استنكاراً ورفضاً للعدوان السعودي على اليمن أطلق عدد من المغردين على وسائل التواصل الإجتماعي "هاشتاغ" بعنوان "هنا صنعاء". الصور الآتية تظهر الرواج الذي ناله الهاتشاغ في مختلف بلدان العالم.








***
* عبد الملك الحوثي ومملكة العبيد!

أمين أبوراشد
قبل ثلاثة أيام من إطلالة القائد الثوري اليمني عبد الملك الحوثي، كانت إطلالة سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الذي قرأ التاريخ كما هو بالوثائق والحقائق منذ العام 1926، عندما بايع السعوديون السلطان عبد العزيز بن سعود ملكاً على الحجاز وأصبح يُعرف بإسم "ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاته"، إلى أن صَدَر في 18 سبتمبر/ أيلول من العام 1932 مرسومٌ ملكي قضى بتوحيد نجد والحجاز وعسير في دولة واحدة بإسم المملكة العربية السعودية وعلى رأسها عبد العزيز بن سعود.
قبل هذا التاريخ، نقرأ باختصار من كُتُب التاريخ أيضاً، أن مؤسس الحركة الوهَّابية محمد بن عبد الوهاب مدفوعاً من الإنكليز لشرذمة المسلمين، دعا في القرن الثامن عشر (1732) الى نبذ ما أسماها البِدَع الدينية "الدخيلة على الإسلام" واكتسب بعض المؤيدين وعلى رأسهم الأمير محمد بن سعود أمير الدرعية يومذاك، وبدأت مسيرة التحالف الوهَّابي السعودي منذ ذلك الحين، وكانت الغزوات التي قام بها آل سعود لتوطيد سلطتهم وإعلان مملكتهم لاحقاً.
لكن المسلمين الى يومنا هذا لا يجدون تفسيراً لمسلكية آل سعود الدينية في حياتهم الدنيوية، وكيف أنهم يجمعون بين رفضهم إقامة الأضرحة والشواهد كدليلٍ على إيمانهم بالزهد والتواضع في شعائر دفن الموتى، بينما يقضون حياتهم في بذخٍ أسطوريٍّ داخل قصورٍ مطلية بماء الذهب وحياة ترفٍ هي أقرب الى المُجُون، وفي الوقت الذي يَدعُون فيه الى تدمير المقامات الدينية واعتبارها وثنية نجِد السعوديين يقبِّلون صورة المَلِك ومنها يتبرَّكون!
كثيرة هي القواسم المشتركة بين إطلالتيّ القائدين، وأوَّلها التمييز بين الشعب السعودي ونظامه الحاكم، وثانيها الإشارة الدامغة لهذا الحقد القديم المتجدِّد للنظام السعودي على الشعب اليمني المقهور، وثالثها وهو الأهم هذا التحالف المشبوه بين أميركا وحلفائها الخليجيين لتدمير اليمن وسط ترحيبٍ إسرائيلي بـ "عاصفة الحزم" واعتبار ما يحصل أنه إيجابيٌ لأمنها القومي!
من خلال الوقائع التي عرضها السيد عبد الملك الحوثي عن العدوان السعودي المدعوم عملانياً من أميركا على اليمن، فإن دور آلـ سعود في الغطرسة على الآخرين ما زال هو هو منذ نشأة الوهَّابية التي أرادوها مذهباً عائلياً لمنح العرش هيبته الدينية بهدف الحفاظ على هذا العرش، وإدِّعاء حربهم على اليمن من منطلق خوفهم على الحرمين الشريفين فلأنهما من ضمن "أملاك" آلـ سعود، أما أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين في فلسطين فهو خارج جغرافية الأملاك، وخارج مقدَّسات المسلمين!
منذ متى كان الشعب اليمني العريق بإسلامه وعروبته وحضارته يُشكِّل خطراً على المملكة السعودية؟ إلّا إذا كانت وصية المؤسس عبد العزيز لأبنائه: "خيركم وشرُّكم من اليمن" عالقة في أذهانهم ويتحرَّكون على أساسها، ويخافون اليمن كما يخافون كل حضارة ضاربة جذورها في التاريخ وكل جمهورية وكل ديموقراطية وكل شعبٍ مؤمن بنفسه وبقدراته وبالله.
الحوثيون شأنهم شأن الشعب اليمني، كانت لهم وما زالت حقوقهم المطلبية، وما خرجوا من محافظة "صعدة" إلَّا بعد أن طفح كيلهم من إستفزازات مذهبية وتعدِّيات من جوارهم في "عمران"، ووصلوا الى صنعاء بعد أن تشرذم الجيش اليمني وباتت مؤسسات الدولة سائبة، وكان بإمكانهم من العاصمة إسقاط رئيس وتعيين رئيس، لكن لم تكن هذه أجندتهم يوماً، وواصلوا الحوار مع كافة القوى اليمنية حتى اللحظات الأخيرة رغم التعنُّت من قِبَل الآخرين وفي طليعتهم حزب الإصلاح، الى أن كان عدوان "عاصفة الحزم" لتدفيع الحوثيين ثمن الخطيئة الكبرى، وخطيئتهم أنهم يرفضون التدخُّل الفوقيّ للسعودية في شؤون اليمن ويعتبرونه إعتداء على السيادة اليمنية، عبر مبادراتٍ سياسية مُذِلّة!
