أول مقابلة مع سماحة السيد العلامة يحيى بن الحسين الديلمي بعد الحكم عليه بالإعدام
هذا نص المقابلة الشخصية للسيد العلامة / يحي الديلمي، من داخل السجن المركزي:
صحيفة الشورى
لقاء صحفي أقامته صحيفة الشورى مع العلامه/
يحي الديلمي خطيب جامع قبة المهدي
درس العلامة يحي حسين الديلمي في اليمن من الابتدائية إلى الجامعة وحصل على ليسانس آداب لغة عربيه جامعة صنعاء وليسانس آداب دراسات أسلامية وأخذ العلوم على أيدي كبار علماء اليمن ,منهم مفتي الجمهورية العلامة المجتهد أحمد بن محمد زباره رحمه الله , والعلامة المجتهد محمد محمد إسماعيل المنصور, والعلامة المجتهد مجد الدين بن الحسين المؤيدي, والعلامة المجتهد حمود عباس المؤيد, ومفتي الديار اليمنية القاضي العلامة المجتهد محمد بن أحمد الجزافي, والعلامة المجتهد يحيى بن محمد بن يحيى الديلمي رحمة الله عليه, وغيرهم .
- متزوج وله ستة أولاد .
- ساكن في منزل إيجار بصنعاء القديمة إيجاره خمسة آلاف ريال.
الحكم الذي صدر بحق الأستاذ العلامة الديلمي والعلامة مفتاح نسف هامش الأمل في استعادة السلطة لرشدها السياسي وأصاب طموحات الحرية والعدل واستقلال القضاء في مقتل العلامة الديلمي
((الشورى )) أجرت هذا الحوار مع العلامة الديلمي عقب صدور الحكم الذي اتفق الجميع على أنه حمل رسالة واضحة لكل أصحاب الرأي.
* أولا.. لماذا الحكم بالإعدام ؟
00 أنا ابحث عن سبب وجيه وقانوني لذلك..لم اقتل...لم أفسد..لم أتآمر,مارست حرية التعبير كصاحب رأي وكان لي موقف من الحرب في صعده وقد طالبت بإيقافها والرجوع إلى الحكمه والحوار لأن القتلى من اليمنيين عسكريين ومدنيين خسارة على اليمن ولا منتصر في هذه الحرب.
واعتبرت هذه الحرب في جزء منها تحمل بعداً مذهبيًًاً فكريًاً يهدد السلم الاجتماعي من حيث استهداف جزء من النسيج الفكري للمجتمع وهو الفكر الزيدي وأتباعه. وأنه إذا انتهت الحروب في صعده سينتقلون إلى جميع من ينتمي إلى الفكر الزيدي وأن الهجمة ستكون على الهاشميين في أي فكر ومن يقف معهم, وسيلصقون بهم تهمه الحوثية والانتماء إلى الشباب المؤمن, معتبرا أن الصمت يشجع على أن تكون الحرب وسيله تحل محل الحوار والقوه مكان العقل ..
لقد رأيت في هذه الحرب و الاعتقالات والتحريض وغيرها من الممارسات استهدافا لفكر العدل والتوحيد والفكر الحر الذي يدعو إلى الاجتهاد إلى أن يكون الناس جميعا أحرارا, علماء فقهاء, مبدعين في جميع مجالات الحياة وأن يرفضوا أشكال الطغيان والاستبداد لأن الإنسان حر مملوك لله وحده , ولا يحوز أن يخضع إلا لله وحده
أما الحكم بالإعدام فهو رسالة إلى كل صاحب فكر حر من أي فئة ومن أي تيار أو مذهب أو طائفية. وسبق أن قلت لإخواني حين قرأت مرافعة المحامي(( المخبر )) المنصب من قبل القاضي,(( الفندم )) أن المحامي طالب بالإعدام في آخر مرافعته. مما يثبت انه رقيب أول في الأمن السياسي وليس محاميا .. وأن المحاكمة محاولة لإخراج قرارات سياسية لا أكثر وتلبيسها بلباس القضاء.
* أنت متهم بالتحريض ؟
00أنا أحرض على أي فتنة اجتماعية لأني قمت بإعلان رأي وهو مشروع في إطار الحريات السياسية, أرجو أن لا تبتر إجابتي كما صنع الأمن السياسي حيث اختصر وبتر ولفق ثم أغمض عيني ثم وضع إبهامي على أمور لا أدري ما هي ؟ التحريض ما يكون مسبقا وليس لا حقا !
أنا حرضت في المظاهرات والخطابات أصحاب الفخامة والجلالة والسمو الملوك والرؤساء والأمراء والقادة كي يكونوا يدا واحدة ضد الهجمة الصهيونية على العرب والمسلمين .
