هو معصوم الكلام ، والذي لا يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه ، حيث يعتبر كلام الإمام المعصوم من الادلة الشرعية الاربعة : القرآن الكريم والسنة والعقل والاجماع فهو داخل ضمن السنة النبوية الشريفة ، باعتباره يمثل الامتداد الحية لها كان عنوان هذا البحث مستمداً من هذه الرواية والتي تروي قصة مظلومية فاطمة الزهراء سلام الله عليها والذي بَيّن فيه الإمام الصادق عليه السلام عِظم ومرارة مصيبة أهل البيت عليهم السلام عند هجوم القوم على دار أمير المؤمنين سلام الله عليه بأعظم تعبير يجعل المؤمن الباحث عن الحقيقة والعقيدة والصحيحة يقف عنده كثيراً ويدقق فيه طويلاً ليرى لماذا عبّر عنه الإمام عليه السلام بهذا القول العظيم بأنه أصل يوم العذاب ، لا شك ولا ريب ان كلام الإمام الصادق عليه السلام لا يأتي اعتباطا وعبثاً دون أن تكون هناك مقدمات أولية يقينية عنده بحيث تؤدي بالأمر إلى أن تصل فيه النتيجة النهائية وعلى ضوء هذه المقامات المهمة أن تكون المظلومية العظمى لأهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة وبالخصوص اُم أبيها فاطمة الزهراء سلام الله عليها هي الاساس والاصل ليوم الحسرة أو كما عبر عنه الإمام عليه السلام بيوم العذاب.
      لذا جاء هذا البحث أصل يوم العذاب في ظلامات فاطمة الزهراء سلام الله عليها باعتبارها قطب الرحى الي تدور حوله محورية أهل البيت عليهم السلام والذي اعتمدنا في تسميته هذه على رواية المفضل عن لسان الإمام الصادق عليه السلام لكي لا نخرج حتى في تسميتنا لأي شيء عن تسميات وتعبيرات أهل البيت عليهم السلام.
      ما معنى أصل يوم العذاب ؟
      وأصل الشيء الاساس الذي يُبني عليه ذلك الشيء وقد يكون أصل الشيء المنطلق له أو أسفله وحسب التعريفات اللغوية التي وردت في تعريفه ، ومن هنا نقف مع رواية المفضل التي رواها عن الإمام الصادق عليه السلام لكي نفهم كيف يجري الحال مع هذه الرواية ، فالسؤال المطروح فيما نحن فيه يقتضي أن نفهم أن أصل يوم العذاب هل يقصد به الاساس الذي بني عليه ظلم أهل البيت عليهم السلام من ذلك الحين أو أنه يقتضي ـ الاصل ـ معناه يوم القيامة الذي سوف يكون فيه الاساس لعذاب الذين ظلموا أهل البيت عليهم السلام فيكون الجزاء جهنم خالدين فيها أبداً ؟ أما الشق الأوّل الذي يقصد به ويقول ان أصل يوم العذاب هو ذلك اليوم الذي سُلبت فيه الخلافة من أمير المؤمنين عليه السلام ـ يوم السقيفة ـ وإضرام النار على باب بيت أمير المؤمنين وفاطمة عليهما السلام ... وقتل محسن بالرفسة ، حيث أسس الظلم والعذاب على أهل البيت عليهم السلام ولم يروّ الراحة والاطمئنان من يوم ظلم فاطمة إلى واقعة كربلاء وقتل أهل البيت وتشريدهم إلى ظهور الإمام المهدي ( عجل الله تعالى فرجه الشريف ) فان العذاب موجوع والاذى مبثوث لكل من ولاهم واتبعهم من شيعتهم وعلى هذا الاساس يكون أصل يوم العذاب هو اليوم الذي أسس الظلم على أهل البيت عليهم السلام في هذه الحياة الدنيا ، وهذا القول الذي يقول ان يوم العذاب هو يوم الظلم الذي جرى على أهل بيت النبوة بعيد عن المتفاهم العرفي ولا يساعد عليه الحال لأنّ هناك فرق بين أن نقول يوم الظلم ويوم العذاب لانه الظلم وارد في الحياة الدنيا أما العذاب فيكون له يوم خاص وكما عبر عنه القرآن يوم التغابن ويوم القيامة .... فلذا الظاهر من خلال الرواية ان يوم العذاب ليس هو يوم الظلم الذي جرى على أهل بيت النبوة عليهم السلام لأن العذاب لا يطلق على هكذا حالٍ وانما يطلق على يوم القيامة الذي سوف يكون فيه العذاب للظالمين أما ما الذي يصح ان يعبر منه فهذا ما يمكن ان نقول به هو يوم المصائب ويوم المحن الابتلاءات والظلامات اذن يكون هذا القول منتفي في كون يوم العذاب هو اليوم الذي أسس فيه الظلم لأهل بيت النبوة.
      وعلى الشق الثاني من معنى الأصل ليوم العذاب يكون معناه ان يوم القيامة سوف يكون فيه العذاب والخزي للذين أخذوا الخلافة من أصحابها الحقيقيين وظلموا الزهراء عليها السلام وأضرموا النار على بيت أمير المؤمنين وقتلوا المحسن بن علي عليه السلام بالرفسة ، فتكون هذه الظلامات هي الاساس والاصل ليوم العذاب في نار جهنم للذين فعلوا ذلك الظلم العظيم وكما عبر القرآن الكريم عن ذلك بقوله تعالى (ان الظالمين لهم عذاب أليم).
      وعليه الذي على ما احتمله ان الصحيح عندي هو المعنى الوارد في تفسير الاصل ليوم العذاب يعني ان أساس يوم العذاب في القيامة سوف يكون بسبب هذا الظلامات من ظلامة يوم السقيفة واحراق النار وقتل محسن بالرفسة وغير ذلك من الظلامات ذلك لأن هناك عدة أدلة وشواهد تثبت هذه المسئلة وايضاً نفهم هذا من خلال عدة روايات شريفة وشواهد تاريخية بينت هذه المسألة، وهناك قرينة في المقام تثبت هذا المعنى وهي الرواية نفسها حيث نستفيد منها ان المفضل يسأل الإمام عليه عليه السلام ويقول ان يومكم في القصاص لاعظم من يوم محنتكم.. حيث عبر عن يوم القيامة بيوم القصاص الذي سوف تكون فيه جهنم عذاباً للظالمين، واضافة إلى ذلك قال المفضل ان يوم محنتكم وهذا يدل على ان هناك فرق بين ان نقول يوم العذاب ويوم المحنة.. وايضاً هناك قرينة متصلة في الرواية الشريفة نفسها حيث توجد تكملة لهذه الرواية التي يرويها المفضل حيث تقول: « ويأتي محسن مخضباً محمولاً تحمله خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت أسد أُم أمير المؤمنين علي عليه السلام وهما جدتاه... وفاطمة تبكي وتصيح وتقول: هذا يومكم الذي كنتم توعدون... فيأخذ رسول الله محسناً على يديه رافعاً له إلى السماء وهو يقول: إلهي وسيدي صبرنا في الدنيا احتساباً وهذا اليوم الذي تجد كل نفس ما عملت من خيراً محضراً وما عملت من سوءٍ لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ».
      فعلى أساس هاتين القرينتين نحتمل احتمالاً قويا ان أصل يوم العذاب المقصود به هو يوم القيامة الذي سوف يكون فيه نار جهنم للظالمين أشد عذاباً وأكبر تنكيلاً.
      وربما يرد علينا في ما نحن فيه اشكال وهو اذا كانت ظلامات أهل البيت عليهم السلام من السقيفة واحراق بيت فاطمة وقتل محسن ... الخ هو الاساس وأصل يوم العذاب في القيامة فماذا تقول في الذين كانوا قبل هذه الظلامات وقبل زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ـ أي الامم الاخرى ـ فانهم ما كانوا يعلمون ذلك فكيف توجه هذه المسألة ؟
      نقول : انه لا ضيرَ في ذلك ولا يقدح فيما نحن فيه ذلك لكون عندنا رواية تقول انها ـ أي الصديقة الطاهرة فاطمة عليها السلام ـ كانت مفروضة الطاعة على جميع من خلق الله من الجن والانس والطير والوحش والأنبياء والملائكة، فاذا كان هكذا حالها فبالنتيجة تكون الحجة على جميع من خلق الله تعالى وخصوصاً انه ما تكاملت نبوة نبي من الأنبياء حتى أقر بفضلها ومحبتها وهي الصديقة الكبرى وعلى معرفتها دارت القرون الاولى ـ أي المتقدمة على هذا الزمان ـ وعليه لو كان الأنبياء والمؤمنين قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حاضرين في زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لكانوا قسمين إما راضين بما فعل القوم من الظلم بحق فاطمة وبعلها وبنيها وإما لم يكونوا راضين . فان كانوا راضين كانت لهم جهنم مقراً ومقاما وان لم يكونوا راضين بظلمها كانت لهم الجنة دار سرور ونعيم وعلى هذا الاساس يتضح كيف يكون ظلم أهل البيت وخصوصا الصديقة الشهيدة فاطمة عليها السلام الاساس ليوم العذاب هذا من جهة. ومن جهة أخرى نحن نعلم ان هناك أحاديث وردت على لسان أهل بيت العصمة مفادها ان الله يرضى لرضا فاطمة ويغضب لغضبها فمن كانت فاطمة راضية عنه رضا عنه الله تبارك وتعالى ولا شك ولا ريب ولا شك أن رضا الله يرضاه الأنبياء والمؤمنين السابقين على زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فيكونوا عندئذ راضين عمن رضيت عنه فاطمة وغاضبين على من غضبت عليه لانها مظهر رضا الله تعالى وغضبه وعليه يكون الاصل ثابت.
      ولعن الله أذى الزهراء عليها السلام؛ وأحرق بابها ولطم خدها وكسر ضلعها وأسقط المحسن الشهيد؛ وعلى رأسهم صنمي قريش الفاجرين أبا بكر وعمر لعنهما الله.
      ومع السلامة.

      تعليق


      • مدمج (مواضيع شيخ حسين الاكرف )

        بسم الله الرحمن الرحيم
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
        اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف



        مقتل السبط الثالث المحسن بن علي عليهما السلام

        لما كانت الليلة التي استشهد في صبيحتها رسول رب السماء محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، دعا أهل بيته الطاهرين علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وأغلق عليه وعليهم الباب وأمر النساء بالخروج من الدار وأوقف أم سلمه على الباب لئلا يقربه أحد. ثم أخذ يناجيهم مطولا وهم يبكون على ما جرى لرسول الله في مرضه الذي سببته جرعة السم التي سُقيها في إغماءته من عائشة وحفصة بأمر أبويهما.

        قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام): " فما لبثت أن نادتني فاطمة (عليها السلام) فدخلت على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - وهو يجود بنفسه - فبكيت ولم أملك نفسي حين رأيته بتلك الحال، فقال لي: " ما يبكيك يا علي!؟ ليس هذا أوان البكاء.. فقد حان الفراق بيني وبينك، فأستودعك الله يا أخي! فقد اختارني ربى لما عنده.. وانما بكائي وغمي وحزني عليك وعلى هذه – وأشار إلى فاطمة - أن تضيع بعدي، فقد أجمع القوم على ظلمكم، وقد استودعتكم الله، وقبلكم مني وديعة. يا علي! إني قد أوصيت فاطمة ابنتي بأشياء وأمرتها أن تلقيها إليك، فأنفذها فهي الصادقة الصدوقة.. " ثم ضمها إليه ولما أراد أن يكلمها غلبته عبرته فلم يقدر على الكلام، فبكت فاطمة بكاء شديدا وقالت: يا رسول الله! قد قطعت قلبي وأحرقت كبدي لبكائك يا سيد النبيين من الأولين والآخرين، ويا أمين ربه ورسوله، ويا حبيبه ونبيه. من لولدي بعدك؟ ومن لأهل بيتك بعدك؟ من لعلي أخيك وناصر الدين؟ من لوحي الله؟ ثم بكت وأكبت على وجهه تقبّله، فقبل (صلى الله عليه وآله) رأسها وقال: " فداك أبوك يا فاطمة..! " فعلا صوتها بالبكاء، ثم ضمها إليه وقال: " أما والله لينتقمن الله ربي، وليغضبن لغضبك، فالويل ثم الويل ثم الويل للظالمين.. ".

        ثم بكى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وترقرقت عبرته. يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): " فوالله لقد حسبت بضعة مني قد ذهبت لبكائه! وهملت عيناه مثل المطر حتى بلت دموعه لحيته وملاءةً كانت عليه، وهو يلتزم فاطمة لا يفارقها. ورأسه على صدري وأنا مسنده، والحسن والحسين يقبّلان قدميه ويبكيان بأعلى أصواتهما.. "

        وبينما هم على تلك الحال وإذا بجبرئيل وميكائيل وسائر الملائكة المقربين ينزلون أفواجا من السماء إلى الأرض ويجتمعون في بيت خاتم النبوة وهم يضجون بالبكاء لرؤياهم بكاء رسول الله وابنته الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليهما السلام. يقول أمير المؤمنين عليه السلام:لقد رأيت بكاء من فاطمة، أحسب ان السماوات والأرضين قد بكت لها " .

        ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للزهراء عليها السلام: يا بنية! الله خليفتي عليكم وهو خير خليفة، والذي بعثني بالحق لقد بكى لبكائك عرش الله وما حوله من الملائكة والسماوات والأرضون وما فيهما. يا فاطمة! والذي بعثني بالحق لاقومن بخصومة أعدائك، وليندمن قوم أخذوا حقك، وقطعوا مودتك، وكذبوا علي."

        ثم دعا رسول الله قائلا: "! ويل لمن ظلمها..! ويل لمن ابتزها حقها..! ويل لمن هتك حرمتها..! ويل لمن شاقها وبارزها.. ويل لمن أحرق بابها..! ويل لمن آذى حليلها.. ! اللهم اني منهم برئ وهم مني براء ". ثم ضم (صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة إليه وعليا والحسن والحسين وقال: اللهم إني لهم ولمن شايعهم سلم، وزعيم بأنهم يدخلون الجنة، وحرب وعدو لمن عاداهم وظلمهم وتقدّمهم أو تأخر عنهم وعن شيعتهم، زعيم بأنهم يدخلون النار. ثم والله يا فاطمة، لا أرضى حتى ترضي، ثم لا أرضى حتى ترضي.

        ثم توجه بوجهه (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أخيه أمير المؤمنين عليه السلام فقال: اعلم - يا علي! - اني راض عمن رضيت عنه ابنتي فاطمة، وكذلك ربي وملائكته".

        وقضى أهل بيت الوحي (عليهم السلام) ليلتهم تلك في البكاء والنحيب حيث كانت آخر لحظات عمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المظلوم الشهيد المسموم، وفي صبيحة ذلك اليوم وهو يوم الإثنين الثامن والعشرين من شهر صفر للسنة العاشرة من الهجرة، وبعدما استشرى السم في البدن الشريف لخاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم) وضع رأسه في حجر أخيه أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وقرّب أذنه من فمه وأخذ يلقي عليه علوم النبوة وأسرار الولاية وعلّمه ألف باب من العلم يفتح له من كل باب ألف باب. وبينما كان كذلك عرق جبينه.. وانتفض بدنه.. فأغمض عينيه.. وأسبل يديه.. ثم فاضت روحه الطاهرة.. فسالت بين يدي أمير المؤمنين (عليه السلام) فأخذها وأمررها على وجهه إلى أن صعدت لبارئها وبارئ الخلائق أجمعين.

        وارتفعت أصوات الخلائق بالبكاء واهتزت السماوات والأرضون لفقد خاتم الأنبياء، وصرخ الحسنان: وا جداه.. وا رسول الله.. ونادت الزهراء: وا أبتاه.. وا محمداه... وا حبيباه... ثم سقطت مغشيا عليها.

        رفع أمير المؤمنين (عليه السلام) جثمان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهيأه للغسل. يقول سلمان الفارسي: أتيت عليا عليه السلام وهو يغسّل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد كان أوصى أن لا يغسله غير علي وأخبر أنه لا يريد أن يقلّب منه عضوا إلا قلب له، وقد قال أمير المؤمنين لرسول الله: من يعينني على غسلك يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وآله: جبرئيل.

        فلما غسله وكفنه، أدخل عليه السلام سلمان وأبا ذر والمقداد وفاطمة وحسنا وحسينا، فتقدم وصفوا خلفه فصلى عليه، وعائشة في الحجرة لا تعلم، قد أخذ جبرئيل ببصرها، ثم جاءت أفواج الملائكة وصفّت خلفه وصلى بهم.

        ولما تنامى العلم بأن رسول الله المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) قد ارتحل إلى جوار ربّه، ضجت المدينة بالبكاء والعويل، وتوافد المهاجرون والأنصار على بيت النبوة والرسالة، فأدخل أمير المؤمنين (عليه السلام) عشرة من هؤلاء وعشرة من هؤلاء فيصلون ويخرجون بالتناوب، حتى لا يبقى أحد من المهاجرين والأنصار إلا صلى عليه.