واليوم، وبعد ما يُقارب الشهر على العدوان الجوِّي والبحري على اليمن، إضافة الى القصف المدفعي من الداخل السعودي والإشتباكات البرّية خاصة في منطقة نجران الحدودية، ها هي اليمن تصمد تحت الرُّكام بشيوخها ونسائها وأطفالها رغم انعدام أبسط مقوِّمات العيش، في تحدٍّ لإعتداءات جوية ناهزت الألفين للطيران السعودي في تدميرٍ ممنهج للبنى التحتية من مستشفيات ومستودعات مواد غذائية ومحطات وقود وطاقة ومؤسساتٍ عامة وخاصة، وكانت جريمة قنابل الغازات السامة التي ألقتها الطائرات السعودية على صنعاء أمس الإثنين، الدليل القاطع على يأس هذا النظام المجرم الذي ضاهى الصهاينة في حقده، ورغم ذلك، لم ولن تتمكن هذه الإعتداءات من وقف الثوار ومعهم الجيش واللجان الشعبية عن الزحف نحو المناطق التي تُسيطر عليها القاعدة خاصة في الجنوب، مع رسائل طمأنة واضحة للجنوبيين بأن القرار لهم ولسلطاتهم المحلية في كل ما يُراعي أوضاعهم المعيشية وحياتهم اليومية، والتأكيد على الرغبة في الحوار معهم.
ولنفترض جدلاً أن السعوديين قادرون على تدمير اليمن لترويض شعبها، فشعبها غير قابلٍ للترويض ولم يعُد لديه ما يخسره، والعبرة في المواجهة البرِّية التي تبقى مُستبعدة بالنظر الى طبيعة التضاريس اليمنية وطبيعة الشعب اليمني، وإذا كان عدوان "عاصفة الحزم" إستعراض هدفه إيصال رسالة الى إيران على خلفية نجاحها في الملف النووي وفي سوريا والعراق، فقد تحدَّى القائد عبد الملك الحوثي آلـ سعود أن يتجرأوا ويحاولوا أن يلامسوا الحدود الإيرانية البريَّة أوالبحرية أو محاولة خرق أجواء إيران.
في وقتٍ ترك فيه القائد الحوثي مقاومة العدوان مفتوحة على كافة الإحتمالات التي تتطلبُّها الوقائع الميدانية، فإن الحوثيين ومعهم الشعب اليمني المقهور باتوا هم المُعادلة السياسية والعسكرية على أرض اليمن، ولا حلّ في اليمن ولو دمَّر آل سعود كل اليمن، إلّا بحوارٍ يمنيٍ يمني برعاية أممية، والنصيحة الأخيرة لعبيد الغرب وخدَّامه منذ محمد بن سعود حتى يومنا هذا، ولعبيد مملكة آلـ سعود وأموال نفطهم، أن يسمعوا هذه الـ "كفى" التي أطلقها سماحة السيد حسن نصرالله صادحة صريحة صارخة، لأن عرش آلـ سعود قام على الدمّ ومستمرٌّ على الدمّ ولكن، لن تستمر طويلاً هذه السلطة العائلية الوهَّابية حاملة سيفها الظالم على شعبها وشعوب الجوار لأنها إسلامياً وعربياً مجرَّد كذبةٍ تاريخية وعارٌ على التاريخ...
***
* الأهداف الحقيقية للحرب على اليمن

حسن حردان - جريدة الاخبار
شكّلت الحرب التي يشنها النظام الحاكم في السعودية على الجمهورية اليمنية بغطاء من بعض الانظمة العربية والاقليمية ودعم ومباركة أميركية مثاراً لسجالات ونقاشات في العديد من الاوساط العربية والقومية والاسلامية. فهناك من وقف ضد الحرب من البداية، وهناك من وقف الى جانبها وأوجد لها المبررات، وهناك من ارتبك واحتار في موقفه فوجد نفسه في الوسط لا مع الحرب ولا هو ضدها. وهذا ما يدفع الى ضرورة تشخيص ما يحصل لتحديد المصلحة الوطنية والقومية للأمة العربية وقواها التحررية، أين يجب أن تكون؟
من المعروف أن التحالف السعودي قد سارع الى حشد جملة من المبررات لشن الحرب ابرزها أن حركة أنصار الله نفذت انقلاباً ضد الحكم الشرعي برئاسة رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، وأن ميثاق جامعة الدول العربية يسمح بالتدخل لوضع حد للانقلاب وإعادة هادي إلى الحكم، وأن الانقلاب جرى بإيعاز من الجمهورية الاسلامية الإيرانية، وأن اليمن بات خاضعاً للاحتلال الإيراني، وبالتالي فإن الأمن القومي العربي أصبح مهدداً، وبالتالي فإن الحرب هدفها إنقاذ اليمن من التفتيت والغرق في حرب مذهبية.
أولاً: إن أي متابع لما يجري في اليمن لا بد له من أن يلاحظ أن هناك ازمة اقتصادية واجتماعية ووطنية تفجرت في الشارع منذ سنوات عديدة سابقة على اندلاع ما سمي بالربيع العربي، وأن هذه الازمة ناتجة من سياسات النظام اليمني الذي تسبب بازدياد حدة التفاوت الاجتماعي وتهميش القطاعات الانتاجية وتحويل اليمن الى بلد تابع اقتصادياً وسياسياً وأمنياً يدور في فلك التبعية للولايات المتحدة الأميركية والنظام السعودي، وبسبب تعنت النظام ورفضه الاستجابة لمطالب المعارضة الواسعة في البلاد لإحداث تغيير في هذه السياسات اندلعت الثورة ضد النظام. ولهذا فإن ما حصل ليس انقلاباً بل هو ثورة شعبية ضد حكم تابع للنظام السعودي والدول الغربية الاستعمارية، وأن الرئيس هادي فقد شرعيته الدستورية، والشعبية، وما يؤكد ذلك أن الثورة التي قادتها حركة أنصار الله، جاءت تحت عناوين اقتصادية واجتماعية تطالب بالتنمية والعدالة الاجتماعية، واسقاط «الجرعة» المتمثلة برفع الأسعار من قبل الحكومة، وجاءت الثورة بعدما وصلت الأمور إلى مرحلة التهميش والإقصاء لقوى المعارضة الشعبية الأساسية ممثلة بأنصار الله، والحراك الجنوبي، ومحاولة الأنظمة الخليجية تعويم النظام القديم برئاسة هادي وتثبيت اقدامه، ورفض تنفيذ مخرجات الحوار الوطني لإعادة تكوين السلطة على أسس من الشراكة الحقيقية
وعندما رفض هادي التجاوب مع هذا الطرح، غادر صنعاء إلى عدن وأعلن من هناك، وبدعم سعودي، عودته عن الاستقالة وعن الحكومة اليمنية الموقتة، ما شكل تهديداً حقيقياً يقود إما إلى تقسيم اليمن، أو دفع البلاد إلى أتون حرب أهلية، ولهذا سارعت قوى الثورة بقيادة أنصار الله واللجان الثورية والجيش اليمني الذي انحاز بمعظمه إلى جانبهم إلى احباط هذا المخطط السعودي عبر الحسم الثوري، وتحرير المحافظات الجنوبية في غضون أيام معدودة، وهروب هادي إلى السعودية، بعدما تبين حجم التأييد الشعبي الذي تحظى به قوى الثورة، ولهذا فإن العدوان على اليمن جاء بعد انهيار النظام التابع للرياض، وسيطرة قوى الثورة على البلاد.
