إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

سيرة الإمام الصدر

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سيرة الإمام الصدر

    نسبه :
    هو السيد موسى بنُ السيد صدر الدين بنُ السيد إسماعيل بن السيد صدر الدين بنُ السيد صالح شرف الدين، وينتهي نسبه إلى الإمام موسى بن جعفر الكاظم، الإمام السابع من أئمة الشيعة الإثني عشرية.

    السيد صالح شرف الدين :
    هو الجد الأول للإمام الصدر، ولد في قرية شحور في قضاء صور ـ جنوب لبنان سنة 1710م، ونشأ فيها؛ ثم استقر في مزرعة يملكها بالقرب من قرية معركة، وفيها ولد ابنه صدر الدين.
    كان السيد صالح عالماً جليلاً، محترماً، عالماً بالفقه والأصول. إثر حملة الجزار على علماء جبل عامل، وتنكيله بهم، وإحراق كتبهم ومؤلفاتهم في أفران عكا، وسرقة خيراتهم، وتدمير منازلهم، انتقل السيد صالح إلى شحور، وأقام في منزل والده فيها. ولكن ما لبث جنود الجزار أن هاجموه مجدداً وقتلوا ابنه هبة الدين وهو في الحادية والعشرين من العمر، واعتقلوا السيد صالح واقتادوه الى عكا، حيث حكم عليه بالإعدام، ورُمي في أحد سجونها. ولكنه تمكن بعد تسعة أشهر من مقام الإمام علي (ع). وقد تمكن فيها بعد شقيقه محمد من اللحاق به إلى العراق، مصطحباً معه زوجة صالح وولديه صدر الدين (ست سنوات) ومحمد علي (أربع سنوات).

    السيد صدر الدين :
    الجد الثاني للإمام الصدر، نشأ في العراق مثأثراً بوالده، فدرس في النجف الأشرف، وبلغ درجة الاجتهاد وهو في السابعة عشر من عمره. وكان مرشحاً لتبؤ المرجعية العامة لولا انتقاله الى أصفهان. وقد تزوج من ابنة المجتهد الأكبر الشيخ كاشف الغطاء، وأنجب منها خمسة من علماء الدين أصغرهم ولده إسماعيل.

    السيد اسماعيل صدر الدين :
    المعروف بالسيد إسماعيل الصدر: هو الجد الأخير للإمام السيد موسى الصدر. ولد ونشأ في أصفهان، وتوفى والده السيد صدر الدين وهو في التاسعة من عمره. وعندما بلغ أشده ترك أصفهان إلى النجف الأشرف حيث درس الفقه على يد الإمام الشيرازي. وانعقدت له المرجعية العامة للشيعة الى حين وفاته سنة 1914. أنجب السيد إسماعيل أربعة أولاد برزوا في العلوم الدينية منهم محمد مهدي الذي كان من كبار مراجع الدين في الكاظميّة، وشارك في الثورة العراقية مع ابن عمه محمد الصدر الذي تولى رئاسة الوزارة العرقية، ومنهم السيد صدر الدين والد الإمام موسى الصدر، والسيد محمد جواد، والسيد حيدر.

    السيد صدر الدين الصدر :
    هو والد الإمام السيد موسى الصدر، وُلِدَ في العراق وعاش فيها ودرس الفقه وقاد حركة دينية تقدمية. كما ارتبط اسمه بالنهضة الأدبية في العراق. ثم هاجر الى إيران واستوطن في مشهد من أعمال خرسان، حيث يقع مقام الإمام عليّ الرضا(ع) ثامن الأئمة المعصومين. تزوج السيد صدر الدين من السيدة صفية، والدة الإمام موسى الصدر، وهي كريمة المرجع الديني للشيعة السيد حسين القمّي.
    ونظراً لعلم السيد صدر الدين، ومعرفته، وسُمُوِّ أخلاقه وسلوكه استدعاه المرجع العام الشيخ عبد الكريم اليزدي الى قم ليعاونه في إدارة الحوزة العلمية حيث اصبح السيد صدر الدين أحد أركانها ومرجعاً معروفاً.
    وقد أنشأ السيد صدر الدين عدداً من المؤسسات التربوية، والدينية، والأخلاقية، والاجتماعية والصحية، حتى بلغ عددها خمس عشرة مؤسسة كما أسهم في بناء الجسور وشق الطرقات، وقبيل وفاته أسهم في بناء مستشفى وتجهيزه ومات السيد صدر سنة 1953 فقيراً؛ فقد قال الأمام السيد موسى الصدر في وصفه منزل والده بأنه كان فقيراً، ولم يرَ فيه سجادة عجمية واحدة .

  • #2
    سيرة ألأمام الصدر (مولده ونشأته) 1

    ولد الإمام السيد موسى الصدر في عام 1928 ميلادية في مدينة قم الإيرانية. له سبع أخوات، منهن: السيدة فاطمة، حرم آية الله السيد محمد باقر الصدر (قُدِسَ سرّه) والسيدة صديقة، حرم آية الله السيد سلطاني الطباطبائي، أحد أبرز أساتذة الحوزة العلمية في قُم. هو أصغر إخوانه وهم: السيد رضا والسيد علي. وفي قم نشأ، وبدأ دراسته في مدرسة (باقريه) الابتدائية والمتوسطة، وأنهى المرحلة الثانوية وهو في سن مبكرة جداً في مدرسة (سنائي).
    تلقى علومه الدينية بشكل طبيعي على يد شقيقه السيد رضا، وتركز منهجه في اللغة والأصول على يد والده الذي كان يريد له اتجاهاً معيناً بعدما رأى منه ذكاء ورغبة في العلم، فنصحه بسلوك طريقة الدعوة الى الله، وبالتالي إكمال دراسته في العلوم الإلهية لذلك، انتسب الإمام الصدر إلى جامعة قم الدينية ليأخذ العلم على يد أشهر المراجع، منهم: الإمام الخميني في الفلسفة، والسيد سلطاني الطباطبائي، وآية الله شريعتمداري في الدراسة المعمقة؛ ومنهم: السيد الداماد. وجمعته مقاعد الدراسة مع كل من الدكتور بهشتي، ومرتضى مطهري، والسيد الأردبيلي. فاشتهر الإمام الصدر بأنه كان مُحَقِقاً، باحثاً، متحدثاً ومناقشاً مميزاً، يعرض الإشكالات العلمية بطلاقة، ويوجد لها المخارج بقناعة ومنطق. وانتهت هذه المرحلة بحصوله على درجة الاجتهاد وإتمامه لمراحله وأصوله.

    يقول عنه آية الله المشكيني:
    "السيد موسى الصدر كان من تلامذة المرحوم الداماد النُّجَبَاء... وقد حرص كل الفضلاء المشهود لهم بالخبرة والدراية والحنكة، على حضور دروسه ومحاضراته؛ وكان الإمام موسى الصدر، أحد أعلام هذه الصفوة. أثناء ساعات الدرس، كان ماهراً، محققاً، باحثاً، متحدثاً ومناقشاً. مجموعته كانت تضم نخبة من الطلبة المميزين من أمثال بهشتي، كان سماحته معروفاً في فترة دراسته في الحوزة، حيث كان يشار إليه بالبّنان في أوساط الطلاب الذين نال احترامهم وتقديرهم. ومن الناحية العلمية، كان بارزاً في المجموعة التي ضمت زملاء الدرس والتحصيل. وإذا لم نرد القول إنه تفوق على الجميع، فإن أحداً لم يتقدمه على أي حال... كان يحتل مكانة علمية مرموقة. وأما النقطة الأخرى التي ميزته من البقية، فهي أنه كان يتابع الدراسة الجامعية أيضاً في جامعة طهران... كان من الفضلاء الكبار حقاً. ومنذ تلك الفترة، كنت واثقاً من أنه يتمتع بالقدرة على استنباط الأحكام".
    ولكن دراسته للعلوم الدينية لم تبعده عن متابعة الدروس الأكاديمية، فالتحق بجامعة طهران ـ كلية الحقوق ـ وتخرج منها حاملاً إجازة في العلوم الإقتصادية، فكان بذلك أول رجل دين يدخل الجامعة في إيران ويحصل على شهادة جامعية في غير العلوم الدينية.

    السيد الأردبيلي يقول عن الإمام الصدر:
    "يعود تاريخ تعرفي الى سماحته، الى سنة 1321 ش (1942م). في أواخر تلك السنة، أي الفترة التي أتيت فيها الى قم... تعرفت اليه بعد مضي عدت أيام على وجودي هناك. ذلك ان دروس الحوزة العلمية، كانت تستوجب حضور حلقات مشتركة، واقتناء كتب واحدة. في تلك الفترة، كان سماحته يتابع دراسة مرحلة السطوح في الرسائل والمكاسب. ومن خلال مشاركتي في تلك الدروس تعرفت إليه. كان يتمتع بسمات خاصة للغاية لناحية الكفاءات والأهلية. وقد أهلته صفات الدراية، والذكاء الحاد، وسرعة الفهم والبديهة، والدقة والتأمل العميق في المسائل العلمية، الى تصدّر كلّ أصدقائه وزملائه في الأوساط العلمية.
    أضف الى ذلك أنه كان يتميز بدراية تامة في المسائل واللياقات الإجتماعية ... فكان من الطبيعي أن تصبح له علاقات واسعة النطاق مع الناس ... كما أن وضعه العائلي كان يستوجب ذلك.
    أيضاً، فإن خصائصه الأخلاقية القويمة كانت تحتم وجود هالة اجتماعية مميزة من حوله. كانت لديه معلومات متنوعة حول الشؤون الإجتماعية... الأمر الذي كان يفتقده طلبة الحوزات العلمية في تلك الأيام، نظراً لاستغراقهم في المسائل العلمية البحتة.
    كان إنساناً محبوباً وجذاباً وقريباً من القلب. صداقاته عديدة ومتنوعة. الكل كان يفتخر بوجود صلة تربطه بسماحته... كي يستفيد من أدبه، وأخلاقه، ودرايته، وفهمه، وذكائه وشخصيته الفذة. وكلما انضم الى إحدى حلقات الدرس والبحث، أصبح من المتفوقين بسرعة ملحوظة، وقد تابع دراسته العلمية في الحوزة حتى مرحلة الاجتهاد... الى أن أصبح أحد المدرسين المجلين في الحوزة العلمية".

