إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

أسرار قرانية في حقائق وأنوار محمّد وآل محمّد صلوات الله عليهم

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أسرار قرانية في حقائق وأنوار محمّد وآل محمّد صلوات الله عليهم

    بسم الله الرحمن الرحيم
    قال تعالى: ((سنريهم آياتنا في الافاق وفي انفسهم حتّي يتبيّن لهم أنه الحقّ))

    صدق الله العليّ العظيم
    أسرار قرانية في حقائق وأنوار محمّد وآل محمّد صلوات الله عليهم


    السر الأول

    ليس هناك في الآفاق ولا في الأنفس حقيقة جامعة وآية ساطعة غير الميامين محمّد وآله الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين).
    تقريب الاستدلال: اذا تدبرنا في معنى ((آياتنا)) فلا نجد معنى واقعياُ دقيقاُ لها الاّ الحقائق الّتي لم يسبقها سابق ولا يلحقها لاحق ولا يفوقها فائق ولا يطمع في ادراكها طامع، وهي عبارة عن الصورة الانسانية الكاملة المتثملة بمحمّد وآل محمّد (صلوات الله عليهم).
    ورد عن الامام الهادي (عليه السلام) في الزيارة الجامعة للمعصومين (عليهم السلام) أنّه قال:
    أشهد أن هذا سابق لكم فيما مضى، وجار لكم فيما بقى، وأنّ أرواحكم ونوركم وطينتكم واحدة، طابت وطهرت بعضها من بعض، خلقكم الله أنواراً فجعلكم بعرشه محدقين... فبلغ الله بكم أشرف محل المكرمين، وأعلى منازل المقرّبين، وأرفع درجات المرسلين، حيث لا يلحقه لاحق، ولا يفوقه فائق، ولا يسبقه سابق، ولا يطمع في ادراكه طامع، حتي لا يبقى ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا صدّيق ولا شهيد ولا عالم، ولا جاهل، ولا دنيّ ولا فاضل، ولا مؤمن صالح ولا فاجر طالح، ولا جبّار عنيد، ولا شيطان مريد، ولا خلق فيما بين ذلك شهيد الاّ عرّفهم جلالة أمركم ، وعظم خطركم، وكبر شأنكم، وتمام نوركم، وصدق مقاعدكم، وثبات مقامكم، وشرف محلّكم، ومنزلتكم عنده، وكرامتكم عليه، وخاصّتكم لديه، وقرب منزلتكم منه.
    وهذا المعنى بل هذه الحقيقة مبرهن عليها عقلا ونقلا.
    أما العقل: فانه يقطع بأن هذه الايات هي حقائق وجودية خارجية ، لها مقام التقدم في الشرافة على الخلائق، ومقام الكاشفية عن المراد في الموجودات كافّة، ولذا عبّر الكتاب المجيد عنها : ((وداعياً إلى الله باذنه وسراجا منيرا)) الأحزاب: 46 . وعلى هذا فلا نجد في عوالم الكون والامكان حقائقا وجودية خارجية شريفة كاشفة منيرة غير الحقيقة المحمدية العلوية .
    أمّا النقل: ورد عن الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) أنه قال: أن أول ما خلق الله نور نبيّك يا جابر. وفي مورد التعليق على هذا الحديث الشريف قال القندوزي الحنفي : المراد هو الحقيقة المحمّدية المشهورة بين الكمّلين .
    وبما ذكرنا يتّضح أن ما ذكره جمهور المفسّرين وأهل الظاهر أن المراد بالايات العلامات والدلائل معنى قشري ظاهري، بل حقيقة العلامات والدلالات محمّد وآل محمّد (صلوات الله عليهم).
    قال العلامة الطباطبائي (رحمه الله): ان المراد بالآيات الحجج الدالة على التوحيد وما يتبعه من المعارف الحقّه ثم ان من تعقّل الحجج الحقّه من آيات الافاق والانفس بسلامة من العقل، ثم استسلم لها بالايمان والانقياد ليس هو من الموتى ولا ممن ختم الله على سمعه وبصره .
    فقد نقل مجموعة من علمائنا الأعلام أنّ المراد من الآيات في الاية القرآنية الشريفة الائمة المعصومون (صلوات الله عليهم).
    أخرج الشيخ الأقدم أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه القمي (ت 368 هجري) في كتابه كامل الزيارات : 543 باب 108 ح 830 عن الإمام الصادق (عليه السلام) – في حديث طويل – قال: يقول الله تعالى: ((سنريهم آياتنا في الافاق وفي أنفسهم)) فأيّ آية في الآفاق غيرنا أراها الله أهل الآفاق؟! وقال: ((ما نريهم من آية الاّ هي أكبر من اختها)) فاي آية أكبر منّا.
    إذن هم صلوات الله عليهم الحقيقة التي نطق عنها محكم التنزيل بقوله تعالى : ((ثم دنا فتدلّى فكان قاب قوسين أو أدنى)) النجم : 8 – 9 .
    وبتعبير أوضح: هم الكون الجامع المسمى في السماوات ((أحمد)) وفي الارضين ((محمّد)) . ولا يخفى على ذوي الألباب ان عليّاً هو نفس محمّد (صلوات الله عليهم) بنصّ القرآن المجيد : ((وأنفسنا وأنفسكم)) فكلّ ما ثبت لمحمّد (صلّى الله عليه وآله) فهو ثابت لعليّ (عليه السلام) خلا النبوّة.

    خلاصة المخاض:
    انّ اراءة هذه الآيات في الآفاق وفي الانفس انما يراد منها اظهار أنوارهم وابراز حقائقهم واشراقة دولتهم (صلوات الله عليهم) حتى يتبيّن للخلق أنهم الحقّ .
    قال تعالى : ((وأشرقت الارض بنور ربها ووضع الكتاب)) الزمر: 69 .
    وقال تعالى: ((يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله الاّ أن يتمّ نوره)) التوبة : 32
    وقال المصطفى (صلى الله عليه وآله) في المعتبر المنقول في كتب الخاصّة والعامّة: ((عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ لا يتفرقان).
    وورد أيضاً عن سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) أنّها قالت: ((عليّ مع القرآن والقرآن مع عليّ)) أوردهما القندوزي الحنفي في ينابيع المودّة : 1/124 و 173.
    والحمد لله ربّ العالمين

    ملاحظة:
    هذه مقتطفات قصيرة من الأنوار الإلهية، والأسرار الربانيّة، المودعة في كتاب الله الكريم، والمتحصلة في الخارج بأرباب النعم وهداة الأمم، محمّد وآل محمّد «صلوات الله عليهم أجمعين» نحن مستعدون للحوار في بيانها، والإجابة على الاستفسارات التي يطرحها الأخوة والأخوات؛ ليكون البحث واضحاً والغرض متحققاً، جعلنا الله وإياكم من العارفين بحقّ محمّد وآل محمّد (صلوات الله عليهم)، والعاملين بذلك ، والمحشورين في زمرتهم إنّه سميع مجيب ، والله من وراء القصد.

    الشيخ عبد الكريم العقيلي



  • #2
    بسم الله الرحمن الرحيم
    قال تعالى: ((وجعلنا من الماء كلّ شي‏ء حيّ))

    صدق الله العليَّ العظيم
    أسرار قرانية في حقائق وأنوار محمّد وآل محمّد صلوات الله عليهم
    السرّ الثاني
    إنّ حقيقة هذا الوجود الامكاني حقيقة واحدة، وهي حقيقة الميامين (صلوات الله عليهم) وما ظهر من هذا الوجود هو صور تلك الحقيقة، كل واحدة بحسب استعدادها وقابليتها

    بيان ذلك: من البراهين المذكورة على ألسنة الحكماء (قاعدة الواحد لا يصدر منه إلا الواحد) وبما أنّ الوجود أمر وحداني فانّه صادر من الواحد، وحاشا لله تعالى أن يباشر الأشياء وانما جعل لها أسبابا بواسطتها يخلق الممكنات، مثلا انّه تعالى خلق آدم من تراب، وخلق الانسان من نطفة، فالتراب والنطفة وغيرها أسباب لنشأة الانسان وخلقه، وحينئذ لابدّ من القول بأنّ هذا الوجود صادر من حقيقة واحدة، هي السبب في تحققه، وهذه الحقيقة في واقع الأمر مسمّاة على ألسنة ‏العلماء والأولياء والعرفاء بالحقيقة المحمّدية، وبتعبير الروايات المعتبرة بالنور الأوّل أو العقل الأول.
    نقل القندوزي الحنفي في ينابيع المودة: 1/45 عن رسول الله (صلوات الله عليه وآله) قال: أوّل ما خلق الله روحي، وأوّل ما خلق الله نوري، وأوّل ما خلق الله العقل، وأوّل ما خلق الله القلم، واول ما خلق الله نور نبيك يا جابر.
    ثمّ قال (الكلام للقندوزي): المراد منها الحقيقة المحمدية التي كانت مشهورة بين الكملين، وهي روح نبينا (صلى الله عليه وآله وسلّم).
    ولتوضيح المطلب نذكر مثالين:
    المثال الأوّل: الماء الذي منه الحياة وبه استمرارها، تراه في الأشياء الظاهرة، ففي الخضار يتجلّى به، والفاكهة يتلون به، وهكذا في سائر الأشياء الصورية المخلوقة، فهو مندكّ فيها غير منفصل عنها وإلا لذابت ونسخت ومن ثمّ انفنت. هذا أمر وجداني، فإذا كان الماء الصوري الظاهري له هذه الخاصّية والأثر فكيف بالحقيقة التي خلقت الأشياء لأجلها بما فيها هذا الماء؟! وهي حقيقة النور المحمدي العلوي، محمّد وآل محمّد (صلوات الله عليهم). أفلا تكون هي الباعث لهذا الخلق الصوري، والعلّة لايجاده، بل واستمراره؟!.
    المثال الثاني: نور الشمس، فإنّه إذا أشرق على زجاجة بيضاء يظهر من ورائها نور أبيض، واذا وقع على زجاجة صفراء يظهر من ورائها نور أصفر وإذا وقع على زجاجة زرقاء خرج أزرق وهكذا، والكلّ نور الشمس إلاّ أنّه يتلوّن في هذه الأشياء وتظهر له آثار مختلفة، فما يقع من صور وألوان ومظاهر انّما هي على أثر أشراقة النور من الشمس، فإن كان هذا النور الحسي له هذه الخواص والآثار في عوالم الخلق، فكيف بمن كانت به الأنوار وحقائق الأبرار المصطفى محمّد وآله الأطهار (صلوات الله عليهم).
    والحمد للّه رب العالمين.
    ملاحظة:
    هذه مقتطفات قصيرة من الأنوار الإلهية، والأسرار الربانيّة، المودعة في كتاب الله الكريم، والمتحصلة في الخارج بأرباب النعم وهداة الأمم، محمّد وآل محمّد «صلوات الله عليهم أجمعين» نحن مستعدون للحوار في بيانها، والإجابة على الاستفسارات التي يطرحها الأخوة والأخوات؛ ليكون البحث واضحاً والغرض متحققاً، جعلنا الله وإياكم من العارفين بحقّ محمّد وآل محمّد (صلوات الله عليهم)، والعاملين بذلك ، والمحشورين في زمرتهم إنّه سميع مجيب ، والله من وراء القصد.
    الشيخ عبد الكريم العقيلي


    تعليق


    • #3
      بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى: ((وجاء ربّك والملك صفّاً صفاّ))
      صدق الله العليّ العظيم
      أسرار قرانية في حقائق وأنوار محمّد وآل محمّد صلوات الله عليهم

      السرّ الثالث


      في بيان أنّهم صلوات الله عليهم الأنوار الإلهية والأسرار الربّانية المودعة في القرآن المجيد

      إعلم، وفّقك الله للحق وأتباعه، وجنبك الباطل وآثاره، إنّ للقرآن ظاهراً وباطناً ومحكماً ومتشابهاً، وانّ القرآن يفسّر بعضه بعضاً. فإن أعجزك الفهم عن درك هذه الحقائق والأنوار _والعياذ بالله_ فلا يفوتنك التفهيم انشاء الله تعالى. فالغنيمة كلّ الغنيمة في إتباع الحقائق النورانية والأسرار الربانية، المودعة في كتاب الله الكريم، المتمثلة بأرباب النعم وهُداة الأمم محمّد وآل محمّد (صلوات الله عليهم).
      فهم (صلوات الله عليهم) المقصودون من المجيء في الآية القرآنية المزبورة الذكر.