ثانياً: من هنا إن ما حصل في اليمن إنما هو ثورة شعبية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وهذه الثورة تتجسد بوضوح في مشاركة ملايين اليمنيين في التظاهرات المؤيدة لأهداف الثورة، الرافضة والمنددة بالعدوان. وبالتالي فإن توصيف ذلك بأنه انقلاب جرى بإيعاز إيراني ما هو إلا خداع وتضليل للرأي العام، تماماً كما هو الادعاء بوجود إيراني عسكري أو سياسي في اليمن. ولو كان مثل هذا الوجود فعلي، فإنه يصعب إخفاؤه، ولهذا فإن هذه الحجة للتدخل تحت عنوان تحرير اليمن من الهيمنة الإيرانية حجة غير صحيحة، وتهدف إلى تعمية الرأي العام وإحداث استقطاب مذهبي لمحاربة الثورة اليمنية وإجهاضها وإعادة إخضاع اليمن للنظام السعودي. ثالثاً: أما ذريعة أن هناك خطراً داهماً على الأمن القومي، مصدره سعي إيران إلى السيطرة على باب المندب، فإنها ذريعة واهية لمنع الثورة اليمنية من النجاح في بناء نظام وطني مستقل قادر على استغلال ثروات اليمن وتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية بعيداً عن الهيمنة السعودية الأميركية. فهل يعقل أن تكون ثورة الشعب العربي في اليمن التي تنشد التحرر من التبعية والفقر والحرمان، هي التي تهدد الأمن القومي العربي، أو إيران التي تناصر قضايا العرب العادلة، ومقاومتهم ضد الاحتلال الصهيوني؟
إن من يهدد الأمن القومي العربي فعلياً، ومنذ عقود طويلة، هو العدو الصهيوني الذي يستبيح يومياً حقوق العرب ومقدساتهم في فلسطين المحتلة، وكذلك الإرهاب التكفيري الوجه الآخر للصهيونية، والاستعمار الأميركي المباشر، وغير المباشر للعديد من الأقطار العربية، والمعبر عنه بوجود القواعد العسكرية في السعودية وقطر والكويت وغيرها، والتي تتولى حماية الأنظمة التابعة، واستمرار الشركات الأميركية في القيام بعملية نهب ثروات الأمة النفطية وغير النفطية، وحماية أمن كيان العدو الصهيوني.
من هنا، فإن الأنظمة العربية لم تتفق هذه المرة لحماية الأمن القومي العربي كما تزعم، وإنما لحماية أمنها هي ولخدمة المصالح الأميركية عبر العمل على محاولة إحياء النظام اليمني القديم التابع لها، وهي لأجل ذلك لا تتوانى عن إثارة النعرات المذهبية للتفريق بين أبناء الشعب العربي في اليمن والعمل على تدمير بناه التحتية، وارتكاب المجازر ضد اليمنيين بهدف إجهاض ثورتهم التحررية على غرار ما فعله النظام السعودي في أوائل الستينيات من القرن الماضي عندما أرسل المال والسلاح لقتال الثورة اليمنية بقيادة عبد السلال، والجيش العربي المصري الذي أرسله الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لنصرة الثورة، وقد حارب النظام السعودي الثورة بالتنسيق مع كيان العدو الصهيوني والدول الغربية الاستعمارية وفي الطليعة بريطانيا التي كانت يومها لا تزال تحتل جنوب اليمن.
