إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

أسرار قرانية في حقائق وأنوار محمّد وآل محمّد صلوات الله عليهم

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #31
    إنّها هديـّة السّماء


    من الخصائص المهمة للسيدة الزهراء عليها السلام هو اصطفاء الباري تعالى لنطفتها واستخلاصه لها وانتخابها من صفوة ثمار الجنة.
    فقد تميّزت الصدّيقة فاطمة (سلام الله عليها) عمن سواها من النساء حتى في نطفتها، حيث إنّ الله تعالى أتحف رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بها من الجنة.
    فعن الإمام الرضا عليه السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لمّا عرج بي إلى السماء أخذ بيدي جبرئيل عليها السلام فأدخلني الجنة فناولني من رطبها فأكلته، فتحوّل ذلك نطفة في صلبي، فلمّا هبطت إلى الأرض واقعت خديجة عليها السلام فحملت بفاطمة عليها السلام، ففاطمة حوراء إنسية فكلّما اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة»(1).
    وعن ابن عباس قال: دخلت عائشة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقبّل فاطم عليها السلام, فقالت له: أتحبّها يا رسول الله؟
    قال: أما والله لو علمت حبي لها لأزددت لها حباً، إنه لما عرج بي إلى السماء الرابعة أذّن جبرئيل وأقام ميكائيل، ثم قيل لي: أذّن يا محمد.
    فقلت: أتقدّم وأنت بحضرتي ياجبرئيل؟
    قال: نعم إنّ الله عزّوجلّ فضّل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقرّبين وفضّلك أنت خاصة.
    فدنوت فصلّيت بأهل السماء الرابعة، ثم التفت عن يميني فإذا أنا بإبراهيم عليه السلام في روضة من رياض الجنة وقد اكتنفها جماعة من الملائكة، ثم إني صرت إلى السماء الخامسة ومنها إلى السادسة فنوديت: يا محمد نعم الأب أبوك إبراهيم ونعم الأخ أخوك علي..
    فلمّا صرت إلى الحجب أخذ جبرئيل عليه السلام بيدي فأدخلني الجنة، فإذا أنا بشجرة من نور أصلها ملكان يطويان الحلل والحلي فقلت: حبيبي جبرئيل لمن هذه الشجرة؟
    فقال: هذه لأخيك علي بن أبي طالب عليه السلام, وهذان الملكان يطويان لـه الحلي والحلل إلى يوم القيامة.
    ثم تقدّمت أمامي فإذا أنا برطب ألين من الزبد وأطيب رائحة من المسك وأحلى من العسل، فأخذت رطبة فأكلتها فتحوّلت الرطبة نطفة في صلبي، فلمّا أن هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة، ففاطمة حوراء إنسية فإذا اشتقت إلى الجنة شممت رائحة فاطمة عليها السلام (2).
    وعن جابر بن عبد الله قال: قيل يا رسول الله إنك تلثم(3) فاطمة وتلتزمها وتدنيها منك وتفعل بها ما لا تفعله بأحد من بناتك؟
    فقال: «إنّ جبرئيل عليه السلام أتاني بتفاحة من تفاح الجنة فأكلتها فتحوّلت ماء في صلبي ثم واقعت خديجة فحملت بفاطمة فأنا أشم منها رائحة الجنة»(4).

    (1) عيون أخبار الرضا : ج1 ص115 ح3.
    (2) علل الشرائع: ج1 ص183 ب147 ح2.
    (3) اللثم: القبلة، (لسان العرب) مادّة لثم.
    (4) بحار الأنوار: ج43 ص5 ب1 ح4.[/

    تعليق


    • #32
      يرفع عاليا بحق محمد و آل محمد الطيبين الطاهرين

      تعليق


      • #33
        أسرار حديث: (حسين مني و أنا من حسين)

        هذا الحديث فيه جملة من الأسرار تحتاج في بيانها إلى عدة مقامات تمهيدية من خلالها يمكن توجيه الحديث و بيان أسراره الغامضة المستبطنة ضمن ألفاظه و معانيه و طياته، و قبل الدخول في تلك المقدمات و بيانها يقتضي المقام أن يكون الكلام حول الحديث في مقامين:

        الأول: هو كون الإمام الحسين (عليه السلام) من رسول الله (صلى الله عليه و آله)

        الثاني: كون الرسول (صلى الله عليه و آله) من الإمام الحسين (عليه السلام)


        حسين منّي

        يعني ذلك انتساب الإمام الحسين (عليه السلام) الى الرسول الأعظم (صلى الله عليه و آله) انتساباً حقيقياً، و ليست هذه النسبة من القول على عواهن الكلام؛ بل نفسه يقول فيه هذه الحديث (حسين مني) و الرسول لا ينطق عن الهوى ان هو الاّ وحي يوحى؛ كيف لا يكون ذلك؟
        و هذا القرآن الكريم قد بين في طياته من الإمكان المتحقق في الخارج وقوعاً و حدوثاً هو انّه من الممكن انتساب ابن البنت الى الجد أبو البنت، و ذلك ما أخبرنا به القرآن الكريم في الآية المباركة حيث قال الله تعالى:
        (و من ذريته داود و سليمان و أيوب و يوسف و موسى و هارون و كذلك نجزي المحسنين و زكريا و يحيى و عيسى). (الأنعام: 84)
        حيث أن الآية نسبت عيسى (عليه السلام) إلى ذرية الأنبياء مع كونه لم يولد من أب بل عنده أم فقط و هي مريم (عليها السلام)؛ اضافة الى ذلك .. أن آية المباهلة من الآيات المهمة في الاستدلال على كون الإمامين الحسن و الحسين (عليهما السلام) أولاد رسول الله (صلى الله عليه و آله)؛ حيث خرج بهم الرسول الأكرم (صلى الله عليه و آله) في قصة المباهلة، و قد خاطبت الآية الحسنان (عليهما السلام) بقوله: (و أبناءنا و أبناءكم) و كذلك جاءت مضامين عدة أحاديث حملت لنا بين طياتها القول بكون الإمام الحسين (عليه السلام) من أبناء رسول الله حقيقة، و على لسان نفس الرسول محمد (صلى الله عليه و آله) حيث ورد عن صفية بنت عبدالمطلب قالت: لما سقط الإمام الحسين (عليه السلام) من بطن امه فدفعته الى النبي (صلى الله عليه و آله) فوضع النبي لسانه في فيه و أقبل الحسين (عليه السلام) على لسان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يمصه، قالت: فما كنت أحسب رسول الله (صلى الله عليه و آله) يغذوه إلا لبناً أو عسلاً، قالت: ... ثم دفعه إلى و هو يبكي و يقول: لعن الله قوماً هم قاتلوك يابني، يقوله: ثلاثا ...! (أمالي الصدوق: 117 ح 5، البحار: 43/243ح17)
        فظهر من هذا الحديث أن الرسول الأعظم (صلى الله عليه و آله) كان يعتبر الإمام الحسين (عليه السلام) من أول يوم ولادته ابنه بالبنوة المعروفة؛ مثلما يقول الرجل هذا ابني.
        و على هذا البيان يظهر معنى قول الرسول (صلى الله عليه و آله): (حسين مني) أي منّي بالبنوة الجسمانية المتعارفة بين الناس؛ فانه لحم رسول الله (صلى الله عليه و آله) و دمه، يؤذيه ما يؤذي الإمام الحسين (عليه السلام)، و يرضيه ما يرضي الإمام، لأنهما من نور الله الذي لا يخبو و لا يطفأ؛ فالإمام الحسين (عليه السلام) ابن الرسول الذي أكد عليه الرسول بقوله: (يا بني) في أكثر من موضع في الروايات الشريفة.

        أنا من حسين

        هنا وقفت أقلام العلماء و ذهلت عقول العقلاء و كلّت ألسن الخطباء و حارت ألباب العرفاء و اضطربت نفوس الأولياء و تاهت أفكار العظماء في معرفة و بيان و تأويل هذا الكلام و اظهار معانيها و ابتغاء مضامينه و استخراج لئالئه و الوقوف على كنه أسراره و غوامضه، و كل يدعي الوصول الى معناه، و ذلك كان بحسبهم لا بحسبه و كل على قدره من الدوح يقطف؛ فلا الأقلام قادرة على وصف ذلك و معرفته و اعطاء حقه من البيان، و لا عقول العقلاء قادرة على استحكام معناه و لا العرفاء استطاعوا أن يتجاوزوا هذه القنطرة في أدق معانيها...
        و لكن ما لا يدرك كله لا يترك جله، و على ضوء هذه العقيدة نقف مع هذا الشطر الثاني من الحديث لنرى ما تحتمله العقول من فهم بعض أسرار الحديث؛ فكل من وقف مع هذا الحديث قد أعطى بعض الإشارات و البيانات، و التي فهمها من خلال دراسته و تعمقه في علوم أهل البيت (عليهم السلام)؛ فمن هنا كان لنا الوقوف مع بعض ما نتحمله من الأسرار، فان ذلك يحتاج الى ذكر مقدمات و بيانات توضيحية، من خلالها ندخل في المعرفة النورانية لهذا الحديث:
        إنه ورد في تفسير هذا الحديث النبوي المشهور عدة بيانات بعضها ما جاء على هيئة تأويل و الآخر ما ورد على كونه تفسير و غيرها، و أول هذه الإحتمالات:
        هو كون الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه و آله) أول من خلقه الله كنور من الأنوار، و إلى ذلك تشير عدة من المأثورات الشريفة؛ حيث دلت هذه الروايات كون خلق الرسول و الائمة الاثني عشر: إنما كان في بدء الخلقة نوراً خلقهم الله تعالى، و إلى ذلك أشارت الفقرة الواردة في الزيارة الجامعة الكبيرة: (خلقكم الله أنواراً فجعلكم بعرشه محدقين)، و هذا معناه ما ورد على لسانهم حيث قالت بعض المأثورات التي وصلت إلينا عن طريق حواريهم بانهم نور، و هذا ما نراه واضحاً في الروايات، منها:
        1) تفسير القمي في قوله تعالى: (فآمنوا بالله و رسوله و النور الذي أنزلنا)
        عن أبي خالد الكابلي قال: سألت أباجعفر (عليه السلام) عن قوله تعالى: (فآمنوا بالله و رسوله و النور الذي أنزلنا) فقال: يا أبا خالد! النور و الله الائمة من آل محمد (صلى الله عليه و آله) إلى يوم القيامة، و هم و الله نور الله الذي أنزل، و هم و الله نور الله في السماوات و الأرض، يا أبا خالد! لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار و هم و الله ينورون قلوب المؤمنين و يحجب الله نورهم عمن يشاء فتظلم قلوبهم، و الله يا أبا خالد! لا يحبنا عبد و يتولانا حتى يطهر الله قلبه و لا يطهر الله قلب عبد حتى يسلم لنا و يكون سلما لنا؛ فاذا كان سلما لنا سلمه الله من شديد الحساب و آمنه من فزع يوم القيامة الأكبر

        .
        2) عن الأصبغ بن نباتة قال: سمعت أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول:
        أفضل الكلام قول لا إله الا الله و أفضل الخلق أول من قال: لا إله الا الله.
        فقيل: يا رسول الله و من أول من قال: لا إله الا الله؟!
        قال: أنا و أنا نور بين يدي الله جل جلاله أوحده و أسبحه و أكبره و أقدسه و أمجده و يتلوني نور شاهد مني.
        فقيل: يا رسول الله و من الشاهد منك؟
        فقال: علي بن أبي طالب أخي و صفيي و وزيري و خليفتي و وصيي و إمام أمتي و صاحب حوضي و حامل لوائي.
        فقيل له: يا رسول الله فمن يتلوه؟
        فقال: الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة ثم الائمة من ولد الإمام الحسين إلى يوم القيامة. (كمال الدين: 379)

        فالله نور السماوات و الأرض و هو الوجود المطلق و مطلق الوجود لا يعلم ما هو إلا هو جل جلاله، و لابدّ أن تكون حقيقته حقيقة نورية وجودية تليق بذاته لا يمكن لأي واحد سواه أن يعرف ذاته، و من هذا المنطلق قال النبي الأعظم (صلى الله عليه و آله): (ما عرفناك حق معرفتك)، و إن ورد عنه أيضاً مخاطباً أميرالمؤمنين (عليه السلام): (يا علي ما عرف الله إلا أنا و أنت)؛ فانما معرفته في أسمائه و صفاته لا في ذاته؛ فلا يعلم ذاته و ما هو الا هو عزوجل و سبحانه عما يصفه الواصفون، و لما كان من صفاته النور و أنه منور النور و فاقد الشيء لا يعطيه فلابدّ أن يكون سبحانه النور المطلق و مطلق النور بما يليق بشأنه و جلاله من معنى النور و ما سواه سيكون ظلا لوجوده النوري؛ فالمعصومون الأربعة عشر: إنما هم أظلة الوجود النوري بالقياس إليه سبحانه و العالم العلوي و السفلي السماوي و الأرضي – الطبيعة و ما وراءها – انما هم أظلة لنورهم التام الأمثل فالأمثل و الأقرب فالأقرب، و كلما ازداد الإنسان معرفة بهم (عليهم السلام) ازداد قرباً من حقيقتهم النورية، و كلما ازداد قرباً منهم ازداد قربا من الله سبحانه؛ فبهم عُرف الله سبحانه؛ كما ورد عنهم: و بتقديسهم و تسبيحهم و ذكرهم عرف الملائكة تقديس الله و تسبيحه و ذكره؛ فهم هياكل التوحيد و وجه الله الذي يتوجه به الأولياء إلى الله سبحانه، و هم السبب المتصل بين الأرض و السماء و كلمة الله العليا، و باب الله الذي يؤتى منها الناس، و كانوا أشباح نور بين يدي الله تعالى، و لمثل هذا أمرنا الله بمودتهم و طاعتهم و الاهتداء بهم فهم ائمة الحق. (الأنوار القدسية: 39)
        هذا، و نذكر لك الآن بعض الاحتمالات الموجودة و الوجوه المذكورة في معنى هذا الشطر – أنا من حسين – من الحديث الشريف:

        الاول: الذي يظهر من الروايات و الأخبار الصحيحة في المقام كما عرفت، أن أول مخلوق خلقه الله تعالى هو نور النبي (صلى الله عليه و آله)، و دل على ذلك العقل السليم و الفطرة القويمة فإن العلة في الأشرفية و كثرة الإعتناء و الأحبية إلى الله تعالى تستوجب و تقتضي أن يكون التقدمية في الخلقة بالنسبة لهذه الأشرفية، و لما كان المخلوق الأول هو نور النبي (صلى الله عليه و آله)، و هو الذي عليه التحقيق و التثبيت؛ فان ذلك سوف يكون على مقتضى الحديث: (حسين مني و أنا من حسين)؛ أن أول المخلوقات هو نور الإمام الحسين (عليه السلام) لأن النبي (صلى الله عليه و آله) قال: (أنا من حسين و حسين مني)؛ فهو أول مخلوق و أول ما صدر عن الأول؛ فكل مخلوق تابع له منقاد إليه بفطرته السليمة

        .
        على هذا الأساس يكون سر قول الرسول (صلى الله عليه وآله): (أنا من حسين) إنه انا من نور الإمام الحسين عليه السلام، و لكن هذا يرد بكون أن الرسول و الائمة (عليهم السلام) جميعاً هم من نور واحد، و كما ورد في الزيارة الجامعة (خلقكم الله أنواراً)؛ يعني كلهم انوار محدقة بعرش الله تعالى قبل الخلق، و الذي يقتضي الظهور من سياق الحديث أن يكون المراد بيان خصوصية خاصة امتاز بها الإمام الحسين (عليه السلام) عن غيره من الائمة، و الحال على هذا الوجه من التفسير لا يكون ايّ مزية للإمام الحسين (عليه السلام)، بل يشاركه غيره من الائمة (عليهم السلام).

        الإحتمال الثاني: و قد يكون المراد من هذا الحديث و خصوصاً الشطر الثاني منه، هو ما كان متعارفاًَ بين الناس من قول الرجل لولده أو أخيه و أحد أقربائه و أرحامه؛ أنا منك و أنت مني، و هذا يستعمل كما هو مثبوت في محله من البلاغة؛ فهو كناية عن شدة الإتصال و القرب الذي يقتضي و يوجب المحبة و المودة، و الوجه في ذلك لكونها – اي الرسول الأكرم و الإمام الحسين (عليهما السلام) – من شجرة واحدة متفرعة من أصل واحد فيكون معنى الحديث: إني أنا و الإمام الحسين (عليه السلام) من نور واحد و شجرة واحدة أحبه و يحبني و أتصل به و يتصل بي، و يؤيد هذا المعنى كونه شائع في الاستعمالات العرفية.

        الإحتمال الثالث: و قد يكون السر في هذا الحديث – أنا من حسين – هو ما أشارت اليه جملة من الخطابات العرفية السائدة بين الناس؛ حيث ورد في المتفاهم العرفي هذا القول، و هو كون كل شجرة على الأعم الأغلب تحمل بذرة أصلية تحمل نفس مواصفات الشجرة، و تكون منها مثلما أنت تريد أن تزرع نوع من الشجرة التي تريد زرعها عندئذ تكون حاملة الشجرة للمواصفات التي ترجو منها الثمار، و لعل هذا المعنى يكون مفسرا للحديث؛ فسيد الشهداء (عليه السلام) قد حمل مواصفات و كمالات النبوة المحمدية المعنوية؛ و علی العموم فقد يكون الحديث كناية عن الكمالات التي ورثها الإمام الحسين (عليه السلام) من جده رسول الله (صلى الله عليه و آله) و عن ارتباطها بامامة الإمام الحسين (عليه السلام)، فهو الحامل و الممثل لها بعد أبيه أميرالمؤمنين علي (عليه السلام)، و كما يعبر عن الإمامة و الولاية باطن النبوة؛ فهما متلازمان في نفس جهة النبوة.
        و يدل على هذا التحليل اعتبار المعتبر و مطابقته للوجدان الحقيقي الذي يعتبر من البديهيات التي يتسالم عليها.