      تقريب الاستدلال:
      أوّلاً: انّ المجيء والانتقال من حال إلى حال لازمه عدّة اُمور، منها: الحركة والسكون. وهذه من لوازم الممكن المخلوق؛ وهي ليست صفات الحق على الإطلاق تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، إذن، فالمجيء يطلق على الربّ بالمجاز العقلي، فلابدّ هنا من تقدير ـ كما صرّح علماؤنا الأعلام بذلك ـ .
      نقل العلامة الطبرسي (رحمه الله) في الإحتجاج، عن الإمام أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) قال في خصوص هذه الآية الشريفة، وفي حديث طويل: وليس جيئه _ جلّ ذكره_ كجيئة خلقه؛ فإنّه ربّ كلّ شيء، ومن كتاب الله يكون تأويله على تنزيله، ولا يشبه تأويله بكلام البشر، ولا فعل البشر(الإحتجاج: 1 / 250 إحتجاجه عليه السلام على الزنديق . عنه المشهدي في كنز الدقائق: 11 / 348 . وأنظر كذلك مفاتيح الغيب للرازي: 31 / 158 ـ مورد الآية).
      ونقل الشيخ الصدوق(رحمه الله)؛ في عيون الأخبار، عن الإمام الرضا (عليه السلام)، في تفسير هذه الآية، قال: (إنّ الله لا يوصف بالمجيء والذهاب ـ تعالى عن الانتقال ـ إنّما يعني بذلك: وجاء أمر ربّك…) (عيون أخبار الرضا عليه السلام: 1 / 115، باب 11، ح 19 ، عنه المشهدي في كنز الدقائق: 11/ 347).
      فما المقصود من الأمر الذي يجيء؟
      الأمر ليس لفظاً أو مصطلحاً اعتبارياً، أو شيئاً مجهولاً، بل الأمر الذي يجيء مع الملائكة، ويصطّف معهم يراد به حقيقة وجودية كالملائكة، هذه الحقيقة الوجودية المعبر عنها بالأمر تجدها مصرّحاً بها في [الزيارة الجامعة الكبيرة]، حيث يقول المعصوم (عليه السلام):
      [والمستقرين في أمر الله] وقوله [وأمره إليكم] (الصوارم القاطعة في إثبات صحّة الزّيارة الجامعة: 58 و 111)
      وورد في زيارة الإمام الحسين (عليه السلام): [إرادة الربّ في مقادير أموره تهبط إليكم وتصدر من بيوتكم] (أنظر كامل الزيارات للقمّي : 366، ضمن زيارة الإمام الحسين عليه السلام).
      وثانياً: إنّ المراد من الربّ في اللغة والاصطلاح يشمل معاني عديدة منها: السيّد، المولى، المحمود، النّاصر وغيرها. وأيّ سيّد ومولى ومحمود وناصر أجلّ وأشرف من محمّد وآل محمّد أرباب النعم وهداة الأمم (صلوات الله عليهم)؟!
      إذن، على ضوء هذا وغيره تقرّر: إنّ المقصود من مجيء الرب في الآية الشريفة هو مجيء أولياء الله الطاهرين، المعصومين (صلوات الله عليهم) لكي تعرض عليهم أعمال الخلائق أجمعين، ويتولّون حسابهم بإذن الله تعالى.
      والحمد لله ربّ العالمين.
      ملاحظة:
      هذه مقتطفات قصيرة من الأنوار الإلهية، والأسرار الربانيّة، المودعة في كتاب الله الكريم، والمتحصلة في الخارج بأرباب النعم وهداة الأمم، محمّد وآل محمّد «صلوات الله عليهم أجمعين» نحن مستعدون للحوار في بيانها، والإجابة على الاستفسارات التي يطرحها الأخوة والأخوات؛ ليكون البحث واضحاً والغرض متحققاً، جعلنا الله وإياكم من العارفين بحقّ محمّد وآل محمّد (صلوات الله عليهم)، والعاملين بذلك ، والمحشورين في زمرتهم إنّه سميع مجيب ، والله من وراء القصد.
      الشيخ عبد الكريم العقيلي

      info@oqaili.com



      تعليق


      • #4
        بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى: ((إنّما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعونّ))
        صدق الله العليّ العظيم

        أسرار قرانية في حقائق وأنوار محمّد وآل محمّد صلوات الله عليهم


        السرّ الرّابع


        في بيان أنّ جميع الأعمال متوقفة على طاعة الإمام ـ ولي الله المطلق وحجّته في أرضه ـ بعد معرفته


        تقريب الإستدلال:

        الولاية منزلة إلهية عالية، وهبة ربانية سامية ،خصّ الله تعالى بها محمّداَ وآل محمّد«صلوات الله عليهم» واستودعهم إياها ، فازدانت ورفلت حتى انبرى نورها من فيض نورهم صلوات الله عليهم ، فغدت بحقّ ، صبغة الله التي قرنها إلى نفسه .
        روي عن أبي عبد الله «عليه السلام» في قوله تعالى : {صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة} قال: الصبغة معرفة أمير المؤمنين بالولاية في الميثاق . (تفسير العيّاشي : 1 / 81)
        والولاية بذلك تعني، حقّ التصرف تكويناً وتشريعاً في المنظومة الوجودية قاطبة. أي في جميع ما من شأنه أن يكون تحت دائرة الإمكان ، بإذن الله تعالى ، لا على نحو الإستقلال. وهي ولاية تامّة ، كلّية ، عامّة ، مطلقة .
        ولا يخفى على كل ذي عقل سليم ، أنّ الله عزّ وجلّ لمّا خلق الخلق باديء ذي بدء ، خلق الصادر الأوّل ، الحبيب محمّد «صلى الله عليه وآله» وممّا كان في علمه تعالى أنّه أولى الخلق به وأحبّهم لديه ، وهبه كل ما من شأنه أن يميّزه ويسمو به إلى المقام المحمود الذي عنده . وأرفع درجة وهبها المولى إياه ، هو التفويض المطلق ، المنضوي تحت الولاية ، الذي يعتبر أقصى الغايات العاليات التي يجود بها المحبّ إلى حبيبه ، وأرفع وسام يستحقّه المطيع لأمر مطيعه ، لما سبق لهم الإتمار بأمر الله ، كما قال تعالى: {بل عباد مكرمون * لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون}(الأنبياء : 26 ـ 27).
        والأدلّة على نيل هذا الاستحقاق كثيرة، ولا يعدو هذا المنقول من الأدلّة ، إلاّ غيض من فيض ، لإماطة اللثام عن درك قدرة التفويض التي بها ميّزهم الله تعالى عن غيرهم من خلقه...
        وما تسالم على ثبوته له «صلى الله عليه وآله» من رفيع الشأن وقرب المنزلة التي أجملها المولى تعالى في قوله عزّ شأنه : {فكان قاب قوسين أو أدنى}(النجم : 9) ثابت في من قال بحقه المصطفى «صلى الله عليه وآله» ما جاء في قوله تعالى : {وأنفسنا وأنفسكم}. ولا أعلم أحداً يثبت تخلف أو اختلاف النفس عن نفسها بكل ما من شأنه أن يكون لها من خصائص سوى ما كان من أمر الله في شأن الرسالة والنبوة؛ لهذا قال المصطفى «صلى الله عليه وآله»: إنّ الله اصطفاني على الأنبياء فاختارني ، واختار لي وصيّاً ، واخترت ابن عمّي وصيّي يُشدّ به عضدي كما يشدّ عضد موسى بأخيه هارون ، وهو خليفتي ووزيري ، ولو كان بعدي نبياً لكان علي نبياً ، ولكن لا نبوة بعدي. (ينابيع المودّة للقندوزي: 2 / 288).
        واللبيب الحاذق لا يفوته اكتشاف سرّ الملازمة المتجلية في تلك المقارنة العلوية الهارونية لما قد مرّ على النبي الرسول هارون «عليه السلام» بعد استخلافه من قبل أخيه النبي الرسول موسى «عليه السلام» عندما ذهب لميقات ربه ، وما صار إليه المستخلِفون من عبادتهم العجل ، واستضعافهم خليفة رسول الله كما جاء على لسانه «عليه السلام» في قوله تعالى : {قال ابن أمّ إنّ القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين} (الأعراف: 150).
        وما أودعه المولى تعالى في المصطفى «صلى الله عليه وآله» من خاتمية للأنبياء والرسل، أودعه في المرتضى «عليه السلام» واختاره خاتماً للأوصياء ، ولياً مطلقاً صرفاً لكل من عليه ولاية لله تعالى ماخلا المصطفى «صلى الله عليه وآله» لذا فالقاسم المشترك بين الخاتمية المحمّدية والخاتمية العلويّة هي ملازمتهما لسنخية واحدة صادرة عن نور واحد ، مصداقه ما روي عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» أنّه قال: إنّ الله تبارك وتعالى خلق عليّاً من نوري وخلقني من نوره ، وكلانا من نور واحد . (كفاية الطّالب للگنجي الشافعي: 260).
        وقوله لعليّ «عليه السلام» أيضاً : أنت مني كالضوء من الضوء . (مناقب آل أبي طالب، لابن شهر آشوب: 388، عنه بحار الأنوار: 38 / 296) وقول أمير المؤمنين «عليه السلام»: أنا من أحمد كالضوء من الضوء. (معاني الأخبار للصّدوق: 350) وما كان من خطاب المولى تعالى لرسوله «صلى الله عليه وآله» بآية التبليغ إلاّ دليل ساطع على ما للولاية من شأوٍ عظيم ، ونبأ مبين. وعليه يستلزم عدم التبليغ بما أمر الله تعالى نبيه «صلى الله عليه وآله» كما في قوله تعالى : {يا أيّها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربّك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته} (المائدة: 67) انعدام كافة النبوات والرسالات بما فيها الرسالة الخاتمية ، لما بينهما من حاكمية إحداهما على الأخرى ، كما هو الأمر الذي كانت عليه الرسالة الخاتمية مع جميع الرسالات السماوية السابقة الموطئة لها .
        لذا حريّ برسول الله «صلى الله عليه وآله» وهو الأمين المؤتمن ـ لما سبق في علمه تعالى ـ أن يأتمر بما أمره الله عزّ وجلّ من تأدية أمر تبليغ الولاية لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليهما السلام» كما جاء به الوحي ، مصداقاً لما جاء في دفاعه عن نفسه «صلى الله عليه وآله» في قوله تعالى: {قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدّله قل ما يكون لي أن أُبدّله من تلقائ نفسي إن أتّبع إلاّ ما يوحى إليّ إنّي أخاف إن عصيت ربي عذاب يومٍ عظيم} (يونس: 15) ليتحقق بذلك أمر الإرشاد والتعيين لحضيرة القدس الإلهية من فيض هدي الرسالة المحمّدية العلويّة عن سلسبيلٍ صافي المعين ، متمثلاً بمحمّد وآل محمّد «صلوات الله عليهم أجمعين» لما يتمخض عنه في نهاية المطاف ، إتماماً للنعمة وإكمالاً للدين. روي عن النبي صلى الله عليه وآله ـ عندما نزل عليه قوله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي} ـ أنّه قال : الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضا الربّ برسالتي وولاية عليّ بن أبي طالب من بعدي . ثم قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله. (شواهد التزيل، للحسكاني: 1 / 201).
        وما دام صبح الأزل قد أشرق من فيض أركان دورهم التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، ليلوح على هياكل التوحيد آثاره ، ونور الحقيقة قد أسرف في سبر الوجود جماله ، وانضوى في الصادر الأوّل ، أحمد «صلى الله عليه وآله» كان حقيقاً بمن لا ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى أن يبلّغ ما أمره الله تعالى؛ ليثبّت أركان الحقّ به، ويبلغ ذروة سنامه، منادياً بمليء الوجود، صادحاً بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) وإثبات حقّه: يا أيّها الناس لا تشكوا عليّاً ، فوالله إنّه الأخيشن في ذات الله . (حليلة الأولياء للأصفهاني: 1 / 68) وقال «صلى الله عليه وآله» ، أيضا : لا تسبوا عليّاً فإنّه ممسوس في ذات الله . (نفس المصدر السابق) لافتقار ميزان الحقّ إليه، مؤيِّداً لقوله «صلى الله عليه وآله»: الحقّ مع عليّ وعليّ مع الحقّ يزول الحقّ مع عليّ حيث زال. (مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي : 112ح 155).
        وهل بعد ذاك يعذر خاتم الأنبياء والمرسلين «صلى الله عليه وآله» أو أن تغفو عيناه ويرتحل عن دار الأذى إلى جوار من كان إلى جواره قبل قيام الخلق دون أن يدل أو يوصي على من سيليه ، لتحفظ بيضة الإسلام به ، سائراً بالناس على المحجّة البيضاء ، فضلاً عن قوله«صلى الله عليه وآله»: أنا أقاتل على تنزيل القرآن ، وعليّ يقاتل على تأويل القرآن. (فردوس الأخبار للديلمي : 1 / 44ح118).
        وفي مسك ختام تلك الومضة الضحضاح التي أنارت عقولنا وأفهامنا، ويجدر بنا تحكيم عقلك السليم لكي يدلّك على ولاية وصيّ الرّسول الأمين (صلّى الله عليه وآله) الإمام أمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجّلين عليّ بن أبي طالب وأولاده المعصومين (عليهم السلام).