وحرضت الجماهير العربية والإسلامية أن يقفوا يدا واحدة أمام الاستسلام العربي للصهيونية وأن يرفضوا هذا الاستسلام وان يقاطعوا كل ما هو أمريكي وصهيوني, سياسة وصناعة وثقافة .. كنا نلام على الابتعاد عن السياسة والحزبية وكنت اعتقد أني أؤدي دوري في التوعية والنصح من منبر مقدس لا يقبل الغش والتعسف والتآمر وهو منبر المسجد .. لم تكن لنا مطامع سياسية ومصالح شخصية تحركنا .. نحب الوحدة والسلام والأمن والخير للجميع .. نعتقد أن البلد يحتاج إلى إصلاحات شاملة , يحتاج الناس إلى قضاء مستقل .. وقاضي ضميره حي .. و إرادة سياسية تحترم القانون وتصون الحقوق ولا تقبل بانتهاك الحريات والأعراض .. كنت وغيري نعتقد إننا برفض الفساد والإفساد والظلم نعين الرئيس والسلطة والمسئولين والشعب على العمل الصالح . كنت أفهم أن التظاهر والاعتصام وسائل سلمية قانونية .. وأنها وسائل حضارية للتعبير عن الآراء والمواقف تجاه أمريكا والغرب حول سياستها تجاه قضايا العرب والمسلمين ومقدساتهم من منطلق رفض العنف والإرهاب .. والتشدد تجاه الإنسان .. أنا مسئوليتي توعوية.. تعليمية.. دعوية.. جمع الشمل, الحث على الحب والسلام والإخلاص واجتماع الكلمة لكن هذه تحولت جميعا إلى تهم : الفكر تهمه والمذهب والنسب تهمه... والرأي تهمه ومنبر الجامع تهمه... والمعرفة والمجاملة تهمه.. استحقيت عليها جميعا الإعدام.
* اتهمت بالتخابر مع إيران.. ما قصة هذه التهمه وهل لك علاقة مع إيران وحزب الله ؟
00 إيران دولة وحزب الله حزب في دولة وأنا يمني أعيش في اليمن ولا علاقة لي بحزب الله وإيران إلا أني معجب بإيران من حيث وقوفها مع الشعب الفلسطيني واهتمامها بمقدسات الأمه ومواقفها الثابتة كدولة مسلمة أمام الهجمة الصهيونية ضد المسلمين .
كما أني معجب جدا بحزب الله الذي وقف في وجه الاحتلال الإسرائيلي ولقنه درسا أحيا في قلوب المسلمين معنى الحرية والكرامة .
ومعلوم أن رئيس الجمهورية قد قام بزيارة رسمية إلى إيران وأقام معهم معاهدات واتفاقات أمنيه واقتصادية وثقافية..
وأعلن ذلك عبر وسائل الإعلام وعرف العالم وشهد على ذلك.. كما زار الرئيس الإيراني اليمن, وكذلك رئيس مجلس الشورى الإيراني وغيرهم.. ولم يسبق أن سمعت أن إيران دولة معادية لليمن أو أن مجرد السفر إليها جريمة عقابها الإعدام, إلا في جهاز الأمن السياسي .
ومعلوم أن اليمن ممثلة برئيسها قد مدح حزب الله حتى اعتقد الناس بعد سماع خطاباته بأنه يدعم حزب الله ماديا ومعنويا .
* استند الحكم في منطوقه إلى سفرك إلى إيران كدليل على التخابر ؟
00 نعم سافرت قبل سنوات إلى إيران بدعوة رسمية من إيران سلمني إياها احد العاملين بالسفارة الإيرانية في اليمن , وكان ذلك لحضور مؤتمر عن فلسطين وكنا ثلاثة من اليمن : الأستاذ الصحفي عباس الشامي ( المؤتمر الشعبي العام )
وحاتم أبو حاتم رئيس اللجنة الشعبية لمقاومة التطبيع , وأنا كأحد العلماء في اليمن , وقد قام الأمن السياسي بأخذ صورة للدعوة والفيزة في مطار صنعاء ولم يكن هناك أي إشارة حينذاك إلى المنع أو غير ذلك .
كما أني زرت السفارة الإيرانية في صنعاء للمشاركة في احتفالات بالعيد الوطني لبلادها بدعوة , وقد حضرت برفقة مفتي الجمهورية آنذاك العلامة احمد بن محمد زباره رحمه الله وجمع من العلماء وأساتذة الجامعة والمحامين والسياسيين والصحفيين .. وقد شاركت أكثر من مرة في هذه المناسبة , وكان حضور اليمنيين كثيرا رسميين وحزبيين وغير ذلك , ولم نكن نعلم أن مجرد المشاركة مع الآخرين جريمة يعاقب عليها البعض . كان فهمنا أن إيران دولة مشغولة بقضاياها ولا مصلحة لها في الإضرار باليمن , وفجأة يقال العكس وكان المفروض على الدولة اليمنية أن تعلن لليمنيين أن إيران دولة معادية كي يأخذ اليمنيون حذرهم والخلاصة تهمة التخابر هي نوع من الكيد السياسي المفضوح وهي أسخف من أن تستحق وقفه مطولة لإنكارها.