        الإحتمال الرابع: أن معنى الحديث هو كون بقاء نسل رسول الله (صلى الله عليه و آله) – اي الذين هم خلفاء ربّ العالمين و ائمة المسلمين – انما هو من الإمام الحسين (عليه السلام)، و هذه خصوصية اختص بها الإمام الحسين (عليه السلام) عن غيره، و كما ورد في الزيارة المهدوية التي صدرت من الناحية المقدسة من المولى الحجة بن الحسن العسكري (عجل الله تعالى فرجه الشريف) أرواحنا لتراب مقدمه الفداء؛ حيث قال:
        (السلام على من الائمة من ذريته)؛ فسيد الشهداء هو أبو الائمة التسعة المعصومين، و هذا من ضروريات المذهب الشيعي الحق الذي تسالمت عليه الشيعة الإمامية، و مما لا كلام فيه و لا شك، و يدل عليه جملة من الأخبار المتواترة بين العامة و الخاصة و ليس المقام هنا لاستقصائها.
        ا
        لإحتمال الخامس: من المحتمل أن يكون معنى هذا الشطر من الحديث الإشارة إلى ما هو المعلوم و المتسالم عليه أيضاً عن كثير من المؤمنين هو كون الإسلام محمدي الحدوث حسيني البقاء؛ أي لولا شهادة الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء، لما كان لهذا الإسلام العزيز الذي جاء به جده رسول الله (صلى الله عليه و آله) أيّ وجود يُعتد به في الحضارات، و لا بقي له صورة و لا رسما و لا إسماً؛ فان بني أمية حاربوا الدين الإسلامي الحنيف عند انبثاق نوره من مكة؛ حيث المعلون أباسفيان حارب الإسلام آنذاك و من بعده أحفاده الطلقاء الذي حاولوا طمس أثار النبوة و انوار الولاية، و قد انفسح لهم المجال خصوصاً بعد شهادة أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و بعد صلح الإمام الحسن (عليه السلام)؛ حيث استقامة الأمور بعض الشيء لمعاوية بن أبي سفيان ولو الأمر استمر في الاستقامة ليزيد هكذا كما تم لأبيه ذلك، لما بقي للإسلام ذكر إلى هذا اليوم، و لأعيدت الجاهلية الأولى إلى المسلمين و لسادت بينهم العداوة و البغضاء، كما كانوا أول الأمر، و لكن هيهات أن يكون ذلك الأمر بوجود النور الطاهر التي انتخبه الله تعالى ليكون القربان الذي يعيد النور إلى الشجرة الإسلامية و يغذيها من دمه الطاهر؛ ذلك هو أبو لشهداء و سيد الشهداء الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام)؛ حيث حفظ بشهادته الإسلام و فداه بدمه الشريف و بدم الصفوة الطيبة من أهل بيته و أصحابه الطاهرين؛ الذين لم يأتي الدهر أبداً بمثلهم على مرّ العصور و إلى يومنا هذا.

        الإحتمال السادس: إن هذا الحديث فيه إشارة إلى جملة من الأخبار الواردة في تفسير الآية المباركة: (وفديناه بذبحٍ عظيم). (الصافات:107)
        عن الفضل بن شاذان قال: سمعت الإمام الرضا (عليه السلام) يقول:
        لما أمر الله عزوجل إبراهيم (عليه السلام) أن يذبح مكان ابنه اسماعيل الكبش الذي أنزله عليه تمنى إبراهيم (عليه السلام) أن يكون قد ذبح ابنه اسماعيل بيده و انه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه ليرجع إلى قلبه ما يرجع إلى قلب الوالد الذي يذبح أعز ولده عليه بيده فيستحق بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب؛ فأوحى الله عزوجل إليه يا إبراهيم من أحب خلقي إليك؟
        فقال: ياربّ ما خلقت خلقاً هو أحب إلي من حبيبك محمد (صلى الله عليه و آله)؛ فأوحى الله تعالى إليه أفهو أحب إليك أم نفسك؟
        قال: بل هو أحب إلي من نفسي.
        قال: فولده أحب إليك أم ولدك؟
        قال: بل ولده.
        قال: فذبح ولده ظلماً على أيدي أعدائه أوجع لقلبك أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي؟
        قال: ياربّ بل ذبح ولده ظلماً على أيدي أعدائه أوجع لقلبي.
        قال: يا إبراهيم فان طائفة تزعم أنها من أمة محمّد ستقتل الحسين ابنه من بعده ظلما و عدوانا كما يذبح الكبش و يستوجبون بذلك سخطي.
        فجزع إبراهيم (عليه السلام) لذلك و توجع قلبه و أقبل يبكي فأوحى الله عزوجل إليه يا إبراهيم قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل لو ذبحته بيدك بجزعك على الحسين و قتله و أوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب و ذلك قول الله عزوجل: (وفديناه بذبح عظيم). (الخصال: 58 ح 79، البحار: 44/225)
        فيكون على ضوء هذه الرواية أن معنى الذبح العظيم هو الإمام الحسين (عليه السلام)؛ و لولا وجود هذه التفدية لما وجد لإسماعيل (عليه السلام) نسلاً أصلاً؛ فيظهر من ذلك المعنى معنى الحديث؛ فالتقرير يكون ظاهراً على ظاهر هذا التأويل المناسب على لسان الإمام الرضا (عليه السلام).


        ملخص من كتاب: "الأسرار الحسينية" للشيخ فاضل المسعودي

        بسمه تعالى
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
        رغم ان ردي متأخرا لكنه من المستحسن ان نوسع دائرة البحث عسى ان نوفق لنتائج مرضية وان اخطأنا بعقلنا القاصر فأسأل المغفرة.

        هنالك بعض اوجه الدراسات العرفانية حول هذا الموضوع وسأضيفه هنا لا بالنص ولكن كفكرة حول الموضوع,
        لو أخذنا الامور, بالتفسير الفلسفي لوجود الاشياء وحسب القوانين الطبيعية لمجريات الامور, فأن النبي الاعظم ( ص ) يرجع الى نسل اي نبي؟؟؟؟
        بالتأكيد من سلالة النبي اسماعيل (ع ) فلو ذبح النبي اسماعيل ( ع ) فهل وجد النبي الاعظم( ص) - اكرر حسب قانون الطبيعة لمجريات الامور وحسب الفهم الفلسفي - وهذا سيكون واضح بالنتيجة.
        فجاء الامام الحسين - اقصد الحقيقة الحسينية - وفدى نفسه بدل النبي اسماعيل ( ع ) بدليل ( وفديناه بذبح عظيم )).
        بدليل ان النبي اسماعيل لم يذبح.
        واشارة اخرى (( لماذا ذكر ذبح عظيم؟؟؟؟ )) فمن المعروف ان الذبح العادي لايحتاج الى صفة عظيم, فتفكروا.

        وهذا احد اوجه تفسير عبارة ( حسين مني وانا من حسين )

        واسالكم الدعاء

        .
        ماهو وجه الشبه بين الإمام الحسين و نبي الله إسماعيل هليهما السلام؟

        عندما يقال أن الإمام الحسين شبيه نبي الله إسماعيل في الذبح, هو أخذ وجه العلاقة المشتركة, وهي استسلام الإمام الحسين لأمر الله, وإقدامه على الموت بروح ثابتة مطمئنة, لا تعرف الخوف, بل تطمح إلى تحقيق رضا الله, وليس المراد أن هذه الآية نزلت في حق الإمام الحسين, فهذه الآية واضحة الدلالة في حق نبي الله إسماعيل.

        يوجد تشابه بين صفات الإمام الحسين عليه السلام, وبين صفات الأنبياء, وهنا نستطيع أن نقول إن الإمام الحسين يشبه نبي الله إسماعيل في عملية إقدامه على الموت, مع وجود فارق, أن نبي الله إسماعيل, فداه الله بالكبش, أما الإمام الحسين عليه السلام, فقد انتهى إقدامه و إصراره على رضا الله تعالى بشهادته عليه السلام.







        تعليق


        • #34
          رسالة جلوة من ولاية أهل البيت (عليهم السلام) السيد عادل العلوي \\

          « الأوّل »
          لقد أمر أئمتنا الأطهار (عليهم السلام) أن ننزّههم وننزّلهم عن الربوبية بأ نّهم عباد مخلوقون ، كما ورد في أدعيتهم ومناجاتهم ، كما في مناجاة أمير المؤمنين علي (عليه السلام)أبي الأئمة المعصومين (عليهم السلام) : « أنت الربّ وأنا المربوب ، أنت الخالق وأنا المخلوق ، أنت المولى وأنا العبد ، أنت الرازق وأنا المرزوق ... » ، فمن قال باُلوهيّتهم فهو كافر ملعون كما ورد في أخبارهم الشريفة . وحينئذ لو قلنا في علوّ مقامهم وعظمتهم من المكارم والفضائل ما يعجز عنه البيان ويكلّ عنه اللسان ، فإنّا لا زلنا لم نقل شيئاً ، وما ذكرناه فهو بحكم الصفر ، والدليل على ذلك :
          في علم الحساب والرياضيات يرسم العدد الذي لا نهاية له بهذا الشكل : (ب) (العدد الثامن بالإنگليزية اُفقياً) ، ولو جعلنا ما يساويه من العدد مهما بلغ فإنّه يُعدّ صفراً (صفر = ب) ، أي لو كتبنا من الأعداد بالمليارد وما زاد ، فإنّه في مقابل اللانهاية يعدّ صفراً ، وحينئذ ربّ الأرباب ، خلاّق السماوات والأرضين ، واجب الوجود لذاته ، مستجمع جميع الصفات الكمالية والجمالية بلا نهاية ، فهو الأوّل وهو الآخر ، وهو القادر على كلّ شيء والعالم بكلّ شيء ، ليس كمثله شيء ، وهو الحيّ الأبدي السرمدي ، ولا يقاس به شيء ، سبحانه وتعالى فهو الوجود والكمال المطلق ومطلق الوجود والكمال ، فهو اللّه ربّ العالمين ، وكلّ شيء بالنسبة إليه يعدّ صفراً ولا شيء ، فشيئيّة الشيء من مشيّته ، فلو نزّلنا الأئمة المعصومين (عليهم السلام) عن الربوبية ، فكلّما نقول في حقّهم فإنّه يعدّ صفراً ولا شيء ، وإلى مثل هذا المعنى أشاروا (عليهم السلام) : « لا تقولوا فينا ربّاً وقولوا فينا ما شئتم ، ولن تبلغوا ».
          وإليك جملة من الروايات بهذا المضمون :
          1 ـ بحار الأنوار[1] ، عن الخصال ، بسنده : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : « إيّاكم والغلوّ فينا ، قولوا : إنّا عبيد مربوبون ، وقولوا في فضلنا ما شئتم ».
          2 ـ قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : « لا تتجاوزوا بنا العبودية ، ثمّ قولوا ما شئتم ، ولن تبلغوا ، وإيّاكم والغلوّ كغلوّ النصارى ، فإنّي بريء من الغالين »[2].
          تبيين ـ قوله (عليه السلام) : « ولن تبلغوا » ، أي بعد ما أثبتم لنا العبودية ، كلّ ما قلتم في وصفنا كنتم مقصّرين في حقّنا ، ولن تبلغوا ما نستحقّه من التوصيف.
          3 ـ البحار ، عن بصائر الدرجات ، بسنده ، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) ، قال لاسماعيل بن عبد العزيز : يا إسماعيل ، ضع لي في المتوضّأ ماء ، قال : فقمت فوضعت له . قال : فدخل . قال : فقلت في نفسي : أنا أقول فيه كذا وكذا ، ويدخل المتوضّأ يتوضّأ.
          قال : فلم يلبث أن خرج . فقال : يا إسماعيل ، لا ترفع البناء فوق طاقته فينهدم ، اجعلونا مخلوقين وقولوا فينا ما شئتم ، فلن تبلغوا . فقال إسماعيل : وكنت أقول : إنّه ، وأقول وأقول.
          بيان ـ كذا وكذا ، أي أ نّه ربّ ورازق وخالق ومثل هذا ، كما أ نّه المراد بقوله : كنت أقول : أ نّه ، وأقول.
          4 ـ البحار[3] ، عن كشف الغمة ، بسنده ، عن مالك الجهني ، قال : كنّا بالمدينة حين اُجليت الشيعة وصاروا فرقاً ، فتنحّينا عن المدينة ناحية ثمّ خلونا ، فجعلنا نذكر فضائلهم وما قالت الشيعة إلى أن خطر ببالنا الربوبية ، فما شعرنا بشيء إذا نحن بأبي عبد اللّه (عليه السلام) واقف على حمار ، فلم ندرِ من أين جاء . فقال : يا مالك ويا خالد ! متى أحدثتما الكلام في الربوبية ؟ فقلنا : ما خطر ببالنا إلاّ الساعة . فقال : اعلما أنّ لنا ربّاً يكلأنا بالليل والنهار نعبده ، يا مالك ويا خالد ، قولوا فينا ما شئتم واجعلونا مخلوقين ، فكرّرها علينا مراراً وهو واقف على حماره.
          5 ـ بحار الأنوار[4] ، بسنده ، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث معرفته بالنورانية ، مخاطباً سلمان وأبا ذرّ عليهما الرحمة ، فقال (عليه السلام) : إعلم يا أبا ذرّ أنا عبد اللّه عزّ وجلّ وخليفته على عباده ، لا تجعلونا أرباباً ، وقولوا في فضلنا ما شئتم ، فإنّكم لا تبلغوا كنه ما فينا ولا نهايته ، فإنّ اللّه عزّ وجلّ قد أعطانا أكبر وأعظم ممّا يصفه واصفكم أو يخطر على قلب أحدكم ، فإذا عرفتمونا هكذا فأنتم المؤمنون.
          ثمّ[5] ، جاء في الحديث ، قال (عليه السلام) : « يا سلمان ويا جندب ، قالا : لبيك صلوات اللّه عليك ، قال (عليه السلام) : أنا أمير كلّ مؤمن ومؤمنة ممّن مضى وممّن بقي ، واُيّدت بروح العظمة ، وإنّما أنا عبدٌ من عبيد اللّه ، لا تسمّونا أرباباً ، وقولا في فضلنا ما شئتم ، فإنّكم لن تبلغوا من فضلنا كنه ما جعله اللّه لنا ولا معشار العشر ».
          وبهذا ينفتح لنا اُفقٌ جديد في عبارة ما ورد من الناحية المقدّسة (عليه السلام) في أدعية رجب : « اللّهم إنّي أسألك بمعاني جميع ما يدعوك به ولاة أمرك ، المأمونون على سرّك ، المستبشرون بأمرك ، الواصفون لقدرتك ، المعلنون لعظمتك ، أسألك بما نطق فيهم من مشيّتك ، فجعلتهم معادن لكلماتك ، وأركاناً لتوحيدك وآياتك ومقاماتك التي لا تعطيل لها في كلّ مكان ، يعرفك بها من عرفك ، لا فرق بينك وبينها إلاّ أ نّهم عبادك وخلقك ، فَتْقها ورَتْقها بيدك ، بدؤها منك وعَودها إليك ، أعضاد وأشهاد ومناة وأذواد وحفظة وروّاد ، فبهم ملأت سمائك وأرضك ، حتّى ظهر أن لا إله إلاّ أنت ، فبذلك أسألك ...»[6].
          فهم (عليهم السلام) نور السماوات والأرض ، وبهم ملأت السماوات والأرض ، حتّى كان ظهور التوحيد وكلمته بتجلّياتهم وملائهم الكون ، فهم صنائع اللّه والخلق صنائعهم ، ولولاهم لما خلق اللّه الأفلاك وما فيها ، ولولاهم لساخت الأرض بأهلها.
          فظهور أن لا إله إلاّ اللّه إنّما كان بجلواتهم فيما سوى اللّه سبحانه.

          --------------------------------------------------------------------------------
          [1]بحار الأنوار 25 : 270.
          [2]بحار الأنوار 25 : 273.
          [3]بحار الأنوار 25 : 289.
          [4]بحار الأنوار 26 : 2.
          [5]بحار الأنوار 26 : 6.
          [6]مفاتيح الجنان : 134 ، في أعمال رجب.

          ================================================== ================================================== ==========================

          « الثاني »
          إنّما خلق اللّه الجنّة من نور النبيّ المصطفى محمد وآله الطاهرين (عليهم السلام) ، وهي دار الاستراحة للمؤمنين والمتّقين ، وقد جاء في وصفها عن النبي الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله) : « فيها ما تشتهي الأنفس وتلذّ الأعين وما لم يخطر على قلب بشر » ، وقد عجّت الروايات النبوية والمروية عن أهل البيت (عليهم السلام) والآيات القرآنية بذكر نعيم الجنّة وما فيها من الحور العين ، والولدان المخلّدين ، وأنهار من لبن وعسل لذّة للشاربين ، وكواعب أتراباً وقصور من ذهب وفضّة ولآليء ومرجان وغير ذلك . ولكن مهما قالوا في نعيم الجنّة فإنّ هناك ما لم يخطر على قلب بشر ، ولم يمرّ على ذهن إنسان مهما أراد أن يبالغ في وصفها وثنائها ، فإذا كانت الجنّة التي هي دار الاستراحة ليس إلاّ ، هكذا مقامها ، فما بالك بسادات الجنّة وأنوارها ، والتي خلقت من نورهم الأنور ، فإنّ أوّل ما خلق اللّه نور محمد (صلى الله عليه وآله) ، واشتقّ منه أنوار المعصومين (عليهم السلام) ، فكانوا بعرش اللّه محدقين ـ كما ورد في زيارة الجامعة الكبيرة ـ فهل يمكن لنا أن ندرك حينئذ مقام المعصومين (عليهم السلام) ، أم هناك ما لم يخطر على قلب بشر من الأوّلين والآخرين ، وكما قالوا : « قولوا فينا ما شئتم ولن تبلغوا ».
          وقال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في حديث طويل : فإنّ اللّه عزّ وجلّ قد أعطانا أكبر وأعظم ممّا يصفه واصفكم ، أو يخطر على قلب أحدكم ، فإذا عرفتمونا هكذا فأنتم المؤمنون[1].