        والحمد لله ربّ العالمين.

        ملاحظة:
        هذه مقتطفات قصيرة من الأنوار الإلهية، والأسرار الربانيّة، المودعة في كتاب الله الكريم، والمتحصلة في الخارج بأرباب النعم وهداة الأمم، محمّد وآل محمّد «صلوات الله عليهم أجمعين» نحن مستعدون للحوار في بيانها، والإجابة على الاستفسارات التي يطرحها الأخوة والأخوات؛ ليكون البحث واضحاً والغرض متحققاً، جعلنا الله وإياكم من العارفين بحقّ محمّد وآل محمّد (صلوات الله عليهم)، والعاملين بذلك ، والمحشورين في زمرتهم إنّه سميع مجيب ، والله من وراء القصد.
        الشيخ عبد الكريم العقيلي

        info@oqaili.com

        تعليق


        • #5
          بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى: ((ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا))
          صدق الله العليّ العظيم

          أسرار قرانية في حقائق وأنوار محمّد وآل محمّد صلوات الله عليهم


          السرّ الخامس

          في بيان أنّهم صلوات الله عليهم يعلمون ما كان وما يكون ولا تخفى عنهم غائبة لا في سماوات ولا في أرضين ، بل كلّ شيء حاضر لهم كحضور النفس لذاتها وذاتيّاتها ، فعلمهم صلوات الله عليهم بالأشياء علم إحاطة لا علم حصول


          تقريب الإستدلال:

          لا ريب أن القرآن الكريم فيه تبيان كلّ شيء من الذرة وأصغر إلى المجرّة وأكبر.. وهو محيطٌ إحاطة تامّة شاملة لكلّ دقائق وتفاصيل الحياة وما يتعلّق بها.. وهذه ثابتة قرآنية لا غبار ولا غموض فيها...
          قال تعالى في كتابه المجيد: {وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَاب مُبِين}.
          وقال تعالى: {وَلاَ رَطْب وَلاَ يَابِس إِلاَّ فِي كِتَاب مُبِين}.
          وقال تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُـجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِهَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا}.
          وقال تعالى: {وَمَا مِنْ غَائِبَة فِي السَّماءِ وَالأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتَاب مُّبِين}.
          وقال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْء}.
          إذن بعد أن أوضح لنا الله تعالى أنّ علم ما كان وما يكون، وما من صغيرة ولا كبيرة، ولا من غائبة في سماوات أو في أرضين ، بل انّ كلّ شيء موجود في الكتاب، وللكتاب الإحاطة التامّة بكلّ شيء. أخبرنا تعالى بأنّ كلّ هذا وغيره أورثه للذين اصطفى من عباده . فمن هم المصطفون الذين يعنيهم الله تعالى في كتابه المجيد؟
          نقل الشّيخ الصدوق «رحمه الله» في عيون أخبار الرضا «عليه السلام» عن الريّان بن الصلت، قال:
          حضر الرضا«عليه السلام» مجلس المأمون بمرو، وقد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق وخراسان، فقال المأمون: أخبروني عن معنى هذه الآية: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا
          فقالت العلماء: أراد الله عزّ وجل بذلك الاُمّة كلّها.
          فقال المأمون: ما تقول يا أبا الحسن؟
          فقال الرضا«عليه السلام»: لا أقول كما قالوا، ولكنّي أقول : أراد الله عزّ وجلّ بذلك العترة الطاهرة...
          فقال المأمون: من العترة الطاهرة؟
          فقال الرضا«عليه السلام»: الّذين وصفهم الله في كتابه فقال عزّ وجلّ
          :
          {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} وهم الّذين قال رسول الله«صلى الله عليه وآله» فيهم: «إنّي مخلّف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ألا وإنهّما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، أيّها الناس لا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم».
          قالت العلماء: أخبرنا يا أبا الحسن عن العترة، أهم الآل أم غير الآل؟
          فقال الرضا«عليه السلام»: هم الآل...
          قالوا: ومن أين يا أبا الحسن؟
          فقال: من قول الله عزّ وجلّ
          : {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُم مُهْتَد وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ}. فصارت وراثة النبوّة والكتاب للمهتدين دون الفاسقين، أما علمتم أنّ نوحاً حين سأل ربّه عزّ وجلّ : {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ} وذلك أنّ الله عزّ وجلّ وعده أن ينجيه وأهله، فقال ربّه عزّ وجلّ: {قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِح فَلاَ تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ}.
          فقال المأمون: هل فضّل الله العترة على سائر الناس؟
          فقال أبو الحسن: إنّ الله عزّ وجلّ أبان فضل العترة على سائر الناس في محكم كتابه.
          فقال له المأمون: وأين ذلك من كتاب الله؟
          فقال له الإمام الرضا«عليه السلام»: في قول الله عزّ وجلّ
          : {إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ* ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْض وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
          وقال عزّ وجل في موضع آخر: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُلْكاً عَظِيماً
          }
          ثمّ ردّ المخاطبة في أثر هذه إلى سائر المؤمنين، فقال :
          {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} يعني، الّذي قرنهم بالكتاب والحكمة، وحسدوا عليهما... الخبر.

          فهذه الثوابت القرآنيّة التّي نصّ عليها القرآن الكريم صريحاً: ما من صغيرة ولا كبيرة، وما يعمّر من معمّر ولا ينقص من عمره إلاّ في كتاب، ما أصاب من مصيبة ولا في أنفسكم إلاّ في كتاب، هذه ثوابت قرآنية. وإذا كان هذا الكتاب أورثه الله تعالى للأئمة الأطهار (صلوات الله عليهم) وهذه ثابتة قرآنيّة أيضاً، إذن، عندهم (صلوات الله عليهم) كلّ شيء ممّا كان أو يكون أو هو كائن، وكلّ شيء منطو في مكنون ذواتهم صلوات الله عليهم، والحقيقة إن هذه الأسرار القرآنية في حقائق وأنوار محمَّد وآل محمَّد تحتاج في فهمها والإيمان والتسليم بها إلى قلبٍ منشرح بالإيمان، حتى يُفهم المراد الحقيقي منها، ويستخرج العلوم والمعارف الّتي تكتنفها. أمّا الذي يجد في نفسه حرجاً، أو عدم تفاعل مع هذه الأنوار القدسيّة، فعليه مراجعة نفسه، وتصفيتها من الأكدار والعوالق الّتي عُلقت بها، نتيجة ابتعاده عن العلوم الحقّة، واتّباع هذا وذاك ممّن عشعش المرض في قلوبهم وأورثهم الحسد والبغض لكلّ ما هو خير، وأخذ يُشكّك في حقائق ومقامات محمّد وآل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين) بحجّة أنّ هذا الكلام غير مسند أو ضعيف، وحجج اُخرى واهية. فنقول له: بأنّ هذا الكلام النوراني يحتاج إلى محلّ مصفّى من الأكدار حتّى تفيض عليه المواهب الرحمانيّة.
          والحمد لله ربّ العالمين

          ملاحظة:
          هذه مقتطفات قصيرة من الأنوار الإلهية، والأسرار الربانيّة، المودعة في كتاب الله الكريم، والمتحصلة في الخارج بأرباب النعم وهداة الأمم، محمّد وآل محمّد «صلوات الله عليهم أجمعين» نحن مستعدون للحوار في بيانها، والإجابة على الاستفسارات التي يطرحها الأخوة والأخوات؛ ليكون البحث واضحاً والغرض متحققاً، جعلنا الله وإياكم من العارفين بحقّ محمّد وآل محمّد (صلوات الله عليهم)، والعاملين بذلك ، والمحشورين في زمرتهم إنّه سميع مجيب ، والله من وراء القصد.
          الشيخ عبد الكريم العقيلي



          تعليق


          • #6
            موضوع من أروع و أجمل مواضيع

            تعليق


            • #7
              بسم الله الرحمن الرحيم
              اللهم صل على محمد و آل محمد الطيبين الطاهرين
              و اللعن الدائم على أعدائهم أجمعين
              بعد إذن صاحب الموضوع سنقوم بتخصيص هذا الموضوع لجمع المواضيع العرفانية .

              تعليق


              • #8
                مو ضوع أختنا عاشقة شهيد المحراب
                الأنوار القدسية
                بسم الله الرحمن الرحيم
                و الصلاة و السلام على أشرف خلقه محمد و آله الطيبين الطاهرين
                في البداية أعزي صاحب العصر و الزمان الحجة بن الحسن( عجل الله تعالى فرجه الشريف ) و أعزي الأمة الإسلامية في ذكرى أربعين الإمام الحسين
                ( عليه السلام ) ...
                بعد ترددٍ طويل ، و بعونٍ من الله تعالى ... قررت الانضمام إلى هذا المنتدى الهادف ، والذي وجدت فيه نفسي أكثر من غيره..
                و اخترت لكم هذا الموضوع و الذي هو أول مشاركاتي .. فأتمنى من الباري عز وجل أن يحوز على إعجابكم و رضاكم .
                الأنوار القدسية
                إن أهم ما يميز الشيعة الإمامية عن المذاهب الإسلامية الأخرى هو ارتباطهم الوثيق و ولائهم العميق لأهل البيت " عليهم السلام " ، يتجلى هذا الارتباط و الولاء في عشقهم و اعتبارهم القدوة الصالحة و المثلى للوصول إلى نيل رضا البارئ عز و جل ، و يتجسد ذلك في الأحاديث الشريفة لسيد البشرية " صلى الله عليه و آله و سلم " نذكر منها : " إن الله يرضى لرضا فاطمة يغضب لغضبها " و " علي مع الحق و الحق مع علي " ، " حسين مني و أنا من حسين " ، و حديث الثقلين المشهور : " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي ما ‘ن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدًا " .........
                الذي جعل أهل البيت " عليهم السلام " عدل للقرآن الكريم ، إلى آخره من الروايات المعتبرة و الثابتة التي لها مصاديقًا عرفانية و جذور قرآنية لا يختلف فيها اثنان من قبيل " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرًا " ( الأحزاب 32) ، " و يطعمون الطعام على حبه مسكينًا و يتيمًا و أسيرًا " ( الإنسان 7 ) "، " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و كونوا مع الصادقين " ( التوبة 8 ) ، و الكثير من الموارد الاستدلالية - العقلية و النقلية – الثابتة التي تملأ كتبنا العقائدية و التي تبين المقامات العالية و الدرجات الرفيعة التي يحظى بها الأئمة " عليهم السلام " عند الله سبحانه و تعال ، حيث أنهم يمثلون قوس الصعود إلى الله بتخطيهم أعلى مدارج الكمال الإنساني ووصولهم إلى الروضات العليا و العوالم الملكوتية ، فهم يشكلون أنوارًا قدسية تنير لنا الدرب للوصول لإلى رضا الباري عز وجل .
                قد يشكل علينا البعض زيارتنا للمراقد المطهرة للأئمة المعصومين " عليهم السلام " باعتبارها شرك ، ففي ذلك يقول آية الله جوادي آملي " أعلى الله مقامه " - معنًا و ليس نصًا - : " إذا كان الموالي يذهب لزيارة قبر إمام معصوم بنية الاستقلال عن الله فهذا شرك ، أما إذا زاره هو مؤمن بأن الإمام لن يستطيع أن يفعل شيئًا إلا بمشيئة الله و إذن الله فهذا توحيد على توحيد . " و لذلك لنتشرف بزيارتهم و نتقرب إلى الله بهم مصداقًا للآية الكريمة " وابتغوا إلى الله الوسيلة " فهم وسيلتنا إلى الله سبحانه و تعالى و السبيل إلى نيل رضاه .
                و بسك الختام أتشرف بذكر هذا الحديث عن الإمام الرضا " عليه السلام " و الذي يعتبر من كنوز العرش التي من الله عز و جل بها علينا و هو : " من لم يقدر على ما يكفر به عن ذنوبه فليكثر الصلاة على محمد و آل محمد فإنها تهدم الذنوب هدمًا " .
                اللهم رزقنا في الدنيا زيارتهم و في الآخرة شفاعتهم و صل اللهم على محمد و آله الطيبين الطاهرين .

