إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

أية براءة اكبر دليل على عدم صلاحية ابي بكر للخلافه

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ان افضلية ابو بكر وعمر وعثمان وعلي واضحة وليس هناك من يشكك في فضلهم الا من لا يقراء سيرهم رضوان الله عليهممن هنا كان تفضيل بعضهم على بعض ياتي من سيرهم ايضا وافعالهم في حماية دين الله وفي نشره

    ابو بكر وفضائلة
    1- نزل به اية في كتاب الله
    2- صرف امواله في اعتاق رقاب المسلم من العبيد
    3- اول من امن من الرجال
    4- اكبر سنا من غلي رضي الله غنه

    عمر بن الخطاب
    1- نصر الله الاسلام به فخرج الميلمين من دار ابن الارقم وصلوا بالحرم بعد ايمانه
    2- تمنى رسول الله ايمان احد العمرين واختار الله عز وجل عمر بن الخطاب

    عثمان
    1-صرف امواله في تجهيز جيوش المسلمين
    2-تستحي منه ملائكة الرحمان

    علي بن ابي طالب
    1- اسلم صغيرا لانه كان يعيش في كنف رسول الله
    2- ابن عم رسول الله وزوج ابنته
    3-فارس جاهد بسيفه وليس لديه مال يعطيه

    كما ان معاصريهم فضلوا ابابكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ومعاصريهم بهم اعرف وبفضلهم ادرى

    تعليق


    • المشاركة الأصلية بواسطة richman
      ان افضلية ابو بكر وعمر وعثمان وعلي واضحة وليس هناك من يشكك في فضلهم الا من لا يقراء سيرهم رضوان الله عليهممن هنا كان تفضيل بعضهم على بعض ياتي من سيرهم ايضا وافعالهم في حماية دين الله وفي نشره

      ابو بكر وفضائلة
      1- نزل به اية في كتاب الله
      2- صرف امواله في اعتاق رقاب المسلم من العبيد
      3- اول من امن من الرجال
      4- اكبر سنا من غلي رضي الله غنه

      عمر بن الخطاب
      1- نصر الله الاسلام به فخرج الميلمين من دار ابن الارقم وصلوا بالحرم بعد ايمانه
      2- تمنى رسول الله ايمان احد العمرين واختار الله عز وجل عمر بن الخطاب

      عثمان
      1-صرف امواله في تجهيز جيوش المسلمين
      2-تستحي منه ملائكة الرحمان

      علي بن ابي طالب
      1- اسلم صغيرا لانه كان يعيش في كنف رسول الله
      2- ابن عم رسول الله وزوج ابنته
      3-فارس جاهد بسيفه وليس لديه مال يعطيه

      كما ان معاصريهم فضلوا ابابكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ومعاصريهم بهم اعرف وبفضلهم ادرى



      اخي الكريم richman

      حياك الله وبياك


      استطيع انا ايظا اضيف اليك بعض ما انت قد نسيته
      مثلا في ابي بكر

      انه صديق وابو صديقه

      وانه صهر النبي

      وانه لو كان متخذا خليلا لاتخذ ابا بكر

      وغيرها

      واما عمر
      فهو سراج اهل الجنه
      وهو صهر النبي
      وهو الفاروق
      وهو ابو الفتوحات ومرغ انف المجوس ووو

      واما عثمان
      فهو ذو النورين

      وهو الشهيد ( اثبت احد .......)

      لكن ماجدوى كل هذه الاحاديث دون سند بين


      الثابت هو

      انا الان لست بصدد ان اعمل مقارنه بين الثلاثه والامام

      لانه لا وجه مقارنه ابدا

      اين الثرى واين الثريا


      ولكن اكتفي بكلام كل واحد منهم وهو الثابت لدى الجميع ساعة موت كل واحد منهم وهي اصدق ساعة يبوح بها المرء عما في قريرته


      وانت احكم



      ابو بكر قال ساعة موته

      يا ليتني كنت بعرة في الية كبش

      عمر قال ساعة موته في حديث مفصل

      ياليتني كنت عذرة

      عثمان قال ساعة موته


      يا ليتني كنت بغل من بغال رسول الله


      الامام على قال ساعة موته


      فزت ورب الكعبه



      لا تجيب قبل ان تفكر

      لا تقل لي مثل ما قال الاخرين

      انه نوع من الديمقراطيه حين قالوا بعرة او عذرة او بغل

      او انه نوع من انواع تحقير النفس الى الله او اي كلام على شاكلة هذا الكلام

      لان كلام الامام علي بالمرصاد لكل تحريف للمعنى

      تعليق


      • المشاركة الأصلية بواسطة richman
        علي رضي الله عنه قال قائل قريش في زمانه ان ابن ابي طالب شجاع ولكن لاراي له وهو ليس بافضل من ابو بكر ولا من عمر ولا من عثمان بل انهم في السياسة وادارة الدولة افضل منه بمراحل رضي الله عنهم اجمعين

        والدليل ان ابابكر تولى وامور المسلمين في وضع حرج فهناك اربعة كلهم يدعون النبوة
        مسيلمة و سجاح وطليحة الاسدي وكاذب اليمن الاسود العنسي

        وهناك من يرفضون دفع الزكاة امثال ابن نويرة وعمرو بن معدي كرب الزبيدي وقومهم يرفضون الزكاة وقد تمكن ابا بكر من قيادة الامة الى النجاة ثم مات رضي الله عنه وخلفه عمر بن الخطاب الذي سال الرسول ربه ان يعز به الاسلام فكان خير رجل لذلك الزمان حيث فتح الامصار وادب جهال الاعراب ومنافقيها فهابوه ولم يحدثوا في زمانه شي

        ثم ولي الخلافة عثمان وكان زمانه زمان فتنة اخبر عنها رسولة واخبرنا عنها القران فكانت فتنة لم تصب الذين ظلموا منا بل اشترك بها الجميع

        ثم ولي الخلافة علي وكان افضل الرجال سيرة وخيرهم مناقب ولكن لم يكن بحزم ابا بكر ولا بسياسة معاوية فانتزعوا الخلافة منه بالدهاء والفطنة ولم يتمكن منهم لانه كان تقي ورع رجل دين لا رجل دولة

        ثم جاء الحسن فترك الامر لمعاوية لعلمة ان معاوية خير منه

        وهي فتنة الواقف فيها خير من الماشي والجالس خير من الواقف
        فدعوا التاريخ فقد ولى وعليكم بالحاظر الم تعلموا ان اباسلمة الخلال دعى ابا عبدالله جعفر الصادق لتولي الامر فرد عليه (ان الزمان ليس زماني وان المكان ليس مكاني) فاتركوا التاريخ وتمعنوا بقول ابا عبدالله جعفر الصادق

        والسلام على المسلمين امين







        نعم انا معك واشد على يديك جعلها الله للكسر اقرب ومن المفصل انت وكل من
        تبعته واتبعك .

        نعم انا معك واشد على يديك بان الأمه التي كغثاء السيل من مثلك واشباهك
        ذوي الرقاب التي بالمداس تداس لايصلح لهم الإمام عليه السلام .


        نعم انا معك واشد على يديك بان الإمام عليه السلام لا يسوس اللئام خفافيش الضلام .

        نعم انا معك واشد على يديك بان شيخك كان اشد حزما على المسلمين
        خواراً امام الكافرين , وهو في هذا عكس امير المؤمنين .

        نعم انا معك واشد على يديك بان الإمام عليه السلام لم يمتطي الكذب والخديعه التي تسمونها السياسه
        والكياسه يا كناسه كما فعل اسيادك اللذين تواليهم .

        إن امير المؤمنين هو أمير الأحرار الأبرار وليس امير الفسقة الفجار وقود النار فهم من يعرفونه ويعرفون قدره
        ويطيعونه وينصاعون لأمره فهنيئاً لهم به وهنيئاً له بهم .

        لقد ساقكم جهلكم المقتع وحقدكم الأعمى للنيل من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لرفع من توالون
        فلا تثريب عليكم فيما ذهبتم اليه بعد ذلك ,
        وما امير المؤمنين إلا نفس رسول الله فلقد نلتم منه اولاً واخيراً .... واخيراً واولاً .


        من رباه ابو قحافه .... خير ممن رباه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , هذا لسان الحال وإن لم يقال

        نجح ابو قحافه في تربيته ..... وفشل .............. في تربيته للإمام عليه السلام.

        اول درس في تربية ابو قحافه هو السجود للأ وثان .

        اول درس في تربية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو السجود للواحد الديان


        وعلى هذه القاعده يمكن أن نبني صرحاً شامخاً تنكسر الرقاب قبل أن تبلغ مداه وهي ينضر اليه .

        فمن مثلك يبن ابي طالب التفت حوله الثعالب وهي تضن انها سوف تنال من اسد الله الغالب .

        تعليق


        • انت مع الشيطان والسيستاني ولست معي حشرت مع اجدادك المجوس

          انت مع اجدادك الفرس في نار جهنم يا عابد النار والساجد للحجار

          انت مع من قال فيهم الامام غال مسرف يسرف في محبة الامام للتفرقة بين المسلمين ويقعس عن نصرة ابنه ويغرر به

          تعليق


          • المشاركة الأصلية بواسطة richman
            انت مع الشيطان والسيستاني ولست معي حشرت مع اجدادك المجوس

            انت مع اجدادك الفرس في نار جهنم يا عابد النار والساجد للحجار

            انت مع من قال فيهم الامام غال مسرف يسرف في محبة الامام للتفرقة بين المسلمين ويقعس عن نصرة ابنه ويغرر به




            اين المشرفين

            من كلام


            richman

            هذا االذي لم يجد جوابا الا السب والشتم كغيره

            والنيل من علمائنا ومراجعنا

            تعليق


            • إقتباس:
              المشاركة الأصلية بواسطة richman
              علي رضي الله عنه قال قائل قريش في زمانه ان ابن ابي طالب شجاع ولكن لاراي له وهو ليس بافضل من ابو بكر ولا من عمر ولا من عثمان بل انهم في السياسة وادارة الدولة افضل منه بمراحل رضي الله عنهم اجمعين

              والدليل ان ابابكر تولى وامور المسلمين في وضع حرج فهناك اربعة كلهم يدعون النبوة
              مسيلمة و سجاح وطليحة الاسدي وكاذب اليمن الاسود العنسي

              وهناك من يرفضون دفع الزكاة امثال ابن نويرة وعمرو بن معدي كرب الزبيدي وقومهم يرفضون الزكاة وقد تمكن ابا بكر من قيادة الامة الى النجاة ثم مات رضي الله عنه وخلفه عمر بن الخطاب الذي سال الرسول ربه ان يعز به الاسلام فكان خير رجل لذلك الزمان حيث فتح الامصار وادب جهال الاعراب ومنافقيها فهابوه ولم يحدثوا في زمانه شي

              ثم ولي الخلافة عثمان وكان زمانه زمان فتنة اخبر عنها رسولة واخبرنا عنها القران فكانت فتنة لم تصب الذين ظلموا منا بل اشترك بها الجميع

              ثم ولي الخلافة علي وكان افضل الرجال سيرة وخيرهم مناقب ولكن لم يكن بحزم ابا بكر ولا بسياسة معاوية فانتزعوا الخلافة منه بالدهاء والفطنة ولم يتمكن منهم لانه كان تقي ورع رجل دين لا رجل دولة

              ثم جاء الحسن فترك الامر لمعاوية لعلمة ان معاوية خير منه

              وهي فتنة الواقف فيها خير من الماشي والجالس خير من الواقف
              فدعوا التاريخ فقد ولى وعليكم بالحاظر الم تعلموا ان اباسلمة الخلال دعى ابا عبدالله جعفر الصادق لتولي الامر فرد عليه (ان الزمان ليس زماني وان المكان ليس مكاني) فاتركوا التاريخ وتمعنوا بقول ابا عبدالله جعفر الصادق

              والسلام على المسلمين امين


              اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن اعداءهم
              عجبا !!
              في البداية يقول ان الإمام علي عليه السلام ليس مؤهلا لقيادة الأمة!!
              ثم يقر أنه صار خليفة على الناس بعد عثمان لأنه كان مؤهلا؟؟؟؟ وإن لم يكن بذلك الحزم!!!