رابعاً: إن ميثاق جامعة الدول العربية لا يبيح التدخل في شؤون أي بلد عربي، فالمادة الثامنة من الميثاق تنصّ بوضوح على حظر ومنع التدخل في الشأن الداخلي لأي دولة عربية، لا سيما أن النظام السعودي يتدخل لنصرة طرف يمني ضد طرف يمني آخر. أما بخصوص معاهدة الدفاع العربي المشترك فهي لمواجهة أي عدوان خارجي على أي بلد عربي على غرار العدوان المستمر على ارض فلسطين والغزو الأميركي للعراق عام 2003. لهذا فإن العدوان يفتقد إلى أي مبرر شرعي قانوني، إلى جانب افتقاده أيضاً إلى المشروعية الشعبية. انطلاقا مما تقدم، إن العدوان على اليمن لا يستهدف فقط القضاء على الثورة اليمنية التحررية، وإنما يستهدف من خلال ذلك أيضاً قوى المقاومة والتحرر في هذه الأمة، فالحلف الاميركي ـ السعودي، المدعوم من بقية الأنظمة التابعة، يسعى إلى إدامة الهيمنة الاستعمارية ومنع الأمة العربية من التحرر والتوحد وتسخير قدراتها وثرواتها لتحقيق ازدهارها وتقدمها وتحررها من التخلف والفقر والحرمان، وبالتالي إبقاء هيمنة هذا الحلف على مضيق باب المندب ممر إمدادات النفط والسفن التجارية العالمية من الخليج إلى العالم، ولهذا فإن قوى المقاومة والتحرر العربية مدعوة لنصرة ودعم الثورة اليمنية لأن انتصارها هو انتصار لها، ولكل منظومة المقاومة والتحرر العربية. وبهذا المعنى ليس هناك من مبرر لأحد الوقوف متفرجاً محايداً في الموقف من هذه الحرب الجائرة، وبالتالي يجب أن تسمى الامور بمسمياتها وعدم مراعاة موقف أي نظام شارك في حلف الحرب ضد اليمن لا سيما النظام في مصر الذي كنا ننتظر منه العمل على استعادة الدور القومي لمصر الداعم لقوى المقاومة وحركات التحرر العربية كما كان ايام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وليس الوقوف الى جانب الانظمة التابعة للغرب ضد ثورة شعبنا العربي في اليمن التي تنشد التحرر ونصرة فلسطين ومقاومتها. فشتان بين موقف عبد الناصر الداعم لثورة اليمن في أوائل الستينيات من القرن الماضي، وبين موقف عبد الفتاح السيسي المؤيد للحرب ضد ثورة اليمن في عام 2015. واذا كان السيسي قد اقدم على ذلك تحت مبرر الحاجة الى الدعم المالي ومحاربة الاخوان المسلمين فإن هذا المبرر ساقط لأن عبد الناصر واجه مثل هذه الأوضاع بعد ثورة تموز عام 1952 برفض الخضوع لأي شروط أميركية أو سعودية والاتجاه الى بناء اقتصاد وطني انتاجي مستقل غير تابع أو مرتهن، والاستناد الى تحالفات عربية ودولية تدعم هذا النهج الوطني التحرري.
***
* عسيري.. براعة في اتقان لغة أدرعي!
فوبيا ’السبابة’ المرفوعة.. بين ’مملكة الخراب’ وكيان العدو الاسرائيلي
ميساء مقدم
بين العدوان السعودي على الشعب اليمني، والحروب العدوانية الاسرائيلية على لبنان وغزّة، أوجه شبه عديدة لا بد من الوقوف عندها.
في كل الحروب التي شنّها العدو الاسرائيلي على العرب، كان يتقصد استهداف النساء والأطفال مرتكباً أبشع المجازر، والتبريرات كانت جاهزة دوماً "المخرّبون يتخذون المدنيين ذرائع بشرية ويستفيدون من المنشآت الحيوية والبنى التحتية".
لغة آل سعود وأتباعهم لا تبتعد كثيراً عن لغة "أفيخاي أدرعي". الرجل الذي لطالما اتخذ من قناة "الجزيرة" القطرية منبراً لتبرير مجازر كيانه، لدينا نسخة عربية سعودية منقّحة منه. هو الناطق باسم "عاصفة الحزم". يقول أحمد عسيري أمس في مؤتمره الصحفي الروتيني إن "دول التحالف لن تسمح لكائن من كان أن يستغل الأحداث الحالية باليمن، ويعمل على إمداد المتمردين بالأسلحة والذخيرة تحت غطاء السفن الإغاثية". هكذا بدا عسيري تلميذاً ناجحاً لأدرعي. الذرائع نفسها التي استخدمت خلال حصار غزّة، وحصار لبنان خلال عدوان عام 2006.

ولمّا كان العدو الاسرائيلي وأعوانه يطبّلون خلال الحرب على غزّة ولبنان لنظرية أن الضحية هو المجرم، وأن أطفال قانا وشاطئ غزّة قتلوا بسبب عناد المقاومة، ها هي أبواق آل سعود تروّج للنظرية عينها. وتحت عنوان "الحوثي وصالح يتحملان دماء الأطفال"، كتب باسل الجاسر في صحيفة "الأنباء" مقالاً نشره موقع "العربية نت"، يبرر فيه قتل أطفال اليمن بصواريخ السعودية، معتبراً أنه "شر لا بد منه". فيقول "ان الحرب شر مطلق وعمل تكرهه النفس البشرية وله ضحايا من الأبرياء، ولكنه شر لا بد منه أحيانا". ويطرح سؤالاً سمجاً ليس فيه من الذكاء شيئ، قائلاً "العالم دخل الحرب العالمية الثانية لصد صلف هتلر وطغيانه.. فهل نحمل العالم المتحضر مسؤولية ضحايا الحرب العالمية الثانية التي سقط فيها ملايين القتلى والمعاقين من الأبرياء؟ ام نكون عادلين ونحمل مسؤولية هذا الكم الهائل من الضحايا لصلف وطمع هتلر؟". اذاً على العالم أن يصفّق لآل سعود المعتدين، ذلك أن الأطفال والنساء الذين يقتلون تحت ركام منازلهم في القصف السعودي على اليمن، هم ضحايا نظريّة الجاسر، ولهم أسوة بأطفال الحرب العالمية الثانيةّ!
وللإصبع المرفوع حكاية أخرى. لطالما كان الاصبع الذي يرفعه قائد المقاومة في لبنان سماحة السيد حسن نصر الله وهو يهدد العدو الاسرائيلي، مصدر استفزاز لضباط الكيان ورؤسائه. واليوم هاهو الاصبع نفسه، المرفوع بوجه آلة القتل السعودية في اليمن، يشكّل مصدر استفزاز كبير أيضاً لآل سعود وأتباعهم. حيث أفرد موقع "العربية نت" تقريراً تحت عنوان "الحوثي يرفع سبابته مقلدا حسن نصر الله"، وفيه عبارات مغتاظة من سبابة السيّد اليمني الذي رفع سبابته في وجه العدوان السعودي على شعبه، كما رفع سيد المقاومة سبابته في وجه العدو الاسرائيلي.