                تعليق


                • #9
                  http://yahosein.sytes.net/vb/showthread.php?t=51526

                  تعليق


                  • #10
                    موضوع أخانا الحبيب معالج
                    ((الموجودات بكت حسيناً))
                    http://yahosein.sytes.net/vb/showthread.php?t=51560
                    بسم الله الرحمن الرحيم
                    اللهم صلي على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                    كل شئ في هذا الكون ناطق متكلم وذات شعور وإحساس ولكنني وأنت غرباء عنها
                    إن المخلوقات الموجودة في العوالم كلها تسبح الله عزوجل وتحمده ولكننا لانفقه هذا التسبيح وقد أشار القرآن الكريم الى هذا المعنى وقال((وإن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن
                    لاتفقهون تسبيحهم))ثم تأتي آية أخرى لتوضح لنا سجود المخلوقات قال تعالى((ألم ترأن
                    الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب)) إذن بصريح الآية أن الذي
                    يحق عليه العذاب هو الذي يرفض ذلك السجود المكلف به سواء إنسان أو غيره
                    ((وكثير حق عليه العذاب)) في بعض المخلوقات ناطقة ولكن لانسمعها مثل الجماد والنبات الكون كله يضج بأصوات عاليه ولكننا لانسمع هذا الضجيج كالمخلوقات التي نؤمن بوجودها ولانراها مثل الملائكة والجن والذرة لأنه محجوب عنا رؤيتهم لنأخذ الذرة ونضعها تحت المجهر تجدها عالم من العوالم لأنه أزيل هذا الغِطاء بواسطة المجهر وكشف لنا رؤية الذرة التي لانراها بالعين المجردة
                    أراد النبي(ص) ببركته أن يزيل الموانع عن مسامع الحاضرين آنذاك فرفع الحصى الحجر فسبحت بيده المباركة فسمعها كل من حضر
                    ويقول بعض علماء النبات أنه يمكن سُماع ضجيج ينطلق من جذور الشجرة التي توضع في ماء مغلي حار بواسطة أجهزة وهوائيات خاصة
                    نحن البشر غرباء عن هذه المخلوقات لانفهمها ولاتفهمنا هذه الصفة جعلها الخالق سبحانه للإمام المعصوم ومنحه قدرة التعرف على لغة المخلوقات ولاإعتراض ميزه وخصه بذلك دون البشر يقول الإمام الخميني قدس سره في كتابه الحكومة الإسلامية
                    ((أن للإمام خلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون))
                    هذا الكون بأسره تفاعل مع سيد الشهداء السماء بكت عليه لاكبكائي وبكاؤك وإنما بكته من دم الكون أظلم لمدة ثلاث أيام كأني به لبس السواد كما نلبس نحن السواد حزناً عليه وكسفت الشمس ولارفع حجر ولا مدر إلا ووجد تحته دم عبيط والدم العبيط بمعنى الجديد الطري
                    وكل ذلك يحصل لبيان هول المصيبة التي حلت بالحسين(ع)وفضاعة مقتله التي لامثيل لها في التاريخ لاقديماً ولاحديثاً
                    الكون كله بأسره تفاعل بهذه المصيبة الكبرى التي حَلت بإمامنا المظلوم لأن له هيمنة على العوالم وله نفوذ غيبي على المخلوقات والموجودات لأن الله سبحانه خصه بهذه الخصائص ووهبه هِبات وميزه بميزات وله منزلة ومقام شامخ عظيم عند الله عزوجل
                    وكما أن للإمام هيمنة على العوالم كذلك له هيمنة على عالم النفوس
                    كيف تعلقت به نفوسنا دون أن نراه؟؟ كيف بكيناه دون أن نرى مصيبته؟؟ وحين تنادي بأعلى صوتك ياحسيـــــــــــــــن كأن هذا النداء يخرج من صميم قلبك كأنه يخرج من كل ذرة من ذرات جسمك وهي تصرخ ياحسيــــــــــــــــــــــــــــــــن
                    لأن الإمام له هيمنة على عالم النفوس كأن توجد به قوة مغناطيسية تجذب قلوب المحبين له وهذا هو بعينه التسلط المعنوي الروحي على قلوب وأرواح المؤمنين لأنهم نور الله في قلوب المؤمنين والإمام قلب الكون ومحوره بل هو للكون كالروح للجسد ولولا وجوده لساخت الأرض بأهلها ويقول السيد إبن طاووس في الملهوف عن الإمام الصادق (ع)
                    ((لما كان من أمر الحسين ماكان ضجت الملائكة وقالوا ياربناهذا الحسين صفيك وإبن بنت نبيك قال فأقام الله ظل القائم
                    (ع)وقال بهذا أنتقم لهذا)) والكون كله تأثر بما حصل من مصاب جلل على سيدنا الحسين(ع) والذي لم يرف قلبه عليه
                    فليعلم أنه ميت بعيد عن رحمة الله عزوجل نعوذ بالله
                    ياسيد الشهداء ياأبا عبدالله فديناك بالأرواح والمال والأهل إشفع لنا عند الله عزوجل عميت عيني إذ لاتبكيك وأتبرأ الى الله
                    من قاتليك أنامنهم بريئ منهم بريئ منهم بريئ لعنهم الله لعنهم الله لعنهم الله
                    وصلى الله على سيدنا محمد وآل محمد وعجل فرجهم
                    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                    تعليق


                    • #11
                      موضوع أخانا الحبيب معالج
                      ((الإمام المعصوم وتفاعل المخلوقات))
                      http://yahosein.sytes.net/vb/showthread.php?t=42546
                      ((بسم الله الرحمن الرحيم))
                      ((اللهم صلي على محمد وآل محمد وعجل فرجهم))
                      ((السلام عليكم ورحمة الله وبركاته))
                      ميز الله سبحانه وتعالى الإمام المعصوم والخليفة الشرعي بميزات لاتصلح الى غيره من البشر حتى يُعرف بذلك أنه الخليفة الشرعي المنصب من قبل الله تبارك وتعالى على المسلمين
                      ومن هذه الميزات تفاعل المخلوقات معه لأن كل شئ في هذا الكون ناطق متكلم ساجد مسبح لله الواحد القهار
                      وهذا المفهوم نجده واضحاً جلياً بالقرآن الكريم قال تعالى:
                      ((ألم ترى أن الله يسبح له مافي السموات والأرض والطير صافات كل علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون))
                      هذه المخلوقات الموجودة في السموات والأرض والطيور لديها علم ومعرفة بالصلاة والتسبيح وإنما خلقوا من أجل ذلك والله مطَلع عليهم عالم بما يفعلون ولم يخلق شئ في الوجود إلا لغاية وهدف وإلا كان في خلقه عبث
                      (والعياذ بالله) وإذا وجدت الغاية وهي العبادة لزم التكليف والتكليف لايكون إلا لذي شعور وحس وإدراك وحياة
                      ثم نجد آية أخرى مباركة توضح لنا سجود المخلوقات قال تعالى:
                      ((ألم ترى أن الله يسجد له من في السموات والأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب))إذن المخلوقات تصلي وتسبح وتسجد
                      هذه العوالم نحن غرباء عنها لانفقه تسبيحها قال تعالى(( وأن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لاتفقهون تسبيحهم))يقول سعدي الشاعر الإيراني أذكر ذات ليلة كنا في غافلة ونائمين بالقرب من غابة عند الفجر وكان معنا شخص مضطرب فبينما كنا على هذه الحالة وإذا به صرخ صرخه وأخذ جانب الصحراء ولم يهدأ لحظه واحدة
                      فلما إنكشف النهار سألته عن حالته فقال سمعت أنغام البلابل من الشجر والقبج من الجبل والضفادع من الماء والبهائم من الغابة ففكرت في نفسي أنه ليس من المروءة أن ينشغل كل هؤلاء بالتسبيح وأنا نائم نوم الغفلة(أزيل الستار عن مسامع هذا الرجل وسمع تسبيح المخلوقات)
                      بعض المخلوقات تسبح الله سبحانه ولكن لانسمع لها صوت مثل الجمادات والنباتات أراد النبي الكريم (ص) أن يكشف الحقيقة ويزيل الغطاء عن مسامع الناس أخذ الحصى بيده المباركة (فسبحت) بصوت مسموع مفهوم سمعه كل من حظر الجمادات ناطقةمتكلمة لأن الشئ إذا دل على معنى فهو ناطق متكلم عنه من غير صوت مسموع
                      هذا المنتدى المبارك نطق بإسم الحسين(ع) وإذا قلنا من المشرف العام للمنتدى قيل الفاضل قنبر وهذا يعني أن المنتدى نطق بإسم قنبر من غير صوت مسموع وإذا تصفحت كتاب ووقعت عينك على المؤلف وإن الكتاب نفسه نطق بإسم مؤلفه كذلك بيتك ينطق بإسمك (بيت فلان)موضوعي هذا ناطق بإسمي وقس على ذلك من أمثلة
                      النباتات تعيش بواسطة الماء والروح النباتية يقول علماء النبات أنه يمكن سُماع ضجيج ينطلق من جذور الشجرة التي توضع في ماء مغلي حار بواسطة أجهزة وهوائيات خاصة0
                      هذه المخلوقات تضج بأصوات عالية ولكن محجوب عنا نحن البشر غرباء عنها الدنيا كلها ضجيج في ضجيج نحن الذي لانسمع كالمخلوقات التي لانراها بالعين المجردة مع وجودها
                      هذه الصفة أو الميزة جعلها الله تبارك وتعالى للإمام المعصوم ومنحه قدرة التعرف على لغة المخلوقات ويفقه جميع لغات البشر
                      قال الإمام موسى بن جعفر كما في البحار ج48ص47أن الإمام لايخفى عليه كلام أحد من الناس ولاطير ولابهيمة ولاشئ فيه روح بهذا يعرف الإمام فإن لم يكن به هذه الخصال فليس هو بإمامإذا لم يفقه لغة واحدة هذا يعني النقص فيه والناقص لايمكن أن يكون حجة على الناس وهذا ماحصل على عهد عمر بن الخطاب لما جيئ بالسيدة شاه زنان بنت كسرى أم الإمام أم الإمام السجاد(ع) وقيل شهر بانويه
                      أراد عمر أن ينظر إليها فقالت بالفارسية(أف بيروز بادا هرمز)ماعرف عمر ماذا قالت ؟؟وهي تدعو لأبيهاقال شتمتني هذه العلجةفأراد أن يضربها وهم بها فقال له الإمام علي (ع) ليس لك على مالاتعلم
                      قدرته عزوجل وضعها في قلوب أولياؤه الطاهرين فجعلهم يفقهون لغة الحيوانات وجميع لغات البشر دون إستثناء
                      سمعت من خطيب المنبر الحسيني السيد جاسم الكربلائي أطال الله في عمره
                      قال حينما كنت في إيران لأقرأ مجالس التعزية حصلت كرامة للإمام الرضا (ع)حيث كان (القيِم)نائم وقال له الإمام في عالم الرؤيا قم إن بالباب طالب حاجة يقول القيِم إنتبهت من نومي وخرجت وإذا (بكلبة) لما رأتني صارت تمشي وصرت أمشي خلفها الى أن أوصلتني حفرة فوجدت عيالها وأخرجتهم لها ثم رجعت الى الحضرة فصارت تبصبص وتخضع برأسها كأنها تقول له شكراً
                      ليس القصد أن أذكر لكم كرامة نقرأها أو نسمعها ونمر عليها مرور الكرام بل علينا أن نتأمل وندقق ونتساءل حينها تنكشف لنا أمور وتظهر لنا حقيقة الإمام المعصوم وعظمته التي خصه الله تعالى له
                      كيف إهتدت الكلبة الى الإمام(ع)؟؟
                      كيف عرفت بأنه المخلص والمساعد لها؟؟
                      كيف عرفت الإمام وضريحه وجاءت مستنجدة؟؟
                      كيف فرقت بين شخص الإمام وشخص القيم؟؟
                      لماذا شكرت الإمام ولم تشكر القيم؟؟
                      تأمل هذه الأسئلة وجاوب عليها بينك وبين نفسك وإنظر الى عظمة إمامك مع إنك أنت أيها الإنسان إذا ظهر لك الإمام مع شخص لاتعرفه
                      في حين أن الكلبة وكأنها بل تعرفه إسماً وشكلاً (ياسبحان الله)
                      المخلوقات تتفاعل مع الإمام المعصوم وهو يفهمها وهي تفهمه وحدثت حوادث توضح لنا هذا المفهوم
                      في ليلة التاسع عشر من رمضان أراد الإمام الخروج من داره الى الصلاة وكان في صحن داره(إوز) فتصارخن في وجهه وأمسكن في مناقيرهن في أطراف ثيابه فقال الإمام(ع) صوائح تتبعها نوائح هذا النوع من الطيور تفاعل مع الإمام(ع)وأدرك الإمام هذا التفاعل وفهمه وكأن الطير يطلب منه بعدم الخروج أو نوع من التنبيه كيف علم الإوز أن هناك مكروه يحصل للإمام ؟؟ وهذا التفاعل لايتوقف على الطيور بل الكون بأسره تفاعل معه مثل هبوب الرياح وإظلام الكون ثم تأتي الصرخة الإلهية (تهدمت والله أركان الهدى)
                      كأنه إعلام إلهي لجميع مافي الكون كأني بها صرخة إخبار للموجودات وتقديم عزاء فأي إمام هو ينعاه جبرئيل بين السناء والأرض
                      وكذلك ماحصل لسيد الشهداء (ع)يقول أبو مخنف لماصرع الإمام الحسين(ع) جعل فرسه يحامي عنه ويثب على الفارس فيخبطه عن سرجه ويدوسه حتى قتل الفرس أربعين رجلاً ثم تمرغ في دم الحسين(ع) وللفرس موقف آخر حين وصل الإمام الى الفرات وأراد الفرس أن يشرب قال له الإمام أنت عطشان وأنا عطشان فلا أشرب حتى تشرب وكأنه فهم الكلام أقول بل هو فهم الكلام وعلامة الفهم حين رفع رأسه ولم يشرب
                      وبعد مقتل الإمام(ع) ذهب الفرس الى الخيام كأنه يريد أن يخبر العلويات يريد أن يخبر زينب(ع) بأخيها ودموعه على خديه وزينب (ع) تخاطبه أين أخي الحسين؟ فصار الفرس مرة ينظر الى زينب ومرة ينظر الى جهة الحسين ثم صار يضرب رأسه بصخرة الى أن مات
                      وعلى الحسين(ع) كسفت الشمس وبكت السماوات والأرضين ومارفع حجر ولامدر إلا ووجد تحته دم عبيط ومامن شئ إلا وبكى الحسين(ع)
                      عميت عين لاتبكيك ياأبا عبدالله الحسين فمن لم يرق قلبه عليه فليعلم أنه ميت بعيد عن رحمة الله عزوجل (نعوذ بالله)
                      وهكذا تكون المخلوقات متفاعلة مع الإمام المعصوم لأن له هيمنة على العوالم وله نفوذ غيبي على المخلوقات والموجودات وكذلك يكون مفترض الطاعة وكل شئ لهم خاضع مطيع قال إمامنا الحسين (ع) كما في البحار
                      ج44ص182والله ماخلق الله شيئاً إلا وقد أمره بالطاعة لنا
                      ((وصلى اللهم على محمد وآل محمد وعجل فرجهم))
                      ((والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته))