          --------------------------------------------------------------------------------
          [1]بحار الأنوار 26 : 2.

          ================================================== ================================================== ==========================
          « الثالث »
          اشتهرت عند الفلاسفة والحكماء قاعدة عقلية تسمّى بقاعدة (الأشرف) ، وهي تعني أنّ الأشرف لا يصدر منه الخسيس والوضيع والرذيل مباشرة ، بل يصدر منه الشريف ، وحينئذ واجب الوجود لذاته ، وعلّة العلل ونور الأنوار يستحيل أن يصدر منه العالم المادي الهيولاني الظلماني مباشرة ، بل لا بدّ من وسائط ومراتب نورية ذات سير نزولي وصعودي ، فمن اللّه سبحانه وإليه عزّ وجلّ.
          ولمثل هذا قالوا بالعقول العشرة ، كما عند المشّائين من الفلاسفة ، أو أرباب العقول والمثل الافلاطونية كما عند الاشراقيين ، فلا بدّ عندهم من واسطة بين النور الأتمّ والفيض الأكمل وبين العالم المادي الهيولاني ، وتكون هذه الواسطة ذات جنبتين : جانب ملكوتي نوري روحاني مجرّد ، وجانب ناسوتي مادي جسماني ، نظيره وجود الإنسان نفسه ، فإنّه مركّب من روح مجرّدة وجسد جسماني.
          فالفلاسفة باعتبار قاعدة الأشرف ، وباعتبار قاعدة (الواحد لا يصدر إلاّ من واحد ، كما لا يصدر منه إلاّ واحد) ـ لاستحالة توارد علّتين على معلول واحد ، وصدور معلولين من علّة واحدة ـ قالوا : بأنّ اللّه خلق العقل الأوّل ، ومن ثمّ صدرت العقول والأفلاك ، باعتبار الجانب الوجودي والماهوي في مراتب ، وهذا العالم الطبيعي المادي الذي نعيش فيه إنّما هو صادر من العقل العاشر المسمّى بالعقل الفعّال.
          هذا إجمال ما عند الفلاسفة ، ويقيمون البراهين العقلية عليه . وأمّا في لسان الروايات النبوية والولوية ، وعند المتشرّعة والفلاسفة الإسلاميين ، فقد جاء في كثير من الأخبار أنّ أوّل ما خلق اللّه هو العقل ، وأنّ أوّل ما خلق اللّه نور محمد (صلى الله عليه وآله) . ولا منافاة بينهما ; فإنّ العقل نور من نور اللّه سبحانه ، فتجلّى نور محمد (صلى الله عليه وآله) من نور ربّ العالمين ، ثمّ تجلّى من نور محمد أنوار الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) ، فكلّهم نور واحد ـ كما جاء في زيارة الجامعة الكبيرة : « أنتم نور الأخيار » ـ ولا يعرف حقيقة هذا النور إلاّ اللّه المحيط به والخالق له ، وأمّا الخلق فإنّه يعجز عن إدراك عظمة وكنه هذا النور ، كما ورد في الخبر عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ـ مخاطباً أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ـ : « ما عرفك إلاّ اللّه وأنا ، وما عرفني إلاّ اللّه وأنت ، وما عرف اللّه إلاّ أنا وأنت » ، فقولوا أيّها الخلائق من المدائح والفضائل والعظمة في النبيّ المصطفى وعليّ المرتضى وأهل بيته الطاهرين ، ولن تبلغوا ....

          ================================================== ================================================== ==========================

          « الرابع »
          مسألة وجدانية نعيشها كلّ يوم ، فإنّ دورنا ومساجدنا ومدارسنا وأسواقنا في عصرنا التكنولوجي إنّما تُضاء في لياليها بالمصابيح الكهربائية ، بأشكال مختلفة وأحجام متفاوتة وألوان زاهية . ولو كنّا في غرفة ، فلولا نور المصباح لما كنّا نرى في الغرفة شيئاً من أثاثها كالفرش والوسادة والستائر والناس ، فالنور يظهر لنا هذه الأشياء كما أنّ الوجود يظهر لنا الماهيات على قول . ثمّ إنّ مصابيح الدار ـ مثلا ـ لو أردنا أن نسرجها من منبع الكهرباء في البلد مباشرة ، فإنّها تحترق لا محالة ; لعدم تحمّلها تلك الطاقة الكهربائية الهائلة ، فإنّ المصباح ذو مئة واط لا يتحمّل الألف واط كما هو واضح . فحينئذ لا بدّ من محوّلة ـ تنصب في مكان معيّن ـ تنتقل إليها الطاقة الكهربائية من المصدر الأوّل والمنبع الأساسي ، ثمّ توزّع الطاقة الكهربائية إلى المصابيح كلٌّ بحسب استعداده.
          نظير هذه المسألة الحسية الوجدانية في عالم الخلق والأنوار ، فإنّ اللّه سبحانه هو الفيّاض المطلق ومطلق الفيض ، فخلقه المادي الظلماني لا يتحمّل فيضه الأقدس ، فلا بدّ من ميزانية لهذا العالم العلوي والسفلي ، تقسم الفيض الإلهي كلّ على حسب استعداده وقابليته ، وميزانية العوالم كلّها هو النبيّ الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله)وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام) ، كما جاء في دعاء العديلة[1] ، في صفات صاحب الزمان (عليه السلام) : « الحجة الخلف القائم المنتظر المهدي المرجى ، الذي ببقائه بقيت الدنيا ، وبيمنه رزق الورى ، وبوجوده ثبتت الأرض والسماء ، وبه يملأ اللّه الأرض قسطاً وعدلا بعدما ملئت ظلماً وجوراً ... ».
          فإنّ اللّه هو الرزّاق ذو القوّة المتين ، ولكن بيُمن وبركة صاحب الأمر خاتم الأوصياء (عليهم السلام) يرزق الخلق ، ولولا الحجة لساخت الأرض بأهلها ـ ربّما لعدم تحمّلها الفيض الإلهي الأكمل ـ فمهما نقول في فضل هذه الميزانية العظمى والآية الكبرى وعظمتها وكرامتها وشرافتها ، وأ نّها الواسطة بين الخالق والمخلوق ، فهي فوق المخلوق ودون الخالق ، وإنّ الخالق سبحانه يعرفها دون المخلوق ، ومهما قال المخلوق من فضائلها ومناقبها ، فإنّه لم يبلغ المقصود ولن يبلغ « قولوا فينا ما شئتم ، ولن تبلغوا » ، و « لن » تفيد التأبيد كما في اللغة ، فلا يخفى لطفه.

          --------------------------------------------------------------------------------
          [1]مفاتيح الجنان : 85.

          ================================================== ================================================== ==========================