***
* عبد الملك الحوثي ومملكة العبيد!

أمين أبوراشد
قبل ثلاثة أيام من إطلالة القائد الثوري اليمني عبد الملك الحوثي، كانت إطلالة سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الذي قرأ التاريخ كما هو بالوثائق والحقائق منذ العام 1926، عندما بايع السعوديون السلطان عبد العزيز بن سعود ملكاً على الحجاز وأصبح يُعرف بإسم "ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاته"، إلى أن صَدَر في 18 سبتمبر/ أيلول من العام 1932 مرسومٌ ملكي قضى بتوحيد نجد والحجاز وعسير في دولة واحدة بإسم المملكة العربية السعودية وعلى رأسها عبد العزيز بن سعود.
قبل هذا التاريخ، نقرأ باختصار من كُتُب التاريخ أيضاً، أن مؤسس الحركة الوهَّابية محمد بن عبد الوهاب مدفوعاً من الإنكليز لشرذمة المسلمين، دعا في القرن الثامن عشر (1732) الى نبذ ما أسماها البِدَع الدينية "الدخيلة على الإسلام" واكتسب بعض المؤيدين وعلى رأسهم الأمير محمد بن سعود أمير الدرعية يومذاك، وبدأت مسيرة التحالف الوهَّابي السعودي منذ ذلك الحين، وكانت الغزوات التي قام بها آل سعود لتوطيد سلطتهم وإعلان مملكتهم لاحقاً.
لكن المسلمين الى يومنا هذا لا يجدون تفسيراً لمسلكية آل سعود الدينية في حياتهم الدنيوية، وكيف أنهم يجمعون بين رفضهم إقامة الأضرحة والشواهد كدليلٍ على إيمانهم بالزهد والتواضع في شعائر دفن الموتى، بينما يقضون حياتهم في بذخٍ أسطوريٍّ داخل قصورٍ مطلية بماء الذهب وحياة ترفٍ هي أقرب الى المُجُون، وفي الوقت الذي يَدعُون فيه الى تدمير المقامات الدينية واعتبارها وثنية نجِد السعوديين يقبِّلون صورة المَلِك ومنها يتبرَّكون!
كثيرة هي القواسم المشتركة بين إطلالتيّ القائدين، وأوَّلها التمييز بين الشعب السعودي ونظامه الحاكم، وثانيها الإشارة الدامغة لهذا الحقد القديم المتجدِّد للنظام السعودي على الشعب اليمني المقهور، وثالثها وهو الأهم هذا التحالف المشبوه بين أميركا وحلفائها الخليجيين لتدمير اليمن وسط ترحيبٍ إسرائيلي بـ "عاصفة الحزم" واعتبار ما يحصل أنه إيجابيٌ لأمنها القومي!
من خلال الوقائع التي عرضها السيد عبد الملك الحوثي عن العدوان السعودي المدعوم عملانياً من أميركا على اليمن، فإن دور آلـ سعود في الغطرسة على الآخرين ما زال هو هو منذ نشأة الوهَّابية التي أرادوها مذهباً عائلياً لمنح العرش هيبته الدينية بهدف الحفاظ على هذا العرش، وإدِّعاء حربهم على اليمن من منطلق خوفهم على الحرمين الشريفين فلأنهما من ضمن "أملاك" آلـ سعود، أما أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين في فلسطين فهو خارج جغرافية الأملاك، وخارج مقدَّسات المسلمين!
منذ متى كان الشعب اليمني العريق بإسلامه وعروبته وحضارته يُشكِّل خطراً على المملكة السعودية؟ إلّا إذا كانت وصية المؤسس عبد العزيز لأبنائه: "خيركم وشرُّكم من اليمن" عالقة في أذهانهم ويتحرَّكون على أساسها، ويخافون اليمن كما يخافون كل حضارة ضاربة جذورها في التاريخ وكل جمهورية وكل ديموقراطية وكل شعبٍ مؤمن بنفسه وبقدراته وبالله.
الحوثيون شأنهم شأن الشعب اليمني، كانت لهم وما زالت حقوقهم المطلبية، وما خرجوا من محافظة "صعدة" إلَّا بعد أن طفح كيلهم من إستفزازات مذهبية وتعدِّيات من جوارهم في "عمران"، ووصلوا الى صنعاء بعد أن تشرذم الجيش اليمني وباتت مؤسسات الدولة سائبة، وكان بإمكانهم من العاصمة إسقاط رئيس وتعيين رئيس، لكن لم تكن هذه أجندتهم يوماً، وواصلوا الحوار مع كافة القوى اليمنية حتى اللحظات الأخيرة رغم التعنُّت من قِبَل الآخرين وفي طليعتهم حزب الإصلاح، الى أن كان عدوان "عاصفة الحزم" لتدفيع الحوثيين ثمن الخطيئة الكبرى، وخطيئتهم أنهم يرفضون التدخُّل الفوقيّ للسعودية في شؤون اليمن ويعتبرونه إعتداء على السيادة اليمنية، عبر مبادراتٍ سياسية مُذِلّة!