        ولما رأى عمر بن الخطاب (عليه اللعنة) توافد الناس على بيت النبوة، وكان أبو بكر غائبا إذ كان في السنح في أعالي المدينة، خشي أن يبايعوا لوصي رسول الله وخليفته على أمته الإمام علي بن أبي طالب (عليهما السلام) وأن تذهب أمانيه وأماني صاحبه بالخلافة، فطفق يحاول تأخير أمر البيعة للخليفة الشرعي، فأشهر سيفه وأخذ يجول في طرقات المدينة يتوعّد أهلها وهو يكذب ويقول: ما مات رسول الله ولا يموت حتى يظهر دينه على الدين كله، وليرجعن فليقطعن أيدي رجال، وأرجلهم ممن أرجف بموته. إن رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله توفي، وإن رسول الله والله ما مات، ولكنه ذهب إلى ربه، كما ذهب موسى بن عمران، فغاب عن قومه أربعين ليلة، ثم رجع بعد أن قيل قد مات. والله ليرجعن رسول الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم، يزعمون أن رسول الله مات. ألا لا أسمع رجلا يقول: مات رسول الله إلا ضربته بسيفي.

        وأرسل عمر سالم بن عبيد إلى أبي بكر ليخبره بوفاة رسول الله وضرورة مجيئه لئلا تضيع الفرصة، فجاء أبو بكر مسرعا، ولما أن تلقّاه عمر سكن وقد كان للتو يحلف بالله أن رسول الله ما مات! فقال له أبو بكر: أيها الحالف على رسلك! ثم قال: من كان يعبد محمدا، فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله، فإن الله حي لا يموت. فهدأت فورة عمر وأظهر أنه قد أفاق من سكرته. وكان قصده من كل هذا أن يؤخر البيعة لعلي عليه السلام حتى يأتي أبو بكر فيبرمها له حيلةً.

        وبينما كان أهل بيت النبي مشغولين بالمصيبة العظمى والنازلة الكبرى وهم مجتمعون للعزاء والسلوى؛ كان أهل النفاق يطمعون بالخلافة والسلطة ويعدّون العّدة لاغتنام الغنيمة، فترك أبو بكر وعمر ومن إليهما جنازة رسول الله ولم يحضروها ولم يصلوا عليه، وتراكضوا يتعادون إلى سقيفة بني ساعدة بعدما علموا أن الأنصار مجتمعون هناك لإبرام أمر الخلافة. فسارعوا إليهم ينازعونهم في الأمر، ووقعت الفرقة، فهذا يتوعد، وذاك يهدد، وقيل منا أمير ومنكم أمير، ولعن بعضهم بعضا، وأطلت الفتنة بقرنيها، حتى حسمها الشيطان لحليفه، فاحتال عمر لأن تتم فلتة البيعة لأبي بكر بن أبي قحافة.

        وجاء العباس عم النبي إلى أمير المؤمنين وقال له: يا علي.. ابسط يدك أبايعك فيقال عم رسول الله بايع ابن عم رسول الله، ويبايعك أهل بيتك، فإن هذا الأمر إذا كان لم يُقَل. فأبى علي عليه السلام وقال: ومن يطلب هذا الأمر غيرنا؟

        وبينا هما كذلك، إذ سمعا بصوت التكبير والتهليل بمسجد النبي صلى الله عليه وآله، وإذا بأبي بكر يحوطه عمر وأبو عبيدة بن الجراح وسائر الناس قد جاؤوا به يزفّونه زفّ العروس ليرتقي المنبر معلنا بداية ولايته وحكمه، فقال علي عليه السلام متعجبنا: "ما هذا؟!" فقال له العباس: "ما رئي مثل هذا قط، أما قلت لك؟!" وصاحت فاطمة عليها السلام: وا سوء صباحاه! فسمعها أبو بكر فقال: إن صباحك لصباح سوء!

        وغضب بعض الأصحاب في مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) من بيعة أبي بكر، وقد كان النبي (صلى الله عليه وآله) قد بايعهم لأمير المؤمنين عليه السلام يوم الغدير. فانحاز سلمان والمقداد وأبو ذر والزبير وطلحة والعباس وجماعة من بني هاشم إلى بيت علي عليه السلام. فذهب إليهم عمر في جماعة ممن بايع فيهم أسيدبن حضير، وسلمة بن سلامة فألفوهم مجتمعين، فقال لهم: بايعوا أبابكر! فقد بايعه الناس! فوثب الزبير إلى سيفه، فقال عمر: عليكم بالكلب فاكفونا شره.. فبادر سلمة بن سلامة فانتزع السيف من يده، فأخذه عمر فضرب به الأرض فكسره، وأحدقوا بمن كان هناك من بني هاشم ومضوا بجماعتهم إلى أبي بكر، فلما حضروا قالوا: بايعوا أبابكر! فقد بايعه الناس، وايم الله لئن أبيتم ذلك لنحاكمنكم بالسيف.. فلما رأى ذلك بنو هاشم أقبل رجل رجل فجعل يبايع، حتى لم يبق ممن حضر إلا علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال له: بايع أبابكر، فقال علي (عليه السلام): " أنا أحق بهذا الأمر منه وأنتم أولى بالبيعة لي، أخذتم هذا الأمر من الأنصار، واحتججتم عليهم بالقرابة من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتأخذونه منا أهل البيت غصبا؟! ألستم زعمتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر منهم لمكانكم من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأعطوكم المقادة، وسلموا لكم الإمارة، وأنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم على الأنصار، أنا أولى برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيا وميتا. ( وأنا وصيه ووزيره، ومستودع سره وعلمه، وأنا الصديق الأكبر، أول من آمن به وصدقه، وأحسنكم بلاء في جهاد المشركين، وأعرفكم بالكتاب والسنة، وأفقهكم في الدين، وأعلمكم بعواقب الأمور، وأذربكم لسانا، وأثبتكم جنانا، فعلام تنازعونا هذا الأمر..؟! ) أنصفونا - إن كنتم تخافون الله - من أنفسكم، واعرفوا لنا من الأمر مثل ما عرفته الأنصار لكم، وإلا فبوؤا بالظلم وأنتم تعلمون. يا معاشر المهاجرين والأنصار! الله الله ( لا تنسوا عهد نبيكم إليكم في أمري و ) لا تخرجوا سلطان محمد من داره وقعر بيته إلى دوركم وقعر بيوتكم وتدفعوا أهله عن حقه ومقامه في الناس، يا معاشر الجمع! ( إن الله قضى وحكم ونبيه أعلم وأنتم تعلمون ) إنا أهل البيت أحق بهذا الأمر منكم، أما كان منا القارئ لكتاب الله، الفقيه في دين الله، المضطلع بأمر الرعية؟ والله إنه لفينا لا فيكم، فلا تتبعوا الهوى فتزدادوا من الحق بعدا، وتفسدوا قديمكم بشر من حديثكم.. ( فقال عمر: أما لك بأهل بيتك أسوة..؟! فقال علي (عليه السلام): " سلوهم عن ذلك.. "، فابتدر القوم الذين بايعوا من بني هاشم، فقالوا: ما بيعتنا بحجة على علي (عليه السلام).. ومعاذ الله أن نقول أنا نوازيه في الهجرة وحسن الجهاد، والمحل من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ) فقال عمر: إنك لست متروكا حتى تبايع طوعا أو كرها. فقال علي (عليه السلام): " احلب حلبا لك شطره، اشدد له اليوم ليرد عليك غدا، إذا والله لا أقبل قولك، ولا أحفل بمقامك.. ولا أبايع "

        فقال بشيربن سعد الأنصاري وكان ممن وطأ الأمر لأبي بكر - وقالت معه جماعة من الأنصار ): يا أباالحسن! لو كان هذا الكلام سمعته الأنصار منك قبل الانضمام لأبي بكر ما اختلف فيك اثنان (.. فقال علي (عليه السلام): " يا هؤلاء أكنت أدع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مسجى لا أواريه وأخرج أنازع في سلطانه؟! ! " ) لبيعتي كانت قبل بيعة أبي بكر، شهدها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمر الله بها.. أو ليس قد بايعني؟ !... فما بالهما يدعيان ما ليس لهما وليسا بأهله ". والله ما خفت أحدا يسمو له وينازعنا أهل البيت فيه ويستحل ما استحللتموه، ولا علمت أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ترك يوم غدير خم لأحد حجة، ولا لقائل مقالا، فأنشد الله رجلا سمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم غدير خم يقول: " من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله ".. أن يشهد بما سمع ".

        قال زيدبن أرقم: فشهد اثنا عشر رجلا بدريا بذلك، وكنت ممن سمع القول من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فكتمت الشهادة يومئذ فذهب بصري. وكثر الكلام في هذا المعنى وارتفع الصوت وخشى عمر أن يُصغى ألى قول علي (عليه السلام) ففسخ المجلس وقال: إن الله تعالى يقلب القلوب والأبصار. فانصرفوا يومهم ذلك.

        فجلس أمير المؤمنين (عليه السلام) في بيته معتزلا القوم، واشتغل بجمع القرآن ونظمه كما أوصاه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). فأكثر الناس في تخلفه عن بيعة أبي بكر، وبدأوا يتلاومون على خذلانهم لوصي رسول الله وبيعتهم لأبي بكر، فامتنع بعض الناس عن البيعة، فغاظ ذلك أبا بكر وعمر، فأرسل عمر إلى رجال من الأعراب ليستعين بهم على إكراه الناس على بيعة أبي بكر. يقول زائدة بن قدامة: كان جماعة من الأعراب قد دخلوا المدينة ليمتاروا منها، فشغل الناس عنهم بموت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فشهدوا البيعة وحضروا الأمر، فأنفذ إليهم عمر واستدعاهم وقال لهم: اخرجوا إلى الناس واحشروهم ليبايعوا فمن امتنع فاضربوا رأسه وجبينه.. قال زائدة: فوالله لقد رأيت الأعراب قد تحزموا واتشحوا بالأزر الصنعانية وأخذوا بأيديهم الخشب وخرجوا حتى خبطوا الناس خبطا وجاؤوا بهم مكرهين إلى البيعة.

        وتوافد بعض المهاجرين والأنصار على بيت النبوة وقالوا لعلي عليه السلام: أنت والله أمير المؤمنين، وأنت والله أحق الناس وأولاهم بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هلم يدك نبايعك: فوالله لنموتن قدامك، لا والله لا نعطي أحدا طاعة بعدك. قال (عليه السلام): " ولم؟ " قالوا: إنا سمعنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيك يوم غدير. قال (عليه السلام): " وتفعلون؟ " قالوا: نعم. قال (عليه السلام): إن كنتم صادقين فاغدوا علي غدا محلقين.. ". فما أتاه إلا سلمان وأبوذر والمقداد وقيل الزبير وعمار أتاه بعد الظهر، فلما رأى أمير المؤمنين ذلك قال لهم: ارجعوا، فلا حاجة لي فيكم، أنتم لم تطيعوني في حلق الرأس، فكيف تطيعوني في قتال جبال الحديد !؟

        تعليق


        • ثم إن عمر أتى أبابكر فقال له: ألا تأخذ هذا المتخلف عنك بالبيعة؟ فإن الناس أجمعين قد بايعوك ما خلا هذا الرجل وأهل بيته وهؤلاء النفر..! أرسل إلى علي فليبايع، فإنا لسنا في شئ حتى يبايع.. يا هذا! ليس في يديك شئ منه مالم يبايعك علي، فابعث إليه حتى يأتيك فيبايعك، فإنما هؤلاء رعاع.. فبعث أبو بكر إلى علي عليه السلام قنفذا فقال له: اذهب فقل لعلي: أجب خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فذهب قنفذ فما لبث أن رجع فقال لأبي بكر: قال لك: " والله ما استخلف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أحدا غيري، لسريع ما كذبتم على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وارتددتم، يا قنفذ قل لأبي بكر: إنك لتعلم من خليفة رسول الله "، فأقبل قنفذ إلى أبي بكر فأبلغه الرسالة فقال أبوبكر: صدق علي..! ما استخلفني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). فقال عمر: يا قنفذ.. ارجع إليه فقل: خليفة المسلمين يدعوك. فرجع قنفذ إلى علي فأدى الرسالة، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): "من استخلف مستخلفا فهو دون من استخلفه، وليس للمستخلَف أن يتأمر على المستخلِف"!

          ولما عاد قنفذ وأدى الرسالة، غضب عمر ووثب وقام، وقال: ألا تضم هذا المتخلف عنك بالبيعة..؟! فقال أبوبكر: اجلس، ثم قال لقنفذ: اذهب إليه فقل له: أجب أمير المؤمنين أبابكر.. فأقبل قنفذ حتى دخل على علي (عليه السلام) فأبلغه الرسالة، فقال: "كذب والله! انطلق إليه فقل له: لقد تسميت باسم ليس لك، فقد علمت أن أمير المؤمنين غيرك، سبحان الله! ما والله طال العهد فينسى، والله إنه ليعلم إن هذا الاسم لا يصلح إلا لي، ولقد أمره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - وهو سابع سبعة - فسلموا علي بإمره المؤمنين" فرجع قنفذ فأبلغهما.

          فوثب عمر غضبان فقال: والله إني لعارف بسخفه! وضعف رأيه! وإنه لا يستقيم لنا أمر حتى نقتله.. فخلني آتيك برأسه، فقال أبوبكر: اجلس! فأبى، فأقسم عليه فجلس، ثم قال: يا قنفذ! انطلق فقل له: أجب أبابكر.. فأقبل قنفذ فقال: يا علي! أجب أبابكر، فقال علي (عليه السلام): "إني لفي شغل عنه، وما كنت بالذي أترك وصية خليلي وأخي وأنطلق إلى أبي بكر وما اجتمعتم عليه من الجور، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لي وأوصاني إذا واريته في حفرته: أن لا أخرج من بيتي حتى أؤلف كتاب الله فإنه في جرائد النخل وفي أكتاف الإبل".

          فسكتوا عنه أياما، فجمعه في ثوب واحد وختمه، ثم خرج إلى الناس وهم مجتمعون مع أبي بكر في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فنادى علي (عليه السلام) بأعلى صوته: "أيها الناس! إني لم أزل مذ قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مشغولا بغسله، ثم بالقرآن حتى جمعته كله في هذا الثوب الواحد، فلم ينزل الله على رسول آية منه إلا وقد جمعتها، وليست منه آية إلا وقد أقرأنيها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلمني تأويلها.. لئلا تقولوا غدا إنا كنا عن هذا غافلين، لا تقولوا يوم القيامة إني لم أدعكم إلى نصرتي.. ولم أذكركم حقي.. ولم أدعكم إلى كتاب الله من فاتحته إلى خاتمته". فقال له عمر مستهزئا: ما أغنانا بما معنا من القرآن عما تدعونا إليه! فدخل أمير المؤمنين (عليه السلام) بيته واعتزل القوم.

          فلما كان الليل حمل علي (عليه السلام)، فاطمة (عليها السلام) على دابة، وأخذ بيد ابنيه الحسن والحسين (عليهما السلام)، فلم يدع أحدا من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا أتاه في منزله، وناشدتهم الزهراء حقه ودعتهم إلى نصرته، فكانوا يقولون: يا بنت رسول الله! قد مضت بيعتنا لهذا الرجل، ولو أن زوجك وابن عمك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا به..! فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): " أفكنت أدع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في بيته لم أدفنه وأخرج أنازع الناس سلطانه..؟! " فقالت فاطمة (عليها السلام): " ما صنع أبوالحسن إلا ما كان ينبغي له وقد صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم".

          فما استجاب منهم رجل غير أربعة، حلقوا رؤوسهم وبذلوا له نصرتهم، فلما أن رأى علي (عليه السلام) خذلان الناس إياه وتركهم نصرته واجتماع كلمتهم مع أبي بكر وتعظيمهم إياه لزم بيته مجددا .

          ومضت أيام قلائل، فقال عمر لأبي بكر: ما يمنعك أن تبعث إليه فيبايع؟! وإن لم تفعل لأفعلن. ثم خرج مغضبا وجعل ينادي القبائل والعشائر: أجيبوا خليفة رسول الله! فأجابه الناس من كل ناحية ومكان حتى اجتمع عنده ثلاثمئة رجل من الأوباش، فدخل بهم على أبي بكر وقال: قد جمعت لك الخيل والرجال. وكان من هؤلاء: عثمان بن عفان، وخالد بن الوليد، وعبد الرحمن بن عوف، والمغيرة بن شعبة، وأبو عبيدة بن الجراح، وسالم مولى أبي حذيفة، وقنفذ ابن عم عمر، وأسيد بن خضير، وسلمة بن سلامة، وهرمز الفارسي، وآخرون.