              فسر لنا الأمر!!
              يا بن السقيفة والشورى المزعومة!!
              هل إمام علي عليه السلام بنظرك مؤهل ام لا؟؟؟
              بمعني اخر : لو لم يكن مؤهلا فلم انتخبوه خليفة بعد عثمان؟؟
              كان معاوية اولى لها ها؟؟؟
              طبعا انت تتناسى ان السقيفة باتفاق بني امية!! والا كيف باتت متفق عليها؟؟
              فهل يثور معاوية على بيعة ابي بكر وهو يراها سنا خلافته بعدئذ؟؟؟
              ان السقيفة الممهدة لمعاوية لا تحتاج لحزم من ابي بكر امام معاوية‍‍‍!!
              بل إنها حزم ابي بكر ومعاوية!!!
              فسر لنا كيف صار معاوية مخالفا للإمام علي عليه السلام؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
              لماذا؟؟؟؟؟
              واجيبك!: سنة السقيفة!!!
              والسلام على من اتبع الهدى

              تعليق


              • امير حسين -- سلام وتحية
                ماهو دليلك على ان ابا بكر قال ما قال او ان عمر قال ما قال وان علي قال ما قال

                وانا اسف على ما بدر مني تجاه من تسمونهم مرجعيات ولكن الا ترى انكم يجب ان توقفوا سفهائكم عن الشتم اولا

                وانا لا اقر بان السيستاني مرجع لاحد بل انه عميل للامريكان يناصرهم ويهادنهم والواجب ان لايوالي من حاد الله ورسوله ولكن حسبي الله ونعم الوكيل فقد بعتم العراق مرتين من قبل مرة للمغول ومرة للبريطانيون واليوم للامريكان

                تعليق


                • احنا هنا في افعال ابي بكر مادخل السستاني في الموضع ام هي افعال النار الذي تـأكل قلبك من فيقة بن باز افتى بصلح اليهود يا يهودي

                  تعليق


                  • المشاركة الأصلية بواسطة richman
                    امير حسين -- سلام وتحية
                    ماهو دليلك على ان ابا بكر قال ما قال او ان عمر قال ما قال وان علي قال ما قال

                    وانا اسف على ما بدر مني تجاه من تسمونهم مرجعيات ولكن الا ترى انكم يجب ان توقفوا سفهائكم عن الشتم اولا

                    وانا لا اقر بان السيستاني مرجع لاحد بل انه عميل للامريكان يناصرهم ويهادنهم والواجب ان لايوالي من حاد الله ورسوله ولكن حسبي الله ونعم الوكيل فقد بعتم العراق مرتين من قبل مرة للمغول ومرة للبريطانيون واليوم للامريكان



                    وعليكم السلام ومرحبا


                    حول ما سالت فاليك الجواب





                    منقول




                    مصنف ابن أبي شيبة ج: 7 ص: 91
                    34432 حدثنا أبوم معاوية عن جويبر عن الضحاك قال رأى أبو بكر الصديق طيرا واقعا على شجرة فقال طوبى لك يا طير والله لوددت أني كنت مثلك تقع على

                    الشجرة وتأكل من الثمر ثم تطير وليس عليك نجاسة ولا عذاب والله لوددت أني كنت شجرة إلى جانب الطريق مر علي جمل فأخذني فأدخلني فاه فلاكني ثم ازدردني ثم أخرجني

                    بعرا ولم أكن بشرا


                    شعب الإيمان ج: 1 ص: 485
                    787 قال وحدثنا يحيى بن يحيى أنا أبو معاوية عن جويبر عن الضحاك قال مر أبو بكر رضي الله عنه على طير قد وقع على شجرة فقال طوبى لك يا طير تطير فتقع على

                    الشجر ثم تأكل من الثمر ثم تطير ليس عليك نجاسة ولا عذاب ياليتني كنت مثلك والله لوددت أني كنت شجرة إلى جانت الطريق فمر علي بعير فأخذني فأدخلني فاه فلاكني ثم

                    إزدردني ثم أخرجني بعرا ولم أكن بشرا قال فقال عمر رضي الله عنه ياليتني كنت كبش أهلي سمنوني ما بدا لهم حتى إذا كنت كأسمن ما يكون زارهم بعض من يحبون

                    فذبحوني لهم فجعلوا بعضي شواء وبعضه قديدا ثم أكلوني ولم أكن بشرا قال وقال أبو الدرداء يا ليتني كنت شجرة تعضد وتؤكل ثمرتي ولم أكن بشرا

                    الزهد لهناد ج: 1 ص: 258
                    باب من قال ليتني لم أخلق 449 حدثنا أبو معاوية عن جويبر عن الضحاك قال مر أبو بكر بطير وعشرون على شجرة فقال طوبى لك يا طير تقع عل الشجروتأكل الثمر ثم

                    تطير وليس عليك نجاسة ولا عذاب ياليتني كنت مثلك والله لوددت أن الله خلقني شجرة إلى جانب الطريق فمر بي بعير فأخذني فأدخلني فاه فلاكني ثم ازدردني ثم أخرجني بعرا

                    ولم أك بشرا قال وقال عمر يا ليتني كنت كبش أهلي سمنوني ما بدا لهم حتى إذا كنت أسمن ما أكون زارهم بعض ما يحبون فجعلوا بعضي شواء وبعضي قديدا ثم أكلوني

                    فأخرجوني عذرة ولم أك بشرا قال وقال أبو الدرادء يا ليتني كنت شجرة تعضد ولم أك بشرا



                    اقول اما عن مراجعنا انك تعترف بهم ام لا تعترف بهم لا شانك

                    ولكن حذار من المساس بهم

                    عندك نقد ترى فيهم اخطاء اذكرها وتناقش معك بكل حريه

                    لكن ابتعد عن الشتيمه

                    وكذلك خصص لها موضوعا خاص به لحاله

                    تعليق


                    • بسم الله الرحمن الرحيم



                      اقول وحسب علمي القاصر


                      ان عدم صلاحية ابن ابي قحافه ابو بكر

                      الشئ بالشئ يذكر هناك بعض الروايات تذكر ان ابو قحافه والد ابي بكر لم يسلم الا بعد الفتح
                      هذه على الهامش


                      اعود للموضوع

                      واقول عدم صلاحبه الصديق ابو بكر

                      فلا ادري لو ابو بكر صديق عمر ما يكون كذيب
                      لانه كثير الاحتجاج على النبي

                      المهم اعود للموضوع


                      نجد في التاريخ على حياة النبي

                      انه صلى الله عليه واله وسلم اوفد الوفود وارسل الرسل
                      وهذا ما ذكرته من قبل فقد ارسلهم الى الشرق والغرب
                      وحتى بعث من يؤم المسلمين ويعلمهم امور دينهم وليس هذا وحسب حتى ان من احاديثه كان يامر به اصحابه

                      بلغوا عني بايه

                      فاقول هؤلاء مهما كانوا ومهما عملوا فقد كانوا يطبقون اوامر رسول الله

                      فاين اسماء تلك الوفود واسماء اؤلائك الرسل اليس ان يكون لهم
                      الحق او النصيب في الاستخلاف لو كان يعني امرا قياديا موصل الى تولي الامه واستخلافها من بعده صلى الله عليه واله وسلم

                      على العكس لم يحضوا بشئ من ذلك الا قدر اخلاصهم ونياتهم في عملهم لله ورسوله

                      ولكن لما ناتي الى اية براءة


                      تسلم الى رجل قد اعتبروه انه الرمز الاول

                      وهذا الرمز الاول لم تكمل فرحته بها وما سار الا ثلاثه فراسخ

                      حتى نزل جبريل عليه السلام

                      يطلب من رسول ان يرجع ابي بكر

                      وان يبعث عليا عليه االسلام حيث لا يبلغ الا هو او رجل منه

                      وعاد ابي بكر ادراجه حزين او خائف او واجد

                      المهم عاد بخفي حنين


                      الغايه من هذا وارجاع ابو بكر

                      فيه رسالة للناس

                      فكم من اناس قد اوفدتهم الا هذه المرة

                      ففيها امر من السماء

                      لا يبلغ عنك الا انت او رجل منك

                      وهنا اخذ التلاعب بالمعاني والالفاظ وقد حاولت تفنيدها

                      ولم اجد منهم احد يكذب تفنيدي حول الاعراف

                      بل وجدت السب والشتيمه

                      واكاذيب كثيرة في القصه

                      حيث الكذاب الاول هو ابو هريره

                      حين يصف نفسه انه اعان عليا حين صحل صوته
                      وهنا يكون قد عصى امر الله ونبيه
                      لانه وحسب زعمهم انها العرف والعرف يقضي ان لا يبلغ الا النبي او واحد من اهله

                      اذن ايش دخللك يا ابو هرهور

                      ومرة اخرى يكذب حين ادعى ان لابي بكر عدة مؤذنين فكانوا يعينون عليا

                      وكذلك اشترك بالاعانه الرمز الاول ابو بكر ايظا

                      وحسب كذبتهم ان الجميع عصاةلامر الله


                      اما الايات العشر

                      منها يحمل حكما يجب تنفيذه بحق المشركين وهو المهله 4 اشهر ومن بعدها قتلهم وحصادهم

                      وهنا كان يجب ان لا يبلغ هذه الاية الا نبي او وصي

                      وعليه نزل الوحي مطالبا بارجاع الرمز

                      وايفاد علي

                      لانه كما قال رسول الله عن جبرئيل

                      لا يبلغ عنك الا انت او رجل منك

                      وبما ان رسول الله هو المبلغ عن السماء
                      فكذلك يحق للوصي ما يحق لنبيه صلى الله عليه واله وسلم

                      وهذا كل ما في الموضوع

                      تعليق


                      • بسم الله الرحمن الرحيم

                        والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين

                        تجمد عضوية richman إلى أن يتم طرده على يد المشرف العام.

                        ولا مكان لأمثال هؤلاء في النتدى الشريف.

                        والسلام عليكم.

                        تعليق


                        • انقل هنا ما جاء في تفسير الميزان حول اية براءة بالكامل

                          للوقوف على مجريات الامور بدقة اكثر وتكون شفاء لمن في قلبه مرض ان



                          شاء




                          الله

                          الميزان في تفسير القرآن
                          سورة التوبة
                          1 - 16

                          بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ (1) فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَأَنَّ اللّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (2) وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3) إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4) فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (5) وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ (6) كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (7) كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (8) اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (9) لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (10) فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11) وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ (12) أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ (13) قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللّهُ عَلَى مَن يَشَاء وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (15) أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (16)

                          بيان

                          الآيات مفتتح قبيل من الآيات سموها سورة التوبة أو سورة البراءة، و قد اختلفوا في كونها سورة مستقلة أو جزء من سورة الأنفال، و اختلاف المفسرين في ذلك ينتهي إلى اختلاف الصحابة ثم التابعين فيه، و قد اختلف في ذلك الحديث عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) غير أن الأرجح بحسب الصناعة ما يدل من حديثهم على أنها ملحقة بسورة الأنفال.

                          و البحث عن معاني آياتها و ما اشتملت عليه من المضامين لا يهدي إلى غرض واحد متعين على حد سائر السور المشتملة على أغراض مشخصة تؤمها أوائلها و تنعطف إليها أواخرها، فأولها آيات تؤذن بالبراءة و فيها آيات القتال مع المشركين، و القتال مع أهل الكتاب، و شطر عظيم منها يتكلم في أمر المنافقين، و آيات في الاستنهاض على القتال و ما يتعرض لحال المخلفين، و آيات ولاية الكفار، و آيات الزكاة و غير ذلك، و معظمها ما يرجع إلى قتال الكفار و ما يرجع إلى المنافقين.

                          و على أي حال لا يترتب من جهة التفسير على هذا البحث فائدة مهمة و إن أمكن ذلك من جهة البحث الفقهي الخارج عن غرضنا.

                          قوله تعالى: «براءة من الله و رسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين» قال الراغب: أصل البرء و البراء و التبري -: التفصي مما يكره مجاورته، و لذلك قيل: برأت من المرض و برئت من فلان و تبرأت، و أبرأته من كذا و برأته، و رجل بريء و قوم براء و بريئون قال تعالى: براءة من الله و رسوله.

                          انتهى.

                          و الآية بالنسبة إلى الآيات التالية كالعنوان المصدر به الكلام المشير إلى خلاصة القول على نهج سائر السور المفصلة التي تشير الآية و الآيتان من أولها على إجمال الغرض المسرود لأجل بيانه آياتها.

                          و الخطاب في الآية للمؤمنين أو للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و لهم على ما يدل عليه قوله: «عاهدتم» و قد أخذ الله تعالى و منه الخطاب و رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) و هو الواسطة، و المشركون و هم الذين أريدت البراءة منهم، و وجه الخطاب ليبلغ إليهم جميعا في الغيبة، و هذه الطريقة في الأحكام و الفرامين المراد إيصالها إلى الناس نوع تعظيم لصاحب الحكم و الأمر.

                          و الآية تتضمن إنشاء الحكم و القضاء بالبراءة من هؤلاء المشركين و ليس بتشريع محض بدليل تشريكه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في البراءة فإن دأب القرآن أن ينسب الحكم التشريعي المحض إلى الله سبحانه وحده، و قد قال تعالى: «و لا يشرك في حكمه أحدا:» الكهف: - 26 و لا ينسب إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا الحكم بالمعنى الذي في الولاية و السياسة و قطع الخصومة.


                          فالمراد بالآية القضاء برفع الأمان عن الذين عاهدوهم من المشركين و ليس رفعا جزافيا و إبطالا للعهد من غير سبب يبيح ذلك فإن الله تعالى سيذكر بعد عدة آيات أنهم لا وثوق بعهدهم الذي عاهدوه و قد فسق أكثرهم و لم يراعوا حرمة العهد و نقضوا ميثاقهم، و قد أباح تعالى عند ذلك إبطال العهد بالمقابلة نقضا بنقض حيث قال: «و إما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين:» الأنفال: - 58 فأباح إبطال العهد عند مخافة الخيانة و لم يرض مع ذلك إلا بإبلاغ النقض إليهم لئلا يؤخذوا على الغفلة فيكون ذلك من الخيانة المحظورة.

