سيرة الأمام الصدر ( خطاب 18 )
الموضوع : خطاب ـ لا حل للبنان إلا في إقامة الشرعية، ولا شرعية إلا بتذويب الدويلات أياً كانت صيغتها وكان أسمها وشكلها وفعلها.
المكـان : مدينة الزهراء الثقافية والمهنية ـ خلده. 29/7/1978
المناسبـة : الإحتفال السنوي الأول الذي دعت إليه إدارة مبرة الإمام الخوئي وإدارة مدينة الزهراء الثقافية وحضره حشد من الفعاليات ورجال الدين الشيعة.
المقدمـة : إفتتح الاحتفال الشيخ سلمان الخليل بآي من الذكر الحكيم. ثم تكلم عريف الإحتفال السيد هيثم جمعة، فتحدث عن دور المؤسسات في تربية الأطفال الأيتام، تلاه نشيد ترحيبي لأطفال "مدينة الزهراء".
وتكلم مدير إدارة المبرات السيد عاطف عون، فرحب بالحضور ونوه بجهود مؤسسي المبرات بالتعاون مع المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ووصف العمل بأنه "واجب وليس شفقة".
وقدم أطفال "مبرة الإمام الخوئي". تمثيلية بعنوان "الخير والشر". ثم أنشدت زهرات المبرة "يا إلهي اهدنا درب السلامة" و "بدنك رايح يا إنسان".
وبعدما ألقت الطفلة سناء زعيتر كلمة، قدمت زهرات المبرة مشاهد تمثيلية جعلت الدموع تترقرق في عيون الحاضرين، خصوصا الإمام الصدر. ثم وزعت الفتيات زهراً اصطناعياً على الحاضرين في أثناء تقدم مسرحية "التعاون أساس النجاح" لطلاب "مبرة الخوئي".
ـ الــنـــص ـ
وتكلم الإمام الصدر، فقال:"اعتقد أن ما شاهدنا من مآسي اجتماعية وإنسانية هو افصح واصدق من كلامي، إن هذه المؤسسات ترعى 1600 يتيم، فيما أفرزت الحرب 9600 يتيم من الطائفة الشيعية، وهم جزء من مأساة خلقتها يد الإنسان، عندما ينحرف وعندما يضع إرادته وقيادته ويده بتصرف عناصر الشر يقتل نفسه ويذبح نفسه ويشرد نفسه.
وبعدما دعا العائلات إلى رعاية الأطفال اليتامى قال:"ماذا كان يعوز لبنان يوم اندلعت الحرب؟ كنا في مستوى عالٍ من الثقافة والازدهار والعمران والحرية والديمقراطية والحضارة والعمل، يغبطنا عليها العرب. فلماذا حاربنا وحاربوا ودمرنا أنفسنا؟ لأن العدو استعان بنا على هدم أنفسنا، فهل استيقظنا؟
مسألة الحرب في لبنان لا شك إنها ظاهرة للدراسة. ولا بد من إن تصبح عبرة للتاريخ وللمجتمعات ولبني الإنسان. مجتمع مليء بالثغرات على رغم الازدهار، عدو متربص، قادة سياسيون لا يقفون في خصوم تهم عند حد، لم تكن قاعدة تحرك الإنسان من منطلق إيمانه بالله، كان البعض ينفذ عداواته ويحقق مأرب الغير بسلاح الغير فيهدم نفسه ووطنه وهذا التجاوز جعلنا في سوق الخصومات العالمية يخاصم كل عدوه بنا. وعلى رغم مرور التجربة القاسية، لا نزال نشاهد إن اليقظة والوعي لم يعودا إلى نفوسنا. ونحن نعاني اليوم أسوء مم كنا نعاني سابقا، فالجنوب، بسبب الإهمال العمراني والاجتماعي، والاقتصادي وصل إلى درجة الإهمال الوطني، إن عملاء إسرائيل، ولو كانوا يلبسون زياً عسكرياً وبرتبة ضباط كان المفروض أن يعزلوا وينبذوا لتتسلم الأمم المتحدة مواقعها. الآن الشريط الحدودي عرضة لتلاعب العدو. العالم أخذ علماً أن إسرائيل انسحبت، لكنها موجودة بضباطها وخبرائها وعملائها حاضرة متى تشاء. والناس أمام الخيارات الصعبة يدعون إلى التسلح والتدريب والوقوف مع إسرائيل، فيرفضون فتدمر بيوتهم ويعتقل رجالهم وتحرق مزارعهم والصبر له حدود.