          « الخامس »
          قال اللّه سبحانه وتعالى في محكم كتابه ومبرم خطابه : ( اللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالأ رْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاة فِيها مِصْباحٌ المِصْباحُ في زُجاجَة الزُّجاجةُ كَأنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَة مُبارَكَة زَيْتُونَة لا شَرْقِيَّة وَلا غَرْبِيَّة يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُور يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللّهُ الأمْثالَ لِلْنَّاسِ واللّهُ بِكُلِّ شَيْء عَليم * في بُيُوت أذِنَ اللّهُ أنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيها اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالغُدُوِّ وَالآصالِ * رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّهِ وَإقامِ الصَّلاةِ وَإيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ القُلُوبُ وَالأبْصارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ أحْسَنَ ما عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِساب )[1].
          قال العلاّمة الطباطبائي في تفسيره القيّم (الميزان) :
          قد بيّن سبحانه بأنّ له تعالى نوراً عاماً تستنير به السماوات والأرض فتظهر به في الوجود بعد ما لم تكن ظاهرة فيه ، فمن البيّن أن ظهور شيء بشيء يستدعي كون المُظهر ظاهراً بنفسه ، والظاهر بذاته المُظهر لغيره هو النور . فهو تعالى نور يُظهر السماوات والأرض بإشراقه عليها ، كما إنّ الأنوار الحسية تظهر الأجسام الكثيفة للحسّ بإشراقها عليها ، غير أنّ ظهور الأشياء بالنور الإلهي عين وجودها ، وظهور الأجسام الكثيفة بالأنوار الحسية غير أصل وجودها.
          وهناك نورٌ خاصٌّ يستنير به المؤمنون ويهتدون إليه بأعمالهم الصالحة ، وهو نور المعرفة الذي ستستنير به قلوبهم وأبصارهم يوم تقلّب فيه القلوب والأبصار فيهتدون به إلى سعادتهم الخالدة ، فيشاهدون فيه شهود عيان ما كان في غيب عنهم في الدنيا . مثّل تعالى هذا النور بمصباح في زجاجة في مشكاة يشتعل من زيت في نهاية الصفاء والرقّة ، فتتلالأ الزجاجة كأ نّها كوكب درّي ، فتزيد نوراً على نور ، والمصباح موضوع في بيوت العبادة التي يسبّح اللّه فيها رجال من المؤمنين ، لا تلهيهم عن ذكر اللّه وعبادته تجارة ولا بيع.
          فهذه صفة ما أكرم اللّه به المؤمنين من نور معرفته المتعقّب للسعادة الخالدة وحرّمه على الكافرين وتركهم في ظلمات لا يبصرون ، فخصّ من اشتغل بربّه وأعرض عن عرض الحياة الدنيا بنور من عنده ، واللّه يفعل ما يشاء له الملك وإليه المصير[2].
          قوله تعالى : ( اللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالأ رْضِ ) إلى آخر الآية . المشكاة على ما ذكره الراغب وغيره : كوّة غير نافذة ، وهي ما يتّخذ في جدار البيت من الكوّ لوضع بعض الأثاث كالمصباح وغيره عليه ، وهو غير الفانوس . والدرّي : من الكواكب العظيم الكثير النور ، وهو معدود في السماء . والإيقاد : الإشعال . والزيت : الدهن المتّخذ من الزيتون . والنور : معروف ، وهو الذي يظهر به الأجسام الكثيفة لأبصارنا ، فالأشياء ظاهرة به ، وهو ظاهر مكشوف لنا بنفس ذاته ، فهو الظاهر بذاته والمظهر لغيره من المحسوسات للبصر . هذا باعتبار الوضع اللغوي الأوّل ، ثمّ عمّم لكلّ ما ينكشف به شيء من المحسوسات على نحو الاستعارة أو الحقيقة الثانية ، فعدّ كلّ من الحواسّ الخمسة نوراً أو ذا نور ، يظهر به محسوساته كالسمع والشمّ والذوق واللمس ، ثمّ عمّم لغير المحسوس فعدّ العقل نوراً يظهر به المعقولات . كلّ ذلك بتحليل معنى النور المبصر إلى الظاهر بذاته المظهر لغيره.
          وإذ كان وجود الشيء هو الذي يظهر به نفسه لغيره من الأشياء كان مصداقاً تاماً للنور ، ثمّ لما كانت الأشياء الممكنة الوجود إنّما هي موجودة بإيجاد اللّه تعالى كان هو المصداق الأتمّ للنور ، فهناك وجود ونور تتّصف به الأشياء ، وهو وجودها ونورها المستعار المأخوذ منه تعالى ، ووجود ونور قائم بها وهو الوجود الذي يحمل عليها ، تعالى اللّه عن ذلك وتقدّس.
          ومن ذلك يستفاد أ نّه تعالى غير مجهول لشيء من الأشياء ، لأنّ ظهور كلّ شيء لنفسه أو لغيره إنّما هو عن إظهاره تعالى ، فهو الظاهر بذاته له قبله ، وإلى هذه الحقيقة يشير قوله تعالى بعد آيتين : ( ألَمْ تَرَ أنَّ اللّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ في السَّماواتِ وَالأ رْضِ وَالطَيْرُ صافَّاتٌ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ) ; إذ لا معنى للتسبيح والعلم به وبالصلاة مع الجهل بمن يصلّون له ويسبّحونه ، فهو نظير قوله : ( وَإنْ مِنْ شَيْء إلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ )[3].
          فقد تحصّل أنّ المراد بالنور في قوله : ( اللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالأ رْضِ ) ، نوره تعالى من حيث يشرق منه النور العام الذي يستنير به كلّ شيء ، وهو مساو لوجود كلّ شيء وظهوره في نفسه ولغيره ، وهي الرحمة العامة.
          ثمّ أراد اللّه أن يمثّل لنوره الأتمّ المطلق بمثال حسّي ، كما من باب تشبيه المعقول بالمحسوس في الاُمور العقلانية ، فضرب مثالا لنوره بمصباح ولكن بأوصاف خاصة تمتاز عن باقي المصابيح ، كما إنّ نوره الأتمّ يظهر ويتجلّى في الإنسان الكامل الذي هو أشرف المخلوقات وهو النبي المختار محمد المصطفى سيد المرسلين ، وأهل بيته الأطهار كما جاء في الأخبار ، كما سنوافيك بذلك.
          قال العلاّمة الطباطبائي : وقوله : ( مَثَلُ نُورِهِ ) يصف تعالى نوره ، وإضافة النور إلى الضمير الراجع إليه تعالى ـ وظاهره الإضافة اللامية ـ دليل على أنّ المراد ليس هو وصف النور الذي هو اللّه ، بل النور المستعار الذي يفيضه ، وليس هو النور العام المستعار الذي يظهر به كلّ شيء ، وهو الوجود الذي يستفيضه منه الأشياء وتتّصف به ، والدليل عليه قوله بعد تتميم المثل : ( يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ ) ، فإنّه لو كان هو النور العام لم يختصّ به شيء دون شيء ، بل هو نوره الخاص بالمؤمنين بحقيقة الإيمان على ما يفيده الكلام.
          وقد نسب تعالى في سائر كلامه إلى نفسه نوراً ، كما في قوله : ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللّهِ بِأ فْواهِهِمْ وَاللّهُ مُتِمُّ نُورِهِ )[4] . وهذا هو النور الذي يجعله اللّه لعباده المؤمنين ، يستضيئون به في طريقهم إلى ربّهم ، وهو نور الإيمان والمعرفة.
          وليس المراد به القرآن كما قال بعضهم ، فإنّ الآية تصف حال عامة المؤمنين قبل نزول القرآن وبعده.
          وقوله : ( كَمِشْكاة فِيها مِصْباحٌ المِصْباحُ فِي زُجاجَة ) ; المشبّه به مجموع ما ذكر من قوله : مشكاة فيها مصباح المصباح ... الخ ، لا مجرّد المشكاة وإلاّ فسد المعنى . وهذا كثير في تمثيلات القرآن الكريم.
          وقوله : ( الزُّجاجَةُ كَأ نَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ) ; تشبيه الزجاجة بالكوكب الدرّي من جهة ازدياد لمعان نور المصباح وشروقه بتركيب الزجاجة على المصباح ، فتزيد الشعلة بذلك سكوناً من غير اضطراب بتموّج الأهوية وضرب الرياح ، فهي كالكوكب الدرّي في تلألؤ نورها وثبات شروقها.
          وقوله : ( يُوقَدُ مِنْ شَجَرَة مُبارَكَة زَيْتُونَة لا شَرْقِيَّة وَلا غَرْبِيَّة يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ ) ; خبر بعد خبر المصباح ، أي المصباح يشتعل آخذاً اشتعاله من شجرة مباركة ـ والبَرَكَة في اللغة الخير الثابت والمستمرّ ـ زيتونة ، أي إنّه يشتعل من دهن زيت مأخوذ منها ، والمراد بكون الشجرة لا شرقية ولا غربية أ نّها ليست نابتة في الجانب الشرقي ولا في الجانب الغربي حتّى تقع الشمس عليها في أحد طرفي النهار ويفيء عليها في الطرف الآخر ، فلا تنضج ثمرتها ، فلا يصفو الدهن المأخوذ منها ، فلا تجود الإضاءة ، بل هي ضاحية تأخذ من الشمس حظّها طول النهار ـ كأ نّها في وسط البستان ـ فيجود دهنها لكمال نضج ثمرتها . هذا ما يفهم من سياق الآية الشريفة ، وما ذكر من المعاني الاُخرى لا يفهم من السياق.
          وقوله : ( نُورٌ عَلى نُور ) ; خبر لمبتدأ محذوف وهو ضمير راجع إلى نور الزجاجة المفهوم من السياق ، والمعنى نور الزجاجة المذكور نور عظيم على نور كذلك ، أي في كمال التلمّع.
          والمراد من كون النور على النور ، قيل : هو تضاعف النور لا تعدّده ، فليس المراد به أ نّه نور معيّن أو غير معيّن فوق نور آخر مثله ، ولا أ نّه مجموع نورين اثنين فقط ، بل إنّه نور متضاعف من غير تحديد لتضاعفه ، وهذا التعبير شائع في الكلام.
          وهذا معنى لا يخلو من جودة ، وإن كان إرادة التعدّد أيضاً لا تخلو من لطف ودقّة ، فإنّ للنور الشارق من المصباح نسبة إليه بالأصالة والحقيقة ، ونسبة إلى الزجاجة التي عليه بالاستعارة والمجاز ، ويتغاير النور بتغاير النسبتين ويتعدّد بتعدّدهما ، وإن لم يكن بحسب الحقيقة إلاّ للمصباح.
          وهذا الاعتبار جار بعينه في الممثّل له ، فإنّ نور الإيمان والمعرفة نور مستعار مشرق على قلوب المؤمنين ، مقتبس من نوره تعالى ، قائم به ، مستمدّ منه.
          فقد تحصّل أنّ الممثّل له هو نور اللّه المشرق على قلوب المؤمنين ، والمثل هو المشبّه به النور المشرق من زجاجة على مصباح موقد من زيت جيّد صاف ، وهو موضوع في مشكاة فإنّ نور المصباح المشرق من الزجاجة والمشكاة تجمعه وتعكسه على المستنير به ، يشرق عليهم في نهاية الجودة والقوة والانعكاس.
          وقوله : ( يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاء ) ; استئناف يعلّل به اختصاص المؤمنين بنور الإيمان والمعرفة وحرمان غيرهم ، فمن المعلوم من السياق أنّ المراد بقوله : ( مَنْ يَشاء ) ; القوم الذين ذكرهم بقوله بعد : ( رَجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تَجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّهِ ) ، فالمراد بمن يشاء المؤمنون بوصفه كمال إيمانهم.
          وقوله : ( وَيَضْرِبُ اللّهُ الأمْثالَ لِلْنَّاسِ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْء عَلِيم ) ; إشارة إلى أنّ المثل المضروب تحته طور من العلم ، وإنّما اختير المثل لكونه أسهل الطرق لتبيين الحقائق والدقائق ، ويشترك فيه العالم والعامي ، فيأخذ منه كلّ ما قسم له ، قال تعالى : ( وَتِلْكَ الأمْثالُ نَضْرِبُها لِلْناسِ وَما يَعْقِلُها إلاّ العالِمون )[5].
          هذا غيض من فيض تفسير آية النور ، والنور الحسّي الذي نراه ونحسّه إنّما هو جلوة من جلوات عالم النور المجرّد ، ويمتاز النور الحسّي عن باقي الموجودات المادية والحسّية بخصائص ، كشفافيّته ونفوذه واتّساعه وسرعته ، حتّى اصطلحوا حركة الكواكب والنجوم بالسنة الضوئية ، على أنّ الضوء خلال ثانية واحدة يطوي ثلاثمائة ألف كيلومتر ، ويدور الضوء في ثانية حول الأرض سبع مرّات ، ثمّ إنّ أقوى نور حسّي هو نور الشمس ، وهو الذي يربّي الأشياء والموجودات الحيّة السماوية والأرضية ، فحلاوة الفواكه وحموضتها وألوانها ورشدها ونموّها ، إنّما هي ببركة نور الشمس ، بإذن اللّه سبحانه وقدرته وعلمه ، وهذا يعني أنّ كلّ ما في الوجود الحسّي إنّما هو من وجود اللّه عزّ وجلّ . وعرّف النور أ نّه الظاهر بنفسه والمظهر لغيره ، وأنّ اللّه سبحانه الوجود الأتمّ الظاهر بنفسه والمظهر لغيره ، فهو النور ونور النور ومنوّر النور ونور الأنوار.
          وكلمة النور في القرآن الكريم والروايات الشريفة اُطلقت على سبع معان :
          1 ـ القرآن الكريم ، لقوله تعالى : ( وَاتَّبَعُوا النُورَ الذي مَعَهُ )[6].
          2 ـ الإيمان باللّه سبحانه ، لقوله تعالى : ( يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُلُماتِ إلى النُّورِ )[7].
          3 ـ الهداية ، لقوله تعالى : ( وَجَعَلْناهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ في النَّاسِ )[8].
          4 ـ الدين الإسلامي ، لقوله تعالى : ( وَيَأبى اللّهُ إلاّ أنْ يُتِمَّ نُورَهُ )[9].
          5 ـ النبيّ الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله) ، لقوله تعالى : ( داعِياً إلى اللّهِ بِإذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً )[10].
          6 ـ الأئمة الأطهار عترة الرسول المختار (عليهم السلام) ، كما جاء في زيارة الجامعة الكبيرة : « خلقكم اللّه أنواراً فجعلكم بعرشه محدقين » ، « أنتم نور الأخيار ».
          7 ـ العلم ، كما جاء في الأخبار : « العلم نور يقذفه اللّه في قلب من شاء » ، و « النظر إلى وجه العالم عبادة » ; لأ نّه مظهر لعلم اللّه ونوره . وسادة العلماء ومعدن العلوم ومنهل الفضائل ومنبع الآداب هو محمد وآله الأطهار (عليهم السلام) ، وفي عالم الأنوار خلقهم اللّه أنواراً ، وجعلهم محدقين بعرشه قبل أن يخلق العالم بآلاف السنين كما ورد في الأخبار ، ونورهم يحيط بمخلوقات اللّه فهم صنايع اللّه والخلق صنايعهم ، وفي إطار تربيتهم ، وأشعّة أنوارهم القدسية ، فنورهم لا شرقيّ ولا غربيّ ، ويعني هذا الإحاطة الكاملة على الموجودات ، كما كانت الشجرة اللاغربية واللاشرقية يحيطها النور من كلّ جانب ، فلهم الاحاطة بإذن اللّه على ما سواه جلّ جلاله ، كنوره الأتمّ الذاتي.
          فصاحب الأمر له الاحاطة حتّى على العرش الإلهي ، كإحاطة اللّه سبحانه ، إلاّ أنّ الإحاطة الإلهية ذاتية من ذات اللّه سبحانه ، وإنّها أزلية أبدية سرمدية ، وإحاطة الأئمة الأطهار (عليهم السلام) إحاطة إمكانية عرضية من اللّه سبحانه ، ويمكن الزوال عنهم ، ولكن سنّة اللّه التكوينية جعلها لهم ، ولن تجد لسنّة اللّه تحويلا ولا تبديلا ، ولولا الحجة لساخت الأرض بأهلها ، فهم نور الأخيار ـ والجمع المحلّى بالألف واللام يدلّ على العموم ـ فهم نور كلّ الأخيار ، ومنهم الملائكة ، حتّى جبرئيل والروح الأمين وما دونهم ، فإنّ الأئمة والنبي الأكرم (عليهم السلام) نورهم في كلّ العوالم في الدنيا والآخرة ، وقد ورد في زيارة الجامعة : « بدأ اللّه بكم وبكم يختم » ، وأوصى صاحب الزمان (عليه السلام) مؤكداً بزيارة الجامعة ; لما فيها من المعرفة النورانية والمقام الشامخ لأهل البيت (عليهم السلام).
          وأمّا تأويل آية النور ، كما جاء في أخبارنا المروية عن أهل البيت عترة النبي المختار (عليهم السلام) فقد جاء في اُصول الكافي ، كتاب الحجة ، بسنده ، عن صالح بن سهل الهمداني ، قال : قال أبو عبد اللّه (عليه السلام) في قول اللّه تعالى : ( اللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاة ) فاطمة (عليها السلام) ، ( فِيها مِصْباحٌ ) الحسن ، ( المِصْباحُ في زُجاجَة ) الحسين ، ( الزُّجاجَةُ كَأ نَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ) فاطمة كوكب درّي بين نساء الدنيا ، ( تُوقَدُ مِنْ شَجَرَة مُبارَكَة ) إبراهيم (عليه السلام) ، ( زَيْتُونَة لا شَرْقِيَّة وَلا غَرْبِيَّة )لا يهودية ولا نصرانية ، ( يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ ) يكاد العلم ينفجر بها ، ( وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُور ) إمام منها بعد إمام ، ( يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاء ) يهدي اللّه للأئمة من يشاء ، ( وَيَضْرِبُ اللّهُ الأمْثالَ لِلْنَّاسِ ) ... وللحديث تتمّة ، فراجع حتّى تعرف تأويل ( أو كظلمات يغشاه موج من فوقه موج ظلمات بعضها فوق بعض ) ....
          ويقول العلاّمة المجلسي في كتابه القيّم (مرآة العقول[11]) ، في شرح وبيان هذه الرواية الشريفة ، وأ نّها صحيحة السند بالسند الثاني ، أنّ معنى : ( اللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالأرْضِ ) ; أي : منوّرهما بنور الوجود والعلم والهداية والأنوار الظاهرة . وقيل : أي ذو نور السماوات والأرض ، والنور : الأئمة (عليهم السلام) ، فهم نور السماوات حين كانوا محدقين بالعرش ، والأرض بعدما اُنزلوا صلب آدم ، ( مَثَلُ نُورِهِ ) ; أي : صفة نور اللّه العجيبة الشأن ، ( كَمِشْكاة ) ; أي : مثل مشكاة ، وهي الكوّة الغير النافذة التي يوضع فيها المصباح ، وقيل : المشكاة الاُنبوبة في وسط القنديل ، والمصباح : الفتيلة المشتعلة ، ( فِيها مِصْباحٌ ) ; الحسن (عليه السلام) ، و ( المِصْباحُ ) ; الحسين (عليه السلام) ، فالمصباح الثاني غير الأوّل ، ولعلّ فيه إشارة إلى وحدة نوريهما . وقال بعض الأفاضل : مثّل النور الحقيقي الذي هو من عالم الأمر بالنور الظاهري الذي هو من عالم الخلق ، والنور ضياء بنفسه ومضيء لما يطلع عليه ويشرق عليه ، فمثّل الجوهر الروحاني المناط للانكشافات العقلية بالمصباح ، وحامله بالمشكاة ، والحامل لمادّته والمشتمل عليها التي منها مدده وحفظه عن الانقطاع والنفاذ بالزجاجة ، التي هي وعاء مادة نور المصباح التي هي الزيت ، ففي الأنوار الحقيقية التي هي النفوس القدسية والأرواح الزكية للأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) ، الحسن (عليه السلام)مصباح ، وفاطمة (عليها السلام) مشكاة فيها المصباح ، والحسين (عليه السلام) الزجاجة فيها مادة نور المصباح ويجيء منها مدده ، والزجاجة كوكب درّي والمراد به فاطمة (عليها السلام) ، فإنّ الزجاجة يعني الحسين (عليه السلام) مجمع النور الفائض من رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ، الواصل إليه ابتداءً ووساطة ، كما كانت (عليها السلام) مجمع ذلك ، والمعني عنها بالمشكاة كوكب درّي لاحاطتها بالنور كلّه ، والزجاجة أيضاً لإحاطتها بجميع النور كأ نّها كوكب درّي ( يُوقَدُ مِنْ شَجَرَة مُبارَكَة ) إبراهيم (عليه السلام) ، أي : المشبّه بالشجرة فيما ضرب له المثل إبراهيم ، لأنّ ابتداء ظهور ذلك النور منه ، ومواد العلوم من أثمار تلك الشجرة ... فإنّ إبراهيم (عليه السلام) لكونه أصل عمدة الأنبياء وهم (عليهم السلام) أغصانه وتشعّبت منه الغصون المختلفة من الأنبياء والأوصياء من بني إسرائيل وبني إسماعيل ، واستنارت منهم أنوار عظيمة في الفرق الثلاث من أهل الكتب السماوية من اليهود والنصارى والمسلمين ، فكان إبراهيم (عليه السلام) كالشجرة الزيتونة من جهة تلك الشعب والأنوار ، ولما كان تحقيق ثمار تلك الشجرة ، وسريان أنوار هذه الزيتونة في نبيّنا وأهل بيته صلوات اللّه عليهم أكمل وأكثر وأتمّ ، لكونهم من الأئمة الفضلى ، واُمّتهم الاُمّة الوسطى ، وشريعتهم وسيرتهم وطريقتهم أعدل السير وأقومها كما قال تعالى : ( وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ اُمَّةً وَسَطاً ) ، كما إنّ اليهود كانوا يصلّون إلى المغرب والنصارى إلى المشرق ، فجعل قبلتهم وسط القبلتين ، وكذا في حكم القصاص والديّات وسائر الأحكام جعلوا وسطاً ، فشبّه إبراهيم (عليه السلام)من جهة تشعّب هذه الأنوار العظيمة منه بزيتونة لم تكن شرقية ولا غربية ، أي غير منحرفة عن الاعتدال إلى الإفراط والتفريط ، المتحقّقين في الملّتين والشريعتين ، وأومى بالشرقية إلى النصارى وبالغربية إلى اليهود ; لقبلتيهم ، ويمكن أن يكون المراد بالآية : الزيتونة التي تكون في وسط الشجرة في شرقها ; فلا تطلع الشمس عليها بعد العصر ، ولا غربية ; فلا تطلع عليها في أوّل اليوم . فيكون التشبيه أتمّ وأكمل . ( يَكادُ زَيْتُها ) ; أي زيت الشجرة أو الزيتونة ، والمراد بالزيتونة في المشبّه : المادة البعيدة للعلم ، وهي الإمامة والخلافة التي منبعها إبراهيم ، حيث قال سبحانه : ( إنِّيْ جاعِلُكَ لِلْناسِ إماماً ) ، وسرى في ذرّيته المقدسة . وبالزيت : الموادّ القريبة من الوحي والإلهام . وإضاءة الزيت : انفجار العلم من تلك المواد . ( وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ ) ; أي وحي أو تعليم من البشر أو سؤال ، فإنّ السؤال ممّا يقدح نار العلم . ( نُورٌ عَلى نُور ) ; كلّ إمام يتلو إماماً ، يزيد في إنارة علم اللّه وحكمته بين الناس ، ويؤيّد هذا التأويل ما رواه ابن بطريق في العمدة والسيد ابن طاووس في الطرائف من مناقب ابن المغازلي الشافعي باسناده عن الحسن البصري أ نّه قال : المشكاة فاطمة ، والمصباح الحسن والحسين (عليهما السلام) ، والزجاجة كأ نّها كوكب درّي فاطمة (عليها السلام) ، كوكباً درّياً بين نساء العالمين . ( تُوقَدُ مِنْ شَجَرَة مُبارَكَة ) ; الشجرة المباركة إبراهيم (عليه السلام) . ( لا شَرْقِيَّة وَلا غَرْبِيَّة ) ; لا يهودية ولا نصرانية . ( يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ ) ; قال : يكاد العلم أن ينطق منها . ( وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُور ) ; قال : منها إمام بعد إمام . ( يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاء ) ; قال : يهدي لولايتهم مَن يشاء.
          وذكر الطبرسي (قدس سره) في تأويل الآية أقوالا :
          أحدها : أ نّه مثلٌ يضربه اللّه لنبيّه محمد (صلى الله عليه وآله) . فالمشكاة صدره ، والزجاجة قلبه ، والمصباح فيه النبوّة . ( لا شَرْقِيَّة وَلا غَرْبِيَّة ) ; أي لا يهودية ولا نصرانية .
          ( تُوقَدُ مِنْ شَجَرَة مُبارَكَة ) ; يعني شجرة النبوّة ، وهي إبراهيم (عليه السلام) . ( يَكادُ ) ; محمد يتبيّن للناس ولو لم يتكلّم به ، كما إنّ ذلك الزيت يضيء . ( وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ ) ; أي : تصيبه النار.
          وقد قيل أيضاً : إنّ المشكاة إبراهيم (عليه السلام) ، والزجاجة إسماعيل ، والمصباح محمد ، كما سمّي سراجاً في موضع آخر . ( مِنْ شَجَرَة مُبارَكَة ) ; يعني إبراهيم ; لأنّ أكثر الأنبياء من صلبه . ( لا شَرْقِيَّة وَلا غَرْبِيَّة ) ; لا نصرانية ولا يهودية ; لأنّ النصارى تصلّي إلى المشرق واليهود تصلّي إلى المغرب . ( يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ ) ; أي : تكاد محاسن محمد تظهر قبل أن يوحى إليه . ( نُورٌ عَلى نُور ) ; أي : نبيّ من نسل نبيّ.
          وقيل : إنّ المشكاة عبد المطّلب ، والزجاجة عبد اللّه ، والمصباح هو النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، لا شرقية ولا غربية ، بل مكّية ; لأنّ مكة وسط الدنيا.
          وروي عن الرضا (عليه السلام) أ نّه قال : نحن المشكاة ، والمصباح محمد (صلى الله عليه وآله) ، يهدي لولايتنا من أحبّ.
          وفي كتاب التوحيد للشيخ الصدوق عليه الرحمة ، بالإسناد عن عيسى بن راشد ، عن أبي جعفر الإمام الباقر (عليه السلام) في قوله : ( كَمِشْكاة فِيها مِصْباحٌ ) ; قال : نور العلم في صدر النبي (صلى الله عليه وآله) . ( المِصْباحُ في زُجاجَة ) ; الزجاجة صدر علي (عليه السلام) ، صار علم النبيّ إلى صدر علي ، علّم النبيّ علياً . ( يُوقَدُ مَنْ شَجَرَة مُبارَكَة ) ; نور العلم . ( لا شَرْقِيَّة وَلا غَرْبِيَّة ) ; لا يهودية ولا نصرانية . ( يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ ) ; قال : يكاد العالم من آل محمد (صلى الله عليه وآله) يتكلّم بالعلم قبل أن يُسأل . ( نُورٌ عَلى نُور ) ; أي إمام مؤيّد بنور العلم والحكمة في إثر إمام من آل محمد ، وذلك من لدن آدم إلى أن تقوم الساعة ، (الخبر).
          وثانيها : أ نّها مثل ضربه اللّه للمؤمن ، والمشكاة لنفسه ، والزجاجة لصدره ، والمصباح : الإيمان والقرآن في قلبه . ( يُوقَدُ مَنْ شَجَرَة مُبارَكَة ) ; هي الإخلاص للّه وحده لا شريك له ، فهي خضراء وناعمة كشجرة التفّت بها الشجرة فلا تصيبها الشمس على أيّ حال كانت لا إذا طلعت ولا إذا غربت ، وكذلك المؤمن قد اختزن من أين يصيبه شيء من الفتن ، فهو بين أربع خِلال : إن اُعطي شكر ، وإن ابتلي صبر ، وإن حكم عدل ، وإن قال صدق ، فهو في سائر الناس كالرجل الحيّ الذي يمشي بين قبور الأموات . ( نُورٌ عَلى نُور ) ; كلامه نور ، وعلمه نور ، ومدخله نور ، ومخرجه نور ، ومصيره إلى نور يوم القيامة . عن اُبيّ بن كعب.
          وثالثها : أ نّه مثل للقرآن في قلب المؤمن ، فكما إنّ هذا المصباح يستضاء به وهو كما هو لا ينقص ، فكذلك القرآن يهتدي به ويعمل به كالمصباح . فالمصباح هو القرآن ، والزجاجة قلب المؤمن ، والمشكاة لسانه وفمه ، والشجرة المباركة شجرة الوحي . ( يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ ) ; تكاد حجج القرآن تتّضح وإن لم يُقرأ ، وقيل : تكاد حجج اللّه على خلقه تضيء لمن تفكّر فيها وتدبّرها ولو لم ينزل القرآن . ( نُورٌ عَلى نُور ) ; يعني أنّ القرآن نور لدينه وإيمانه من يشاء أو لنبوّته وولايته . انتهى ما ذكره العلاّمة المجلسي عن المفسّر الكبير المحقق الطبرسي صاحب مجمع البيان (قدس سره) ، ثمّ يتعرّض العلاّمة إلى تفسير وتأويل تتمة الآيات الشريفة على أنّ اللّه كما ضرب الأمثال للمؤمنين وأئمتهم (عليهم السلام) ، كذلك ضرب مثلين للكافرين والمنافقين وأئمتهم ، يذكر ذلك بالتفصيل ، فراجع.
          هذا ما وددت بيانه إجمالا في تفسير وتأويل آية النور الكريمة . وخلاصة الكلام أنّ من أظهر مصاديق الأمثلة لنور اللّه وأتمّها هو محمد وأهل بيته الأطهار ، فهم نور اللّه في السماوات والأرضين ، خلقهم اللّه أنواراً ، فجعلهم بعرشه حافّين ومحدقين ، فكانوا نور الأخيار والأبرار ، حتّى جبرئيل الملك الأمين ، فكان أمير المؤمنين أسد اللّه الغالب علي بن أبي طالب (عليه السلام) معلّمه ، كما ورد في الخبر الشريف.
          « روى صاحب بستان الكرامة : أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) كان جالساً وعنده جبرئيل (عليه السلام) ، فدخل علي (عليه السلام) ، فقام له جبرئيل . (عليه السلام) فقال النبي (صلى الله عليه وآله) : أتقوم لهذا الفتى ؟ فقال له : نعم ، إنّ له عليّ حقّ التعليم . فقال النبي (صلى الله عليه وآله) : كيف ذلك التعليم يا جبرئيل ؟ فقال : لمّا خلقني اللّه تعالى سألني من أنت وما اسمك ومن أنا وما اسمي ؟ فتحيّرت في الجواب وبقيت ساكتاً ، ثمّ حضر هذا الشابّ في عالم الأنوار وعلّمني الجواب ، فقال : قل أنت ربّي الجليل واسمك الجليل ، وأنا العبد الذليل واسمي جبرئيل ، ولهذا قمت له وعظّمته . فقال النبي (صلى الله عليه وآله) : كم عمرك يا جبرئيل ؟ فقال : يا رسول اللّه ، يطلع نجم من العرش في كلّ ثلاثين ألف سنة مرّة ، وقد شاهدته طالعاً ثلاثين ألف مرّة.
          وإلى هذا الحديث نظر محيي الدين بن عربي ، حيث قال في أوّل خطبة فتوحاته : « الحمد للّه الذي جعل الإنسان الكامل معلّم المَلَك وأدار بانقساره طبقات الفَلَك » . فالنبي وأهل بيته صلوات اللّه عليهم قد شاركوا الملائكة في أفضل صفاتهم التي هي النورية الخاصة ، وزاد عليهم في الصفات العالية التي لا تكاد تحصى »[12].
          وفي الكافي ، بسنده ، عن أبي الحسن (عليه السلام) ، قال : سألته عن قول اللّه تبارك وتعالى : ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللّهِ بِأفْواهِهِمْ ) ; قال : يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) بأفواههم ، قلت : قوله تعالى ( وَاللّهُ مُتِمُّ نُورِهِ ) ; قال : يقول : واللّه متمّ الإمامة ، والإمامة هي النور ، وذلك قوله عزّ وجلّ : ( آمِنُوا بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الذي أ نْزَلْنا ) ; قال : النور هو الإمام.
          ولا يخفى أ نّه قد ورد في روايات المخلوق الأوّل للّه بأ نّه سبحانه أوّل ما خلق
          العقل ، وأوّل ما خلق نور محمد (صلى الله عليه وآله) ، وأ نّه أوّل ما خلق النور . فقد جاء في كتاب (الأنوار النعمانية)[13] بأنّ الأخبار الواردة بأوّلية النور ونوري وروحي فهي واحدة ، وهي عبارة عن نوره (صلى الله عليه وآله) ، وهو أوّل مخلوق على الأوّلية الحقيقية ، ليس فيه للإضافة مدخل بوجه من الوجوه ; لأ نّه قد استفاض في الأخبار أنّ نوره (صلى الله عليه وآله) أفرزه اللّه سبحانه من نوره ، وأفرز من ذلك النور أنوار الأئمة الطاهرين ، وأفرز من ذلك النور الثاني أنوار المؤمنين ... وأمّا حقيقة هذه الأنوار فلا نتحقّقها على حقيقتها ، ولكنّ المفهوم من هذه الأخبار هو أنّ المراد بهذه الأنوار أجسام لطيفة نورانية على قالب هذه الأجسام ، وتفارقها في النور واللطافة والصفا ، ولمّا خلقها وأدخل الأرواح فيها كانت أجساماً فيها أرواح في عالم الملكوت تسبّح اللّه وتقدّسه وتمجّده وتعلّم الملائكة بعد أن خلقوا للعبادة والتسبيح ، ومنه قال (صلى الله عليه وآله) : سبّحنا فسبّحت الملائكة بتسبيحنا ، وقدّسنا فقدّست الملائكة بتقديسنا.
          وأخيراً ، عقيدتنا في رسول اللّه وأهل بيته الأئمة الأطهار (عليهم السلام) : أ نّهم أفضل خلق اللّه ، وأ نّهم عباد مكرمون مربوبون مرزوقون ، خلقهم اللّه فجعلهم أنواراً بعرشه محدقين ، وبعد هذا ، كلّما يقال في وصفهم ومدحهم وثنائهم وعلوّ مقامهم وشخصيتهم القدسية ومكارمهم وفضائلهم ومناقبهم ، فإنّه لا شيء قبال ذواتهم وكنههم وحقيقتهم ، فهم كما قالوا : « نزّلونا عن الربوبية ، وقولوا فينا ما شئتم ، ولن تبلغوا ».
          وأمّا من يعتقد باُلوهيّتهم والعياذ باللّه ، كالغلاة من الذين يعدّون في الفرق الإسلامية من الشيعة ، فإنّا براء منهم ، ونلعنهم تقرّباً إلى اللّه تعالى . وبذلك أمر أئمتنا المعصومون الأطهار (عليهم السلام) ، وهل بعد الحقّ إلاّ الضلال.