                          و لو كان إبطالا لعهدهم من غير سبب مبيح لذلك من قبل المشركين لم يفرق بين من دام على عهده منهم و بين من لم يدم عليه، و قد قال تعالى مستثنيا: «إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا و لم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين».

                          و لم يرض تعالى بنقض عهد هؤلاء المعاهدين الناقضين لعهدهم دون أن ضرب لهم أجلا ليفكروا في أمرهم و يرتئوا رأيهم و لا يكونوا مأخوذين بالمباغتة و المفاجأة.

                          فمحصل الآية الحكم ببطلان العهد و رفع الأمان عن جماعة من المشركين كانوا قد عاهدوا المسلمين ثم نقضه أكثرهم و لم يبق إلى من بقي منهم وثوق تطمئن به النفس إلى عهدهم و تعتمد على يمينهم و تأمن شرهم و أنواع مكرهم.

                          قوله تعالى: «فسيحوا في الأرض أربعة أشهر و اعلموا أنكم غير معجزي الله و أن الله مخزي الكافرين» السياحة هي السير في الأرض و الجري و لذلك يقال للماء الدائم الجرية في ساحة: السائح.

                          و أمرهم بالسياحة أربعة أشهر كناية عن جعلهم في مأمن في هذه البرهة من الزمان و تركهم بحيث لا يتعرض لهم بشر حتى يختاروا ما يرونه أنفع بحالهم من البقاء أو الفناء مع ما في قوله: «و اعلموا أنكم غير معجزي الله و أن الله مخزي الكافرين» من إعلامهم أن الأصلح بحالهم رفض الشرك، و الإقبال إلى دين التوحيد، و موعظتهم أن لا يهلكوا أنفسهم بالاستكبار و التعرض للخزي الإلهي.

                          و قد وجه في الآية الخطاب إليهم بالالتفات من الغيبة إلى الخطاب لما في توجيه الخطاب القاطع و الإرادة الجازمة إلى الخصم من الدلالة على بسط الاستيلاء و الظهور عليه و استذلاله و استحقار ما عنده من قوة و شدة.

                          و قد اختلفت أقوال المفسرين في المراد بقوله: «أربعة أشهر» و الذي يدل عليه السياق و يؤيده اعتبار إصدار الحكم و ضرب الأجل ليكونوا في فسحة لاختيار ما وجدوه من الحياة أو الموت أنفع بحالهم: أن تبتدأ الأربعة الأشهر من يوم الحج الأكبر الذي يذكره الله تعالى في الآية التالية فإن يوم الحج الأكبر هو يوم الإبلاغ و الإيذان و الأنسب بضرب الأجل الذي فيه نوع من التوسعة للمحكوم عليهم و إتمام الحجة، أن تبتدأ من حين الإعلام و الإيذان.

                          و قد اتفقت كلمة أهل النقل أن الآيات نزلت سنة تسع من الهجرة فإذا فرض أن يوم الحج الأكبر هو يوم النحر العاشر من ذي الحجة كانت الأربعة الأشهر هي عشرون من ذي الحجة و المحرم و صفر و ربيع الأول و عشرة أيام من ربيع الآخر.

                          و عند قوم أن الأربعة الأشهر تبتدأ من يوم العشرين من ذي القعدة و هو يوم الحج الأكبر عندهم فالأربعة الأشهر هي عشرة أيام من ذي القعدة و ذو الحجة و المحرم و صفر و عشرون من ربيع الأول، و سيأتي ما فيه.


                          و ذكر آخرون: أن الآيات نزلت أول شوال سنة تسع من الهجرة فتكون الأربعة الأشهر هي شوال و ذو القعدة و ذو الحجة و المحرم فتنقضي بانقضاء الأشهر الحرم، و قد حدأهم إلى ذلك القول بأن المراد بقوله تعالى فيما سيأتي: «فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا» الأشهر الحرم المعروفة: ذو القعدة و ذو الحجة و المحرم فيوافي انسلاخ الأشهر الحرم انقضاء الأربعة الأشهر، و هذا قول بعيد عن الصواب لا يساعد عليه السياق و قرينة المقام كما عرفت.

                          قوله تعالى: «و أذان من الله و رسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين و رسوله» الأذان هو الإعلام، و ليست الآية تكرارا لقوله تعالى السابق «براءة من الله و رسوله» فإن الجملتين و إن رجعتا إلى معنى واحد و هو البراءة من المشركين إلا أن الآية الأولى إعلام البراءة و إبلاغه إلى المشركين بدليل قوله في ذيل الآية: «إلى الذين عاهدتم من المشركين» بخلاف الآية الثانية فإن وجه الخطاب فيه إلى الناس ليعلموا براءة الله و رسوله من المشركين، و يستعدوا و يتهيئوا لإنفاذ أمر الله فيهم بعد انسلاخ الأشهر الحرم بدليل قوله: «إلى الناس و قوله تفريعا: «فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم» إلى آخر الآية.

                          و قد اختلفوا في تعيين المراد بيوم الحج الأكبر على أقوال: منها: أنه يوم النحر من سنة التسع من الهجرة لأنه كان يوما اجتمع فيه المسلمون و المشركون و لم يحج بعد ذلك العام مشرك، و هو المؤيد بالأحاديث المروية عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) و الأنسب بأذان البراءة، و الاعتبار يساعد عليه لأنه كان أكبر يوم اجتمع فيه المسلمون و المشركون من أهل الحج عامة بمنى و قد ورد من طرق أهل السنة روايات في هذا المعنى غير أن مدلول جلها أن الحج الأكبر اسم يوم النحر فيتكرر على هذا كل سنة و لم يثبت من طريق النقل تسمية على هذا النحو.

                          و منها: أنه يوم عرفة لأن فيه الوقوف، و الحج الأصغر هو الذي ليس فيه وقوف و هو العمرة، و هو استحسان لا دليل عليه، و لا سبيل إلى تشخيص صحته.

                          و منها: أنه اليوم الثاني ليوم النحر لأن الإمام يخطب فيه و سقم هذا الوجه ظاهر.

                          و منها: أنه جميع أيام الحج كما يقال: يوم الجمل، و يوم صفين، و يوم بغاث، و يراد به الحين و الزمان، و هذا القول لا يقابل سائر الأقوال كل المقابلة فإنه إنما يبين أن المراد باليوم جميع أيام الحج، و أما وجه تسمية هذا الحج بالحج الأكبر فيمكن أن يوجه ببعض ما في الأقوال السابقة كما في القول الأول.

                          و كيف كان فالاعتبار لا يساعد على هذا القول لأن وجود يوم بين أيام الحج يجتمع فيه عامة أهل الحج يتمكن فيه من أذان براءة كل التمكن كيوم النحر يصرف قوله: «يوم الحج الأكبر» إلى نفسه، و يمنع شموله لسائر أيام الحج التي لا يجتمع فيها الناس ذاك الاجتماع.

                          ثم التفت سبحانه إلى المشركين ثانيا و ذكرهم أنهم غير معجزين لله ليكونوا على بصيرة من أمرهم كما ذكرهم بذلك في الآية السابقة بقوله: «و اعلموا أنكم غير معجزي الله و أن الله مخزي الكافرين» غير أنه زاد عليه في هذه الآية قوله: «فإن تبتم فهو خير لكم» ليكون تصريحا بما لوح إليه في الآية السابقة فإن التذكير بأنهم غير معجزي الله إنما كان بمنزلة العظة و بذل النصح لهم لئلا يلقوا بأيديهم إلى التهلكة باختيار البقاء على الشرك و التولي عن الدخول في دين التوحيد ففي الترديد تهديد و نصيحة و عظة.


                          ثم التفت سبحانه إلى رسوله فخاطبه أن يبشر الذين كفروا بعذاب أليم فقال: «و بشر الذين كفروا بعذاب أليم» و الوجه في الالتفات الذي في قوله: «فإن تبتم فهو خير لكم» إلخ ما تقدم في قوله: «فسيحوا في الأرض» إلخ، و في الالتفات الذي في قوله: «و بشر الذين كفروا» إلخ إنه رسالة لا تتم إلا من جهة مخاطبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

                          قوله تعالى: «إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا و لم يظاهروا عليكم أحدا» إلخ، استثناء من عموم البراءة من المشركين، و المستثنون هم المشركون الذين لهم عهد لم ينقضوه لا مستقيما و لا غير مستقيم فمن الواجب الوفاء بميثاقهم و إتمام عهدهم إلى مدتهم.

                          و قد ظهر بذلك أن المراد من إضافة قوله: «و لم يظاهروا عليكم أحدا» إلى قوله: «لم ينقصوكم شيئا» استيفاء قسمي النقض و هما النقض المستقيم كقتلهم بعض المسلمين، و النقض غير المستقيم نظير مظاهرتهم بعض أعداء المسلمين عليهم كإمداد مشركي مكة بني بكر على خزاعة بالسلاح، و كانت بنو بكر في عهد قريش و خزاعة في عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فحاربوا فأعانت قريش بني بكر على خزاعة و نقضت بذلك عهد حديبية الذي عقدوه بينهم و بين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، و كان ذلك من أسباب فتح مكة سنة ثمان.

                          و قوله تعالى: «إن الله يحب المتقين» في مقام التعليل لوجوب الوفاء بالعهد ما لم ينقضه المعاهد المشرك، و ذلك يجعل احترام العهد و حفظ الميثاق أحد مصاديق التقوى المطلق الذي لا يزال يأمر به القرآن و قد صرح به في نظائر هذا المورد كقوله تعالى: «و لا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى:» المائدة: - 8 و قوله: «و لا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا، و تعاونوا على البر و التقوى و لا تعاونوا على الإثم و العدوان و اتقوا الله:» المائدة: - 2.

                          و بذلك يظهر ما في قول بعضهم: إن المراد بالمتقين الذين يتقون نقض العهد من غير سبب، و ذلك أن التقوى بمعنى الورع عن محارم الله عامة كالحقيقة الثانية في القرآن فيحتاج إرادة خلافه إلى قرينة صارفة.

                          قوله تعالى: «فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم و خذوهم و احصروهم و اقعدوا لهم كل مرصد» أصل الانسلاخ من سلخ الشاة و هو نزع جلدها عنها، و انسلاخ الشهر نوع كناية عن خروجه، و الحصر هو المنع من الخروج عن محيط، و المرصد اسم مكان من الرصد بمعنى الاستعداد للرقوب.

                          قال الراغب: الرصد الاستعداد للترقب يقال: رصد له و ترصد و أرصدته له، قال عز و جل: «و إرصادا لمن حارب الله و رسوله من قبل»، و قوله عز و جل: «إن ربك لبالمرصاد تنبيها أنه لا ملجأ و لا مهرب، و الرصد يقال للراصد الواحد و الجماعة الراصدين و للمرصود واحدا كان أو جمعا، و قوله تعالى: «يسلك من بين يديه و من خلفه رصدا» يحتمل كل ذلك، و المرصد موضع الرصد.

                          انتهى.

                          و المراد بالأشهر الحرم هي الأربعة الأشهر: أشهر السياحة التي ذكرها الله سبحانه في قوله: «فسيحوا في الأرض أربعة أشهر» و جعلها أجلا مضروبا للمشركين لا يتعرض فيها لحالهم و أما الأشهر الحرم المعروفة أعني ذا القعدة و ذا الحجة و المحرم فإنها لا تنطبق على أذان براءة الواقع في يوم النحر عاشر ذي الحجة بوجه كما تقدمت الإشارة إليه.


                          و على هذا فاللام في الأشهر الحرم للعهد الذكري أي إذا انسلخ هذه الأشهر التي ذكرناها و حرمناها للمشركين لا يتعرض لحالهم فيها فاقتلوا المشركين إلخ.

                          و يظهر بذلك أن لا وجه لحمل قوله: «فإذا انسلخ الأشهر الحرم» على انسلاخ ذي القعدة و ذي الحجة و المحرم بأن يكون انسلاخ الأربعة الأشهر بانسلاخ الأشهر الثلاثة منطبقا عليه أو يكون انسلاخ الأشهر الحرم مأخوذا على نحو الإشارة إلى انقضاء الأربعة الأشهر و إن لم ينطبق الأشهر على الأشهر فإن ذلك كله مما لا سبيل إليه بحسب السياق و إن كان لفظ الأشهر الحرم في نفسه ظاهرا في شهور رجب و ذي القعدة و ذي الحجة و المحرم.

                          و قوله: «فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم» محقق للبراءة منهم و رفع الاحترام عن نفوسهم بإهدار الدماء فلا مانع من أي نازلة نزلت بهم، و في قوله: «حيث وجدتموهم» تعميم للحكم فلا مانع حاجب عن وجوب قتلهم حيثما وجدوا في حل أو حرم بل و لو ظفر بهم في الشهر الحرام - بناء على تعميم «حيث» للزمان و المكان كليهما - فيجب على المسلمين كائنين من كانوا إذا ظفروا بهم أن يقتلوهم، كان ذلك في الحل أو الحرم في الشهر الحرام أو غيره.