وهكذا نعيش فترة في تصورنا أصعب من الفترات السابقة وأصعب من حرب السنتين. لأننا في حرب السنتين كنا مهددين في ذاتنا في حياتنا وبيوتنا وقوتنا، أما الآن فهناك قسم من جسمنا من كياننا ووجودنا مهدد بكرامته بتاريخه وتشويه سمعته. مطلوب منهم أن يتعاونوا مع إسرائيل، وكيف يمكن التعاون مع أعداء الله المعتدين المتآمرين على كل القيم والإنسان؟
يقولون ان الجيش سيذهب إلى الجنوب يوم الاثنين. واجبنا أن ندعم هذا الموقف ونوفر الظرف المناسب ونسعى إلى رفع العراقيل، ولكن هل العدو المتآمر والمتعاونون معه يسمحون بذلك؟ لا شك في ان فترة الاختبار قائمة مرة أخرى أمام القوى السياسية. تجربة الحرب كشفت الكثير من الوجوه، لكننا اليوم أمام فترة أخرى من التجربة. نجد أصواتاً شاذة هنا وهناك تعترض، تعرقل تخلق متاعب، تستوحي من إسرائيل.
ماذا يراد بلبنان؟ لماذا لا يدعمون الشرعية لكي تعالج المشاكل، إلا يكفي؟ في الحرب الدولة تخلت عن مسؤولياتها، فكل فرد وكل فئة وكل مؤسسة اضطرت إلى الدفاع عن نفسها لتحقيق أهدافها بالقوة، لاستعمال الأمن الذاتي، ماذا كانت النتيجة؟ مرة أخرى نريد أن نحتفظ بالأمن الذاتي وبالقوة الذاتية لتحقيق الأهداف والدفاع عن النفس. التجربة فاشلة مرة ومرتين وألف مرة، لا حل للبنان إلا في إقامة الشرعية، ولا شرعية إلا بتذويب الدويلات أياً كانت صيغتها وكان اسمها وشكلها وفعلها، في إنتظار ذاك اليوم، حتى نتمكن من علاج المحنة ومخالفات الحرب كلها، نحاول أن نؤسس بعض النقاط ونخفف بعض الألم، وعلينا أن نتذكر مسؤولياتنا تجاه أهلنا وإخواننا".
الموضوع : خطاب ـ لا حل للبنان إلا في إقامة الشرعية، ولا شرعية إلا بتذويب الدويلات أياً كانت صيغتها وكان أسمها وشكلها وفعلها.
المكـان : مدينة الزهراء الثقافية والمهنية ـ خلده. 29/7/1978
المناسبـة : الإحتفال السنوي الأول الذي دعت إليه إدارة مبرة الإمام الخوئي وإدارة مدينة الزهراء الثقافية وحضره حشد من الفعاليات ورجال الدين الشيعة.
المقدمـة : إفتتح الاحتفال الشيخ سلمان الخليل بآي من الذكر الحكيم. ثم تكلم عريف الإحتفال السيد هيثم جمعة، فتحدث عن دور المؤسسات في تربية الأطفال الأيتام، تلاه نشيد ترحيبي لأطفال "مدينة الزهراء".
وتكلم مدير إدارة المبرات السيد عاطف عون، فرحب بالحضور ونوه بجهود مؤسسي المبرات بالتعاون مع المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ووصف العمل بأنه "واجب وليس شفقة".
وقدم أطفال "مبرة الإمام الخوئي". تمثيلية بعنوان "الخير والشر". ثم أنشدت زهرات المبرة "يا إلهي اهدنا درب السلامة" و "بدنك رايح يا إنسان".
وبعدما ألقت الطفلة سناء زعيتر كلمة، قدمت زهرات المبرة مشاهد تمثيلية جعلت الدموع تترقرق في عيون الحاضرين، خصوصا الإمام الصدر. ثم وزعت الفتيات زهراً اصطناعياً على الحاضرين في أثناء تقدم مسرحية "التعاون أساس النجاح" لطلاب "مبرة الخوئي".
ـ الــنـــص ـ
وتكلم الإمام الصدر، فقال:"اعتقد أن ما شاهدنا من مآسي اجتماعية وإنسانية هو افصح واصدق من كلامي، إن هذه المؤسسات ترعى 1600 يتيم، فيما أفرزت الحرب 9600 يتيم من الطائفة الشيعية، وهم جزء من مأساة خلقتها يد الإنسان، عندما ينحرف وعندما يضع إرادته وقيادته ويده بتصرف عناصر الشر يقتل نفسه ويذبح نفسه ويشرد نفسه.