          فقال أبوبكر لعمر: من نرسل إليه؟ قال عمر: نرسل إليه قنفذا فهو رجل فظ غليظ جاف، فأرسله وأرسل معه أعوانا، وقال له: أخرجهم من البيت فإن خرجوا وإلا فاجمع الحطب على بابه، وأعلمهم إنهم إن لم يخرجوا للبيعة أضرمت البيت عليهم نارا. فانطلق قنفذ واستأذن على علي (عليه السلام) فأبى أن يأذن لهم، فرجع أصحاب قنفذ إلى أبي بكر وعمر - وهما جالسان في المسجد والناس حولهما - فقالوا: لم يؤذن لنا، فقال عمر: اذهبوا! فإن أذن لكم وإلا فادخلوا بغير إذن.. فانطلقوا استأذنوا، فقالت فاطمة (عليها السلام): "أحرج عليكم أن تدخلوا بيتي بغير إذن" فرجعوا وثبت قنفذ، فقالوا: إن فاطمة قالت: كذا وكذا.. فتحرجنا أن ندخل بيتها بغير إذن. فوثب عمر غضبان ونفخ شاربه وقال: ما لنا وللنساء..؟! فنادى خالدبن الوليد وقنفذا فأمرهما أن يحملا حطبا ونارا وقال أبوبكر لعمر: إئتني به بأعنف العنف. .! وأخرجهم وإن أبوا فقاتلهم!

          فأتوا بالحطب، والنار، وجاء عمر ومعه فتيلة من نار وهو يصرخ قائلا: إن أبوا أن يخرجوا فيبايعوا أحرقت عليهم البيت.. فقيل له: إن في البيت فاطمة والحسنان؟! قال: وإن!! فساروا إلى منزل علي (عليه السلام) وقد عزموا على إحراق البيت بمن فيه. يقول أبي بن كعب: فسمعنا صهيل الخيل، وقعقعة اللجم، واصطفاق الأسنة، فخرجنا من منازلنا مشتملين بأرديتنا مع القوم حتى وافوا منزل علي (عليه السلام). وكانت فاطمة (عليها السلام) قاعدة خلف الباب، قد عصبت رأسها ونحل جسمها في وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلما رأتهم أغلقت الباب في وجوههم وهي لا تشك أن لا يدخلوا عليها إلا بإذنها، فقرعوا الباب قرعا شديدا ورفعوا أصواتهم وخاطبوا من في البيت بخطابات شتى، ودعوهم إلى بيعة أبي بكر، وصاح عمر: يابن أبي طالب! افتح الباب..! والله لئن لم تفتحوا لنحرقنه بالنار..! والذي نفسي بيده لتخرجن إلى البيعة أو لأحرقن البيت عليكم..! اخرج يا علي إلى ما أجمع عليه المسلمون وإلا قتلناك..! إن لم تخرج يابن أبي طالب وتدخل مع الناس لأحرقن البيت بمن فيه..! يابن أبي طالب! افتح الباب وإلا أحرقت عليك دارك..! والله لتخرجن إلى البيعة ولتبايعن خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وإلا أضرمت عليك النار..! يا علي! اخرج وإلا أحرقنا البيت بالنار..!

          فخرجت فاطمة (عليها السلام) فوقفت من وراء الباب، فقالت: " أيها الضالون المكذبون! ماذا تقولون؟ وأي شئ تريدون؟ " فقال عمر: يا فاطمة! فقالت: " ما تشاء يا عمر؟ " قال: ما بال ابن عمك قد أوردك للجواب وجلس من وراء الحجاب؟ فقالت: " طغيانك يا شقي أخرجني وألزمك الحجة.. وكل ضال غوي ". فقال: دعي عنك الأباطيل وأساطير النساء! ! وقولي لعلي يخرج. فقالت: " لاحب ولاكرامة، أبحزب الشيطان تخوفني يا عمر؟! وكان حزب الشيطان ضعيفا ". فقال: إن لم يخرج جئت بالحطب الجزل وأضرمتها نارا على أهل هذا البيت وأحرق من فيه، أو يقاد علي إلى البيعة..! فقالت فاطمة (عليها السلام): " يا عمر! ما لنا ولك لا تدعنا وما نحن فيه؟ " فقال: افتحي الباب وإلا أحرقنا عليكم بيتكم.. يا فاطمة! أخرجي من اعتصم ببيتك ليبايع ويدخل فيما دخل فيه المسلمون وإلا والله أضرمت عليهم نارا.. ادخلوا فيما دخلت فيه الأمة..! يا فاطمة! ما هذا المجموع الذي يجتمع بين يديك؟ لئن انتهيت عن هذا وإلا لأحرقن البيت ومن فيه أخرجي من في البيت وإلا أحرقته ومن فيه..! فقالت فاطمة (عليها السلام): " أفتحرق علي ولدي؟! " فقال: إي والله أو ليخرجن وليبايعن. فقالت عليها السلام: " يابن الخطاب! أتراك محرقا علي بابي؟! " قال: نعم. قالت: " ويحك يا عمر! ما هذه الجرأة على الله وعلى رسوله؟! تريد أن تقطع نسله من الدنيا وتطفئ نور الله والله متم نوره؟! " فقال: كفي يا فاطمة! فليس محمد حاضرا! ولا الملائكة آتية بالأمر والنهي والزجر من عند الله! وما علي إلا كأحد من المسلمين، فاختاري إن شئت خروجه لبيعة أبي بكر أو إحراقكم جميعا..! فقالت - وهي باكية -: " اللهم إليك نشكو فقد نبيك ورسولك وصفيك، وارتداد أمته علينا، ومنعهم إيانا حقنا الذي جعلته لنا في كتابك المنزل على نبيك المرسل ". فقال لها عمر: دعي عنك يا فاطمة حماقات النساء! فلم يكن الله ليجمع لكم النبوة والخلافة..! ! فقالت: " يا عمر! أما تتقي الله عز وجل.. تدخل على بيتي، وتهجم على داري؟! " فأبى اللعين أن ينصرف، ثم أمر بجعل الحطب حوالي البيت وانطلق هو بنار وأخذ يصيح: أحرقوا دارها بمن فيها. فنادت فاطمة (عليها السلام) بأعلى صوتها: " يا أبت يا رسول الله! ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة ". فلما سمع القوم صوتها وبكاءها انصرفوا باكين، وبقي عمر ومعه قوم، فأدخل قنفذ يده يروم فتح الباب.. فأخذت فاطمة (عليها السلام) بعضادتي الباب تمنعهم من فتحه، وقالت: " ناشدتكم الله وبأبي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن تكفوا عنا وتنصرفوا " فدعا بالنار وأضرمها في الباب، فأخذت النار في خشب الباب، ودخل الدخان البيت، فدفع عمر الباب برجله، فكسره ودخل مع الأوغاد، وكانت الزهراء خلف الباب تصيح، فألجأها اللعين إلى عضادة الباب وعصرها بين الباب والحائط عصرة شديدة قاسية حتى كادت روحها أن تخرج، فكسر ضلعا من أضلاعها، ونبت مسمار الباب في صدرها فنبع منه الدم، ثم لطم عمر خدّها حتى احمرت عينها وانقطع قرطها وتناثر إلى الأرض، ثم رفسها رفسة، ثم رفع السيف وهو في غمده فوجأ به جنبها، ورفع السوط فضرب بها ذراعها، ثم ضربها بالسوط على عضدها حتى التوى عليه وصار كالدملج الأسود، ثم جعل يضرب على كتفها، فرآها المغيرة بن شعبة فلطمها لطمة أخرى حتى أدماها، ثم سلّ خالد بن الوليد سيفا ليضربها به، ثم لكزها قنفذ بنعل السيف، ثم ضربها بالسوط مرة أخرى على ظهرها وجنبها إلى أن أنهكها، ثم رفس عمر بطنها رفسة أخرى حتى سقطت أرضا والنار تسعر وجهها وجسدها، فأسقطت جنينها المحسن الشهيد.

          وصرخت صرخة جعلت أعلى المدينة أسفلها، وصاحت: " يا أبتاه! يا رسول الله! هكذا يصنع بحبيبتك وابنتك.. آه يا فضة! إليك فخذيني فقد والله قتل اللعين ما في أحشائي "، فخرج أمير المؤمنين (عليه السلام) من داخل الدار محمر العين حاسرا، حتى ألقى ملاءته عليها وضمها إلى صدره وصاح بفضة: " يا فضة! مولاتك! فاقبلي منها ما تقبله النساء فقد جاءها المخاض من الرفسة.

          ثم وثب علي (عليه السلام) فأخذ بتلابيب عمر ثم هزه فصرعه ووجأ أنفه ورقبته وهمّ بقتله، فذكر قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وما أوصاه به من الصبر والطاعة، فقال: " يا ابن صهّاك! والذي أكرم محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) بالنبوة لولا كتاب من الله سبق وعهد عهده إلي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلمت أنك لا تدخل بيتي ". فأرسل عمر يستغيث وهو تحت رجلي أمير المؤمنين، فأقبل الناس حتى دخلوا الدار، فرجع قنفذ إلى أبي بكر وهو يتخوّف أن يخرج علي (عليه السلام) بسيفه، لما قد عرف من بأسه وشدته، فقال أبوبكر لقنفذ: ارجع، فإن خرج وإلا فاقتحم عليه بيته، فإن امتنع فأضرم عليهم بيتهم النار..! فانطلق قنفذ فاقتحم هو وأصحابه بغير إذن، وثار علي (عليه السلام) إلى سيفه فسبقوه إليه وكاثروه، والتزم هو بأمر رسول الله بالصبر، فلم يقاومهم، فألقوا في عنقه حبلا وأخرجوه ملببا بثيابه يجرونه إلى المسجد، فتمالكت الزهراء نفسها وحالت بينهم وبينه وصاحت: " والله لا أدعكم تجرون ابن عمي ظلما، ويلكم ما أسرع ما خنتم الله ورسوله فينا أهل البيت.. "

          فاستُخرج أمير المؤمنين (عليه السلام) من منزله مكرها مسحوبا، وانطلقوا به، يسوقونه سوقا عنيفا، ويقودنه كما يقاد الجمل المخشوش وسط السيوف المشرعة وهو ساخط القلب، هائج الغضب، شديد الصبر، كاظم الغيظ. فجيء به مرهقا، واجتمع الناس ينظرون، وامتلأت شوارع المدينة من الرجال .. واتبعه سلمان وأبوذر والمقداد وعمار وبريدة، وهم يقولون: ما أسرع ما خنتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأخرجتم الضغائن التي في صدوركم. وقال بريدة بن الخصيب الأسلمي: يا عمر! أتيت على أخي رسول الله ووصيه وعلى ابنته فتضربها، وأنت الذي تعرفك قريش بما تعرفك به يا ابن صهّاك! ! وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يتألم ويتظلم وهو يقول: " أما والله لو وقع سيفي في يدي، لعلمتم أنكم لن تصلوا إلى هذا أبدا، أما والله ما ألوم نفسي في جهادكم ولو كنت استمسك من أربعين رجلا لفرقت جماعتكم، ولكن لعن الله أقواما بايعوني ثم خذلوني.. واجعفراه..! ولا جعفر لي اليوم، واحمزتاه..! ولا حمزة لي اليوم".

          فمروا به على قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فوقف عند القبر وقال: " يابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ) " فخرجت يد من قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يعرفون أنها يده، وصوت يعرفون أنه صوته نحو أبي بكر: "يا هذا! أَ كفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا؟!" وقال سلمان حينما رأى ذلك: أ يُصنع ذا بهذا؟ والله لو أقسم على الله لانطبقت ذه على ذه (أي لانطبقت السماء على الأرض)! وقال أبوذر: ليت السيوف عادت بأيدينا ثانية! ثم خرجت فاطمة (عليها السلام) واضعة قميص رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على رأسها آخذة بيدي ابنيها - وهي تبكي وتصيح فنهنهت من الناس - فما بقيت هاشمية إلا خرجت معها فصرخت وولولت ونادت: " يا أبابكر! ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).. والله لا أكلم عمر حتى ألقى الله.. خلوا عن ابن عمي..، مالي ولك يا أبابكر؟! أتريد أن تؤتم ابنيّ وترملني من زوجي؟! والله لئن لم تكف عنه لأنشرنّ شعري، ولأشقنّ جيبي، ولآتين قبر أبي، ولأصيحنّ إلى ربي.. فما صالح باكرم على الله من ابن عمي، ولا ناقة صالح بأكرم على الله مني، ولا الفصيل بأكرم على الله من ولدي.. " فقال علي (عليه السلام) لسلمان: " أدرك ابنة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإني أرى جنبتي المدينة تكفئان، والله إن نشرت شعرها، وشقت جيبها، وأتت قبر أبيها وصاحت إلى ربها، لا يناظر بالمدينة أن يخسف بها وبمن فيها.. " يقول سلمان عليه السلام: فرأيت والله أساس حيطان المسجد تقطعت من أسفلها حتى لو أراد رجل أن ينفذ من تحتها نفذ. فأسرعت إليها وقلت لها: يا بنت محمد! إن الله بعث أباك رحمة.. فارجعي. فقالت: " يا سلمان! يريدون قتل علي، ما على علي صبر "! فقلت: يا سيدتي ومولاتي.. إني أخاف أن يُخسف بالمدينة، وعلي (عليه السلام) بعثني إليك يأمرك أن ترجعني إلى بيتك. فقالت: " إذن أرجع وأصبر وأسمع له وأطيع " فرجعت الحيطان حتى سطعت الغبرة من أسفلها فدخلت في خياشيمنا.

          ثم عدلت (عليها السلام) بعد ذلك إلى قبر أبيها (صلى الله عليه وآله)، فأشارت إليه بحزنة ونحيب وهي تقول:

          نفسي على زفراتها محبوسة * يا ليتها خرجت مع الزفراتِ

          لا خير بعدك في الحياة وإنما * أبكي مخافة أن تطول حياتي

          ثم قالت: " وا أسفاه عليك يا أبتاه، واثكل حبيبك أبوالحسن المؤتمن، وأبوسبطيك الحسن والحسين، ومن ربيته صغيرا وواخيته كبيرا، وأجل أحبائك لديك، وأحب أصحابك عليك، أولهم سبقا إلى الاسلام، ومهاجرة إليك يا خير الأنام.. فها هو يساق في الأسر كما يقاد البعير ". ثم إنها أنت أنة وقالت: " وامحمداه..! واحبيباه.. !، وا أباه..! وا أبا القاسماه..! وا أحمداه..! وا قلة ناصراه..! وا غوثاه وا طول كربتاه..! واحزناه..! وا مصيبتاه..! وا سوء صباحاه..! " وخرت مغشية عليها، فضج الناس بالبكاء والنحيب، وصار المسجد مأتما.

          فقال علي (عليه السلام): " ما أسرع ما توثبتم على أهل بيت نبيكم، يا أبابكر! بأي حق.. وبأي ميراث.. وبأي سابقة..! تحث الناس إلى بيعتك؟ ألم تبايعني بالأمس بأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ فجلس عمر على ركبتيه وحسر عن ذراعيه، وانتهر عليا (عليه السلام) وقال له: بايع ودع عنك هذه الأباطيل، فقال له (عليه السلام): " فإن لم أفعل فما أنتم صانعون؟ " قالوا: نقتلك ذلا وصغارا. فقال عليه السلام: " إذا تقتلون عبد الله وأخا رسوله ". قال عمر أما عبد الله فنعم، أما أخا رسول الله فلا. فقال علي (عليه السلام): " أما والله لولا قضاء من الله سبق وعهد عهده إلي خليلي لست أجوزه لعلمت أينا أضعف ناصرا وأقل عددا ". ثم أقبل علي (عليه السلام) عليهم فقال: " يا معشر المسلمين والمهاجرين والأنصار! أنشدكم الله أسمعتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول يوم غدير خم.. كذا وكذا، وفي غزوة تبوك.. كذا وكذا.. " فلم يدع أمير المؤمنين (عليه السلام) شيئا قاله فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علانية للعامة إلا ذكرهم إياه. فقالوا: اللهم نعم، فلما تخوف أبوبكر أن ينصره الناس وأن يمنعوه.. بادرهم فقال: كل ما قلت حق، قد سمعناه بآذاننا ووعته قلوبنا، ولكن قد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول بعد هذا: إنا أهل بيت اصطفانا الله وأكرمنا واختار لنا الآخرة على الدنيا، وإن الله لم يكن ليجمع لنا أهل البيت النبوة والخلافة. فقال علي (عليه السلام): " هل أحد من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شهد هذا معك؟ " فقال عمر: صدق خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد سمعنا هذا منه كما قال، وشهد أبوعبيدة وسالم مولى أبي حذيفة ومعاذبن جبل زورا على ذلك أيضا. فقال علي (عليه السلام): " لقد وفيتم بصحيفتكم الملعونة التي قد تعاقدتم عليها في الكعبة إن قتل الله محمدا أو مات لتزوُّن هذا الأمر عنا أهل البيت، فقال أبوبكر: فما علمك بذلك؟! ما اطلعناك عليها؟! فقال علي (عليه السلام): " أنت يا زبير.. وأنت يا سلمان.. وأنت يا أباذر.. وأنت يا مقداد.. أسألكم بالله وبالإسلام أما سمعتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول ذلك وأنتم تسمعون: " إن فلانا وفلانا.. حتى عد هؤلاء الخمسة قد كتبوا بينهم كتابا وتعاهدوا فيه وتعاقدوا على ما صنعوا؟ " فقالوا: اللهم نعم، قد سمعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: " إنهم قد تعاهدوا وتعاقدوا على ما صنعوا وكتبوا بينهم كتابا إن قتلت أو مت أن يزووا عنك هذا يا علي "، فقلت: " بأبي أنت يا رسول الله! فما تأمرني إذا كان ذلك أن أفعل؟ " فقال لك: " إن وجدت عليهم أعوانا فجاهدهم ونابذهم، وإن لم تجد أعوانا فبايعهم واحقن دمك ". فقال علي (عليه السلام): " أما والله لو أن اؤلئك الأربعين رجلا الذين بايعوني وفوا لي لجاهدتكم في الله، ولكن - أما والله - لا ينالها أحد من عقبكما إلى يوم القيامة. وفي ما يكذّب قولكم على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قول الله: (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما).