                          و إنما أمر بقتلهم حيث وجدوا للتوسل بذلك إلى إيرادهم مورد الفناء و الانقراض، و تطييب الأرض منهم، و إنجاء الناس من مخالطتهم و معاشرتهم بعد ما سمح و أبيح لهم ذلك في قوله: «فسيحوا في الأرض أربعة أشهر».

                          و لازم ذلك أن يكون كل من قوله: «فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم» و قوله: «و خذوهم» و قوله: «و احصروهم» و قوله: «و اقعدوا لهم كل مرصد» بيانا لنوع من الوسيلة إلى إفناء جمعهم و إنفاد عددهم، ليتفصى المجتمع من شرهم.

                          فإن ظفر بهم و أمكن قتلهم قتلوا، و إن لم يمكن ذلك قبض عليهم و أخذوا، و إن لم يمكن أخذهم حصروا و حبسوا في كهفهم و منعوا من الخروج إلى الناس و مخالطتهم و إن لم يعلم محلهم قعد لهم في كل مرصد ليظفر بهم فيقتلوا أو يؤخذوا.

                          و لعل هذا المعنى هو مراد من قال: إن المراد: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم أو خذوهم و احصروهم على وجه التخيير في اعتبار الأصلح من الأمرين، و إن كان لا يخلو عن تكلف من جهة اعتبار الأخذ و الحصر و القعود في كل مرصد أمرا واحدا في قبال القتل، و كيف كان فالسياق إنما يلائم ما قدمناه من المعنى.

                          و أما قول من قال: إن في قوله: «فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم و خذوهم، تقديما و تأخيرا، و التقدير: فخذوا المشركين حيث وجدتموهم و اقتلوهم فهو من التصرف في معنى الآية من غير دليل مجوز، و الآية و خاصة ذيلها يدفع ذلك سياقا.

                          و معنى الآية: فإذا انسلخ الأشهر الحرم و انقضى الأربعة الأشهر التي أمهلناهم بها بقولنا: «فسيحوا في الأرض أربعة أشهر» فأفنوا المشركين بأي وسيلة ممكنة رأيتموها أقرب و أوصل إلى إفناء جمعهم و إمحاء رسمهم من قتلهم أينما وجدتموهم من حل أو حرم و متى ما ظفرتم بهم في شهر حرام أو غيره و من أخذهم أو حصرهم أو القعود لهم في كل مرصد حتى يفنوا عن آخرهم.


                          يتبع...

                          تعليق


                          • قوله تعالى: «فإن تابوا و أقاموا الصلاة و آتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم» اشتراط في معنى الغاية للحكم السابق، و المراد بالتوبة معناها اللغوي و هو الرجوع أي إن رجعوا من الشرك إلى التوحيد بالإيمان و نصبوا لذلك حجة من أعمالهم و هي الصلاة و الزكاة و التزموا أحكام دينكم الراجعة إلى الخالق جميعا فخلوا سبيلهم.

                            و تخلية السبيل كناية عن عدم التعرض لسالكيه و إن عادت مبتذلة بكثرة التداول كان سبيلهم مسدودة مشغولة بتعرض المتعرضين فإذا خلي عنها كان ذلك ملازما أو منطبقا على عدم التعرض لهم.

                            و قوله: «إن الله غفور رحيم» تعليل لقوله: «فخلوا سبيلهم» إما من جهة الأمر الذي يدل عليه بصورته أو من جهة المأمور به الذي يدل عليه بمادته أعني تخلية سبيلهم.

                            و المعنى على الأول: و إنما أمر الله بتخلية سبيلهم لأنه غفور رحيم يغفر لمن تاب إليه و يرحمه.

                            و على الثاني: خلوا سبيلهم لأن تخليتكم سبيلهم من المغفرة و الرحمة، و هما من صفات الله العليا فتتصفون بذلك بصفة ربكم و أظهر الوجهين هو الأول.

                            قوله تعالى: «و إن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله» إلى آخر الآية، الآية تتضمن حكم الإجارة لمن استجار من المشركين لأن يسمع كلام الله، و هي بما تشتمل عليه من الحكم و إن كانت معترضة أو كالمعترضة بين ما يدل على البراءة و رفع الأمان عن المشركين إلا أنها بمنزلة دفع الدخل الواجب الذي لا يجوز إهماله فإن أساس هذه الدعوة الحقة و ما يصاحبها من الوعد و الوعيد و التبشير و الإنذار، و ما يترتب عليه من عقد العقود و إبرام العهود أو النقض و البراءة و أحكام القتال كل ذلك إنما هو لصرف الناس عن سبيل الغي و الضلال إلى صراط الرشد و الهدى، و إنجائهم من شقاء الشرك إلى سعادة التوحيد.

                            و لازم ذلك الاعتناء التام بكل طريق يرجى فيه الوصول إلى هداية ضال و الفوز بإحياء حق و إن كان يسيرا قليلا فإن الحق حق و إن كان يسيرا، و المشرك غير المعاهد و إن أبرأ الله منه الذمة و أهدر دمه و رفع الحرمة عن كل ما يعود إليه من مال و عرض لكنه تعالى إنما فعل به ذلك ليحيي حق و يبطل باطل فإذا رجي منه الخير منع ذلك من أي قصد سيىء يقصد به حتى يحصل اليأس من هدايته و إنجائه.

                            فإذا استجار المشرك لينظر فيما تندب إليه الدعوة الحقة و يتبعها إن اتضحت له كان من الواجب إجارته حتى يسمع كلام الله و يرتفع عنه غشاوة الجهل و تتم عليه الحجة فإذا تمادى بعد ذلك في ضلاله و أصر في استكباره صار ممن ارتفع عنه الأمان و برئت منه الذمة و وجب تطييب الأرض من قذارة وجوده بأية وسيلة أمكنت و أي طريق كان أقرب و أسهل و هذا هو الذي يفيده قوله تعالى: «و إن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون» الآية بما يكتنف به من الآيات.

                            فمعنى الآية: إن طلب منك بعض هؤلاء المشركين الذين رفع عنهم الأمان أن تأمنه في جوارك ليحضر عندك و يكلمك فيما تدعو إليه من الحق الذي يتضمنه كلام الله فأجره حتى يسمع كلام الله و يرتفع عنه غشاوة الجهل ثم أبلغه مأمنه حتى يملك منك أمنا تاما كاملا، و إنما شرع الله هذا الحكم و بذل لهم هذا الأمن التام لأنهم قوم جاهلون و لا بأس على جاهل إذا رجي منه الخير بقبول الحق لو وضح له.


                            و هذا غاية ما يمكن مراعاته من أصول الفضيلة و حفظ الكرامة و نشر الرحمة و الرأفة و شرافة الإنسانية اعتبره القرآن الكريم، و ندب إليه الدين القويم.

                            و قد بان بما قدمناه أولا: أن الآية مخصصة لعموم قوله في الآية السابقة: «فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم».

                            و ثانيا: أن قوله: «حتى يسمع كلام الله» غاية للاستجارة و الإجارة فيتغيا به الحكم، فالاستئمان إنما كان لسمع كلام الله و استفسار ما عند الرسول من مواد الرسالة فيتقدر الأمان الذي يعطاه المستجير المستأمن بقدره فإذا سمع من كلام الله ما يتبين به الرشد من الغي و يتميز به الهدى من الضلال انتهت مدة الاستجارة و حان أن يرد المستجير إلى مأمنه و المكان الخاص به الذي هو في أمن فيه، لا يهدده فيه سيوف المسلمين ليرجع إلى حاله الذي فارقه، و يختار لنفسه ما يشاء على حرية من المشية و الإرادة.

                            و ثالثا: أن المراد بكلام الله مطلق آيات القرآن الكريم، نعم يتقيد بما ينفع المستجير من الآيات التي توضح له أصول المعارف الإلهية و معالم الدين و الجواب عما يختلج في صدره من الشبهات كل ذلك بدلالة المقام و السياق.

                            و بذلك يظهر فساد ما قيل: إن المراد بكلام الله آيات التوحيد من القرآن، و كذا ما قيل: إن المراد به سورة براءة أو خصوص ما بلغوه في الموسم من آيات صدر السورة فإن ذلك كله تخصيص من غير مخصص.

                            و رابعا: أن المراد بسمع كلام الله الوقوف على أصول الدين و معالمه و إن أمكن أن يقال: إن لاستماع نفس كلام الله فيما إذا كان المستجير عربيا يفهم الكلام الإلهي دخلا في ذلك أما إذا كان غير عربي و لا يفهم الكلام العربي فالمستفاد من السياق أن الغاية في حقه مجرد تفقه أصول الدين و معالمه.

                            و خامسا: أن الآية محكمة غير منسوخة و لا قابلة له لأن من الضروري البين من مذاق الدين، و ظواهر الكتاب و السنة أن لا مؤاخذة قبل تمام الحجة، و لا تشديد أي تشديد كان إلا بعد البيان فالجاهل السالك في سبيل الفحص أو المستعلم للحق المستفهم للحقيقة لا يرد خائبا و لا يؤخذ غافلا فعلى الإسلام و المسلمين أن يعطوا كل الأمان لمن استأمنهم ليستحضر معارف الدين و يستعلم أصول الدعوة حتى يتبعها إن لاحت له فيها لوائح الصدق، و هذا أصل لا يقبل بطلانا و لا تغييرا ما دام الإسلام إسلاما فالآية محكمة غير قابلة للنسخ إلى يوم القيامة.

                            و من هنا يظهر فساد قول من قال: إن قوله: «و إن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله» الآية منسوخة بالآية الآتية: «و قاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة» الآية.

                            و سادسا: أن الآية إنما توجب إجارة المستجير إذا استجار لأمر ديني يرجى فيه خير الدين، و أما مطلق الاستجارة لا لغرض ديني و لا نفع عائد إليه فلا دلالة لها عليه أصلا بل الآيات السابقة الآمرة بالتشديد عليهم في محلها.


                            و سابعا: أن قوله في تتميم الأمر بالإجارة: «ثم أبلغه مأمنه» مع تمام قوله: «فأجره حتى يسمع» بدونه في الدلالة على المقصد يدل على كمال العناية بفتح باب الهداية على وجوه الناس، و التحفظ على حرية الناس في حياتهم و أعمالهم الحيوية، و الإغماض في طريقه عن كل حكم حتمي و عزيمة قاطعة ليهلك من هلك عن بينة و يحيا من حي عن بينة، و لا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل.

                            و ثامنا: أن الآية - كما قيل - تدل على أن الاعتقاد بأصل الدين يجب أن يكون عن علم يقيني لا يداخله شك و لا يمازجه ريب و لا يكفي فيه غيره و لو كان الظن الراجح، و قد ذم الله تعالى اتباع الظن، و ندب إلى اتباع العلم في آيات كثيرة كقوله تعالى: «و لا تقف ما ليس لك به علم:» إسراء: - 36 و قوله: «إن يتبعون إلا الظن و إن الظن لا يغني من الحق شيئا:» النجم: - 28 و قوله: «ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون:» الزخرف: - 20.

                            و لو كفى في أصل الدين الاعتقاد التقليدي لم يستقم الحكم بإجارة من استجار لتفهم أصول الدين و معارفه لجواز أن يكلف بالتقليد و الكف عن البحث عن أنه حق أو باطل هذا.

                            و لكن المقدار الواجب في ذلك أن يكون عن علم قطعي سواء كان حاصلا عن الاستدلال بطرق فنية أو بغير ذلك من الوجوه المفيدة للعلم و لو على سبيل الاتفاق، و هذا غير القول بأن الاستدلال على أصول المعارف لا يصح إلا من طريق العقل فإن صحة الاستدلال أمر، و جواز الاعتماد على العلم بأي طريق حصل أمر آخر.

                            قوله تعالى: «كيف يكون للمشركين عهد عند الله و عند رسوله» الآية، تبيين و توضيح لما مر إجمالا من الحكم بنقض عهد المشركين ممن لا وثوق بوفائه بعهده، و قتلهم إلى أن يؤمنوا بالله و يخضعوا لدين التوحيد، و استثناء من لم ينقض العهد و بقي على الميثاق حتى ينقضي مدة عهدهم.

                            فالآية و ما يتلوها إلى تمام ست آيات تبين ذلك و توضح الحكم و استثناء ما استثني منه و الغاية و المغيا جميعا.

                            فقوله: «كيف يكون للمشركين عهد عند الله و عند رسوله» استفهام في مقام الإنكار، و قد بادرت الآية إلى استثناء الذين عاهدوهم من المشركين عند المسجد الحرام لكونهم لم ينقضوا عهدا و لم يساهلوا فيما واثقوا به بدليل قوله تعالى: «فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم» و ذلك أن الاستقامة لمن استقام و السلم لمن يسالم من لوازم التقوى الديني، و لذلك علل قوله ذلك بقوله: «إن الله يحب المتقين» كما جاء مثله بعينه في الآية السابقة: «فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين».