* وماذا عن تهمة التحريض على العنصرية والمذهبية ؟
00العنصرية كما اعرفها هي التفريق بين لون ولون وجنس وجنس أو فئة وفئة في المعامله والحكم والقانون .
وأنا مواطن لم اشغل إلى اليوم أي منصب ولم أضع إلى اليوم أي قانون ولم اكتب إلى اليوم أي كتاب يدعو إلى العنصرية أو طائفية .. إيماني شديد بالمساواة والعدل والحرية وارفض أن يسخر قوم من قوم أو فرد من فرد واكره الاستعلاء والكيد والظلم والفساد .
وأما المذهبية فانا مقتنع بتعايش جميع الاجتهادات داخل المجتمع الإسلامي لان التنوع هذا يجعل المجتمع مجتمعا قويا في معارفه وقيمه وأخلاقه واقتصاده .. آمنا مستقرا , خاليا من الفساد والظلم والكبر والاستغلال والاستبداد ليكون مجتمعا كالجسد الواحد صافي الذهن نقي الفؤاد سليم العقل والجسد نافعا للإنسانية جمعاء .
واسمحوا لي هنا أن ادعوا العلماء والمثقفين والسياسيين وكل الشرفاء إلى تحمل مسؤولياتهم تجاه هذا البلد وان يسعوا بكل ما أوتوا من قوة وطاقة لمنع أي تدهور أو سفك للدماء أو فساد أو ظلم لان الوطن هو العدل والإسلام والقانون والمساواة والحقوق خاصة حقوق الضعفاء الفقراء والمساكين المدنيين ..وأدعو الجميع أن انهضوا بهذا البل وعرفوا العالم أن اليمن فعلا بلد الإيمان والحكمة والعلم وهي مأوى الفارين من الفتن كما اخبر بذالك سيد المرسلين صلى الله عليه وعلى آله وسلم ..
* وماذا عن العلاقة بحسين بدر الدين الحوثي ؟
00 أنا لم التقي بالسيد حسين بدر الدين الحوثي إلا مرة واحدة. وقد التقيته في صنعاء حين انتخب عضوا لمجلس النواب قبل 97م
* هل لنا أن نعود قليلا إلى بداية اعتقالك وطبيعة التهم التي وجهت لك خلال التحقيقات في جهاز الأمن السياسي ؟
00 جاءت مجموعة مسلحة عند خروجي من صلاة الفجر من مسجد الفليحي يوم الخميس 2004/9/9 وقال احدهم :
غالب القمش يريدك, أخذوني وقبعت في سجن الأمن السياسي أربعة اشهر.
أغمضوا عيني وقادوني إلى غرفة كان فيها مجموعة من المحققين.
قالوا لي أنهم سيلقون القبض على العلامة محمد بن محمد المنصور والعلامة حمود عباس المؤيد كما سيلقون القبض على زوجتي الدكتورة آمال حجر وعلى عدد من العلماء وطالبات العلم ثم انهالوا علي بالتهم.
و أول تهمه قالوا لي أنت الجناح السياسي لحسين بدر الدين االحوثي, ثم تهمة العلاقة بإيران وحزب الله.
التحقيقات كانت تتم معنا ليلا ونهارا ولساعات عديدة. وكنت فعلا أخاف على العلماء والنساء, وإرهاب طلاب العلم وطالبات العلم ومع ذالك لم اقل إلا الحقيقة.
بخصوص تهمة ((الجناح السياسي لحسين بدر الدين الحوثي )) والتهمة الثانية (( العلاقة بإيران وحزب الله ))..
لم يكن لديهم أكثرا من التهمة لتبرير الاعتقال وهم يعلمون جيدا أن لا صحة لما يقولون, تؤكد ذلك هزالة التحقيقات وما استندت إليه, إلى درجة عدم القبول بتسليم ملف القضية لهيئة الدفاع كي لا ينشر ويكشف الناس ما حمله من مهازل سموها أدلة.
التهمة الثالثة إنشاء تنظيم شباب صنعاء, وإقامة المظاهرات والفعاليات.. وهي المظاهرات والفعاليات التي قام بها شباب صنعاء القديمة وغيرهم مناصرة للشعب الفلسطيني المسلم وضد الهجمة الأمريكية على العالم الإسلامي واحتلال أرضيه في أفغانستان والعراق وغيرها.