          فقام بريدة فقال: يا عمر! ألستما اللذين قال لكما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " انطلقا إلى علي (عليه السلام) فسلما عليه بإمرة المؤمنين "، فقلتما: أعن أمر الله وأمر رسوله؟ فقال: " نعم ". فقال أبوبكر: قد كان ذلك يا بريدة ولكنك غبت وشهدنا والأمر يحدث بعده الأمر. وفي رواية قال أبوبكر: قد كان ذلك، ولكن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال - بعد ذلك -: لا يجتمع لأهل بيتي الخلافة والنبوة. فقال: والله ما قال هذا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). فقال عمر: ما أنت وهذا يا بريده! وما يدخلك في هذا؟ قال بريدة: والله لاسكنت في بلدة أنتم فيها أمراء.. فأمر به عمر فضرب وأخرج. ثم قام سلمان فقال: يا أبابكر! اتق الله وقم عن هذا المجلس ودعه لأهله، يأكلوا به رغدا إلى يوم القيامة، لا يختلف على هذه الامة سيفان.. فلم يجبه أبوبكر، فأعاد سلمان فقال مثلها، فانتهره عمر وقال: ما لك ولهذا الأمر وما يدخلك فيما هاهنا؟ فقال: مهلا يا عمر! قم يا أبابكر عن هذا المجلس ودعه لأهله يأكلوا به والله خضرا إلى يوم القيامة، وإن أبيتم لتحلبن به دما، وليطمعن فيه الطلقاء والطرداء والمنافقون، والله لو أعلم أني أدفع ضيما أو أعز لله دينا لوضعت سيفي على عاتقي ثم ضربت به قدما قدما، أتثبون على وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!! فابشروا بالبلاء.. واقنطوا من الرخاء. ثم قام أبوذر فقال: أيتها الأمة المتحيرة بعد نبيها المخذولة بعصيانها..! إن الله يقول: (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين * ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) وآل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) الأخلاف من نوح وآل إبراهيم من إبراهيم، والصفوة والسلالة من إسماعيل وعترة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، أهل بيت النبوة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، وهم كالسماء المرفوعة، والجبال المنصوبة، والكعبة المستورة، والعين الصافية، والنجوم الهادية، والشجرة المباركة، أضاء نورها، وبورك زيتها.. محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) خاتم الأنبياء، وسيد ولد آدم، وعلي وصي الأوصياء، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، وهو الصديق الأكبر، والفاروق الأعظم، ووصي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ووارث علمه، وأولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم، كما قال الله تعالى: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) فقدموا من قدم الله، وأخروا من أخر الله، واجعلوا الولاية والوزارة لمن جعل الله.. ثم قام أبوذر والمقداد وعمار فقالوا لعلي (عليه السلام): ما تأمر؟ والله إن أمرتنا لنضربن بالسيف حتى نقتل. فقال علي (عليه السلام): " كفوا رحمكم الله! واذكروا عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وما أوصاكم به.. " فكفوا.

          وأما الزهراء فاطمة (عليها السلام)، فظلت آثار ضربها وعصرها في جسدها الشريف، وظلت مريضة عليلة حزينة ، ولزمت الفراش، ونحل جسمها، وذاب لحمها، وصارت كالخيال، ولم تدع أحدا ممن آذاها يدخل عليها، وما رئيت ضاحكة إلى أن قبضها الله إلى جواره شهيدة مظلومة مقهورة. ودفنها زوجها أمير المؤمنين (عليه السلام) ليلا إذ أوصته بأن لا يصلي عليها أحد ممن ظلمها.

          ونسألكم الدعاء.

          تعليق


          • قسما يا زهراء سنثأر!

            بسم الله الرحمن الرحيم
            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
            اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

            قسما يا زهراء سنثأر!
            ‏بات لزاما علينا ونحن نقترب من إكمال خمس سنوات من عمر "خدام المهدي عليه السلام"؛ أن نبوح بسرٍ ظل مخفيا في الآنف من الزمن. ولم يكن في واردنا أن نبوح به، لأنه سر ظل طيّ الكتمان طوال هذه الفترة إلا في حدود ضيقة وفي دوائر شديدة الخصوصية، ولم نكن نرى أن ينتشر هذا السر في سنوات المهد، لما قد يعتري تلك السنوات من مخاطر الانزلاق في الدعاية وتزكية النفس، ولما قد يؤديه مثل ذلك البوح من تبعات غير ضرورية في مرحلة التأسيس.
            أما وقد تجاوز الخدّام هذه المرحلة، وأصبحت أقدامهم أكثر ثباتا ونفوسهم أكثر طمأنينة، بعدما صقلتهم التجربة، ومحّصهم البلاء، فإن هذا السر وأمثاله لا مندوحة عن كشفه وتبيانه، حتى ولو كان بهذا الحجم وبهذه الخطورة، لأن أمرا كهذا لابد أن يظهر يوما، وفي ظهوره حافز - إن شاء الله تعالى - لتحقيق المبادئ والمُثُل العليا لخدام الإمام عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام.
            أما سرّنا المخفي، فيكمن في السبب الحقيقي لقيام هذه الهيئة المباركة وتأسيس هذا الخط، وما يتعلق بنقطة التفكير بالانطلاق، والغاية الأساسية من التحرك والإنشاء. متى كان ذلك.. وأين.. ولماذا؟!
            أما الزمان فكان في مثل هذه الأيام، قبل ست سنوات، أي في أيام استشهاد قطب رحى الوجود والأكوان، مولاتنا الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها. وأما المكان فكان في مجلس فاطمي عامر، ارتقى فيه الخطيب المنبر، فبدأ يقصّ على الحاضرين قصة مقتل الزهراء أرواحنا فداها. وبينما كان الجميع يبكون ويندبون؛ ضجّ (أحدنا) بالعويل والصياح ما إن وصل الخطيب إلى لحظة ما صرخت الزهراء "آه" بين الحائط والباب!
            وهنا أقسم (أحدنا) بهذا القسم: "قسما يا زهراء سنثأر"!
            ومنذ ذلك الحين، حملنا أمانة هذا القسم المقدّس، ونذرنا أنفسنا للثأر للزهراء صلوات الله عليها، مهما اجترّ ذلك من تحدّيات ومواجهات ورزايا وخطوب. ولذا فإن أحدا لم يسجّل طوال هذه الخمس سنوات؛ تراجعا واحدا من الخدّام عن مبدأ من مبادئهم، لأن الخدّام قد باعوا دنياهم من أجل الزهراء سلام الله عليها، كما باعهم كلُّ من استعبدته الدنيا من الناس.. من أجل الدنيا!
            ومع هذا؛ فلا يصح لنا أن نكابر على أنفسنا، كأن نقول : أننا لم نتأثّر أو نتضرر يوما بسبب التزامنا بسلوك هذا المسلك الوعر، بل نقول أننا تأثرنا كثيرا، وتضرّرنا أكثر، وقاسينا مرارا من عدم استعداد أحدٍ يُذكر للوقوف إلى جانبنا في المحن والمصاعب، لافتقاد معظم البشر الجرأة والشجاعة التي تجعلهم أنصارا للدين بحق. بيد أننا كنا واثقين من تأييد الزهراء أرواحنا فداها، وكان قد هوّن علينا كل ما نزل بنا من الكرب أنه "بعينها" صلوات الله وسلامه عليها.
            لقد كان أمرا صعب المراس علينا؛ أن نسير في هذا الطريق الشائك لوحدنا مع ثلة قليلة من الناس امتلكت القوة الإيمانية الخالصة، وحتى هذه الثلة القليلة، لم تكن بمعزل عن الاهتزاز في فترات، والتضعضع في أخرى، فإن القوة تظل في حالة صعود ونزول مع اختلاف الظروف وحجم التحدّيات. ولكن وعلى كل حال؛ ظل "خدام المهدي عليه السلام" صامدين لم يتزحزحوا عن البرّ بقسمهم الأعظم إذ قالوا: "قسما يا زهراء سنثأر"..
            كيف استطاعوا ذلك؟ والجواب يتلخّص في كلمة عظيمة من كلمات المولى أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام، والتي نطق بها تنفيسا عن همّه الأكبر، وحزنه الأعمق، وانكساره الأشد. وإن من الواجب أن تكون هذه الكلمة العظيمة نبراسا ومنهاجا لكل مؤمن موالٍ حيث قال عليه السلام: "قد عزَّ على علي بن أبي طالب أن يسوَدَّ متنُ فاطمةََ ضربا"!!
            كلنا يعرف أن الأمير (عليه السلام) عندما قام بتغسيل الزهراء (عليها السلام) لاحظ أن متنها قد اسودَّ من ضربة السوط التي أقدم عليها السفلة الأنذال من أبناء العواهر في الحملة البكرية العمرية اللعينة! فكيف يا ترى كانت مشاعر عليٍّ (عليه السلام) وهو يرى ما حلَّ بزوجته البتول الشهيدة المقتولة؟! لا شك أنها بقت غصّة في صدره الشريف، وجرحا نازفا من قلبه المقدّس، وهكذا ينبغي لكل مؤمن موالٍ أن يكون.
            وعندما كان الخدّام يتعرّضون للرزايا، وحينما كان الجبناء ينفضّون من حولهم، كانوا بلا شك يتأثرون، ولكن هذه الكلمة العلوية العظيمة كانت تتوقد في قلوبهم نارا، فكانوا كلّما استذكروها يزدادون تحمّلا وصبرا وغيرة على مقام سيدة نساء العالمين صلوات الله عليها، تلك الغيرة التي جعلتهم يصمدون حتى اليوم، وإلى ما شاء الله تعالى. ولعل هذه الكلمة بحق تصلح لأن تكون شعارا لهم.. "قد عزَّ على علي بن أبي طالب أن يسوَدَّ متنُ فاطمةَ ضربا".
            إننا مدركون تمام الإدراك أن الالتزام بهذه الكلمة، والبرّ بذلك القسم، سيكلفنا الكثير الكثير من التضحيات، غير أننا لا نرى كل ذلك شيئا يُذكر أمام بحر التضحيات التي قدّمها أئمتنا المظلومون المقتولون صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. ويكفي فخرا أن راية الخدّام لا تزال خفاقة عالية بحمد الله تعالى، رغم ما اجتهد به أهل الضلال والنفاق؛ والنصب والكفر؛ لتنكيسها وإنهاء وجودها! ولكنهم جهلوا أن هناك سرا! وغاب عنهم أن هناك قوة إلهية "دارت على معرفتها القرون الأولى" تقف وراء هذه الراية وتدافع عنها وتحمي من يحملها.. إنها الزهراء أرواحنا وأرواح العالمين لتراب أقدامها الفداء.
            لا عجب إذن أن يأتينا اتصال هاتفي من إحدى قارئات "المنبر" التي شهدت بأنها رأت الصديقة الكبرى (سلام الله عليها) في المنام فقالت لها: "مجلة المنبر مجلتنا"!!
            إنه السرّ.. قسما يا زهراء سنثأر!