    أما آية الله السيد موسى الشبيري الزنجاني فيقول عن الإمام الصدر:
    "منذ بداية انطلاقتنا في مرحلة الدراسة العلمية في الحوزة، بدأنا سوية في خوض غمار البحث والتحقيق. وقد انفرد سماحته منذ البداية بمميزات ملفتة كانت تضفي حيوية خاصة على أجواء الدرس:
    أولاً: من ناحية سرعة الفهم والاستيعاب... فقد كان حاد الذكاء وسريع الاستيعاب للمسائل الى حد كبير. لذا يمكن اعتباره من الصفوة في هذا المضمار.
    ثانيا: وعلاوة على سرعة الفهم، هناك نقطة صفاء الفهم ونقائه... إذ أنه تميز بفهم صافٍ متطابق مع فطرته. ومن ناحية دقة النظر، يمكن أن نجد من يفوقه موهبة من بين الكبار... أما من ناحية صفاء الفهم النابع من الفطرة، وروح البحث عن الحقيقة المستندة الى الفهم الزلال النقي... فلا أستطيع أن أقد عليه أحداً من الناس... لا أحد... ويتابع قائلاً:
    كان فهمه صافياً ونقياً الى أبعد الحدود. جانب آخر من مزاياه... ألا وهو بيانه البديع. إذ أن بيانه تميز بالوضوح والسهولة واليسر وتحاشي التعقيد. كما أن نبرة صوته كانت تتميّز بالهدوء والرقة والعذوبة. خوض غمار الأبحاث... سواءً الاجتماعية منها أو العلمية... لم يكن أحد يشعر بالتعب أو الملل من أحاديثه وشروحه. من ضمن الخصال الأخرى التي تحلّى بها سماحته، نذكر الإلتزام بآداب البيان. ومن البديهي أن وضوح البيان وسهولته هما غير آداب البيان. فطوال المدة التي عرفته خلالها، لم ألاحظ أبداً أنه رفع صوته أو تعامل بخشونة، عند التحدث مع مختلف الأفراد... لم يستعمل أبداً لفظة حادة، أو عبارة جارحة، أو كلمة فظة، أو أدنى إهانة خلال تعاطيه مع مختلف الناس... لم يصدر ذلك منه على الإطلاق. أي أنه كان يتميز بأدب وافر في الحديث. وهذه الصفة هي عبارة عن ميزة أخرى كانت تبرزه بين الناس، وتجعله مفضلاً لدى الآخرين. وهناك ميزة ثانية تعتبر من أفضل وأروع السمات التي أتسم بها... ألا وهي الأنصاف في البحث والمناقشة. كان منصفاً الى حد لا يوصف. إذ ان روح البحث عن الحقيقة، والسعي إليها كانت غالبة عليه. لم يحاول أبداً أن يفرض كلامه وآراءه على الآخرين فرضاً. من الممكن أن تجد شخصاً لا يفرض رأيه على الآخر... ولكنه عندما يجد أن جهوده لم تفلح، وان الشخص المعني لم يقتنع، فإنه يمسك عن الكلام. أما سماحته فلم يكن يفرض رأيه على أحد... وعندما كان يجد أن كلام الطرف الآخر يستند الى حجج وبراهين وبينات، كان يأخذ بكلامه ويقتنع برأيه على الفور... من دون تردد أو انزعاج، أي أن الاعتراف بأحقية الآخر وصوابية كلامه، كان أمراً عادياً جداً بالنسبة إليه. سأروي إحدى الخواطر التي تشكل خير دلالة على هذا الأمر. عندما توفي المرحوم السيد أبو حسن الأصفهاني... لمع نجم عالمين على أنهما الأوفر حظاً لحيازة مركز المرجعية. ومن الطبيعي أنه كان يوجد عدد من المراجع الكبار... ولكن هذه العالمين كانا من الصفوة، بالإضافة الى أن الرأي العام كان يفضلها على البقية. أحدهما كان المرحوم آية الله البروجردي... والآخر المرحوم آية الله القمي... وكما عرفنا من سياق الحديث، فإن السيد القمي هو جد السيد موسى الصدر لأمه ـ حينها قال السيد موسى الصدر:

    ( لقد حققت في هذه المسألة مع أهل الخبرة... وتوصلت الى نتيجة مفادها انه يجوز تقليد أي منهما. ولكني سأقوم بتقليد آية الله البروجردي... وذلك لسببين: أحدهما ان سماحته هو أقرب إليّ... فإذا احتجت الى طرح مسألة معينة ومعرفة جوابها، فهو موجود في قم، على مقربة منا... في حين ان السيد القمّي موجود في العراق، حيث لا يمكن الاتصال به بيسر وسهولة. والسبب الآخر هو ان هذا الاختيار هو أبعد عن التعصب... عن التعصب البيتي والعائلي... وأنا لا أريد أن أتأثر بهذه العوامل).
    كانت روحه دائمة البحث عن الحقيقة، وتألّق من أجل الوصول إليها. هذه العوامل المتعددة التي أتينا على ذكرها، هي التي جعلت سماحته يسمو الى قمة لا تضاهى".
    الى جانب دراسته في جامعة قم، قام الإمام الصدر بالتدريس فيها.

    = يتبع =
    التعديل الأخير تم بواسطة صدر; الساعة 28-11-2002, 12:55 AM.

    تعليق


    • #3
      سيرة ألأمام الصدر (مولده ونشأته) 2

      يقول عنه الدكتور صادرقي:
      "وكما كان طالباً جيداً كان معلماً جيداً، وفي الحالين كان الطلبة يرغبون بالحضور حيث يكون، فهو مُشَوِّق في تدريسه، وملفت في تساؤلاته عن تلقيه الدرس؛ وهو بمجرد أن يتعلم مطلباً يمتلك القدرة على تدريسه فوراً، ولذلك اعتُبر أستاذاً وهو لا يزال بعهد الطلب".
      وقد لمس الإمام الصدر مع مجموعة من رفاقه من علماء الدين مدى النشاط اليساري في إيران، فعمد الى مواجهة هذا المد بأسلوب علمي جديد.

      يقول آية الله الشيخ مكارم شيرازي:
      "... في ذلك الوقت كانت نشاطات الشيوعيين في إيران قوية، وكانت تنشر كتبهم، وازدادت هجماتهم على الإسلام بشكل وقح، ووصلت وقاحتهم الى إصدار كتاب بعنوان: (نكبهان سحر وأفسون) يعني (حراس السحر والشعوذة) ويعنون علماء الدين..
      بدأت أصداء هذا الكتاب تتردد، وشعر الجميع بخطرهم يعني : الشيوعيين إذا ما استمروا بالانتشار على هذه الصورة، واتُخِذَ القرار بمواجهة الإعلام الشيوعي، واجتمعنا مع السيد موسى والسيد بهشتي وبعض الأصدقاء، وقررنا بأنه من واجبنا قراءة كتبهم ومعرفة ما يقولون، وبعدها نفكر بما نرد به عليهم.
      والحق يقال أن السيد في هذه الاجتماعات كان كالنجم يتلألأ، وبالتعاون معه تمكنا من تطوير هذا النشاط، وبجده تمكنا من نشر كتب ضد الشيوعية، واستطعنا أن نوقظ المجتمع الى ما كان غافلاً عنه.
      ولم يكتف الإمام بهذا النشاط، بل عمد الى إصدار مجلة باللغة الفارسية وكان ترخيصها باسم "مكتب إسلام"، أي المجلة الإسلامية، حيث نشر فيها أهم دراساته في الاقتصاد والفكر الاجتماعي وقد انتشرت المجلة انتشاراً باتت معه من أهم المجلات في إيران. وقد أسهمت بشكل خاص في نشر أفكار تيار علماء الدين المتحرر في إيران".

      يقول آية السيد موسى الشبيري الزنجاني:
      "أذكر أيضاً خاطرة عن مجلة (مكتب إسلام)، التي كان يشرف عليها قبل ذهابه الى لبنان، وإقامته فيه. الأشخاص الذين شاركوا في تحرير مواد المجلة، كانوا من النخبة... أي من العلماء المعروفين في الحوزة العلمية. وبما أنه تولى مسؤولية الإشراف على المجلة، فقد التزم بالاعتناء بكافة المقالات المرسلة. أما المقالات التي كان يكتبها بنفسه، فكانت تعرض على كافة أفراد أسرة المجلة. وقد علق على الأمر ذات مرة بقوله: (هذه المسألة طبيعية بالنسبة إليّ. طالما أن هيئة تحرير المجلة مقالتي عن وجهات نظر الآخرين؟… وما الداعي لأن أنفرد في الرأي والقرار؟...) فكان من البديهي أن تجذب أخلاقه السامية هذه، قلوب الناس ومشاعرهم".
      عام 1954 انتقل الإمام السيد موسى الصدر الى العراق، وأقام في النجف الأشرف، وتابع دروسه الدينية خلال فترة أربع سنوات، فأخذ فيها الأصول عن المرجع الأعلى السيد محسين الحكيم، وأخذ الفقه عن زعيم الحوزة الدينية العلمية السيد أبو القاسم الخوئي؛ وكانت هذه المرحلة بمثابة تعميق وتوسيع الدراسة. وفي هذه الفترة التقي في حلقات الدرس سماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين في منزل آية الله السيد محمد باقر الصدر ابن عم السيد موسى الصدر وصهره، كما التقى السيد محمد حسين فضل الله.
      أتقن الإمام السيد موسى الصدر اللغة العربية لأنها لغة القرآن الكريم ولغة البيت الذي نشأ فيه، ولأنها أيضاً لغة الجامعة الدينية في قم. كما أتقن الفارسية لأنها لغة مكان الإقامة. وتعلم اللغة الفرنسية في جامعة طهران، وحصّل اللغة الإنكليزية بمجهوده الشخصي؛ كما تعرّف الى لغات أخرى.
      تزوج الإمام السيد الصدر من كريمة الشيخ عزيز الله خليلي سنة 1955، وهي ابنة أخت آية الله الكاشاني، ورزق منها أربعة أولاد هم صدر الدين (1956) وحميد (1959) وحوراء (1962) ومليحة (1971).
      الى جانب القليل من الصفات التي ذكرت، تميزّ سلوك الإمام بالخروج على التقاليد التي تفرض نظاماً على المراجع وأولادهم، حيث أنه كان يحضر مباريات كرة القدم، ويحمل ابنه صدري خارج المنزل.

      تعليق


      • #4
        سيرة ألأمام الصدر (قدومه الى لبنان)

        في إحدى زياراته الى إيران التقى الإمام عبد الحسين شرف الدين بالإمام السيد موسى الصدر، وقد لفت انتباهه شخصية الإمام وعلمه وأدبه؛ ونظراً لصلة القربى بين العائلتين، فقد بقية الصلة مستمرة بين الاثنين.
        في عام (1955) قدم الإمام الصدر الى لبنان للمرة الأولى، فتعرف الى انسابه في صور ومعركة، وشحور، وحلّ ضيفاً في دارة الإمام عبد الحسين شرف الدين (ق.س)، فزادت معرفة هذا الأخير بمزايا الإمام الصدر وبمواهبه، وأصبحت مدار حديثه في مجالسه بما يؤكد جدارته لأن يخلفه في مركزه بعد وفاته.
        في سنة 1958 توفى الإمام عبد الحسين شرف الدين (ق.س)، فكتب أبناؤه رسائل عدة الى الإمام موسى الصدر في قم، يدعونه فيها للمجيء الى لبنان، وتسلّم مسؤولية المرجعية فيه. وقد حثّه وشجعه على ذلك الإمام السيد البروجردي، وكان من كبار مراجع الشيعة في إيران.
        وفي أواخر سنة 1959 قَدِمَ الإمام موسى الصدر الى لبنان، وأقام في مدينة صور في منزل السيد عبد الحسين شرف الدين، وهو المسجد المعروف بمسجد الإمام الصادق. ولكن الإمام لم يبقَ أسير جدرانه بل تخطى الحدود ...