وهي الفعاليات التي توقفت منذ شهر مارس 2003 .. مع العلم أن هذه الفعاليات حضرها مسئولون كبار وأعضاء مجلس نواب وشخصيات اجتماعية وغيرهم. ومعلوم أن ((شباب صنعاء)) لم يكن تنظيما بالمعنى المعروف هي تسمية اطلقت على تجمع للشباب قاموا بالتعبير عن آرائهم التي كفلها لهم الشرع والدستور.
وهم مواطنون من سكان صنعاء اجتمعوا ليعبروا عن آرائهم تجاه السياسة الأمريكية الظالمة والاحتلال الإسرائيلي, وسكوت العرب والمسلمين على انتهاكات الأمريكيين وبشاعة الأعمال الصهيونية واعتداءاتهم المستمرة على الفلسطينيين والمقدسات. وكانوا يجدون من الفعاليات البسيطة فرصا لتفريغ الشحنات الغاضبة تجاه السياسة \الأمريكية والصهيونية خاصة وان ((شباب صنعاء)) فعالية شعبية وليست حزبية أو سياسية وكل الفعاليات التي قام بها هؤلاء الشباب كانت د بتصريحات من الدولة ودعم من الدولة ممثلة بأمين العاصمة والتوجيه المعنوي للقوات المسلحة وكانت وكالة سبأ للأنباء تقوم بتغطيتها خبريا, وصورها التلفزيون اليمني ونشر أخبارا عن هذه الفعاليات في الفضائية اليمنية وكذلك وسائل الإعلام الرسمية وهي فعاليات سلمية لاتخرج عن ما سمح به القانون والدستور للمواطنين .
*هل تعتقدون أن خلف القضية أي بعد شخصي من جانب رئيس الجمهورية وأي من المسئولين ؟
00 بالعكس كنت في آخر مرة ممن حضروا لقاءه بالعلماء ولا توجد مشكلة شخصية مع الرئيس أو غيره من المسئولين وعندما تكون لي وجهة نظر تخالف النظرة السياسية لا اطرحها ضد شخص بعينه وإنما ضد سلطة.. ومن ناحية الرئيس لا ادري ما عنده.. أو ما أوغل صدره ضدنا ؟ ولا أقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل .
* إلى أين سيمضي هذا الاستهداف الرسمي حسب توقعاتك ؟
00 أنا لا افتح المندل ولا اضرب بالرمل... تستطيع كغيرك أن تقرأ المعطيات المطروحة في الواقع اليوم.. ونتساءل لمصلحة من هذا كله لما لا يحارب الفساد ولا يواجه المفسدون.. لماذا يعتقل الناس.. حتى الأطفال والنساء؟. لماذا الحرب ؟. لماذا يستهدف فكر وتيار وفئة ؟. وهل هذا يخدم المواطنة المتساوية ورفع درجة الشعور باحترام القانون والدستور.. هل الحرب والاعتقال والاستهداف والمحاكمات العسكرية إنجازات تنموية وترسيخ للوحدة الوطنية ؟.. أنا صاحب رأي ومفتاح صاحب رأي وشرف النعمي صاحب رأي.. مذهبنا زيدي نعم..لسنا حزبيين نعم.. لكنا لسنا ضد التعددية والديمقراطية ولا نكفر أحداً نرفض العنف والتشدد, نحن يمنيون جزء من هذا الشعب وهذه الأمة وما نتعرض له اختبار لمدنية وضمير وفاعلية جميع القوى السياسية والمدنية..للعلماء لكل الأحرار ومصداقيتهم, والحكم رسالة لهؤلاء جميعا..أنا متأكد أن عقوبة الإعدام لن تحقق التنمية والرخاء.. للشعب اليمني ولن تمنح شهادة اكتمال الديمقراطية وأنا معتقد تماما أن دمي وسجني لم يكن من الأهداف الستة للثورة والجمهورية..واعرف تماما أني شرعا في ذمة الرئيس علي عبد الله صالح وان الله سبحانه وتعالى سيسأله عني وعن مظلمتي ودمي وحياتي.. وترويع أطفالي وفجيعة عائلتي ...
* كلمة أخيرة ؟
00 أنا أحب بلادي اليمن, التي انزل الله في أهلها آيات من القرآن الكريم يمدحهم فيها كما أن الرسول العربي صلى الله عليه وآله وسلم مدح اليمن واليمنيين في مائة وعشرين حديثا .