            تعليق


            • عائشة: أم المتسكعين.. أم المتسكعين.. أم المتسكعين


              بسم الله الرحمن الرحيم
              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
              اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
              عائشة: أم المتسكعين.. أم المتسكعين.. أم المتسكعين
              (ساعة لربك وساعة لقلبك) ..كانت هذه إحدى الأفكار التي جاءتنا أيام ما يسمى بالقومية العربية في الخمسينات والستينات. وشاعت بشكل كبير في ما بيننا – طبعاً عندما كنا شباباً ومراهقين- لتدفعنا نحو إيقاع مزاوجة بين المتناقضين الرئيسيين: (الدين) و (الفساد)!
              ولأننا كنا شباباً ومراهقين ولم تكن في ثقافتنا إلا جمال عبد الناصر وعبد الحليم حافظ وأم كلثوم وفريد الأطرش وإسماعيل ياسين وفاتن حمامة وسعاد حسني و ... سائر شلة الفساد التي جاءنا بها إعلام (القومية العربية) من مصر المحروسة؛ فإننا لم نكن نفتكر في هذه الفكرة (ساعة لربك وساعة لقلبك) ولم نعرضها على مبادئنا الدينية التي كانت غائبة أصلاً عن أذهاننا في تلك الفترة السوداء من تاريخ حياتنا.
              طبعاً يرجع الفضل في صياغة هذه الفكرة إلى فقهاء القومية العربية أيضاً الذين لم يزاوجوا فقط بين (الدين) و(الفساد) بهذه الفكرة وإنما خرجوا علينا بمزاوجات أخرى كثيرة كانت من بينها المزاوجة الشهيرة بين (الدين) و (الشيوعية الاشتراكية)! كل هذا تنفيذاً وتلبية لتوجهات وميولات (الزعيم) و (الزعماء) .. أو بمعنى أصح (العميل) و(العملاء) !! المهم أن فكرة (ساعة لربك وساعة لقلبك) التي كانوا يقرؤونها (..ساعة لألبك) على اللهجة المصرية كانت تعطي للفرد منا الضوء الأخضر لأن يفسد ويفسق ويرتكب المحرمات في ساعات معينة يقتطعها من وقته على أن لا ينسى (ربه) في أوقات أخرى كأوقات الصلاة مثلاً ،فهذا في مقابل ذاك! وليس علينا أن نشعر بوخز الضمير عندما نقف بين يدي الله (جل جلاله) لأداء الصلاة مثلاً وقد كنا قبل قليل نشاهد وصلة راقصة لإحدى راقصات (القومية العربية) في تلك الفترة! فتلك كانت ساعة للقلب وهذه ساعة للرب .. و(إن الحسنات يذهبن السيئات) و (ماكو مشكلة يابه)! والحاصل أن القطاع الأغلب من شبابنا في تلك المرحلة آمن بهذه الفكرة واستساغها خاصة وقد كان يرى بعض رجال دين (الأزهر) آنئذ يشاركون بحماس في الحفلات الغنائية لـ (القومية العربية) بل وينطربون لصوت أم كلثوم ويصفون صوتها بـــ (الصوت الملائكي) ..و (يا حلاوة ..وعظمه على عظمه يا ست) !
              من هناك .. من عاصمة القومية العربية .. من حيث ولد الزعيم الذي (سيرمي إسرائيل في البحر) .. وفي فترة التغييب والتخدير لعقولنا .. جاءتنا (ساعة لربك وساعة لقلبك) كقانون نافذ ، ولم نتفكر نحن الشباب –بسبب حالة التخدير- ولو لحظة أننا ما دخلنا بالقومية العربية ونحن مسلمون لا نعترف بالقوميات! وأننا كيف اعتبرنا عبد الناصر زعيماً ونحن شيعة ليس لنا زعيم غير أئمتنا ومراجعنا! وأننا كيف نقبل بفكرة (ساعة لربك وساعة .. لشيطانك) ونحن نعيش في بلاد الأئمة (عليهم السلام) الذين قالوا ما معناه: (لا تنال ولايتنا إلا بالورع )! وإننا كيف نقبل بفقهاء يحلقون لحاهم بالموسى ويصافحون النساء ويحللون الغناء ونحن أبناء عشائر عُرفت بالالتزام الديني وإتباع وصايا الأئمة والمحافظة على الغيرة والشرف! وبعد كل هذا ..(إش جابنا إحنا) العراقيين شيعة أهل البيت (عليهم السلام) الذين نهتف : (بس حيدر تحلاله الراية) و (يا علي أنت الولي وغيرك طلي) على من يقـــــــــول : (رضي الله عنهم وأرضاهم) و (المرسي أبو العباس) و (الله حي ...الله حي) ؟!!
              المهم أن قانون (ساعة لربك أو ساعة لشيطانك) تفشى فينا كالوباء إلى أن أنقذنا الله تعالى منه ومن سائر قوانين (المد العربي القومي) و( حرية اشتراكية وحدة) واستطعنا بفضل علمائنا ومفكرينا أن ننتشل أنفسنا من هذه الغيبوبة وهذا الوهم وأن نعود إلى أصالتنا العقيدية وهويتنا المذهبية. ولكن الآن وبعد مرور كل تلك السنوات، ورغم سقوط كل الشعارات والقوانين والأفكار القومية السخيفة، بقت هذه الفكرة طاغية على شبابنا ، وإذا كنا وصلنا – شخصياً – إلى مرحلة الكهولة (مع أن ذلك لا يظهر في وجهي ولله الحمد بفعل الصبغ) فإن كثيرين غيرنا ما زالوا في مرحلة الشبـــــاب وما زالت الفكرة تدور في أذهانهم ويطبقونها في شؤون حياتهم ومعاملاتهم اليومية! فنجد الشاب يحضر صلاة الجماعة ساعة ، ويذهب في ساعة أخرى إلى مقاهي الإنترنت ليطالع المواقع الفاسدة أو يتعرف على الفتيات بالإيميل وما شابه دون إحساس بالذنب! (وبالمناسبة – وأرجو أن لا تفهموني خطأ – كان من حسنات نظام صدام حسين أننا كنا مرتاحين بحمد الله مما يسمى بمقاهي الإنترنت هذه ومن صحون الدش الفضائية ومن المخدرات ، وهذه الثلاثة انتشرت في بلادنا مع الأسف انتشار النار في الهشيم بعد الاحتلال– عفواً أقصد التحرير المبارك على أيدي القوات المظفرة من أشقائنا الأمريكيين والبريطانيين – حتى لا يزعل علينا الرفيق القائد علاوي) !!
              في الحقيقة بدأت أفكر بالموضوع أكثر وأبحث في بعض المصادر التاريخية ، فوجدت أنني كنت متوهماً توهماً كبيراً في أن فكرة (توزيع الساعات بين الله والشيطان) هي من تأسيس المد القومي الناصري ، نعم لقد سمعنا عبارة (ساعة لربك وساعة لقلبك) في تلك الفترة لأول مرة ، ولكن هذا لا يعني أن مضمون هذه الفكرة لم يكن موجوداً سابقاً. وإذا تتبعنا مصادر التاريخ – وهذا ما وصلت إليه ولكن أرجو أيضاً أن لا يتم فهمي خطأ أو يزعل مني أحد – فسنجد أن أول من أسس هذه الفكرة كان عائشة بنت أبي بكر بن أبي قحافة .. عفواً أقصد «السيدة الكريمة أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق» !! (وطبعاً لا تصدقوا أن أحداً من أبناء السماوة يقولها من قلبه)!
              وفي الواقع كانت عائشة « المصونة » – والتي أخبرونا في المدارس بأننا مأمورون بأخذ نصف ديننا منها – هي التي صنعت هذه الفكرة وجعلتها من خلال ممارساتها اليومية تنتشر بين المسلمين ، فلا باس عند عائشة من شيء من الترويح عن النفس حتى وإن تجاوز الخطوط الحمراء الشرعية ثم العودة إلى الدين والعبادة والتضرع لله تعالى! وهذا ما يفسر الأحاديث المتناقضة في سيرتها ، فأحياناً نجدها تبكي من خشية الله وتنادي بالمحافظة على سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر (وكانت هذه ساعة للرب) وأحياناً نجدها تنظم جلسات الطرب والأنس واللعب واللهو –البريء وغير البريء– بل وجلسات الليالي الحمراء شديد الخصوصية (وكانت هذه ساعة للقلب)!
              أنا شخصياً لم تكن عندي مشكلة سابقاً في الاعتراف بأن عائشة تكون أمي!
              ولكن عندما وجدت أن « ساعة قلبها » كانت من العيار الثقيل الذي لا يمكن لأي صاحب شرف وغيرة أن يتحمله فإنني رفضت أن تكون لي أماً لأنني بصراحة لا يشرفني أن تكون هذه أماً لي!
              طبعاً سيخرج عليّ بعض الوهابيين الحنابلة الذين يقول الزمخشري في وصف الواحد منهم : « تيس لا يدري ولا يفهم» ليعرّفني ويفهّمني بأنه لا يمكن لي أن أرفض كونها أماً لي لأن الله تعالى يصف كل زوجات النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) بأنهن أمهات للمؤمنين بقوله تعالى: « النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم » (الأحزاب:6) وسأجيب هذا « التيس» على حد تعبير الزمخشري –الذي هو من علمائهم – وليس تعبيري بأن زوجات الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) الذين لم يرتكبن المحرمات ولم يحدثن ولم يبدّلن ولم يسئن إلى رسول الله هنّ أمهات المؤمنين وليس اللاتي فعلن ما فعلن! ووصف الله تبارك وتعالى في تلك الآية هو إطلاق لعموم الزوجات على الغالب وليس لعائشة وصديقتها الحميمة حفصة فإنه تعالى وصفهما بالكفر بقوله: {ضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما لم يغنيا عنهما من الله شيئاً وقيل ادخلا الجنة مع الداخلين} (التحريم:10)
              وبالنسبة لعائشة بالذات فقد وصفها رسول الله بأنها « رأس الكفر » وليس «الكفر» فقط! وهذا ما أورده إمام الوهابيين الحنابلة أحمد بن حمبل في مسنده حيث روى أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) خرج من بيت عائشة فقال: « رأس الكفر من ها هنا من حيث يطلع قرن الشيطان» ! (مسند أحمد- الجزء 2 –الصفحة 23).
              وبالنسبة لي شخصياً فإنه لو كانت أمي التي ولدتني بهذه الصفات التي سأنقلها من سيرة عائشة وبهذا لحجم الهائل من الانحلال الأخلاقي فإنني لن أتردد في البراءة منها ، ولولا أنه لا يجوز لي قتلها لكنت فعلت لأن الشرف عندنا نحن أبناء عشائر العرب أغلى من الروح والحياة!
              وحتى لا يتهمني أحد بالكذب أو اختلاق الوقائع فإنني أنبّه سلفاً أن كل ما ســأذكـره في ما يتصل بالساعات «القلبية» لعائشة « المصونة المخدّرة المكنونة» هو من المصادر المعتبرة عند إخواننا العامة.
              لقد استشهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وارتحل عن دار الدنيا وعمر عائشة على ما ينقل المؤرخون لم يتجاوز العشرين عاماً ، وكانت سوداء أدماء قبيحة المنظر فقد جاء: « قال عباد بن العوام: قلت لسهيل بن ذكوان : أرأيت عائشة؟
              قال: نعم. قلت: صفها لي .قال: كانت أدماء.»(أنظر ميزان الاعتدال للذهبي –ج2- الصفحة 243 ،والكامل لعبد الله بن عدي –ج3 –الصفحة 446) ولكن المؤرخين ورجال السير لم يحتملوا هذا الوصف من ابن ذكوان فرموه بالكذب حتى تبقى الصورة الوهمية في عقولهم بأن عائشة شقراء بيضاء وملكة جمال!! حيث جاء : «قال غير عباد : كانت شقراء بيضاء . واتهمه –أي ابن ذكوان– بن معين بالكذب »! (ميزان الاعتدال –ج2– الصفحة 243).
              وبسبب قبحها فإنها كانت تكره بشدة سائر أزواج النبي (صلى لله عليه وآله وسلم) سيّما مولاتنا خديجة (عليها السلام) وقصتها في الإساءة إليها بوقاحة أمام رسول الله وتوبيخه لها على إساءتها لها معروفة ولا حاجة لتكرارها.
              وتعترف عائشة نفسها بأنها كانت تغار من سائر الزوجات لأنهن كن أجمل منها فحول ماريا (عليها السلام) قالت عائشة: «ما غرت على امرأة إلا دون ما غرت على ماريا وذلك أنها كانت جميلة » (طبقات ابن سعد –ج8 –ص 212) و(الإصابة – ترجمة ماريا وانساب الأشراف –ج1–ص 449).
              وحول أسماء جاء عن ابن عباس: « تزوج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أسماء بنت النعمان وكانت أجمل أهل زمانها وأشبـّه فلما جعل رسول الله يتزوج الغرائب قالت عائشة : قد وضع يده في الغرائب ويوشكـّن أن يصرفـّن وجهه عنـّا وكان خطبها –أي أسماء– حين وفدت كندة عليه إلى أبيها ، فلما رآها نساء النبي حسدنها » (الطبقات لابن سعد –ج8 – ص145). وحول مليكة جاء: « تزوج النبي مليكة بنت كعب ، وكانت تذكر بجمال بارع ، فدخلت عليها عائشة فقالت لها: أما تستحين أن تنكحي قاتل أبيكِ ! فاستعاذت من رسول الله فطلقها» (الطبقات –ج8 –ص 184). وحول خديجة (عليها السلام) قالت: « ما غرت على امرأة لرســـــول الله كما غرت على خديجة ». (صحيح البخاري–ج 2 – 209).
              ولأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان وسيما وكان جمال نوره الأخاذ يأسر القلب ويسحر الروح فقد كانت كثير من النساء يعرضن أنفسهن على رسول الله أملاً في الزواج منه، بل ويهبن أنفسهن له، وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يقبل بعضهن إشفاقاً عليهن ورحمة بهن خاصة من كانت منهن بلا معيل، وعن هؤلاء تقول عائشة: (كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله وأقول: وتهب المرأة نفسها؟ فلما أنزل الله عز وجل {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت} قلت: والله! ما أرى ربك إلا يسارع لك في هواك}!! (صحيح مسلم - كتاب الرضاع - ص1065 وصحيح البخاري ج3 ص118). وهذا الحديث يكشف لنا مدى وقاحة عائشة بل وكفرها بالله جل وعلا حيث تتهم الله بأنه يسارع في هوى النبي وينزل الأحكام على حسب شهوات رسوله!! نعوذ بالله من هذا الكفر..
              وكان ابن عباس قد وصف عائشة بقوله: «إنها لم تكن أحسن نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وجهاً، ولا بأكرمهن حسباً». (الفتوح لابن أعثم ج2 ص337). وبسبب قبح ودمامة عائشة فإن أحداً لم يكترث بشأنها ولم يرغب أحد في الزواج بها، فدفع ذلك أباها إلى أن يعرضها على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مراراً وتكراراً حتى قبلها. وطبعاً لم تصدّق نفسها عندما أصبحت زوجة لرسول الله وأجمل خلق الله، فحاولت بشتى الوسائل والطرق أن تحتكر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لنفسها ولكنها اصطدمت بأن سيد المرسلين غير راغب فيها ولا يعطيها أكثر مما يعطي سائر نسائه بالحجم الطبيعي من الحنان والحب والرحمة، وأنه في أكثر أوقاته مشغول بأعباء الرسالة وحتى في الليالي فإنه (صلى الله عليه وآله وسلم) يناجي أخاه علياً (عليه السلام) أو يتعبّد لربّه سبحانه وتعالى ولم يكن يعرها أي اهتمام يذكر، فدبّ في قلبها الحسد لعلي وفاطمة (عليهما السلام) والحقد على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومع هذا حاولت أن تعوّض إحساسها بالنقص الأنثوي بإشاعة الإشاعات في الناس عن افتتان رسول الله بها وبجمالها الساحر!! وهذا ما يفسّر تلك الأحاديث القذرة الكاذبة التي نشرتها بين الناس من أن رسول الله كان يباشرها وهي حائض ولعاً بها وأنه كان يصلي وهي أمامه بتلك الوضعية المشينة وأنه كان يضع رأسه على فخذها وأنه كان يمص لسانها و... غير ذلك من الأكاذيب وتفاصيل المعاشرة الزوجية التي يأبى أي صاحب غيرة وتأبى أية امرأة شريفة أن تذكرها عن زوجها - على فرض وقوعها فعلاً - أمام الناس وخاصة الرجال، ولكن عائشة لم تكن تستحي أن تذكرها أمام الأغراب والأجانب من الرجال والنساء على السواء حتى سطرتها الصحاح ودونتها الكتب وأصبحت عاراً علينا نحن المسلمين حيث قبلنا بهذه التشويهات لصورة نبينا الذي بعث ليتمم مكارم الأخلاق وأصبحنا بسببها مثار سخرية النصارى واليهود!! كل ذلك بفضل (الماجدة) عائشة بنت أبي بكر التي روّجت تلك الأحاديث والقصص الخرافية من أجل إشعار الناس بأن رسول الله كان يحبها وأنه كان عاشقاً لها ولا يستطيع فراقها حتى وهي نجسة غير طاهرة في حال الحيض!!
              المهم أن رسول الرحمة (صلى الله عليه وآله وسلم) استشهد كما أسلفنا وهي مازالت شابة، وهنا يأتي فصل {العيار الثقيل} من (ساعة القلب).. فماذا تفعل (أم المؤمنين) لإشباع رغباتها الدنيئة والحال أنها لا يجوز لها الزواج بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟! إن عليها أن (تخترع) حلاً شرعياً ما من أجل تلك الساعات المخصصة لـ (القلب) فلم يكن الحل سوى إرسالها الرجال (البالغين) الذين ترغب بدخولهم عليها إلى أخواتها ليرضعوا من أثدائهن ولتصبح هي - أي عائشة - بمنطقها وفتواها هذه خالتهم فيجوز لهم أن يدخلوا عليها أمام المسلمين ويختلوا بها ساعات طويلة الله العالم ماذا كان يدور فيها!!
              يقول التاريخ الذي سوّد وجوهنا (ولا عجب فإنها كانت سوداء أدماء وهذا من نسخ تلك) أن عائشة كانت تأمر أخواتها وبنات أخواتها أن يرضعن من أحبت عائشة أن يراها ويدخل عليها وإن كان كبيراً! وكان من بين هؤلاء سالم بن عبد الله بن عمر، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، فقد أرضعتهما أخت عائشة أم كلثوم بأمرها حتى يدخلا عليها ويسمعا منها (الحديث) ولتعلمهما (الأحكام) طبعا ولا شيء آخر!! (أنظر الطبقات لابن سعد ج8 ص462 ترجمة أم كلثوم وشرح مسلم للنووي ج4 ص3).