          --------------------------------------------------------------------------------
          [1]سورة النور ، الآيات 35 ـ 38.
          [2]الميزان في تفسير القرآن 15 : 120.
          [3]سورة أسرى ، الآية 44.
          [4]سورة الصف ، الآية 8 . وفي الأنعام : 122 ، والحديد : 28 ، والزمر : 22.
          [5]العنكبوت : 13.
          [6]سورة الأعراف ، الآية 157 ، وسورة المائدة ، الآية 15.
          [7]سورة البقرة ، الآية 257.
          [8]سورة الأنعام ، الآية 122.
          [9]سورة التوبة ، الآية 32.
          [10]سورة الأحزاب ، الآية 46.
          [11]مرآة العقول 2 : 358.
          [12]الأنوار النعمانية 1 : 15 ، للسيد نعمة اللّه الجزائري.
          [13]الأنوار النعمانية 1 : 14.

          ================================================== ================================================== ==========================

          تعليق


          • #35
            اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
            جزاكم الله خير أخواني وحفظكم الرحمن
            على هذا الجهد المبارك
            ألف بارك الله بكم جميعاً
            دمتم بعافية

            تعليق


            • #36
              ان علم العقيدة هو ضالة المؤمنين وهو علم ميزه الباري جل وعلا بأنه يبحث في معرفة الله سبحانه والبحث في صفاته وعدله ونبوة انبياؤه وإمامة المعصومين(ع) وفي المِعاد..

              ومن هنا وفي سبيل محاولة ايجاد هذه الضالة والسعي في معرفة الله عز وجل انقل لكم بعضاً مما استفدته من الدروس العقائدية باسلوب سهل واضح راجية من الله توفيقه في هذا الجهد المتواضع..

              قال تعالى: (ان الدين عند الله الاسلام).. فالدين واحد منذ خلق آدم (ع) ولكن اختلف المسمى,فسمى المسيح دينهم بالنصرانية,وأتباع موسى باليهودية,وهكذا.. لكن حرفت كتب الاديان السابقة – والتي كانت تعتبر الطريق الى معرفة الله جل وعلا- مما أدى الى عدم اطمئنان النفس اليها وعدم الاعتقاد بصحتها..وأصبح على الناس ان يبحثوا بأنفسهم عن وجود الله سبحانه وهل هو فعلا واحد؟وهل له صفات ذاتيه وفعليه؟
              2/هل العالم قديم أم حادث ؟
              3/ماهي حقيقة النفس الانسانية؟..

              وتعددت بذلك الفرق والجماعات للبحث في هذه الامور,فظهر الفلاسفة والمتكلمون والعرفانيون والصوفية والحكماء وغيرهم..وكلهم يبحثون في شيء واحد لكن الطرق مختلفه..وسنورد شرحا مختصرا لكل جماعة من هذه الجماعات وقبل ذلك نشير اولاً إلى مايسمى بحكمة القوم..

              نشأت حكمة القوم في العصور القديمة حيث تعددت الثقافات واختلفت وظهر من بين الناس ممن تلقوا علوما عند الانبياء وكان من بين هؤلاء ممن يسمون بحكماء القوم..
              أراد هؤلاء اثبات (واجب الوجوب)(1) ووضعوا لذلك القواعد والنظريات ابتعادا عن الادلة النقلية,إذ أن الكتب السماوية القديمة كلها محرفه,فاستخدموا لذلك الادلة العقلية والتي هي موازين ونظريات لايشك في صدقها العقل عندهم, وكانت كلها أمورا وضعية فكانوا يقيسون الله بأنفسهم فيقولون بما اننا نسمع اذن خالقنا سميع وبما أننا نبصر اذن هو بصير.. وهكذا

              وقد دخلت علوم الفرق المذكورة آنفا الى مجتمع المسلمين في عهد المأمون حيث تمت ترجمة كتب الفلسفة وعلم الكلام الى اللغة العربية فأحبها المسلمون,إذ كان للمنطق أهمية كبيرة في تصحيح التفكير,واستفاد منه المسلمون ايضا في محاجاة الملحدين لاثبات وجود الله عز وجل.

              #الفلسفة:

              وهي دراسة تسعى الى فهم غوامض الوجود والواقع,وتعتمد على تساؤلات تعتبر اسساً للفلسفة.. مثلا:ماهي الحياة؟ هل كان لي وجود قبل حياتي هذه؟ ماهو هذا الوجود؟ وهل توجد حياة بعد الموت؟ ماهي هذه الحياة؟...
              معنى كلمة (فلسفة): هي كلمة يونانية الاصل نشأت قبل ميلاد المسيح (ع) بخمسة قرون, ومعناها في اليونانية مكون من شقين: فيلا , سوفيا
              فيلا: أي محب
              سوفيا: الحكمه
              اذاً معنى الفيلسوف هو محب الحكمة..

              ويبحث الفيلسوف في الاسئلة بحثاً عقلياً صرفاً لأنه لا يعتقد بتلك الاديان المحرفة - أما المؤمنون فيأخذون الاجابة على لسن الانبياء والكتب السماوية الغير محرفه, والقضايا العقليه والمنطقية يؤيدونها بما اعتقدوه من الانبياء-..


              رواد الفلسفه:

              سقراط: زعيم هذه الفلسفة وتسمى فلسفته بالرواقية أو المشائية لأنه كان يلقي اسئلته في كل مكان ماشيا كان أو في رواق أوطريق أوغيره..
              افلاطون: وهو أحد تلامذة سقراط,فيلسوف متمكن له ترجمات الكثير من اراء استاذه..وله كتاب (المدينة الفاضلة) والذي يتضمن نظريات خاصة فردية لخلق مجتمع ملائكي..

              وقد ظهرت ايضا جماعة السفسطائيين وهم جماعة ركزوا على البيان والمنطق في علومهم لأجل الفوز في المناظرات والمناقشات الكلاميه وقد انتهج سقراط منهجهم شيئا ما..فيقال أن سقراط كان جالسا يوما مع تلاميذه على بركة ماء,واستطاع بحنكته وببراعة عقلية ومنطقية أن يقنع التلاميذ أن هذا ليس بماء وآمن الطلبة بذلك..لكن افلاطون اثبت العكس بالحس اذ رمى استاذه في البركة وأثبت للجميع أن هذا ماء وليس شيئا آخر.


              وكان من تلامذة افلاطون:
              - أرسطو, وقد تتلمذ على يد أفلاطون مدة 20 سنه , وكتب في المنطق والطبيعة وما وراء الطبيعه(2)وفي الفلسفة العملية
              - فيثاغورس, وهو واضع علم الموسيقى (السيمفونيه)
              - أفليطين.





              ورد عن أمير المؤمنين (ع): (العلم نقطة كثرها الجهال)
              وفي هذا دليل على ان العلم بسيط لايحتاج الى ذلك التعقيد كما هو عند هؤلاء الفلاسفه..



              يتبع
              ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

              (1 ) واجب الوجوب مصطلح يستخدمه الفلاسفه ويقصدون به الله جل وعلا

              (2 ) اعتمد المنطق على 5 فروع:
              1- ما وراء الطبيعة (الميثافيزيقيا) , كالبحث في عالم البرزخ أو البحث في المشيئة والآلهة.
              2- نظرية المعرفة.
              3- المنطق.
              4- الاخلاق.
              5- علم الجمال(كالرسم والموسيقى والمناظر الخلابة, وذلك بدراستها دراسة فلسفية).
              __________________

              تعليق


              • #37
                الفلسفة في الاسلام:[/color]

                عرف المسلمون الفلسفة بأنها علم حقائق الأشياء,وقسموها إلى قسمين نظري وعملي.
                ويرى بعض علماء المسلمين بوجوب تعلم الفلسفة بحجة أن المسائل العقلية لاثبات الواجب عز وجل لاتكون الا بالفلسفة لأن العقل لايشك فيها..
                من رواد فلاسفة المسلمين: ابن سينا – ابن رشد – ابو بكر الرازي – الفارابي – البن خلدون.
                ومن أهم مواضيع الفلسفة البحث في وجود الله ووجود العالم وحقيقة النفس الانسانية.


                #علم الكلام:

                وهو ثوب من الاثواب التي لبستها الفلسفة, ويدعو رواده انفسهم بالمتكلمين..
                يهتم هذا العلم بدراسة العقيدة الاسلامية ويدافع عنها ويرد الشبهات التي تثار حولها بالادلة العقلية والبراهين الجدلية مستحدثاً في ذلك مصطلحات وطرق استنبطها من الفلسفة.


                - من أين اتت هذه التسمية ومن أين نشأ؟

                تعددت الآراء في ذلك وكان منها:
                1/ أنه سمي بعلم الكلام لأن أول مسألة طرحت للبحث والنقاش هي مسألة كلام الله.هل هو قديم أو حادث(قضية خلق القران),وقد كانت في عهد المأمون واستمرت الى عهد المتوكل العباسي,فقال بعضهم ان القرآن والذي هو كلام الله قديم والبعض قال بأنه محدث (وما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث)(1).. والبعض قال بأنه منزل - ليسلم من القولين-

                2/ سمي بعلم الكلام لانه عند التبويب لعلم اصول الدين أول مايكتب فيه: )الكلام في....)
                (مثل: الكلام في العدل, الكلام في المِعاد...وهكذا).

                3/ أنه بسبب الثورة العلمية في ذلك العصر ونتيجة لتوسع الرقعة الاسلامية كثر الجدال بين الملحدين الذين لايؤمنون بوجود الله وبين المسلمين وهذه المسألة تحتاج الى كلام لاثبات المطلوب فسمي بهذا الاسم.


                موازنة بين الفلسفة وعلم الكلام:

                تهدف الفلسفة الى الكشف عن الحقيقة, مُحدِدة مجال بحثها بمبادئ الوجود وعلله والكون والانسان من غير تقيد بمسلمات معينة.. بينما علم الكلام يقوم بتأييد العقائد الدينية بالحجج العقلية والدفاع عنها والرد على مخالفيها.
                لكن علم الكلام تطور واختلط بالفلسفة فيما بعد حتى اصبحت قواعده فلسفية.


