مجلس النواب يلغي «بلدي العاصمة» ويحرم على نفسه محاسبة الوزراء

منصور الجمري ... رئيس التحرير
editor [at] alwasatnews.com
العمل البلدي في البحرين بدأ في المنامة في مطلع القرن العشرين (1919)، وهو حاليّاً يقبر في المنامة في مطلع القرن الحادي والعشرين (2014). قبل مئة عام كانت المنامة يشار إليها بالبنان، وكانت فريدة من نوعها، في تنوُّعها، في تجارتها، في مينائها، في حيويَّتها، وفي سرعتها لدخول العصر الحديث.
لقد كان العمل البلدي في المنامة بوابة تحديث الإدارة في البحرين، ولذلك عندما انطلقت الإصلاحات الإدارية الكبرى في العام 1923، كانت بلدية المنامة في قلب تلك الإصلاحات، ولم يحل العام 1926 إلا وقد تذوَّق الناس في البحرين معنى الانتخابات، وذلك مع صدور قانون أفسح المجال لانتخاب نصف عدد المجلس البلدي البالغ حينها عشرين عضواً. ثم كانت العاصمة على موعد مع تطوُّر مهمٍّ آخر، عندما أفسح المجال للمرأة أن تصوِّت في انتخابات المجلس البلدي في العام 1951.
إنَّ العمل البلدي كان مؤشراً على مسار التحولات السياسية في البحرين، إذ نلاحظ عدم الاكتراث به بعد إعلان الطوارئ في نهاية 1956... وفي مطلع السبعينات تمَّ تسليم العمل البلدي إلى «الهيئة البلدية المركزية المؤقتة»، وسمّيت مؤقتة؛ لأن القانون اشترط انتخابها، بينما كانت الهيئة معينة. وظل هذا الوضع حتى العام 2000، عندما بدأ الحديث عن احتمال عودة العمل البلدي المنتخب، وهو ما تحقق في 2002.
غير أَنَّ العمل البلدي المنتخب كان تحت رحمة الأجهزة الحكومية التي لا تتعاون معه، كما أنَّ هناك حاليّاً نظاماً منافساً يتمثل في المحافظات ولجانها التنسيقية... ثم وصلنا إلى العام 2011 مع الأحداث التي تغيَّرت معها البحرين. بعد ذلك مباشرة تم التخلص من المعارضة في مجلس بلدي الوسطى ومجلس بلدي المحرق. أما مجلس بلدي الجنوبية، فالمعارضة لا تستطيع الوصول إليه من الأساس. وبقيت المهمة غير مكتملة مع وجود المعارضة في مجلس بلدي الشمالي ومجلس بلدي العاصمة، غير أنَّ الأجهزة الرسمية أوقفت تعاونها مع المجلسين الأخيرين وعرقلت معظم أعمالهما بصورة واضحة.
بالنسبة إلى مجلس بلدي العاصمة، تقدم عدد من أعضاء مجلس النواب بمقترح قانون لإلغائه بالكامل، وجاء في توضيح لمن اقترح الإلغاء: «يجب أن تكون العاصمة بعيدة عن أجندات الجمعيات السياسية»... وهكذا «وافق مجلس النواب في جلسته (الثلثاء 3 يونيو/ حزيران 2014) على تقرير لجنة المرافق العامة والبيئة بشأن مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون البلديات، والذي يقضي بإلغاء مجلس بلدي العاصمة، وإنشاء الأمانة العامة للعاصمة... يتم تعيينهم بأمر ملكي».
النواب اتخذوا هذا قرار إلغاء المجلس البلدي على رغم أنَّ هيئة المستشارين القانونيين في مجلس النواب رأت في مطلع ابريل/ نيسان 2014 «عدم دستورية الاقتراح».
كما أنَّ النواب أيضاً عدَّلوا أمس اللائحة الداخلية للنواب بحيث سيصبح من الصعب جدّاً على مجلس النواب ذاته محاسبة أيِّ وزير مستقبلاً، إذ اشترطوا موافقة ثلثي الأعضاء على استجواب أي وزير.
وعليه، فإنَّ مجلس النواب ألغى يوم أمس العمل البلدي المنتخب في العاصمة، وألغى كذلك حقه في استجواب الوزراء، كل ذلك في فترة تعتبر من الوقت الإضافي للمجلس.
http://www.alwasatnews.com/4288/news/read/891947/1.html
تعليق