        تعليق


        • #5
          سيرة ألأمام الصدر (كلمة 1)

          الموضوع : كلمة ـ في ذكرى وفاة الإمام عبد الحسين شرف الدين
          المكـان : صور ـ 1/1/1965
          المناسبـة : بمناسبة ذكرى مرور سبع سنوات على وفاة السيد عبد الحسين شرف الدين .
          ـ الــنـــص ـ
          عبثا حاولت الأيام والسنون إن تبعدك عن قلوبنا، أيها الغائب الكبير. وحاول التراب، وبعد المزار، أن يغيب وجهك المشرق عن حياتنا.
          وحاولت الأطوار والتغيرات العميقة، التي طرأت على مجتمعنا، وغيرت منه كل شيء، أن تزيل آثارك فينا.
          عبثا حاولت هذه العوامل ذلك، فأنت بالرغم من هذا كله، بيننا، وفينا، حاضر عندنا، تضيء دروبنا. وترفعنا، وتبارك أعمالنا.
          أنك أيها الغائب الحاضر عندنا : نسمع صوتك الرهيب الحبيب، عند كل معروف، فتأمر به، وعند كل منكر فتنهي عنه.
          نرى وجهك المشرق المرهق، يطل علينا في أيامنا العابسة، فيملؤها أملا ونشاطا، وفي ليالينا الحالكات فتبعث خشوعا وصلاة.
          نلمس مسحات يدك الباسطة الرقيقة، عند كل ملمة، وأمام كل أزمة، ونحس بخفقات قلبك الدافقة الخافقة، في كل محنة، وعند كل معركة.
          هذه كلماتك الخالدات، تملأ مسامع الكون، لتعطينا قواعد للسلوك المستقيم.
          وهذه كتبك الكريمة، ترفرف على العالم الإسلامي، من إندونيسيا إلى كانو، ومن القاهرة إلى الصومال.
          وهذه بطولاتك، تحرك ضمير مواطنيك، فتدعوهم إلى القيام لله، مثنى وفرادى.
          وهذا خلقك النبوي، يهز كل مسؤول وكل كبير، فيعطيه الطريقة المثلى للسلوك.
          وهذا صرحك الشامخ الكلية الجعفرية تؤذن كل صباح، وتنادي كل مساء، فتهيب بنا إلى تحمل مسؤولياتنا، وتذكرنا بثقل أمانتنا، وتوحي إلينا: هكذا فليعمل العاملون.
          وهذه قوة أيمانك الدافعة الرافعة، تشق لنا الطريق، تلو الطريق، تدفعنا إلى الأمام، وترفعنا إلى السماء.
          سيدي: عرفك بيتك أبا عطوفا، وارف الظلال، مضيافا يخدم الضيف الذي يحج إليه رجالاً وركباناً، وعلى كل ضامر يأتيه من كل فج عميق.
          وعرفك صحبك مرشداً مربياً، لا ينقطع عن النصيحة والتوجيه، لحظة واحدة.
          وعرفك بلدك مصلحاً، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر تقيم الشعائر، وتنصر المظلوم، وتحكم بين الناس بالقسط.
          وعرفك وطنك قائداً ثائراً، يبذل أقصى ما يمكن بذله ولا يثنيه جبروت المستعمر ولا حيلة العدو الماكر، ولا إيلام الحرب الباردة التي يشنها الخصم الداخلي.
          وعرفك العالم شمساً تنير الأفق المدلهم الواسع، فتبعث من خلال رسائلك وكتبك، إلى مختلف الأقطار، حيث الحق وقصة الحياة المثالية.
          وعرفك التاريخ صفحة بيضاء، لا زيغ فيها، ولا تحريف بل مطلع فصل، يأبى المغالطة، ومدخل كتاب، فيه تبيان وفرقان بين الحقيقة والوهم.
          وأنت أمام الله حيٌ ترزق فرحاً بما أتاك وتستبشر بالذين لم يلحقوا بك فأصبحت الخالد المبدع.
          سيدي: حولت فكرك إلى كتبك الخالدة، فأهديتها إلينا.
          وحولت طاقتك إلى مؤسساتك العظيمة، فوهبتنا إياها.
          وحولت عواطفك الرقيقة، فأصلحت ما فسد من أمرنا، وجبرت ما انكسر في مجتمعنا.
          وحولت خلقك الكريم، إلى تنشيط الحق، وتعميم الجمال، وتهدئة القلوب وتسلية المحزون، وراحة اللاجئ، والإصلاح بين الناس.
          حولت وجودك كله، إلى كمال مجتمعنا، وأهديت كل ما تملك إلينا، ثم حملت جسدك المرهق المتهدم، حملته إلى منبت علمك إلى باب مدينة العلم، إلى بلد النور والولاء، إلى النجف لكي تجذب قلوبنا. وتحافظ على رباط أيماننا وتمسكنا بسفينة النجاة وأحد الثقلين.
          ذهبت بعدما أعطيتنا كل شيء، سموا في الحياة وفي الممات، لكي تضرب مثلا آخر بموتك بعدما ضربت الأمثال للناس بحياتك.

          تعليق


          • #6
            سيرة ألأمام الصدر (كلمة 2)

            الموضوع : كلمة ـ تأبين الصحافي كامل مروه
            المكـان : الـزراريــة ـ 31/5/1966
            المناسبـة : ذكرى أسبوع الصحافي كامل مروه
            ـ الــنـــص ـ
            رحمك الله يا أبا جميل، لقد كنت عبقرياً فذاً في موتك، بعد أن كنت عبقرياً فذاً في حياتك.
            مت وأنت في ساحة الصحافة، ووقعت صريعاً في محرابها.
            إن الصحافة أيها الإخوان محراب لعبادة الله وخدمة الإنسان.
            وإذا لم تقم بواجبها فهي مخدع للشيطان وخراب الإنسان، الصحافة من أهم ميادين الصراع أدقها، لأنها هي التي تكون الرأي العام، وهي التي تساعد على خلق الثقافة , وتهيئ غذاء الأرواح، وتخلق مراحل جديدة لتطور الروح، وهي التي تهذب العاطفة في الجماهير، وتوجهها إلى الخير والحق، والصحافة بمراقبتها وتوجيهها للمجتمع وأعمدة المجتمع بتوجيهها للدولة والحكومة والمؤسسات وبمساهمتها في تنظيم الاقتصاد، إنما تنظم مجتمع الإنسان تنظم بيئة الإنسان، فهي خادمة للمجتمع والإنسان والفرد معا وعلى هذا فإنها دعامة من دعامات تكريم الإنسان.
            إن الصحفي يستطيع خلق المجتمع الصالح، فهو حينما ينشر مقالة أو يكتب تعليقا أو ينشر صورة أو يبرز عنوانا أو يفسر حدثا فإنما يهدف بعمله إلى توجيه الفرد وتوجيه المجتمع وبإمكانه أن يكون أبا مرشدا مخلصا، وموجها حكيما، كما أن بإمكانه أن يكون خائنا أو مضللا أو محرفا للكلام عن موضعه.
            الصحافة، أيها الإخوان من أهم ميادين الجهاد، ومن أهم عوامل تكوين الإنسان المدني وهذا المقام العظيم للصحفي يفرض عليه واجبات نحو المجتمع، ويعطيه حقا على المجتمع. أن واجبه نحو المجتمع أن يخلص توجيهه وتنويره ونصحه، ولكن حقه على المجتمع هو أن يعطيه الحرية، ويصونه ويحميه.
            والحرية أيها الاخوة، هي أفضل وسيلة لتجنيد طاقات الإنسان كلها. ولا يستطيع الفرد أن يخدم في مجتمع لا تسوده الحرية، ولا يستطيع أن ينطلق بطاقاته وينمي مواهبه إذا أعوزته الحرية، والحرية هي اعتراف بكرامة الإنسان، وحسن الظن بالإنسان، بينما عدم الحرية إساءة ظن بالإنسان، وتقليل من كرامة الإنسان.
            الحرية هي حق للصحفي من المجتمع الذي يعيش فيه. انها خدمة له ليعمل، وهي خدمة للمجتمع ليعرف كل شيء، وهي بعكس ما يقال لا تحد أبدا، لا نهاية لها، إنها هي الحق، إنها من الله، وإذا أردنا أن نحدد الحرية فنقول أنها هي تحرير الغير، وتحرر من الشهوات، وتحرر من الناس، لأن الحرية التي تصطدم بحرية الآخرين عبودية للنفس، ومتابعة للشهوات. الحرية جهاد، إنها الجهاد الأصغر الذي عناه النبي الكريم، إنها جهاد الأجنبي، وجهاد النفس، هي التحرر من الشهوات، ليكون رأي الصحفي ناصحاً، صادقاً، صافياً، فحق الصحفي على المجتمع أن يؤمن الحرية له، ويوفر له الاطمئنان لئلا يقع تحت مغريات وضغط مختلف الألوان.
            الصحفي أيها الإخوان لا يهان، لا يحارب بالضغط، الصحفي لا يحارب بالفقر، الصحفي لا يغتال.
            الاغتيال أسوأ الأساليب وافشلها في خدمة الهدف، أي هدف كان، كان رسول الله (ص) يقول : "الإيمان قيد الفتك" ، ويقول :"المسلم لا يغدر، مهما كان عوض الغدر". إن مسلم بن عقيل امتنع في الكوفة من اغتيال عبيد الله بن زياد، رغم انه كان بإمكانه اغتياله في بيت ليس فيه أحد، امتنع مسلم عن الاغتيال، وتحمل مسؤوليات كثرة ونتائج فظيعة بما فيها قتل الحسين. إن الغاية لا تبرر الاغتيال مهما كانت الغاية عظيمة.
            الغدر جريمة في الدين، جريمة عند الضمير، جريمة في منطق السياسات.
            الاغتيالات تعكس على المجتمع نتائج خطرة لا يمكن حصرها، فالخلافة الاسلامية التي كانت رسالة نور ورحمة، وخدمة وتفاعلا مع الشعب، وتحملا لكافة المسؤوليات، هذه الخلافة النيرة الموجهة، ضعفت بعد الاغتيالات التي أصيب بها رجالها الكبار، وفي مقدمتهم الإمام علي (ع) في محرابه، هذه الاغتيالات بدلت وجهة الخلافة عن الطريق السليم.
            لقد دخل الخليفة إلى المقصورة واحتجب عن الناس، فتحولت الخلافة إلى ملك عضوض وتحول الحاكم إلى مالك، وتحول بيت مال المسلمين إلى خزانة الحاكم، وتحول الجيش المدافع عن الوطن إلى الحرس الخاص بالحاكم فالاغتيال يبعد الحاكم، ويبعد القادة، ويبعد المخلصين من الشعب، وفي هذا الاحتجاب يكون الخطر الأساسي على المجتمع، لأن الحاكم لا يطلع الإطلاع المباشر على الناس، ولا يسمع شكواهم، ولا يهدي ضالهم، ولا يقوم معوجهم، فيقع في حاشية يتملقون له، ويصبح سجيناً لهم، ويبتعد عن الذين يمحصون أخطاءه فينحرف ويطغى ويستبد.
            هذا الاحتجاب يخلق جواً من الأوهام في نفوس الشعب، فيظنون الحاكم من بضاعة غير بضاعتهم، ويسيئون الظن به، أو يجعلونه صنماً يعبدونه من دون الله، وفي كلا الحالين تكون الثقة معدومة، وفي ذلك تحقير للمواطنين، واعتبار انهم محكومون، وان الحاكم هو السيد، وفي كلا الحالين انحراف وجميع هذه المآسي وردت في عهد الإمام علي عليه السلام لمالك بن الاشتر، حينما منعه من التحجب عن الناس.
            الاغتيال، أيها الأخوة، ظاهرة اجتماعية خطرة، لأنها تمنع الشعب من التفاعل مع قادته وهي ظاهرة خطرة لان المحاكمة والحكم والتنفيذ تكون في يد شخص واحد، قد يكون مخطئاً، فإذا انفتح هذا الباب فلا يمكن للمجتمع أن تسوده العدالة.
            وان من الواجب على حماة المجتمع لو كان في المجتمع حماة، أن يعالجوا ظاهرة الاغتيال علاجاً قطعياً جذرياً.
            رحمك الله يا أبا جميل.
            لقد مت، ولكن الموت أبداً ليس فناء، ولا انعداماً، الموت عند المؤمن تحول من الأرض إلى السماء، من المحدودية إلى اللامحدودية، الموت تحطيم للقيود، ألسنا نؤمن بالقرآن الكريم الذي يقول : ( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ) فالموت خلق لا انعدام، ولا حياة إلاّ بعد الموت، إن ظاهرة الموت ثم الحياة حقيقة التحول والتطور والتكامل، لا تحول إلاّ مع الموت، ولا تكامل إلاّ مع ترك الإنسان للمرحلة التي يعيش فيها، إن تحول الخلايا الجسدية في إنسان إلى الفكرة لا يمكن أن يكون إلاّ بعد الموت من الحالة الحاضرة، الموت سبيل الكمال، الموت مقدمة للتحول، الموت خلود، الموت سبيل لانكشاف الحقيقة.
            رحمك الله يا أبا جميل، وأعطى أهلك وذويك وزملاءك ومحبيك ومواطنيك ووطنك الصبر الجميل، وألهمهم أن يخلقوا من موتك حياة فضلى.
            والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