                #التصوف:

                للصوفية تعاريف كثيرة وأوضحها: الشهود..
                أي انهم يصلون الى الكشف فيشاهدون الاشياء على حقائقها(كما يدعون) وبذلك يكون العرفان مماثلا لهم.
                يُنسب مذهب التصوف الى الامام علي (ع) إذ أنه أول من لبس الصوف.. وقال البعض ان تسميتهم بالصوفية من الصفاء(وهذا أمر مرفوض لأنهم لاصفاء لهم).
                يُسمى علماؤهم بالدراويش..ويعتمدون في مذهبهم على ترك الدنيا والعزوف عن ملذاتها وعن الزواج وغيره..ويتواجدون بكثرة في الشام, والمغرب, والجزائر, وليبيا, ومصر, والهند, وباكستان, والسودان..كما انه يلاحظ عليهم بأنهم لا اعتناء لهم بأنفسهم ابداً, وينسبون انفسهم الى الامام علي (ع)..
                ويرى البعض بأن هناك تصوف محمود وتصوف مذموم..
                فالمحمود الزهد عن جميع ملاذ الدنيا والزهد في المعاصي, ومنه التصوف لبس الصوف على الصفا أي لبسه على القلوب الصافيه..وهناك من ينسب هذا المذهب الى الامام الصادق (ع) لأنه يلبس الصوف تحت ثيابه وهذا محمود..
                أما المذموم فكما هو حال الصوفية الآن فالتصوف عندهم هو الشهود والذي لايتحصل الابالرياضات الجسمية والنفسية, سواء اكانت مطابقة للشرع أو مخالفة له..
                يسمون انفسهم بعلماء الطريقة وذلك لأنهم ابتدعوا طريقة استنوا عليها.. ولهم معتقدات باطلة كثيره منها قولهم ان الله سبحانه وتعالى مجبر على خلقه للأشياء عند خلقه لها وأن أهل النار اذا خلدوا فيها يصلون الى درجة يتنعمون فيها بالتعذيب.. ويقولون ايضا بنسبة العلم والمعلوم (أي هناك مناسبة بين الذات والممكنات) وبالحلول والاتحاد وبوحدة الوجود(2).. ولديهم اشعار كثيرة تدل على عدم ايمانهم منها:

                رق الزجاج ورقت الخمر= قتشابهت وتشاكل الامر
                فكأنمــــــا خمــر ولا قدح= وكأنمـــــا قدح ولا خمر
                وقولهم:

                وما الخلق في التمثال الا كثلجة= وانت لها الماء الذي هو نابع
                فهنا يقولون بأن المخلوقات موجودة في ذات الحق جل وعلا على نحو البساطة (كمثل وجود الشجرة في البذره)..وكما يقول شيخهم ابن عربي: (..الحمد لله الذي خلق الاشياء وهو عينها..)
                واذا وصل علماؤهم الى درجة الكشف يتركون الصلاة والصيام لاعتقادهم بالحلول(أي انهم يحلون بمقامه جل وعلا فكيف يعبدون انفسهم). يقول محيي الدين ابن عربي: (ليس في جبتي الا الله وانا , انا مذنب انا غافر سبحاني سبحاني ما أعلى شاني)
                وقد ورد عن الإمام الرضا (ع) - بما معناه- : (من ذُكرت عنده الصوفية ولم ينكرهم بلسانه وقلبه فليس منا , ومن انكرهم فكأنما جاهد الكفار بين يدي رسول الله (ص)).
                من زعماؤهم:محيي الدين ابن عربي(والذي اسماه الشيخ بمميت الدين)
                -ابو القاسم الكلاج
                - عبد الكريم الجيلاني



                # العرفان:
                يتخذ العرفانيون طريق التصوف لكن بتحفظ ما فيأخذون منها ماوافق آراؤهم, يمجدون ابن عربي ويقولون أنه اتى بأشياء لم يأتِ أحد بها من قبل اذ انه عرفها عن طريق الكشف والصفاء لأنه من الواصلين
                اذاً العرفان طريق من طرق التصوف..

                وقد يشتبه البعض في أمر الكشف عندهم فنقول: أن للكشفية الحقه ضابط معين وهو كما ورد في الحديث: (اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله)
                وقال تعالى: (واتقوا الله ويعلمكم الله)..
                فإذا لم يكن الكشف من هذا الطريق(طريق الله و طريق اولياؤه) فهو كشف مرفوض لأنه كشف شيطاني وصفائهم ليس هو الصفاء المطلوب..

                من هنا يتضح لنا أن الشيخ الاوحد اعلى الله مقامه لم يكن صوفيا كما زعم البعض, وليس متكلما أو فيلسوفا بما تعنيه هذه الكلمة- مع علمه بجميع قواعد الفلسفة وعل الكلام- لأن الفلاسفة يعزفون عن المسلمات(3) ويأخذون بالامور الوضعية... وليس من المتكلمين لأن علم الكلام مع انه كان يدافع عن العقيدة ويستدل عليها باستدلالات من السنة لكنه بعد ذلك استحسن دخول بعض النظريات الفلسفية حتى ابتلع علم الكلام الفلسفة..ولم يكن عرفانيا لأن العرفانيون يستقون أمورهم من الصوفيه..




                يتبع
                ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                (1) وهذا هو الصحيح اذ انه ليس قديما بقدم الذات
                (2) وحدة الوجود وهو قولهم بأن المخلوقات كانت موجودة في ذات الله فلبست ثياب هذه العوالم وتميزت.
                (3) المقصود بالمسلمات هنا الشرائع وكل ما جاء به الانبياء

                __________________

                تعليق


                • #38
                  كما ذكرنا سابقا بأن كل من الصوفيون والعرفانيون والمتكلمون وغيرهم يبحثون عن المجهول المطلق وهو الله سبحانه وتعالى. وكلهم يدعون الوصول الى المعرفة الحقيقية,لكن لم يصلها الا من استقى علومه من النبع الصافي الصحيح, وكل من ادعى ما ليس فيه كذبته شواهد الامتحان..

                  وكلــهم يدعي وصــلا بليلى= وليلى لاتقــر لــهم بذاكا
                  اذا انبجست دموع في خدود= تبين من بكى ممن تباكا
                  doPoem(0)
                  ****************

                  قال جل من قائل: (هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم يتلو عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل في ضلال مبين)
                  وقال: (ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)
                  وقال: (ومن يؤت الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا)


                  الحكمة شرعاً: عرفها السيد كاظم الرشتي بانها العلم بأحوال الموجودات على ماهي عليه في نفس الامر بقدر الطاقة البشريه.

                  الحكمة لغة: يطلق على الحديدة في لجام الفرس والتي تمنعه عن مخالفة راكبه بالحكمه..
                  وكذلك من في رأسه حكمة يمتنع من ارتكاب لخطأ, يقول الشيخ الاوحد اعلى الله مقامه: (ولايتطرق الى كلماتي الخطأ من حيث اني تابع للمعصوم) فمن يتبع المعصوم لايقع في الخطأ.
                  في كتاب العين عرف الحكمة بان مرجعها الى العقل فصاحب العقل الراجح المتزن يسمى حكيماً

                  وعرف حكماء القوم الحكمة بأنها حقائق الاشياء..

                  *****

                  ..قال امير المؤمنين (ع): (بالعقل يستخرج غور الحكمة, وبالحكمة يستخرج غور العقل).

                  فبالعقل وصفاؤه وبتربية النفس والقلب (بالذكر والعبادات) نصل الى مرتبة الحكمة, واذا وصلنا الى الحكمة عرفنا العقل معرفة حقيقية ومن ثم نصل الى مقام (من عرف نفسه فقد عرف ربه)..
                  وتتفاوت درجات العباد بمقدار توحيدهم ومعرفتهم بآل البيت (ع)..(لو عرف اباذر مافي سلمان لكفره) وفي روايه (لترحم على قاتله)
                  لكن الوصول الى الحكمة ليس بالامر السهل, فلابد لذلك من رياضات روحية وقلبية حتى نستطيع الوصول الى ذلك المقام...
                  تحتاج الحكمة الى تطهير القلب من كل مايشوبه من حقد او حسد اوغيبة ونميمة وما شابه ذلك.فالقلب هو بيت الله, وفي الحديث القدسي (ماوسعني ارضي ولاسمائي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن)
                  وقال تعال: (لاتعمى الابصار بل تعمى القلوب التي في الصدور).
                  وقد سمي القلب قلبا نسبة الى القالب او الوعاء الذي يحوي ما يوضع فيه.. وقيل سمي بالقلب أي انه يقلب حقائق الامور من المادية الى المعنويه.. وقد يطلق على العقل بالقلب لأنه يقلب الامور أو يكون قالبا للأشياء...
                  ولتمهيد القلب لتقبل الحكمة الالهية علينا أن نقوم بتطهيره من كل مايشوبه واصلاحه كما تُصلح الارض قبل زراعتها ـ ومن هنا نرى السر في استحباب الآذان في اذن الطفل اليمنى والاقامة في اليسرى لمدة 3 أيام , وذلك لابعاد الشيطان عنه ولتُكَون له حصانة في قلبه ـ..
                  وعليك أولاً أن تخرج حب الدنيا من قلبك فحب الله وحب الدنيا لا يجتمعان في قلب واحد.. فإذا خرج حب الدنيا من قلبك تستطيع بذلك ان تختلي به.. إذ أن المسائل الروحانية تتطلب الخلوة ولابد لذلك من تدريب النفس بالرياضات الروحانية البسيطة..
                  وأول تلك الرياضات هي مناغاة القلب كمناغاة الطفل الصغير, فكما أن الطفل لايستجيب للمناغاة من المرة الاولى بل يحتاج في ذلك الى تكرار حتى يجيبك كذلك هو حال القلب فقد لايستجيب في بادئ الامر لوجود الكدورات فيه لكن بالتكرار والاصرار سيستمر في الذكر كضخه التلقائي للدم..
                  وقد ذكر شيخنا الاوحد اعلى الله مقامه بأن اول الاذكار التي يجب ان يتدرب عليها ويتقنها القلب لفظا ومعنى هي الصلاة على محمد وال محمد..
                  وايضا عليكم بأوراد سيدي ومولاي الامام المصلح (قد) فلها أثر فعال قد لحظه كل من داوم عليها..

                  وبالاضافة الى الذكر لابد من تعويد انفسنا تدريجياً على الانقطاع والخلوة كما قلنا سابقا فللانقطاع عن العالم تأثيرات خارقة نجدها عند الصوفية ـ بالرغم من خطأهم ـ والقلب يحتاج الى الانقطاع ولو عند الصلاة فقط..وأول باب يفتح للسالك هو باب الرؤيا..

                  وحتى نستعين على قلوبنا نحتاج الى امرين:

                  1/ باطني: الذكر والادعية وقراءة القرآن..

                  2/ مادي: الاعتدال في الاكل..فالاكل المشبوه او الغير مؤدى فيه الخمس الواجب يغطي بحجب على القلب حتى يصبح القلب في حالة بلادة فلا يستقبل حتى البديهيات ..وقد اوضح الشيخ الاوحد بعض تأثيرات كثرة الطعام بأنها تزيد من عمل المعدة لهضم الطعام مما يولد حراره والحرارة مع سوائل الجسم تولد ابخرة تصعد للأعلى وتعتم على مرآة القلب.
                  ويقول ابن عباس في ذلك:
                  اذا كثر الطعام فحذروني= فإن القلب يفسده الطعام
                  اذا كثر المنام فنبهوني= فإن العمر ينقصه المنام
                  اذا كثر الكلام فسكتوني= فإن الدين يهدمه الكلام
                  اذا كثر المشيب فحركوني= فإن الشيب يتبعه الحِمَام*
                  doPoem(0)ولم يُغفِل سيدنا ومولانا زين العابدين (ع) القلب في ادعيته, فذكره في 9 مناجاة من مناجاته.. وأُورٍدُها هنا حتى نتفكر ونتمعن في معانيها جيدا فيقول:

                  1/ في مناجاة التائبين: (الهي البستني الخطايا ثوب مذلتي وجللني التباعد منك لباس مسكنتي وأمات قلبي عظيم جنايتي فاحيه بتوبة منك ياأملي وبغيتي)

                  2/في مناجاة الشاكرين: (الهي اشكو اليك عدوا يضلني, وشيطانا يغويني, قد ملأ بالوسواس صدري, وأحاطت هواجسه بقلبي يُعاضد لي الهوى ويزين لي حب الدنيا ويحول بيني وبين الطاعة والزلفى.. الهي اشكو اليك قلبا قاسيا مع الوسواس متقلبا وبالرين والطبع متلبسا, وعينا عن البكاء من خوفك جامدة والى ماتسرها طامحة)الرين: الحجاب والغطاء(بل ران على قلوبهم).
                  الطبع:لغة الختم (فطبع على قلوبهم)
                  فالامام (ع) يستعيذ هنا من الرين والطبع المتلبسين بالقلب لأنهما من الحجب..
                  ويستعيذ سيد الموحدين (ع) من القلب القاسي في دعائه: (..اللهم اني اعوذ بك من قلب لايخشع ومن عين لاتدمع).

                  3/ في مناجاة الخائفين: (...أو تطبع على قلوب انطوت على محبتك, أو تصم اسماعاً تلذذت بسماع ذكرك في ارادتك)

                  4/ في مناجاة المطيعين: (...واقشع عن بصائرنا سحاب الارتياب واكشف عن قلوبنا اغشية المرية والحجاب)
                  بصائرنا: البصيرة تكون بالقلب.

                  5/ في مناجاة المحبين: (الهي من ذا الذي ذاق حلاوة محبتك فرام منك بدلا, ومن ذا الذي انس بقربك فابتغى عنك حولا..الهي فاجعلنا ممن..هيمت قلبه لارادتك واجتبيته لمشاهدتك واخليت وجهه لك, وفرغت فؤاده لحبك, ورغبته فيما عندك...... وقلوبهم متعلقة بمحبتك, وافئدتهم منخلعة من مهابتك..)

                  6/ في مناجاة المفتقرين: (..ورين قلبي لايجلوه الا عفوك ووسواس صدري لايزيحه الا امرك).

                  7/ في مناجاة العارفين: (الهي فاجعلنا من الذين ترسخت أشجار الشوق اليك في حدائق صدورهم, وأخذت لوعة محبتك بمجامع قلوبهم..وانجلت ظلمة الريب عن عقائدهم, وانتفت مخالجة الشك عن قلوبهم وسرائرهم..الهي ماألذ خواطر الالهام بذكرك على القلوب..)
                  ورد في الحديث: (من احبنا واخلص في حبنا وسئل عن مسألة نفثنا في روعه جوابا لتلك المسأله).

                  8/ في مناجاة الذاكرين: (..الهي فألهمنا ذكرك في الخلاء والملاء, والليل والنهار , والإعلان والإسرار, وفي السراء والضراء, وآنسنا بالذكر الخفي..الهي بك هامت القلوب الوالهة, وعلى معرفتك جُمعت العقول المتباينه, فلاتطمئن القلوب الا بذكرك, ولاتسكن النفوس الا عند رؤياك)
                  رؤيا القلوب:
                  حينما سأل رجل الامام علي (ع) هل رأيت الله؟
                  قال : لم أكن لأعبد ربا لم أره
                  فقال الرجل: صفه لنا.
                  فكان من جواب الامام(ع) : ...رأته القلوب بحقائق الايمان.

                  9/ في مناجاة الزاهدين: (..واغرس في افئدتنا أشجار محبتك, واتمم لنا أنوار معرفتك, واذقنا حلاوة عفوك ولذة مغفرتك, واقرر اعيننا يوم لقائك برؤيتك, واخرج حب الدنيا منقلوبنا كما فعلت بالصالحين من صفوتك)..

                  *************************

                  يقول الشيخ الاوحد أعلى الله مقامه: (...فإذا أردت طريق خلوص النية وغيره الى آخرماطلبت فعليك بحسن العمل فإنه لا شيء كالعمل كما قال امير المؤمنين عليه السلام فإذا أردت الصلاة فأسبغ الوضوء تقريباً الى الله, واقرأ ماندبك اليه من أدعية الوضوء وقبله وبعده, وتوجه الى ذلك بقلبك وقم الى الصلاة بقصد الخدمة لله سبحانه وصل كما أمرك الشارع عليه السلام من الأفعال والاقوال.
                  وتعود إقام الصلاة ولاتترك شيئا من النافلة ولاشيئا من المستحبة من صلاة أو دعاء أو قراءة القرآن تعللا بأن الله سبحانه لايقبل الا الخالص وما أقبل العبد اليه بقلبه فإذا لم تتوجه الى العمل بقلبك تركته, وهذا من حيل الشيطان على الانسان ليحرمه جميع الخيرات, فلا تترك شيئا ما افترضه الله ولا ماندب اليه لأنك إن لم تقدر على العمل الصالح تقدر على صورته.....)



                  ـــــــــــــــــــ
                  * الحمام : الموت .
                  __________________

                  تعليق


                  • #39
                    بسم الله الرحمن الرحيم..
                    اللهم صل على محمد وال محمد..

                    نتابع معكم دروس تربية القلب واعداده لتلقي حكمة اهل البيت عليهم السلام..


                    ورد في الحديث القدسي: (مازال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه, فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي ينطق به ويده التي يبطش بها)
                    فإذا كان الله سبحانه عند سمعك وبصرك لن تسمع ولن تبصر ولن تتكلم الا بما يرضيه سبحانه وتعالى,فيهيئ لك الامور والاسباب ويرزقك بلا طلب وحاشا لله ان ينسى ذاكريه..
                    واذا أحب الله عبداً ابتلاه(ايحسب الناس ان يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون). فلكل مؤمن ومؤمنة ابتلاء واختبار يختبره الله فيه,ومن أراد سلوك طريق الحكمة فليستعد للابتلاء..
                    وايسر الطرق للوصول الى محبة الله هو طريق الامام الحسين (ع) فقد ورد عن امامنا الصادق (ع): (كلنا سفن نجاة ولكن سفينة جدي الحسين اجرى) وفي رواية (أسرع) وفي أخرى (أوسع).
                    ومن احبه الله قذف في قلبه العلم كما قال نبينا الاكرم (ص): (ليس العلم بكثرة التعلم, وانما هو نور يقذفه الله في قلب من يشاء) وَ (من أخلص لله أربعين صباحا تفجرت ينابيع الحكمة على لسانه) وقال تعالى: (واتقوا الله ويعلمكم الله).
                    وورد عن أمير المؤمنين وسيد الموحدين (ع) قوله: (ليس العلم في السماء فينزل اليكم ولا في الارض فيصعد اليكم بل هو مكنون فيكم مجبول في قلوبكم,تخلقوا بأخلاق الروحانيين يظهر لكم). ومثل هذا كمثل وجود النخلة في النواة فإذا سقينا النواة وتعهدناها بالرعاية ظهرت النخلة ونمت,وإذا مهدنا قلوبنا للزراعة وسقيناها بالاخلاق الروحانية من حلم وصدق وانابة الى الله واخلاص وغير ذلك نما العلم وكبر.
                    وكما ذكرنا سابقا لابد من المداومة على الاذكار الروحانية والرياضات النفسية لتهيأة القلب,ومن تلك الادعية هذا الدعاء والذي يتوجب على طالب الحكمة المداومة عليه وبالأخص في قنوت الصلاة:
                    (يامقلب القلوب والابصار صل على محمد وال محمد وثبت قلبي على دينك ودين نبيك صلى الله عليه وآله ولاتزغ قلبي بعد اذ هديتني وهب لي من لدنك رحمة انك انت الوهاب).
                    وكذلك تستحب المداومة على الدعاء التالي في أيام الغيبة فهو يساعد على قذف المعرفة في الصدور وهو هذا الدعاء:
                    (اللهم صل على محمد وال محمد اللهم عرفني نفسك فإنك ان لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك,اللهم عرفني رسولك فإنك ان لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك,اللهم عرفني حجتك فإنك ان لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني).


