( 122 )إنفاذه وعنايته التامة في تعجيل إرساله ، ونصوصه المتوالية في وجوب ذلك .
وسلمتم بتخلف بعض من عبأهم صلى الله عليه وآله وسلم ، في ذلك الجيش وأمرهم بالنفوذ تحت قيادة أسامة .
وسلمتم بكل هذا كما نص عليه أهل الاخبار ، واجتمعت عليه كلمة المحدثين وحفظة الآثار ، وقلتم إنهم كانوا معذورين في ذلك ، وحاصل ما ذكرتموه من عذرهم أنهم إنّما آثروا في هذه الامور مصلحة الاسلام بما اقتضته أنظارهم لا بما أوجبته النصوص النبوية ونحن ما ادعينا - في هذا المقام - أكثر من هذا .
وبعبارة أخرى فإن تساؤلنا يدور حول ما يلي : هل كانوا في تعبدهم وفق النصوص جميعها أم بعضها ؟ لقد اخترتم الاول ، ونحن اخترنا الثاني ، فاعترافكم الآن بعدم تعبدهم في هذه الاوامر يثبت ما اخترناه ، وكونهم معذورين أو غير معذورين خارج عن موضوع البحث كما لا يخفى ، وحيث ثبت لديكم إيثارهم في سرية أسامة مصلحة الاسلام بما اقتضته أنظارهم على التعبد بما أوجبته تلك النصوص ، فلم لا تقولون أنهم آثروا في أمر الخلافة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، مصلحة الاسلام بما اقتضته أنظارهم على التعبد بنصوص الغدير وأمثالها .
إعتذرتم عن طعن الطاعنين في تأمير أسامة بأنهم إنما طعنوا بتأميره لحداثته مع كونهم بين كهول وشيوخ ، وقلتم إن نفوس الكهول والشيوخ تأبى بجبلتها وطبعها أن تنقاد إلى الاحداث ، فلم لم تقولوا هذا بعينه فيمن لم يتعبدوا بنصوص الغدير المقتضية لتأمير علي وهو شاب على كهول الصحابة وشيوخهم ، لانهم بحكم الضرورة من أخبارهم ، قد استحدثوا سنه يوم مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، كما استحدثوا سن أسامة يوم ولاه صلى الله عليه وآله وسلم عليهم في تلك السن وشتان ما بين الخلافة وإمارة السرية ، فإذا أبت نفوسهم بجبلتها أن تنقاد للحدث في سرية واحدة ، فهي أولى بأن تأبى أن تنقاد للحدث مدة حياته في جميع الشؤون الدنيوية والاخروية ، على أن ما ذكرتموه من أن نفوس الشيوخ والكهول تنفر بطبعها من الانقياد للاحداث ممنوع ، إن كان مرداكم ( 123 )الاطلاق في هذا الحكم ، لان نفوس المؤمنين من الشيوخ الكاملين في إيمانهم لا تنفر من طاعة الله ورسوله في الانقياد للاحداث ، ولا في غيره من سائر الاشياء ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك في ما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) إنتهى كلامه نقلناه من كتاب المراجعات « المراجعة رقم 92 » .
<A href="http://www.rafed.net/books/aqaed/thuma/index.html">3 - حديث البطانتين
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
« ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه فالمعصوم من عصمه الله »(1).
وهذا الحديث فيه دلالة واضحة على أن الصحابة كانوا قسمين بطانة تأمر الرسول بالمعروف وتحضه عليه وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه ، وإذا أردنا التوسع في هذا الموضوع لازددنا يقينا بأن بعض الصحابة كانوا يشيرون على رسول الله بغير المعروف .
ومثال ذلك ما أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد من جزئه الاول وحكم ابن جرير بصحته ، قال :
جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أناس من قريش فقالوا : يا محمد إنا جيرانك وحلفاؤك وإن أناسا من غلماننا قد أتوك ليس بهم رغبة في الاسلام ولا رغبة في الفقه إنما فروا من ضياعنا ، فقال النبي لابي بكر ما تقول قال صدقوا إنهم جيرانك وحلفاؤك فتغير وجه النبي بما أشار به ثم قال لعمر ما تقول قال صدقوا إنهم جيرانك وحلفاؤك فتغير وجه النبي بما أشار به هو الآخر عليه(2).
____________
( 1 ) الحديث أخرجه البخاري في صحيحه ج 4 ص 173 مسند الامام أحمد ج 3 ص 39 .
( 2 ) تاريخ بغداد ج 1 ص 133 .




<A href="http://www.rafed.net/books/aqaed/thuma/index.html">3 - حديث البطانتين
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :




____________
( 1 ) الحديث أخرجه البخاري في صحيحه ج 4 ص 173 مسند الامام أحمد ج 3 ص 39 .
( 2 ) تاريخ بغداد ج 1 ص 133 .
تعليق