              وقبل أن نعرف ماهية (الحديث) وطبيعة (الأحكام) التي كانت (أم المؤمنين) تعلمها وتدرّسها لأولئك الرجال، ألفت نظر قارئنا العزيز إلى أن عليه أن لا يظلم عائشة وأخواتها في مسألة رضاع الكبير، صحيح أن هذا مما تأباه النفس الكريمة حيث لا يقبل أحد من الناس أن تكشف زوجته صدرها أمام رجل غريب من أجل إرضاعه، وصحيح أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حدّد لجواز الإرضاع أن يكون المرتضع طفلاً بقوله: (إنما الرضاعة من المجاعة) (صحيح مسلم ج4 ص170) أي أن الرضاعة التي تثبت بها الحرمة تكون للطفل الذي لا يسد جوعه إلا اللبن، كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام) (سنن الترمذي ج5 ص96). وصحيح أيضاً أن سائر زوجات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - ما عدا حفصة طبعاً - أنكرن على عائشة هذه الفتوى (المحللة) وكانت من بينهن أم سلمة (رضوان الله عليها) التي أبت أن يدخل أحد عليهن بهذه العملية المخزية (أنظر صحيح مسلم باب رضاعة الكبير ج4 ص168 والطبقات ج8 ص270 وسنن النسائي ج2 ص84).
              نعم كل هذا صحيح، ولكن نحن لا ندري فربما كان لدى عائشة وأخواتها وسيلة للإرضاع لا تستلزم كشف الصدر للرجل الغريب ولا مصه للثدي، رغم أنه لم يكن في تلك الفترة جهاز لشفط اللبن من المرأة، ولكن نحن لا ندري حيث لم نشاهد ولم نعاين، فلا تظلموا (أمنا) وأخواتها فلعل الأمر تم على نحو إعجازي وخرج اللبن من صدر المرأة إلى فم الرجل في الفضاء من دون أن يرى الرجل شيئا ولا يمص شيئا!! (طبعا إذا مشى الإنسان على رأسه ورأى برجليه فصدقوا أنه لم يحدث شيء من هذا!!)
              المشكلة هي أن عائشة لا تنتهي عن شيء حتى إذا كان الناهي لها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه، فقد روت عائشة وقالت: (دخل عليّ رسول الله وعندي رجل قاعد، فاشتدّ ذلك عليه ورأيت الغضب في وجهه، فقلت: يا رسول الله إنه أخي من الرضاعة. فقال: أنظرن إخوتكن من الرضاعة فإنما الرضاعة من المجاعة). (صحيح مسلم ج4 ص170). هنا قد لاحظت عائشة مدى غيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعدم سماحه بأن يبقى رجل غريب معها بدعوى أنه أخوها من الرضاعة حيث إنه لم تكن رضاعته بالشرائط الشرعية وإنما رضع وهو أكبر من (البغل) فعلاوة على أن هذه الرضاعة حرام شرعاً؛ كيف يصبح هذا (البغل) ابناً للمرأة؟! فمعنى هذا أننا يمكن لنا أن تأتي بشيخ قد جاوز الثمانين من العمر ليرضع من صدر امرأة لا تتجاوز العشرين فيصبح ابن الثمانين ابنا لبنت العشرين ويقول لها: (ماما.. ماما) وعاشت فتوى (ماما عائشة أم المؤمنين)!!
              طبعا تعرّضت عائشة بسبب إباحتها رضاع الكبار وإدخالهم الرجال الأغراب الأجانب عليها واختلائها بهم إلى انتقادات كبيرة في ذلك الوقت، وخصوصاً من المرأة الشريفة العفيفة أم سلمة التي هي بحق أم المؤمنين الصالحين (رضوان الله تعالى عليها) والتي بيّنت عدم جواز هذه اللعبة ونهي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن هذا التعدي الخطير على الشرع الحنيف، فما كان من عائشة إلا أن توجد دليلاً مختلقاً آخر لهذه الفتوى - ذات المآرب الخاصة التي لا تخفى على أولي الألباب - وهو ادعاء أن جواز رضاعة الكبير قد نزل في القرآن الكريم (الأصلي) ثم اختفى بسبب (دجاجة) جاءت وأكلت تلك الآية تحت سرير عائشة!!
              تقول عائشة: (لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشراً ولقد كان في صحيفة تحت سريري فلما مات رسول الله وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكله)!! (مسند أحمد ج6 ص269 وسنن ابن ماجه ج1 ص625).
              ولأن إرضاع الكبار عشر رضعات متواليات صعب جداً كما أنه يؤخر (نشر الحرمة) بينهم وبينها ولا يتيح دخولهم عليها بسرعة، فقد أفتت عائشة في ما بعد بأن خمس رضعات بدلاً من عشر كافية ولا داعي لكل هذا العناء! وزعمت في ذلك أن الآية التي نزلت بعشر رضعات قد نسخت إلى خمس في ما بعد، ومع هذا فقد أكلتها الدجاجة!! تقول عائشة: (كان في ما أنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن. ثم نسخت بـ: خمس معلومات) (صحيح مسلم ج4 ص167).
              وفي الواقع لا أدري أنا كيف استطاعت هذه (الدجاجة) أن تمحو من الوجود آيات رب العزة والجلالة؟! ولا أستطيع أن أكبت ضحكتي عندما أسمع من بعض الوهابيين الحنابلة اتهامنا نحن الشيعة بأننا نعتقد بتحريف القرآن ونقصه مع أننا لا نؤمن بعائشة ولا بسريرها ولا بدجاجتها ولا بقصتها الخرافية تلك وإنما هم الذين يؤمنون وفي ما ورد بصحاحهم مبتلون!! حقاً لقد بدأت أصدق قول الزمخشري في وصفهم المنقول أعلاه خاصة وأن لحاهم ليست ببعيدة في الشبه بلحى التيوس إلا أنها أعرض قليلاً!
              ومرة أخرى وحتى لا نظلم (أم المؤمنين) فعلينا أن نطالع ونقلب صفحات التاريخ جيداً لنعرف طبيعة (المسائل والأحكام) التي كانت تعلمها عائشة لمن يدخل عليها من الرجال (الراضعين) فربما كانت تلك الخلوات والجلسات النهارية والليلية (بريئة) وهدفها هو تعليم المسلمين مسائل دينهم وإلقاء (الحديث الشريف) إليهم ليس إلا.
              وفي ما بين يدينا نموذج لتلك (المسائل والأحكام والأحاديث) التي كانت تجري في تلك الجلسات، حيث ورد في الصحاح وكتب التاريخ: (عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: دخلت على عائشة أنا وأخوها من الرضاعة فسألها عن غسل النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الجنابة فدعت بإناء قدر الصاع فاغتسلت وبيننا وبينها ستر وأفرغت على رأسها ثلاثا)! (صحيح مسلم ج1 ص176 وسنن النسائي ج1 ص127 وسير أعلام النبلاء للذهبي ج2 ص244)
              ما شاء الله تبارك الله.. انظروا أيها المؤمنون إلى أمكم كيف لا تكتفي بالتعليم النظري والشفهي وإنما تنتقل للتعليم العملي والتطبيقي والتصويري لمسألة هي من أكثر المسائل حساسية في حياة الإنسان وهي كيفية الاغتسال من (الجنابة)! طبعاً أنا عندما طالعت هذا الحديث استغربت جداً ودارت في ذهني تساؤلات كثيرة وخطيرة - وأعترف بأن بعضها ليست بريئة - ومنها: ألم يجد أبو سلمة وذلك الرجل (الراضعيْن) غير امرأة ليتعلّما منها كيفية الاغتسال بالنسبة للرجال؟! ألم يكن بمقدورهما توجيه هذا السؤال إلى الرجال ليتعلّموا؟!
              وأساساً كيف لم يتعلّما حتى الآن كيفية الغسل وهما من (الصحابة الذين رضي الله عنهم وأرضاهم وكانوا علماء في الدين) وبعد كل هذه السنوات من جهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في تعليمهم وتلقينهم أحكام الدين؟! ويا ترى ماذا كانا يفعلان طوال تلك السنوات قبل أن يسألا عائشة عن كيفية الغسل.. هل ما كانا يغتسلان ويظلان نجسيْن غير طاهريْن؟!
              وصاحبتنا عائشة كيف قبلت أن يسألها (رجل) مثل هذا السؤال؟! ألم يكن بمقدورها توجيه صفعة لهما بالقول: (استحيا إنني امرأة واذهبا واسألا أمثالكما من الرجال)؟! وهل لم يكن أحد قادراً على الإجابة على مثل هذا السؤال سوى (الماجدة) عائشة؟! ثم لماذا لم تكتفِ عائشة ببيان طريقة الاغتسال شفهيا وإنما أخذت بـ (تمثيل) ذلك واقعياً؟! وإذا كان (الستر) حائلاً يحجب الرؤية فما الداعي للقيام بالاغتسال أصلا وهما لا ينظران إلى الكيفية؟! وإذا لم يكن حاجباً للرؤية فكيف قبلت عائشة بأن يرى الرجلان خيال جسدها وينظران إلى ما لا يجوز حتى لذوي المحارم على فرض أنهما أخ من الرضاعة وابن أخت من الرضاعة؟! ويا ترى لو كان هذا (التعليم التطبيقي) قد تم على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ودخل الرسول على زوجته وهي واقفة تغتسل أمام رجليْن من الأغراب وبينهما ستر (يسيل اللعاب ويثير الشهوة) فماذا كان سيفعل في هذه المرأة الوقحة قليلة الأدب والحياء والعفة والدين؟!! وهل يقبل أحد منا أن تقوم زوجته بتعليم الاغتسال لرجل يكون واقفا أمام باب الحمام مثلا وإن كان لا ينظر وحتى لو كان ابن أختها من الرضاعة؟!! وأي فجور وعهر أكبر من هذا؟!!
              ويبقى السؤال عن (الستر) الذي ضربته عائشة بينها وبين الرجليْن، حيث يجيب عليه النووي الذي شرح الحديث في صحيح مسلم فقال نقلا عن القاضي عياض: (ظاهر الحديث أنهما رأيا عملها في رأسها وأعالي جسدها مما يحل لذي المحرم النظر إليه من ذات المحرم وكان أحدهما أخاها من الرضاعة كما ذُكر قيل اسمه عبد الله بن يزيد وكان أبو سلمة بن أختها من الرضاعة أرضعته أم كلثوم بنت أبي بكر ولولا أنهما شاهدا ذلك ورأياه لم يكن لاستدعائها الماء وطهارتها بحضرتهما معنى إذ لو فعلت ذلك كله في ستر عنهما لكان عبثاً ورجع الحال إلى وصفها له وإنما فعلت الستر ليستر أسافل البدن وما لا يحل للمحرم نظره.. والله أعلم)! (شرح مسلم للنووي ج4 ص3).
              فإذن هما (شاهدا ورأيا) على ذمة عياض والنووي، ولكنهما شاهدا أعالي البدن لا أسفله والمواضع الأكثر حساسية، لطيف جداً، ولكن حضرة القاضي عياض وجناب الشيخ النووي لم يبلغانا أي شرع لله يجيز هذا ولم ينقلا لنا كيف كانت (مشاعر) الرجلين في تلك (الخلوة التدريسية) وهما يريان امرأة (شابة) تغتسل ولم تستر سوى أسفل بدنها بستر لا يغني عن افتتان!! ومع هذا نقول ما قاله عياض والنووي.. (الله أعلم)!
              ويقول السماوي - الذي هو أنا - إن (أم المؤمنين) ربما اعتبرت تلك الساعة من ساعات (القلب) التي يجوز فيها ما لا يجوز في غيرها، و(لا حرج في الدين) وما دام الغرض شريفاً وهو مجرد تعليم الأحكام الشرعية فلا موجب للإنكار على سيدتنا الماجدة فعلها هذا وإن لم يكن عندنا شاهد محايد ليؤكد لنا أن الأمور (لم تتجاوز هذا الحد) في تلك الساعة البريئة.. والله أعلم!!
              ومع تقدم السن بعائشة بدأت الأمور تأخذ منحى تصاعدياً في تجاوز الخطوط الحمراء الشرعية، فلئن كانت في بادئ الأمر تحاول أن توجد غطاء شرعياً لما تفعله من اصطياد الرجال والشباب وإدخالهم عليها فإنها في أواخر الأمر بدأت تخرج عن طورها وتمارس (التسكع) العلني السافر! ولئن كانت في بادئ الأمر تجد من يهتم بالدخول عليها ولو (للبصبصة) فإنها مع تقدّم العمر بها ووصولها إلى مرحلة العجزة لم تعد تثير أدنى اهتمام، فاضطرت للجوء إلى وسيلة أخرى غاية في الدناءة وهي الاستعانة ببعض الجواري وتزيينهن ثم الطواف بهن في الأحياء والطرقات لاصطياد الشباب والإتيان بهم إلى حيث (يتلقّون الأحكام الشرعية الرصينة)!!
              فقد روى أبو بكر بن أبي شيبة ما يلي: (أن عائشة شوّفت - أي زيّنت - جارية وطافت بها وقالت: لعلنا نصطاد بها شباب قريش)!! (راجع المصنف لابن أبي شيبة ج4 ص49).
              حقا لقد أثبتت عائشة أنها (ماجدة) طبعاً على المعنى الذي نعرفه نحن العراقيين عن (الرفيقات الماجدات) اللاتي كن يحطن بالمهيب الركن القائد الضرورة وعلى رأسهن (أم المؤمنين أيضاً) ساجدة خير الله طلفاح!
              فمن دون أي خجل ومن دون أي حياء امتهنت عائشة مهنة (التسكع) بالجواري حيث تأخذهن وتزيّنهن وتعمل لهم عمليات (المكياج) المناسبة من أجل إغراء الشباب في الطرقات وجذبهم إليها لأنها لم تعد (جذابة) كما كانت شابة رغم سوادها ودمامتها!! فهل عرفتم الآن لماذا تبرأت من (ماما عائشة)؟! لأنني بصراحة لست مستعداً لأن تكون أمي متسكعة ولا أتصور أن أي شخص يمكن أن يقبل أو يحترم أمه أو أخته أو زوجته إذا كانت هذه (القذارة) هي مهنتها؟! وأي صاحب غيرة يقبل بأن تكون إحدى محارمه تمارس مهنة (ق.....) علناً؟!!
              كما قلت لكم سابقا فإن (ساعة القلب) الخاصة بعائشة لم تكن ساعة عادية وإنما كانت ساعة من العيار الثقيل، كالشواهد المذكورة أعلاه، ولكن أحيانا قد تخفف عائشة من العيار فتكتفي مثلاً ببعض جلسات الأنس والطرب لساعة القلب!
              ومنذ عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت عائشة تستجلب الجواري والمغنيات إلى بيت الوحي ليغنين، وتتذكرون طبعا حديث (المزمارة) الذي رواه البخاري: (عن عائشة قالت: دخل عليّ رسول الله وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث فاضطجع على الفراش وحوّل وجهه ودخل أبو بكر فانتهرني وقال: مزمارة الشيطان عند رسول الله! فأقبل عليه رسول الله وقال: دعهما)! (صحيح البخاري ج2 ص3).
              ولا شك أن عائشة كذبت كعادتها في دعوى أن رسول الأخلاق (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل بمزمارة الشيطان وبهذا الغناء والطرب، فقد أرادت أن توهم الناس بأن أباها أبو بكر أتقى من الرسول الكريم! ولا يهمنا الآن الرد على هذه الفرية ولكن الشاهد هو في ولع عائشة بالطرب والغناء. ذلك الولع الذي دفعها بعد رحيل رسول الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم لأن تأتي برجل - وليس جارية هذه المرة - ليغني لها! وكان هذا المطرب من عبيد سعد بن أبي وقاص، ومن شدة تولعها وحبها لهذا المطرب خاصمت سعداً وحلفت أن لا تكلمه لأنه قام بضرب ذلك المغني لقضية ما! لقد كانت شديدة الحرص على أن لا يصيبه أي سوء فهو من القريبين إلى.. القلب في ساعة القلب!
              روى ابن عبد البر: (كان في المدينة في الصدر الأول مغنٍّ يُقال له: (قند) وهو مولى سعد بن أبي وقاص، وكانت عائشة تستظرفه، فضربه سعد، فحلفت عائشة لا تكلمه حتى يرضى عنه قند! فدخل عليه سعد وهو وجع من ضربه، فاسترضاه فرضي عنه، وكلمته عائشة)! (العقد الفريد ج6 ص34).
              وكانت عائشة تنظم جلسات الغناء حتى وهي بعيدة عن المدينة وذلك بالإيعاز إلى صاحبتها الحميمة حفصة بنت عمر بن الخطاب، حيث يذكر المؤخرون أنها كتبت رسالة إلى حفصة عندما نزل أمير المؤمنين (عليه السلام) منطقة ذي قار القريبة من الكوفة استعداداً لمحاربتها قالت فيها: (أما بعد فإني أخبرك أن عليا قد نزل ذاقار، وأقام به مرعوبا خائفا لما بلغه من عدّتنا وجماعتنا، فهو بمنزلة الأشفر إن تقدّم عُقِر وإن تأخر نُحر)! فدعت حفصة جواري لها يتغنّين ويضربن بالدفوف فأمرتهن أن يقلن في غنائهن (ما الخبر؟ ما الخبر؟ عليٌّ في السفر! كالفرس الأشفر! إن تقدّم عُقر! وإن تأخر نُحر)! وجعلت بنات الطلقاء يدخلن على حفصة ويجتمعن لسماع ذلك الغناء! (راجع شرح ابن أبي الحديد ج2 ص157).
              فهكذا يتجلّى حقدها على أمير المؤمنين (عليه السلام) طبعاً في ساعة (حقد وغضب)!
              والخلاصة أن (أم المتسكعين) التي كانت تطوف بالجواري لاصطياد شباب قريش، والتي كانت تنظم جلسات المجون والطرب، والتي كانت تدفع الرجال الأغراب للرضاع من صدور أخواتها ليدخلوا عليها وتعلمهم (الغسل من الجنابة) تطبيقياً وعملياً.. هذه المرأة كانت هي أصل تكوين فكرة (ساعة لربك وساعة لقلبك)، فمن لا يرى في كل هذه (المخازي) أي مشكلة فليظل فليعتبرها أماً له وليظل مفتخراً بأمومتها!
              والخاتمة أنني أعتذر من جميع القراء الكرام إذا وردت في هذا الموضوع أي كلمات وعبارات تبعث على الغثيان ولكن مع الأسف هذا هو ما ورد في التاريخ وهذه هي الحقيقة، ونعتذر مجدداً من الذين يمكن أن تصيبهم صدمة من هذه الحقائق وندعوهم لأن يراجعوا التاريخ جيدا ليكتشفوا السبب في معاداتنا لهذه المرأة الساقطة وليعرفوا أن لنا كل الحق في موقفنا السلبي منها.
              (المنبر - العدد 46 - شعبان 1425 هـ)
              ونسألكم الدعاء.