                    وسننتقل في حديثنا الآن الى حضور القلب وتوجهه في العبادات..

                    الانسان اشبه ما يكون بمملكة ان صلح حاكمها صلحت الرعية من الوزراء والشعب وان فسِد فسَد الجميع..ويتربع على عرش هذه المملكة (القلب) فهو الآمر والناهي فيها..وولي عهده في هذه المملكة هوالعقل. فإذا صلح القلب صلح العقل, وان فسد القلب اتخذ له النفس الامارة بالسوء وزيرا مدبرا.
                    وللقلب وزراء كثيرون (كما هو حال الدول) فمنها على سبيل المثال وزارة الغضب ووزارة الشهوة ووزارة العلم ووزارة المحبة والاخلاص....فإذا أردت أن تبطش فلذلك وزير مسؤل وله أعوان كالعين واليد....

                    وهذا القلب إن تربى تربية طيبة صالحه اطمأنت جميع الجوارح..(وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما).

                    وأما بالنسبة لحضور القلب في الصلاة فمثله كمثل الخليفة الذي يؤم صلاة الجمعة والعيدين,فيقف ويصطف خلفه الوزراء والحاشية ومن ثم الرعية وليس هناك من يتأخر عن حضور الصلاة أو يتهاون..فإذا حضر القلب حضرت جميع الجوارح ونرى ذلك جليا في المؤمنين إذ تظهر عليهم سمات الصالحين لأن قلوبهم تحكم جميع جوارحهم فليس هنك مجال لأي جارحة بالمعصيه فتنقاد جميع الجوارح للقلب ان صلح صلحت وان انحرف انحرفت وكما ورد في الرواية (الناس على دين ملوكهم).

                    وحضور القلب هو استحضاره واستشعاره لعظمة الله سبحانه وتعالى.
                    ويعرف السيد كاظم الرشتي (قد) التوجه بأنه: التفات الى وجه المبدأ لاإلى ذاته تعالى.
                    وقسم (قد) حضور القلب الى ثلاثة أنواع:حضور العوام, حضور الخواص, وحضور خواص الخواص.

                    1/ توجه العوام: العوام في توجههم ينظرون بأنفسهم الى انفسهم..لايرون من العبادة إلا أنفسهم وصلاتهم بلا توجه حقيقي وبلا معرفه,يقول الامام علي (ع): (قصم ظهري اثنان جاهل متنسك وعالم متهتك)
                    فهذا النوع يصلي بلا توجه ولا معرفة ويسعى للعبادة كعلاج لجسمه وصحته فيصلي صلاة الليل لأنها تصح الابدان ولأنها تزيده شعورا وادراكا وجمالا..فينظر الى جسمه يريده ان يكون جميلا حسنا ذو جلال ومهابة ورزق واسع, وبهذا يتوجهون الى انفسهم وذواتهم وإلى فائدة العبادة لا إلى المكلف الأصلي للعبادة وهو الله سبحانه وتعالى

                    2/ توجه الخواص: هؤلاء ينظرون بقلوبهم لا بذواتهم, وكل عمل يأتون به ينظرون الى سر ذلك العمل..
                    كأن ينظرون الى أن سر النية بأنها مقام فاطمة الزهراء(ع) ولذا وجب اخفاؤها لأن البتول الطاهرة (ع) مكان الخفاء والستر. والركوع هو الالف التي بسطت بعد أن غيبت فيها النقطه وَ (أنا النقطة تحت الباء) وغير ذلك من الاسرار والخفايا للعبادات.
                    فهؤلاء الخواص يخاطبون الله في صلاتهم ويخاطبهم, ويقرون بأنه هو المعلم الأول لهذه العباده.
                    وهؤلاء الخواص يجدون أنفسهم لا بالنظر اليها ولا لأجلها وانما لكي يصلون بها الى خالقهم وبارئهم.أما في حال العبادة فيحرمون النظر اليها.

                    3/ توجه خواص الخواص: ان حضور قلوب خواص الخواص هو فناء لأنفسهم وذواتهم فلا يرون إلا الله سبحانه فحسب..قال امير المؤمنين (ع) في حديثه عن النفس الملكية(والتي هي أعلى من الناطقة القدسيه) : (بقاء في فناء) فبقاؤه بفناء نفسه (ونعيم في شقاء وعز في ذل) لايصل الى مرتبةالعزة إلا إذا وصل الى أسمى مراتب الذل الى الله تعالى (وصبر في بلاء).

                    ويصل القلب بعد ذلك الى مرحلة: (.....فينفسخ فيشاهد الغيب وينشرح فيحتمل البلاء....).

                    .وفي حديث المصطفى(ص): (.....فقيل يارسول الله وهل لذلك علامه؟ قال: نعم التجافي عن دار الغرور والانابة الى دار الخلود والاستعداد للموت قبل نزوله).
                    __________________

                    تعليق


                    • #40
                      والآن وبعد أن انتهينا من تربية القلب واصلاحه, واستنادا على الحديث القدسي(ماوسعني ارضي ولاسمائي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن) ننتقل الى كيفية معرفة الله سبحانه وتعالى والطرق المشروعة للسلوك فيها...


                      قال الامام علي عليه السلام: (أول الدين معرفته وكمال معرفته نفي الصفات عنه لدلالة أن كل صفة غير الموصوف)..

                      هنا في قول الامام ع (أول الدين معرفته) يتراود علينا السؤال التالي..


                      هل لهذه المعرفة شروط؟
                      وهذه المعرفة هل هي غاية أم وسيله؟.



                      نعم..هذه المعرفة مشروطة ومتوقفة على معرفة قبلها وهي(من عرف نفسه فقد عرف ربه) أي من عرف نفسه مخلوقا ممكنا فقيرا محتاجا مربوبا عرف أن له ربا واجبا خالقا غنيا مطلقا قويا قدرته لاحد لها ولا نهاية.
                      ومشروطة ايضا بأن تؤخذ من منبعها الصافي الصحيح والذي نجده في قولهم عليهم السلام (بنا عرف الله ولولانا ماعرف الله ولولانا ماعبدالله) .
                      وفي الزيارة الجامعة: (من أراد الله بدأ بكم ومن وحده قبل عنكم). فالمنهج الصحيح للبحث والمعرفة لايتحقق إلا بهم عليهم السلام.

                      وهذه المعرفة هي الغاية.. قال تعالى (وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون) أي ليعرفون كما ورد عن مولانا الامام الصادق عليه السلام..

                      وفي مدرسة الشيخ الاوحد تعتبر القاعدة الاساسية للمعرفة مبنية على معرفة أهل بيت العصمه (ع)..


                      ولهذه المعرفة عدة فروع:

                      1/ أن تتعرف على تعريفهم عليهم السلام للتوحيد.
                      2/ أن تتعرف على مقاماتهم وتتعرف عليهم.


                      فإذا عرفتهم عرفت الله عز وجل بما القى في هويتهم مثاله.. إذ أن الطريق الى معرفة ذاته مسدود والطلب فيه مردود ولايمكن لأي مخلوق أن يصل الى معرفة الذات القدسيه..ومع ذلك أُمرنا بالمعرفة وكلفنا بها (أول الدين معرفته) فلا يمكننا الوصول الى المعرفة المطلوبة إلا عن طريقهم, فتعرِف الله بما تعَرَفَ هو فيهم. فإذا عرفتهم بذلك عرفت الله سبحانه وتعالى.

                      سُئل الشيخ الاوحد اعلى الله مقامه عن تفسير وشرح (بنا عرف الله)..
                      فقال الشيخ في جوابه: قال سلمه الله ورد في الخبر (بنا عرف الله ولولا الله ماعرفنا) ماالمراد من هذا الكلام؟ أقول: لم اقف على هذا الخبر والذي وقفت عليه (بنا عرف الله ولولانا ما عرف الله) وذلك في روايتين ولكن على ماتروي لا منافاة على كلامك, ونتكلم على ماترويه..فقوله عليه السلام (بنا عرف الله) له معان ...


                      أحدهما: بما وصفنا الله تعالى بصفاته وذكرنا مما يجوز عليه ويمتنع عليه, وكل وصف وصف به غيرنا فإنه لايجوز عليه ولا يجوز عليه الا ما وصفنا به, لأنا لانقول عليه إلا ما وصف به نفسه.
                      (أي أنه لا يجوز لنا أن نصفه بأنه شجاع مثلا لأنه لم يصف نفسه بذلك..كذلك لايمكن أن نطلق عليه بأنه علة العلل لأن أهل البيت ع لم يصفوه بها).


                      ثانيهما: إنا شرط التوحيد, فمن لم يعرفنا لم يعرف الله لأن الله تعالى جعلنا أركان توحيده, والمراد بالشرط هنا الشرط الركني وذلك لأنهم معانيه فهم عينه ولسانه ويده وأمره وحكمه وعلمه, ومعنى كونهم معانيه أنهم معاني أفعاله..

                      وثالثهما: إنا شرط التوحيد يعني أن التوحيد لا يتحقق إلا بالإقرار بولاياتهم الحق, وفيه تعريض بغيرهم.
                      والمراد أن من عرف ألها اتخذ لخلقه دعاة مهتدين هادين فقد عرف ربه بالغني المطلق الذي هو عبارة عن التوحيد الكامل, بخلاف من عرف الها اتخذ لخلقه دعاة ضالين مضلين فإنه ماعرف ربه لأن الإله الذي اتخذ لخلقه دعاة ضالين مضلين إنما دعاه إلى ذلك الحاجة أو عدم القدرة على تحصيل هادين مهتدين أو عدم علمه بهم, والمحتاج وفاقد القدرة ليس بالله حق فبهم يعرف الله.


                      ورابعهما: أنا آيات الله التي تدل عليه, والمراد أنهم هم الآيات التي قال (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم) فهي التي يعرفون الله بها, وهو قول الصادق عليه السلام في حديث عبدالله بن بكر الأرجائي عن كامل الزيارة وهو طويل وفيه قال عليه السلام: (والحجة بعد النبي صلى الله عليه واله يقوم مقام النبي وهو الدليل على ماتشاجرت فيه الأمة والأخذ لحقوق الناس والقائم بأمر الله والمنصف لبعضهم من بعض, فإن لم يكن معهم من ينفذ قوله وهو يقول(سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم)الآيه, فأي آية في الآفاق غيرنا أراها الله أهل اآفاق؟ وقال تعالى(مانريهم من آية إلا هي أكبر من أختها) فأي آية أكبر منا؟)الحديث.
                      والآية هي الدليل عليه ولهذا قال عليه السلام: (نحن صفات الله العليا) ولا شك أن الشيء إنما يعرف بصفته وهي كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: (صفة استدلال عليه لا صفة تكشف له).


                      وخامسها: لما ظهرت عليهم آثار الربوبية حتى أنهم يحيون الموتى ويبرؤن الأكمه والأبرص ويفعلون كل ما أرادوا بإذن الله سبحانه لأنه تعالى أخذ على جميع ما خلق الطاعة لهم, ومع هذا ظهروا بكمال العبودية وبشدة العبادة وكمال الخوف من مقام الله تعالى.
                      فعرف الخلائق ربهم بذلك, كما ورد في حق الملائكة أنهم لما رأوا أنوارهم تحيروا فسبحوا فسبحت الملائكة, فهللوا فهللت الملائكة, وكبروا فكبرت الملائكة. وذلك لأن الملائكة لما رأوا أنوارهم ظنوا أن هذا نور معبودهم, فلما سبحوا عرفت الملائكة أن هذا نور مخلوق فقالوا عليهم السلام: (بنا عرف الله).
                      وفيه أيضا وجوه وهذا أظهرها....

                      __________________

                      تعليق


                      • #41
                        والآن وبعد أن وصلنا الى هذا القدر من الدروس ندخل معكم في دراسة كتاب (حياة النفس في حضرة القدس) للحكيم الالهي الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي قدس الله روحه الشريفه, والذي لخص فيه أهم مبادئ العقيدة مما يحتمله عوام الناس...


                        حينما نقف على عنوان هذا الكتاب نتساءل.. أي نفس التي يقصدها الشيخ في كتابه؟ وهل النفس نفس واحدة أم هي نفوس متعدده؟ وهل لها أنواع ومراتب وقوى أم انها مجرده؟؟؟؟

                        قال تعالى: (ونفس وما سواها. فألهما فجورها وتقواها)
                        يقسم الله بهذه النفس التي خلقها وسواها وأودع فيها من الاعجازات التي يصعب على صاحب هذه النفس ادراكها.
                        ومن خلال هذه الآية نلاحظ أن النفس تنقسم الى قسمين وذلك بحسب ميلانها الى التقوى والخير أو الى الفجور والشر (فألهمها فجورها وتقواها)..
                        وتتحصل تقوى النفس بتزكيتها وابعادها عن المعاصي والرذائل واكسابها الاخلاق الفاضلة (قد أفلح من زكاها). أما الفجور فإنه يتحصل في النفس بانغماسها في المعاصي والرذائل حتى تصصبح هذه النفس نفسا رذيله(وقد خاب من دساها).

                        اختلف علماء الاخلاق والحكماء في تفسيرهم للنفس فمنهم من قسمها الى ثلاثة أقسام ومنهم الى قسمين ومنهم الى اربعه وهكذا....
                        ومن هذه التقسيمات من قسمها الى: النفس النامية النباتية, والحسية الحيوانية, والناطقة القدسية, والكلية الالهية الملكوتيه.
                        وورد أيضا في القران الكريم أوصافا للنفس, فهناك النفس المطمئنه وتسمى عند علماء الاخلاق بالعاقله (يا ايتها النفس المطمئنه . ارجعي الى ربك راضية مرضية . فادخلي في عبادي وادخلي جنتي).
                        وهناك النفس اللوامة وتسمى بالسبعية او الغضبيه (فلا اقسم بالنفس اللوامه).
                        وايضاً النفس الامارة وتسمى بالبهيمية (وما ابرئ نفسي ان النفس لأمارة بالسوء).
                        والنفس الملهمة وهي النفس الملكية العقليه(فألهمها فجورها وتقواها).

                        هذه الانفس جميعها موجودة في الانسان, لكن.. ماوظيفتها؟ ولم خلقت بهذه الكيفيه؟ وأي نفس نريد ان نحييها من خلال كتاب حياة النفس؟.


                        في الانسان 4 قوى وهي..

                        1- النفس الملكية العقلية:
                        فهذه النفس شأنها ادراك حقائق الامور والتمييز بين الخير والشر والامر بالافعال الحسنة والنهي عن الصفات الذميمه..
                        ومبلغ هذه النفس ليس بالأمر السهل, فليس من اليسير أن يصل الانسان الى مرحلةٍ بحيث تكون نفسه هي الآمرة له بالطاعة والمدركة لحقائق الامور فهذا يحتاج الى مجاهدة ورياضات نفسيه(والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا).

                        2- النفس الغضبية السبعيه: وهذه أيضا موجودة في الانسان كوجود السبعية الغضبية, وهذه النفس موجبة لصدور أفعال السباعة من الغضب والبغضاء والتوثب على الناس بأنواع الانا.

                        3- الشهوية البهيمية: وهذه النفس لايصدر عنها إلا أفعال البهائم من عبودية البطن والحرص على الأكل وغيرها من الصفات الحيوانيه.
                        فالله خلق الانسان وجعل له ميلان , ميل الى النور وميل الى الظلمه, وجعل المسؤول عن التوجه الى النور العقل والمسؤل عن الميلان والتوجه الى الظلام النفس.. فإذا أطاع الانسان عقله واتبعه ارتقى ووصل الى مرتبة يكون فيها أفضل من الملائكه(لوجود النفس التي تأمره بالخطيئة فيه وخلو الملائكة منها).. وإن أطاع الانسان نفسه انحط الى مرتبة أدنى من مراتب الحيوان وذلك لوجود العقل فيه, لأن الحيوانات خلقت شهوة بلا عقل وخلقت الملائكة بعقل بلا شهوه وجُمع الاثنين في الانسان.

                        4- الوهمية الشيطانية: شأنها استنباط وجوه المكر والحيل والتوصل الى الاغراض بالتلبيس والخدع.


                        س- مالفائدة من هذه القوى الموجودة في النفس؟.

                        1- النفس الملكية العقلية تأمرك بالخير دائما وتحثك عل فعل الطاعات.

                        2- أما النفس الغضبية السبعية فإن فائدتها تكون من حيث تسخيرها في الخير فإذا سخرناها في ما أمرنا الله تصبح قوة لكسر القوى الشهوية والقوى الشيطانية..فنرى المؤمن اذا ماوقع في جو من المعصية كيف يغضب على نفسه ويكسر شهوته بهذه النفس وبهذه القوه.
                        وبهذا تكون فائدة هذه النفس هي كسر الشهوية والشيطانية عند تمردهما لأنهما لاتطيعان النفس العاقلة بسهوله وانما تحتاج الى النفس الغضبية لقمع القوتين الشهوية والشيطانيه.

                        3- والنفس الشهوية البهيميه ففائدتها هي حفظ النوع الانساني وبقاؤه, فعن طريقها يتناول الانسان طعامه ويتم التناسل والتكاثر.

                        4- أما الرابعة فلابد للانسان أن يُحول قواها الى خدمة الدين, فبها يتم وضع الخطط والأساليب لمحاربة أعداء الاسلام.

                        ويمكننا أن نشبه هذه القوى بشخص ذاهب في رحلة صيد يركب دابة ومعه كلب وقاطع طريق(عين يدله الطريق)...