                            قوله تعالى: «كيف و إن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا و لا ذمة» إلى آخر الآية، قال الراغب في المفردات:، الإل كل حالة ظاهرة من عهد حلف، و قرابة تئل: تلمع فلا يمكن إنكاره، قال تعالى: لا يرقبون في مؤمن إلا و لا ذمة، و آل الفرس: أسرع، حقيقته لمع، و ذلك استعارة في باب الإسراع نحو برق و طار.

                            انتهى.

                            و قال أيضا: الذمام - بكسر الذال - ما يذم الرجل على إضاعته من عهد، و كذلك الذمة و المذمة، و قيل: لي مذمة فلا تهتكها، و أذهب مذمتهم بشيء: أي أعطهم شيئا لما لهم من الذمام.

                            انتهى.

                            و هو ظاهر في أن الذمة مأخوذة من الذم بالمعنى الذي يقابل المدح.


                            و لعل إلقاء المقابلة في الآية بين الإل و الذمة للدلالة على أنهم لا يحفظون في المؤمنين شيئا من المواثيق التي يجب رقوبها و حفظها سواء كانت مبنية على أصول واقعية تكوينية كالقرابة التي توجب بوجه على القريب رعاية حال قريبه، أو على الجعل و الاصطلاح كالعهود و المواثيق المعقودة بحلف و نحوه.

                            و قد كررت لفظة «كيف» للتأكيد و لرفع الإبهام في البيان الناشىء من تخلل قوله: «إلا الذين عاهدتم» الآية بطولها بين قوله: «كيف يكون للمشركين» الآية و قوله: «و إن يظهروا عليكم» الآية.

                            فمعنى الآية: كيف يكون للمشركين عهد عند الله و عند رسوله و الحال أنهم إن يظهروا عليكم و يغلبوكم على الأمر لا يحفظوا و لا يراعوا فيكم قرابة و لا عهدا من العهود يرضونكم بالكلام المدلس و القول المزوق، و يأبى ذلك قلوبهم، و أكثرهم فاسقون.

                            و من هنا ظهر أن قوله: «يرضونكم بأفواههم» من المجاز العقلي نسب فيه الإرضاء إلى الأفواه و هو في الحقيقة منسوب إلى القول و الكلام الخارج من الأفواه المكون فيها.

                            و قوله: «يرضونكم» الآية تعليل لإنكار وجود العهد للمشركين و لذلك جيء به بالفصل، و التقدير: كيف يكون لهم عهد و هم يرضونكم بأفواههم و تأبى قلوبهم و أكثرهم فاسقون.

                            و أما قوله: «و أكثرهم فاسقون» ففيه بيان أن أكثرهم ناقضون للعهد و الميثاق بالفعل من غير أن ينتظروا ظهورهم جميعا عليكم فالآية توضح حال آحادهم و جميعهم بأن أكثرهم فاسقون بنقض العهد من غير أن يرقبوا في مؤمن إلا و لا ذمة، و لو أنهم ظهروا عليكم جميعا لم يرقبوا فيكم الإل و الذمة.

                            قوله تعالى: «اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا» إلى آخر الآيتين، بيان و تفسير لقوله في الآية السابقة: «و أكثرهم فاسقون» و كان قوله: «اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا» إلى آخر الآية توطئة و تمهيد لقوله في الآية الثانية: «لا يرقبون في مؤمن إلا و لا ذمة».

                            و بذلك يظهر أن الأقرب أن المراد بالفسق الخروج عن العهد و الذمة دون الفسق بمعنى الخروج عن زي عبودية الله سبحانه و إن كان الأمر كذلك.

                            و قوله: «و أولئك هم المعتدون» كالتفسير لجميع ما مر من أحوالهم الروحية و أعمالهم الجسمية، و تفيد الجملة مع ذلك جوابا عن سؤال مقدر أو ما يجري مجراه و المعنى: إذا كان هذا حالهم و هذه أفعالهم فلا تحسبوا أن لو نقضتم عهدهم اعتديتم عليهم فأولئك هم المعتدون عليكم لما أضمروه من العداوة و البغضاء و لما أظهره أكثرهم في مقام العمل من الصد عن سبيل الله، و عدم رعاية قرابة و لا عهد في المؤمنين.

                            قوله تعالى: «فإن تابوا و أقاموا الصلاة» إلى آخر الآيتين، الآيتان بيان تفصيلي لقوله فيما تقدم: «فإن تبتم فهو خير لكم و إن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله».

                            و المراد بالتوبة بدلالة السياق الرجوع إلى الإيمان بالله و آياته، و لذلك لم يقتصر على التوبة فقط بل عطف عليها إقامة الصلاة التي هي أظهر مظاهر عبادة الله، و إيتاء الزكاة الذي هو أقوى أركان المجتمع الديني، و قد أشير بهما إلى نوع الوظائف الدينية التي بإتيانها يتم الإيمان بآيات الله بعد الإيمان بالله عز اسمه فهذا معنى قوله: «تابوا و أقاموا الصلاة و آتوا الزكاة».

                            و أما قوله: «فإخوانكم في الدين» فالمراد به بيان التساوي بينهم و بين سائر المؤمنين في الحقوق التي يعتبرها الإسلام في المجتمع الإسلامي: لهم ما للمسلمين و عليهم ما على المسلمين.


                            و قد عبر في الآية عن ذلك بالأخوة في الدين، و قال في موضع آخر: «إنما المؤمنون إخوة:» الحجرات: - 10 اعتبارا بما بينهم من التساوي في الحقوق الدينية فإن الأخوين شقيقان اشتقا من مادة واحدة و هما لذلك متساويان في الشئون الراجعة إلى ذلك في مجتمع المنزل عند والدهما الذي هو رب البيت، و في مجتمع القرابة عند الأقرباء و العشيرة.

                            و إذ كان لهذا المعنى المسمى بلسان الدين أخوة أحكام و آثار شرعية اعتنى بها قانون الإسلام فهو اعتبار حقيقة لنوع من الأخوة بين أفراد المجتمع الإسلامي لها آثار مترتبة كما أن الأخوة الطبيعية فيما اعتبرها الإسلام لها آثار مترتبة عقلائية و دينية و ليست تسمية ذلك أخوة مجرد استعارة لفظية عن عناية مجازية، و فيما نقل عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): قوله: «المؤمنون إخوة يسعى بذمتهم أدناهم، و هم يد واحدة على من سواهم».

                            و قوله: «و إن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم و طعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم» الآية يدل السياق أنهم غير المشركين الذين أمر الله سبحانه في الآية السابقة بنقض عهدهم و ذكر أنهم هم المعتدون لا يرقبون في مؤمن إلا و لا ذمة فإنهم ناكثون للأيمان ناقضون للعهد، فلا يستقيم فيهم الاشتراط الذي ذكره الله سبحانه بقوله: «و إن نكثوا أيمانهم» الآية.

                            فهؤلاء قوم آخرون لهم مع ولي الأمر من المسلمين عهود و أيمان ينكثون أيمانهم من بعد عهدهم، أي ينقضون عهودهم من بعد عقدها فأمر الله سبحانه بقتالهم و ألغى أيمانهم و سماهم أئمة الكفر لأنهم السابقون في الكفر بآيات الله يتبعهم غيرهم ممن يليهم، يقاتلون جميعا لعلهم ينتهون عن نكث الأيمان و نقض العهود.

                            قوله تعالى: «أ لا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم و هموا بإخراج الرسول» الآية و ما بعدها إلى تمام أربع آيات تحريض للمؤمنين و تهييج لهم على قتال المشركين ببيان ما أجرموا به في جنب الله و خانوا به الحق و الحقيقة، و عد خطاياهم و طغياناتهم من نكث الأيمان و الهم بإخراج الرسول و البدء بالقتال أول مرة.

                            ثم بتعريف المؤمنين أن لازم إيمانهم بالله الذي يملك كل خير و شر و نفع و ضر أن لا يخشوا إلا إياه إن كانوا مؤمنين به ففي ذلك تقوية لقلوبهم و تشجيعهم عليهم، و ينتهي إلى بيان أنهم ممتحنون من عند الله بإخلاص الإيمان له و القطع من المشركين حتى يؤجروا بما يؤجر به المؤمن المتحقق في إيمانه.

                            قوله تعالى: «قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم» إلى آخر الآيتين.

                            أعاد الأمر بالقتال لأنه صار من جهة ما تقدم من التحريض و التحضيض أوقع في القبول فإن الأمر الأول كان ابتدائيا غير مسبوق بتمهيد و توطئة بخلاف الأمر الثاني الوارد بعد اشتداد الاستعداد و كمال التهيؤ من المأمورين.

                            على أن ما اتبع به الأمر من قوله: «يعذبهم الله بأيديكم و يخزهم» إلى قوله: «و يذهب غيظ قلوبهم» يؤكد الأمر و يغري المأمورين على امتثاله و إجرائه على المشركين فإن تذكرهم إن قتل المشركين عذاب إلهي لهم بأيدي المؤمنين، و إن المؤمنين أياد مجرية لله سبحانه و إن في ذلك خزيا للمشركين و نصرة من الله للمؤمنين عليهم و شفاء لصدور قوم مؤمنين و إذهابا لغيظ قلوبهم، يجرئهم للعمل و ينشطهم و يصفي إرادتهم.

                            و قوله: «و يتوب الله على من يشاء» الآية بمنزلة الاستثناء لئلا يجري حكم القتال على إطلاقه.


                            يتبع...

                            تعليق


                            • قوله تعالى: «أم حسبتم أن تتركوا و لما يعلم الله الذين جاهدوا منكم» إلى آخر الآية بمنزلة تعليل آخر لوجوب قتالهم لينتج تحريضهم على القتال و فيه بيان حقيقة الأمر، و محصله أن الدار دار الامتحان و الابتلاء فإن نفوس الآدميين تقبل الخير و الشر و السعادة و الشقاوة فهي في أول كينونتها ساذجة مبهمة، و مراتب القرب و الزلفى إنما تبذل بإزاء الإيمان الخالص بالله و آياته، و لا يظهر صفاء الإيمان إلا بالامتحان الذي يورد المؤمن مقام العمل، ليميز الله بذلك الطيب من الخبيث، و الصافي الإيمان ممن ليس عنده إلا مجرد الدعوى أو المزعمة.

                              فمن الواجب أن يمتحن هؤلاء المدعون أنهم باعوا أنفسهم و أموالهم لله بأن لهم الجنة، و يبتلوا بمثل القتال الذي يميز به الصادق من الكاذب و يفصل الذي قطع روابط المحبة و الصلة من أعداء الله سبحانه ممن في قلبه بقايا من ولايتهم و مودتهم حتى يحيا هؤلاء و يهلك أولئك.

                              فعلى المؤمنين أن يمتثلوا أمر القتال بل يتسارعوا إليه و يتسابقوا فيه ليظهروا بذلك صفاء جوهرهم و حقيقة إيمانهم و يحتجوا به على ربهم يوم لا نجاح فيه إلا بحجة الحق.

                              فقوله: «أم حسبتم أن تتركوا» أي بل أظننتم أن تتركوا على ما أنتم عليه من الحال و لما تظهر حقيقة صدقكم في دعوى الإيمان بالله و بآياته.

                              و قوله: «و لما يعلم الله» الآية أي و لما يظهر في الخارج جهادكم و عدم اتخاذكم من دون الله و لا رسوله و لا المؤمنين وليجة فإن تحقق الأشياء علم منه تعالى بها و قد مر نظير الكلام مع بسط ما في تفسير قوله تعالى: «أم حسبتم أن تدخلوا الجنة و لما يعلم الله الذين جاهدوا منكم» الآية: آل عمران: - 142 في الجزء الرابع من الكتاب.

                              و من الدليل على هذا الذي ذكرنا في معنى العلم قوله في ذيل الآية: «و الله خبير بما تعملون».

                              و الوليجة على ما في مفردات الراغب، كل ما يتخذه الإنسان معتمدا عليه و ليس من أهله.