              تعليق


              • أبو بكر وعمر كافران كافر من أحبّهما!!

                بسم الله الرحمن الرحيم
                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
                أبو بكر وعمر كافران كافر من أحبّهما!!
                روى الشيخ الجليل أبي الصلاح الحلبي (رضي الله عنه) بسنده:
                عن أبي علي الخراساني عن مولى لعلي بن الحسين عليهما السّلام قال: كنت مع علي بن الحسين عليه السّلام في بعض خلواته؛ فقلت إنّ لي عليك حقّا، ألا تخبرني عن الرجلين، عن أبي بكر وعمر؟
                فقال: كافران، كافر من أحبّهما.
                أبو الصلاح تقيّ بن نجم الحلبي، تقريب المعارف، تحقيق فارس تبريزيان الحسون، نشر فارس تبريزيان، 1417هـ، ص244.
                ونسألكم الدعاء.

                تعليق


                • من هو هذا المهرّج الثقيل الدم القليل الحياء؟

                  في ساعة ونصف من الإسفاف والتهريج والتسقيط والبهلوانيات، عرضت إحدى القنوات التابعة للنظام الإيراني حلقة تافهة ومثيرة للغثيان للدفاع عن قاتلة رسول الله «صلى الله عليه وآله» عائشة بنت أبي بكر «لعنة الله عليهما» استضافت فيها رجلاً يضع فوق رأسه خرقة سوداء ليقدّم حلقة بعنوان "موقف مدرسة أهل البيت من عائشة" وأهل البيت عليهم السلام منه ومن أمثاله بُراء.
                  وكانت أولى الملاحظات بدء مقدّم البرنامج بمدح البرنامج بأنه محط أنظار "جهابذة العلماء" ولكنه لم يذكر نماذج من هؤلاء "الجهابذة" الذين سيتبيّن فيما بعد ضعف مستواهم الإدراكي إذ يعطون آذانهم لمثل هذا المتكلّم الذي كان ضيف الحلقة.
                  أما الحلقة فبدأت بعرض تسجيل سابق للضيف – صاحب الخرقة السوداء على رأسه – في شهر رجب 1430 هجرية، أي قبل قرابة ثلاثة أشهر من بث البرنامج، وكان يبيّن في المقطع اعتقاده الخاص بأن جميع أزواج النبي هن أمهات المؤمنين بالمعنى التشريفي ويعمّم اعتقاده على كل علماء مدرسة أهل البيت «صلوات الله عليهم»، ثم يستطرد بأنه لا ينبغي لأحد ولا يصح لأحد أن يتكلم بأي أمر يسيء أو يهين أزواج النبي مستدلاً ببيت شعر أسماه "القاعدة التي تعلمناها" ألف عينٍ لأجل عينٍ تكرمُ! والعلم عند الله عند أي أستاذ من جهابذة العلماء تعلّم عنده هذه القاعدة الفقهية التي ينسفها القرآن بفقأ عينيّ إمرأتيّ نوح ولوط عليهما السلام.
                  ثم أردف هذا المهرّج قاعدته العجيبة بقوله فضلاً عن أن نطعن في (عرض) النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، معممًا اعتقاده على كل علماء مدرسة أهل البيت بأنه لا يصل لـ (أعراض) جميع الأنبياء شيء من السوء والفحشاء والمنكر، داعيًا مشاهديه إلى عدم الاستماع لأصوات مجموعة من العلماء التي تنقل روايات أهل البيت عليهم السلام وتلتزم بمنهجهم في ثلب أعدائهم، وهم الذين يظهرون نشازًا في هذا الزمن الأغبر.
                  ثم أخذ بعرضَ رأي محمد حسين الطباطبائي في هذا الشأن والوارد في كتابه "الميزان" عند تفسيره للآية {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}، لينتقل بعدها إلى استعراض رأي الطباطبائي في موضوع آخر هو تعليقه على ما قد ورد في كتاب صحيح البخاري – على سبيل المثال – من روايات لا يعترف بها علماء مدرسة أهل البيت الحقيقيون من الأساس ولا يعوّلون عليها وهي روايات عائشة في خصوص قصة الإفك المكذوبة حيث كذبت فيها عائشة على الرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله» في حديثها عن أسطورتها الخرافية في اتهامها بالإفك ومجرياته، حيث تقول عائشة أنها قالت للنبي «صلى الله عليه وآله» وأبيها وأمها لمّا اجتمعوا وسائلوها عن ارتكابها الفاحشة: والله لقد علمت لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدّقتم به. (صحيح البخاري/ج5/ص55) ، واصفًا عائشة بـ (السيّدة) قبل أن يكتفي بالتصريح أن لبعض أزواج النبي (أخطاء) وهذه الأخطاء إثباتها شيء وإهانتهن والإساءة إليهن وانتقاصهن والتعرض لعرضهن شيء آخر، ثم نعتَ الناصبي محمد ناصر الدين الألباني بـ (العلّامة) عند استعراضه لتصحيحه إسناد أحد الأحاديث النبوية المتنبئة بواقعة الجمل وهو حديث الحوأب ليبيّن اعترافه بـ (خطأ) عائشة!
                  وعلى أي حال بعد عرض هذا المقطع عاد مقدّم البرنامج مع ضيفه على الهواء مباشرة ليسأله عمّا لديه من جديد ليضيفه لهذه المقدمة فكرر الضيف تعميم معتقده الشخصي على علماء مدرسة أهل البيت «عليهم السلام»، ومعتبرًا من لا يتفقون معه بمعتقده هذا بأنهم شواذ، وكرر استعراض نماذج من تفاسير بعض المفسرين الشيعة كالشيخ أبو جعفر الطوسي الذي نقل قول ابن عباس «ما زنت إمرأة نبي قط» في تفسيره «التبيان» والشريف المرتضى في كتابه «تنزيه الأنبياء» عند تعليقه في تنزيه نوح، ثم لجأ الضيف إلى التدليس في نقل أقوال العلماء والمفسرين، فافترى على العلامة المجلسي «رضوان الله عليه» حيث زعم أن المجلسي في كتابه بحار الأنوار قد قال ضمن تعليقه على الرواية القائلة «أن طلحة جاء لعائشة في طريق البصرة وقال لها لا يحل لكِ أن تخرجي بغير محرمٍ فزوّجت نفسها من طلحة» بأن في هذا شناعة شديدة وغرابة ونستبعد صدور هذا من شيخنا علي بن إبراهيم القمي والتفسير الموجود ليس بتمامه منه وهذا من زيادات غيره .. إلخ ، فاخرج الضيف – الذي يضع خرقة سوداء على رأسه – هذا الكلام على أنه قول العلامة المجلسي والحال أن هذا ليس قول العلامة المجلسي وإنما هو قول عبد الرحيم الرباني الشيرازي «محقق البحار» وذلك بعد أن فتح كتاب البحار وبدأ ينقل قول المحقق في الهامش على أنه قول العلامة المجلسي.
                  ثم وصف ضيف الحلقة الوهابي الناصبي محمود شهاب الدين الآلوسي بـ (العلّامة) ليقول أنه ينفي عن الشيعة اعتقادهم بزنا عائشة في كتابه النجس (روح المعاني/ج18/ص122).
                  وعاد الضيف لاستعراض ما جاء في كتاب «مجمع البيان في تفسير القرآن» للشيخ الطبرسي عند تفسير سورة التحريم ونقله قول (ابن عباس) ما بغت إمرأة نبي قط.
                  ثم دعا ضيف الحلقة إلى إغلاق البحث في ما سماه (عرض رسول الله صلى الله عليه وآله) وعدم جعل هذا البحث فاتورة لتصفية الحسابات العقدية والسياسية، قبل أن يشرع في استعراض روايات رضاع الكبير ناسبًا إياها بكل صلافة إلى وضعها من قِبل بني أمية ليقوم بكل وقاحة بتبرئة عائشة منها.
                  وفي الحقيقة ان هذه اللغة التي يطغى عليها التسفيه والتسقيط ينبغي الالتفات لها فهي جرأة لم يسبق لهذا المهرج أن يطرحها في أعلام النواصب بل العكس هو الذي شاهدناه حيث يصف السلفي الناصبي الألباني بالعلّامة كما يصف الوهابي الناصبي الآلوسي بالعلّامة أيضا بينما ينزل وبكل شدة وعنف على من يخالفه الرأي من أبناء جلدته.
                  كما يجدر التنبيه أننا لا نجد فيما صح من رواياتنا على الإطلاق أحدًا من أئمة أهل البيت الأطهار «عليهم الصلاة والسلام» يعبّر عن "عائشة" بأم المؤمنين فإن علينا أن نلتزم بتعبيرات أئمة الهدى عليهم السلام ونسلّم لهم ناهيك عن وجود نص عن الإمام صاحب الأمر «صلوات الله عليه» مضمونه أن عائشة أسقطت من شرف أمومة المؤمنين، فلا يحل لمن يخاف الله تبارك وتعالى ويرجو اليوم الآخر أن يعبّر بعد كلام الإمام الحجة عليه الصلاة والسلام بأن عائشة "أم المؤمنين".
                  والطامة الكبرى هي انفراد هذا المهرج بتنزيه عائشة من مثلبة إفتائها برضاع الكبير وحثها عليه لتدخل عليها الرجال بذلك، حيث زعم أن هذه القضية من أكاذيب الأمويين ووضع ابن تيمية وأتباعه معتمدًا في تنزيهه لها على ذوقه رغم تواتر القضية عن عائشة وثبوت الأدلة عليها مقدمًا بذلك ظنياته واستحساناته على تواتر الأمة في مثلبة لعائشة لا ينزهها فيها المخالفون أنفسهم ومخالفـًا بذلك ديدن العلماء والمحققين.

                  تعليق


                  • التبرّي من أعداء أهل البيت أوثق عرى الإيمان!!

                    بسم الله الرحمن الرحيم
                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                    اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
                    التبرّي من أعداء أهل البيت أوثق عرى الإيمان!!
                    ـ روى الشيخ الكليني بسنده:
                    "عن عمرو بن مدرك الطائي عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
                    قال رسول الله صلى الله عليه وآله لأصحابه: أي عرى الإيمان أوثق؟
                    فقالوا: الله ورسوله أعلم، وقال بعضهم: الصلاة، وقال بعضهم: الزكاة، وقال بعضهم: الصيام وقال بعضهم: الحج والعمرة وقال بعضهم: الجهاد، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لكل ما قلتم فضل وليس به ولكن أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله وتوالي أولياء الله والتبّري من أعداء الله".
                    محمّد بن يعقوب الكليني، الكافي، تحقيق علي أكبر الغفاري، (ط3، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1388هـ)، ج2، ص125-126، حديث (6).
                    أقول: لا شكّ أنّ أعتى أعداء الله تعالى هم أبو بكر وعمر وعثمان وعائشة وحفصة لعنهم الله تعالى؛ فهم قتلة رسول الله وأمير المؤمنين والزهراء والحسن والحسين؛ فهم أعداء آل محمّد بلا شكّ أو ريب. ومن كان عدوّاً لآل محمّد فهو عدو لله تعالى؛ فمن أوثق عرى الإيمان أن نتبرأ من أبو بكر وعمر وعمان وعائشة حتّى يكتمل إيماننا، ومن أوضح مصاديق التبرّي هو اللعن، فعندما نلعن هؤلاء الملعونين فنحن نعمل بمقتضى قول الله تعالى وأهل بيته عليهم أفضل الصلاة والسلام.
                    ونسألكم الدعاء.

                    تعليق


                    • لماذا التبرّي ولعن أعداء أهل البيت عليهم السلام!!

                      بسم الله الرحمن الرحيم
                      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                      اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
                      لماذا التبرّي ولعن أعداء أهل البيت عليهم السلام!!
                      "إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ"
                      (سورة البقرة، 2 / 159)
                      - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من تأثّم أن يلعن من لعنه الله فعليه لعنة الله (1).
                      - عن ابن عباس قال: إن لعلي بن أبي طالب في كتاب الله أسماء لا يعرفها الناس قوله "فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ"(2) فهو المؤذن بينهم يقول: ألا لعنه الله على الذين كذبوا بولايتي واستخفوا بحقي (3).
                      - عن علي بن عاصم الكوفي الأعمى قال - بعد كلام طويل قلت له(لأبي محمد العسكري عليه السلام) : إني عاجز عن نصرتكم بيدي وليس أملك غير موالاتكم والبراءة من أعدائكم واللعن لهم في خلواتي فكيف حالي ياسيدي ؟ فقال عليه السلام : حدثني أبي عن جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من ضعف عن نصرتنا أهل البيت ولعن في خلواته أعدائنا بلغ الله صوته إلى جميعا لملائكة فكلما لعن أحدكم أعدائنا صاعدته الملائكة ولعنوا من لا يلعنهم فإذا بلغ صوته إلى الملائكة استغفروا له وأثنوا عليه وقالوا: اللهم صل على روح عبدك هو الذي بذل في نصرة أوليائه جهده ولو قدر على أكثر من ذلك لفعل فإذاالنداء من قبل الله تعالى يقول: يا ملائكتي ! إني قد أجبت دعائكم في عبدي هذاوسمعت ندائكم وصليت على روحه مع أرواح الأبرار وجعلته من المصطفين الأخيار (4).
                      - ما ذكره ابن طاوس رحمه الله في مهجه عن الرضا عليه السلام وإن من دعا به في سجدة الشكر كان كالرامي مع النبي صلى الله عليه وآله في بدر وأحد وحنين بألف ألف سهم:
                      اللهم العن اللذين بدلا دينك وغيرا نعمتك : واتهما رسولك صلى الله عليه وآله وسلم وخالفا ملتك وصدا عن سبيلك وكفرا آلائك وردا عليك كلامك واستهزءا برسولك وقتلا ابن نبيك وحرفا كتابك وجحدا آياتك وسخرا بآياتك واستكبرا عن عبادتك وقتلا أوليائك وجلسا في مجلس لم يكن لهما بحق وحملا الناس على أكتاف آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم.اللهم العنهما يتلوا بعضهم بعضا واحشرهما وأتباعهما إلى جهنم زرقا. اللهم انا نتقرب إليك باللعنة لهما والبراءة منهما في الدنيا والآخرة.
                      اللهم العن قتلة أمير المؤمنين وقتلة الحسين بن علي وابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . اللهم زدهما عذابا فوق عذاب وهوانا فوق هوان وذلا فوق ذل وخزيا فوق خزي. اللهم دعهما في النار دعا واركسهما في اليم عقابك ركسا.
                      اللهم احشرهما واتباعهما إلى جهنم زمرا. اللهم فرق جمعهم وشتت أمرهم وخالف بين كلمتهم وبدد جماعتهم والعن أئمتهم واقتل قادتهم وسادتهم وكبرائهم والعن رؤسائهم واكسر رايتهم والق البأس بينهم ولا تبق منهم ديارا اللهم العن أبا جهل والوليد لعنا يتلو بعضه بعضا ويتبع بعضه بعضا. اللهم العنهما لعنا يلعنهما به كل ملك مقرب وكل نبي مرسل وكل مؤمن امتحنت قلبه للايمان. اللهم العنهما لعنا يتعوذ منه أهل النار. اللهم العنهما لعنا لم يخطر لأحد ببال . اللهم العنهما في مستسر سرك وظاهر علانيتك وعذبهما عذابا في التقدير وشارك معهما ابنتيهما وأشياعهما ومحبيهما ومن شايعهما أنك سميع الدعاء (5).
                      - عن أبي حمزة الثمالي: عن علي بن الحسين عليه السلام قال: من لعن الجبت والطاغوت لعنة واحدة كتب الله له سبعين ألف ألف حسنة ومحى عنه سبعين ألف ألف سيئة ورفع له سبعين ألف ألف درجة ومن أمسى يلعنهما لعنة واحدة كتب له مثل ذلك: فمضى مولانا علي بن الحسين عليه السلام فدخلت على مولانا أبي جعفر الباقر فقلت: يا مولاي ! حديث سمعته من أبيك فقال: هات: يا ثمالي فاعدت عليه الحديث فقال: نعم يا ثمالي اتحب أن ازيدك فقلت بلى يا مولاي، فقال: من لعنهما لعنة واحدة في كل غداة لم يكتب عليه ذنب في ذلك اليوم حتى يمسي، ومن امسى ولعنهما لم يكتب له ذنب في ليلة حتى يصبح، قال فمضى أبو جعفر فدخلت على مولينا الصادق (ع) فقلت حديث سمعته من أبيك وجدك فقال: هات يا أبا حمزة فاعدت عليه الحديث فقال حقا يا أبا حمزة، ثم قال عليه السلام ويرفع له الف الف درجة، ثم قال: إن الله واسع كريم. (6).
                      - عن الحسين بن ثوير وأبي سلمة السراج قالا:
                      سمعنا أبا عبد الله عليه السلام وهو يلعن في دبر كل مكتوبة أربعة من الرجال وأربعا من النساء التيمي والعدوي وفعلان ومعاوية ويسميهم وفلانة وفلانة وهند وأم الحكم أخت معاوية (7).
                      - عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام :
                      إذا انحرفت عن صلاة مكتوبة فلا تنحرف إلا بانصراف لعن بني أمية (8).
                      - عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث:
                      أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد قنت ودعا على قوم بأسمائهم وأسماء آبائهم وعشائرهم وفعله علي عليه السلام بعده (9).
                      - عن الإمام علي عليه السلام:
                      أنه قنت في الصبح فلعن معاوية وعمرو بن العاص وأبا موسى وأبا الأعور وأصحابهم (10).
                      - وأيضا: فكان علي عليه السلام بعد الحكومة إذا صلى الغداة والمغرب وفرغ من الصلاة وسم قال : اللهم العن معاوية وعمرا وأبا موسى وحبيب بن سلمة وعبد الرحمن بن خالد والضحاك بن قيس والوليد بن عقبة . . . (11).
                      - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد بن حكيم قال: قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام: جعلت فداك فقهنا في الدين وأغنانا الله بكم عن الناس حتى إن الجماعة منا لتكون في المجلس ما يسأل رجل صاحبه تحضره المسألة ويحضره جوابها فيما من الله علينا بكم فربما ورد علينا الشئ لم يأتنا فيه عنك ولا عن آبائك شئ فنظرنا إلى أحسن ما يحضرنا وأوفق الأشياء لما جاءنا عنكم فتأخذ به فقال : هيهات هيهات في ذلك والله هلك من هلك يا بن حكيم ! قال: ثم قال: لعن الله أبا حنيفة كان يقول: قال علي وقلت (12).
                      - عن إسحاق بن عمار الصيرفي عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال: قلت: جعلت فداك حدثني فيهما بحديث فقد سمعت عن أبيك فيهما أحاديث عدة قال: فقال لي: يا إسحاق الأول بمنزلة العجل والثاني بمنزلة السامري قال: قلت: جعلت فداك زدني فيهما قال: هما والله نصرا وهودا ومجسا فلا غفر الله ذلك لهما.
                      قال: قلت: جعلت فداك زدني فيهما قال: ثلاثة لا ينظر الله إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم. قال: قلت: جعلت فداك فمن هم ؟ قال: رجل ادعى إماما من غير الله وآخر طعن في إمام من الله وآخر زعم أن لهما في الاسلام نصيبا.
                      قال: قلت: جعلت فداك زدني فيهما قال: ما أبالي يا إسحاق محوت المحكم من كتاب الله أو جحدت محمد صلى الله عليه وآله وسلم النبوة أو زعمت أن ليس في السماء إله أو تقدمت على علي بن أبي طالب عليه السلام.
                      قال: قلت: جعلت فداك زدني قال : فقال لي: يا إسحاق إن في النار لواديا يقال له: سقر لم يتنفس منذ خلقه الله لو أذن الله له في التنفس بقدر مخيط لأحرق من على وجه الأرض وإن أهل النار يتعوذون من حر ذلك الوادي ونتنه وقذره وما أعد الله فيه لأهله وإن في ذلك الوادي لجبلا يتعوذ جميع أهل ذلك الوادي من حر ذلك الجبل ونتنه وقذره وما أعد الله فيه لأهله وإن في ذلك الجبل لشعبا يتعوذ جميع أهل ذلك الجبل من حر ذلك الشعب ونتنه وقذره وما أعد الله فيه لأهله وإن في ذلك الشعب لقليبا يتعوذ أهل ذلك الشعب من حر ذلك القليب ونتنه وقذره وما أعد الله فيه لأهله وإن في ذلك القليب لحية يتعوذ جميع أهل ذلك القليب من خبث تلك الحية ونتنها وقذرها وما أعد الله عز وجل في أنيابها من السم لأهلها وإن في جوف تلك الحية لسبع صناديق فيها خمسة من الأمم السالفة واثنان من هذه الأمة قال : قلت جعلت فداك ومن الخمسة ؟ ومن الاثنان ؟ قال : أما الخمسة فقابيل الذي قتل هابيل ونمرود الذي حاج إبراهيم في ربه قال: "أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ"(13) وفرعون الذي قال: "أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى"(14) ويهودا الذي هود اليهود وبولس الذي نصر النصارى ومن هذه الأمة أعرابيان [أبو بكر وعمر](15).
                      ====
                      المصادر:
                      (1) الحر العاملي، الاثنا عشرية، (قم، إيران، دار الكتب العلمية، لا ت)، ص 195.
                      (2) الأعراف، 7/ 44.
                      (3) الحاكم الحسكاني، شواهد التنزيل، تحق محمد باقر المحمودي، (ط الأولى، إيران، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية، 1411 / 1990)، 1 / 202.
                      (4) محمد باقرالمجلسي، بحار الأنوار، تحق محمد الباقر البهبودي، (ط الثالثة، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1403 / 1983)، 50 / 316.
                      (5) تقي الدين الكفعمي، المصباح، (ط الثالثة، بيروت، مؤسسة الأعلمي، 1403 / 1983)، ص 553 - 554.
                      (6) ميرزا أبي الفضل الطهراني، شفاء الصدور في شرح زيارة العاشور، تحق علي الموحد الأبطحي، (ط الثالثة، إيران، مط سيد الشهداء، 1409)،2 / 378 - 379.
                      (7) أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، تهذيب الأحكام، تحق حسن الموسوي، (ط الرابعة، إيران، دار الكتب الإسلامية، لا ت)، 2 / 321، ح رقم 1313.
                      (8) أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، المصدر نفسه، 2 / 109، ح رقم 412.
                      (9) ابن ادريس الحلي، مستطرفات السرائر، (ط الثانية، إيران، مؤسسة النشر الإسلامي، 1411)، ص 605.
                      (10) أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، الأمالي، تحق قسم الدراسات الإسلامية، (ط الأولى، إيران، دار الثقافة، 1414)، ص 725، ح رقم 1525.
                      (11) ابن أبي الحديد المعتزلي، شرح نهج البلاغة، تحق محمد أبو الفضل إبراهيم، (ط الأولى، لا بلدة، دار إحياء الكتب العربية، 1378 / 1959)، 2 / 260.
                      (12) محمد بن يعقوب الكليني، الأصول من الكافي، تصحيح علي أكبر الغفاري، (ط الخامسة، لا بلدة، دار الكتب الإسلامية، 1388)، 1 / 56، ح رقم 8.
                      (13) البقرة، 2 / 258.
                      (14) النازعات، 79 / 24.
                      (15) أبو جعفر محمد بن علي الصدوق، ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، (ط الثانية، إيران، منشورات الرضى، لا ت)، ص 215 - 216.
                      ونسألكم الدعاء.