                      تعليق


                      • #12
                        بسم الله الرحمن الرحيم

                        قال الحقّ تعالى : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ

                        صدق الله العليّ العظيم

                        أسرار قرانية في حقائق وأنوار محمّد وآل محمّد صلوات الله عليهم

                        السرّ السادس

                        في إثبات ضرورة وجود الإمام المعصوم في كلّ آن ومكان

                        تقريب الإستدلال:

                        لا شكّ أنّ الآية منطوقاً دالّة على امتثال وجوب الكون مع الصّادقين ، وذلك لظهور صيغة الأمر " كونوا " في الوجوب إن لم نقل بنصّها عليه في مثل المقام, وحينئذ يأتي الكلام في أنّ الأوامر الإلهيّة، الصّادرة لا تـنزل إلى ساحة الجعل والتّـقنين إلا بعد تحقّق أمرين هامّين .

                        الأمر الأوّل : الفراغ من وجود مُتعلّق الأمر وهو في المقام عبارة عن " اتّّباع الصّادقين " ليكون الأمر به أمراً واقعيّاً, حاله حال الأوامر المُسجّلة في الصّلاة والصّوم والحجّ والزّكاة وغيرها, فإنّه لابدّ من تحقّق الهيئة الخاصّة في مثل الصّلاة، كقوله" صلّى الله عليه وآله" : صلّوا كما رأيتموني أصلّي . ليتعلّق بها الأمر, وكذا الحجّ، فإنّه لا يُمكن الأمر به إلاّ بعد تحقّق المناسك الخاصّة به، كوجود الكعبة للطواف عليها، والمواقف الكريمة والمشاهد الشّريفة وما إلى ذلك, وعلى هذا فلا يُناقش أحد في ضرورة وجود المأمور به، ليصحّ الأمر به، وبالتّالي امتثاله من قبل المأمورين بذلك, وعليه فما الفرق بين قوله تعالى: " وأقيموا الصّلاة " وقوله جلّ وعلا: " وكونوا مع الصّادقين " فإنّ الآيتين ـ لمن تأمّل وتدبّر ودققّ النّظرـ على وزان واحد, حيث تعلّق الأمر في الأوّل بالصّلاة,وفي الثّانية بالكون مع الصّادقين, ومعلوم أنّ الصّلاة لا بدّ من تحققّها, ليصدر الأمر بالإتيان بها وامتثالها, وكذلك بالنّسبة إلى الكون مع الصّادقين، فإنّه لا محالة من تحقّق كونهم ووجودهم, وكذا فإنّ الصّلاة ليست مُتعلّقة بأهل ذلك الزّمان، أي في عصر الخطاب, بل هي مطلوبة ومقصودة من كُلّ المُخاطبين بها، حتّى قيام السّاعة, والأمر كذلك بالنّسبة إلى الكون مع الصّادقين، فإنّه ليس خاصّا بعصر المُخاطبين, بل يعمّهم وأهل الأزمنة والأمكنة كُلّهم, وخير دليل على ما ذُكر، الوجدان والعيان وسائر التّقنيات لدى العُقلاء، وبعبارة أدقّ، سير العُقلاء القاضية بوجود المُتعلّق للأمر عند صدوره، وإلاّ كان الأمر به لغواً, فتدبّر، فإنّه دقيق وبالنّظر حقيق، وما أوتيته عن أمري، ذلك من فضل ربّي .

                        الأمر الثّاني : كون المأمور به مقدوراً، بمعنى أن يكون تحت اختيار المُكلّف، بحيث يُمكنه الفعل أو الترك بإرادته, بخلاف ما لو كان خارجا عن اختياره – إمّا لكونه ضروري الوقوع، كدقّات القلب, أو ضروري التّرك كالطّيران إلى السّماء, أو لأنّه قد يحصل وقد لا يحصل، ولكنه في حالات حصوله يحصل من دون اختيار المُكلّف، كما في نبع الماء من تحت الأرض, فإنّ الماء قد ينبع وقد لا ينبع، وفي حالات نبعه، ينبع من دون اختيار المُكلّف - فإنّه يكون غير مقدور. ولاشكّ فيه ولا ريب يعتريه، في أنّ الأمر في موردنا هو من الأوامر التي يكون فيها المأمور به مقدوراً، باعتبار أنّ الطّلب قد تعلّق باتّباع من صدق فيه بشكل تامّ " الصّادقون" .

                        فائدة : قد يقول قائل، بأنّه ما هو الغرض من هذا الاعتبار والجعل ؟ فإنّا نقول: إنّ الفائدة يُمكن تصوّرها بشكلين :

                        الشّكل الأوّل : إطلاع المُكلّفين على اشتمال التّكليف بالاتّباع للصّادقين على الحبّ والمصلحة الإلهيّتين.

                        الشّكل الثّاني : تحريك المُكلّفين نحو مواصلة الاتّباع والانصياع للصّادقين، وبعثهم لهما, وإن كان الغرض الواقعي هو التّحريك، لا مجرّد الإخبار عن وجود المصلحة والشّوق، فقوله تعالى: " ولله على النّاس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلاً "

                        يدلّ على التّحريك نحو الحجّ أيضاً، لا على وجود المصلحة والشّوق فقط. وعلى هذا يترتّب، إنّه إن كان المأمور به موجوداً ومقدوراً فلا محالة يتحقّق استحقاق العقوبة على تركه " الاتباع " بعد جعل التّكليف عليه، ومخالفته له, بل لو لم يحصل الامتثال بالاتباع لهم، فإنّه يساوق عدم تحقّق شيء بالنّسبة إلى الغرض الإلهي, وذلك لترتّب سائر الامتثالات الأخرى، في الفروض على هذا الأمر الأساسي, فإنّه في الواقع يُمثّل المركز الأوّل والمُنطلق الابتدائي لتقييم العمل عباديّا أو مُعامليّا على ضوئه. والحاصل‘إنّه إذا تبيّن لك ضرورة وجود الصّادقين، والقُدرة على امتثال اتّباعهم، فإنّه يثبت بذلك أنّ الصّادق لا يخلو منه زمان أو مكان؛ ليصدق الطّلب الإلهي ولا يكون لغواً, لأنّه عندما أمر بالكون مع الصّادقين (وضروري أنّ الخطاب مُتعلّق بالمُكلّفين كافّة، سواء كانوا في عصر الخطاب أو ما بعده من العصور، إلى قيام السّاعة, بداهة كون القُرآن المجيد تبياناً لكُلّ شيء، على مدى العُصور والدّهور) فإنّه لابدّ أن يكون الصّادق موجوداً؛ ليتحقّق امتثال الأمر, فافهم تغنم، وسارع تسبق، وبعد تماميّة هذا المطلب، ننتقل إلى مطلب آخر، وهو: إنّ المأمور به، وهو الكون مع الصّادقين، لابدّ أن يكون الاتّباع له صحيحاً وسليماً، بعد الفُراغ من المُراد من قوله تعالى:" وكونوا مع الصّادقين". فهل هم من يصدق عليه طروّ الخلل والنّقص، والوقوع في المُخالفة الشّرعيّة, أم خصوص من اجتمعت فيه الصّفات الكماليّة ؟ لاشكّ عقلاً أنّ الأمر الإلهي لا يدعو إلى اتّباع النّاقص، الذّي يصدر منه المُخالفة الشّرعية, لأنّه يستلزم المحذور المحال على الحكيم الخبير, مثل، التّغرير بالعباد والتّضليل لهم, فإنّهم لو رأوا من أمروا باتباعه يرتكب الذّمائم من الأمور، والنّقائص المشينة؛ لأعابوا عليه ذلك, الأمر الذي يستلزم الإعابة على من أمر به، وهو قبيح. إذن، لم يبق للعاقل السّليم إلاّ التّسليم، بأنّ المُراد من الصّادقين هو من كان كاملاً تامّاً سويّاً، خلقاً وخُلقاً ومنطقاً, وهذا بحسب الحقيقة لا يتمّ إلاّ فيمن شهد لهم الكتاب العزيز، بقوله عزّ وجلّ: " إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " ومن المُسلّم به، أنّ الآية لا تنطبق تمام الانطباق حصراً، إلاّ على عليّ وفاطمة والحسن والحُسين والأئمة المعصومين عليهم السّلام, ثمّ إنّه إذا تعيّن المطلوب، وظهر المقصود ينكشف لنا ببركة المنطوق الشّريف، عدّة لوازم قطعيّة:

                        اللازم الأوّل : صدق العصمة المُطلقة للصّادقين، وذلك بلحاظ التّـنزيه التّامّ لهم، بمُقتضى الأمر بالاتّباع، وهو أمر قطعيّ، لا غبار عليه .

                        اللازم الثّاني : تماميّة العلم الإلهي لهم، بما كان أو يكون وما هو كائن؛ وذلك لبداهة أنّ الأمر بالكون معهم شاهد قطعي، على تمام قُدرتهم، في جميع المُستلزمات الوجوديّة الشّرعيّة، والشّرعيّة الوجوديّة, ويؤيّد ذلك قول أمير المؤمنين عليه السلام:" سلوني قبل أن تفقدوني" وشهادة القُرآن المجيد له، بقوله: " قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب " وقوله تعالى " وكُلّ شيء أحصيناه في إمام مُبين " .

                        اللازم الثّالث : تحقّق الإمامة المُطلقة على الصّعيدين، التّكويني والتّشريعي، كما قال عزّ وجلّ :" إنّي جاعلُك للنّاس إماماً " وقوله تعالى: " وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا " ويشهد لهذه الحقائق المركوزة في بطن الآية، تقديم الأمر بالتّقوى لغرض الإعداد والاستعداد؛ لأنّها في واقع تفسيرها " التّقوى " هي الوقاية من الأرجاس والأدناس والشّوائب، فإنّه إذا تمّ ذلك, تمّ اللقاء والكون مع عين الطُّهر والطّهارة، وأصل كُلّ طُهر وطاهر .

                        اللازم الرّابع : وجوب اتّباع خلافته وحكومته على أهل الآفاق كافّة, الأمر الذي يلزم الخلائق باتباعه في ما يأمر وينهى في الأمور كُلّها، الخاصّ منها والعامّ، كالسّلم والحرب وغيرهما, وعليه فلا يصحّ تبعيض الاتباع في جانب دون آخر, ممّا يلزم التّصدّع، وهو غير مقبول وغير معقول, فلاحظ ما تلوته عليك من سحائب المشيئة في ساحة سدرة المُنتهى, ما زاغ البصر وما طغى .وإن أبيت إلاّ المزيد في التّأييد والتّأكيد، فليس لك دواء إلا الذكر الحكيم، وأقوال الصّادقين؛ لتزداد بصيرة بما يُتلى عليك, تاركا التّعليق، فيما تقرأ وتتدبّر على فراستك وحكمتك,وأنت جدّ عليم, وفي البدء أعرض لك آيات الكتاب المُبين,ثمّ أنتقل بك إلى ما صدع به الميامين، سلام الله عليهم أجمعين.