            تعليق


            • #7
              سيرة ألأمام الصدر (محاضرة 1)

              الموضوع :محاضرة ـ الوحدة الوطنية والتعايش المسيحي الإسلامي
              المكـان : نادي جرجوع ـ 27/8/1967
              المناسبـة :
              افتتاح نشاطات النادي الاجتماعية والثقافية
              ـ مقتطف من النص ـ
              بدأ الإمام المحاضرة فقال: "إن الوحدة الوطنية نعيشها اليوم في أعمالنا، وفي اجتماعاتنا، وفي لقاءاتنا، وفي تعاوننا في مجال الوظيفة الرسمية وغير الرسمية.
              ولكن هذه الوحدة يجب ألا تعني كما يعتقد البعض، ذوبان الجناح المسلم في الجناح المسيحي، أو ذوبان الجناح المسيحي في الجناح المسلم. بل يعني أن يظلم المسيحي على مسيحيته مئة بالمئة ويمد يداً مخلصة إلى أخيه المسلم. وأن يظل المسلم مسلماً مئة بالمئة، ويمد يداً مخلصه إلى أخيه المسيحي. فإن ذلك يكون أجدى وأنفع، ونكون بذلك نعيش الوحدة الوطنية فعلاً لا قولاً".
              وحمل سماحته على المتاجرين بالوطنية باسم الدين وقال: "إنهم مساكين أولئك الذين يعتقدون أن هناك تعارضاً بين الدين والوطنية، إذ أن كلا منهما يكمل الآخر.
              إن تجار السياسة هم الذين يغذون النعرات الطائفية للمحافظة على وجودهم، بحجة المحافظة على الدين في الوقت الذي يكون الدين فيه بحاجة إلى من يحميه منهم".
              ودعا سماحته إلى ضرورة التعايش المسيحي والمسلم لما فيه خير المجموعة. وقال: "إن هذا التعايش ليس بجديد إنما هو حقيقة راسخة على مر العصور". وأعطى مثلاً على ذلك فقال: "إن الإمام علي بن أبي طالب حين أصيب بالضربة الأخيرة، كان الطبيب الذي أستدعى لمعالجته مسيحياً، وكان الإمام وولدا الإمام الحسن والحسين يثقون ثقة مطلقة بهذا الطبيب، فهل هناك من هو أشد غيرة على إسلاميته ودينه من الإمام علي ومن ولديه الحسن والحسين حتى لا يؤمن بضرورة التعايش المسيحي والمسلم؟".
              ونبّه سماحته في نهاية محاضرته إلى الخطر الصهيوني وقال: "إن غدر الصهاينة ومؤامراتهم لم ينج منها لا المسيحيون ولا المسلمون على السواء، والتاريخ شاهد على اضطهادهم للسيد المسيح وعلى تحريفهم للأحاديث النبوية ومقاومتهم للدعوة الإسلامية. وها هو خطرهم اليوم يتهددنا جميعاً مسيحيين ومسلمين وأولئك الأعداء لا يفرقون في غدرهم بين مسلم ومسيحي؟". ودعا سماحته إلى ضرورة العمل لاسترجاع كل جزء اغتصب من أجزاء الأمة العربية، وقال: "إن ذلك لن يتحقق إلا بالتهيئة والاستعداد والبذل. أما الانتظار وعدم الاعتماد على النفس معناه الجبن والاستكانة والتخاذل، وهذا كله لم يكن يوماً من شيم العرب وصفاتهم".

              تعليق


              • #8
                سيرة ألأمام الصدر (خطاب 1)

                الموضوع :
                خطاب ـ في حفل تكريم المغتربين والمقررات
                المكـان :
                مبنى مؤسسة البر والإحسان في البرج الشمالي ـ 15/9/1968
                المناسبـة :
                احتفال تكريم المغتربين تقديراً لخدماتهم في البرج الشمالي صور، بما قدموه من تبرعات أثناء جولة الإمام الصدر لهذه الغاية على المغتربين في بلاد أفريقيا الغربية.
                المقدمـة :
                اتخذت مقررات مهمة يوم أمس الأحد في حفلة تكريم سماحة الإمام السيد موسى الصدر للمغتربين اللبنانيين في مبنى مؤسسة البر والإحسان قرب مدينة صور وهو المبنى الذي ساهم فيه المغتربون بمبلغ 873 ألفا و864 ليرة لبنانية جمع معظمها السيد الصدر أثناء جولته في أفريقيا خلال العام الماضي. وضمت هذه الحفلة مئات المغتربين الموجودين حاليا في لبنان، كما ضمت مجموعة من علماء الشيعة بينهم: السيد حسين الحسيني، المفتي الجعفري الممتاز، الشيخ سليمان اليحفوفي مفتي الديار البعلبكية، الشيخ خليل ياسين قاضي المحكمة الشرعية في طرابلس، الشيخ محمد تقي الشريف مدير معهد الدراسات الإسلامية في صور، السيد جواد محمد شرف الدين، الشيخ عبد المنعم شراره، الشيخ علي شور، الشيخ عبد المنعم الزين، الشيخ علي الزين، الشيخ أحمد طراد، الشيخ حسين كوراني، السيد عيسى طباطبائي، الشيخ نجيب شمس الدين، وغيرهم. كما حضرها عدد من النواب والشخصيات الرسمية بينهم السادة: علي عرب، وجعفر شرف الدين، وحسين منصور، ومدير عام الضمان الدكتور رضا حيدر، ومدير عام وزارة العمل الدكتور عباس فرحات، والقائم مقام غسان حيدر، ورئيس قسم محافظة الجنوب سامي شعيب، وآمر فصيلة صور الملازم أول فؤاد آغا وغيرهم.
                ـ الــنـــص ـ
                أيها الأخوة الأكارم
                سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
                وبعد، إن من أسس التعاليم الاسلامية الناظمة لحياة الإنسان، ما نراه في الآيات المباركات في سورة النجم، من القرآن الكريم : {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى . وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى . ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى . وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى} (النجم:39-42). صدق الله العظيم
                آياته سبحانه تؤكد أن حياة الإنسان، هي في مستوى سعيه وعطائه كما وكيفا، فمناطها ليس إذن تنفس وأكل وتحرك، حتى ولا إدراك.. وانقطاع هذا كله، ليس معناه الموت.
                ظاهرة الموت، إذن انقطاع سعي وعمل، لا انقطاع تنفس وأمل. وظاهرة الحياة تبدو اذن في العطاء، فهو ما دام باقيا، فالإنسان به حي. وهو إن لم يكن، فالإنسان كأنه ما كان.
                وسبحانه، وهو يعادل العمل بالحياة، كتب له ضمان البقاء، هنا، وهناك : عندما أكد عدم ضياعه، ونص على جزائه الأوفى الذي ينتظر العاملين عند العود الى رب العالمين، ذلك الجزاء الذي يفوق جزاء الدنيا، كما يفوق فضل الله وكرمه، فضل عباده وكرمهم.
                معادلة الحياة بالعطاء، لم ترسمها يده الرحيمة بسورة النجم وحسب، وانما نقرأ المعادلة في كثير من الآيات والتعاليم الدينية. وقويم العقل يؤكدها ولا مراء.
                من هنا، سبب تلاقينا في يومنا الأغر هذا، يومنا الذي نرجو أن يصير عيدا، في يوم عليه، في هذا الاجتماع تتفقون.
                ونلتقي اليوم بمناسبة مولد الزهراء، مولد العمل والعطاء، مولد من كان شعارها مستمدا من رسول الله : "يا فاطمة، اعملي لنفسك فإني لا أغني عنك من الله شيئاً) ووعت فاطمة أين هو طريق الفضل، انه انتساب الى عمل وسعي، وليس انتسابا الى خاتم النبيين.
                ونلتقي أيضا في هذه المؤسسة، وهل هي إلا خلاصة عطاء مشترك، تجاوب فيه شعبنا الكريم، مقيمه ومغتربه، مع حكومته الجليلة، فشهق البنيان بدوره عاليا، ليعطي ما لا يسعه قول: ساعة درس، أو تثقف طالب، أو تعلم عامل، أو تحسين وضع عائلي.
                إن لبنة ضياء تأخذ مكانها في جدار هذا المنار، هي، لليد التي وضعتها بقاء واستمرارا: وللرأس الذي تفيأ ظلها أمنا وهدى، واستقرارا.
                وظروف لقائنا العصيبة، تؤكد بدورها تفرغ حياتنا من محتواها، وغموض مستقبلنا من أساسه، وتعلق مصير أولادنا بالقلق، إن لم يتحرك كل منا في حقله، وفي إطار كفاءاته الى العمل الإيجابي الواعي، والى العطاء المثمر البناء.
                أيها الأعزاء
                نلتقي بكم اليوم لنتذوق ثمرة الجهد المشترك، وهي ثمرة شجرة استنبتت في فترة قصيرة، وبحجم محدود، لكنها تؤكد على القيام بالأعمال الكبيرة عندما تريدون، وإنها بالتعاون المخلص ستصبح، دوحة كالمعجزة، بإذن الله.
                ولقد أردنا لهذه الغرسة، أن تكون في هذه التربة العزيزة وبجوار الأرض المقدسة، إعلاناً منا، بأن هذا الجهد الرمزي المتواضع، ما كان هنا، إلا لنؤكد بأننا جميعا على استعداد دائم لبذل جميع إمكاناتنا، حتى الأرواح والأولاد، دون تردد ساعة ما نستدعى، او ساعة تستدعي الحاجة.
                أيها الأعزاء
                الحق إن تذوقكم، مسؤولين وشعباً، ثمرة عطائكم، ومشاهدتكم طاقاتكم تتجسد.. هما خير شكر لكم وافضل تقدير لإنسانية عملكم، ونبل مسعاكم، لكن احب هنا أن أسجل شكراً خاصا، ودعاء خالصا مخلصا لإخواني في ديار الاغتراب، الذين كانت حفلتنا هذه تكريما لهم. ذلك لأني في رحلتي الأخيرة الى أفريقيا الغربية شاهدت بعيني معاني هجرتهم. إن هؤلاء الأبطال يضعون حياتهم على أكفهم، ضاربين في الأرض، مخاطرين.. زاهدين بكل متع الحياة، وبجميع نعم الوطن، كاسبين الدرهم المغسول بليل السهر، وقطرة الدم، ثم يأتي بذلهم السخي، وكأنهم يأخذون الذي يعطون، يدهم تتحرك بالعطاء، وعواطفهم تتأجج بالحس، وصدورهم تنفتح للضيافة.. أرى كل هذا فاشعر، وأتمنى لو عشت بينهم ما كتب الله لي من بقية.
                وان كل من قول لي هنا، تجاه ذلك السخاء، فلا أملك إلا الإشادة بهم، في يوم الزهراء، أم الأئمة المضحين الشهداء، وينابيع الفداء، وإلا أن أطالبهم، وأصر، بالمشاركة في الإشراف على المؤسسة حالا ومستقبلا، تخطيطا، وإدارة، ومحاسبة. وإلا أن أقول لهم أخيرا بان هذا المكان، وما ينبثق عنه، هو كله، لهم، بيتهم، مكتبهم، تدرس فيه قضاياهم، وتستنبط الحلول لمشاكلهم هنا وهناك، وفيه يلتقون بكرام المسؤولين، وبالإخوان المقيمين.
                أما المؤسسة فسوف تفتتح أبوابها في السنة الدراسية 1969-1970، بإذن الله، بعد أن تصبح إدارتها الخبيرة، ومحتوياتها من معدات وآليات حديثة بمستوى بنيانها الشاهق وطموحكم إلى الأحسن. معتمدة على الله القدير الذي يرعى أعمال المخلصين من عباده ويدافع عنهم ويسدد خطاهم ويجند لهم الطاقات الخيرة و الضمائر الواعية.
                وبالمناسبة أذكر لكم أنا تلقينا وعدا كريما، بتجسيد أمانينا كلها عن المؤسسة، من الحكومة الفرنسية المحترمة. وواجب الوفاء يقتضي الإشادة برعاية فخامة الرئيس الحلو.
                وبالمبادرة النادرة الأولى، التي بذلها بكل إخلاص فخامة الرئيس شهاب.
                وبمساهمات وزارة التربية الجليلة ومصلحة الإنعاش الاجتماعي.
                أما سيدنا الإمام شرف الدين قدّس سره، المصمم الأول في هذا الخط النيرّ، وسماحة المرجع الأعلى السيد الحكيم دام ظله، وأعضاء جمعية البرّ والإحسان، وأعضاء لجنة إدارة المؤسسة، أما هؤلاء جميعا فان المؤسسة ليست إلا ثمرة جهودهم، وتحقيق آمالهم. استودعكم الله بعد الترحيب. وبين أيديكم خلاصة الموازنة في هذه الأوراق. وفيما حولكم مؤسستكم تشمخ..