                              بحث روائي


                              في تفسير القمي،: في قوله تعالى: «براءة من الله و رسوله»: حدثني أبي عن محمد بن الفضل عن ابن أبي عمير عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: نزلت هذه الآية بعد ما رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من غزوة تبوك في سنة تسع من الهجرة. قال: و كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما فتح مكة لم يمنع المشركين الحج في تلك السنة، و كان سنة من العرب في الحج أنه من دخل مكة و طاف البيت في ثيابه لم يحل له إمساكها، و كانوا يتصدقون بها و لا يلبسونها بعد الطواف فكان من وافى مكة يستعير ثوبا و يطوف فيه ثم يرده، و من لم يجده عارية و لا كرى و لم يكن له إلا ثوب واحد طاف بالبيت عريانا. فجاءت امرأة من العرب وسيمة جميلة فطلبت ثوبا عارية أو كرى فلم تجده فقالوا لها: إن طفت في ثيابك احتجت أن تتصدقي بها فقالت: كيف أتصدق و ليس لي غيرها؟ فطافت بالبيت عريانة و أشرف لها الناس فوضعت إحدى يديها على قبلها و الأخرى على دبرها و قالت شعرا: اليوم يبدو بعضه أو كله فما بدا منه فلا أحله فلما فرغت من الطواف خطبها جماعة فقالت: إن لي زوجا. و كانت سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل نزول سورة براءة أن لا يقاتل إلا من قاتله و لا يحارب إلا من حاربه و أراده، و قد كان أنزل عليه " في " ذلك «فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم و ألقوا إليكم السلم - فما جعل الله لكم عليهم سبيلا» فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يقاتل أحدا قد تنحى عنه و اعتزله حتى نزلت عليه سورة براءة و أمره بقتل المشركين من اعتزله و من لم يعتزله إلا الذين قد عاهدهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم فتح مكة إلى مدة: منهم صفوان بن أمية و سهيل بن عمرو فقال الله عز و جل: «براءة من الله و رسوله - إلى الذين عاهدتم من المشركين - فسيحوا في الأرض أربعة أشهر» ثم يقتلون حيثما وجدوا بعد. هذه أشهر السياحة: عشرين من ذي الحجة و المحرم و صفر و شهر ربيع الأول و عشرا من ربيع الآخر. فلما نزلت الآيات من سورة براءة دفعها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أبي بكر و أمره أن يخرج إلى مكة و يقرأها على الناس بمنى يوم النحر فلما خرج أبو بكر نزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا محمد لا يؤدي عنك إلا رجل منك. فبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمير المؤمنين (عليه السلام) في طلب أبي بكر فلحقه بالروحاء و أخذ منه الآيات فرجع أبو بكر إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا رسول الله، أنزل الله في شيئا؟ فقال: لا إن الله أمرني أن لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني. و في تفسير العياشي، عن حرير عن أبي عبد الله (عليه السلام): أن رسول الله بعث أبا بكر مع براءة إلى الموسم ليقرأها على الناس فنزل جبرئيل فقال: لا يبلغ عنك إلا علي فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا و أمر أن يركب ناقته العضباء، و أمره أن يلحق أبا بكر فيأخذ منه براءة و يقرأها على الناس بمكة فقال أبو بكر: أ سخط؟ فقال: لا إلا أنه أنزل عليه أنه لا يبلغ إلا رجل منك. فلما قدم على مكة و كان يوم النحر بعد الظهر و هو يوم الحج الأكبر قام ثم قال: إني رسول رسول الله إليكم فقرأها عليهم: «براءة من الله و رسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين - فسيحوا في الأرض أربعة أشهر» عشرين من ذي الحجة و المحرم و صفر و شهر ربيع الأول و عشرا من شهر ربيع الآخر، و قال: لا يطوف بالبيت عريان و لا عريانة و لا مشرك بعد هذا العام، و من كان له عهد عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فمدته إلى هذه الأربعة أشهر.

                              أقول: المراد تعيين المدة للعهود التي لا مدة لها بقرينة ما سيأتي من الرواية، و أما العهود التي لها مدة فاعتبارها إلى مدتها مدلول لنفس الآيات الكريمة.

                              و في تفسيري العياشي، و المجمع، عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: خطب علي (عليه السلام) بالناس و اخترط سيفه و قال: لا يطوفن بالبيت عريان، و لا يحجن بالبيت مشرك، و من كانت له مدة فهو إلى مدته، و من لم يكن له مدة فمدته أربعة أشهر، و كان خطب يوم النحر، و كانت عشرون من ذي الحجة و المحرم و صفر و شهر ربيع الأول و عشر من شهر ربيع الآخر، و قال: يوم النحر يوم الحج الأكبر.

                              أقول: و الروايات من طرق أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في هذه المعاني فوق حد الإحصاء.

                              و في الدر المنثور، أخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد المسند و أبو الشيخ و ابن مردويه عن علي رضي الله عنه قال: لما نزلت عشر آيات من براءة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) دعا أبا بكر رضي الله عنه ليقرأها على أهل مكة ثم دعاني فقال: لي أدرك أبا بكر فحيثما لقيته فخذ الكتاب منه. و رجع أبو بكر رضي الله عنه فقال: يا رسول الله نزل في شيء؟ قال: لا و لكن جبرئيل جاءني فقال: لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك. و فيه، أخرج ابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعث أبا بكر رضي الله عنه ببراءة إلى أهل مكة ثم بعث عليا رضي الله عنه على أثره فأخذها منه فكأن أبا بكر وجد في نفسه فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يا أبا بكر إنه لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني. و فيه، أخرج ابن مردويه عن أبي رافع رضي الله عنه قال: بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أبا بكر رضي الله عنه ببراءة إلى الموسم فأتى جبرئيل (عليه السلام) فقال: إنه لا يؤديها إلا أنت أو رجل منك فبعث عليا رضي الله عنه على أثره حتى لحقه بين مكة و المدينة فأخذها فقرأها على الناس في الموسم. و فيه، أخرج ابن حبان و ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال: بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أبا بكر رضي الله عنه يؤدي عنه براءة فلما أرسله بعث إلى علي رضي الله عنه فقال: يا علي لا يؤدي عني إلا أنا أو أنت، فحمله على ناقته العضباء فسار حتى لحق بأبي بكر رضي الله عنه فأخذ منه براءة. فأتى أبو بكر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و قد دخله من ذلك مخافة أن يكون قد أنزلت فيه شيء فلما أتاه قال: ما لي يا رسول الله؟ قال: خير أنت أخي و صاحبي في الغار و أنت معي على الحوض غير أنه لا يبلغ عني إلا رجل مني.


                              أقول: و هناك روايات أخرى في معنى ما تقدم، و قد نقل في تفسير البرهان، عن ابن شهرآشوب أنه رواه الطبرسي، و البلاذري، و الترمذي، و الواقدي، و الشعبي، و السدي، و الثعلبي، و الواحدي، و القرطبي، و القشيري، و السمعاني، و أحمد بن حنبل، و ابن بطة، و محمد بن إسحاق، و أبو يعلى الموصلي، و الأعمش، و سماك بن حرب في كتبهم عن عروة بن الزبير، و أبي هريرة، و أنس، و أبي رافع، و زيد بن نفيع، و ابن عمر، و ابن عباس، و اللفظ له: أنه لما نزل: «براءة من الله و رسوله» إلى تسع آيات أنفذ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أبا بكر إلى مكة لأدائها فنزل جبرئيل و قال: إنه لا يؤديها إلا أنت أو رجل منك فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأمير المؤمنين: اركب ناقتي العضباء و الحق أبا بكر و خذ براءة من يده. قال: و لما رجع أبو بكر إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جزع و قال: يا رسول الله إنك أهلتني لأمر طالت الأعناق فيه فلما توجهت إليه رددتني منه؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): الأمين هبط إلي عن الله تعالى: أنه لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك و علي مني و لا يؤدي عني إلا علي.

                              و فيما نقلناه من الروايات و ما تركناه منها و هو أكثر و فيما سيجيء في هذا الباب نكتتان أصليتان.

                              إحداهما: أن بعث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا ببراءة و عزله أبا بكر إنما كان بأمر من ربه بنزول جبرئيل: «أنه لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك» و لم يقيد الحكم في شيء من الروايات ببراءة أو نقض العهد فلم يرد في شيء منها: لا يؤدي براءة أو لا ينقض العهد إلا أنت أو رجل منك فلا دليل على تقييده ببراءة على ما وقع في كثير من التفاسير و يؤيد الإطلاق ما سيأتي.

                              و ثانيتهما: أن عليا (عليه السلام) كما كان ينادي ببراءة، كذلك كان ينادي بحكم آخر و هو أن من كان له مدة فهو إلى مدته و من لم يكن له مدة فمدته أربعة أشهر: و هذا أيضا مما يدل عليه آيات براءة.

                              و بحكم آخر و هو أنه لا يطوفن بالبيت عريان، و هو أيضا حكم إلهي مدلول عليه بقوله تعالى: «يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد:» الأعراف: - 31 و قد ورد في بعض الروايات ذكر الآية مع الحكم كما سيجيء.

                              و حكم آخر أنه لا يطوف أو لا يحج البيت مشرك بعد هذا العام و هو مدلول قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا:» التوبة: - 28.

                              و هناك أمر خامس ذكر في بعض روايات الباب أنه (عليه السلام) كان ينادي به و هو أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن و هذا و إن لم يذكر في سائر الروايات، و الاعتبار لا يساعد على ذلك لنزول آيات كثيرة مكية و مدنية في ذلك و خفاء الأمر في ذلك على المشركين إلى سنة تسع من الهجرة كالمحال عادة لكن ذلك أيضا مدلول للآيات الكريمة، و على أي حال لم تكن رسالة علي (عليه السلام) مقصورا على تأدية آيات براءة بل لها و لتبليغ ثلاثة أو أربعة أحكام قرآنية أخرى، و الجميع مشمول لما أنزل به جبرئيل عن الله سبحانه على رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم): أنه لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك، إذ لا دليل على تقييد الكلام على إطلاقه أصلا.

                              و في الدر المنثور، أخرج الترمذي و حسنه و ابن أبي حاتم و الحاكم و صححه و ابن مردويه و البيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنه: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعث أبا بكر رضي الله عنه و أمره أن ينادي بهؤلاء الكلمات ثم أتبعه عليا رضي الله عنه و أمره أن ينادي بها فانطلقا فحجا فقام علي رضي الله عنه في أيام التشريق فنادى: أن الله بريء من المشركين و رسوله فسيحوا في الأرض أربعة أشهر و لا يحجن بعد العام مشرك، و لا يطوفن بالبيت عريان، و لا يدخل الجنة إلا مؤمن فكان علي رضي الله عنه ينادي بها.

                              أقول: و الخبر قريب المضمون مما استفدناه من الروايات.

                              و فيه، أخرج عبد الرزاق و ابن المنذر و ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة: أن أبا بكر رضي الله عنه أمره أن يؤذن ببراءة في حجة أبي بكر. قال أبو هريرة: ثم أتبعنا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا رضي الله عنه أمره أن يؤذن ببراءة و أبو بكر رضي الله عنه على الموسم كما هو أو قال: على هيئته -.


                              أقول: و قد ورد في عدة من طرق أهل السنة: أن النبي استعمل أبا بكر على الحج عامه ذلك فكان هو أمير الحاج و علي ينادي ببراءة و قد روت الشيعة أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) استعمل للإمارة عليا كما أنه حمله تأدية آيات براءة و قد ذكر ذلك الطبرسي في مجمع البيان و رواه العياشي عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام)، و ربما تأيد ذلك بما ورد أن عليا كان يقضي في سفره ذلك و أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) دعا له في ذلك، إذ من المعلوم أن مجرد الرسالة بتأدية براءة لا تتضمن الحكم بالقضاء بين الناس، و أوفق ما يكون ذلك في تلك الأيام بالإمارة، و الرواية ما سيأتي: في تفسير العياشي، عن الحسن عن علي ع: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حين بعثه ببراءة قال: يا نبي الله إني لست بلسن و لا بخطيب قال (صلى الله عليه وآله وسلم): يأبى الله ما بي إلا أن أذهب بها أو تذهب أنت قال: فإن كان لا بد فسأذهب أنا قال: فانطلق فإن الله يثبت لسانك و يهدي قلبك ثم وضع يده على فمه فقال: انطلق و اقرأها على الناس، و قال (صلى الله عليه وآله وسلم): الناس سيتقاضون إليك فإذا أتاك الخصمان فلا تقض لواحد حتى تسمع الآخر فإنه أجدر أن تعلم الحق.

                              أقول: و هذا المعنى مروي من طرق أهل السنة كما في الدر المنثور، عن أبي الشيخ عن علي رضي الله عنه قال: بعثني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى اليمن ببراءة فقلت: يا رسول الله تبعثني و أنا غلام حديث السن و أسأل عن القضاء و لا أدري ما أجيب؟ قال: ما بد من أن تذهب بها أو أذهب بها. قلت: إن كان لا بد أنا أذهب، قال: انطلق فإن الله يثبت لسانك و يهدي قلبك، ثم قال: انطلق و اقرأها على الناس.

                              إلا أن اشتمال الرواية على لفظ اليمن يسيء الظن بها إذ من البين من لفظ آيات براءة أنها مقرة على أهل مكة يوم الحج الأكبر بمكة و أين ذلك من اليمن و أهلها و كان لفظ الرواية كان: «إلى مكة» فوضع موضعه «إلى اليمن» تصحيحا لما اشتملت عليه من حديث القضاء.

                              و في الدر المنثور، أخرج أحمد و النسائي و ابن المنذر و ابن مردويه عن أبي هريرة قال: كنت مع علي رضي الله عنه حين بعثه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، بعث عليا بأربع: لا يطوف بالبيت عريان، و لا يجتمع المسلمون و المشركون بعد عامهم، و من كان بينه و بين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عهد فهو إلى عهده، و إن الله و رسوله بريء من المشركين.

                              أقول: و هذا المعنى مروي عن أبي هريرة بعدة طرق بألفاظ مختلفة لا تخلو من شيء في متنها - على ما سيجيء - و أمتن الروايات متنا هذه التي أوردناها.