                        أمّا الآيات الكاشفة عن مراتب الصّادقين:

                        قوله تعالى: وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [البقرة : 23]

                        وقوله تعالى: وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [البقرة : 31]

                        وقوله تعالى: قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآَخِرَةُ عِندَ اللّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [البقرة : 94]

                        وقوله تعالى: وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [البقرة : 111]

                        وقوله تعالى: الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ [آل عمران: 17]

                        وقوله تعالى: كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [آل عمران : 93]

                        وقوله تعالى: الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [آل عمران : 168]

                        وقوله تعالى: الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىَ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [آل عمران : 183]

                        وقوله تعالى: قالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [المائدة : 119]

                        وقوله تعالى: قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [الأنعام : 40]

                        وقوله تعالى: ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ نَبِّؤُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [الأنعام : 143]

                        وقوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَادِقُونَ [الأنعام : 146]

                        وقوله تعالى: قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ [الأعراف : 70]

                        وقوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [الحجرات : 15]

                        وقوله تعالى: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [الحجرات : 17]

                        صدق الله العليّ العظيم



                        وأمّا الرّوايات المُصرّحة في تطبيق الصّادقين، على آل مُحمّد، عليهم سلام الله ربّ العالمين, وأنّهم لولاهم لساخت الأرض بأهلها، فهي مجموعة كبيرة، نقطع بصدورها لاشتمالها على الصّحاح، وموافقتها للعقل, بل أورد السّيّد هاشم البحراني" رحمه الله" في غاية المرام، من طرق العامّة، سبعة أخبار، نصّت على أنّ الصّادقين، هم أهل بيت النّبيّ عليهم السّلام, ولا أظن فقيهاً يُناقش في صدورها، أو دلالتها على المقصود منها، في ضرورة وجود الإمام.

                        أستهلّ البحث برواية، لو كانت وحدها لكفت، وأغنت، وهي صحيحة أبان بن تغلب,عن أبي عبد الله عليه السّلام، أنّه قال:الحُجّة قبل الخلق، ومع الخلق، وبعد الخلق .

                        إرجع البصر أيّها الحبيب، هل ترى من غموض؟ فقد كفاك ما أريناك.

                        ومعتبرة إسحاق بن عمار,عن أبي عبد الله عليه السّلام، قال: سمعته يقول: إنّ الأرض لا تخلو إلا وفيها إمام,كيما إن زاد المؤمنون شيئاً ردّهم,وإن نقصوا شيئاً أتمّه لهم.

                        وقد أود الكُليني" طاب ثراه" الأخبار المُستفيضة، في ضرورة كون الإمام في كُلّ زمان، فراجع تغنم.

                        وأمّا الرّوايات التي وردت في شأن الصّادقين"عليهم السلام" فإنّه قد أفرد باباً، تحت عنوان: ( ما فرض الله" عزّ وجلّ" ورسوله" صلّى الله عليه وآله" من الكون مع الأئمة)

                        منها: ما أورده بسنده عن بريد بن معاوية العجلي، قال: سألت أبا عبد الله "عليه السّلام" عن قول الله "عزّ وجلّ": اتقوا الله وكونوا مع الصادقين، قال: إيّانا عنى.

                        وصحيحة ابن أبي نصر,عن أبي الحسن الرّضا" عليه السلام" قال: سألته عن قول الله "عزّ وجلّ: يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين، قال: الصّادقون هم الأئمة، والصّدّيقون بطاعتهم.

                        وعن ابن شهر آشوب، من تفسير أبي يوسف بن يعقوب بن سفيان، حدّثنا مالك ابن أنس، عن نافع، عن ابن عُمر، قال: وكونوا مع الصّادقين، يعني مع مُحمّد وأهل بيته (عليهم السّلام).

                        وجاء في الدّر المنثور للسّيوطي، عن ابن مردويه، عن ابن عباس، وأيضاً عن ابن عساكر، عن أبي جعفر، في قوله: ( وكونوا مع الصّادقين) قالا: مع عليّ بن أبي طالب

                        والرّوايات الواردة بهذا اللفظ الشّريف عنهم "عليهم السلام": لولا الإمام لساخت الأرض بأهلها.

                        وأخيرا فماذا بعد الحقّ إلا الضّلال,هذا ما أردنا بيانه في هذا المطلب الهامّ, ليهلك من هلك عن بيّنة وليحي من حيّ عن بيّنة, والحمد لله أوّلاً وآخراً، والصّلاة والسّلام على النّبيّ وآله عدد ما في علمه، ودوام ملكه.

                        والحمد لله ربّ العالمين

                        ملاحظة:

                        هذه مقتطفات قصيرة من الأنوار الإلهية، والأسرار الربانيّة، المودعة في كتاب الله الكريم، والمتحصلة في الخارج بأرباب النعم وهداة الأمم، محمّد وآل محمّد «صلوات الله عليهم أجمعين» نحن مستعدون للحوار في بيانها، والإجابة على الاستفسارات التي يطرحها الأخوة والأخوات؛ ليكون البحث واضحاً والغرض متحققاً، جعلنا الله وإياكم من العارفين بحقّ محمّد وآل محمّد (صلوات الله عليهم)، والعاملين بذلك ، والمحشورين في زمرتهم إنّه سميع مجيب ، والله من وراء القصد.

                        عبد الكريم العقيلي

                        تعليق


                        • #13
                          بسم الله الرحمن الرحيم
                          قال الحقّ تعالى : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ
                          صدق الله العليّ العظيم
                          أسرار قرانية في حقائق وأنوار محمّد وآل محمّد صلوات الله عليهم
                          السرّ السادس