واليوم، وبعد ما يُقارب الشهر على العدوان الجوِّي والبحري على اليمن، إضافة الى القصف المدفعي من الداخل السعودي والإشتباكات البرّية خاصة في منطقة نجران الحدودية، ها هي اليمن تصمد تحت الرُّكام بشيوخها ونسائها وأطفالها رغم انعدام أبسط مقوِّمات العيش، في تحدٍّ لإعتداءات جوية ناهزت الألفين للطيران السعودي في تدميرٍ ممنهج للبنى التحتية من مستشفيات ومستودعات مواد غذائية ومحطات وقود وطاقة ومؤسساتٍ عامة وخاصة، وكانت جريمة قنابل الغازات السامة التي ألقتها الطائرات السعودية على صنعاء أمس الإثنين، الدليل القاطع على يأس هذا النظام المجرم الذي ضاهى الصهاينة في حقده، ورغم ذلك، لم ولن تتمكن هذه الإعتداءات من وقف الثوار ومعهم الجيش واللجان الشعبية عن الزحف نحو المناطق التي تُسيطر عليها القاعدة خاصة في الجنوب، مع رسائل طمأنة واضحة للجنوبيين بأن القرار لهم ولسلطاتهم المحلية في كل ما يُراعي أوضاعهم المعيشية وحياتهم اليومية، والتأكيد على الرغبة في الحوار معهم.
ولنفترض جدلاً أن السعوديين قادرون على تدمير اليمن لترويض شعبها، فشعبها غير قابلٍ للترويض ولم يعُد لديه ما يخسره، والعبرة في المواجهة البرِّية التي تبقى مُستبعدة بالنظر الى طبيعة التضاريس اليمنية وطبيعة الشعب اليمني، وإذا كان عدوان "عاصفة الحزم" إستعراض هدفه إيصال رسالة الى إيران على خلفية نجاحها في الملف النووي وفي سوريا والعراق، فقد تحدَّى القائد عبد الملك الحوثي آلـ سعود أن يتجرأوا ويحاولوا أن يلامسوا الحدود الإيرانية البريَّة أوالبحرية أو محاولة خرق أجواء إيران.
في وقتٍ ترك فيه القائد الحوثي مقاومة العدوان مفتوحة على كافة الإحتمالات التي تتطلبُّها الوقائع الميدانية، فإن الحوثيين ومعهم الشعب اليمني المقهور باتوا هم المُعادلة السياسية والعسكرية على أرض اليمن، ولا حلّ في اليمن ولو دمَّر آل سعود كل اليمن، إلّا بحوارٍ يمنيٍ يمني برعاية أممية، والنصيحة الأخيرة لعبيد الغرب وخدَّامه منذ محمد بن سعود حتى يومنا هذا، ولعبيد مملكة آلـ سعود وأموال نفطهم، أن يسمعوا هذه الـ "كفى" التي أطلقها سماحة السيد حسن نصرالله صادحة صريحة صارخة، لأن عرش آلـ سعود قام على الدمّ ومستمرٌّ على الدمّ ولكن، لن تستمر طويلاً هذه السلطة العائلية الوهَّابية حاملة سيفها الظالم على شعبها وشعوب الجوار لأنها إسلامياً وعربياً مجرَّد كذبةٍ تاريخية وعارٌ على التاريخ...
***
* الأهداف الحقيقية للحرب على اليمن

حسن حردان - جريدة الاخبار
شكّلت الحرب التي يشنها النظام الحاكم في السعودية على الجمهورية اليمنية بغطاء من بعض الانظمة العربية والاقليمية ودعم ومباركة أميركية مثاراً لسجالات ونقاشات في العديد من الاوساط العربية والقومية والاسلامية. فهناك من وقف ضد الحرب من البداية، وهناك من وقف الى جانبها وأوجد لها المبررات، وهناك من ارتبك واحتار في موقفه فوجد نفسه في الوسط لا مع الحرب ولا هو ضدها. وهذا ما يدفع الى ضرورة تشخيص ما يحصل لتحديد المصلحة الوطنية والقومية للأمة العربية وقواها التحررية، أين يجب أن تكون؟
من المعروف أن التحالف السعودي قد سارع الى حشد جملة من المبررات لشن الحرب ابرزها أن حركة أنصار الله نفذت انقلاباً ضد الحكم الشرعي برئاسة رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، وأن ميثاق جامعة الدول العربية يسمح بالتدخل لوضع حد للانقلاب وإعادة هادي إلى الحكم، وأن الانقلاب جرى بإيعاز من الجمهورية الاسلامية الإيرانية، وأن اليمن بات خاضعاً للاحتلال الإيراني، وبالتالي فإن الأمن القومي العربي أصبح مهدداً، وبالتالي فإن الحرب هدفها إنقاذ اليمن من التفتيت والغرق في حرب مذهبية.
أولاً: إن أي متابع لما يجري في اليمن لا بد له من أن يلاحظ أن هناك ازمة اقتصادية واجتماعية ووطنية تفجرت في الشارع منذ سنوات عديدة سابقة على اندلاع ما سمي بالربيع العربي، وأن هذه الازمة ناتجة من سياسات النظام اليمني الذي تسبب بازدياد حدة التفاوت الاجتماعي وتهميش القطاعات الانتاجية وتحويل اليمن الى بلد تابع اقتصادياً وسياسياً وأمنياً يدور في فلك التبعية للولايات المتحدة الأميركية والنظام السعودي، وبسبب تعنت النظام ورفضه الاستجابة لمطالب المعارضة الواسعة في البلاد لإحداث تغيير في هذه السياسات اندلعت الثورة ضد النظام. ولهذا فإن ما حصل ليس انقلاباً بل هو ثورة شعبية ضد حكم تابع للنظام السعودي والدول الغربية الاستعمارية، وأن الرئيس هادي فقد شرعيته الدستورية، والشعبية، وما يؤكد ذلك أن الثورة التي قادتها حركة أنصار الله، جاءت تحت عناوين اقتصادية واجتماعية تطالب بالتنمية والعدالة الاجتماعية، واسقاط «الجرعة» المتمثلة برفع الأسعار من قبل الحكومة، وجاءت الثورة بعدما وصلت الأمور إلى مرحلة التهميش والإقصاء لقوى المعارضة الشعبية الأساسية ممثلة بأنصار الله، والحراك الجنوبي، ومحاولة الأنظمة الخليجية تعويم النظام القديم برئاسة هادي وتثبيت اقدامه، ورفض تنفيذ مخرجات الحوار الوطني لإعادة تكوين السلطة على أسس من الشراكة الحقيقية
وعندما رفض هادي التجاوب مع هذا الطرح، غادر صنعاء إلى عدن وأعلن من هناك، وبدعم سعودي، عودته عن الاستقالة وعن الحكومة اليمنية الموقتة، ما شكل تهديداً حقيقياً يقود إما إلى تقسيم اليمن، أو دفع البلاد إلى أتون حرب أهلية، ولهذا سارعت قوى الثورة بقيادة أنصار الله واللجان الثورية والجيش اليمني الذي انحاز بمعظمه إلى جانبهم إلى احباط هذا المخطط السعودي عبر الحسم الثوري، وتحرير المحافظات الجنوبية في غضون أيام معدودة، وهروب هادي إلى السعودية، بعدما تبين حجم التأييد الشعبي الذي تحظى به قوى الثورة، ولهذا فإن العدوان على اليمن جاء بعد انهيار النظام التابع للرياض، وسيطرة قوى الثورة على البلاد.