                              و فيه، أخرج أحمد و النسائي و ابن المنذر و ابن مردويه عن أبي هريرة قال: كنت مع علي حين بعثه رسول الله إلى أهل مكة ببراءة فكنا ننادي أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، و لا يطوف بالبيت عريان، و من كان بينه و بين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عهد فإن أمره أو أجله إلى أربعة أشهر فإذا مضت الأربعة أشهر فإن الله بريء من المشركين و رسوله و لا يحج هذا البيت بعد العام مشرك.

                              أقول: و في متن الرواية اضطراب بين، أما أولا: فلاشتمالها على النداء بأنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، و قد سبق أنه نزلت في معناه آيات كثيرة مكية و مدنية منذ سنين و قد سمعها الحضري و البدوي و المشرك و المؤمن فأي حاجة متصورة إلى إبلاغها أهل الجمع.

                              و أما ثانيا: فلأن النداء الثاني أعني قوله: و من كان بينه و بين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عهد إلخ، لا ينطبق لا على مضامين الآيات و لا على مضامين الروايات المتظافرة السابقة، على أنه قد جعل فيه البراءة بعد مضي أربعة أشهر.

                              و أما ثالثا: فلما سنذكره ذيلا.


                              و فيه، أخرج البخاري و مسلم و ابن المنذر و ابن مردويه و البيهقي في الدلائل عن أبي هريرة قال: بعثني أبو بكر رضي الله عنه في تلك الحجة في مؤذنين بعثهم يوم النحر يؤذنون بمنى أن لا يحج بعد هذا العام مشرك، و لا يطوف بالبيت عريان ثم أردف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه فأمره أن يؤذن ببراءة فأذن معنا علي في أهل منى يوم النحر ببراءة، و أن لا يحج بعد العام مشرك و لا يطوف بالبيت عريان. و في تفسير المنار، عن الترمذي عن ابن عباس: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعث أبا بكر إلى أن قال فقام علي أيام التشريق فنادى: ذمة الله و ذمة رسوله بريئة من كل مشرك فسيحوا في الأرض أربعة أشهر، و لا يحجن بعد العام مشرك، و لا يطوفن بالبيت عريان و لا يدخل الجنة إلا كل مؤمن فكان علي ينادي بها فإذا بح قام أبو هريرة فنادى بها. و فيه، أيضا عن أحمد و النسائي من طريق محرز بن أبي هريرة عن أبيه قال: كنت مع علي حين بعثه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى مكة ببراءة فكنا ننادي أن لا يدخل الجنة إلا كل نفس مسلمة، و لا يطوف بالبيت عريان، و من كان بينه و بين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عهد فعهده إلى مدته، و لا يحج بعد العام مشرك فكنت أنادي حتى صحل صوتي.

                              أقول: قد عرفت أن الذي وقع في الروايات على كثرتها في قصة بعث علي و عزل أبي بكر من كلمة الوحي الذي نزل به جبرئيل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هو قوله: «لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك» و كذا ما ذكره النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حين أجاب أبا بكر لما سأله عن سبب عزله، إنما هو متن ما أوحى إليه الله سبحانه، أو قوله - و هو في معناه -: «لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني».

                              و كيفما كان فهو كلام مطلق يشمل تأدية براءة و كل حكم إلهي احتاج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أن يؤديه عنه مؤد غيره، و لا دليل لا من متون الروايات و لا غيرها يدل على اختصاص ذلك ببراءة، و قد اتضح أن المنع عن طواف البيت عريانا و المنع عن حج المشركين بعد ذلك العام و كذا تأجيل من له عهد إلى مدة أو من غير مدة كل ذلك أحكام إلهية نزل بها القرآن فما معنى إرجاع أمرها إلى أبي بكر أو نداء أبي هريرة بها وحده أو ندائه ببراءة و سائر الأحكام المذكورة في الجمع إذا بح علي (عليه السلام) حتى يصحل صوته من كثرة النداء؟ و لو جاز لأبي هريرة أن يقوم بها و الحال هذه فلم لم يجز لأبي بكر ذلك؟.

                              نعم أبدع بعض المفسرين كابن كثير و أترابه هنا وجها وجهوا به ما تتضمنه هذه الروايات انتصارا لها و هو أن قوله: «لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني» مخصوص بتأدية براءة فقط من غير أن يشمل سائر الأحكام التي كان ينادي بها علي (عليه السلام)، و أن تعيينه (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا بتبليغ آيات براءة أهل الجمع إنما هو لما كان من عادة العرب أن لا ينقض العهد إلا عاقده أو رجل من أهل بيته و مراعاة هذه العادة الجارية هي التي دعت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يأخذ براءة و فيها نقض ما للمشركين من عهد - من أبي بكر و يسلمها إلى علي ليستحفظ بذلك السنة العربية فيؤديها عنه بعض أهل بيته.

                              قالوا: و هذا معنى قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما سأله أبو بكر قائلا: يا رسول الله هل نزل في شيء؟ قال: «لا و لكن لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني» و معناه أني إنما عزلتك و نصبت عليا لذلك لئلا أنقض هذه السنة العربية الجارية.

                              و لذلك لم ينفصل أبو بكر من شأنه فقد كان قلده إمارة الحاج و كان لأبي بكر مؤذنون يؤذنون بهذه الأحكام كأبي هريرة و غيره من الرجال الذين لم يذكر أسماؤهم في الروايات، و كان على أحد من عنده لهذا الشأن، و لذا ورد في بعضها: أنه خطب بمنى و لما فرغ من خطبته التفت إلى علي و قال: قم يا علي و أد رسالة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

                              و هذا ما ذكروه و وجهوا به الروايات.


                              يتبع...

                              تعليق


                              • و الباحث الناقد إذا راجع هذه الآيات و الروايات ثم تأمل ما جرت من المشاجرات الكلامية بين الفريقين: أهل السنة و الشيعة في باب الأفضلية لم يرتب في أنهم خلطوا بين البحث التفسيري الذي شأنه تحصيل مداليل الآيات القرآنية، و البحث الروائي الذي شأنه نقد معاني الأحاديث و تمييز غثها من سمينها، و بين البحث الكلامي الناظر في أن أبا بكر أفضل من علي أو عليا أفضل من أبي بكر؟ و في أن إمارة الحاج أفضل أو الرسالة في تبليغ آيات براءة؟ و لمن كان إمارة الحج إذ ذاك لأبي بكر أو لعلي؟ أما البحث الكلامي فلسنا نشتغل به في هذا المقام فهو خارج عن غرضنا، و أما البحث الروائي أو التفسيري فيما يرتبط به الآيات إلى أسباب نزولها مما يتعلق بمعاني الآيات فالذي ينبغي أن يقال بالنظر إليه أنهم أخطئوا في هذا التوجيه.

                                فليت شعري من أين تسلموا أن هذه الجملة التي نزل بها جبرئيل: «أنه لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك» مقيدة بنقض العهد لا يدل على أزيد من ذلك، و لا دليل عليه من نقل أو عقل فالجملة ظاهرة أتم ظهور في أن ما كان على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يؤديه لا يجوز أن يؤديه إلا هو أو رجل منه سواه، كان نقض عهد من جانب الله كما في مورد براءة أو حكما آخر إلهيا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يؤديه و يبلغه.

                                و هذا غير ما كان من أقسام الرسالة منه (صلى الله عليه وآله وسلم) مما ليس عليه أن يؤديه بنفسه الشريفة كالكتب التي أرسل بها إلى الملوك و الأمم و الأقوام في الدعوة إلى الإسلام و كذا سائر الرسالات التي كان يبعث بها رجالا من المؤمنين إلى الناس في أمور يرجع إلى دينهم و الإمارات و الولايات و نحو ذلك.

                                ففرق جلي بين هذه الأمور و بين براءة و نظائرها فإن ما تتضمنه آيات براءة و أمثال النهي عن الطواف عريانا، و النهي عن حج المشركين بعد العام أحكام إلهية ابتدائية لم تبلغ بعد و لم تؤد إلى من يجب أن تبلغه، و هم المشركون بمكة و الحجاج منهم، و لا رسالة من الله في ذلك إلا لرسوله، و أما سائر الموارد التي كان يكتفي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ببعث الرسل للتبليغ فقد كانت مما فرغ (صلى الله عليه وآله وسلم) فيها من أصل التبليغ و التأدية، بتبليغه من وسعه تبليغه ممن حضر كالدعوة إلى الإسلام و سائر شرائع الدين و كان يقول: «ليبلغ الشاهد منكم الغائب» ثم إذا مست الحاجة إلى تبليغه بعض من لا وثوق عادة ببلوغ الحكم إليه أو لا أثر لمجرد البلوغ إلا أن يعتني لشأنه بكتاب أو رسول أو توسل عند ذلك إلى رسالة أو كتاب كما في دعوة الملوك.

                                و ليتأمل الباحث المنصف قوله «لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك» فقد قيل: «لا يؤدي عنك إلا أنت» و لم يقل: «لا يؤدي إلا أنت أو رجل منك» حتى يفيد اشتراك الرسالة، و لم يقل: «لا يؤدي منك إلا رجل منك» حتى يشمل سائر الرسالات التي كان (صلى الله عليه وآله وسلم) يقلدها كل من كان من صالحي المؤمنين فإنما مفاد قوله: «لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك» أن الأمور الرسالية التي يجب عليك نفسك أن تقوم بها لا يقوم بها غيرك عوضا منك إلا رجل منك أي لا يخلفك فيما عليك كالتأدية الابتدائية إلا رجل منك.

                                ثم ليت شعري ما الذي دعاهم إلى أن أهملوا كلمة الوحي التي هي قول الله نزل به جبرئيل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك» و ذكروا مكانها أنه «كانت السنة الجارية عند العرب أن لا ينقض العهد إلا عاقده أو رجل من أهل بيته» تلك السنة العربية التي لا خبر عنها في أيامهم و مغازيهم و لا أثر إلا ما ذكره ابن كثير و نسبه إلى العلماء عند البحث عن آيات براءة!.


                                ثم لو كانت سنة عربية جاهلية على هذا النعت فما وزنها في الإسلام و ما هي قيمتها عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و قد كان ينسخ كل يوم سنة جاهلية و ينقض كل حين عادة قومية، و لم تكن من جملة الأخلاق الكريمة أو السنن و العادات النافعة بل سليقة قبائلية تشبه سلائق الأشراف و قد قال (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم فتح مكة عند الكعبة على ما رواه أصحاب السير: «إلا كل مأثرة أو دم أو مال يدعى فهو تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت و سقاية الحاج».

                                ثم لو كانت سنة عربية غير مذمومة فهل كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذهل عنها و نسيها حين أسلم الآيات إلى أبي بكر و أرسله، و خرج هو إلى مكة حتى إذا كان في بعض الطريق ذكر (صلى الله عليه وآله وسلم) ما نسيه أو ذكره بعض من عنده بما أهمله و ذهل عنه من أمر كان من الواجب مراعاته؟ و هو (صلى الله عليه وآله وسلم) المثل الأعلى في مكارم الأخلاق و اعتبار ما يجب أن يعتبر من الحزم و حسن التدبير، و كيف جاز لهؤلاء المذكرين أن يغفلوا عن ذلك و ليس من الأمور التي يغفل عنها و تخفى عادة فإنما الذهول عنه كغفلة المقاتل عن سلاحه؟.

                                و هل كان ذلك بوحي من الله إليه أنه يجب له أن لا يلغي هذه السنة العربية الكريمة، و أن ذلك أحد الأحكام الشرعية في الباب و أنه يحرم على ولي أمر المسلمين أن ينقض عهدا إلا بنفسه أو بيد أحد من أهل بيته؟ و ما معنى هذا الحكم؟.

                                أو أنه حكم أخلاقي اضطر إلى اعتباره لما أن المشركين ما كانوا يقبلون هذا النقض إلا بأن يسمعوه من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه أو من أحد من أهل بيته؟ و قد كانت السيطرة يومئذ له (صلى الله عليه وآله وسلم) عليهم، و الزمام بيده دونهم، و الإبلاغ إبلاغ.

                                أو أن المؤمنين المخاطبين بقوله: «عاهدتم» و قوله: «و أذان من الله و رسوله إلى الناس» و قوله: «فاقتلوا المشركين» ما كانوا يعتبرون هذا النقض نقضا دون أن يسمعوه منه (صلى الله عليه وآله وسلم) أو من واحد من أهل بيته و إن علموا بالنقض إذا سمعوا الآيات من أبي بكر؟.

                                و لو كان كذلك فكيف قبله و اعتبره نقضا من سمعه من أبي هريرة الذي كان ينادي به حتى صحل صوته؟ و هل كان أبو هريرة أقرب إلى علي و أمس به من أبي بكر إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فالحق أن هذه الروايات الحاكية لنداء أبي هريرة و غيره غير سديدة لا ينبغي الركون إليها.