                تعليق


                • #9
                  سيرة ألأمام الصدر (كلمة 3) جزء 1

                  الموضوع : كلمة ـ في حفل تكريم حركة "فتح" و الدعوة لنصرتها
                  المكـان : فندق "بيروت أنترناشيونال" ـ 16/12/1968
                  المناسبـة : أقام الإمام الصدر حفلة إفطار لنصرة منظمة فتح و التبرع لها
                  المقدمـة :دعا سماحة العلامة السيد موسى الصدر إلى حفلة إفطار مساء أمس في فندق "بيروت أنترناشيونال" حضرها عدد كبير من الشخصيات الإسلامية المعروفة، وفتح خلالها باب التبرع لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح).
                  وقد ألقى سماحة السيد الصدر كلمة بهذه المناسبة، حياّ فيها العمل الفدائي، ونوه بضرورة العمل يدا واحدة لاسترداد الحقوق المغتصبة في فلسطين.
                  كما ألقى أحد الفدائيين كلمة باسم منظمة "فتح".
                  وكان عرّيف الحفلة الزميل محمد قره علي.
                  وكان أهم التبرعات، مبلغ عشرة آلاف ليرة تبرع بها السيد يوسف قاسم حمود كما قرر التبرع بمبلغ شهري. وكذلك تبرع من السادة رشيد كرامي، علي عرب وصبري حمادة بمبلغ خمسة آلاف ليرة.
                  ـ الــنـــص ـ
                  بسم الله الرحمن الرحيم
                  إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)
                  صدق الله العظيم
                  أيها الاخوة الأعزاء،
                  اسمحوا لي أن لا أقول شكراً أو عذراً لتحملكم صعوبات الحضور في هذه الليلة وفي هذا الطقس العاصف، لأنّ قلوبكم وأحاسيسكم التي تجلّت في وجوهكم منذ دخولكم القاعة هي خير تعبير عن استعدادكم الكلي لمساندة هذا العمل المقدس، مخلصين، لا تريدون جزاءً ولا شكورا.
                  لا أراني بحاجة الى التأكيد على "لا شرعية" إسرائيل في تكوينها وفي تصرفاتها. فأمام إسرائيل مئات من المؤتمرات الدولية والاتفاقات المعمول بها في العالم، اتفاقات "لاهاي"، وبروتوكولات "جنيف"، وقرارات مجلس الأمن، وتأكيدات الجمعية العمومية، وقرارات لجنة حقوق الإنسان ومؤتمر حقوق الإنسان، وغير ذلك مما يحتاج الى كتاب طويل.
                  ولا أراني أيضاً بحاجة الى التأكيد على "شرعية" المقاومة الفلسطينية داخل الأراضي الفلسطينية وخارجها من الناحية القانونية. فالمقاومة الفلسطينية، بعد صدور قرار مجلس الأمن، حكمها حكم الحرب المشروعة، وأسراها يجب أن يعامَلوا معاملة أسرى الحرب.
                  هذه الأبحاث خارجة عن نطاق اختصاص.
                  أما حديثي فهو حول الدين وموقف الدين.
                  الدين يحترم كل إنسان دون النظر الى دين أو رأي أو عقيدة، ولكن الإنسان إذا تحوّل نتيجةً للعقائد الخطرة الى جرثومة تعيث في الأرض فساداً وتبلي المجتمعات بالأمراض، عندئذ لا حرمة لهذا الموجود، كما يقطع الإنسان من جسده إذا ابتلي بمرض خبيث معدي.
                  نحن لا نكره البشر، ولا نقبل الفساد ولكن نقول: منذ تكونت دولة إسرائيل الأولى قبل مولد السيد المسيح، بدأ اليهود يمارسون العنصرية والأفكار العنصرية التي تعطيهم فكرة التفوق على البشر. فجعلوا لأنفسهم في العالم امتيازات، وخصصوا لأنفسهم إلهاً آخر يختلف عن إله الناس ويختلف عن الإله الواحد حتى يعمّقوا الانفصال ويجزئوا البشرية ويجعلوا أنفسهم فوق البشرية، حتى في إلههم، فهم ليسوا أول من آمن بالإله الواحد (إله إبراهيم)، إنّ الفينيقيين والكنعانيين كانوا يؤمنون بالإله الواحد، وكانوا يسمونه "ايل". اليهود خصصوا اله آخر سموه "يهوه". وبعد ذلك فصلوا حساباتهم وآراءهم وأخلاقهم وتصرفاتهم عن الناس، منذ القِدم والى يومنا هذا. وفي هذا السر كل السر في محاربة الأنبياء الذين جاؤوا بعد هذا التزييف في الرسالة الإلهية والتحريف في الكلمة، فبدأوا يحذّرون الناس من أخطارهم. يقول السيد المسيح عليه السلام: "لا تعطوا القدس للكلاب والخنازير". وهو لا يقصد بالقدس مدينة القدس وحدها بل كل معاني القدس. و(أيضاً) يقول السيد المسيح عليه السلام حينما أخرج التجار والصاغة والباعة من الهيكل، يقول لهم: "هذا بيت أبي مكان للعبادة، وأنتم جعلتموه مغارة للصوص".
                  أنا أتساءل لو كان السيد المسيح بيننا في هذا اليوم، فما عساه يقول؟ إنه يقول: هذا بيت أبي مكان للعبادة، وأنتم جعلتموه مغارة للتآمر والدس، وقاعدة للاستعمار، ومكاناً للفساد والحانات...وأمثال ذلك.
                  إذاً السبب في محاربة السيد المسيح لهم ليس في أنه يكره هذا البشر كبشر، وإنما يكره هذا البشر الذي تحوّل نتيجةً للعقائد الزائفة الى جرثومة فساد.
                  ولهذا السبب أيضاً ينذرنا النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فيتلو علينا في كل يوم جمعة مرتين إنذاراً صارخاً:"أيها المسلمون. هؤلاء هم الظالمون. ففي سورة الجمعة، في مكانين، ينذر القرآن الكريم المسلمين عن واقع اليهود واستمرارهم ونشاطهم، فيقول: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (الجمعة:5). ثم يكرر: {قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ . وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} (الجمعة:6-7). كل يوم جمعة، نقرأ هذه السورة المباركة التي تحتوي التعبير عن اليهود بالظالمين مرتين.
                  ثم نجد الأسباب أننا لا نحاربهم كبشر، ولا نحاربهم كمؤمنين، بل نحاربهم لأنهم لم يحملوا الكتاب {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا}.
                  فإذن: ليست محاربتنا لهم محاربة للإنسان، إنما هي محاربة للفساد والانحراف والظلم ولفكرة التفريق العنصرية {إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ}. هذه هي المصيبة، مصيبتنا أنهم يعتبرون أنفسهم أولياء لله من دون الناس، وهذا هو بدء العملية ونهايتها.
                  الأنبياء أنذرونا: أخرجوا اليهود من الجزيرة العربية، ولكننا لم نسمع حينما لم يكن لهم قاعدة، فكيف بنا في هذا اليوم وأمامنا هذا الخطر المتجسم ؟ هذا هو موقف الدين بصورة موجزة، أما الآية القرآنية التي تؤكد: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ} (البقرة:61)، إنما هي إنشاء وأمر وطلب، وليست أخباراً وحكاية ورفع وزر، ومؤداها إلقاء واجب علينا وتحميلنا المسؤولية، وإلا فسوف نضرب نحن بالذلّة والمسكنة.
                  أما شرعية المقاومة، من الناحية الدينية، فلا تحتاج الى بحث أبداً. كيف لا وأفراد المقاومة هم الذين يطبّقون شرعة الإنسان ويؤتمنون على صيانة الأخلاق والمثل، وينفّذون إرادة المسيح وإرادة محمد، وهم الذين يطبّقون إرادة الله التي تعبّر عنها الآية الكريمة: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ}.
                  فإذاً هؤلاء هم الذين ينفّذون هذه الإرادات السماوية، فيد الله ويد المسيح ويد محمد ويد القيم تخرج من كفهم ومن يدهم، وتتمثل في سلاحهم وفي دمهم وفي جهادهم لجل تنفيذ هذه الأحكام السماوية. و لهذا لسنا بحاجة أبداً للتحدث عن شرعية هذا العمل وعن وجوب دعمه.
                  = يتبع =