ثانياً: من هنا إن ما حصل في اليمن إنما هو ثورة شعبية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وهذه الثورة تتجسد بوضوح في مشاركة ملايين اليمنيين في التظاهرات المؤيدة لأهداف الثورة، الرافضة والمنددة بالعدوان. وبالتالي فإن توصيف ذلك بأنه انقلاب جرى بإيعاز إيراني ما هو إلا خداع وتضليل للرأي العام، تماماً كما هو الادعاء بوجود إيراني عسكري أو سياسي في اليمن. ولو كان مثل هذا الوجود فعلي، فإنه يصعب إخفاؤه، ولهذا فإن هذه الحجة للتدخل تحت عنوان تحرير اليمن من الهيمنة الإيرانية حجة غير صحيحة، وتهدف إلى تعمية الرأي العام وإحداث استقطاب مذهبي لمحاربة الثورة اليمنية وإجهاضها وإعادة إخضاع اليمن للنظام السعودي. ثالثاً: أما ذريعة أن هناك خطراً داهماً على الأمن القومي، مصدره سعي إيران إلى السيطرة على باب المندب، فإنها ذريعة واهية لمنع الثورة اليمنية من النجاح في بناء نظام وطني مستقل قادر على استغلال ثروات اليمن وتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية بعيداً عن الهيمنة السعودية الأميركية. فهل يعقل أن تكون ثورة الشعب العربي في اليمن التي تنشد التحرر من التبعية والفقر والحرمان، هي التي تهدد الأمن القومي العربي، أو إيران التي تناصر قضايا العرب العادلة، ومقاومتهم ضد الاحتلال الصهيوني؟
إن من يهدد الأمن القومي العربي فعلياً، ومنذ عقود طويلة، هو العدو الصهيوني الذي يستبيح يومياً حقوق العرب ومقدساتهم في فلسطين المحتلة، وكذلك الإرهاب التكفيري الوجه الآخر للصهيونية، والاستعمار الأميركي المباشر، وغير المباشر للعديد من الأقطار العربية، والمعبر عنه بوجود القواعد العسكرية في السعودية وقطر والكويت وغيرها، والتي تتولى حماية الأنظمة التابعة، واستمرار الشركات الأميركية في القيام بعملية نهب ثروات الأمة النفطية وغير النفطية، وحماية أمن كيان العدو الصهيوني.
من هنا، فإن الأنظمة العربية لم تتفق هذه المرة لحماية الأمن القومي العربي كما تزعم، وإنما لحماية أمنها هي ولخدمة المصالح الأميركية عبر العمل على محاولة إحياء النظام اليمني القديم التابع لها، وهي لأجل ذلك لا تتوانى عن إثارة النعرات المذهبية للتفريق بين أبناء الشعب العربي في اليمن والعمل على تدمير بناه التحتية، وارتكاب المجازر ضد اليمنيين بهدف إجهاض ثورتهم التحررية على غرار ما فعله النظام السعودي في أوائل الستينيات من القرن الماضي عندما أرسل المال والسلاح لقتال الثورة اليمنية بقيادة عبد السلال، والجيش العربي المصري الذي أرسله الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لنصرة الثورة، وقد حارب النظام السعودي الثورة بالتنسيق مع كيان العدو الصهيوني والدول الغربية الاستعمارية وفي الطليعة بريطانيا التي كانت يومها لا تزال تحتل جنوب اليمن.