                      تعليق


                      • ولاية أهل البيت لا تصح إلّا بالتبري من أبي بكر وعمر وعائشة وعثمان!

                        بسم الله الرحمن الرحيم
                        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                        اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
                        ولاية أهل البيت لا تصح إلّا بالتبري من أبي بكر وعمر وعائشة وعثمان!
                        روى الشيخ الكليني بسنده عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله عليه السلام:
                        في قول الله عز وجل: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ). قال: بما جاء به محمد صلى الله عليه وآله من الولاية ولم يخلطوها بولاية فلان [أبو بكر] وفلان [عمر] فهو الملبس بالظلم.
                        محمّد بن يعقوب الكليني، الكافي، تحقيق علي أكبر الغفاري (ط3، إيران، دار الكتب الإسلامية، 1388هـ)، ج1، ص403، باب نكت ونتف من التنزيل والولاية.
                        أقول:
                        والرواية الشريفة من حيث المضمون متواترة في مجاميعنا الروائيّة؛ بل هي من أهمّ الأسس الّتي يقوم عليها مذهب أهل البيت، حيث لا تصحّ ولاية أهل البيت عليهم السلام إلّا بالتبرّي من أعداءهم، مثل: أبي بكر وعمر وعثمان وعائشة وحفصة لعنة الله تعالى عليهم وعلى من يواليهم.
                        ونسألكم الدعاء.

                        تعليق


                        • هل اطلعت على خبث نص الصحيفة؟

                          نختصر الموضوع بأن نبدأه بمقاطع مختارة من رواية مطوّلة لأحد أصحاب رسول الله الأخيار «رضوان الله عليه» ألا وهو حذيفة بن اليمان والموضوع بحد ذاته يتفرع إلى تفاصيل كثيرة نحاول أن نوفق في بيانها لمن لا إطلاع له على من يُعرفون بـ «أصحاب الصحيفة الثانية» وهم 34 لعينًا.
                          مقتطفات من رواية حذيفة:
                          قال حذيفة «رضوان الله عليه»: اجتمع القوم جميعا وكتبوا صحيفةً بينهم على ذكر ما تعاهدوا عليه في هذا الأمر وكان أول ما في الصحيفة النكث لولاية علي بن أبي طالب «عليه السلام» وأن الأمر إلى أبي بكر وعمر وأبي عبيدة وسالمٌ معهم ليس بخارجٍ منهم ، وشهد بذلك أربعة وثلاثون رجلاً ، هؤلاء أصحاب العقبة وعشرون رجلاً آخر واستودعوا الصحيفة أبا عبيدة بن الجرّاح وجعلوه أمينهم عليها ، فوجّه بها إلى مكة فلم تزل الصحيفة في الكعبة مدفونة إلى أوان عمر فاستخرجها من موضعها ، ثم انصرفوا وصلى رسول الله صلى الله عليه وآله بالناس صلاة الفجر ثم جلس في مجلسه يذكر الله تعالى حتى طلعت الشمس فالتفت إلى أبي عبيدة بن الجراح فقال له: بخٍ بخٍ من مثلك وقد أصبحت أمين هذه الأمة؟ ثم تلى: {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ} لقد أشبه هؤلاء رجالٌ في هذه الأمة {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا}. ثم قال: لقد اصبح في هذه الأمة قومٌ ضاهوا أصحاب الصحيفة التي كتبوها علينا في الجاهلية وعلّقوها في الكعبة وإن الله تعالى يمتّعهم ليبتليهم ويبتلي من يأتي بعدهم تفرقةً بين الخبيث والطيّب ولولا أنه سبحانه أمرني بالإعراض عنهم للأمر الذي هو بالغه لقدّمتهم فضربتُ أعناقهم.
                          شرح إجمالي:
                          نعرّف أولاً «أصحاب العقبة» الأربعة عشر وهم الذين تآمروا على قتل رسول الله «صلى الله عليه وآله» في عقبة هرشى بأن ينفروا به ناقته بدحرجة دباب طرحوا فيها الحصا لتمر بين قوائم الناقة وهم:
                          1- أبو بكر و
                          2- عمر و
                          3- عثمان و
                          4- طلحة و
                          5- عبد الرحمن بن عوف و
                          6- سعد بن أبي وقاص و
                          7- أبو عبيدة بن الجراح و
                          8- معاوية بن أبي سفيان و
                          9- عمرو بن العاص و
                          10- أبو موسى الأشعري و
                          11- المغيرة بن شعبة الثقفي و
                          12- أوس بن الحدثان البصري و
                          13- أبو هريرة و
                          14- أبو طلحة الأنصاري.
                          وبعدما فشلت مآمرة المذكورين الشيطانية اجتمعوا في المدينة المنورة واتفقوا مع عشرين آخرين على إقصاء أمير المؤمنين «عليه السلام» عن الخلافة بعد رحيل رسول الله «صلى الله عليه وآله» وكتبوا فيما بينهم صحيفة ووقّعوا عليها ، ومن كبار العشرين:
                          1- أبو سفيان و
                          2- عكرمة بن أبي جهل و
                          3- صفوان بن أمية بن خلف و
                          4- سعيد بن العاص (كاتب الصحيفة) و
                          5- خالد بن الوليد و
                          6- عيّاش بن أبي ربيعة و
                          7- بشير بن سعد و
                          8- سهيل بن عمر و
                          9- حكيم بن حزام و
                          10- صهيب بن سنان و
                          11- أبو الأعور السلمي و
                          12- ومطيع بن الأسود المدري
                          نص الصحيفة:
                          ونصل هنا إلى محور موضوعنا الذي أردنا الحديث عنه وصدّرنا به عنوان الموضوع وهو الدعوة للتمعن في الخداع الذي مارسه هؤلاء الكفرة الأوغاد لجماهير الأمة بلبسهم لبوس الإسلام وهو الخطر الأعظم فإدّعوا السلطة الدينية ولم يكتفوا بالسلطة الزمنية ، فانظروا يا شيعة حيدر في نص هذه (الصحيفة) الخبيثة التي كتبها هؤلاء الأوباش المنافقين!
                          بسم الله الرحمن الرحيم
                          هذا ما اتفق عليه الملأ من أصحاب محمدٍ رسول الله [ص] من المهاجرين والأنصار الذين مدحهم الله تعالى في كتابه على لسان نبيه ، اتفقوا جميعا بعد أن أجهدوا في رأيهم وتشاوروا في أمرهم وكتبوا هذه الصحيفة نظرًا منهم إلى الإسلام وأهله على غابر الأيام وباقي الدهور ليقتدي بهم من يأتي من المسلمين من بعدهم، أمّا بعد فإن الله تعالى بمنهِ وكرمهِ بعث محمدًا [ص] رسولاً إلى الناس كافة بدينه الذي ارتضاه لعباده فأدى من ذلك وبلّغ ما أمره الله به وأوجب علينا القيام بجميعه حتى إذا أكمل الدين وفرض الفرائض وأحكم السنن اختار الله له ما عنده فقبضه إليه مكرّمًا محبورا من غير أن يستخلف أحدًا من بعده وجعلَ الاختيار إلى المسلمين يختارون لأنفسهم من وثقوا برأيهِ ونصحهِ لهم ، وأن للمسلمين في رسول الله أسوة حسنة ، قال الله تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر} ، وأن رسول الله لم يستخلف أحدا لئلا يجري في أهل بيت واحد ، فيكون إرثا دون سائر المسلمين ، ولئلا يكون دولة بين الأغنياء منهم ، ولئلا يقول المستخلف إن هذا الأمر باق في عقبه من والد إلى ولد إلى يوم القيامة.
                          والذي يجب على المسلمين عند مضي خليفة من الخفاء أن يجتمع ذوو الرأي والصلاح فيتشاوروا في أمورهم ، فمن رأوه مستحقا لها ولّوه أمورهم ، وجعلوه القيّم عليهم ، فأنه لا يخفى على أهل كل زمان من يصلح منهم للخلافة.
                          فان إدعى مدع من الناس جميعا أن رسول الله [ص] استخلف رجلا بعينه نصبه للناس ونص عليه باسمه ونسبه ، فقد أبطل في قوله ، وأتى بخلاف ما يعرفه أصحاب رسول الله [ص] ، وخالف على جماعة المسلمين.
                          وإن ادعى مدع أن خلافة رسول الله [ص] إرث ، وأن رسول الله [ص] يورث ، فقد أحال في قوله ، لأن رسول الله قال : نحن معاشر الأنبياء لا نورّث ما تركناه صدقة.
                          وإن إدعى مدع أن الخلافة لا تصلح إلا لرجل واحد من بين الناس وأنها مقصورة فيه ، ولا تنبغى لغيره ، لأنها تتلو النبوة ، فقد كذب لأن النبى [ص] قال : " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " .
                          وإن ادعى مدع أنه مستحق للخلافة والإمامة بقربه من رسول الله [ص] ثم هي مقصورة عليه وعلى عقبه ، يرثها الولد منهم عن والده ، ثم هي كذلك في كل عصر وزمان لا تصلح لغيرهم ، ولا ينبغي أن يكون لأحد سواهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، فليس له ولا لولده ، وإن دنا من النبي نسبه ، لأن الله يقول - وقوله القاضي على كل أحد : {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} وقال رسول الله [ص]: " إن ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم وكلهم يد على من سواهم " .
                          فمن آمن بكتاب الله وأقر بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله فقد استقام وأناب ، وأخذ بالصواب ، ومن كره ذلك من فعالهم فقد خالف الحق والكتاب ، وفارق جماعة المسلمين فاقتلوه ، فأن في قتله صلاحا للأمة ، وقد قال رسول الله [ص] من جاء إلى أمتي وهم جميع ففرقهم فاقتلوه ، واقتلوا الفرد كائنا من كان من الناس ، فأن الاجتماع رحمة ، والفرقة عذاب ، ولا تجتمع أمتي على الضلال أبدا ، وإن المسلمين يد واحدة على من سواهم ، وأنه لا يخرج من جماعة المسلمين إلا مفارق ومعاند لهم ، ومظاهر عليهم أعداءهم فقد أباح الله ورسوله دمه وأحل قتله " .
                          وكتب سعيد بن العاص باتفاق ممن أثبت اسمه وشهادته آخر هذه الصحيفة في المحرم سنة عشرة من الهجرة ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.

                          (المصدر: بحار الأنوار/ج28)

                          تعليق


                          • موقع انصار الحجة (عج) - النجف الاشرف

                            تعليق


                            • صحيح البخاري: الإمام علي عليه السلام يكره محضر عمر بن الخطاب!!!

                              بسم الله الرحمن الرحيم
                              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                              اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
                              صحيح البخاري: الإمام علي عليه السلام يكره محضر عمر بن الخطاب!!!



                              ونسألكم الدعاء.

                              تعليق


                              • بسم الله الرحمن الرحيم
                                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                                اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
                                رأي الإمام علي في أبو بكر وعمر لعنهما الله!!
                                من مصادر الشيعة:
                                كان أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح كبار رموز خط السقيفة، ومع ذلك وقف أمير المؤمنين (عليه السلام) في وجوههم قائلاً: «أيتها الغدرة الفجرة! والنطفة القذرة المذرة! والبهيمة السائمة»! (مستدركات نهج البلاغة ج1 ص284 عن كشف اللئالي لابن العرندس).
                                من مصادر أهل السنة:
                                ثم نشد عباسا وعليا بمثل ما نشد به القوم أتعلمان ذلك قالا نعم قال فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئتما تطلب ميراثك من ابن أخيك ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها فقال أبو بكر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نورث ما تركناه صدقة فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا والله يعلم إنه لصادق بار راشد تابع للحق ثم توفي أبو بكر وأنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم وولي أبي بكر فرأيتماني كاذبا آثما غادرا خائنا والله يعلم إني لصادق بار راشد تابع للحق.
                                (صحيح مسلم - كتاب الجهاد والسير - رقم 1379).
                                النتيجة النهائية من كتب الفريقين السنة والشيعة؛ هي إن نظرة الإمام علي عليه السلام ورأيه في أبو بكر وعمر لعنهما الله إنهما ((نطفة قذرة - غدرة فجرة - بهيمة سائمة - كاذبين آثمين وخونة وغدارين))!!
                                وهذا وصل اللهم على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الميامين وألعن أعدائهم من الجن والأنس أجمعين آمين يا رب العالمين.

                                تعليق

                                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                                حفظ-تلقائي
                                x

                                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                                صورة التسجيل تحديث الصورة

                                اقرأ في منتديات يا حسين

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                أنشئ بواسطة مروان1400, 20-05-2025, 05:42 AM
                                استجابة 1
                                20 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة وهج الإيمان
                                بواسطة وهج الإيمان
                                 
                                أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 19-05-2025, 09:28 PM
                                ردود 0
                                11 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة وهج الإيمان
                                بواسطة وهج الإيمان
                                 
                                أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 19-05-2025, 09:20 PM
                                ردود 0
                                7 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة وهج الإيمان
                                بواسطة وهج الإيمان
                                 
                                أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 27-10-2018, 03:13 PM
                                ردود 17
                                1,559 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة وهج الإيمان
                                بواسطة وهج الإيمان
                                 
                                يعمل...
                                X