                                قال صاحب المنار في تفسيره: جملة الروايات تدل على أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جعل أبا بكر أميرا على الحج سنة تسع و أمره أن يبلغ المشركين الذين يحضرون الحج أنهم يمنعون منه بعد ذلك العام ثم أردفه بعلي ليبلغهم عنه نبذ عهودهم المطلقة و إعطاءهم مهلة أربعة أشهر لينظروا في أمرهم، و إن العهود الموقتة أجلها نهاية وقتها، و يتلو عليهم الآيات المتضمنة لمسألة نبذ العهود و ما يتعلق بها من أول سورة براءة.

                                و هي أربعون أو ثلاث و ثلاثون آية، و ما ذكر في بعض الروايات من التردد بين ثلاثين و أربعين فتعبير بالأعشار مع إلغاء كسرها من زيادة و نقصان.

                                و ذلك لأن من عادة العرب أن العهود و نبذها إنما تكون من عاقدها أو أحد عصبته القريبة، و أن عليا كان مختصا بذلك مع بقاء إمارة الحج لأبي بكر الذي كان يساعده على ذلك و يأمر بعض الصحابة كأبي هريرة بمساعدته.

                                انتهى.


                                و قال أيضا: إن بعض الشيعة يكبرون هذه المزية لعلي (عليه السلام) كعادتهم و يضيفون إليها ما لا تصح به رواية، و لا تؤيده دراية فيستدلون بها على تفضيله على أبي بكر رضي الله عنهما و كونه أحق بالخلافة منه، و يزعمون أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عزل أبا بكر من تبليغ سورة براءة لأن جبرئيل أمره بذلك، و أنه لا يبلغ عنه إلا هو أو رجل منه و لا يخصون هذا النفي بتبليغ نبذ العهود و ما يتعلق به بل يجعلونه عاما لأمر الدين كله.

                                مع استفاضة الأخبار الصحيحة بوجوب تبليغ الدين على المسلمين كافة كالجهاد في حمايته و الدفاع عنه، و كونه فريضة لا فضيلة فقط و منها قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حجة الوداع على مسمع الألوف من الناس: «ألا فليبلغ الشاهد الغائب» و هو مكرر في الصحيحين و غيرهما، و في بعض الروايات عن ابن عباس: فوالذي نفسي بيده أنها لوصيته إلى أمته «فليبلغ الشاهد الغائب» إلخ و حديث: «بلغوا عني و لو آية» رواه البخاري في صحيحه و الترمذي، و لو لا ذلك لما انتشر الإسلام ذلك الانتشار السريع في العالم.

                                بل زعم بعضهم - كما قيل - إنه (صلى الله عليه وآله وسلم) عزل أبا بكر من إمارة الحج و ولاها عليا، و هذا بهتان صريح مخالف لجميع الروايات في مسألة عملية عرفها الخاص و العام.

                                و الحق أن عليا كرم الله وجهه كان مكلفا بتبليغ أمر خاص، و كان في تلك الحجة تابعا لأبي بكر في إمارته العامة في إقامة ركن الإسلام الاجتماعي العام حتى كان أبو بكر يعين له الوقت الذي يبلغ ذلك فيه فيقول: يا علي قم فبلغ رسالة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كما تقدم التصريح به في الروايات الصحيحة كما أمر بعض الصحابة بمساعدته على هذا التبليغ كما تقدم في حديث أبي هريرة في الصحيحين و غيرهما.

                                ثم ساق الكلام و استدل بإمارة أبي بكر في تلك الحجة و ضم إليها صلاته موضع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قبيل وفاته - على تقدمه و أفضليته من جميع الصحابة على من سواه انتهى.

                                أما قوله: مع استفاضة الأخبار بوجوب تبليغ الدين على المسلمين كافة إلى آخر ما قال فيكشف عن أنه لم يحصل معنى كلمة الوحي: «لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك» حق التحصيل، و لم يفرق بين قولنا: «لا يؤدي منك إلا رجل منك» و بين قوله: «لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك» فزعم أن الكلام بإطلاقه يمنع عن كل تبليغ ديني يتصداه غير النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو رجل منه فدفع ذلك باستفاضة الأخبار بوجوب تبليغ الدين على المسلمين كافة و قيد به إطلاق قوله: «لا يؤدي عنك» إلخ فجعله خاصا بتبليغ نبذ العهد بعد تحويل الحكم الإلهي إلى سنة عربية جاهلية.

                                و قد ساقه اشتباه معنى الكلمة إلى أن زعم أن إبقاء الكلام على إطلاقه منشؤه الغفلة عن أمر هو كالضروري عند عامة المسلمين أعني وجوب التبليغ العام حتى استدل على ذلك بما في الصحيحين و غيرهما من قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «فليبلغ الشاهد الغائب»، و قد عرفت ما هو حق المعنى لكلمة الوحي.

                                و أما قوله: «بل زعم بعضهم كما قيل إنه عزل أبا بكر من إمارة الحج و ولاها عليا و هذا بهتان صريح مخالف لجميع الروايات في مسألة عملية عرفها العام و الخاص» فليس ذلك زعما من البعض و لا بهتانا كما بهته بل رواية روتها الشيعة و قد أوردناها في ضمن الروايات المتقدمة.


                                و ليس التوغل في مسألة الإمارة مما يهمنا في تفهم معنى قوله: «لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك» فإمارة الحاج سواء صحت لأبي بكر أو لعلي، دلت على فضل أو لم تدل إنما هي من شعب الولاية الإسلامية العامة التي شأنها التصرف في أمور المجتمع الإسلامي الحيوية، و إجراء الأحكام و الشرائع الدينية، و لا حكومة لها على المعارف الإلهية و مواد الوحي النازلة من السماء في أمر الدين.

                                إنما هي ولاية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ينصب يوما أبا بكر أو عليا لإمارة الحاج، و يؤمر يوما أسامة على أبي بكر و عامة الصحابة في جيشه، و يولي يوما ابن أم مكتوم على المدينة و فيها من هو أفضل منه، و يولي هذا مكة بعد فتحها، و ذاك اليمن، و ذلك أمر الصدقات، و قد استعمل (صلى الله عليه وآله وسلم) أبا دجانة الساعدي أو سباع بن عرفطة الغفاري على ما في سيرة ابن هشام على المدينة عام حجة الوداع، و فيها أبو بكر لم يخرج إلى الحج على ما رواه البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي و غيرهم و إنما تدل على إذعانه (صلى الله عليه وآله وسلم) بصلاحية من نصبه لأمر لتصديه و إدارة رحاه.

                                و أما الوحي السماوي بما يشتمل عليه من المعارف و الشرائع فليس للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و لا لمن دونه صنع فيه و لا تأثير فيه مما له من الولاية العامة على أمور المجتمع الإسلامي بإطلاق أو تقييد أو إمضاء أو نسخ أو غير ذلك، و لا تحكم عليه سنة قومية أو عادة جارية حتى توجب تطبيقه على ما يوافقها أو قيام العصبة مقام الإنسان فيما يهمه من أمر.

                                و الخلط بين البابين يوجب نزول المعارف الإلهية من أوج علوها و كرامتها إلى حضيض الأفكار الاجتماعية التي لا حكومة فيها إلا للرسوم و العادات و الاصطلاحات، فيعود الإنسان يفسر حقائق المعارف بما يسعه الأفكار العامية و يستعظم ما استعظمه المجتمع دون ما عظمه الله، و يستصغر ما استصغره الناس حتى يقول القائل في معنى كلمة الوحي أنه عادة عربية محترمة.

                                و أنت إذا تأملت هذه القصة - أخذ آيات براءة من أبي بكر و إعطاءها عليا على ما تقصها الروايات - وجدت فيها من مساهلة الرواة و توسعهم في حفظ القصة بما لها من الخصوصيات - إن لم يستند إلى غرض آخر - أمرا عجيبا ففي بعضها - و هو الأكثر - أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) بعث أبا بكر بالآيات ثم بعث عليا و أمره أن يأخذها منه و يتلوها على الناس فرجع أبو بكر إلخ، و في بعضها أنه بعث أبا بكر بإمارة الحج ثم بعث عليا بعده بآيات براءة و في بعضها: أن أبا بكر أمره بالتبليغ و أمر بعض الصحابة أن يشاركه في النداء حتى آل الأمر إلى مثل ما رواه الطبري و غيره عن مجاهد في قوله تعالى: «براءة من الله و رسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين» إلى أهل العهد خزاعة و مدلج و من كان له عهد و غيرهم.

                                أقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من تبوك حين فرغ منها فأراد الحج ثم قال: إنه يحضر البيت مشركون يطوفون عراة فلا أحب أن أحج حتى لا يكون ذلك فأرسل أبا بكر و عليا فطافا في الناس بذي المجاز و بأمكنتهم التي كانوا يبيعون بها و بالموسم كله فأذنوا أصحاب العهد أن يأمنوا أربعة أشهر و هي الأشهر الحرم المنسلخات المتواليات: عشرون من آخر ذي الحجة إلى عشر تخلو من ربيع الأول ثم عهد لهم و آذن الناس كلهم بالقتال إلى أن يموتوا.


                                و إذا كان هذا هو الحال فما معنى قوله: «بهتان صريح مخالف لجميع الروايات في مسألة عملية عرفها العام و الخاص»؟ فإن كان يعني: عرفها العام و الخاص في عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ممن شاهد الأمر أو سمع ذلك ممن شاهده و وصفه فما ذا ينفعنا ذلك؟.

                                و إن كان يعني: أن العام و الخاص ممن يلي عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو يلي من يليه عرفا ذلك و لم يشك أحد في ذلك فهذا حال الروايات المنقولة عنهم لا يجتمع على كلمة.

                                منها ما يحكى أن عليا اختص بتأدية براءة و أخرى تدل على أن أبا بكر شاركه فيه، و أخرى تدل على أن أبا هريرة شاركه في التأدية و رجال آخرون لم يسموا في الروايات.

                                و منها ما يدل على أن الآيات كانت تسع آيات، و أخرى عشرا، و أخرى ست عشرة، و أخرى ثلاثين، و أخرى ثلاثا و ثلاثين، و أخرى سبعا و ثلاثين، و أخرى أربعين، و أخرى سورة براءة.

                                و منها ما يدل على أن أبا بكر ذهب لوجهه أميرا على الحاج و أخرى على أنه رجع حتى أوله بعضهم كابن كثير أنه رجع بعد إتمام الحج، و آخرون أنه رجع ليسأل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن سبب عزله، و في رواية أنس الآتية أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) بعث أبا بكر ببراءة ثم دعاه فأخذها منه.

                                و منها ما يدل على أن الحجة وقعت في ذي الحجة و أن يوم الحج الأكبر تمام أيام تلك الحجة أو يوم عرفة أو يوم النحر أو اليوم التالي ليوم النحر أو غير ذلك و أخرى أن أبا بكر حج في تلك السنة في ذي القعدة.

                                و منها ما يدل على أن أشهر السياحة تأخذ من شوال، و أخرى من ذي القعدة، و أخرى من عاشر ذي الحجة، و أخرى من الحادي عشر من ذي الحجة و غير ذلك.

                                و منها ما يدل على أن الأشهر الحرم هي ذو القعدة و ذو الحجة و المحرم من تلك السنة و، أخرى على أنها أشهر السياحة تبتدأ من يوم التبليغ أو يوم النزول.

                                فهذا حال اختلاف الروايات، و مع ذلك كيف يستقيم دعوى أنه أمر عرفه العام و الخاص، و بعض المحتملات السابقة و إن كان قولا من مفسري السلف إلا أن المفسرين يعاملون أقوالهم معاملة الروايات الموقوفة.

                                و أما قوله: و الحق أن عليا كان مكلفا بتبليغ أمر خاص و كان في تلك الحجة تابعا لأبي بكر في إمارته إلى آخر ما قال فلا ريب أن الذي بعث به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا من الأحكام كان أمرا خاصا و هو تلاوة آيات براءة و سائر ما يلحق بها من الأمور الأربعة المتقدمة غير أن الكلام في أن كلمة الوحي: «لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك» لا تختص في دلالتها بتأدية آيات براءة على ما تقدم بيانه فلا ينبغي الخلط بين ما يدل عليه الكلمة و بين ما أمر به علي في خصوص تلك السفرة.

                                و أما قوله: و كان في تلك الحجة تابعا «إلخ» فأمر استفادة من كلام أبي هريرة و ما يشبه، و قد عرفت الكلام فيه.

                                و في الدر المنثور، أخرج ابن أبي شيبة و أحمد و الترمذي و حسنه و أبو الشيخ و ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال: بعث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ببراءة مع أبي بكر رضي الله عنه ثم دعاه فقال: لا ينبغي لأحد أن يبلغ هذا إلا رجل من أهلي فدعا عليا فأعطاه إياه.


                                يتبع...

                                تعليق

                                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                                حفظ-تلقائي
                                x

                                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                                صورة التسجيل تحديث الصورة

                                اقرأ في منتديات يا حسين

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 09:44 PM
                                استجابة 1
                                9 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                                بواسطة ibrahim aly awaly
                                 
                                أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 07:21 AM
                                ردود 2
                                12 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                                بواسطة ibrahim aly awaly
                                 
                                يعمل...
                                X