وبعدما دعا العائلات إلى رعاية الأطفال اليتامى قال:"ماذا كان يعوز لبنان يوم اندلعت الحرب؟ كنا في مستوى عالٍ من الثقافة والازدهار والعمران والحرية والديمقراطية والحضارة والعمل، يغبطنا عليها العرب. فلماذا حاربنا وحاربوا ودمرنا أنفسنا؟ لأن العدو استعان بنا على هدم أنفسنا، فهل استيقظنا؟
مسألة الحرب في لبنان لا شك إنها ظاهرة للدراسة. ولا بد من إن تصبح عبرة للتاريخ وللمجتمعات ولبني الإنسان. مجتمع مليء بالثغرات على رغم الازدهار، عدو متربص، قادة سياسيون لا يقفون في خصوم تهم عند حد، لم تكن قاعدة تحرك الإنسان من منطلق إيمانه بالله، كان البعض ينفذ عداواته ويحقق مأرب الغير بسلاح الغير فيهدم نفسه ووطنه وهذا التجاوز جعلنا في سوق الخصومات العالمية يخاصم كل عدوه بنا. وعلى رغم مرور التجربة القاسية، لا نزال نشاهد إن اليقظة والوعي لم يعودا إلى نفوسنا. ونحن نعاني اليوم أسوء مم كنا نعاني سابقا، فالجنوب، بسبب الإهمال العمراني والاجتماعي، والاقتصادي وصل إلى درجة الإهمال الوطني، إن عملاء إسرائيل، ولو كانوا يلبسون زياً عسكرياً وبرتبة ضباط كان المفروض أن يعزلوا وينبذوا لتتسلم الأمم المتحدة مواقعها. الآن الشريط الحدودي عرضة لتلاعب العدو. العالم أخذ علماً أن إسرائيل انسحبت، لكنها موجودة بضباطها وخبرائها وعملائها حاضرة متى تشاء. والناس أمام الخيارات الصعبة يدعون إلى التسلح والتدريب والوقوف مع إسرائيل، فيرفضون فتدمر بيوتهم ويعتقل رجالهم وتحرق مزارعهم والصبر له حدود.
وهكذا نعيش فترة في تصورنا أصعب من الفترات السابقة وأصعب من حرب السنتين. لأننا في حرب السنتين كنا مهددين في ذاتنا في حياتنا وبيوتنا وقوتنا، أما الآن فهناك قسم من جسمنا من كياننا ووجودنا مهدد بكرامته بتاريخه وتشويه سمعته. مطلوب منهم أن يتعاونوا مع إسرائيل، وكيف يمكن التعاون مع أعداء الله المعتدين المتآمرين على كل القيم والإنسان؟
يقولون ان الجيش سيذهب إلى الجنوب يوم الاثنين. واجبنا أن ندعم هذا الموقف ونوفر الظرف المناسب ونسعى إلى رفع العراقيل، ولكن هل العدو المتآمر والمتعاونون معه يسمحون بذلك؟ لا شك في ان فترة الاختبار قائمة مرة أخرى أمام القوى السياسية. تجربة الحرب كشفت الكثير من الوجوه، لكننا اليوم أمام فترة أخرى من التجربة. نجد أصواتاً شاذة هنا وهناك تعترض، تعرقل تخلق متاعب، تستوحي من إسرائيل.
ماذا يراد بلبنان؟ لماذا لا يدعمون الشرعية لكي تعالج المشاكل، إلا يكفي؟ في الحرب الدولة تخلت عن مسؤولياتها، فكل فرد وكل فئة وكل مؤسسة اضطرت إلى الدفاع عن نفسها لتحقيق أهدافها بالقوة، لاستعمال الأمن الذاتي، ماذا كانت النتيجة؟ مرة أخرى نريد أن نحتفظ بالأمن الذاتي وبالقوة الذاتية لتحقيق الأهداف والدفاع عن النفس. التجربة فاشلة مرة ومرتين وألف مرة، لا حل للبنان إلا في إقامة الشرعية، ولا شرعية إلا بتذويب الدويلات أياً كانت صيغتها وكان اسمها وشكلها وفعلها، في إنتظار ذاك اليوم، حتى نتمكن من علاج المحنة ومخالفات الحرب كلها، نحاول أن نؤسس بعض النقاط ونخفف بعض الألم، وعلينا أن نتذكر مسؤولياتنا تجاه أهلنا وإخواننا".
تعليق