واليمن في قلبي وعقلي أحب لها أن تكون في أعلى مكان ومقام وان تكون بلدا طيباً سعيداً قوياً متماسكاً حراً نزيهاً مليئاً بالعلماء والأدباء والكتاب والمبدعين وفي كل المجالات..واسأل الله أن يجنب اليمن كل فتنة وطغيان وفساد واحتلال ... آمين
هذا نص المقابلة الشخصية للسيد العلامة / يحي الديلمي، من داخل السجن المركزي:
صحيفة الشورى
لقاء صحفي أقامته صحيفة الشورى مع العلامه/
يحي الديلمي خطيب جامع قبة المهدي
درس العلامة يحي حسين الديلمي في اليمن من الابتدائية إلى الجامعة وحصل على ليسانس آداب لغة عربيه جامعة صنعاء وليسانس آداب دراسات أسلامية وأخذ العلوم على أيدي كبار علماء اليمن ,منهم مفتي الجمهورية العلامة المجتهد أحمد بن محمد زباره رحمه الله , والعلامة المجتهد محمد محمد إسماعيل المنصور, والعلامة المجتهد مجد الدين بن الحسين المؤيدي, والعلامة المجتهد حمود عباس المؤيد, ومفتي الديار اليمنية القاضي العلامة المجتهد محمد بن أحمد الجزافي, والعلامة المجتهد يحيى بن محمد بن يحيى الديلمي رحمة الله عليه, وغيرهم .
- متزوج وله ستة أولاد .
- ساكن في منزل إيجار بصنعاء القديمة إيجاره خمسة آلاف ريال.
الحكم الذي صدر بحق الأستاذ العلامة الديلمي والعلامة مفتاح نسف هامش الأمل في استعادة السلطة لرشدها السياسي وأصاب طموحات الحرية والعدل واستقلال القضاء في مقتل العلامة الديلمي
((الشورى )) أجرت هذا الحوار مع العلامة الديلمي عقب صدور الحكم الذي اتفق الجميع على أنه حمل رسالة واضحة لكل أصحاب الرأي.
* أولا.. لماذا الحكم بالإعدام ؟
00 أنا ابحث عن سبب وجيه وقانوني لذلك..لم اقتل...لم أفسد..لم أتآمر,مارست حرية التعبير كصاحب رأي وكان لي موقف من الحرب في صعده وقد طالبت بإيقافها والرجوع إلى الحكمه والحوار لأن القتلى من اليمنيين عسكريين ومدنيين خسارة على اليمن ولا منتصر في هذه الحرب.
واعتبرت هذه الحرب في جزء منها تحمل بعداً مذهبيًًاً فكريًاً يهدد السلم الاجتماعي من حيث استهداف جزء من النسيج الفكري للمجتمع وهو الفكر الزيدي وأتباعه. وأنه إذا انتهت الحروب في صعده سينتقلون إلى جميع من ينتمي إلى الفكر الزيدي وأن الهجمة ستكون على الهاشميين في أي فكر ومن يقف معهم, وسيلصقون بهم تهمه الحوثية والانتماء إلى الشباب المؤمن, معتبرا أن الصمت يشجع على أن تكون الحرب وسيله تحل محل الحوار والقوه مكان العقل ..
لقد رأيت في هذه الحرب و الاعتقالات والتحريض وغيرها من الممارسات استهدافا لفكر العدل والتوحيد والفكر الحر الذي يدعو إلى الاجتهاد إلى أن يكون الناس جميعا أحرارا, علماء فقهاء, مبدعين في جميع مجالات الحياة وأن يرفضوا أشكال الطغيان والاستبداد لأن الإنسان حر مملوك لله وحده , ولا يحوز أن يخضع إلا لله وحده
أما الحكم بالإعدام فهو رسالة إلى كل صاحب فكر حر من أي فئة ومن أي تيار أو مذهب أو طائفية. وسبق أن قلت لإخواني حين قرأت مرافعة المحامي(( المخبر )) المنصب من قبل القاضي,(( الفندم )) أن المحامي طالب بالإعدام في آخر مرافعته. مما يثبت انه رقيب أول في الأمن السياسي وليس محاميا .. وأن المحاكمة محاولة لإخراج قرارات سياسية لا أكثر وتلبيسها بلباس القضاء.
* أنت متهم بالتحريض ؟
00أنا أحرض على أي فتنة اجتماعية لأني قمت بإعلان رأي وهو مشروع في إطار الحريات السياسية, أرجو أن لا تبتر إجابتي كما صنع الأمن السياسي حيث اختصر وبتر ولفق ثم أغمض عيني ثم وضع إبهامي على أمور لا أدري ما هي ؟ التحريض ما يكون مسبقا وليس لا حقا !
أنا حرضت في المظاهرات والخطابات أصحاب الفخامة والجلالة والسمو الملوك والرؤساء والأمراء والقادة كي يكونوا يدا واحدة ضد الهجمة الصهيونية على العرب والمسلمين .