                  تعليق


                  • #10
                    سيرة ألأمام الصدر (كلمة3) جزء 2

                    أيها الاخوة،
                    إذا دعمنا المقاومة، إذا دعمنا هذه المسيرة العظيمة المقدسة وهذا الجهاد المقدس في هذا اليوم، فسوف يوفّر علينا الآن الأضعاف في المستقبل. كما أنّ تقاعسنا السابق عن الدفع وعن اتخاذ موقف سليم منذ المحنة الفلسطينية، كل ذلك جعلنا في صعوبات غير متناهية. فالتضحيات التي يجب أن نقدّمها في هذا اليوم تبلغ عشرات أضعاف ما كان يكفي تقديمه يوم بدأت هذه الحركة الصهيونية على أرضنا. ولو كنّا نطبّق التعاليم الدينية منذ مئة سنة، لكنا تنبهنا إلى هذه الأخطار لوفر علينا الشيء الكثير والجهاد الكثير والمال الكثير. أما وأننا تأخرنا عن ذلك، فلا نتأخر في هذا اليوم. فكل ما نملك، وكل ما نسعى، وكل ما نفكّر، نرجو ان يكون في خدمة هذه القضية المقدسة، ونحن أيها الاخوة، لا يكفي أن نصفّق وأن نرحّب وأن نبذل من عاطفتنا واحترامنا، فهذا لا يكفي. بل يجب علينا أن نقدّم كل ما يمكننا تقديمه من مساهمات ومساعدات وتأييد، بكل معنى الكلمة، وهكذا نؤدي واجبنا.
                    ثم أنني قبل شهر رمضان المبارك كنت في العراق في النجف الأشرف، فرأيت في الحفلة التي أقيمت بمناسبة ذكرى سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام، وهي الحفلة الكبرى السنوية التي تقام برعاية سيدنا الإمام المرجع الأعلى السيد محسن الحكيم. وجدت في هذه الحفلة شابا من حركة (فتح) اشترك وألقى كلمة. ووجدت في مكان الاحتفال جماعة من اللجنة العراقية لدعم حركة (فتح) يجمعون التبرعات. ثم شاهدت شوارع النجف الأشرف، وخاصة الدورة التي هي حول قبر الإمام علي عليه السلام، مليئة بالشعارات والشارات التي صدرت عن حركة (فتح). و السيد الحكيم استقبل جماعة منهم ودعا لهم بالنصر والتوفيق. فمن هذا أيضا نتمكن أن نتخذ موقفا مذهبيا سليما يؤدي الى وجوب دعم هذه الحركة في أقطار العالم.
                    أيها الأخوة الأعزاء،
                    هذا واجبنا الديني والإنساني، ونحن في هذه الحفلة المباركة التي أقيمت بهذه المناسبة الكريمة، شهر رمضان، شهر الصيام والسمو، شهر الصبر والاستعداد، شهر ليلة القدر وتقرير المصير، شهر فتح مكة وواقعة بدر الكبرى، شهر الانتصارات. نلتقي في آخر هذا الشهر في هذه الحفلة المباركة، ونرجوا أن يكون لنا فيه مكسب يرضي الله، فيكون من صميم مكاسب هذا الشهر المبارك، كما كان في أول الأمر. ونقول ان في هذا الشهر دخل النبي محمد عليه الصلاة والسلام في مكة وانتصر انتصارا نهائيا. دخل في مكة في هذا الشهر ونزلت السورة المباركة: {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ . وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا . فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} (سورة النصر). وإننا نأمل أن نقرأ في شهر مشابه مثل هذه السورة حينما تدخل حركة (فتح) ومن حولها الذين دعموها وساندوها وواكبوها، في الحرم الثاني، كما دخل سيدنا محمد في الحرم الأول ونتلو هذه الآية المباركة التي تقول: {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}. إننا ننتظر نصر الله على أيدي هؤلاء الشباب يحققون الإرادة الإلهية.
                    وبعد، يا شباب (فتح) الأعزاء،
                    يا فاتحي الآمال في قلوبنا، أيادي الله في خلقه ومنفذي إرادته، سيروا على بركات الله. فالآمال معلقة عليكم لأنكم اتخذتم عملكم منطلقاً من قواعد ثلاث:
                    القاعدة الأولى الإيمان: الإيمان بالله خالق المُلك والحياة. فالله هنا وهناك، إله واحد. إله لكم في حياتكم وفي موتكم. والموت لكم حياة جديدة.
                    وهذا المبدأ، مبدأ الإيمان بالله، يعبّر عنه الفدائي الأول علي بن أبي طالب حينما ينصح ابنه في الحرب، فيقوليا بنيّ تزول الجبال ولا تزول)، ثم ينصحه قائلاً: (عض على ناجذيك، أعر الله جمجمتك).
                    وأنتم أعرتم الله جمجمتكم وآمالكم وقلوبكم، فالنصر من عند الله لكم.
                    القاعدة الثانية: أنكم حاولتم بكل وعي وبكل دقة وبكل اتزان، تخطيط أعمالكم وسعيكم وسيركم. فالعمل العلمي والعمل السليم المبني على الوعي مع الإيمان، هو العمل الناجح. ونحن، وإن كانت معلوماتنا عنكم قليلة، ولكننا نعرف أنكم تعتمدون أساليب علمية سليمة في عملكم وفي جهادكم وفي حربكم وفي دعايتكم.
                    القاعدة الثالثة: أنكم تحاشيتم المعارك الجانبية في حياتكم وسيركم، وبهذا تمكنتم من أن تستفيدوا وتجنّدوا كافة الطاقات الخيّرة الموجودة عند العرب وفي كل مكان، والموجودة عند المسلمين والمسيحيين في كل مكان، والموجودة في كل إنسان يحمل نفساً طيبة. وعلى هذا الأساس موقفكم يذكّرنا بموقف حركة التحرير الوطنية الجزائرية حينما تمكنت من استقطاب كافة الطاقات البشرية والإنسانية في العالم، حتى الكتّاب والمؤلفين في فرنسا وفي كثير من البلاد كانوا يقفون معهم. نحن نأمل بنجاحكم وسيركم، وندعو الله سبحانه وتعالى بتوفيقكم.
                    أما نحن أيها الاخوة الأعزاء، في هذا البلد الكريم، بالرغم من اعتزازنا بأنّ لبنان الرسمي قد أدى واجبه ويؤدي واجباته في حقل الجامعة العربية وفي حقل القيادة العربية، فإننا نطالب ، وبيننا سادتنا النواب، نطالب بأن نحاول تحضير هذا المجتمع اللبناني، وإخراجه من الجو الذي هو فيه، وإبعاده عن كل ما يدعو الى الخنوع والضعف والميوعة والفساد، إن كان في الأفلام أو الصحف أو سوى ذلك، وبالرغم من أننا نؤيد قانون أنصار الجيش اللبناني، فإننا نطالب أيضاً، من هذا المنطلق، بقانون التجنيد الإجباري تمهيداً لتهيئة الشباب اللبناني للوقوف والصمود والدخول في الجدية والخروج من الهزل واللامسؤولية. وهكذا نرجو أن نتمكن من أن ندعم هذه الحركة في بلادنا وحسب ظروفنا. كما نرجو أن نتمكن في هذه الحفلة وأمثالها، من دعم هذه الحركة المقدسة بكل ما نملك من طاقات.
                    أيها الاخوة الأعزاء،
                    هذا تعبير موجز عما يكنّه صدري وصدر هؤلاء المجتمعين، وثقوا يا شباب (فتح) بأنّ لكم رصيداً كبيراً في قلب كل مؤمن ومسلم ومسيحي، وكل من آمن بالله وبالإنسانية، صغيراً أو كبيراً، رجلاً أو امرأة، فسيروا على بركات الله، والله يؤيدكم ويوفقكم.
                    والسلام عليكم .

                    تعليق


                    • #11
                      السلام على من اتبع الهدى

                      مشكور أخي صدر على هذا الجهد الكبير ،،

                      والله يعطيك العافية ،،،

                      تعليق


                      • #12
                        السلام على من اتبع الهدى

                        مشكور أخي صدر على مجهودك ،،،

                        وفقك الله ورعاك ،،،

                        أنا عندي لك رأي ....(( لو تجمع مواضيع الامام الصدر التي كتبتها في موضوع واحد أظن أنه يكون أفضل ))...حتى لاتتشتت المعلومات ..

                        تقبل تحياتي

                        تعليق


                        • #13
                          سيرة ألأمام الصدر (كلمة 4)