رابعاً: إن ميثاق جامعة الدول العربية لا يبيح التدخل في شؤون أي بلد عربي، فالمادة الثامنة من الميثاق تنصّ بوضوح على حظر ومنع التدخل في الشأن الداخلي لأي دولة عربية، لا سيما أن النظام السعودي يتدخل لنصرة طرف يمني ضد طرف يمني آخر. أما بخصوص معاهدة الدفاع العربي المشترك فهي لمواجهة أي عدوان خارجي على أي بلد عربي على غرار العدوان المستمر على ارض فلسطين والغزو الأميركي للعراق عام 2003. لهذا فإن العدوان يفتقد إلى أي مبرر شرعي قانوني، إلى جانب افتقاده أيضاً إلى المشروعية الشعبية. انطلاقا مما تقدم، إن العدوان على اليمن لا يستهدف فقط القضاء على الثورة اليمنية التحررية، وإنما يستهدف من خلال ذلك أيضاً قوى المقاومة والتحرر في هذه الأمة، فالحلف الاميركي ـ السعودي، المدعوم من بقية الأنظمة التابعة، يسعى إلى إدامة الهيمنة الاستعمارية ومنع الأمة العربية من التحرر والتوحد وتسخير قدراتها وثرواتها لتحقيق ازدهارها وتقدمها وتحررها من التخلف والفقر والحرمان، وبالتالي إبقاء هيمنة هذا الحلف على مضيق باب المندب ممر إمدادات النفط والسفن التجارية العالمية من الخليج إلى العالم، ولهذا فإن قوى المقاومة والتحرر العربية مدعوة لنصرة ودعم الثورة اليمنية لأن انتصارها هو انتصار لها، ولكل منظومة المقاومة والتحرر العربية. وبهذا المعنى ليس هناك من مبرر لأحد الوقوف متفرجاً محايداً في الموقف من هذه الحرب الجائرة، وبالتالي يجب أن تسمى الامور بمسمياتها وعدم مراعاة موقف أي نظام شارك في حلف الحرب ضد اليمن لا سيما النظام في مصر الذي كنا ننتظر منه العمل على استعادة الدور القومي لمصر الداعم لقوى المقاومة وحركات التحرر العربية كما كان ايام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وليس الوقوف الى جانب الانظمة التابعة للغرب ضد ثورة شعبنا العربي في اليمن التي تنشد التحرر ونصرة فلسطين ومقاومتها. فشتان بين موقف عبد الناصر الداعم لثورة اليمن في أوائل الستينيات من القرن الماضي، وبين موقف عبد الفتاح السيسي المؤيد للحرب ضد ثورة اليمن في عام 2015. واذا كان السيسي قد اقدم على ذلك تحت مبرر الحاجة الى الدعم المالي ومحاربة الاخوان المسلمين فإن هذا المبرر ساقط لأن عبد الناصر واجه مثل هذه الأوضاع بعد ثورة تموز عام 1952 برفض الخضوع لأي شروط أميركية أو سعودية والاتجاه الى بناء اقتصاد وطني انتاجي مستقل غير تابع أو مرتهن، والاستناد الى تحالفات عربية ودولية تدعم هذا النهج الوطني التحرري.
***
* عسيري.. براعة في اتقان لغة أدرعي!
فوبيا ’السبابة’ المرفوعة.. بين ’مملكة الخراب’ وكيان العدو الاسرائيلي
ميساء مقدم
بين العدوان السعودي على الشعب اليمني، والحروب العدوانية الاسرائيلية على لبنان وغزّة، أوجه شبه عديدة لا بد من الوقوف عندها.
في كل الحروب التي شنّها العدو الاسرائيلي على العرب، كان يتقصد استهداف النساء والأطفال مرتكباً أبشع المجازر، والتبريرات كانت جاهزة دوماً "المخرّبون يتخذون المدنيين ذرائع بشرية ويستفيدون من المنشآت الحيوية والبنى التحتية".
لغة آل سعود وأتباعهم لا تبتعد كثيراً عن لغة "أفيخاي أدرعي". الرجل الذي لطالما اتخذ من قناة "الجزيرة" القطرية منبراً لتبرير مجازر كيانه، لدينا نسخة عربية سعودية منقّحة منه. هو الناطق باسم "عاصفة الحزم". يقول أحمد عسيري أمس في مؤتمره الصحفي الروتيني إن "دول التحالف لن تسمح لكائن من كان أن يستغل الأحداث الحالية باليمن، ويعمل على إمداد المتمردين بالأسلحة والذخيرة تحت غطاء السفن الإغاثية". هكذا بدا عسيري تلميذاً ناجحاً لأدرعي. الذرائع نفسها التي استخدمت خلال حصار غزّة، وحصار لبنان خلال عدوان عام 2006.

ولمّا كان العدو الاسرائيلي وأعوانه يطبّلون خلال الحرب على غزّة ولبنان لنظرية أن الضحية هو المجرم، وأن أطفال قانا وشاطئ غزّة قتلوا بسبب عناد المقاومة، ها هي أبواق آل سعود تروّج للنظرية عينها. وتحت عنوان "الحوثي وصالح يتحملان دماء الأطفال"، كتب باسل الجاسر في صحيفة "الأنباء" مقالاً نشره موقع "العربية نت"، يبرر فيه قتل أطفال اليمن بصواريخ السعودية، معتبراً أنه "شر لا بد منه". فيقول "ان الحرب شر مطلق وعمل تكرهه النفس البشرية وله ضحايا من الأبرياء، ولكنه شر لا بد منه أحيانا". ويطرح سؤالاً سمجاً ليس فيه من الذكاء شيئ، قائلاً "العالم دخل الحرب العالمية الثانية لصد صلف هتلر وطغيانه.. فهل نحمل العالم المتحضر مسؤولية ضحايا الحرب العالمية الثانية التي سقط فيها ملايين القتلى والمعاقين من الأبرياء؟ ام نكون عادلين ونحمل مسؤولية هذا الكم الهائل من الضحايا لصلف وطمع هتلر؟". اذاً على العالم أن يصفّق لآل سعود المعتدين، ذلك أن الأطفال والنساء الذين يقتلون تحت ركام منازلهم في القصف السعودي على اليمن، هم ضحايا نظريّة الجاسر، ولهم أسوة بأطفال الحرب العالمية الثانيةّ!
وللإصبع المرفوع حكاية أخرى. لطالما كان الاصبع الذي يرفعه قائد المقاومة في لبنان سماحة السيد حسن نصر الله وهو يهدد العدو الاسرائيلي، مصدر استفزاز لضباط الكيان ورؤسائه. واليوم هاهو الاصبع نفسه، المرفوع بوجه آلة القتل السعودية في اليمن، يشكّل مصدر استفزاز كبير أيضاً لآل سعود وأتباعهم. حيث أفرد موقع "العربية نت" تقريراً تحت عنوان "الحوثي يرفع سبابته مقلدا حسن نصر الله"، وفيه عبارات مغتاظة من سبابة السيّد اليمني الذي رفع سبابته في وجه العدوان السعودي على شعبه، كما رفع سيد المقاومة سبابته في وجه العدو الاسرائيلي.
تعليق