وحرضت الجماهير العربية والإسلامية أن يقفوا يدا واحدة أمام الاستسلام العربي للصهيونية وأن يرفضوا هذا الاستسلام وان يقاطعوا كل ما هو أمريكي وصهيوني, سياسة وصناعة وثقافة .. كنا نلام على الابتعاد عن السياسة والحزبية وكنت اعتقد أني أؤدي دوري في التوعية والنصح من منبر مقدس لا يقبل الغش والتعسف والتآمر وهو منبر المسجد .. لم تكن لنا مطامع سياسية ومصالح شخصية تحركنا .. نحب الوحدة والسلام والأمن والخير للجميع .. نعتقد أن البلد يحتاج إلى إصلاحات شاملة , يحتاج الناس إلى قضاء مستقل .. وقاضي ضميره حي .. و إرادة سياسية تحترم القانون وتصون الحقوق ولا تقبل بانتهاك الحريات والأعراض .. كنت وغيري نعتقد إننا برفض الفساد والإفساد والظلم نعين الرئيس والسلطة والمسئولين والشعب على العمل الصالح . كنت أفهم أن التظاهر والاعتصام وسائل سلمية قانونية .. وأنها وسائل حضارية للتعبير عن الآراء والمواقف تجاه أمريكا والغرب حول سياستها تجاه قضايا العرب والمسلمين ومقدساتهم من منطلق رفض العنف والإرهاب .. والتشدد تجاه الإنسان .. أنا مسئوليتي توعوية.. تعليمية.. دعوية.. جمع الشمل, الحث على الحب والسلام والإخلاص واجتماع الكلمة لكن هذه تحولت جميعا إلى تهم : الفكر تهمه والمذهب والنسب تهمه... والرأي تهمه ومنبر الجامع تهمه... والمعرفة والمجاملة تهمه.. استحقيت عليها جميعا الإعدام.
* اتهمت بالتخابر مع إيران.. ما قصة هذه التهمه وهل لك علاقة مع إيران وحزب الله ؟
00 إيران دولة وحزب الله حزب في دولة وأنا يمني أعيش في اليمن ولا علاقة لي بحزب الله وإيران إلا أني معجب بإيران من حيث وقوفها مع الشعب الفلسطيني واهتمامها بمقدسات الأمه ومواقفها الثابتة كدولة مسلمة أمام الهجمة الصهيونية ضد المسلمين .
كما أني معجب جدا بحزب الله الذي وقف في وجه الاحتلال الإسرائيلي ولقنه درسا أحيا في قلوب المسلمين معنى الحرية والكرامة .
ومعلوم أن رئيس الجمهورية قد قام بزيارة رسمية إلى إيران وأقام معهم معاهدات واتفاقات أمنيه واقتصادية وثقافية..
وأعلن ذلك عبر وسائل الإعلام وعرف العالم وشهد على ذلك.. كما زار الرئيس الإيراني اليمن, وكذلك رئيس مجلس الشورى الإيراني وغيرهم.. ولم يسبق أن سمعت أن إيران دولة معادية لليمن أو أن مجرد السفر إليها جريمة عقابها الإعدام, إلا في جهاز الأمن السياسي .
ومعلوم أن اليمن ممثلة برئيسها قد مدح حزب الله حتى اعتقد الناس بعد سماع خطاباته بأنه يدعم حزب الله ماديا ومعنويا .
* استند الحكم في منطوقه إلى سفرك إلى إيران كدليل على التخابر ؟
00 نعم سافرت قبل سنوات إلى إيران بدعوة رسمية من إيران سلمني إياها احد العاملين بالسفارة الإيرانية في اليمن , وكان ذلك لحضور مؤتمر عن فلسطين وكنا ثلاثة من اليمن : الأستاذ الصحفي عباس الشامي ( المؤتمر الشعبي العام )
وحاتم أبو حاتم رئيس اللجنة الشعبية لمقاومة التطبيع , وأنا كأحد العلماء في اليمن , وقد قام الأمن السياسي بأخذ صورة للدعوة والفيزة في مطار صنعاء ولم يكن هناك أي إشارة حينذاك إلى المنع أو غير ذلك .
كما أني زرت السفارة الإيرانية في صنعاء للمشاركة في احتفالات بالعيد الوطني لبلادها بدعوة , وقد حضرت برفقة مفتي الجمهورية آنذاك العلامة احمد بن محمد زباره رحمه الله وجمع من العلماء وأساتذة الجامعة والمحامين والسياسيين والصحفيين .. وقد شاركت أكثر من مرة في هذه المناسبة , وكان حضور اليمنيين كثيرا رسميين وحزبيين وغير ذلك , ولم نكن نعلم أن مجرد المشاركة مع الآخرين جريمة يعاقب عليها البعض . كان فهمنا أن إيران دولة مشغولة بقضاياها ولا مصلحة لها في الإضرار باليمن , وفجأة يقال العكس وكان المفروض على الدولة اليمنية أن تعلن لليمنيين أن إيران دولة معادية كي يأخذ اليمنيون حذرهم والخلاصة تهمة التخابر هي نوع من الكيد السياسي المفضوح وهي أسخف من أن تستحق وقفه مطولة لإنكارها.