                          في إثبات ضرورة وجود الإمام المعصوم في كلّ آن ومكان
                          تقريب الإستدلال: لا شكّ أنّ الآية منطوقاً دالّة على امتثال وجوب الكون مع الصّادقين ، وذلك لظهور صيغة الأمر " كونوا " في الوجوب إن لم نقل بنصّها عليه في مثل المقام, وحينئذ يأتي الكلام في أنّ الأوامر الإلهيّة، الصّادرة لا تـنزل إلى ساحة الجعل والتّـقنين إلا بعد تحقّق أمرين هامّين .
                          الأمر الأوّل : الفراغ من وجود مُتعلّق الأمر وهو في المقام عبارة عن " اتّّباع الصّادقين " ليكون الأمر به أمراً واقعيّاً, حاله حال الأوامر المُسجّلة في الصّلاة والصّوم والحجّ والزّكاة وغيرها, فإنّه لابدّ من تحقّق الهيئة الخاصّة في مثل الصّلاة، كقوله" صلّى الله عليه وآله" : صلّوا كما رأيتموني أصلّي . ليتعلّق بها الأمر, وكذا الحجّ، فإنّه لا يُمكن الأمر به إلاّ بعد تحقّق المناسك الخاصّة به، كوجود الكعبة للطواف عليها، والمواقف الكريمة والمشاهد الشّريفة وما إلى ذلك, وعلى هذا فلا يُناقش أحد في ضرورة وجود المأمور به، ليصحّ الأمر به، وبالتّالي امتثاله من قبل المأمورين بذلك, وعليه فما الفرق بين قوله تعالى: " وأقيموا الصّلاة " وقوله جلّ وعلا: " وكونوا مع الصّادقين " فإنّ الآيتين ـ لمن تأمّل وتدبّر ودققّ النّظرـ على وزان واحد, حيث تعلّق الأمر في الأوّل بالصّلاة,وفي الثّانية بالكون مع الصّادقين, ومعلوم أنّ الصّلاة لا بدّ من تحققّها, ليصدر الأمر بالإتيان بها وامتثالها, وكذلك بالنّسبة إلى الكون مع الصّادقين، فإنّه لا محالة من تحقّق كونهم ووجودهم, وكذا فإنّ الصّلاة ليست مُتعلّقة بأهل ذلك الزّمان، أي في عصر الخطاب, بل هي مطلوبة ومقصودة من كُلّ المُخاطبين بها، حتّى قيام السّاعة, والأمر كذلك بالنّسبة إلى الكون مع الصّادقين، فإنّه ليس خاصّا بعصر المُخاطبين, بل يعمّهم وأهل الأزمنة والأمكنة كُلّهم, وخير دليل على ما ذُكر، الوجدان والعيان وسائر التّقنيات لدى العُقلاء، وبعبارة أدقّ، سير العُقلاء القاضية بوجود المُتعلّق للأمر عند صدوره، وإلاّ كان الأمر به لغواً, فتدبّر، فإنّه دقيق وبالنّظر حقيق، وما أوتيته عن أمري، ذلك من فضل ربّي .
                          الأمر الثّاني : كون المأمور به مقدوراً، بمعنى أن يكون تحت اختيار المُكلّف، بحيث يُمكنه الفعل أو الترك بإرادته, بخلاف ما لو كان خارجا عن اختياره – إمّا لكونه ضروري الوقوع، كدقّات القلب, أو ضروري التّرك كالطّيران إلى السّماء, أو لأنّه قد يحصل وقد لا يحصل، ولكنه في حالات حصوله يحصل من دون اختيار المُكلّف، كما في نبع الماء من تحت الأرض, فإنّ الماء قد ينبع وقد لا ينبع، وفي حالات نبعه، ينبع من دون اختيار المُكلّف - فإنّه يكون غير مقدور. ولاشكّ فيه ولا ريب يعتريه، في أنّ الأمر في موردنا هو من الأوامر التي يكون فيها المأمور به مقدوراً، باعتبار أنّ الطّلب قد تعلّق باتّباع من صدق فيه بشكل تامّ " الصّادقون" .
                          فائدة : قد يقول قائل، بأنّه ما هو الغرض من هذا الاعتبار والجعل ؟ فإنّا نقول: إنّ الفائدة يُمكن تصوّرها بشكلين :
                          الشّكل الأوّل : إطلاع المُكلّفين على اشتمال التّكليف بالاتّباع للصّادقين على الحبّ والمصلحة الإلهيّتين.
                          الشّكل الثّاني : تحريك المُكلّفين نحو مواصلة الاتّباع والانصياع للصّادقين، وبعثهم لهما, وإن كان الغرض الواقعي هو التّحريك، لا مجرّد الإخبار عن وجود المصلحة والشّوق، فقوله تعالى: " ولله على النّاس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلاً "
                          يدلّ على التّحريك نحو الحجّ أيضاً، لا على وجود المصلحة والشّوق فقط. وعلى هذا يترتّب، إنّه إن كان المأمور به موجوداً ومقدوراً فلا محالة يتحقّق استحقاق العقوبة على تركه " الاتباع " بعد جعل التّكليف عليه، ومخالفته له, بل لو لم يحصل الامتثال بالاتباع لهم، فإنّه يساوق عدم تحقّق شيء بالنّسبة إلى الغرض الإلهي, وذلك لترتّب سائر الامتثالات الأخرى، في الفروض على هذا الأمر الأساسي, فإنّه في الواقع يُمثّل المركز الأوّل والمُنطلق الابتدائي لتقييم العمل عباديّا أو مُعامليّا على ضوئه. والحاصل‘إنّه إذا تبيّن لك ضرورة وجود الصّادقين، والقُدرة على امتثال اتّباعهم، فإنّه يثبت بذلك أنّ الصّادق لا يخلو منه زمان أو مكان؛ ليصدق الطّلب الإلهي ولا يكون لغواً, لأنّه عندما أمر بالكون مع الصّادقين (وضروري أنّ الخطاب مُتعلّق بالمُكلّفين كافّة، سواء كانوا في عصر الخطاب أو ما بعده من العصور، إلى قيام السّاعة, بداهة كون القُرآن المجيد تبياناً لكُلّ شيء، على مدى العُصور والدّهور) فإنّه لابدّ أن يكون الصّادق موجوداً؛ ليتحقّق امتثال الأمر, فافهم تغنم، وسارع تسبق، وبعد تماميّة هذا المطلب، ننتقل إلى مطلب آخر، وهو: إنّ المأمور به، وهو الكون مع الصّادقين، لابدّ أن يكون الاتّباع له صحيحاً وسليماً، بعد الفُراغ من المُراد من قوله تعالى:" وكونوا مع الصّادقين". فهل هم من يصدق عليه طروّ الخلل والنّقص، والوقوع في المُخالفة الشّرعيّة, أم خصوص من اجتمعت فيه الصّفات الكماليّة ؟ لاشكّ عقلاً أنّ الأمر الإلهي لا يدعو إلى اتّباع النّاقص، الذّي يصدر منه المُخالفة الشّرعية, لأنّه يستلزم المحذور المحال على الحكيم الخبير, مثل، التّغرير بالعباد والتّضليل لهم, فإنّهم لو رأوا من أمروا باتباعه يرتكب الذّمائم من الأمور، والنّقائص المشينة؛ لأعابوا عليه ذلك, الأمر الذي يستلزم الإعابة على من أمر به، وهو قبيح. إذن، لم يبق للعاقل السّليم إلاّ التّسليم، بأنّ المُراد من الصّادقين هو من كان كاملاً تامّاً سويّاً، خلقاً وخُلقاً ومنطقاً, وهذا بحسب الحقيقة لا يتمّ إلاّ فيمن شهد لهم الكتاب العزيز، بقوله عزّ وجلّ: " إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " ومن المُسلّم به، أنّ الآية لا تنطبق تمام الانطباق حصراً، إلاّ على عليّ وفاطمة والحسن والحُسين والأئمة المعصومين عليهم السّلام, ثمّ إنّه إذا تعيّن المطلوب، وظهر المقصود ينكشف لنا ببركة المنطوق الشّريف، عدّة لوازم قطعيّة:
                          اللازم الأوّل : صدق العصمة المُطلقة للصّادقين، وذلك بلحاظ التّـنزيه التّامّ لهم، بمُقتضى الأمر بالاتّباع، وهو أمر قطعيّ، لا غبار عليه .
                          اللازم الثّاني : تماميّة العلم الإلهي لهم، بما كان أو يكون وما هو كائن؛ وذلك لبداهة أنّ الأمر بالكون معهم شاهد قطعي، على تمام قُدرتهم، في جميع المُستلزمات الوجوديّة الشّرعيّة، والشّرعيّة الوجوديّة, ويؤيّد ذلك قول أمير المؤمنين عليه السلام:" سلوني قبل أن تفقدوني" وشهادة القُرآن المجيد له، بقوله: " قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب " وقوله تعالى " وكُلّ شيء أحصيناه في إمام مُبين " .
                          اللازم الثّالث : تحقّق الإمامة المُطلقة على الصّعيدين، التّكويني والتّشريعي، كما قال عزّ وجلّ :" إنّي جاعلُك للنّاس إماماً " وقوله تعالى: " وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا " ويشهد لهذه الحقائق المركوزة في بطن الآية، تقديم الأمر بالتّقوى لغرض الإعداد والاستعداد؛ لأنّها في واقع تفسيرها " التّقوى " هي الوقاية من الأرجاس والأدناس والشّوائب، فإنّه إذا تمّ ذلك, تمّ اللقاء والكون مع عين الطُّهر والطّهارة، وأصل كُلّ طُهر وطاهر .
                          اللازم الرّابع : وجوب اتّباع خلافته وحكومته على أهل الآفاق كافّة, الأمر الذي يلزم الخلائق باتباعه في ما يأمر وينهى في الأمور كُلّها، الخاصّ منها والعامّ، كالسّلم والحرب وغيرهما, وعليه فلا يصحّ تبعيض الاتباع في جانب دون آخر, ممّا يلزم التّصدّع، وهو غير مقبول وغير معقول, فلاحظ ما تلوته عليك من سحائب المشيئة في ساحة سدرة المُنتهى, ما زاغ البصر وما طغى .وإن أبيت إلاّ المزيد في التّأييد والتّأكيد، فليس لك دواء إلا الذكر الحكيم، وأقوال الصّادقين؛ لتزداد بصيرة بما يُتلى عليك, تاركا التّعليق، فيما تقرأ وتتدبّر على فراستك وحكمتك,وأنت جدّ عليم, وفي البدء أعرض لك آيات الكتاب المُبين,ثمّ أنتقل بك إلى ما صدع به الميامين، سلام الله عليهم أجمعين.
                          أمّا الآيات الكاشفة عن مراتب الصّادقين:
                          قوله تعالى: وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [البقرة : 23]
                          وقوله تعالى: وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [البقرة : 31]
                          وقوله تعالى: قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآَخِرَةُ عِندَ اللّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [البقرة : 94]
                          وقوله تعالى: وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [البقرة : 111]
                          وقوله تعالى: الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ [آل عمران: 17]
                          وقوله تعالى: كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [آل عمران : 93]
                          وقوله تعالى: الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [آل عمران : 168]
                          وقوله تعالى: الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىَ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [آل عمران : 183]
                          وقوله تعالى: قالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [المائدة : 119]
                          وقوله تعالى: قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [الأنعام : 40]
                          وقوله تعالى: ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ نَبِّؤُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [الأنعام : 143]
                          وقوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَادِقُونَ [الأنعام : 146]
                          وقوله تعالى: قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ [الأعراف : 70]
                          وقوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [الحجرات : 15]
                          وقوله تعالى: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [الحجرات : 17]
                          صدق الله العليّ العظيم
                          وأمّا الرّوايات المُصرّحة في تطبيق الصّادقين، على آل مُحمّد، عليهم سلام الله ربّ العالمين, وأنّهم لولاهم لساخت الأرض بأهلها، فهي مجموعة كبيرة، نقطع بصدورها لاشتمالها على الصّحاح، وموافقتها للعقل, بل أورد السّيّد هاشم البحراني" رحمه الله" في غاية المرام، من طرق العامّة، سبعة أخبار، نصّت على أنّ الصّادقين، هم أهل بيت النّبيّ عليهم السّلام, ولا أظن فقيهاً يُناقش في صدورها، أو دلالتها على المقصود منها، في ضرورة وجود الإمام.
                          أستهلّ البحث برواية، لو كانت وحدها لكفت، وأغنت، وهي صحيحة أبان بن تغلب,عن أبي عبد الله عليه السّلام، أنّه قال:الحُجّة قبل الخلق، ومع الخلق، وبعد الخلق .
                          إرجع البصر أيّها الحبيب، هل ترى من غموض؟ فقد كفاك ما أريناك.
                          ومعتبرة إسحاق بن عمار,عن أبي عبد الله عليه السّلام، قال: سمعته يقول: إنّ الأرض لا تخلو إلا وفيها إمام,كيما إن زاد المؤمنون شيئاً ردّهم,وإن نقصوا شيئاً أتمّه لهم.
                          وقد أود الكُليني" طاب ثراه" الأخبار المُستفيضة، في ضرورة كون الإمام في كُلّ زمان، فراجع تغنم.
                          وأمّا الرّوايات التي وردت في شأن الصّادقين"عليهم السلام" فإنّه قد أفرد باباً، تحت عنوان: ( ما فرض الله" عزّ وجلّ" ورسوله" صلّى الله عليه وآله" من الكون مع الأئمة)
                          منها: ما أورده بسنده عن بريد بن معاوية العجلي، قال: سألت أبا عبد الله "عليه السّلام" عن قول الله "عزّ وجلّ": اتقوا الله وكونوا مع الصادقين، قال: إيّانا عنى.
                          وصحيحة ابن أبي نصر,عن أبي الحسن الرّضا" عليه السلام" قال: سألته عن قول الله "عزّ وجلّ: يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين، قال: الصّادقون هم الأئمة، والصّدّيقون بطاعتهم.
                          وعن ابن شهر آشوب، من تفسير أبي يوسف بن يعقوب بن سفيان، حدّثنا مالك ابن أنس، عن نافع، عن ابن عُمر، قال: وكونوا مع الصّادقين، يعني مع مُحمّد وأهل بيته (عليهم السّلام).
                          وجاء في الدّر المنثور للسّيوطي، عن ابن مردويه، عن ابن عباس، وأيضاً عن ابن عساكر، عن أبي جعفر، في قوله: ( وكونوا مع الصّادقين) قالا: مع عليّ بن أبي طالب
                          والرّوايات الواردة بهذا اللفظ الشّريف عنهم "عليهم السلام": لولا الإمام لساخت الأرض بأهلها.
                          وأخيرا فماذا بعد الحقّ إلا الضّلال,هذا ما أردنا بيانه في هذا المطلب الهامّ, ليهلك من هلك عن بيّنة وليحي من حيّ عن بيّنة, والحمد لله أوّلاً وآخراً، والصّلاة والسّلام على النّبيّ وآله عدد ما في علمه، ودوام ملكه.
                          والحمد لله ربّ العالمين
                          ملاحظة:هذه مقتطفات قصيرة من الأنوار الإلهية، والأسرار الربانيّة، المودعة في كتاب الله الكريم، والمتحصلة في الخارج بأرباب النعم وهداة الأمم، محمّد وآل محمّد «صلوات الله عليهم أجمعين» نحن مستعدون للحوار في بيانها، والإجابة على الاستفسارات التي يطرحها الأخوة والأخوات؛ ليكون البحث واضحاً والغرض متحققاً، جعلنا الله وإياكم من العارفين بحقّ محمّد وآل محمّد (صلوات الله عليهم)، والعاملين بذلك ، والمحشورين في زمرتهم إنّه سميع مجيب ، والله من وراء القصد.
                          عبد الكريم العقيلي

                          تعليق


                          • #14
                            اشكرك جدا لهذا البحث
                            وليته يفيد البعض
                            (المعنى في قلب الشاعر)

                            تعليق


                            • #15
                              بسم الله الرحمن الرحيم
                              قال تعالى: {وَمَا مِنْ غَائِبَة فِي السَّماءِ وَالأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتَاب مُّبِين}(1)

                              الإنسان النبيه إذا ما تأمّل في مفردات هذه الآية الشريفة، وغاص في متونها ودقائقها، فإنّه يجد لا محالة الحقائق مسطورة، والبيّنات معلومة ومذكورة، ولكنّ الأمر يحتاج إلى بيان للرقيّ إلى تلكم المنازل والمراتب الّتي تحتويها وتنطوي في متنها هذه الحقائق.