                        الشخص هنا في مرتبة العاقلة الملكيه.
                        أما الدابه فهي تمثل النفس البهيمية, والكلب يمثل النفس الغضبية السبعية, أما قاطع الطريق فهو يمثل النفس الوهمية الشيطانية...
                        ففي خروجهم للرحله لو ترك هذا الشخص لجام الدابة ولم يقدها فسوف تذهب به كيفما تريد هي ولضاع الكل.. وهكذا الانسان لوترك نفسه تقوده لهوت به الى المهالك..
                        وإذا ترك الأمر لقاطع الطريق فسيضيعه بحيله حتى يصل به الى اللصوص والسراق فيأسرونه ويستعبدونه...

                        تعليق


                        • #42
                          عرفت النفس بتعاريف كثيرة أشملها واعمها أنها جوهر ملكوتي يستخدم البدن في حاجاته (سواء اكانت خيرا أم شر) وهو حقيقة الانسان وذاته , والاعضاء والقوى آلاته التي يتوقف فعله عليها , وله أسماء مختلفة بحسب اختلاف التعلق والارتباط فتسمى روحا لتوقف حياة البدن عليها , وتسمى عقلا (العاقلة الملكية) لادراكها للمعنويات وتسمى أيضا قلبا وذلك لتقلبها في الخواطر...

                          وقد أورد مولانا زين العابدين عليه السلام ذكر النفس في مناجاته في مواطن مختلفة وكأنه في كل مرة يتحدث عن تعلق من تعلقات النفس فيقول في مناجاة الشاكين: (الهي اشكو اليك نفسا بالسوء أمارة والى الخطيئة مبادرة وبمعاصيك مولعة ولسخطك متعرضة, تسلك بي مسالك المهالك وتجعلني عندك أهون هالك, كثيرة العلل طويلة الأمل ان مسها الشر تجزع وان مسها الخير تمنع, ميالة الى اللعب واللهو, مملوءة بالغفلة والسهو تسرع بي الى الحوبة وتسوفني بالتوبة) ويقصد هنا النفس الامارة بالسوء.

                          و في مناجاة الخائفين: (الهي نفس اعززتها بتوحيدك كيف تذلها بمهانة هجرانك) ويقصد هنا النفس الملهمة.

                          وفي مناجاة العارفين: (...واطمأنت بالرجوع الى رب الأرباب أنفسهم..) وهنا يقصد النفس المطمئنة.

                          ووردت ايضا روايات كثيرة عن أهل بيت العصمة (ع) أشاروا فيها الى النفس.. منها قول أمير المؤمنين (ع):
                          (العارف من عرف نفسه فأعتقها ونزهها عن كل مايبعدها عن الله سبحانه وتعالى).
                          (أعظم الجهل جهل الانسان أمر نفسه)
                          (اعظم الحكمة معرفة الانسان نفسه)
                          (اكثر الناس معرفة لنفسه اخوفهم لربه)
                          (اعرفكم لنفسه اخوفكم لربه)
                          (من عرف نفسه جاهدها ومن جهل نفسه اهملها).

                          أنواع النفس:
                          النفس النباتية: قوة أصلها الطبائع الاربع (الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة).
                          بدؤها: لما خلقنا الله في عالم الامكان (عالم الذر) انزلنا الى الدنيا عبر قطر المطر ثم في التراب, فيمتص النبات المواد الموجودة في التراب فتنتقل هذه الى الثمار فيتناولها الرجل فتكون نطفة في صلبه.

                          النفس الحيوانيه: بدؤها عند الولادة الجسمانية فإذا اكتمل تكوين جسم الانسان في بطن امه (بعد 4 أشهر) تدخل فيه النفس الحيوانية.

                          النفس الناطقة القدسية: وبدؤها عند الولادة الدنيوية, فالطفل حين ولادته تكون نفسه صافية نقية من الحجب الظلمانية سمعه القرآن وبصره ملكوت الله وهذه النفس الناطقة القدسية من اعظم النفوس وهي التي نريد احيائها والوصول اليها.

                          __________________

                          تعليق


                          • #43
                            كتاب حياة النفس

                            تمهيد المؤلف:

                            بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد واله الطاهرين.
                            اما بعد:
                            فيقول العبد المسكين أحمد بن زين الدين الأحسائي , انه قد التمس مني بعض الاخوان الذين تجب طاعتهم ان اكتب لهم رسالة في بعض ما يجب على المكلفين من معرفة أصول الدين. اعني التوحيد والعدل والنبوة والامامة والمعاد, وما يلحق بها بالدليل ولو اجمالاً, لا بالتقليد على مايظهر من ذلك, مما يحتمله عوام الناس, فأجبتهم الى ذلك على ما أنا عليه من كثرة الانشغال ودواعي الاعراض وملازمة الامراض, اذ لا يسقط الميسور بالمعسور وإلى الله ترجع الأمور.

                            وسميت هذه الرسالة (حياة النفس في حضرة القدس) ورتبتها على مقدمة وخمسة أبواب وخاتمة, كل باب يشتمل على فصول.

                            ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

                            ويقول في مقدمته للكتاب:

                            أما المقدمه: فاعلم ان الله لم يخلق العباد عبثا لأنه حكيم والحكيم لايفعل مالا فائدة فيه. ولما كان غنيا غير محتاج لأن المحتاج محدث, كانت فائدة خلقه للخلق راجعة اليهم ليوصلهم الى السعادة الأبدية, وذلك متوقف على تكاليفهم بما يكون سببا لاستحقاق السعادة الابدية, ولو لم يكلفهم لما استحقوا شيئا, ولو أعطاهم بغير عمل كان عبثاً. وقد ثبت أنه حكيم لايفعل العبث قال تعالى(افحسبتم انما خلقناكم عبثا وانكم الينا لاترجعون) ولما أراد خلقهم انعم عليهم كرما لأنهم لايكونون شيئا إلا بنعمته, فلما أنعم عليهم وجب عليهم شكر النعم ولايمكنهم شكر نعمه حتى يعرفوه لئلا يفعلوا مالا يجوز عليه, فشكر نعمه متوقف على معرفته, ومعرفته متوقفة على النظر والتفكر في آثار صنعه والنظر والتفكير متوقف على الصمت, يعني الإعراض بالقلب عن الخلق.
                            فأول الواجبات على المكلفين الصمت كما روي عن أمير المؤمنين (ع), فإذا صمت عن الخلق تمكن من النظر , وهو الواجب الثاني وبه يتمكن من المعرفة. فمن ترك الواجب الأول من المكلفين فقد ترك الواجب الثاني , ومن تركه فقد ترك معرفة الله وتوحيده وعدله ونبوة أنبيائه وامامة خلفاء انبيائه عليهم السلام, ومعرفة المعاد ورجوع الأرواح الى الأجساد, ومن ترك ذلك فليس بمؤمن بل ولا مسلم, وكان في زمرة الكافرين واستحق العذاب الأليم الدائم المقيم.
                            والمراد بالمعرفة التي لايثبت الاسلام إلا بها اعتقاد وجود صانع ليس بمصنوع وإلا لكان له صانع, ومعرفة الصفات التي تثبت لذاته وهي ذاته وإلا لتعددت القدماء
                            والصفات التي تثبت لأفعاله , ومعرفة الصفات التي لاتجوز عليه لأنها صفات خلقه, ومعرفة عدله لأنه سبحانه غني مطلق فلايحتاج الى شيء, وعالم مطلق فلايجهل شيئا, ومعرفة نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وآله ونبوة جميع الانبياء عليهم السلام, لأنهم الوسائط بين الله سبحانه وبين عباده والمبلغون عنه تعالى اليهم, ومعرفة خلفائهم عليهم السلام لأنهم حفظة شرائعهم فهم حجج الله بعدهم, ومعرفة بعث المكلفين وحشرهم الى مالك يوم الدين, وذلك على مانذكره من تعليم الله تعالى لعباده معرفة ذلك على ألسن حججه عليهم السلام, كل ذلك بالدليل ولو مجملاُ كما يأتي ان شاء الله.

                            >
                            >
                            >
                            >



                            نقف هنا على قول الشيخ اعلى الله مقامه: (ولما كان غنيا غير محتاج لأن المحتاج محدث, كانت فائدة خلقه للخلق راجعة اليهم ليوصلهم الى السعادة الأبدية, وذلك متوقف على تكاليفهم بما يكون سببا لاستحقاق السعادة الابدية, ولو لم يكلفهم لما استحقوا شيئا, ولو أعطاهم بغير عمل كان عبثاً).

                            ينقسم التكليف الى قسمين تكليف تكويني وتكليف تشريعي.
                            التكليف التكويني: وهو تقبل المكلف للوجود والتحقق في الخارج..
                            وهنا يطرح سؤال نفسه بأنه هل هذا الممكن كان موجودا وطرح عليه الايجاد؟ام ماذا؟؟؟؟



                            فإذا قلنا أن الممكنات كانت موجودة ثم أفاض عليها الوجود فهذا باطل لأنه تحصيل حاصل, كذلك قد يقودنا هذا الى اشكالية قدمها ومن ثم الى ادلة التمانع والفرجه(1) وبالتالي بطلان هذا الفرض..
                            والحال هو أن افاضة الوجود وقبول الممكن للانوجاد يكون في آن واحد ويتم ذلك في عالم الامكان
                            ومثل ذلك كمثل الكسر والانكسار, فلو كان لدينا عود سليم وقابل للكسر فإن هذا العود يوجد به كسر لكن يحتاج الى الانكسار حتى يظهر فإذا كلفنا العود بالانكسار ظهر الكسر.
                            فهناوجد الكسر والانكسار(التكليف) في آن واحد وكذلك المادة والصورة للمخلوق ظهرت في آن واحد مع التكليف.
                            وقد يقودنا هذا الموضوع الى أمر المشيئة والحقيقة المحمدية فنقف على حديث رسول الانسانية محمد صلى الله عليه وآله وسلم في حديثه لجابر(أول ماخلق الله نور نبيك ياجابر).
                            ونتساءل هل خُلق بلا مشيئه؟...
                            اذا قلنا بأن النبي (ص) خلق بالمشيئة لكانت المشيئة موجودة قبله..وإذا قلنا بأنه خلق بلا مشيئة فهذا يستلزم الطفره...
                            يقول الباري جل وعلا (يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار).
                            أي أن الحقيقة المحمدية لشدة قربها من الله سبحانه وتعالى تكاد ان تنوجد من غير مشيئة (تكاد الحقيقه ان تنوجد من غير ان تمسها نار المشيئه).

                            فإذا شبهنا الحقيقة بالكسر والمشيئة بالانكسار فإن الكسر موجود وسابق للانكسار وتقدمه تقدم رتبي (ذاتي) وتقدم المشيئة هو تقدم عرضي لكي تخرج هذا الكسر (الحقيقه) وان كانا كلاهما يوجدان في وقت واحد بالتكليف بالفعل.

                            اذاً الحقيقة قائمة بالمشيئة قيام ظهور
                            والمشيئة قائمة بالحقيقة قيام ركن وتحقق.



                            [align=right]ـــــــــــــــــــــــــــــــ[/center]
                            [1) دليل الفرجه وهوأنه لو فرضنا الهين اثنين قديمين فلا بد بينهما فرجة حتى يتميز كل عن الآخر, وهذه الفرجة لابد أن تكون قديمة مثلهما , وإلا إن كانت حادثة وأثرت في القديم لم يكن القديم الها...فلو فرضناها قديمة تكون الآلهة حينئذ ثلاثة بينهم فرجتان فتكون الآلهة خمسة بينهم أربع فرج فتكون تسعة فسبعة عشر فثلاث وثلاثين فخمس وستين إلى مالانهاية.وهذا باطل لايصير اليه عاقل
                            وأما دليل التمانع فهو ان فرضنا الهين اثنين يريد هذا أن يرزق زيدا رزقا واسعا ويريد ذاك أن لايرزقه فأما ان تنفذ الارادتان معا ام لا أو تنفذ ارادة احدهما دون الآخر... الفرض الاول محال والفرض الثاني ينفي كونهما الهين لضعفهما وضعف ارادتهما وفي الثالث النافذ ارادته هو الله وحده

                            __________________

                            تعليق


                            • #44
                              بسم الله الرحمن الرحيم
                              وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين
                              واللعن الدائم على اعدائهم اجمعين من الآن الى يوم الدين
                              آمين رب العالمين..



                              تكلمنا في درسنا الأخير عن المشيئة , ومن خلاله أزحنا الاشكال الذي قد يقع عند وقوفنا على الحديثين الشريفين:
                              (أول ما خلق الله نور نبيك ياجابر)
                              وحديث الامام الصادق عليه السلام : (خلق الله المشيئة بنفسها وخلق الأشياء بالمشيئة)


                              فلو لم تكن المشيئة مخلوقة بنفسها لاحتاجت الى مشيئة قبلها تخلقها وهذه تحتاج الى اخرى ....وهكذا, والتسلسل عند العقلاء باطل.

                              كذلك قد يؤدي ذلك الى مايسمى بالدور؛ أي أن المشيئة الأولى متوقفة على المشيئة الثانية في التحقق والثانية متوقفة على الأولى... وهكذا, وهذا أيضا باطل, وقد قالت مولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام: (خلق الأشياء لامن شيء كان قبلها) أي خلق المشيئة لامن مشيئة كانت قبلها وأوجدها من العدم بنفسها.
                              و(خلق الاشياء لامن شيء كان قبلها) أي أن مواد الأشياء وكيفياتها وحدودها وقابلياتها ووجوداتها ليست مستمدة من أشياء كانت قبلها ولا محتذاة على صورة وأمثلة كانت قبلها , وانما أوجدها الله بنفسها, قال لها بقدرته ومشيئته (كن) فكانت في عالم الامكان.
                              والشيء انما سمي شيئا لأنه تشيأ وخلق بالمشيئة..


                              وهنا نقف عند هذه الآية الكريمة
                              يقول الله تعالى في كتابه الكريم: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)
                              فهل الله شيء حتى تقارن الاشياء به؟؟

                              احد التفاسير الظاهرية للآية الكريمة ان كل ما ستمثله بالله فهو شيء مخلوق بالمشيئة , فلا يمكن ان يمثل الباري بمخلوقاته..
                              وهناك تفسير باطني لهذه الآية الشريفة ولكن اترك لكم المجال للتدبر والتفكر فيها...drawGradient()

                              تعليق


                              • #45
                                ننتقل الآن الى عالم الامكان..
                                فكل ما خلق بالمشيئة تواجد في عالم الامكان
                                كل صغير وكبير وكل مخلوق ومذروء بل حتى اهل البيت عليهم السلام بكرم الله وقدرته جعل لهم وجود معنا في عالم الامكان ليخرجونا من الظلمات الى النور (خلقكم الله انوارا فجعلكم بعرشه محدقين حتى من علينا بكم) اي انزلكم معنا في عالم الامكان وعالم التكوين وفي اللاهوتيات والناسوتيات والملكوتيات والجبروتيات..


                                ويضرب لنا شيخنا الاوحد اعلى الله مقامه مثالا لعالم الامكان فيشبهه بالمحبرة اذان المحبرة تحوي حبرا لا حروفا وبالاداة التي تغمس في الحبر تكتب الحروف وبهذا يسمى الوجود في المحبرة باللاتمايز اي انه غير متشخص بل متذوت (ذاته موجوده) وذكره موجود لا عيانا وحصته في الامكان كلية فإذا كتب الحرف وتشخص اصبحت كلية.


                                وحيث ان الحبر يمثل لنا عالم الامكان ورسم الحروف على الورقة يمثل لنا عالم التكوين والحصة كلية في المحبرة اذن
                                فبإستطاعة الالف ان تختار الشكل الذي تريد فبإمكانها ان تكون باء لا الفا وباستطاعتها بدل الاستقامة ان تختار الاعوجاج (وبدل الايمان تختار الكفر وبدل النور تختار الظلمة).
                                اذن جميع الممكنات في عالم الامكان عندها حصص كلية وكل موجود في عالم الامكان باستطاعته ان يختار ان يكون ما يشاء.. كأن يكون انسانا أو ملكا او من الجن او جماد او ارض او سماء او.. او .. او... وبعدها يخرج الى عالم التكوين كما قد اختار.


                                فيكتبهم قلم الاختراع في لوح الابداع بحصصهم الجزئية بعد أن كانت كلية , واذا كُتبت وتحصصت بالحصة الجزئية لا امكانية للرجوع الى عالم الامكان فقد اصبح لها وجوده الخاص..


                                فكل شيء في هذا الوجود قد اختار ان يكون كما هو عليه الآن .. فأنت ايها القارئ الكريم قد اخترت أن تكون انسانا, ولما اخترت ذلك عرضت عليك مقتضيات البشرية من عقل ونفس, وجزاء كل من اتبع ايهما فإن اتبعت عقلك ارتقيت الى منازل اعلى من مراتب المائكة وان اتبعت نفسك ستتدنى حتى تكون ارذل من الحيوانات والعياذ بالله
                                وعرضت عليك ايضا جميع المقتضيات البشرية وحدودها وصورتها وتكليفها وغير ذلك فقبلت بذاك كله..


                                كذلك الجماد قد اختار مايريد, وله جنة ونار مختلفة عنا , فجنته ان يكون في خدمة المؤمنين وشقاوته في خدمة الفجار وبالمثل الحيوانات تكليفهم جزئي لايوصلهم الى جنة او نار يوم القيامة..


                                وسنتكلم في درسنا القادم ان شاء الله عن التكاليف الوجودية والتشريعية

                                __________________

                                تعليق

                                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                                حفظ-تلقائي
                                x

                                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                                صورة التسجيل تحديث الصورة

                                اقرأ في منتديات يا حسين

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 09:44 PM
                                استجابة 1
                                10 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                                بواسطة ibrahim aly awaly
                                 
                                أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 07:21 AM
                                ردود 2
                                12 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                                بواسطة ibrahim aly awaly
                                 
                                يعمل...
                                X