* وماذا عن تهمة التحريض على العنصرية والمذهبية ؟
00العنصرية كما اعرفها هي التفريق بين لون ولون وجنس وجنس أو فئة وفئة في المعامله والحكم والقانون .
وأنا مواطن لم اشغل إلى اليوم أي منصب ولم أضع إلى اليوم أي قانون ولم اكتب إلى اليوم أي كتاب يدعو إلى العنصرية أو طائفية .. إيماني شديد بالمساواة والعدل والحرية وارفض أن يسخر قوم من قوم أو فرد من فرد واكره الاستعلاء والكيد والظلم والفساد .
وأما المذهبية فانا مقتنع بتعايش جميع الاجتهادات داخل المجتمع الإسلامي لان التنوع هذا يجعل المجتمع مجتمعا قويا في معارفه وقيمه وأخلاقه واقتصاده .. آمنا مستقرا , خاليا من الفساد والظلم والكبر والاستغلال والاستبداد ليكون مجتمعا كالجسد الواحد صافي الذهن نقي الفؤاد سليم العقل والجسد نافعا للإنسانية جمعاء .
واسمحوا لي هنا أن ادعوا العلماء والمثقفين والسياسيين وكل الشرفاء إلى تحمل مسؤولياتهم تجاه هذا البلد وان يسعوا بكل ما أوتوا من قوة وطاقة لمنع أي تدهور أو سفك للدماء أو فساد أو ظلم لان الوطن هو العدل والإسلام والقانون والمساواة والحقوق خاصة حقوق الضعفاء الفقراء والمساكين المدنيين ..وأدعو الجميع أن انهضوا بهذا البل وعرفوا العالم أن اليمن فعلا بلد الإيمان والحكمة والعلم وهي مأوى الفارين من الفتن كما اخبر بذالك سيد المرسلين صلى الله عليه وعلى آله وسلم ..
* وماذا عن العلاقة بحسين بدر الدين الحوثي ؟
00 أنا لم التقي بالسيد حسين بدر الدين الحوثي إلا مرة واحدة. وقد التقيته في صنعاء حين انتخب عضوا لمجلس النواب قبل 97م
* هل لنا أن نعود قليلا إلى بداية اعتقالك وطبيعة التهم التي وجهت لك خلال التحقيقات في جهاز الأمن السياسي ؟
00 جاءت مجموعة مسلحة عند خروجي من صلاة الفجر من مسجد الفليحي يوم الخميس 2004/9/9 وقال احدهم :
غالب القمش يريدك, أخذوني وقبعت في سجن الأمن السياسي أربعة اشهر.
أغمضوا عيني وقادوني إلى غرفة كان فيها مجموعة من المحققين.
قالوا لي أنهم سيلقون القبض على العلامة محمد بن محمد المنصور والعلامة حمود عباس المؤيد كما سيلقون القبض على زوجتي الدكتورة آمال حجر وعلى عدد من العلماء وطالبات العلم ثم انهالوا علي بالتهم.
و أول تهمه قالوا لي أنت الجناح السياسي لحسين بدر الدين االحوثي, ثم تهمة العلاقة بإيران وحزب الله.
التحقيقات كانت تتم معنا ليلا ونهارا ولساعات عديدة. وكنت فعلا أخاف على العلماء والنساء, وإرهاب طلاب العلم وطالبات العلم ومع ذالك لم اقل إلا الحقيقة.
بخصوص تهمة ((الجناح السياسي لحسين بدر الدين الحوثي )) والتهمة الثانية (( العلاقة بإيران وحزب الله ))..
لم يكن لديهم أكثرا من التهمة لتبرير الاعتقال وهم يعلمون جيدا أن لا صحة لما يقولون, تؤكد ذلك هزالة التحقيقات وما استندت إليه, إلى درجة عدم القبول بتسليم ملف القضية لهيئة الدفاع كي لا ينشر ويكشف الناس ما حمله من مهازل سموها أدلة.
التهمة الثالثة إنشاء تنظيم شباب صنعاء, وإقامة المظاهرات والفعاليات.. وهي المظاهرات والفعاليات التي قام بها شباب صنعاء القديمة وغيرهم مناصرة للشعب الفلسطيني المسلم وضد الهجمة الأمريكية على العالم الإسلامي واحتلال أرضيه في أفغانستان والعراق وغيرها.