                          الموضوع : كلمة ـ دور الطائفة الإسلامية الشيعية وأهمية تنظيم شؤونها
                          المكـان : بيروت دار الإفتاء الجعفري ـ 22/5/1969
                          المناسبـة : اثر اجتماع الهيئتين التنفيذية والشرعية وآثر انتخابهما الإمام الصدر رئيساً للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ألقى سماحته هذه الكلمة.
                          ـ الــنـــص ـ
                          بسم الله وله الحمد..
                          شكراً عميقاً على الثقة التي أوليتمونيها، ودعاءاً مخلصاً للساعين في هذا الأمر وفي تكون هذا المجلس الذي وضعت نواته قبل خمس سنوات، وأبتهالاً إلى الله العلي القدير لكسب رضاه والتوفيق على أداء الواجب والتمكن من تحمل المسؤوليات.
                          إن الحدث الذي نعيشه اليوم يتلخص في كلمة التنظيم، وبتعبير أدق محاولة التنظيم للطائفة الإسلامية الشيعية في لبنان.
                          والتنظيم شرط أساسي لنجاح كل عمل في العالم وفي هذا الكون الذي خلقه الله على أتم تنظيم، فالعمل غير المنظم عمل غريب عن هذا الكون الذي خلقه الله على أتم تنظيم، فالعمل غير المنظم عمل غريب عن هذا الكون ومحكوم بالفشل، وها هو كتاب الله العزيز يعلمنا ذلك بقوله {وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ . أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ} (الرحمن:7-8). ولعل الحضارة البشرية من أولى منتجاتها ومكاسبها: التنظيم الدقيق، وهذا يؤكد بصورة جازمة ضرورة التنظيم في أي عمل من مستوى العصر.
                          على هذا الأساس يمكننا أن نقول: أن الأدوار التي كانت على عاتق الطائفة الشيعية في مختلف الحقول والمستويات سوف تتمكن بعد هذا الحدث من أدائها بصورة أدق وبوجه أحسن.
                          فللطائفة هذه دور تاريخي، ثقافي ووطني، في لبنان يشهد به التاريخ باعتزاز. ولها أيضاً دور جغرافي عميق حيث كان أبناء الطائفة ولا يزالون يسكنون حدود لبنان ويرابطون مخلصين مجاهدين.
                          ولهذه الطائفة أيضاً أدوار مشرفة في الإسلام على صعيد العالم والثقافة، وعلى صعيد تطوير الأفكار الدينية والاجتهاد في الفقه والتفسير والفلسفة. ولها مشاركات مشهودة في تنمية الروح الدينية والأخلاقية، وفي الحوار الإيجابي البناء في مختلف الملل والطوائف، وتنقل الكتب مواقف متعددة أبرزها مجالس الإمام الجواد وهشام بن الحكم.
                          ثم إنهم ما تخلفوا يوماً عن مسؤولياتهم الوطنية والقومية في كل زمان ومكان. وها هم أبناؤنا المغتربون يقومون بدور طليعي في أقطار العالم للقضايا الوطنية والقومية.
                          هذه هي بعض الأدوار التي كانت على عاتق أبناء هذه الطائفة، فالتنظيم سيؤدي إلى تنسيق طاقاتهم وتجنيدها ومنعها من الهدر والاصطدام وبالتالي سوف يمكنهم من الخروج عن الوضع الحاضر الذي لا يرضي طموحهم ولا طموح مواطنيهم إلى الوضع الأفضل. على هذا نأمل جميعاً أن يكون هذا اليوم بداية عهد جديد في تاريخهم تتحسن فيه أوضاعهم ويشاركون فيه مشاركة فعالة لتحسين أوضاع وطنهم ولحماية أرضه من العدو الغادر، ومن الطبيعي أن هذا السعي سوف يقابل بصورة حتمية بتعاون الطوائف الشقيقة والسلطات المسؤولة، وسوف يعالج الحيف المزمن اللاحق بهم.
                          أمام القيام بدورهم الإسلامي الكامل فكراً وعملاً وجهاداً فإني أحب أن أؤكد أن هذا التنظيم لن يفرق إطلاقا بين المسلمين، بل يسهل مهمة التوحيد الكامل عن طريق الحوار والتفاهم والتقارب، ولا حوار إلا بين الممثلين الحقيقيين، والتنظيم طريق التمثيل الصحيح.
                          إننا نعلن ذلك بقلب مفتوح ويد ممدودة راجياً تفهم هذه الحقيقة دون شك أو تشكيك والمستقبل خير شاهد بإذن الله.
                          وللتنظيم ثمرة كبيرة أخرى هي معرفة الأوضاع الحقيقية لأبناء هذه الطائفة وتهيئة الإحصاءات اللازمة.
                          وهذا يعني الإكثار من إمكانية محاربة الجهل والفقر والتخلف الاجتماعي. تلك الإمكانيات التي سوف تؤدي ما عليها بإخلاص، وسوف نؤدي ما علينا بإخلاص، ونطالب بما على السلطة بإصرار.
                          ومن جانب آخر نتمكن من وضع تخطيط لمحاربة الفساد والميوعة بالتعاون وتبادل المعلومات والتجارب مع كافة العائلات الروحية اللبنانية لكي نتمكن بإذن الله من وضع حد للفساد الخلقي المتزايد الذي يهدد مصير لبنان والعالم أجمع.
                          أما الدور الجغرافي لأبناء هذه الطائفة فيبدوا في هذا اليوم العصيب أكثر وضوحاً وأكثر حاجة للتنظيم الذي يمكننا من الاستعداد الجسدي والنفسي، ومن المطالبة بتحصين مناطق الحدود وتحسين مناطقنا، وتحسين أوضاعها لاجتماعية والاقتصادية والتجنيد الإجباري، لكي نؤدي بالتعاون مع المسؤولين واجبنا في الحفاظ على أرض الوطن، وفي المشاركة الصحيحة مع أشقائنا لمساعدة المقاومة الفلسطينية لتحرير الأراضي المغتصبة.
                          إن هذه الآمال تبدو نتائج طبيعية للتنظيم، فهي أهداف لا أحلام، ولكنها بحاجة إلى جهد وعمل وإخلاص وزمان، فاليوم، ومع ولادة المجلس الأعلى، نحن لا نملك شيئاً حتى مكتب المجلس وموازنته، اللهم إلا عناية الله والطاقات.
                          ولهذا فالحاجة ملحة إلى أن يكون المجلس ملتقى الجميع دون استثناء وقاسماً مشتركاً، أما المعارضة الإيجابية، أما التفاوت في وجهات النظر فسبيل لكمال الهدف وتحركه وقلة الأخطاء في طريقه، وان على المجلس أن يمتنع ولو بصورة مؤقته عن الاهتمام بقضايا خاصة ومصالح الأفراد وعليه التفرغ للتخطيط العام والسعي للمهمات الكبرى الملقاة على عاتقه.
                          إن الشكل الطبيعي للمجلس الذي يمثل السادة العلماء والقادة السياسيين والخبراء المدنيين يبشر بنجاح المشروع وبالرغم من نواقص قانونه.
                          فالسادة العلماء طليعة الدعوة إلى الله، إلى الحق، إلى السمو عن الأنانيات، وهذه الدعوة التي هي الأساس لتنظيمنا العتيد تمهد الطريق وتسهل كافة المهام.
                          أما القادة السياسيون والخبراء المدنيون فيشكلون الجناح السياسي والمحتوى العلمي للمجلس، ومع تفرغ كل لعمله، نتأكد بإذن الله أن نصبح أكثر فأكثر يداً قوية وعضداً متيناً للبنان وللعرب وللإسلام وللإنسان في كل مكان.
                          أسأل الله أن يأخذ بيدكم جميعاً لما فيه خير لبنان والعرب والإسلام، والله حسبنا وعليه توكلنا وهو نعم الوكيل.

                          تعليق


                          • #14
                            سيرة الأمام الصدر (كلمة 5)

                            الموضوع : كلمة ـ للإمام السيد موسى الصدر ترحيباً بالرئيس شارل حلو
                            المكـان : بيروت دار الإفتاء الجعفري ـ 29/5/1969
                            المناسبـة : زيارة فخامة رئيس الجمهورية لسماحة الإمام الصدر مهنئاً بانتخابه رئيساً للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى
                            المقدمـة : زار الرئيس شارل حلو عند الساعة الخامسة والنصف من بعد ظهر يوم الخميس 29/5/1969 دار الإفتاء الجعفري، حيث قدّم التهنئة لسماحة العلامة السيد موسى الصدر بمناسبة انتخابه رئيساً للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى.
                            وكان في استقبال فخامة الرئيس سماحة العلامة الإمام موسى الصدر وأعضاء المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، ورئيس مجلس النواب السيد صبري حمادة وكبار الشخصيات الرسمية. وخلال اللقاء، جرى تبادل الكلمات بين سماحة الإمام الصدر وفخامة رئيس الجمهورية.
                            ـ الــنـــص ـ
                            فخامة الرئيس،
                            كنت سابقاً أدرس تاريخ علماء الطائفة الإسلامية الشيعية في لبنان، وأقف بدهشة أمام ظاهرة غريبة، هي أن خمس علماء المسلمين الشيعة من لبنان، وأن خمس كتب الشيعة هي من تأليف علمائهم اللبنانيين، مع العلم أن عدد أبناء الطائفة في لبنان ما بلغ يوماً 1% من شيعة العالم، وإنه لا يوجد في لبنان لا قرية ولا مزرعة إلاّ وظهر منها عالم في الفقه، أو أديب أو فيلسوف.
                            كنت أدرس هذه الظاهرة وأقرأ ما يقوله البعض، من أن هذه الظاهرة هي نتيجة قداسة الأرض والبركة التي منحها الله إياها، أما اليوم وفي مناسبة تكوين هذا المجلس تمكنت من تفسير هذه الظاهرة تفسيراً علمياً، ففي هذه الأيام وجدنا لبنان بمختلف طبقات شعبه ورجال دينه، وقادته المدنيين من السياسيين وغيرهم، شاركنا مشاركة كاملة في الترحيب بهذا الحدث المبارك. وها نحن اليوم نجد بيننا وفي بيتنا رئيس البلاد يتوج هذا الترحيب ويكمل هذه الفرحة.
                            إن لبنان هذا الذي يفتح قلبه للعلم والتنظيم والتوجيه الديني عن أي طائفة من طوائفه، لبنان هذا وشعبه العظيم وراء الظاهرة المذكورة. فالفضيلة تنمو في المناخ الملائم لها، والعلم والعلماء يزداد عددهم إنتاجهم في مثل هذا البلد، وأمام هذه العواطف والمواقف فلنسجّل كلمة شكر عميق، وتقدير مخلص لهذا البلد ولشعبه ولرئيسه المعظم الذي صدر قانون تنظيم شؤون الطائفة في عهده، وعلى وثيقة توقيعه ونفذ في أيامه.
                            وكلمة شكر وتقدير لصاحب التوقيع الثاني الذي غمرنا أيضاً بمحبته وتمنياته دولة الرئيس كرامي.
                            أما دولة الرئيس حمادة الذي رعى جميع مراحل هذا المشروع، وصانه وحماه وأعطاه الكثير من قلبه وعقله وخبرته، فلست أولى منه بطائفته لكي أشكره.
                            فخامة الرئيس،
                            انطلاقاً من هذا الواقع نحن في هذا اليوم ننظر إلى المستقبل بثقة وأمل، فتنظيم شؤون الطائفة يمكننا من تحسين الوضع الذي نعيشه، ومن المساهمة الفعالة في تحسين وضع البلد، حيث أن التنظيم يحول دون اصطدام الطاقات وهدرها، وبالتالي يضاعف إنتاجها، ثم بعد ذلك، وبعد أداء واجبات المواطنية الصحيحة، لا يقف أمام المطالبة بالحقوق، وأمام تحقيقها من قبل السلطات، ومن قبل بقية المواطنين أي مانع.
                            فخامة الرئيس،
                            إننا نعتقد أن في الطابع الديني سر قوة المجلس ونجاحه، حيث أن السمو عن الأنانية الأرضية والنزعات الخاصة يؤدي حتما إلى التقارب والتلاقي وسهولة التعاون البناء، وها نحن أبناء الطائفة، على مختلف آرائهم وأفكارهم ومواقفهم، قد اجتمعوا فأسسوا المجلس، وهم الآن مجتمعون لأجل نجاحه وتحقيق أهدافه.
                            ثم أن الإيمان بالله الذي يجل عن الوصف والحد، والسعي لكسب رضاه الذي لا نهاية له، يكوّن طموحاً في الإنسان لا يقطع، وحركة دائمة حتى آخر لحظة من الحياة، وفي خدمة خلق الله طلبا لرضاه.
                            والطابع الديني هذا يجعل القاعدة إيماناً وثقة بالله، ونحن نثق به لا بأنفسنا، حيث أننا لا نملك شيئاً، أما طاقاتنا ووجودنا كله فأمانة من الله، والثقة بالله تمنعنا من الغرور الذي هو جمود الإنسان وشعوره بالاكتفاء والاستغناء، وتكون الفعالية والتحرك في طريق الخير والمصلحة العامة، حيث أن الله لا يرضى عنا إذا سلكنا سبيل الشرور، وخضعنا للأهواء والنزعات والأنانيات. أن الطابع الديني هذا، والذي هو الرصيد الأساسي للمجلس، يفرض علينا أن نهتم بوضع التربية الدينية والحد من الفساد والميوعة ولهذه الغاية علينا أن نتعاون والسلطة ونتبادل التعاون الوثيق مع العائلات الروحية اللبنانية بأجمعها. وهذا التعاون المثمر يخدم القضية الوطنية بصورة مباشرة وصريحة حيث ينقذ الوطن من الانهيار ويسهل في الوقت نفسه، عن طريق خلقي، ثقة متبادلة في التلاقي العام المنطقي لأجل المحافظة على لبنان وسيادته وسلامة أراضيه.
                            فخامة الرئيس،
                            اسمحوا لي أن أتحدث الى فخامتكم بعد هذه المقدمة، بعد الوقوف على محتواها بإسم جميع أبناء الطائفة الإسلامية الشيعية في لبنان، أولئك الذين ما تخلفوا يوماً عن أداء واجبهم الوطني والقومي. وأقول أننا الآن، وبكل اعتزاز، وبثقة وأمل أكثر، مستعدون لتحمل كل مسؤولياتنا الوطنية وأداء واجبنا للحفاظ على استقلال لبنان وحريته وسلامة أراضيه مهما بلغت التضحيات ومهما غلا الثمن.
                            وأقول، أننا الآن، وقبل الآن مستعدون للقيام بكل واجباتنا لأجل تحرير الأراضي المغتصبة عن طريق دعم المقاومة الفلسطينية المقدسة، والمشاركة الفعلية مع الدول العربية الشقيقة.
                            وإن هذه المسؤوليات نجدها على عاتقنا كمواطنين، و نؤديها من خلال تجاوبنا الكلي مع القادة المخلصين الذين يتحملون أعباء القيادة في هذه الظروف العصيبة، بقيادتك أنت يا فخامة الرئيس.
                            فخامة الرئيس،
                            إن من يظن أن وجود الطوائف المختلفة في لبنان وتنظيم شؤون هذه الطوائف من أسباب ضعف الإحساس الوطني والقومي، فقد ينظر لهذا الأمر من خلال زاوية ضيقة. بل الطوائف المختلفة المنظمة منطلقات للتعاون ونوافذ حضارية على مكاسب لمليارات من البشر في هذا العصر والعصور الماضية تدخل هذه التجارب الى لبنان، وتكون جسماً واحداً لا يمكن أن ينقص عضو منه وبالتالي ذلك يقوي الوحدة الوطنية الإنسانية.
                            وفي ما يخص مجلسنا فأننا نعلن أننا على استعداد كامل للتلاقي مع جميع المسلمين لخدمة الإسلام ديننا العزيز، وللسعي لأجل تقارب أبنائه وتوحيدهم، وعلى استعداد كامل للتلاقي مع جميع الطوائف لخدمة الدين والأخلاق، وللحفاظ على هذا الوطن الغالي.