                              فالمعاني القرآنية الكريمة لابدّ أن تُستوحى، ولا بدّ أن تُطلب كما يطلب اللؤلؤ والمرجان من قاع البحار. هكذا يجب أن نتعامل مع كتاب الله العزيز، بل ما قيمة اللؤلؤ والمرجان قبال كلام الله المجيد؟!
                              القرآن الكريم يصرّح: {وَمَا مِنْ غَائِبَة فِي السَّماءِ وَالأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتَاب مُّبِين}.
                              ما المُراد من الغائبة التّي يقصدها القرآن الكريم؟
                              الغائبة بمعنى الغيب، والغيب في اللّغة يطلق على عدّة معان، منها: كلّ ما غاب عنك فهو غيب. وقال ابن الإعرابي: والغيب ماغاب عن العيون وإن كان محصّلا في القلوب. ويقال: سمعت صوتاً من وراء الغيب، أي من موضع لا أراه. وقد يطلق الغيب على الشك ...(2)
                              إذن الغائبة: هي الشيء الّذي خُفي عن الحواس، وسُتِر عن النظر والبصر، فيكون كلّ ما خفي عنّا وسُتر إنّما هو في قائمة المغيّبات.
                              وطبقاً لهذا المعنى المراد من الغائبة، تتكوّن عندنا حصيلة هائلة من المغيّبات، سواء ما يتعلق بأنفسنا، أو بما يحيط بنا من أطراف وأبعاد هذا الكون الهائل، من دون الذرّة إلى ما فوق المجرّة. فأغلب هذه الموجودات يكتنفها الغموض وتحيط بها هالة كبيرة من الأسرار الخفية علينا.
                              فلا ريب إنّ كلّ واحد منّا لا يعلم ما في ضمائر الآخرين، ولا يعلم كلّ ما في نفسه. فلمح العيون وما تخفي الصدور وخطرات القلوب، خبايا وخفايا مستورة عن الخلق، ولكنّها مسطورة وحاضرة في الكتاب المبين.
                              فإذا نظرنا إلى ما هو موجود في الحيوانات، باعتبارها من الخلائق، وباعتبار أنّ الإطلاق موجود فيها، فالحيوانات على إطلاقها من الذرّة(3) إلى أكبر حيوان في هذا الوجود، ما فيها من إدراكات، وما فيها من إحساسات، وما فيها من شعور، فإنّ أغلب ذلك خفيّ علينا. قال تعالى: {وَمَا مِن دَابَّة فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٌ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ...}(4).
                              فكلّ هذا الجنس يكمن فيه أسرار وعجائب وغرائب، وما إلى ذلك من أشياء تخفى على الكلّ إلاّ على من اختارهم وفضّلهم الله تعالى.
                              فالحيوانات البحريّة مثلا، ما خفي علينا _من أنواعها وأجناسها وفصولها والظروف المحيطة بها، والملائمة لها وما إلى ذلك_ أكثر مما ظهر لنا منها. إذن كلّ ذلك يعد في قائمة المغيّبات، أو في حكمها. ناهيك عن الكائنات المجهريّة _وحيدة الخلية وغيرها_ الّتي لاترى بالعين المجرّدة، بل أنّ بعضها لايرى في كثير من المجاهر الحديثة، فكلّ يوم يطلع علينا العلم الحديث باكتشاف جديد، ولكن مع هذا كلّه تبقى قائمة المغيّبات أكثر بكثير ممّا عُلم.
                              وأيضاً إذا تمعنّا في خبايا النباتات، وما يكمن فيها من نموّ، من تطاول، من عرض، من سمك، من طيب وخبث، وما إلى ذلك، وما يكمن في التربة من أسرار، ومن خبايا، وتأثيرها على النباتات والمزروعات الّتي تحيا بالماء وغيره، فهذه أغلبها غير خاضعة للحسّ، وتدخل في قائمة المغيّبات.
                              وإذا تمعّنا في الجمادات، وما فيها من أسرار وعلوم، وما أدراك ما تلك الأسرار والعلوم.
                              قال تعالى: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ...}(5).
                              إذن، في كلّ هذا وغيره خفايا وخبايا وأسرار وأشياء لا يمكن أن تلمس وتحسّ، فهي أيضاً داخلة في القائمة المذكورة.
                              ثّم إذا نظرنا إلى أعماق الأرضين، وما فيها من أسرار، أغلب ذلك لم ير، ولم يحسّ.
                              وأيضاً إلى السماء، وما فيها من أسرار، من ملائكة وغير ذلك من خلائق إلى الآن لم تعرف هوّيتها وجنسها، وما إلى ذلك من عجائب وغرائب تكتشف حيناً بعد حين، والّتي لم تكتشف كثيرة حتماً، وسيبقى بعضها على مجهوليّته; لأنّ الإنسان بطبيعته ممكن محدود.
                              قال تعالى: {...وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً}.(6)
                              لنرتفع إلى السماء الاُولى، وما فيها من أسرار، من ملائكة، من كينونات، من مكوّنات، من موجودات، من ذوات من صفات من أعراض، كلّها أيضاً في قائمة {وَمَا مِنْ غَائِبَة}.
                              ثمّ السماء الثانية، هي أيضاً تستبطن أسراراً عجيبة وغريبة لايرقى أحدٌ إلى الإحاطة التّامة بها على الإطلاق إلاّ هم صلوات الله عليهم.
                              ثمّ السماء الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة، كلّها فيها أسرار غائبة علينا، قال تعالى:
                              {وَمَا مِنْ غَائِبَة فِي السَّماءِ وَالأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتَاب مُّبِين}.
                              فالّذي نودّ أن نتعرّف عليه، بعد إثبات أنّ كلّ المغيّبات، وكلّ الحقائق والهويّات والماهويات، مسطور في {كِتَاب مُّبِين}.
                              فما هو هذا الكتاب المبين؟
                              نبحث هنا في هذه المسألة عن معنى الكتاب المبين. نقل بعض المفسِّرين أنَّ المُراد بالكِتاب المُبين الّذي انطوت فيه جميع الأسرار هو عبارة عن «اللوح».
                              إذن، اللوح صار موطناً ومحلاً لتلك الغائبات الّتي هي في السماوات والأرضين وغيرها.
                              فالمراد إذن _حسب ما أفاده المفسّرون والموضّحون والشارحون للكلمة ومعناها_ من الكتاب المبين هو عبارة عن اللوح. وقال بعض آخر: هو عبارة عن عالم الوجود. وقال فريق ثالث غير ذلك.
                              نسأل: ما المراد باللوح؟
                              قال بعضهم: المراد باللوح هو عبارة عن قماش أو حرير أو ما شابه، نقش عليه جميع الأشياء. وقال بعضهم: إنّه عبارة عن قطعة نورانيّة من الأخشاب الإلهيّة، حملت فيها جميع أسرار الخلق. وما إلى ذلك من معان وتوجيهات، لسنا الآن في صدد حصرها.
                              فاللوح: هو الموطن، أو الآلة الحاملة لأسرار المغيّبات، سماوات وأرضين، فعلى جميع هذه المعاني للوح سواء كانت قطعة من حرير، أو خشباً نورانياً أو ما إلى ذلك ممّا نعرفه ونفترضه، أو ما لا نعرفه، فهل ياتُرى ترقى هذه المعاني في حقيقتها على صدر محمّد، وقلب عليّ المرتضى وآل عليّ صلوات الله عليهم أجمعين؟!
                              بمعنى آخر: أيكون اللوح حاوياً _مع كلّ ما تفترض له من معنى ومدلول_ على معان وأسرار هي خافية على صدر المصطفى والمرتضى صلوات الله عليهما؟!
                              بلا إشكال إنّ ما تفترضونه من المعاني لا يعلو على صدر النبيّ«صلى الله عليه وآله» وقلب الوليّ«عليه السلام». فكلّ شيء في هذا الكون لا يتجاوز أنملة من أنامل المصطفى، ولا يرقى إلى حقيقة صدر النبيّ«صلى الله عليه وآله» وقلب الولي والأئمّة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين.
                              إذن فإنّ أيّ معنى ممكن أن يفهمه البعض بمعزل عن محمّد وآل محمّد صلوات الله عليهم_ يبقى هذا المعنى غير جامع للمعرّف به. كيف؟ لأنّ القرآن يصرّح: {وَمَا مِنْ غَائِبَة فِي السَّماءِ وَالأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتَاب مُّبِين} فهذا الإطلاق وهذا الشمول في الآية الكريمة لايمكن، بل لايعقل أن يجمعه شيء على الإطلاق، سوى محمّد وآل محمّد صلوات الله عليهم أجمعين.
                              إذن، يكون المعنى المطابقي والحقيقي للوح هو قلب المصطفى والمرتضى والأئمة الميامين المعصومين من آلهما صلوات الله عليهم أجمعين.



                              فهم (عليهم السَّلام) الحقيقة الجامعة لحقائق الأشياء الظاهرة والخفية


                              ومن هنا تعرف سرّ اللوح، إذ هو في حقيقة معناه رمز، لا تفسّره بقطعة قماش، أو حرير أو سندس أو استبرق أو ما أشبه، إنّما هو رمز يشار به إلى صدر الأئمة الأطهار «عليهم السلامم» لهذا ورد عن الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» أنه قال:
                              «أنا الّلوح أنا القلم ... أنا أعلم خطرات القلوب، ولمح العيون، وما تخفي الصدور».
                              كلّ ذلك بإذن الله، حيث آتاهم ما لم يؤت أحداً من العالمين، ولهذا طأطأ كلّ شريف لشرفهم(7).
                              ورد عن الإمام الصادق «عليه السلام» أنّه قال: إنّ الله تعالى كان ولاشيء قبله، وهو باق ولا نهاية له، فله الحمد على ما ألهمنا، والشكر على ما منحنا، فقد خصّنا من العلوم بأعلاها ومن المعالي بأسناها، واصطفانا على جميع الخلق بعلمه، وجعلنا مهيمنين عليهم بحكمه(8).
                              إذن، لا يمكن أن يرقى على شرف المصطفى وآله صلوات الله عليهم لا لوح، ولا قلم، ولا عرش ولا كرسيّ، كلّ شيء دون شرف محمّد وعليّ وآل عليّ صلوات الله عليهم أجمعين.
                              أورد ابن شهر آشوب في المناقب، عن صفوان بن يحيى، عن بعض رجاله، عن الصادق«عليه السلام» قال: والله، لقد اُعطينا علم الأولين والأخرين، فقال له رجل من أصحابه: جعلت فداك أعندكم علم الغيب؟ فقال له: ويحك! انّي لأعلم ما في أصلاب الرجال وأرحام النساء، ويحكم! وسّعوا صدوركم، ولتبصر أعينكم، ولتع قلوبكم; فنحن حجّة الله تعالى في خلقه، ولن يسع ذلك إلاّ صدر كلّ مؤمن قويّ، قوّته كقوة جبال تهامة إلاّ بأذن الله، والله، لو أردت أن أحصي لكم كلّ حصاة عليها لأخبرتكم، وما من يوم ولاليلة إلاّ والحصى يلد ايلاداً كما يلد هذا الخلق، ووالله، لتباغضون بعدي حتّى يأكل بعضكم بعض(9).
                              هذه هي الحقيقة التي يصدع بها القرآن كلّ صباح ومساء في ذهن كلّ عاقل، بقوله تعالى:
                              {وَمَا مِنْ غَائِبَة فِي السَّماءِ وَالأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتَاب مُّبِين}.
                              وقوله تعالى أيضاً: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا}(10).
                              ورد عن الإمام الصادق«عليه السلام» أنّه قال:
                              الحمد لله الذي اصطفانا ولم يصطف علينا، اصطفانا بعلمه، وأيّدنا بحلمه، من شذّ عنّا فالنّار مأواه، ومن تفيّء بظل دوحتنا فالجنّة مثواه (11).
                              إذن، كلّ ما نفترض للكتاب من معنى، فلا يكون إلاّ صدر المصطفى، وقلب المرتضى وآل المرتضى«عليهم السلام» وهذا معنى، «أنا اللوح» يعني، أنا المرموز إليّ في القرآن بالكتاب المبين في قوله تعالى: {ذلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ}(12). أي الذين يسلّمون تسليماً تاماً كاملاً لحقائقهم ومعارفهم صلوات الله عليهم، وما قيمة هذه العلوم بالنسبة إلى علم الأئمّة الميامين«عليهم السلام»؟!
                              هل نستكثر عليهم هذه العلوم؟!
                              هل نستكثر على الله تعالى أن آتاهم ما لم يؤت أحداً من العالمين؟!
                              وهل نستكثر أن كلّ شريف طأطأ لشرفهم ؟!
                              فكلّ الذي ذكر ونسب إلى فضل ورتبة أهل البيت صلوات الله عليهم، ما هو إلاّ شؤونات ومنازل ظاهرة، وأمّا المقام الحقيقي لعليّ وآل عليّ صلوات الله عليهم، فلا يمكن الإحاطة بمعرفته إلاّ من قبل الله ورسوله، قال من لا ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى«صلى الله عليه وآله»: «يا عليّ ما عرف اللّه حقّ معرفته غيري وغيرك، وما عرفك حقّ معرفتك غير اللّه وغيري(13).
                              هذه هي الحقيقة، هذا الّذي كتبه الله في كتابه، وهذا الّذي بيّنه القرآن في خطابه، ولا يخفى ذلك لمن تدبّر وتأمّل في آيات القرآن.
                              وجدير بالإشارة أنّ كلّ مكلف مطالب بالتأمّل فيها، فالقرآن آيات، وحقيقة الآيات هي وجوه الحقائق الوجودية «الأنوار العلويّة» وهي الآيات الّتي أمر الله تعالى بالتدبّر فيها; لأنّها هي الباب الموصل إلى الله تبارك وتعالى، على ما ورد في الأخبار الصحيحة عنهم صلوات الله عليهم:
                              «من أراد الله بدأ بكم» (14).
                              «من عرفنا فقد عرف الله، ومن أنكرنا فقد أنكر الله عزّ وجلّ».
                              «بنا عرف الله، بنا عبد الله، نحن الأدلاّء على الله، ولولانا ما عبد الله».
                              لماذا؟ لأنهّم الكتاب المبين الّذي سطّر فيه علم السماوات والأرضين والأنبياء والمرسلين، يقول إمامنا الصادق«عليه السلام»:
                              نحن خزّان الله على علم الله، نحن تراجمة وحي الله، نحن الحجّة البالغة على من دون السماء وفوق الأرض(15).
                              فالحمد لله ربّ العالمين، الحمد لله على نعمة المعرفة، وعلى نعمة التدبّر في آيات الله الكبرى، وهل هناك يا أبناء القبلة آية أعظم منهم؟ وهل هناك نبأ أعظم من عليّ وآل عليّ«عليهم السلام»؟!





                              عبد الكريم العقيلي


                              --------------------------------------------------------------------------------


                              الهوامش


                              (1) النمل: 75.
                              (2) أُنظر لسان العرب لابن منظور: 10/151 _مادّة غيب_ .
                              (3) الذّر: صغار النمل، واحدة ذرّة. قال ثعلب: إنّ مئة منها وزن حبّة من الشعير، فكأنّها جزء من مئة. وقيل: الذرّة ليس لها وزن، ويراد بها ما يُرى في شعاع الشمس الداخل من النافذة. أُنظر لسان العرب لابن منظور: 5/33 _مادة ذرر_.
                              (4) الأنعام: 38.
                              (5) النمل: 88.
                              (6) الإسراء: 85.
                              (7) مقطع من الزيارة الجامعة للمعصومين صلوات الله عليهم، أُنظر كتاب سماحة المحاضر _حفظه الله_ الصوارم القاطعة: 151 ـ 152 الفقرتان 176 و177.
                              (8) توحيد المفضّل: 44 المجلس 1.
                              (9) المناقب: 4/250، عنه صحيفة الأبرار: 1/104.
                              (10) فاطر: 32.
                              (11) توحيد المفضّل: 126.
                              (12) البقرة: 2.
                              (13) أورده العلاّمة المجلسى «رحمه الله» في البحار: 39/84.
                              (14) مقطع من الزيارة الجامعة تقدّمت الإشارة إليه.
                              (15) بصائر الدرجات: 104 ح6.

                              تعليق

                              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                              حفظ-تلقائي
                              x

                              رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                              صورة التسجيل تحديث الصورة

                              اقرأ في منتديات يا حسين

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, اليوم, 07:21 AM
                              ردود 2
                              12 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                              بواسطة ibrahim aly awaly
                               
                              يعمل...
                              X