وهي الفعاليات التي توقفت منذ شهر مارس 2003 .. مع العلم أن هذه الفعاليات حضرها مسئولون كبار وأعضاء مجلس نواب وشخصيات اجتماعية وغيرهم. ومعلوم أن ((شباب صنعاء)) لم يكن تنظيما بالمعنى المعروف هي تسمية اطلقت على تجمع للشباب قاموا بالتعبير عن آرائهم التي كفلها لهم الشرع والدستور.
وهم مواطنون من سكان صنعاء اجتمعوا ليعبروا عن آرائهم تجاه السياسة الأمريكية الظالمة والاحتلال الإسرائيلي, وسكوت العرب والمسلمين على انتهاكات الأمريكيين وبشاعة الأعمال الصهيونية واعتداءاتهم المستمرة على الفلسطينيين والمقدسات. وكانوا يجدون من الفعاليات البسيطة فرصا لتفريغ الشحنات الغاضبة تجاه السياسة \الأمريكية والصهيونية خاصة وان ((شباب صنعاء)) فعالية شعبية وليست حزبية أو سياسية وكل الفعاليات التي قام بها هؤلاء الشباب كانت د بتصريحات من الدولة ودعم من الدولة ممثلة بأمين العاصمة والتوجيه المعنوي للقوات المسلحة وكانت وكالة سبأ للأنباء تقوم بتغطيتها خبريا, وصورها التلفزيون اليمني ونشر أخبارا عن هذه الفعاليات في الفضائية اليمنية وكذلك وسائل الإعلام الرسمية وهي فعاليات سلمية لاتخرج عن ما سمح به القانون والدستور للمواطنين .
*هل تعتقدون أن خلف القضية أي بعد شخصي من جانب رئيس الجمهورية وأي من المسئولين ؟
00 بالعكس كنت في آخر مرة ممن حضروا لقاءه بالعلماء ولا توجد مشكلة شخصية مع الرئيس أو غيره من المسئولين وعندما تكون لي وجهة نظر تخالف النظرة السياسية لا اطرحها ضد شخص بعينه وإنما ضد سلطة.. ومن ناحية الرئيس لا ادري ما عنده.. أو ما أوغل صدره ضدنا ؟ ولا أقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل .
* إلى أين سيمضي هذا الاستهداف الرسمي حسب توقعاتك ؟
00 أنا لا افتح المندل ولا اضرب بالرمل... تستطيع كغيرك أن تقرأ المعطيات المطروحة في الواقع اليوم.. ونتساءل لمصلحة من هذا كله لما لا يحارب الفساد ولا يواجه المفسدون.. لماذا يعتقل الناس.. حتى الأطفال والنساء؟. لماذا الحرب ؟. لماذا يستهدف فكر وتيار وفئة ؟. وهل هذا يخدم المواطنة المتساوية ورفع درجة الشعور باحترام القانون والدستور.. هل الحرب والاعتقال والاستهداف والمحاكمات العسكرية إنجازات تنموية وترسيخ للوحدة الوطنية ؟.. أنا صاحب رأي ومفتاح صاحب رأي وشرف النعمي صاحب رأي.. مذهبنا زيدي نعم..لسنا حزبيين نعم.. لكنا لسنا ضد التعددية والديمقراطية ولا نكفر أحداً نرفض العنف والتشدد, نحن يمنيون جزء من هذا الشعب وهذه الأمة وما نتعرض له اختبار لمدنية وضمير وفاعلية جميع القوى السياسية والمدنية..للعلماء لكل الأحرار ومصداقيتهم, والحكم رسالة لهؤلاء جميعا..أنا متأكد أن عقوبة الإعدام لن تحقق التنمية والرخاء.. للشعب اليمني ولن تمنح شهادة اكتمال الديمقراطية وأنا معتقد تماما أن دمي وسجني لم يكن من الأهداف الستة للثورة والجمهورية..واعرف تماما أني شرعا في ذمة الرئيس علي عبد الله صالح وان الله سبحانه وتعالى سيسأله عني وعن مظلمتي ودمي وحياتي.. وترويع أطفالي وفجيعة عائلتي ...
* كلمة أخيرة ؟
00 أنا أحب بلادي اليمن, التي انزل الله في أهلها آيات من القرآن الكريم يمدحهم فيها كما أن الرسول العربي صلى الله عليه وآله وسلم مدح اليمن واليمنيين في مائة وعشرين حديثا .
واليمن في قلبي وعقلي أحب لها أن تكون في أعلى مكان ومقام وان تكون بلدا طيباً سعيداً قوياً متماسكاً حراً نزيهاً مليئاً بالعلماء والأدباء والكتاب والمبدعين وفي كل المجالات..واسأل الله أن يجنب اليمن كل فتنة وطغيان وفساد واحتلال ... آمين
تعليق