                            تعليق


                            • #15
                              سيرة الأمام الصدر (مؤتمر صحفي1 ) جزء 1

                              الموضوع :حوار صحفي ـ الشيعة، القومية، الدين
                              المكـان : بيروت ـ 4/6/1969
                              المناسبـة : بمناسبة ذكرى مرور سبع سنوات على وفاة السيد عبد الحسين شرف الدين
                              المقدمـة : كتب الياس الديري في ملحق النهار
                              كثيراً ما كنت أتساءل : في مواجهة رجل دين، ما هو السؤال الحي، العصبي، الذي ممكن أن يطرح دون أن يدخل الإحراج طرفا ثالثا في الحوار؟
                              ثم ، ماذا عند رجل الدين بالنسبة إلى إنسان هذا العصر المليء بالصراخ والوجع والخوف ، والمليء بالضجر والقلق ، واليأس ؟
                              ثم، ماذا يقول رجل الدين جواباً عن تساؤلات هذا الجيل المتغطية في أحيان غير قليلة، أبعاد الإيمان والانتهاء المطلق؟
                              إلى أن فوجئت بأنني أمام رجل دين، وان الأسئلة التي كنت أخاف عليها أن يحرج بعضها البعض أو تحرج غيرها، سلكت سبيلها إلى الخلاص وبلغت مكانا تستوي عنده وتقدم نفسها.
                              ولكن، قبل الدخول في تفاصيل الحوار، أرى من الضروري التوقف للحظات والتأمل في شخصية العلامة السيد موسى الصدر.
                              قبل كل شيء، يضعك هذا الرجل الطويل القامة ذو الوجه الحامل تعابير البعد والثقة، في متعة الاطمئنان إليه، يهيئك، فور النظر إلى عينيه الملفوفتين بالهدوء والفرح والذكاء، كي تقول وتسأل بعيدا عن كل حرج.
                              أينما زرعت السؤال، ومن أينما اقتلعته تجده جاهزا للإجابة، عنده جواباً، وتجده ليس فقط رجل دين،إنما في صميم هموم إنسان العصر، من القلق حتى الخوف والضجر.
                              وسبق " للملحق" أن تحاور معه منذ شهر، قبل انتخابه رئيساً للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى. والآن هذا الحوار الثاني يكمل الأول.
                              ـ الــنـــص ـ
                              س ـ انتخابك رئيسا للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى قوبل بالارتياح في أوساط أخرى. ومرد هذا الارتياح إلى أنك قادر على أن تفعل وتحقق. فماذا تعد وماذا تتوخى أن تفعل وتحقق؟
                              ج ـ أنا اشعر بمقتضى انتسابي إلى هذه الطائفة بحب وتقدير ومسؤولية. ثم أنظر إلى تاريخها فأجد فيه صفحات مشرقة تدل على إمكاناتها الثقافية والحضارية والبشرية بصورة قل نظيرها. ثم أقيس الماضي مع الحاضر فلا أجد ما يرضي طموحي وطموح أبناء هذه الطائفة. مع العلم أن الإمكانات والطاقات المتوفرة لدى أبناء هذه الطائفة تزيد عن الماضي ولا تنقص.
                              حينئذ، وبمقتضى حبي ومسئوليتي، أفكر في السبب لهذه المفارقة، فأجده في عدم التنظيم. وما قانون المجلس إلا أسلوب لبناني لتنظيم شؤون " الطائفة.
                              فمن جانب آخر، أنني كمؤمن بالله وبدينه أرى من واجبي السعي الدائم لخدمة عباده من الناحية الروحية ومن النواحي الاجتماعية. واعتقد أن هذه الخدمة تؤدي بصورة كاملة لدى التنظيم لوضع هذه الفئة المؤمنة التي فوضت بعض شؤونها إلي.
                              ثم أني اشعر بحب واعتزاز ومسؤولية تجاه لبنان بصورة خاصة وتجاه هذه الأمة بصورة عامة، وأجد أن الخدمة التي يمكنني أن أقدمها هي فوق طاقاتي المحدودة، فإذا ساهمت في تنظيم طاقات فئة من المواطنين أكون أديت بعض الواجب.
                              وبصورة أساسية "الخلق كلهم عيال الله واحب الناس إليه انفعهم لعياله" ولا يمكن إيصال النفع إلى الإنسان بصورة كاملة في هذا الكون المنظم إلا بطريق التنظيم.
                              الشيعة في لبنان :
                              س ـ تاريخ الطائفة الشيعية في لبنان، ومن أين أتوا، وكيف وصلوا إلى الجنوب والبقاع ومن أول من جاء بهم؟
                              ج ـ لقد حاولت منذ سنة تحضير دراسة حول هذا السؤال بالذات بتكليف من جامعة ستراسبورغ وسوف اقدم نسخة منها إلى جريدة "النهار".
                              وبإيجاز، بدأ التشيع ينتشر في لبنان، منذ النصف الأول من القرن الأول الهجري، وذلك عن طريق بعض صحابة النبي الذين كانوا يتجولون في بلاد الشام على حد تعبيرهم لأجل الدعوة الاسلامية. وهؤلاء كانوا يسمون ، في أيام النبي بشيعة علي، أمثال: أبي ذر الغفاري وسلمان الفارسي و غيرهما.
                              ثم أستمر هذا الأمر ونما بواسطة بعض كبار صحابة النبي والتابعين الذين ما كانوا منسجمين مح الحكم القائم في المدينة والكوفة، وكانوا يثورون على تصرفات الحكام، فكان جزاء عملهم التسفير إلى منطقة بلاد الشام.
                              ثم تلاحقت الأسباب مثل واقعة صفين التي اشترك فيها الإمام علي، ومثل واقعة استشهاد الإمام الحسين، ونقل آل بيته إلى هذه المناطق، وتجولهم القسري فيها، وانعكاسات هذه الحادثة على الناس، وغير ذلك.
                              هذه الأسباب وسواها جعلت التشيع يتكون وينمو في هذه المنطقة. وبلغ التشيع عصره الذهبي بعد قرن ونصف قرن من هذا التاريخ وسيطر على جميع المنطقة بما فيها لبنان، وكان له دور كبير في تطوير المنطقة حضارياً وثقافياً وفنياً.
                              ثم إبتلى التشيع بعصور الاضطهاد الطائفي والاستعمار القاسي سبعة قرون أو تزيد. وخلال هذه الفترة نجد أيضا انه أدى دورا بارزا في الحقول الإنسانية، مما جعل مثلاً، خمس علماء الشيعة وكتبهم في العالم من لبنان.
                              ولا شك أن هذا الاضطهاد الطويل انعكس أخيرا على أبناء هذه الطائفة، فكون الواقع الذي لا يشرف قبل عهد الاستقلال، والذي بدأ يتغير بسرعة منذ عهد الاستقلال. ونرجو أن يكون تنظيم شؤون الطائفة فصلاً جديداً في تاريخها.
                              س ـ هل ممكن معرفة من هم الشيعة؟ ماذا يشكلون؟ فيم يفكرون؟
                              ج ـ أما وضع الشيعة في الوقت الحاضر، سوف أوجزه لك في المحاضرة. انهم لبنانيون بإخلاص ووفاء عميقين. يؤمنون بالمصير العربي المشترك ويعتبرون أن المشكلة الأولى لهم مشكلة المطامع الصهيونية.
                              أما البحث عن صفاتهم النفسية فاتركها لغيري، حيث أن تزكية المرء نفسه أمر قبيح.
                              ومن النواحي الاجتماعية نجدهم برغم كثرة نسبة الأمية مقبلين على التعلم بصورة لا نظير لها وعلى هذا الطريق نجدهم في سعي حثيث إلى تحسين وضعهم الاجتماعي في مختلف الحقول.
                              س ـ قلق الإنسان المعاصر هل لدى المذهب الشيعي من جواب واضح عنه ؟
                              ج ـ إن المذهب الشيعي الذي هو مذهب إسلامي في جميع مبادئه يؤمن بان الدين هو الفطرة {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} (الروم:30). صدق الله العظيم
                              ولهذا فالإنسان قاعدة وهدف ومسلك للتعاليم الاسلامية. لكن الإنسانية بمعالمها وأبعادها تتأثر غالبا بالمصالح والأجواء والظروف والرواسب التي تعيشها. وهذا يؤكد ضرورة غيبية الدين وسماويته.
                              لهذا أيضاً لا نجد في التعاليم الاسلامية تجاهلاً لواقع الإنسان الذاتي والمرحلي إطلاقا. بل الحاجات الإنسانية مقدسة وتلبيتها من الله نعمة وحدودها الصحيحة تعاليم دينية.
                              أما الإنسان القلق المعاصر فهو حسب رأيي، منذ التحول العظيم في الصناعة والحضارة والمشاركة البشرية العامة في العالم والتكنولوجيا والتنظيم، إن الإنسان هذا ظن انه وجد إلهاً آخر غير الله، فأعطى للعلم والصناعة والمكاسب الحضارية الأخرى، أعطاها صفة الإطلاق وتنكر ل واعتبره غير مؤثر في عالم الطبيعة. وكأن دور الله في الخلق أن يكون عنصراً من العناصر الكيماوية في المختبر أو دولاباً في المصنع أو مادة زراعية لخصوبة الأرض.

                              تعليق

                              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                              حفظ-تلقائي
                              x

                              رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                              صورة التسجيل تحديث الصورة

                              اقرأ في منتديات يا حسين

                              تقليص

                              لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                              يعمل...
                              X